دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28 ربيع الأول 1439هـ/16-12-2017م, 04:09 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي مراجعة تطبيقية لدورة المهارات المتقدّمة في التفسير- المرحلة الخامسة والأخيرة

مراجعة تطبيقية على دروس مهارات التفسير المتقدّمة.
- المرحلة الخامسة والأخيرة -




موضوع البحث:
تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى: {فلا أقسم بمواقع النجوم (75)} الواقعة.



المطلوب:

9: العرض النهائي لتحرير المسألة.



إرشادات:
- هذه هي المرحلة الأخيرة في تحرير المسألة، يجمع فيها الطالب ما أتمّه من خطوات سابقة، مراعيا حسن العرض والصياغة، وأن يكون أسلوبه حاضرا بداية من التقديم لمسألته مرورا بعرض مراحل التحرير وصولا إلى خلاصة ما توصّل إليه في بحثه، ثم يختم بذكر مصادره.



رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح
والحمد لله الذي بنعمته تتمّ

الصالحات

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 4 ربيع الثاني 1439هـ/22-12-2017م, 07:48 PM
رضوى محمود رضوى محمود غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الخامس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 237
افتراضي

تعيين المراد بمواقع النجوم في قوله تعالى:(فلا أقسم بمواقع النجوم
ذكر العلماء في المراد بالنجوم في الآية قولان :
القول الأول أن المراد نجوم السماء ،وهذا القول يوافق المعنى الظاهر للكلمة ،وهو قول الكثير من المفسرين .

وعلى هذا القول اختلفوا في المراد بمواقعها على أربعة أقوال :
*القول الأول أن المراد مساقط النجوم، وذكر مجاهد أن المراد مساقطها ومطالعها، أي مغاربها ومشارقها، كما في قوله تعالى :(فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب ) ، وهذا ما رجحه ابن جرير مستندا على المعنى الغالب لكلمة مواقع ، وذلك أن المواقع جمع موقع، والموقع المفعل من وقع يقع موقعا، أي أن المعنى من السقوط ،كما في قوله تعالى :(والنجم إذا هوى) .
*القول الثاني في المراد بمواقع النجوم انتثارها يوم القيامة ،وهو يرجع لمعنى السقوط أيضا ، ولكن تخصيصه بيوم القيامة لم أجد دليل عليه.
*القول الثالث في المراد بمواقعها منازلها ومساراتها،وهذا القول راجع لمعنى آخر لكلمة مواقع في اللغة ،فمن معانيها الحلول في المكان،فيقال : وقعت الإبل ، إذا بركت ، ووقعت الغنم في مرابضها ، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة ، فمواقع النجوم على هذا المعنى أماكن وقوعها وخطوط سيرها ، كما في قوله تعالى : (والسماء ذات البروج) .
*القول الرابع أن المراد الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا:مطرنا بنوء كذا وكذا ،ومن تأول ذلك رجع إلى الحديث المروي في صحيح مسلم عن ابن عباس رضي الله عنه قال: مطر الناس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: " أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله، وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا " قال: فنزلت هذه الآية: {فلا أقسم بمواقع النجوم} [الواقعة: 75]، حتى بلغ: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} [الواقعة: 82] ،ولكن دلالة الحديث على أن المراد بالنجوم هنا الأنواء غير واضحة.

القول الثاني أن المراد بالنجوم نجوم القرآن ،وقد استدل أصحاب هذا القول بعود الضمير في قوله تعالى:( إنه لقرآن كريم) على القرآن ،ولكن يمكن الرد على هذا الاستدلال بأنه ليس بالضرورة أن يتقدم ذكر القرآن على الضمير العائد عليه وذلك لوضوح المعنى، كما في قوله تعالى :( حتى توارت بالحجاب) وكما في قوله تعالى:( كل من عليها فان) .
وقد رجح محمد الأمين الشنقيطي هذا القول ،واستدل على ذلك بأن :
-الإقسام في القرآن على صدق القرآن ،وأنه منزل من عند الله ،وعلى صدق النبي صلى الله عليه وسلم ،موضح في الكثير من آيات القرآن ،ومثال ذلك قوله تعالى: (حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم )، فأقسم الله تعالى بالكتاب المبين على صدق القرآن وعظمته، وخير ما يفسر به القرآن القرآن.
-كما أنه ذكر أن الإقسام بالقرآن أنسب هنا لقوله تعالى: (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم) مما يدل على أن المقسم به في غاية العظمة ،فكان الإقسام بالقرآن أنسب من نجوم السماء .

واختلف في المراد بمواقعه على ثلاثة أقوال:
*القول الأول أن المراد بمواقعه نزوله، فمن معاني كلمة وقع نزل ، فقد نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما متفرقة، أي طوائف من الآيات تنزل عليه صلى الله عليه وسلم متفرقة على الأحداث ، كما روي أن القرآن نزل من عند الله في ليلة القدر إلى السماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل بعد ذلك على محمد صلى الله عليه وسلم نجوما مقطعة في عشرين سنة ، و من معاني كلمة نجم قسط ، وكانت العرب تقول جَعَلتُ مَالِي على فلَان نجوماً مُنَجَّمَة، يُؤدَّى كلُّ نجم مِنْهَا فِي شهر كَذَا، فكانوا يجعلون مطالع النجوم ومساقطها مواقيت لحلول الديون .
*القول الثاني أن المراد بمواقع النجوم محكم القرآن ، أي ما ثبت منه واستقر ، فكما ذكرنا أن من معاني الوقوع الحلول في المكان ،و في الآية الكريمة تشبيه للقرآن في هداياته بالنجوم الساطعة ، ومحل ذلك هو محكم القرآن.
*القول الثالث أن المراد مستقر القرآن أوله وآخره ،وذلك أيضا راجع لمعنى الوقوع الذي هو الحلول في المكان.
وبتأمل الأقوال السابقة ، وحجج القائلين بها، نجد أن أقرب الأقوال للصواب القول الأول، وهو أن المراد بمواقع النجوم نجوم السماء ، فهو عليه كثير من المفسرين، وهو أقرب لظاهر الآية ،وأيضا القول بأن المراد نجوم القرآن له شواهد وحجج تقويه والله أعلم.

المصادر:
كتاب التفسير من صحيح البخاري.
سنن النسائي الكبرى.
مستدرك أبي عبد الله الحاكم النيسابوري.
جامع الأصول في أحاديث الرسول لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير.
مجمع الزوائد ومنبع الفوائد لأبي بكر الهيثمي.
الدر المنثور في التفسير بالمأثور لجلال الدين السيوطي .
تفسير القرآن العزيز، لعبد الرزاق بن همام الصنعاني.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن ،لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري.
تفسير الثعلبي
تفسيرالبغوي.
تفسير مجاهد بن جبر.
الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن أبي طالب القيسي،
النكت والعيون للماوردي.
المحرر الوجيز لابن عطية.
زاد المسير لابن الجوزي.
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي.
تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير .
التحرير والتنوير لابن عاشور.
أضواء البيان للشنقيطي.
شرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني .
عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني .
إرشاد الساري شرح صحيح البخاري للقسطلاني.
حاشية الإمام السندي على صحيح البخاري.
معاني القرآن للفراء والزجاج .
مجاز القرآن لأبي عبيدة .
غريب القرآن وتفسيره لابن قتيبة .
غريب القرآن لابن المبارك اليزيدي.
العين للخليل بن أحمد.
وتهذيب اللغة لأبي منصور الأزهري.
ومعجم المقاييس لابن فارس.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 5 ربيع الثاني 1439هـ/23-12-2017م, 09:40 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

تعيين المراد بمواقع النجوم
قال تعالى { فلا أقسم بمواقع النجوم ؛ وإنه لقسم لو تعلمون عظيم }

📚 أولا :
ما ورد فيها من قراءات وأثره على المعنى :

▪قرئت : بموقع النجوم على الإفراد : قرأ به حمزة والكسائي وخلف
وقرأ الباقون بالجمع : بمواقع النجوم
▪قال البخاري : ومواقع وموقع واحد ...
قال العسقلاني : وَمُرَادُهُ أَنَّ مُفَادَهُمَا وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَمْعًا وَالْآخَرُ مُفْرَدًا لَكِنِ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ كَالْجَمْعِ فِي إِفَادَةِ التَّعَدُّدِ
▪قال ابن القيم : ومن قَرَأَ "بموقع النُّجُوم" على الإفراد، فَلِدلالة الواحد المضاف إلى الجَمْع على التعدُّد،
و"الموقع": اسمُ جنْس، والمصادر إذا اختلفت جُمِعَت، وإذا كان النَّوع واحدًا أفرِدَتْ،قالَ الله تعالى: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)}( لقمان )، فجَمَعَ الأصوات لتعدُّدِ النَّوع، وأَفرَدَ "صوت الحمير" لوحدته. فإفراد "موقع النُّجُوْم" لوحدة المضاف إليه، وتعدُّد المواقع لتعدُّده، إذ لكلِّ نجمٍ موقع.”


- وذلك يعني أن ليس لجمع وإفراد كلمة موقع أثر مباشر على المعنى لأنه مضاف إلى جمع ؛ فكلاهما يدلان على عموم مواقع النجوم ؛ وإنما الاختلاف فيما يضيفه الإفراد من دلالة على وحدة النوع .

📚ثانيا :
الأقوال الواردة في تعيين المراد بمواقع النجوم وتخريجها

ورد في تعيين المراد بمواقع النجوم أقوال ، تعتمد في أساسها على المراد بالنجوم هنا ...
وورد في ذلك قولان رئيسان ، ويتبع كل منهما أقوال في المراد بالمواقع للنجوم ...
أما القولان الرئيسان فهما :
الأول : أن النجوم هي نجوم السماء وكواكبها المعروفة .
الثاني : أن النجوم هي نجوم القرآن


وفيما يلي ما ورد من أقوال تحت كل واحد من القولين :
🔶 أولا : أن النجوم هي نجوم السماء وكواكبها المعروفة ...
- قال النووي في شرحه على مسلم : وَأَمَّا مَوَاقِعُ النُّجُومِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الْمُرَادُ نُجُومُ السَّمَاءِ

- قال ابن الجوزي : وفي «النجوم» قولان ؛ أحدهما: نجوم السماء، قاله الأكثرون.


🖌 وتبعا لهذا القول ففي ( مواقع النجوم ) أقوال :
1- أنها منازل النجوم وأفلاكها في السماء ... وقد روي هذا القول مجاهد وقتادة ...
- قال القاسمي في محاسن التأويل :مواقع النجوم أي: منازل الكواكب ومراكزها البهيجة في السماء.

💡تخريج أقوال المفسرين :
🔺أما مجاهد :
- فرواه عنه الهمذاني والطبري من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه
- عن ابن جرير قال : حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ((بِمَواقِعِ النُّجُومِ)) قال في السماء ، ويقال مطالعها ومساقطها.
- فقوله ( بمواقع النجوم ) في السماء : يعني منازلها ...
- قال ابن كثير : وقال مجاهد أيضاً: مواقع النجوم في السماء

🔺واما قتادة :
- فرواه عنه الصنعاني عن معمر
حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: ((فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ)): قال: بمنازل النجوم.

- ورواه عنه الطبري عن ابن ثور عن معمر عنه مثله .
- وذكره عنه ابن عطية وابن الجوزي وابن القيم وابن كثير والسيوطي وغيرهما .

🔺 وذكر البغوي و ابن الجوزي والقرطبي وابن القيم والعيني والشوكاني أنه روي عن عطاء أيضا فبحثت عنه في ما تيسر لي من تفاسير وكتب مسندة فلم أجد تخريجه ،

- ووجدت دراستين في تفسير عطاء الخراساني إحداهما بعنوان ( أقوال عطاء الخراساني في التفسير ) وهي دراسة للأستاذ محمد الصاوي فوجدت تفسيره لآية ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) وذكره لحديث مسلم في قول الناس إذا مطروا مطرنا بنوء كذا وكذا ... ولم أجد له قوله في مواقع النجوم ...

- والأخرى بعنوان ( عطاء بن أبي رباح وجهود في التفسير ) للأستاذ عبد الواحد بكر إبراهيم عابد فوجدت ما وجدته في السابقة ولم أظفر بقوله في ( مواقع النجوم )
وكلتا الدراستين من جامعة أم القرى بمكة المكرمة

🔺وذكره الماوردي عن ابن جريج ، فبحثت عنه فظفرت بكتاب اسمه ( تفسير ابن جريج ) جمعه الأستاذ علي حسن عبد الغني من إصدار مكتبة التراث الإسلامي ولم أظفر له بقول في ذلك .

2- مساقط النجوم ومغاربها ، وقيل مطالعها ومساقطها يعني ( مشارقها ومغاربها ) روي هذا القول عن مجاهد قال : ( مطالعها ومساقطها )
وعن قتادة وأبي عبيدة معمر بن المثنى ويحيى اليزيدي : ( مساقطها ) أي مغايبها ومغاربها .


- قال النووي في شرحه على مسلم : وَأَمَّا مَوَاقِعُ النُّجُومِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الْمُرَادُ نُجُومُ السَّمَاءِ وَمَوَاقِعُهَا مَغَارِبُهَا
- قال القسطلاني : بمغارب النجوم السمائية إذا غربن.
-قال القاسمي : بمساقطها ومغاربها، وهي أوقات غيبتها عن الحواس
- قال ابن كثير : وهو اختيار ابن جرير

💡تخريج أقوال المفسرين :
🔺أما مجاهد فرواه عنه الهمذاني والطبري عن ابن أبي نجيح عنه : قوله: ((بِمَواقِعِ النُّجُومِ)) قال في السماء ويقال مطالعها ومساقطها.
وذكره عنه الماوردي وابن عطية وابن كثير ...

🔺 وأما قتادة فرواه عنه ابن جرير من طريق سعيد عنه :
قال ابن جرير : حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ((فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ)): أي مساقطها.

- وذكره عنه القرطبي والسيوطي ...

🔺وأما أبو عبيدة فقال في كتابه مجاز القرآن : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُوم ) فأقسم بمواقع النجوم ومواقعها مساقطها ومغايبها
وذكر ذلك عنه ابن عطية وابن الجوزي والعسقلاني

🔺وقال اليزيدي في غريب القرآن وتفسيره : ( بمواقع النجوم) : مساقطها حيث تغيب

🔺وقد ذكر مكي بن أبي طالب هذا القول عن الحسن كما نسبه السيوطي إلى الحسن البصري وأسنده إلى عبد بن حميد ، ولم أجد هذا الجزء في تفسير عبد بن حميد ...
قال السيوطي : وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ‏ ((‏فلا أقسم بمواقع النجوم‏))‏ قال‏:‏ بمغايبها‏.‏

3- انكدار النجوم وانتثارها يوم القيامة
- روي هذا القول عن الحسن البصري

💡تخريج أقوال المفسرين :
- رواه عنه الطبري عن سعيد عن قتادة عنه
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ((فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجومِ)) قال: قال الحسن انكدارها وانتثارها يوم القيامة.

- وذكر ذلك عنه الماوردي وابن عطية وابن الجوزي وابن كثير والعيني والشوكاني وغيرهم

4- مساقط ومطالع الأنواء حيث كان أهل الجاهلية يقولون مطرنا بنوء كذا
- روي القول عن الضحاك ... ذكره الماوردي والقرطبي وابن كثير والشوكاني .

💡تخريج أقوال المفسرين :
- لم أجد فيما وقعت عليه من المراجع تخريجا لقول الضحاك ؛ لكني وجدت فيه حديثا رواه مسلم عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
قال مسلم : وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَمِنْهُمْ كَافِرٌ، قَالُوا: هَذِهِ رَحْمَةُ اللهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا " قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75]، حَتَّى بَلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]
كما روى مثله عن زيد بن خالد الجهني ... لكن دون الإشارة إلى نزول ( فلا أقسم بمواقع النجوم )
- قال النووي في شرحه لهذا الحديث :
فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو بن الصلاح رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا نَزَلَ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْأَنْوَاءِ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ وَتَفْسِيرُهُ يَأْبَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا النَّازِلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) وَالْبَاقِي نَزَلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنِ اجْتَمَعَا فِي وَقْتِ النُّزُولِ فَذَكَرَ الْجَمِيعَ مِنْ أَجْلِ ذلك
- و قال الشيخ أبوعمرو رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّ فى بعض الروايات عن بن عباس رضى الله عنهما فِي ذَلِكَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ الْيَسِيرِ فَحَسْبُ .


▪والأنواء جمع نوء ، وبالعودة إلى معاجم اللغة فإن الأنواء هي ثمانية وعشرون نجما معروفة محددة المطالع على طول السنة تعرفها العرب وتسميها ، وهي نجوم منازل القمر التي ينزل في كل ليلة منها في منزلة ؛ ويحتجب ليلة أوليلتين فيكون الشهر تسعة وعشرين أو ثلاثين يوما .

- قال أبو عبيد : يسقط منها في كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته، وكلاهما معلوم مسمى، وانقضاء هذه الثمانية وعشرين كلها مع انقضاء السنة، ثم يرجع الأمر إلى النجم الأول مع استئناف السنة المقبلة. وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لا بد من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح، فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى ذلك النجم، فيقولون:مطرنا بنوء الثريا والدبران والسماك.

- قال ابن منظور : وإنما سمي نوءا لأنه إذا سقط الغارب ناء الطالع، وذلك الطلوع هو النوء. وبعضهم يجعل النوء السقوط، كأنه من الأضداد

🖌 ومن هذا يتبين أن الأنواء هي عدد محدد من نجوم السماء ، وموقعها أي مساقطها في المغرب وقيل مطالعها ...
فهذا القول خاص من عموم القول الثاني ... فهو يرجع إليه ، وإنما خصص لما ورد من أن نزول الآيات كان فيه ، ولأن هذه النجوم هي التي كانت العرب تنسب لها الخير والمطر ، وتجعل سقوطها وطلوعها مواقيت وآجالا لها .


5- أن مواقع النجوم هو رجمها للشياطين :
ذكر هذا القول ابن عطية والخازن وأبو حيان الأندلسي وابن القيم والشنقيطي و لم ينسبوه إلى أحد ...
- وقال ابن القيم : ويحتمل أَن مواقعها انقضاضها أثر العفريت وَقت الرجوم
- قال الخازن : وقيل مواقعها في اتباع الشياطين عند الرجم ...

- ووجدت الألوسي ينسبه إلى أبي جعفر محمد الباقر وابنه أبي عبد الله جعفر الصادق .
- قال الألوسي : وعن أبي جعفر وأبي عبدالله : المراد مواقعها عند الانقضاض إثر المسترقين السمع من الشياطين ولم أجد نسبة إليهما عند غيره مما بحثت فيه .

▪ومن ذكر هذا القول من المفسرين إنما ذكره بالجمع بين تفسير مطلع سورة النجم ( والنجم إذا هوى ) والذي من أحد الأقوال فيه هوي النجوم رجوما للشياطين ، وآية ( فلا أقسم بمواقع النجوم )وعلى اعتبار أن موقع هو مصدر ميمي بمعنى الوقوع ، والوقوع هو السقوط أو الهوي ؛ فمواقع النجوم أي وقوعها وهويها ، وقد يكون وقوعها ليس لغروبها فقط ، وإنما قد يكون لانقضاضها إثر العفاريت ... أي رجومها للشياطين ...فقوله تعالى ( فأتبعه شهاب ثاقب ) فكل شهاب معد يتبع الشيطان ليرجمه ويمنعه من استراق السمع . وهو كقول الجن ( فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) أي مرصدا معدا .

🔶 ثانيا : النجوم هي نجوم القرآن ، أي الطوائف من الآيات منه ... إذ تطلق النجوم على القسط أي الجزء من الشيء ... ومنه أخذت نجوم القرآن أي الطائفة من آياته ... ذلك أنه نزل مفرقا نجوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرين أو ثلاث وعشرين سنة
وعليه فـ( مواقع النجوم ) قيل هي منازل القرآن أي نزوله لأن القرآن نزل مفرقا نجوما ...
- وقال بهذا القول ابن عباس وعكرمة

- وخصصه ابن مسعود بمحكم القرآن وتبعه في القول بمحكم القرآن مجاهد والبخاري ..
.

- قال النووي في شرحه على صحيح مسلم : وَقِيلَ النُّجُومُ نُجُومُ الْقُرْآنِ وَهِيَ أَوْقَاتُ نُزُولِهِ
- قال السمين الحلبي : وقيل: النجومُ للقرآن، ويؤيِّدُه "وإنَّه لَقَسَمٌ"، و ((إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ))


1- من قال أنه نزول القرآن نجوما :
💡تخريج أقوال المفسرين :
🔺 أما ابن عباس :
- فرواه عنه الطبري والهمذاني من طريق حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عنه
▪ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد أن حكيم بن جبير متروك .

- وأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ في سننه وَالْحَاكِمُ في مستدركه والبيهقي في شعب الإيمان مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير عَن ابن عَبَّاسٍ قَالَ : ( نَزَلَ الْقُرْآنُ جَمِيعًا لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ فُصِّلَ فَنَزَلَ فِي السِّنِينَ وَذَلِكَ قَوْله فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم )

- ورواه عنه أبو بكر الأنباري وهود بن محكم في ما جمعه من تفسير يحيى بن سلام البصري من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ...
- كما رواه البيهقي في الأسماء والصفات وفي شعب الإيمان من طريق جرير عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وروى بمثل هذا الإسناد ابن الضريس في فضائل القرآن

- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ فُرِّقَ فِي السِّنِينَ، قَالَ: وَتَلَا الْآيَةَ ( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ [الواقعة: 75] قَالَ: نُزِّلَ مُتَفَرِّقًا " رواه البيهقي
- فهنا يبين أن مواقع النجوم هي نزول القرآن مفرقا نجوما ...

- و عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] قَالَ: " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُنْزِلُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَهُ فِي إِثَرِ بَعْضٍ. قَالُوا: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} رواه البيهقي وابن الضريس .
- وهنا يبين أن مواقع النجوم هو مواضع نجوم السماء التي تعرفها العرب وهي المنازل .

- ورواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ل( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
وذكر روايته عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بنحو ذلك
- ورواه الطبراني من طريق سعد بن طريف عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس

🔹وقد روى الطبري عن ابن عباس من طريق محمد بن سعد بسنده إلى ابن عباس أن مواقع النجوم : ( مستقر الكتاب أوله وآخره )
قال ابن جرير : حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ((فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوم وَإنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)) قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
وهذا يؤول إلى أن مواقع النجوم هو نزول القرآن أوله وآخره ...

🔺 وأما عكرمة :
فرواه عنه الطبري من طريق الحسين عن يزيد عنه قال: أنزل الله القرآن نجوماً ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات.
- فكأن عكرمة يفسر معنى نجوما بقوله : ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات .

- ومن طريق المعتمر عن أبيه عنه قوله : إن القرآن نزل جميعاً، فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل يأتي بالسورة، وإنما نزل جميعاً في ليلة القدر.
- وفي هذا الأثر يربط عكرمة بين ( مواقع النجوم ) على معناها بمواقع نجوم السماء ونزول القرآن ...
وهو كما روي عن ابن عباس بالمعنيين ...

🔺 وقد روى الصنعاني هذا القول عن معمر وعن الكلبي قالا به ...
قال عبد الرزاق الصنعاني : حدثنا عبد الرزاق، قال معمر، وقال الكلبي: هو القرآن كان ينزل نجوماً.

🔺وذكر الماوردي والقرطبي وابن كثير والشوكاني هذا القول عن السدي ولم أجد تخريجه وإنما وجدت فيما جمعه الدكتور محمد عطا يوسف من تفسير السدي الكبير قوله : أخرج ابن كثير عن السدي قوله في ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) قال : نجوم القرآن

🔺 وذكره ابن كثير عن أبي حرزة ...
وقد بحثت عنه فإذا هو كما أورده المزي في تهذيب الكمال : أبو حزرة يعقوب بن مجاهد المخزومي مولى بني مخزوم القاص المديني. وكنيته أبو يوسف ، وأبو حزرة لقب . ولم أعثر على تخريج قوله .

2- وأما القول بأنه نزول محكم القرآن أو أنه ( محكم القرآن) فقد ورد عن ابن مسعود كما سبق ؛ وبه قال مجاهد والبخاري .


💡تخريج أقوال المفسرين :
🔺أما ابن مسعود فرواه عنه الفراء عن الفضيل عن المنهال بن عمرو عنه
- قال الفراء حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ ( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قَالَ بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ وَكَانَ يَنْزِلْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُجُومًا
وهذا الأثر يبين أن قول ابن مسعود بمواقع النجوم هو القول بنزوله مفرقا نجوما على رسول الله ... وإن كان خص منه محكمه . فهو كقول ابن عباس وعكرمة .

🔺وأما مجاهد فرواه عنه الطبري من طريق يحيى المسعودي عن أبيه عن أبيه عن جده عن الأعمش عن مجاهد قال: هو مُحْكَم القرآن

🔺وأما البخاري فقال في صحيحه : بمواقع النجوم : بمحكم القرآن
- قال القسطلاني في إرشاد الساري تعليقا على ما أورده البخاري : ويؤيده وإنه لقسم ، وإنه لقرآن كريم .

📚 ثالثا :
حجج الأقوال والاعتراضات عليها :

تبين مما سبق أن الأقوال في المسألة تتلخص في :
1- أن النجوم هي نجوم السماء وهو قول الأكثرين
ومنه فمواقع النجوم هي :
1 ، 1- منازلها وأفلاكها في السماء ؛ وهو قول مجاهد وقتادة

1، 2- مغايبها ومغاربها وقت الغروب ... وبه قال قتادة وأبو عبيدة واليزيدي ... وقيل مساقطها ومطالعها وبه قال مجاهد ..
- ومنه القول بأن المراد بمواقع النجوم هو مطالع ومساقط الأنواء

وهي كما مر ثمانية وعشرون نجما كلما غرب أحدها ناء آخر ؛ فقالوا إذا سقط الغارب ناء الطالع أي نهض وأشرق . وهي التي كانت يستسقي بها أهل الجاهلية فيقولون مطرنا بنوء كذا وكذا

1، 3- انكدارها وانتثارها وسقوطها عن مواقعها يوم القيامة وهو قول الحسن .

1، 4- انقضاضها إثر العفاريت رجوما ... وقد أوردوه بصيغة الاحتمال ولم ينسبوه .

2- أن النجوم هي نجوم القرآن أي الطائفة من آياته ، ومواقع النجوم أي نزوله مفرقا نجوما من أوله إلى آخره بمحكمه ومتشابهه على عشرين أو ثلاث وعشرين سنة .
- وهو قول ابن عباس وعكرمة ،
- وخصصه ابن مسعود بنزول محكم القرآن وتبعه في ذلك مجاهد والبخاري قالوا : محكم القرآن

حجج الأقوال :
1- حجة من قال أن النجوم هي نجوم السماء المعروفة :
أ - أن الأصل في الكلام حمله على معناه الذي ينصرف إليه الذهن عند النطق به أولا ما دام مطلقا لم يقيد، فإن تعذر حمله على ذلك صير إلى غيره من المعاني ؛
- فلو قال شخص في أيامنا : جاءت سيارة فإن الذهن سينصرف فورا إلى وسيلة النقل المعروفة لا إلى عابري الطريق مع أنه يطلق عليهم ( سيارة ) كما قال تعالى ( وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم ) ؛ لكن لأن اللفظ صار علما على وسيلة النقل صارت هي المقصودة باللفظ إلا إن قيدت بما يدل على إرادة معنى غيرها .
- وعندما يقول شخص أنه سيصوم مثلا فسينصرف الذهن فورا إلى إرادته صوم النهار ؛ لا صومه عن الكلام أو عن شيء محدد ما دام لم يقيده ؛ لأن كلمة الصوم على إطلاقها صارت حقيقة شرعية على هذه العبادة المعروفة .
وكذلك هنا فالله في كتابه استخدم النجوم للدلالة على النجوم والكواكب في سائر القرآن كقوله تعالى: {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ } الطور ، وقوله تعالى {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ} ، وكلمة النجوم أول ما ينصرف الذهن عند سماعها إلى نجوم السماء وأجرامها ؛ فلم سيختلف الأمر هنا واللفظة مطلقة ليست مقيدة ؟

ب - إن أكثر ما أقسم الله به من مخلوقاته كان قسمه بالسماء وما فيها من دلائل الوحدانية والعظمة ؛ فأقسم بالسماء ونجومها وأبراجها والشمس والقمر وغيرها مما في السماء من أجرام ؛ فقال تعالى : ( والسماء ذات البروج ) ( والسماء والطارق ) ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ) ( والنجم إذا هوى ) ( والشمس وضحاها ، والقمر إذا تلاها ) وغيرها كثير ... وأقسم في مثل هذه الاقسام على صدق رسوله مثلا ك( والنجم إذا هوى ما صل صاحبكم وما غوى ) و ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ...)إلى ( إنه لقول رسول كريم ) فيحمل هذا القسم هنا كما حمل غيره على أنه قسم بهذه المخلوقات في السماء على أن كتابه قرآن كريم .

🔸وقد رد على هذا بأن القسم بكتاب الله أنسب أن يعظم وأن يقال عنه قسم عظيم ؛ فكلام الله أعظم وأشرف .

- ويرد عليه أن قسم الله بكلامه لا شك أعظم ، وقد ورد مرات عدة في كتابه بأن يقسم به على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله أقسم كذلك بمخلوقاته ، فهو سبحانه يقسم بما يشاء منها ؛ وقسمه بها تعظيم لها من جهتين : أنه جل وعلا هو المقسم بها ، وأن عظمة الصنعة من عظمة الصانع ، فعظمتها لأنه هو تعالى خالقها وموجدها .

ج - لم يعبر عن القرآن ولا عن آياته بالنجوم في أي موضع من مواضع القرآن ؛ وإنما سماه الله باسم من أسمائه أو شيء مما اتصف به ؛ وإنه تعالى في كل مواضع القرآن إذا أقسم بالقرآن أقسم به نفسه لا بكيفية نزوله ووصوله إلينا فقال تعالى( يس والقرآن الحكيم )( ص والقرآن ذي الذكر ) ( حم والكتاب المبين ) ( ق والقرآن المجيد )
وذلك مطرد في كتاب الله كله ، فكان هذا أقوى في أن يكون القسم هنا على حاله فيقسم بمواقع نجوم السماء على أن القرآن قرآن كريم . وبين المقسم به والمقسم عليه مناسبة لطيفة ذكرها ابن القيم سأذكرها بعد دراسة الأقوال بإذن الله

ثم إن من قال أنها نجوم السماء قال أن ( مواقع النجوم ) :
أ - هي منازل هذه النجوم والكواكب ومساراتها وأفلاكها
وحجته في ذلك أن منازل النجوم في السماء من أعظم ما استدل به على عظمة الخالق ، فالله وجه خلقه في كتابه إلى النظر في السماء وما فيها من أجرام فقال ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ) الحجر( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ) الصافات ( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ )ق (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) الملك
فإنها بزينتها للسماء من أعظم الأدلة على إحكام الصنعة وعلى عظمة الخالق وبديع صنعه .
ثم إنها في سيرها في أفلاك محددة مقدرة لها تظهر أعظم الأدلة على الوحدانية والعلم والحكمة ؛ ونبه الله خلقه إلى هذه الأفلاك وجري الكواكب وسيرها فيها مرات في كتابه فقال تعالى ( فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) الأنعام ، ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره )النحل ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ، والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) يس ( الشمس والقمر بحسبان ) الرحمن ؛ فكل هذه تدل على تقدير العزيز العليم الذي بعظمته أحكم هذا النظام الدقيق فلا يتخلف جرم عن منزله وفلكه وسيره ولا يسبق نجم آخر ، كله بميزان بالغ الدقة ، كله بحسبان ويكفي من هذا عظمة حتى يقول بعدها ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )

- قال الالوسي عن هذا القول : والتخصيص لأن له تعالى في ذلك من الدليل على عظيم قدرته وكمال حكمته ما لا يحيط به نطاق البيان .

ب- ومن قال أنها مساقط النجوم ومغايبها أو مساقطها ومطالعها
فحجته في ذلك :
1- أن الله أقسم في غير موضع بالنجوم وأفلاك السماء كقوله ( والنجم إذا هوى ) قال الطبري فيها ( والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله مجاهد من أنه عنى بالنجم في هذا الموضع: الثريا، وذلك أن العرب تدعوها النجم .) و ( فلا أقسم بالخنس ) ، وخص الله بالذكر المشارق والمغارب في مواضع فقال تعالى : {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}وذكر أنه تعالى ( رب المشرقين ورب المغربين ) و( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو ) وفي ذلك تنبيه على ما في شروق النجوم وغروبها من الدلالات على وحدانية الخالق وألوهيته وعظمة خلقه وبديع صنعه وما فيها من الفوائد ما ليس في غيرها .
ولذلك استدل إبراهيم بمواضع الشروق والغروب على وحدانية الله وقدرته المطلقة في محاجته للنمرود فقال ( قال إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر ) فكان هذا دليلا بهت عدو الله فأسقط في يده .
وكذلك نبه عليه موسى عليه السلام في مجادلته لفرعون وملئه لما سألوه ( قال فرعون وما رب العالمين ) فكان مما قال : ( قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ) فعند هذا الدليل أسقط في يد فرعون واتجه إلى التهديد بالسجن.. وفي هذه الآيات وغيرها من الدلالات ما لا يخفى .

2- أن في غروب النجوم وزوال أثرها دلالة على الوحدانية المطلقة ، ذلك أن زوال الموجودات وفنائها يذكر بالحي الذي لا يموت ، والمؤثر الذي لا يتأثر ولا تأخذه سنة ولا نوم ؛ ولذلك استدل إبراهيم عليه السلام بأفول النجوم والكواكب على وجود الواحد الأحد الذي لا يحول ولا يزول ...فقال (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي ، فلما أفل قال لا أحب الآفلين ) فالغروب أفول وزوال وذهاب ، والخالق الواحد الأحد منزه عن ذلك ؛
كما أن في طلوع النجوم دلالة على قدرة موجد هذه المخلوقات على الإيجاد بعد العدم والإحياء بعد الإماتة ؛ ولذلك ناسب بعدها أن يعظم القسم فيقول ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )

3- أن الله جعل النجوم علامات يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ؛ والنجوم لا يهتدى بها وهي في وسط السماء إذ لا يعرف بها عند ذلك اتجاه وإنما يستدل بها عند طلوعها أو غروبها حيث يعرف أين تغرب ومن أين تشرق فتحدد الاتجاهات بذلك . كما أن مواعيد شروقها وغروبها هي المواقيت التي كان يعرف بها العرب دخول الفصول وتحديد المواقيت ؛ وهذا أقوى في أن تكون مواقع النجوم مساقطها ومطالعها لا منازلها وأفلاكها فقط .

4- أن وقت غروب النجوم وطلوعها قبيل الفجر هو وقت قيام المتهجدين لله تعالى ووقت تنزل الرحمات والبركات ... قال تعالى ( ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) وهي الساعة التي ينزل فيها سبحانه إلى السماء الدنيا فيجيب السائل ويعطي الطالب ، وهي من أعظم الأوقات لذلك استحق تعظيم القسم بها ..

▪ ويدخل في ذلك القول بأن مواقع النجوم هي مطالع ومساقط الأنواء خاصة لأنها تلك النجوم التي يهتدى بطلوعها وغروبها على المواقيت .
ومن خصصها بالأنواء استدل لذلك بحديث مسلم الذي يرويه عن ابن عباس والذي ذكر آنفا وفيه أن قولهم مطرنا بنوء كذا وكذا هو سبب نزول ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) إلى ( تكذبون )
وقد علق النووي على حديث مسلم قائلا : قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو بن الصلاح رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا نَزَلَ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْأَنْوَاءِ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ وَتَفْسِيرُهُ يَأْبَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا النَّازِلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) وَالْبَاقِي نَزَلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنِ اجْتَمَعَا فِي وَقْتِ النُّزُولِ فَذَكَرَ الْجَمِيعَ مِنْ أَجْلِ ذلك

- فما أورده النووي عن ابن الصلاح يدل على أن هذا الحديث ( وليس نصا في إرادة الأنواء بل يجوز عليه أن يراد المغارب مطلقا.) كما قال الألوسي .
وكما مر فالأنواء خصوص من عموم نجوم السماء ومغاربها ومشارقها داخلة في ذلك العموم ...

ج- ومن قال أن مواقع النجوم انتثارها يوم القيامة
قال ابن القيم : ومن حُجَّةِ هذا القول أنَّ لفظ "مواقع" يقتضيه، فإنَّه (مَفَاعِل) من الوقوع وهو السقوط، فَلِكُلِّ نجمٍ مَوْقعٌ، وجَمْعُها: مَوَاقع.

- وقد ورد ذكر انكدار النجوم والكواكب وسقوطها يوم القيامة وزوالها عن مواقعها في السماء في غير آية فقال تعالى ( فإذا النجوم طمست ) ( وإذا النجوم انكدرت ) ( وإذا الكواكب انتثرت ) وكلها من أهوال يوم القيامة وأهوالها عظيمة يشيب لها الولدان ؛ فقال تعالى عن أهوال ذلك اليوم ( إن زلزلة الساعة لشيء عظيم )
وقد وردت هذه الأهوال في السور المكية لتقرع قلوب المشركين وتهزهم لعلهم يتذكرون ، فكان مناسبا هنا بعد أن ذكر تفرده تعالى بالإنعام عليهم بالنسل والزرع والحرث والماء والنار وبعد أن ذكر الأصناف الثلاثة يوم القيامة أن يقسم بوقوع النجوم يوم القيامة قرعا للآذان الصم وتنبيها للقلوب الغافلة وتنبيها للمقسم عليه بعده لأنه وسيلتهم للهداية والنجاة ليكونوا من أصحاب اليمين .

د- ومن قال أنها انقضاض النجوم إثر العفاريت واتباعها رجوما للشياطين فاستدل له بالجمع بين آية الواقعة وما ورد في تفسير ( والنجم إذا هوى ) بهوي النجم راجما للشياطين ليمنعه من استراق السمع ؛ وبما ورد من آيات تبين سقوط النجوم رجما للشياطين ( وجعلناها رجوما للشياطين ) ( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )
- وقد أسند ابن الجوزي والخازن القول أن : النجم إذا هوى : هو هويه لرجم الشياطين إلى ابن عباس ؛ وقال ابن كثير عنه وهو قول له وجهه .

- كما ان القسم برجم النجوم للشياطين مناسب لما بعده من الحديث عن القرآن وأنه لا يمسه إلا المطهرون فلا يصل إليه شيطان .
🔸 ويقال في هذا القول أن من أورده من المفسرين في قسم سورة الواقعة أورده احتمالا دون أن يسنده ، فكأن في ذلك إضعافا له .
ثم إن الأولى حمل الآيات على ما يحتمله مواقع النجوم على الحقيقة ، والمفسرون على أن رجم الشياطين لا يكون بعين النجم وإنما بشهاب منه تصديقا لقوله تعالى ( فأتبعه شهاب ثاقب ) وقوله تعالى ( فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) فبين أن الرجم بالشهب ؛
وقالوا قد يكون إسناد الرجم للنجوم هو من باب الإسناد إلى الكل والمراد الجزء ؛ فكأن الشهاب صادر من النجم ، أو أن الإحراق حاصل بسببه لا بعينه
- قال القرطبي رحمه الله : ( وجعلناها رجوما للشياطين ) أي جعلنا شهبها ؛ فحذف المضاف ، دليله : ( إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها .

- وقال ابن كثير رحمه الله : عاد الضمير في قوله : ( وَجَعَلْنَاهَا ) على جنس المصابيح لا على عينها ؛ لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ، والله أعلم

- وقال ابن عثيمين رحمه الله : قال العلماء في تفسير قوله تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين ) : أي : جعلنا شهابها الذي ينطلق منها ، فهذا من باب عود الضمير إلى الجزء لا إلى الكل . والله أعلم .

2- حجة من قال أن النجوم هي نجوم القرآن ( سواء من قال بنزوله نجوما أو من خصه بمحكمه )
من قال بأن النجوم هنا هي نجوم القرآن احتج بأمور منها :
أ - أنه تعالى قال بعد القسم ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )
أي أن القسم الذي أقسم به عظيم وعظمة القسم من عظمة ما أقسم به فكان أنسب أن يكون المقسم به هو القرآن لأنه لا أعظم من كلام الله ...

🔸 وقد ورد التعليق على هذا القول فيما سبق ، ولابن القيم في عظمة القسم بالسماء وأجرامها كلام جميل حيث قال في ( مفتاح دار السعادة ) :
وَلم يقسم في كتابه بِشَيْء من مخلوقاته أَكثر من السَّمَاء والنجوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَهُوَ سُبْحَانَهُ يقسم بِمَا يقسم بِهِ من مخلوقاته لتَضَمّنه الايات والعجائب الدَّالَّة عَلَيْهِ وَكلما كَانَ اعظم آيَة وأبلغ فِي الدّلَالَة كَانَ إقسامه بِهِ اكثر من غَيره وَلِهَذَا يعظم هَذَا الْقسم كَقَوْلِه {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم}
فالقسم بالسماء وأجرامها أيضا قسم عظيم .

ب - أنه تعالى أقسم على أن كتابه قرآن كريم فقال ( إنه لقرآن كريم ) والضمير في إنه الأصل أن يعود على أقرب مذكور ، ومعلوم أن الضمير هنا المعني به هو القرآن ، ولم يسبق له ذكر فكان الأنسب أن تكون مواقع النجوم هي نزول القرآن ليعود الضمير على القرآن الذي نزل نجوما

🔸ويرد عليه بأن مرجع الضمير مفهوم معروف لوضوحه وشهرته وإن لم يذكر قبل ، وهو كقوله تعالى ( حتى توارت بالحجاب ) وكقوله ( كل من عليها فان ) فيفهم مرجع الضمير في كل منهما مع عدم ذكر الشمس في الأولى قبلها أو الأرض في الثانية لوضوح الأمر .

ج - أن المقسم عليه هنا هو أن كلام الله قرآن كريم ، وقد أقسم سبحانه بكتابه على صدق نبيه وصدق ما جاء به كقوله تعالى ( يس والقرآن الحكيم ، إنك لمن المرسلين ) ( حم والكتاب المبين ، إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ) وغيرها ... فالمقسم عليه في آيات الواقعة مشابه لما أقسم عليه في غيرها من المواضع فناسب ذلك أن يكون المقسم به كتاب الله ؛ فيقسم الله بكتابه على صدق ما جاء به نبيه وصدق كتابه وشرفه .
🔸 ويرد عليه بأنه تعالى كما أقسم بكتابه على صدق نبيه وصدق ما جاء به ، فقد أقسم بالسماء وأجرامها ونجومها على صدق نبيه كذلك ك ( والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى ) و ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ...)إلى ( إنه لقول رسول كريم )
والله أعلم .

📚رابعا :
توجيه الأقوال :
فيما يلي محاولة لتوجيه أقوال المفسرين الواردة في المسألة :
أولا : النجوم هي نجوم السماء :
1- مواقع النجوم هي منازلها وأفلاكها التي تسير فيها ...
مبنى هذا القول على المعنى اللغوي للكلمة وعلى وزنها الصرفي وما يحمله من معان ، فمواقع جمع موقع ، على وزن مفعِل ، اسم مكان ...
قال ابن منظور في لسان العرب : وقال الليث: الموقع موضع لكل واقع. تقول: إن هذا الشيء ليقع من قلبي موقعا، يكون ذلك في المسرة والمساءة.
قال ابن عاشور : ويطلق الوقوع على الحلول في المكان ، يقال: وقعت الإِبل، إذا بركت، ووقعت الغنم في مرابضها، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة ...
فيكون الموقع المحل والمنزل وتكون مواقع النجوم محال وجودها في السماء وخطوط سيرها وأفلاكها ومنازلها ... فهي مواقع محددة لها مضبوطة بنظام بديع ...
ويكون القسم هنا قسم بأفلاك النجوم والكواكب ومنازلها في السماء ... وهو كقسمه سبحانه في ( والسماء ذات البروج ) ...

2- مواقع النجوم مساقطها ومغايبها التي تغيب فيها ، وقيل مساقطها ومطالعها
وهذا القول له عدة وجوه :
أ- أن الوقوع أول ما يطلق يطلق على السقوط والهوي من علو ...
- قال ابن فارس في مقاييس اللغة :
وقع :الواو والقاف والعين أصل واحد يرجع إليه فروعه، يدل على سقوط شيء. يقال: وقع الشيء وقوعا فهو واقع. ومواقع الغيث: مساقطه.
فأصل اللفظ وضع لذلك ... ولذلك قالوا المواقع المساقط .

ب - أن موقع كما مر في القول السابق يكون اسم مكان و يجوز أن يكون اسم زمان كذلك ، ليدل بذلك على مكان وقوع النجوم وزمانه ... والوقوع كما يطلق على الحلول في المكان كما ورد في القول السابق ، فإنه يطلق كذلك على الهوي والسقوط ... فتكون مواقع النجوم مساقطها ...
وذلك يجمع بين مكان سقوطها فتكون مواقعها دالة على المغارب أي مواضع غروب النجوم والتي يستدل بها على الاتجاهات ، ؛ كما يدل على زمان هويها وسقوطها و الذي يستدل به على المواقيت ... وهو على هذا القول كالقسم في قوله تعالى ( والنجم إذا هوى ) الذي فسر بسقوط الثريا على الراجح .

-ووجه القول بأن المواقع تطلق على المساقط والمطالع أيضا أي على المغارب والمشارق فهو كما قال تعالى ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب ) ذلك أن مغرب نجم مرتبط بشروق غيره فكانت مواقع النجوم مغارب لبعض النجوم مشارق لأخرى ؛ ولذلك كانت العرب تقول في الأنواء إذا سقط الغارب ناء الطالع أي نهض وأشرق
والله أعلم

3- مواقع النجوم سقوطها وانكدارها وزوالها يوم القيامة
وتوجيه هذا القول اعتبار ( موقع ) مصدرا ميميا دالا على الوقوع وهو السقوط ؛ فيكون وقوع النجوم سقوطها وزوالها عن السماء حقيقة وذلك كائن يوم القيامة مصداقا لقوله تعالى ( وإذا النجوم انكدرت ) وانكدارها سقوطها وزوالها عن السماء.

4- أن مواقع النجوم هو رجمها للشياطين
ووجه هذا القول ما ورد من أن الوقوع هو السقوط ، فيكون وقوع النجوم أي سقوط شيء منها أو شهابها إتباعا للشياطين المسترقة السمع .
ومن قال بهذا القول بناه على اعتباره مشابها للمعنى المراد ب( والنجم إذا هوى ) والذي من معانيه انقضاض النجوم إثر الشياطين .

ثانيا : أنها نجوم القرآن
- توجيه القول :
هذا القول مبني على أحد معاني كلمة ( نجم ) ؛ حيث يطلق النجم على القسط من الشيء من مال وغيره ؛ فيقال نجوم الديون والديات والغرامات ؛ فقالوا النجم الطائفة من آيات القرآن تنزل معا ...
وأصل هذا القول ما بينه ابن منظور في لسان العرب فقال : وأَصله أَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَجْعَلُ مطالعَ منازِل الْقَمَرِ ومساقِطَها مَواقيتَ حُلولِ دُيونِها وَغَيْرِهَا، فَتَقُولُ إِذا طَلَعَ النَّجْمُ: حلَّ عليك ما لي أَي الثُّرَيَّا، وَكَذَلِكَ بَاقِي الْمَنَازِلِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الأَهِلّةَ مَواقيتَ لِمَا يَحْتَاجُونَ إِليه مِنْ مَعْرِفَةِ أَوقات الْحَجِّ وَالصَّوْمِ ومَحِلِّ الدُّيون، وسَمَّوْها نُجوماً اعْتِبَارًا بالرَّسْمِ الْقَدِيمِ الَّذِي عَرَّفُوهُ واحْتِذاءً حَذْوَ مَا أَلفُوه وَكَتَبُوا فِي ذُكورِ حقوقِهم عَلَى النَّاسِ مُؤَجَّلة.

فصار النجم على ذلك مستعملا عندهم على ما قسط وتفرق ؛
ومنه قالوا جعلت ديني عليه نجوما ، أي يؤدى أقساطا مفرقة على مواقيت معلومة ، وكذلك نجم الدية أي أداها مفرقة نجما نجما أو قسطا قسطا .
ومنه أخذوا ( نجوم القرآن ) لنزوله على رسول الله نجوما متفرقة فكانت تنزل عليه في كل مرة الطائفة من الآيات ؛ وجعلوا مواقع النجوم نزول القرآن نجوما .
- قال ابن الجوزي : فعلى هذا سميت نجوماً لنزولها متفرقة، ومواقعها: نزولها

▪وأما ما ورد من تخصيص مواقع النجوم بمحكم القرآن فقد ذكر السندي وجها له فقال : (قوله: (بمواقع النجوم : بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم). فاعتبر القول مبنيا على التشبيه فمواقع النجوم أي محال تلك المعاني ...
ومعلوم أن القول بالمجاز والتشبيه أضعف من القول بالحقيقة فيكون القول بأن مواقع النجوم هو نزول القرآن نجوما ويدخل فيه نزول محكمه وهو ما يفهم من قول ابن مسعود أقوى من القول أن مواقع النجوم هي محكم القرآن على اعتبار أنها محال لتلك المعاني الساطعة كالنجوم .

📚خامسا :
دراسة الأقوال :

بعد دراسة ما سبق من الأقوال والحجج عليها يتبين ما يلي :
- أن القولان الرئيسان في المسألة في المراد بالنجوم محتملان ولهما وجوههما المعتبرة لغة وشرعا .

- أن الله يقسم بذاته الموصوفة بصفات الكمال ، وبكلامه ، ويقسم بما شاء من خلقه ، وعظمة ما يقسم به من خلقه من عظمته سبحانه ، وسواء كان القسم بنزول القرآن أو بمواقع نجوم السماء على اختلاف المقصود فيها ففي القسم بأي منهما من العظمة ما لا يخفى فيناسب بعده القول ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )

- أن أكثر مفسري السلف على أن المراد بالنجوم هو نجوم السماء لا نجوم القرآن كما قال ابن الجوزي وغيره هو قول الأكثرين .

- أن المعنى الذي يتبادر إلى الذهن عند سماع ( مواقع النجوم ) أو قراءته هو المعنى الذي وضع له اللفظ ، أن مواقع مواضع ومحال أو مساقط ، والنجوم هي النجوم المعروفة في السماء

- أن القول بأن المراد بمواقع النجوم منازلها أو القول أنه مساقطها ومطالعها متلازمان ، ذلك أن للنجوم والكواكب مسارات وأفلاكا تسير فيها من مطلعها حتى مغربها ، فإنها لن تصل من مشرقها إلى مغربها دون المرور بأفلاكها ومساراتها وفق ما قدر لها من ميزان دقيق قدره لها الله جل وعلا .

- أن القول أن المراد بمواقع النجوم مطالعها ومساقطها له قوة ، ذلك أنه مناسب لحال العرب الذين نزل عليهم القرآن ، لأنهم اعتمدوا في تسيير أمور حياتهم على النجوم في تحديد المواقيت والاهتداء في السير وتحديد الاتجاهات وجعلوها دليلا لهم حتى فيما يقدمون عليه فـكانوا يتشاءمون من بعضها ويتفاءلون بغيرها ، فكانوا إذا رأوا الثريا تفاءلوا فمضوا في أسفارهم وأعمالهم ، فإذا غربت وطلع الدبران تشاءموا فامتنعوا عن السفر أو عما يريدون فعله ؛ وبلغ بهم أنهم نسبوا لتلك النجوم ما يحصل لهم من مطر وخير وريح أو جدب وقحط وجفاف فجعلوها الفاعل وضلوا في ذلك ضلالا بعيدا ، فناسب ذلك أن يقسم الله بمواقع النجوم ويعظم القسم به على صدق كتابه وكرمه وشرفه وأنه تنزيل من رب العالمين
ذلك أنهم لو فقهوا القسم وتنبهوا له لعلموا أن الفاعل الحقيقي هو الله تعالى فآمنوا به ووحدوه وأخلصوا له ، ولكفوا عن التطير بالنجوم ونسبة الخير والشر لها .

🔹 قال سيد قطب في الظلال :
إن هذا القرآن يجعل من مألوفات البشر وحوادثهم المكرورة، قضايا كونية كبرى؛ يكشف فيها عن النواميس الإلهية في الوجود؛ وينشئ بها عقيدة ضخمة شاملة وتصوراً كاملاً لهذا الوجود. كما يجعل منها منهجاً للنظر والتفكير، وحياة للأرواح والقلوب، ويقظة في المشاعر والحواس. يقظة لظواهر هذا الوجود التي تطالع الناس صباح مساء وهم غافلون عنها؛ ويقظة لأنفسهم وما يجري من العجائب والخوارق فيها!

- أن قول الحسن بأن وقوع النجوم هو سقوطها يوم القيامة له وجهه باعتبار ما ينتهي إليه النجم يوم القيامة ، فهو في شروق وسير وغروب حتى يأذن الله له بالتساقط عن صفحة السماء إيذانا بانتهاء الدنيا وبدء أيام الآخرة .

- أن القول بأن المراد بمواقع النجوم انقضاضها إثر العفاريت وإن كان له وجه محتمل لكنه أضعف من سائر الأقوال لأنه لم يرد له في هذه السورة قولا مسندا .

- أن مما ورد من الآثار عن ابن عباس وعكرمة في نزول القرآن مفرقا ما روي عن ابن عباس ( أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُنْزِلُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَهُ فِي إِثَرِ بَعْضٍ )
وكذلك عن عكرمة ( إن القرآن نزل جميعاً، فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل يأتي بالسورة، وإنما نزل جميعاً في ليلة القدر. )
فهذان الأثران لم يبينا أن المقصود بمواقع النجوم هو نجوم القرآن ، وإنما بينا فيه الربط بين نزول القرآن ومواقع نجوم السماء ؛ ذلك أنهما قالا أن جبريل لما نزل بالقرآن إلى السماء الدنيا جعله بمواقع النجوم أي بتلك المنازل ، ثم كان ينزله على رسول الله مفرقا .

- الأثر الوارد عن ابن مسعود في أن مواقع النجوم محكم القرآن يبينه تتمة القول ( وقد كان ينزل على رسول الله نجوما ) مما يدل على مشابهته لقول ابن عباس في أن النجوم هي القرآن وخص هو منه محكمه ، وأن مواقع النجوم هي نزوله على رسول الله والله أعلم

- أن القول المبني على أن مواقع النجوم هي محال معاني القرآن التي تشبه في نورها سطوع نور النجوم فهي بذلك مواقع النجوم أضعف من غيره لأنه مبني على المجاز ، والأصل في الكلام الحقيقة ؛ والقول بالحقيقة ما دام ممكنا لا يصار فيه إلى المجاز والتشبيه .

📚 سادسا : الترجيح :
- رجح ابن القيم أن المراد بالنجوم هو نجوم السماء وجمع بين ما تحمله من معان بشروقها وسيرها في أفلاكها وغروبها وتساقطها يوم القيامة ورجمها للشياطين .
- ورجح الطبري أن المراد بمواقع النجوم هو مغارب النجوم كما رجحه الألوسي والزمخشري وأبو السعود والسعدي
- أما الفراء و الزجاج وابن عطية وأبو حيان ومكي بن أبي طالب وابن منظور والفراهيدي والشنقيطي فرأوا أن مواقع النجوم هو نزول آيات القرآن مفرقا نجوما .
- واختار البخاري أنه محكم القرآن .

▪ وكما مر فللقولين في النجوم حججهما التي تقويهما ، ولكل وجهه المعتبر لغة وشرعا .
- لكن الذي يظهر لي بعد دراسة الأقوال وحجج كل منها وما رد عليها أن الأقوى في ذلك والله أعلم قول من قال أن النجوم هي نجوم السماء لا نجوم القرآن وذلك لكل ما تم سرده من أسباب وحجج ،
ثم في أنها نجوم السماء ؛ فمواقع النجوم تحتمل مغاربها ومشارقها وما يكون بينهما من السير في أفلاكها ...
فتكون حركة النجم من مطلعه إلى مغربه كلها داخلة في مواقع النجوم ؛ مع احتمال القول الثالث لكن ليس بقوة الأولين .
فالنجم عند مطلعه هداية للطريق ومعرفة للوقت من الشهر والسنة
وهو في فلكه زينة للسماء وعبرة للناظرين وسير إلى مستقره حيث يغرب ليدل بغروبه على انتهاء موسم وبدء آخر ، وبموقع غروبه على الجهات كذلك ...

🔹قال ابن القيم : إن الله في كتابه أقسم بالنجوم وطلوعها وجريها وغروبها ذلك أن في أحوالها الثلاثة أعظم العبر ، فقال تعالى { فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16)} التكوير ، قال ابن القيم : ( وَهِي الْكَوَاكِب الَّتِي تكون خنسا عِنْد طُلُوعهَا جوَار فِي مجْراهَا ومسيرها كنسا عِنْد غُرُوبهَا فاقسم بهَا فِي أحوالها الثَّلَاثَة )
وهو مستمر على حركته تلك حتى يأذن الله له بالهوي والسقوط عن منازله في السماء وانتثاره تمهيدا لبدء يوم القيامة .

🔹 وبين المقسم به والمقسم عليه علاقة لطيفة أوردها ابن القيم في كتابه التبيان في أقسام القرآن أختم به بإذن الله :
قال ابن القيم :

وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النُّجُوم في القَسَم، وبين المُقْسَم عليه -وهو القرآن- من وجوه:
1- أنَّ النُّجُوم جعلها الله يُهتَدَى بها في ظلمات البَرِّ والبحر، وآياتُ القرآن يُهتَدَى بها في ظلمات الجهل والغَيِّ. فتلك هدايةٌ في الظلمات الحِسِّيَّة، وآياتُ القرآن هدايةٌ في الظلمات المعنويَّة، فجَمَعَ بين الهدايتين.
2- مَعَ ما في النُّجُوم من الزينة الظاهرة للعالم، وفي إنزال القرآن من الزينة الباطنة.
3- ومَعَ ما في النُّجُوم من الرجوم للشياطين، وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجنِّ.
4- والنُّجُومُ آياته المشهودة العِيَانِيَّة، والقرآنُ آياتُهُ المَتْلُوَّةُ السمعيَّةُ. مَعَ ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول.

📚 سابعا : المصادر والمراجع :
- العين للخليل بن أحمد الفراهيدي 170 هـ
- معاني القرآن للفراء 207 هـ
- مجاز للقرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى 210 هـ
- تفسير عبد الرزاق الصنعاني 211 هـ
- غريب القرآن وتفسيره لليزيدي 237 هـ
- صحيح أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري 256 هـ
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 852 هـ
- هدي الساري بشرح غريب صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 852 هـ
- عمدة القاري في شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني 855 هـ
- إرشاد الساري للقسطلاني 923 هـ
- حاشية السندي على البخاري 1136 هـ
- صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري 261 هـ
- شرح يحيى بن شرف النووي علي صحيح مسلم 676 هـ
- تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة 276 هـ
- تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 276 هـ
- سنن الترمذي 279 هـ
- فضائل القرآن لابن الضريس 294 هـ
- السنن الكبرى للنسائي 303 هـ
- جامع البيان للطبري 310 هـ
- معاني القرآن وإعرابه للزجاج 311 هـ
- تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم الرازي 327 هـ
- الأضداد لابن الأنباري 328 هـ
- تفسير مجاهد للهمذاني 352 هـ
- المعجم الكبير للطبراني 360 هـ
- مقاييس اللغة لابن فارس 395 هـ
- المستدرك للحاكم النيسابوري 405 هـ
- الكشف والبيان للثعلبي 427 هـ
- الهداية لمكي بن أبي طالب 437 هـ
- النكت والعيون للماوردي 450 هـ
- شعب الإيمان للبيهقي 458 هـ
- الأسماء والصفات للبيهقي 458 هـ
- معالم التنزيل للبغوي 516 هـ
- تفسير الكشاف للزمخشري 538 هـ
- المحرر الوجيز لابن عطية 546 هـ
- زاد المسير لابن الجوزي 597 هـ
- جامع الأصول لابن الأثير 606 هـ
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ
- لسان العرب لابن منظور 711 هـ
- لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن 741 هـ
- البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ
- التبيان في أقسام / أيمان القرآن لابن قيم الجوزية 751 هـ
- مفتاح دار السعادة لابن قيم الجوزية 751 هـ
- الدر المصون للسمين الحلبي 756 هـ
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ
- مجمع الزوائد للهيثمي 807 هـ
- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي 885 هـ
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 911 هـ
- إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ
- فتح القدير للشوكاني 1250 هـ
- روح المعاني للآلوسي 1270 هـ
- محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ
- تفسير السعدي 1376 هـ
- في ظلال القرآن لسيد قطب 1385 هـ
- التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ
- أضواء البيان لمحمد الجنكي الشنقيطي 1393 هـ

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 6 ربيع الثاني 1439هـ/24-12-2017م, 01:45 AM
عقيلة زيان عقيلة زيان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: May 2011
المشاركات: 700
افتراضي

اختلف أهل العلم في المراد بمواقع النجوم على قولين
واختلافهم راجع إلى اختلافهم في المراد بالنجوم
ثم ترتب على هذا الاختلاف اختلافهم في معنى المواقع

اختلف أهل العلم في المراد "بالنجوم " في قوله تعالى " فلا أقسم بمواقع النجوم على قولين:
القول الأول:
المراد بالنجوم الكواكب المعروفة
-قال الأزهري قَالَ أَهلُ اللُّغَةِ: اسمُ النَّجْمِ يَجْمَعُ الكَوَاكِبَ كُلَّهَا.

قال ابن عطية وقال جمهور كثير من المفسرين : { النجوم } هنا : الكواكب المعروفة.
قال ابن الجوزي: نجوم السماء ، قاله الأكثرون .
قال ابن عاشور: والنَّجْمِ: الْكَوْكَبُ أَيِ الْجُرْمُ الَّذِي يَبْدُو للناظرين لَا مَعًا فِي جَوِّ السَّمَاءِ لَيْلًا.

ودليل هذا القول
- أنه هو المعنى المتبادر إلي الذهن من إطلاق لفظ النجم

ومما يقوي هذا القول أن النجوم أينما وردت في القران فالمراد بها النجوم والكواكب المعروفة .كقوله تعالى {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} وقوله {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ}
.ثم اختلفوا في معنى" مواقعها" على أقوال

أولا: منازل النجوم
وهو قول قتادة
ونسبه البغوي وابن الجوزي والقرطبي إلى عطاء بن أبي رباح
قال البغوي: وقال عطاء بن أبي رباح : أراد منازلها.
وقال ابن كثير ..وقال مجاهد أيضًا : { بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } في السماء.

فمواقع النجوم مَنَازِلُهَا فِي السَّمَاءِ؛أي مواضعها من بروجها في السماء ومجاريها .فهو كقوله تعالى :{والسماء ذات البروج}
قال ابن عاشور:.وبِمَواقِعِ النُّجُومِ جَمْعُ مَوْقِعٍ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَكَانَ الْوُقُوعِ، أَيْ مَحَالُّ وُقُوعِهَا مِنْ ثَوَابِتَ وَسَيَّارَةٍ." اهـ.
قال الشنقيطي:..وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَنَازِلُهَا فِي السَّمَاءِ، لِأَنَّ النَّازِلَ فِي مَحِلٍّ وَاقِعٍ فِيهِ.

التخريج

-أما قول قتادة فقد أخرجه الصنعاني في تفسيره وابن جرير عن معمر عن قتادة.

أما قول مجاهد : {بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ } في السماء. الذي يظهر –والله أعلم- أن ابن كثير اختصره من الحديث الذي رواه ابن جرير وكذا الهمذاني في تفسير مجاهد .
فقد رواه مجاهد في تفسيره وابن جريرمن طريق وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: " يَعْنِي بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، وَيُقَالُ أَيْضًا: مَطْلَعُهَا وَمَسَاقِطُهَا "..وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد و إلى بن المنذر

- أما قول عطاء فلم أجده مسندا.

من حجة هذا القول
- أن القسم بها دليل عظم قدرته وحكمته ما لا يحيط به العقول
- قاله ابن عاشور ..." تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.
- وقال الألوسي: والتخصيص لأن له تعالى في ذلك من الدليل على عظيم قدرته وكمال حكمته ما لا يحيط به نطاق البيان

- وهذا القول مبني على أن مواقع جمع موقع وهو المحل؛ فموقع الشيء ما يوجد فيه.
قال الخليل بن أحمد: والمَوْقِعُ: موضِعٌ لكلّ واقع، وجمعُه: مَواقِعُ. اهـ

ثانيا: مساقط النجوم. ( .مغاربها)

وهو قول قتادة و أبي عبيدة وابن جرير و الزجاج
ونسبه مكي القيسي إلى الحسن قال : وقال الحسن بمواقع النجوم بمغاربها.
و عن قتادة {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. أي مساقطها.
قال أبو عبيدة :فأقسم بمواقع النجوم ومواقعها مساقطها ومغايبها.

قال البخاريُّ ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن.
قال أبو عبيدة" مواقع النّجوم مساقطها حيث تغيب.
قال الزجاج :ومواقع النجوم مساقطها،كما قال عزّ وجلّ : {فلا أقسم بربّ المشارق والمغارب}
وقال العينى: ومساقط النّجوم مغربها
قال القسطلانى (ويقال بمسقط النجوم إذا سقطن) بكسر قاف بمسقط أي بمغارب النجوم السمائية إذا غربن.
التخريج
-أما قول قتادة فقد أخرجه ابن جرير :حدّثني بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة؛قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم}. أي مساقطها.
وعزاه السيوطي إلى عبد بن حميد .
-أما قول الحسن فلم أجده مسندا ؛ لكن السيوطي عزاه إليعبد بن حميد.

وحجة هذا القول: ما قاله ابن القيم : ..ومن حجة قول من قال هي مساقطها عند الغروب أن الرب تعالى يقسم بالنجوم وطلوعها وجريانها وغروبها إذ فيها وفي أحوالها الثلاث آية وعبرة ودلالة كما تقدم في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} وقال {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}

- ومن حجج أيضا ما ذكره أهل العلم في وجه تخصيص القسم بمساقط النجوم..
قال القسطلاني قال في الأنوار: وتخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره.
و قال الزمخشري."لعل لله تعالى في آخر الليل إذا انحطت النجوم إلى المغرب أفعالاً مخصوصة عظيمة ، أو للملائكة عبادات موصوفة ، أو لأنه وقت قيام المتهجدين والمبتهلين إليه من عباده الصالحين ، ونزول الرحمة والرضوان عليهم ؛ فلذلك أقسم بمواقعها.

قال ابن عاشور.."..وَجعل بِمَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُقْسَمًا بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَاقِطَ فِي حَالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَهَا تُذَكِّرُ بِالنِّظَامِ الْبَدِيعِ الْمَجْعُولِ لِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الْكَوَاكِبِ وَبِتَدَاوُلِهَا خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ الْقَسَمُ بِهِ الرَّاجِعُ إِلَى الْقَسَمِ بِمُبْدِعِهِ..

- وقال السعدي: أقسم تعالى بالنجوم ومواقعها أي : مساقطها في مغاربها ، وما يحدث الله في تلك الأوقات ، من الحوادث الدالة على عظمته وكبريائه وتوحيده.



وهذا القول مبناه على أن وقع يأتي بمعنى سقط؛ يقال وقع الشيء وقوعا:سقط. فمعنى "مواقع" اسم مكان وقع..
(الْموقع) مَكَان الْوُقُوع يُقَال وَقع الشَّيْء موقعه
كما يقال (مَوَاقِعُ) الْغَيْثِ مَسَاقِطُهُ..
قال ابن القيم :..أن لفظ مواقع تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع



وقيل {مطالعها و مساقطها} أي مغاربها و مشارقها
- وهو قول مجاهد.
عن مجاهد قال يعني بمواقع النجوم في السماء ويقال أيضا مطلعها ومساقطه.
ونسبه ابن كثير إلى الحسن وقتادة.
قال ابن كثير:يقال : مطالعها ومشارقها . وكذا قال الحسن ، وقتادة .

التخريج
-أما قول مجاهد فقد أخرجه ابن جرير والهَمَذَانِيُّ في تفسير مجاهد من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ.قوله: {بمواقع النّجوم}. قال في السّماء ويقال مطالعها ومساقطها.
-أما قول الحسن و قتادة فلم أجده مسندا..
وفى كلام مجاهد إضافة " مطالع النجوم " أي مشارقها ..ولا يختلف قوله مع قول قتادة لأنه لا خلاف أن للنجوم مشارق مطالع و مغارب . وهو كقوله تعالى: { فلا أقسم برب المشارق و المغارب}...فكل من المشارق و المغارب يصح إطلاق المساقط عليها
قال الرازي : فيه وجوه ( الأول ) المشارق والمغارب أو المغارب وحدها ، فإن عندها سقوط النجوم.
وحجة هذا القول أن غروب النجوم وطلوعها آية عظيمة تدل على عظم خلق الله.
قال البقاعي: ....الدال بغروب الكواكب على القدرة على الطي بعد النشر والإعدام بعد الإيجاد ، وبطلوعها الذي يشاهد أنها ملجأة إليه إلجاء الساقط من علو إلى سفل لا يملك لنفسه شيئاً
قال ابن عثيمبين: وقيل : المراد بمواقع النجوم مواقع الطلوع والغروب ؛ لأن مواقع غروبها إيذان بالنهار ، ومواقع طلوعها إيذان بالليل ، وتعاقب الليل والنهار من آيات الله العظيمة الكبيرة التي لا يقدر عليها إلا الله - عز وجل - فيكون الله تبارك وتعالى أقسم بما يدل على إقبال الليل وإدباره.
وقد يقال أن مجاهد أضاف مطالع من الآية. من كلمة النجوم لأن لفظة النجم تدل على طلوعه

جاء في مقاييس اللغة :
(نَجَمَ) النُّونُ وَالْجِيمُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ صَحِيحٌ يَدُلُّ عَلَى طُلُوعٍ وَظُهُورٍ. وَنَجَمَ النَّجْمُ: طَلَعَ. اهـ



ثالثا:إنكدار النجوم و انتثارها عند قيام السّاعة
وهو قول الحسن البصري والثعلبي

ووجه تخصيص ذلك اليوم..قال الألوسي" التخصيص لما في ذلك من ظهور عظمته عز وجل وتحقق ما ينكره الكفار من البعث.
- التخريج
-أما قول الحسن فقد أخرجه ابن جرير:حدّثنا بشرٌ قال: حدّثنا يزيد قال: حدّثنا سعيدٌ، عن قتادة. في قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} قال: قال الحسن: انكدارها و انتثارها يوم القيامة.
ونسبه السيوطي إلى عبد بن حميد.

وهذا القول مبني على أن مواقع مصدر ميمي من وقع فهو نفس الوقوع.؛ أو اسم زمان.
فيكون المراد بمواقع النجوم سقوطها و ذهابها وقت قيام الساعة كما قال تعالى :{ وإذا النجوم انكدرت}؛ وكما قال {فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ}

رابعا: أن مواقع النجوم الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا مطروا قالوا : مطرنا بنوء كذا .
نسبه الماوردي – وهذه عبارته - والقرطبي وابن كثير إلى الضحاك
قال الألوسي: وليس نصاً في إرادة الأنواء بل يجوز عليه أن يراد المغارب مطلقاً .
التخريج
لم أجد له تخريجا في الكتب المسندة.

خامسا
- وقيل : مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت ذكره ابن عطية. وأبو حيان ولم ينسباه إلى أحد
وعبر عنه الرازي بقوله.. مواقعها في إتباع الشياطين عند المزاحمة وهو أيضا لم ينسبه إلى أحد
وعبر عنه الخازن بقوله:."وقيل مواقعها في إتباع الشياطين عند الرجم."
التخريج
لم أجد هذا القول مسندا

ونسبه الآلوسي إلى " أبي جعفر وأبي عبد الله.
وبعد البحث تبين أن هذه النسبة مأخوذة من كتب الشيعة فقد نسب هذا القول لأبي جعفر وأبى عبد الله الطبرسي.(ت 548هـ). في كتابه.مجمع البيان في تفسير القرآن للطبرسي . .لم أجده منسوبا لهما إلا في كتب الشيعة

ولعل هذا القول يحمل على ما جاء من قوله تعالى :" قَالَ تَعَالَى: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ وَحِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ}
وَقَالَ: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وَجَعَلْناها رُجُوماً لِلشَّياطِينِ .}

القول الثاني
المراد بالنجوم: نجوم القران.....لأن نجم يطلق على القسط من الشيء ويقال نجّمت الشيء إذا جعله أقساطا
فالمراد بالنجوم نجوم القران و بالمواقع أوقات نزوله..لأن الله أنزل القران على نجوما أي مفرقا أنزله آية بعد أية.
وهو قول ابن عباس ؛ وعكرمة وابن عطية.

ونسبه الماوردي وابن كثير للسدي..ونسبه ابن كثير إلى أبي حزرة.

قال ابن عباس بمواقع النجوم نجوم القرآن وذلك أنه نزل القرآن إلى السماء الدنيا جميعه جملة واحدة ثم نجم على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وأكثر. اهـ
قال البيضاوي و أبو السعود: وقيل النجوم نجوم القرآن ومواقعها أوقات نزولها.
قال ابن القيم :فقيل هي آيات القرآن ومواقعها نزولها شيئاً بعد شيء.

التخريج
أما قول ابن عباس
- فقد رواه النسائي في السنن الكبرى و بن منده في كتاب الإيمان والحاكم في المستدرك من طريق عن حصينٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ.

- ورواه ابن جرير في تفسيره و الهمذاني فى تفسير ابن مجاهد والطبراني في المعجم الكبير من طريق حكيم بن جبيرٍ، عن سعيد بن جبيرٍ، عن ابن عبّاسٍ .
قال الهيثمي في مجمع الزوائد.رواه الطّبرانيّ، وفيه حكيم بن جبيرٍ وهو متروكٌ.

-ورواه ابن أبى حاتم :حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمَّارِ بْنِ الْحَارِثِ، ثنا عُبَيْدُ اللَّهِ، يَعْنِي ابْنَ مُوسَى، أَنْبَأَ إِسْرَائِيلُ، عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ
وراه بسند أخر أيضا :ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُمَرَ بْنِ رُسْتَهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، ثنا ابْنُ مَهْدِيٍّ، ثنا أَبُو سَلَمَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ.
-ورواه ضياء الدين المقدسي في الأحاديث المختارة :قالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالا ثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ حَسَّانِ بْنِ أَبِي الأَشْرَسِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .

ورواه بسند آخر أيضا : أَخْبَرَنَا أَبُو الْقَاسِمِ ابْنُ أَحْمَدَ الْخَبَّازُ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ رَجَاءٍ أَخْبَرَهُمْ أبنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أبنا أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى بْنُ مَرْدَوَيْهِ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دُحَيْمٍ ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَازِمٍ ثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَكِيمٍ ثَنَا شَرِيكٌ عَنْ مُخَوِّلٍ عَنْ مُسْلِمٍ الْبَطِينِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمِسْعَرٍ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
-و رواه يحي بن سلام في تفسريه و أبو بكر الأنباري كما في تفسير القرطبي من طريق هَمَّامٌ، عَنِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

-
ونسبه السيوطي إلىعبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن مردويه وابن الأنباري في كتاب المصاحف.

-أما قول عكرمة فقد رواه ابن جرير :حدّثنا ابن حميدٍ قال: حدّثنا يحيى بن واضحٍ قال: حدّثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرمة.
ورواه بسند آخر :حدّثنا ابن عبد الأعلى قال: حدّثنا المعتمر، عن أبيه، عن عكرمة.

-أما قول السدى فلم أجده مسندا
وكذا قول أبي حزرة

ودليل هذا القول
-السياق وهوما ذكر على إثره : { إنه لقرآن كريم } { في كتاب مكنون } [ الآيتان : 77 و78 ] .
قال الزجاج وقيل إن مواقع النجوم يعنى به نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , ودليل هذاالقول : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم}اهـ.
فعاد الضمير على ما يفهم من قوله: { بمواقع النجوم } ، أي نجوم القرآن ؛حتى يكاد يعدّ كالمذكور صريحاً ولا يحتاج إلى أن يقال يفسره السياق كما في سائر الأقوال .
قال ابن عطية: (ويؤيد هذا القول عود الضمير على القرآن في قوله: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ، وذلك أن ذكره لم يتقدم إلا على هذا التأويل، ومن لا يتأول بهذا التأويل يقول: إن الضمير يعود على القرآن وإن لم يتقدم ذكر لشهرة الأمر ووضوح المعنى كقوله تعالى: {حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ} ، {وكُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ} .

وهذا القول مبنى على النجم يطلق على الوقت المضروب
جاء في لسان العرب
والنَّجْمُ: الوقتُ الْمَضْرُوبُ، وَبِهِ سُمِّيَ المُنَجِّم. ونَجَّمْتُ المالَ إِذا أَدَّيته نُجوماً؛ قَالَ زُهَيْرٌ فِي دياتٍ جُعِلت نُجوماً عَلَى الْعَاقِلَةِ:
يُنَجِّمُها قومٌ لقَوْمٍ غَرامةً، ... وَلَمْ يُهَرِيقُوا بينَهم مِلءَ مِحْجَمِ
وَفِي حَدِيثِ
سَعْدٍ: واللهِ لَا أَزيدُك عَلَى أَربعة آلافٍ مُنَجَّمةٍ
؛ تَنْجِيمُ الدَّينِ: هُوَ أَن يُقَدَّرَ عَطَاؤُهُ فِي أَوقات مَعْلُومَةٍ متتابعةٍ مُشاهرةً أَو مُساناةً، وَمِنْهُ تَنْجِيمُ المُكاتَب ونُجُومُ الكتابةِ. اهـ
وأصل هذا القول أن الْعَرَب كَانَت تجْعَل مطالع منَازِل الْقَمَر ومساقطها، مواقيتَ لحلول ديونها، فَتَقول: إِذا طلع النَّجْم، وَهُوَ الثُّريا، حلَّ لي عَلَيْك مَالِي، وَكَذَلِكَ سائرُها فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَام جعل الله جلَّ وعزَّ الأهِلَّةَ مَوَاقِيت لما يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ من معرفَة أوقاتِ الْحَج والصَّوم، ومَحِلِّ الدُّيُون، وسموها نجوماً فِي الدُّيُون المنَجَّمة وَالْكِتَابَة اعْتِبَارا بالرسم الْقَدِيم الَّذِي عرفوه، واحتذاءً حَذْوَ مَا أَلِفوه..فأصبح النجم يطلق على الْوَقْت الَّذِي يحل فِيهِ الدّين وَنَحْوه. يُقَال: نجمت الدّين تنجيما إِذا جعلته على المداين نجوما.. ، ثُمَّ نُقِلَ للوَظِيفَةِ الَّتِي تُؤدَّى فِي الوَقْتِ المَضْرُوبِ.

جاء في المصباح المنير....وَكَانُوا يُسَمُّونَ الْوَقْتَ الَّذِي يَحِلُّ فِيهِ الْأَدَاءُ نَجْمًا تَجَوُّزًا لِأَنَّ الْأَدَاءَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِالنَّجْمِ ثُمَّ تَوَسَّعُوا حَتَّى سَمَّوْا الْوَظِيفَةَ نَجْمًا لِوُقُوعِهَا فِي الْأَصْلِ فِي الْوَقْتِ الَّذِي يَطْلُعُ فِيهِ النَّجْمُ اهـ.

** وعن ابن عباس...مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
التخريج
رواه ابن جرير حدّثني محمّد بن سعدٍ قال: ثني أبي قال: ثني عمّي قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عبّاسٍ، قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم وإنّه لقسمٌ لو تعلمون عظيمٌ}. قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.

ولعل مراد ابن عباس بقوله مستقر الكتاب أوله و آخره هو منازل القران .
فمنازل القرآن هي في السماء الدنيا التي نزل إليها من أعلى واستقر فيها ،ثم أخذ ينزل منها منجما حسب الأحداث والوقائع

قال مقاتل بن سليمان: { فلا أقسم بمواقع النجوم } آية يعني بمساقط النجوم من القرآن كله أوله وآخره في ليلة القدر نزل من اللوح المحفوظ من السماء السابعة إلى السماء الدنيا إلى السفرة ، وهم الكتبة من الملائكة نظيرها في عبس وتولى :{ بأيدي سفرة كرام بررة } الآية.

وقد وجدت أثرا رواه ابن عبد البر . ما قد يوضح معنى منازل القران -وقد بحث على تخريجه فلم أعثره عليه حسب مما تيسر لدي من مراجع-
- قال أبو عمر : روي عن عكرمة في قول الله- عز وجل- : { فلا أقسم بمواقع النجوم } ، قال : القرآن نزل جملة واحدة ،فوضع مواضع النجوم، فجعل جبريل- عليه السلام- ينزل بالآية والآيتين . وقال غيره : { بمواقع النجوم } : بمساقط نجوم القرآن كلها أوله وآخره.،ومن الحجة لهذا القول قوله- عز وجل- : { وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرءان كريم }-الآيات .اهـ


فقول عكرمة هذا يفهمه منه أن كل القران أوله ,آخره نزل جملة واحدة ، فوضع مواضع النجوم. في السماء الدنيا .
فيكون معنى منازل القران مواضع في السماء الدنيا وضع موضع النجوم .والله أعلم



وعلى هذه الأقوال كلها السالفة الذكر يكون المراد بنجوم القران..الآيات القرآنية أو الأقساط القرانية النازلة المتفرقة ؛ والمراد بمواقعه إما هو وقت نزوله أو هو نفس النزول أو هو منازل في السماء الدنيا .والله أعلم.



ثانيا: المراد به محكم القران
وهو قول عبد الله ابن مسعود. ومجاهد والبخاري .
قال البخاري: {مواقع النّجوم} : " بمحكم القرآن.
و قال القَسْطَلاَّنيُّ : ( بمواقع النجوم) أي (بمحكم القرآن) ويؤيده {وإنه لقسم وإنه لقرآن كريم.}

التخريج
-أما قول عبد الله ابن مسعود رواه الفراء في معان القران"قال الفرّاء حدّثنا فضيل بن عياضٍ عن منصورٍ عن المنهال بن عمرٍو عن ابن مسعود...وذكره ابن حجر في الفتح.
ونسبه السيوطي الى الفريابي
-أما قول مجاهد فقد ر رواه ابن جرير: حدّثني يحيى بن إبراهيم المسعوديّ قال: حدّثنا أبي، عن أبيه، عن جدّه، عن الأعمش، عن مجاهدٍ.
ونسبه السيوطي إلىابن نصر وابن الضريس

ومبنى هذا القول ما قاله محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ قوله: (بمواقع النجوم بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم

الدراسة
اختلف أهل العلم في المراد بالنجوم على قولين
وكلا القولين يوجد في اللغة والشرع ما يعضده


والذي يظهر أن منشأ الخلاف راجع الاختلاف في معنى كلمتي "النجوم " و " مواقع"
وهذا الاختلاف راجع لاختلاف معانيها في اللغة . فالنجوم في اللغة تطلق على الكواكب المعروف و يطلق على القسط من الشيء أو على الوقت المضروب
وكذا كلمة مواقع فهي إما بمعنى الحلول في الشيء أو بمعنى السقوط والهوى وقد تكون بمعنى ظرف المكان أو ظرف الزمان. وعلى هذا الخلاف في اللغة ترتب عليه الخلاف في المراد بمواقع النجوم في الآية

ومن جهة أخرى فكل ما ذكر من المعاني المختلفة إلا وله ما يؤيده من جهة الشرع

فمن قال أن المراد "بمواقع النجوم "هي منازل النجوم ومجاريها فهو كقوله تعالى :{:{ والسماء ذات البروج}
ومن قال بالمراد "بمواقع النجوم " سقوطها ومغاربها
فهو كقوله تعالى " والنجم إذا هوى" وكقوله تعالى "{ {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ}
ومن زاد وقال هو مطالعها ومغاربها فهو كقوله تعالى "{ فلا أقسم برب المشارق والمغارب"
ومن المراد بها سقوطها يوم القيامة فهو كقوله تعالى:{وإذا النجوم انكدرت} {وإذا النجوم طمست}
ومن قال أن "المراد بالنجوم "نجوم القرآن، لأنه كان ينزل على النبي - صلى الله عليه وسلم - نجوما شيئا بعد شيء , أيد وقوى جحته بقوله تعالى : {وإنّه لقسم لو تعلمون عظيم * إنّه لقرآن كريم})."
فعاد الضمير على ما يفهم من قوله : { بمواقع النجوم} ، أي نجوم القرآن ؛حتى يكاد يعدّ كالمذكور صريحاً ولا يحتاج إلى أن يقال يفسره السياق كما في سائر الأقوال.

الترجيح

وقد رجح ابن جرير الطبري القول الأول الذي مفاده أن المراد بمواقع النجوم مساقطها ومغاربها
قال رحمه الله تعالى:{ وأولى الأقوال في ذلك بالصّواب قول من قال: معنى ذلك: فلا أقسم بمساقط النّجوم ومغايبها في السّماء، وذلك أنّ المواقع جمع موقعٍ، والموقع المفعل من وقع يقع موقعًا، فالأغلب من معانيه والأظهر من تأويله ما قلنا في ذلك، ولذلك قلنا: هو أولى معانيه به..."؛}

و رجح ابن القيم أن المراد بالنجوم هو الكواكب المعروفة بدلالة المعهود المعروف من استعمال النجم في القران
قال رحمه الله تعالى :{ ويرجح هذا القول أيضاً أن النجوم حيث وقعت في القرآن فالمراد منها الكواكب كقوله تعالى {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} وقوله {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ}.

وقد رجح الشنقطيى: أن المراد بمواقع النجوم نجوم القران لأمرين

الأمر الأول :أن الإقسام بالقران على القران معهود في كتاب الله و أن خير ما يفسر به القران هو القران
الأمر الثاني : لمناسة الآيات لما بعدها .فكون المراد بالإقسام بالنجوم هو القران أنسب لقوله ما بعده "وإنه لقسم لو تعلمون عظيم. " و وقوله عظيم أي تعظيم من الله سبحانه وتعالى ليدل أن المقسم عليه في غاية العظمة.


فالذي يظهر والعلم عند الله
أن كلا القولين لهما وجه من الصحة والآية تحتملها...إلا أن القول الأول - أن المراد بالنجوم الكواكب المعروفة - أقوى من ناحية

-
أنه هو المعهود المعروف من إطلاق النجوم في القران الكواكب ...فحمل الآية على المعهود من القرآن أولى من حمله على غيره.

-
والأمر الآخر أن اللفظ المتابدر إلى الذهن من لفظ النجوم هو النجم المعروف الكواكب المعروفة.وحمل اللفظ على المعنى الظاهر أولى من حمله على غيره
وأيضا مما يقوى هذا القول المناسبة القوية بين القسم "النجم" والمقسم عليه " القران"
قال ابن القيم...وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النجوم في القسم وبين المقسم عليه وهو القرآن من وجوه أحدها أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والغي فتلك هداية في الظلمات الحسية وآيات القرآن في الظلمات المعنوية فجمع بين الهدايتين مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجن والنجوم آياته المشهودة المعاينة والقرآن آياته المتلوة السمعية مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول..التبيان في أقسام القران
ولعل أولى الأقوال من القول الأول هو مغاربها ومساقطها.فهذا الذي كانت تعرفه العرب؛ فهي آية عظيمة مشاهدة ؛وقد كان للعرب وقد كانوا يعظمون النجوم والكواكب حتى وصل الحال ببعضهم لإعطائها شيء من تدبير الكون.؛ فأقسم الله بهذا الشىء العظيم للدلالة على عظم شأن القران..والله أعلم.
المصادر والمراجع :
-
العين للخليل بن أحمد الفراهيدي 170 هـ
-
معاني القرآن للفراء 207 هـ
-
مجاز للقرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى 210 هـ
-
تفسير عبد الرزاق الصنعاني 211 هـ
-
صحيح أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري 256 هـ
-
فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 852 هـ
-
هدي الساري بشرح غريب صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 852 هـ
-
عمدة القاري في شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني 855 هـ
-
إرشاد الساري للقسطلاني 923 هـ
-
حاشية السندي على البخاري 1136 هـ

-
جامع البيان للطبري 310 هـ
-
معاني القرآن وإعرابه للزجاج 311 هـ
- جمهرة اللغة أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي (321هـ)
- تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم الرازي 327 هـ
-
تفسير مجاهد للهمذاني 352 هـ
-
المعجم الكبير للطبراني 360 هـ
-
مقاييس اللغة لابن فارس 395 هـ
-
المستدرك للحاكم النيسابوري 405 هـ
-
الكشف والبيان للثعلبي 427 هـ
-
الهداية لمكي بن أبي طالب 437 هـ
-
النكت والعيون للماوردي 450 هـ
-
شعب الإيمان للبيهقي 458 هـ
-
معالم التنزيل للبغوي 516 هـ
-
تفسير الكشاف للزمخشري 538 هـ
-
المحرر الوجيز لابن عطية 546 هـ
-
زاد المسير لابن الجوزي 597 هـ
-
جامع الأصول لابن الأثير 606 هـ
-
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ

-
لسان العرب لابن منظور 711 هـ
-
لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن 741 هـ
-
البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ
-
التبيان في أقسام القرآن لابن قيم الجوزية 751 هـ
- المصباح المنير في غريب الشرح الكبير الفيومي ( نحو 770هـ)
-- تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ
-
مجمع الزوائد للهيثمي 807 هـ
-
نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي 885 هـ
-
الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 911 هـ
-
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ
- تاج العروس من جواهر القاموس الزَّبيدي (1205هـ)
- فتح القدير للشوكاني 1250 هـ
- فتحُ البيان في مقاصد القرآن أبو الطيب محمد صديق خان القِنَّوجي (1307هـ)
- روح المعاني للآلوسي 1270 هـ
-
محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ
-
تفسير السعدي 1376 هـ
- -
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ
-
أضواء البيان لمحمد الجنكي الشنقيطي 1393 هـ
- تفسير القران محمد بن صالح بن محمد العثيمين (المتوفى: 1421هـ)
- المعجم الوسيط مجمع اللغة العربية بالقاهرة

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 21 جمادى الآخرة 1439هـ/8-03-2018م, 08:19 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

أحسن الله إليكم..
كنا قد أشرنا في تقويم المراحل السابقة مراعاة ملاحظات التقويم في التطبيق النهائي، ومنكم من قدّم تطبيقه النهائي قبل الانتهاء من تقويم المراحل السابقة، ومع ثنائي على حسن اجتهادكم ومبادرتكم في إتمام الواجبات إلا أنه من المفترض أن هذا التطبيق خاصّة لا يقدّم إلا بعد أن يتمّ التأكّد من صحة مراحله الأولى.
وعليه فإن من اقتصر على ما قدّمه مبكّرا ولم يعدّل فيه ما يحتاج إلى تعديل فإنه مخيّر الآن بين تقويم التطبيق على حاله الآن أو تعديله، علما بأن الخيار الأول سيؤثّر على درجة التقويم لأنه سيكون مبنيّا على تقويم المراحل السابقة.
بارك الله فيكم وسدّد خطاكم.

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 29 جمادى الآخرة 1439هـ/16-03-2018م, 08:33 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

جزاكم الله خيرا
أود العودة إليه ولم أنسه ولكنني فقط أجلته بعد تسليمي البحث إذ أخذ مني وقتا طويلا لم أتوقعه
لذا أرجو أن لا يتم تقييم هذا التطبيق الآن
وسأعود إليه بأسرع وقت بإذن الله

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 3 رجب 1439هـ/19-03-2018م, 09:36 AM
هناء محمد علي هناء محمد علي غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 439
افتراضي

تعيين المراد بمواقع النجوم
قال تعالى { فلا أقسم بمواقع النجوم ؛ وإنه لقسم لو تعلمون عظيم }

📚 أولا :
ما ورد فيها من قراءات وأثره على المعنى :

▪قرئت : بموقع النجوم على الإفراد : قرأ به حمزة والكسائي وخلف
وقرأ الباقون بالجمع : بمواقع النجوم
▪قال البخاري : ومواقع وموقع واحد ...
قال العسقلاني : وَمُرَادُهُ أَنَّ مُفَادَهُمَا وَاحِدٌ وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا جَمْعًا وَالْآخَرُ مُفْرَدًا لَكِنِ الْمُفْرَدُ الْمُضَافُ كَالْجَمْعِ فِي إِفَادَةِ التَّعَدُّدِ
▪قال ابن القيم : ومن قَرَأَ "بموقع النُّجُوم" على الإفراد، فَلِدلالة الواحد المضاف إلى الجَمْع على التعدُّد،
و"الموقع": اسمُ جنْس، والمصادر إذا اختلفت جُمِعَت، وإذا كان النَّوع واحدًا أفرِدَتْ،قالَ الله تعالى: {إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (19)}( لقمان )، فجَمَعَ الأصوات لتعدُّدِ النَّوع، وأَفرَدَ "صوت الحمير" لوحدته. فإفراد "موقع النُّجُوْم" لوحدة المضاف إليه، وتعدُّد المواقع لتعدُّده، إذ لكلِّ نجمٍ موقع.”


📌وقد قرأ ابن مسعود الكلمة على الإفراد وبناء على قراءته فسر المراد بموقع النجوم : بمحكم القرآن كما سيأتي بإذن الله ..

📚ثانيا :
الأقوال الواردة في تعيين المراد بمواقع النجوم وتخريجها

ورد في تعيين المراد بمواقع النجوم أقوال ، تعتمد في أساسها على المراد بالنجوم هنا ...
وورد في ذلك قولان رئيسان ، ويتبع كل منهما أقوال في المراد بالمواقع للنجوم ...
أما القولان الرئيسان فهما :
الأول : أن النجوم هي نجوم السماء وكواكبها المعروفة .
الثاني : أن النجوم هي نجوم القرآن


وفيما يلي ما ورد من أقوال تحت كل واحد من القولين :
🔶 أولا : أن النجوم هي نجوم السماء وكواكبها المعروفة ...
- قال النووي في شرحه على مسلم : وَأَمَّا مَوَاقِعُ النُّجُومِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الْمُرَادُ نُجُومُ السَّمَاءِ

- قال ابن الجوزي : وفي «النجوم» قولان ؛ أحدهما: نجوم السماء، قاله الأكثرون.


🖌 وتبعا لهذا القول ففي ( مواقع النجوم ) أقوال :
1- أنها منازل النجوم وأفلاكها في السماء ... وقد روي هذا القول مجاهد وقتادة ...
- قال القاسمي في محاسن التأويل :مواقع النجوم أي: منازل الكواكب ومراكزها البهيجة في السماء.

💡تخريج أقوال المفسرين :
🔺أما مجاهد :
- فرواه عنه الهمذاني والطبري من طريق ورقاء عن ابن أبي نجيح عنه
- عن ابن جرير قال : حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال: ثنا الحسن، قال: ثنا ورقاء جميعاً، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: ((بِمَواقِعِ النُّجُومِ)) قال في السماء ، ويقال مطالعها ومساقطها.
- فقوله ( بمواقع النجوم ) في السماء : يعني منازلها ...
- قال ابن كثير : وقال مجاهد أيضاً: مواقع النجوم في السماء

🔺واما قتادة :
- فرواه عنه الصنعاني عن معمر
حدثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله تعالى: ((فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ)): قال: بمنازل النجوم.

- ورواه عنه الطبري عن ابن ثور عن معمر عنه مثله .
- وذكره عنه ابن عطية وابن الجوزي وابن القيم وابن كثير والسيوطي وغيرهما .

🔺 وذكر البغوي و ابن الجوزي والقرطبي وابن القيم والعيني والشوكاني أنه روي عن عطاء أيضا فبحثت عنه في ما تيسر لي من تفاسير وكتب مسندة فلم أجد تخريجه ،

- ووجدت دراستين في تفسير عطاء الخراساني إحداهما بعنوان ( أقوال عطاء الخراساني في التفسير ) وهي دراسة للأستاذ محمد الصاوي فوجدت تفسيره لآية ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) وذكره لحديث مسلم في قول الناس إذا مطروا مطرنا بنوء كذا وكذا ... ولم أجد له قوله في مواقع النجوم ...

- والأخرى بعنوان ( عطاء بن أبي رباح وجهود في التفسير ) للأستاذ عبد الواحد بكر إبراهيم عابد فوجدت ما وجدته في السابقة ولم أظفر بقوله في ( مواقع النجوم )
وكلتا الدراستين من جامعة أم القرى بمكة المكرمة

2- مساقط النجوم ومغاربها ، وقيل مطالعها ومساقطها يعني ( مشارقها ومغاربها ) روي هذا القول عن مجاهد قال : ( مطالعها ومساقطها )
وعن قتادة وأبي عبيدة معمر بن المثنى ويحيى اليزيدي : ( مساقطها ) أي مغايبها ومغاربها .


- قال النووي في شرحه على مسلم : وَأَمَّا مَوَاقِعُ النُّجُومِ فَقَالَ الْأَكْثَرُونَ الْمُرَادُ نُجُومُ السَّمَاءِ وَمَوَاقِعُهَا مَغَارِبُهَا
- قال القسطلاني : بمغارب النجوم السمائية إذا غربن.
-قال القاسمي : بمساقطها ومغاربها، وهي أوقات غيبتها عن الحواس
- قال ابن كثير : وهو اختيار ابن جرير

💡تخريج أقوال المفسرين :
🔺أما مجاهد فرواه عنه الهمذاني والطبري عن ابن أبي نجيح عنه : قوله: ((بِمَواقِعِ النُّجُومِ)) قال في السماء ويقال مطالعها ومساقطها.
وذكره عنه الماوردي وابن عطية وابن كثير ...

🔺 وأما قتادة فرواه عنه ابن جرير من طريق سعيد عنه :
قال ابن جرير : حدثني بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله: ((فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ)): أي مساقطها.

- وذكره عنه القرطبي والسيوطي ...

🔺وأما أبو عبيدة فقال في كتابه مجاز القرآن : ( فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُوم ) فأقسم بمواقع النجوم ومواقعها مساقطها ومغايبها
وذكر ذلك عنه ابن عطية وابن الجوزي والعسقلاني

🔺وقال اليزيدي في غريب القرآن وتفسيره : ( بمواقع النجوم) : مساقطها حيث تغيب

🔺وقد ذكر مكي بن أبي طالب هذا القول عن الحسن كما نسبه السيوطي إلى الحسن البصري وأسنده إلى عبد بن حميد ، ولم أجد هذا الجزء في تفسير عبد بن حميد ...
قال السيوطي : وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ‏ ((‏فلا أقسم بمواقع النجوم‏))‏ قال‏:‏ بمغايبها‏.‏

3- انكدار النجوم وانتثارها يوم القيامة
- روي هذا القول عن الحسن البصري

💡تخريج أقوال المفسرين :
- رواه عنه الطبري عن سعيد عن قتادة عنه
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، في قوله: ((فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجومِ)) قال: قال الحسن انكدارها وانتثارها يوم القيامة.

- وذكر ذلك عنه الماوردي وابن عطية وابن الجوزي وابن كثير والعيني والشوكاني وغيرهم

4- مساقط ومطالع الأنواء أو هي الأنواء نفسها ، حيث كان أهل الجاهلية يقولون مطرنا بنوء كذا
- روي القول عن الضحاك ...
أنه قال : (( فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَٰقِعِ ٱلنُّجُومِ)) يعني بذلك: الأنواء التي كان أهل الجاهلية إذا أمطروا قالوا: مطرنا بنوء كذا وكذا.
ذكره الماوردي والقرطبي وابن كثير والشوكاني .

💡تخريج أقوال المفسرين :
- لم أجد فيما وقعت عليه من المراجع تخريجا لقول الضحاك ؛ لكني وجدت فيه حديثا رواه مسلم عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ...
قال مسلم : وَحَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ وَهُوَ ابْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو زُمَيْلٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ، قَالَ: مُطِرَ النَّاسُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَصْبَحَ مِنَ النَّاسِ شَاكِرٌ وَمِنْهُمْ كَافِرٌ، قَالُوا: هَذِهِ رَحْمَةُ اللهِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَدْ صَدَقَ نَوْءُ كَذَا وَكَذَا " قَالَ: فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} [الواقعة: 75]، حَتَّى بَلَغَ: {وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ} [الواقعة: 82]
كما روى مثله عن زيد بن خالد الجهني ... لكن دون الإشارة إلى نزول ( فلا أقسم بمواقع النجوم )
- قال النووي في شرحه لهذا الحديث :
فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو بن الصلاح رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا نَزَلَ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْأَنْوَاءِ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ وَتَفْسِيرُهُ يَأْبَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا النَّازِلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) وَالْبَاقِي نَزَلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنِ اجْتَمَعَا فِي وَقْتِ النُّزُولِ فَذَكَرَ الْجَمِيعَ مِنْ أَجْلِ ذلك
- و قال الشيخ أبوعمرو رَحِمَهُ اللَّهُ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى هَذَا أَنَّ فى بعض الروايات عن بن عباس رضى الله عنهما فِي ذَلِكَ الِاقْتِصَارُ عَلَى هَذَا الْقَدْرِ الْيَسِيرِ فَحَسْبُ .


▪والأنواء جمع نوء ، وبالعودة إلى معاجم اللغة فإن الأنواء هي ثمانية وعشرون نجما معروفة محددة المطالع على طول السنة تعرفها العرب وتسميها ، وهي نجوم منازل القمر التي ينزل في كل ليلة منها في منزلة ؛ ويحتجب ليلة أوليلتين فيكون الشهر تسعة وعشرين أو ثلاثين يوما .

- قال أبو عبيد : يسقط منها في كل ثلاث عشرة ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته، وكلاهما معلوم مسمى، وانقضاء هذه الثمانية وعشرين كلها مع انقضاء السنة، ثم يرجع الأمر إلى النجم الأول مع استئناف السنة المقبلة. وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا: لا بد من أن يكون عند ذلك مطر أو رياح، فينسبون كل غيث يكون عند ذلك إلى ذلك النجم، فيقولون:مطرنا بنوء الثريا والدبران والسماك.

- قال ابن منظور : وإنما سمي نوءا لأنه إذا سقط الغارب ناء الطالع، وذلك الطلوع هو النوء. وبعضهم يجعل النوء السقوط، كأنه من الأضداد

🖌 ومن هذا يتبين أن الأنواء هي عدد محدد من نجوم السماء ، وموقعها أي مساقطها في المغرب وقيل مطالعها ...
وكذلك فإن النوء يحتمل أن يراد به نفس طلوع هذه النجوم ومساقطها كما ذكر ابن منظور
- وعليه فهذا القول بمعناه الأول ( أي أن النجوم هي الأنواء ) يكون خاصا من عموم القول الثاني ... فهو يرجع إليه ، وإنما خصص لما ورد من أن نزول الآيات كان فيه ، ولأن هذه النجوم هي التي كانت العرب تنسب لها الخير والمطر ، وتجعل سقوطها وطلوعها مواقيت وآجالا لها .
- وإن كان النوء بمعنى الطلوع والظهور أو السقوط فيكون ( مواقع النجوم ) بمعنى الأنواء ... أي أنواء هذه النجوم المحددة ... أي مطالعها ومساقطها وهو كذلك يرجع إلى القول نفسه
- وقد يراد بالأنواء على هذا التفسير مواضع القطر ... أي مواضع نزوله على الأرض ... حيث كانوا ينسبون لنجوم الأنواء الغيث والمطر ، فيكون مواقع النجوم مواضع نزول الغيث والله أعلم


5- أن مواقع النجوم هو رجمها للشياطين :
ذكر هذا القول ابن عطية والخازن وأبو حيان الأندلسي وابن القيم والشنقيطي و لم ينسبوه إلى أحد ...
- وقال ابن القيم : ويحتمل أَن مواقعها انقضاضها أثر العفريت وَقت الرجوم
- قال الخازن : وقيل مواقعها في اتباع الشياطين عند الرجم ...

- ووجدت الألوسي ينسبه إلى أبي جعفر محمد الباقر وابنه أبي عبد الله جعفر الصادق .
- قال الألوسي : وعن أبي جعفر وأبي عبدالله : المراد مواقعها عند الانقضاض إثر المسترقين السمع من الشياطين ولم أجد نسبة إليهما عند غيره مما بحثت فيه .

▪ومن ذكر هذا القول من المفسرين إنما ذكره بالجمع بين تفسير مطلع سورة النجم ( والنجم إذا هوى ) والذي من أحد الأقوال فيه هوي النجوم رجوما للشياطين ، وآية ( فلا أقسم بمواقع النجوم )وعلى اعتبار أن موقع هو مصدر ميمي بمعنى الوقوع ، والوقوع هو السقوط أو الهوي ؛ فمواقع النجوم أي وقوعها وهويها ، وقد يكون وقوعها ليس لغروبها فقط ، وإنما قد يكون لانقضاضها إثر العفاريت ... أي رجومها للشياطين ...فقوله تعالى ( فأتبعه شهاب ثاقب ) فكل شهاب معد يتبع الشيطان ليرجمه ويمنعه من استراق السمع . وهو كقول الجن ( فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) أي مرصدا معدا .
وهو قول له وجهه في اللغة ويصح معناه في الشرع ...

6- وذكر الماوردي عن ابن جريج ، أن مواقع النجوم هي السماء نفسها ... وقد بحثت عن تخريج قوله فظفرت بكتاب اسمه ( تفسير ابن جريج ) جمعه الأستاذ علي حسن عبد الغني من إصدار مكتبة التراث الإسلامي لكني لم أظفر له بقول في ذلك .
وقد يحمل هذا على القول على قراءة الإفراد في ( موقع ) إن صحت النسبة لابن جريج... فتكون السماء هي موقع النجوم بمعنى مكان وجود النجوم ويكون ذلك عاما للقول الأول لأن منازل النجوم في السماء فيكون من فسر بذلك ذكر الكل وهو السماء وأراد الجزء أي المنازل ... والله أعلم

🔶 ثانيا : النجوم هي نجوم القرآن ، أي الطوائف من الآيات منه ... إذ تطلق النجوم على القسط أي الجزء من الشيء ... ومنه أخذت نجوم القرآن أي الطائفة من آياته ... ذلك أنه نزل مفرقا نجوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم في عشرين أو ثلاث وعشرين سنة ...

- قال النووي في شرحه على صحيح مسلم : وَقِيلَ النُّجُومُ نُجُومُ الْقُرْآنِ وَهِيَ أَوْقَاتُ نُزُولِهِ
- قال السمين الحلبي : وقيل: النجومُ للقرآن، ويؤيِّدُه "وإنَّه لَقَسَمٌ"، و ((إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ))


وورد هنا قولان :
1- ( مواقع النجوم ) قيل هي منازل القرآن أي نزوله لأن القرآن نزل مفرقا نجوما ...
- وقال بهذا القول ابن عباس وعكرمة
.

2- أن موقع النجوم( بإفراد موقع ) يراد به محكم القرآن
- وقال بهذا القول ابن مسعود ، وأخذ بقوله مجاهد والبخاري .
.

1- من قال أنه نزول القرآن نجوما :
💡تخريج أقوال المفسرين :
🔺 أما ابن عباس :
- فرواه عنه الطبري والهمذاني من طريق حكيم بن جبير عن سعيد بن جبير عنه
▪ وقال الهيثمي في مجمع الزوائد أن حكيم بن جبير متروك .

- وأَخْرَجَ النَّسَائِيُّ في سننه وَالْحَاكِمُ في مستدركه والبيهقي في شعب الإيمان مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بن جُبَير عَن ابن عَبَّاسٍ قَالَ : ( نَزَلَ الْقُرْآنُ جَمِيعًا لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ فُصِّلَ فَنَزَلَ فِي السِّنِينَ وَذَلِكَ قَوْله فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم )

- ورواه عنه أبو بكر الأنباري وهود بن محكم في ما جمعه من تفسير يحيى بن سلام البصري من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ...
- كما رواه البيهقي في الأسماء والصفات وفي شعب الإيمان من طريق جرير عن منصور عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، وروى بمثل هذا الإسناد ابن الضريس في فضائل القرآن

- عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا جُمْلَةٌ وَاحِدَةٌ، ثُمَّ فُرِّقَ فِي السِّنِينَ، قَالَ: وَتَلَا الْآيَةَ ( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ [الواقعة: 75] قَالَ: نُزِّلَ مُتَفَرِّقًا " رواه البيهقي
- فهنا يبين أن مواقع النجوم هي نزول القرآن مفرقا نجوما ...

- و عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: " فِي قَوْلِهِ: {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] قَالَ: " أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُنْزِلُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَهُ فِي إِثَرِ بَعْضٍ. قَالُوا: {لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا} رواه البيهقي وابن الضريس .
- وهنا يبين أن مواقع النجوم هو مواضع نجوم السماء التي تعرفها العرب وهي المنازل .
وعليه فقد يراد هنا أماكن نزول القرآن إلى السماء الدنيا ...

- ورواه عنه ابن أبي حاتم في تفسيره ل( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) عَنِ السُّدِّيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْمُجَالِدِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ .
وذكر روايته عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بنحو ذلك
- ورواه الطبراني من طريق سعد بن طريف عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس

🔹وقد روى الطبري عن ابن عباس من طريق محمد بن سعد بسنده إلى ابن عباس أن مواقع النجوم : ( مستقر الكتاب أوله وآخره )
قال ابن جرير : حدثني محمد بن سعد، قال: ثني أبي، قال: ثني عمي، قال: ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: ((فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُوم وَإنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ)) قال: مستقرّ الكتاب أوّله وآخره.
وهذا يؤول إلى أن مواقع النجوم هو نزول القرآن أوله وآخره ...

🔺 وأما عكرمة :
فرواه عنه الطبري من طريق الحسين عن يزيد عنه قال: أنزل الله القرآن نجوماً ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات.
- فكأن عكرمة يفسر معنى نجوما بقوله : ثلاث آيات وأربع آيات وخمس آيات .

- ومن طريق المعتمر عن أبيه عنه قوله : إن القرآن نزل جميعاً، فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل يأتي بالسورة، وإنما نزل جميعاً في ليلة القدر.
- وفي هذا الأثر يربط عكرمة بين ( مواقع النجوم ) على معناها بمواقع نجوم السماء ونزول القرآن ... وبذلك يرجع إلى مواضع نزول القرآن ...
وهو كما روي عن ابن عباس بالمعنيين ...

🔺 وقد روى الصنعاني هذا القول عن معمر وعن الكلبي قالا به ...
قال عبد الرزاق الصنعاني : حدثنا عبد الرزاق، قال معمر، وقال الكلبي: هو القرآن كان ينزل نجوماً.

🔺وذكر الماوردي والقرطبي وابن كثير والشوكاني هذا القول عن السدي ولم أجد تخريجه وإنما وجدت فيما جمعه الدكتور محمد عطا يوسف من تفسير السدي الكبير قوله : أخرج ابن كثير عن السدي قوله في ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) قال : نجوم القرآن

🔺 وذكره ابن كثير عن أبي حرزة ...
وقد بحثت عنه فإذا هو كما أورده المزي في تهذيب الكمال : أبو حزرة يعقوب بن مجاهد المخزومي مولى بني مخزوم القاص المديني. وكنيته أبو يوسف ، وأبو حزرة لقب . ولم أعثر على تخريج قوله .

2- وأما القول بأنه محكم القرآن فقد ورد عن ابن مسعود كما سبق ؛ وبه قال مجاهد والبخاري .


💡تخريج القول :
🔺أما ابن مسعود فرواه عنه الفراء عن الفضيل عن المنهال بن عمرو عنه
- قال الفراء حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ عَنْ مَنْصُورٍ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ : قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ ( فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ) قَالَ بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ وَكَانَ يَنْزِلْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُجُومًا
وهذا الأثر يبين أن قول ابن مسعود بمواقع النجوم هو بمعنى محكم القرآن ... ثم بين أنه كان ينزل مفرقا نجوما على رسول الله ... فجعل موقع النجوم بمعنى المحكم من القرآن ...
وابن مسعود كان يقرأ بإفراد ( بمواقع ) أي فلا أقسم بموقع النجوم ... ويقول بموقع النجوم أي محكمه
وسيأتي توجيه قوله عند توجيه الأقوال بإذن الله .

- وبقول ابن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال مجاهد والبخاري :
🔺وأما مجاهد فرواه عنه الطبري من طريق يحيى المسعودي عن أبيه عن أبيه عن جده عن الأعمش عن مجاهد قال: هو مُحْكَم القرآن

🔺وأما البخاري فقال في صحيحه : بمواقع النجوم : بمحكم القرآن
- قال القسطلاني في إرشاد الساري تعليقا على ما أورده البخاري : ويؤيده وإنه لقسم ، وإنه لقرآن كريم .

📚 ثالثا :
حجج الأقوال والاعتراضات عليها :

تبين مما سبق أن الأقوال في المسألة تتلخص في :
1- أن النجوم هي نجوم السماء وهو قول الأكثرين
ومنه فمواقع النجوم هي :
1 ، 1- منازلها وأفلاكها في السماء ؛ وهو قول مجاهد وقتادة

1، 2- مغايبها ومغاربها وقت الغروب ... وبه قال قتادة وأبو عبيدة واليزيدي ... وقيل مساقطها ومطالعها وبه قال مجاهد ..
- ومنه القول بأن المراد بمواقع النجوم هو مطالع ومساقط الأنواء أو هي أنواء تلك المنازل أو النجوم

وهي كما مر ثمانية وعشرون نجما كلما غرب أحدها ناء آخر ؛ فقالوا إذا سقط الغارب ناء الطالع أي نهض وأشرق . وهي التي كانت يستسقي بها أهل الجاهلية فيقولون مطرنا بنوء كذا وكذا

1، 3- انكدارها وانتثارها وسقوطها عن مواقعها يوم القيامة وهو قول الحسن .

1، 4- انقضاضها إثر العفاريت رجوما ... وقد أوردوه بصيغة الاحتمال ولم ينسبوه .

2- أن النجوم هي نجوم القرآن أي الطائفة من آياته ، وعليه :
2 ،1- ومواقع النجوم أي نزوله مفرقا نجوما من أوله إلى آخره بمحكمه ومتشابهه على عشرين أو ثلاث وعشرين سنة
.

- وهو قول ابن عباس وعكرمة ،
2 ،2- أو أن مواقع النجوم بمعنى : محكم القرآن
وهو قول ابن مسعود وقال بقوله مجاهد والبخاري قالوا : محكم القرآن

حجج الأقوال :
1- حجة من قال أن النجوم هي نجوم السماء المعروفة :
أ - أن الأصل في الكلام حمله على معناه الذي ينصرف إليه الذهن عند النطق به أولا ما دام مطلقا لم يقيد، فإن تعذر حمله على ذلك صير إلى غيره من المعاني ؛
- فلو قال شخص في أيامنا : جاءت سيارة فإن الذهن سينصرف فورا إلى وسيلة النقل المعروفة لا إلى عابري الطريق مع أنه يطلق عليهم ( سيارة ) كما قال تعالى ( وجاءت سيارة فأرسلوا واردهم ) ؛ لكن لأن اللفظ صار علما على وسيلة النقل صارت هي المقصودة باللفظ إلا إن قيدت بما يدل على إرادة معنى غيرها .
- وعندما يقول شخص أنه سيصوم مثلا فسينصرف الذهن فورا إلى إرادته صوم النهار ؛ لا صومه عن الكلام أو عن شيء محدد ما دام لم يقيده ؛ لأن كلمة الصوم على إطلاقها صارت حقيقة شرعية على هذه العبادة المعروفة .
وكذلك هنا فالله في كتابه استخدم النجوم للدلالة على النجوم والكواكب في سائر القرآن كقوله تعالى: {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ } الطور ، وقوله تعالى {وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ} ، وكلمة النجوم أول ما ينصرف الذهن عند سماعها إلى نجوم السماء وأجرامها ؛ فلم سيختلف الأمر هنا واللفظة مطلقة ليست مقيدة ؟

ب - إن أكثر ما أقسم الله به من مخلوقاته كان قسمه بالسماء وما فيها من دلائل الوحدانية والعظمة ؛ فأقسم بالسماء ونجومها وأبراجها والشمس والقمر وغيرها مما في السماء من أجرام ؛ فقال تعالى : ( والسماء ذات البروج ) ( والسماء والطارق ) ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ) ( والنجم إذا هوى ) ( والشمس وضحاها ، والقمر إذا تلاها ) وغيرها كثير ... وأقسم في مثل هذه الاقسام على صدق رسوله مثلا ك( والنجم إذا هوى ما صل صاحبكم وما غوى ) و ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ...)إلى ( إنه لقول رسول كريم ) فيحمل هذا القسم هنا كما حمل غيره على أنه قسم بهذه المخلوقات في السماء على أن كتابه قرآن كريم .

🔸وقد رد على هذا بأن القسم بكتاب الله أنسب أن يعظم وأن يقال عنه قسم عظيم ؛ فكلام الله أعظم وأشرف .

- ويرد عليه أن قسم الله بكلامه لا شك أعظم ، وقد ورد مرات عدة في كتابه بأن يقسم به على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولكن الله أقسم كذلك بمخلوقاته ، فهو سبحانه يقسم بما يشاء منها ؛ وقسمه بها تعظيم لها من جهتين : أنه جل وعلا هو المقسم بها ، وأن عظمة الصنعة من عظمة الصانع ، فعظمتها لأنه هو تعالى خالقها وموجدها .

ج - لم يعبر عن القرآن ولا عن آياته بالنجوم في أي موضع من مواضع القرآن ؛ وإنما سماه الله باسم من أسمائه أو شيء مما اتصف به ؛ وإنه تعالى في كل مواضع القرآن إذا أقسم بالقرآن أقسم به نفسه لا بكيفية نزوله ووصوله إلينا فقال تعالى( يس والقرآن الحكيم )( ص والقرآن ذي الذكر ) ( حم والكتاب المبين ) ( ق والقرآن المجيد )
وذلك مطرد في كتاب الله كله ، فكان هذا أقوى في أن يكون القسم هنا على حاله فيقسم بمواقع نجوم السماء على أن القرآن قرآن كريم . وبين المقسم به والمقسم عليه مناسبة لطيفة ذكرها ابن القيم سأذكرها بعد دراسة الأقوال بإذن الله

ثم إن من قال أنها نجوم السماء قال أن ( مواقع النجوم ) :
أ - هي منازل هذه النجوم والكواكب ومساراتها وأفلاكها
وحجته في ذلك أن منازل النجوم في السماء من أعظم ما استدل به على عظمة الخالق ، فالله وجه خلقه في كتابه إلى النظر في السماء وما فيها من أجرام فقال ( وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ ) الحجر( إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب ) الصافات ( أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ )ق (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ ) الملك
فإنها بزينتها للسماء من أعظم الأدلة على إحكام الصنعة وعلى عظمة الخالق وبديع صنعه .
ثم إنها في سيرها في أفلاك محددة مقدرة لها تظهر أعظم الأدلة على الوحدانية والعلم والحكمة ؛ ونبه الله خلقه إلى هذه الأفلاك وجري الكواكب وسيرها فيها مرات في كتابه فقال تعالى ( فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) الأنعام ، ( وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره )النحل ( والشمس تجري لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم ، والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم ، لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون ) يس ( الشمس والقمر بحسبان ) الرحمن ؛ فكل هذه تدل على تقدير العزيز العليم الذي بعظمته أحكم هذا النظام الدقيق فلا يتخلف جرم عن منزله وفلكه وسيره ولا يسبق نجم آخر ، كله بميزان بالغ الدقة ، كله بحسبان ويكفي من هذا عظمة حتى يقول بعدها ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )

- قال الالوسي عن هذا القول : والتخصيص لأن له تعالى في ذلك من الدليل على عظيم قدرته وكمال حكمته ما لا يحيط به نطاق البيان .

ب- ومن قال أنها مساقط النجوم ومغايبها أو مساقطها ومطالعها
فحجته في ذلك :
1- أن الله أقسم في غير موضع بالنجوم وأفلاك السماء كقوله ( والنجم إذا هوى ) قال الطبري فيها ( والصواب من القول في ذلك عندي ما قاله مجاهد من أنه عنى بالنجم في هذا الموضع: الثريا، وذلك أن العرب تدعوها النجم .) و ( فلا أقسم بالخنس ) ، وخص الله بالذكر المشارق والمغارب في مواضع فقال تعالى : {فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}وذكر أنه تعالى ( رب المشرقين ورب المغربين ) و( رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو ) وفي ذلك تنبيه على ما في شروق النجوم وغروبها من الدلالات على وحدانية الخالق وألوهيته وعظمة خلقه وبديع صنعه وما فيها من الفوائد ما ليس في غيرها .
ولذلك استدل إبراهيم بمواضع الشروق والغروب على وحدانية الله وقدرته المطلقة في محاجته للنمرود فقال ( قال إن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر ) فكان هذا دليلا بهت عدو الله فأسقط في يده .
وكذلك نبه عليه موسى عليه السلام في مجادلته لفرعون وملئه لما سألوه ( قال فرعون وما رب العالمين ) فكان مما قال : ( قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون ) فعند هذا الدليل أسقط في يد فرعون واتجه إلى التهديد بالسجن.. وفي هذه الآيات وغيرها من الدلالات ما لا يخفى .

2- أن في غروب النجوم وزوال أثرها دلالة على الوحدانية المطلقة ، ذلك أن زوال الموجودات وفنائها يذكر بالحي الذي لا يموت ، والمؤثر الذي لا يتأثر ولا تأخذه سنة ولا نوم ؛ ولذلك استدل إبراهيم عليه السلام بأفول النجوم والكواكب على وجود الواحد الأحد الذي لا يحول ولا يزول ...فقال (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي ، فلما أفل قال لا أحب الآفلين ) فالغروب أفول وزوال وذهاب ، والخالق الواحد الأحد منزه عن ذلك ؛
كما أن في طلوع النجوم دلالة على قدرة موجد هذه المخلوقات على الإيجاد بعد العدم والإحياء بعد الإماتة ؛ ولذلك ناسب بعدها أن يعظم القسم فيقول ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )

3- أن الله جعل النجوم علامات يهتدى بها في ظلمات البر والبحر ؛ والنجوم لا يهتدى بها وهي في وسط السماء إذ لا يعرف بها عند ذلك اتجاه وإنما يستدل بها عند طلوعها أو غروبها حيث يعرف أين تغرب ومن أين تشرق فتحدد الاتجاهات بذلك . كما أن مواعيد شروقها وغروبها هي المواقيت التي كان يعرف بها العرب دخول الفصول وتحديد المواقيت ؛ وهذا أقوى في أن تكون مواقع النجوم مساقطها ومطالعها لا منازلها وأفلاكها فقط .

4- أن وقت غروب النجوم وطلوعها قبيل الفجر هو وقت قيام المتهجدين لله تعالى ووقت تنزل الرحمات والبركات ... قال تعالى ( ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم ) وهي الساعة التي ينزل فيها سبحانه إلى السماء الدنيا فيجيب السائل ويعطي الطالب ، وهي من أعظم الأوقات لذلك استحق تعظيم القسم بها ..

▪ ويدخل في ذلك القول بأن مواقع النجوم هي مطالع ومساقط الأنواء خاصة لأنها تلك النجوم التي يهتدى بطلوعها وغروبها على المواقيت .
ومن خصصها بالأنواء استدل لذلك بحديث مسلم الذي يرويه عن ابن عباس والذي ذكر آنفا وفيه أن قولهم مطرنا بنوء كذا وكذا هو سبب نزول ( فلا أقسم بمواقع النجوم ) إلى ( تكذبون )
وقد علق النووي على حديث مسلم قائلا : قَالَ الشَّيْخُ أَبُو عَمْرٍو بن الصلاح رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْسَ مُرَادُهُ أَنَّ جَمِيعَ هَذَا نَزَلَ فِي قَوْلِهِمْ فِي الْأَنْوَاءِ فَإِنَّ الْأَمْرَ فِي ذَلِكَ وَتَفْسِيرُهُ يَأْبَى ذَلِكَ وَإِنَّمَا النَّازِلُ فِي ذَلِكَ قَوْلُهُ تعالى ( وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون ) وَالْبَاقِي نَزَلَ فِي غَيْرِ ذَلِكَ وَلَكِنِ اجْتَمَعَا فِي وَقْتِ النُّزُولِ فَذَكَرَ الْجَمِيعَ مِنْ أَجْلِ ذلك

- فما أورده النووي عن ابن الصلاح يدل على أن هذا الحديث ( وليس نصا في إرادة الأنواء بل يجوز عليه أن يراد المغارب مطلقا.) كما قال الألوسي .
وكما مر فالأنواء خصوص من عموم نجوم السماء ومغاربها ومشارقها داخلة في ذلك العموم ...

ج- ومن قال أن مواقع النجوم انتثارها يوم القيامة
قال ابن القيم : ومن حُجَّةِ هذا القول أنَّ لفظ "مواقع" يقتضيه، فإنَّه (مَفَاعِل) من الوقوع وهو السقوط، فَلِكُلِّ نجمٍ مَوْقعٌ، وجَمْعُها: مَوَاقع.

- وقد ورد ذكر انكدار النجوم والكواكب وسقوطها يوم القيامة وزوالها عن مواقعها في السماء في غير آية فقال تعالى ( فإذا النجوم طمست ) ( وإذا النجوم انكدرت ) ( وإذا الكواكب انتثرت ) وكلها من أهوال يوم القيامة وأهوالها عظيمة يشيب لها الولدان ؛ فقال تعالى عن أهوال ذلك اليوم ( إن زلزلة الساعة لشيء عظيم )
وقد وردت هذه الأهوال في السور المكية لتقرع قلوب المشركين وتهزهم لعلهم يتذكرون ، فكان مناسبا هنا بعد أن ذكر تفرده تعالى بالإنعام عليهم بالنسل والزرع والحرث والماء والنار وبعد أن ذكر الأصناف الثلاثة يوم القيامة أن يقسم بوقوع النجوم يوم القيامة قرعا للآذان الصم وتنبيها للقلوب الغافلة وتنبيها للمقسم عليه بعده لأنه وسيلتهم للهداية والنجاة ليكونوا من أصحاب اليمين .

د- ومن قال أنها انقضاض النجوم إثر العفاريت واتباعها رجوما للشياطين فاستدل له بالجمع بين آية الواقعة وما ورد في تفسير ( والنجم إذا هوى ) بهوي النجم راجما للشياطين ليمنعه من استراق السمع ؛ وبما ورد من آيات تبين سقوط النجوم رجما للشياطين ( وجعلناها رجوما للشياطين ) ( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )
- وقد أسند ابن الجوزي والخازن القول أن : النجم إذا هوى : هو هويه لرجم الشياطين إلى ابن عباس ؛ وقال ابن كثير عنه وهو قول له وجهه .

- كما أن القسم برجم النجوم للشياطين مناسب لما بعده من الحديث عن القرآن وأنه لا يمسه إلا المطهرون فلا يصل إليه شيطان .
فهو كما قال ابن كثير قول له وجهه مستنبط من دلالات الكلمة اللغوية ، ومن الحقائق الشرعية في هوي النجوم رجوما للشياطين ، ومن تفسير القرآن بعضه بعضا ...

- وقد وقف المفسرون في سورة النجم عند هوي النجم ، وقالوا أن الذي يهوي حقيقة ليس عين النجم وإنما شهاب منه تصديقا لقوله تعالى ( فأتبعه شهاب ثاقب ) وقوله تعالى ( فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا ) فبين أن الرجم بالشهب ؛
وقالوا قد يكون إسناد الرجم للنجوم هو من باب الإسناد إلى الكل والمراد الجزء ؛ فكأن الشهاب صادر من النجم ، أو أن الإحراق حاصل بسببه لا بعينه
- قال القرطبي رحمه الله : ( وجعلناها رجوما للشياطين ) أي جعلنا شهبها ؛ فحذف المضاف ، دليله : ( إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ ) وعلى هذا فالمصابيح لا تزول ولا يرجم بها .

- وقال ابن كثير رحمه الله : عاد الضمير في قوله : ( وَجَعَلْنَاهَا ) على جنس المصابيح لا على عينها ؛ لأنه لا يرمي بالكواكب التي في السماء ، بل بشهب من دونها ، وقد تكون مستمدة منها ، والله أعلم

- وقال ابن عثيمين رحمه الله : قال العلماء في تفسير قوله تعالى : ( ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوماً للشياطين ) : أي : جعلنا شهابها الذي ينطلق منها ، فهذا من باب عود الضمير إلى الجزء لا إلى الكل . والله أعلم .

2- حجة من قال أن النجوم هي نجوم القرآن ( سواء من قال بنزوله نجوما أو بمحكمه )
من قال بأن النجوم هنا هي نجوم القرآن احتج بأمور منها :
أ - أنه تعالى قال بعد القسم ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )
أي أن القسم الذي أقسم به عظيم وعظمة القسم من عظمة ما أقسم به فكان أنسب أن يكون المقسم به هو القرآن لأنه لا أعظم من كلام الله ...

🔸 وقد ورد التعليق على هذا القول فيما سبق ، ولابن القيم في عظمة القسم بالسماء وأجرامها كلام جميل حيث قال في ( مفتاح دار السعادة ) :
وَلم يقسم في كتابه بِشَيْء من مخلوقاته أَكثر من السَّمَاء والنجوم وَالشَّمْس وَالْقَمَر وَهُوَ سُبْحَانَهُ يقسم بِمَا يقسم بِهِ من مخلوقاته لتَضَمّنه الايات والعجائب الدَّالَّة عَلَيْهِ وَكلما كَانَ اعظم آيَة وأبلغ فِي الدّلَالَة كَانَ إقسامه بِهِ اكثر من غَيره وَلِهَذَا يعظم هَذَا الْقسم كَقَوْلِه {فَلَا أقسم بمواقع النُّجُوم وَإنَّهُ لقسم لَو تعلمُونَ عَظِيم}
فالقسم بالسماء وأجرامها أيضا قسم عظيم .

ب - أنه تعالى أقسم على أن كتابه قرآن كريم فقال ( إنه لقرآن كريم ) والضمير في إنه الأصل أن يعود على أقرب مذكور ، ومعلوم أن الضمير هنا المعني به هو القرآن ، ولم يسبق له ذكر فكان الأنسب أن تكون مواقع النجوم هي نزول القرآن ليعود الضمير على القرآن الذي نزل نجوما

🔸ويرد عليه بأن مرجع الضمير مفهوم معروف لوضوحه وشهرته وإن لم يذكر قبل ، وهو كقوله تعالى ( حتى توارت بالحجاب ) وكقوله ( كل من عليها فان ) فيفهم مرجع الضمير في كل منهما مع عدم ذكر الشمس في الأولى قبلها أو الأرض في الثانية لوضوح الأمر .

ج - أن المقسم عليه هنا هو أن كلام الله قرآن كريم ، وقد أقسم سبحانه بكتابه على صدق نبيه وصدق ما جاء به كقوله تعالى ( يس والقرآن الحكيم ، إنك لمن المرسلين ) ( حم والكتاب المبين ، إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ) وغيرها ... فالمقسم عليه في آيات الواقعة مشابه لما أقسم عليه في غيرها من المواضع فناسب ذلك أن يكون المقسم به كتاب الله ؛ فيقسم الله بكتابه على صدق ما جاء به نبيه وصدق كتابه وشرفه .
🔸 ويرد عليه بأنه تعالى كما أقسم بكتابه على صدق نبيه وصدق ما جاء به ، فقد أقسم بالسماء وأجرامها ونجومها على صدق نبيه كذلك ك ( والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى ) و ( فلا أقسم بالخنس الجوار الكنس ...)إلى ( إنه لقول رسول كريم )
والله أعلم .

📚رابعا :
توجيه الأقوال :
فيما يلي محاولة لتوجيه أقوال المفسرين الواردة في المسألة :
أولا : النجوم هي نجوم السماء :
1- مواقع النجوم هي منازلها وأفلاكها التي تسير فيها ...
مبنى هذا القول على المعنى اللغوي للكلمة وعلى وزنها الصرفي وما يحمله من معان ، فمواقع جمع موقع ، على وزن مفعِل ، اسم مكان ...
قال ابن منظور في لسان العرب : وقال الليث: الموقع موضع لكل واقع. تقول: إن هذا الشيء ليقع من قلبي موقعا، يكون ذلك في المسرة والمساءة.
قال ابن عاشور : ويطلق الوقوع على الحلول في المكان ، يقال: وقعت الإِبل، إذا بركت، ووقعت الغنم في مرابضها، ومنه جاء اسم الواقعة للحادثة ...
فيكون الموقع المحل والمنزل وتكون مواقع النجوم محال وجودها في السماء وخطوط سيرها وأفلاكها ومنازلها ... فهي مواقع محددة لها مضبوطة بنظام بديع ...
ويكون القسم هنا قسم بأفلاك النجوم والكواكب ومنازلها في السماء ... وهو كقسمه سبحانه في ( والسماء ذات البروج ) ...

- ومنه كذلك يتوجه القول الذي نسبه الماوردي لابن جريج أن مواقع النجوم هي السماء بمعنى ذكر الكل وإرادة الجزء فالمنازل موجودة في السماء فكانت مواقع النجوم أي مواضعها ومواضعها في السماء فكانت السماء موضعا لها . والله أعلم

2- مواقع النجوم مساقطها ومغايبها التي تغيب فيها ، وقيل مساقطها ومطالعها
وهذا القول له عدة وجوه :
أ- أن الوقوع أول ما يطلق يطلق على السقوط والهوي من علو ...
- قال ابن فارس في مقاييس اللغة :
وقع :الواو والقاف والعين أصل واحد يرجع إليه فروعه، يدل على سقوط شيء. يقال: وقع الشيء وقوعا فهو واقع. ومواقع الغيث: مساقطه.
فأصل اللفظ وضع لذلك ... ولذلك قالوا المواقع المساقط .

ب - أن موقع كما مر في القول السابق يكون اسم مكان و يجوز أن يكون اسم زمان كذلك ، ليدل بذلك على مكان وقوع النجوم وزمانه ... والوقوع كما يطلق على الحلول في المكان كما ورد في القول السابق ، فإنه يطلق كذلك على الهوي والسقوط ... فتكون مواقع النجوم مساقطها ...
وذلك يجمع بين مكان سقوطها فتكون مواقعها دالة على المغارب أي مواضع غروب النجوم والتي يستدل بها على الاتجاهات ، ؛ كما يدل على زمان هويها وسقوطها و الذي يستدل به على المواقيت ... وهو على هذا القول كالقسم في قوله تعالى ( والنجم إذا هوى ) الذي فسر بسقوط الثريا على الراجح .

-ووجه القول بأن المواقع تطلق على المساقط والمطالع أيضا أي على المغارب والمشارق فهو كما قال تعالى ( فلا أقسم برب المشارق والمغارب ) ذلك أن مغرب نجم مرتبط بشروق غيره فكانت مواقع النجوم مغارب لبعض النجوم مشارق لأخرى ؛ ولذلك كانت العرب تقول في الأنواء إذا سقط الغارب ناء الطالع أي نهض وأشرق
والله أعلم

3- مواقع النجوم سقوطها وانكدارها وزوالها يوم القيامة
وتوجيه هذا القول اعتبار ( موقع ) مصدرا ميميا دالا على الوقوع وهو السقوط ؛ فيكون وقوع النجوم سقوطها وزوالها عن السماء حقيقة وذلك كائن يوم القيامة مصداقا لقوله تعالى ( وإذا النجوم انكدرت ) وانكدارها سقوطها وزوالها عن السماء.

4- أن مواقع النجوم هو رجمها للشياطين
ووجه هذا القول ما ورد من أن الوقوع هو السقوط ، فيكون وقوع النجوم أي سقوط شيء منها أو شهابها إتباعا للشياطين المسترقة السمع .
ومن قال بهذا القول بناه على اعتباره مشابها للمعنى المراد ب( والنجم إذا هوى ) والذي من معانيه انقضاض النجوم إثر الشياطين .

ثانيا : أنها نجوم القرآن
- توجيه القول :
هذا القول مبني على أحد معاني كلمة ( نجم ) ؛ حيث يطلق النجم على القسط من الشيء من مال وغيره ؛ فيقال نجوم الديون والديات والغرامات ؛ فقالوا النجم الطائفة من آيات القرآن تنزل معا ...
وأصل هذا القول ما بينه ابن منظور في لسان العرب فقال : وأَصله أَن الْعَرَبَ كَانَتْ تَجْعَلُ مطالعَ منازِل الْقَمَرِ ومساقِطَها مَواقيتَ حُلولِ دُيونِها وَغَيْرِهَا، فَتَقُولُ إِذا طَلَعَ النَّجْمُ: حلَّ عليك ما لي أَي الثُّرَيَّا، وَكَذَلِكَ بَاقِي الْمَنَازِلِ، فَلَمَّا جَاءَ الإِسلام جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الأَهِلّةَ مَواقيتَ لِمَا يَحْتَاجُونَ إِليه مِنْ مَعْرِفَةِ أَوقات الْحَجِّ وَالصَّوْمِ ومَحِلِّ الدُّيون، وسَمَّوْها نُجوماً اعْتِبَارًا بالرَّسْمِ الْقَدِيمِ الَّذِي عَرَّفُوهُ واحْتِذاءً حَذْوَ مَا أَلفُوه وَكَتَبُوا فِي ذُكورِ حقوقِهم عَلَى النَّاسِ مُؤَجَّلة.

فصار النجم على ذلك مستعملا عندهم على ما قسط وتفرق ؛
ومنه قالوا جعلت ديني عليه نجوما ، أي يؤدى أقساطا مفرقة على مواقيت معلومة ، وكذلك نجم الدية أي أداها مفرقة نجما نجما أو قسطا قسطا .
ومنه أخذوا ( نجوم القرآن ) لنزوله على رسول الله نجوما متفرقة فكانت تنزل عليه في كل مرة الطائفة من الآيات ؛ وجعلوا مواقع النجوم نزول القرآن نجوما .
- قال ابن الجوزي : فعلى هذا سميت نجوماً لنزولها متفرقة، ومواقعها: نزولها

🔸وعلى هذا يتوجه القولان اللذان وردا على اعتبار أن النجوم هي نجوم القرآن :
1- فأما قول ابن عباس أن مواقع النجوم أي نزول القرآن منجما
فهو على اعتبار أن مواقع وهي جمع موقع و قد تكون اسم مكان بمعنى مكان الوقوع أو اسم زمان بمعنى زمانه أو مصدرا ميميا بمعنى الوقوع نفسه ...
- فيكون معنى مواقع القرآن أي وقوعها ونزولها من علو : أي نزول القرآن نجوما على السنين ...
- وقد يكون اسم زمان فيكون المعنى بمواقع أي أوقات نزوله على رسول الله نجوما مدة عشرين أو ثلاث وعشرين سنة ...
- وقد يكون اسم مكان فيكون المعنى مواقع أي مواضع نزوله في السماء أو الأرض : حيث قال ابن عباس في بعض ما روي عنه أن القرآن نزل إلى السماء الدنيا فكان بمواقع النجوم ، أي مواضعها وأماكنها ...

2-وأما ما ورد من أن مواقع النجوم أي بمحكم القرآن
- فقد ذكر السندي وجها له فقال : (قوله: (بمواقع النجوم : بمحكم القرآن) مبني على تشبيه معاني القرآن بالنجوم الساطعة، والأنوار اللامعة، ومحل تلك المعاني هي محكم القرآن، فصار مواقع النجوم). فاعتبر القول مبنيا على التشبيه فمواقع النجوم أي محال تلك المعاني ...

- ومعلوم أن القول بالمجاز والتشبيه أضعف من القول بالحقيقة بل لا يصار إلى المجاز مع إمكانية حمل المعنى على حقيقته ،
وفي القرآن الأصل حمل الألفاظ على حقيقة معناها لا على على مجازها ...
وقد وجه الشيخ عبد العزيز الداخل قول ابن مسعود في أن موقع النجوم بمعنى محكم القرآن بأن موقع الشيء قد يراد به أصله ، كالقول في مواقع القطر الذي ينزل إلى الأرض بمعنى أصله ...
ويفهم ذلك إذا علمنا أن ابن مسعود كان يقرأ بالإفراد كما مر ...
- فيكون قول ابن مسعود بمعنى أن الآيات المحكمات من القرآن هي بمثابة الأصول له التي يرجع إليها عند أي اختلاف أو اشتباه ... حيث يرد المتشابه إلى المحكم منه ليزول الاشتباه ...
ويكون قوله في ذلك كمعنى قوله تعالى ( منه آيات محكمات هن أم الكتاب )

▪قال ابن جرير الطبري : وأما قوله: ((مِنْهُ آيَـاتٌ مُّحْكَمَـاتٌ )) فإنه يعنـي من الكتاب آيات، يعنـي بـالآيات آيات القرآن.
وأما الـمـحكمات: فإنهنّ اللواتـي قد أحكمن بـالبـيان والتفصيـل، وأثبتت حججهن وأدلتهن علـى ما جعلن أدلة علـيه من حلال وحرام، ووعد ووعيد، وثواب وعقاب، وأمر وزجر، وخبر ومثل، وعظة وعبر، وما أشبه ذلك. ثم وصف جل ثناؤه هؤلاء الآيات الـمـحكمات بأنهنّ هنّ أمّ الكتاب، يعنـي بذلك أنهنّ أصل الكتاب الذي فـيه عماد الدين والفرائض والـحدود، وسائر ما بـالـخـلق إلـيه الـحاجة من أمر دينهم، وما كلفوا من الفرائض فـي عاجلهم وآجلهم. وإنـما سماهنّ أم الكتاب، لأنهنّ معظم الكتاب، وموضع مفزع أهله عند الـحاجة إلـيه

▪و قال ابن عاشور : في (( منه آيات محكمٰت)) :
والإحكام في الأصل المنع،
قال جرير:
أبني حنيفة أحْكِموا سُفَهَاءَكم إنّي أخاف عليكُم أنْ أغضبَا
واستعمل الإحكام في الإتقان والتوثيق؛ لأنّ ذلك يمنع تطرّق ما يضادّ المقصود، ولذا سمّيت الحِكْمة حكْمَة، وهو حقيقة أو مجاز مشهور.

ثم قال : أطلق المحكم في هذه الآية على واضح الدلالة على سبيل الاستعارة لأنّ في وضوح الدلالة، منعاً لتطرّق الاحتمالات الموجبة للتردّد في المراد.
- وأطلق التشابه هنا على خفاء الدلالة على المعنى، على طريقة الاستعارة لأنّ تطرّق الاحتمال في معاني الكلام يفضي إلى عدم تعيّن أحد الاحتمالات، وذلك مثل تشابُه الذوات في عدم تمييز بعضها عن بعض.
- ثم قال في ( أم الكتاب ) أمّ الشيء أصله وما ينضمّ إليه كثيره وتتفرّع عنه فروعه، ومنه سمّيت خريطة الرأس، الجامعة له: أمّ الرأس وهي الدمَاغ، وسمّيت الراية الأمّ، لأنّ الجيْش ينضوي إليها، وسمّيت المدينة العظيمة أمّ القرى، وأصل ذلك أنّ الأمّ حقيقة في الوالدة، وهي أصل للمولود وجامع للأولاد في الحضانة، فباعتبار هذين المعنيين، أطلق اسم الأمّ على ما ذكرنا، على وجه التشبيه البليغ. ثم شاع ذلك الإطلاق حتى ساوى الحقيقة،

- ووصف المحكمات بأنّها أمُّ الكتاب فاحتمل أن يكون المراد من الأمّ الأصل، أو المرجع، وهما متقاربان: أي هنّ أصل القرآن أو مرجعه، وليس يناسب هذين المعنيين إلاّ دلالةُ القرآن؛ إذ القرآن أنزل للإرشاد والهدي، فالمحكمات هي أصول الاعتقاد والتشريع والآداب والمواعظ، وكانت أصولاً لذلك: باتّضاح دلالتها، بحيث تدل على معانٍ لا تحتمل غيرها أو تحتمله احتمالاً ضعيفاً غير معتدَ به
وباتّضاح معانيها بحيث تتناولها أفهام معظم المخاطبين بها وتتأهّل لفهمها فهي أصل القرآن المرجوعُ إليه في حمل معاني غيرها عليها للبيان أو التفريع..


📌 وبناء على ما مر فيكون معنى موقع النجوم - أي موقع الآيات التي نزلت منجمة - بتفسير ابن مسعود بأنه محكم القرآن يكون ذلك بمعنى : أصل هذه الآيات أو مرجعها ... والموضع الذي يفزع إليه عند الحاجة ...
فالمحكمات أصل القرآن وأكثره ، وهي التي يفزع إليها عند الاشتباه والحاجة فإليها ترد معاني القرآن ...

وبذلك يتوجه قول ابن مسعود بأن موقع النجوم أي محكم القرآن إذ هي أصله ومرجعه في حمل معاني غيرها عليها والله أعلم ...

📚خامسا :
دراسة الأقوال :

بعد دراسة ما سبق من الأقوال والحجج عليها يتبين ما يلي :
- أن القولان الرئيسان في المسألة في المراد بالنجوم محتملان ولهما وجوههما المعتبرة لغة وشرعا .

- أن الله يقسم بذاته الموصوفة بصفات الكمال ، وبكلامه ، ويقسم بما شاء من خلقه ، وعظمة ما يقسم به من خلقه من عظمته سبحانه ، وسواء كان القسم بنزول القرآن أو بمواقع نجوم السماء على اختلاف المقصود فيها ففي القسم بأي منهما من العظمة ما لا يخفى فيناسب بعده القول ( وإنه لقسم لو تعلمون عظيم )

- أن أكثر مفسري السلف على أن المراد بالنجوم هو نجوم السماء لا نجوم القرآن كما قال ابن الجوزي وغيره هو قول الأكثرين .

- أن المعنى الذي يتبادر إلى الذهن عند سماع ( مواقع النجوم ) أو قراءته هو المعنى الذي وضع له اللفظ ، أن مواقع مواضع ومحال أو مساقط ، والنجوم هي النجوم المعروفة في السماء

- أن القول بأن المراد بمواقع النجوم منازلها أو القول أنه مساقطها ومطالعها متلازمان ، ذلك أن للنجوم والكواكب مسارات وأفلاكا تسير فيها من مطلعها حتى مغربها ، فإنها لن تصل من مشرقها إلى مغربها دون المرور بأفلاكها ومساراتها وفق ما قدر لها من ميزان دقيق قدره لها الله جل وعلا .

- أن القول أن المراد بمواقع النجوم مطالعها ومساقطها له قوة ، ذلك أنه مناسب لحال العرب الذين نزل عليهم القرآن ، لأنهم اعتمدوا في تسيير أمور حياتهم على النجوم في تحديد المواقيت والاهتداء في السير وتحديد الاتجاهات وجعلوها دليلا لهم حتى فيما يقدمون عليه فـكانوا يتشاءمون من بعضها ويتفاءلون بغيرها ، فكانوا إذا رأوا الثريا تفاءلوا فمضوا في أسفارهم وأعمالهم ، فإذا غربت وطلع الدبران تشاءموا فامتنعوا عن السفر أو عما يريدون فعله ؛ وبلغ بهم أنهم نسبوا لتلك النجوم ما يحصل لهم من مطر وخير وريح أو جدب وقحط وجفاف فجعلوها الفاعل وضلوا في ذلك ضلالا بعيدا ، فناسب ذلك أن يقسم الله بمواقع النجوم ويعظم القسم به على صدق كتابه وكرمه وشرفه وأنه تنزيل من رب العالمين
ذلك أنهم لو فقهوا القسم وتنبهوا له لعلموا أن الفاعل الحقيقي هو الله تعالى فآمنوا به ووحدوه وأخلصوا له ، ولكفوا عن التطير بالنجوم ونسبة الخير والشر لها .

🔹 قال سيد قطب في الظلال :
إن هذا القرآن يجعل من مألوفات البشر وحوادثهم المكرورة، قضايا كونية كبرى؛ يكشف فيها عن النواميس الإلهية في الوجود؛ وينشئ بها عقيدة ضخمة شاملة وتصوراً كاملاً لهذا الوجود. كما يجعل منها منهجاً للنظر والتفكير، وحياة للأرواح والقلوب، ويقظة في المشاعر والحواس. يقظة لظواهر هذا الوجود التي تطالع الناس صباح مساء وهم غافلون عنها؛ ويقظة لأنفسهم وما يجري من العجائب والخوارق فيها!

- أن قول الحسن بأن وقوع النجوم هو سقوطها يوم القيامة له وجهه باعتبار ما ينتهي إليه النجم يوم القيامة ، فهو في شروق وسير وغروب حتى يأذن الله له بالتساقط عن صفحة السماء إيذانا بانتهاء الدنيا وبدء أيام الآخرة .

- أن القول بأن المراد بمواقع النجوم انقضاضها إثر العفاريت وإن كان له وجه محتمل لكنه أضعف من سائر الأقوال لأنه لم يرد له في هذه السورة قولا مسندا .

- أن مما ورد من الآثار عن ابن عباس وعكرمة في نزول القرآن مفرقا ما روي عن ابن عباس ( أُنْزِلَ الْقُرْآنُ جُمْلَةً فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، وَكَانَ بِمَوْقِعِ النُّجُومِ، وَكَانَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يُنْزِلُهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْضَهُ فِي إِثَرِ بَعْضٍ )
وكذلك عن عكرمة ( إن القرآن نزل جميعاً، فوضع بمواقع النجوم، فجعل جبريل يأتي بالسورة، وإنما نزل جميعاً في ليلة القدر. )
فهذان الأثران بينا أن مواقع النجوم هي مواضع القرآن التي نزل إليها فكان فيها في السماء الدنيا . وهذا كما ورد في التوجيه على اعتبار مواقع اسم مكان .. بمعنى مواضع وأماكن

- الأثر الوارد عن ابن مسعود في أن مواقع النجوم محكم القرآن له وجهه على اعتبار أن المحكم من القرآن أصل له ومرجع يرجع إليه لفهم ما أشكل منه .

- أن توجيه السندي في أن مواقع النجوم هي محال معاني القرآن التي تشبه في نورها سطوع نور النجوم فهي بذلك مواقع النجوم مردود لأنه مبني على المجاز ، والأصل في الكلام الحقيقة ؛ والقول بالحقيقة ما دام ممكنا لا يصار فيه إلى المجاز والتشبيه .

📚 سادسا : الترجيح :
- رجح ابن القيم أن المراد بالنجوم هو نجوم السماء وجمع بين ما تحمله من معان بشروقها وسيرها في أفلاكها وغروبها وتساقطها يوم القيامة ورجمها للشياطين .
- ورجح الطبري أن المراد بمواقع النجوم هو مغارب النجوم كما رجحه الألوسي والزمخشري وأبو السعود والسعدي
- أما الفراء و الزجاج وابن عطية وأبو حيان ومكي بن أبي طالب وابن منظور والفراهيدي وابن خالويه والشنقيطي فرأوا أن مواقع النجوم هو نزول آيات القرآن مفرقا نجوما .
- واختار البخاري أنه محكم القرآن .

▪ وكما مر فللقولين في النجوم حججهما التي تقويهما ، ولكل وجهه المعتبر لغة وشرعا ، وكل يعطي معنى متسقا مع الآيات قبله وبعده وكل فيه تعظيم لكلام الله وإعجاز له ...
والترجيح بين القولين فيه من الصعوبة ما فيه ، ولعل القول بهما معا يفتح للقارئ المتأمل المتدبر فضاء أرحب وأوسع في تدبر القرآن وفهم معانيه ...
ففي القول الأول أن النجوم نجوم السماء فالقسم بها وتعظيمها بالقسم بها لهو أعظم تنبيه للغافل أن يتأمل بتلك الحركة التي ألفها الحس فغفل عما فيها من إعجاز ... فمشرق النجم ومغربه وما يكون بينهما من سير النجم في فلكه بميزان دقيق لا يتغير ولا يتبدل ... ويكون على ذلك حتى يأذن الله له بالانتثار والانكدار إيذانا بيوم القيامة وإعظاما لهوله ...

والنجم في فلكه زينة للسماء وعبرة للناظرين وسيره إلى مستقره حيث يغرب ليدل بغروبه على انتهاء موسم وبدء آخر ، وبموقع غروبه على الجهات كذلك ...فيكون بمشرقه ومغربه علامات للناس وهدايات للسائرين ...
ولابن القيم في ذلك كلام نفيس قال فيه :
🔹قال ابن القيم : إن الله في كتابه أقسم بالنجوم وطلوعها وجريها وغروبها ذلك أن في أحوالها الثلاثة أعظم العبر ، فقال تعالى { فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (15) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (16)} التكوير ، قال ابن القيم : ( وَهِي الْكَوَاكِب الَّتِي تكون خنسا عِنْد طُلُوعهَا جوَار فِي مجْراهَا ومسيرها كنسا عِنْد غُرُوبهَا فاقسم بهَا فِي أحوالها الثَّلَاثَة )
وهو مستمر على حركته تلك حتى يأذن الله له بالهوي والسقوط عن منازله في السماء وانتثاره تمهيدا لبدء يوم القيامة .

🔹 وبين المقسم به والمقسم عليه علاقة لطيفة أوردها ابن القيم في كتابه التبيان في أقسام القرآن أختم به بإذن الله :
قال ابن القيم :

وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النُّجُوم في القَسَم، وبين المُقْسَم عليه -وهو القرآن- من وجوه:
1- أنَّ النُّجُوم جعلها الله يُهتَدَى بها في ظلمات البَرِّ والبحر، وآياتُ القرآن يُهتَدَى بها في ظلمات الجهل والغَيِّ. فتلك هدايةٌ في الظلمات الحِسِّيَّة، وآياتُ القرآن هدايةٌ في الظلمات المعنويَّة، فجَمَعَ بين الهدايتين.
2- مَعَ ما في النُّجُوم من الزينة الظاهرة للعالم، وفي إنزال القرآن من الزينة الباطنة.
3- ومَعَ ما في النُّجُوم من الرجوم للشياطين، وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجنِّ.
4- والنُّجُومُ آياته المشهودة العِيَانِيَّة، والقرآنُ آياتُهُ المَتْلُوَّةُ السمعيَّةُ. مَعَ ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول.

📌وكذلك القول بأن النجوم نجوم القرآن وأن القسم هو بنزول القرآن أو بمحكمه فهو قسم عظيم كذلك وفيه من التنبيه إلى وجه من وجوه العناية بكتاب الله وبأمة نبيه الذي أنزل عليه القرآن مفرقا ( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا ) ورحمته بهم أن جعل القرآن منه آيات محكمات جعلهن أم الكتاب ... يرجع إليهن ويفهم مراده منهن سبحانه ...

📚 سابعا : المصادر والمراجع :
- العين للخليل بن أحمد الفراهيدي 170 هـ
- معاني القرآن للفراء 207 هـ
- مجاز للقرآن لأبي عبيدة معمر بن المثنى 210 هـ
- تفسير عبد الرزاق الصنعاني 211 هـ
- غريب القرآن وتفسيره لليزيدي 237 هـ
- صحيح أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري 256 هـ
- فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 852 هـ
- هدي الساري بشرح غريب صحيح البخاري لابن حجر العسقلاني 852 هـ
- عمدة القاري في شرح صحيح البخاري لبدر الدين العيني 855 هـ
- إرشاد الساري للقسطلاني 923 هـ
- حاشية السندي على البخاري 1136 هـ
- صحيح مسلم بن الحجاج النيسابوري 261 هـ
- شرح يحيى بن شرف النووي علي صحيح مسلم 676 هـ
- تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة 276 هـ
- تفسير غريب القرآن لابن قتيبة 276 هـ
- سنن الترمذي 279 هـ
- فضائل القرآن لابن الضريس 294 هـ
- السنن الكبرى للنسائي 303 هـ
- جامع البيان للطبري 310 هـ
- معاني القرآن وإعرابه للزجاج 311 هـ
- تفسير القرآن العظيم لابن أبي حاتم الرازي 327 هـ
- الأضداد لابن الأنباري 328 هـ
- تفسير مجاهد للهمذاني 352 هـ
- المعجم الكبير للطبراني 360 هـ
- الحجة في القراءات السبع لابن خالويه 370 هـ
- مقاييس اللغة لابن فارس 395 هـ
- المستدرك للحاكم النيسابوري 405 هـ
- الكشف والبيان للثعلبي 427 هـ
- الهداية لمكي بن أبي طالب 437 هـ
- النكت والعيون للماوردي 450 هـ
- شعب الإيمان للبيهقي 458 هـ
- الأسماء والصفات للبيهقي 458 هـ
- معالم التنزيل للبغوي 516 هـ
- تفسير الكشاف للزمخشري 538 هـ
- المحرر الوجيز لابن عطية 546 هـ
- زاد المسير لابن الجوزي 597 هـ
- جامع الأصول لابن الأثير 606 هـ
- الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ
- لسان العرب لابن منظور 711 هـ
- لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن 741 هـ
- البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي 745 هـ
- التبيان في أقسام / أيمان القرآن لابن قيم الجوزية 751 هـ
- مفتاح دار السعادة لابن قيم الجوزية 751 هـ
- الدر المصون للسمين الحلبي 756 هـ
- تفسير القرآن العظيم لابن كثير 774 هـ
- مجمع الزوائد للهيثمي 807 هـ
- نظم الدرر في تناسب الآيات والسور للبقاعي 885 هـ
- الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي 911 هـ
- إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ
- فتح القدير للشوكاني 1250 هـ
- روح المعاني للآلوسي 1270 هـ
- محاسن التأويل للقاسمي 1332 هـ
- تفسير السعدي 1376 هـ
- في ظلال القرآن لسيد قطب 1385 هـ
- التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ
- أضواء البيان لمحمد الجنكي الشنقيطي 1393 هـ

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 رجب 1439هـ/26-03-2018م, 03:42 PM
منى محمد مدني منى محمد مدني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Aug 2015
المشاركات: 344
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
تسليم المجلس الخامس
المراد بمواقع النجوم
**********************************************************
أولاً: الأقوال الواردة في المراد بمواقع النجوم :
اختلف أهل التفسير في المراد بالنجوم التي أقسم الله بمواقعها في هذه الآية على قولين :
القول الأول: نجوم السماء
القول الثاني: نجوم القرآن
ثم اختلفوا في مواقعها على أقوال :
فعلى القول الأول وهو أن المراد بالنجوم نجوم السماء ،ذكروا في مواقعها أربعة أقوال :
الأول: منازلها
الثاني:مساقطها
الثالث:مطالعها ومساقطها
الرابع :انتثار النّجوم عند قيام السّاعة
وعلى القول الثاني وهو أن المراد بالنجوم نجوم القرآن ،ذكروا في مواقعها قولين :
الأول:منازل القرآن أي :نزول القرآن شيئاً بعد شيء
الثاني: محكم القرآن
ثانياً: عرض ومناقشة الأقوال الواردة في المراد بمواقع النجوم :
· سبب الخلاف في المسألة راجع إلى معنى كلمة النجم في لغة العرب فالنجم يطلق في لغة العرب على النجم المعروف في السماء ويطلق على القسط والوقت المضروب وأصله أن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها .

· فالخلاف في المراد بمواقع النجوم نشأ بسبب الخلاف اللغوي في كلمة النجم فكلمة النجم تحتمل نجم السماء وتحتمل القسط والجزء من الشيء .

· والقول بأن المراد نجوم السماء مبني على المعنى المشتهر المعروف في لغة العرب من أن المراد بالنجوم نجوم السماء وعلى هذا القول أكثر المفسرين وهو المتبادر للذهن

· ورجح ابن القيم هذا القول بذكر أن عادة القرآن في المراد بالنجوم نجوم السماء كما في قوله تعالى {وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} وقوله {وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ}

· ثم تفرع الخلاف في القولين بسبب احتمال كلمة (مواقع)لأكثر من معنى في لغة العرب أيضاً

· فعلى القول الأول: وهو أن المراد بالنجم نجم السماءاختلف العلماء في المراد بمواقع على أقوال ناشئة عن احتمال هذه الكلمة لأكثر من معنى في لغة العرب :

· فقيل في المراد بمواقعها على القول الأول أقوال :
القول الأول:
منازل النجوم ،وهذا القول مروي عن قتادة ومجاهد
ويتوجه هذا القول على أن المراد بمواقع النجوم منازل النجوم لأن مواقع جمع موقع والموقع مكان الوقوع فيكون المراد بالمواقع الوقوع بمعنى الحلول في المكان
ذكرابن عاشور في التحرير والتنوير :
أن الوقوع يطلق على الحلول في المكان ومنه وَقَعَتِ الْإِبِلُ، إِذَا بَرَكَتْ، وَوَقَعَتِ الْغَنَمُ فِي مَرَابِضِهَا فيكون المراد محال وقوعها كما في قوله تعالى :( وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ [الْبُرُوجِ: 1] .
القول الثاني:
مساقطها وهذا القول مروي عن قتادة
فيكون المراد بمواقع النجوم مساقطها وحجة هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإن مفاعل من الوقوع وهو السقوط
· ذكر هذا القول البخاري في صحيحه :ويقال: بمسقط النّجوم إذا سقطن، ومواقع وموقعٌ واحدٌ
· ورجح هذا القول الطبري وذكر أن المراد مساقط النجوم ومغايبها في السماء لأن مواقع جمع موقع والموقع من وقع موقعاً وذكر أن هذا هو الأغلب من معانيه والأظهر والأولى
· وأستدل عليه الزجاج بقوله (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ)
· قال البغوي في معالم التنزيل : وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ: أَرَادَ مَغَارِبَ النُّجُومِ وَمَسَاقِطَهَا.
· واحتج ابن القيم لهذا القول بأن الله أقسم بالنجوم في القرآن في أحوالها المختلفة من طلوع وجريان وغروب لما فيها من الآيات والعبر العظيمة
كما في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} وقال {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}
* وذكر أحمد القسطلاني في إرشاد الساري أن المراد مغاربها وذكر أن سبب تخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره
* وذكر الطاهر بن عاشورفي التحرير والتنوير : أن الْوُقُوعُ يُطْلَقُ عَلَى السُّقُوطِ،
فيكون المراد بمواقع النجوم مواضع غروبها كما في قوله (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ )[المعارج: 40] وذكر أن القسم بها على هذه الحال فيه تنبيه على النظام البديع المحكم لسيرها في كل ليلة وفيه إشارة لظمة هذه الكواكب وعظمة خالقها
القول الثالث:
مطالعها ومساقطها وهذا القول مروي عن مجاهد
وماذكر في مغربها يقال هنا وهذا القول قريب مما سبق لكن فيه إضافة المطالع
والله أقسم بالنجوم في القرآن في أحوالها المختلفة من طلوع وجريان وغروب كما في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقوله تعالى :{فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ}
فكما أن القسم بمغاربها دال على عظمتها وإتقان صنعها وسيرها فكذلك القسم بمطالعها لأن لها أوقات محددة تطلع فيها .
القول الرابع :
انتثار النّجوم عند قيام السّاعة وهذا القول مروي عن الحسن وقتادة
وهذا القول مبني على أن المراد بمواقع النجوم مساقطها يوم القيامة ومما يؤيد هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإن مفاعل من الوقوع والسقوط
قال ابن القيم في التبيان في أقسام القرآن :وقيل مواقعها انتشارها وانكدارها يوم القيامة وهذا قول الحسن ومن حجة هذا القول أن لفظ مواقع تقتضيه فإنه مفاعل من الوقوع وهو السقوط فلكل نجم موقع وجمعها مواقع
فهذا القول فيه تخصيص مساقطها بيوم القيامة
ومن اللطائف التي ذكرها ابن القيم المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه حيث قال :
وعلى هذا فتكون المناسبة بين ذكر النجوم في القسم وبين المقسم عليه وهو القرآن من وجوه:
· أحدها :أن النجوم جعلها الله يهتدى بها في ظلمات البر والبحر وآيات القرآن يهتدى بها في ظلمات الجهل والغي فتلك هداية في الظلمات الحسية وآيات القرآن في الظلمات المعنوية فجمع بين الهدايتين
· مع ما في النجوم من الرجوم للشياطين وفي آيات القرآن من رجوم شياطين الإنس والجن
· والنجوم آياته المشهودة المعاينة والقرآن آياته المتلوة السمعية
· مع ما في مواقعها عند الغروب من العبرة والدلالة على آياته القرآنية ومواقعها عند النزول
وخلاصة ماسبق :
أن المراد بالنجوم نجوم السماء وهي الكواكب المضيئة التي زين الله بها السماء الدنيا وجعلها عبرة وآية وهي في نفس الوقت رجوم للشياطين وعلامات يهتدى بها في الظلمات
وعند التأمل في اختلاف العلماء في المراد بمواقعها حيث قيل في مواقعها(منازلها
و مطالعها ومساقطها وانتثار النّجوم عند قيام السّاعة) نجد أن كل هذه الأحوال تمر بها النجوم فللنجوم منازل ومواقع وأفلاك تسير فيها وفق نظام دقيق ولها مطالع تطلع فيها وتظهر ولها مغارب تغرب فيها وتختفي وهي مرتبطة بمصالح الناس المختلفة كالزراعة والصيد ونحوه وهذه النجوم تتساقط وتهوي يوم القيامة لينتهي هذا النظام البديع لأنه إنما وجد وقام لاختبار عظيم فإذا انتهى الاختبار ومضى فلا فائدة من بقاء مكانه لأن سكانه يرحلون من هذه الدار إلى دار أخرى .

والنتيجة التي ظهرت لي والعلم عند الله أن الأختلاف الواقع في تحديد المواقع على القول الأول لاتعارض فيه فيمكن الجمع بين الأقوال الواردة فيه لأن كلمة مواقع في لغة العرب تحتمل كل هذه المعاني
فيكون القسم بنجوم السماء وبمواقعها أي منازلها وأفلاكها ومطالعها ومغاربها ومساقطها يوم القيامة .

*ومما يستفاد من هذه المسألة والخلاف فيها :
أن يتأمل الإنسان في النجوم في أحوالها المختلفة منازلها ومطالعها ومغاربها ومساقطها يوم القيامة ويمتلئ قلبه بعظمة هذا القسم ثم يربط هذا الأمر بالمقسم عليه وهو القرآن
وقد تكلم الطاهر ابن عاشور في التحرير والتنوير عن الحكمة من القسم فذكر كلاماً جميلاً حيث قال :
وَجعل بِمَواقِعِ النُّجُومِ بِهَذَا الْمَعْنَى مُقْسَمًا بِهِ لِأَنَّ تِلْكَ الْمَسَاقِطَ فِي حَالِ سُقُوطِ النُّجُومِ عِنْدَهَا تُذَكِّرُ بِالنِّظَامِ الْبَدِيعِ الْمَجْعُولِ لِسَيْرِ الْكَوَاكِبِ كُلَّ لَيْلَةٍ لَا يَخْتَلُّ وَلَا يَتَخَلَّفُ، وَتُذَكِّرُ بِعَظَمَةِ الْكَوَاكِبِ وَبِتَدَاوُلِهَا خِلْفَةً بَعْدَ أُخْرَى، وَذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ يَحِقُّ الْقَسَمُ بِهِ الرَّاجِعُ إِلَى الْقَسَمِ بِمُبْدِعِهِ.
وَذِكْرُ (مَوَاقِعِ النُّجُومِ) عَلَى كِلَا الْمَعْنَيَيْنِ تَنْوِيهٌ بِهَا وَتَعْظِيمٌ لِأَمْرِهَا لِدَلَالَةِ أَحْوَالِهَا عَلَى دَقَائِقَ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى فِي نِظَامِ سَيْرِهَا وَبَدَائِعِ قُدْرَتِهِ عَلَى تَسْخِيرِهَا.
القول الثاني :
المراد بالنجوم نجوم القرآن
· هذا القول مروي عن السلف من الصحابة والتابعين ومستنده إلى معنى النجم في لغة العرب لأن من معاني النجم الجزء والقسط وارتبط هذا المعنى بالنجم لأن العرب كانت تجعل مطالع منازل القمر ومساقطها مواقيت حلول ديونها وغيرها فتقول إذا طلع النجم حل عليك مالي ،والمراد هنا نجوم القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة فنزل مقسطاً منجما.
· مما يؤيد هذا المعنى مناسبة السياق من بعده وقد ذكر الزجاج أن المراد نجوم القرآن وذكر أن دليل هذا القول السياق من بعده (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ (76) إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) ومما لاشك فيه أن القرآن أعظم من النجوم
· مما يحتج به القائلين أن المراد نجوم القرآن عود الضمير فقد ذكر مكي بن أبي طالب وابن عطية أن الضمير في قوله (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم*إنه لقرآن كريم ) عائد على القرآن
· من عادة القرآنأن يقسم بالقرآن على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى:( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] .
وَقَوْلِهِ تَعَالَى: حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ [43 \ 1 - 4] وأفضل مايفسر به القرآن القرأن ذكر هذا المعنى الشنقيطي ورجحه
· مما يؤيد هذا القول ما أخرجه النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النّجوم ونقله ابن حجر في فتح الباري

ثم أختلف العلماء في المراد بمواقع القرآن على قولين :
القول الأول :
منازل القرآن أي :نزول القرآن شيئاً بعد شيء وهذا القول مروي عن ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير ورواه عبد الرزاق عن معمر والكلبي
وهذا القول مبني على أن من معاني النجم القسط فيكون المراد أجزاء القرآن لأن القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم آية آية وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة ونجم عليه الدية قطعها عليه نجما نجما
القول الثاني:
محكم القرآن وهذا القول مروي عن عبد الله بن مسعود ومجاهد وذكره الفراء في معاني القرآن
والمقصد من هذا القول تشبيه معاني القرآن المحكمة بالنجوم الساطعة فالمعاني المحكمة لما فيها من الإحكام والكمال والجمال صارت بمثابة النجوم المضيئة ذكر هذا المقصد محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ في حاشية السندي على البخاري
ويدخل في هذا القول مارواه ابن جرير عن ابن عباس من أن المراد بمواقع النجوم مستقر الكتاب أوله وآخره
ومن الأقوال في المراد بمواقع النجوم :
· مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت ذكره ابن عطية بدون سند وهذا القول يدخل في المعاني المرادة من الآية لأنه لايعارضها
وخلاصة هذا القول :
أن المراد بمواقع النجوم نجوم القرآن وأجزائه لأنه نزل منجماً متفرقاً مقسطاً على النبي صلى الله عليه وسلم حسب الوقائع والأحداث وعند التأمل في هذا القول نجد أن نزول القرآن بهذه الطريقة له أثر كبير في تثبيت النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة وتربيتهم وتوجيههم وإتمام النعمة والمنة عليهم وهو من آثار معيته الخاصة فكانت الآيات تنزل عليهم ليلاً ونهاراً سفراً وحضراً في مكة والمدينة وقبل الغزوات وبعدها وفي المواقف الصعبة وفيما يحتاجونه من أمور التشريع وفي الإجابة عن أسئلتهم ففي كل يوم يربيهم الله ويرقيهم ويزيدهم بها إيماناً فكلما احتاجوا نزلت الآيات عليهم وكلما نزلت استشعروا منة الله ونعمته ومعيته فزاد إيمانهم بنزول الآيات وتلقوها بقلوبهم تلقي الأرض المجدبة للمطر على شدة حاجتها له وهذا القسم قسم عظيم لمن تأمله فأقسم بنزوله على هذه الصورة على كرامة هذا الكتاب ،وقيل المراد بمواقع النجوم محكم القرآن تشبيهاً للمحكم بالأنوار الساطعة ،وقيل :المراد بمواقع النجوم مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت وهو قول يدخل في معنى الآية ولايعارضها .

القول الراجح :
-رجح الطبري القول الأول وذكر أن المراد مساقط النجوم ومغايبها في السماء لأن مواقع جمع موقع والموقع من وقع موقعاً وذكر أن هذا هو الأغلب من معانيه والأظهر والأولى ،وأستدل عليه الزجاج بقوله (فَلَا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ)
وذكر ابن عطية أن القول الأول قول جمهور كثير من المفسرين وذكر البغوي أنه قول جماعة من المفسرين وذكر ابن الجوزي أنه قول الأكثرين
واحتج ابن القيم لهذا القول بأن الله أقسم بالنجوم في القرآن في أحوالها المختلفة من طلوع وجريان وغروب لما فيها من الآيات والعبر العظيمة كما في قوله تعالى {فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ الْجَوَارِ الْكُنَّسِ} وقال {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} وقال {فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ} وذكر أحمد القسطلاني في إرشاد الساري أن المراد مغاربها وذكر أن سبب تخصيص المغارب لما في غروبها من زوال أثرها والدلالة على وجود مؤثر لا يزول تأثيره
-ذكر النسائي وابن حجر العسقلاني أن المراد بمواقع النجوم نجوم القرآن وأستدلا له بقول ابن عباس" نزل القرآن جميعًا في ليلة القدر إلى السّماء الدّنيا، ثمّ فصّل فنزل في السّنين، فذلك قوله: {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75])،وذكر محمدُ النَّيْسابوريُّ في المستدرك القول الثاني عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: " أنزل القرآن في ليلة القدر من السّماء العليا إلى السّماء الدّنيا جملةً واحدةً، ثمّ فرق في السّنين قال: وتلا هذه الآية {فلا أقسم بمواقع النّجوم} [الواقعة: 75] قال: «نزل متفرّقًا» هذا حديثٌ صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه ،وذكر مكي بن أبي طالب في الهداية الأقوال ومال إلى أن المراد بمواقع النجوم نجوم القرآن لأن القرآن أنزل نجوماً متفرقة ولأن الهاء " في " " إنه " من ذكر القرآن،وذكر عليُّ بنُ أبي بكرٍ الهَيْثَميُّ في مجمع الزوائد أن المراد نجوم القرآن
رجح محمد الشنقيطي في أضواء البيان أن المراد بمواقع النجوم نجوم القرآن وسبب الترجيح:
- أن عادة القرآن الْإِقْسَامُ بِالْقُرْآنِ عَلَى صِحَّةِ رِسَالَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كقوله تعالى :( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] وَقَوْلِهِ تَعَالَى: (حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ )[43 \ 1 - 4]
- مناسبة القسم بالقرآن لما بعده من قوله (وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ )[56 \ 76]
النتيجة :
والذي يظهر والعلم عند الله أن القول الأول وهو أن المراد بمواقع النجوم نجوم السماء هو القول الراجح لأنه القول الذي عليه جمهور المفسرين كما ذكر ابن عطية في المحرر الوجيز ،وهو القول الذي عليه الأكثرون كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير ،وهو مبني على المعنى المشتهر المعروف في لغة العرب من أن المراد بالنجوم نجوم السماء وهو المتبادر للذهن ،وعلى ترجيح هذا القول يدخل فيه ماقيل في مواقعها لأنه وإن اختلفت لاتعارض بينها

والقول الثاني قول تحتمله الآية وهو قول وجيه مروي عن السلف من الصحابة والتابعين ومستنده إلى معنى النجم في لغة العرب لأن من معاني النجم الجزء والقسط و القرآن أنزل إلى سماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم نجوما فرقا قطعا الآية والآيتان وكان بين أول ما نزل منه وآخره عشرون سنة فنزل مقسطاً منجما.
ويؤيد هذا القول السياق من بعده ،وعود الضمير في قوله (وإنه لقسم لو تعلمون عظيم*إنه لقرآن كريم ) ،و عادة القرآن من القسم بالقرآن على صحة رسالة النبي صلى الله عليه وسلم كما في قوله تعالى:( يس وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ [36 \ 1 - 5] .
ومما يؤيد هذا القول ما أخرجه النّسائيّ والحاكم من طريق حصينٍ عن سعيد بن جبير عن بن عبّاسٍ قال نزل القرآن جميعًا ليلة القدر إلى السّماء ثمّ فصّل فنزل في السّنين وذلك قوله فلا أقسم بمواقع النّجوم ونقله ابن حجر في فتح الباري
فكل ماسبق يدل دلالة واضحة وجاهة هذا القول :
فالقول الأول هو المقدم في بيان معنى الآية ،وهذا القول قول وجيه يذكر في بيان معنى الآية ولايمكن اهماله لما سبق مما يدل على قوته ووجاهته
وقول ابن مسعود بأن المراد بمواقع النجوم محكم القرآن يقصد به أن مواقع النجوم هي محكم القرآن وكان يقرأ بالإفراد "بموقع النجوم" والموقع أصل الشيء الذي يوقع فيه ومحكم القرآن هو أصل الآيات التي نزلت منجمة
ومما يدخل في معنى الآية ماذكره ابن عطية مواقعها عند الانقضاض إثر العفاريت وهو لا يعارض ماسبق

المراجع :
· معاني القرآن/ أبو زكريا يحيى بن زياد بن عبد الله بن منظور الديلمي الفراء (المتوفى: 207هـ)
· تفسير القرآن العزيز/ لمحدّث اليمن عبد الرزاق بن همام الصنعاني (ت: 211هـ).
· كتاب صحيح البخاري/ محمدُ بنُ إسماعيلَ بن إبراهيم البخاريُّ (ت: 256هـ)
· كتاب السنن الكبرى /أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ النَّسَائِيُّ (ت: 303هـ )
· جامع البيان عن تأويل آي القرآن/لإمام المفسّرين أبي جعفر محمد بن جرير الطبري (ت: 310هـ).
· معاني القرآن وإعرابه/إبراهيم بن السري بن سهل، أبو إسحاق الزجاج (المتوفى: 311هـ)
· تفسير مجاهد /عَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ الحَسَنِ الهَمَذَانِيُّ (ت: 352هـ)
· كتاب المستدرك /محمدُ بنُ عبدِ اللهِ الحاكمُ النَّيْسابوريُّ (ت: 405هـ )
· الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره، وأحكامه، وجمل من فنون علومه/ أبو محمد مكي بن أبي طالب حَمّوش بن محمد بن مختار القيسي القيرواني ثم الأندلسي القرطبي المالكي (المتوفى: 437هـ)
· معالم التنزيل في تفسير القرآن /محيي السنة ، أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي (المتوفى : 510هـ)
· المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز/أبو محمد عبد الحق بن غالب بن عبد الرحمن بن تمام بن عطية الأندلسي المحاربي (المتوفى: 542هـ)
· النكت والعيون/أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن حبيب البصري البغدادي، الشهير بالماوردي (المتوفى: 450هـ)
· زاد المسير في علم التفسير/جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى: 597هـ)
· كتاب جامع الأصول في أحاديث الرسول، لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري المعروف بابن الأثير (ت:606هـ)
· الجامع لأحكام القرآن /أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري الخزرجي شمس الدين القرطبي (المتوفى: 671هـ)
· لسان العرب/ محمد بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى (المتوفى: 711هـ)
· التبيان في أقسام القرآن/ محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين ابن قيم الجوزية (المتوفى: 751هـ)
· تفسير القرآن العظيم/أبو الفداء إسماعيل بن عمر بن كثير القرشي البصري ثم الدمشقي (المتوفى: 774هـ)
· مجمع الزوائد ومنبع الفوائد /لأبي الحسن نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي(ت:807هـ)
هـ)
· فتح الباري /أحمدُ بنُ عَلَيِّ بنِ حجرٍ العَسْقَلانيُّ (ت: 852هـ)
· عمدة القاري /محمودُ بنُ أحمدَ بنِ موسى العَيْنِيُّ (ت: 855هـ)
· كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور /جَلاَلُ الدِّينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ السُّيُوطِيُّ (ت: 911)
· إرشاد الساري /أحمدُ بنُ محمدِ بن أبي بكرٍ القَسْطَلاَّنيُّ (ت: 923هـ)
حاشية السندي على البخاري /محمدُ بنُ عبدِ الهادي السِّنْديُّ (ت: 1136هـ)
· التحرير والتنوير «تحرير المعنى السديد وتنوير العقل الجديد من تفسير الكتاب المجيد»/ محمد الطاهر بن محمد بن محمد الطاهر بن عاشور التونسي (المتوفى : 1393هـ)
· أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن/ محمد الأمين بن محمد المختار بن عبد القادر الجكني الشنقيطي (المتوفى : 1393هـ)

ملاحظة :
· أعتذر عن التأخير في تسليم الواجب لظروف خارجة عن ارادتي

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 4 شعبان 1439هـ/19-04-2018م, 10:54 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

تقويم المرحلة الخامسة والأخيرة من المراجعة التطبيقية على
دورة مهارات التفسير المتقدّمة




نحمد الله على إتمام هذا التطبيق، ونسأل الله أن ينفعكم بهذه الدورة القيّمة وتطبيقاتها، وأن يبارك جهودكم وأن ينفع بكم الأمة.
وأرجو أن تكون محصّلة تقويمات المراحل السابقة كافية في تصوّر العرض النهائي للتطبيق وتقييم جودته.


1: رضوى محمود ج
بارك الله فيك ونفع بك.
ليس المقصود بهذه المرحلة اختصار الأقوال ووضع ملخّص للمسألة، وإنما عرضا تامّا وافيا، وقد اختصرتِ نسبة الأقوال وتخريجها، ويمكنك إتمام عرض التطبيق وتحسين الدرجة.

2: هناء محمد علي أ+
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
- اتّفقنا سابقا أننا لا نحتاج إلى المصادر الناقلة في التخريج طالما أمكن التخريج من المصادر الأصلية، إلا إذا كان لذكرها فائدة تتعلّق بالرواية، أما أن يكون الأمر مجرّد إشارة إلى أنهم ذكروا القول فهذا لا يفيد، فإذا تمّ تخريج القول من المصادر الأصلية فلا حاجة أن أقول: وذكره الماوردي وابن عطية وابن كثير و... وغيرهم من أصحاب التفاسير الناقلة.
- رواية قتادة عند عبد الرزاق رواية مقطوعة، فهو لم يصرّح بالسماع بل قال: "معمر عن قتادة"، وقيسي على مثله.
وقد قلتِ: "حدّثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة" ولم تذكري من المحدَّث، وقلتِ في موضع آخر: "قال عبد الرزّاق الصنعاني: حدّثنا عبد الرزّاق قال معمر..."، فأرجو الانتباه للسند جيّدا.
- عند ذكر قول الضحاك في الأنواء نقول: نسب إلى الضحاك، ولا نقول: روي، لأننا لم نعثر على سنده.
- في القول الثاني "نجوم القرآن" قول ابن عباس: "وكان بموقع النجوم" لا يحمل على نجوم السماء، بل يحمل على موقع القرآن في السماء.


3: عقيلة زيان أ+

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.وقد أجدتِ في عامّة التطبيق لولا توجيه قول "محكم القرآن" بالحمل على المجاز، وقد سبق التنبيه عليه في المراحل السابقة، وتقديرا لإحسانك في تحرير هذه المسألة ستعتمد الدرجة كاملة.
ويحسن بك التنبيه على القراءات الواردة في اللفظة لأنها مهمّة في توجيه قول المفسّر.

4: منى محمد مدني ب

أحسنت بارك الله فيك ونفع بك.
وعرض قيّم لتحرير المسألة لولا فوات التخريج، فكان يجب عليك نقل تخريج الأقوال الذي وضعتيه في المرحلة الثانية من هذا التطبيق.
وتخريج الأقوال مهمّ جدا، بل قد يكون فاصلا وحده في تحرير المسألة، فعلى سبيل المثال إن ثبت أن هناك قولا مكذوبا أو حديثا موضوعا نحيّناه ابتداء، وكذلك نقدّم الأقوال الصحيحة على الضعيفة عند دراسة الأقوال ونقدها، وإذا ثبت عن أحد السلف قولان في المسألة أحدهما بسند صحيح والآخر ضعيف فإننا نقدّم الصحيح منهما.


رزقكم الله العلم النافع والعمل الصالح
والحمد لله الذي بنعمته تتمّ

الصالحات


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
مراجعة, تطبيقية

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:28 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir