إجابة السؤال الأول:
(يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ)
- دوام اليقظة وتذكر عظمة الله سبحانه ، واستحضار مراقبته وعلمه ، وشهود ذلك بقلبه في كل حال
- الحذر كل الحذر من الغفلة عن الله ونسيان ذكره والاغترار بحلمه وكرمه وإمهاله
- العلم عن الله سبحانه وتعالى وأسمائه وصفاته، فإن الجهل بالله من أسباب اغترار العبد ، كما قال ابن عمر عندما قرأ هذه الآية (يا أيها الإنسان ما غرك بربك) قال : غرّه والله جهله .
ولهذا ذكّرهم الله باسمه الكريم في نهاية الآية ، لأنه من عرف ربه الكريم ، علم أنه لا ينبغي أن يُقابل بالجحود والعصيان وسيء الأعمال ، وكلما ازدادت معرفة العبد بالله وأسمائه وصفاته ازداد قلبه تعظيمًا وإجلالا، وعظمت اليقظة في قلبه .
(الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ)
- تذكر نعمة الله على عبده ، أن خلقه من نطفة من ماء مهين، بعد أن لم يكن شيئًا مذكورًا ، فسواه في أحسن خلقة وأجمل هيئة وأعدل صورة وأتمها ، ولو شاء لخلقه في هيئة منكرة ، أو في صورة أيٍّ من الحيوانات .
فإن تذكر ذلك ينبغي أن يورث العبد تعظيما لله تعالى ، وانكسارًا وخضوعًا له ، وتركًا للغرور، ويورثه كذلك شكرًا لله على نعمته، واستخدامها في رضاه تعالى وفيما خُلقت لأجله
(كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ)
- الإيمان بيوم الجزاء والحساب وهو يوم القيامة واستقرار ذلك في القلب ، فإن غياب هذه الحقيقة أو نسيانها أو التكذيب بها ، هو ما يحمل على مواجهة الكريم سبحانه وتعالى ومقابلته بالمعاصي ، والاغترار بكرمه وإمهاله
(وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)
- استشعار مراقبة الله تعالى ، وأنه جعل علينا ملائكة كاتبين، يكتبون كل ما يقوله العبد ويفعله من خير وشر ، ويحفظونه لا يفوتهم منه شيء ، كما قال تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ) ، واستشعار العبد لذلك يجعله دائم الحياء من الله ثم من الملائكة الكرام الكاتبين ، ويجعله دائم المراقبة والمحاسبة لنفسه، يسارع بالاستغفار والتوبة
- وصف الله هؤلاء الملائكة الكاتبين بأنهم كرام، فينبغي على العبد أن يكرمهم ويحترمهم ويستحي منهم ، فيبتعد عن المعاصي والأفعال السيئة ، ويبتعد عن العري ، ويحرص على الستر ما أمكنه ، ودليل ذلك :
عن مجاهدٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((أكرموا الكرام الكاتبين الّذين لا يفارقونكم إلاّ عند إحدى حالتين: الجنابة والغائط، فإذا اغتسل أحدكم فليستتر بجرم حائطٍ أو ببعيره، أو ليستره أخوه)).
إجابة السؤال الثاني:
المجموعة الأولى:
٢-
أ:
المراد بالخنس ، الجوار الكنس من قوله تعالى(فلا أقسم بالخنس*الجوار الكنس)
ورد في المراد بها أقوالًا:
القول الأول: أنها النجوم ، وهو قول علي وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة والسدي وغيرهم .
وقال علي رضي الله عنه : هي النجوم تخنس بالنهار ، وتظهر بالليل ، أو تكنس بالليل .
ذكر هذه الأقوال عنهم ابن كثير.
القول الثاني:هي النّجوم الدّراريّ التي تجري تستقبل المشرق,وهو قول بكر بن عبد الله , ذكره ابن كثير.
وقال بعض الأئمّة: إنّما قيل للنّجوم: الخنّس. أي: في حال طلوعها، ثمّ هي جوارٍ في فلكها، وفي حال غيبوبتها يقال لها: كنّسٌ. من قول العرب: أوى الظّبي إلى كناسه إذا تغيّب فيه.
القول الثالث : أنها البقر أو بقر الوحش حين يكنس إلى الظل , وهو حاصل كلام عبد الله وأبي ميسرة وابن عباس وسعيد بن جبير
القول الرابع : أنها الظباء , وهو قول العوفي عن ابن عباس وسعيد ومجاهد والضحاك
وتوقّف ابن جريرٍ في المراد بقوله: {الخنّس الجوار الكنّس}. هل هو النّجوم أوالظّباء وبقر الوحش؟ قال: ويحتمل أن يكون الجميع مراداً
القول الخامس: هي الكواكبُ التي تخنسُ أي : تتأخرُ عن سيرِ الكواكبِ المعتادِ إلى جهةِ المشرقِ، وهيَ النجومُ السبعةُ السيارةُ:(الشمسُ)، و(القمر)، و(الزهرة)، و(المشتري)، و(المريخ)، و(زحلُ)، و(عطاردُ) , وهو قول السعدي
القول السادس : هيَ الْكَوَاكِبُ: تَخْنِسُ بالنَّهارِ فَتَخْتَفِي تَحْتَ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَلا تُرَى، وَهِيَ:زُحَلُ،وَالْمُشْتَرِي،وَالمِرِّيخُ،وَالزُّهَرَةُ،وَعُطَارِدٌ , وهو قول الأشقر , وذكر أيضًا أن الخنس : الكواكب كلها لأنها تختفي نهارًا
.
ويمكن تلخيص هذه الأقوال كما يلي :
القول الأول : أنها النجوم , وهو حاصل ما ذكره علي وابن عبّاسٍ ومجاهدٍ والحسن وقتادة والسّدّيّ ويمر بن عبد الله وغيرهم, وذكر هذه الأقوال عنهم ابن كثير
القول الثاني : أنها الظباء أو بقر الوحش , وهو حاصل ما ذكره عبد الله وأبي ميسرة وابن عباس وسعيد بن جبير
و العوفي عن ابن عباس وسعيد ومجاهد والضحاك وجابر بن يزيد , وذكر هذه الأقوال عنهم ابن كثير
القول الثالث: هي الكواكبُ التي تخنسُ أي : تتأخرُ عن سيرِ الكواكبِ المعتادِ إلى جهةِ المشرقِ، وهيَ النجومُ السبعةُ السيارةُ:(الشمسُ)، و(القمر)، و(الزهرة)، و(المشتري)، و(المريخ)، و(زحلُ)، و(عطاردُ) , وهو قول السعدي
القول الرابع : هيَ الْكَوَاكِبُ: تَخْنِسُ بالنَّهارِ فَتَخْتَفِي تَحْتَ ضَوْءِ الشَّمْسِ وَلا تُرَى، وَهِيَ: زُحَلُ،وَالْمُشْتَرِي،وَالمِرِّيخُ،وَالزُّهَرَةُ،وَعُطَارِدٌ , وهو قول الأشقر , وذكر أيضًا أن الخنس : الكواكب كلها لأنها تختفي نهارًا
ب:
المراد بانكدار النجوم في قوله تعالى (وإذا النجوم انكدرت) :
ورد في المراد بها أقوالًا :
١- القول الأول : تغيرت ، وهو قول علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ،ذكره ابن كثير في تفسيره ، وذكر السعدي هذا المعنى أيضا
٢ -القول الثاني: تهافتت وتساقطت وتناثرت ، وهو حاصل ما ذكره السعدي والاشقر
٣ - القول الثالث : طمس نورها ، ذكره الأشقر
وهذه الأقوال متقاربة في معناها، فيكون حاصلها أن النجوم يوم القيامة ، تتغير وينطمس نورها، وتتساقط من أفلاكها وتتناثر
٣-
بين ما يلي:
أ-خطر الذنوب والمعاصي:
قد يجهل كثير من الناس ما في الذنوب والمعاصي من خطر عظيم ، فيؤدي بهم ذلك إلى التهاون بها ، والإكثار منها .
إلا أن الله سبحانه قد بين لنا عظيم خطرها في الدنيا والآخرة ، فقال تعالى في سورة المطففين (كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ * ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ* ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)
(كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)
من أعظم ما يبين معنى هذه الآية :
حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَذْنَبَ ذَنْباً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ، وَإِنْ عَادَ زَادَتْ حَتَّى تُغَلِّفَ قَلْبَهُ، فَذَلِكَ الرَّانُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الْقُرْآنِ))
هنا تظهر خطورة الذنوب على قلب صاحبها ، فلا تزال الذنوب تعلو قلبه وتغطيه حتى يظلم ويسود ويموت، فلا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا ، ويظل محجوبًا عن الحق لا يراه أبدا ، على رغم قوته وظهوره وسطوعه ، إلا أن قلبه مغطى مطموس عليه ، نسأل الله السلامة .
وكما حجبتهم ذنوبهم في الدنيا عن الله وعن معرفة الحق، فإنها تحجبهم يوم القيامة عن النعيم الأعظم ، وهو النظر إلى وجه الله الكريم (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) وما أشدها من عقوبة وما أشده من حجاب !!
ثم إنهم مع هذا يدخلون النار ، يعذبون فيها ويهانون ، ملازمين لها لا يخرجون منها ...
ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ)
ويضاف لهذا كله ، التعذيب النفسي لهم في النار من التوبيخ والتقريع والتبكيت والتحقير ..
كل هذا يبين عظيم خطر الذنوب والمعاصي ، ليحذر منها كل ذي لبٍّ وعقل ..
أيضًا مما يعين العبد على الصبر عن المعاصي والبعد عنها أن يتذكر الأمور التالية:
١- أن يعلم أن عمله كله معروض عليه يوم القيامة ، كما قال تعالى في سورة التكوير (علمت نفس ما قدمت وأخرت) وفي سورة الانفطار (علمت نفس ما أحضرت)
٢- أن يستشعر كتابة الملائكة لجميع أعماله وأقواله ((وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)
٣- أن يتذكر موقفه بين يدي الله للحساب (أَلَا يَظُنُّ أُولَٰئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
ب-
حسن عاقبة الصبر:
للصبر مكانة عظيمة في الدين ، بل يكاد يكون جلّ الدين ، فهو يشمل الصبر على الطاعات ، والصبر عن المعاصي والمحرمات، والصبر على البلايا والأقدار المؤلمة .
والمؤمنون لمّا كانت حياتهم كلها في سبيل الله ، وكان زادهم الصبر والتحمل ابتغاء مرضاته ، ولاقوا ما لاقوا من الأذى في سبيله ، وكان المجرمون يؤذونهم في دينهم، ويكثرون الاستهزاء بهم واتهامهم ورميهم بالضلال، والمؤمنون مع ذلك صابرون محتسبون قد بذلوا أنفسهم في سبيل ربهم ، فكان جزاؤهم نعم الجزاء عند ربهم ، ولهم أعظم العوض ، فهم في الجنات يرفلون في النعيم، قد بدا الفرح والسرور والنعيم على وجوههم (تعرف في وجوههم نضرة النعيم )
وجزاء صبرهم فهم في الجنة يرتاحون من تعب الدنيا متكئين على الأرائك ، ينظرون إلى وجه الله الكريم، وينظرون إلى ما أعطاهم من النعيم
(فاليوم الذين ءامنوا من الكفار يضحكون * على الأرائك ينظرون)