المجموعة الأولى
س1: : ما الحكمة من تخصيص العرش بالذكر في قوله تعالى: {ذو العرش المجيد} ؟
خص الله تعالى العرش بالذكر لعظمته ، ولأنه أخص المخلوقات بالقرب منه تعالى .. والله عز وجل صاحب العرش العظيم الذي وسع كرسيه السموات والأرض ، هذا الكرسي بالنسبة إلى العرش كحلقة ملقاة في فلاة فما بالنا بالعرش ذاته كيف يكون !! فسبحان الله الملك الجليل العظيم ، الذي خضت كل شئ لعظمته وسلطانه وقهره وعزته .
س2: اذكر الأقوال في المراد بالماء الدافق في قوله تعالى: {خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ (6)}.
تنوع كلام العلماء في المراد بالماء الدافق في قوله تعالى : {خلق من ماء دافق} على النحو التالي :
>> منهم من قال : إنه المني الذي يخرج من بين الصلب والترائب ويحتمل أنه من بين صلب الرجل وترائب المرأة أي ثدياها ..
>> ومنهم من قال : محتمل أن يكون المراد من الماء الدافق : المني الدافق ، وهو مني الرجل ، وأن محله الذي يخرج منه ما بين صلبه وترائبه ، ولعل هذا أولى ، فإنه إنما وصف الله به الماء الدافق أي : مني الرجل لأنه يُحس ويُشاهد دفقه ، وكذلك لفظ الترائب فإنها تستعمل في الرجل ، فترائب الرجل هي بمنزلة الثديين للأنثى ، ولو أريدت الأنثى ، لقال : من بين الصلب والثديين ، والله أعلم ، والذي أوجد الإنسان من ماء دافق ، يخرج من هذا الموضع الصعب ، قادر على رجعه في الآخرة ، وإعادته للبعث والنشور .
>> وقيل أيضا : إن معناه أن الله على رجع الماء المدفوق في الصلب لقادر وإن كان هذا المعنى صحيحا ولكن ليس هو المراد من الآية ، ولهذا قال بعده {يوم تبلى السرائر} : أي يوم تختبر سرائر الصدور .
س3: فسّر قوله تعالى: {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ (1) وأذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (2) وإِذَا الأَرْضُ مُدَّتْ (3) وأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ (4) وأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ (5)}.
تحدثت الآيات عن بعض الأ÷ال التي تحدث عندما يريد الله عز وجل إفناء العالم وإعلان قيام الساعة لمحاسبة المكلفين على ما قدموا ومن تلك الأمور العظام : إنشقاق السماء فيقول الله عز وجل : {إذا السماء انشقت} : أي إذا انفطرت وتمايز بعضها من بعض ، وانتثرت نجومها ، وخسف بشمسها وقمرها ، وتفتت بحيث يظهر من هذا التفتت غمام يسد الأفق {ويوم تشقق السماء بالغمام} وعندما يأمر الله عز وجل السماء بالانشقاق والتصدع فإنها تستجيب لأمره حق الاستجابة وتنقاد له حق الانقياد {وأذنت لربها وحقت} أي أنها استمعت لأمر ربها وأصاخت لخطابه وامتثلت له وأطاعته وحق لها ذلك فهي مسخرة ومدبرة تحت مسخر ملك عظيم لا يُعصى أمره ولا يخالف حكمه {وإذا الأرض مدت} أي رجفت وارتجت ونسفت عليها جبالها ودك ما عليها من نباء ومعالم ، ومدها الله عز وجل مد الأديم حتى صارت واسعة جدا لتسع أهل الموقف على كثرتهم ، فتصير قاعا صفصفا لا عوج فيها ولا أمتا {وألقت ما فيها وتخلت} وذلك بعد نفخ الصور حيث تلفظ الأرض ما بداخلها من كنوز كأمثال الاسطوان من الذهب والفضة وغيرها ، وتُخرج ما فيها من الأموات فيخرجون من أجداثهم إلى وجه الأرض ، وقد تبرأت منهم ومن أعمالهم ، وتخلت عنهم إلى الله عز وجل لينفذ فيهم أمره، عن أبي هريرة رضى الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : تلقى الأرض أفلاذ أكبادها أمثال الأسطوانة من الذهب والفضة ، فيقول القاتل : في هذا قتلت ، ويجيء لقاطع فيقول : في هذا قطعت رحمي ، ويجيء بالسارق فيقول : في هذا قطعت يدي ، ثم يدعونه فلا يأخذون منه شيئا" . {أذنت لربها وحقت} أي : استمعت لما يأمرها به الله عز وجل وأطاعت ، وحق لها أن تتخلى عما في بداخلها وتسمتع لما يريده الله أن يأمرها به .
س4: اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من قوله تعالى : {إن كل نفس لما عليها حافظ}
1/ كل شئ مستسلم لله عز وجل ، فهؤلاء الملائكة الحفظة ما هم إلا خلق من خلق الله يعملون تحت إمرةِ وسلطانِ ملك عظيم لا يُغالب ولا يُمانع ، فهم منقادون لله تمام الانقياض ، فلا يعصون له أمرا وأولى بنا ونحن مكلفون ومجازون عن أفعالنا أن ننقاد لله ونخضع .
2/ إذا كانت الملائكة يحفظون الإنسان بدفع المضار عنه ، كما يحفظون عليه أقواله وأفعاله فإن الحافظ على الحقيقة هو الله جل في علاه ، فحفظ الملائكة هو من حفظ الله عز وجل .. ولذا علينا ألا نعتمد في دفع الضر عنا إلا بالله فالله خير حافظا وهو أرحم الراحمين .
3/ على الإنسان أن يصلح عمله وأن يحسنه لأن عليه من يراقبه ويحصي عليه أعماله .
4/ إذا تيقن الإنسان أنه مجازٌ على كل أفعاله وأقواله ـ فما يلفظ من قول ولا يصدر عنه من فعل إلا لديه رقيب عديد ـ فسيكون ذلك بمثابة رادع قوي له عما قد يقدم عليه من الآثام والذنوب وكما سيدفعه ذلك إلى الاسراع في الأوبة إلى الله عز وجل قبل أن يأتيه يوم لا ينفع فيه ندم .
5/ العاقل هو من ينقاد ويأتمر بأوامر الله وينتهى عما نهاه لينال رضاه ، ومن ثم الفوز بجنة الرضوان ، أما الآبق ، الهالك هو من لا يعبأ بما يقول ولا بما يفعل ، ولم يخطر بباله أمور الآخرة ولا يتفكر في العواقب حتى تأتيه مصيبة الموت فيقول بعدها : يا ليتني قدمت لحياتي .
6/ الآية تذكرة للإنسان بضرورة الاستعداد إلى يوم سيقف فيه بين يدي الله عز وجل ومعه كتابه ـ وهو كل ما أحصته عليه الملائكة الحفظة في الحياة الدنيا ـ ، فإن كان من أهل السعادة أخذ كتابه بيمينه وكان حسابه يسيرا وأما إن كان من أهل الشقاء فسيأخذ كتابه بشماله وهنا ستكون أقصى أمانيه ولن ينالها أن يهلك فتجده يدعوا على نفسه بالهلاك والثبور والحسرة لما سوف يلاقيه من عذاب غير مقطوع عنه إلا أن يشاء الله .
7/ علينا احترام الملائكة وتوقيرهم والاستحياء منهم ، وألا نؤذيهم بسوء ما نفعل ، وهذا ما سيقودنا إلى الحياء من الله عز وجل لأنه أحق بذلك ، فهو مطلع علينا ومطلع على ما في قلوبنا فلا نجعل الله أهون الناظرين إلينا ، ولا نري الله من أنفسنا إلا خيرا .
س5: ما معنى الحساب في قوله تعالى: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَاباً يَسِيراً (8)}؟
الحساب هنا بمعنى : العرض اليسير على الله ، فالله عز يقرر العبد بذنوبه حتى يظن أنه هلك فيقول الله عز وجل له : " إني قد سترها عليك في الدنيا ، فأنا أسترها لك اليوم" .
>> وقال عائشة رضي الله عنها : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس أحد يحاسب إلا هلك ، قال : قلت : يا رسول الله جعلني الله فداك : أليس يقول الله عز وجل {فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا} ، قال : ذاكِ العرض ، يعرض ، من نوقش الحساب هلك" .
>> وفي الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت: قال النبي صلى الله عليه وسلم : " من نوقش الحساب عُذب ، قالت : فقلت : أليس الله يقول : {فسوف يحاسب حسابا يسيرا}؟ قال : ليس ذلك بالحساب ، ولكن ذلك العرض ، من نوقش الحساب يوم القيامة عُذب".