المثال الثالث: مرجع الضمير في قوله تعالى: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (6)}
اختلف المفسرون في مرجع الضمير في قوله تعالى: {فزادوهم} على قولين:
القول الأول: عائد على الجنّ، والمعنى أنّ الإنس زادوا الجنّ رهقاً أي إثماً وطغياناً.
وهو معنى قول قتادة
والقول الثاني: عائد على الإنس، والمعنى أنّ الجنّ زادوا الإنس رهقاً أي فَرَقاً وخوفاً وذعراً.
وهو معنى قول الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم.
والمعنيان صحيحان، ولفظ "الرهق" صالح لهما، إذ يدلّ على أنّ كلاً منهما قد أرهق نفسه بتعريضها لما لا يطيق من العذاب، فأما المستعيذون من الإنس فكان عذابهم معجلاً بالخوف والذعر الذي يحصل لهم بجراءة الجنّ عليهم وتلعّبهم بهم.
وأمّا الجنّ فزادهم الإنسُ رهقاً لأنهم باستعاذتهم بهم ورضا الجنّ بأن يُشرك بهم مع الله ازداد الجنّ طغياناً يستحقون به العذاب الشديد من الله تعالى.
وهذا التركيب بديع جداً لأنه دلّ على المعنيين بأوجز عبارة.