المجموعة الأولى:
س1: بيّن ما يشمله الدعاء بقول: {اهدنا الصراط المستقيم}.
يشمل الدعاء سؤال الله الهداية بنوعيها هداية الدلالة والإرشاد، وهداية التوفيق والإلهام.
- فبهداية الدلالة والإرشاد يُبصر المرءُ الحقّ ويتبيّن حقيقته وعلاماته، ويبصر الباطل ويتبيّن حقيقتَه وعلاماته؛ فيميّز الحقَّ من الباطل، وهذه الهداية يتفاضل فيها المهتدون تفاضلاً كبيراً.
- وبهداية التوفيق والإلهام يٌوفَّق المرء لاتّباع هدى الله تعالى، وامتثال أمره، واجتناب نهيه، وتصديق خبره، فيحبِّب الله إليه الإيمانَ والعمل الصالحَ، فيكون مهتدياً حقاً.
وهذه الهداية هي أصل الفلاح والفوز، ولا يكون العبد مهتديا حقا إلا بتحقيق الهدايتين فيكون جامعاً بين العلم النافع والعمل الصالح.
س2: بيّن معنى الصراط لغة.
أصل الصاد في صراط منقلبة عن سين لأن معناها في اللغة يسرط أي يسع أو يبتلع، فسمي سراطا لأنه يسترط المارة أي يسعهم ويبتلعهم وهي قراءة ابن كثير (السِّراط) بالسين، وفي قراءةٍ لأبي عمرو (الزِّرَاط) بالزّاي الخالصة، ومن القُرّاء من يشمّ الزاي بالصاد.
قال ابن الجزري: (ووجه ذلك أن حروف الصفير يبدل بعضها من بعض) . أي كلها متفقة في المعنى.
والصراط في لغة العرب: الطريق الواضح الواسع السهل المستقيم الموصل للمطلوب.
قال ابن جرير: (أجمعت الحجة من أهل التّأويل جميعًا على أنّ الصّراط المستقيم هو الطّريق الواضح الّذي لا اعوجاج فيه. وكذلك ذلك في لغة جميع العرب؛ فمن ذلك قول جرير بن عطيّة بن الخطفى: أمير المؤمنين على صراطٍ.......إذا اعوجّ الموارد مستقيم) ا.هـ.
وقال ابن القيّم رحمه الله: (الصراط ما جمع خمسة أوصاف: أن يكون طريقاً مستقيماً سهلاً مسلوكاً واسعاً موصلاً إلى المقصود؛ فلا تسمّي العربُ الطريقَ المعوجَّ صراطاً ولا الصعب المُشِقّ ولا المسدودَ غير الموصول) .
قال: (وبنوا "الصراط" على زِنَةِ فِعَال لأنَّه مُشْتَمِلٌ على سالكِهِ اشتمالَ الحلقِ على الشيءِ المسرُوط) ا.هـ..
س3: ما الحكمة من حذف متعلّق الإنعام في قوله تعالى: {أنعمت عليهم}؟
أظهر الأقوال أنَّ الحذف للدلالة على العموم في كلّ ما من شأنه حصول تمام الهداية، ولما يحتاجه العبد من الهدايات الكثيرة في كلّ شأن من شؤونهونظيره قوله تعالى: { إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} أقوم في كل شيء وحذف المتعلق لإرادة العموم ليشمل الاستقامة في كل الأمور.
س4: ما الحكمة من تكرار ذكر الصراط؟
الأول معرّفاً باللام، والثاني معرّفاً بالإضافة؛
في كلّ موضع له حكمة ومناسبة وفائدة لا تتحقق في غيره.
الموضع الأول: هو للطريق الصحيح الذي هو أهم للسائل أن يُهدى إليه وهو الصراط المستقيم، المفضي إلى العاقبة الحسنة، وهو طريق واحد كما دلّ عليه معنى التعريف والعهد الذهني.
الموضع الثاني: الصراط بالذين يستأنس باتّباعهم واقتفاء آثارهم وليفيد بأنَّه صراط آمن مسلوك قد سلكه الذين أنعم الله عليهم ففازوا بفضل الله ورحمته وحسن ثوابه.
قال ابن القيّم رحمه الله: (وهذا كما إذا دللت رجلا على طريق لا يعرفها وأردت توكيد الدلالة وتحريضه على لزومها وأن لا يفارقها؛ فأنت تقول: هذه الطريق الموصلة إلى مقصودك، ثم تزيد ذلك عنده توكيدا وتقوية فتقول وهي الطريق التي سلكها الناس والمسافرون وأهل النجاة أفلا ترى كيف أفاد وصفك لها بأنها طريق السالكين الناجين قدرا زائدا على وصفك لها بأنها طريق موصلة وقريبة سهلة مستقيمة فإن النفوس مجبولة على التأسي والمتابعة فإذا ذُكِرَ لها من تتأسى به في سلوكها أَنِسَت واقتحمتها فتأمله) ا.هـ.
وقال ابن عاشور الحكمة من ذكر مرتين أن الصراط المذكور أولا فيه إجمال ليستقر في نفوسهم والثاني مفصلا ليبين حدود الصراط وعلاماته وأحوال السالكين وأحكامهم.
س5: ما سبب توافق السلف في تفسير المراد بالمغضوب عليهم والضالين؟
لأنه صحّ عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه وصف اليهود بأنَّهم مغضوب عليهم، ووصف النصارى بأنّهم ضالون
عديّ بن حاتم الطائي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اليهود مغضوب عليهم، والنصارى ضلال)). رواه أحمد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن خزيمة في التوحيد، وابن حبان والطبراني في الكبير إلا أن من رواته عباد بن حبيش مجهول.
ولذلك توافقت أقوال السلف على تفسير المغضوب عليهم باليهود، وتفسير الضالين بالنصارى.
وهذا لا يقتضي قصر هذا الوصف عليهم؛ لأنه وصف له سبب؛ فمن فعل فعلهم لقي مثل جزائهم.