دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > مجموعة المتابعة الذاتية > منتدى المستوى السابع ( المجموعة الأولى)

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29 شوال 1438هـ/23-07-2017م, 01:44 AM
هيئة الإدارة هيئة الإدارة غير متواجد حالياً
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 29,544
افتراضي تسجيل الحضور اليومي بفوائد علمية مما يدرس في الأسبوع التاسع عشر

تسجيل الحضور اليومي بفوائد علمية مما يدرس في
(الأسبوع التاسع عشر)

*نأمل من طلاب المستوى الأول الكرام أن يسجلوا حضورهم اليومي هنا بذكر فوائد علمية مما درسوه في ذلك اليوم، وسيبقى هذا الموضوع مفتوحاً إلى صباح يوم الأحد.

  #2  
قديم 1 ذو القعدة 1438هـ/24-07-2017م, 12:57 AM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

الثلاثاء 24/10
فتنة القول بخلق القرآن
-نشأة القول بخلق القرآن : أول من أحدثها الجعد بن درهم ، والذي ضحى به خالد القسرى يوم الأضحى جزاء لقوله وزعمه أن الله لم يكلم موسى تكليما .
- ثم أخذ هذه المقالة الجهم بن صفوان ، وتنا قل أقواله في ذلك بعض أهل الكلام وفتحوا بها أبوابا من الفتن على الأمة إنكار الاسماء والصفات وإنكار علو الله ، والقول بخلق القرآن و الجبر والإرجاء ، وقد كفره العلماء وقتله سلم الأحور .
-ثم ظهر بشر بن غياث المريسي، حيث أقبل على علم الكلام ، ودعا الى القول بخلق القرآن .
وكان عالم الجهمية في عصره ، وقد أظهر ضلالاته بعد موت الخلفية هارون الرشيد ، وقد حذر العلماء من بشر المريسي وكفروه ،لكن عنايتة بالكتابة والادب و التفتن في الصياغة قربه من الحكام وأثر فيهم .
وفي عصر المأمون الذي أقبل على علم الكلام وتأثر بالمقتزلة وقربهم ، وأمر بتعريب كتب الفلاسفة من قبرص فزادت البلاد بما طرحته من شبه وممن أشتهر بالمقتزلة : ثمامة النميري وأبو الهذيل العلاف ، وروجو للقول بخلق القران.
و دعا المأمون سنة 212هـ الى فتنة القول بخلق القرآن وقرب أهلى هذا القول .
بداية المحنة في القول بخلق القرآن :
- في عام 218هـ امتحن المأمون العلماء في القول بخلق القرآن ، وارسل للولاه بهددهم بذلك أو بالعزل،
-أول من امتحن بذلك عفان بن مسلم الصفار ، شيخ الامام أحمد ، وعندما سئل عن ذلك قال " وفي السماء رزقكم وما توعدون"
وثم امتحن المأمون مجموعة من العلماء منهم يحى بن معين ، وأبوخيثمة ،والدورقي هابوا المأمون وخانوا معارضته وأجابوا فأطلقوا .
-لما أجابوا تجرأ المأمون على غيرهم وامتحن ابن أبي الحواري ، وأبومسهر الفساني ، الذي امتحنه المأمون عليه وأرهبه بالسيف والنطع فأجاب مترحصا بعذر الاكراه ، ومات في السجن .
# محنة الامام أحمد بن حنبل : امتحن المأمون مجموعة من العلماء أجابوا مصانعة لانه كان يقطع عنهم الوظيفة والرزق من بيت المال ، والافتاء .
وامتحن الامام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح وحملا الى الحبس، ولم يكن يخاف الى من فتنة السوط .
وقد تجهر المأمون بالسيف والنطع تقتل الامام أحمد الذي دعا عليه مضاح الصائح بموت المأمون .
# المحنة في زمن المعتصم بن هارون الرشيد هو أخو المأمون ، ويعد صاحب حرب ، ولا سبيل له بالعلم ، واقتفي أثر أخاه في مسألة خلق القرآن ، وقرب المعتزلة ، وعين ابن أبي دؤاد قاضي القضاه وهو من أشد المعتزلة أذية لأهل السنة .
- اشتد البلاء على أهل السنة بتوليه االمعتصم ، وحرص بن ابي دؤاد على الفتنة وبالغ فيها .
-وأمر ابن ابي داؤاد باحضار الامام أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح مقيدين الى سجن بغداد ،وكانا مريضين ، ومات بن نوح في السجن مقيدا ، وصلى عليه الامام أحمد وكان بن نوح يدعو الامام أحمد الى الثبات والصبر لانه قدوه للناس في ذلك .
-استمر الامام أحمد في السجن سنتين ، وكان يصلي بالسجناء مقيدا ، وكانت رؤوس وأعناق الناس ممتدة له في المحنة .
#المناظرة الكبرى في خلق القرآن حاول سحق بن حنبل عم الامام اخراجه من السجن ، وتوجه الى اسحق المصعبي نائب بغداد ليذكره بفضل عائلة الامام وأدوارهم ، واقترح مناظرة في الشأن خلق القرآن ليخرج الامام من السجن ، وناظرة اثنتين من منظري المعتزلة وهما : ابوشعيب الحجام ومحمد بن رباح مناظرهما ورد عليهما ، ثم سيف الإمام أحمد الى غرفة مظلمة في السجن وزيدت عليه القيود وهو في الخامسة من الخمسين من عمره ،
وناظر الامام أحمد المعتزلة والزامهم بأن من زعم أن علم الله مخلوق فقد كفر ويستدل بقوله " ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم " فلم يردوا عليه وهم قرابه خمسين شخصا وكانوا اذا أوردوا عليه شيئا من علم الكلام لم يرد عليهم ، وان أوردوا عليه من الكتاب والسنة رد عليهم ولم يكن ابن ابي دؤاد ذا علم بل كان يعتمد على برغوث البصري في المجادلة .
واستمرت المحاورة وحجتهم الامام أحمد ولم يردوا عليه ، فصرفهم المعتصم وأصر على رأيه في المسألة ، وأراد ارهاب الامام لانه رأس اهل السنة والناس تبع له ، وكانت المناظرة في رمضان ، واستمرت 3ايام أيام صبيحة 25 من رمضان ، واراد من ابي داواد ارهاب الامام بالقتل ضربا بعد ضرب ان لم يرجع عن رأيه ومن أدلة الامام قوله تعالى :"ألاله الخلق والامر " فغرق بين الخلق والامر " والقرآن من أمر الله تعالى ، قال تعالى " وكذلك أوحينا اليك روحا من أمرنا " وألب المقتزلة للمعتصم قتل الامام أحمد فأشتد في ذلك ، وعزم عليه ، فذكره الامام بجرمه قتل المسلم ، فجعل يضربه السياط من الجلاديين حتى أغمي عليه ، ثم أطلقه بعد .
ذلك الى داره ، ثم لم يعرض له المعتصم حتى مات سنة 226هـ ،
ثم ان الامام عفان المعتصم وغيره الا من كان صاحب بدعه .
#المحنة في زمن الوائق بين المعتصم نشط في المحنة يتأليب من ابن ابي دؤاد وقد امتحن البويطي عالم مصر ، وسجن ومات في السجن سنة 231هـ .
وحبس المروزي ، وكذلك نعيم بن جماد .
وفي زمن الواثق حدثت فتنة أخرى .
وهي عدم قبول فقهاء بغداد بامارة الواثق بسبب رأيه بمسألة خلق القرآن ، وانه مأمر المعلمين بتعليم الصبيان ان القران مخلوق ، فنهاهم الامام عن ذلك خشية الفتنة والفوضى ، وأوصاهم بالانكار في قلوبهم ، ثم ان الواثق أمر الامام بالرحيل والابتعاد عنه وسجن الواثق من لم يقل بخلق القرآن من الائمة والعلماء ، وقتل من العلماء أحمد بن نصر الخزاعي ، وصلب ست سنيين ، كما قتل شيخ أهل الشام "أذنه" و حاور ابن ابي دؤاد وألجمه ، واطمأن الواثق بعد ذلك وكذلك ابن المتوكل .
- في سنة 233هـ رفعت المحنة تماما في زمن المتوكل .

  #3  
قديم 3 ذو القعدة 1438هـ/26-07-2017م, 09:42 PM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

الاثنين 1/11/1438هـ
فتنة اللفظية
ظهرت فتنة اللفظية في إطار فتنة القول بخلق القرآن ، واستمرت قرونا من الزمان ، وامتحن الناس بها .
أول من أشعل فتنة اللفظية : حسين الكرابيسي ، الذي ألف كتابا حط فيه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وانتصر فيه للخوارج والرافضة ، وحذر منه الامام أحمد بن حنبل ، فغضب من ذلك وقال : لفظي بالقرآن مخلوق ، وكان يريد الاثارة والفتنة ،
لابد من التنبة الى :
1- ان القران كلام الله غير مخلوق ، فالكلام ينسب الى من قاله ابتداء ، ولا ينسب الى قارئه ،
2- أن افعال العباد مخلوقة ، وكل ما يصدر عنهم مخلوق ، قال تعالى "والله خلقكم وما تعملون " ، وخالف القدرية فقالوا : العباد يخلقون أفعالهم بأنفسهم .
الخلاصة : أن القرآن كلام الله غير مخلوق ، وافعال العباد مخلوقة ثم جاءت مسألة التلبيس : لفظي بالقرآن مخلوق . فهو كلمة مجملة حمالة وجوه ، وقد فصل الامام احمد الجهمية الى 3 :
1- قالوا القران مخلوق " جمهور المعتزلة "
2- قالوا القران كلام الله ونسكت " الواقفة "
3- قالوا لفظنا بالقران مخلوق من اللفظية .
#بيان الامام احمد والبخاري في مسالة اللفظ بالقران :
-القران الكريم كلام الله " هو آيات بينات في صدور الذين آمنوا"
-والقراءة للقرآن فعل الخلق ، فاقرؤوا ما تيسر منه "
المواقف في مسألة اللفظ :
1- موقف الجهمية المتستره باللفظ ، فمن قال : لفظي بالقران مخلوق وهو انحراف وكفر ،
2- موقف على رأسه " شراك " كان يقول القران كلام الله ، فاذا تلفظنا به كان مخلوقا .
3-موقف داوود الظاهري " قال " اما الذي في اللوح المحفوظ فغير مخلوق ، وأما الذي في ايدي الناس فمخلوق ، وقال القران : محدث ، اي مخلوق ، فنفوا صفة الكلام عن الله سبحانه .
4- جمهور أهل الحديث . الامام احمد البخاري منعوا الكلام في اللفظ لالتباسه، وبدعوا الاقوال السايقة ، وحذروا من حيل الجمهية في ذلك ، وقرروا ان افعال العباد مخلوقة
5- من اهل الحديث : قالوا : اللفظ بالقران غير مخلوق ، وهم يردون أن القران غير مخلوق ومنهم الذهلي شيخ البخاري ,
# اختلاف الافهام في مسـألة اللفظ : وهي تتوقف على مراد القاتل ، حسب اللفظ وهل يراد به المصدر او المفعول ، وحسب التقسيم السابق يكون الحكم .
6- موقف الاشعري والباقلاني ، وان الامام أحمد كره الكلام في اللفظ لان معناه الطرح والرمي وهذا غير لائق . في حق القران .
7 - طوائف زعموا ان ألفاظ القراء بالقران غير مخلوقة ، واختلفوا بعد ذلك ، وهي أقوال مبتدعة ، وباطلة شرعا
#رؤيا أبي حمدون المقرئ : في مسألة اللفظ بالقران ومن تتكلم فيها وعقوبة ذلك الضلال والانحراف .
متى نشأت اللفظية :
اول من ذكرها الكرابيسي سنة 234هــ زمن الواثق ، وهو قول الجهمية المنكر .
#محنة البخاري في مسألة اللفظ: توجه البخاري لخراسان واقام بنيسبور وعمره 62هـ عاما ، واحتفى به أهلها وساله أهلها عن : لفظي بالقران مخلوق ، وحدث نفس الخلاف السابقة والمجادلة الكلامية من الطوائف المنحرفة ، ثم رجع البخاري وحصل مثل ذلك الجدال ، ثم ذهب لخرتنك ورد عليهم بكتاب " خلق أفعال العباد

  #4  
قديم 3 ذو القعدة 1438هـ/26-07-2017م, 10:03 PM
عبدالكريم الشملان عبدالكريم الشملان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثامن
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 680
افتراضي

الثلاثاء 2/ 11/ 1438هـ
اختلاف الفرق في القرآن
أراد أقوام الرد على المعتزلة في علم الكلام والانتصار لأهل السنة ، فوقعوا بأخطاء وأقوال محدثة ، ومنهم :
- ابن كلاب البصري ، جادل المعتزلة ، ولكن ذلك قاده للتسليم ببعض اصولهم الفاسدة ، مع انه نجح في بعض ردوده على المعتزلة وذاع صيته .
- ثم انه وافق المعتزلة في مبدأ امتناع حلول الحوادث به جل وعلا ، وتفسيرهم لذلك يقتضي نفي الكلام عن الله سبحانه .
بل جميع الصفات الفعلية المتعلقة بالمشيئة فخرج بقول : ان القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله تعالى ، وانه ليس بحرف ولا صوت ، ولا تجزأ ولا يتباعض ولا يتفاضل .
نفي ابن كلاب ما يتعلق بمشيئة الله وقدرته من الافعال وغيرها .
# الحارث المحاسبي : تكلم بعلم الكلام ، وهجره الامام أحمد ، وحذر منه ، ولم يشهد جنازه الحارث الا أربعة نفر ،
# ابن حزيمة كان شديدا على الكلابية .
# وأبو الحسن الأشعري عاش عند خاله الجبائي وتأثر به ، ثم إنه رشد وأدرك ضلالة المعتزلة ، وتاب من على المنبر عن الاعتزال ، وأراد الرد على المعتزلة على طريقة ابن كلاب لكن رجع آخر حياته وألف كتابه " الإبانة " :
# البربهاري شيخ الحنابلة في زمانه :
أنكر على الأشعري طريقتة في الرد على المعتزلة .

  #5  
قديم 4 ذو القعدة 1438هـ/27-07-2017م, 07:16 AM
يعقوب دومان يعقوب دومان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 174
افتراضي

من فوائد يوم الأحد 29 / 10 / 1438 هـ الأسبوع التاسع عشر
الدرس التاسع : فتنة الوقف في القرآن
- كان بدء المحنة في سنة 218هـ ، ورُفعت عام 233هـ (يعني دامت خمسة عشر عاماً) لكن رفع المحنة لم يكن رفعا للفتنة فقد أوقف امتحان العلماء في مسألة القول بخلق القرآن ، لكن بقي من المعتزلة قضاة ومفتون وخطباء لهم مجالس وحلقات وكتب ومصنفات يبثّون فيها شبهاتهم ، ويلقنونها تلاميذهم ، وكان لهم تمكّن في بعض البلدان بسبب اتصالهم ببعض الولاة ، وكانوا يعتمدون في إثارة شبهاتهم وتقرير مذاهبهم على ما فُتنوا به من علم الكلام ، فضلوا به وأضلوا كثيراً .
والخليفة المتوكّل على الله لمّا أمر برفع المحنة لم يعزل قاضي القضاة أحمد بن أبي دؤاد بل أقرّه على منصبه مع كراهة الخليفة لمذهبه في القرآن ، ولما أصيب أحمد بن أبي دؤاد بالفالج في جمادى الآخرة سنة 233هـ ولى مكانه ابنه أبا الوليد محمّد ، وبقي في هذا المنصب إلى سنة 237هـ .
ثمّ إن الخليفة غضب عليه وعلى أبيه فعزله وضيّق عليه وحبسه في ديوان الخراج وصادر منه أموالاً طائلة وضياعاً ، ثم أحدرهم إلى بغداد ، وبقوا فيها حتى مات أبو الوليد في شهر ذي الحجة سنة 239هـ ، ومات أبوه بعده بعشرين يوماً في أوّل سنة 240هـ ، ولعلّ هذا من أسباب بقاء بعض من حُبس في المحنة من أهل السنة إلى سنة 237هـ بعد الأمر برفع المحنة بأربع سنين .
والمقصود أنّ بطانة الخليفة المتوكّل قد بقي فيها من الجهمية بقيّة ، حتى إنّهم كانوا يرفعون إلى المتوكّل بأسماء من يريدون توليتهم القضاء ممن هو على شاكلتهم أو يداهنهم .
وكان المتوكّل بعد أن رفعت المحنة يستشير الإمام أحمد فيمن يرفع إليه بتوليتهم القضاء فكان -رحمه الله- ينهى عن تولية أهل البدع .
وكتب المتوكل مرة كتاباً إلى الإمام أحمد يسأله عن جماعة ممن يريد توليتهم القضاء ، فكان أكثرهم من الجهمية ، فبيّن الإمام أحمد حالهم واحداً واحداً ثم قال في خاتمة جوابه لأمير المؤمنين : (أهل البدع والأهواء لا ينبغي أن يُستعان بهم في شيء من أمور المسلمين ، مع ما عليه رأي أمير المؤمنين -أطال الله بقاءه- من التمسك بالسنة والمخالفة لأهل البدع)
- فتنة القول بخلق القرآن بقيت وولّدت فتناً أخرى كثيرة في الأمة طال أمدها وانتشر أثرها ، واتّسع خطرها ، وكانت من أعظم أسباب نشأة الفرق .
- كان أئمة أهل السنة إنما يردّون على المعتزلة وغيرهم بالكتاب والسنة ، ولا يتعاطون علم الكلام في الرد عليهم ، ولا يتشاغلون به ، فسلموا بذلك من فتن كثيرة ، وهذا هو المسلك الصحيح في مثل هذه الفتن .
- نشأ أقوام أرادوا الردّ على المعتزلة والانتصار لأهل السنة بالحجج المنطقية والطرق الكلامية ، فخاضوا فيما نهاهم عنه أهل العلم ، ووقعوا في بدع أخرى ، وخرجوا بأقوال محدثة مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة ، فأنتج كلّ ذلك فتناً عظيمة من أهمّها : فتنة الوقف ، وفتنة اللفظ ، وجرى بسببهما محن ومواقف يطول وصفها ، وظهرت نحل وأهواء لم تكن تعرف من قبل ، كبدعة ابن كلاب والقلانسي وأبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي وغيرهم .
**فتنة الوقف في القرآن**
- الواقفة الذين يقولون : القرآن كلام الله ويقفون ، فلا يقولون : مخلوق ولا غير مخلوق ، وهم على ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : طائفة من الجهمية يتستّرون بالوقف ، وهم في حقيقة أمرهم يقولون بخلق القرآن ، لكنّهم في ظاهر قولهم يقولون بالوقف ويدعون إلى القول به ، وينكرون على من يقول : القرآن غير مخلوق ، وكان زعيم هذه الطائفة في بغداد محمد بن شجاع الثلجي ، وهو جهميّ متكلّم من أصحاب بشر بن غياث المريسي ، ومنهم : أحمد بن المعذّل العبدي ، وكان من كبار فقهاء البصرة في زمانه تفقّه على ابن الماجشون ، وله مصنفات في الفقه .
الصنف الثاني: الذين يقفون شكّاً وتردداً ، فلا يقولون هو مخلوق ولا غير مخلوق لشكّهم في ذلك ، فهؤلاء لم يؤمنوا حقيقةً بكلام الله تعالى ؛ لأن الإيمان يقتضي التصديق ، والشك منافٍ للتصديق الواجب ، فالشاكّ غير مؤمن .
الصنف الثالث: طائفة من أهل الحديث قالوا بالوقف ، وأخطؤوا في ذلك ، ومنهم من دعا إلى القول بالوقف وهم ينكرون على من يقول : إنّ القرآن مخلوق ، ولا يعتقدون أنّ كلام الله مخلوق ، لكنّهم قالوا : إن القول بخلق القرآن قول محدث ، فنحن لا نقول إنّه مخلوق ، ولا نقول إنّه غير مخلوق ، بل نبقى على ما كان عليه السلف قبل إحداث القول بخلق القرآن ، فنقول : القرآن كلام الله ، ونسكت ،
وممن نُسب إليه القول بالوقف من أهل الحديث : مصعب بن عبد الله الزبيري ، وإسحاق بن أبي إسرائيل المروزي ، وبشر بن الوليد الكندي ، وعلي بن الجعد الجوهري ، ويعقوب بن شيبة السدوسي .
- كانت فتنة القول بخلق القرآن فتنة عظيمة ، وكذلك فتنة الوقف كانت فتنة عظيمة ، وكان العامّة أكثر قبولاً للقول بالوقف منهم للقول بخلق القرآن ، فمن وقف من المحدّثين فقد وافق قوله قول الواقفة من الجهمية والشاكّة ، وكان عوناً لهم على التشكيك في كلام الله ، ولذلك أنكر عليهم كبار الأئمة وحذّروا منهم وهجروهم حتى يرجعوا عن قولهم .
قال أبو داوود : سمعت أحمد -وذكر رجلين كانا وقفا في القرآن ودعوا إليه فجعل يدعو عليهما- وقال لي : هؤلاء فتنة عظيمة ، وجعل يذكرهما بالمكروه .

  #6  
قديم 4 ذو القعدة 1438هـ/27-07-2017م, 08:51 AM
يعقوب دومان يعقوب دومان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 174
افتراضي

من فوائد يوم الاثنين 1 / 11 / 1438 هـ الأسبوع التاسع عشر
الدرس العاشر : فتنة اللفظية
- كانت فتنة القول بخلق القرآن فتنة عظيمة ، عمّ بلاؤها عامّة الناس ، وامتحن فيها علماء أهل السنة محنة شديدة ، وذلك بسبب تقريب المأمون ومن تبعه من الخلفاء للمعتزلة ، وتعيين كثير من الولاة والقضاة والكتّاب منهم أو ممن يداهن في هذه المسألة أو يداري ، واجتهادهم في حمل الناس على القول بخلق القرآن ، وأنّه لا يتم الدين إلا به ، وجرت أمور يطول وصفها ، حتى قُتل من قتل من علماء أهل السنة ، وحبس من حُبس ، وضُرب من ضرب ، واستمرّت هذه المحنة بضع عشرة سنة ، حتى فشا هذا القول وانتشر ، وفُتن من العامة كثير ، ونشأ عليه جيل لا يعرفون قولاً ظاهراً غيره ، وكان من يجرؤ على معارضة الخلفاء والقضاة في هذا الأمر يُنال بألوان من الأذى ، حتى إن من كان يريد أن يؤذي أحداً من علماء السنّة أو يتسبب في الإضرار به يشي به إلى القضاة أو الخلفاء بأنّه لا يقول بخلق القرآن ، فكانت تلك تهمة كافية عندهم لتعذيبه والتضييق عليه .
- ظهرت فتنة اللفظية فكانت فتنتها أعظم وأطول مدى من فتنة الوقف ، فإنّها استمرّت قروناً من الزمان وجرى بسببها مِحَن يطول وصفها ، وكان أوّل من أشعل فتنة اللفظية : حسين بن علي الكرابيسي ، وكان رجلاً قد أوتي سعة في العلم فحصّل علماً كثيراً ، وصنّف مصنّفات كثيرة ، وكان له أصحاب وأتباع ، لكنّه وقع في سقطات مردية ، تدلّ على ضعف إدراكه للمقاصد الشرعية ، وضعف السعي في تحقيق المصالح ودرء المفاسد ، والعلم إذا لم يصحبه عقل ورشد كان وبالاً على صاحبه لأنّه ينصرف عن المقاصد السامية للعلم إلى التشغيب على العلماء ومماحكتهم .
ومن ذلك أنّ الكرابيسيّ ألّف كتاباً حطّ فيه على بعض الصحابة وزعم أنّ ابن الزبير من الخوارج ، وأدرج فيه ما يقوّي به جانب الرافضة ، وحطّ على بعض التابعين كسليمان الأعمش وغيره ، وانتصر للحسن بن صالح بن حيّ وكان يرى السيف .
فعرض كتابه على الإمام أحمد وهو لا يدري لمن هو ، فاستبشع بعض ما فيه وحذّر منه الإمام أحمد ، ونهى عن الإخذ عنه ، فبلغ ذلك الكرابيسيَّ فغضب وتنمّر وقال : لأقولنَّ مقالة حتى يقول ابن حنبلٍ بخلافها فيكفر ، فقال: لفظي بالقرآن مخلوق ، وهذه الكلمة أثارت فتنة عظيمة على الأمّة ، وكان الناس بحاجة إلى بيان الحقّ ورفع اللبس ، لا زيادة التلبيس والتوهيم ، وإثارة فتنة كانوا في عافية منها ، وهذا هو الفرق بين مقاصد الربانيين من العلماء ، ومقاصد الذين يريدون الإثارة والتغليط ومماحكة العلماء ومشاغبتهم .
- يجب التفريق بين أمرين عظيمين في مسألة اللفظ :
الأمر الأول : أن القرآن كلام الله تعالى وهو غير مخلوق ، فالقرآن يتلوه القارئ ، ويكتبه الكاتب في المصحف ، ولا يخرج بذلك عن كونه كلام الله ، لأن الكلام يُنسب إلى من قاله ابتداءاً ، فتبين أن القرآن كلام الله تعالى ، وقارئ القرآن إنما يقرأ كلام الله تعالى ، فهذا الكلام يُنسب إلى الله تعالى لا إلى القارئ ، وكلام الله تعالى صفة من صفاته ، وصفات الله تعالى غير مخلوقة .
الأمر الثاني: أنَّ أفعال العباد مخلوقة ، فكما أنَّ ذواتهم مخلوقة ، فكل ما يصدر منهم من قول أو فعل فهو مخلوق .
فيقال في تلخيص هذين الأمرين : القرآن كلام الله تعالى غير مخلوق ، وأفعال العباد مخلوقة .
- قول القائل : لفظي بالقرآن مخلوق ، قد يريد به (ملفوظه) وهو كلام الله الذي تلفّظ به فيكون موافقاً للجهمية الذين يقولون بخلق القرآن ، وقد يريد به (فعلَ العبد) الذي هو القراءة والتلفّظ بالقرآن ؛ لأنَّ اللفظ في اللغة يأتي اسماً ومصدراً ، فالاسم بمعنى المفعول أي الملفوظ ، والمصدر هو التلفظ ، فهي كلمة مجملة حمّالة لوجوه ، ولا نفع في إيرادها ، لأن الناس كانوا أحوج إلى البيان والتوضيح والتصريح بأنَّ القرآن كلام الله غير مخلوق .
قال الإمام أحمد: افترقت الجهمية على ثلاث فرق : فرقة قالوا : القرآن مخلوق ، وفرقة قالوا : كلام الله ، وتسكت ، وفرقة قالوا : لفظنا بالقرآن مخلوق .
فالفرقة الأولى هم جمهور المعتزلة الذين قالوا بخلق القرآن، وأظهروا هذا القول وأشهروه ودعوا إليه ، والفرقة الثانية هم الذين سُمّوا بالواقفة ، والفرقة الثالثة هم اللفظية .
وقد جرت محنة عظيمة للإمام البخاري بسبب هذه المسألة ، ووقعت فتنة بين أصحاب الإمام أحمد بعد وفاته بسب هذه المسألة ، ودخل الغلط على بعض أهل الحديث بسبب هذه المسألة .
وقام الإمام أحمد والإمام البخاري في هذه المسألة بما هو الحقّ فيها ، وإن دقّت عنه أفهام بعض الناس ، وافتتن بها بعضهم .
قال البخاري : جميع القرآن هو قوله [تعالى] والقول صفة القائل موصوف به فالقرآن قول الله عز وجل ، والقراءة والكتابة والحفظ للقرآن هو فعل الخلق لقوله : {فاقرءوا ما تيسر منه} والقراءة فعل الخلق .
وقال الذهبي : ومعلومٌ أنّ التّلفّظ شيءٌ من كسب القارئ غير الملفوظ ، والقراءة غير الشّيء المقروء ، والتّلاوة وحسنها وتجويدها غير المتلوّ ، وصوت القارئ من كسبه فهو يحدث التّلفّظ والصّوت والحركة والنّطق ، وإخراج الكلمات من أدواته المخلوقة ، ولم يُحدث كلمات القرآن ولا ترتيبه ولا تأليفه ولا معانيه .
فلقد أحسن الإمام أبو عبد الله حيث منع من الخوض في المسألة من الطّرفين ، إذ كلّ واحدٍ من إطلاق الخلقيّة وعدمها على اللّفظ موهمٌ ، ولم يأت به كتابٌ ولا سنّةٌ ، بل الّذي لا نرتاب فيه أنّ القرآن كلام الله منزلٌ غير مخلوقٍ ، والله أعلم .
- اختلاف المواقف في مسألة اللفظ:
مسألة اللفظ من المسائل التي كان لها ذيوع وانتشار كبير في عصر الإمام أحمد وبعده بقرون ، وقد اختلفت مواقف الناس اختلافاً كثيراً كلٌّ يفهمها بفهم ويتأوّلها بتأوّل ويبني موقفه على ما فهم وتأوّل :
الموقف الأول : موقف الجهمية المتستّرة باللفظ ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن ، ويتستَّرون باللفظ ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف .
قال عبد الله بن الإمام أحمد : سمعت أبي يقول : كلُّ من يقصد إلى القرآن بلفظ أو غير ذلك يريد به مخلوق فهو جهمي
وكان الإمام أحمد يحمل اللفظية في أوَّل الأمر على هذا المحمل ؛ لأنَّ أهل السنَّة ليسوا بحاجة إلى التلبيس ؛ فهم يصرّحون بأنّ القرآن غير مخلوق ، وأنَّ أفعال العباد مخلوقة ، وكان شديد الحذر من حيل الجهمية ، وما يدخلونه على الناس من الشُّبَه وزخرف القول ، وينهى عن الدخول في علم الكلام للرد عليهم ، وينهى عن استعمال عباراتهم ؛ لأنهم يلبّسون بالألفاظ المجملة .
وقد كانت فتنة الجهمية باللفظ فتنة عظيمة ؛ فلذلك اشتدّ تحذير العلماء من هذه الفتنة .
الموقف الثاني : موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية ، وعلى رأس هؤلاء رجل من أهل الشام يقال له : الشرّاك قال : إن القرآن كلام الله ، فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً ، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق .
الموقف الثالث : موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري ، رأس أهل الظاهر وإمامهم ، وكان رجلاً قد أوتي ذكاءً حادّاً وقوّة بيان وتصرّفاً في الاستدلال ، وكان مولعاً بكتب الشافعيّ في أوّل عمره ، معتنيا بجمع الأقوال ومعرفة الخلاف حتى حصّل علماً كثيراً ، ثم ردّ القياس وادّعى الاستغناء عنه بالظاهر ، وصنّف كتباً كثيرة ، وهو من أصحاب حسين الكرابيسي ، وعنه أخذ مقالته في اللفظ ، لكنّه تأوّلها على مذهبه في القرآن ؛ فإنّ له قولاً في القرآن لم يسبق إليه ، قال: أما الذي في اللوح المحفوظ : فغير مخلوق ، وأما الذي هو بين الناس : فمخلوق ، قال الذهبي : هذه التفرقة والتفصيل ما قالها أحد قبله فيما علمت ، واشتهر أيضا عنه أنه قال : القرآن مُحدث ، وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق؛ لأنّ المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن؛ ويقولون بأن كلّ ما كان بعد أن لم يكن فهو مخلوق ، لذلك نفوا صفة الكلام عن الله تعالى ، فداوود بن علي الظاهري كان مما تكلّم باللفظ لكنّه تأوّله على مذهبه في القرآن ، فهجره الإمام أحمد ، وأمر بهجره .
الموقف الرابع : موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة ، فمنعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه ، وبدّعوا الفريقين ، من قال : لفظي بالقرآن مخلوق ، ومن قال : لفظي بالقرآن غير مخلوق ، واشتدّوا على من قال : لفظي بالقرآن مخلوق ؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن ، وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة .
الموقف الخامس : موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق ، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق ، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة ، وحصل في الأمر التباس عليهم ، وممن نُسب إليه التصريح بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق : محمد بن يحيى الذهلي شيخ البخاري وقاضي نيسابور في زمانه ، وأبو حاتم الرازي ، ومحمد بن داوود المصيصي قاضي أهل الثغر وهو شيخ أبي داوود السجستاني صاحب السنن ، وابن منده ، وأبو نصر السجزي ، وأبو إسماعيل الأنصاري ، وأبو العلاء الهمذاني .
- اختلاف الأفهام في مسألة اللفظ :
مسألة اللفظ من المسائل الغامضة لتوقفها على مراد القائل ، ودخول التأول فيها .
قال ابن تيمية : الأئمة الكبار كانوا يمنعون من إطلاق الألفاظ المبتدعة المجملة المشتبهة ، لما فيه من لبس الحق بالباطل، مع ما توقعه من الاشتباه والاختلاف والفتنة ، بخلاف الألفاظ المأثورة والألفاظ التي بينت معانيها ، فإن ما كان مأثوراً حصلت له الألفة ، وما كان معروفا حصلت به المعرفة ، كما يروى عن مالك رحمه الله أنه قال : إذا قل العلم ظهر الجفاء ، وإذا قلت الآثار كثرت الأهواء ، يعني : إذا لم يكن اللفظ منقولاً ولا معناه معقولاً ظهر الجفاء والأهواء .
الموقف السادس : موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثر بطريقته كأبي بكر بن الطيب الباقلاني ، والقاضي أبي يعلى ، وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر ، وقالوا : إنّ الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ ؛ لأنّ معنى اللفظ الطرح والرمي ، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن .
الموقف السابع : موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة ، وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله ، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران ، واختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال :
فقال بعضهم : إن صوت الربّ حلّ في العبد ، وقال آخرون : ظهر فيه ولم يحلّ فيه ، وقال آخرون : لا نقول ظهر ولا حلّ ، وقال آخرون : الصوت المسموع قديم غير مخلوق ، وقال آخرون : يُسمع منه صوتان مخلوق وغير مخلوق ، وغيرها من الأقوال الباطلة المبتدعة
- متى نشأت اللفظية ؟
قال الذهبي : أول من أظهر اللفظ الحسين بن علي الكرابيسي ، وذلك في سنة أربع وثلاثين ومائتين .
هكذا قال رحمه الله ، والأقرب أنّ نشأة فتنة اللفظية كانت في زمان الخليفة الواثق بن المعتصم لما ذكر أبو داوود السجستاني في مسائله للإمام أحمد ، قال : كتبت رقعة ، وأرسلت به إلى أبي عبد الله ، وهو يومئذ متوار ، فأخرج إلي جوابه مكتوبا فيه : قلت : رجل يقول : التلاوة مخلوقة ، وألفاظنا بالقرآن مخلوقة والقرآن ليس بمخلوق ، ما ترى في مجانبته ؟ وهل يسمى مبتدعا ؟ وعلى ما يكون عَقْدُ القلب في التلاوة والألفاظ ؟ وكيف الجواب فيه ؟
قال : هذا يجانب ، وهو فوق المبتدع ، وما أراه إلا جهمياً ، وهذا كلام الجهمية ، القرآن ليس بمخلوق ، قالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هو الذي أنزل عليك الكتاب ، يريد حديثها» : {هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات} فقالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه ، فاحذروهم ، فإنهم هم الذين عنى الله» والقرآن ليس بمخلوق)ا.هـ.

  #7  
قديم 4 ذو القعدة 1438هـ/27-07-2017م, 09:24 AM
يعقوب دومان يعقوب دومان غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المستوى الثاني
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 174
افتراضي

من فوائد يوم الثلاثاء 2 / 11 / 1438 هـ الأسبوع التاسع عشر
الدرس الحادي عشر : اختلاف الفرق في القرآن
- كان أئمة أهل السنة يردّون على المعتزلة وغيرهم بالكتاب والسنة ، ولا يتعاطون علم الكلام في الرد عليهم ، ولا يتشاغلون به ، فسلموا بذلك من فتن كثيرة ، ثم نشأ أقوام أرادوا الردّ على المعتزلة والانتصار لأهل السنة بالحجج المنطقية والطرق الكلامية ، فخاضوا فيما نهاهم عنه أهل العلم ، ووقعوا في بدع أخرى ، وخرجوا بأقوال محدثة مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة ، كأبي محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري -وكان معاصراً للإمام أحمد بن حنبل- أراد الرد على المعتزلة بمقارعتهم بأصولهم المنطقية وحججهم الكلامية ، فأدّاه ذلك إلى التسليم لهم ببعض أصولهم الفاسدة ، وتمكّن من ردّ بعض قولهم وبيان فساده وإفحام بعض كبرائهم ، فغرّه ذلك ، وصنّف الكتب في الردّ على المعتزلة ، واجتهد في ذلك اجتهاداً بالغاً ، واشتهرت ردوده على المعتزلة ، وإفحامه لبعض كبرائهم ، وانقطاعهم عند مناظرته ، فظنّ بذلك أنّه نصر السنة ، وأعجبت ردودُه ومناظراته بعض من كان مغتاظاً من المعتزلة ، فذاع صيته واشتهر ذكره ، وأشادوا بذكائه وبراعته في المجادلة ، حتى تبعه على طريقته بعض الناس وفتن بها ، فقال ابن كلاب بقول محدث في القرآن ، وهو أنّه القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله تعالى ، وأنّه ليس بحرف ولا صوت ، ولا يتجزأ ولا يتباعض ، ولا يتفاضل ، ووافقه على طريقته في الرد على المعتزلة الحارث بن أسد المحاسبي ، وأبو العباس أحمد بن عبد الرحمن القلانسي ، ثم سلك هذه الطريقة فيما بعد أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري ، وأبو منصور محمد بن محمد الماتريدي ، وامتاز كلّ واحد منهما عن الآخر بأقوال انفرد بها ، وقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة ، وما أحدث من الأقوال ، وحذّروا منه ومن طريقته ، قال ابن خزيمة : كان أحمد بن حنبل من أشد الناس على عبد الله بن سعيد بن كلاب ، وعلى أصحابه مثل الحارث وغيره .
وكان الحارث المحاسبي في أوّل أمره على طريقة أهل السنة وينزع إلى التصوف والكلام في الخطرات والوساوس ودقائق علم السلوك ، وكان يُبكي الناس بمواعظه ، ثم إنّ الحارثَ أعجبته ردود ابن كلاب على المعتزلة فتبعه على قوله ، وتكلّم بشيء من علم الكلام ، فهجره الإمام أحمد وأمر بهجره وحذّر منه ، فهجره أهل الحديث ، حتى إنه لما مات لم يشهد جنازته سوى أربعة نفر .
وأما أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري فإنّه كان معتزلياً في شبابه حتى بلغ الأربعين من عمره ، وقد نشأ في كنف زوج أمّه أبي علي الجبّائي ، وكان الجبّائي من رؤوس المعتزلة في زمانه ، وعنه أخذ الأشعري علمَ الكلام حتى بلغ فيه الغاية عندهم ، وعدّوه إماما من أئمّتهم ، حتى كان الجبّائي ينيبه في بعض مجالسه ، وكان الأشعري تحيك في نفسه أسئلة لا يجد لها جواباً شافياً فيتحيّر فيها ، ويسأل الجبّائيَّ فلا يجد عنده ما يشفيه ، حتى ناظره في مسائل انقطع عنها الجبّائيّ ، وتبيّن للأشعري فساد قول المعتزلة ، وأدرك أنّهم موّهوا على الناس وفتنوهم ، فأعلن توبته من الاعتزال ، والتزم قول أهل السنة وعزم على الانتصار لها والرد على المعتزلة ، لكنّه كان متبحّراً في علم الكلام ، قليل البضاعة في علوم السنّة فخالف أهل السنة وطريقتهم ، وأحدث أقوالاً في مسائل الدين وأصوله لم تكن تعرف من قبل ، ثم إنّه في آخر حياته ألّف كتابه "الإبانة" الذي رجع فيه عن الطريقة الكلامية ، والتزم قول أهل الحديث ،
وهذا رجوع عامٌّ مجمل إلى قول أهل السنة ، ولذلك اختلف في شأنه أهل العلم ، فمنهم من قال إنه رجع رجوعاً صحيحاً إلى مذهب أهل السنة ، ومنهم من ذهب إلى أنّ رجوعه كان رجوعاً مجملاً لم يخل من أخطاء في تفاصيل مسائل الاعتقاد ، وعلى كلّ حال فإنّ أتباعه بقوا على طريقته الأولى ، بل زادوا في أخذهم بالطرق الكلامية ، ولم يزل الانحراف يزداد شيئاً فشيئا حتى عظمت الفتنة بالأشاعرة فيما بعد .
قال الإمام أحمد : لا تجالس صاحب كلام وإن ذب عن السنة فإنه لا يؤول أمره إلى خير ، وقال أبو محمّد البربهاري : احذر صغار المحدثات من الأمور فإن صغار البدع تعود كبارا .
والمقصود أن ابن كلاب على ما لديه من المخالفات والمحدثات كان أقرب إلى أقوال السلف من أبي الحسن الأشعري ، وكان أبو الحسن الأشعري مع ما أحدث أقرب من أتباعه الذين انتحلوا طريقته وزادوا فيها ؛ فإنّ الأشاعرة بعده كانوا على طبقات كل طبقة يكون في بعض متكلميهم من الانحراف والأقوال المحدثة ما ليس عند متقدّميهم ، فازدادوا بذلك بعداً عن السلف وعن طريقة أبي الحسن الأشعري التي كان عليها مع انتسابهم إليه ، وكل ذلك ليعلم أنّ فتنة القول بخلق القرآن كانت فتنة عظيمة ، سرى أثرها في الأمّة وتشعّب ، وكانت سبباً من أسباب تفرّق الفرق وظهور النحل المخالفة لأهل السنة .

  #8  
قديم 5 ذو القعدة 1438هـ/28-07-2017م, 11:17 PM
محمد شحاته محمد شحاته غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 140
افتراضي

فتنة الوقف فى القرآن
رغم رفع المحنة عن الأمة الا ان الفتنة لم تنتهى لوجود قضاه وخطباء من المعتزلة لهم مجالس وكتب ولقربهم من الولاة وحصلت ردود بين أهل السنة والمعتزلة ، ونشأ عن هذه الفتنة فتن أخرى طال أمدها وانتشر أثرها. وكان بسببها نشأة الكثير من الفرق.
فتنة الوقف:
الواقفة هم من يقولون بأن القرآن كلام الله ويقفون فلا يقولون مخلوق ولا غير مخلوق. وهم ثلاث أصناف:
الصنف الأول: طائفة من الجهمية يقولون بخلق القرآن ويتسترون بالوقف و زعيمهم محمد بن شجاع الثلجي ببغداد وكان يضع الأحاديث و يكيد الإمام أحمد عند الخليفة.
وهؤلاء كان خطرهم على العامة أكثر من الجهمية لأنهم يستدرجونهم بما يقولون ويشككونهم في كلام الله.
الصنف الثاني: الذين يقفون في ذلك شكا وترددا. فهؤلاء لم يؤمنوا حقيقة لأن الإيمان هو التصديق والشك مناف له. وقد يعذر الجاهل أو المتلبس بشبهه حتى تقوم عليه الحجة.
الصنف الثالث : طائفة من اهل الحديث قالوا بالوقف وأخطأوا في ذلك وحجتهم أن هذا القول محدث ونبقى على ما كان عليه السلف فى ذلك.
قيل للإمام أحمد: هل هناك رخصة أن يقول رجل: القرآن كلام الله. ويسكت. فقال: ولم يسكت؟ لولا ما وقع فيه الناس كان يسعه السكوت، ولكن حيث تكلموا فيما تكلموا، لأى شيء لا يتكلمون؟
فبيان الايمان الصحيح من البيان الواجب على العلماء وليس من الجدال المنهى عنه. ولو لم يتكلم في المسألة بالباطل لوسعنا السكوت.

  #9  
قديم 5 ذو القعدة 1438هـ/28-07-2017م, 11:19 PM
محمد شحاته محمد شحاته غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 140
افتراضي

فتنة اللفظية:
أول من أنشأ هذه الفتنة حسين بن علي الكرابيسي، وكان رجلا ذو علم لكنه وقع في سقطات تدل على ضعف ادراكه للمقاصد الشرعية، وقد ألف كتابا وضع فيه الأحاديث وحط فيه على بعض الصحابة والتابعين. فلما حذر منه الإمام أحمد، قال: لا قولن مقالة حتى يقول ابن حنبل بخلافها فيكفر، لفظي بالقرآن مخلوق.
فقال الإمام أحمد: بل هو الكافر، وأي شيء قالت الجهمية الا هذا؟ وما ينفعه وقد ناقض كلامه الأخير كلامه الأول.
وهذه المقالة صرح بها الجهمية والمعتزلة في أول الأمر لكنهت لم تشتهر عنهما واشتهر القول بخلق القرآن.
ولبيان بطلان هذا القول يجب أن نفرق بين أمرين:
الأول: القرآن كلام الله غير مخلوق تكلم به ابتداء وهو صفة من صفاته.
وهذا ما خالف فيه الجهمية والمعتزلة.
الثاني: أفعال العباد مخلوقة كما أن ذواتهم مخلوقة ، قال تعالى(والله خلقكم وما تعملون)
وهذا ما خالف فيه القدرية.
فجاءت مسألة اللبس لتخلط بين الأمرين فهي كلمة مجملة حمالة لوجوه استغلها وقال بها الجهمية ليلبسوا على العامة لأنها أخف وقعا فتستروا باللفظ.
وبين البخاري نكارة هذا القول فقال في كتاب خلق أفعال العباد: (حركاتهم وأصواتهم واكتسابهم وكتابتهم مخلوقة، فأما القرآن المتلو المبين المثبت في المصاحف المسطور المكتوب الموعى في القلوب فهو كلام الله ليس بمخلوق، قال الله عز وجل: {بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم}).
وقال البخاري أيضاً: (جميع القرآن هو قوله [تعالى]، والقول صفة القائل موصوف به فالقرآن قول الله عز وجل، والقراءة والكتابة والحفظ للقرآن هو فعل الخلق لقوله: {فاقرءوا ما تيسر منه} والقراءة فعل الخلق).
و قال الإمام أحمد: (افترقت الجهمية على ثلاث فرق: فرقة قالوا: القرآن مخلوق.وفرقة قالوا :كلام الله، وتسكت.وفرقة قالوا: لفظنا بالقرآن مخلوق)
فالفرقة الأولى هم جمهور المعتزلة الذين قالوا بخلق القرآن، وأظهروا هذا القول وأشهروه ودعوا إليه.
والفرقة الثانية هم الذين سُمّوا بالواقفة.
والفرقة الثالثة هم اللفظية.
اختلاف المواقف في مسألة اللفظ:
الموقف الأول: موقف الجهمية المتستّرة باللفظ، وهم الذين يقولون بخلق القرآن، ويتستَّرون باللفظ، وهم نظير الجهمية المتسترة بالوقف.
وهؤلاء فرحوا بهذه المقالة؛ لأنها أخف شناعة عليهم عند العامّة، ولأنّها أقرب إلى قبول الناس لها؛ فإذا قبلوها كانوا أقرب إلى قبول التصريح بخلق القرآن.
الموقف الثاني: موقف طائفة ممن خاض في علم الكلام وتأثّر ببعض قول الجهمية وإن كان كلامهم غيرَ جارٍ على أصول الجهمية فيقولوا : إن القرآن كلام الله؛ فإذا تلفظنا به صار مخلوقاً، وهذا يعود إلى صريح قول الجهمية عند التحقيق.
الموقف الثالث: موقف داوود بن عليّ بن خلف الأصبهاني الظاهري (ت:270هـ) رأس أهل الظاهر وإمامهم، وكان رجلاً قد أوتي ذكاءً حادّاً وقوّة بيان وتصرّفاً في الاستدلال، وكان مولعاً بكتب الشافعيّ في أوّل عمره، ثم ردّ القياس وادّعى الاستغناء عنه بالظاهر، وصنّف كتباً كثيرة.
واشتهر عنه أنه قال: (القرآن مُحدث) وكلمة الإحداث عند المعتزلة تعني الخلق؛ لأنّ المحدث هو ما كان بعد أن لم يكن؛ ويقولون بأن كلّ ما كان بعد أن لم يكن فهو مخلوق.ولذلك نفوا صفة الكلام عن الله جل وعلا، وضلوا في ذلك وكذبوا على الله؛ فإنّ الله تعالى يحدث من أمره ما يشاء ، ويفعل ما يشاء متى يشاء.
وهذه الكلمة "محدث" واردة في القرآن في قوله تعالى: {ما يأتيهم من ذكر من ربّهم محدَث إلا كانوا عنه معرضين}
لكنّها ليست على المعنى الذي أراده المعتزلة من أنّه مخلوق، ولكنّ الله يحدث من أمره ما يشاء؛ فيكون حديثا أي جديداً عند إنزاله أو وقوعه.
الموقف الرابع: موقف جمهور أهل الحديث كالإمام أحمد وإسحاق بن راهويه والبخاري وأبي ثور وجماعة.
فهؤلاء منعوا الكلام في اللفظ مطلقاً لالتباسه؛ وبدّعوا الفريقين: من قال: لفظي بالقرآن مخلوق، ومن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق.
واشتدّوا على من قال: لفظي بالقرآن مخلوق؛ خشية التذرّع بهذا التلبيس إلى إرادة القول بخلق القرآن، وقد جرى من المحنة في القول بخلق القرآن ما جرى فكانوا شديدي الحذر من حيل الجهمية وتلبيسهم.
وبيّنوا أنّ أفعال العباد مخلوقة
قال عبد الله بن الإمام أحمد: (كان أبي رحمه الله يكره أن يتكلم في اللفظ بشيء أو يقال: مخلوق أو غير مخلوق).
وقال ابن تيمية: (ونكتة الأمر أن العبرة بالحقيقة المقصودة لا بالوسائل المطلوبة لغيرها، فلما كان مقصود الرائي أن يرى الوجه مثلا فرآه بالمرآة حصل مقصوده، وقال رأيت الوجه وإن كان ذلك بواسطة انعكاس الشعاع في المرآة، وكذلك من كان مقصوده أن يسمع القول الذي قاله غيره ألف ألفاظه وقصد معانيه، فإذا سمعه منه أو من غيره حصل هذا المقصود، وإن كان سماعه من غيره هو بواسطة صوت ذلك الغير باختلاف الصائتين والقلوب، وإنما أشير إلى المقصود لا إلى ما ظهر به المقصود، كما في الاسم والمسمى، فإن القائل إذا قال: جاء زيد وذهب عمرو لم يكن مقصوده الإخبار بالمجيء والإتيان هو لفظ زيد ولفظ عمرو وإلا كان مبطلا، فكذلك إذا قال القائل هذا)ا.ه.
الموقف الخامس: موقف طائفة من أهل الحديث صرحوا بأنّ اللفظ بالقرآن غير مخلوق، وهم يريدون أنّ القرآن غير مخلوق، وأخطؤوا في استعمال هذه العبارة.
وحصل في الأمر التباس عليهم؛ حتى إنّ منهم من نسب ذلك إلى الإمام أحمد
وهؤلاء :
1. يقولون إن القرآن غير مخلوق.
2. وإن أفعال العباد مخلوقة.
لكنّهم أخطؤوا في إطلاق القول بأن اللفظ بالقرآن غير مخلوق.
وظنوا أنّهم بقولهم: (ألفاظنا بالقرآن غير مخلوقة) يقطعون الطريق على الجهمية الذين يريدون التحيّل باللفظ للقول بخلق القرآن.
قال ابن تيمية: (وكان أهل الحديث قد افترقوا في ذلك، فصار طائفة منهم يقولون: لفظنا بالقرآن غير مخلوق ومرادهم أن القرآن المسموع غير مخلوق، وليس مراده صوت العبد، كما يذكر ذلك عن أبي حاتم الرازي، ومحمد بن داود المصيصي، وطوائف غير هؤلاء.
لموقف السادس: موقف أبي الحسن الأشعري وبعض أتباعه ومن تأثر بطريقته كأبي بكر بن الطيب الباقلاني، والقاضي أبي يعلى.
وهؤلاء فهموا من مسألة اللفظ معنى آخر ؛ وقالوا إنّ الإمام أحمد إنما كره الكلام في اللفظ؛ لأنّ معنى اللفظ الطرح والرمي، وهذا غير لائق أن يقال في حق القرآن.
قال ابن تيمية: (وهؤلاء يجعلون سبب الكراهة كون القرآن لا يلفظ؛ لأن اللفظ الطرح والرمي. ثم هؤلاء منهم من ينكر تكلم الله بالصوت. ومنهم من يقر بذلك)
الموقف السابع: موقف طوائف زعمت أنّ ألفاظ القراء بالقرآن غير مخلوقة؛ وزعموا أن سماعهم لقراءة القارئ هي سماع مباشر من الله، وأنهم يسمعون كلام الله من الله إذا قرأه القارئ كما سمعه موسى بن عمران.
واختلفوا في تفصيل ذلك على أقوال:
فقال بعضهم: إن صوت الربّ حلّ في العبد.
وقال آخرون: ظهر فيه ولم يحلّ فيه.
وقال آخرون: لا نقول ظهر ولا حلّ.
وقال آخرون: الصوت المسموع قديم غير مخلوق.
وقال آخرون: يسمع منه صوتان مخلوق وغير مخلوق.
وهذه الأقوال كلها مبتدعة، لم يقل السلف شيئا منها، وكلها باطلة شرعا وعقلا، ولكن ألجأ أصحابها إليها اشتراك في الألفاظ واشتباه في المعاني.
وقريب من هؤلاء طائفة زعمت أن كلام الله بعينه في المصحف؛ وقد ردّ عليهم البخاري في كتابه خلق أفعال العباد وقال ابن تيميه: (قال أحمد وغيره من السلف: القرآن كلام الله حيث تصرف غير مخلوق ولم يقل أحد من السلف والأئمة إن أصوات العباد بالقرآن غير مخلوقة أو قديمة ولا قال أيضا أحد منهم: إن المداد الذي يكتب به القرآن قديم أو غير مخلوق. فمن قال إن شيئا من أصوات العباد أو أفعالهم أو حركاتهم أو مدادهم: قديم أو غير مخلوق فهو مبتدع ضال مخالف لإجماع السلف والأئمة.)

  #10  
قديم 5 ذو القعدة 1438هـ/28-07-2017م, 11:34 PM
محمد شحاته محمد شحاته غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Jan 2017
المشاركات: 140
افتراضي

اختلاف الفِرَق في القرآن
نشأ أقوام أرادوا الردّ على المعتزلة والانتصار لأهل السنة بالحجج المنطقية والطرق الكلامية؛ فخاضوا فيما نهاهم عنه أهل العلم؛ ووقعوا في بدع أخرى، وخرجوا بأقوال محدثة مخالفة لمنهج أهل السنة والجماعة.
ومن هؤلاء أبو محمد عبد الله بن سعيد بن كلاب البصري (ت: 243هـ)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وابن كلاب لما رد على الجهمية لم يهتدِ لفساد أصل الكلام المحدث الذي ابتدعوه في دين الإسلام بل وافقهم عليه).
فإنّه وافقهم على أصلهم الذي أصّلوه، وهو مبدأ امتناع حلول الحوادث به جلّ وعلا؛ وتفسيرهم لهم يقتضي نفي كلام الله تعالى، بل جميع الصفات الفعلية المتعلّقة بالمشيئة.
فلذلك خرج ابن كلاب بقول محدث في القرآن، وهو أنّه القرآن حكاية عن المعنى القديم القائم بالله تعالى، وأنّه ليس بحرف ولا صوت، ولا يتجزأ ولا يتباعض، ولا يتفاضل إلى آخر ما قال.
وهذا كلّه بسبب أنّه التزم هذا الأصل الذي أصّلوه وهو باطل.
وقد أنكر أئمّة أهل السنة على ابن كلاب طريقته المبتدعة، وما أحدث من الأقوال، وحذّروا منه ومن طريقته.
وقد قيل: إنه رجع عن علم الكلام قبل موته، والله تعالى أعلم.
وأما أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (ت:324هـ)؛ فإنّه كان معتزلياً في شبابه حتى بلغ الأربعين من عمره، دخل جامع البصرة يوم جمعة واعتلى المنبر، وأعلن للناس توبته من الاعتزال، والتزامه قول أهل السنة؛ وعزمه على الانتصار لها، والردّ على المعتزلة، وكان قد امتلأ غيظاً من المعتزلة بسبب تمويههم على الناس بشبهات تبيّن له بطلانها وفسادها وقبح مؤدّاها، وضياع شطر من عمره في أباطيلهم.
لكنّه كان متبحّراً في علم الكلام، قليل البضاعة في علوم السنّة؛ بصيراً بعلل أقوال المعتزلة وتناقضهم وتهافت أقوالهم، وأعجبته طريقة ابن كلاب؛ لقربها من فهمه وإدراكه؛فاجتهد في الرد على المعتزلة ومناظرتهم حتى اشتهرت أخبار مناظراته وردوده، وإفحامه لعدد من أكابرهم بالطرق الكلامية والحجج العقلية المنطقية؛ حتى أحرجهم وصار بعضهم يتجنّب المجالس التي يغشاها الأشعري؛ فعظّمه بعض الناس لذلك، وعدّوه منافحاً عن السنّة، مبطلا لقول خصوم أهل السنة من المعتزلة.
ثمّ إنّه خاض في معامع الردود مدّة من عمره على هذه الطريقة، وهو يظنّ أنه ينصر السنّة المحضة، وهو – وإن كان أقرب إلى السنة من المعتزلة – إلا أنّه قد خالف أهل السنة وطريقتهم، وأحدث أقوالاً في مسائل الدين وأصوله لم تكن تعرف من قبل.
ثم إنّه في آخر حياته ألّف كتابه "الإبانة" الذي رجع فيه عن الطريقة الكلامية ، والتزم قول أهل الحديث.
والأشاعرة بعده كانوا على طبقات؛ كل طبقة يكون في بعض متكلميهم من الانحراف والأقوال المحدثة ما ليس عند متقدّميهم، فازدادوا بذلك بعداً عن السلف وعن طريقة أبي الحسن الأشعري التي كان عليها مع انتسابهم إليه، إلى أن وصل الأمر بمتأخري الأشاعرة كأبي المعالي الجويني وأبي بكر الرازي إلى نفي الصفات الخبرية جملة فلا يثبتون منها إلا ما دلّ على العقل، وجرّدوا القول بتقديم العقل على النقل.
وخلط بعض متأخري الأشاعرة التصوف بالكلام؛ فأنتج لهم ذلك أنواعاً من الأقوال الفاسدة المحدثة، والفتن العظيمة التي سرى أثرها في الأمّة بسبب تعصّب أتباعهم لأقوالهم، وتقريب بعض أصحاب السلطان للقضاة والفقهاء من ينتحلون هذه المذاهب؛ فعظمت الفتنة بهم في القرن السابع والثامن، وانبرى للردّ عليهم أئمة أهل السنة من أمثال شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهما ، ولقوا في ذلك ما لقوا.
فكانت لفتنة خلق القرآن أثرها في تشعّب الأمة، وكانت سبباً من أسباب تفرّق الفرق وظهور النحل المخالفة لأهل السنة.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الحضور, تسجيل

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:54 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir