المجموعة الثانية:
1: متى نزلت المعوذتان؟
اختلف المفسرون في القول في نزولهما:
- فمنهم من ذهب إلى أنهما مدنيتان، وهو قول الثعلبي وأبو عمرو الداني وأبو جعفر الطبري والبغوي وابن كثير وغيرهم، وهو القول الصحيح، لما رواه مسلم والنسائي من حديث عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: ((ألم تر آيات أُنزلتِ الليلة لم ير مثلهنَّ قط؟! {قل أعوذ برب الفلق} و{قل أعوذ برب الناس}))، وعقبة بن عامر ممن أسلم بعد الهجرة وصيغة الحديث تدل على حداثة النزول، ولحديث أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان فلما نزلتا أخذهما وترك ما سواهما، وهو من الأنصار.
- ومنهم من ذهب إلى القول بأنهما مكيتان، وممن قال به الزجاج والواحدي وأبو المظفر السمعاني وابن عطية وابن عاشور، وهو ضعيف لا يصح.
2: كيف تردّ على من أنكر حادثة سحر النبي صلى الله عليه وسلم؟
أجاب العلماء على ذلك في نقطتين:
الأولى: ثبوت القصة بأحاديث صحيحة لم يتكلم فيها أهل الحديث، وهي مشهورة عن أهل التفسير والسنن والحديث والتاريخ والفقهاء، لذلك لا يجوز إنكارها كما فعل المعتزلة ومن وافقهم.
الثانية: أنها غير مؤثرة في عقله وفي تبليغه للرسالة، لأن عصمة الأنبياء فهي لدينهم وعقولهم، أما الأبدان فتبتلى.
كما قال السهيلي: (الحديث ثابت خرَّجه أهل الصحيح ، ولا مطعن فيه من جهة النقل، ولا من جهة العقل، لأن العصمة إنما وجبت لهم في عقولهم وأديانهم، وأما أبدانهم فإنهم يُبتلون فيها، ويُخلَصُ إليهم بالجراحة والضرب والسموم والقتل، والأُخذة التي أُخِّذَها رسول الله صلى الله عليه من هذا الفنِّ ، إنما كانت في بعض جوارحه دون بعض).
وقال ابن القيم: (اتفق أصحاب الصحيحين على تصحيح هذا الحديث، ولم يتكلم فيه أحد من أهل الحديث بكلمة واحدة، والقصة مشهورة عند أهل التفسير والسنن والحديث والتاريخ والفقهاء ، وهؤلاء أعلم بأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيامه من المتكلمين).
3: بيّن درجات النّاس في الاستعاذة.
يتفاضل الناس في الاستعاذه حسب تصحيحها وإحسانها، وكمالها يكون بصدق التجاء القلب لله، واتباع هداه، أما من استعاذ بلسانه دون اتباع ما أمر به، أو قلبه معرض عن صدق اللجوء لله، فهي استعاذة كاذبة.
لذلك تفاضل الناس في الاستعاذة على أربع درجات:
الأولى: استعاذة باطلة، وهي ما تخلف عنها أحد شرطي القبول: (الإخلاص والمتابعة)، فهؤلاء استعاذتهم ودعائهم مخلوط بالشرك، وكذلك أصحاب البدع في الاستعاذة.
الثانية: استعاذة ناقصة، وهي ما خلت من الشرك والبدعة، لكنها ضعيفة في الاتجاء إلى الله، والاستعانة به، فقد يكون قلب العبد في غفلة ولهو عنها، مع كونها تنفع صاحبها بعض النفع بإذن الله.
الثالثة: استعاذة المتقين، والتي تكون بالقلب والقول والعمل، فتنفع صاحبها بإذن الله ويترتب عليها أثرها، لكونها جمعت شروط الصحة.
فأما استعاذة القلب: فتكون بصدق اللجوء إلى الله، والتوكل عليه وحده، وحسن الظن به، وعدم التسخط والاعتراض.
وأما بالقول: باتباع المأثور من التعويذات، أو ما في معناها مما يصح شرعا.
وأما بالعمل: فباتباع هدى الله، وعدم اتباع خطوات الشيطان.
الرابعة: استعاذة المحسنين، وهي أعلاها وأحسنها أثرا، فهم أحسنوا الاستعاذه بقلوبهم، كأنهم يرون الله، ويكثرون من ذكر الله بألسنتهم، وإحسانهم في الاتباع بالجوارح بمسارعتهم في الخيرات وتورعهم عن الشهبات، والتقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، ولذلك استعاذتهم سريعة الأثر، لأن الله أوجب على نفسه أن يعيذهم إذا استعاذوه كما في حديث أبي هريرة في الصحيح، فهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.
4: ما المراد بشرّ الحاسد؟ وما أنواع الحاسدين؟
شر الحاسد على نوعين:
الأول: شر نفسه وشر عينه، كما قال قتادة في تفسير الآية، والفرق بينهما أن العين ما كان عن معاينة وحضور، أما النفس فهي تعلق نفس الحاسد بالنعمة التي لدى المحسود فيؤثر فيها بإذن الله.
الثاني: شر بغيه وكيده وقد يصل إلى استعمال السحر للإضرار بالمحسود، وشر سعيه في صرف الخير أو جلب الضر.
أما أنواع الحاسدين فهي كثيرة، وبالنظر إلى ما ذكر في القرآن والسنة عنهم يمكن جمعهم إلى نوعين:
حسد عام: وهو حسد الكفار للمؤمنين، وإبليس وذريته من الشياطين لبني آدم، والمنافقين، والسحرة.
وحسد خاص: وهو حسد يكون على شخص بعينه، أو طائفة بخصوصها.
5: اذكر معنى الوقوب في اللغة، والمقصود بوقوب الغواسق.
الوقوب في اللغة: قد يأتي فعل فيكون بمعنى دخل في الوقبة، وقد يأتي مصدر لبيان حال الدخول في الوقبة.
أما الوقبة فقد تكون مصمتة غير نافذة فتطلق على التجويف، مثل النقرة التي تكون في الجبل والحجر أو في العظم.
وقد تكون نافذة فتطلق على الخرق المتسع، مثل الكوة التي في الجدار، ويكون الدخول من خلالها.
والمقصود بوقوب الغواسق:أن للغواسق وما يكون معها من الشرور العظيمة موضعا تدخل فيه أو من خلاله الذي هو الوقبة، فإذا وقبت فيه وتمكنت منه أثرت وضرت بإذن الله، وذلك ينطبق على السحر والعين والفتنة وغير ذلك من الشرور، حتى الكلمة والنفاق.