دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > دورات برنامج إعداد المفسّر > طبقات القراء والمفسرين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 04:45 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي طبقات القراء والمفسّرين في المدينة النبوية [ طبقة تابعي التابعين ]

طبقات القراء والمفسّرين في المدينة النبوية
طبقة تابعي التابعين


عناصر الدرس:
تمهيد
1: جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب (ت:148هـ)
2: أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب القرشي(ت:159هـ)
3: عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة الماجشون (ت:164هـ)
4: أبو يحيى فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزاعي الأسلمي(ت: 168هـ)
5: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ (ت: 169هـ)
6: سليمان بن بلال التيمي (ت:172هـ)
7: عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان المديني (ت:174هـ)
8: مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث الاصبحي(ت:179هـ)
9: المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله الحزامي (ت: 180هـ تقريباً )
10: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي (ت:182هـ)
11: أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن دينار المدني (ت: 182هـ)
12: إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري (ت: 183هـ)
13: عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار المدني(ت:184هـ)
14: عبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد الدراوردي (ت:186هـ)
15: المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي (ت:188هـ)
16: أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي (ت:200هـ)
17: أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني (ت:170هـ)


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 04:48 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

تمهيد:



...............

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 04:48 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

1: جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على بن أبى طالب (ت:148هـ)


المعروف بجعفر الصادق، كان من وجوه أهل المدينة وأشرافهم وفقهائهم، ولد سنة ثمانين من الهجرة، وأمه هي أمّ فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وجدّته لأمّه قُريبة، ويقال: أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، ولهذا كان جعفر يقول: (ولدني أبو بكر مرتين).
- قال عمرو بن دينار عن محمد بن علي بن الحسين والد جعفر أنه قال: قال لي سعيد بن المسيّب: إذا أردتَ أن تنكح؛ فأخبرني فإني عالم بأنساب قريش.
قال: فنكحتُ بنتَ القاسم بن محمد ولم أخبره؛ فبلغه ذلك؛ فقال: (جادَ ما وضع الحسيني نفسه). رواه ابن عساكر.
قال ابن حبان: (كان مولده سنة ثمانين، سنة سيل الجِحَاف).
وقد تفقّه بأبيه وبجدّه القاسم بن محمد، وبجماعة من علماء التابعين، ورؤيته لسهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه ممكنة، لكن لم تثبت، ولو ثبتت رؤيته له أو لأحد من الصحابة رضي الله عنهم لعُدّ من التابعين.
فلذلك هو معدود من كبار طبقة أتباع التابعين.
قال ابن حبان: (كنيته أبو عبد الله، من سادات أهل البيت، وعباد أتباع التابعين، وعلماء أهل المدينة).
- قال محمد بن حفص بن راشد: حدثني أبي، عن عمرو بن المقدام قال: «كنت إذا نظرت إلى أبي جعفر بن محمد علمت أنه من سلالة النبيين» رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال يحيى بن سالم، عن صالح بن أبي الأسود أنه سمع جعفر بن محمد يقول: (سلوني قبل أن تفقدوني، فإنه لا يحدثكم بعدي بمثل حديثي). رواه ابن عقدة كما في تاريخ الإسلام للذهبي.

وله وصايا جليلة، وأخبار وأقوال تدلّ على فقهه وحسن معرفته.
- قال أحمد بن زيد بن الحريش: حدثنا عباس بن الفرج الرياشي قال: حدثنا الأصمعي قال: قال جعفر بن محمد: «الصلاة قربان كل تقي، والحج جهاد كل ضعيف، وزكاة البدن الصيام، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، واستنزلوا الرزق بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة، وما عال من اقتصد، والتدبير نصف العيش، والتودد نصف العقل، وقلة العيال أحد اليسارين، ومن أحزن والديه فقدْ عقَّهما، ومن ضرب يده على فخذه عند مصيبته فقد حبط أجره، والصنيعة لا تكونن صنيعة إلا عند ذي حسب ودين، والله تعالى منزل الصبر على قدر المصيبة، ومنزل الرزق على قدر المؤونة، ومن قدر معيشته رزقه الله تعالى، ومن بذر معيشته حرمه الله تعالى» رواه أبو نعيم في الحلية، وأحمد بن زيد من شيوخ العقيلي، وعباس بن الفرَج من ثقات أهل اللغة كان راوية للأصمعي، قتله الزنج بالبصرة وهو يصلّي الضحى في المسجد.
- وقال هشام بن عباد: سمعت جعفر بن محمد يقول: «الفقهاء أمناء الرسل، فإذا رأيتم الفقهاء قد ركبوا إلى السلاطين فاتهموهم» رواه أبو نعيم في الحلية.

وكان بريئاً مما نسبته إليه الرافضة من البراءة من أبكر بكر وعمر، ومن ادّعاء العصمة.
- وقال علي بن الجعد: أخبرنا زهير، قال: قال أبي لجعفر بن محمد: إن لي جاراً يزعم أنك تبرأ من أبي بكر وعمر؟
قال: (برئ الله من جارك، والله إني لأرجو أن ينفعني الله بقرابتي من أبي بكر، ولقد اشتكيت شكاة فأوصيت إلى خالي عبد الرحمن بن القاسم). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال مخلد بن أبي قريش الطحان: حدثنا عبد الجبار بن العباس الهمداني أن جعفر بن محمد أتاهم وهم يريدون أن يرتحلوا من المدينة، فقال: (إنكم - إن شاء الله - من صالحي أهل مصركم، فأبلغوهم عني: من زعم أني إمام معصوم، مفترض الطاعة، فأنا منه بريء، ومن زعم أني أبرأ من أبي بكر وعمر، فأنا منه بريء). ذكره الذهبي.
- وقال الذهبي: (مناقب جعفر كثيرة، وكان يصلح للخلافة لسؤدده وفضله وعلمه وشرفه رضي الله عنه، وقد كذبت عليه الرافضة ونسبت إليه أشياء لم يسمع بها؛ كمثل كتاب الجفر، وكتاب اختلاج الأعضاء، ونسخ موضوعة، وكان ينهى محمد بن عبد الله بن حسن عن الخروج ويحضه على الطاعة، ومحاسنه جمة).
- قال أبو نعيم والمدائني وخليفة بن خياط وابن حبان والذهبي: مات سنة 148هـ.
- قال ابن حبان: وهو ابن ثمان وستين سنة.

له مرويات في كتب التفسير المسندة منها ما هي من أقواله ومنها ما رواه عن أبي وغيره
روى عن: أبيه، وجده القاسم بن محمد، وعطاء بن أبي رباح، وعمرو بن دينار، وغيرهم.
وروى عنه: ابنه موسى الكاظم، وابنه محمد، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وابن جريج، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وسفيان بن عيينة، والحسن بن صالح، وسليمان بن بلال، وعمران بن عبد الله الأشعري، وحفص بن غياث، وحاتم بن إسماعيل، وحميد بن الأسود، وعمر بن شبيب، وهاشم بن البريد، ومصعب بن سلام التميمي، والقاسم بن الأرقم، ومسعدة بن اليسع الباهلي، وحماد بن الوليد الثقفي، وغيرهم.


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 04:52 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

2: أبو الحارث محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة ابن أبي ذئب القرشي(ت:159هـ)

وأبو ذئب كنية جد أبيه هشام بن شعبة بن عبد الله بن أبي قيس العامري القرشي.
- قال البخاري: قال لي عياش بن المغيرة: (وُلد ابن أبي ذئب سنة الجحاف سنة ثمانين).
- وقال الفسوي: (كان مولد مالك سنة تسعين؛ فعلى هذا ابن أبي ذئب أكبر من مالك بعشر سنين).
فقيه أهل المدينة في زمانه، وكان من أقومهم بأمر الدين، وأشدّهم فيه صرامة، لا يهاب والياً ولا غيره، وهو من قرابة عمرو بن عبد ودّ العامري فارس قريش الذي اجتاز الخندق وبارز عليَّ بن أبي طالب فقتله عليّ رضي الله عنه.
وكان ابن أبي ذئب من نقلة التفسير، له مرويات في كتب التفسير المسندة.
- قال أبو داود سليمان بن الأشعث: سمعت أحمد بن حنبل، يقول: (كان ابن أبي ذئب يشبَّه بسعيد بن المسيب).
قيل لأحمد: خلف مثله ببلاده؟
قال: (لا، ولا بغيرها) يعني: ابن أبي ذئب. رواه الخطيب البغدادي.
- قال حماد بن خالد: (كان يشبه ابن أبي ذئب سعيد بن المسيب في زمانه، وما كان ابن أبي ذئب ومالك في موضع عند سلطان إلا تكلم ابن أبي ذئب بالحق والأمر والنهي، ومالك ساكت، وإنما كان يقال ابن أبي ذئب وسعد بن إبراهيم أصحاب أمر ونهي). رواه الفسوي.
- وقال الفضل بن زياد عن أحمد بن حنبل قال: (ابن أبي ذئب أصلح في بدنه، وأورع وَرَعاً، وأقوم بالحق من مالك عند السلاطين، وقد دخل ابن أبي ذئب على أبي جعفر فلم يهوله أن قال له الحق؛ قال: "الظلم فاشٍ ببابك" وأبو جعفر أبو جعفر!!). رواه الفسوي.
- وقال هارون بن سفيان: قال أبو نعيم: حججت سنة حج أبو جعفر وأنا ابن إحدى وعشرين سنة، ومعه ابن أبي ذئب ومالك بن أنس، فدعا ابن أبي ذئب فأقعده معه على دار الندوة عند غروب الشمس، فقال له: ما تقول في الحسن بن زيد بن الحسن ابن فاطمة؟
قال: فقال: إنه ليتحرى العدل.
فقال له: ما تقول فيَّ؟ مرتين أو ثلاثا،
فقال: (ورب هذه البنية إنك لجائر).
قال: فأخذ الربيع بلحيته، فقال له أبو جعفر: كف يابن اللخناء.
وأمر له بثلاث مائة دينار). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أحمد بن محمد بن عيسى المكي: حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد، قال: قال ابن أبي ذئب للمنصور: (يا أمير المؤمنين، قد هلك الناس، فلو أعنتَهم مما في يديك من الفيء؟).
قال: (ويلك لولا ما سددتُ من الثغور، وبعثتُ من الجيوشِ لكنتَ تؤتى في منزلك وتُذبح).
فقال ابن أبي ذئب: (فقد سدَّ الثغورَ، وجيَّشَ الجيوشَ، وفَتَحَ الفتوحَ، وأعطى الناسَّ أعطياتهم من هو خير منك).
قال: ومن هو ويلك؟
قال: عمر بن الخطاب.
فنكَّس المنصورُ رأسه، والسيف بيد المسيب، والعمود بيد مالك بن الهيثم، فلم يعرض له، والتفت إلى محمد بن إبراهيم الإمام، فقال: (هذا الشيخ خيرُ أهل الحجاز). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال الحسن بن علي الجوهري: أخبرنا محمد بن القاسم بن خلاد، قال: لما حج المهدي دخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم فلم يبق أحد إلا قام إلا ابن أبي ذئب، فقال له المسيب بن زهير: قمْ! هذا أمير المؤمنين! فقال ابن أبي ذئب: (إنما يقوم الناس لرب العالمين)
فقال المهدي: (دعه، فلقد قامت كل شعرة في رأسي). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال إبراهيم بن المنذر: حدثني معن عن مالك قال: لما لقيت أبا جعفر قال لي: يا مالك من بقي بالمدينة من المشيخة؟
قلت: (يا أمير المؤمنين ابن أبي ذئب وابن أبي سلمة وابن أبي سبرة). رواه الفسوي.
- وقال أبو داود: سمعت أحمد، قال: (كان ابن أبي ذئب ثقة صدوقا، أفضل من مالك بن أنس، إلا أن مالكا أشد تنقية للرجال منه، ابن أبي ذئب لا يبالي عمن يحدث). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم: سمعت يحيى بن معين يقول: (ابن أبي ذئب ثقة وكل من روى عنه ابن أبي ذئب ثقة إلا أبا جابر البياضي، وكل من روى عنه مالك ثقة إلا عبد الكريم أبا أمية). رواه الخطيب
- وقال يعقوب بن شيبة: (ابن أبي ذئب ثقة، غير أن روايته عن الزهري خاصة قد تكلم الناس فيها، فطعن بعضهم فيها بالاضطراب، وذكر بعضهم أن سماعه عن الزهري عرض ولم يطعن بغير ذلك، والعرض عند جميع من أدركنا صحيح).
- وقال علي بن المديني: (كانوا يوهنونه في أشياء رواها عن الزهري).
- وقال علي بن المديني: سمعت يحيى بن سعيد، يقول: (كان ابن أبي ذئب عسرا).
قال علي: قلت: عسرا؟
قال: (أعسر أهل الدنيا، إن كان معك كتاب، قال: اقرأه، وإن لم يكن معك كتاب؛ فإنما هو حفظ). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال يحيى بن معين: قال لي حجاج الأعور: (كنت أجئ إلى ابن أبي ذئب ببغداد أعرض عليه ما سمعت منه لأصححه؛ فما أجترئ أن أصلح بين يديه، حتى أقوم؛ فأتوارى بأسطوانة أو بشيء فأصلح ثم أعود إليه). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال الواقدي: (كان ابن أبي ذئب إذا جلس إليه رجل فافتقده سأل أهل المجلس ما فعل صاحبكم؟ فإن قالوا لا ندري، قال أين منزله؟ فإن قالوا لا ندري، ضجر عليهم وقال لأي شيء تصلحون؟ يجلس إليكم رجل لا تدرون إذا اعتل لم تعودوه! وإن كانت له حاجة لم تعينوه! فإن عرفوا منزله" قال: "قوموا بنا إليه حتى نأتيه في منزله فنسأل به ونعوده).
- وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي، يقول: (ما فاتني أحد فأسفت عليه ما أسفت على الليث وابن أبي ذئب). رواه الخطيب البغدادي.
قلت: وقد مات ابن أبي ذئب والشافعي ابن تسع سنين.
- وقال عبد الله بن محمد البغوي: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل، يقول: (كان ابن أبي ذئب رجلا صالحا يأمر بالمعروف، وكان يشبه بسعيد بن المسيب). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال الواقدي: (لما خرج محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة لزم ابن أبي ذئب بيته، فلم يخرج منه حتى قتل محمد بن عبد الله).
- وقال مصعب الزبيري: (بعث المهدي إلى ابن أبي ذئب؛ فأتاه ثم انصرف من بغداد فمات بالكوفة). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال الخطيب البغدادي: (كان فقيها صالحا ورعا، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، أقدمه المهدي أمير المؤمنين بغداد وحدث بها، ثم رجع يريد المدينة فمات بالكوفة).
- قال إبراهيم بن المنذر: حدثني ابن أبي فديك قال: (مات ابن أبي ذئب سنة ثمان وخمسين ومائة). رواه الفسوي.
- وقال البخاري: قال أحمد: (مات سنة تسع وخمسين).
- وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا ابن أبي شيخ، قال: سمعت أبي، يقول: سمعت رجلا، يقول لأبي شيبة القاضي: وصل أمير المؤمنين- يعني: المهدي - ابنَ أبي ذئب فأسنى جائزته، فانصرف مسرورا يريد المدينة؛ فلما كان بالحيرة مات.
فقال أبو شيبة واسترجع: (هكذا يأتي الإنسان الموت أسر ما كان، وأشدّ ما كان ضيقا).
قال: (فمات أبو شيبة أسر ما كان). رواه الخطيب البغدادي.

له مرويات في كتب التفسير المسندة
- روى عن خاله الحارث بن عبد الرحمن العامري القرشي، وعكرمة، ونافع مولى ابن عمر، وابن شهاب، وبكير بن عبد الله بن الأشج، وسعيد المقبري، ويزيد بن أبي حبيب، وشعبة مولى ابن عباس، وسعيد بن جبير بن مطعم، والزبرقان بن عمرو، والعجلان مولى المشمعل، ومحمد بن عمرو بن عطاء، وأبي قسيط يزيد بن عبد الله بن قسيط الليثي.
- وروى عنه معمر بن راشد، ومالك بن أنس، وابن وهب، ووكيع بن الجراح، ويحيى بن سلام البصري، وابن أبي فديك، وأبو أسامة الحافظ، وآدم بن أبي إياس، ويزيد بن هارون، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وروح بن عبادة، وعيسى بن يونس السبيعي، وصيفي بن ربعي، ويحيى بن واضح، وأبو علي الحنفي عبيد الله بن عبد المجيد، وأبو عامر العقدي، ، وحماد بن خالد الخياط.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 04:52 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

3: عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة الماجشون (ت:164هـ)

أبو عبد الله، ويقال: أبو الأصبغ، واسم أبي سلمة ميمون، وهو مولى آل الهدير التيمي.
وذكر ابن سعد أن الماجشون هو يعقوب بن أبي سلمة؛ فنُسب إلى ذلك ولده وبنو عمّه.
وقد خرج من آل الماجشون جماعة من العلماء والفقهاء.
- قال أبو يوسف الفسوي: (كان يعقوب الماجشون من أهل أصبهان وكان إذا سلم بعضهم على بعض قال: شوني شوني فسُمّي الماجشون).
- وقال أحمد بن أبي خيثمة: (كان الماجشون أبوهم إصبهانياً سكن المدينة، وإليه تنسب سكة الماجشون، وكان يلقى الناس ويقول: جوني جوني؛ يعني يحييهم، فلقب بالماجشون). ذكره أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان الذهبي في تاريخ الإسلام عن ابن أبي خيثمة ولم أره فيما طُبع من تاريخه.
- وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: (الماجشون فارسي، وإنما سمي الماجشون لأن وجنتيه كانتا حمراوين، فسمي بالفارسية المايكون، خمر، فشبه وجنتيه بالخمر، فعربه أهل المدينة، فقالوا: الماجشون). رواه الخطيب البغدادي.

وكان عبد العزيز الماجشون من فقهاء المدينة ومفتيهم، من أقران مالك بن أنس والليث بن سعد، ثمّ إنه ارتحل إلى بغداد في خلافة المهدي، واشتهر ذكره، وقصده طلاب العلم؛ فحدّث بها إلى أن مات.
وكانت أكثر صناعته الفقه فاستدرّ العراقيون حديثه.
- قال يحيى بن معين: (كان يقول بالقدر والكلام ثم تركه، وأقبل إلى السنة، ولم يكن من شأنه الحديث، فلما قدم بغداد كتبوا عنه؛ فكان بعد يقول: "جعلني أهل بغداد محدثا" وكان صدوقا ثقة). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال ابن وهب: (حججت سنة ثمان وأربعين ومائة، وصائح يصيح لا يفتي الناسَ إلا مالك بن أنس، وعبد العزيز بن أبي سلمة). رواه الخطيب البغدادي
- وقال مصعب بن عبد الله: (كان عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة يجلس إلى ربيعة فأخذ عنه). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال ابن سعد: (كان ثقة كثير الحديث، وأهل بغداد أروى عنه من أهل المدينة).
- وقال ابن حبان في ترجمته: (من فقهاء أهل المدينة ممن كان يحفظ مذاهب الفقهاء بالحرمين ويذب عن أقاويلهم ويفرّع على أصولهم).
- وقال الخطيب البغدادي: (كان عالما فقيها، قدم بغداد، فسكنها وحدث بها إلى حين وفاته).
- وقال الذهبي: (كان إماما مفتيا حجة، صاحب سنة؛ نظر مرة في شيء من كلام جهم فقال: هذا هدم بلا بناء، وصفة بلا معنى).
- وقال أحمد بن كامل القاضي: (له كتب وكلام مصنفة في الإحكام). رواه الخطيب البغدادي.
- قال الذهبي: (رواها عنه ابن وهب).

- قال أحمد بن كامل القاضي: (مات أبو عبد الله عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، أحد فقهاء أهل المدينة، سنة أربع وستين ومئة، وصلى عليه المهدي ببغداد، ودفن في مقابر قريش). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال ابن سعد: (توفي ببغداد سنة أربع وستين ومائة في خلافة المهدي، وصلى عليه المهدي، ودفنه في مقابر قريش).
- وقال ابن حبان: (مات بالعراق سنة ست وستين ومائة).

له مرويات في كتب التفسير المسندة ليست بالكثيرة:
روى عن عمّه الماجشون، وعن محمد بن المنكدر، وعبيد الله بن عمر، وعبد الله بن دينار، وابن شهاب، وعبد الرحمن بن القاسم، وسهيل بن أبي صالح، وداوود بن الحصين، وغيرهم.
وروى عنه: أحمد بن يونس، وأبو نعيم، ويزيد بن هارون، ووكيع بن الجراح، وحجاج بن منهال، ويحيى بن حماد، وعلي بن الجعد وغيرهم.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 04:54 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

4: أبو يحيى فليح بن سليمان بن أبي المغيرة الخزاعي الأسلمي(ت: 168هـ)

مولى آل زيد بن الخطاب.
- قال ابن سعد: (كان فليح يسمى عبد الملك؛ فغلب عليه اللقب).
من علماء المدينة ورواة الأحاديث ونقلة التفسير، له نسخة عن نافع عن ابن عمر، أخرج منها البخاري روايات في صحيحه، وروى عن زيد بن أسلم، والزهري، وأبي حازم الأعرج، وغيرهم.
وقد اختلف فيه الأئمة النقاد فضعّفه يحيى بن معين، وأبو حاتم الرازي، وأبو داوود السجستاني.
- وقال ابن حبان: (من متقني أهل المدينة وحفاظهم).
- وقال الدارقطني: (يختلفون فيه وليس به بأس).
- وقال ابن عدي: (وهو عندي لا بأس به).
- وقال ابن حجر: (صدوق كثير الخطأ)
وقد احتمله البخاري ومسلم وأخرجا له في الصحيحين مما انتقياه من مروياته.
قال سعيد بن منصور: (مات فليح بن سليمان سنة ثمان وستين) رواه البخاري في التاريخ الأوسط.
وكذلك قال ابن حبان والذهبي: (مات سنة ثمان وستين ومائة).

روى عن: نافع مولى ابن عمر، وهلال بن أبي ميمونة، وهلال بن علي المدني، وابن شهاب الزهري، وأبي حازم الأعرج، وسالم أبي النضر، وضمرة بن سعيد، وسعد بن إسحاق، وعثمان بن عبد الرحمن التيمي، وسعيد بن الحارث، وأبي بكر الهذلي.
وروى عنه: ابنه محمد، وابن وهب، وسعيد بن منصور، وأبو عامر العقدي، وأبو تميلة يحيى بن واضح، ويحيى بن صالح الوحاظي، ومحمد بن سنان، وسريج بن النعمان، ويونس بن محمد، وموسى بن داوود، وعثمان بن عمر بن فارس، وأبو الربيع الزهراني.


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:46 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

5: نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ (ت: 169هـ)

أبو رويم، ويقال: أبو عبد الرحمن، ويقال غير ذلك.
أصله من أصبهان، وهو مولى جعونة بن شعوب الليثي حليف حمزة وقيل حليف العباس بن عبد المطلب.
- وقال ابن حبان: (مولى جعونة بن شعوب الليثي حليف بنى هاشم).
- وقال أبو حاتم السجستاني: حدثنا الأصمعي عبد الملك بن قريب قال: قال لي نافع بن أبي نعيم: (أصلي من أصبهان). رواه ابن مجاهد في السبعة، وابن عدي في الكامل، وأبو الشيخ الأصبهاني في تاريخ أصبهان.
- وقال الذهبي: (كان أسود اللون حالكا، وأصله من أصبهان).
- وقال أيضاً: (وُلد في خلافة عبد الملك بن مروان، سنة بضع وسبعين، وجود كتاب الله على عدة من التابعين، بحيث إن موسى بن طارق حكى عنه، قال: قرأت على سبعين من التابعين).

نشأ في المدينة واجتهد في تتبّع القراءات وضبطها؛ فقرأ على الأعرج، وأبي جعفر، وشيبة بن نصاح، ومسلم بن جندب، ويزيد بن رومان، وصالح بن خوات، وغيرهم.
- قال عبد الله بن ذكوان: حدثنا إسحاق المسيبي أنه سمع نافع بن أبي نعيم يقول: (أخذت القراءة عن أبي جعفر القارئ، وعبد الرحمن الأعرج، وشيبة بن نصاح، ومسلم بن جندب). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال أبو قرة موسى بن طارق: قرأت على نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني بالمدينة، وقال نافع حين قرأت عليه: (إنه قرأ على سبعين من التابعين). ذكره علم الدين السخاوي في جمال القراء، والذهبي في معرفة القراء الكبار.

ثم تصدّر للإقراء زمناً طويلاً حتى صار إمام أهل المدينة في القراءة، وأحد القراء السبعة، وكان فقيهاً عابداً، كريم الخلق صاحب دعابة، وصار أهلُ المدينة إلى قراءته، فهو إمامهم في القراءة والمقدّم فيهم.
ذكر أنه أقرأ في المدينة نحواً من ستين سنة.
قرأ عليه مالك بن أنس، وإسماعيل بن جعفر، وعيسى بن وردان، وسليمان بن مسلم بن جمّاز، وإسحاق المسيّبي، وعيسى بن مينا وهو قالون، ووَرْش وهو أبو سعيد عثمان بن سعيد المصري، وإسماعيل بن أبي أويس، وغيرهم خلق كثير.
- قال أبو عبيد القاسم بن سلام(ت:224هـ): (وإليه صارت قراءة أهل المدينة، وبها تمسكوا إلى اليوم).
- وقال ابن مجاهد: (الإمام الذي قام بالقراءة بمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد التابعين: أبو عبد الرحمن نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم).
- وقال أيضاً: (كان عالماً بوجوه القراءات، متبعاً لآثار الأئمة الماضين ببلده أخذ القراءة عن جماعة من التابعين).
- وقال خلف بن هشام البزار: حدثني إسحاق بن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن المسيب المسيبي المخزومي قال: سمعت نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم المدني يقول: (أدركت بالمدينة يعني مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم أئمة يقتدى بهم منهم: عبد الرحمن الأعرج ابن هرمز، ويزيد بن رومان، وشيبة بن نصاح، وأبو جعفر القارئ، ومسلم بن جندب) وأناس لم يذكرهم إسحاق.
قال نافع: (فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم فأخذته، وما شكَّ فيه واحد فتركته حتى ألَّفْت هذه القراءة). رواه ابن عساكر.
- وقال مصعب بن عبد الله الزبيري في ترجمة شيبة بن نِصَاح بن سرجس: (مولى أم سلمة روى عنه ابنه، وكان شيبة إمام أهل المدينة في القراءة في دهره، هو وأبو جعفر يزيد بن القعقاع مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وعنهما أخذ نافع بن أبي نعيم القراءة وعدد الآي، ونافع بن أبي نعيم الذي صار أهل المدينة إلى قراءته). رواه ابن أبي خيثمة وابن عساكر.
- وقال الليث بن سعد: (حججت سنة ثلاث عشرة ومائة، وإمام الناس في القراءة بالمدينة نافع بن أبي نعيم). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام ثم قال: (رأس الرجل في حياة شيوخه الخمسة، وقد حدث عن نافع مولى ابن عمر، وعن الأعرج، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وغيرهم، وهو صالح الحال في الحديث).
- وقال أبو بكر الأعشى: (كان نافع يسهل القرآن لمن قرأ عليه إلا أن يقول له إنسان: أريد قراءتك). ذكره الذهبي في معرفة القراء الكبار وابن الجزري في غاية النهاية.
- وقال يونس بن عبد الأعلى: حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد قال: (أدركت أهل المدينة وهم يقولون: قراءة نافع سنة). رواه ابن حبان في الثقات.
- وقال سعيد بن منصور: سمعت مالكاً يقول: (قراءة أهل المدينة سنة، قيل له: قراءة نافع؟ قال: نعم). ذكره الذهبي في معرفة القراء.
- وقال ابن الجزري في الغاية: (قال مالك لمن سأله عن البسملة: سلوا عن كل علم أهله، ونافع إمام الناس في القراءة).
- وقال عبد الله بن الإمام أحمد في مسائله لأبيه: قيل لأبي: فأي القراءة أحب إليك، قال: (قراءة أهل المدينة؛ فإن لم يكن فعاصم).
- وقال قالون: (كان نافع من أطيب الناس خلقًا، ومن أحسن الناس قراءة، وكان زاهداً جواداً، صلَّى في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ستين سنة). ذكره ابن الجزري في غاية النهاية.
- وقال ابن حبان في ترجمته: (من قرّاء أهل المدينة وأفاضلهم، ممن عنى بالقرآن حتى صار علماً يُرجع إليه ومركزا يدار عليه فيه).
- وقال الذهبي: (قرأ على: عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وأبي جعفر يزيد بن القعقاع، وشيبة بن نصاح، ومسلم بن جندب الهذلي، ويزيد بن رومان مولى آل الزبير، وأخذ هؤلاء عن أصحاب أبيّ بن كعب، وزيد بن ثابت كما بينا ذلك في كتاب " طبقات القراء "، والذي وضح لي أن هؤلاء الخمسة قرءوا على عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي مقرئ المدينة، وتلميذ أبيّ، ويقال: إنهم قرءوا على أبي هريرة، وعلى ابن عباس).
- وقال الذهبي أيضاً: (روي أن نافعا كان صاحب دعابة، وطيب أخلاق، وثقه يحيى بن معين، وليَّنه أحمد بن حنبل).

اختلف فيه الأئمة النقاد فوثَّقه يحيى بن معين، وضعّفه الإمام أحمد.
- قال أبو طالب: سألت أحمد بن حنبل عن نافع بن عبد الرحمن قال: (نافع الذي يروي عنه إسماعيل القراءة كان يؤخذ عنه القراءة، وليس هو في الحديث بشيء). رواه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل وابن عدي في الكامل.
- وقال عباس الدوري: سمعت يحيى يقول: (نافع بن أبى نعيم القارئ ثقة). رواه ابن عدي في الكامل
- وقال ابن عدي: (ونافع هذا ابن أبي نعيم له نسخة عن أبي الزناد عن الأعرج، عن أبي هريرة يرويها عنه ابن أبي فديك وعنه أحمد بن صالح، تبلغ مائة حديث وعشراً).
قال: (ولنافع من الأحاديث التفاريق عما يحدث به عنه جماعة من أهل البيت قدر خمسين حديثا أيضا، ولم أر في أحاديثه شيئا منكرا فأذكره وأرجو أنه لا بأس به).
- وقال أبو فراس القرشي، عن الأصمعي، قال: (كنت أجالس نافع بن أبي نعيم، وكان من القراء الفقهاء العباد وكان يقول: أنشدني:

لا بارك الله فيمن كان يحسبكم ... إلا على العهد حتى كان ما كانا
قال: (وكان نحو هذا من الشعر يعجبه). رواه ابن الأنباري كما في تهذيب الكمال للمزي.
- وقال محمد بن إسحاق المسيبي، عن أبيه، قال: (لما حضرت نافعا الوفاة قال له أبناؤه: أوصنا، قال: ( {اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين}
قال: ومات سنة تسع وستين ومائة). رواه ابن مجاهد كما في تهذيب الكمال للمزي.
- وقال أحمد بن هلال المصري: قال لي الشيباني: قال لي رجل ممن قرأ على نافع: (إن نافعاً كان إذا تكلم يشم من فيه رائحة المسك؛ فقلت له: يا أبا عبد الله أو يا أبا رويم أتتطيب كلما قعدتَ تقرئ؟
قال: ما أمسّ طيباً، ولكني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم وهو يقرأ في فيَّ؛ فمن ذلك الوقت أشم من فيَّ هذه الرائحة).
ذكره الذهبي في معرفة القراء، والرجل مجهول، ولو صحت هذه الحكاية لكانت كرامة ظاهرة.

- قال تلميذه إسحاق المسيبي وابن حبان وأبو عمرو الداني والذهبي وابن الجزري وأكثر العلماء: مات سنة تسع وستين ومائة بالمدينة.
- وقال أبو المحاسن التنوخي: سنة سبع وستين ومائة.
- وقال ابن خلكان سنة تسع وخمسين.
وقول الجمهور هو المعتمد.
له جزء صغير في التفسير رواه عنه ابن وهب فيه نحو عشر مسائل مما سأل عنها شيوخه ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ومسلم بن جندب، وعبد الله بن يزيد بن هرمز، وأدخل فيه ابن وهب مسائل عن الليث بن سعد ومالك بن أنس وغيرهما، وعامّة هذه المسائل في كتاب تفسير القرآن من جامع ابن وهب.
وله مرويات في كتب التفسير المسندة:
روى عن: عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، ومسلم بن جندب، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري،
وروى عنه: إسحاق بن محمد المسيبي، وابن وهب، وزياد بن يونس، وأبو العباس الزهري، وعبد العزيز بن منصور،
- قال إسماعيل بن عبد الكريم: حدثني إسحاق بن محمد المسيّبي، عن نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم، عن جماعة من التابعين، عن أبي بن كعب، قال: (كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة، وكل شيء في القرآن من الريح فهو عذاب). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال ابن وهب: حدثني نافع بن أبي نعيم القارئ قال: سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن قول الله: {فليأكل بالمعروف} قالا: (ذلك في اليتيم إن كان فقيرا أنفق عليه بقدر فقره، ولم يكن للولي منه شيء). رواه ابن أبي حاتم، وهو في جامع ابن وهب بزيادة: (وما نسيت قولهما: إن كان غنيا يُلحموه).
يُلحموه: أي يُطعموه لحماً، قال كعب بن زهير في وصف أسد:
يغدو فيُلحم ضرغامين عيشهما ... لحم من القوم معفور خراذيل
- وقال ابن وهب: حدثني نافع بن أبي نعيم قال: سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول: كان ابن عباس يقرأ: {في عين حمئة}، ثم فسرها: (ذات حمأة).
قال: وقال لي نافع: وسئل عنها كعبٌ، فقال: (أنتم أعلم بالقرآن مني، ولكني أجدها في كتاب الله تغيب في طينة سوداء).


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:50 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

6: سليمان بن بلال التيمي (ت:172هـ)

الإمام المحدّث الفقية المفتي، أبو أيوب، ويقال: أبو محمد، مولى آل أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، واختلف في تعيين مولاه؛ فقال ابن سعد: (مولى للقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق).
وقال البخاري: (مولى ابن أبي عتيق ابن أبي بكر الصديق القرشي التيمي).
وأبو عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم أجمعين؛ فمحمد وعبد الرحمن وأبو بكر وأبو قحافة والد أبي بكر كلّهم من الصحابة، ولا يُعرف مثل هذا التسلسل لغيرهم.
نشأ سليمان بن بلال بالمدينة، وأدرك جماعة من كبار المحدثين منهم جعفر الصادق، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وربيعة الرأي، وصالح بن كيسان، وزيد بن أسلم، وأبو حازم سلمة بن دينار، وعبيد الله بن عمر، وعبد الله بن دينار، وموسى بن عقبة، وهشام بن عروة، وسهيل بن أبي صالح، ومحمد بن عجلان، ويونس بن يزيد الأيلي، وغيرهم.
وكان كاتباً ليحيى بن سعيد الأنصاري، وصديقاً لمالك بن أنس؛ فتبحّر في حديث أهل المدينة، وتضلّع من حديث الزهري، وكتب كتباً كثيرة، وحدّث عن مولاه محمد بن عبد الله ابن أبي عتيق فحفظ حديثه؛ ولا يُعرف له من قام برواية أحاديثه غيره.
- قال محمد بن يحيى الذهلي: (لولا أن سليمان قام بحديثه [ أي حديث ابن أبي عتيق هذا ] لذهب حديثه).
- وقال الذهلي أيضاً: (ما ظننت أن عند سليمان بن بلال من الحديث ما عنده حتى نظرت في كتاب ابن أبي أويس، فإذا هو قد تبحر حديث المدنيين). ذكره أبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال.
- وقال ابن سعد: (كان ثقة كثير الحديث).
- وقال الذهبي: (كان من أوعية العلم).
- قال مالك بن أنس: (لما أجمعت التحويل عن مجلس ربيعة جلست أنا وسليمان بن بلال في ناحية المسجد). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله [ هو أحمد بن حنبل ] وذكر سليمان بن بلال فقال: (كان ثقة، وكان كاتبَ يحي بن سعيد، وقد كان على سوق المدينة). رواه الفسوي.
قوله: (وقد كان على سوق المدينة) أي: محتسباً.
- وقال ابن سعد: (كان بربريا جميلا حسن الهيئة عاقلا، وكان يفتي بالبلد، وولي خراج المدينة).

وكان صاحب كتب؛ فلما مات أوصى بها إلى ابن أبي حازم.
- قال مصعب بن عبد الله الزبيري: (أما ابن أبي حازم فإنه سمع مع سليمان بن بلال؛ فلما مات سليمان أوصى بكتبه إليه؛ فكانت عند ابن أبي حازم قد بال عليها الفأر فذهب بعضها، فيقرأ ما استبان منها، ويدع ما لا يعرف، وقد قرأها علينا). رواه ابن أبي خيثمة.

وقد اختلف في سنة وفاته:
- فقال ابن سعد: (توفي بالمدينة سنة اثنتين وسبعين ومائة في خلافة هارون).
- وقال إسحاق بن محمد الفروي: (مات سنة سبع وسبعين ومائة). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
قال الذهبي: (والأوَّل أصحّ، ولو تأخَّر، لَلَقِيَه قتيبة وطائفة).

له مرويات في كتب التفسير المسندة، روى عنه: ابنه أيوب، وعبد الله بن وهب، وأبو بكر عبد الحميد بن أبي أويس، وأخو إسماعيل بن أبي أويس، وخالد بن مخلد القطواني، وغيرهم.


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:50 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

7: عبد الرحمن بن أبي الزناد عبد الله بن ذكوان المديني (ت:174هـ)

تقدّم ذكر أبيه وأنه كان من كبار فقهاء التابعين بالمدينة، وأنه مولى آل عثمان بن عفان، فارسي الأصل.
وكان أبو الزناد يُكنى بأبي عبد الرحمن ثمّ غلب عليه لقب أبي الزناد.
- قال ابن حبان: (عبد الرحمن بن أبي الزناد واسم أبيه عبد الله بن ذكوان، من أهل المدينة، كنيته أبو محمد).
- قال ابن سعد: (ولد سنة المائة في خلافة عمر بن عبد العزيز).
ونشأ بالمدينة نشأة صالحة؛ واجتهد في طلب العلم فحفظ عن أبيه حديثاً كثيراً وعن جماعة من التابعين، وكان قارئاً فقيهاً مفتياً كثير الحديث عالماً بالسير والمغازي، وتعلّم الحساب حتى عُدَّ من أحسب أهل المدينة، وولي خراج المدينة مدّة، وكان رجلاً عاقلاً حصيفاً صاحب مروءة وكياسة.
- قال الواقدي: (قرأ رجل عليه فلحن في قراءته؛ فضحك مَن ثَمَّ ممن هو حاضر، وعبد الرحمن ساكت؛ فلما قام الرجل عاتبهم في ذلك، وقال: لا تستحيون من هذا؟!!). رواه ابن سعد.
- وقال الواقدي أيضاً: (قرأ عليه رجلٌ حديثاً كان يكتبه ولا يحب أن يسمعه كل أحد؛ فلما قام الرجل التفت إليَّ عبد الرحمن؛ فقال: (لو قلت له: اكتمه صاحَ به، ولكني تركته فلا يدري أني أكتمه؛ فلم يُلقِ له بالاً، وكان كسائر الحديث الذي عنده). رواه ابن سعد.
- وقال الذهبي في ترجمته: (أحد أوعية العلم).

وكان مالك يوصي به من أراد أن يطلب العلم بالمدينة، وكان حديثه في المدينة تغلب عليه الصحّة؛ فلمّا انتقل إلى العراق في آخر حياته كان يُلقّن؛ فوقع في أغاليط واضطرب حديثه؛ فلذلك تكلّم فيه الأئمة النقّاد، على أنه صدوق لا يُتّهم بالكذب.
- قال سعيد بن أبي مريم، عن خاله موسى بن سلمة، قال: قدمت المدينة فأتيت مالك بن أنس، فقلت له: إني قدمت لأسمع العلم، وأسمع ممن تأمرني به، فقال: (عليك بابن أبي الزناد). رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.
- وقال مصعب بن عبد الله: (كان ابن أبي الزناد أَحْسَبُ أهل المدينة، وابنه، وابن ابنه من بعده). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال الآجري عن أبي داود قال: (كان عالماً بالقرآن عالماً بالأخبار). ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب.
- وقال أبو عمرو الداني: (أخذ عبد الرحمن القراءة عرضا عن أبي جعفر القارئ، ثم روى الحروف عن نافع بن أبي نعيم، وروى عنه الحروف حجاج الأعور. وسمع منه علي بن حمزة الكسائي، وابن وهب). ذكره الذهبي.

- وقال الخطيب البغدادي: (هو من أهل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم انتقل إلى بغداد فسكنها، وحدث بها إلى حين وفاته).
- وقال أبو داوود السجستاني: سمعت يحيى بن معين، يقول: (أثبت الناس في هشام بن عروة عبد الرحمن بن أبي الزناد). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أبو بشر الدولابي: حدثنا معاوية بن صالح، عن يحيى بن معين، قال: (عبد الرحمن بن أبي الزناد ضعيف). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال جعفر بن درستويه: حدثنا أحمد بن محمد بن القاسم بن محرز، قال: سمعت يحيى بن معين، يقول: (ابن أبي الزناد ليس ممن يحتج به أصحاب الحديث، ليس بشيء). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال صالح بن الإمام أحمد عن أبيه لما سأله عن ابن أبي الزناد قال: (مضطرب الحديث).
- وقال يعقوب بن شيبة: سمعت علي ابن المديني، يقول: (حديثه بالمدينة حديث مقارب، وما حدث به بالعراق فهو مضطرب). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال عبد الله بن علي ابن المديني: سمعت أبي، يقول: (ما حدث عبد الرحمن بن أبي الزناد بالمدينة فهو صحيح وما حدث به ببغداد أفسده البغداديون.
ورأيت عبد الرحمن خطَّط على أحاديث عبد الرحمن بن أبي الزناد، وكان يقول في حديث عن مشيختهم ولقنه البغداديون عن فقهائهم، وعدهم: فلان وفلان وفلان)
. رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أبو الحسين محمد بن طالب بن علي: سألت أبا علي صالح بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد، فقال: (قد روى عن أبيه أشياء لم يروها غيره، وتكلَّم فيه مالك بن أنس بسبب روايته كتاب السبعة عن أبيه، وقال: أين كنا نحن من هذا؟!). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال ابن حبان: (روى عنه العراقيون وأهل المدينة كان ممن ينفرد بالمقلوبات عن الأثبات وكان ذلك من سوء حفظه وكثرة خطئه فلا يجوز الاحتجاج بخبره إذا انفرد فأما فيما وافق الثقات فهو صادق في الروايات يحتج به).
- وقال محمد بن سعد: (مات عبد الرحمن بن أبي الزناد ببغداد، ودفن في مقابر باب التبن).

له مرويات في كتب التفسير المسندة:
روى عن: أبيه فأكثر، وعن هشام بن عروة، وصالح مولى التوأمة، وسليمان بن سحيم، وغيرهم.
روى عنه: وروى عنه ابن وهب، وإسماعيل بن أبي أويس، وسعيد بن منصور، وسعيد بن أبي مريم، وسليمان بن داود الهاشمي، وأحمد بن بكر المصعبي، وعبد العزيز بن أبي ثابت، وحجاج بن محمد المصيصي، وعبد الجبار بن سعيد المساحقي.

توفي ببغداد سنة 74هـ.
- قال الواقدي: (قدم عبد الرحمن بن أبي الزناد بغداد فحدَّثهم، ومرض فمات بها سنة أربع وسبعين ومائة، وهو ابن أربع وسبعين سنة).
- وكذلك قال محمد بن المثنى وابن سعد وابن حبان: مات ببغداد سنة أربع وسبعين ومائة.


رد مع اقتباس
  #10  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:53 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

8: مالك بن أنس بن مالك بن أبى عامر بن عمرو بن الحارث الاصبحي(ت:179هـ)

اسمه ونسبه:
هو الإمام الجليل أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أبي عامر الأصبحي الحِمْيَري نسباً التيمي حلفاً، المدني بلداً.
- وقال يحيى بن بكير: سألت الدراوردي عن نسب مالك بن أنس؛ فقال: أخبرني أبو سهيل بن مالك قال: (إنا قومٌ من ذي أصبح، قدم جدّنا المدينة وحاله خفيف فتزوَّج مولاة للتيميين، فكان يحفظه ويكون معهم، فنسبنا إليهم وليس لهم علينا نِعَم ولا غيرها). رواه الفسوي.
ونسبه في ذي أصبح من حمير صحيح متفق عليه بين أهل العلم بالأنساب إلا ما ذكر أبو عبد الله الحاكم أنه نسبه في تيم بن مرة، وقد أخطأ في ذلك، وإنما هو حليف لهم.
ورُوي عن ابن إسحاق أنه عدّه من موالي تيم، وقد أخطأ في ذلك أيضاً، وحصل بسبب هذا الخطأ وحشة بينه وبين الإمام مالك ثم تراضيا بعد.
وولاؤه في تيم ولاء حِلفٍ وتعاقد، ليس ولاء رقّ وعتاقة.
- قال البخاري في التاريخ الكبير: (مالك بن أنس بن أبي عامر أبو عبد الله الأصبحي المدني حليف عثمان بن عبيد الله القرشي).
وعثمان هو أخو طلحة بن عبيد الله التيمي القرشي.
وذو أصبح من أشراف حِمْيَر وكانوا أهل مُلْكٍ قديم وشرف ورياسة في اليمن.

- قال يحيى بن بكير: (ولد مالك بن أنس سنة ثلاث وتسعين من الهجرة). رواه ابن عبد البر في الانتقاء.
وقد اشتهر أن أمّه حملت به ثلاث سنين.
- قال الواقدي: (سمعت مالك بن أنس يقول: قد يكون الحمل ثلاث سنين، وقد حمل ببعض الناس ثلاث سنين يعني نفسه). رواه ابن سعد.

نشأ الإمام مالك بالمدينة نشأة صالحة في بيت علم ومروءة، فكان جدّه وأبوه وأعمامه من أهل العلم، وممن تُروى عنهم الأحاديث، فأخذ من علمهم وأدبهم ومروءتهم، وأدرك في المدينة بعض التابعين وأكابر أتباع التابعين، واجتهد في طلب العلم في صغره، وكان ينتقي شيوخَه، فلا يأخذ العلم إلا ممن يراه أهلاً للعلم، ويصبر على ما يجده في خلق بعضهم من حدّة وعسر، وكان يلازم بعضهم عامّة يومه يتحفّظ فقهه وأحاديثه، وكان حسن التمييز بين أصنف الشيوخ:
- قال أحمد بن عبد الرحمن المصري: حدثنا مطرف، قال: سمعت مالك بن أنس، يقول: قلت لأمي: أذهب فأكتب العلم؟
فقالت لي أمي: تعال فالبس ثياب العلماء، ثم اذهب فاكتب.
قال: (فأخذتني فألبستني ثياباً مشمرة، ووضعت الطويلة على رأسي وعمَّمتني فوقها، ثم قالت: اذهب الآن فاكتب). رواه الخطيب البغدادي في الجامع.
- وقال مالك رحمه الله: كانت أمي تعمّمني وتقول لي: (اذهب إلى ربيعة فتعلَّم من أدبه قبل علمه). ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك.
- وقال ابن وهب: قال مالك: (كنت آتي نافعاً مولى ابن عمر، وأنا يومئذ غلام حديث السن، ومعي غلام لي؛ فينزل إليَّ فيقعد معي ويحدثني). رواه الفسوي.
- وقال مطرف بن عبد الله اليساري: قال مالك: (كنت آتي نافعاً مولى ابن عمر نصف النهار ما يظلني شيء من الشمس، وكان منزله بالنقيع بالصورين، وكان حَدًّا فأتحيَّن خروجه فيخرج؛ فأدعه ساعة وأريه أني لم أرده، ثم أعرض له فأسلّم عليه، ثم أدعه حتى إذا دخل البلاط أقول: كيف قال ابن عمر في كذا وكذا؟ فيقول: قال: كذا وكذا، فأخنس عنه). رواه ابن سعد.
ورد النقيع هنا بالنون، وهو موضع مشرف على وادي العقيق كان حمى للخيل في عهد الخلفاء الراشدين، وهو بعيد من المسجد النبوي، وورد في بعض المواضع "البقيع" بالباء، والبقيع قريب من المسجد، وهو أشبه.
- وقال مطرف بن عبد الله اليساري: قال مالك: (وكنت آتي ابن هرمز بُكرةً فما أخرج من بيته حتى الليل، وكان من الفقهاء).
- وقال مروان بن محمد: سمعت مالك بن أنس يقول: (جلست إلى ابن هرمز ثلاث عشرة سنة، فأخذ عليَّ ألا أروي عنه شيئاً). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- قال مطرف بن عبد الله: سمعت مالكاً يقول: (أدركت جماعة من أهل المدينة ما أخذت عنهم شيئا من العلم، وإنهم لممن يؤخذ عنهم العلم وكانوا أصنافاً:
1. فمنهم من كان كذابا في أحاديث الناس ولا يكذب في علمه فتركته لكذبه في غير علمه.
2. ومنهم من كان جاهلاً بما عنده: فلم يكن عندي أهلاً للأخذ عنه.
3. ومنهم من كان يُرمى برأي سوء). رواه ابن عبد البر في الانتقاء.
- وقال محمد بن إسماعيل الترمذي: سمعت ابن أبي أويس يقول: سمعت خالي مالك بن أنس يقول: (إنَّ هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم، لقد أدركت سبعين ممن يقول: قال فلان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، عند هذه الأساطين، وأشار إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فما أخذت عنهم شيئاً، وإنَّ أحدهم لو اؤتمن على بيت مالٍ لكان أميناً، إلا أنهم لم يكونوا من أهل هذا الشأن، وقدم علينا ابن شهاب؛ فكنَّا نزدحم على بابه). رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه وابن عبد البر في الانتقاء.
- وقال حاتم بن الليث الجوهري: حدثنا علي بن عبد الله [ابن المديني]، حدثنا سفيان، قال: (كان مالك ينتقي الرجال ولا يحدث عن كل أحد). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال يحيى بن معين: قال سفيان بن عيينة: (وما نحن عند مالك بن أنس، إنما كنا نتبع آثار مالك، وننظر الشيخ إذا كان كتب عنه مالكٌ كتبنا عنه). رواه ابن عبد البر في الانتقاء.

شيوخه:
روى الإمام مالك عن جماعة من التابعين منهم: نافع مولى ابن عمر، وابن شهاب الزهري، وابن هرمز، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر، وعامر بن عبد الله بن الزبير، وأبو الأسود الأسدي يتيم عروة، وعبد الله بن دينار، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وزيد بن أسلم، ومحمد بن المنكدر، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان، وسعيد بن أبي سعيد المقبري، وأبو حازم الأعرج سلمة بن دينار، وسميّ مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وسهيل بن أبي صالح، وأبو الرجال محمد بن عبد الرحمن الأنصاري، ومحمد بن عمارة بن عمرو بن حزم، وأيوب بن أبي تميمة السختياني، والمسور بن رفاعة القرظي، وعطاء الخراساني، وغيرهم.
وروى عن جماعة من أتباع التابعين منهم: جعفر الصادق، ونافع بن أبي نعيم، وكثير بن فرقد، وغيرهم.

وقد كان الإمام مالك غاية في الحفظ والضبط، حتى فاق أقرانه مبكراً؛ فكان شيخُه ربيعة الرأي يباهي بحفظه.
- قال إسماعيل بن إسحاق القاضي: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا حسين بن عروة عن مالك بن أنس قال: (قدم علينا الزهري فأتيناه ومعنا ربيعة؛ فحدثنا نيفاً وأربعين حديثا، ثم أتيناه الغد؛ فقال: انظروا كتاباً حتى أحدّثكم منه، أرأيتم ما حدّثتُكم به أمسِ أيّ شيءٍ في أيديكم منه؟
قال: فقال له ربيعة: ههنا من يردّ عليك ما حدَّثت به أمس.
قال: ومن هو؟
قال: ابن أبي عامر.
قال: هاتِ.
قال: فحدَّثته بأربعين حديثاً منها.
فقال الزهري: (ما كنت أرى أنه بقي أحدٌ يحفظ هذا غيري). رواه ابن عبد البر في الانتقاء.

تعظيمه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:

وقد اشتهر عن الإمام مالك تعظيمه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تعظيماً شديداً؛ في تحمّله والعمل به وأدائه؛ فكان أصحابه يجدون أثر هذا التعظيم عليه، وقد قيل: إنَّ من أعزَّ أمر الله أعزَّه الله، وإعزاز حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من إعزاز أمر الله، فلا جرم أن جللته المهابة؛ فعاش مهيباً عزيزاً كريم النفس، وقور المجلس، لا يجترئ فيه السفهاء، ولا يطمع فيه متكلّم بباطل.
- قال ابن أبي أويس: كان مالك إذا أراد أن يحدّث توضأ وجلس على فراشه وسرَّح لحيته وتمكَّن في الجلوس بوقار وهيبة، ثم حدَّث؛ فقيل له في ذلك، فقال: (أحبّ أن أعظّم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أحدّث به إلا على طهارة متمكنا).
وكان يكره أن يحدّث في الطريق وهو قائم أو مستعجل، فقال: (أحب أن أتفهم ما أحدث به، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال أبو يونس المدني: أنشدني بعض أصحابنا من المدنيين في مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه:

يدع الجواب فلا يراجع هيبة ... والسائلون نواكس الأذقان
أدب الوقار وعز سلطان التقى ... فهو المطاع وليس ذا سلطان). رواه أبو نعيم في الحلية.

موقفه من الفتن والأهواء:

عاصر الإمام مالك عددا من الفتن؛ منها خروج محمد بن عبد الله بن الحسن الملقّب بالنفس الزكية، وظهور القدرية والمرجئة، وتجدد فتنة الخوارج؛ فكان قائماً بالسنة بصيراً بالفتن والمخارج منها.
- قال الواقدي: (لما خرج محمد بن عبد الله بن حسن بالمدينة لزم مالك بيته؛ فلم يخرج منه حتى قُتل محمد). رواه ابن سعد.
- وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي: حدثنا معن بن عيسى قال: انصرف مالك يوماً من المسجد وهو متكئ على يدي قال: فلحقه رجل يقال له أبو الجويرية كان يتهم بالإرجاء؛ فقال: يا أبا عبد الله اسمع مني شيئا أكلمك به وأحاجك وأخبرك برأي.
قال: فإن غلبتني؟
قال: اتبعتني.
قال: فإن غلبتك؟
قال: اتبعتك.
قال: فإن جاء رجل فكلمناه فغلَبَنا؟
قال: تبعناه.
قال أبو عبد الله: بعث الله محمداً بدين واحد، وأراك تتنقل، قال عمر بن عبد العزيز: (من جعل دينه عرضة للخصومات أكثر التنقل). رواه ابن عبد البر في الانتقاء.
- وقال سلمة بن شبيب: حدثنا مهدي بن جعفر، عن جعفر بن عبد الله، قال: جاء رجل إلى مالك بن أنس؛ فقال: يا أبا عبد الله {الرحمن على العرش استوى} كيف استوى؟
قال: فما رأيت مالكاً وجد من شيء كموجدته من مقالته، وعلاه الرُّحَضاء - يعني العَرَق -قال: وأطرق القوم، وجعلوا ينتظرون ما يأتي منه فيه.
قال: فسُرّي عن مالك؛ فقال: (الكيف غير معقول، والاستواء منه غير مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة؛ فإني أخاف أن تكون ضالا، وأمر به فأُخرج). رواه اللالكائي وأبو نعيم في الحلية، ورواه أبو بكر البيهقي في كتاب "الأسماء والصفات" من طريق أحمد بن زيرك اليزدي قال: قال: سمعت محمد بن عمرو بن النضر النيسابوري، يقول: سمعت يحيى بن يحيى، يقول: كنا عند مالك بن أنس، فجاء رجل..) فذكره بنحوه.
- وقال أبو ثور: سمعت الشافعي، يقول: كان مالك بن أنس إذا جاءه بعض أهل الأهواء قال: (أما إني على بينة من ربي وديني، وأما أنت فشاكّ، إلى شاكٍّ مثلِك فخاصمه). رواه أبو نعيم في الحلية.
تصدّره

- قال أبو سعيد مفضل بن محمد الجندي: سمعت أبا مصعب أحمد بن أبي بكر يقول: سمعت مالك بن أنس، يقول: «ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك» رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه وأبو نعيم في حلية الأولياء.
- وقال عبد الله بن يوسف التنيسي، عن خلف بن عمر - صديق كان لمالك - قال: سمعت مالك بن أنس يقول: (ما أجبت في الفتوى حتى سألت من هو أعلم مني: هل يراني موضعا لذلك؟ سألت ربيعة، وسألت يحيى بن سعيد؛ فأمراني بذلك.
فقلت له: يا أبا عبد الله لو نهوك؟

قال: (كنت أنتهي، لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلاً لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه). رواه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه"، وأبو نعيم في حلية الأولياء.
- وقال أبو داود الطيالسي: حدثنا شعبة، قال: (أتيت المدينة بعد موت نافع بسنة فإذا الحلقة لمالك بن أنس). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال البخاري في التاريخ الكبير: وقال علي [ابن المديني]: سمعت عبد الرحمن [ين مهدي] يذكر عن الأصمعي فلقيت الأصمعي فقلت: سمعته من شعبة؟ فقال: سمعته من شعبة أو حُدّثت عنه؛ قال: قدمت المدينة بعد موت نافع بسنة فرأيت مالكاً له حلقة.
قال علي: وقال غيره: كانت الحلقة لغيره، وكان مالك يجلس فيها.
قال يحيى: (وكان مالك يجلس إلى عبيد الله).
- وقال القاضي عياض: (قال مالك رحمه الله تعالى، فيما روى عنه ابن وهب وابن القاسم: ما أحد ممن نقلت عنه العلم إلا اضطر إليَّ حتى سألني عن دينه.
قال ابن أبي حازم: رأيت زيد بن أسلم واقفاً يستفتيه).
- وقال ابن وهب: حدثنا مالك، قال: قال يحيى بن سعيد: (اكتب لي أحاديث من أحاديث ابن شهاب في الأقضية).
قال: فكتبت له ذلك في صحيفة كأني أنظر فيها صفراء.
فقيل لمالك: يا أبا عبد الله أعرض عليك؟
قال: (هو كان أفقه من ذلك). رواه ابن أبي خيثمة والبيهقي في المدخل إلى السنن.

منهجه في التحديث :
- قال أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: سمعت عمي، يقول: سمعت مالك بن أنس، يقول: (إن عندي لأحاديث ما حدثت بها قط، ولا سمعت مني، ولا أحدث بها حتى أموت). رواه أبو نعيم في الحلية.
قلت: عمّ أحمد هو عبد الله بن وهب صاحب الإمام مالك، وأحمد قد اختلف فيه وأُنكرت عليه أحاديث رجع عنها بعد، وهو من شيوخ مسلم روى له في الصحيح، وهذا الخبر إن صحّ عن مالك فمحمول على أنه ترك التحديث بالأخبار الواهية والمعلولة التي ظهر له خطأ الرواة فيها وإن كانوا ثقات، لا أنّه كان يكتم أحاديث صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويصرّ على كتمانها.
- قال الشافعي: قيل لمالك: عند ابن عيينة أحاديث عن الزهري ليست عندك، قال: (وأنا أحدث عن الزهري بكل ما سمعت؟!! إذا أريد أن أضلهم). رواه أبو نعيم في الحلية.

زهده وورعه:
نشأ مالك في المدينة النبوية في أسرة شريفة القدر؛ كريمة النسب في حمير، وأقبل على طلب العلم ثم ابتلي بالقلّة فصبر ولم ينقطع عن طلب العلم، حتى فرّج الله عنه، وعرف الأمراء مكانه في العلم والإمامة في الدين، ولم تكن عطايا السلطان لِتَحمله على ترك ما يراه خيراً له في دينه.
وكان يعمل في خاصة نفسه بأكثر مما يفتي به الناس.
وكان لا يتحرّج إذا سُئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم.
وعرض عليه أبو جعفر المنصور أن يفرض كتاب الموطأ في الأمصار فأبى أشدّ الإباء، وكان في ذلك إشهار لكتابه في الأمصار لو أراد، لكنّه ترك ذلك لله فيما نحسب فأعاضه الله بنشر ذكره في الأمصار على اختلاف الأزمان إلى عصرنا هذا.
- قال ابن القاسم: (أفضى بمالك طلب العلم إلى أن نقض سقف بيته فباع خشبه، ثم مالت عليه الدنيا بعد). ذكره القاضي عياض في ترتيب المدارك.
- وقال حسين بن عروة: قدم المهدي المدينة فبعث إلى مالك بألفي دينار أو بثلاثة آلاف ثم أتاه الربيع بعد ذلك فقال له: (أمير المؤمنين يحبّ أن تعادله إلى مدينة السلام)
فقال له مالك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ("والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون"، والمال عندي على حاله). رواه أبو بشر الدولابي كما في الانتقاء لابن عبد البر.
- وقال الزبير بن بكار: حدثني مطرف بن عبد الله، قال: كان مالك بن أنس يعمل في نفسه بما لا يُلزمه الناس، ولا يفتيهم به، ويقول: «لا يكون العالم عالماً حتى يعمل في خاصة نفسه بما لا يلزمه الناس ولا يفتيهم به، بما لو تركه لم يكن عليه فيه إثم» رواه الخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه.
- وقال الهيثم بن جميل: شهدت مالك بن أنس سُئل عن ثمانٍ وأربعين مسألة؛ فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال أحمد بن حنبل: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: جاء رجل إلى مالك بن أنس يسأله عن شيء؛ فقال له مالك: لا أدري.
قال الرجل: فأذكر عنك أنك لا تدري؟
قال: «نعم، احك عني أني لا أدري» رواه الآجري في أخلاق العلماء والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه.
- وقال الواقدي: سمعت مالك بن أنس يقول: لما حجَّ أبو جعفر المنصور دعاني؛ فدخلت عليه فحادثته، وسألني فأجبته؛ فقال: (إني قد عزمت أن آمر بكتبك هذه التي وضعتها يعني الموطأ فتنسخ نسخا، ثم أبعث إلى كل مصر من أمصار المسلمين منها بنسخة، وآمرهم أن يعملوا بما فيها لا يتعدوه إلى غيره، ويدعوا ما سوى ذلك من هذا العلم المحدث؛ فإني رأيت أصل العلم رواية المدينة وعلمهم).
قال: فقلت: (يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا؛ فإنَّ الناس قد سبقت إليهم أقاويل، وسمعوا أحاديث ورووا روايات، وأخذ كل قوم بما سبق إليهم وعملوا به، ودانوا به من اختلاف الناس وغيرهم، وإنَّ ردَّهم عما قد اعتقدوه شديد، فدع الناس وما هم عليه، وما اختار كل أهل بلد منهم لأنفسهم).
فقال: (لعمري لو طاوعتني على ذلك لأمرت به). رواه ابن سعد.
- وقال ابن وهب: قيل لأخت مالك: ما كان شغل مالك في بيته؟
قالت: (المصحف والتلاوة). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام.

صفته ومعيشته:
- قال مطرف بن عبد الله اليساري: (كان مالك بن أنس طويلا عظيم الهامة، أصلع أبيض الرأس واللحية، أبيض شديد البياض إلى الشقرة، وكان لباسه الثياب العدنية الجياد، وكان يكره حلق الشارب ويعيبه ويراه من المثل، كأنه مّثَّل بنفسه). رواه ابن سعد.
- وقال مصعب الزبيري: (كان مالك من أحسن الناس وجهاً، وأحلاهم عيناً، وأنقاهم بياضاً، وأتمهم طولاً في جودة بدن). ذكره القاضي عياض.
- وقال مصعب الزبيري: كان مالك يلبس الثياب العدنية الجياد، والخراسانية والمصرية المرتفعة البِيض، ويتطيب بطيب جيد، ويقول: (ما أحب لأحد أنعم الله عليه إلا ويرى أثر نعمته عليه، وخاصة أهل العلم)
وكان يقول: (أحبّ للقارئ أن يكون أبيض الثياب). ذكره القاضي عياض.
- وقال القاضي عياض: (وصفه غير واحد من أصحابه، منهم مطرّف وإسماعيل والشافعي، وبعضهم يزيد على بعض، قالوا: كان طويلاً جسيماً عظيم الهامة، أبيض الرأس واللحية، شديد البياض إلى الصفرة، أعين، حسن الصورة، أصلع، أشمّ، عظيم اللحية، تامّها، تبلغ صدره، ذات سعة وطول، وكان يأخذ إطار شاربه، ولا يحلقه ولا يُحفيه، ويرى حَلقَه من المثلة، وكان يترك له سَبلتين، ويحتج بفتل عمر لشاربه إذا همه الأمر).
- وقال أحمد بن صالح المصري: (كان مالك قليل المشي، يظهر التجمّل، ضيق الأمر، لم يكن له منزل، كان يسكن بكراء إلى أن مات، وسأله المهدي: ألك دار؟ فقال: لا.
وحدثني ربيعة أن نسب المرء داره). ذكره القاضي عياض.
الكراء هو الإيجار.

محنته:
- قال مكي بن إبراهيم: (ضُرب مالك بن أنس في سنة سبع وأربعين ومائة، ضربه سليمان بن جعفر بن سليمان بن علي).
قال: (ضُرب سبعين سوطا). رواه أبو يوسف الفسوي.
- وقال الفضل بن زياد القطان: سألت أحمد بن حنبل: من ضرب مالك بن أنس؟
قال: (ضربه بعض الولاة، لا أدري من هو، إنما ضربه في طلاق المكره، كان لا يجيزه فضربه لذلك). رواه أبو نعيم في حلية الأولياء.
- وقال ابن حبان في الثقات: (ضربه جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس سبعين سوطا وكان على المدينة لفتياه في يمين المكرَه فمسح مالك ظهره عن الدم ودخل المسجد وصلى، وقال: لما ضرب سعيد بن المسيب فعل مثل ذلك).
- وقال محمد بن عمر الواقدي: (لما دُعي مالك بن أنس وشوور وسمع جعفر [لعله أبو جعفر] وقُبل قوله، شنف الناس له وحسدوه، وبغوه بكل شيء؛ فلما ولي جعفر بن سليمان بن على المدينة سعوا به إليه، وكثروا عليه عنده، وقالوا: لا يرى أيمان بيعتكم هذه بشيء، وهو يأخذ بحديث رواه عن ثابت الأحنف في طلاق المكره أنه لا يجوز، فغضب جعفر بن سليمان، فدعا بمالك، فاحتج عليه بما نمى إليه عنه، ثم جرده ومده وضربه بالسياط، ومدت يده حتى انخلع كتفاه، وارتُكب منه أمر عظيم؛ فوالله ما زال بعد ذلك الضرب في رفعة عند الناس، وعلو من أمره، وإعظام الناس له، وكأنما كانت تلك السياط التي ضربها حليا حلى بها). رواه ابن سعد.
- وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي: حدثنا مطرف، قال: قال لي مالك: ما يقول الناس في؟
قلت: (أما الصديق فيثني وأما العدو فيقع، قال: ما زال الناس كذا لهم صديق وعدو ولكن نعوذ بالله من تتابع الألسنة كلها). رواه أبو نعيم في الحلية.

اعتزاله:
- قال محمد بن عمر الواقدي: كان مالك يأتي المسجد ويشهد الصلوات والجمعة والجنائز ويعود المرضى، ويقضي الحقوق، ويجلس في المسجد، ويجتمع إليه أصحابه، ثم ترك الجلوس في المسجد، وكان يصلي ثم ينصرف إلى منزله وترك شهود الجنائز، فكان يأتي أصحابها فيعزيهم ثم ترك ذلك كله؛ فلم يكن يشهد الصلوات في المسجد ولا الجمعة، ولا يأتي أحدا يعزيه، ولا يقضي له حقاً، واحتمل الناس ذلك كله له، وكانوا أرغب ما كانوا فيه وأشده له تعظيما حتى مات على ذلك، وكان ربما كُلّم في ذلك فيقول: (ليس كل الناس يقدر أن يتكلم بعذره). رواه ابن سعد.
- وقال إسحاق بن إبراهيم [ابن راهويه]: ( كان مالك بن أنس يشهد الجنائز ويعود المرضى ويعطي الإخوان حقوقهم فترك ذلك واحدا واحدا حتى تركها كلها وكان يقول: لا يتهيأ للمرء أن يخبر بكل عذر). رواه أبو سليمان الخطابي في العزلة.
- وقال ابن وهب: حدثني مالك بن أنس قال: كان الناس الذين مضوا يحبون العزلة والانفراد من الناس، ولقد كان سالم أبو النضر، يفعل ذلك، وكان يأتي إلى مجلس ربيعة فيجلس فيه وكانوا يحبون ذلك منه، وكان أبو النضر إذا كثر فيه الكلام وكثر فيه الناس قام عنهم، وكان أبو الأسود محمد بن عبد الرحمن - يتيم عروة - صاحب عزلة وغزو وحج). رواه أبو زرعة الدمشقي والفسوي.

ما روي في فضله:
- قال سفيان بن عيينة عن ابن جريج عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يوشك أن يضرب الناس أكبادَ الإبل يطلبون العلمَ؛ فلا يجدون عالماً أعلم من عالمِ المدينة). رواه الحميدي والترمذي والبزار والنسائي في الكبرى وغيرهم.
قال الحميدي: قال سفيان: (أظنه مالك بن أنس).
- وقال أبو عيسى الترمذي: (وقد روي عن ابن عيينة، أنه قال في هذا سئل من عالم المدينة؟
فقال: إنه مالك بن أنس.
وقال إسحاق بن موسى: سمعت ابن عيينة، يقول: هو العمري الزاهد.
وسمعت يحيى بن موسى يقول: قال عبد الرزاق: هو مالك بن أنس.
والعمري هو عبد العزيز بن عبد الله من ولد عمر بن الخطاب)ا.هـ.
- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (ما دل عليه الحديث وأنه مالك أمر متقرر لمن كان موجوداً وبالتواتر لمن كان غائباً؛ فإنه لا ريب أنه لم يكن في عصر مالك أحدٌ ضَرب إليه الناس أكباد الإبل أكثرَ من مالك.
وهذا يقرر بوجهين:
أحدهما: بطلب تقديمه على مثل الثوري والأوزاعي والليث وأبي حنيفة وهذا فيه نزاع ولا حاجة إليه في هذا المقام.
والثاني: أن يقال: إن مالكا تأخر موته عن هؤلاء كلهم؛ فإنه توفي سنة تسع وسبعين ومائة، وهؤلاء كلهم ماتوا قبل ذلك.
فمعلوم أنه بعد موت هؤلاء لم يكن في الأمة أعلم من مالك في ذلك العصر، وهذا لا ينازع فيه أحد من المسلمين، ولا رُحل إلى أحد من علماء المدينة ما رحل إلى مالك، لا قبله ولا بعده، رُحل إليه من المشرق والمغرب، ورَحل إليه الناس على اختلاف طبقاتهم من العلماء والزهاد والملوك والعامة، وانتشر موطّؤه في الأرض حتى لا يعرف في ذلك العصر كتاب بعد القرآن كان أكثر انتشارا من الموطأ، وأخذ الموطأ عنه أهل الحجاز والشام والعراق، ومن أصغر من أخذ عنه الشافعي ومحمد بن الحسن وأمثالهما، وكان محمد بن الحسن إذا حدّث بالعراق عن مالك والحجازيين تمتلئ داره، وإذا حدَّث عن أهلِ العراق يقلّ الناس لعلمهم بأن علم مالك وأهل المدينة أصح وأثبت).
ثمّ قال: (ومن زعم أن الذي ضربت إليه أكباد الإبل في طلب العلم هو العمري الزاهد مع كونه كان رجلا صالحا زاهدا آمرا بالمعروف، ناهيا عن المنكر، لم يُعرف أن الناس احتاجوا إلى شيء من علمه، ولا رحلوا إليه فيه، وكان إذا أراد أمراً يستشير مالكاً ويستفتيه).

ما رؤي فيه من الرؤى:
- قال مصعب بن عبد الله الزبيري: سمعت أبي يقول: كنت جالساً مع مالك بن أنس في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ أتاه رجل فقال: أيّكم مالك؟
فقالوا: هذا.
فسلَّم عليه واعتنقه وضمَّه إلى صدره، وقال: (والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحةَ جالساً في هذا الموضع؛ فقال: ائتوا بمالك؛ فأُتي بك ترعد فرائصك.
فقال: ليس بك بأس يا أبا عبد الله، وكناك، وقال: اجلس؛ فجلستَ.
قال: افتح حجرك؛ ففتحته فملأه مسكا منثورا، وقال: (ضمَّه إليك وبثَّه في أمتي).
قال: فبكى مالك، وقال: (الرؤيا تسرّ ولا تغرّ، وإن صدقت رؤياك؛ فهو العلم الذي أودعني الله). رواه ابن عبد البر في الانتقاء.
- وقال مطرف بن عبد الله: أخبرني زيد بن داود رجل من أصحابنا من أفضلهم قال: (رأيت في المنام كأن القبر انفرج فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد وإذا الناس منفصمون؛ فصاح صائح: مالك بن أنس!).
قال: (فرأيت مالكاً جاء حتى انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فأعطاه شيئاً؛ فقال: «اقسم هذا على الناس»
فخرج به مالك يقسمه على الناس؛ فإذا هو مِسْك يعطيهم إياه). رواه ابن سعد.

أقوال العلماء فيه:
- قال الحسن بن عبد العزيز الجروي: حدثنا الحارث بن مسكين، قال: كان عبد الرحمن بن القاسم، يقول: (إنما أقتدي في ديني برجلين: مالك بن أنس في علمه وسليمان بن القاسم في ورعه). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال عبيد الله بن عمر القواريري: كنَّا عند حماد بن زيد فجاءه نعي مالك بن أنس؛ فسالت دموعه، وقال: (يرحم الله أبا عبد الله لقد كان من الدين بمكان). رواه أبو نعيم في الحلية وابن عبد البر في الانتقاء وزاد: ثم قال حماد: سمعت أيوب يقول: (لقد كانت له حلقة في حياة نافع).
- وقال أبو إسماعيل الترمذي: حدثنا نعيم بن حماد، قال: سمعت ابن المبارك، يقول: (ما رأيت رجلا ارتفع مثل مالك بن أنس ليس له كثير صلاة ولا صيام إلا أن تكون له سريرة). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال يونس بن عبد الأعلى: قال الشافعي: (إذا جاء الأثر كان مالك كالنجم، وقال: مالك وسفيان القرينان). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: (مالك وابن عيينة القرينان، ولولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز). رواه ابن عبد البر في الانتقاء، وروى أبو نعيم الجملة الأخيرة منه من طريق الربيع بن سليمان عن الشافعي.
- وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي يقول: (إذا جاءك الحديث عن مالك فشدَّ به يديك). رواه أبو نعيم في الحلية وابن عبد البر في الانتقاء.
- وقال الحارث ابن مسكين: سمعت عبد الله بن وهب يقول: (لولا أني أدركت مالكا والليث ببن سعد لضللت). رواه ابن عبد البر في الانتقاء.
- وقال علي بن رستم: سمعت عبد الرحمن بن عمر، يقول: قال يحيى بن سعيد القطان: (ما أقدم على مالك في زمانه أحداً). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال عبد الرحمن بن عمر الأصبهاني رستة: سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: (أئمة الناس في زمانهم أربعة: سفيان الثوري بالكوفة، ومالك بالحجاز، والأوزاعي بالشام، وحماد بن زيد بالبصرة). رواه ابن عدي.
- وقال ابن سعد: (كان مالك ثقةً مأموناً ثبتاً ورعاً فقيهاً عالماً حجةً).
- وقال محمد بن إسحاق السراج: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن أصح الأسانيد، فقال: (مالك عن نافع عن ابن عمر).
- وقال أبو عمار: سألت أحمد بن حنبل عن كتاب مالك بن أنس فقال: (ما أحسنه لمن تديَّن به). رواه أبو نعيم في الحلية.
قلت: أبو عمار أظنه الحسين بن حريث المروزي(ت:244هـ).
- وقال عبد السلام بن عاصم: قلت لأحمد بن حنبل: يا أبا عبد الله رجل يحب أن يحفظ حديث رجل بعينه؟
فقال: (يحفظ حديث مالك).
قال: فالرأي؟
قال: رأي مالك). رواه ابن أبي حاتم.
- وقال أبو زرعة الرازي: (أول شيء أخذت نفسي بحفظه من الحديث حديث مالك؛ فلما حفظته ووعيته طلبت حديث الثوري وشعبة وغيرهما، فلما تناهيت في حفظ الحديث نظرت في رأي مالك والثوري والأوزاعي وكتبت كتب الشافعي). ذكره ابن عبد البر في الانتقاء.
- وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي: سمعت أبي يقول: (الحجة على المسلمين الذين ليس فيهم لبس: سفيان الثوري، وشعبة، ومالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وحماد بن زيد). رواه ابن عبد البر في الانتقاء.
- وقال ابن حبان في كتاب الثقات: (كان مالك رحمه الله أوَّل من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة وأعرض عمن ليس بثقة في الحديث، ولم يكن يروي إلا ما صحَّ ولا يحدّث إلا عن ثقة، مع الفقه والدين والفضل والنسك، وبه تخرج الشافعيّ رحمه الله، وإياه ينصّ، ومذهبه كان ينتحل حيث كان بالعراق قديما قبل دخوله مصر).

المؤلفات في فضائل مالك وسيرته:
- قال القاضي عياض: (ألَّف فضائل مالك وأخباره جماعة من الأئمة، والسلف والخلف من فرق هذه الأمة، فممن ألف في ذلك وأطال: القاضي أبو عبد الله التستري المالكي له في ذلك ثلاث مجلدات، ومثل ذلك لأبي الحسن بن فهر المصري، ولأبي محمد الحسن بن إسماعيل الضراب، وألف في ذلك القاضي أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي، وأبو بشر الدولابي، وأبو العرب التميمي، والقاضي أبو الحسن بن المنتاب وأبو علاثة محمد بن أبي غسان، وأبو إسحاق ابن شعبان، والزبير بن بكار القاضي الزبيري، وأبو بكر محمد بن محمد اليقطيني، وأبو نصر بن الحباب الحافظ، وأبو بكر ابن أبي دراويه الدمشقي، والقاضي أبو عبد الله البرنكاني، وأبو محمد الجارود، والحسن بن عبيد الله الزبيري، وأحمد بن مروان المالكي، والقاضي أبو الفضل القشيدي، وأبو عمر المقاصي، وأحمد بن رشد بن جعفر، وأبو بكر بن محمد بن صالح الأبهري، وأبو بكر بن اللباد، وأبو محمد عبد الله بن أبي زيد، وأبو عمر ابن عبد البر الحافظ، والقاضي أبو محمد بن نصر، وأبو عبد الله الحاكم النيسابوري، وأبو ذر الهروي، وأبو عمر الطلمنكي، وأبو عمر ابن حزم الصدفي، وابن الإمام التطيلي، وابن الحارث القروي، وابن حبيب، والقاضي أبو الوليد الباجي، وأبو مروان بن الأصبغ القرشي النقيب).
- قلت: وأكثر هذه الكتاب التي ذكرها القاضي عياض لم تطبع، ويضاف إليها كتاب أخبار مالك لأبي نصر الأذرعي(ت:425هـ).
وأوفى المراجع المطبوعة في سيرة مالك وأخباره وفضائله ما في ترجمته من كتاب "الانتقاء في فضائل الأئمة الثلاثة الفقهاء" لأبي عمر ابن عبد البر، و"حلية الأولياء" لأبي نعيم، و"ترتيب المدارك" للقاضي عياض، مع ما في ترجمته في كتب التاريخ المسندة، وكتب أحوال الرجال، وكتب الطبقات، وقد اجتهدت في جمع ما وقفت عليه من هذه الكتب في هذه الترجمة، وهذّبتها، وحذفت ما لا حاجة لذكره من المكررات، وما لا تعلّق له بفضائل مالك ولا أخباره، وما في بعضها مما يُستنكر، واقتصرت على الخلاصات المفيدة مع ذكر مصادرها.

وفاته
- قال إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس: اشتكى مالك بن أنس أياما يسيرة؛ فسألت بعض أهلنا عما قال عند الموت؛ فقال: تشهد ثم قال{لله الأمر من قبل ومن بعد}، وتوفي صبيحة أربع عشرة من شهر ربيع الأول سنة تسع وسبعين ومائة في خلافة هارون، وصلى عليه عبد الله بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وهو ابن زينب بنت سليمان بن علي بأمه كان يعرف، يقال: عبد الله ابن زينب، وكان يومئذ والياً على المدينة فصلَّى على مالك في موضع الجنائز، ودفن بالبقيع، وكان يوم مات ابن خمس وثمانين سنة). رواه ابن سعد.
- وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: (أنا أحفظ الناس لموت مالك، مات في صفر سنة تسع وسبعين ومائة). رواه ابن سعد.
- وقال يحيى بن بكير: (مات مالك بن أنس سنة تسع وسبعين ومائة). رواه الفسوي.
وكذلك قال علي بن المديني وخليفة بن خياط وابن حبان، وغيرهم.
- وقال ابن عبد البر: (لم يختلف أصحاب التواريخ من أهل العلم بالخبر والسير أن مالكاً رحمه الله توفي سنة تسع وسبعين ومائة).

أقواله ووصاياه:
- قال إسماعيل بن أبي أويس: سمعت خالي مالك بن أنس يقول: قال لي ربيعة الرأي وكان أستاذ مالك: يا مالك مَن السفلة؟
قال: قلت: " من أكل بدينه "
فقال: مَن سفلة السفلة؟
قال: (من أصلح دنيا غيره بفساد دينه).
قال: فصدَّرني). رواه البيهقي في شعب الإيمان.
- وقال خالد بن خداش: ودَّعت مالك بن أنس، فقلت: يا أبا عبد الله، أوصني، قال: (تقوى الله، وطلب العلم من عند أهله). رواه أبو زرعة الدمشقي وأبو نعيم في الحلية.
- وقال يونس بن عبد الأعلى: حدثنا ابن وهب، قال: قال مالك: (العلم نور يجعله الله حيث يشاء، ليس بكثرة الرواية). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال الزبير بن بكار: حدثنا محمد بن مسلمة المخزومي عن مالك بن أنس قال: (جنة العالم لا أدري إذا أغفلها أصيبت مقاتله). رواه ابن عبد البر في الانتقاء.
- وقال أبو مسهر الغساني: سألت مالك بن أنس عن شيء، فقال لي: (لا تسل عما لا تريد، فإنك تنسى ما تريد)
قال: (فضرب لي مالك مثلا، فقال: من اشترى ما لا يريد يوشك أن يبيع ما يريد). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال ابن وهب: قال لي مالك بن أنس: (اعلم أنه ليس يسلم رجل حدث بكل ما سمع، ولا يكون إماما أبدا وهو يحدث بكل ما سمع). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال الحسن بن عبد العزيز الجروي: حدثنا الحارث بن مسكين، عن ابن وهب، قال: قيل لمالك بن أنس: ما تقول في طلب العلم؟
قال: (حسن جميل، ولكن انظر الذي يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي فالزمه). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال القعنبي: سمعت مالك بن أنس يقول: قال رجل: (ما كنتَ لاعبا فلا تلعبن بدينك). رواه أبو نعيم في الحلية.
قلت: قد روي نحوه عن سعيد بن المسيب.
- وقال يونس بن عبد الأعلى: حدثنا ابن وهب، قال: سمعت مالكا، يقول: (إن حقاً على مَن طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية، وأن يكون متبعاً لأثر من مضى قبله). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال خالد بن نزار: سمعت مالك بن أنس يقول لفتى من قريش: (يا ابن أخي تعلم الأدب قبل أن تتعلم العلم). رواه أبو نعيم في الحلية.
وقال إسماعيل بن إسحاق: حدثنا الفروي، قال: سمعت مالكا يقول: (إذا لم يكن للإنسان في نفسه خير لم يكن للناس فيه خير). رواه أبو نعيم في الحلية.
وقال يونس بن عبد الأعلى، ثنا ابن وهب، عن مالك، قال: (لا يبلغ أحد ما يريد من هذا العلم حتى يضرّ به الفقر ويؤثره على كل حاجة). رواه أبو نعيم في الحلية.
وقال أحمد بن هاشم: حدثنا ضمرة، قال: سمعت مالكا، يقول: (لو كان لي سلطان على من يفسر القرآن لضربت رأسه). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال أبو مسهر الغساني: حدثنا مالك بن أنس قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: قال لي ابن خلدة - وكان نعم القاضي-: (يا ربيعة أراك تفتي الناس فإذا جاءك الرجل يسألك فلا تكن همتك أن تخرجه مما وقع فيه ولتكن همتك أن تتخلص مما سألك عنه). رواه الفسوي في المعرفة والتاريخ والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه.

مؤلفات الإمام مالك بن أنس:
ترك الإمام مالك مؤلفات نافعة، وأشهر كتبه وأنفعها: الموطأ، وله روايات كثيرة أوصلها الأعظمي في دراسته للموطأ إلى مائة رواية، وقد طُبع منها: رواية يحيى بن يحيى الليثي، ورواية أبي مصعب الزهري، ورواية القعنبي، ورواية محمد بن الحسن الشيباني، ورواية ابن القاسم، ورواية علي بن زياد، ورواية سويد بن سعيد الحدثاني، ورواية يحيى ابن بكير.
- وقال الربيع بن سليمان: سمعت الشافعي، يقول: (ما بعد كتاب الله تعالى كتاب أكثر صوابا من موطأ مالك). رواه أبو نعيم في الحلية.
- وقال العباس بن الوليد البيروتي: حدثنا أبو خليد، قال: أقمت على مالك فقرأت الموطأ في أربعة أيام فقال مالك: (علم جمعه شيخ في ستين سنة أخذتموه في أربعة أيام لا فقهتم أبدا). رواه أبو نعيم في الحلية.

- وللإمام مالك رسائل مذكورة في مؤلفاته منها:
أ: رسالة في إجماع أهل المدينة، كتبها إلى الليث بن سعد، وقد أخرجها الحافظ الفسوي في التاريخ والمعرفة، من رواية يحيى بن عبد الله بن بكير.
ب: ورسالة في القدَر، كتبها إلى ابن وهب.
ج: ورسالة في الأقضية، برواية عبد الله بن عبد الجليل، رواها عنه محمد بن يوسف بن مطروح.
د: ورسالة في الفتوى، وهي رسالة بعثها إلى أبي غسان محمد بن مطرف.
هـ: ورسالة في منازل القمر والنجوم، برواية سحنون عن ابن نافع الصائغ عنه.
- ومما جُمع له:
1: المدونة الكبرى، برواية سحنون بن سعيد التنوخي عن عبد الرحمن بن القاسم العتقي عن الإمام مالك، دار صادر.
2: مرويات الإمام مالك في التفسير، جمع: محمد طرهوني وحكمت بشير، دار المؤيد.
وللإمام مالك جزء في التفسير لكنه مفقود، قال الذهبي: (وله جزء في التفسير يرويه خالد بن عبدالرحمن المخزومي، يرويه القاضي عياض عن أبي جعفر أحمد ابن سعيد، عن أبي عبدالله محمَّد بن الحسن المقرئ، عن محمَّد بن علي المصيصي، عن أبيه بإسناده).

- ومما نسب إليه خطأً:
1: الرسالة الرشيدية ، وهي مطبوعة.
- قال الذهبي: (هذه الرسالة موضوعة، وقال القاضي الأبهري: فيها أحاديث لو سمع مالك من يحدّث بها لأدَّبه).
2: وكتاب السر، ونسبته إلى الإمام مالك قديمة، وقد اختلف فيها، وكبار فقهاء المالكية ينكرون صحتها عنه، وقيل إنه هو الرسالة الرشيدية.

تلاميذه والرواة عنه:
روى عن الإمام مالك جماعة من شيوخه وأقرانه وتلاميذه:
- فمن شيوخه: ابن شهاب الزهري، ويحيى بن سعيد الأنصاري.
- ومن أقرانه: الأوزاعي، وعبد الله بن المبارك، وابن جريج، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، وشعبة بن الحجاج، وحماد بن زيد، وحماد بن سلمة، ووهيب بن خالد، وسفيان بن عيينة.
- ومن تلاميذه: محمد بن إدريس الشافعي، وإسماعيل بن أبي أويس، وعبد الله بن وهب، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وحبيب بن أبي حبيب كاتب الإمام مالك، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري، ويحيى ابن يحيى الليثي الأندلسي، وعبد الملك بن عبد العزيز ابن الماجشون، وأشهب بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن القاسم المصري، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ومطرف بن عبد الله اليساري، ومعن بن عيسى القزاز، وعبد الله بن نافع الزبيري، وعبد الله بن نافع الصائغ، ومحمد بن الحسن الشيباني، وعلي بن زياد، وسويد بن سعيد الحدثاني، وأبو قتيبة سلم بن قتيبة، وإسماعيل بن علية، وعبد الله بن إدريس الأودي، ووكيع بن الجراح، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن سعيد القطان، وأحمد بن عبد الله بن يونس ، وروح بن عبادة، وسعيد بن منصور، ويحيى بن أبي عمر العدني، وقتيبة بن سعيد البلخي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، وأبو مسهر عبد الاعلى بن مسهر الغساني، والوليد بن مسلم، وأبو إسحاق الفزاري، وأبو الوليد الطيالسي، وخلف بن هشام البزار، وهشام بن عمار الدمشقي، وورقاء بن عمر اليشكري، ومحمد بن عمر الواقدي، ويحيى بن سلام البصري، وغيرهم كثير.
- وقال ابن عبد البر: (أما الذين رووا عنه الموطأ، والذين رووا عنه مسائل الرأي، والذين رووا عنه الحديث؛ فأكثر من أن يُحصوا، قد بلغ فيهم أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في كتاب جمعه في ذلك نحو ألف رجل).

مروياته في التفسير:
أكثر ما يُروى عنه في كتب التفسير المسندة ما له تعلق بالفتوى وأحكام القرآن، وما يرويه عن غيره.


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:54 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

9: المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله الحزامي (ت: 180هـ تقريباً )

هو المغيرة بن عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد بن حكيم بن حزام الأسدي القرشي.
- قال ابن سعد: (وهو الذي يسمى قُصيّا، وبه يعرف).
- وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: (كان مسناً علامة، أمّه أمّ ولد، وكان يقال له: قصي؛ يعرف به). رواه ابن أبي خيثمة.
هكذا وردت العبارة (مسنّا) وهي مشكلة، وفي الإكمال لمغلطاي نقلاً عن الزبير بن بكار: (وكان علامةً مُسنداً).
- وقال الخطيب البغدادي في المتفق والمفترق: (كان علامة بالنسب يسمى قصيا).
روى عن: أبي الزناد فأكثر، وروى عن موسى بن عقبة، وربيعة بن أبي عبد الرحمن، وهشام بن عروة، وغيرهم.
وروى عنه: ابنه عبد الرحمن، وابن وهب، وعبد الرحمن بن مهدي، وسعيد بن منصور، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة، وقتيبة بن سعيد، ويحيى بن عبد الله بن بكير، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وغيرهم.
- قال عبد الله بن الإمام أحمد في العلل لأبيه: (سألته عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، من ولد حكيم بن حزام قال: (ما أرى به بأساً، حدَّث عنه ابن مهدي، وكان عنده كتاب عن أبي الزناد).
- وقال عباس الدوري: (سمعت يحيى يقول المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي صاحب أبى الزناد ليس بشيء، والمغيرة بن عبد الرحمن المخزومي ثقة).
وقال أبو عبيد الآجري: سألت أبا دواد عن المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي فقال: (رجل صالح، كان ينزل عسقلان حدث عنه ابن مهدي).
ووثقه الدارقطني، روى له البخاري ومسلم وأصحاب السنن.
- قال الذهبي: (احتج به أرباب الصحاح، لكن له ما ينكر)
- وقال الذهبي أيضا: (توفي قصي هذا: في حدود سنة ثمانين ومائة، بالمدينة).
وذكر في موضع آخر أن وفاته قريب من وفاة مالك بن أنس.


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:55 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

10: عبد الرحمن بن زيد بن أسلم العدوي (ت:182هـ)

جدّه أسلم مولى عمر بن الخطاب، وأبوه زيد بن أسلم الفقيه المفسّر، وقد تقدّمت ترجمته.
وكان لزيد ثلاثة أبناء حُمل عنهم العلم: أسامة وعبد الله وعبد الرحمن، واشتهر عبد الرحمن لكثرة مروياته وعنايته بالتفسير.
- قال سفيان بن عبد الملك المروزي: قال لي عبد الله بن المبارك: (كان عبد الله بن زيد بن أسلم أكبر من عبد الرحمن بن زيد، ولكن الذكر والكلام والقصص إنما هو لعبد الرحمن بن زيد). رواه العقيلي.
وكان عالماً بالتفسير والمغازي والأخبار، لكنه كان ضعيف الحديث، يخطئ في الأسانيد، ويقلب الأخبار، ويروي بالمعنى على ما يفهمه، وقد يقع في فهمه شيء من الخطأ؛ ويجزم به، وقد تركه أكثر أهل الحديث لكثرة خطئه، والأقرب أنه لا يتعمد الكذب، وكان فيما يذكر عنه رجلاً صالحاً في نفسه.
وأقواله في التفسير معتبرة، وله أقوال تدلّ على سعة علمه بمعاني القرآن، وله عناية بتفسير القرآن بالقرآن، وأكثر ما يُروى عنه في كتب التفسير المسندة من أقواله لا من مروياته.
وقال الذهبي في سير أعلام النبلاء: (وكان عبد الرحمن صاحب قرآن وتفسير، جمع تفسيرا في مجلد، وكتاباً في الناسخ والمنسوخ).
قلت: لعبد الرحمن بن زيد نسختان في التفسير كبيرتان:
إحداهما: نسخة يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وقد أكثر منها ابن جرير في تفسيره، حتى أخرج منها نحو ألفي رواية أو تزيد، وأخرج منها ابن أبي حاتم جملة من المرويات.
والأخرى: نسخة أبي يزيد يوسف بن يزيد القراطيسي، عن أصبغ بن الفرج المصري عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وعليها أكثر اعتماد ابن أبي حاتم في تفسيره عن ابن زيد.
وأصبغ بن الفرج(ت:225ه) كان وراقاً لابن وهب، وهو من خاصة أصحابه، والقراطيسي(ت:287هـ) إمام ثقة كان مسند مصر في زمانه.
وما رُوي عن ابن زيد من غير هذين الطريقين فقليل جداً في كتب التفسير المسندة، فروي عنه من طريق عتبة بن سعيد الحمصي، وأبي صالح كاتب الليث، ومحمد بن شعيب، وهشام بن عبيد الله، وعمرو بن أبي سلمة.
وروى عنه ابن وهب في جامعه جملة من المرويات أكثرها مما رواه عن أبيه.
وبالموازنة بين الطرق التي يُروى بها تفسير ابن زيد نجد بعضها يزيد على بعض، وهذا يدلّ على أنّ كلا من ابن جرير وابن أبي حاتم لم يُخرجا جميع مرويات النسخ التي اعتمدا عليها.
وأكثر ما يُروى في هذه النسخ من أقوال ابن زيد في التفسير، وكان ممن عُني بتفسير القرآن بالقرآن.
وقد ذكر بعضهم أن هذه النسخ إنما هي تفسير زيد بن أسلم رواه عنه، وهو قول فيه نظر، نعم قد يكون استفاد أكثره من أبيه، لكن العبارة عبارته، والاختيار اختياره، فنسبته إليه نسبة صحيحة إنشاء أو اختياراً، ونسبته إلى أبيه مشكوك فيها، وإن كان استفاد أصله من أبيه؛ فتجعل عهدته عليه لا على أبيه.

- قال محمد بن عبد الله بن عبد الحكم: سمعت محمد بن إدريس الشافعي قال: ذكر لمالك حديثا، فقال: من حدثك؟ فذكر إسنادا له منقطعا، فقال: (اذهب إلى عبد الرحمن بن زيد يحدثك عن أبيه، عن نوح). رواه العقيلي وابن عدي.
- وقال الربيع بن سليمان يقول: سمعت الشافعي يقول: سأل رجلٌ عبدَ الرحمن بن زيد بن أسلم: حدثك أبوك، عن أبيه، عن جده أن سفينة نوح طافت بالبيت وصلت ركعتين؟
قال: (نعم). رواه ابن عديّ.
وهذا الخبر مما استنكره العلماء على عبد الرحمن بن زيد، وإن كان يُروى بعضه عن وهب منبه بذكر الطواف دون الصلاة، ومن غير النص على أنه طواف العبادة، فقد يكون طوافاً مجرداً؛ وهو خبر إسرائيلي، فقد يكون زيد في أصله والتبعة على غيره، وقد يكون عبد الرحمن بن زيد فهم منه طواف العبادة واستتبع توابعه، لا أنّه تعمّد وضع خبر لا أصل له عنده، ولكنّه ضعيف في ضبط الروايات.
- قال خالد بن خداش: قال لي الدراوردي ومعن وعامة أهل المدينة لا ترد عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، إنه لا يدري ما يقول، ولكن عليك بعبد الله بن زيد). رواه العقيلي في الضعفاء، وأبو الحسن الميموني في مسائله.
- وقال أبو الحسن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني: سمعت أبا عبد الله، يقول: (عبد الله بن زيد بن أسلم أثبت من عبد الرحمن).
قلت: أثبت؟
قال: نعم.
فقلت: فعبد الرحمن؟
قال: (كذا، ليس مثله، وضعف من أمره قليلاً). رواه العقيلي.
- وقال أبو طالب: سألت أبا عبد الله: كيف حديث عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؟
فقال: (أخوه أثبت، يعني عبد الله بن زيد بن أسلم). رواه الفسوي.

- وقال أبو طالب أيضاً: سألت أحمد بن حنبل عن أسامة بن زيد بن أسلم؛ قال: (أسامة، وعبد الرحمن، وعبد الله هم ثلاثة؛ فأما أسامة، وعبد الرحمن متقاربان ضعيفان، وعبد الله ثقة). رواه ابن عدي.
- وقال البخاري في التاريخ الكبير: (ضعَّفه عليٌّ [بن المديني ] جدا).
- وقال ابن أبي خيثمة: (سئل يحيى بن معين، عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم؟
فقال: ضعيف)
.
- وقال أحمد بن علي بن المثنى: سمعت يحيى بن معين وسئل عن بني زيد بن أسلم فقال: (ليسوا بشيء ثلاثتهم، يعني: أسامة، وعبد الله، وعبد الرحمن). رواه ابن عدي.
- وقال الحسين بن عبد الله الذارع: قال أبو داود: (أولاد زيد بن أسلم: عبد الله، وأسامة، وعبد الرحمن، كلهم ضعيف، وعبد الله أمثلهم). رواه العقيلي.
- وقال ابن سعد: (كان كثير الحديث ضعيفا جداً).
- وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فقال: (ليس بقوي الحديث، كان في نفسه صالحاً، وفي الحديث واهياً).
- وقال ابن عدي: (وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم له أحاديث حسان وقد روى عنه - كما ذكرت - يونس بن عبيد وسفيان بن عيينة حديثين، وروى معتمر عن آخر عنه، وهو ممن احتمله الناس، وصدَّقه بعضهم، وهو ممن يكتب حديثه).

توفي عبد الرحمن بن زيد بالمدينة سنة 182هـ، قاله إبراهيم بن حمزة فيما رواه البخاري في التاريخ الكبير، والزبير بن بكار فيما رواه ابن أبي خيثمة.
وقال خليفة بن خياط: مات سنة ثمانين ومائة.
- وقال ابن سعد: (توفي بالمدينة في أول خلافة هارون).
وهارون الرشيد تولى الخلافة سنة 170هـ ، ومات سنة 193هـ، والقول الأول أرجح.
- قال أبو إبراهيم الترجماني: رأيت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم على عينيه خرقة، وابنه يقوده حتى يجيء إلى قبر النبي وأبي بكر وعمر فسألته عن الخرقة التي على عينيه، فقيل: إنه بكى حتى ذهب بصره). رواه ابن أبي خيثمة.


رد مع اقتباس
  #13  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:56 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

11: أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن دينار المدني (ت: 182هـ)

لقبه صندل، وكان من فقهاء المدينة وأهل الفتوى فيهم.
مولى جهينة، ونسبه البخاري في صحيحه وفي التاريخ الكبير فقال: أبو عبد الله الجهني، وقيل الأنصاري.
- وقال يعقوب بن محمد الزهري، عن محمد بن إبراهيم من ولد دينار بن النجار الأنصاري). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- روى عن موسى بن عقبة، وعبيد الله العمري، وابن أبي ذئب، ومحمد بن عجلان، وسلمة بن وردان، وغيرهم.
وروى عنه: أبو مصعب الزهري، ويعقوب الزهري، وعبد الله بن وهب، وغيرهم.
- قال البخاري: (معروف الحديث) وروى له في الصحيح.
- ووثقه يحيى بن معين وأبو حاتم الرازي وابن حبان والدارقطني.
- وقال ابن أبي حاتم: سألت أبي عنه فقال: (كان من فقهاء المدينة نحو مالك، وكان ثقة).
- وقال ابن حبيب: (كان هو والمغيرة أفقه أهل المدينة). ذكره القاضي عياض في "ترتيب المدارك".
- وقال أشهب: (ما رأيت في أصحاب مالك أفقه من ابن دينار). ذكره القاضي عياض أيضاً.
- وقال الشافعي: (ما رأيت في فتيان مالك أفقه من ابن دينار). ذكره القاضي عياض أيضاً.
- وقال أبو عمر بن عبد البر في الانتقاء: (كان مفتي أهل المدينة مع مالك وعبد العزيز بن أبي سلمة وبعدهما، وكان فقيها فاضلا، له بالعلم رواية وعناية).
- وقال أبو عمر ابن عبد البر أيضاً: (كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون، وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك).
- قال القاضي عياض: (توفي رحمه الله تعالى سنة اثنتين وثمانين ومائة).


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:56 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

12: إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري (ت: 183هـ)

هو العالم الفقيه المحدّث أبو إسحاق، نشأ بالمدينة في بيت علم وفضل، فكان جدّه إبراهيم قاضياً في المدينة، وعمّ أبيه أبو سلمة بن عبد الرحمن تولّى القضاء بها مرتين.
وأبوه سعد بن إبراهيم من العلماء الأجلاء، وفقهاء المدينة المعروفين، وتولّى قضاء المدينة في خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك.
- قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: (وُلد إبراهيم بن سعد سنة ثمان ومائة، أخبرني بذلك بعض ولده). رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.

وتفقه إبراهيم بأبيه، وسمع من الزهري وهو صغير، وسمع من محمد بن إسحاق بن يسار حديثاً كثيراً في الأحكام والتفسير والمغازي.
- قال محمد بن إسماعيل البخاري: قال لي إبراهيم بن حمزة: (كان عند إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق نحوٌ من سبعة عشر ألف حديث في الأحكام سوى المغازي، وإبراهيم بن سعد من أكثر أهل المدينة حديثا في زمانه). رواه الخطيب البغدادي في تاريخه.
وإبراهيم بن سعد ثقة ثبت، وهو من أوثق الرواة عن ابن إسحاق، وأحسنهم ضبطاً، وقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما أحاديث في السيرة من طريق إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق.

- وقال أبو بكر المروذي: قال أحمد بن حنبل: (كان ابن إسحاق يدلّس إلا أنّ كتاب إبراهيم بن سعد إذا كان سماعٌ قال: "حدثني" وإذا لم يكن سماعٌ، قال: "قال"). رواه الخطيب البغدادي في تاريخه، والفسوي في المعرفة من طريق الفضل بن زياد عن أحمد.
- وقال ابن محرز: سمعت علياً يقول: (ليس كتابٌ عن ابن إسحاق أصحّ من كتاب ابراهيم بن سعد وهارون الشامي، وذلك أنه أملى على هارون الشامي من كتابه).

- وقال أحمد بن سعد بن أبي مريم: سمعت يحيى بن معين يقول: (إبراهيم بن سعد ثقة حجة). رواه ابن عدي.
- قال ابن سعد: (كان ثقة كثير الحديث، وسكن بغداد هو وولده، وكان على بيت المال، وروى المغازي عن محمد بن إسحاق، وغير المغازي وكان عسرا في الحديث).
- وقال الخطيب البغدادي: (كان قد نزل بغداد، وأقام بها إلى حين وفاته، ولم يزل ببغداد من عقبه جماعة يروون العلم حتى انقرضوا بأخرة).
- وقال عبد الرحمن بن يوسف ابن خراش: (إبراهيم بن سعد صدوق من أهل المدينة، وأبوه كان من جلة المسلمين، وكان على قضاء المدينة). رواه الخطيب البغدادي.
- قلت: الأظهر أن قوله: (وكان على قضاء المدينة) من صلة كلامه عن أبيه، فهو الذي كان قاضياً في المدينة في زمن الوليد بن يزيد.
- وقال الذهبي في ترجمة إبراهيم بن سعد: (كان من العلماء الثقات، عاش خمسا وسبعين سنة، وولي قضاء المدينة، وقد كان أبوه أيضا قاضيها، وكان إبراهيم أسود اللون).
- وقال ابن حبان في ترجمة إبراهيم: (من متقني أهل المدينة وساداتهم، ولي قضاء بغداد، وحدث بها؛ فكتب عنه العراقيون).
ولا يمتنع أن يكون تولى القضاء بالبلدين، لكن إن كان مستند الذهبي إنما هو كلام ابن خراش ففيه نظر، ولم أر قبله من نصّ على أن إبراهيم بن سعد كان قاضياً بالمدينة، وإن كان السخاوي قد ذكر ذلك في "التحفة اللطيفة" لكن الأظهر أنه اعتمد على كلام الذهبي.
- وقال ابن عدي: (وإبراهيم بن سعد من ثقات المسلمين، حدث عنه جماعة من الأئمة ممن هم أكبر سنا منه، وأقدم موتا منه، منهم: يزيد بن عبد الله بن الهاد، والليث بن سعد، ويحيى بن أيوب، وشعبة، وقيس بن الربيع، وعبد الرحمن بن مهدي).
- وقال ابن عدي أيضاً: (ولإبراهيم بن سعد أحاديث صالحة مستقيمة، عن الزهري وعن غيره، ولم يتخلف أحد عن الكتابة عنه بالكوفة والبصرة وبغداد، وهو من ثقات المسلمين).
له مرويات في كتب التفسير المسندة
روى عن أبيه وابن شهاب الزهري، وابن أخيه: محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري، وصالح بن كيسان، ومحمد بن إسحاق بن يسار، وغيرهم.
وروى عنه: ابناه يعقوب وسعد، والليث بن سعد، وشعبة بن الحجاج، وابن وهب، وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى بن آدم، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأبو عبيد القاسم بن سلام، وأحمد بن حنبل، وبشر بن السري، وسليمان بن داوود الهاشمي، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ومالك بن إسماعيل بن درهم النهدي، وموسى بن إسماعيل التبوذكي، وأحمد بن محمد بن أيوب الوراق، وبكر بن خلف، والهيثم بن أيوب، وغيرهم.
وقد أكثر ابن المنذر في تفسيره من الرواية من نسخة أحمد بن محمد بن أيوب عن إبراهيم بن سعد عن ابن إسحاق، وعامتها من أقوال ابن إسحاق في التفسير، ومروياته في السيرة.

توفي إبراهيم بن سعد سنة 183هـ، على الراجح، وهو قول ابن سعد وعلي بن المديني وابن حبان.
وقال أبو حسان الزيادي: سنة 184هـ، وهو خطأ.
- قال ابن سعد: (وهو ابن خمس وسبعين سنة).
- وقال علي بن المديني وابن حبان: (وهو ابن ثلاث وسبعين).
وقول ابن سعد موافق لما رواه عبد الله بن الإمام أحمد عن بعض ولد إبراهيم بن سعد أنّ مولده كان سنة 108هـ.

- وقال عبيد الله بن سعيد بن كثير بن عفير المصري، عن أبيه قال: قدم إبراهيم بن سعد الزهري العراق سنة أربع وثمانين ومائة، فأكرمه الرشيد، وأظهر بره، وسئل عن الغناء فافتي بتحليله، وأتاه بعض أصحاب الحديث ليسمع منه أحاديث الزهري، فسمعه يتغنى، فقال: لقد كنت حريصا على أن أسمع منك، فأما الآن فلا سمعت منك حديثا أبدا، فقال: إذا لا أفقد إلا شخصك، علي وعلي إن حدثت ببغداد ما أقمت حديثا حتى أغني قبله! وشاعت هذه عنه ببغداد، فبلغت الرشيد، فدعا به، فسأله عن حديث المخزومية التي قطعها النبي صلى الله عليه وسلم في سرقة الحلى، فدعا بعود، فقال الرشيد: أعود المجمر؟ قال: لا، ولكن عود الطرب فتبسم، ففهمها إبراهيم بن سعد، فقال: لعله بلغك يا أمير المؤمنين حديث السفيه الذي آذاني بالأمس، وألجأني إلى أن حلفت؟ قال: نعم، ودعا له الرشيد بعود، فغناه:
يا أم طلحة إن البين قد أفَدا ... قلَّ الثواء لئن كان الرحيل غدا ).
إلى آخر هذه الحكاية المنكرة، وفيها أن مالك بن أنس كان يضرب بالدف ويغنّي، وقد رواها الخطيب البغدادي في تاريخه، وقال الذهبي: (رواها غير واحد عن أبي بكر محمد بن إسحاق الصفار، قال: حدثنا علي بن الحسن بن خلف بمصر، قال: حدثنا عبيد الله، فذكرها).
والآفة من عبيد الله بن سعيد هذا فإنه ضعيف متكلّم فيه.
قال ابن حبان: (يروى عن الثقات المقلوبات، لا يجوز الاحتجاج به)، وضعفه ابن عدي، واتهمه بعلة حديثين رواهما عن أبيه، وذكره الذهبي في ديوان الضعفاء.
وقد مات إبراهيم بن سعد قبل ذلك التاريخ بسنة، فلم يكن قدومه للعراق في تلك السنة،
فإنه مكث بالعراق مدة، وتولى القضاء ببغداد، وكتب عنه أهل الحديث فأكثروا، وحدّث بها حديثاً كثيراً، يمتنع معه أن يكون إنما قدم العراق في تلك السنة.
بل الأظهر أنه قدم العراق في حياة شعبة بن الحجاج، فقد ذكر أن شعبة كان يدلّ طلاب الحديث عليه.
- قال علي بن الجعد: سألت شعبة بن الحجاج عن حديث لسعد بن إبراهيم، فقال لي: فأين أنت عن ابنه؟
قلت: وأين ذا؟
قال: نازل على عمارة بن حمزة، فأتيته فحدثني عن ابن شهاب، عن أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما، فاتخذ الناس خواتيم.
وعمارة بن حمزة الكاتب كان من أعيان أهل بغداد وكرمائهم، وقد توفي شعبة سنة 160هـ وكان هارون الرشيد ابن إحدى عشرة سنة حين مات شعبة، فكم يكون عمره لمّا قدم إبراهيم بن سعد العراق!!


رد مع اقتباس
  #15  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:57 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

13: عبد العزيز بن أبي حازم سلمة بن دينار المدني(ت:184هـ)

أبو تمام، ويقال: أبو ثمامة، من العبّاد الزهّاد ومن فقهاء المدينة الذين عليهم مدار الفتوى في آخر حياة الإمام مالك وبعده.
- قال ابن سعد: (ولد سنة سبع ومائة).
وقد تفقّه بأبيه، وبشيخه عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة الماجشون، ثمّ انقطع إلى الإمام مالك بعد انتقال ابن الماجشون إلى العراق.
وسمع من موسى بن عقبة، وزيد بن أسلم، وهشام بن عروة، وكثير بن زيد، وسهيل بن أبي صالح، وغيرهم.
وكانت عنايته بالفقه أكثر من عنايته بالحديث وروايته، وعلى ذلك فالرواة عنه كثيرون، وحديثه في الصحيحين وغيرهما من دواوين السنة، وقد وثّقه يحيى بن معين في رواية، والعجلي وابن حبان وغيرهم.
- قال مطرف: كان ابن أبي حازم من جلساء ابن أبي سلمة [ عبد العزيز الماجشون] وكان منقطعا إليه.
قال: فلما أُرسل إلى ابن أبي سلمة فرفع إلى العراق، قال عبد العزيز بن أبي حازم قلت لعبد العزيز بن أبي سلمة: (قد علمتَ ودي لك وانقطاعي إلى ناحيتك، وأنا أحب أن تأمرني برجل أتعلم منه وألزمه وأنت شاخص خارج من المدينة).
قال لي: (ما أعلم أحدا آمرك به تعلَّم منه إلا هذا الأصبحي مالك ابن أنس).
قلت: كيف تأمرني به وبيننا وبينه ما قد علمتَ من التباعد - وإنما ذلك قبل-؟
قال ابن أبي سلمة: (إن كنت إنما تلزمه لنفسه فلا ولا كرامة، وإن كنت إنما تلزمه لنفسك لتنتفع به في دينك وتعلم منه فالزمه).
قال ابن أبي حازم: فلما خرج ابن أبي سلمة ودَّعته وشهدت الصبح، وصليت إلى جنب مالك، فلما أن أسفر- وأنا عن يمينه- نظر في وجهي فرآني؛ فقال: خرج صاحبك؟
فقلت: (نعم يا أبا عبد الله).
قال: (فسكت ما زادني).رواه أبو يوسف الفسوي.
- وقال ابن أبي خيثمة: (سمعت مصعب بن عبد الله يقول: عبد العزيز بن أبي حازم كان فقيها).
- وقال ابن سعد: (كان كثير الحديث، دون الدراوردي).
- وقال أبو طالب عن الإمام أحمد قال: (ابن أبي حازم لم يكن يُعرف بطلب الحديث إلا كتب أبيه، وكان رجلا يتفقَّه، يقال: لم يكن بالمدينة بعد مالك أفقه منه، ويقال: إن سليمان بن بلال أوصى إليه؛ فوقعت كتب سليمان إليه ولم يسمعها، وقد روى عن أقوام لم يُعرف أنه سمع منهم، ولا كاد يعرف بطلب الحديث إلا كتب أبيه فإنهم يقولون سمعها). رواه أبو يوسف الفسوي.
- وقال أبو بكر المروذي: (سمعت أبا عبد الله يُسأل عن عبد العزيز بن أبي حازم، فقيل: كيف هو؟
قال: أما روايته فيرون أنه قد سمع من أبيه، وأما هذه الكتب التي عن غير أبيه فيقولون: إن كتب سليمان بن بلال صارت إليه.
قلت له: وكان يدلسها؟
قال: (ما أدري)
. رواه العقيلي.
- وقال مصعب بن عبد الله الزبيري: (أما ابن أبي حازم فإنه سمع مع سليمان بن بلال؛ فلما مات سليمان أوصى بكتبه إليه؛ فكانت عند ابن أبي حازم قد بال عليها الفأر؛ فذهب بعضها، فيقرأ ما استبان منها، ويدع ما لا يعرف، وقد قرأها علينا، وأما حديث أبيه: فكان يحفظه، فأخذتُ كتاباً فكتبتُ منه حديث أبيه، ولم أسمعه). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال ابن أبي خيثمة: (سمعت يحيى بن معين يقول: ابن أبي حازم ثقة صدوق ليس به بأس).
- وقال في موضع آخر: (سمعت يحيى بن معين يقول لمصعب: ابن أبي حازم ليس بثقة في حديث أبيه).
- قال الذهبي: (بل هو حجة في أبيه، وغير أبيه).
- وقال أبو حاتم الرازي: (صالح الحديث).
- وقال ابن أبي حاتم: قال أبي وأبو زرعة: (ابن أبي حازم أفقه من الدراوردي، والدراوردي أوسع حديثا).
- وقال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار: (عبد العزيز بن أبى حازم مولى أسلم واسم أبى حازم سلمة بن دينار، العابد، من خيار أهل المدينة ومتقنيهم).
- وقال أبو عمر ابن عبد البر: (كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون، وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك).
- وقال الذهبي: (وكان إماما كبير الشأن).
- وقال أحمد بن علي بن مسلم الأبار(ت:290هـ): حدثنا أبو إبراهيم الترجماني قال: قال مالك بن أنس: (قوم يكون فيهم ابن أبي حازم لا يمسهم العذاب). ذكره أبو الوليد الباجي في التعديل والتجريح وابن حجر في تهذيب التهذيب، وللأبّار كتاب في التاريخ مفقود، قال الذهبي: (له تاريخ مفيد رأيته، وقد وثقه الدارقطني، وجمع حديث الزهري).

اختلف في سنة وفاته، والأكثر أنه توفي سنة 184هـ.
- فقال أبو بكر عبد الرحمن بن عبد الملك بن شيبة شيخ البخاري: (مات سنة أربع وثمانين ومائة، وهو ساجد). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال ابن سعد: (مات سنة أربع وثمانين ومائة فجأة بالمدينة يوم الجمعة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم).
- وقال ابن حبان في الثقات: (مات سنة أربع وثمانين ومائة وهو ساجد وله ثنتان وثمانون سنة وقد قيل إنه مات سنة ثمانين ومائة).
- وقال الزبير بن بكار: (توفي ابن أبي حازم يوم الجمعة أول يوم من صفر سنة ثمان وثمانين ومائة). رواه ابن أبي خيثمة.
- قلت: هكذا في المطبوع من تاريخ ابن أبي خيثمة، وفي الانتقاء لابن عبد البر، والتعديل والتجريح لأبي الوليد الباجي نقلاً عنه سنة 185هـ وهو أشبه.
- وقال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار: (مات وهو ساجد سنة ثمانين ومائة، وله ثنتان وثمانون سنة).
قلت: إن صحّ قول ابن سعد أنه ولد سنة 107ه ؛ فهو لم يبلغ الثمانين عند موته على جميع الأقوال.

له مرويات في كتب التفسير المسندة:
روى عن: أبيه، وعن يزيد بن الهاد، وأبي جعفر القارئ، وغيرهم.
وروى عنه: ابن وهب، وسعيد بن منصور، والحميدي، وعبد الله بن نافع، وابن أبي مريم، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وقتيبة بن سعيد، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبو مصعب الزهري، وغيرهم.


رد مع اقتباس
  #16  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:57 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

14: عبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد الدراوردي (ت:186هـ)

هو أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد الدراوردي، فارسي الأصل، مدني المولد والنشأة، طلب العلم وهو صغير، ولقي جماعة من التابعين بالمدينة؛ فسمع منهم حديثاً كثيراً، حتى صار من أوعية العلم بالمدينة.
سمع من زيد بن أسلم، وموسى بن عقبة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي حازم الأعرج، وصالح بن كيسان، وصفوان بن سليم، وسهيل بن أبي صالح، وعبيد الله بن عمر العمري، وأخيه عبد الله، وهشام بن عروة، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن عجلان، وعمرو بن أبي عمرو، وعمرو بن يحيى المازني، ويزيد بن الهاد، وجعفر الصادق، وغيرهم من علماء المدينة.
وروى عنه جماعة من الأئمة منهم: سفيان الثوري وشعبة وهما أقدم منه، وروى عنه عبد الرحمن بن مهدي، والشافعي، وأحمد بن حنبل، ويحيى بن معين، وإسحاق بن راهويه، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، وعبد الله بن الزبير الحميدي، وأبو الوليد الطيالسي، وعبد الله بن وهب المصري، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وإسماعيل بن أبي أويس، ونعيم بن حماد المروزي، ويعقوب الدورقي وغيرهم خلق كثير.

وكان كثير الحديث صاحب كتب؛ فإذا حدّث من كتبه أصاب وجوّد، وإذا حدّث من حفظه ربما غلط، وكان ربما غلبت عليه العُجمة فلحن.
وهو من كبار رواة التفسير، له في كتب التفسير المسندة مرويات كثيرة.
- قال الحميدي: (أخرج إليَّ أصوله، وإذا هي كتب صحاح وأحاديث مستقيمة). رواه الفسوي.
- وقال ابن أبي خيثمة: (سمعت مصعب بن عبد الله يقول: كان مالك بن أنس يوثق الدراوردي، وكان صاحب حديث، وليس صاحب فتوى).
- وقال الفسوي: (سمعت أبا عبد الله يقول: كان الدراوردي كتابُه أصح من حفظه، وكان معروفا بطلب العلم والحديث).
- وقال ابن سعد: (كان كثير الحديث يغلط).
- وقد وثَّقه يحيى بن معين في رواية ابن أبي مريم، وكذلك العجلي.
- وقال ابن أبي خيثمة: (سمعت يحيى بن معين يقول: الدراوردي ليس به بأس).
- وقال أحمد بن حنبل: (الدراوردي معروف بالحديث والطلب وإذا [حدّث] من كتابه فهو صحيح، وإذا حدث من كتب الناس أوهم، وكان يقرأ على الناس من كتبهم فكان يخطئ، وربما قلب أحاديث عبد الله العُمَري يرويها عن عبيد الله بن عمر).
قيل له: لعل قد رواها عبيد الله؟
قال: (عبيد الله كان أثبت من ذلك، وإذا قرأ في كتابه كان صحيحا). رواه الفسوي عن أبي طالب عن أحمد.
- وقال أبو الحجاج المزي: (قال النسائي فيما قرأت بخطه: عبد العزيز الدراوردي ليس بالقوي، وقال في موضع آخر: ليس به بأس، وحديثه عن عبيد الله بن عمر منكر).
- وقال أبو زرعة الرازي: (سيئ الحفظ، فربما حدث من حفظه الشيء فيخطئ).
- وقد أخرج له مسلم في صحيحه، والبخاري لكن في المتابعات، وروى له أصحاب السنن، وحديثه كثير في دواوين السنة.
- وقال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار: (كان عبد العزيز من فقهاء أهل المدينة وساداتهم).

وقد اختلف في اسمه وأصله:
فأما الاختلاف في اسمه فقال ابن سعد: (اسمه عبد العزيز بن محمد بن عبيد بن أبي عبيد، ويكنى أبا محمد).
- وقال البخاري في التاريخ الأوسط: (اسم الدراوردي: عبد العزيز بن محمد بن أبى عبيد).
- وقال ابن أبي خيثمة: (حدثنا إسماعيل بن أبي أويس، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد بن أبي عبيد الدراوردي).

وأما الاختلاف في أصله:
- فقال ابن سعد: (أصله من دراورد، قريةٍ بخراسان).
- وقال البخاري: (من دارأبجرد، وكان جده منها، موضع بفارس).
- وقال الفسوي: (والدراوردي هو من قرية بالأهواز).
- وقال ابن أبي خيثمة: (أبو محمد الدراوردي يقال: إنها قرية بخراسان يقال لها: دراورد، وحدثنا أبو سلمة الخزاعي، قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد الأندراوردي).
- وقال ابن قتيبة: (أصله من دراورد، قرية من خراسان، وقال بعضهم: هو منسوب إلى درابجرد من فارس على غير قياس، والقياس: درابجردى، ولكنه ولد بالمدينة، ونشأ بها).
- وقال ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار: (كان أبوه من دارابجرد موضع بفارس فاستثقلوه؛ فقالوا الدراوردي).
- وقال الطبراني: (حدثنا أحمد بن رشدين، قال: سمعت أحمد بن صالح، يقول: كان الدراوردي من أهل أصبهان، نزل المدينة فكان يقول للرجل إذا أراد أن يدخل: قال: أندرون؟ فلقبه أهل المدينة الدراوردي). رواه أبو نعيم الأصبهاني في تاريخ أصبهان.

وهو مولى لجهينة من قضاعة، وقد وُلد بالمدينة، ونشأ بها.
- قال ابن سعد وخليفة بن خياط: (هو مولى للبرك بن وبرة، أخوه كلب بن وبرة من قضاعة).
- وقال البخاري: (مولى جهينة).
- وقال ابن قتيبة: (مولى قضاعة).

- قال ابن سعد: (ولد بالمدينة ونشأ بها، وسمع العلم والأحاديث بالمدينة، ولم يزل بها حتى توفي).
- وقال الفسوي: (سمعت الحميدي يقول: قدمت المدينة فبدأت بعبد العزيز بن محمد الدراوردي فجاء جماعة من أهل المدينة يلومونني يقولون: (تركت شيخنا أن تبدأ به وتأتيه).
قال: يلومونني فيما فعلت؛ إنما أتيت الدراوردي لأسلم عليه وأكتب عنه شيئا، ويكون اعتمادي على ابن أبي حازم إن شاء الله، وبلغ الدراوردي اجتماع من اجتمع إليَّ فلمَّا رجعت إليه قال: (يا قرشي قد بلغني الذي كان، وقد عزمتُ أن أُخرج إليك كتبي وأصولي لتكتبها وأقرأها عليك).
قال: (فأخرج إليَّ أصوله وإذا هي كتب صحاح وأحاديث مستقيمة).
- وقال ابن أبي خيثمة: (حدثنا الزبير بن بكار، قال: حدثني عياش بن المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: جاء الدراوردي وكان رديء اللسان يلحن لحنا قبيحا.
فقال أبي: ويحك يا دراوردي! أنت كنت إلى صلاح لسانك قبل النظر في هذا الشأن أحوج منك إلى غير ذلك)
.

وقد توفي بالمدينة، واختلف في سنة وفاته على أقوال:
القول الأول: توفي سنة ست وثمانين ومائة، وهو قول البخاري، والزبير بن بكار الزبيري، وابن حبان في الثقات.
- قال ابن أبي خيثمة: (سمعت الزبير بن أبي بكر يقول: توفي الدراوردي في صفر سنة ست وثمانين).
والقول الثاني: توفي سنة سبع وثمانين ومائة، وهو قول ابن سعد، وخليفة بن خياط، وابن قتيبة، واختاره الذهبي.
والقول الثالث: سنة اثنتين وثمانين ومائة، وهو قول ابن حبان في مشاهير علماء الأمصار، وهو خطأ.

له في كتب التفسير المسندة روايات عن زيد بن أسلم، وعمارة بن غزية، وعمرو بن أبي عمرو، وعثمان بن عبيد الله، ومحمد بن عمرو بن علقمة، وداوود بن صالح وغيرهم.
وروى عنه: أحمد بن عبدة الضبي، ونعيم بن حماد، والحميدي، وعبد الملك بن مسلمة، والقاسم بن عمرو العنقزي، وابن أبي مريم، وإسحاق بن إسرائيل، وغيرهم.


رد مع اقتباس
  #17  
قديم 8 جمادى الآخرة 1441هـ/2-02-2020م, 06:58 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

15: المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومي (ت:188هـ)

وهو المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي القرشي
من كبار فقهاء المدينة في آخر حياة مالك بن أنس وبعده.
- روى عن أبيه، وموسى بن عقبة، ومالك بن أنس، ومحمد بن عجلان، وهشام بن عروة، وعبد الله بن عمر العمري، وغيرهم.
وروى عنه: ابنه عياش، وإبراهيم بن حمزة الزبيري، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، ومصعب بن عبد الله الزبيري، وأبو مصعب الزهري، وغيرهم.
- وقال يعقوب بن شيبة: (ثقة، وهو أحد فقهاء أهل المدينة، ومن كان يفتي فيهم). ذكره أبو الحجاج المزي.
- وقال الزبير بن بكار: كان فقيه أهل المدينة بعد مالك بن أنس وعرض عليه أمير المؤمنين الرشيد قضاء المدينة، وجائزة أربعة آلاف دينار فامتنع وأبي أمير المؤمنين إلا أن يلزمه ذلك فقال: والله يا أمير المؤمنين لأن يخنقني الشيطان أحب إلي من أن ألي القضاء فقال الرشيد: ما بعد هذا غاية وأعفاه من القضاء وأجازه بألفي دينار). ذكره ابن عبد البر في الانتقاء، وأبو الحجاج المزي في تهذيب الكمال.
- وقال محمد بن مسلمة المخزومي: قال المغيرة بن عبد الرحمن: (نحن أعلم الناس بالقرآن وأجهلهم به، صيرنا العلم بعظيم قدره إلى الجهل بكثير من معانيه). ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام.
- وقال أبو عمر ابن عبد البر: (كان مدار الفتوى بالمدينة في آخر زمن مالك وبعده على المغيرة بن عبد الرحمن، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، حكى ذلك عبد الملك بن الماجشون، وكان ابن أبي حازم ثالث القوم في ذلك).
- قال ابنه عياش بن المغيرة: (ولد أبي سنة أربع أو خمس وعشرين ومئة ومات يوم الأربعاء لسبع خلت من صفر سنة ست وثمانين ومائة).
- وقال محمد بن سعد: (توفي سنة ثمان وثمانين ومائة)
- وقال الذهبي: (عاش اثنتين وستين سنة، وقد وثقه جماعة، وضعفه أبو داود وحده).
قلت: أبو داوود كان يوثق المغيرة بن عبد الرحمن الحزامي، ويضعّف المخزومي عكس ما رواه عباس الدوري عن يحيى بن معين.
مروياته في كتب التفسير المسندة عزيزة جداً.


رد مع اقتباس
  #18  
قديم 17 جمادى الآخرة 1441هـ/11-02-2020م, 07:50 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

16: أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي (ت:200هـ)

كان من كبار أهل الحديث بالمدينة، ومن أوعية العلم، ولد سنة 104هـ، وأخذ عن جماعة من صغار التابعين منهم: ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وشريك بن أبي نمر، وصفوان بن سليم، وهشام بن عروة، وعبيد الله بن عمر، وشيبة بن نصاح، وأبي حازم الأعرج، وموسى بن عقبة، وصالح بن كيسان، وسهيل بن أبي صالح، وغيرهم.
وأخذ عن بعض كبار أتباع التابعين منهم: جعفر بن محمد، ومحمد بن عجلان، ويونس بن يزيد الأيلي، وابن جريج، وغيرهم.
وقد ذكر الذهبي في معرفة القراء الكبار أنه قرأ على شيبة بن نصاح.
وروى عنه: عبد الله بن وهب، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأبو بكر الحميدي، وإبراهيم بن المنذر الحِزامي، وقتيبة بن سعيد، وغيرهم.
وقد امتدّ به العمر حتى بلغ 96 سنة؛ فأدركه جماعة من الأئمة الحفاظ منهم: أحمد بن حنبل، وعلي بن المديني، وأحمد بن صالح المصري، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم وغيرهم.

- قال دُحيم: سمعت أنس بن عياض يقول: (ولدت سنة أربع ومائة). رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال ابن سعد: (أبو ضمرة واسمه أنس بن عياض الليثي من أنفسهم).
- قال يحيى بن معين: ثقة.
- وقال ابن سعد: (كان ثقة كثير الحديث).
- وقال يونس بن عبد الأعلى: ما رأيت أحداً ممن لقينا أحسن خلقا ولا أسمح بعلمه من أنس بن عياض، ولقد قال لنا مرة: (والله لو تهيأ لي أن أحدثكم بكل ما عندي في مجلس واحد لحدثتكموه). رواه ابن عساكر.
- قال أبو خيثمة زهير بن حرب: قال لنا أنس بن عياض: (أنا أسير الله في أرضه) يعني أنه بلغ تسعين سنة. رواه ابن عساكر.

مات سنة 200 ه على الأرجح.
- وقال دُحيم الدمشقي: (مات أبو ضمرة أنس بن عياض سنة تسع وتسع)رواه ابن عساكر. وهو يعني بعد المائة.
لكن عن دحيم رواية أخرى في تاريخ أبي يوسف الفسوي وأبي زرعة الرازي أنّ أبا ضمرة مات سنة مائتين، ولعلها أرجح؛ فقد قال البخاري: قال لي عبد الرحمن بن شيبة: (مات أنس سنة مائتين).
وهو قول الزبير بن بكار كما في تاريخ ابن عساكر.


رد مع اقتباس
  #19  
قديم 18 جمادى الآخرة 1441هـ/12-02-2020م, 09:18 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

م: أبو معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني (ت:170هـ)

من أهل العلم في المدينة، وكان كيّساً عاقلاً، كثير الحديث، عالماً بالمغازي، وكان روايةً لتفسير محمد بن كعب القرظي، تفقّه بجماعة من التابعين بالمدينة، حتى تصدّر فيها مدّة من الزمن، ثم نقله الخليفة المهدي إلى بغداد سنة 160هـ ليفقّه الناس بها؛ فحدَّث بها حديثاً كثيراً، ووقع في أحاديثه ما يُنكر لسوء حفظه، وكان أميّاً لا يكتب، فلذلك ضعف ضبطه للحديث، وكان أكثر تغيّره قبل أن يموت بسنتين؛ فترك جماعة من أهل الحديث حديثه، ومنهم من كتبه للاعتبار، لكنّه في التفسير والمغازي والرقائق حسن الحال غير متروك.

وقد اختلف في أصله وولائه؛ فقيل: أصله من اليمن، وقيل: من السند، ويُحتمل أن يجتمع الأمران فيكون أصله البعيد من السند، وولادته باليمن إلا إن صحّ عنه أنه من بني حنظلة بن مالك.
واستقرّ ولاؤه لأمّ موسى الحميرية وهي أمّ الخليفة المهدي بن أبي جعفر المنصور، لكن اختلف في أصل دخوله في هذا الولاء:
- فقال داود بن محمد بن أبي معشر: (حدثني أبي أنَّ أبا معشر كان أصله من اليمن، وكان سُبي في وقعة يزيد بن المهلب باليمامة والبحرين). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أبو بكر الحسين بن محمد بن أبي معشر: حدثني أبي، قال: كان اسم أبي معشر قبل أن يُسرق: عبد الرحمن بن الوليد بن هلال؛ فسُرق؛ فبيع بالمدينة؛ فاشتراه قوم من بني أسد؛ فسمَّوه نجيحا، فاشتُري لأم موسى بن المهدي، فأعتقته، فصار ميراثه لبني هاشم، وعقله على حمير.
قال: وكان أبو معشر يذكر أنه من ولد حنظلة بن مالك.
وأخبرني أبي: أنه كان ينتسب حتى يبلغ آدم.
قال: وقال لي: (ولاؤنا في بني هاشم أحبّ إليَّ من نسبي في بني حنظلة). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال الفضل بن هارون البغدادي: سمعت محمد بن أبي معشر، قال: (كان أبي سندياً أخرم خياطا).
قالوا: وكيف حفظ المغازي؟
قال: (كان التابعون يجلسون إلى أستاذه؛ فكانوا يتذاكرون المغازي؛ فحفظ). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: (كان أبو معشر سنديا وكان رجلا أَلْكَن وكان يقول، حدثنا محمد بن قنب يريد بن كعب). رواه ابن عدي في الكامل، "قنب" هكذا في الكامل، وفي مختصر الكامل للمقريزي والمؤتلف والمختلف لابن القيسراني: "قعب".
- وقال محمد بن سعد: (أبو معشر نجيح، وكان مكاتبا لامرأة من بني مخزوم فأدَّى وعتق؛ فاشترت أمّ موسى بنت منصور الحميرية ولاءَه).
- قال الذهبي: (وهذا لا يجوز، وقيل: بل اشترته وأعتقته).
- وقال أبو نعيم الأصبهاني في الضعفاء: (نجيح أبو معشر السندي مدني مولى أم موسى أم المهدي أمير المؤمنين).

نشأ أبو معشر المدني بالمدينة، وكان خيّاطاً، ولأستاذه مجلس يجتمع فيه جماعة من التابعين؛ فحفظ عنهم حديثاً كثيراً.
- قال أبو بكر عبد الحميد بن أبي أويس عن أبي معشر قال:(أما سماعي من المشيخة، فأيام كنت أضرب بالإبرة في حانوت أستاذي كنت أرشّ الحانوت وأكنسه، فكان يجلس إليه: محمد بن كعب، ومحمد بن قيس، وسعيد المقبري، فسمعت منهم مشافهة).رواه أبو زرعة الدمشقي.
- وقال عمرو بن عون الواسطي، عن هُشيم قال: (ما رأيت مدنيا أكيس من أبي معشر). رواه الخطيب البغدادي.
وقال أبو نعيم الفضل بن دكين: (كان أبو معشر كيّسا حافظاً). رواه أبو زرعة الدمشقي.

وقد أخذ أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي علماً كثيراً في التفسير والمغازي، وأخذ عن غيره في المغازي وتبحّر فيها، ويُروى عن أبي معشر كتاب في المغازي لعلّه من إملائه، وهو مفقود.
- وقال محمد بن بكار: حدثنا أبو معشر، قال: (رأيت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يخضب بالحناء وله وفرة). رواه الخطيب البغدادي.
فإن صحّ ذلك فهو من طبقة التابعين.
وأخذ أبو معشر الحديث عن نافع مولى ابن عمر، وسعيد المقبري، ومحمد بن المنكدر، وهشام بن عروة، وغيرهم.
وهو في الحديث مضعَّف عند جماعة من النقّاد لسوء حفظه، واضطرابه في الأسانيد والمتون.
- قال عبد الله بن أحمد بن حنبل في مسائله لأبيه: سألته عن أبي معشر نجيح المدني، قال: (صدوق، ولكنه لا يقيم الإسناد).
- وقال أبو بكر الأثرم: قلت لأبي عبد الله: أبو معشر المدني يكتب حديثه؟
فقال: (عندي حديثه مضطرب، لا يقيم الإسناد، ولكن أكتب حديثه أعتبر به). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال أحمد بن أبي يحيى عن الإمام أحمد قال: (يكتب من حديث أبي معشر أحاديثه عن محمد بن كعب القرظي في التفسير). رواه ابن عديّ في الكامل.
- وقال ابن طهمان عن يحيى بن معين أنه قال: (اكتبوا حديث محمد بن كعب في التفسير، وأما أحاديث نافع وغيرها فليس بشيء، التفسير حسن).
- وقال ابن أبي مريم: سمعت يحيى بن معين يقول: (أبو معشر المديني ضعيف، يُكتب من حديثه الرقاق، وكان رجلاً أمياً، يُتقى أن يُروى من حديثه المسند). رواه ابن عدي في الكامل.
- وقال معاوية بن صالح: سمعت يحيى قال: (أبو معشر نجيح مولى بني هاشم ضعيف إسناده، ليس بشيء، يكتب من حديثه الرقائق). رواه العقيلي في الضعفاء.
- وقال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: (أبو معشر السندي: ليس بشيء، أبو معشر ريح).
- وقال ابن سعد: (كان كثير الحديث ضعيفاً).
- وقال محمد بن عثمان بن أبي شيبة: سألت علي ابن المديني عن أبي معشر المديني، فقال: (كان ذلك شيخا ضعيفا ضعيفا، وكان يحدث عن محمد بن قيس، ويحدث عن محمد بن كعب بأحاديث صالحة، وكان يحدث عن المقبري وعن نافع بأحاديث منكرة). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال محمد بن بكار: (قد كان أبو معشر تغير قبل أن يموت بسنتين تغيرا شديدا حتى إنه كان يخرج منه الريح ولا يشعر بها). رواه ابن أبي خيثمة.
- وقال عبد الرحمن بن مهدي: (كان أبو معشر تعرف وتنكر). رواه البخاري في التاريخ الكبير.
- وقال البخاري: (منكر الحديث).
- وقال أبو حاتم الرازي: (كنت أهاب أحاديثه، حتى رأيت أحمد بن حنبل يحدث عن رجل، عنه أحاديث، فتوسعت بعد في كتابة حديثه).
- وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبي وذكر"مغازي أبي معشر"؛ فقال: (كان أحمد بن حنبل يرضاه، ويقول: كان بصيرا بالمغازي).
- وقال ابن أبي حاتم أيضاً: سئل أبي وأبو زرعة عن أبي معشر المديني؟ فقالا: صدوق، وقال أبو زرعة: (هو صدوق في الحديث وليس بالقوي).
- وقال أبو حفص الفلاس: (أبو معشر ضعيف، ما روى عن محمد بن قيس، ومحمد بن كعب ومشايخه فهو صالح، وما روى عن المقبري، وهشام بن عروة، ونافع، وابن المنكدر رديئة لا تكتب). رواه الخطيب البغدادي.
- وقال ابن عدي: (قد حدث عنه الثوري وهشيم والليث بن سعد وغيرهم من الثقات، وهو مع ضعفه يكتب حديثه).
وأبو معشر المدني صدوق في نفسه غير متّهم بالكذب، وإنما تُكلّم فيه لسوء حفظه، وذكر يحيى بن معين أنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب.
- قال أبو عيسى الترمذي في سننه بعد أن أخرج له حديثاً: (وقد تكلم بعض أهل العلم في أبي معشر من قبل حفظه، واسمه نجيح مولى بني هاشم).
- وقال ابن حبان: (وكان ممن اختلط في آخر عمره، وبقى قبل أن يموت سنين في تغيير شديد، لا يدري ما يحدث به، فكثر المناكير في روايته في اختلاطه، فبطل الاحتجاج به).
- وقال أبو يعلى الخليلي في الإرشاد: (أبو معشر واسمه: نجيح، من أولاد الموالي مدني، وله مكان في العلم والتاريخ، وتاريخه مما يحتج به الأئمة في كتبهم، وضعفوه في الحديث، ولم يتفقوا عليه، وروى عنه الكبراء مثل: ابن المبارك، ويونس المؤدب، ووكيع، وابنه محمد بن أبي معشر، ويتفرد بأحاديث، وأمسك الشافعي عن الرواية عنه).

- وقال ابن شجرة: أخبرني داود بن محمد بن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني، عن أبيه، قال: (قدم المهدي بعد خلافته المدينة في سنة ستين، فأشخصه، يعني: أبا معشر، معه إلى العراق، وأمر له بألف دينار، وقال: تكون بحضرتنا فتفقه من حولنا، فشخص أبو معشر معه إلى مدينة السلام سنة إحدى وستين).رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد.
- وقال الخطيب البغدادي: (وكان المهدي قد أقدمه من مدينة رسول الله، صلى الله عليه وسلم إلى بغداد فلم يزل بها حتى مات، وكان من أعلم الناس بالمغازي).

وهو محلّه الصدق، ولعلّه رفع بالصدق، وقد تكلّم فيه بعض معاصريه واتّهموه فلم يضرّه ذلك.
- قال يزيد بن هارون: سمعت أبا جَزْء نَصْر بن طريف يقول: أبو مَعْشَر أكذب من في السَّماء ومن في الأرض، قلت في نفسي: هذا علمك في الأرض فكيف علمك بالسماء؟ قال يزيد: (فوضع الله أبا جَزْء ورفع أبا مَعْشَر). رواه الخطيب البغدادي في تاريخه.
له مرويات كثيرة في كتب التفسير المسندة أكثرها من روايته عن محمد بن كعب القرظي، وروايته عن القرظي محمولة على أصل القبول ما لم يكن فيها نكارة.
وقد روى عنه: ابنه محمد، والليث بن سعد، وسفيان الثوري، وعبد الله بن المبارك، وعبد الرزاق، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبو ضمرة أنس بن عياض الليثي، وعبد الله بن إدريس الأودي، وأبو نعيم الفضل بن دكين، ووكيع بن الجراح، وأبو الوليد الطيالسي، وأبو يوسف القاضي، وحجاج بن محمد المصيصي، وعبد الله بن نافع، وزيد بن الحباب، ويحيى بن أبي بكير، ويحيى بن صالح الوحاظي،وغيرهم.

وإذا ذكر بكنيته مفرداً فقد يشتبه بأبي معشر زياد بن كليب التميمي الكوفي(ت:117هـ) وهو ثقة ثبت من قدماء أصحاب إبراهيم النخعي فليفرّق بينهما.


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
القراء, طبقات

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:45 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir