دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج الإعداد العلمي العام > المتابعة الذاتية في برنامج الإعداد العلمي > منتدى المستوى السابع

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 9 ذو القعدة 1440هـ/11-07-2019م, 12:08 AM
إدارة برنامج الإعداد العلمي إدارة برنامج الإعداد العلمي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2019
المشاركات: 2,071
Post التطبيق الأول من دورة أصول القراءة العلمية

التطبيق الأول من دورة أصول القراءة العلمية

التطبيقات:
بعد قراءة الدرس وتأمّل الأمثلة أودّ أن يؤدي الطالب تطبيق واحد من التطبيقات التالية:
التطبيق الأول: تلخيص مقاصد "الرسالة التبوكية" لابن القيم.
التطبيق الثاني:تلخيص مقاصد رسالة "الفرق بين العبادات الشرعية والعبادات البدعية" لشيخ الإسلام ابن تيمية.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11 ذو القعدة 1440هـ/13-07-2019م, 07:53 PM
هدى هاشم هدى هاشم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 534
افتراضي

تلخيص مقاصد الرسالة التبوكية لابن القيم
أولا: عرض لمسائل الرسالة:
- البدء بحمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على رسوله الكريم.
- أمر الله لعباده بالتعاون على البر والتقوى "وتعاونوا على البر والتقوى":
فقد اقتضت حكة الله جعل النوع الإنساني قائما على بعضه ببعض، معينا بعضه لبعض، ويتضمن هذا صحبة الخلق تعاونا على مرضاة الله وطاعته، ولذلك مراتب أربعة جمعها الله في سورة العصر، وهي:
1. العلم بما أمرنا به الله وما نهانا عنه في الكتاب والسنة "إن هو إلا وحي يوحى".
2. العمل بما ورد في الكتاب والسنة أمرا ونهيا.
3. الدعوة إلى الله على بصيرة وبإخلاص لله وحده.
4. الصبر وجهاد النفس ضد ما يواجهها من صعوبات ومشاق.
ولا تتحقق هذه الصحبة إلا إذا آثر العبد طاعة الله وتجنب معصيته، والقيام لله إخلاصا ومحبة وعبودية.
- البر والتقوى جماع الدين:
البر هو الكمال المطلوب من الشيء، أو هو اسم جامع للخير والمنافع فيه، وهو يتضمن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والشرائع الظاهرة كالصلاة والصيام، والأعمال القلبية كالمحبة والخشية، أما التقوى فيقصد بها العمل بطاعة الله أمرا ونهيا ايمانا واحتسابا، فالإيمان هو الباعث على التقوى، وغاية التقوى الثواب ورضا الله وهو مفهوم الاحتساب، أي أن البر مطلوب لذاته والتقوى هي الطريق الموصلة إلى البر.
- أمر الله عباده بعدم التعاون على الإثم والعدوان "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان":
الإثم: اسم جامع للشر والعيوب التي يذم عليها العبد، وهو ما كان حراما لجنسه كالزنا والخمر، أما العدوان فهو تعدي حدود الله أي النهايات الفاصلة التي وضعها لتفصل بين الحلال والحرام.
- الهجرة نوعان:
1. هجرة بالجسد من بلد إلى بلد.
2. هجرة بالقلب إلى الله ورسوله.
- مفهوم الهجرة إلى الله:
الهجرة إلى الله هي الهجرة الحقيقية، وهي مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله فيها يفر العبد من عبودية غير الله إلى عبودية الله وحده "ففروا إلى الله"، فالفرار إلى الله يتضمن إفراده وحده جل وعلا بالعبادة إنقطاع تعلق القلب بغير الله فتكتمل أركان العبودية الثلاثة: الحب والخوف والرجاء، وقد كان دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك"، وتعبير "منك إليك" إثبات القدر وبالتالي توحيد الربوبية.
- مفهوم الهجرة إلى رسول الله:
الهجرة إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه هي هجرة إلى المحجة البيضاء والمنهج القويم والصراط المستقيم الذي وضحه لنا أتم التوضيح، حتى لو كان سالكه غريبا منفردا في طريق طلبه "أنت الجماعة ولو كنت وحدك". الحد الواضح لها هو سفر الفكر في كل مسألة أو نازلة إلى سنته، وهي مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله، فيعلم العبد أنه عليه الصلاة والسلام أولى به من نفسه وأنصح له منها، فتنقاد كل ذرة من قلبه ولا سعادة له إلا بهذا الانقياد والتسليم. ومن أدلة ذلك : قوله تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" والمعنى في الآية مؤكد بخمس مؤكدات: التصدير بلا النافية، القسم، إقسام الله بنفسه لا بشيء من مخلوقاته، تأكيد نفي الحرج ووجود التسليم، وأخيرا تأكيد الفعل بالمصدر. وقوله: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم"، فهو عليه الصلاة والسلام أحب للعبد من نفسه ومن لوازم هذه المحبة كمال الإنقياد والرضى والتسليم، ومن استبانت له سنة الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن له أن يدعها لقول أحد، وطاعة الرسول مفردة ومقرونة، فلا يتوهم متوهم أن ما يأمر به الرسول إن لم يكن في القرءان فلا تجب طاعته. ومن دعا عند النزاع إلى تحكيم غير الله ورسوله فقد دعا بدعوى الجاهلية.
- ثمار طاعة الله ورسوله:
طاعة الله وطاعة رسوله ورد الحكم إلى الكتاب والسنة سبب السعادة للعبد عاجلا وآجلا، ومن لم يتبع الوحي فإنما اتبع الباطل والهوى، وفي هذا ينقسم العباد إلى سعداء وأشقياء:
1. الأتباع السعداء هم أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة.
2. الأتباع والمتبوعين الأشقياء هم المشتركين في الضلالة فكل عمل كان لهم في الدنيا لغير وجه الله وعلى غير هدي نبيه يجعله الله يوم القيامة هباء منثورا.
- أعظم التعاون على البر والتقوى يكون على الهجرة إلى الله ورسوله مساعدة ونصيحة وإرشادا:
يكون العبد في افتقار والتجاء دائم إلى الله، وتهون نفسه في سبيل الله، مع دوام التفكر والتدبر في آيات الله الكونية والشرعية، ولا يصغي في الحق إلى لومة لائم ويصبر وإنما الصبر بالتصبر، ويحتاج القلب في هجرته إلى الرفيق المؤنس له لكن عدم وجوده لا يمنعه من الهجرة وحيدا غريبا وطوبى للغرباء.
.............................................................................................................................................................................................................
ثانيا: المقاصد الفردية:

1. توضيح مفهوم البر والتقوى والفرق بينهما وأنهما جماع الدين.
2. توضيح مفهوم الإثم والعدوان والفرق بينهما.
3. أمر الله لعباده بالتعاون على البر والتقوى ونبذ التعاون على الإثم والعدوان.
4. بيان مفهوم الهجرة إلى الله عز وجل وعلاقتها بتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية.
5. بيان مفهوم الهجرة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ومنزلة سنته.
6. منازل العباد في تلقي الوحي والعمل به.
7. العبد مأمور بالاحتكام إلى الكتاب والسنة وما أتى به النقل فلا سبيل لتحكيم العقول المتباينة فيه.
8. عدم العلم بألفاظ القرءان ودلالتها له مفسدتين: إدخال في مسمى اللفظ ما ليس منه، و إخراج من مسماه بعض أفراده الداخلة فيه.
...............................................................................................................................................................................................................
ثالثا: المقصد العام:

الهجرة إلى الله ورسوله فرض عين على كل أحد وفي كل وقت، وهي من أعظم صور التعاون بين العباد على البر والتقوى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 16 ذو القعدة 1440هـ/18-07-2019م, 10:17 PM
سليم سيدهوم سليم سيدهوم غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Aug 2011
الدولة: ليون، فرنسا
المشاركات: 1,087
افتراضي

تلخيص العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية

المقصد العام من الكتاب بيان ما هو مشروع من العبادات سواء كانت واجب، أو مستحبة وما ليس كذلك.

الفصل الاول، تحته مقاصد فرعية:
المقصد الاول: بيان وجوب اتباع الصراط المستقيم:
ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أن أصل الدين أن الحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله، وأنه كثر الاضطراب في هذا الباب كما كثر في باب العبادات.
ومن الأدلة على وجوب الصراط المستقيم حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطا خطا ثم خطا خطوطا عن يمينه، وعن شماله فقال: " هذا سبيل الله وهذه سبل وعلى كل سبيل شيطان يدعوا إليه" ثم قرأ: { و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}.
و قد ذم لله الذين أحلوا ما حرمه وحرموا ما أحل، فقال تعالى: { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}.

المقصود ثاني: تعريف كلمة المشروع:
ذكر المصنف - رحمه الله - حدا للمشروع اتفقت عليه الأمة كلها قبل الشروع في ذكر حد القدر المشروع من العبادات.
المشروع المتفق عليه هو: كل ما يتقرب به إلى الله، وهو سبيل الله، وهو الخير، والحسنات، و الطاعة، والمعروف، والبر، و طريق السالكين، و منهاج القاصدين، و العابدين.

المقصد الثالث: ذكر أصول العبادات الدينية: الصلاة، والصوم، والقراءة.
ومن الأدلة على ذلك: حديث الخوارج الذي في الصحيحين: " يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القران لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" فذكرها لأنها كانت هي المعروفة

المقصد الرابع: حد القدر المشروع من العبادات:
أشار المصنف الى أن العبادة البدعية تضاهي العبادة الشرعية وليست منها.
مثال ذلك الخلوات فإنها تشتبه بالاعتكاف الشرعي وليست منه.
و شبهه القوم في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتحدث في غار حراء قبل الوحي.
وهذا خطأ منهم؛ فإننا مأمورون باتباعه - صلى الله عليه وسلم - فيما شرعه بعد النبوة، و لم يصعد إليها، و لم يقصدها لما اقام بمكة في حجة الوداع و عمرة القضاء.
المقصد الخامس: أن من سلك هذه العبادات البديعية تتنزل عليهم الشياطين؛ لأنهم خرجوا عن شريعة محمد - صلى الله عليه و سلم- التي أمروا بها، ثم منهم – أي : أصحاب الخلوة- من يتمسك بجنس العبادات المشروعة، لكنهم يخرجون عن حد المشروع، كحال من يكرر لفظ الجلالة أو " هو"، و هذا بدعة في الشرع، و خطأ في العقل، و اللغة؛ فإن الاسم المفرد ليس كلاما لا إيمانا، و لا كفرا.
و قد وصل بعضهم إلى أنهم لا يقصدون به الذكر، و إنما يريدون جمع القلب على شيء معين حتى يستعد النفس لما يرد عليها، بل آل الأمر ببعضهم إلى أن قالوا: ليس قصدنا إلا اجمع النفس باي شيء كان ومنهم من قال اذا كان قصدي ومقصود وقاص دون فجعل الجميع واحدا فيدخل في اول وحده الوجود.
المقصد السادس ابطال القول بان يحصل للأنبياء من العلم وغيره فإنما هو من العقل الفعال وذلك من وجوه:
ان العقل الفعال لا حقيقه له
الوجه الثاني انما يجعله الله في قلوب العباد يكون تارة بواسطه الملائكة ان كان حقا وتاره بواسطه الشياطين ان كان باطلا وكل من الملائكة والشياطين احياء ناطقون
و هؤلاء يزعمون ان الملائكة والشياطين صفات لنفس الانسان فقط وهذا ضلال عظيم
الوجه الرابع: ان الملائكة جاءت الى الانبياء من ربهم بالوحي وليس مجرد الفيض كما يزعم هؤلاء.
الوجه الخامس: ان الذي فرها قلبه من كل شيء تولاه الشياطين، و إنما منعهم من الدخول إلى قلب العبد ما قام فيه من ذكر الله، كما قال – تعالى -: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين}.
و الوجه السادس: أن هذه الطريقة لو كانت صحيحة، فهي في حق من لم يأته رسول، أما من جاءه رسول فيجب عليه اتباعه، فلو فرض أنه طريق سلكه بعض الرسل، فهو منسوخا بشريعة خاتمهم – صلى الله عليه و سلم-، كيف و قد علم أنها طريقة جاهلية لم يأت بها أحد من الأنبياء.
و الوجه السابع: أن العلوم لو كانت تنزل على القلوب من النفس الفلكية كما يزعم هؤلاء، فلا فرق بين الناظر، و المستدل، و المفرغ قلبه، فتمثيل ذلك بنقش أهل الصين، و الروم على تزويق الحائط باطل، و ذلك أن الذي فرغ قلبه لم يكن هناك قلب آخر يحصل له به التحلية كما يحصل لهذا الحائط من هذا الحائط.

ثم أتى – رحمه الله – بفصل آخر، و المقصد منه: أن أصحاب الخلوات لما قصدوا أماكن ليس فيها أذان، و لا إقامة، و لا مسجد يصلى فيه حصل لهم أحوال شيطانية ظنوها كرامات رحمانية.

ثم أتى بفصل آخر قصد فيه ذكر الضابط في معرفة القدر المشروع من العبادات، و هو: الدليل الشرعي.
و ذلك أنه يجب علينا الإيمان بما جاء به الأنبياء، و الاقتداء بهم، و بهداهم, و النبي - صلى الله عليه و سلم- آخرهم، و خاتمهم، و قد نسخ بشرعه ما نسخه من شرع غيره
فلم يبق طريق إلى الله إلا اتباعه – صلى الله عليه و سلم-.
فالمشروع هو: ما أمر به أمر إيجاب، أو استحباب، و كذلك ما رغب فيه، و ذكر ثوابه، و فضله.
ثم ختم هذه الرسالة بفصل، و تحته عدة مقاصد:
المقصد الأول: أن الأماكن التي تقصد بعينها للعبادة إلا المشاعر،، و لا مكان يقصد للصلاة إلا المساجد، و على هذا قلا يجوز أن يقصد مكان بعينه مع عدم ما يدل على أنه يقصد بعينه كمنى، و مزدلفة، و عرفة، فإنها أماكن يقصد بعينها بالذكر، و الدعاء، و التكبير لا الصلاة.
و المقصد الثاني: أن الشيطان لما تولى أصحاب العبادات البدعية، و زين لهم بدعهم، فإنه لا يكتفي بذلك، بل يبغض إليهم السبل الشرعية حتى يبغضهم في العلم، و القرآن، و الحديث، و قد يبغض إليهم حتى الكتاب، فلا يحبون كتابا، و لا من معه كتاب.
و المقصد الثالث: أنهم لما اشتعروا بأن من اعتنى بالشرع، و القرآن، و العلم، و الكتب يخالف طريقهم هربهم شياطينهم من هذا، و مما زينت لهم طريقهم أنهم لما وجدوا كثيرا ممن اشتغل بالعلم معرضين عن عبادة الله، فصار وجود هؤلاء مما ينفرهم، و قالوا: ليسوا على شيء كما أن هؤلاء قالوا عن أولئك: ليسوا على شيء.
و المقصد الرابع: أن أصحاب هذه العبادات قد يظنون أنه يحصل لهم بطريقهم أعظم مما يحصل في الكتب، كأن يأخذ عن الله بلا واسطة، و الجواب عن هذا من وجهين:
- الوجه الأول: أن نقول لهم: من أين لكم أن هذا من الله لا من الشيطان؛ فإن هذه الأحوال قد تكون شيطانية، و قد تكون رحمانية، و ما دام أن جنس هذه الأحوال مشتركا بين أهل الحق، و أهل الباطل فلا بد من دليل يبين لنا أنكم على الحق.
- و الوجه الثاني: أن نقول لهم: أنتم على باطل؛ لأنا نظرنا ما حصل لكم، و إلى سببه، و غايته، فوجدنا أن السبب عبادة غير شرعية، فلا يمكن أن الذي حصل لكم كرامات رحمانية، لمخالفتكم لما جاء به النبي - صلى الله عليه و سلم-.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 17 ذو القعدة 1440هـ/19-07-2019م, 07:15 AM
د.محمد بشار د.محمد بشار غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 265
افتراضي

الرسالة التبوكية ( لابن القيم )


أ. تفسير قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].
وقد اشتملَت هده الآية على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم؛ فكلُّ عبد عليه واجبان:
الأول: واجب بينه وبين الخلق:﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾.
الآخر: واجب بينه وبين الله: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾.
ب. دلالات الألفاظ: المطابقة - التضمُّن - اللزوم.
ج. قاعدة: بعض الألفاظ إذا اجتمعت افترَقت، وإذا افترقت اجتمَعت.
د. شواهد للقاعدة: الإسلام والإيمان، الإيمان والعمل الصَّالح، الفقير والمسكين، الفسوق والعصيان، المنكر والفاحشة.
هـ. تنطبق هذه القاعدة - أيضًا - على البرِّ والتقوى، وأن كلًّا منهما عند الانفراد يشمل الآخر.
و. معنى البر والتقوى عند الاقتران والانفراد.
ز. مفاسد عدَم فهم ألفاظ القرآن ودلالته.
ح. لا يتمُّ للعبد أداء الواجبين إلَّا بما قرَّره الشيخ عبدالقادر الجيلاني: كن مع الحقِّ بلا خلقٍ، ومع الخلق بلا نفسٍ، ومَن لم يكن كذلك، لم يزل في تخبيطٍ، ولم يزل أمرُه فُرطًا.
ط. سبب تأليف الإمام ابن القيم للرسالة، وزمان كتابتها.

الهجرة:
أ. بالجسم من بلدٍ إلى بلد [تُبحث في علم الفقه]: لا تجب على كلِّ إنسان.
ب. بالقلب إلى الله ورسوله [تبحث في علم السلوك والأخلاق]: تجب على كلِّ إنسان.
أولًا: هجرة القلب إلى الله تعالى [الفرار من الله إليه]:
أ. الفرار من الله [متضمن توحيد الربوبيَّة وإثبات القدر] إليه [متضمن توحيد الألوهية].
ب. تقوى وتضعُف بحسب داعي المحبَّة.
ج. أهمية هِجرة القلب بالنسبة لهجرة الجسم.

ثانيًا: هجرة القلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أ. قلَّة السالكين وغربتهم.
ب. حد الهجرة إلى رسول الله.
ج. مَن ينتفع بهذه الهجرة.
د. الهجرة القلبيَّة فرض على كلِّ مسلم، وهي مقتضى الشهادتين، ويُسأل كلُّ عبد عنها في الدُّور الثلاث.
هـ. الفرق بين علم الحب وحال الحب.
و. تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع مَوارد النِّزاع وانشراح الصدور بحكمه.

في الهجرة إلى الله ورسوله
لما فصل عير السفر واستوطن المسافر دار الغربة وحيل بينه وبين مألوفاته وعوائده المتعلقة بالوطن ولوازمه ، أحدث له ذلك نظراً فأجال فكره في أهم ما يقطع به منازل السفر إلى الله ، ويُنفق فيه بقية عمره فأرشده من بيده الرشد إلى أن أهم شئ يقصده إنما هو الهجرة إلى الله ورسوله ، فإنها فرض عين على كل أحد في كل وقت ، وأنه لا انفكاك لأحد عن وجوبها وهي مطلوب الله ومراده من العباد ، إذ الهجرة هجرتان :

الهجرة الأولى : هجرة بالجسم من بلد إلى بلد ، وهذه أحكامها معلومة وليس المراد الكلام فيها .

والهجرة الثانية الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله ، وهذه هي المقصودة هنا . وهذه الهجرة هي الهجرة الحقيقية وهي الأصل وهجرة الجسد تابعة لها .

وهي هجرة تتضمن ( من ) و ( إلى ) فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته ، ومن عبودية غيره إلى عبوديته ، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه ، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذل له والاستكانة له ، وهذا بعينه معنى الفرار إليه قال تعالى : { ففروا إلى الله } ، والتوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه .

وتحت ( من ) و( إلى ) في هذا سر عظيم من أسرار التوحيد ، فإن الفرار إليه سبحانه يتضمن إفراده بالطلب والعبودية ولوازمها فهو متضمن لتوحيد الإلهية التي اتفقت عليها دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

أما الفرار منه إليه فهو متضمن لتوحيد الربوبية وإثبات القدر ، وأن كل ما في الكون من المكروه والمحذور الذي يفر منه العبد فإنما أوجبته مشيئة الله وحده ، فانه ما شاء كان ووجب وجوده بمشيئته ، وما لم يشأ لم يكن ، وامتنع وجوده لعدم مشيئته . فادا فر العبد إلى الله فإنما يفر من شئ إلى شئ وجد بمشيئة الله وقدره فهو في الحقيقة فار من الله إليه .

ومن تصور هذا حق تصوره فهم معنى قوله ﷺ : " وأعوذ بك منك " وقوله : " لا ملجأ ولا منجى منك ألا إليك " ، فانه ليس في الوجود شئ يفر منه ويستعاذ منه ويلتجأ منه إلا هو من الله خلقاً وإبداعا . فالفار والمستعيذ : فار مما أوجده قدر الله ومشيئته وخلقه إلى ما تقتضيه رحمته وبره ولطفه وإحسانه ، ففي الحقيقة هو هارب من الله إليه ومستعيذ بالله منه ، وتصور هذين الأمرين يوجب للعبد انقطاع تعلق قلبه عن غيره بالكلية خوفاً ورجاء ومحبة فإنه إذا علم أن الذي يفر منه ويستعيذ منه إنما هو بمشيئة الله وقدرته وخلقه لم يبق في قلبه خوف من غير خالقه وموجده فتضمن ذلك إفراد الله وحده بالخوف والحب والرجاء ، ولو كان فراره مما لم يكن بمشيئة الله وقدرته لكان ذلك موجباً لخوفه منه ، مثل من يفر من مخلوق آخر أقدر منه فانه في حال فراره من الأول خائف منه حذرا أن لا يكون الثاني يفيده منه بخلاف ما إذا كان الذي يفر إليه هو الذي قضي وقدر وشاء ما يفر منه ، فانه لا يبقى في القلب التفات إلى غيره .

فتفطن إلى هذا السر العجيب في قوله : " أعوذ بك منك " و " لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك " فإن الناس قد ذكروا في هذا أقوالاً وقل من تعرض منهم لهذه النكته التي هي لبّ الكلام ومقصوده وبالله التوفيق

فتأمل كيف عاد الأمر كله إلى الفرار من الله إليه وهو معنى الهجرة إلى الله تعالى ، ولهذا قال النبي ﷺ : " المهاجر من هجر ما نهى الله عنه " . ولهذا يقرن الله سبحانه بين الإيمان والهجرة في غير موضع لتلازمهما واقتضاء أحدهما للآخر .

والمقصود أن الهجرة إلى الله تتضمن : هجران ما يكرهه وإتيان ما يحبه ويرضاه ، وأصلها الحب والبغض ، فان المهاجر من شئ إلى شئ لابد أن يكون ما هاجر إليه أحب مما هاجر منه ، فيؤثر احب الأمرين إليه على الآخر . وإذا كان نفس العبد وهواه وشيطانه إنما يدعوانه إلى خلاف ما يحبه ويرضاه ، وقد بلي بهؤلاء الثلاث ، فلا يزالون يدعونه إلى غير مرضاة ربه ، وداعي الإيمان يدعوه إلى مرضاة ربه فعليه في كل وقت أن يهاجر إلى الله ولا ينفك في هجرته إلى الممات .

وهذه الهجرة تقوى وتضعف بحسب داعي المحبة في قلب العبد ، فإن كان الداعي أقوى كانت هذه الهجرة أقوى وأتم وأكمل . وإذا ضعف الداعي ضعفت الهجرة حتى لا يكاد يشعر بها علماً ، ولا يتحرك لها إرادة .

والذي يقضي منه العجب : أن المرء يوسع الكلام ويفرغ المسائل في الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام وفي الهجرة التي انقطعت بالفتح ، وهذه هجرة عارضة ، ربما لا تتعلق به في العمر أصلاً وأما هذه الهجرة التي هي واجبة على مدى الأنفاس فإنه لا يحصل فيها علما ولا إرادة وما ذاك إلا للإعراض عما خلق له ، والاشتغال بما لا ينجيه وحده عما لا ينجيه غيره . وهذا حال من عشت بصيرته وضعفت معرفته بمراتب العلوم والأعمال . والله المستعان ، وبالله التوفيق ، لا اله غيره ولا رب سواه .

وأما الهجرة إلى رسول الله ﷺ فعلم لم يبق منه سوى اسمه ، ومنهج لم تترك بنيَّات الطريق سوى رسمه ، ومحجة سفَت عليها السوافي فطمست رسومها ، وغارت عليها الأعادي فغّورت مناهلها وعيونها ، فسالكها غريب بين العباد ، فريد بين كل حي وناد ، بعيد على قرب المكان ، وحيد على كثرة الجيران ، مستوحش مما به يستأنسون ، مستأنس مما به يستوحشون ، مقيم إذا ظعنوا ، ظاعن إذا قطنوا ، منفرد في طريق طلبة ، لا يقر قراره حتى يظفر بأربه ، فهو الكائن معهم بجسده ، البائن منهم بمقصده ، نامت في طلب الهدى أعينهم ، وما ليل مطيته بنائم ، وقعدوا عن الهجرة النبوية ، وهو في طلبها مشمر قائم ، يعيبونه بمخالفة آرائهم ، ويزرون عليه ازراءه على جهالاتهم وأهوائهم ، قد رجموا فيه الظنون ، وأحدقوا فيه العيون ، وتربصوا به ريب المنون { فتربصوا إنَّا معكم متربصون } ، { قال رب احكم بالحق ، وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون } .

والمقصود : أن هذه الهجرة النبوية شانها شديد . وطريقها على غير المشتاق بعيد .

بعيد على كسلان أو ذي ملالة * أما على المشتاق فهو قريب

ولعمر الله ما هي إلا نور يتلألأ ، ولكن أنت ظلامه ، وبدر أضاء مشارق الأرض ومغاربها ، ولكن أنت غيمه وقتامه ومنهل عذب صاف وأنت كدره ، ومبتدأ لخير عظيم ولكن ليس عندك خبره .

فاسمع الآن شأن هذه الهجرة والدلالة عليها ، وحاسب ما بينك وبين الله ، هل أنت من الهاجرين لها أو المهاجرين إليها ؟

فجد هذه الهجرة : سفر النفس في كل مسالة من مسائل إلايمان ، ومنزل من منازل القلوب ، وحادثة من حوادث إلاحكام إلى معدن الهدى ، ومنبع النور الملتقى من فم الصادق المصدوق الذي { لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } فكل مسألة طلعت عليها شمس رسالته ، وإلا فاقذف بها في بحر الظلمات ، وكل شاهد عدله هذا المزكى وإلا فعُده من أهل الريب والتهمات . فهذا حد هذه الهجرة .

فما للمقيم في مدينة طبعه وعوائده ، القاطن في دار مرباه ومولده ، القائل : إنا على طريقة آبائنا سالكون ، وإنا بحبلهم متمسكون ، وأنا على آثارهم مقتدون ، وما لهذه الهجرة التي كلت عليهم ، واستند في طريقة نجاحه وفلاحه إليهم ، معتذراً بأن رأيهم خير من رأيه لنفسه ، وأن ظنونهم وآراءهم أوثق من ظنه وحدسه ، ولو فتشت عن مصدر مقصود هذه الكلمة لوجدتها صادرة عن الإخلاد إلى ارض البطالة متولدة بين الكسل وزوجه الملالة .

والمقصود : أن هذه الهجرة فرض على كل مسلم ، وهي مقتضى " شهادة أن محمدا رسول الله ﷺ " كما أن الهجرة الأولى مقتضى " شهادة أن لا إله إلا الله " وعن هاتين الهجرتين يسأل كل عبد يوم القيامة وفي البرزخ ، ويطالب بها في الدنيا ودار البرزخ ودار القرار.

قال قتادة : " كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون : ماذا كنتم تعبدون ومإذا اجبتم المرسلين ؟ " .

وهاتان الكلمتان هما مضمون الشهادتين وقد قال تعالى { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسملوا تسليما } فأقسم سبحانه بأجل مقسم به - وهو نفسه عز وجل - على أنه لا يثبت لهم الإيمان ، ولا يكونون من أهله ، حتى يحكموا رسول الله ﷺ في جميع موارد النزاع في جميع ابواب الدين . فإن لفظة " ما " من صيغ العموم فإنها موصلة تقتضي نفي الإيمان أو يوجد تحكيمه في جميع ما شجر بينهم . ولم يقتصر على هذا حتى ضم إليه انشراح صدورهم بحكمه حيث لا يجدون في أنفسهم حرجاً - وهو الضيق والحصر - من حكمه ، بل يقبلوا حكمه بالإنشراح ، ويقابلوه بالتسليم لا أنهم يأخدونه على إغماض ، ويشربونه على قذى ، فإن هذا مناف للإيمان ، بل لابد أن يكون أخذه بقبول ورضا وانشراح صدر .

حكم الأتباع والمتبوعين:
أ. الأتباع والمتبوعون المشتركون في الضلالة:
- ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 66 - 68].

- ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ * قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 37 - 39].

المتبوعون صالحون والأتباع:
1. أشقياء: [المخالفون لمتبوعيهم، العادلون عن طريقتهم الذين يزعمون أنهم لهم تبع وليسوا متبعين لطريقتهم؛ مثل: النصارى].

• ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 166، 167].

سعداء: نوعان:
أتباع لهم حكم الاستقلال:
[التابع له من الأعمال ما يؤهِّله للجنة؛ الصحابة والتابعون لهم بإحسان].
﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100].

ليس لهم حكم الاستقلال:
[أتباع المؤمنين من ذريتهم الذين لم يثبت لهم حكم التكليف في دار الدنيا، وإنما هم مع آبائهم تبع لهم].
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الطور: 21].

أقسام الخلائق بالنِّسبة إلى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وما بعثه الله به من الهدى.
من أعظم التعاون التعاونُ على البرِّ والتقوى، والتعاون على سفر الهجرة إلى الله والرسول.
زاد السفر: [العلم الموروث من خاتم الأنبياء]، وطريقه: [بذل الجهد واستفراغ الوسع]، ومركبه: [صدق اللُّجء إلى الله].
- ورأس الأمر وعموده في ذلك إنَّما هو دوام التفكُّر وتدبُّر آيات الله؛ حيث تستولي على الفكر وتشغل القلب.
-. كيف تَدبُّرُ القرآن وتفهُّمُه والإشرافُ على عجائبه وكنوزِه؟ مثال: آيات من سورة الذاريات.
-الرفيق والطريق: طلب الرَّفيق لسفَر الهجرة، ومواصلة السير، ولو وحيدًا غريبًا.
- شتَّان بين أقوامٍ موتى تحيا القلوب بذِكرهم، وبين أقوامٍ أحياءٍ تموت القلوب بمخالطتهم.
-وقد كان يُغني من كثير من هذا التطويل ثلاثُ كلماتٍ كان يكتب بها بعضُ السلف إلى بعض، وهي: "من أصلح سَريرتَه، أصلح اللهُ علانيتَه، ومن أصلَح ما بينه وبين الله، أصلَح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته، كفاه الله مَؤُونةَ دنياه".

معنى البر والتقوى
وقد جمع الله خصال البر في قوله تعالى : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } .

فأخبر سبحانه أن البر هو الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وهذه هي أصول الإيمان الخمس التي لا قوام للإيمان إلا بها ، وأنها الشرائع الظاهرة من إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنفقات الواجبة ، وأنها الأعمال القلبية التي هي حقائقه من الصبر والوفاء بالعهد فتناولت هده الخصال جميع أقسام الدين حقائقه وشرائعه والأعمال المتعلقة بالجوارح والقلب وأصول الإيمان الخمس . ثم أخبر سبحانه عن هذا أنها هي خصال التقوى بعينها فقال : { أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } .

وأما التقوى فحقيقتها العمل بطاعة الله إيماناً واحتساباً ، أمراً ونهياً ، فيفعل ما أمر الله به إيمانا بالأمر وتصديقا بوعده ، ويترك ما نهى الله عنه إيماناً بالنهي وخوفاً من وعيده ، كما قال طلق بن حبيب : " إذا وقعت الفتنة فاطفئوها بالتقوى " قالوا : وما التقوى ؟ قال : " أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله " .

وهذا أحسن ما قيل في حد التقوى .

فان كل عمل لابد له من مبدأ وغاية ، فلا يكون العمل طاعة وقربة حتى يكون مصدره عن الإيمان فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض ، لا العادة ولا الهوى ولا طلب المحمدة والجاه وغير ذلك بل لابد أن يكون مبدؤه محض الإيمان وغايته ثواب الله وابتغاء مرضاته وهو الاحتساب . ولهذا كثيرا ما يُقرن بين هذين الأصلين في مثل قول النبي ﷺ : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا " و " ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً " ونظائره .

فقوله : " على نور من الله " إشارة إلى الأصل الأول وهو الإيمان الذي هو مصدر العمل والسبب الباعث عليه .

وقوله : " ترجو ثواب الله " إشارة أن الأصل الثاني وهو الاحتساب وهو الغاية التي لأجلها يوقع العمل ولها يقصد به .

ولا ريب أن هذا اسم لجميع أصول الإيمان وفروعه ، وأن البر داخل في هذا المسمى .

وأما عند اقتران أحدهما بالآخر كقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } فالفرق بينهما فرق بين السبب المقصود لغيره والغاية المقصودة لنفسها ، فان البر مطلوب لذاته ، إذ هو كمال العبد وصلاحه الذي لا صلاح له بدونه كما تقدم . وأما التقوى فهي الطريق الموصل إلى البر والوسيلة إليه ولفظها يدل على هذا فإنها فعلى ، من وقى تقي ، وكان أصلها وقوى ، فقلبوا الواو تاء ، كما قالوا تراث من الوراثة ، وتجاه من الوجه ، وتخمة من الوخمة ، ونظائرها . فلفظها دال على أنها من الوقاية فان المتقي قد جعل بينه وبين النار وقاية والوقاية من باب دفع الضر فالتقوى والبر كالعافية والصحة .

وهذا باب شريف ينتفع به انتفاعاً عظيماً في فهم ألفاظ القرآن ودلالته ، ومعرفة حدود ما أنزل الله على رسوله فانه هو العلم النافع وقد ذم الله تعالى في كتابه من ليس له علم بحدود ما أنزل الله على رسوله.

فإن عدم العلم بذلك مستلزم مفسدتين عظيمتين :

إحداهما أن يدخل في مسمى اللفظ ما ليس منه فيحكم له بحكم المراد من اللفظ فيساوي بين ما فرق الله بينهما .

والثانية أن يخرج من مسمى اللفظ بعض أفراده الداخلة تحته فيسلب عنه حكمه فيفرق بين ما جمع الله بينهما .

والذكي الفطن يتفطن لأفراد هذه القاعدة وأمثالها فيرى أن كثيرًا من الاختلاف أو أكثره إنما ينشأ من هذا الوضع وتفصيل هذا لا يفي به كتاب ضخم .

ومن هذا لفظ : الخمر فإنه اسم شامل لكل مسكر فلا يجوز إخراج بعض المسكرات منه وينفى عنها حكمه .

وكذلك لفظ : الميسر وإخراج بعض أنواع القمار منه .

وكذلك لفظ : النكاح وإدخال ما ليس بنكاح في مسماه .

وكذلك لفظ : الربا وإخراج بعض أنواعه منه وإدخال ما ليس بربا فيه .

وكذلك لفظ : الظلم والعدل والمعروف والمنكر ونظائره اكثر من أن تحصى …

والمقصود من اجتماع الناس وتعاشرهم التعاون على البر والتقوى ، فيعين كل واحد صاحبه على ذلك علماً وعملاً .

فان العبد وحده لا يستقل بعلم ذلك ولا بالقدرة عليه فاقتضت حكمة الرب سبحانه أن جعل النوع الإنساني قائماً بعضه ببعضه ، معيناً بعضه لبعضه .

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 ذو القعدة 1440هـ/23-07-2019م, 02:13 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هدى هاشم مشاهدة المشاركة
تلخيص مقاصد الرسالة التبوكية لابن القيم
أولا: عرض لمسائل الرسالة:
- البدء بحمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على رسوله الكريم.
- أمر الله لعباده بالتعاون على البر والتقوى "وتعاونوا على البر والتقوى":
فقد اقتضت حكة الله جعل النوع الإنساني قائما على بعضه ببعض، معينا بعضه لبعض، ويتضمن هذا صحبة الخلق تعاونا على مرضاة الله وطاعته، ولذلك مراتب أربعة جمعها الله في سورة العصر، وهي:
1. العلم بما أمرنا به الله وما نهانا عنه في الكتاب والسنة "إن هو إلا وحي يوحى".
2. العمل بما ورد في الكتاب والسنة أمرا ونهيا.
3. الدعوة إلى الله على بصيرة وبإخلاص لله وحده.
4. الصبر وجهاد النفس ضد ما يواجهها من صعوبات ومشاق.
ولا تتحقق هذه الصحبة إلا إذا آثر العبد طاعة الله وتجنب معصيته، والقيام لله إخلاصا ومحبة وعبودية.
- البر والتقوى جماع الدين:
البر هو الكمال المطلوب من الشيء، أو هو اسم جامع للخير والمنافع فيه، وهو يتضمن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والشرائع الظاهرة كالصلاة والصيام، والأعمال القلبية كالمحبة والخشية، أما التقوى فيقصد بها العمل بطاعة الله أمرا ونهيا ايمانا واحتسابا، فالإيمان هو الباعث على التقوى، وغاية التقوى الثواب ورضا الله وهو مفهوم الاحتساب، أي أن البر مطلوب لذاته والتقوى هي الطريق الموصلة إلى البر.
- أمر الله عباده بعدم التعاون على الإثم والعدوان "ولا تعاونوا على الإثم والعدوان":
الإثم: اسم جامع للشر والعيوب التي يذم عليها العبد، وهو ما كان حراما لجنسه كالزنا والخمر، أما العدوان فهو تعدي حدود الله أي النهايات الفاصلة التي وضعها لتفصل بين الحلال والحرام.
- الهجرة نوعان:
1. هجرة بالجسد من بلد إلى بلد.
2. هجرة بالقلب إلى الله ورسوله.
- مفهوم الهجرة إلى الله:
الهجرة إلى الله هي الهجرة الحقيقية، وهي مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله فيها يفر العبد من عبودية غير الله إلى عبودية الله وحده "ففروا إلى الله"، فالفرار إلى الله يتضمن إفراده وحده جل وعلا بالعبادة إنقطاع تعلق القلب بغير الله فتكتمل أركان العبودية الثلاثة: الحب والخوف والرجاء، وقد كان دعاء الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك"، وتعبير "منك إليك" إثبات القدر وبالتالي توحيد الربوبية.
- مفهوم الهجرة إلى رسول الله:
الهجرة إلى الرسول صلوات الله وسلامه عليه هي هجرة إلى المحجة البيضاء والمنهج القويم والصراط المستقيم الذي وضحه لنا أتم التوضيح، حتى لو كان سالكه غريبا منفردا في طريق طلبه "أنت الجماعة ولو كنت وحدك". الحد الواضح لها هو سفر الفكر في كل مسألة أو نازلة إلى سنته، وهي مقتضى شهادة أن محمدا رسول الله، فيعلم العبد أنه عليه الصلاة والسلام أولى به من نفسه وأنصح له منها، فتنقاد كل ذرة من قلبه ولا سعادة له إلا بهذا الانقياد والتسليم. ومن أدلة ذلك : قوله تعالى: "فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" والمعنى في الآية مؤكد بخمس مؤكدات: التصدير بلا النافية، القسم، إقسام الله بنفسه لا بشيء من مخلوقاته، تأكيد نفي الحرج ووجود التسليم، وأخيرا تأكيد الفعل بالمصدر. وقوله: "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم"، فهو عليه الصلاة والسلام أحب للعبد من نفسه ومن لوازم هذه المحبة كمال الإنقياد والرضى والتسليم، ومن استبانت له سنة الرسول عليه الصلاة والسلام لم يكن له أن يدعها لقول أحد، وطاعة الرسول مفردة ومقرونة، فلا يتوهم متوهم أن ما يأمر به الرسول إن لم يكن في القرءان فلا تجب طاعته. ومن دعا عند النزاع إلى تحكيم غير الله ورسوله فقد دعا بدعوى الجاهلية.
- ثمار طاعة الله ورسوله:
طاعة الله وطاعة رسوله ورد الحكم إلى الكتاب والسنة سبب السعادة للعبد عاجلا وآجلا، ومن لم يتبع الوحي فإنما اتبع الباطل والهوى، وفي هذا ينقسم العباد إلى سعداء وأشقياء:
1. الأتباع السعداء هم أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم القيامة.
2. الأتباع والمتبوعين الأشقياء هم المشتركين في الضلالة فكل عمل كان لهم في الدنيا لغير وجه الله وعلى غير هدي نبيه يجعله الله يوم القيامة هباء منثورا.
- أعظم التعاون على البر والتقوى يكون على الهجرة إلى الله ورسوله مساعدة ونصيحة وإرشادا:
يكون العبد في افتقار والتجاء دائم إلى الله، وتهون نفسه في سبيل الله، مع دوام التفكر والتدبر في آيات الله الكونية والشرعية، ولا يصغي في الحق إلى لومة لائم ويصبر وإنما الصبر بالتصبر، ويحتاج القلب في هجرته إلى الرفيق المؤنس له لكن عدم وجوده لا يمنعه من الهجرة وحيدا غريبا وطوبى للغرباء.
.............................................................................................................................................................................................................
ثانيا: المقاصد الفردية:

1. توضيح مفهوم البر والتقوى والفرق بينهما وأنهما جماع الدين.
2. توضيح مفهوم الإثم والعدوان والفرق بينهما.
3. أمر الله لعباده بالتعاون على البر والتقوى ونبذ التعاون على الإثم والعدوان.
4. بيان مفهوم الهجرة إلى الله عز وجل وعلاقتها بتوحيد الربوبية وتوحيد الألوهية.
5. بيان مفهوم الهجرة إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ومنزلة سنته.
6. منازل العباد في تلقي الوحي والعمل به.
7. العبد مأمور بالاحتكام إلى الكتاب والسنة وما أتى به النقل فلا سبيل لتحكيم العقول المتباينة فيه.
8. عدم العلم بألفاظ القرءان ودلالتها له مفسدتين: إدخال في مسمى اللفظ ما ليس منه، و إخراج من مسماه بعض أفراده الداخلة فيه.
...............................................................................................................................................................................................................
ثالثا: المقصد العام:

الهجرة إلى الله ورسوله فرض عين على كل أحد وفي كل وقت، وهي من أعظم صور التعاون بين العباد على البر والتقوى.
أحسنتِ جدا نفع الله بك :
المقصد العام هو الهجرة إلى الله ورسوله , وآدابها ومستلزماتها ، وقد ذكره ابن القيم في آخر الرسالة .
المقاصد الفرعية يمكن إجمالها بقولنا :
أحوال وواجبات العبد فيما بينه وبين الخلق , وفيما بينه وبين الخالق.
الهجرة إلى الله ورسوله .
الأتباع الأشقياء والسعداء .
زاد السفر.

الدرجة : أ

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 21 ذو القعدة 1440هـ/23-07-2019م, 02:15 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليم سيدهوم مشاهدة المشاركة
تلخيص العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية

المقصد العام من الكتاب بيان ما هو مشروع من العبادات سواء كانت واجب، أو مستحبة وما ليس كذلك.

الفصل الاول، تحته مقاصد فرعية:
المقصد الاول: بيان وجوب اتباع الصراط المستقيم:
ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله أن أصل الدين أن الحلال ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله، وأنه كثر الاضطراب في هذا الباب كما كثر في باب العبادات.
ومن الأدلة على وجوب الصراط المستقيم حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطا خطا ثم خطا خطوطا عن يمينه، وعن شماله فقال: " هذا سبيل الله وهذه سبل وعلى كل سبيل شيطان يدعوا إليه" ثم قرأ: { و أن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}.
و قد ذم لله الذين أحلوا ما حرمه وحرموا ما أحل، فقال تعالى: { أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله}.

المقصود ثاني: تعريف كلمة المشروع:
ذكر المصنف - رحمه الله - حدا للمشروع اتفقت عليه الأمة كلها قبل الشروع في ذكر حد القدر المشروع من العبادات.
المشروع المتفق عليه هو: كل ما يتقرب به إلى الله، وهو سبيل الله، وهو الخير، والحسنات، و الطاعة، والمعروف، والبر، و طريق السالكين، و منهاج القاصدين، و العابدين.

المقصد الثالث: ذكر أصول العبادات الدينية: الصلاة، والصوم، والقراءة.
ومن الأدلة على ذلك: حديث الخوارج الذي في الصحيحين: " يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم، وصيامه مع صيامهم، وقراءته مع قراءتهم، يقرؤون القران لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية" فذكرها لأنها كانت هي المعروفة

المقصد الرابع: حد القدر المشروع من العبادات:
أشار المصنف الى أن العبادة البدعية تضاهي العبادة الشرعية وليست منها.
مثال ذلك الخلوات فإنها تشتبه بالاعتكاف الشرعي وليست منه.
و شبهه القوم في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتحدث في غار حراء قبل الوحي.
وهذا خطأ منهم؛ فإننا مأمورون باتباعه - صلى الله عليه وسلم - فيما شرعه بعد النبوة، و لم يصعد إليها، و لم يقصدها لما اقام بمكة في حجة الوداع و عمرة القضاء.
المقصد الخامس: أن من سلك هذه العبادات البديعية تتنزل عليهم الشياطين؛ لأنهم خرجوا عن شريعة محمد - صلى الله عليه و سلم- التي أمروا بها، ثم منهم – أي : أصحاب الخلوة- من يتمسك بجنس العبادات المشروعة، لكنهم يخرجون عن حد المشروع، كحال من يكرر لفظ الجلالة أو " هو"، و هذا بدعة في الشرع، و خطأ في العقل، و اللغة؛ فإن الاسم المفرد ليس كلاما لا إيمانا، و لا كفرا.
و قد وصل بعضهم إلى أنهم لا يقصدون به الذكر، و إنما يريدون جمع القلب على شيء معين حتى يستعد النفس لما يرد عليها، بل آل الأمر ببعضهم إلى أن قالوا: ليس قصدنا إلا اجمع النفس باي شيء كان ومنهم من قال اذا كان قصدي ومقصود وقاص دون فجعل الجميع واحدا فيدخل في اول وحده الوجود.
المقصد السادس ابطال القول بان يحصل للأنبياء من العلم وغيره فإنما هو من العقل الفعال وذلك من وجوه:
ان العقل الفعال لا حقيقه له
الوجه الثاني انما يجعله الله في قلوب العباد يكون تارة بواسطه الملائكة ان كان حقا وتاره بواسطه الشياطين ان كان باطلا وكل من الملائكة والشياطين احياء ناطقون
و هؤلاء يزعمون ان الملائكة والشياطين صفات لنفس الانسان فقط وهذا ضلال عظيم
الوجه الرابع: ان الملائكة جاءت الى الانبياء من ربهم بالوحي وليس مجرد الفيض كما يزعم هؤلاء.
الوجه الخامس: ان الذي فرها قلبه من كل شيء تولاه الشياطين، و إنما منعهم من الدخول إلى قلب العبد ما قام فيه من ذكر الله، كما قال – تعالى -: {إن عبادي ليس لك عليهم سلطان إلا من اتبعك من الغاوين}.
و الوجه السادس: أن هذه الطريقة لو كانت صحيحة، فهي في حق من لم يأته رسول، أما من جاءه رسول فيجب عليه اتباعه، فلو فرض أنه طريق سلكه بعض الرسل، فهو منسوخا بشريعة خاتمهم – صلى الله عليه و سلم-، كيف و قد علم أنها طريقة جاهلية لم يأت بها أحد من الأنبياء.
و الوجه السابع: أن العلوم لو كانت تنزل على القلوب من النفس الفلكية كما يزعم هؤلاء، فلا فرق بين الناظر، و المستدل، و المفرغ قلبه، فتمثيل ذلك بنقش أهل الصين، و الروم على تزويق الحائط باطل، و ذلك أن الذي فرغ قلبه لم يكن هناك قلب آخر يحصل له به التحلية كما يحصل لهذا الحائط من هذا الحائط.

ثم أتى – رحمه الله – بفصل آخر، و المقصد منه: أن أصحاب الخلوات لما قصدوا أماكن ليس فيها أذان، و لا إقامة، و لا مسجد يصلى فيه حصل لهم أحوال شيطانية ظنوها كرامات رحمانية.

ثم أتى بفصل آخر قصد فيه ذكر الضابط في معرفة القدر المشروع من العبادات، و هو: الدليل الشرعي.
و ذلك أنه يجب علينا الإيمان بما جاء به الأنبياء، و الاقتداء بهم، و بهداهم, و النبي - صلى الله عليه و سلم- آخرهم، و خاتمهم، و قد نسخ بشرعه ما نسخه من شرع غيره
فلم يبق طريق إلى الله إلا اتباعه – صلى الله عليه و سلم-.
فالمشروع هو: ما أمر به أمر إيجاب، أو استحباب، و كذلك ما رغب فيه، و ذكر ثوابه، و فضله.
ثم ختم هذه الرسالة بفصل، و تحته عدة مقاصد:
المقصد الأول: أن الأماكن التي تقصد بعينها للعبادة إلا المشاعر،، و لا مكان يقصد للصلاة إلا المساجد، و على هذا قلا يجوز أن يقصد مكان بعينه مع عدم ما يدل على أنه يقصد بعينه كمنى، و مزدلفة، و عرفة، فإنها أماكن يقصد بعينها بالذكر، و الدعاء، و التكبير لا الصلاة.
و المقصد الثاني: أن الشيطان لما تولى أصحاب العبادات البدعية، و زين لهم بدعهم، فإنه لا يكتفي بذلك، بل يبغض إليهم السبل الشرعية حتى يبغضهم في العلم، و القرآن، و الحديث، و قد يبغض إليهم حتى الكتاب، فلا يحبون كتابا، و لا من معه كتاب.
و المقصد الثالث: أنهم لما اشتعروا بأن من اعتنى بالشرع، و القرآن، و العلم، و الكتب يخالف طريقهم هربهم شياطينهم من هذا، و مما زينت لهم طريقهم أنهم لما وجدوا كثيرا ممن اشتغل بالعلم معرضين عن عبادة الله، فصار وجود هؤلاء مما ينفرهم، و قالوا: ليسوا على شيء كما أن هؤلاء قالوا عن أولئك: ليسوا على شيء.
و المقصد الرابع: أن أصحاب هذه العبادات قد يظنون أنه يحصل لهم بطريقهم أعظم مما يحصل في الكتب، كأن يأخذ عن الله بلا واسطة، و الجواب عن هذا من وجهين:
- الوجه الأول: أن نقول لهم: من أين لكم أن هذا من الله لا من الشيطان؛ فإن هذه الأحوال قد تكون شيطانية، و قد تكون رحمانية، و ما دام أن جنس هذه الأحوال مشتركا بين أهل الحق، و أهل الباطل فلا بد من دليل يبين لنا أنكم على الحق.
- و الوجه الثاني: أن نقول لهم: أنتم على باطل؛ لأنا نظرنا ما حصل لكم، و إلى سببه، و غايته، فوجدنا أن السبب عبادة غير شرعية، فلا يمكن أن الذي حصل لكم كرامات رحمانية، لمخالفتكم لما جاء به النبي - صلى الله عليه و سلم-.
احسنت وفقك الله وسددك:
الدرجة : ج+
المقصد العام للرسالة هو بيان وجوب الاتباع والتحذير من الابتداع وبيان أثره.
بعض ما استخرجت من المقاصد الفرعية هي مسائل , فمثلا : المقاصد الفرعية التي ذكرتها في الفصل الأخير تدور حول مقصد واحد وهو بيان العبادات البدعية .
- نبدأ أولا باستخراج المسائل .
- ثم استخلاص المقاصد الفرعية.
- ثم تلخيص الرسالة اعتمادا على هذه المقاصد , مع تصنيف المسائل المستخرجة تحت المقاصد .
- ثم استخراج المقصد الرئيسي.
لعلك تراجع الدرس
هنا

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 21 ذو القعدة 1440هـ/23-07-2019م, 02:30 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.محمد بشار مشاهدة المشاركة
الرسالة التبوكية ( لابن القيم )


أ. تفسير قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].
وقد اشتملَت هده الآية على جميع مصالح العباد في معاشهم ومعادهم؛ فكلُّ عبد عليه واجبان:
الأول: واجب بينه وبين الخلق:﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾.
الآخر: واجب بينه وبين الله: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ ﴾.
ب. دلالات الألفاظ: المطابقة - التضمُّن - اللزوم.
ج. قاعدة: بعض الألفاظ إذا اجتمعت افترَقت، وإذا افترقت اجتمَعت.
د. شواهد للقاعدة: الإسلام والإيمان، الإيمان والعمل الصَّالح، الفقير والمسكين، الفسوق والعصيان، المنكر والفاحشة.
هـ. تنطبق هذه القاعدة - أيضًا - على البرِّ والتقوى، وأن كلًّا منهما عند الانفراد يشمل الآخر.
و. معنى البر والتقوى عند الاقتران والانفراد.
ز. مفاسد عدَم فهم ألفاظ القرآن ودلالته.
ح. لا يتمُّ للعبد أداء الواجبين إلَّا بما قرَّره الشيخ عبدالقادر الجيلاني: كن مع الحقِّ بلا خلقٍ، ومع الخلق بلا نفسٍ، ومَن لم يكن كذلك، لم يزل في تخبيطٍ، ولم يزل أمرُه فُرطًا.
ط. سبب تأليف الإمام ابن القيم للرسالة، وزمان كتابتها.

الهجرة:
أ. بالجسم من بلدٍ إلى بلد [تُبحث في علم الفقه]: لا تجب على كلِّ إنسان.
ب. بالقلب إلى الله ورسوله [تبحث في علم السلوك والأخلاق]: تجب على كلِّ إنسان.
أولًا: هجرة القلب إلى الله تعالى [الفرار من الله إليه]:
أ. الفرار من الله [متضمن توحيد الربوبيَّة وإثبات القدر] إليه [متضمن توحيد الألوهية].
ب. تقوى وتضعُف بحسب داعي المحبَّة.
ج. أهمية هِجرة القلب بالنسبة لهجرة الجسم.

ثانيًا: هجرة القلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أ. قلَّة السالكين وغربتهم.
ب. حد الهجرة إلى رسول الله.
ج. مَن ينتفع بهذه الهجرة.
د. الهجرة القلبيَّة فرض على كلِّ مسلم، وهي مقتضى الشهادتين، ويُسأل كلُّ عبد عنها في الدُّور الثلاث.
هـ. الفرق بين علم الحب وحال الحب.
و. تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم في جميع مَوارد النِّزاع وانشراح الصدور بحكمه.

في الهجرة إلى الله ورسوله
لما فصل عير السفر واستوطن المسافر دار الغربة وحيل بينه وبين مألوفاته وعوائده المتعلقة بالوطن ولوازمه ، أحدث له ذلك نظراً فأجال فكره في أهم ما يقطع به منازل السفر إلى الله ، ويُنفق فيه بقية عمره فأرشده من بيده الرشد إلى أن أهم شئ يقصده إنما هو الهجرة إلى الله ورسوله ، فإنها فرض عين على كل أحد في كل وقت ، وأنه لا انفكاك لأحد عن وجوبها وهي مطلوب الله ومراده من العباد ، إذ الهجرة هجرتان :

الهجرة الأولى : هجرة بالجسم من بلد إلى بلد ، وهذه أحكامها معلومة وليس المراد الكلام فيها .

والهجرة الثانية الهجرة بالقلب إلى الله ورسوله ، وهذه هي المقصودة هنا . وهذه الهجرة هي الهجرة الحقيقية وهي الأصل وهجرة الجسد تابعة لها .

وهي هجرة تتضمن ( من ) و ( إلى ) فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته ، ومن عبودية غيره إلى عبوديته ، ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه ، ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذل له والاستكانة له ، وهذا بعينه معنى الفرار إليه قال تعالى : { ففروا إلى الله } ، والتوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه .

وتحت ( من ) و( إلى ) في هذا سر عظيم من أسرار التوحيد ، فإن الفرار إليه سبحانه يتضمن إفراده بالطلب والعبودية ولوازمها فهو متضمن لتوحيد الإلهية التي اتفقت عليها دعوة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.

أما الفرار منه إليه فهو متضمن لتوحيد الربوبية وإثبات القدر ، وأن كل ما في الكون من المكروه والمحذور الذي يفر منه العبد فإنما أوجبته مشيئة الله وحده ، فانه ما شاء كان ووجب وجوده بمشيئته ، وما لم يشأ لم يكن ، وامتنع وجوده لعدم مشيئته . فادا فر العبد إلى الله فإنما يفر من شئ إلى شئ وجد بمشيئة الله وقدره فهو في الحقيقة فار من الله إليه .

ومن تصور هذا حق تصوره فهم معنى قوله ﷺ : " وأعوذ بك منك " وقوله : " لا ملجأ ولا منجى منك ألا إليك " ، فانه ليس في الوجود شئ يفر منه ويستعاذ منه ويلتجأ منه إلا هو من الله خلقاً وإبداعا . فالفار والمستعيذ : فار مما أوجده قدر الله ومشيئته وخلقه إلى ما تقتضيه رحمته وبره ولطفه وإحسانه ، ففي الحقيقة هو هارب من الله إليه ومستعيذ بالله منه ، وتصور هذين الأمرين يوجب للعبد انقطاع تعلق قلبه عن غيره بالكلية خوفاً ورجاء ومحبة فإنه إذا علم أن الذي يفر منه ويستعيذ منه إنما هو بمشيئة الله وقدرته وخلقه لم يبق في قلبه خوف من غير خالقه وموجده فتضمن ذلك إفراد الله وحده بالخوف والحب والرجاء ، ولو كان فراره مما لم يكن بمشيئة الله وقدرته لكان ذلك موجباً لخوفه منه ، مثل من يفر من مخلوق آخر أقدر منه فانه في حال فراره من الأول خائف منه حذرا أن لا يكون الثاني يفيده منه بخلاف ما إذا كان الذي يفر إليه هو الذي قضي وقدر وشاء ما يفر منه ، فانه لا يبقى في القلب التفات إلى غيره .

فتفطن إلى هذا السر العجيب في قوله : " أعوذ بك منك " و " لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك " فإن الناس قد ذكروا في هذا أقوالاً وقل من تعرض منهم لهذه النكته التي هي لبّ الكلام ومقصوده وبالله التوفيق

فتأمل كيف عاد الأمر كله إلى الفرار من الله إليه وهو معنى الهجرة إلى الله تعالى ، ولهذا قال النبي ﷺ : " المهاجر من هجر ما نهى الله عنه " . ولهذا يقرن الله سبحانه بين الإيمان والهجرة في غير موضع لتلازمهما واقتضاء أحدهما للآخر .

والمقصود أن الهجرة إلى الله تتضمن : هجران ما يكرهه وإتيان ما يحبه ويرضاه ، وأصلها الحب والبغض ، فان المهاجر من شئ إلى شئ لابد أن يكون ما هاجر إليه أحب مما هاجر منه ، فيؤثر احب الأمرين إليه على الآخر . وإذا كان نفس العبد وهواه وشيطانه إنما يدعوانه إلى خلاف ما يحبه ويرضاه ، وقد بلي بهؤلاء الثلاث ، فلا يزالون يدعونه إلى غير مرضاة ربه ، وداعي الإيمان يدعوه إلى مرضاة ربه فعليه في كل وقت أن يهاجر إلى الله ولا ينفك في هجرته إلى الممات .

وهذه الهجرة تقوى وتضعف بحسب داعي المحبة في قلب العبد ، فإن كان الداعي أقوى كانت هذه الهجرة أقوى وأتم وأكمل . وإذا ضعف الداعي ضعفت الهجرة حتى لا يكاد يشعر بها علماً ، ولا يتحرك لها إرادة .

والذي يقضي منه العجب : أن المرء يوسع الكلام ويفرغ المسائل في الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام وفي الهجرة التي انقطعت بالفتح ، وهذه هجرة عارضة ، ربما لا تتعلق به في العمر أصلاً وأما هذه الهجرة التي هي واجبة على مدى الأنفاس فإنه لا يحصل فيها علما ولا إرادة وما ذاك إلا للإعراض عما خلق له ، والاشتغال بما لا ينجيه وحده عما لا ينجيه غيره . وهذا حال من عشت بصيرته وضعفت معرفته بمراتب العلوم والأعمال . والله المستعان ، وبالله التوفيق ، لا اله غيره ولا رب سواه .

وأما الهجرة إلى رسول الله ﷺ فعلم لم يبق منه سوى اسمه ، ومنهج لم تترك بنيَّات الطريق سوى رسمه ، ومحجة سفَت عليها السوافي فطمست رسومها ، وغارت عليها الأعادي فغّورت مناهلها وعيونها ، فسالكها غريب بين العباد ، فريد بين كل حي وناد ، بعيد على قرب المكان ، وحيد على كثرة الجيران ، مستوحش مما به يستأنسون ، مستأنس مما به يستوحشون ، مقيم إذا ظعنوا ، ظاعن إذا قطنوا ، منفرد في طريق طلبة ، لا يقر قراره حتى يظفر بأربه ، فهو الكائن معهم بجسده ، البائن منهم بمقصده ، نامت في طلب الهدى أعينهم ، وما ليل مطيته بنائم ، وقعدوا عن الهجرة النبوية ، وهو في طلبها مشمر قائم ، يعيبونه بمخالفة آرائهم ، ويزرون عليه ازراءه على جهالاتهم وأهوائهم ، قد رجموا فيه الظنون ، وأحدقوا فيه العيون ، وتربصوا به ريب المنون { فتربصوا إنَّا معكم متربصون } ، { قال رب احكم بالحق ، وربنا الرحمن المستعان على ما تصفون } .

والمقصود : أن هذه الهجرة النبوية شانها شديد . وطريقها على غير المشتاق بعيد .

بعيد على كسلان أو ذي ملالة * أما على المشتاق فهو قريب

ولعمر الله ما هي إلا نور يتلألأ ، ولكن أنت ظلامه ، وبدر أضاء مشارق الأرض ومغاربها ، ولكن أنت غيمه وقتامه ومنهل عذب صاف وأنت كدره ، ومبتدأ لخير عظيم ولكن ليس عندك خبره .

فاسمع الآن شأن هذه الهجرة والدلالة عليها ، وحاسب ما بينك وبين الله ، هل أنت من الهاجرين لها أو المهاجرين إليها ؟

فجد هذه الهجرة : سفر النفس في كل مسالة من مسائل إلايمان ، ومنزل من منازل القلوب ، وحادثة من حوادث إلاحكام إلى معدن الهدى ، ومنبع النور الملتقى من فم الصادق المصدوق الذي { لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى } فكل مسألة طلعت عليها شمس رسالته ، وإلا فاقذف بها في بحر الظلمات ، وكل شاهد عدله هذا المزكى وإلا فعُده من أهل الريب والتهمات . فهذا حد هذه الهجرة .

فما للمقيم في مدينة طبعه وعوائده ، القاطن في دار مرباه ومولده ، القائل : إنا على طريقة آبائنا سالكون ، وإنا بحبلهم متمسكون ، وأنا على آثارهم مقتدون ، وما لهذه الهجرة التي كلت عليهم ، واستند في طريقة نجاحه وفلاحه إليهم ، معتذراً بأن رأيهم خير من رأيه لنفسه ، وأن ظنونهم وآراءهم أوثق من ظنه وحدسه ، ولو فتشت عن مصدر مقصود هذه الكلمة لوجدتها صادرة عن الإخلاد إلى ارض البطالة متولدة بين الكسل وزوجه الملالة .

والمقصود : أن هذه الهجرة فرض على كل مسلم ، وهي مقتضى " شهادة أن محمدا رسول الله ﷺ " كما أن الهجرة الأولى مقتضى " شهادة أن لا إله إلا الله " وعن هاتين الهجرتين يسأل كل عبد يوم القيامة وفي البرزخ ، ويطالب بها في الدنيا ودار البرزخ ودار القرار.

قال قتادة : " كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون : ماذا كنتم تعبدون ومإذا اجبتم المرسلين ؟ " .

وهاتان الكلمتان هما مضمون الشهادتين وقد قال تعالى { فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسملوا تسليما } فأقسم سبحانه بأجل مقسم به - وهو نفسه عز وجل - على أنه لا يثبت لهم الإيمان ، ولا يكونون من أهله ، حتى يحكموا رسول الله ﷺ في جميع موارد النزاع في جميع ابواب الدين . فإن لفظة " ما " من صيغ العموم فإنها موصلة تقتضي نفي الإيمان أو يوجد تحكيمه في جميع ما شجر بينهم . ولم يقتصر على هذا حتى ضم إليه انشراح صدورهم بحكمه حيث لا يجدون في أنفسهم حرجاً - وهو الضيق والحصر - من حكمه ، بل يقبلوا حكمه بالإنشراح ، ويقابلوه بالتسليم لا أنهم يأخدونه على إغماض ، ويشربونه على قذى ، فإن هذا مناف للإيمان ، بل لابد أن يكون أخذه بقبول ورضا وانشراح صدر .

حكم الأتباع والمتبوعين:
أ. الأتباع والمتبوعون المشتركون في الضلالة:
- ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا ﴾ [الأحزاب: 66 - 68].

- ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ * قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ * وَقَالَتْ أُولَاهُمْ لِأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِنْ فَضْلٍ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 37 - 39].

المتبوعون صالحون والأتباع:
1. أشقياء: [المخالفون لمتبوعيهم، العادلون عن طريقتهم الذين يزعمون أنهم لهم تبع وليسوا متبعين لطريقتهم؛ مثل: النصارى].

• ﴿ إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 166، 167].

سعداء: نوعان:
أتباع لهم حكم الاستقلال:
[التابع له من الأعمال ما يؤهِّله للجنة؛ الصحابة والتابعون لهم بإحسان].
﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ﴾ [التوبة: 100].

ليس لهم حكم الاستقلال:
[أتباع المؤمنين من ذريتهم الذين لم يثبت لهم حكم التكليف في دار الدنيا، وإنما هم مع آبائهم تبع لهم].
﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ [الطور: 21].

أقسام الخلائق بالنِّسبة إلى دعوة النبي صلى الله عليه وسلم وما بعثه الله به من الهدى.
من أعظم التعاون التعاونُ على البرِّ والتقوى، والتعاون على سفر الهجرة إلى الله والرسول.
زاد السفر: [العلم الموروث من خاتم الأنبياء]، وطريقه: [بذل الجهد واستفراغ الوسع]، ومركبه: [صدق اللُّجء إلى الله].
- ورأس الأمر وعموده في ذلك إنَّما هو دوام التفكُّر وتدبُّر آيات الله؛ حيث تستولي على الفكر وتشغل القلب.
-. كيف تَدبُّرُ القرآن وتفهُّمُه والإشرافُ على عجائبه وكنوزِه؟ مثال: آيات من سورة الذاريات.
-الرفيق والطريق: طلب الرَّفيق لسفَر الهجرة، ومواصلة السير، ولو وحيدًا غريبًا.
- شتَّان بين أقوامٍ موتى تحيا القلوب بذِكرهم، وبين أقوامٍ أحياءٍ تموت القلوب بمخالطتهم.
-وقد كان يُغني من كثير من هذا التطويل ثلاثُ كلماتٍ كان يكتب بها بعضُ السلف إلى بعض، وهي: "من أصلح سَريرتَه، أصلح اللهُ علانيتَه، ومن أصلَح ما بينه وبين الله، أصلَح الله ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته، كفاه الله مَؤُونةَ دنياه".

معنى البر والتقوى
وقد جمع الله خصال البر في قوله تعالى : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلاة واتى الزكاة والموفون بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } .

فأخبر سبحانه أن البر هو الإيمان بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وهذه هي أصول الإيمان الخمس التي لا قوام للإيمان إلا بها ، وأنها الشرائع الظاهرة من إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنفقات الواجبة ، وأنها الأعمال القلبية التي هي حقائقه من الصبر والوفاء بالعهد فتناولت هده الخصال جميع أقسام الدين حقائقه وشرائعه والأعمال المتعلقة بالجوارح والقلب وأصول الإيمان الخمس . ثم أخبر سبحانه عن هذا أنها هي خصال التقوى بعينها فقال : { أولئك الذين صدقوا وأولئك هم المتقون } .

وأما التقوى فحقيقتها العمل بطاعة الله إيماناً واحتساباً ، أمراً ونهياً ، فيفعل ما أمر الله به إيمانا بالأمر وتصديقا بوعده ، ويترك ما نهى الله عنه إيماناً بالنهي وخوفاً من وعيده ، كما قال طلق بن حبيب : " إذا وقعت الفتنة فاطفئوها بالتقوى " قالوا : وما التقوى ؟ قال : " أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجوا ثواب الله وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله " .

وهذا أحسن ما قيل في حد التقوى .

فان كل عمل لابد له من مبدأ وغاية ، فلا يكون العمل طاعة وقربة حتى يكون مصدره عن الإيمان فيكون الباعث عليه هو الإيمان المحض ، لا العادة ولا الهوى ولا طلب المحمدة والجاه وغير ذلك بل لابد أن يكون مبدؤه محض الإيمان وغايته ثواب الله وابتغاء مرضاته وهو الاحتساب . ولهذا كثيرا ما يُقرن بين هذين الأصلين في مثل قول النبي ﷺ : " من صام رمضان إيمانا واحتسابا " و " ومن قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً " ونظائره .

فقوله : " على نور من الله " إشارة إلى الأصل الأول وهو الإيمان الذي هو مصدر العمل والسبب الباعث عليه .

وقوله : " ترجو ثواب الله " إشارة أن الأصل الثاني وهو الاحتساب وهو الغاية التي لأجلها يوقع العمل ولها يقصد به .

ولا ريب أن هذا اسم لجميع أصول الإيمان وفروعه ، وأن البر داخل في هذا المسمى .

وأما عند اقتران أحدهما بالآخر كقوله تعالى : { وتعاونوا على البر والتقوى } فالفرق بينهما فرق بين السبب المقصود لغيره والغاية المقصودة لنفسها ، فان البر مطلوب لذاته ، إذ هو كمال العبد وصلاحه الذي لا صلاح له بدونه كما تقدم . وأما التقوى فهي الطريق الموصل إلى البر والوسيلة إليه ولفظها يدل على هذا فإنها فعلى ، من وقى تقي ، وكان أصلها وقوى ، فقلبوا الواو تاء ، كما قالوا تراث من الوراثة ، وتجاه من الوجه ، وتخمة من الوخمة ، ونظائرها . فلفظها دال على أنها من الوقاية فان المتقي قد جعل بينه وبين النار وقاية والوقاية من باب دفع الضر فالتقوى والبر كالعافية والصحة .

وهذا باب شريف ينتفع به انتفاعاً عظيماً في فهم ألفاظ القرآن ودلالته ، ومعرفة حدود ما أنزل الله على رسوله فانه هو العلم النافع وقد ذم الله تعالى في كتابه من ليس له علم بحدود ما أنزل الله على رسوله.

فإن عدم العلم بذلك مستلزم مفسدتين عظيمتين :

إحداهما أن يدخل في مسمى اللفظ ما ليس منه فيحكم له بحكم المراد من اللفظ فيساوي بين ما فرق الله بينهما .

والثانية أن يخرج من مسمى اللفظ بعض أفراده الداخلة تحته فيسلب عنه حكمه فيفرق بين ما جمع الله بينهما .

والذكي الفطن يتفطن لأفراد هذه القاعدة وأمثالها فيرى أن كثيرًا من الاختلاف أو أكثره إنما ينشأ من هذا الوضع وتفصيل هذا لا يفي به كتاب ضخم .

ومن هذا لفظ : الخمر فإنه اسم شامل لكل مسكر فلا يجوز إخراج بعض المسكرات منه وينفى عنها حكمه .

وكذلك لفظ : الميسر وإخراج بعض أنواع القمار منه .

وكذلك لفظ : النكاح وإدخال ما ليس بنكاح في مسماه .

وكذلك لفظ : الربا وإخراج بعض أنواعه منه وإدخال ما ليس بربا فيه .

وكذلك لفظ : الظلم والعدل والمعروف والمنكر ونظائره اكثر من أن تحصى …

والمقصود من اجتماع الناس وتعاشرهم التعاون على البر والتقوى ، فيعين كل واحد صاحبه على ذلك علماً وعملاً .

فان العبد وحده لا يستقل بعلم ذلك ولا بالقدرة عليه فاقتضت حكمة الرب سبحانه أن جعل النوع الإنساني قائماً بعضه ببعضه ، معيناً بعضه لبعضه .
وفقك الله وسددك:
المقصد العام هو الهجرة إلى الله ورسوله , وآدابها ومستلزماتها ، وقد ذكره ابن القيم في آخر الرسالة .
المقاصد الفرعية يمكن إجمالها بقولنا :
أحوال وواجبات العبد فيما بينه وبين الخلق , وفيما بينه وبين الخالق.
الهجرة إلى الله ورسوله .
الأتباع الأشقياء والسعداء .
زاد السفر.
لعلك تراجع الدرس هنا
فخطوات العمل هي :
- استخراج المسائل أولا .
- ثم استخلاص المقاصد الفرعية.
- ثم تلخيص الرسالة اعتمادا على هذه المقاصد , مع تصنيف المسائل المستخرجة تحت المقاصد .
- ثم استخراج المقصد الرئيسي.
وهذا كله مفقود فيما قمت به من تلخيص لمقاصد الرسالة.
الدرجة : د
مع التوصية بإعادة الرسالة.

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 23 ذو القعدة 1440هـ/25-07-2019م, 02:45 PM
عبدالحميد أحمد عبدالحميد أحمد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 729
افتراضي

تلخيص رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية
أولا : مسائل الرسالة :
ـ أصل الدّين: أنّ الحلال ما أحلّه اللّه ورسوله والحرام ما حرّمه اللّه ورسوله والدّين ما شرعه اللّه ورسوله .
ـ ذمّ الله المشركين حيث حرّموا ما لم يحرّمه اللّه تعالى كالبحيرة والسّائبة، واستحلّوا ما حرّمه اللّه كقتل أولادهم، وشرعوا دينًا لم يأذن به اللّه .
العبادات الّتي يتقرّب بها إلى اللّه تعالى إمّا واجبٌ وإمّا مستحبٌّ .
الفرق بين ما هو مشروعٌ سواءٌ كان واجبًا أو مستحبًّا وما ليس بمشروع.
فالمشروع: هو الّذي يتقرّب به إلى اللّه تعالى وهو سبيل اللّه وهو البرّ والطّاعة والحسنات والخير والمعروف
ـ أصول العبادات الدّينيّة الصّلاة والصّيام والقراءة
ـ الخوارج غلوا في العبادات بلا فقهٍ فآل الأمر بهم إلى البدعة
وقال أبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ".
ـ شرع من قبلنا ليس بشريعة لنا إذا جاء في شرعنا ما يخالفه .
ـ البدع بريد الكفر ومثالها حال أبي حامدٍ وأمثاله ممّن غلوا في طريقتهم فلم يكونوا يظنّون أنّها تفضي إلى الكفر ,ومنهم من يزعم أنّه حصل له أكثر ممّا حصل للأنبياء.
ـ رد طريقة أبي حامد من وجوه :
ـ أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه " العقل الفعّال " باطلٌ لا حقيقة له
الثّاني: أنّ ما يجعله اللّه في القلوب يكون تارةً بواسطة الملائكة إن كان حقًّا وتارةً بواسطة الشّياطين إذا كان باطلًا
ـ الثّالث: أنّ الأنبياء جاءتهم الملائكة من ربّهم بالوحي لم يكن ما حصل لهم مجرّد فيضٍ كما يزعمه هؤلاء.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه من كلّ خاطرٍ فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ
الخامس: أنّ الّذي قد عُلم بالسّمع والعقل أنّه إذا فرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حلّت فيه الشّياطين ثمّ تنزّلت عليه الشّياطين كما كانت تتنزّل على الكهّان.
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ،
السّابع: أنّ أبا حامدٍ يشبّه ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط وأولئك صقلوا حائطهم حتّى تمثّل فيه ما صقله هؤلاء، وهذا قياسٌ باطل.
مما يأمر به أهل البدع
ممّا يأمرون به الجوع والسّهر والصّمت مع الخلوة بلا حدودٍ شرعيّةٍ .
العبادات البدعيّة نوعان :
ـ منها ما قدر بزمان
ـ منها ما لم تقدر بزمان
العبادات الشرعية نوعان :
ـ منها ما قدر بزمان
ـ منها ما لم تقدر بزمان : كالخلوة والعزلة والانفراد المشروع فهو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ.
ـ أماكن أهل البدع التي يقصدونها في خلواتهم وصور عبث الشياطين بهم .

ـ قد أُمرنا الله أن نؤمن بالأنبياء وبما أوتوه وأن نقتدي بهم وبهداهم
ومحمّدٌ -صلّى اللّه عليه وسلّم- خاتم النّبيّين وقد نسخ بشرعه ما نسخه من شرع غيره فلم يبق طريقٌ إلى اللّه إلّا باتّباع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم .
طرق اثبات العبادات الشرعية :
ـ ولا يجوز أن يقال إنّ هذا مستحبٌّ أو مشروعٌ إلّا بدليل شرعيٍّ.
ـ ولا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ،
ـ ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه، فإذا خصّص زمانًا أو مكانًا بعبادة كان تخصيصه بتلك العبادة سنّةً .فالتّأسّي به أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الّذي فعل لأنّه فعل.
ـ ولو فعل فعلًا بحكم الاتّفاق مثل نزوله في السّفر بمكان ونحو ذلك، كان ابن عمر يحبّ أن يفعل مثل ذلك، وأمّا الخلفاء الرّاشدون وجمهور الصّحابة فلم يستحبّوا ذلك؛ لأنّ هذا ليس بمتابعة له إذ المتابعة لا بدّ فيها من القصد .
ـ والأمكنة نفسها فالصّحابة متّفقون على أنّه لا يعظّم منها إلّا ما عظّمه الشّارع
.
ـ فهذه نصوصه الصّريحة توجب تحريم اتّخاذ قبورهم مساجدلأنّه ذريعةٌ إلى الشّرك
طريقان لبيان فساد عبادة أهل البدع:
أحدهما: أن يقال له من أين لك أنّ هذا إنّما هو من اللّه لا من الشّيطان وإلقائه ووسوسته؟
الطّريق الثّاني: أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم
ـ النذر لا يأت بخير
سبب النهي عن النذر :
وإنّما نهى عنه صلّى اللّه عليه وسلّم لأنّه لا فائدة فيه إلّا التزام ما التزمه وقد لا يرضى به فيبقى آثمًا .
ـ النذر لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة وإنما سلوك الطرق الشرعية ابتداء وانتهاء .
ثانيا : المقاصد الفرعية :
قامت هذه الرسالة على جملة من المقاصد :
1: بيان أن الدين ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله لذلك ذم الله المشركين
2: بيان أن العبادات منها ما هو مشروع ومنها ما هو غير مشروع
3:بيان أن أصول العبادة ثلاثة الصلاة والصيام وقراءة القرآن
4: بيان شريعة من قبلنا ليس بشريعة لنا إذا وجد في شرعنا ما يخالفها
5 : العبادات الشرعية والبدعية منها ما هو مقدر بزمان أو بمكان
6: بيان طرق اثبات العبادة الشرعية
7: بيان أن النذر من لعبادات
ثالثا : المقصد الكلي العام :
بيان معرفة العبادات الشرعية من العبادات البدعية ووجوب اتباع الشرعية والحذر من البدعية .


رد مع اقتباس
  #9  
قديم 25 ذو القعدة 1440هـ/27-07-2019م, 12:22 AM
صلاح الدين محمد صلاح الدين محمد غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
المشاركات: 1,868
افتراضي

رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية
المقصد الرئيسي للرسالة : بيان الفرق بين العبادات الشرعية و العبادات البدعية .
المقاصد الفرعية :
معرفة أصل الدين :
- أن الحلال ما أحله الله ورسوله و الحرام ما حرمه الله و رسوله .
- ليس لأحد أن يخرج عن صراط الله الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم قال اللّه تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}.
- أن الله تعالى قد أمرنا أن نؤمن بجميع الأنبياء صلوات الله عليهم و أن نقتدي بهم و بهداهم قال تعالى : {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون} وقال تعالى: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده}.
- أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين , وقد نسخت شريعته ما نسخه من شريعة غيره .
- لا يجوز أن يقال إنّ هذا مستحبٌّ أو مشروعٌ إلّا بدليل شرعيٍّ .
- لا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ .
- العبادات التي يتقرب بها إلى الله إما واجبة , و إما مستحبة ,كما في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه), مثل الصلاة منها فرض وهي الصلوات الخمس و منها النوافل كصلاة الليل .
الفرق بين العبادات المشروعة - سواء كانت مستحبة أم واجبة - و غير المشروعة :
- العبادات المشروعة : هو ما يتقرب به إلى الله على سبيل البر والطاعة , وهذا يدخل فيه جميع العبادات من الصلوات المشروعة الواجبة والمستحبة , و الصيام الشرعي , و كل سفر شرعي .
- أصول العبادات الدينية ثلاثة : الصلاة , والصيام , والقراءة , ودليل ذلك حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة) فذكر اجتهادهم بالصّلاة والصّيام والقراءة وأنّهم يغلون في ذلك حتّى تحقر الصّحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.
- الخلوة والعزلة والانفراد المشروع : هو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ.
- فالأوّل كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}.
- و الثاني كاعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزّهد فيه,قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
أجناس العبادات غير المشروعة :
-أولا : الخلوات : فإنها تشبه الاعتكاف الشرعي , و الاعتكاف الشرعي في المساجد , ويستدلون لها بتحنث النبي صلى الله عليه وسلم بغار حراء .
- الرد عليهم : 1- إنّ ما فعله صلّى اللّه عليه وسلّم قبل النّبوّة إن كان قد شرعه بعد النّبوّة فنحن مأمورون باتّباعه فيه وإلّا فلا.
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة بضع عشرة سنة ,وعام الفتح مكث بها قريبا من عشرين ليلة , ودخلها في عمرة القضاء و غار حراء قريب منه ولم يفعله .
- هناك طائفة تجعل الخلوة أربعين يوما ؛ كمواعدة موسى لربه أربعين يوما , وهذا غلط لأنها ليست من شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بل من شريعة موسى .
- ثانيا : الذكر بالاسم المفرد مظهرا و مضمرا : وهو ما يقوله أبو حامدٍ: ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".
- الرد عليه :1 - الذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة فإنّ الاسم المجّرّد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا. وقد ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر)، وفي حديثٍ آخر: (أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه) وقال: (أفضل ما قلت أنا والنّبيّون من قبلي: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ)، والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرةٌ صحيحةٌ.
فائدة :أمّا أبو حامدٍ وأمثاله ممّن أمروا بهذه الطّريقة فلم يكونوا يظنّون أنّها تفضي إلى الكفر - لكن ينبغي أن يعرف أنّ البدع بريد الكفر - ولكن أمروا المريد أن يفرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حتّى قد يأمروه أن يقعد في مكانٍ مظلمٍ ويغطّي رأسه ويقول: اللّه اللّه، وهم يعتقدون أنّه إذا فرّغ قلبه استعدّ بذلك فينزل على قلبه من المعرفة ما هو المطلوب، بل قد يقولون إنّه يحصل له من جنس ما يحصل للأنبياء.
ثالثا : المبالغة في مدح الزهد كالفلاسفة وقولهم أن النبوة مكتسبة :
- يزعمون أنّ كلّ ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم فإنّما هو من "العقل الفعّال"؛ ولهذا يقولون النّبوّة مكتسبةٌ، فإذا تفرّغ صفا قلبه - عندهم - وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء.
- وعندهم أنّ موسى بن عمران -صلّى اللّه عليه وسلّم- كُلّم من سماء عقله؛ لم يسمع الكلام من خارجٍ فلهذا يقولون إنّه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى وأعظم ممّا حصل لموسى.
- الرد على أبي حامد : وأبو حامدٍ يقول إنّه سمع الخطاب كما سمعه موسى -عليه السّلام- وإن لم يُقصد هو بالخطاب، وهذا كلّه لنقص إيمانهم بالرّسل وأنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض، وهذا الّذي قالوه باطلٌ من وجوهٍ:
أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه " العقل الفعّال " باطلٌ لا حقيقة له كما قد بسط هذا في موضعٍ آخر.
الثّاني: أنّ ما يجعله اللّه في القلوب يكون تارةً بواسطة الملائكة إن كان حقًّا وتارةً بواسطة الشّياطين إذا كان باطلًا، والملائكة والشّياطين أحياءٌ ناطقون كما قد دلّت على ذلك الدّلائل الكثيرة من جهة الأنبياء وكما يدّعي ذلك من باشره من أهل الحقائق، وهم يزعمون أنّ الملائكة والشّياطين صفاتٌ لنفس الإنسان فقط، وهذا ضلالٌ عظيمٌ.
الثّالث: أنّ الأنبياء جاءتهم الملائكة من ربّهم بالوحي، ومنهم من كلّمه اللّه تعالى فقرّبه وناداه كما كلّم موسى عليه السّلام، لم يكن ما حصل لهم مجرّد فيضٍ كما يزعمه هؤلاء.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه من كلّ خاطرٍ فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ، وكلاهما لم يدلّ على ذلك.
الخامس: أنّ الّذي قد عُلم بالسّمع والعقل أنّه إذا فرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حلّت فيه الشّياطين ثمّ تنزّلت عليه الشّياطين كما كانت تتنزّل على الكهّان؛ فإنّ الشّيطان إنّما يمنعه من الدّخول إلى قلب ابن آدم ما فيه من ذكر اللّه الّذي أرسل به رسله فإذا خلا من ذلك تولّاه الشّيطان، قال اللّه تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون}، وقال الشّيطان فيما أخبر اللّه عنه: {قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين * إلّا عبادك منهم المخلصين}، وقال تعالى: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلّا من اتّبعك من الغاوين}، والمخلصون هم الّذين يعبدونه وحده لا يشركون به شيئًا، وإنّما يُعبد اللّه بما أمر به على ألسنة رسله فمن لم يكن كذلك تولّته الشّياطين.
وهذا بابٌ دخل فيه أمرٌ عظيمٌ على كثيرٍ من السّالكين؛ واشتبهت عليهم الأحوال الرّحمانيّة بالأحوال الشّيطانيّة وحصل لهم من جنس ما يحصل للكهّان والسّحرة وظنّوا أنّ ذلك من كرامات أولياء اللّه المتّقين كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ، وخاتم الرّسل -صلّى اللّه عليه وسلّم- قد أمر أمّته بعبادات شرعيّةٍ من صلاةٍ وذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ لم يأمرهم قطّ بتفريغ القلب من كلّ خاطرٍ وانتظار ما ينزل، فهذه الطّريقة لو قدّر أنّها طريقٌ لبعض الأنبياء لكانت منسوخةً بشرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فكيف وهي طريقةٌ جاهليّةٌ لا توجب الوصول إلى المطلوب إلّا بطريق الاتّفاق بأن يقذف اللّه تعالى في قلب العبد إلهامًا ينفعه؟ وهذا قد يحصل لكلّ أحدٍ ليس هو من لوازم هذه الطّريق، ولكنّ التّفريغ والتّخلية الّتي جاء بها الرّسول أن يفرّغ قلبه ممّا لا يحبّه اللّه ويملأه بما يحبّه اللّه، فيفرّغه من عبادة غير اللّه ويملؤه بعبادة اللّه، وكذلك يفرّغه عن محبّة غير اللّه ويملؤه بمحبّة اللّه، وكذلك يخرج عنه خوف غير اللّه ويدخل فيه خوف اللّه تعالى، وينفي عنه التّوكّل على غير اللّه ويثبّت فيه التّوكّل على اللّه، وهذا هو الإسلام المتضمّن للإيمان الّذي يمدّه القرآن ويقوّيه لا يناقضه وينافيه، كما قال جندبٌ وابن عمر: " تعلّمنا الإيمان ثمّ تعلّمنا القرآن فازددنا إيمانًا ".
وأمّا الاقتصار على الذّكر المجرّد الشّرعيّ مثل قول: "لا إله إلّا اللّه" فهذا قد ينتفع به الإنسان أحيانًا لكن ليس هذا الذّكر وحده هو الطّريق إلى اللّه تعالى دون ما عداه، بل أفضل العبادات البدنيّة الصّلاة ثمّ القراءة ثمّ الذّكر ثمّ الدّعاء، والمفضول في وقته الّذي شرع فيه أفضل من الفاضل كالتّسبيح في الرّكوع والسّجود فإنّه أفضل من القراءة، وكذلك الدّعاء في آخر الصّلاة أفضل من القراءة، ثمّ قد يفتح على الإنسان في العمل المفضول ما لا يفتح عليه في العمل الفاضل، وقد ييسّر عليه هذا دون هذا فيكون هذا أفضل في حقّه لعجزه عن الأفضل كالجائع إذا وجد الخبز المفضول متيسّرًا عليه والفاضل متعسّرًا عليه فإنّه ينتفع بهذا الخبز المفضول، وشبعه واغتذاؤه به حينئذٍ أولى به.
السّابع: أنّ أبا حامدٍ يشبّه ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط وأولئك صقلوا حائطهم حتّى تمثّل فيه ما صقله هؤلاء، وهذا قياسٌ فاسدٌ؛ لأنّ هذا الّذي فرّغ قلبه لم يكن هناك قلبٌ آخر يحصل له به التّحلية كما يحصل لهذا الحائط من هذا الحائط، بل هو يقول إنّ العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة؛ ويسمّي ذلك " اللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا، وقد بيّنّا في غير هذا الموضع أنّ "اللّوح المحفوظ" الّذي ذكره اللّه ورسوله ليس هو النّفس الفلكيّة وابن سينا ومن تبعه أخذوا أسماءً جاء بها الشّرع فوضعوا لها مسمّياتٍ مخالفةً لمسمّيات صاحب الشّرع ثمّ صاروا يتكلّمون بتلك الأسماء فيظنّ الجاهل أنّهم يقصدون بها ما قصده صاحب الشّرع فأخذوا مخّ الفلسفة وكَسَوه لحاء الشّريعة، وهذا كلفظ " الملك " و " الملكوت " و " الجبروت " و " اللّوح المحفوظ " و " الملك " و " الشّيطان " و " الحدوث " و " القدم " وغير ذلك، وقد ذكرنا من ذلك طرفًا في الرّدّ على " الاتّحاديّة " لمّا ذكرنا قول ابن سبعين وابن عربيٍّ وما يوجد في كلام أبي حامدٍ ونحوه من أصول هؤلاء الفلاسفة الملاحدة الّذين يحرّفون كلام اللّه ورسوله عن مواضعه كما فعلت طائفة القرامطة الباطنيّة.
والمقصود هنا أنّه لو كانت العلوم تنزل على القلوب من النّفس الفلكيّة كما يزعم هؤلاء فلا فرق في ذلك بين النّاظر والمستدلّ والمفرّغ قلبه فتمثيل ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم تمثيلٌ باطلٌ.
رابعا : الأمر بالجوع والسهر مع الخلوة بلا حدود شرعية :
- يكون ذلك في أماكن لا تقام فيها الجمعة ولا الجماعة إما مساجد مهجورة أو كهوف في الجبال.
- يحصل لهم بسبب ذلك أحوال شيطانية يظنون أنها كرامات ربانية , يدعون فيها سماع أحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم .
- و منهم من يرى أنّ صاحب القبر قد جاء إليه وقد مات من سنين كثيرةٍ ويقول: أنا فلانٌ، وربّما قال له: نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا، كما جرى للتّونسيّ مع نعمان السّلاميّ.
العبادات البدعية سبب للتنزلات الشيطانية :
- قال تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون * إنّهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ واللّه وليّ المتّقين}.
- قال الجنيد: علمنا هذا مبنيٌّ على الكتاب والسّنّة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشّأن.
- وقد جرّب أنّ من سلك هذه العبادات البدعيّة أتته الشّياطين وحصل له تنزّلٌ شيطانيٌّ وخطابٌ شيطانيٌّ وبعضهم يطير به شيطانه، وأعرِف من هؤلاء عددًا طلبوا أن يحصل لهم من جنس ما حصل للأنبياء من التّنزّل فنزلت عليهم الشّياطين؛ لأنّهم خرجوا عن شريعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الّتي أمروا بها.
- أهل العبادات البدعيّة يزيّن لهم الشّيطان تلك العبادات ويبغّض إليهم السّبل الشّرعيّة حتّى يبغّضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبّون سماع القرآن والحديث ولا ذكره .
- حينما ظنوا أن هذا يحصل لهم بلا واسطة صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول .
- الرد على هؤلاء من طريقين :
الأول : أن يقال له من أين لك أنّ هذا إنّما هو من اللّه لا من الشّيطان وإلقائه ووسوسته؟ فإنّ الشّياطين يوحون إلى أوليائهم وينزلون عليهم كما أخبر اللّه تعالى بذلك في القرآن وهذا موجودٌ كثيرًا في عبّاد المشركين وأهل الكتاب وفي الكهّان والسّحرة ونحوهم وفي أهل البدع بحسب بدعتهم، فإنّ هذه الأحوال قد تكون شيطانيّةً وقد تكون رحمانيّةً فلا بدّ من الفرقان بين أولياء الرّحمن وأولياء الشّيطان.
الثاني : أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم؛ وذلك أنّه ينظر فيما حصل له وإلى سببه وإلى غايته فإن كان السّبب عبادةً غير شرعيّةٍ مثل أن يقال له: اسجد لهذا الصّنم حتّى يحصل لك المراد، أو استشفع بصاحب هذه الصّورة حتّى يحصل لك المطلوب، أو ادع هذا المخلوق واستغث به مثل أن يدعو الكواكب كما يذكرونه في كتب دعوة الكواكب أو أن يدعو مخلوقًا كما يدعو الخالق سواءٌ كان المخلوق ملكًا أو نبيًّا أو شيخًا، فإذا دعاه كما يدعو الخالق سبحانه إمّا دعاء عبادةٍ وإمّا دعاء مسألةٍ صار مشركًا به فحينئذٍ ما حصل له بهذا السّبب حصل بالشّرك كما كان يحصل للمشركين وكانت الشّياطين تتراءى لهم أحيانًا وقد يخاطبونهم من الصّنم ويخبرونهم ببعض الأمور الغائبة أو يقضون لهم بعض الحوائج .
تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم زمانا أو مكانا بعبادة كان تخصيصه ذلك سنة :
- ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه .
- ويشترط فيه أن يكون بقصد التأسي؛ بأن يقصد مثل ما قصد صلى الله عليه وسلم .
- كتخصيصه للعشر الأواخر بالاعتكاف , و تخصيصه لمقام إبراهيم بالصلاة فيه .
- و كمن سافر لحج أو عمرة أو جهاد كسفره صلى الله عليه وسلم كان متابعا له .
- أما إن فعل و لم يكن قصده غير قصده فهو غير متابع .
- و أما من حصل له شيء من ذلك بحكم الاتفاق قاختلف فيه على أقوال :
1- ابن عمر استحبه .
2 - الخلفاء الراشدون وجمهور الصحابة لم يستحبوه لأن المتابعة يلزم فيها القصد.
- أما قصد الأماكن التي كان ينزل فيها صلى الله عليه وسلم , فالصحابة متفقون على أنه لا يعظم منها إلا ما عظمه الشارع .
أسباب إخبار الشياطين ببعض الغيب و قضاء الحوائج لمتبوعيهم :
- سماع المعازف فهي أم الفواحش و هي رقية الشيطان .
- القتل : وهو يحدث كثيرا في السماع .
- السحر .
- النذر لغير الله سبحانه و تعالى .
والله أعلم

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 26 ذو القعدة 1440هـ/28-07-2019م, 12:48 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالحميد أحمد مشاهدة المشاركة
تلخيص رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية
أولا : مسائل الرسالة :
ـ أصل الدّين: أنّ الحلال ما أحلّه اللّه ورسوله والحرام ما حرّمه اللّه ورسوله والدّين ما شرعه اللّه ورسوله .
ـ ذمّ الله المشركين حيث حرّموا ما لم يحرّمه اللّه تعالى كالبحيرة والسّائبة، واستحلّوا ما حرّمه اللّه كقتل أولادهم، وشرعوا دينًا لم يأذن به اللّه .
العبادات الّتي يتقرّب بها إلى اللّه تعالى إمّا واجبٌ وإمّا مستحبٌّ .
الفرق بين ما هو مشروعٌ سواءٌ كان واجبًا أو مستحبًّا وما ليس بمشروع.
فالمشروع: هو الّذي يتقرّب به إلى اللّه تعالى وهو سبيل اللّه وهو البرّ والطّاعة والحسنات والخير والمعروف
ـ أصول العبادات الدّينيّة الصّلاة والصّيام والقراءة
ـ الخوارج غلوا في العبادات بلا فقهٍ فآل الأمر بهم إلى البدعة
وقال أبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ".
ـ شرع من قبلنا ليس بشريعة لنا إذا جاء في شرعنا ما يخالفه .
ـ البدع بريد الكفر ومثالها حال أبي حامدٍ وأمثاله ممّن غلوا في طريقتهم فلم يكونوا يظنّون أنّها تفضي إلى الكفر ,ومنهم من يزعم أنّه حصل له أكثر ممّا حصل للأنبياء.
ـ رد طريقة أبي حامد من وجوه :
ـ أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه " العقل الفعّال " باطلٌ لا حقيقة له
الثّاني: أنّ ما يجعله اللّه في القلوب يكون تارةً بواسطة الملائكة إن كان حقًّا وتارةً بواسطة الشّياطين إذا كان باطلًا
ـ الثّالث: أنّ الأنبياء جاءتهم الملائكة من ربّهم بالوحي لم يكن ما حصل لهم مجرّد فيضٍ كما يزعمه هؤلاء.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه من كلّ خاطرٍ فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ
الخامس: أنّ الّذي قد عُلم بالسّمع والعقل أنّه إذا فرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حلّت فيه الشّياطين ثمّ تنزّلت عليه الشّياطين كما كانت تتنزّل على الكهّان.
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ،
السّابع: أنّ أبا حامدٍ يشبّه ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط وأولئك صقلوا حائطهم حتّى تمثّل فيه ما صقله هؤلاء، وهذا قياسٌ باطل.
مما يأمر به أهل البدع
ممّا يأمرون به الجوع والسّهر والصّمت مع الخلوة بلا حدودٍ شرعيّةٍ .
العبادات البدعيّة نوعان :
ـ منها ما قدر بزمان
ـ منها ما لم تقدر بزمان
العبادات الشرعية نوعان :
ـ منها ما قدر بزمان
ـ منها ما لم تقدر بزمان : كالخلوة والعزلة والانفراد المشروع فهو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ.
ـ أماكن أهل البدع التي يقصدونها في خلواتهم وصور عبث الشياطين بهم .

ـ قد أُمرنا الله أن نؤمن بالأنبياء وبما أوتوه وأن نقتدي بهم وبهداهم
ومحمّدٌ -صلّى اللّه عليه وسلّم- خاتم النّبيّين وقد نسخ بشرعه ما نسخه من شرع غيره فلم يبق طريقٌ إلى اللّه إلّا باتّباع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم .
طرق اثبات العبادات الشرعية :
ـ ولا يجوز أن يقال إنّ هذا مستحبٌّ أو مشروعٌ إلّا بدليل شرعيٍّ.
ـ ولا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ،
ـ ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه، فإذا خصّص زمانًا أو مكانًا بعبادة كان تخصيصه بتلك العبادة سنّةً .فالتّأسّي به أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الّذي فعل لأنّه فعل.
ـ ولو فعل فعلًا بحكم الاتّفاق مثل نزوله في السّفر بمكان ونحو ذلك، كان ابن عمر يحبّ أن يفعل مثل ذلك، وأمّا الخلفاء الرّاشدون وجمهور الصّحابة فلم يستحبّوا ذلك؛ لأنّ هذا ليس بمتابعة له إذ المتابعة لا بدّ فيها من القصد .
ـ والأمكنة نفسها فالصّحابة متّفقون على أنّه لا يعظّم منها إلّا ما عظّمه الشّارع
.
ـ فهذه نصوصه الصّريحة توجب تحريم اتّخاذ قبورهم مساجدلأنّه ذريعةٌ إلى الشّرك
طريقان لبيان فساد عبادة أهل البدع:
أحدهما: أن يقال له من أين لك أنّ هذا إنّما هو من اللّه لا من الشّيطان وإلقائه ووسوسته؟
الطّريق الثّاني: أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم
ـ النذر لا يأت بخير
سبب النهي عن النذر :
وإنّما نهى عنه صلّى اللّه عليه وسلّم لأنّه لا فائدة فيه إلّا التزام ما التزمه وقد لا يرضى به فيبقى آثمًا .
ـ النذر لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة وإنما سلوك الطرق الشرعية ابتداء وانتهاء .
ثانيا : المقاصد الفرعية :
قامت هذه الرسالة على جملة من المقاصد :
1: بيان أن الدين ما أحله الله ورسوله والحرام ما حرمه الله ورسوله لذلك ذم الله المشركين
2: بيان أن العبادات منها ما هو مشروع ومنها ما هو غير مشروع
3:بيان أن أصول العبادة ثلاثة الصلاة والصيام وقراءة القرآن
4: بيان شريعة من قبلنا ليس بشريعة لنا إذا وجد في شرعنا ما يخالفها
5 : العبادات الشرعية والبدعية منها ما هو مقدر بزمان أو بمكان
6: بيان طرق اثبات العبادة الشرعية
7: بيان أن النذر من لعبادات
ثالثا : المقصد الكلي العام :
بيان معرفة العبادات الشرعية من العبادات البدعية ووجوب اتباع الشرعية والحذر من البدعية .
أحسنت أحسن الله إليك :
المقصد العام هو بيان وجوب الاتباع والتحذير من الابتداع وبيان أثره.
القصد من هذه التطبيقات هو بيان مقاصد الرسالة الرئيسية أو الفرعية ، ثم تلخيص الرسالة على هذه المقاصد الفرعية .
فنقوم باستخراج المسائل أولا , ثم باستخلاص الجمل الرئيسة ونجعلها المقاصد الفرعية , ثم تلخيص المسائل المتشابهة تحت المقاصد مع ترتيبها ترتيبا موضوعيا.
ولفد أحسنت باستخراج المسائل وبعض المسائل الفرعية .
الدرجة : ب
تم خصم نصف درجة للتأخير

رد مع اقتباس
  #11  
قديم 26 ذو القعدة 1440هـ/28-07-2019م, 12:56 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صلاح الدين محمد مشاهدة المشاركة
رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية
المقصد الرئيسي للرسالة : بيان الفرق بين العبادات الشرعية و العبادات البدعية .
المقاصد الفرعية :
معرفة أصل الدين :
- أن الحلال ما أحله الله ورسوله و الحرام ما حرمه الله و رسوله .
- ليس لأحد أن يخرج عن صراط الله الذي بعث به النبي صلى الله عليه وسلم قال اللّه تعالى: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله ذلكم وصّاكم به لعلّكم تتّقون}.
- أن الله تعالى قد أمرنا أن نؤمن بجميع الأنبياء صلوات الله عليهم و أن نقتدي بهم و بهداهم قال تعالى : {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون} وقال تعالى: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده}.
- أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين , وقد نسخت شريعته ما نسخه من شريعة غيره .
- لا يجوز أن يقال إنّ هذا مستحبٌّ أو مشروعٌ إلّا بدليل شرعيٍّ .
- لا يجوز أن يثبت شريعةً بحديث ضعيفٍ، لكن إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ .
- العبادات التي يتقرب بها إلى الله إما واجبة , و إما مستحبة ,كما في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه), مثل الصلاة منها فرض وهي الصلوات الخمس و منها النوافل كصلاة الليل .
الفرق بين العبادات المشروعة - سواء كانت مستحبة أم واجبة - و غير المشروعة :
- العبادات المشروعة : هو ما يتقرب به إلى الله على سبيل البر والطاعة , وهذا يدخل فيه جميع العبادات من الصلوات المشروعة الواجبة والمستحبة , و الصيام الشرعي , و كل سفر شرعي .
- أصول العبادات الدينية ثلاثة : الصلاة , والصيام , والقراءة , ودليل ذلك حديث الخوارج الّذي في الصّحيحين: (يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة) فذكر اجتهادهم بالصّلاة والصّيام والقراءة وأنّهم يغلون في ذلك حتّى تحقر الصّحابة عبادتهم في جنب عبادة هؤلاء.
- الخلوة والعزلة والانفراد المشروع : هو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ.
- فالأوّل كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}.
- و الثاني كاعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع وذلك بالزّهد فيه,قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
أجناس العبادات غير المشروعة :
-أولا : الخلوات : فإنها تشبه الاعتكاف الشرعي , و الاعتكاف الشرعي في المساجد , ويستدلون لها بتحنث النبي صلى الله عليه وسلم بغار حراء .
- الرد عليهم : 1- إنّ ما فعله صلّى اللّه عليه وسلّم قبل النّبوّة إن كان قد شرعه بعد النّبوّة فنحن مأمورون باتّباعه فيه وإلّا فلا.
2 - أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة بضع عشرة سنة ,وعام الفتح مكث بها قريبا من عشرين ليلة , ودخلها في عمرة القضاء و غار حراء قريب منه ولم يفعله .
- هناك طائفة تجعل الخلوة أربعين يوما ؛ كمواعدة موسى لربه أربعين يوما , وهذا غلط لأنها ليست من شريعة النبي محمد صلى الله عليه وسلم بل من شريعة موسى .
- ثانيا : الذكر بالاسم المفرد مظهرا و مضمرا : وهو ما يقوله أبو حامدٍ: ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".
- الرد عليه :1 - الذّكر بالاسم المفرد مظهرًا ومضمرًا بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة فإنّ الاسم المجّرّد ليس هو كلامًا لا إيمانًا ولا كفرًا. وقد ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر)، وفي حديثٍ آخر: (أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه) وقال: (أفضل ما قلت أنا والنّبيّون من قبلي: لا إله إلّا اللّه وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كلّ شيءٍ قديرٌ)، والأحاديث في فضل هذه الكلمات كثيرةٌ صحيحةٌ.
فائدة :أمّا أبو حامدٍ وأمثاله ممّن أمروا بهذه الطّريقة فلم يكونوا يظنّون أنّها تفضي إلى الكفر - لكن ينبغي أن يعرف أنّ البدع بريد الكفر - ولكن أمروا المريد أن يفرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حتّى قد يأمروه أن يقعد في مكانٍ مظلمٍ ويغطّي رأسه ويقول: اللّه اللّه، وهم يعتقدون أنّه إذا فرّغ قلبه استعدّ بذلك فينزل على قلبه من المعرفة ما هو المطلوب، بل قد يقولون إنّه يحصل له من جنس ما يحصل للأنبياء.
ثالثا : المبالغة في مدح الزهد كالفلاسفة وقولهم أن النبوة مكتسبة :
- يزعمون أنّ كلّ ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم فإنّما هو من "العقل الفعّال"؛ ولهذا يقولون النّبوّة مكتسبةٌ، فإذا تفرّغ صفا قلبه - عندهم - وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء.
- وعندهم أنّ موسى بن عمران -صلّى اللّه عليه وسلّم- كُلّم من سماء عقله؛ لم يسمع الكلام من خارجٍ فلهذا يقولون إنّه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى وأعظم ممّا حصل لموسى.
- الرد على أبي حامد : وأبو حامدٍ يقول إنّه سمع الخطاب كما سمعه موسى -عليه السّلام- وإن لم يُقصد هو بالخطاب، وهذا كلّه لنقص إيمانهم بالرّسل وأنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض، وهذا الّذي قالوه باطلٌ من وجوهٍ:
أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه " العقل الفعّال " باطلٌ لا حقيقة له كما قد بسط هذا في موضعٍ آخر.
الثّاني: أنّ ما يجعله اللّه في القلوب يكون تارةً بواسطة الملائكة إن كان حقًّا وتارةً بواسطة الشّياطين إذا كان باطلًا، والملائكة والشّياطين أحياءٌ ناطقون كما قد دلّت على ذلك الدّلائل الكثيرة من جهة الأنبياء وكما يدّعي ذلك من باشره من أهل الحقائق، وهم يزعمون أنّ الملائكة والشّياطين صفاتٌ لنفس الإنسان فقط، وهذا ضلالٌ عظيمٌ.
الثّالث: أنّ الأنبياء جاءتهم الملائكة من ربّهم بالوحي، ومنهم من كلّمه اللّه تعالى فقرّبه وناداه كما كلّم موسى عليه السّلام، لم يكن ما حصل لهم مجرّد فيضٍ كما يزعمه هؤلاء.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه من كلّ خاطرٍ فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ، وكلاهما لم يدلّ على ذلك.
الخامس: أنّ الّذي قد عُلم بالسّمع والعقل أنّه إذا فرّغ قلبه من كلّ شيءٍ حلّت فيه الشّياطين ثمّ تنزّلت عليه الشّياطين كما كانت تتنزّل على الكهّان؛ فإنّ الشّيطان إنّما يمنعه من الدّخول إلى قلب ابن آدم ما فيه من ذكر اللّه الّذي أرسل به رسله فإذا خلا من ذلك تولّاه الشّيطان، قال اللّه تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ * وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون}، وقال الشّيطان فيما أخبر اللّه عنه: {قال فبعزّتك لأغوينّهم أجمعين * إلّا عبادك منهم المخلصين}، وقال تعالى: {إنّ عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلّا من اتّبعك من الغاوين}، والمخلصون هم الّذين يعبدونه وحده لا يشركون به شيئًا، وإنّما يُعبد اللّه بما أمر به على ألسنة رسله فمن لم يكن كذلك تولّته الشّياطين.
وهذا بابٌ دخل فيه أمرٌ عظيمٌ على كثيرٍ من السّالكين؛ واشتبهت عليهم الأحوال الرّحمانيّة بالأحوال الشّيطانيّة وحصل لهم من جنس ما يحصل للكهّان والسّحرة وظنّوا أنّ ذلك من كرامات أولياء اللّه المتّقين كما قد بسط الكلام على هذا في غير هذا الموضع.
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ، وخاتم الرّسل -صلّى اللّه عليه وسلّم- قد أمر أمّته بعبادات شرعيّةٍ من صلاةٍ وذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ لم يأمرهم قطّ بتفريغ القلب من كلّ خاطرٍ وانتظار ما ينزل، فهذه الطّريقة لو قدّر أنّها طريقٌ لبعض الأنبياء لكانت منسوخةً بشرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فكيف وهي طريقةٌ جاهليّةٌ لا توجب الوصول إلى المطلوب إلّا بطريق الاتّفاق بأن يقذف اللّه تعالى في قلب العبد إلهامًا ينفعه؟ وهذا قد يحصل لكلّ أحدٍ ليس هو من لوازم هذه الطّريق، ولكنّ التّفريغ والتّخلية الّتي جاء بها الرّسول أن يفرّغ قلبه ممّا لا يحبّه اللّه ويملأه بما يحبّه اللّه، فيفرّغه من عبادة غير اللّه ويملؤه بعبادة اللّه، وكذلك يفرّغه عن محبّة غير اللّه ويملؤه بمحبّة اللّه، وكذلك يخرج عنه خوف غير اللّه ويدخل فيه خوف اللّه تعالى، وينفي عنه التّوكّل على غير اللّه ويثبّت فيه التّوكّل على اللّه، وهذا هو الإسلام المتضمّن للإيمان الّذي يمدّه القرآن ويقوّيه لا يناقضه وينافيه، كما قال جندبٌ وابن عمر: " تعلّمنا الإيمان ثمّ تعلّمنا القرآن فازددنا إيمانًا ".
وأمّا الاقتصار على الذّكر المجرّد الشّرعيّ مثل قول: "لا إله إلّا اللّه" فهذا قد ينتفع به الإنسان أحيانًا لكن ليس هذا الذّكر وحده هو الطّريق إلى اللّه تعالى دون ما عداه، بل أفضل العبادات البدنيّة الصّلاة ثمّ القراءة ثمّ الذّكر ثمّ الدّعاء، والمفضول في وقته الّذي شرع فيه أفضل من الفاضل كالتّسبيح في الرّكوع والسّجود فإنّه أفضل من القراءة، وكذلك الدّعاء في آخر الصّلاة أفضل من القراءة، ثمّ قد يفتح على الإنسان في العمل المفضول ما لا يفتح عليه في العمل الفاضل، وقد ييسّر عليه هذا دون هذا فيكون هذا أفضل في حقّه لعجزه عن الأفضل كالجائع إذا وجد الخبز المفضول متيسّرًا عليه والفاضل متعسّرًا عليه فإنّه ينتفع بهذا الخبز المفضول، وشبعه واغتذاؤه به حينئذٍ أولى به.
السّابع: أنّ أبا حامدٍ يشبّه ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط وأولئك صقلوا حائطهم حتّى تمثّل فيه ما صقله هؤلاء، وهذا قياسٌ فاسدٌ؛ لأنّ هذا الّذي فرّغ قلبه لم يكن هناك قلبٌ آخر يحصل له به التّحلية كما يحصل لهذا الحائط من هذا الحائط، بل هو يقول إنّ العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة؛ ويسمّي ذلك " اللّوح المحفوظ " تبعًا لابن سينا، وقد بيّنّا في غير هذا الموضع أنّ "اللّوح المحفوظ" الّذي ذكره اللّه ورسوله ليس هو النّفس الفلكيّة وابن سينا ومن تبعه أخذوا أسماءً جاء بها الشّرع فوضعوا لها مسمّياتٍ مخالفةً لمسمّيات صاحب الشّرع ثمّ صاروا يتكلّمون بتلك الأسماء فيظنّ الجاهل أنّهم يقصدون بها ما قصده صاحب الشّرع فأخذوا مخّ الفلسفة وكَسَوه لحاء الشّريعة، وهذا كلفظ " الملك " و " الملكوت " و " الجبروت " و " اللّوح المحفوظ " و " الملك " و " الشّيطان " و " الحدوث " و " القدم " وغير ذلك، وقد ذكرنا من ذلك طرفًا في الرّدّ على " الاتّحاديّة " لمّا ذكرنا قول ابن سبعين وابن عربيٍّ وما يوجد في كلام أبي حامدٍ ونحوه من أصول هؤلاء الفلاسفة الملاحدة الّذين يحرّفون كلام اللّه ورسوله عن مواضعه كما فعلت طائفة القرامطة الباطنيّة.
والمقصود هنا أنّه لو كانت العلوم تنزل على القلوب من النّفس الفلكيّة كما يزعم هؤلاء فلا فرق في ذلك بين النّاظر والمستدلّ والمفرّغ قلبه فتمثيل ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم تمثيلٌ باطلٌ.
رابعا : الأمر بالجوع والسهر مع الخلوة بلا حدود شرعية :
- يكون ذلك في أماكن لا تقام فيها الجمعة ولا الجماعة إما مساجد مهجورة أو كهوف في الجبال.
- يحصل لهم بسبب ذلك أحوال شيطانية يظنون أنها كرامات ربانية , يدعون فيها سماع أحاديث عن النبي صلى الله عليه و سلم .
- و منهم من يرى أنّ صاحب القبر قد جاء إليه وقد مات من سنين كثيرةٍ ويقول: أنا فلانٌ، وربّما قال له: نحن إذا وضعنا في القبر خرجنا، كما جرى للتّونسيّ مع نعمان السّلاميّ.
العبادات البدعية سبب للتنزلات الشيطانية :
- قال تعالى: {ثمّ جعلناك على شريعةٍ من الأمر فاتّبعها ولا تتّبع أهواء الّذين لا يعلمون * إنّهم لن يغنوا عنك من اللّه شيئًا وإنّ الظّالمين بعضهم أولياء بعضٍ واللّه وليّ المتّقين}.
- قال الجنيد: علمنا هذا مبنيٌّ على الكتاب والسّنّة فمن لم يقرأ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الشّأن.
- وقد جرّب أنّ من سلك هذه العبادات البدعيّة أتته الشّياطين وحصل له تنزّلٌ شيطانيٌّ وخطابٌ شيطانيٌّ وبعضهم يطير به شيطانه، وأعرِف من هؤلاء عددًا طلبوا أن يحصل لهم من جنس ما حصل للأنبياء من التّنزّل فنزلت عليهم الشّياطين؛ لأنّهم خرجوا عن شريعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم الّتي أمروا بها.
- أهل العبادات البدعيّة يزيّن لهم الشّيطان تلك العبادات ويبغّض إليهم السّبل الشّرعيّة حتّى يبغّضهم في العلم والقرآن والحديث فلا يحبّون سماع القرآن والحديث ولا ذكره .
- حينما ظنوا أن هذا يحصل لهم بلا واسطة صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول .
- الرد على هؤلاء من طريقين :
الأول : أن يقال له من أين لك أنّ هذا إنّما هو من اللّه لا من الشّيطان وإلقائه ووسوسته؟ فإنّ الشّياطين يوحون إلى أوليائهم وينزلون عليهم كما أخبر اللّه تعالى بذلك في القرآن وهذا موجودٌ كثيرًا في عبّاد المشركين وأهل الكتاب وفي الكهّان والسّحرة ونحوهم وفي أهل البدع بحسب بدعتهم، فإنّ هذه الأحوال قد تكون شيطانيّةً وقد تكون رحمانيّةً فلا بدّ من الفرقان بين أولياء الرّحمن وأولياء الشّيطان.
الثاني : أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم؛ وذلك أنّه ينظر فيما حصل له وإلى سببه وإلى غايته فإن كان السّبب عبادةً غير شرعيّةٍ مثل أن يقال له: اسجد لهذا الصّنم حتّى يحصل لك المراد، أو استشفع بصاحب هذه الصّورة حتّى يحصل لك المطلوب، أو ادع هذا المخلوق واستغث به مثل أن يدعو الكواكب كما يذكرونه في كتب دعوة الكواكب أو أن يدعو مخلوقًا كما يدعو الخالق سواءٌ كان المخلوق ملكًا أو نبيًّا أو شيخًا، فإذا دعاه كما يدعو الخالق سبحانه إمّا دعاء عبادةٍ وإمّا دعاء مسألةٍ صار مشركًا به فحينئذٍ ما حصل له بهذا السّبب حصل بالشّرك كما كان يحصل للمشركين وكانت الشّياطين تتراءى لهم أحيانًا وقد يخاطبونهم من الصّنم ويخبرونهم ببعض الأمور الغائبة أو يقضون لهم بعض الحوائج .
تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم زمانا أو مكانا بعبادة كان تخصيصه ذلك سنة :
- ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه .
- ويشترط فيه أن يكون بقصد التأسي؛ بأن يقصد مثل ما قصد صلى الله عليه وسلم .
- كتخصيصه للعشر الأواخر بالاعتكاف , و تخصيصه لمقام إبراهيم بالصلاة فيه .
- و كمن سافر لحج أو عمرة أو جهاد كسفره صلى الله عليه وسلم كان متابعا له .
- أما إن فعل و لم يكن قصده غير قصده فهو غير متابع .
- و أما من حصل له شيء من ذلك بحكم الاتفاق قاختلف فيه على أقوال :
1- ابن عمر استحبه .
2 - الخلفاء الراشدون وجمهور الصحابة لم يستحبوه لأن المتابعة يلزم فيها القصد.
- أما قصد الأماكن التي كان ينزل فيها صلى الله عليه وسلم , فالصحابة متفقون على أنه لا يعظم منها إلا ما عظمه الشارع .
أسباب إخبار الشياطين ببعض الغيب و قضاء الحوائج لمتبوعيهم :
- سماع المعازف فهي أم الفواحش و هي رقية الشيطان .
- القتل : وهو يحدث كثيرا في السماع .
- السحر .
- النذر لغير الله سبحانه و تعالى .
والله أعلم

أحسنت أحسن الله إليك
المقصد العام من الرسالة : بيان وجوب الاتباع والتحذير من الابتداع وبيان أثره.
والقصد من هذه التطبيقات هو بيان مقاصد الرسالة الرئيسية و الفرعية ، ثم تلخيص الرسالة على هذه المقاصد الفرعية .
فنقوم باستخراج المسائل أولا , ثم باستخلاص الجمل الرئيسة ونجعلها المقاصد الفرعية , ثم تلخيص المسائل المتشابهة تحت المقاصد مع ترتيبها ترتيبا موضوعيا.
فخطوات العمل هي :
- استخراج المسائل.
- استخلاص المقاصد الفرعية.
- تلخيص الرسالة تحت هذه المقاصد.
- استخلاص المقصد الرئيسي.
وعند التلخيص يجب أن تكون العبارات وافية مع اختصارها , فلا يكون الاختصار مخلا ولا مسهبا شديد التفصيل.
لعلك تراجع الدرس هنا
الدرجة ج+
تم خصم نصف درجة للتأخير.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 30 ذو القعدة 1440هـ/1-08-2019م, 01:20 AM
محمد عبد الرازق محمد عبد الرازق غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Apr 2017
الدولة: مصر
المشاركات: 814
افتراضي

تلخيص رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية

المقدمة
فصلٌ
0العبادات والفرق بين شرعيّها وبدعيّها
-كثرة الاضطراب في هذا الباب كما كثر في باب الحلال والحرام.
-أصل الدين:
-ليس لأحد أن يخرج عن الصّراط المستقيم الّذي بعث اللّه به رسوله.
-حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه: (أن النبي خط خطا..)
-العبادات الشرعية إمّا واجبٌة وإمّا مستحبٌّة.
-الحديث القدسي: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه..)
-ذكر أمثلة لعبادات منها فرض ومنها مستحب:
-الفرق بين ما هو مشروعٌ وما ليس بمشروع:
-أصول العبادات الدّينية: الصّلاة والصّيام وقراءة القرآن:
-ذم غلو الخوارج في العبادة ونهي الصحابة عن ذلك:
-غلو الخوارج في العبادات بلا فقه آل بهم إلى البدعة:
-السبب في الأمر بقتل الخوارج:
0القدر المشروع في أصول العبادات الدّينية:
-تصنيف ابن تيمية لكتاب "الاقتصاد في العبادة" لبيان هذا القدر المشروع.
-قولأبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ".
0أجناس عباداتٍ بدعية -غير مشروعةٍ - حدثت في المتأخّرين:
أولا: الخلوات:
-هي تشتبه بالاعتكاف الشّرعيّ:
-حجة البعض في الخلوات بتحنّثه صلى الله عليه وسلم بغار حراءٍ قبل الوحي:
-إتيان غار حراء كان في الجاهلية:
- طائفةٌ يجعلون الخلوة أربعين يومًا ويعظّمون أمر الأربعينية:
أ-ما يحتجون به:
ب-الرد عليهم, والدليل على غلطهم:
-أحوال أصحاب الخلوات في التمسّك العبادات الشّرعيّة:

ثانيا: الذكر عند أبي حامد ومن تبعه:
-الذّكر بالاسم المفرد بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة:
-حديث النبي (أفضل الكلام بعد القرآن أربع..):
-قصد بعض المتأخرين بالذكر بالاسم المفرد:
-طريقة هؤلاء في الذكر:
-البدع بريد الكفر.
-كتاب أبي حامد (الإحياء) وغيره:
-تأثر أبو حامد وابن سينا وأمثالهم بالفلسفة:
-اعتقاد المتفلسفة بأن النّبوّة مكتسبةٌ:
-مرجع كلامهم هذا إلى أنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض.
-رد ابن تيمية على إدعاء المتفلسفة:
-الخلوة والعزلة والانفراد المشروع هو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ:
1-مثال الإيجاب:
2-مثال الاستحباب:
فصل
0أمثلة لمواضع الخلوات الشركية:
0صور من التنزلات الشيطانية على أهل الخلوات الشركية, وتصورهم بصورة إنسان:

فصلٌ
0أمرنا أن نؤمن بكل الأنبياء, وأن نقتدي بهم:
-محمد صلى الله عليه وسلم نسخ شرع من قبله, وما أمر به من العبادات فهو المشروع.
-متى يجوز رواية العمل المستحب؟
-حديث: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).
-ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه.
-اختلاف الصحابة في تقليد النبي صلى الله عليه وسلم فيما فعل بحكم الاتفاق:
-اتفاق الصحابة على أنه لا يعظم من الأماكن إلا ما عظمه الشارع:

فصلٌ
-من البدع قصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكان لم يقصد الأنبياء فيه ذلك.
-سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك:
-تعامل الشيطان مع أهل العبادات البدعية:
-فتنة العالم غير العامل:
-من أهل البدع من يظنّ أنّما يلقى إليه من خطابٍ أو خاطرٍ هو من اللّه تعالى بلا واسطةٍ وقد يكون من الشّيطان.
-نتيجة ذلك:
-رد ابن تيمية على قولهم: " يأخذ عن اللّه":
-المعازف خمر النّفوس:
-الشيطان قد يعطي بالنذر الشركي بعض الحوائج للناذر.
-النهي عن النذر الشرعي, مع وجوب الوفاء على من نذر:
-والنّاس يقصدون بالنّذر تحصيل مطالبهم:

التلخيص:
رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية

المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛
فهذا تلخيص (رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية,
لأبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت:728هـ)).

فصلٌ
في العبادات والفرق بين شرعيّها وبدعيّها
-كثرة الاضطراب في هذا الباب كما كثر في باب الحلال والحرام.
-أصل الدين:
1-أن الحلال ما أحله الله ورسوله.
2-وأن الحرام ما حرمه الله ورسوله.
3-والدين ما شرعه الله ورسوله.
-ليس لأحد أن يخرج عن الصّراط المستقيم الّذي بعث اللّه به رسوله.
-حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه: (أن النبي خط خطا..)
عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خطّ خطًّا وخطّ خطوطًا عن يمينه وشماله ثمّ قال: "هذه سبيل اللّه وهذه سبلٌ، على كلّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه، ثمّ قرأ: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله}".
-العبادات الشرعية إمّا واجبٌة وإمّا مستحبٌّة.
-الحديث القدسي: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه..)
في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه).
-ذكر أمثلة لعبادات منها فرض ومنها مستحب:
الصّلاة منها فرضٌ وهي الصّلوات الخمس ومنها نافلةٌ كقيام اللّيل، وكذلك الصّيام فيه فرضٌ وهو صوم شهر رمضان ومنه نافلةٌ كصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، وكذلك السّفر إلى المسجد الحرام فرضٌ وإلى المسجدين الآخرين -مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وبيت المقدس - مستحبٌّ، وكذلك الصّدقة منها ما هو فرضٌ ومنها ما هو مستحبٌّ وهو العفو.
-الفرق بين ما هو مشروعٌ وما ليس بمشروع:
المشروع: هو الّذي يتقرّب به إلى اللّه تعالى ويدخل فيه الواجب والمستحب, والمؤقت بوقت والمتعلق بسبب.
-أصول العبادات الدّينية: الصّلاة والصّيام وقراءة القرآن:
جاء ذلك في الصّحيحين في حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص لمّا أتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: (ألم أحدَّث أنّك قلت لأصومنّ النّهار ولأقومنّ اللّيل ولأقرأنّ القرآن في ثلاثٍ؟ قال: بلى، قال: فلا تفعل فإنّك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النّفس، ثمّ أمره بصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، فقال إنّي أطيق أكثر من ذلك، فانتهى به إلى صوم يومٍ وفطر يومٍ، فقال: إنّي أطيق أكثر من ذلك فقال: لا أفضل من ذلك وقال: أفضل الصّيام صيام داود عليه السّلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفرّ إذا لاقى، وأفضل القيام قيام داود كان ينام نصف اللّيل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأمره أن يقرأ القرآن في سبعٍ).
-ذم غلو الخوارج في العبادة ونهي الصحابة عن ذلك:
قال عليه الصلاة والسلام: " يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة".
-غلو الخوارج في العبادات بلا فقه آل بهم إلى البدعة:
قال عليه الصلاة والسلام: " يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة، أينما وجدتموهم فاقتلوهم فإنّ في قتلهم أجرًا عند اللّه لمن قتلهم يوم القيامة".
-السبب في الأمر بقتل الخوارج:
أنهم قد استحلّوا دماء المسلمين وكفّروا من خالفهم.
0القدر المشروع في أصول العبادات الدّينية:
-تصنيف ابن تيمية لكتاب "الاقتصاد في العبادة" لبيان هذا القدر المشروع.
-قول أبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ".
- دلّت السّنّة على أن سرد الصّوم وصيام الدّهر سوى يومي العيدين وأيّام التّشريق وقيام جميع اللّيل مكروه.
- وإن كان الأمر جائزا, لكن صوم يومٍ وفطر يومٍ أفضل, وقيام ثلث اللّيل أفضل.
0أجناس عباداتٍ بدعية -غير مشروعةٍ - حدثت في المتأخّرين:
أولا: الخلوات:
-هي تشتبه بالاعتكاف الشّرعيّ:
لكن الاعتكاف الشّرعيّ في المساجد كما كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يفعله هو وأصحابه من العبادات الشّرعيّة.
-حجة البعض في الخلوات بتحنّثه صلى الله عليه وسلم بغار حراءٍ قبل الوحي:
وهذا خطأٌ؛ فإنّ ما فعله صلّى اللّه عليه وسلّم كان قبل النّبوّة, وهو من حين نبّأه اللّه تعالى لم يصعد بعد ذلك إلى غار حراءٍ ولا خلفاؤه الرّاشدون, وقد أقام بمكّة قبل الهجرة, ودخل مكّة في عمرة القضاء وعام الفتح, وأتاها في حجّة الوداع, وغار حراءٍ قريبٌ منه ولم يقصده.
-إتيان غار حراء كان في الجاهلية, ثم جاءت الصلاة والاعتكاف في المساجد فأغنت عن ذلك.
- طائفةٌ يجعلون الخلوة أربعين يومًا ويعظّمون أمر الأربعينية:
أ-ما يحتجون به:
1- أنّ اللّه تعالى واعد موسى -عليه السّلام- ثلاثين ليلةً وأتمّها بعشر.
2- أنّ موسى عليه السّلام صامها.
3-أن المسيح أيضًا صام أربعين للّه تعالى وخوطب بعدها.
4-يقولون يحصل بعدها الخطاب والتّنزّل كما يقولون في غار حراءٍ حصل بعده نزول الوحي.
ب-الرد عليهم, والدليل على غلطهم:
1-الأربعينية تَمسُّكٌ بشرع منسوخٍ.
2-غار حراء تمسّكٌ بما كان قبل النّبوّة.
3-مجرب أن من سلك هذه العبادات البدعيّة نزلت عليهم الشّياطين.
والسبب في ذلك خروجهم عن شريعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- وكثيرٌ من المبدعة لا يحدّ للخلوة مكانًا ولا زمانًا بل يأمر الإنسان أن يخلو في الجملة.
-أحوال أصحاب الخلوات في التمسّك العبادات الشّرعيّة:
1-بعضهم يتمسّك بجنس العبادات الشّرعيّة الصّلاة والصّيام والقراءة والذّكر.
2-وأكثرهم يخرجون إلى أجناسٍ غير مشروعةٍ؛ مثل طريقة أبي حامدٍ ومن تبعه.
هؤلاء يأمرون صاحب الخلوة أن لا يزيد على الفرض لا قراءةً ولا نظرًا في حديثٍ نبويٍّ ولا غير ذلك, بل قد يأمرونه بالذّكر؛ كما يقوله أبو حامدٍ: ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".

ثانيا: الذكر عند أبي حامد ومن تبعه:
-الذّكر بالاسم المفرد بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة:
وسبب ذلك أنه بالاسم المجّرّد ليس بكلام يُعقل ولا فيه إيمانٌ بل كفر.
-حديث النبي (أفضل الكلام بعد القرآن أربع..):
ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر).
-قصد بعض المتأخرين بالذكر بالاسم المفرد:
يقولون: ليس قصدنا ذكر اللّه تعالى, ولكن جمع القلب على شيءٍ معيّنٍ حتّى تستعدّ النّفس لما يرد عليها.
-طريقة هؤلاء في الذكر:
يأمر مريده بأن يقول هذا الاسم مرّاتٍ فإذا اجتمع قلبه ألقى عليه حالًا شيطانيًّا فيلبسه الشّيطان ويخيّل إليه أنّه قد صار في الملأ الأعلى.
بل أبلغ من ذلك من يقول: ليس مقصودنا إلّا جمع النّفس بأيّ شيءٍ كان، حتّى يقول لا فرق بين قولك: يا حيّ، وقولك: يا جحش.
-البدع بريد الكفر.
-كتاب أبي حامد (الإحياء) وغيره:
أكثر أبو حامد في (الإحياء) وغيره من مدح الذكر على طريقته البدعية, وبالغ في مدح الزهد.
-تأثر أبو حامد وابن سينا وأمثالهم بالفلسفة:
أدى ذلك إلى زعم ابن سينا وأمثاله أنّ ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم هو من "العقل الفعّال".
- اعتقاد المتفلسفة بأن النّبوّة مكتسبةٌ:
حيث يقولون بأن المرء إذا تفرّغ صفا قلبه, وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء، وعندهم أنّ موسى بن عمران -صلّى اللّه عليه وسلّم- كُلّم من سماء عقله؛ لم يسمع الكلام من خارجٍ فلهذا يقولون إنّه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى وأعظم ممّا حصل لموسى. وأبو حامدٍ يقول إنّه سمع الخطاب كما سمعه موسى -عليه السّلام- وإن لم يُقصد هو بالخطاب.
-مرجع كلامهم هذا إلى أنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض.
-رد ابن تيمية على إدعاء المتفلسفة:
وهذا الّذي قالوه باطلٌ من وجوهٍ:
أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه " العقل الفعّال " باطلٌ لا حقيقة, كما بسط في موضع آخر.
الثّاني: الملائكة والشياطين أحياء ناطقون, وليسوا صفات لنفس الإنسان كما زعموا, فما جعله الله في القلوب من الحق فبالملائكة, وما كان من باطل فبالشيطان.
الثّالث: أن ما حصل للأنبياء ليس فيضا كما يزعمون, وإنما وحيا نزل به الملائكة, ومنهم من كلمه الله كموسى عليه السلام.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ، وكلاهما لم يدلّ على ذلك.
الخامس: أن الذي علم أن القلب إذا فرغ من كل شيء, حلت فيه الشياطين, قال اللّه تعالى: (ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ).
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ، وخاتم الرّسل -صلّى اللّه عليه وسلّم- قد أمر أمّته بعبادات شرعيّةٍ من صلاةٍ وذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ لم يأمرهم قطّ بتفريغ القلب من كلّ خاطرٍ وانتظار ما ينزل، فهذه الطّريقة لو قدّر أنّها طريقٌ لبعض الأنبياء لكانت منسوخةً بشرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فكيف وهي طريقةٌ جاهليّةٌ, ولكنّ التّفريغ والتّخلية الّتي جاء بها الرّسول أن يفرّغ قلبه ممّا لا يحبّه اللّه ويملأه بما يحبّه اللّه.
السّابع: تشبيه أبي حامد ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط, هو قياسٌ فاسدٌ, وقول المتفلسفة بأن العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة, وتسمية ذلك " اللّوح المحفوظ ", قول خاطيء؛ فهم أخذوا مخّ الفلسفة وكَسَوه لحاء الشّريعة.
- الخلوة والعزلة والانفراد المشروع هو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ:
1-مثال الإيجاب:
كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}, وقوله عن أهل الكهف: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلّا اللّه فأووا إلى الكهف}، فإنّ أولئك لم يكونوا في مكانٍ فيه جمعةٌ ولا جماعةٌ ولا من يأمر بشرع نبيٍّ فلهذا أووا إلى الكهف وقد قال موسى: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}.
2-مثال الاستحباب:
اعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع بالزّهد فيه, وقد قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
فإذا أراد الإنسان تحقيق علمٍ أو عملٍ فتخلّى في بعض الأماكن مع محافظته على الجمعة والجماعة فهذا حقٌّ كما في الصّحيحين أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ النّاس أفضل؟ قال: (رجلٌ آخذٌ بعنان فرسه في سبيل اللّه كلّما سمع هيعةً طار إليها يتتبّع الموت مظانّه، ورجلٌ معتزلٌ في شعبٍ من الشّعاب يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة ويدع النّاس إلّا من خيرٍ).

فصل
0أمثلة لمواضع الخلوات الشركية:
1-الأماكن التي ليس فيها مساجد وإقامة للصلوات.
2-الكهوف والغيران التي في الجبال.
3-مقابر الأبياء والصالحين.
0صور من التنزلات الشيطانية على أهل الخلوات الشركية, وتصورهم بصورة إنسان:
1-منهم من يرى صاحب قبر مات منذ زمن, ويقول له أنا فلان.
2- ومن هؤلاء من يظنّ أنّه حين يأتي إلى قبر نبيٍّ أنّ النّبيّ يخرج من قبره في صورته فيكلّمه.

فصلٌ
0أمرنا أن نؤمن بكل الأنبياء, وأن نقتدي بهم:
قال تعالى: {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون}.
وقال تعالى: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده}.
-محمد صلى الله عليه وسلم نسخ شرع من قبله, وما أمر به من العبادات فهو المشروع.
-متى يجوز رواية العمل المستحب؟
إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ.
-حديث: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).
أئمة أهل السنة إذا عرفوا أنّ الحديث كذبٌ لا يستحلّون روايته إلّا أن يبيّنوا أنّه كذبٌ؛ لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصّحيح: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).
-ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه.
-اختلاف الصحابة في تقليد النبي صلى الله عليه وسلم فيما فعل بحكم الاتفاق:
ابن عمر رضي اللّه عنه كان يفعل ذلك, ويقول: وإن لم يقصده؛ لكنّ نفس فعله حسنٌ على أيّ وجهٍ كان فأحبّ أن أفعل مثله إمّا لأنّ ذلك زيادةٌ في محبّته وإمّا لبركة مشابهته له.
وأمّا الخلفاء الرّاشدون وجمهور الصّحابة فلم يستحبّوا ذلك؛ لأنّ هذا ليس بمتابعة له إذ المتابعة لا بدّ فيها من القصد.
ومن ذلك قول عمر بن الخطاب لما رأى الناس في سفر, يصلون بمكان صلى فيه رسول الله –صلى الله عليه وسلم: فقال: أتريدون أن تتّخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ إنّما هلك من كان قبلكم بهذا، من أدركته فيه الصّلاة فليصلّ فيه وإلّا فليمض".
-اتفاق الصحابة على أنه لا يعظم من الأماكن إلا ما عظمه الشارع:
لم يكن ابن عمر ولا غيره من الصّحابة يقصدون الأماكن الّتي كان ينزل فيها ويبيت فيها مثل بيوت أزواجه ومثل مواضع نزوله في مغازيه وإنّما كان الكلام في مشابهته في صورة الفعل فقط، وإن كان هو لم يقصد التّعبّد به، فأمّا الأمكنة نفسها فالصّحابة متّفقون على أنّه لا يعظّم منها إلّا ما عظّمه الشّارع.

فصلٌ
-من البدع قصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكان لم يقصد الأنبياء فيه ذلك.
ويستحبّ إتيان قبور الأنبياء للسّلام عليهم ويحرم إتيانها للصّلاة عندها واتّخاذها مساجد؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فلا تتّخذوا القبور مساجد فإنّي أنهاكم عن ذلك).
-سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك:
لأنّه ذريعةٌ إلى الشّرك، فأراد أن تكون المساجد خالصةً للّه تعالى وحده.
فلم يشرع اللّه تعالى للمسلمين مكانًا يقصد للصّلاة إلّا المسجد ولا مكانًا يقصد للعبادة إلّا المشاعر.
وما سوى ذلك من البقاع فإنّه لا يستحبّ قصد بقعةٍ بعينها للصّلاة ولا الدّعاء ولا الذّكر.
-تعامل الشيطان مع أهل العبادات البدعية:
الشّيطان يزيّن لهم تلك العبادات ويبغّض إليهم السّبل الشّرعيّة حتّى يبغّضهم في العلم والقرآن والحديث.
-فتنة العالم غير العامل:
وجود العلماء غير العاملين في مجتمع يعد فتنة ومدخل للشيطان إلى أهل البدع.
-من أهل البدع من يظنّ أنّما يلقى إليه من خطابٍ أو خاطرٍ هو من اللّه تعالى بلا واسطةٍ وقد يكون من الشّيطان.
-نتيجة ذلك:
أنهم صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول، يقول أحدهم: فلانٌ عطيّته على يد محمّدٍ وأنا عطيّتي من اللّه بلا واسطةٍ، ويقول أيضًا: فلانٌ يأخذ عن الكتاب وهذا الشّيخ يأخذ عن اللّه، ومثل هذا.
-رد ابن تيمية على قولهم: " يأخذ عن اللّه":
1- إن أراد به الإعطاء والأخذ العامّ فهو حقٌّ، ولكنّ جميع النّاس يشاركونه في هذا.
2- وإن أراد أنّ هذا الّذي حصل له هو ممّا يحبّه اللّه ويرضاه ويقرّب إليه وهو من كلام اللّه تعالى فهنا طريقان:
أحدهما: أن يقال له من أدراك أنه من اللّه لا من الشّيطان؟
الثّاني: أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
-المعازف هي خمر النّفوس:
إذا سكروا بالأصوات حلّ فيهم الشّرك والفواحش وقتل النفس.
-الشيطان قد يعطي بالنذر الشركي بعض الحوائج للناذر.
- النهي عن النذر الشرعي, مع وجوب الوفاء على من نذر:
ثبت في الصّحيحين عن ابن عمر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نهى عن النّذر وقال: (إنّه لا يأتي بخير وإنّما يستخرج به من البخيل)، وفي صحيح البخاريّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (من نذر أن يطيع اللّه فليطعه ومن نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه).
-النّاس يقصدون بالنّذر تحصيل مطالبهم:
فليس النّذر سببًا في حصول مطلوبهم واللّه سبحانه لا يقضي تلك الحاجة بمجرّد تلك العبادة المنذورة، بل ينعم على عبده بذلك المطلوب ليبتليه أيشكر أم يكفر؟ وشكره يكون بفعل ما أمره به وترك ما نهاه عنه.

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 30 ذو القعدة 1440هـ/1-08-2019م, 10:07 PM
هيئة التصحيح 9 هيئة التصحيح 9 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Dec 2015
المشاركات: 1,649
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد عبد الرازق مشاهدة المشاركة
تلخيص رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية

المقدمة
فصلٌ
0العبادات والفرق بين شرعيّها وبدعيّها
-كثرة الاضطراب في هذا الباب كما كثر في باب الحلال والحرام.
-أصل الدين:
-ليس لأحد أن يخرج عن الصّراط المستقيم الّذي بعث اللّه به رسوله.
-حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه: (أن النبي خط خطا..)
-العبادات الشرعية إمّا واجبٌة وإمّا مستحبٌّة.
-الحديث القدسي: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه..)
-ذكر أمثلة لعبادات منها فرض ومنها مستحب:
-الفرق بين ما هو مشروعٌ وما ليس بمشروع:
-أصول العبادات الدّينية: الصّلاة والصّيام وقراءة القرآن:
-ذم غلو الخوارج في العبادة ونهي الصحابة عن ذلك:
-غلو الخوارج في العبادات بلا فقه آل بهم إلى البدعة:
-السبب في الأمر بقتل الخوارج:
0القدر المشروع في أصول العبادات الدّينية:
-تصنيف ابن تيمية لكتاب "الاقتصاد في العبادة" لبيان هذا القدر المشروع.
-قولأبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ".
0أجناس عباداتٍ بدعية -غير مشروعةٍ - حدثت في المتأخّرين:
أولا: الخلوات:
-هي تشتبه بالاعتكاف الشّرعيّ:
-حجة البعض في الخلوات بتحنّثه صلى الله عليه وسلم بغار حراءٍ قبل الوحي:
-إتيان غار حراء كان في الجاهلية:
- طائفةٌ يجعلون الخلوة أربعين يومًا ويعظّمون أمر الأربعينية:
أ-ما يحتجون به:
ب-الرد عليهم, والدليل على غلطهم:
-أحوال أصحاب الخلوات في التمسّك العبادات الشّرعيّة:

ثانيا: الذكر عند أبي حامد ومن تبعه:
-الذّكر بالاسم المفرد بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة:
-حديث النبي (أفضل الكلام بعد القرآن أربع..):
-قصد بعض المتأخرين بالذكر بالاسم المفرد:
-طريقة هؤلاء في الذكر:
-البدع بريد الكفر.
-كتاب أبي حامد (الإحياء) وغيره:
-تأثر أبو حامد وابن سينا وأمثالهم بالفلسفة:
-اعتقاد المتفلسفة بأن النّبوّة مكتسبةٌ:
-مرجع كلامهم هذا إلى أنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض.
-رد ابن تيمية على إدعاء المتفلسفة:
-الخلوة والعزلة والانفراد المشروع هو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ:
1-مثال الإيجاب:
2-مثال الاستحباب:
فصل
0أمثلة لمواضع الخلوات الشركية:
0صور من التنزلات الشيطانية على أهل الخلوات الشركية, وتصورهم بصورة إنسان:

فصلٌ
0أمرنا أن نؤمن بكل الأنبياء, وأن نقتدي بهم:
-محمد صلى الله عليه وسلم نسخ شرع من قبله, وما أمر به من العبادات فهو المشروع.
-متى يجوز رواية العمل المستحب؟
-حديث: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).
-ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه.
-اختلاف الصحابة في تقليد النبي صلى الله عليه وسلم فيما فعل بحكم الاتفاق:
-اتفاق الصحابة على أنه لا يعظم من الأماكن إلا ما عظمه الشارع:

فصلٌ
-من البدع قصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكان لم يقصد الأنبياء فيه ذلك.
-سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك:
-تعامل الشيطان مع أهل العبادات البدعية:
-فتنة العالم غير العامل:
-من أهل البدع من يظنّ أنّما يلقى إليه من خطابٍ أو خاطرٍ هو من اللّه تعالى بلا واسطةٍ وقد يكون من الشّيطان.
-نتيجة ذلك:
-رد ابن تيمية على قولهم: " يأخذ عن اللّه":
-المعازف خمر النّفوس:
-الشيطان قد يعطي بالنذر الشركي بعض الحوائج للناذر.
-النهي عن النذر الشرعي, مع وجوب الوفاء على من نذر:
-والنّاس يقصدون بالنّذر تحصيل مطالبهم:

التلخيص:
رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية لابن تيمية

المقدمة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛
فهذا تلخيص (رسالة العبادات الشرعية والفرق بينها وبين البدعية,
لأبي العباس أحمد بن عبد الحليم ابن تيمية الحراني (ت:728هـ)).

فصلٌ
في العبادات والفرق بين شرعيّها وبدعيّها
-كثرة الاضطراب في هذا الباب كما كثر في باب الحلال والحرام.
-أصل الدين:
1-أن الحلال ما أحله الله ورسوله.
2-وأن الحرام ما حرمه الله ورسوله.
3-والدين ما شرعه الله ورسوله.
-ليس لأحد أن يخرج عن الصّراط المستقيم الّذي بعث اللّه به رسوله.
-حديث عبد اللّه بن مسعودٍ رضي اللّه عنه: (أن النبي خط خطا..)
عنه عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه خطّ خطًّا وخطّ خطوطًا عن يمينه وشماله ثمّ قال: "هذه سبيل اللّه وهذه سبلٌ، على كلّ سبيلٍ منها شيطانٌ يدعو إليه، ثمّ قرأ: {وأنّ هذا صراطي مستقيمًا فاتّبعوه ولا تتّبعوا السّبل فتفرّق بكم عن سبيله}".
-العبادات الشرعية إمّا واجبٌة وإمّا مستحبٌّة.
-الحديث القدسي: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه..)
في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال فيما يروي عن ربّه تبارك وتعالى: (ما تقرّب إليّ عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرّب إليّ بالنّوافل حتّى أحبّه، فإذا أحببته كنت سمعه الّذي يسمع به وبصره الّذي يبصر به ويده الّتي يبطش بها ورجله الّتي يمشي بها، فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي، ولئن سألني لأعطينّه ولئن استعاذني لأعيذنّه، وما تردّدت عن شيءٍ أنا فاعله تردّدي عن قبض نفس عبدي المؤمن، يكره الموت وأكره مساءته ولا بدّ له منه).
-ذكر أمثلة لعبادات منها فرض ومنها مستحب:
الصّلاة منها فرضٌ وهي الصّلوات الخمس ومنها نافلةٌ كقيام اللّيل، وكذلك الصّيام فيه فرضٌ وهو صوم شهر رمضان ومنه نافلةٌ كصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، وكذلك السّفر إلى المسجد الحرام فرضٌ وإلى المسجدين الآخرين -مسجد النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وبيت المقدس - مستحبٌّ، وكذلك الصّدقة منها ما هو فرضٌ ومنها ما هو مستحبٌّ وهو العفو.
-الفرق بين ما هو مشروعٌ وما ليس بمشروع:
المشروع: هو الّذي يتقرّب به إلى اللّه تعالى ويدخل فيه الواجب والمستحب, والمؤقت بوقت والمتعلق بسبب.
-أصول العبادات الدّينية: الصّلاة والصّيام وقراءة القرآن:
جاء ذلك في الصّحيحين في حديث عبد اللّه بن عمرو بن العاص لمّا أتاه النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم وقال: (ألم أحدَّث أنّك قلت لأصومنّ النّهار ولأقومنّ اللّيل ولأقرأنّ القرآن في ثلاثٍ؟ قال: بلى، قال: فلا تفعل فإنّك إذا فعلت ذلك هجمت له العين ونفهت له النّفس، ثمّ أمره بصيام ثلاثة أيّامٍ من كلّ شهرٍ، فقال إنّي أطيق أكثر من ذلك، فانتهى به إلى صوم يومٍ وفطر يومٍ، فقال: إنّي أطيق أكثر من ذلك فقال: لا أفضل من ذلك وقال: أفضل الصّيام صيام داود عليه السّلام كان يصوم يومًا ويفطر يومًا ولا يفرّ إذا لاقى، وأفضل القيام قيام داود كان ينام نصف اللّيل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وأمره أن يقرأ القرآن في سبعٍ).
-ذم غلو الخوارج في العبادة ونهي الصحابة عن ذلك:
قال عليه الصلاة والسلام: " يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم وقراءته مع قراءتهم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدّين كما يمرق السّهم من الرّميّة".
-غلو الخوارج في العبادات بلا فقه آل بهم إلى البدعة:
قال عليه الصلاة والسلام: " يمرقون من الإسلام كما يمرق السّهم من الرّميّة، أينما وجدتموهم فاقتلوهم فإنّ في قتلهم أجرًا عند اللّه لمن قتلهم يوم القيامة".
-السبب في الأمر بقتل الخوارج:
أنهم قد استحلّوا دماء المسلمين وكفّروا من خالفهم.
0القدر المشروع في أصول العبادات الدّينية:
-تصنيف ابن تيمية لكتاب "الاقتصاد في العبادة" لبيان هذا القدر المشروع.
-قول أبي بن كعبٍ وغيره: "اقتصادٌ في سنّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ".
- دلّت السّنّة على أن سرد الصّوم وصيام الدّهر سوى يومي العيدين وأيّام التّشريق وقيام جميع اللّيل مكروه.
- وإن كان الأمر جائزا, لكن صوم يومٍ وفطر يومٍ أفضل, وقيام ثلث اللّيل أفضل.
0أجناس عباداتٍ بدعية -غير مشروعةٍ - حدثت في المتأخّرين:
أولا: الخلوات:
-هي تشتبه بالاعتكاف الشّرعيّ:
لكن الاعتكاف الشّرعيّ في المساجد كما كان النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم يفعله هو وأصحابه من العبادات الشّرعيّة.
-حجة البعض في الخلوات بتحنّثه صلى الله عليه وسلم بغار حراءٍ قبل الوحي:
وهذا خطأٌ؛ فإنّ ما فعله صلّى اللّه عليه وسلّم كان قبل النّبوّة, وهو من حين نبّأه اللّه تعالى لم يصعد بعد ذلك إلى غار حراءٍ ولا خلفاؤه الرّاشدون, وقد أقام بمكّة قبل الهجرة, ودخل مكّة في عمرة القضاء وعام الفتح, وأتاها في حجّة الوداع, وغار حراءٍ قريبٌ منه ولم يقصده.
-إتيان غار حراء كان في الجاهلية, ثم جاءت الصلاة والاعتكاف في المساجد فأغنت عن ذلك.
- طائفةٌ يجعلون الخلوة أربعين يومًا ويعظّمون أمر الأربعينية:
أ-ما يحتجون به:
1- أنّ اللّه تعالى واعد موسى -عليه السّلام- ثلاثين ليلةً وأتمّها بعشر.
2- أنّ موسى عليه السّلام صامها.
3-أن المسيح أيضًا صام أربعين للّه تعالى وخوطب بعدها.
4-يقولون يحصل بعدها الخطاب والتّنزّل كما يقولون في غار حراءٍ حصل بعده نزول الوحي.
ب-الرد عليهم, والدليل على غلطهم:
1-الأربعينية تَمسُّكٌ بشرع منسوخٍ.
2-غار حراء تمسّكٌ بما كان قبل النّبوّة.
3-مجرب أن من سلك هذه العبادات البدعيّة نزلت عليهم الشّياطين.
والسبب في ذلك خروجهم عن شريعة النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم.
- وكثيرٌ من المبدعة لا يحدّ للخلوة مكانًا ولا زمانًا بل يأمر الإنسان أن يخلو في الجملة.
-أحوال أصحاب الخلوات في التمسّك العبادات الشّرعيّة:
1-بعضهم يتمسّك بجنس العبادات الشّرعيّة الصّلاة والصّيام والقراءة والذّكر.
2-وأكثرهم يخرجون إلى أجناسٍ غير مشروعةٍ؛ مثل طريقة أبي حامدٍ ومن تبعه.
هؤلاء يأمرون صاحب الخلوة أن لا يزيد على الفرض لا قراءةً ولا نظرًا في حديثٍ نبويٍّ ولا غير ذلك, بل قد يأمرونه بالذّكر؛ كما يقوله أبو حامدٍ: ذكر العامّة: " لا إله إلّا اللّه " وذكر الخاصّة: " اللّه اللّه " وذكر خاصّة الخاصّة: " هو هو ".

ثانيا: الذكر عند أبي حامد ومن تبعه:
-الذّكر بالاسم المفرد بدعةٌ في الشّرع وخطأٌ في القول واللّغة:
وسبب ذلك أنه بالاسم المجّرّد ليس بكلام يُعقل ولا فيه إيمانٌ بل كفر.
-حديث النبي (أفضل الكلام بعد القرآن أربع..):
ثبت في الصّحيح عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (أفضل الكلام بعد القرآن أربعٌ وهنّ من القرآن: سبحان اللّه والحمد للّه ولا إله إلّا اللّه واللّه أكبر).
-قصد بعض المتأخرين بالذكر بالاسم المفرد:
يقولون: ليس قصدنا ذكر اللّه تعالى, ولكن جمع القلب على شيءٍ معيّنٍ حتّى تستعدّ النّفس لما يرد عليها.
-طريقة هؤلاء في الذكر:
يأمر مريده بأن يقول هذا الاسم مرّاتٍ فإذا اجتمع قلبه ألقى عليه حالًا شيطانيًّا فيلبسه الشّيطان ويخيّل إليه أنّه قد صار في الملأ الأعلى.
بل أبلغ من ذلك من يقول: ليس مقصودنا إلّا جمع النّفس بأيّ شيءٍ كان، حتّى يقول لا فرق بين قولك: يا حيّ، وقولك: يا جحش.
-البدع بريد الكفر.
-كتاب أبي حامد (الإحياء) وغيره:
أكثر أبو حامد في (الإحياء) وغيره من مدح الذكر على طريقته البدعية, وبالغ في مدح الزهد.
-تأثر أبو حامد وابن سينا وأمثالهم بالفلسفة:
أدى ذلك إلى زعم ابن سينا وأمثاله أنّ ما يحصل في القلوب من العلم للأنبياء وغيرهم هو من "العقل الفعّال".
- اعتقاد المتفلسفة بأن النّبوّة مكتسبةٌ:
حيث يقولون بأن المرء إذا تفرّغ صفا قلبه, وفاض على قلبه من جنس ما فاض على الأنبياء، وعندهم أنّ موسى بن عمران -صلّى اللّه عليه وسلّم- كُلّم من سماء عقله؛ لم يسمع الكلام من خارجٍ فلهذا يقولون إنّه يحصل لهم مثل ما حصل لموسى وأعظم ممّا حصل لموسى. وأبو حامدٍ يقول إنّه سمع الخطاب كما سمعه موسى -عليه السّلام- وإن لم يُقصد هو بالخطاب.
-مرجع كلامهم هذا إلى أنّهم آمنوا ببعض ما جاءت به الرّسل وكفروا ببعض.
-رد ابن تيمية على إدعاء المتفلسفة:
وهذا الّذي قالوه باطلٌ من وجوهٍ:
أحدها: أنّ هذا الّذي يسمّونه " العقل الفعّال " باطلٌ لا حقيقة, كما بسط في موضع آخر.
الثّاني: الملائكة والشياطين أحياء ناطقون, وليسوا صفات لنفس الإنسان كما زعموا, فما جعله الله في القلوب من الحق فبالملائكة, وما كان من باطل فبالشيطان.
الثّالث: أن ما حصل للأنبياء ليس فيضا كما يزعمون, وإنما وحيا نزل به الملائكة, ومنهم من كلمه الله كموسى عليه السلام.
الرّابع: أنّ الإنسان إذا فرّغ قلبه فمن أين يعلم أنّ ما يحصل فيه حقٌّ؟ هذا إمّا أن يُعلم بعقل أو سمعٍ، وكلاهما لم يدلّ على ذلك.
الخامس: أن الذي علم أن القلب إذا فرغ من كل شيء, حلت فيه الشياطين, قال اللّه تعالى: (ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ).
السّادس: أنّ هذه الطّريقة لو كانت حقًّا فإنّما تكون في حقّ من لم يأته رسولٌ فأمّا من أتاه رسولٌ وأُمر بسلوك طريقٍ فمن خالفه ضلّ، وخاتم الرّسل -صلّى اللّه عليه وسلّم- قد أمر أمّته بعبادات شرعيّةٍ من صلاةٍ وذكرٍ ودعاءٍ وقراءةٍ لم يأمرهم قطّ بتفريغ القلب من كلّ خاطرٍ وانتظار ما ينزل، فهذه الطّريقة لو قدّر أنّها طريقٌ لبعض الأنبياء لكانت منسوخةً بشرع محمّدٍ -صلّى اللّه عليه وسلّم- فكيف وهي طريقةٌ جاهليّةٌ, ولكنّ التّفريغ والتّخلية الّتي جاء بها الرّسول أن يفرّغ قلبه ممّا لا يحبّه اللّه ويملأه بما يحبّه اللّه.
السّابع: تشبيه أبي حامد ذلك بنقش أهل الصّين والرّوم على تزويق الحائط, هو قياسٌ فاسدٌ, وقول المتفلسفة بأن العلم منقوشٌ في النّفس الفلكيّة, وتسمية ذلك " اللّوح المحفوظ ", قول خاطيء؛ فهم أخذوا مخّ الفلسفة وكَسَوه لحاء الشّريعة.
- الخلوة والعزلة والانفراد المشروع هو ما كان مأمورًا به أمر إيجابٍ أو استحبابٍ:
1-مثال الإيجاب:
كاعتزال الأمور المحرّمة ومجانبتها، كما قال تعالى: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره}, وقوله عن أهل الكهف: {وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلّا اللّه فأووا إلى الكهف}، فإنّ أولئك لم يكونوا في مكانٍ فيه جمعةٌ ولا جماعةٌ ولا من يأمر بشرع نبيٍّ فلهذا أووا إلى الكهف وقد قال موسى: {وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون}.
2-مثال الاستحباب:
اعتزال النّاس في فضول المباحات وما لا ينفع بالزّهد فيه, وقد قال طاوس: نعم صومعة الرّجل بيته يكفّ فيه بصره وسمعه.
فإذا أراد الإنسان تحقيق علمٍ أو عملٍ فتخلّى في بعض الأماكن مع محافظته على الجمعة والجماعة فهذا حقٌّ كما في الصّحيحين أنّ النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم سئل: أيّ النّاس أفضل؟ قال: (رجلٌ آخذٌ بعنان فرسه في سبيل اللّه كلّما سمع هيعةً طار إليها يتتبّع الموت مظانّه، ورجلٌ معتزلٌ في شعبٍ من الشّعاب يقيم الصّلاة ويؤتي الزّكاة ويدع النّاس إلّا من خيرٍ).

فصل
0أمثلة لمواضع الخلوات الشركية:
1-الأماكن التي ليس فيها مساجد وإقامة للصلوات.
2-الكهوف والغيران التي في الجبال.
3-مقابر الأبياء والصالحين.
0صور من التنزلات الشيطانية على أهل الخلوات الشركية, وتصورهم بصورة إنسان:
1-منهم من يرى صاحب قبر مات منذ زمن, ويقول له أنا فلان.
2- ومن هؤلاء من يظنّ أنّه حين يأتي إلى قبر نبيٍّ أنّ النّبيّ يخرج من قبره في صورته فيكلّمه.

فصلٌ
0أمرنا أن نؤمن بكل الأنبياء, وأن نقتدي بهم:
قال تعالى: {قولوا آمنّا باللّه وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النّبيّون من ربّهم لا نفرّق بين أحدٍ منهم ونحن له مسلمون}.
وقال تعالى: {أولئك الّذين هدى اللّه فبهداهم اقتده}.
-محمد صلى الله عليه وسلم نسخ شرع من قبله, وما أمر به من العبادات فهو المشروع.
-متى يجوز رواية العمل المستحب؟
إذا ثبت أنّ العمل مستحبٌّ بدليل شرعيٍّ وروي له فضائل بأسانيد ضعيفةٍ جاز أن تروى إذا لم يعلم أنّها كذبٌ.
-حديث: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).
أئمة أهل السنة إذا عرفوا أنّ الحديث كذبٌ لا يستحلّون روايته إلّا أن يبيّنوا أنّه كذبٌ؛ لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم في الحديث الصّحيح: (من روى عنّي حديثًا يرى أنّه كذبٌ فهو أحد الكاذبين).
-ما فعله النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم على وجه التّعبّد فهو عبادةٌ يشرع التّأسّي به فيه.
-اختلاف الصحابة في تقليد النبي صلى الله عليه وسلم فيما فعل بحكم الاتفاق:
ابن عمر رضي اللّه عنه كان يفعل ذلك, ويقول: وإن لم يقصده؛ لكنّ نفس فعله حسنٌ على أيّ وجهٍ كان فأحبّ أن أفعل مثله إمّا لأنّ ذلك زيادةٌ في محبّته وإمّا لبركة مشابهته له.
وأمّا الخلفاء الرّاشدون وجمهور الصّحابة فلم يستحبّوا ذلك؛ لأنّ هذا ليس بمتابعة له إذ المتابعة لا بدّ فيها من القصد.
ومن ذلك قول عمر بن الخطاب لما رأى الناس في سفر, يصلون بمكان صلى فيه رسول الله –صلى الله عليه وسلم: فقال: أتريدون أن تتّخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ إنّما هلك من كان قبلكم بهذا، من أدركته فيه الصّلاة فليصلّ فيه وإلّا فليمض".
-اتفاق الصحابة على أنه لا يعظم من الأماكن إلا ما عظمه الشارع:
لم يكن ابن عمر ولا غيره من الصّحابة يقصدون الأماكن الّتي كان ينزل فيها ويبيت فيها مثل بيوت أزواجه ومثل مواضع نزوله في مغازيه وإنّما كان الكلام في مشابهته في صورة الفعل فقط، وإن كان هو لم يقصد التّعبّد به، فأمّا الأمكنة نفسها فالصّحابة متّفقون على أنّه لا يعظّم منها إلّا ما عظّمه الشّارع.

فصلٌ
-من البدع قصد الصلاة والدعاء والعبادة في مكان لم يقصد الأنبياء فيه ذلك.
ويستحبّ إتيان قبور الأنبياء للسّلام عليهم ويحرم إتيانها للصّلاة عندها واتّخاذها مساجد؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فلا تتّخذوا القبور مساجد فإنّي أنهاكم عن ذلك).
-سبب نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك:
لأنّه ذريعةٌ إلى الشّرك، فأراد أن تكون المساجد خالصةً للّه تعالى وحده.
فلم يشرع اللّه تعالى للمسلمين مكانًا يقصد للصّلاة إلّا المسجد ولا مكانًا يقصد للعبادة إلّا المشاعر.
وما سوى ذلك من البقاع فإنّه لا يستحبّ قصد بقعةٍ بعينها للصّلاة ولا الدّعاء ولا الذّكر.
-تعامل الشيطان مع أهل العبادات البدعية:
الشّيطان يزيّن لهم تلك العبادات ويبغّض إليهم السّبل الشّرعيّة حتّى يبغّضهم في العلم والقرآن والحديث.
-فتنة العالم غير العامل:
وجود العلماء غير العاملين في مجتمع يعد فتنة ومدخل للشيطان إلى أهل البدع.
-من أهل البدع من يظنّ أنّما يلقى إليه من خطابٍ أو خاطرٍ هو من اللّه تعالى بلا واسطةٍ وقد يكون من الشّيطان.
-نتيجة ذلك:
أنهم صاروا عند أنفسهم أعظم من أتباع الرسول، يقول أحدهم: فلانٌ عطيّته على يد محمّدٍ وأنا عطيّتي من اللّه بلا واسطةٍ، ويقول أيضًا: فلانٌ يأخذ عن الكتاب وهذا الشّيخ يأخذ عن اللّه، ومثل هذا.
-رد ابن تيمية على قولهم: " يأخذ عن اللّه":
1- إن أراد به الإعطاء والأخذ العامّ فهو حقٌّ، ولكنّ جميع النّاس يشاركونه في هذا.
2- وإن أراد أنّ هذا الّذي حصل له هو ممّا يحبّه اللّه ويرضاه ويقرّب إليه وهو من كلام اللّه تعالى فهنا طريقان:
أحدهما: أن يقال له من أدراك أنه من اللّه لا من الشّيطان؟
الثّاني: أن يقال: بل هذا من الشّيطان لأنّه مخالفٌ لما بعث اللّه به محمّدًا صلّى اللّه عليه وسلّم.
-المعازف هي خمر النّفوس:
إذا سكروا بالأصوات حلّ فيهم الشّرك والفواحش وقتل النفس.
-الشيطان قد يعطي بالنذر الشركي بعض الحوائج للناذر.
- النهي عن النذر الشرعي, مع وجوب الوفاء على من نذر:
ثبت في الصّحيحين عن ابن عمر عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه نهى عن النّذر وقال: (إنّه لا يأتي بخير وإنّما يستخرج به من البخيل)، وفي صحيح البخاريّ عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: (من نذر أن يطيع اللّه فليطعه ومن نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه).
-النّاس يقصدون بالنّذر تحصيل مطالبهم:
فليس النّذر سببًا في حصول مطلوبهم واللّه سبحانه لا يقضي تلك الحاجة بمجرّد تلك العبادة المنذورة، بل ينعم على عبده بذلك المطلوب ليبتليه أيشكر أم يكفر؟ وشكره يكون بفعل ما أمره به وترك ما نهاه عنه.
وفقك الله وسددك :
ما قمت به هو تلخيص للرسالة , والمطلوب استخراج مقاصدها : سواء الفرعية أو الرئيسية.
فلعلك تراجع الدرس هنا

خطوات العمل هي :
- استخراج المسائل أولا .
- ثم استخلاص المقاصد الفرعية.
- ثم تلخيص الرسالة اعتمادا على هذه المقاصد , مع تصنيف المسائل المستخرجة تحت المقاصد .
- ثم استخراج المقصد الرئيسي.
وهذا كله مفقود فيما قمت به من تلخيص لمقاصد الرسالة.
الدرجة : د
مع التوصية بإعادة الرسالة.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 15 جمادى الأولى 1442هـ/29-12-2020م, 01:14 AM
الصورة الرمزية صفية الشقيفي
صفية الشقيفي صفية الشقيفي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 5,755
افتراضي

تلخيص مقاصد الرسالة التبوكية لابن القيم رحمه الله


المقصد العام:
بيان وجوب الهجرة إلى الله ورسوله وزاد المهاجر.



المقاصد الفرعية:

1. بيان أنواع الهجرة

· الهجرة هجرتان:
الهجرة الأولى: هجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام.
الهجرة الثانية: هجرة إلى الله ورسوله.
· الهجرة إلى الله ورسوله فرض عين على كل أحد في الدنيا.
· يسأل العبد عنهما في البرزخ ويوم القيامة.
قال قتادة: "كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ ".
· الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام إنما هي تابعة للهجرة إلى الله ورسوله.
وهي هجرة عارضة قد لا تتعلق بالمرء إن لم يحصل موجبها.

2.بيان معنى الهجرة إلى الله

· الهجرة إلى الله تتضمن هجران ما يكرهه الله وإتيان ما يحبه الله ويرضاه.
· أصل الهجرة إلى الله حب ما يحبه الله، وبغض ما يبغضه الله
· تحقيق هذه الهجرة مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله.
· داعي الإيمان يدعو العبد إلى مرضاة الله عز وجل، لهذا كثر اقتران الإيمان بالهجرة في القرآن.
· كلما قوي داعي المحبة قويت الهجرة إلى الله وإذا ضعفت المحبة ضعفت الهجرة.
· داعي الهوى والشيطان والنفس يصدون العبد عن مرضاة الله
· الهجرة إلى الله تتضمن بداية وغاية "من" و "إلى"
الهجرة من عبودية غير الله إلى عبودية الله فيتحقق بهذا توحيد الألوهية.
هذه العبادات تشمل العبادات القلبية مثل الخوف والتوكل وغير القلبية.
ويتحقق بهذا معنى قوله تعالى: {ففروا إلى الله}
■ الفرار من الله إليه:
· يتحقق توحيد الربوبية وإثبات القدر بالفرار من الله إليه.
· الإيمان بأن كل ما في الكون من مكروه ومحذور إنما هو بمشيئة الله.
· العبد يفر مما يخافه ويكرهه (وهو بمشيئة الله) إلى رحمة الله وبره وإحسانه.
· يدخل تحت هذا المعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بك منك) و (لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك)
· تحقيق هذه المعاني يوجب:
- انقطاع التعلق بغير الله بالكلية خوفًا ورجاء ومحبة.
- تحصيل العبد الأمان في هذه الدنيا.

3. بيان معنى الهجرة إلى رسول الله
· حد الهجرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عرض كل مسألة ونازلة على هديه، واتباعه فيها.
· تحقيق هذه الهجرة مقتضى شهادة أن محمد رسول الله
· اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم يستلزم طاعته في أمره.
· هدي النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله عز وجل
قال تعالى: {قل إن ضللت فإنّما أضلّ على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إليّ ربّي إنّه سميعٌ قريبٌ (50)}.
· حكى الشافعي - رضي الله عنه - إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أنّ من استبانت له سنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد.
· سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا تُعارض بالعقل!
· سنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه تفيد اليقين.
· كل شرور الدنيا والآخرة إنما تحصل بمخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
· تحقيق معنى الهجرة إلى الرسول لا يحصل بمجرد الدعوى، ولا بالنسب إليه أو إلى موطنه صلى الله عليه وسلم.
· بيان عظم المصاب وعموم البلوى بانقطاع الناس عن الهجرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
■ قال تعالى: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا (65)}

· مقصد الآية نفي الإيمان عن العبد حتى يحكم النبي صلى الله عليه وسلم في جميع موارد النزاع، وينشرح صدره بذلك، وينقاد لأمره لا تسليم قهر ومصابرة.
· تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم برد الأمر إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته.
· (ما) في قوله {فيما شجر بينهم} تدل على العموم.
· أكد الله عز وجل معنى هذه الآية بعدة مؤكدات:
1. نفي القسم بـ (لا) يفيد التأكيد.
2. التأكيد بالقسم.
3. المقسم به، وقد أقسم بنفسه سبحانه
4. التأكيد بانتفاء الحرج {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا} ووجود التسليم {ويسلموا}
5. تأكيد الفعل بالمصدر {ويسلموا تسليمًا}
■ قال تعالى: {النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم}
· تتحقق هذه الأولية بـ:
1. أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب للعبد من نفسه.
2. تحقيق لوازم المحبة من الرضى بحكمه، والتسليم لأمره، وإيثاره على كل من سواه.
3. ألا يكون للعبد حكم على نفسه، بل يكون الرسول حكمًا على نفسه.
4. عرض قول من سوى النبي صلى الله عليه وسلم من الناس على قوله، فإن وافقه قبله، وإن خالفه رده، وإن لم يتبين له موقفه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم توقف فيه.
· ادعاء أن العقل أصدق من النقل ينافي هذه الأولوية.
· ادعاء أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا تفيد اليقين ينافي هذه الأولوية.
■ قال تعالى: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فاللّه أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرًا (135)}.
· تصدير الآية بالنداء لبيان أن فعل ما جاء بها من أوامر والانتهاء عما بها من نواه هو من مقتضيات الإيمان.
· القيام بالقسط يعني القيام بالعدل في حق كل أحد ويدخل فيها الآراء والمذاهب على أهميتها لتعلقها بأمر الله عز وجل.
· الشهادة لله هي الإخبار بالحق، فيكون شاهد عدل، ابتغاء وجه الله وحده، وتتضمن الشهادة بالقسط أيضًا.
· تحقيق القيام بالعدل والشهادة لله ولو على النفس أو أحب الناس للعبد (الوالدين والأقربين)، وعلى الغني أوالفقير.
· {فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا}
نهي عن اتباع الهوى كراهة العدل (على قول البصريين)
لا يحمله بغض العدو على كتمان الحق.
ولا يحمله حب القريب على التحريف أو الظلم.
ولا يحمله رجاء منفعة الغني، أو الخوف من إعدام الفقير على عدم القيام بالقسط.
· بيان أسباب كتمان الحق والتحذير منهما في قوله تعالى: {وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرًا}
1. اللي وهو التحريف ومنه:
- تحريف لفظي وهو تغيير اللفظ بالزيادة أو النقصان أو التبديل أو نطقه بما يوهم السامع خلاف المراد.
- تحريف المعنى: وهو تأويل المعنى على خلاف مراد المتكلم منه.
2. الإعراض وهو كتمان الحق.
· دلت الآية على أن من مقتضيات الإيمان تلقي النصوص بالقبول وعدم مقابلتها بالتحريف أو الإعراض، ودعوة الخلق إليها والقيام بها بالعدل على كل أحد ولو على نفسه.

■ قال تعالى: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}
· إذا ثبت لله ولرسوله في كل مسألة من المسائل حكمٌ طلبيٌّ أو خبريٌّ وجب العمل به.
· ليس للعبد أن يتخير خلاف ما اختاره له الله ورسوله، وفعل هذا مناف لمقتضى الإيمان.

■ قال تعالى: {قل أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرّسول إلّا البلاغ المبين (54)}
· دلت الآية على وجوب طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
· فرق بين طاعته {أطيعوا الله} و طاعة الرسول {وأطيعوا الرسول} لبيان أن طاعة الرسول واجبة وإن لم يأت فيما أمر به آية من القرآن.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك رجلٌ شبعان متكئٌ على أريكته يأتيه الأمر من أمري؛ فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، ما وجدنا فيه من شيء اتبعناه، ألا وإنّي أوتيت الكتاب ومثله معه".
· {وإن تطيعوه تهتدوا}
فيها تعليق جواب الشرط (الهداية) على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
· الرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بالتبليغ ونحن مأمورون بالطاعة. {فإنما عليه ما حُمل وعليكم ما حملتم}
■ قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى اللّه والرّسول إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلًا}
· طاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وليست طاعة مستقلة.
· صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "على المرء السّمع والطاعة [فيما أحبّ وكره] ما لم يؤمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية الله، فلا سمع ولا طاعة".
· الأمر عند التنازع يرد إلى الله ورسوله
· الرد إلى الله رد إلى كتابه.
· الرد إلى الرسول رد إليه في حياته ورد إلى سنته بعد مماته.
· ختام الآية ب {ذلك خير وأحسن تأويلا} بيان لحسن عاقبة من أطاع الله ورسوله ورد الأمر إليهم عند التنازع.

4. بيان موقف الناس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم
· بيان اختلاف الناس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم بين شقي وسعيد.
· قال - صلى الله عليه وسلم -: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم: كمثل غيثٍ أصاب أرضًا؛ فكانت منها طائفةٌ طبّبةٌ قبلت الماء؛ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء؛ فسقى الناس وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعانٌ لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا, ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".
- بين هذا الحديث أقسام الناس من قبول دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
قسمان سعيدان وهما:
1. من انتفع بالعلم ورفع به رأسًا فتعلمه وعمل به،ومثّل به بالأرض الطيبة.
وحتى يكون المرء من هذا القسم يحتاج إلى:
أ: أن يكون العَوْد طيبًا فيسهل عليه القبول علمًا وعملا وإرادة.
ب: أن تكون النفس قوية غالبة لدواعي البطالة والغي والهوى.
ج: علم شاف بحقائق الأشياء فيميز بين الحق والباطل.
2. من انتفع بالعلم ودعا إليه فنفع الناس به، ومثّل به بالأرض الأجادب.
قسم شقي:
من لم يقبل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل له بالأرض القيعان.

· ينقسم الأشقياء إلى قسمين من حيث (متبوعيهم):
القسم الأول: يكون فيه الأتباع والمتبوعون مشتركون في الضلالة:
· ضلالة الأتباع والمتبوعين إما بافتراء الكذب أو التكذيب بالحق.
قال تعالى: {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتّى إذا جاءتهم رسلنا يتوفّونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون اللّه قالوا ضلّوا عنّا وشهدوا على أنفسهم أنّهم كانوا كافرين (37)
· تركوا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم واتبعوا غيره، واتخذوه خليلًا:
قال تعالى: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول ياليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلًا (27) ياويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلًا (28) لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني وكان الشّيطان للإنسان خذولًا (29)}.
· مآل هذه الخلة العداوة يوم القيامة:
قال تعالى: {الأخلّاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلّا المتّقين (67)}.
· حسرة من تولى عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، حيث لا ينفعهم اعتذار.
قال تعالى: {يوم تقلّب وجوههم في النّار يقولون ياليتنا أطعنا اللّه وأطعنا الرّسولا (66) وقالوا ربّنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السّبيلا (67) ربّنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنًا كبيرًا (68)}.
· لعنة الأتباع والمتبوعين بعضهم لبعض يوم القيامة: قال تعالى: {قال ادخلوا في أممٍ قد خلت من قبلكم من الجنّ والإنس في النّار كلّما دخلت أمّةٌ لعنت أختها حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعًا قالت أخراهم لأولاهم ربّنا هؤلاء أضلّونا فآتهم عذابًا ضعفًا من النّار قال لكلٍّ ضعفٌ ولكن لا تعلمون (38) وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضلٍ فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون (39)}.
- {لكل ضعف} وإن لم يطلع كل فريق على تضعيف العذاب للآخرين.
- {فما كان لكم علينا من فضل} لأنهم جاؤوهم الرسل وبينوا لهم الحق ولكنهم أبوا إلا اتباع المضلين والإعراض عن الرسل.

القسم الثاني: يكون فيه المتبوعون على هدى، والأتباع على ضلالة:
· هذا الفريق يدعي اتباع أهل الحق وهم يخالفون طريقتهم.
· ويدعون أن اتباعهم ينفعهم يوم القيامة، فاتخذوهم من دون الله أولياء.
· يتبرأ المتبوعين من أتباعهم يوم القيامة، وتنقطع كل الأسباب من دون الله.
قال تعالى: {إذ تبرّأ الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب (166) وقال الّذين اتّبعوا لو أنّ لنا كرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّءوا منّا كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسراتٍ عليهم وما هم بخارجين من النّار (167)}.
· لا ينفع العبد يوم القيامة إلا التجرد والإخلاص لله عز وجل، واتباع النبي صلى الله عليه وسلم.



· السعداء من اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم وهم على قسمين.
القسم الأول: سعداء لهم حكم الاستقلال:
· ثبت رضى الله عنهم، فاستحقوا السعادة بذلك.
· هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
· قال تعالى: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسانٍ رضي اللّه عنهم ورضوا عنه}
- لفظ التابعين اشتهر كعلم على أصحاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لكن معنى الآية يشمل كل من تحقق فيه هذا الوصف {والذين اتبعوهم بإحسان}
- الباء في {بإحسان} للمصاحبة، فكانت التبعية مصاحبة للإحسان فهو قيد في الاتباع.

القسم الثاني: أتباع المؤمنين من ذريتهم:
· قال تعالى: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ (21)}.
· هولاء الذرية لم يثبت لهم حكم التكليف في الدنيا ولم يأتوا بعمل يستحق الدرجات العالية التي نالها آباؤهم.
· يلحق الله الذرية بالآباء في الفضل إكرامًا لهم. {ألحقنا بهم ذريتهم}
· لا ينقص الآباء من أجورهم شيئًا. قال تعالى: {وما ألتناهم من عملهم من شيء}
· ولا يلحق الآباء من آثام أبنائهم شيئًا {كل امرئ بما كسب رهين}

5. بيان زاد المهاجر إلى الله ورسوله

· الزاد:
- العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- دوام التفكر في آيات القرآن وتدبره، حتى تشغل معانيه خواطر القلب
إن فعل هذا تمكن الإيمان من قلبه، وحصلت له الاستقامة والسكينة على الطريق، مهما اضطرب الكون من حوله.

· الطريق:
بذل الجهد واستفراغ الوسع فيه، وذلك بـ:
- ألا يخاف في الله لومة لائم.
- أن تهون عليه نفسه في الله.
ويحتاج إلى الصبر لتحقيق هذين الأمرين.
· المركب:
- صدق اللجأ إلى الله والتضرع إليه والافتقار إليه.

6. بيان وجوب التعاون في الطريق إلى الله

■ قال تعالى: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب (2)}.
· في هذا الآية بيان الواجب بين العبد وربه وهو {واتقوا الله}
- تحصل التقوى بإيثار طاعة الله، واجتناب معصيته.
- لا يتم هذا الواجب إلا بتحقيق الإخلاص لله عز وجل (عزل الخلق من البين)

· الواجب بين العبد والخلق {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاووا على الإثم والعدوان}
(وهو المقصود)
- لا يتم هذا الواجب إلا بعزل حظ النفس من الوسط.
- أن يقوم بمعاونة إخوانه على البر والتقوى لمحض النصيحة والإحسان ورعاية الأمر.
- التعاون على البر والتقوى أساس سعادة المرء وفلاحه.
- من حقق هذا الواجب، أقبل الله إليه بقلوب عباده، وفتح على قلبه أبواب العلم، ويسّره لليسرى.
- من فرّط فيه حصل له عكس ذلك.

7. آفات على طريق الهجرة وعلاجها:
■ انعدام الرفيق:
· لا ينبغي أن ينتظر السالك وجود الرفيق الذي يأنس به.
· انفراد العبد في طريق طلبه دليلٌ على صدق المحبة.
· على السالك أن يصاحب لأموات الذين هم في العالم أحياء، الذين سبقوه على الطريق، فيأنس بسيرتهم، وآثارهم الجميلة.

■ معارضته من الخلق:
· الناس أمام السالك إلى الله عز وجل إما:
1. معارض مناقض
2. لائم مصرح أو معرِّض.
3. فارغ عن الحركة مُعرض.
4. موافق يأنس به وحصوله قليل.
· على السالك أن يعمل بقول الله تعالى:
{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (199)}

1. {خذ العفو} وهو ما يأخذه السالك من الناس:
العفو ما عفا من أخلاقهم، وسمحت به طبائعهم، ووسعهم بذله من أموالهم وأخلاقهم.
2. {وأمر بالعرف}
وهذا ما يكون من السالك إلى الناس أن يأمرهم بكل معروف.
3. {وأعرض عن الجاهلين}
ما يقابل به جاهلهم وهو الإعراض عنه.

والحمد لله رب العالمين.

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 15 صفر 1443هـ/22-09-2021م, 02:40 PM
إدارة برنامج الإعداد العلمي إدارة برنامج الإعداد العلمي غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: May 2019
المشاركات: 2,071
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صفية الشقيفي مشاهدة المشاركة
تلخيص مقاصد الرسالة التبوكية لابن القيم رحمه الله


المقصد العام:
بيان وجوب الهجرة إلى الله ورسوله وزاد المهاجر.

المقاصد الفرعية:
1. بيان أنواع الهجرة

لو جعلت عنوان المقصد: الهجرة إلى الله ورسوله, ثم نذكر بأنها قد تكون بالبدن أو بالقلب, لأن هجر بلاد الكفار من الهجرة إلى الله ورسوله.
· الهجرة هجرتان:
الهجرة الأولى: هجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام.
الهجرة الثانية: هجرة إلى الله ورسوله.
· الهجرة إلى الله ورسوله فرض عين على كل أحد في الدنيا.
· يسأل العبد عنهما في البرزخ ويوم القيامة.
قال قتادة: "كلمتان يسأل عنهما الأولون والآخرون: ماذا كنتم تعبدون؟ وماذا أجبتم المرسلين؟ ".
· الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام إنما هي تابعة للهجرة إلى الله ورسوله.
وهي هجرة عارضة قد لا تتعلق بالمرء إن لم يحصل موجبها.

2.بيان معنى الهجرة إلى الله

الكلام هنا عن هجرة القلب

· الهجرة إلى الله تتضمن هجران ما يكرهه الله وإتيان ما يحبه الله ويرضاه.
· أصل الهجرة إلى الله حب ما يحبه الله، وبغض ما يبغضه الله
· تحقيق هذه الهجرة مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله.
· داعي الإيمان يدعو العبد إلى مرضاة الله عز وجل، لهذا كثر اقتران الإيمان بالهجرة في القرآن.
· كلما قوي داعي المحبة قويت الهجرة إلى الله وإذا ضعفت المحبة ضعفت الهجرة.
· داعي الهوى والشيطان والنفس يصدون العبد عن مرضاة الله
· الهجرة إلى الله تتضمن بداية وغاية "من" و "إلى"
الهجرة من عبودية غير الله إلى عبودية الله فيتحقق بهذا توحيد الألوهية.
هذه العبادات تشمل العبادات القلبية مثل الخوف والتوكل وغير القلبية.
ويتحقق بهذا معنى قوله تعالى: {ففروا إلى الله}
■ الفرار من الله إليه:
· يتحقق توحيد الربوبية وإثبات القدر بالفرار من الله إليه.
· الإيمان بأن كل ما في الكون من مكروه ومحذور إنما هو بمشيئة الله.
· العبد يفر مما يخافه ويكرهه (وهو بمشيئة الله) إلى رحمة الله وبره وإحسانه.
· يدخل تحت هذا المعنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (أعوذ بك منك) و (لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك)
· تحقيق هذه المعاني يوجب:
- انقطاع التعلق بغير الله بالكلية خوفًا ورجاء ومحبة.
- تحصيل العبد الأمان في هذه الدنيا.

3. بيان معنى الهجرة إلى رسول الله
· حد الهجرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم عرض كل مسألة ونازلة على هديه، واتباعه فيها.
· تحقيق هذه الهجرة مقتضى شهادة أن محمد رسول الله
· اتباع هدي النبي صلى الله عليه وسلم يستلزم طاعته في أمره.
· هدي النبي صلى الله عليه وسلم وحي من الله عز وجل
قال تعالى: {قل إن ضللت فإنّما أضلّ على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إليّ ربّي إنّه سميعٌ قريبٌ (50)}.
· حكى الشافعي - رضي الله عنه - إجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم على أنّ من استبانت له سنّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن له أن يدعها لقول أحد.
· سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا تُعارض بالعقل!
· سنة النبي صلى الله عليه وسلم الثابتة عنه تفيد اليقين.
· كل شرور الدنيا والآخرة إنما تحصل بمخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم.
· تحقيق معنى الهجرة إلى الرسول لا يحصل بمجرد الدعوى، ولا بالنسب إليه أو إلى موطنه صلى الله عليه وسلم.
· بيان عظم المصاب وعموم البلوى بانقطاع الناس عن الهجرة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم
■ قال تعالى: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيت ويسلّموا تسليمًا (65)}

· مقصد الآية نفي الإيمان عن العبد حتى يحكم النبي صلى الله عليه وسلم في جميع موارد النزاع، وينشرح صدره بذلك، وينقاد لأمره لا تسليم قهر ومصابرة.
· تحكيم الرسول صلى الله عليه وسلم برد الأمر إليه في حياته وإلى سنته بعد مماته.
· (ما) في قوله {فيما شجر بينهم} تدل على العموم.
· أكد الله عز وجل معنى هذه الآية بعدة مؤكدات:
1. نفي القسم بـ (لا) يفيد التأكيد.
2. التأكيد بالقسم.
3. المقسم به، وقد أقسم بنفسه سبحانه
4. التأكيد بانتفاء الحرج {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا} ووجود التسليم {ويسلموا}
5. تأكيد الفعل بالمصدر {ويسلموا تسليمًا}
هذا استطراد
■ قال تعالى: {النّبيّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم}
· تتحقق هذه الأولية بـ:
1. أن يكون الرسول صلى الله عليه وسلم أحب للعبد من نفسه.
2. تحقيق لوازم المحبة من الرضى بحكمه، والتسليم لأمره، وإيثاره على كل من سواه.
3. ألا يكون للعبد حكم على نفسه، بل يكون الرسول حكمًا على نفسه.
اقتباس:
4. عرض قول من سوى النبي صلى الله عليه وسلم من الناس على قوله، فإن وافقه قبله، وإن خالفه رده، وإن لم يتبين له موقفه من سنة النبي صلى الله عليه وسلم توقف فيه.
· ادعاء أن العقل أصدق من النقل ينافي هذه الأولوية.
· ادعاء أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا تفيد اليقين ينافي هذه الأولوية.
هل هذا من تحقيق الأولوية التي نصت عليه الآية؟

■ قال تعالى: {ياأيّها الّذين آمنوا كونوا قوّامين بالقسط شهداء للّه ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيًّا أو فقيرًا فاللّه أولى بهما فلا تتّبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرًا (135)}.
· تصدير الآية بالنداء لبيان أن فعل ما جاء بها من أوامر والانتهاء عما بها من نواه هو من مقتضيات الإيمان.
· القيام بالقسط يعني القيام بالعدل في حق كل أحد ويدخل فيها الآراء والمذاهب على أهميتها لتعلقها بأمر الله عز وجل.
· الشهادة لله هي الإخبار بالحق، فيكون شاهد عدل، ابتغاء وجه الله وحده، وتتضمن الشهادة بالقسط أيضًا.
· تحقيق القيام بالعدل والشهادة لله ولو على النفس أو أحب الناس للعبد (الوالدين والأقربين)، وعلى الغني أوالفقير.
· {فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا}
نهي عن اتباع الهوى كراهة العدل (على قول البصريين)
لا يحمله بغض العدو على كتمان الحق.
ولا يحمله حب القريب على التحريف أو الظلم.
ولا يحمله رجاء منفعة الغني، أو الخوف من إعدام الفقير على عدم القيام بالقسط.
· بيان أسباب كتمان الحق والتحذير منهما في قوله تعالى: {وإن تلووا أو تعرضوا فإنّ اللّه كان بما تعملون خبيرًا}
1. اللي وهو التحريف ومنه:
- تحريف لفظي وهو تغيير اللفظ بالزيادة أو النقصان أو التبديل أو نطقه بما يوهم السامع خلاف المراد.
- تحريف المعنى: وهو تأويل المعنى على خلاف مراد المتكلم منه.
2. الإعراض وهو كتمان الحق.
· دلت الآية على أن من مقتضيات الإيمان تلقي النصوص بالقبول وعدم مقابلتها بالتحريف أو الإعراض، ودعوة الخلق إليها والقيام بها بالعدل على كل أحد ولو على نفسه.

■ قال تعالى: {وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى اللّه ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم}
· إذا ثبت لله ولرسوله في كل مسألة من المسائل حكمٌ طلبيٌّ أو خبريٌّ وجب العمل به.
· ليس للعبد أن يتخير خلاف ما اختاره له الله ورسوله، وفعل هذا مناف لمقتضى الإيمان.

■ قال تعالى: {قل أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول فإن تولّوا فإنّما عليه ما حمّل وعليكم ما حمّلتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرّسول إلّا البلاغ المبين (54)}
· دلت الآية على وجوب طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
· فرق بين طاعته {أطيعوا الله} و طاعة الرسول {وأطيعوا الرسول} لبيان أن طاعة الرسول واجبة وإن لم يأت فيما أمر به آية من القرآن.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يوشك رجلٌ شبعان متكئٌ على أريكته يأتيه الأمر من أمري؛ فيقول: بيننا وبينكم كتاب الله، ما وجدنا فيه من شيء اتبعناه، ألا وإنّي أوتيت الكتاب ومثله معه".
· {وإن تطيعوه تهتدوا}
فيها تعليق جواب الشرط (الهداية) على طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم.
· الرسول صلى الله عليه وسلم مأمور بالتبليغ ونحن مأمورون بالطاعة. {فإنما عليه ما حُمل وعليكم ما حملتم}
■ قال تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا أطيعوا اللّه وأطيعوا الرّسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيءٍ فردّوه إلى اللّه والرّسول إن كنتم تؤمنون باللّه واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسن تأويلًا}
· طاعة أولي الأمر تابعة لطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وليست طاعة مستقلة.
· صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "على المرء السّمع والطاعة [فيما أحبّ وكره] ما لم يؤمر بمعصية الله، فإن أمر بمعصية الله، فلا سمع ولا طاعة".
· الأمر عند التنازع يرد إلى الله ورسوله
· الرد إلى الله رد إلى كتابه.
· الرد إلى الرسول رد إليه في حياته ورد إلى سنته بعد مماته.
· ختام الآية ب {ذلك خير وأحسن تأويلا} بيان لحسن عاقبة من أطاع الله ورسوله ورد الأمر إليهم عند التنازع.
وفقك الله: الكلام ينقصه الترتيب, فالقارئ بعد مجاوزة عنوان المقصد؛ لا يدري مثصود الكلام, فالأولى اختيار عنوان المسألة التي تدل على المقصد الفرعي ثم تأت بالأدلة عليها, مثاله:
تحكيم سنة النبي عليه الصلاة والسلام وشرعه...
ثم تسوقي الأدلة وتعلقي عليها بكلام واضح متسلسل.

4. بيان موقف الناس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم

هذا تابع لما قبله

· بيان اختلاف الناس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم بين شقي وسعيد.
· قال - صلى الله عليه وسلم -: "مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم: كمثل غيثٍ أصاب أرضًا؛ فكانت منها طائفةٌ طبّبةٌ قبلت الماء؛ فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء؛ فسقى الناس وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إنما هي قيعانٌ لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً، فذلك مثل من فقه في دين الله، ونفعه ما بعثني الله به، ومثل من لم يرفع بذلك رأسًا, ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به".
- بين هذا الحديث أقسام الناس من قبول دعوة النبي صلى الله عليه وسلم.
قسمان سعيدان وهما:
1. من انتفع بالعلم ورفع به رأسًا فتعلمه وعمل به،ومثّل به بالأرض الطيبة.
وحتى يكون المرء من هذا القسم يحتاج إلى:
أ: أن يكون العَوْد طيبًا فيسهل عليه القبول علمًا وعملا وإرادة.
ب: أن تكون النفس قوية غالبة لدواعي البطالة والغي والهوى.
ج: علم شاف بحقائق الأشياء فيميز بين الحق والباطل.
2. من انتفع بالعلم ودعا إليه فنفع الناس به، ومثّل به بالأرض الأجادب.
قسم شقي:
من لم يقبل دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل له بالأرض القيعان.

· ينقسم الأشقياء إلى قسمين من حيث (متبوعيهم):
القسم الأول: يكون فيه الأتباع والمتبوعون مشتركون في الضلالة:
· ضلالة الأتباع والمتبوعين إما بافتراء الكذب أو التكذيب بالحق.
قال تعالى: {فمن أظلم ممّن افترى على اللّه كذبًا أو كذّب بآياته أولئك ينالهم نصيبهم من الكتاب حتّى إذا جاءتهم رسلنا يتوفّونهم قالوا أين ما كنتم تدعون من دون اللّه قالوا ضلّوا عنّا وشهدوا على أنفسهم أنّهم كانوا كافرين (37)
· تركوا اتباع النبي صلى الله عليه وسلم واتبعوا غيره، واتخذوه خليلًا:
قال تعالى: {ويوم يعضّ الظّالم على يديه يقول ياليتني اتّخذت مع الرّسول سبيلًا (27) ياويلتى ليتني لم أتّخذ فلانًا خليلًا (28) لقد أضلّني عن الذّكر بعد إذ جاءني وكان الشّيطان للإنسان خذولًا (29)}.
· مآل هذه الخلة العداوة يوم القيامة:
قال تعالى: {الأخلّاء يومئذٍ بعضهم لبعضٍ عدوٌّ إلّا المتّقين (67)}.
· حسرة من تولى عن اتباع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، حيث لا ينفعهم اعتذار.
قال تعالى: {يوم تقلّب وجوههم في النّار يقولون ياليتنا أطعنا اللّه وأطعنا الرّسولا (66) وقالوا ربّنا إنّا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلّونا السّبيلا (67) ربّنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنًا كبيرًا (68)}.
· لعنة الأتباع والمتبوعين بعضهم لبعض يوم القيامة: قال تعالى: {قال ادخلوا في أممٍ قد خلت من قبلكم من الجنّ والإنس في النّار كلّما دخلت أمّةٌ لعنت أختها حتّى إذا ادّاركوا فيها جميعًا قالت أخراهم لأولاهم ربّنا هؤلاء أضلّونا فآتهم عذابًا ضعفًا من النّار قال لكلٍّ ضعفٌ ولكن لا تعلمون (38) وقالت أولاهم لأخراهم فما كان لكم علينا من فضلٍ فذوقوا العذاب بما كنتم تكسبون (39)}.
- {لكل ضعف} وإن لم يطلع كل فريق على تضعيف العذاب للآخرين.
- {فما كان لكم علينا من فضل} لأنهم جاؤوهم الرسل وبينوا لهم الحق ولكنهم أبوا إلا اتباع المضلين والإعراض عن الرسل.

القسم الثاني: يكون فيه المتبوعون على هدى، والأتباع على ضلالة:
· هذا الفريق يدعي اتباع أهل الحق وهم يخالفون طريقتهم.
· ويدعون أن اتباعهم ينفعهم يوم القيامة، فاتخذوهم من دون الله أولياء.
· يتبرأ المتبوعين من أتباعهم يوم القيامة، وتنقطع كل الأسباب من دون الله.
قال تعالى: {إذ تبرّأ الّذين اتّبعوا من الّذين اتّبعوا ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب (166) وقال الّذين اتّبعوا لو أنّ لنا كرّةً فنتبرّأ منهم كما تبرّءوا منّا كذلك يريهم اللّه أعمالهم حسراتٍ عليهم وما هم بخارجين من النّار (167)}.
· لا ينفع العبد يوم القيامة إلا التجرد والإخلاص لله عز وجل، واتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

· السعداء من اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم وهم على قسمين.
القسم الأول: سعداء لهم حكم الاستقلال:
· ثبت رضى الله عنهم، فاستحقوا السعادة بذلك.
· هم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
· قال تعالى: {والسّابقون الأوّلون من المهاجرين والأنصار والّذين اتّبعوهم بإحسانٍ رضي اللّه عنهم ورضوا عنه}
- لفظ التابعين اشتهر كعلم على أصحاب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، لكن معنى الآية يشمل كل من تحقق فيه هذا الوصف {والذين اتبعوهم بإحسان}
- الباء في {بإحسان} للمصاحبة، فكانت التبعية مصاحبة للإحسان فهو قيد في الاتباع.

القسم الثاني: أتباع المؤمنين من ذريتهم:
· قال تعالى: {والّذين آمنوا واتّبعتهم ذرّيّتهم بإيمانٍ ألحقنا بهم ذرّيّتهم وما ألتناهم من عملهم من شيءٍ كلّ امرئٍ بما كسب رهينٌ (21)}.
· هولاء الذرية لم يثبت لهم حكم التكليف في الدنيا ولم يأتوا بعمل يستحق الدرجات العالية التي نالها آباؤهم.
· يلحق الله الذرية بالآباء في الفضل إكرامًا لهم. {ألحقنا بهم ذريتهم}
· لا ينقص الآباء من أجورهم شيئًا. قال تعالى: {وما ألتناهم من عملهم من شيء}
· ولا يلحق الآباء من آثام أبنائهم شيئًا {كل امرئ بما كسب رهين}

5. بيان زاد المهاجر إلى الله ورسوله

· الزاد:
- العلم الموروث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
- دوام التفكر في آيات القرآن وتدبره، حتى تشغل معانيه خواطر القلب
إن فعل هذا تمكن الإيمان من قلبه، وحصلت له الاستقامة والسكينة على الطريق، مهما اضطرب الكون من حوله.

· الطريق:
بذل الجهد واستفراغ الوسع فيه، وذلك بـ:
- ألا يخاف في الله لومة لائم.
- أن تهون عليه نفسه في الله.
ويحتاج إلى الصبر لتحقيق هذين الأمرين.
· المركب:
- صدق اللجأ إلى الله والتضرع إليه والافتقار إليه.
لم تذكري أدلة المقصد
6. بيان وجوب التعاون في الطريق إلى الله

هذا يلحق بزاد المهاجر ولوازم الهجرة

■ قال تعالى: {وتعاونوا على البرّ والتّقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتّقوا اللّه إنّ اللّه شديد العقاب (2)}.
· في هذا الآية بيان الواجب بين العبد وربه وهو {واتقوا الله}
- تحصل التقوى بإيثار طاعة الله، واجتناب معصيته.
- لا يتم هذا الواجب إلا بتحقيق الإخلاص لله عز وجل (عزل الخلق من البين)

· الواجب بين العبد والخلق {وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاووا على الإثم والعدوان}
(وهو المقصود)
- لا يتم هذا الواجب إلا بعزل حظ النفس من الوسط.
- أن يقوم بمعاونة إخوانه على البر والتقوى لمحض النصيحة والإحسان ورعاية الأمر.
- التعاون على البر والتقوى أساس سعادة المرء وفلاحه.
- من حقق هذا الواجب، أقبل الله إليه بقلوب عباده، وفتح على قلبه أبواب العلم، ويسّره لليسرى.
- من فرّط فيه حصل له عكس ذلك.

7. آفات على طريق الهجرة وعلاجها:
■ انعدام الرفيق:
· لا ينبغي أن ينتظر السالك وجود الرفيق الذي يأنس به.
· انفراد العبد في طريق طلبه دليلٌ على صدق المحبة.
· على السالك أن يصاحب لأموات الذين هم في العالم أحياء، الذين سبقوه على الطريق، فيأنس بسيرتهم، وآثارهم الجميلة.

■ معارضته من الخلق:
· الناس أمام السالك إلى الله عز وجل إما:
1. معارض مناقض
2. لائم مصرح أو معرِّض.
3. فارغ عن الحركة مُعرض.
4. موافق يأنس به وحصوله قليل.
· على السالك أن يعمل بقول الله تعالى:
{خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين (199)}

1. {خذ العفو} وهو ما يأخذه السالك من الناس:
العفو ما عفا من أخلاقهم، وسمحت به طبائعهم، ووسعهم بذله من أموالهم وأخلاقهم.
2. {وأمر بالعرف}
وهذا ما يكون من السالك إلى الناس أن يأمرهم بكل معروف.
3. {وأعرض عن الجاهلين}
ما يقابل به جاهلهم وهو الإعراض عنه.

والحمد لله رب العالمين.
نفع الله بك
لو تراجعي الملاحظات المذكورة في التطبيق الثاني, والمبثوثة في هذا التطبيق.
ج+
تم خصم نصف درحة للتأخير

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الأول, التطبيق

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:20 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir