بسم الله الرحمن الرحيم
عناصر الموضوع:
● تخريج الحديث.
● موضوع الحديث.
● قصة الحديث.
● منزلة الحديث.
● ما جاء في معنى هذا الحديث:
● إعراب جملة:"من رأى منكم منكرا فليغيره":
● معاني مفردات الحديث.
* دلالة "من" الشرطية.
● المخاطب في قوله:"من رأى منكم".
* المراد بالرؤيا.
* أنواع الرؤيا.
● تعريف المنكر.
● حكم تغيير المنكر.
● الباعث على الإنكار.
● شروط المنكِر.
* ما يستحب توفره في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر.
* مسألة: هل يشترط في الآمر بالمعروف أن يكون قدوة؟
* مسألة: عاقبة الذين يقولون ما لا يفعلون.
* تفاوت مسئولية الناس في إنكار المنكر.
● شروط إنكار المنكر.
* مسألة: الفرق بين الإنكار على العامي, وعلى وطالب العلم.
* هل وجوب التغيير معلق بالرؤيا؟
* مسألة: هل ينكر إن كان المنكر مستورا؟
* الأمر في قوله:"فليغيره بيده".
* سبب تخصيص اليد بالإنكار.
* مسألة: هل الإنكار يعني معاقبة الفاعل؟.
● ضوابط الإنكار على ولاة الأمور.
* مسألة: هل يعارض هذا الحديث الأحاديث التي أمر بها الرسول عليه الصلاة والسلام, بالصبر على جور الأئمة؟
* حكم الخروج على الأمراء.
* مسألة: هل يعارض هذا قوله عليه الصلاة والسلام:"لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه"؟
● أحوال المنكر عليهم.
● لمن يكون الإنكار باللسان.
* كيفية الإنكار باللسان.
● متى يعدل إلى الإنكار بالقلب.
* كيفية الإنكار بالقلب.
* لماذا سمي الإنكار بالقلب:"أضعف الإيمان".
● لفظ: "وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان" من حديث ابن مسعود.
* الفرق بين الإنكار والنصيحة.
* الفرق بين الإنكار والإزالة.
* درجات تغيير المنكر في الحديث.
● خطر ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
* مسألة: هل ينكر إذا علم بأنه لا يُقبل منه؟
* مسألة: في معنى قوله تعالى: "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم".
● متى يسقط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
* مسألة: هل يسقط إذا كان المانع من الإنكار هو الهيبة؟
● قواعد من الحديث.
● فوائد الحديث.
● مما يدخل في مسمى الإيمان.
* مسألة: هل الأعمال من كمال الإيمان أم من صحة الإيمان.
التلخيص:
● تخريج الحديث:
أخرجه مسلم من رواية قيس بن مسلم, عن طارق بن شهاب, عن أبي سعيد.
ومن رواية إسماعيل بن رجاء عن أبيه, عن أبي سعيد.
● موضوع الحديث.
وجوب تغيير المنكر.
● قصة الحديث.
أول من خطب في العيد قبل الصلاة مروان بن الحكم, فأنكر عليه رجل فعله فأبى, فقال ابو سعيد الخدري: أما هذا فقد قضى ما عليه, سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم, يقول:... وذكر الحديث.
● منزلة الحديث.
حديث عظيم الشأن; لأنه نص على وجوب إنكار المنكر, قال النووي:"باب عظيم به قوام الأمر وملاكه وإذا كثر أولا عم العقاب الصالح والطالح . وإذا لم يأخذوا على يد الظالم أوشك أن يعمهم الله تعالى بعقابه, {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}.
● ما جاء في معنى هذا الحديث:
- قال عليه الصلاة والسلام:"ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل". رواه مسلم.
- وقال:"إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم وهم قادرون على أن ينكروه فلا ينكرونه فإذا فعلوا ذلك عذب الله الخاصة والعامة". أخرجه احمد.
- وقال:" إن الله ليسأل العبد يوم القيامة ، حتى يقول : ما منعك إذا رأيت المنكر أن تنكره ، فإذا لقن الله عبدا حجته ، قال : يا رب رجوتك وفرقت الناس". رواه أحمد.
- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد : جهادٌ بأيديكم ، ثم الجهاد بألسنتكم ، ثم الجهاد بقلوبكم ، فمتى لم يعرف قلبه المعروف وينكر قلبه المنكر انتكس " .
● إعراب جملة:"من رأى منكم منكرا فليغيره":
- "من": اسم شرط جازم
- "رأى": فعل الشرط.
- "فليغيره بيده": جواب الشرط.
* معاني مفردات الحديث:
- "يغيره": يحوله ويبدله من صورته إلى صورة أحسن, أي: فليغير المنكر.
- "بيده": اليد هي الجارحة, وهي من رؤوس الأصابع إلى الكتف
* دلالة "من" الشرطية:
تدل على أنه يشترط في الإنكار وجود المنكر, فإن لم يوجد: فلا إنكار.
● المخاطب في قوله:"من رأى منكم":
معشر المكلفين من أمة الإجابة, خاصة الذين يعملون ويدعون إلى العمل, ولا يخالف عملهم قولهم.
* المراد بالرؤيا:
- القول الأول: المراد: من رأى منكرا بعينه فليغيره بيده، وهذا تقييد لوجوب الإنكار بما إذا رُئى بالعين، لأن (رأى) هنا بصرية; لأنها تعدت إلى مفعول واحد، وأما العلم بالمنكر فلا يُكتفى به في وجوب الإنكار، لدلالة ظاهر الحديث على عدم الوجوب حتى يرى بالعين، وينزل السمع المحقق منزلة الرأي بالعين.
- القول الثاني: المراد: من علم وإن لم يرَ بعينه فيشمل من رأى بعينه ومن سمع بأذنه ومن بلغه خبر بيقين وما أشبه ذلك.
* أنواع الرؤيا:
- بصرية: يشترك فيها جميع المخلوقات, وهي بالعينين.
- قلبية: وهي البصيرة, وتسمى: رؤية علمية يقينية, وهي خاصة بالمؤمنين الذين يؤمنون بالغيب.
● تعريف المنكر:
ضد المعروف, ما أنكره الشرع ونهى عنه الله ورسوله, فلا يكون منكرا حتى يكون محرما, ويشمل: ترك الأوامر والوقوع في النواهي.
سمي منكرا لأن الشرع انكره, ولأن العقول والفطر تنكره وتأباه.
● حكم تغيير المنكر:
أولا: إنكار المنكر باليد واللسان, فله حالتان:
1- أن يكون فرض كفاية: قال تعالى:{ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر} آل عمران:104.
فيجب على ولي الأمر تعيين من لديه الكفاءة والاستعداد لتغيير ما يقع من أنواع المنكرات, وما يستجد من الأمور المحظورة, والتي لا يستطيع الرد عليها وتغييرها إلا فئة معينة من أهل العلم, فإن قامت به سقط عن الباقي..
2- أن يكون فرض عين: لكل فرد مستطيع علم بالمنكر أو رآه, ولا يتمكن من إزالته إلا هو, كالرجل في بيته, فإن لم يغيره مع القدرة; أثم.
ثانيا: الإنكار بالقلب:
فرض عين لا يسقط بحال, قال ابن مسعود، عندما سمع رجلاً يقول: هلك مَن لم يأمر بالمعروف ولم ينهَ عن المنكر، قال: "هلك مَن لم يعرف بقلبه المعروف والمنكر".
●الباعث على الإنكار:
- معرفة الله حق المعرفة, وتقربا لله تعالى, وإجلالا له, فلا يخاف في الله لومة لائم.
- محبة الله تعالى من صميم القلب, فإذا رأى محبوبه يُعصى; يغضب له, ويقوم غيرة له وتقربا إليه, ولا يحب أهل المكرو وينكر عليهم كائنا من كانوا.
- كسب الثواب والأجر, قال عليه الصلاة والسلام:"من دل على خير فله مثل أجر فاعله".
- خشية عقاب الله, قال عليه الصلاة والسلام:"إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب".
- النصح للمؤمنين والرأفة بهم, فوجب على المسلم إنقاذ أخيه من عقاب الله بنهيه عن المنكر الذي وقع فيه.
- الاقتداء بالأنبياء بإقامة أمر الله بين الناس, وتحمل الأذى في سبيل ذلك كما تحملوا هم عليهم الصلاة والسلام.
● شروط المنكِر.
- الإسلام.
- التكليف.
- الاستطاعة.
- العلم بما يأمر, والعلم بما ينهي.
* ما يستحب توفره في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر:
- عدل بما يأمر, عدل بما ينهى.
- رفيق بما يأمر, رفيق بما ينهى.
- لا يغضب إن أسمعوه ما يكره, فيكون انتصاره لنفسه.
- مراعاة حال المأمور, فيستعمل الللين والرفق في موضعه المناسب, قال تعالى:"اذهبا إلى فرعون إنه طغى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى", ويستعمل الغلظة والقسوة في -
موضعها المناسب, قال تعالى:" يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ".
* مسألة: هل يشترط في الآمر بالمعروف أن يكون قدوة؟
على الآمر بالمعروف أن يكون قدوة للآخرين, فيكون أول عامل بما يأمر به الناس, وينتهي هو بنفسه عما ينهى الناس عنه.
قال تعالى:" يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون".
لكن لا يشترط في الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون كامل الحال, بل إن كان مخلا بما يأمر به, أو متلبسا بما ينهي عنه يجب عليه شيئان:
أن يأمر نفسه وينهاها, ويأمر غيره وينهاه, فإن أخل بأحدهما لا يحل له الإخلال بالآخر.
* مسألة: عاقبة الذين يقولون ما لا يفعلون:
- قال تعالى:"أتأمرون الناس بالبر وتنسون انفسكم وأنتم تتلون الكتاب".
- قال عليه الصلاة والسلام:"يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتاب بطنه ، فيدور كما يدور الحمار في الرحى ، فيجتمع إليه أهل النار فيقولون : فلان ما لك ؟ ألم تك تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ؟ فيقول : بلى كنت آمر بالمعروف ولا آتيه ، وأنهى عن المنكر وآتيه". رواه مسلم.
* تفاوت مسئولية الناس في إنكار المنكر:
فما يجب على من له الولاية الكبرى يختلف عما يجب على العالم, وما يجب على العالم يختلف عما يجب على العامي:
فالمسلم العامي يأمر بما يعلم من أمور الدين التي يسمعها من العلماء.
أما العلماء فواجبهم أكبر, فإن هم تساهلوا بهذه المهمة دخل النقص على الأمة.
أما الحكام فعلى عاتقهم المسئولية الأكبر, فإن هم فرطوا; فشا المنكر وتجرأ أهل الباطل والفسوق على أهل الحق والصلاح.
● شروط إنكار المنكر:
- الأصل في الإنكار أن يكون علنيا.
- أن يكون المنكر ظاهرا معلوما, لقوله:"من رأى", فالإنكار متعلق بالرؤية.
- أن يتيقن بأنه منكر في حق الفاعل:
مثاله: من أفطر في رمضان بعذر لا يكون في حقه الأكل والشرب في نهار رمضان منكرا.
- لا بد أن يكون منكرا مجمعا عليه, مثاله: الربا والزنا, وليس من المسائل الخلافية المعتبرة, مثاله: عدم الإنكار على من صلى بعد أكله لحم الإبل.
أن لا يكون من مسائل الاجتهاد.
- إذا كان مخالفة المنكر مبنية على قول ضعيف, وكان ذريعة إلى محظور متفق عليه، كربا النقد فالخلاف فيه ضعيف, فإنه ينكر.
* الفرق بين العامي وطالب العلم في الإنكار عليه:
- العوام سبيلهم سبيل علماء البلد التي يقطنون فيها.
- طالب العلم المجتهد لا ينكر عليه اجتهاده.
* مسألة: هل وجوب التغيير معلق بالرؤيا؟
معلق بالرؤيا وما يقوم مقامها, فإذا سمع منكرا سمعا محققا: وجب عليه الإنكار.
مثاله: لو سمع صوت غناء محرم أو آلات الملاهي ، وعلم المكان، فإنه ينكرها ، لأنه قد تحقق المنكر، وعلم موضعه، فهو بمنزلة الرؤيا.
* مسألة: هل ينكر إن كان المنكر مستورا؟
لا, ليس للآمر البحث والتفتيش والتجسس وتسور الجدران واقتحام البيوت بحجة البحث عن المنكر.
قال أحمد : إذا لم يعلم مكانه ، فلا شيء عليه .
* الأمر في قوله:"فليغيره بيده":
- الأمر ليس على إطلاقه, بل لمن بيده السلطة.
- الولاية العامة: راعي الرعية الأكبر له تغيير المنكر بيده.
- من دون راعي الرعية الأكبر, إن كان موكلا منه, فله التغيير بيده.
- الولاية الخاصة, مثل: راعي البيت يغير بيده, والسيد على عبده.
* سبب تخصيص اليد بالإنكار:
لأن اليد قوة الإنسان في الأخذ والعطاء والكف والمدافعة.
* مسألة: هل الإنكار يعني معاقبة الفاعل:
لكل مقام مقال: فقد يكون الواجب معه الدعوة بالتي هي أحسن، وقد يكون التنبيه، وقد يكون الحيلولة بينة وبين المنكر والاكتفاء بزجره بكلام ونحوه، وقد يكون بالتعزير.
مثاله: رجل امامه زجاجة خمر, فإنكار المنكر لا يكون بتعنيفه، وإنما بتغيير هذا المنكر من الخمر، باليد مع القدرة، وأما الفاعل له فهذا له حكم آخر.
● ضوابط الإنكار على ولاة الأمور:
- لا تجب طاعة الولاة في معصية, سأل رجل ابن العباس رضي الله عنهما, عن مناصحة الأمراء:"أفرأيت إن أمرني بمعصية الله ؟ قال : ذلك الذي تريد ، فكن حينئذ رجلا".
- جهاد الأمراء باليد, قال عليه الصلاة والسلام:"... يخلف من بعدهم خلوف ، فمن جاهدهم بيده ، فهو مؤمن...الحديث". رواه أبو داود.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للأمراء يكون سرا, قال ابن عباس لسعيد بن جبير لما سأله عن مناصحة الأمراء:"...إن كنت لا بد فاعلا, ففيما بينك وبينه".
ينكر على الولاة إن فعلوا المنكر بأنفسهم, ورآه من فُعل أمامه ذلك الشيء, كما جاء في هذا الحديث:"أول من بدأ بالخطبة، يوم العيد قبل الصلاة، مروان. فقام إليه رجل. فقال: الصلاة قبل الخطبة...الحديث".
- إن غلب على ظنه ألا ينتفعوا بقوله, امتنع, دل عليه عمل عدد من الصحابة لما دخلوا على الولاة في بيوتهم وكان عندهم بعض المنكرات في مجالسهم لم ينكروها، وذلك لغلبة الظن أنَّهم لا ينتفعون بذلك.
- إن خشي الناصح أن يُقتل, أو خاف السوط أو النفي, أو القيد: فلا يفعل.
- إن خشي أن يتضرر اهله او جيرانه: فلا يفعل.
- إن خاف فتنة فلا يغير, قال تعالى:"ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم".
- إن خاف السب فقط; لم يسقط عنه الإنكار، كذلك إن احتمل الأذى، فهو أفضل ،قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أفضل الجهاد كلمة عدل عند سلطان جائر" . أخرجه ابو داود والترمذي وابن ماجه.
* مسألة: هل يعارض هذا قوله عليه الصلاة والسلام:"لا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه":
لا معارضة بين الحديثين, قال أحمد : "ليس هذا من ذلك" .
فهذا الحديث يدل على أنه إذا علم أنه لا يطيق الأذى ولا يصبر عليه ، فإنه لا يتعرض حينئذ للآمر.
* مسألة: هل يعارض حديث:"...فمن جاهدهم بيده..." الأحاديث التي أمر بها الرسول عليه الصلاة والسلام, بالصبر على جور الأئمة:
- التغيير باليد لا يستلزم القتال بالسيف والسلاح, قال أحمد: "التغيير باليد ليس بالسيف والسلاح", فجهادهم أن يزيل بيده ما فعلوه من المنكرات ، مثل أن يريق خمورهم, أو يبطل بيده ما أمروا به من الظلم إن كان قادرا، وهذا جائز، فإن أكثر ما يخشى منه أن يقتل الآمر وحده.
* حكم الخروج على الأمراء:
- أمر الرسول عليه الصلاة والسلام, بالصبر على جور الأئمة.
- الخروج عليهم بالسيف ، يخشى منه الفتن التي تؤدي إلى سفك دماء المسلمين .
- قال أحمد : لا يتعرض للسلطان ، فإن سيفه مسلول .
● أحوال المنكر عليهم:
- الحالة الأولى:أن ينتقلوا من هذا المنكر إلى ما هو أنكرُ منهُ، فهذا حرامٌ بالإجماع.
- الحالة الثانية: أن ينتقل إلى ما هو خيرٌ ودين، فهذا هو الذي يجبُ معه الإنكار.
- الحالة الثالثة: أن ينتقل منه إلى منكرٍ يساويه، فهذا محل اجتهاد.
- الحالة الرابعة: أن ينتقل منه إلى منكرٍ آخر ل يعلم هل هو مساوي أو لا , فهنا ايضا يحرم الإنكار.
● لمن يكون الإنكار باللسان:
- من لا يملك السلطة ويملك القدرة الكلامية, مثل: أهل العلم.
- من لا يملك القدرة الكلامية, وعجز عن التغيير لوجود مانع.
* كيفية الإنكار باللسان.
بالقول من تذكير وترغيب وترهيب .
التوبيخ والزجر مع استعمال الحكمة.
● متى يعدل إلى الإنكار بالقلب.
- إن عجز عن الإنكار باليد واللسان.
- عند خوف الضرر في بدنه أو ماله, ولا طاقة له لتحمله.
* كيفية الإنكار بالقلب:
- بكراهة المنكر كراهة شديدة, قال عليه الصلاة والسلام:"إذا عملت الخطيئة في الأرض ، كان من شهدها فكرهها كمن غاب عنها ، ومن غاب عنها فرضيها كان كمن شهدها
- تألم القلب لهذا المنكر, وعدم الرضا به, وإنكاره بقلبه وتمني زواله, قال ابن مسعود:"يوشك من عاش منكم أن يرى منكرا لا يستطيع له غير أن يعلم الله من قلبه أنه له كاره".
.- عزيمته على إنكاره بلسانه أو يده عند الاستطاعة.
- كراهية أهل المنكر, مع الدعاء لصاحبه بالسلامة منه..
- مفارقة المنكر بجسده.
* لماذا سمي الإنكار بالقلب:"أضعف الإيمان":
- سمي "أضعف": لأن كتم الإنكار وعدم إظهاره فيه دلالة على الضعف وعدم وجود الغيرة.
- لأن الله لم يمكن المنكِر من وظائف اصحاب الكمال.
- لأنه واجب على كل أحد, وهو قليل الثمرة.
- سمي إيمانا: لأن كراهية المنكر تدل على الإيمان.
● لفظ: "وليس وراء ذلك حبة خردل من إيمان" من حديث ابن مسعود:
لأن المنكر المجمع عليه إذا لم يعتقد حرمته ولم يبغضه مع اعتقاد حرمته فإنه على خطر عظيم في إيمانه.
● الفرق بين الإنكار والنصيحة:
- النصيحة اسم عام يشمل أشياء كثيرة, فالإنكار أضيق من النصيحة.
- الإنكار حال من أحوال النصيحة, لذلك كان له قيود وضوابط.
- الإنكار يجب على من رأى المنكر أو سمعه سمعا محققا, بينما لو علم به فقط فإن عليه النصيحة.
- الإنكار يجب على من له الولاية, كالرجل في بيته, أما إذا كان متعلقا بأمر في ولاية غيره, فيكون هذا من باب النصيحة, فينصح من له الولاية ليقوم بتغيير المنكر الحاصل.
- النصحية تكون فيما يجريه ولي الأمر في ولايته من منكر, أما ما يفعله بنفسه علنا: فيكون بابا من ابواب الإنكار, مع استعمال الحكمة.
* الفرق بين الإنكار والإزالة:
التغيير: يشمل الإزالة ويشمل التغيير باللسان بالقول, فهو أعم.
● درجات تغيير المنكر في الحديث:
الأولى: التغيير باليد, وهذا مقام وعر, لا يفوز به إلا قوم يحبهم الله ويحبونه, ولا يخافون فيه لومة لائم.
الثانية: التغيير باللسان, واللسان لا يزيل المنكر دائما, بل هو معلق باختيار فاعل المنكر, فقد ينتهي وقد لا ينتهي.
الثالثة: التغيير بالقلب, وهي أضعف المراتب, وثمرته قليلة.
● خطر ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
- فشو المنكر, وشيوع الرذيلة والفاحشة.
- اجتراء أهل الباطل والفجور على أهل الحق والصلاح.
- انتشار المعتقدات الفاسدة, كمعتقدات الباطنية.
- يصبح المنكر معروفا والمعروف منكرا.
- الهلاك في الدنيا, لما ورد في حديث السفينة حيث قال عليه الصلاة والسلام, في آخره:" فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعًا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا".
- عدم إجابة الدعاء, قال عليه الصلاة والسلام:"...لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر أو ليوشكن الله عز وجل أن يبعث عليكم عذابا من عنده ثم تدعونه فلا يستجاب لكم". رواه الترمذي وحسنه.
* مسألة: هل ينكر إذا علم بأنه لا يُقبل منه:
- القول الأول: وهو قول أكثر العلماء: وجوب الإنكار ولو علم بأنه لا يقبل منه, قال بعض السلف : يكون لك معذرة ، وهذا كما أخبر الله عن الذين أنكروا على المعتدين في السبت أنهم قالوا لمن قال لهم : "لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون" الأعراف : 164. وهذا القول رواية عن أحمد.
- القول الثاني: سقوط الأمر والنهي عند غلبة الظن على عدم القبول والانتفاع, لأن أعمال المكلفين مبنية على ما يغلب على ظنهم، وقد جاء في الحديث"فمن لم يستطع" وعدم الاستطاعة هذه تشمل عدة أحوال ويدخل فيها غلبة الظن ألا ينتفع الخصم.
واستدلالا بقوله تعالى:{فذكر إن نفعت الذكرى} فأوجب التذكير بشرط الانتفاع.
وبحديث أبي ثعلبة الخشني لما قيل له : كيف تقول في هذه الآية : "عليكم أنفسكم" [ المائدة : 105 ] ، فقال : أما والله لقد سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : بل ائتمروا بالمعروف ، وانهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت شحا مطاعا ، وهوى متبعا ، ودنيا مؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بنفسك ، ودع عنك أمر العوام" . رواه ابو داود وابن ماجة والترمذي.
قال الأوزاعي : مر من ترى أن يقبل منك .
● متى يسقط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
- يسقط الإنكار والتغيير باليد واللسان دون القلب; إن خاف على نفسه الضرب أو القتل, أو خاف على نفسه الضياع.
- وقت هياج الفتن,قال عليه الصلاة والسلامو لما ذكرت الفتنة: "إذا رأيتم الناس مرجت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا- وشبك أصابعه-" ،فقال عبدالله بن عمرو: كيف أفعل عند ذلك ، جعلني الله فداك ؟ فقال : "الزم بيتك ، واملك عليك لسانك ، وخذ بما تعرف ، ودع ما تنكر ، وعليك بأمر خاصة نفسك ، ودع عنك أمر العامة" .
*مسألة: هل يسقط الإنكار إن كان المانع من منه هو الهيبة:
لا يسقط وجوبه, قال عليه الصلاة والسلام:"ألا لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه" ، وبكى أبو سعيد ، وقال : قد والله رأينا أشياء فهبنا. أخرجه الترمذي وابن ماجه.
وقال:" لا يحقر أحدكم نفسه قالوا : يا رسول الله ، كيف يحقر أحدنا نفسه ؟ قال : يرى أمر الله عليه فيه مقال ، ثم لا يقول فيه ، فيقول الله له يوم القيامة : ما منعك أن تقول في كذا وكذا ؟ فيقول : خشيت الناس ، فيقول الله : إياي كنت أحق أن تخشى". رواه أحمد.
* مسألة: في معنى قوله تعالى: "عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم":
- قال أبو بكر رضي الله عنه: يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير مواضعها, وإنا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب". رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه وأحمد.
- قال النووي:"لأنّ المذهب الصّحيح عند المحققين في معنى الآية أنّكم إذا فعلتم ما كلفتم به فلا يضركم تقصير غيركم".
فإذا قام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يمتثل المخاطب; فلا عتب عليه.
- روي عن طائفة من الصحابة في الآية,قالوا : "لم يأت تأويلها بعد ، إنما تأويلها في آخر الزمان" .
- قال ابن مسعود: "إذا اختلفت القلوب والأهواء ، وألبستم شيعا ، وذاق بعضكم بأس بعض ، فيأمر الإنسان حينئذ نفسه ، حينئذ تأويل هذه الآية" .
- قال ابن عمر:"هذه الآية لأقوام يجيئون من بعدنا ، إن قالوا لم يقبل منهم" .
- عن الحسن : أنه كان إذا تلا هذه الآية ، قال : يا لها من ثقة ما أوثقها ! ومن سعة ما أوسعها ! .
● قواعد من الحديث:
- قاعدة: الدين يسر.
- قاعدة: الوجوب مشروط بالاستطاعة.
دليل القاعدة: قوله عليه الصلاة والسلام:"فإن لم يستطع..."وقوله:"...ما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم".
- قاعدة: المفاسد يدرأ أعلاها بأدناها.
- قاعدة: لا يجوز إنكار منكر حتى تتيقن أنَّهُ لن ينتقل المنكَرُ عليه إلى منكرٍ أشد منه.
- قاعدة: المنكر القاصر أهون من المنكر المتعدي.
- قاعدة: إذا كان اللفظ يحتمل معنى أعم فليحمل عليه.
● فوائد الحديث:
- حاجة الناس للأمر بالمعروف والنهي عن المنكروذلك لكثرة الأخطاء, والغفلة, وقسوة القلب.
- زوال المنكر فيه صلاح المجتمع.
- من قدر على خصلة من خصال الحديث كان خيرا ممن تركها عجزا وإن كان معذورا.
- جهاد الحكام باليد كما فعل أبو سعيد الخدري رضي الله عنه, أما بالسيف فلا يجوز.
- صلاح المجتمع يكون بزوال المنكر.
- التمكين في الأرض يكون بزوال المنكر والنهي عنه.
- اللسان من موجبات الجنة.
- التقوى من الاستطاعة.
- من قدر على خصلة من خصال الإيمان كان خيرا ممن تركها ولو كان معذورا.
● مما يدخل في مسمى الإيمان:
- قول القلب, وقوله عقيدته.
- عمل القلب, حركته بنية أو رجاء أو خوف, وما أشبه ذلك.
الدليل:"فمن لم يستطع فبقلبه" عطفا على قوله:"فلبغيره بيده".
- الإيمان عمل ونية, الدليل: جعل الرسول عليه الصلاة والسلام, هذه المراتب من الإيمان, والتغيير باليد, وباللسان عمل, وبالقلب نية, من الإيمان.
- الإيمان يزيد وينقص.
- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان.
* مسألة: هل الأعمال من كمال الإيمان أم من صحة الإيمان:
هذا السؤال لا داعي له لأن الصحابة لم يسألوا الرسول عليه الصلاة والسلام, ها السؤال, وهم أعلم وأحرص منا, فليسعنا ما وسعهم.