س1: فسر قوله تعالى: {تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام}.
{تَبَارَكَ}: أي: تعاظَم وكثر خيره.
والبركة: لغة: النماء والزيادة, واصطلاحا: كثرة الخير ودوامه.
و(تبارك): خاص بالله سبحانه فلا يطلق على غيره.
{اسم ربك}: تدل أسماؤه على ذاته العلية, فلا تكون أسماؤه إلا حسنى سبحانه.
{ذي الجلال}: أي: صاحب الجلال والعظمة والكبرياء.
{والإكرام}: أي: الذي يكرم عما لا يليق به, وكذلك هو صاحب التفضل العام على أوليائه في الدارين.
فتعالت أسماء الله صاحب العظمة والعلو والكبرياء, وصاحب الفضل على الخلق أجمعين وتقدست وعظمت.
والبركة نوعان:
الأولى: بركة هي فعل الله, فهو الذي يجعل البركة فيما يختاره من أشياء أو أزمنة أو أمكنة, ليس هذا لأحد سواه, والفعل منها باركَ، والمفعول منها مبارك.
الثاني: بركة تضاف إليه سبحانه, والفعل منها تبارك, وهذه لا تقال إلا لله سبحانه.
س2: ما هي آية العز؟ بين الفوائد العقدية المستفادة منها.
هي قوله تعالى:{وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ولَمْ يَكُنْ لَهُ شَريكٌ في المُلْكِ ولَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِن الذُّلِّ وكَبِّرْهُ تَكْبِيراً}.
الفوائد العقدية:
- إثبات الحمد لله تعالى, ويلزم من هذا إثباتَ جميعِ صفات الكمال التي لا يستحق الحمد المطلق إلا من بلغها, وفي هذا رد على المعطلة.
- إثبات تفرده بالربوبية والإلوهية, وهذا من اسمه(الله), فالمستحق للعبودية هو المتفرد بخصائص الربوبية, ومما دلت الاية على تفرده به.
- إثبات غنى الله الكامل وتنزيهه عن أي نقص بوجه من الوجوه, وهذا لكمال صمديته.
- الرد على الكفار واليهود والنصارى فيما نسبوه لله من ولد, سواء ما ادعوه الكفار من أن الملائكة بنات الله, أو ادعاء اليهود وقولهم بأن العزير ابن الله, أو النصارى وما افتروه بأن المسيح ابن الله, تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
- إثبات كمال ملك الله سبحانه, وكمال سلطانه وتصرفه, وكمال قوته وقدرته.
- الرد على المشركين والمجوس والقدرية فيما ادعوه من وجود شريك لله, والقدرية ادعوا بأن العبد يخلق فعله: فجعلوا جميع عبيده شركاء له, والمجوس الثنوية قالت بوجود إلهين: إله للخير وإله للشر.
- إثبات كمال العزة لله سبحانه, وتنزيهه عن الحاجة والذل لآخر, وهذا لكمال سلطانه وقوته, فنفى سبحانه أن يكون له ولي يعينه بسبب حاجته لهذا, بل هو سبحانه له: عزة القدر, وعزة الامتناع, وعزة الغلبة والقهر.
- كمال عظمة الله سبحانه, لذلك أمر عباده بتعظيمه, ولذلك كان شعار المسلمين التكبير في المناسبات التي تظهر بها شعائر الله سبحانه.
س3: كيف ترد على من يزعم أن الله عز وجل لم يخلق شيئا لشيء؟
قال تعالى:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}: واللام في قوله:(للعالمين) هي لام العلة, وهذا كثير في نصوص الكتاب, وفيه رد على قول جهم ومن وافقه بأن الله لم يخلق شيئا لشيء, وهذا مردود نصا وعقلا, فالكتاب والسنة أثبتا بأن أفعال الله معللة, وبأنه سبحانه لا يفعل إلا لحكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها, وهو قول السلف وجمهور المسلمين وجمهور العقلاء, كما ذكره ابن تيمية.
س4: كيف نثبت صفة الاستواء لله عز وجل؟
صفة الاستواء من صفات الله الخبرية نثبتها كما دلت عليه نصوص الكتاب حيث جاءت في سبع مواضع من القرآن الكريم تثبت استواء الله سبحانه بذاته على عرشه, قال تعالى:{الرحمن على العرش استوى}.
وأهل السنة يثبتون الصفة على حقيقتها لا مجازا ولا تحريفا, إثبات وجود لا إثبات تكييف وتمثيل, فنثبت استواء حقيقيا يليق بذات الله وعظمته وجلاله سبحانه, ولا نخوض بالكيفية بمجرد الرأي.
ونقول كما قال الإمام مالك: الاستواء معلوم، أي: معلوم معناه في لغةِ العربِ،
والكيف مجهول، أي: كيفية استوائِه لا علم للبشر بها ويعلمها هو سبحانه،
والإيمان به واجب, أي: الإيمان بالاستواءِ واجب لذكره في القرآن الكريم في سبع مواضع، فالله أثبته لنفسه,
والسؤال عنه بدعة، أي: السؤال عن كيفية الاستواء بدعة.
فكما أننا لا نخوض في كيفية ذات الله: كذلك لا نخوض في كيفية صفاته لأن الصفات فرع عن الذات, ولأن القول في الذات كالقول في الصفات.
س5: أفعال العباد مخلوقة، فكيف نحاسب عليها؟
أفعال العباد مخلوقة وهذا يقتضي أن تكون بائنة ومنفصلة عن الله سبحانه, فليست هي فعله لكنها تنسب لله خلقا لأنه خلق للعبد إرادة ومشيئة وقدرة; فما نتج عنها ينسب لله خلقا وينسب للعبد فعلا لأنه الفاعل لها على الحقيقة.
وكل عاقل يفرق بين الحركة الاختيارية والحركة الاضطرارية, وقد قرر العلماء بأن من صار كالآلة لا اختيار له; لا يضمن, فيلزم من قولهم هذاعدم التكليف وهذا باطل يرده العقل والشرع, ويلزم من قولهم هذا بأن الله سبحانه قد ظلم العباد بمحاسبتهم على ما لم يفعلوه -تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- بل الجميع يعلم بأنه مختار فاعل على الحقيقة، ونصوص الكتاب والسنة مليئة بهذا, فقد نسب الله سبحانه الفعل إلى العبد وجعله سببا لدخول الجنة أو سببا لدخول النار.