بسم الله الرحمن الرحيم
المجموعة الأولى
استخلص ثلاث فوائد سلوكية وبيّن وجه الدلالة عليها من قوله تعالى:
{فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (5)}
الفائدة السلوكية: خطاب الله لبني آدم بقوله {فلينظر} هي في حقيقتها دعوة لوقفة تأمل وتفكر وإمعان النظر في ضعف المخلوق البشري وهوانه و أنه لا حول ولا قوة له إلا بخالقه الذي بيده ملكوت كل شيء.
{يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9)}
الفائدة السلوكية: مادام في الجسد روح ونفس فمازال هناك وقت لإصلاح القلوب التي هي موطن السرائر ومحل نظر الرب جل وعلا فيشتغل على تصفيتها من العقائد والنيات الفاسدة قبل أن يظهر ما كان مستترًا فيها.
{فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)}
الفائدة السلوكية: من أسماء الله تعالى القوي وفي ذاك اليوم يظهر كمال قوته جل وعلا مقابلةً لشدة ضعف ابن آدم حينها فأي نُصرةٍ يطلبها هذا العبد الضعيف إلا من عند الله عز وجل.
استخلص المسائل ثم حرّر القول في كل مسألة مما اشتمل عليها تفسير قوله تعالى:
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6) فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8) وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)}.
{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ (6)}
• المعنى الإجمالي للأية:
يخاطب الله في الآية جنس الإنسان مؤمنهم وكافرهم بأنه في هذه الدنيا ساعٍ إلى لقاء ربه وعامل بأوامره ونواهيه ولا بد أن يلقى الله وما عمله من خير أو شر فيجزى على ذلك في الآخرة و يكون الفضل من الله للسعيد و العدل منه للشقي. (وهو مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر)
• المراد بالإنسان:
المراد به جنس الإنسان (بني آدم) مؤمنهم وكافرهم ... ذكره ابن كثير والأشقر
• مرجع الضمير في {إنك}: عائد لجنس الإنسان في أول الآية ... ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
• معنى كادح: ساعٍ وعامل ...كما قاله ابن كثير والسعدي والأشقر
• متعلق الكدح: بالعمل بالأوامر أو النواهي ... ذكره السعدي والأشقر
• متعلق الجار والمجرور {إلى ربك}: أي إلى لقاء ربك ... قاله ابن عباس و ذكره ابن كثير و ذكر هذا القول أيضًا الأشقر
• معنى {فملاقيه}: ملاقي الله بما عملت من خير أو شر فيجازيك به ... وهو مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
• تحرير القول في مرجع ضمير الهاء في {ملاقيه}:
القول الأول: ستلقى ما عملت من خير أو شر ... قاله ابن عباس وذكره ابن كثير
القول الثاني: ملاقي ربك فيجازيك بعملك ... ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
واستدل ابن كثير على القول الأول لحديث جابرٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((قال جبريل: يا محمّد، عش ما شئت؛ فإنّك ميّتٌ، وأحبب من شئت، فإنّك مفارقه، واعمل ما شئت، فإنّك ملاقيه)).
وقال ابن كثير في تفسيره : وعلى هذا كلا القولين (القول الأول والثاني) متلازم
• طبيعة كدح الإنسان: كدح ابن آدم ضعيف ولا قوة له إلا بالله وكما قال قتادة (من استطاع أن يكون كدحه في طاعة اللّه فليفعل) ... ذكره ابن كثير
• جزاء الله لأعمال بني آدم: بالفضلِ إنْ كنت سعيداً، أو بالعدلِ إنْ كنت شقيّاً ... ذكره السعدي
{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7)}
• مناسبة الآية لما قبلها: بعد ملاقاة العبد ربه ليجازيه بعمله بدأ بذكر تفصيل هذا الجزاء ...ذكره السعدي
• المعنى الإجمالي للآية: بدأ الله عز وجل بذكر جزاء أهل السعادة فقال:{فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ (7)} وهم المؤمنون يأخذون صحائف أعمالهم بيمينهم فيطلعوا على ما فيها من الحسنات ... مجموع ما ذكره السعدي والأشقر
• المراد من الآية: وَهُم المؤمنون، أهل السعادة ... ذكره السعدي والأشقر
• معنى {أوتي}: يُعطى ... ذكره الأشقر
• معنى {كتابه}: الصحف التي فيها بيان ما لهم من الحسنات ... ذكره الأشقر
{فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا (8)}
• مقصد الآية: تقريره بذنوبه ثم يسترها الله عز وجل له مغفرةً منه وفضلا ولا يحقّق عليه جميع دقائق أعماله، فإنّ من حوسب كذلك يهلك لا محالة ... ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
• المعنى الإجمالي للآية: وبعد أن ذكر الله تلقيهم لصحائفهم، يعرِض عليهم سيئاتهم دون نقاش تسهيلًا وتيسيرًا لهم فيقرون عليها حتى يظنوا أنهم قد هلكوا ولكن بفضل الله عز وجل يغفرها لهم ويسترها عليهم ... وهو مجموع ما ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
• المراد بالحساب: عرض الأعمال على الله ... ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
واستدلوا على ذلك فقال ابن كثير والأشقر في تفسيرهم حديث عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((إنّه ليس أحدٌ يحاسب يوم القيامة إلاّ معذّباً)). فقلت: أليس اللّه يقول: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً}؟ قال: ((ذاك العرض، إنّه من نوقش الحساب عذّب))
وقال السعدي في تفسيره مستدلًا على هذا القول أيضًا قول الله عز وجل للعبد بعد عرض ذنوبه عليه ((إنِّي قدْ سترتهُا عليكَ في الدنيا، فأنا أسترهَا لكَ اليومَ)).
• معنى {يسيرا}: سهلا بلا تعسير ... ذكره ابن كثير
{وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا (9)}
• المعنى الإجمالي للآية: يرجع بعد هذا العرض اليسير من الله ذو الفضل والكرم إلى أهله في الجنة، وقيل المراد (بأهله) هم زوجاته وأولاده وقيل هم الحور العين وهو بذلك مسرور مفرحٌ مبتهج بما أعطاه الله من الخير والكرامة.
• تحرير القول في معنى {ينقلب}:
القول الأول: يرجع ... قاله قتادة والضحاك ذكره ابن كثير
القول الثاني: ينصرف بعد الحساب ... ذكره الأشقر
واستدل ابن كثير على القول الأول بحديث ثوبان مولى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أنّه قال: ((إنّكم تعملون أعمالاً لا تعرف، ويوشك العازب أن يثوب إلى أهله، فمسرورٌ ومكظومٌ)).
ولا تعارض بين القولين فهو بعد الحساب يرجع إلى أهله منصرفًا إليهم في الجنة.
• متعلق الجار والمجرور {إلى أهله}: في الجنة ... ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
• تحرير القول في المراد بأهله:
القول الأول: زوجاته وأولاده ... ذكره الأشقر
القول الثاني: الحور العين ... ذكره الأشقر
• معنى {مسرورا}: فرحا مبتهجا مغتبطا ... مجموع ما ذكره ابن كثير والأشقر
• سبب سرور العبد في الجنة: لأنه نجا من العذاب وفاز بالثواب ... ذكره السعدي
حرّر القول في:
المراد بالبروج في قوله تعالى: {والسماء ذات البروج}.
القول الأول: النجوم ... قاله ابن عباس ومجاهدٌ والضّحّاك والحسن وقتادة والسّدّيّ ... ذكره ابن كثير وذكر هذا القول أيضًا الأشقر
القول الثاني: البروج التي فيها الحرس ... قاله مجاهد ... ذكره ابن كثير
القول الثالث: قصور في السماء ... يحيى بن رافع ... ذكره ابن كثير
القول الرابع: الخلق الحسن ... قاله المنهال بن عمرو ... ذكره ابن كثير
القول الخامس: منازل الكواكب ومنها المنازل المشتملة على منازل الشمس والقمر ... ذكره ابن كثير والسعدي والأشقر
واستدل ابن كثير على القول الأول بقول الله تعالى: {تبارك الّذي جعل في السّماء بروجاً وجعل فيها سراجاً وقمراً منيراً}. بينما ذكر أيضًا اختيار ابن جرير للقول الخامس ترجيحًا له.
الحمدلله رب العالمين...