دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الأقسام العامة > الأقسام العلمية العامة > التأصيل العلمي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 18 رجب 1431هـ/29-06-2010م, 01:00 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي مسارات طلب العلم

مسارات طلب العلم

بينت في الدرس السابق أن العلم الشرعي من الدين وأنه يسير بتيسير الله تعالى للدين، ففي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن هذا الدين يسر، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه)، وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: (العلم نقطة كثَّرها الجاهلون).

والعلم النافع هو فَهم مراد الله تعالى ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد يسر الله القرآن لنا تيسيراً عظيماً فقال تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} وحفظه لنا نصاً وبياناً فقال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} وقال: {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه}.
وجمع الله لنبيه صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم في فصاحة لا تكلف فيها، وبيان لا يشوبه تعقيد ولا غموض، وجعل له نوراً وبهجة في النفوس، وحفظ لنا أصله من الضياع، وحفظ بيانه من التحريف والتأويل، وشرف أهل العلم بروايته ودرايته، والقيام بحقه ورعايته، ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، حتى رفع الله درجاتهم، وكرَّمهم وشرَّفهم بما منَّ عليهم ، وجعلهم أئمَّة يقتدى بهم؛ فلا تزال كتبهم شاهدة على حسن بلائهم وعلو مقامهم في العلم والتحقيق، قد كتب الله لها القبول ، وأبان بها السبيل، ولا يزال طلاب العلم ينهلون من معينها ، ويدعون لأصحابها، ويتعلمون منها ويعلِّمون بها.
وكانت غاية المتعلم أن يحذو حذوهم ويقتفي أثرهم حتى يبلغ ما قُدِّرَ له أن يبلغ من العلم والإمامة في الدين.
وقد تنوعت طرائق أهل العلم في تحصيله وتعليمه، فكان منهم أهل حفظ وضبط، ومنهم أهل فقه وفهم، فاعتنى كل منهم بما فُتِحَ له فيه، فنفع الله بهم ما شاء أن ينفع، ومنهم من جمع الله له الحسنيين فكان إماماً من الأئمة.
وقد سبرت مسارات طلب العلم لدى العلماء ، وكيف أصبحوا علماء وأئمةً يقتدى بهم؛ فوجدت لهم في ذلك طرقاً متنوعة تنبيك عن سعة رحمة الله تعالى وفضله، فسلك كلٌّ منهم ما يسره الله له مما يوافق ما أنعم الله به عليه من مَلَكَات وإمكانات، وفتح له فيه فوصل وأفلح، وسأجمل أهم تلك المسارات فيما يلي:

المسار الأول: مسار الملازمة
وكان هذا المسار هو الشائع في القرون الأولى فكان طالب العلم يلازم شيخه فيتعلم منه العلم والعمل والهدي والأدب؛ فيمكث عنده ما شاء الله أن يمكث حتى إذا قضى شيخه نحبه، أو قضى هو منه نهمته، وطمع في المزيد انتقل إلى شيخ آخر يلازمه فلا يزال يزداد من العلم والخير سنوات من عمره حتى يبلغ مبلغاً يُعرف له فيه قدره فيلازمه طلاب العلم كما لازم هو أشياخه فيعلمهم ويحدثهم.
وفي عصرنا هذا أصبحت الملازمة عسيرة المنال كثيرة العوارض لما تقتضيه الحياة المدنية ، وأصبح تفرغ العلماء للتدريس ليس كحال من سبق في الأعم الأغلب، وقد يسر الله لنا من سبل الاتصال ووسائل الانتقال ما تدرك به بعض فضائل الملازمة ، ومنها الملازمة الإلكترونية بأن يلازم عن طريق شبكة الانترنت عالماً موثوقاً في علمه فيسترشد به في طلبه للعلم، ويسأله عما يشكل عليه ويستفيد من توجيهه وإرشاده حتى تتبين له مسالك الطالب، ويعرف ما يلائمه منها فيعتني به ويجتهد فيه.
وقد أقام عدد من العلماء مواقع لهم في شبكة الانترنت لتعليم العلم النافع فمن تعسرت عليه الملازمة الأصلية فلا تفوتنه الملازمة الإلكترونية.

المسار الثاني: مسار المتون العلمية
وهذا المسار قد شاع في القرن الخامس الهجري وما بعده ، وإن كانت له بدايات يسيرة قبله ، لكن شهرته ذاعت في ذلك القرن ثم لم يزل هذا المسار شائعاً معتمداً لدى كثير من أهل العلم إلى عصرنا الحاضر حيث اتخذه كثير من العلماء منهجاً موصلاً إلى حسن التحصيل وقوة التأصيل حتى تخرَّجَ به عدد كبير من العلماء، ذلك أن المتون العلمية تجمع لطالب العلم في كل فَنٍّ لُبَّ مسائله، تجمع شتاتها بألفاظ مختصرة، وتقسيمات معتبرة، تقرب البعيد، وتجمع المتفرق، فيتناولها العلماء بالشرح والتفسير، والبيان والتحرير،حتى يذلّ صعبها، ويتضح مشكلها، وينفتح بها للطلاب أبواباً عظيمة من العلم النافع، ولايزالون يتدرجون في مدارج تلك المتون حتى يبلغوا مبلغاً عظيماً من العلم، وقديماً قيل: (من حفظ المتون حاز الفنون)، وإنما ينتفع بالحفظ من فهم ما يحفظ، فلذلك كثرت شروح العلماء على المتون واشتهرت.
وعمدة الماتنين (الذين يؤلفون المتون) أنهم يختصرون كتاباً مهماً في فن من الفنون أو يكون مختصرهم مستفاداً من كتب كثيرة في ذلك الفن فيجمع لطالب العلم مباحثها ، ويصنفها تصنيفاً يناسب المتعلمين، وبعضهم يعمد في ذلك إلى النظم لتيسير حفظه على طلاب العلم.

المسار الثالث: مسار الكتب الأصول
لكل علم مصادره وأصوله المعتبرة لدى أهل العلم ، وله أئمته المحققون المشهود لهم بالإمامة والتقدم فيه، ولهم من المؤلفات والمرويات في ذلك العلم ما عرف لهم أهل العلم فيه مقامهم الرفيع، وقد كتب أئمة كل علم كتباً صارت عمدة كثير من العلماء فأقبلوا عليها إقبالاً عظيماً ، ولا يزالون ينهلون منها جيلاً بعد جيل.
ومن قرأ سير العلماء وجد منهم عناية فائقة بأمهات الكتب بالمدوامة على قراءتها، وتكرار مراجعتها، واستظهار مسائلها، واستحضار دلائلها، وقراءتها على الشيوخ، وإقرائها للطلاب، حتى كثرت الحواشي على تلك الكتب واشتهرت، وزادتها تحريراً وتحبيراً، وزانتها بالفوائد والتقريرات واللطائف والتنبيهات.
وقد تنوعت اختيارات العلماء للكتب الأصول في كل فن من فنون العلم، وبينها من التفاضل في المزايا ما اقتضى تنوع الاختيارات بيد أنها تشترك في أغلب مباحثها، وتتضمن أصول المسائل وعُمَد الدلائل في ذلك العلم.
قال ابن فرحون المالكي: (لا زمت تفسير ابن عطية حتى كدت أحفظه).
ونقل القاضي عياض عن ابن التبان أنه قرأ المدونة أكثر من ألف مرة.
والكافيجي شيخ السيوطي لقب بذلك بسبب كثرة اشتغاله بكتاب الكافية لابن الحاجب قراءة وإقراء.

المسار الرابع: مسار العلماء المحققين
جمع الله لبعض العلماء علوماً كثيرة تمكنوا منها، وتقدموا فيها،حتى شُهد لهم بالإمامة والتقدم في تلك العلوم، ولهم من المؤلفات والمرويات في ذلك ما يدل على سعة علمهم وفضلهم، فكان من شأن بعض المتعلمين أن يختار مؤلفات إمام من هؤلاء الأئمة أو مروياته فيعتني بها عناية فائقة ، بجمعها وقراءتها، وفهم مقاصدها، واستظهار مسائلها ، وتبيُّن دلائلها، ويشتغل بها سنوات من عمره حتى يحذقها حذقاً جيداً، ويضيف إليها بعض ما يستفيده من مؤلفات غيره وما يفتح له فيه من النظر والفهم والمعرفة، حتى يكون عالماً من العلماء المشهود لهم بالعلم والفضل والإمامة.
وكان هذا المسار عمدة بعض العلماء المعروفين، وسأضرب لذلك ثلاثة أمثلة:
المثال الأول: الإمام اللغوي أبو العباس أحمد بن يحيى الشيباني الملقب بثعلب، كان من الأئمة المبرزين في علم اللغة.
هذا الإمام أقبل على قراءة كتب الفرَّاء يحيى بن زياد الكوفي فحذقها وعمره لم يجاوز الخامسة والعشرين، ثم استزاد عليها من كتب غيره، ومما تعلمه من شيوخه فصار إماماً ذا شأن عظيم لدى أهل العلم.
قال عنه ياقوت الحموي: ( إمام الكوفيين في النحو واللغة، والثقة، والديانة)
وقال الإمام أبو بكر بن مجاهد وهو أول من اختار الأئمة السبعة في القراءات: (كنت عند أبي العباس ثعلب، فقال لي: يا أبا بكر اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أهل الفقه بالفقه ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعري ما يكون حالي في الآخرة؟!
فانصرفت من عنده، فرأيت تلك الليلة النبي صلى الله عليه وسلم في المنام، فقال لي: أقرئ أبا العباس عني السلام، وقل له: إنك صاحب العلم المستطيل).
المستطيل: أي المنتشر الذي بلغ نفعه أهلَ التفسير والحديث والفقه وغيرهم.
المثال الثاني: أبو عمر الزاهد الملقب بغلام ثعلب واسمه محمد بن عبد الواحد ، فهذا العالم الجليل كان خادماً للإمام ثعلب، فاعتنى بكتبه وعلومه عناية فائقة، وكان حسن الفهم قوي الحفظ، ولم يزل يزداد من علم شيخه ويضيف إليه ما يستفيده من غيره حتى أصبح من العلماء الأعلام.
قال عنه ابن برهان الأسدي: (لم يتكلم في علم اللغة أحد من الأولين والآخرين أحسن من كلام أبي عمر الزاهد) ، وله كتاب في غريب القرآن اسمه (ياقوتة الصراط) يدل على علمه وفضله وتقدمه.
المثال الثالث: الفقيه الحنبلي المعروف محمد بن مفلح الصالحي (ت:763هـ) اعتنى بمسائل الإمام أحمد وفِقْهِهِ عنايةً بالغة ، حتى بلغ في ذلك مبلغاً عظيماً عرف له العلماء فيه فضله وإمامته وتقدمه حتى كان يقال عنه: (أعلم أهل عصره بمسائل الإمام أحمد).
قال عنه ابن القيم: (ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح).
وقال عنه ابن كثير: (كان بارعاً فاضلاً متقناً في علوم كثيرة ولاسيما في الفروع).
وقال عنه ابن حجر: (صنف (الفروع) في مجلدين أورد فيه من الفروع الغريبة ما بهر العلماء).
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية يقول له: (ما أنت ابن مفلح بل أنت مفلح).

المسار الخامس: مسار القراءة المنظمة
مسار القراءة المنظمة من المسارات المهمة التي اعتنى بها بعض أهل العلم فحصلوا تحصيلاً عظيماً مباركاً، ذلك أنهم تبينوا في كل علم من العلوم التي أرادوا طلبها الكتب المهمة فيه، فدرسوا مسائلها وفقهوا دلائلها، وعرفوا العلماء المبرزين في كل علم من تلك العلوم، فأضحت طرق التعلم أمامهم ظاهرة جلية، ومعالمه بينة غير خفية، فقرؤوا وانتفعوا، وتدرجوا في تلك الكتب حتى حصلوا ما حصلوا من العلم، وكان من هؤلاء من لا يكاد يسأل عن مسألة إلا أخبر بموضعها في تلك الكتب ومظان بحثها، والعلماء المحققين فيها، فصارت لهم بذلك ملكة حسنة تختصر عليهم كثيراً من الجهد والوقت.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 18 رجب 1431هـ/29-06-2010م, 06:56 AM
فتى التوحيد فتى التوحيد غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 26
افتراضي

السلام عليكم
بارك الله فيك على هذه الموضوع الطيب
إنا من الذين يحبون طلب العلم واكثر اهل العلم الذين اقرأ لهم ابن القيم واتمنى ان اكون مثله لو قليل منه ولله الحمد والمنة وبفضل الله انه جعلني من طلاب العلم الشرعي وهذه وسام الحياة والله فأتمنى ان اكون مثل أبن القيم ولكن كثرة الكتب والمتون ولم اعرف من اين ابدأ وهذا طلب بالله عليك طالب علم يطلب كيف السبيل للوصول ما وصل اليه الربانييون
وبارك الله فيك

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 23 رجب 1431هـ/4-07-2010م, 01:45 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فتى التوحيد مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
بارك الله فيك على هذه الموضوع الطيب
إنا من الذين يحبون طلب العلم واكثر اهل العلم الذين اقرأ لهم ابن القيم واتمنى ان اكون مثله لو قليل منه ولله الحمد والمنة وبفضل الله انه جعلني من طلاب العلم الشرعي وهذه وسام الحياة والله فأتمنى ان اكون مثل أبن القيم ولكن كثرة الكتب والمتون ولم اعرف من اين ابدأ وهذا طلب بالله عليك طالب علم يطلب كيف السبيل للوصول ما وصل اليه الربانييون
وبارك الله فيك
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

ما دمت تجد من نفسك إقبالاً على كتب ابن القيم - وهو إمام جليل - فاحرص على قراءتها وأوصيك بالبدء بالرسالة التبوكية والجواب الكافي والوابل الصيب وإن تيسر لك تلخيصها فلخصها واقرأها قراءة تعلم ومراجعة وإذا أشكل عليك شيء فاسأل عنه، ثم انتقل بعد ذلك لقراءة كتاب زاد المعاد ثم تهذيب السنن ، ثم نظم القراءة في كتبه الأخرى.
ثم عد إلى مراجعة كتبه مرة أخرى حتى تحس من نفسك أنك قد ضبطت مسائلها جيداً، ثم أضف إليها ما تستفيده من الكتب الأخرى.
ولتعلم أنك في أول الأمر تحتاج إلى طالب علم متمكن أو عالم تسترشد به فيما يشكل عليك.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 24 رجب 1431هـ/5-07-2010م, 02:02 AM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

أحسن الله إليكم وبارك فيكم شيخنا الكريم
كيف يمكن للطالب أن يعرف أي مسار يناسبه حتى يشرع فيه ويختصر على نفسه طريق التنقل بين هذه المسارات ؟


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 24 رجب 1431هـ/5-07-2010م, 06:27 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طابة مشاهدة المشاركة
أحسن الله إليكم وبارك فيكم شيخنا الكريم
كيف يمكن للطالب أن يعرف أي مسار يناسبه حتى يشرع فيه ويختصر على نفسه طريق التنقل بين هذه المسارات ؟
تحديد المسار المناسب قضية اجتهادية ويدخلها التحكم ، لكن يعتمد الاختيار الصحيح فيها على عوامل غالبها يختص بقدرات الطالب وإمكاناته العلمية، وحسبنا أن نشير إلى بعض تلك العوامل وننبه إلى بعض الأمور المهمة ليعتبرها طالب العلم، وأبدأ بالتنبيهات فأقول:
أولا: اختيار الطالب لمسار من تلك المسارات لا يقتضي إعراضه عن الاستفادة من غيره، بل يعتبر حاله بما يغلب عليه فيكون كالمتخصص فيه، ويستفيد من غيره بما يتسع له وقته ويفضل من جهده، فيكون الأولى لديه الوفاء بما يتطلبه ذلك المسار الذي اختاره.
ثانياً: التعلم بمسار من تلك المسارات أمر مرحلي إذا اجتهد فيه طالب العلم يوشك أن يتمه في فترة من عمره، ويبقى لديه متسع إن أمد الله في عمره لإتمام ما فاته بأخذ ما يحتاج إليه من المسارات الأخرى.
التنبيه الثالث: إن من اختار مساراً مفضولاً من تلك المسارات وصبر عليه وقام بحقه خير ممن يختار مساراً فاضلاَ ولا يصبر عليه، وخير ممن يتذبذب بين تلك المسارات ولا يقوم بما تتطلبه.
التنبيه الرابع: البداية في كل مسار هي أصعب المراحل، وسأضرب لذلك مثالا واحداً لتقريب الصورة:
- من اختار كتاباً من الكتب الأصول ليداوم على قراءته ويضبط مسائله ثم يضيف إليه ما فات مؤلفه من مسائل في ذلك العلم فإنه يجد أن الختمة الأولى لذلك الكتاب تستدعي منه جهداً كبيراً ووقتاً كثيراً ولا سيما إذا كان يلخص ويدون ما يشكل عليه ويسأل عنه ويراجع أهل العلم في مواضع من ذلك الكتاب، لكنه سيجد أن الختمة الثانية لا تستدعي منه كبير وقت ولا جهد موازنة بما تطلبته الختمة الأولى، وكذلك الحال في الختمة الثالثة والرابعة ، وهكذا، بل يجد أنه يستفيد في كل ختمة من الفوائد الإضافية ويتعرف على ما قصر عنه إدراكه في الختمات السابقة، ولا يزال كذلك حتى يجد أنه يستظهر مسائل ذلك الكتاب ويضبطها جيداً، وبذلك يكون قد أدرك بغيته من التعلم بهذا المسار.
التنبيه الخامس: الجمع بين تلك المسارات ممكن لكن لا يجيده إلا قلة، وبشرط عدم التزامن، وقد وجدت بعض الأئمة قد جمع بين بعض تلك المسارات في مراحل من عمره.

وأما العوامل المؤثر في اتخاذ القرار فمن أهمها:
1: تيسر بعض تلك المسارات للطالب دون بعض؛ فبعض الطلاب يجد في بعض المسارات مشقة وصعوبة، بل ربما تكون غير ممكنة له أصلاً، فيكون انصرافه إلى ما تيسر له منها خير له من تكلف ما لم ييسر له.
العامل الثاني: اختيار ما يوافق مَلَكات الطالب وقدراته العلمية، وهذا من أهم العوامل، فبعض الطلاب يجد أن بعض تلك المسارات أوفق له، وأحرى بأن يتم ما تتطلبه بإتقان، فيكون انصرافه إليه أولى به.
العامل الثالث: تحديد الغاية من التعلم؛ فبعض طلاب العلم له نفس تواقة موسوعية في العلوم لا يقنع بالاقتصار على شيء منها، ومنهم من تكون غايته أن يحسن علماً من تلك العلوم إما علوم المقاصد أو علوم الآلة.
العامل الرابع: التفاضل في الثمرات، فتلك المسارات بينها من التفاضل ما يقتضي أن يعتبره الطالب؛ فمسار الملازمة أكثر تلك المسارات عناية بالجوانب التربوية عملياً إذا أحسن الطالب اختيار من يلازمه، ومسار الكتب الأصول هو الذي عليه مدار التعلم ، فالمتون تنهل منه، وكتب العلماء المحققين كذلك، والقراءة المنظمة كذلك لكنها تمتاز بالتدرج ، ومع ذلك فمسار الكتب الأصول يتطلب قدراً من التأهيل العلمي في بعض العلوم.
ومسار المتون العلمية مسار مشتهر وفيه تيسير للمسائل العلمية بتدرج يناسب أحوال المتعلمين المبتدئين والمتوسطين والمتقدمين، وإذا أحسن الطالب الدراسة فيه اختصر على نفسه كثيراً من الجهد والوقت.

وبالله التوفيق.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 24 رجب 1431هـ/5-07-2010م, 02:22 PM
نورة آل رشيد نورة آل رشيد غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,563
افتراضي

جزاكم الله خيرا


التوقيع :
قال ابن الجوزي - رحمه الله تعالى - :
" من رزق همة عالية يعذب بمقدار علوها .... من علت همته طلب العلوم كلها ، و لم يقتصر على بعضها ، و طلب من كل علم نهايته ، و هذا لا يحتمله البدن .
ثم يرى أن المراد العمل فيجتهد في قيام الليل و صيام النهار ، و الجمع بين ذلك و بين العلم صعب" .
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 26 رجب 1431هـ/7-07-2010م, 09:40 PM
إدريس إدريس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 188
افتراضي

ذكرتم ان الطالب يختار المسار على قدراته و يقد يجمعها جميعا لانه متيسر و قد يكتفي بما هو متاح له
الا ترون ان بعض المسارات تتعارض مع بعض الاعتقادات السائعة و بعض الاقوال المحررة الذائعة من مثل قولهم من كان شيخه كتابه كان خطاؤه اكثر من صوابه و من دخل العلم وحده خرج وحده ؟
و الله الموفق


التوقيع :
فليت الذي بيني و بينك عامر **** و بيني و يين العالمين خراب
اذا صح الود منك فالكل هين **** و كل الذي فوق التراب تراب
رد مع اقتباس
  #8  
قديم 27 رجب 1431هـ/8-07-2010م, 03:44 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابو حاتم المغربي مشاهدة المشاركة
ذكرتم ان الطالب يختار المسار على قدراته و يقد يجمعها جميعا لانه متيسر و قد يكتفي بما هو متاح له
الا ترون ان بعض المسارات تتعارض مع بعض الاعتقادات السائعة و بعض الاقوال المحررة الذائعة من مثل قولهم من كان شيخه كتابه كان خطاؤه اكثر من صوابه و من دخل العلم وحده خرج وحده ؟
و الله الموفق
جمع تلك المسارات كلها مع الوفاء بما يتطلبه كل مسار منها عزيز جداً، وهذه المسارات مستقاة من استقراء سير العلماء وطرائقهم في تحصيل العلم والازدياد منه.
وهذه الأقوال التي تفضلت بذكرها هي في حق من يتلقى من الكتب مباشرة في أول طلبه للعلم على غير هدى ومنهج قويم ولا إرشاد من عالم خبير ولا عرض ولا متابعة.
وأما من يتلقى العلم بتوجيه وإرشاد من عالم أو طالب علم متمكن مع عرضه عليه ما تعلمه وسؤاله عما يشكل عليه فليس من أهل هذا الذم.
وكذلك من تلقى من الكتب بعد أن تبينت له مسالك الطلب وحصل على قدر من التأهيل العلمي يكفيه في معرفة ما يأتي وما يذر، وما يحسنه من العلوم وما لا يحسن؛ فليس من أهل هذا الذم أيضاً، بل عمل العلماء على ذلك.
وقد ذكرت في التنبيه أن هذا التصنيف هو بحسب ما يغلب على حال طالب العلم ويعرف عنه ولا يقتضي ذلك أنه لا يستفيد من المسارات الأخرى شيئاً.
وأنا أوصي كثيراً بالملازمة متى تيسرت فإن تعذرت فليأخذ طالب العلم بأحسن ما يجد، ولا يجعل من تلك المقولات عائقاً يحول بينه وبين فضائل طلب العلم، فلا يكاد يقرأ كتاباً إلا على شيخ، وقد ينقطع عن القراءة زمناً إذا لم يتيسر له من يقرأ عليه، وقد يمكث في قراءة الكتاب الواحد على الشيخ زمناً طويلاً، وفي هذا من تضييع الوقت وإهدار الجهد وفورة النهمة في طلب العلم ما قد لا يتيسر له إدراكه إلا بشق الأنفس.

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 27 رجب 1431هـ/8-07-2010م, 07:45 AM
إدريس إدريس غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jun 2010
المشاركات: 188
افتراضي

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل
كلامكم يرجع الثقة الى النفس و يوقظ الهمة و يبعد الانسان عن الغلو في كثير من المسائل
وفقكم الله شيخنا الفاضل


التوقيع :
فليت الذي بيني و بينك عامر **** و بيني و يين العالمين خراب
اذا صح الود منك فالكل هين **** و كل الذي فوق التراب تراب
رد مع اقتباس
  #10  
قديم 27 رجب 1431هـ/8-07-2010م, 11:10 AM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي

شيخنا يسر الله أمرك
مسار المتون العلمية هو المعمول به في المعهد؟ من التزم الدراسة في المعهد يكفيه عن المسارات الأخرى؟

وكذلك مسار القراءة المنظمة؟


التوقيع :
رد مع اقتباس
  #11  
قديم 7 شعبان 1431هـ/18-07-2010م, 01:53 PM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أمجاد مشاهدة المشاركة
شيخنا يسر الله أمرك
مسار المتون العلمية هو المعمول به في المعهد؟ من التزم الدراسة في المعهد يكفيه عن المسارات الأخرى؟

وكذلك مسار القراءة المنظمة؟
في المعهد سنحرص بإذن الله تعالى على خدمة هذه المسارات كلها بما يمكننا، وهو أمر ممكن بالعمل الجماعي المؤسسي المنظم، ونسأل الله الإعانة والتوفيق.

والتزام مسار من هذه المسارات لا يعني ألا يستفيد من غيره ، بل الذي أوصي به أن يختار طالب العلم أحد هذه المسارات فيجعله عمدة له، ثم يضيف إليه من المسارات الأخرى ما تيسر له.
وطالب العلم إذا اجتهد في مسار من تلك المسارات وأعطاه حقه من العناية حصل تحصيلاً عظيماً في وقت ليس بالطويل بإذن الله.

رد مع اقتباس
  #12  
قديم 11 رمضان 1431هـ/20-08-2010م, 07:19 AM
أم أسامة المصرية أم أسامة المصرية غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 9
افتراضي

جزاكم الله خيرا شيخنا ونفع الله بكم
شيخنا كيف السبيل للخلوص من سرعة الفتور في الطلب
فكثيرا اجد عندى همة للطلب واحب طلب العلم جدا ولله الحمد ,,, ولكنى في البداية أجد همة عالية جدااا وسرعان ماتزول وأقف في بداية الطريق
ففي النهاية أجد أني لا أملك شيئا غير أني أضعت وقتي
فما السبيل للخلوص من ذلك بارك الله فيكم

رد مع اقتباس
  #13  
قديم 24 رمضان 1431هـ/2-09-2010م, 01:04 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أم أسامة المصرية مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا شيخنا ونفع الله بكم

شيخنا كيف السبيل للخلوص من سرعة الفتور في الطلب
فكثيرا اجد عندى همة للطلب واحب طلب العلم جدا ولله الحمد ,,, ولكنى في البداية أجد همة عالية جدااا وسرعان ماتزول وأقف في بداية الطريق
ففي النهاية أجد أني لا أملك شيئا غير أني أضعت وقتي
فما السبيل للخلوص من ذلك بارك الله فيكم

ما يعتري طالب العلم من فتور في الطلب بعضه طبيعي لا يلام الإنسان عليه ، وهو من طبائع النفوس، وقد روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لكل عمل شِرَّة، ولكل شِرَّةٍ فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك). وأخرجه أيضاً أحمد والطحاوي وابن حبان، وروي أيضاً من حديث أبي هريرة وابن عباس وأبي أمامة الباهلي وجعد بن هبيرة بألفاظ متقاربة.

فهذا الحديث يبين أن لكل عمل يعمله الإنسان فترة فمن كانت فترته إلى قصد واعتدال بما لا يخل بالفرائض فهو غير ملوم، ومن كانت فترته إلى انقطاع وسلوك غير سبيل السنة فهو المذموم السالك سبيل الهلاك والبوار.
وهذا الفتور العارض بمثابة الاستراحة وإجمام النفس يعود العامل بعده إلى ما كان يعمل بنشاط متجدد، وعزيمة متوقدة.
وليوطن الإنسان نفسه على أمر الفتور، وليعرف حاجتها إلى فترة من الاستجمام والراحة فإن الدأب على العمل بجد ونشاط لا انقطاع معه أمر غير ممكن ، وإذا حمل الإنسان نفسه ما لا يطيق كان على خطر من الانقطاع الطويل بل ربما أضر بنفسه ضرراً بالغاً
وقد روي من حديث عائشة وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق ولا تبغِّض إلى نفسك عبادة الله؛ فإن المنبتَّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى))
وطرقه لا تحلو من ضعف، ومعناه صحيح، ويشهد له ما في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة )).
وكان من هدي الأئمة أنهم يجعلون لفترتهم بعض الأعمال المساعدة من تهيئة الدفاتر وبري الأقلام ، وبعضهم ينشد الأشعار ويقرأ في الداووين وطرائف الأخبار، وبعضهم يتعاهد الرمي، وغير ذلك من الأعمال التي تجم النفس وفيها نفع وفائدة لطالب العلم.
والمقصود أن يفقه طالب العلم أن الفتور من طبيعة النفس ومعالجته لا تكون بالقضاء عليه ومغالبته بكثرة الجد والاجتهاد، وإنما بإعطاء النفس حقها من الراحة والاستجمام بالقصد والاعتدال، ويجعل لحال فتوره من الأعمال ما يناسبها، حتى يتهيأ لمعاودة الجد بنشاط وعزيمة وحسن استعداد.
وليحذر طالب العلم في بادئ أمره من المقارنات الجائرة التي تحمله على تكليف نفسه ما لا تطيق محاولة منه لمحاكاة ومجاراة بعض العلماء الماهرين في القراءة التعلم والتعليم الذي لم يبلغوا تلك المنزلة حتى اعتادت نفوسهم على كثير من الجد، وصارت تلك سجيتهم في غالب أحوالهم لا يتكلفونها.
فبعض طلاب العلم لا يطيق أن يقرأ خمسين صفحة في اليوم فإذا علم أن من العلماء من يقرأ في اليوم الواحد مجلدين أو ثلاثة رام أن يكون مثله فأجهد نفسه وحملها ما لا طاقة لها به، فإذا تبين له فشله في تلك المجاراة انقطع وترك القراءة أياماً وربما شهوراً !!.
ولو أنه صبر على ما كان متيسراً له ولم ينقطع لرُجِيَ له أن يتقدم به الحال بعد الممارسة والتدرب إلى أن يبلغ ما بلغه أؤلئك العلماء.

فهذا أمر ينبغي التفطن له، وإعطاؤه حقه من العناية.

وبعض الفتور سببه ضعف اليقين والصبر ، وإذا ضعف اليقين والصبر تسلطت على الإنسان آفات من كيد الشيطان وعلل النفس وعواقب الذنوب، ولا سبيل إلى الخلاص منها إلا بالاعتصام بالله تعالى والإلحاح عليه بالدعاء أن يرزقه العلم والإيمان ، وأن يصرف عنه كيد الشيطان، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في خطبه: ((ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا))
فكيد الشيطان وشر النفس وعواقب الذنوب من أعظم الصوارف عما ينفع الإنسان في دينه ودنياه.
والنفس كالزرع لا يزكو ولا ينمو إلا بغذاء ينميه ووقاية تحميه، فإذا ضعفت الوقاية سرت إليه الآفات فعاقت نموه أو أضعفته أو أماتته، وإذا حسنت الحماية وقويت، وتعاهده الزارع بالسقي والعناية نما وآتى أكله، فانتفع به صاحبه.
وكذلك النفس ينبغي أن يُعتنى بحمايتها من كيد الشيطان وما فيها من علل وعوائد سيئة ، وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : ((اللهم اهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت)) ومعنى الأخلاق في الحديث أعم مما تقتضيه معاملة الناس، بل يدخل فيه دخولاً أولياً خلق الإنسان مع نفسه ووقته، وكان من أول الصفات التي أثنى الله بها على عباده المؤمنين الذين وعدهم الفردوس : {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون، والذين هم عن اللغو معرضون}
فالصلاة غذاء للروح، والإعراض عن اللغو حماية من كثير من الآفات، وقل أن تجد منقطعاً عن الخير إلا رأيته مقبلاً على نوع من أنواع اللغو.
وما أكثر ما حرم بعض الناس بسبب اشتغالهم باللغو من خير عظيم.
فإذا حصل للمرء يقين صادق بما جعله الله لطالب العلم من الثواب العظيم والرفعة في الدنيا والآخرة ، وأنه سبب لبركات عظيمة لم تكن تخطر له على بال ولا تدور في خيال، ولا تقدر بثمن ، بل هي خير من الدنيا وما فيها، عرف قيمة كل ساعة يقضيها في طلب العلم.

ولو قيل لأحدنا: اذهب إلى تلك الحديقة ولك بكل دقيقة تمكثها فيها ألف ريال ماكثاً ما مكثت، لكان الغالب عليه أنه لا يخرج منها إلا لحاجة ماسة، بل يحرم نفسه ما يقدر على حرمانها منه من النوم وسائر ما يعوقه عن المكث في ذلك المكان.
فشأن العلم - والله - أعظم، وثوابه أكثر، وكل ساعة يقضيها طالب العلم في التعلم خير من الدنيا وما فيها، وعند الصباح يحمد القوم السرى.
ويكفي أن تتأمل الآيات والأحاديث الواردة في فضل العلم وأهله.
بل يكفي معرفة طالب العلم بأن الملائكة تدعو له وتستغفر له في حال طلبه للعلم، وما كلفهم الله بذلك إلا لشرف العلم وفضله، ومحبة الله تعالى للعلم وأهله.
فإذا تحقق ذلك طالب العلم تمنى ألا تمضي عليه ساعة إلا وهو يطلب العلم.

ثم عليه أن يسلك في طلب العلم منهجاً صحيحاً موصلا إلى غايته بإذن الله، وليحذر من التذبذب بين المناهج والكتب والشيوخ ، بل يحرص على أن يسير على خطة منتظمة ، فكلما وجد من نفسه جداً سار مرحلة فيها حتى يتمها، فيجد أنه أنجز شيئاً يمكنه البناء عليه، ثم إذا فتر عرف الموضع الذي وصل إليه، فإذا عاوده الجد والنشاط واصل طلبه من حيث انتهى ، ولا يزال كذلك حتى يجد أنه قطع شوطاً طيباً في طلب العلم، وعرف مسالك الطلب وتبينت له معالم العلوم ، وعرف ما يجيده من المهارات والمعارف، فيعتني بما فتح الله له فيه.

وعليه أيضاً ببذل الأسباب المعينة على طلب العلم وإذهاب السآمة ، ومن ذلك:
- 1: تنظيم الوقت ، ومعرفة قدرة النفس، وتقسيم الأعمال إلى أقسام ينجز منها كل يوم جزءاً حتى يتمها.
- 2: اختيار صحبة صالحة تعينه وتذكره وينافسهم في اكتساب المعالي.
- 3: الحرص بذل العلم ، فالعلم يزكو بتبليغه وتعليمه .
- 4: قراءة سير العلماء السابقين ففيها ما يشحذ الهمة ويجدد العزيمة بإذن الله تعالى.
- 5: الحرص على أسباب التوفيق من البر بالوالدين وصلة الأرحام ، والعطف على الضعفاء والمساكين، وصدقة السر، وكثرة الاستغفار، ودوام الالتجاء إلى الله تعالى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله تعالى على بصيرة.
- 6: الحذر من علل النفس الخفية التي قد يحرم بسببها من بركة العلم ، كالعجب والغرور والمراءاة والتسميع ، وحب الرياسة والعلو في الأرض ، والمراء ، والتعالي بعلمه على من لا يعلم، وغيرها.

أسأل الله تعالى أن يجعلنا من أهل العلم والإيمان، وأن يصرف عنا كيد الشيطان، وأن يقينا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، وأن يدخلنا في رحمة منه وفضل ، ويهدينا إليه صراطاً مستقيما.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

رد مع اقتباس
  #14  
قديم 30 رمضان 1431هـ/8-09-2010م, 07:18 AM
أم أسامة المصرية أم أسامة المصرية غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Aug 2010
المشاركات: 9
افتراضي

ماشاء الله اللهم بارك
جزاك الله خيرا شيخنا ونفع الله بكم ,,
نسأل الله جل وعلى أن يهدينا الي سواء السبيل .. كلمات تكتب بالذهب بارك الله فيكم

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 3 ذو الحجة 1431هـ/9-11-2010م, 01:14 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي

ماشاء الله علينا شيخنا المبدع حقا

نفع الله به

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 3 ذو الحجة 1431هـ/9-11-2010م, 01:17 PM
موسى موسى غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Dec 2009
المشاركات: 483
افتراضي

شيخنا الحبيب طلب العلم الشرعي لذة في حد ذاتها وأحيانا أرى أنها عبادة ......

لكن مانعيشه في الواقع يختلف فحبنا للدنيا والسعي فيها أفقدنا لذة العلم الشرعي ......

كيف يمكننى الجمع بين التخصص الجامعي البعيد كليا عن العلم الشرعي............... والعلم الشرعي...

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 17 ذو الحجة 1431هـ/23-11-2010م, 10:29 AM
عبدالله السلمي عبدالله السلمي غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
المشاركات: 13
افتراضي

جزاك الله خيرا على هذه الكلمات


التوقيع :
لأستسهلن الصعب أوأدرك المنى ............فما انقادت الامال الا لصابر
رد مع اقتباس
  #18  
قديم 24 جمادى الأولى 1432هـ/27-04-2011م, 09:11 PM
الصورة الرمزية أم أسامة بنت يوسف
أم أسامة بنت يوسف أم أسامة بنت يوسف غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2010
المشاركات: 613
افتراضي

جزاكم الله خيرا


التوقيع :
"أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ"
رد مع اقتباس
  #19  
قديم 21 جمادى الآخرة 1432هـ/24-05-2011م, 01:22 AM
جمال بن رابح حويشي جمال بن رابح حويشي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2011
المشاركات: 129
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله ...
أشكر لكم اهتمامكم وحرصكم شيخنا المفضال على نشر العلم وتعميمه وتيسر سبله وطرائقه والاخذ بيد المبتدئين ونسأل الله تعالى أن يكون سعيكم مشكورا وعملكم خالصا مقبولا ...
شيخنا الفاضل ..
انا التحقت بهذا الركب في هذا اليوم مستعينا بالله تعالى طالبا منه التيسير والهداية الى سبله التي يرضاها وأن يجعل هذا الطريق سبيلا الى جنته ومستقر رحمته ...
وقد كنت ختمت القرآن الكريم وأنا اعالج حفظي له من ما يزيد عن 8 سنوات وإلى الان لم أتمكن من ذلك وحفظي بكل اسف سيء جدا وأنا دائم الدعاء والاستعانة بالله وأقول لعل ذلك خير ...وأجدني بليد الفهم فأقرأ الكتاب لكني لا استحضر مسائله ناهيك عن اسانيد الاحاديث أو اسماء الرجال أجد مشقة في استحضارها بل ربما مررت عليها مرور الكرام وطوحي كبير لكن كما قال الشاعر : وما نيل المطالب بالتمني وربما أنا مخطىء عندما أقول أني لا ارى نفسي اهلا لأن اكون ما اريد ان اكونه فأنا أدعو الله ان اكون من العلماء العاملين وأنا لا اكاد احفظ شيئا والله المستعان فألى ما توجهونني وجهكم الله تعالى إلى سبل رضاه وحفظكم وزادكم من فضله .

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 18 شعبان 1432هـ/19-07-2011م, 01:45 PM
ام عبد الله الاثرية ام عبد الله الاثرية غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
المشاركات: 1
افتراضي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيكم شيخنا لدي اشكال يواجهني في مسيرتي الطلبية وهي مسألة حفظ المتون .ففي كثير من الأحيان أجدني أعيب على بعض الطالبات التي تقضي وقتها في حفظ المتون في حين تجدها من أبعد الناس عن السنة فهي تشتغل بحفظ المتون ولا تشتغل بحفظ السنة التي هي أولى في الحفظ وليس هذا تنقيصا من شأن أهل العلم فهم علماؤنا لا غنى لنا عنهم لكن فيما درست عن مشايخنا أجد فرقا شاسعا فيمن كان عيشه كثير مع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان عيشه مع القواعد والأصول التي وضعها أهل العلم فالأول تجد مسائله مبنية على أدله والآخر مبنية على قواعد التي هي قابلة للتغير لأن النص هو الحاكم .فلا أدري أين الصواب في هذا فأرجو منكم التوجيه بارك الله فيكم وما المعنى من حفظ المتون بالضبط فأجو التفصيل وجزاكم الله خيرا.

رد مع اقتباس
  #21  
قديم 27 شوال 1432هـ/25-09-2011م, 04:02 AM
محرر محرر غير متواجد حالياً
المستوى الأول - الدورة الأولى
 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
المشاركات: 5
افتراضي

جميل جدا
جزاكم الله خيرا

رد مع اقتباس
  #22  
قديم 12 ذو الحجة 1432هـ/8-11-2011م, 12:26 PM
وسام وسام غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
الدولة: ليبــــ" بنغازي "ــــــــيا
المشاركات: 84
افتراضي

جزاك الله خيرا

رد مع اقتباس
  #23  
قديم 25 صفر 1434هـ/7-01-2013م, 12:32 AM
أبو ذؤالة أبو ذؤالة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Mar 2011
الدولة: جزيرة العرب
المشاركات: 389
افتراضي

جزاكم الله خيرا على هذا الموضوع النافع..


التوقيع :
(أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من رافق الراحة؛ فارق الراحة)‏

ابن القيم [مدارج السالكين 2/166]
رد مع اقتباس
  #24  
قديم 7 ربيع الأول 1434هـ/18-01-2013م, 08:50 PM
طالبة العفو طالبة العفو غير متواجد حالياً
طالبة علم
 
تاريخ التسجيل: Dec 2010
المشاركات: 40
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبد العزيز الداخل مشاهدة المشاركة
المسار الخامس: مسار القراءة المنظمة
مسار القراءة المنظمة من المسارات المهمة التي اعتنى بها بعض أهل العلم فحصلوا تحصيلاً عظيماً مباركاً، ذلك أنهم تبينوا في كل علم من العلوم التي أرادوا طلبها الكتب المهمة فيه، فدرسوا مسائلها وفقهوا دلائلها، وعرفوا العلماء المبرزين في كل علم من تلك العلوم، فأضحت طرق التعلم أمامهم ظاهرة جلية، ومعالمه بينة غير خفية، فقرؤوا وانتفعوا، وتدرجوا في تلك الكتب حتى حصلوا ما حصلوا من العلم، وكان من هؤلاء من لا يكاد يسأل عن مسألة إلا أخبر بموضعها في تلك الكتب ومظان بحثها، والعلماء المحققين فيها، فصارت لهم بذلك ملكة حسنة تختصر عليهم كثيراً من الجهد والوقت.
وللحديث بقية إن شاء الله تعالى.
جزاكم الله خيرا على هذا الطرح الرائع شيخنا ونفع بكم
فلو تكرمتم وذكرتم لنا الكتب المهمة فى كل فن من العلوم مع مراعاة التدرج فى طلبها ؟

رد مع اقتباس
  #25  
قديم 2 جمادى الأولى 1434هـ/13-03-2013م, 12:16 PM
ريم الحربي ريم الحربي غير متواجد حالياً
مشرفة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2010
الدولة: بلاد الحرمين
المشاركات: 7,079
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة طالبة العفو مشاهدة المشاركة
جزاكم الله خيرا على هذا الطرح الرائع شيخنا ونفع بكم
فلو تكرمتم وذكرتم لنا الكتب المهمة فى كل فن من العلوم مع مراعاة التدرج فى طلبها ؟
جواب الشيخ: عبدالعزيز الداخل
سيكون هذا في الدورة القادمة في برنامج القراءة المنظمة ، وسيعلن عنها في حينها بإذن الله تعالى، وأنا أعتذر من طلاب برنامج القراءة المنظمة من التأخر في بقية الدروس ، وسأجمعها بإذن الله تعالى في دورة شاملة تقدّم فيها الدروس وتطبيقاتها تباعاً ، وأسأل الله التيسير والقبول.
ومع هذا فلا ينبغي للطالب أن يتوقف عن القراءة بل يواصل القراءة وإذا كان له عناية بعلم معيّن فليكتب برنامجه الخاص في قسم البرامج الخاصة في المسار المفتوح، وأعلّق على خطته بالاقتراح والإضافة والترتيب.
أسأل الله تعالى للجميع التوفيق والسداد.


التوقيع :
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مسارات, طلب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 05:19 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir