دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > مكتبة علوم الحديث الشريف > جامع متون الأحاديث > المطالب العالية بزوائد المسانيد الثمانية

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 20 جمادى الأولى 1431هـ/3-05-2010م, 03:58 PM
الصورة الرمزية ساجدة فاروق
ساجدة فاروق ساجدة فاروق غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 6,511
افتراضي كتاب السير والمغازي

41 - كتاب السيرة والمغازي
1 - باب مولد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
4205 - قال إسحاق: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، حدّثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق، يقول: حدثني صالح بن إبراهيم، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة، حدثني من شئت من رجال قومي، عن حسان بن ثابت رضي الله عنه قال: إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان، أسمع ما أرى وأعقل، إذ أشرف يهودي على أطم يصرخ بأعلى صوته: يا معشر يهود. فاجتمعوا إليه، فقالوا: ما شأنك؟ فقال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به. قال: فسألت سعيد بن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت: ابن كم كان حسان بن ثابت مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة؟ فقال: ابن ستين سنة.
4206 - أخبرنا وهب بن جرير بن حازمٍ، حدّثنا أبي، قال: سمعت محمّد بن إسحاق، يقول: حدّثني جهم بن أبي الجهم، عن عبد اللّه بن جعفرٍ، أو عن من حدّثه، عن عبد اللّه بن جعفرٍ رضي اللّه عنهما، قال: لمّا ولد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قدمت حليمة بنت الحارث في نسوةٍ من بني سعد بن بكرٍ، يلتمسن الرّضعاء بمكّة، قالت حليمة: فخرجت في أوائل النّسوة على أتانٍ لي قمراء، ومعي زوجي الحارث بن عبد العزّى أحد بني سعد بن بكرٍ، ثمّ أحد بني ناصرة، قد أدمت أتاننا، ومعي بالرّكب شارفٌ، واللّه ما تبضّ بقطرةٍ من لبنٍ، في سنةٍ شهباء، قد جاع النّاس حتّى خلص إليهم الجهد، ومعي ابنٌ لي، واللّه ما ينام ليلنا، وما أجد في ثدييّ شيئًا أعلّله به، إلاّ أنّا نرجو الغيث، وكانت لنا غنمٌ، فنحن نرجوها، فلمّا قدمنا مكّة، فما بقي منّا أحدٌ إلاّ عرض عليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فكرهته، فقلنا: إنّه يتيمٌ، وإنّما يكرم الظّئر ويحسن إليها الوالد، فقلنا: ما عسى أن تصنع بنا أمّه، أو عمّه، أو جدّه؟ فكلّ صواحبي أخذ رضيعًا ولم أجد شيئًا، فلمّا لم أجد غيره رجعت إليه فأخذته، واللّه ما أخذته إلاّ أنّي لم أجد غيره، فقلت لصاحبي: واللّه لآخذنّ هذا اليتيم، من بني عبد المطّلب، فعسى اللّه أن ينفعنا به، ولا أرجع من بين صواحبي ولا آخذ شيئًا، فقال: قد أصبت، قالت: فأخذته، فأتيت به الرّحل، فواللّه ما هو إلاّ أن أتيت به الرّحل، فأمسيت افتل ثدياي باللّبن، حتّى أرويته، وأرويت أخاه، وقام أبوه إلى شارفنا تلك يلمسها، فإذا هي حافلٌ فحلبها، فأرواني، وروي، فقال: يا حليمة تعلمين، واللّه، لقد أصبت نسمةً مباركةً، ولقد أعطى اللّه تعالى عليها ما لم نتمنّ، قالت: فبتنا بخير ليلةٍ شباعًا، وكنّا لا ننام ليلنا مع صبيّنا، ثمّ اغتدينا راجعين إلى بلادنا أنا وصواحبي، فركبت أتاني القمراء، فحملته معي، فوالّذي نفس حليمةٍ بيده، لقطعت بالرّكب، حتّى إنّ النّسوة ليقلن: أمسكي علينا، أهذه أتانك الّتي خرجت عليها؟ فقلت: نعم، فقالوا: إنّها كانت أدمت حين أقبلنا، فما شأنها؟ قالت، فقلت: واللّه لقد حملت عليها غلامًا مباركًا قالت: فخرجنا فما زال يزيدنا اللّه في كلّ يومٍ خيرًا، حتّى قدمنا، والبلاد سنةً، فلقد كانت رعاتنا يسرحون، ثمّ يريحون، فتروح أغنام بني سعدٍ جياعًا، وتروح غنمي شباعًا، بطانًا حفّلاً فتحلب ونشرب، فيقولون: ما شأن غنم الحارث بن عبد العزّى، وغنم حليمة، تروح شباعًا حفّلاً، وتروح غنمكم جياعًا، ويلكم اسرحوا حين تسرح رعاؤكم، فيسرحون معهم، فما تروح إلاّ جياعًا كما كانت، وترجع غنمي كما كانت، قالت: وكان صلى الله عليه وسلم يشبّ شبابًا ما يشبّه أحدٌ من الغلمان، يشبّ في اليوم شباب الغلام في الشّهر، ويشبّ في الشّهر شباب السّنة، فلمّا استكمل سنتين أقدمناه مكّة، أنا وأبوه، فقلنا: واللّه لا نفارقه أبدًا، ونحن نستطيع، فلمّا أتينا أمّه، قلنا لها: أيّ ظئرٍ واللّه ما رأينا صبيًّا قطّ أعظم بركةً منه، وأنّا نتخوّف عليه وباء مكّة وأسقامها، فدعيه، نرجع به حتّى تبرئي من دائك، فلم نزل بها حتّى أذنت، فرجعنا به، فأقمنا أشهرًا ثلاثةً أو أربعةً، فبينا هو يلعب خلف البيوت هو وأخوه في غنمٍ لهم، إذ أتى أخوه يشتدّ، وأنا وأبوه في البيت، فقال: إنّ أخي القرشيّ أتاه رجلان عليهما ثيابٌ بيضٌ، فأخذاه، فأضجعاه فشقّا بطنه، فخرجت أنا وأبوه نشتدّ، فوجدناه قائمًا، قد انتقع لونه، فلمّا رآنا أجهش إلينا، وبكى، قالت: فالتزمته أنا وأبوه فضممناه إلينا، فقلنا: ما لك بأبي أنت وأمّي؟ فقال: أتاني رجلان فأضجعاني، فشقّا بطني فصنع به شيئًا، ثمّ ردّاه كما هو، فقال أبوه: واللّه ما أرى ابني إلاّ وقد أصيب، الحقي بأهله، فردّيه إليهم قبل أن يظهر به ما يتخوّف منه، قال: فاحتملناه، فقدمنا به على أمّه، فلّما رأتنا أنكرت شأننا، وقالت: ما رجعكما به قبل أن أسألكماه، وقد كنتما حريصين على حبسه؟ فقلنا: لا شيء إلاّ أنّ اللّه قد قضى الرّضاعة، وسرّنا ما ترين، وقلنا نؤدّيه كما تحبّون أحبّ إلينا، قال: فقلت: إنّ لكما لشأنًا فأخبراني ما هو، فلم تدعنا حتّى أخبرناها، فقالت: كلاّ واللّه لا يصنع اللّه ذلك به، إنّ لابني شأنًا، أفلا أخبركما خبره؟ إنّي حملت به، فواللّه ما حملت حملاً قطّ، كان أخفّ عليّ منه، ولا أيسر منه، ثمّ رأيت حين حملته، أنّه خرج منّي نورٌ أضاء منه أعناق الإبل ببصرى، أو قالت: قصور بصرى، ثمّ وضعته حين وضعته، فواللّه، ما وقع كما يقع الصّبيان، لقد وقع معتمدًا بيده على الأرض رافعًا رأسه إلى السّماء، فدعاه عنكما، فقبضته وانطلقنا
4206 - أخبرنا يحيى بن آدم، أنبأنا ابن إدريس، حدّثنا محمّد بن إسحاق، حدّثنا جهم بن أبي جهمٍ، عن عبد اللّه بن جعفرٍ، أو عن من حدّثه، عن عبد اللّه بن جعفرٍ، رضي اللّه عنهما، قال: قالت حليمة بنت الحارث، أمّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم السّعديّة: قدمت في نفرٍ من بني سعد بن بكرٍ، نلتمس الرّضعاء بمكّة.... فذكر نحوه
4206 - وقال أبو يعلى: حدّثنا مسروق بن المرزبان، والحسن بن حمّادٍ، ونسخته من حديث مسروقٍ، حدّثنا يحيى بن زكريّا بن أبي زائدة، حدّثنا محمّد بن إسحاق، عن جهم بن أبي الجهم، عن عبد اللّه بن جعفرٍ، رضي اللّه عنهما، عن حليمة بنت الحارث، قالت: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم... فذكره بطوله
4207 - وقال أبو يعلى: حدّثنا يحيى بن عمر بن النّعمان الشّاميّ، حدّثنا محمّد بن يعلى الكوفيّ، حدّثنا عمر بن صبحٍ، عن ثور بن يزيد، عن مكحولٍ، عن شدّاد بن أوسٍ رضي اللّه عنه، قال: بينما نحن جلوسٌ عند رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، إذ أتاه رجلٌ، من بني عامرٍ، وهو سيّد قومه، وكبيرهم، ومدرههم، يتوكّأ على عصًا، فقام بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ونسب النّبيّ صلى الله عليه وسلم إلى جدّه، فقال: يا ابن عبد المطّلب إنّي نبّئت أنّك رسول اللّه إلى النّاس، أرسلك بما أرسل به إبراهيم، وموسى، وعيسى، وغيرهم من الأنبياء، ألا وإنّك تفوّهت بعظيمٍ، إنّما كان الأنبياء والملوك في بيتين من بني إسرائيل، بيت نبوّةٍ، وبيت ملكٍ، ولا أنت من هؤلاء، ولا من هؤلاء، إنّما أنت من العرب ممّن يعبد الحجارة والأوثان، فما لك والنّبوّة؟ ولكلّ أمرٍ حقيقةٌ، فأتني بحقيقة قولك، وبدء شأنك قال: فأعجب النّبيّ صلى الله عليه وسلم مسألته، ثمّ قال: إنّ للحديث الّذي تسأل عنه نبأً ومجلسًا، فاجلس فثنى رجله، وبرك كما يبرك البعير، فقال له النّبيّ صلى الله عليه وسلم: يا أخا بني عامرٍ إنّ حقيقة قولي وبدء شأني دعوة أبي إبراهيم، وبشّر بي أخي عيسى بن مريم، وإنّي كنت بكرًا لأمّي، وإنّها حملتني كأثقل ما تحمل النّساء، حتّى جعلت تشتكي إلى صواحبها بثقل ما تجد، وإنّ أمّي رأت في المنام أنّ الّذي في بطنها نورٌ، قالت: فجعلت أتبع بصري النّور، فجعل النّور يسبق بصري حتّى أضاء لي مشارق الأرض ومغاربها، ثمّ إنّها ولدتني، فلمّا نشأت بغّض إليّ الأوثان، وبغّض إليّ الشّعر، فاسترضعت في بني جشم بن بكرٍ، فبينما أنا ذات يومٍ في بطن وادٍ مع أترابٍ لي من الصّبيان، إذا أنا برهطٍ ثلاثٍ، معهم طشتٌ من ذهبٍ ملآن نورٍ وثلجٍ، فأخذوني من بين أصحابي، وانطلق أصحابي هرابًا، حتّى انتهوا إلى شفير الوادي، فأقبلوا على الرّهط، وقالوا: ما لكم ولهذا الغلام؟ أنّه غلامٌ ليس منّا وهو من بني سيّد قريشٍ، وهو مسترضعٌ فينا من غلامٍ يتيمٍ، ليس له أبٌ فماذا يردّ عليكم قتله؟ ولكن إن كنتم لابدّ فاعلين، فاختاروا منّا أينما شئتم، فلنأتكم فاقبلونا مكانه، ودعوا هذا الغلام، فلم يجيبوهم، فلمّا رأى الصّبيان أنّ القوم لا يجيبونهم، انطلقوا هرابًا مسرعين إلى الحيّ، يعلّمونهم على القوم، فعمد إليّ أحدهم، فأضجعني إلى الأرض إضجاعًا لطيفًا، ثمّ شقّ ما بين صدري إلى منتهى عانتي، وأنا أنظر، فلم أجد لذلك شيئًا، ثمّ أخرج أحشاء بطني، فغسله بذلك الثّلج، فأنعم غسله، ثمّ أعادها في مكانها، ثمّ قام الثّاني، وقال لصاحبه: تنحّ، ثمّ أدخل يده في جوفي، فأخرج قلبي، وأنا أنظر فصدعه، فأخرج منه مضغةً سوداء رمى بها، ثمّ قال بيده يمنةً منه، كأنّه يتناول شيئًا، ثمّ أتى بالخاتم في يده من نور النّبوّة والحكمة، يخطف أبصار النّاظرين دونه، فختم قلبي، فامتلأ نورًا وحتمةً، ثمّ أعاده مكانه، فوجدت برد ذلك الخاتم في قلبي دهرًا، ثمّ قام الثّالث، فنحّى صاحبه، فأمرّ يده بين ثدييّ ومنتهى عانتي، فالتأم ذلك الشّقّ بإذن اللّه تعالى، ثمّ أخذ بيده، فأنهضني من مكاني إنهاضًا لطيفًا، ثمّ قال الأوّل الّذي شقّ بطني: زنوه بعشرةٍ من أمّته، فوزنوني، فرجحتهم، ثمّ قال: زنوه بمائةٍ من أمّته، فوزنوني، فرجحتهم، ثمّ قال: زنوه بألفٍ من أمّته، فوزنوني فرجحتهم، قال: دعوه فلو وزنتموه بأمّته جميعًا لرجح بهم، ثمّ قاموا إليّ فضمّوني إلى صدورهم، وقبّلوا رأسي وما بين عيني، ثمّ قالوا: يا حبيب لم ترع، إنّك لو تدري ما يراد بك من الخير، لقرّت عينك، قال: فبينا نحن كذلك، إذ أقبل الحيّ بحذافيرهم، فإذا ظئري أمام الحيّ، تهتف بأعلى صوتها، وهي تقول: يا ضعيفاه قال: فأكبّوا عليّ يقبّلونني، ويقولون: يا حبّذا من ضعيفٍ ثمّ قالت: واوحيداه قال: فأكبّوا عليّ يقبّلونني، ويقولون: يا حبّذا أنت من وحيدٍ ما أنت بوحيدٍ، إنّ اللّه معك، وملائكته، والمؤمنين من أهل الأرض، ثمّ قالت: يا يتيماه استضعفت من بين أصحابك، فقتلت لضعفك، فأكبّوا عليّ وضمّوني إلى صدورهم، وقبّلوا رأسي، وقالوا: يا حبّذا أنت من يتيمٍ، ما أكرمك على اللّه عزّ وجلّ، لو تعلم ماذا يراد بك من الخير، قال: فوصلوا إلى شفير الوادي، فلمّا بصرت بي ظئري، قالت: يا بنيّ ألا أراك حيًّا بعد، فجاءت حتّى أكبّت عليّ، فضمّتني إلى صدرها، فوالّذي نفسي بيده، إنّي لفي حجرها، قد ضمّتني إليها، وإنّ يدي لفي يد بعضهم، فظننت أنّ القوم يبصرونهم، فإذا هم لا يبصرونهم، فجاء بعض الحيّ، فقال: هذا الغلام أصابه لممٌ، أو طائفٌ من الجنّ، فانطلقوا به إلى الكاهن، ينظر إليه ويداويه، فقلت له: يا هذا ليس بي شيءٌ ممّا تذكرون، أرى نفسي سليمةً، وفؤادي صحيحًا، وليس بي قلبةٌ، فقال أبي وهو زوج ظئري: ألا ترون ابني كلامه صحيحٌ، إنّي لأرجو أن لا يكون بابني بأسٌ، فاتّفق القوم على أن يذهبوا بي إلى الكاهن، فاحتملوني، حتّى ذهبوا بي إليه، فقصّوا عليه قصّتي، فقال: اسكتوا حتّى أسمع من الغلام، فإنّه أعلم بأمره فقصصت عليه أمري من أوّله إلى آخره، فلمّا سمع مقالتي ضمّني إلى صدره، ونادى بأعلى صوته: يا آل العرب، اقتلوا هذا الغلام، واقتلوني معه، فواللاّت والعزّى، لئن تركتموه ليبدّلنّ دينكم، وليسفّهنّ أحلامكم وأحلام آبائكم، وليخالفنّ أمركم، وليأتينّكم بدينٍ لم تسمعوا بمثله، قال: فانتزعني ظئري من يده، قال: لأنت أعته منه، وأجنّ، ولو علمت أنّ هذا يكون من قولك ما أتيتك به، ثمّ احتملوني وردّوني إلى أهلي، فأصبحت معزًى ما فعل بي، وأصبح أثر الشّقّ ما بين صدري إلى منتهى عانتي، كأنّه شراكٌ، فذاك حقيقة قولي وبدء شأني فقال العامريّ: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ أمرك حقٌّ، فأنبئني بأشياء، أسألك عنها، قال صلى الله عليه وسلم: سل عنك، قال: وكان صلى الله عليه وسلم، يقول للسّائلين قبل ذلك: سل عمّا بدا لك فقال يومئذٍ للعامريّ: سل عنك، فكلّمه بلغة بني عامرٍ، فكلّمه بما يعرف، فقال العامريّ: أخبرني يا ابن عبد المطّلب ماذا يزيد في الشّرّ؟ قال صلى الله عليه وسلم: التّمادي قال: فهل ينفع البرّ بعد الفجور؟ قال: نعم، التّوبة تغسل الحوبة، إنّ الحسنات يذهبن السّيّئات، وإذا ذكر العبد ربّه في الرّخاء، أعانه عند البلاء، قال: وكيف ذلك؟ قال: ذلك بأنّ اللّه تعالى، يقول: لا أجمع لعبدي أمنين، ولا أجمع له خوفين، قال: إلى ما تدعو؟ قال: أدعو إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، وأن تخلع الأنداد، وتكفر باللاّت والعزّى، وتقرّ بما جاء من اللّه من كتابٍ ورسولٍ، وتصلّي الصّلوات الخمس بحقائقهنّ، وتصوم شهرًا من السّنة، وتؤدّي زكاة مالك، فيطهّرك اللّه تعالى به، ويطيب لك مالك، وتقرّ بالبعث بعد الموت، وبالجنّة والنّار قال: يا ابن عبد المطّلب فإن أنا فعلت ذلك، فما لي؟ قال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: جنّات عدنٍ تجري من تحتها الأنهار، قال: فهل مع هذا من الدّنيا شيءٌ؟ فإنّه يعجبنا الوطاءة في العيش؟ فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: نعم، النّصر والتّمكين في البلاد قال: فأجاب العامريّ وأناب
2 - باب محبة عبد المطلب جده فيه وبركته صلى الله عليه وسلم في صغره
4208 - قال أبو يعلى: حدّثنا وهب بن بقيّة، أنبأنا خالد، عن داود، عن عباس، عن كندير بن سعيد، عن أبيه قال: حججت في الجاهلية، فإذا رجل يطوف بالبيت وهو يرتجز: رد إلي راكبي محمدًا رده إلي واصطنع عندي يدًا قلت: من هذا؟ قالوا: هذا عبد المطلب بن هاشم ضلت إبل له، فأرسل في إثرها ابنًا له في طلبها، فاحتبس عليه، ولم يرسله في حاجة قط إلا جاء بها. قال: فما برحت حتى جاء محمد صلى الله عليه وسلم وجاء بالإبل، فقال: يا بني، والله لقد حزنت عليك هذه المرة حزنًا، لا تفارقني أبدًا.
أخرجه الحاكم نحوه , وقال في آخره: لقد جزعت عليك يا بني جزعًا لم أجزعه على شيء , والله لا أبعثك في حاجة أبدًا , ولا تفارقني بعد هذا أبدًا.
3 - باب أولية النبي صلى الله عليه وسلم وشرف أصله
4209 - قال ابن أبي عمر: حدّثنا عمر بن خالدٍ، حدّثنا محمّد بن عبد اللّه، عن عبد اللّه بن الفرات، عن عثمان بن الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: إنّ قريشًا كانت نورًا بين يدي اللّه عزّ وجلّ قبل أن يخلق آدم بألفي عامٍ، يسبّح ذلك النّور، فتسبّح الملائكة بتسبيحه، فلمّا خلق اللّه آدم، جعل ذلك النّور في صلبه، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: فأهبطه اللّه إلى الأرض في صلب آدم، فجعله في صلب نوحٍ في السّفينة، وقذف في النّار في صلب إبراهيم، ولم يزل ينقلني من أصلاب الكرام إلى الأرحام، حتّى أخرجني من بين أبويّ، لم يلتقيا على سفاحٍ قطّ
4210 - قال: وحدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّدٍ، قال: أشهد على أبي، أنّه قال: حدّثني عن أبيه، عن جدّه، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم، قال: خرجت من نكاحٍ، ولم أخرج من سفاحٍ، من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمّي، فلم يصبني من سفاح الجاهليّة شيءٌ
4211 - حدّثنا سفيان، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، قال: قال عمر رضي اللّه عنه: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، يقول: كلّ سببٍ ونسبٍ منقطعٌ، غير نسبي وسببي
وحديث المسور، في مناقب فاطمة رضي اللّه عنها
4 - باب عصمة الله تبارك وتعالى رسوله محمدًا صلى الله عليه
وسلم قبل البعثة
4212 - قال إسحاق: أخبرنا وهب بن جريرٍ، حدّثنا أبي، عن ابن إسحاق، حدّثني محمّد بن عبد اللّه بن قيس بن مخرمة، عن الحسن بن محمّد بن عليّ بن أبي طالبٍ، عن أبيه، عن جدّه عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، يقول: ما هممت بقبيحٍ ممّا كان أهل الجاهليّة يهمّون به، إلاّ مرّتين من الدّهر، كلتيهما يعصمني اللّه منهما، قلت ليلةً لفتًى كان معي من قريشٍ بأعلى مكّة في أغنامٍ لأهلها يرعاها: أبصر إلى غنمي حتّى أسمر هذه اللّيلة بمكّة، كما يسمر الفتيان، قال: نعم، فخرجت، فجئت أدنى دارٍ من دور مكّة، سمعت غناءً، وضرب دفوفٍ، ومزامير، فقلت: ما هذا؟ فقالوا: فلانٌ تزوّج فلانة، لرجلٍ من قريشٍ، تزوّج امرأةً من قريشٍ، فلهوت بذلك الغناء وبذلك الصّوت حتّى غلبتني عيني، فما أيقظني إلاّ مسّ الشّمس، فرجعت إلى صاحبي، قال: ما فعلت؟ فأخبرته، ثمّ قلت له ليلةً أخرى مثل ذلك، ففعل، فخرجت فسمعت مثل ذلك، فقيل لي مثل ما قيل لي، فلهوت بما سمعت حتّى غلبتني عيني، فما أيقظني إلاّ مسّ الشّمس، ثمّ رجعت إلى صاحبي، فقال: ما فعلت؟ قلت: ما فعلت شيئًا قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: فواللّه ما هممت بعدها بسوءٍ ممّا يعمل أهل الجاهليّة، حتّى أكرمني اللّه بنبوّته قلت: هكذا رواه محمّد بن إسحاق في السّيرة، وهذه الطّريق حسنةٌ جليلةٌ، ولم أره في شيءٍ من المسانيد الكبار إلاّ في مسند إسحاق هذا، وهو حديثٌ حسنٌ متّصلٌ، ورجاله ثقاتٌ
4213 - وقال الطّيالسيّ حدّثنا عمرو بن ثابتٍ، عن سماكٍ، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، وطلحة، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: نهيت عن التّعرّي
5 - باب شهوده صلى الله عليه وسلم مشاهد المشركين قبل البعثة منكرًا عليهم
4214 - قال أبو يعلى: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا جرير، عن الثوري، عن ابن عقيل، عن جابر رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد مع المشركين مشاهدهم، قال: فسمع ملكين خلفه وأحدهما يقول لصاحبه: اذهب بنا حتى نقوم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال: كيف نقوم خلفه وإنما عهده باستلام الأصنام قبل؟ فلم يعد بعد ذلك يشهد مع المشركين مشاهدهم. قلت: هذا الحديث أنكره الناس على عثمان بن أبي شيبة, فبالغوا, والمنكر فيه قوله عن الملك أنه قال: عهده باستلام الأصنام. فإن ظاهره إنه صلى الله عليه وسلم باشر الاستلام، وليس ذلك مرادًا, بل المراد أن الملك أنكر شهوده لمباشرة المشركين استلامهم أصنامهم.
6 - باب البيان بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما مس الصنم إنما مسه موبخًا لعابديه
4215 - وقال أبو بكرٍ: حدّثنا يعلى بن عبيدٍ حدّثنا صالح بن حيّان، عن ابن بريدة، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: دخل جبريل عليه السّلام المسجد الحرام، فطفق يتقلّب، فبصر بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم نائمًا في ظلّ الكعبة، فأيقظه، فقام صلى الله عليه وسلم وهو ينفض رأسه ولحيته من التّراب، فانطلق به نحو باب بني شيبة، فتلقّاهما ميكائيل، فقال جبريل لميكائيل: ما منعك أن تصافح النّبيّ صلى الله عليه وسلم؟ فقال: أجد من يده ريح النّحاس، فكأنّ جبريل أنكر ذلك، فقال: أفعلت ذلك؟ فكأنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم نسي، ثمّ ذكر، فقال: صدق أخي، مررت أوّل من أمس على إسافٍ ونائلة، فوضعت يدي على أحدهما، فقلت: إنّ قومًا رضوا بكما إلهًا مع اللّه قوم سوءٍ
وقد مضى في مناقب زيد بن عمرو بن نفيلٍ، رضي اللّه عنه، حديث زيد بن حارثة، رضي اللّه عنه: أنّه صلى الله عليه وسلم نهي في الجاهليّة عن مسّ الصّنم
7 - باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم
4216 - قال أبو داود: حدّثنا ابن أبي ذئبٍ، عن صالحٍ، مولى التّوءمة، عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: كان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم شبح الذّراعين، بعيد ما بين المنكبين، أهدب الأشفار، أشفار العين، لم يكن سخّابًا في الأسواق، ولم يكن فاحشًا، ولا متفحّشًا، كان صلى الله عليه وسلم يقبل جميعًا، ويدبر جميعًا
4217 - وقال أبو يعلى: حدّثنا يعقوب بن إبراهيم النّكريّ، حدّثنا عثمان بن عمر، حدّثنا حرب بن سريجٍ حدّثني رجلٌ من بلعدويّة، حدّثني جدّي، قال: انطلقت إلى المدينة، فنزلت عند الوادي، فإذا رجلان بينهما عنزٌ واحدةٌ، إذا المشتري يقول للبائع: أحسن مبايعتي، فلم ألبث أن دعا المشتري، فقال: يا رسول اللّه قل له: يحسن مبايعتي، فمدّ يده، وقال: أموالكم تملكون، إنّي أرجو اللّه تعالى يوم القيامة، لا يطلبني أحدٌ منكم بشيءٍ ظلمته في مالٍ ولا دمٍ، ولا عرضٍ إلاّ بحقّه، رحم اللّه امرأً سهل البيع، سهل الشّراء، سهل الأخذ، سهل العطاء، سهل القضاء، سهل التّقاضي ثمّ مضى، فقلت في نفسي: هذا الهاشميّ الّذي أضلّ النّاس لهو هو فنظرت، فإذا هو رجلٌ حسن الجسم، عظيم الجبهة، دقيق الأنف، دقيق الحاجبين، فإذا ثغرة نحره إلى سرّته مثل الخيط الأسود، شعرٌ أسود، وإذا هو بين طمرين، قال: فدنا منّا، فقال: السّلام عليكم فرددنا عليه، فلم ألبث، فقلت: واللّه لأقصّنّ هذا، فإنّه حسن القول، فتبعته، فقلت: يا محمّد فالتفت إليّ بجميعه، فقال: ما تشاء؟ فقلت: أنت الّذي أضللت النّاس، وأهلكتهم، وصددتهم عمّا كان يعبد آباؤهم؟ قال: ذاك اللّه قلت: ما تدعوا إليه؟ قال: أدعو عباد اللّه إلى اللّه قال: قلت: ما تقول؟ قال: أتشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وتؤمن بما أنزل عليّ، وتكفر باللاّت والعزّى، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة؟ قال: قلت: وما الزّكاة؟ قال: يردّ غنيّنا على فقيرنا، قال: قلت: نعم الشّيء تدعو إليه، قال: فلقد كان وما في الأرض أحدٌ يتنفّس أبغض إليّ منه، فما برح حتّى كان أحبّ إليّ من ولدي ووالديّ ومن النّاس أجمعين، قال: قلت: قد عرفت قال: قد عرفت؟ قلت: نعم، قال: تشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، وتؤمن بما أنزل عليّ؟ قلت: نعم، يا رسول اللّه، إنّي أرد ماءً عليه كثيرٌ من النّاس، فأدعوهم إلى ما دعوتني إليه، فإنّي أرجو أن يتّبعوك؟ قال: نعم، فادعهم فأسلم أهل ذلك الماء رجالهم ونساؤهم، فمسح رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رأسه
4218 - وقال مسدّدٌ: حدّثنا أبو عوانة، عن أبي سعيدٍ الشّاميّ، قال: دخلت مع مولاي على بعض أزواج النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأخرجت إلينا شعرًا أحمر، فقالت: هذا شعر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
8 - باب بناء الكعبة
4219 - قال إسحاق: أخبرنا النّضر بن شميلٍ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن سماك بن حربٍ، عن خالد بن عرعرة، فذكر قصّةً فيها: ثمّ حدّث يعني: عليًّا رضي اللّه عنه، قال: إنّ إبراهيم عليه الصّلاة والسّلام، أمر ببناء البيت، فضاق به ذرعًا، فلم يدر كيف يبني، فأنزل اللّه السّكينة، وهي ريحٌ خجوجٌ، فتطوّقت له مثل الحجفة، فبنى عليها، فكان كلّ يومٍ يبني ساقًا، يعني: بناءً، ومكّة شديدة الحرّ، فلمّا بلغ عليه السّلام موضع الحجر، قال لإسماعيل: اذهب فالتمس حجرًا، فذهب إسماعيل عليه السّلام يطوف في الجبال، ونزل جبريل عليه السّلام بالحجر، فجاء إسماعيل، وقال: من أين هذا؟ فقال: من عند من لا يتّكل على بنائي وبنائك، فوضعه ثمّ انهدم، فبنته العمالقة، ثمّ انهدم فبنته جرهم، ثمّ انهدم فبنته قريشٌ، فلمّا أرادوا أن يضعوا الحجر، تنازعوا فيه، فقالوا: أوّل من يخرج من هذا الباب، باب بني شيبة، فخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقالوا: هذا الأمين، فأمر صلى الله عليه وسلم بثوبٍ فبسطه، فوضعه فيه، وأمر من كلّ قومٍ رجلاً، فأخذ بناحيةٍ من الثّوب، فرفعه، فأخذه النّبيّ صلى الله عليه وسلم فوضعه
4219 - وقال الطّيالسيّ: حدّثنا حمّادٌ، وقيسٌ، وهو ابن الربيع، وسلام، وهو ابن الأحوص، كلهم، عن سماك بن حربٍ، عن خالد بن عرعرة، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: لمّا هدم البيت بعد جرهمٍ، بنته قريشٌ، فلمّا أرادوا أن يضعوا الحجر، تشاجروا، من يضعه؟ فاتّفقوا أن يضعه أوّل من يدخل من هذا الباب، فدخل به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من باب بني شيبة، فأمر بثوبٍ، فوضع الحجر في وسطه، وأمر كلّ فخذٍ أن يأخذوا بطائفةٍ من الثّوب، فرفعوه، وأخذه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
4219 - وقال أبو بكرٍ: حدّثنا أبو الأحوص، عن سماكٍ، عن خالد بن عرعرة، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: لمّا أرادوا أن يرفعوا الحجر، يعني: قريشًا اختصموا فيه، فقالوا: نحن نحكّم بيننا أوّل رجلٍ يخرج من هذه السّكّة، قال: فكان رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أوّل من خرج عليهم، فجعلوه في مرطٍ، ثمّ رفعه جميع القبائل كلّها، ورسول اللّه يومئذٍ رجلٌ شابٌّ، يعني: قبل البعثة
4219 - وقال الحارث: حدّثنا العباس بن الفضل الأزرق ببغداد إملاءً، حدّثنا حماد بن سلمة، عن سماك بن حرب، عن خالد قال: قال رجل لعلي علي رضي الله عنه: أخبرني عن بنائه؟ قال: أوحى الله تعالى إلى إبراهيم، أن ابن لي بيتًا، قال: فضيق على إبراهيم عليه السلام ذرعًا، فأرسل الله تعالى ريحًا يقال لها: السكينة، ويقال: الخجوج، لها عينان ورأس، فأوحى الله تعالى إلى إبراهيم أن يسير إذا سارت، ويقيل إذا قالت، فسارت، حتى انتهت إلى موضع البيت، فتطوقت عليه، مثل الحجفة، وهي بإزاء البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، لا يعودون إليه إلى يوم القيامة، فجعل إبراهيم وإسماعيل يبنيان كل يوم ساقًا فإذا اشتد عليهما الحر، استظلا في ظل الجبل، فلما بلغا موضع الحجر، قال إبراهيم لإسماعيل: ائتني بحجر أضعه، يكون علمًا للناس، فاستقبل إسماعيل الوادي، وجاء بحجر، فاستصغره إبراهيم، ورمى به، وقال: جئني بغيره، فذهب إسماعيل، وهبط جبريل على إبراهيم بالحجر الأسود، فجاء إسماعيل، فقال له إبراهيم: قد جاءني من لم يكلني فيه إلى حجرك. قال: فبنى البيت، وجعل يطوف حوله، ويطوفون ويصلون، حتى ماتوا وانقرضوا، فتهدم البيت فبنته العمالقة، فكانوا يطوفون به حتى ماتوا وانقرضوا، فبنته قريش، فلما بلغوا موضع الحجر اختلفوا في وضعه، فقالوا: أول من يطلع من الباب.... الحديث.
4220 - وقال إسحاق: حدّثنا عبد الرّزّاق، أخبرنا معمرٌ، عن ابن خثيمٍ، عن أبي الطّفيل رضي اللّه عنه قال: كانت الكعبة في الجاهليّة مبنيّةً بالرّضم ليس فيه مدرٌ، وكانت قدر ما يقتحمها العناق، وكانت غير مهولةٍ، إنّما توضع ثيابها عليها، ثمّ تسدل سدلاً عليها، وكان الرّكن الأسود موضوعًا على سورها، باديًا، وكانت ذات ركنين، كهيئة الحلقة، مربّعةً من جانبٍ، ومدوّرةً من جانبٍ، فأقبلت سفينةٌ من أرض الرّوم، حتّى إذا كانوا قريبًا من جدّة، انكسرت السّفينة، فخرجت قريشٌ ليأخذوا خشبها فوجدوا روميًّا عندها، فأخذوا الخشب، فأعطاهم إيّاها، وكانت السّفينة تريد الحبشة، وكان الرّوميّ الّذي في السّفينة تاجرًا، فقدموا بالخشب، وقدموا بالرّوميّ، فقالت قريشٌ: نبني بهذا الخشب بيت ربّنا فلمّا أرادوا هدمه، إذا هم بحيّةٍ على سور البيت بيضاء البطن، سوداء الظّهر، فجعلت كلّما دنا أحدٌ إلى البيت ليهدمه، يأخذ منه حجارته، سعت إليه فاتحةً فاها، فاجتمعت قريشٌ عند المقام، فعجّوا إلى اللّه تعالى، قال: وقالوا: ربّنا، لم ترع، أردنا تشريف بيتك وتزيينه، فإن كنت ترضى بذلك، وإلاّ فما بدا لك فافعل، فسمعوا جوابًا في السّماء، فإذا بطائرٍ أعظم من النّسر، أسود الظّهر، أبيض البطن والرّجلين، فغرز مخالبه في بطن الحيّة، ثمّ انطلق بها يجرّها وذنبها ساقطٌ، حتّى انطلق بها نحو جيادٍ، فهدمتها قريشٌ، فجعلوا يبنونها بحجارة الوادي، تحملها قريشٌ على رقابها، ورفعوها في السّماء عشرين ذراعًا، فبينما النّبيّ صلى الله عليه وسلم يحمل حجارةً من أجيادٍ، وعليه نمرةٌ، فضاقت عليه النّمرة، فذهب بعض النّمرة على عاتقه، فترى عورته من صغر النّمرة، فنودي: يا محمّد خمّر عورتك، فلم ير عريانًا بعد ذلك، وكان بين بنائها وبين ما أنزل اللّه عليه خمس عشرة سنةً، فلمّا كان جيش الحصين بن نميرٍ، فذكر حريقها في زمان ابن الزّبير رضي اللّه عنه قال ابن خثيمٍ: وأخبرني ابن سابطٍ، أنّه لمّا بناها ابن الزّبير، رضي اللّه عنهما، كشفوا عن القواعد، فإذا الحجر فيها مثل الحلقة، مشبّكٌ بعضها ببعضٍ، إذا حرّكت بالعتلة، تحرّك الّذي من النّاحية الأخرى، قال ابن سابطٍ: فأرانيه زيدٌ بعد العشاء في ليلةٍ مقمرةٍ، قال: فرأيتها أمثال الحلقة مشبّكةً أطراف بعضها ببعضٍ، قال معمرٌ: فأخبرني يزيد بن أبي زيادٍ، عن مجاهدٍ، قال: لمّا هدموا البيت في الجاهليّة، حتّى إذا بلغوا موضع الرّكن، خرجت عليهم حيّةٌ، كأنّما عنقها عنق بعيرٍ، فهاب النّاس أن يدنوا منها، فجاء طائرٌ ظلّل نصف مكّة، فأخذها برجليه، ثمّ حلّق بها حتّى قذفها في البحر، قال مجاهدٌ: وخرجوا يومًا، فنزع رجلٌ من البيت حجرًا، فسرق من حلية البيت، ثمّ عاد فسرق، فلصق الحجر على رأسه
4221 - وقال أبو يعلى: حدّثنا موسى، عن محمّد بن أبي الوزير، حدّثنا يحيى بن العلاء، حدّثنا شعيب بن خالدٍ، عن سماك بن حربٍ، عن عكرمة، قال: سمعت ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، يقول: عن أبيه العبّاس رضي اللّه عنه، قال: كنّا ننقل الحجارة إلى البيت، حين بنته قريشٌ، فكانت الرّجال تنقل الحجارة، والنّساء ينقلن الشّيد، والشّيد: ما يجعل بين الصّخر، قال العبّاس رضي اللّه عنه: كنت أنقل أنا، وابن أخي محمّدٌ، فكنّا ننقل على رقابنا، ونجعل أزرنا تحت الصّخر، فإذا غشينا النّاس اتّزرنا، فبينا أنا، ومحمّد بين يديّ، إذ وقع فانبطح، فجئت أسعى، فانتهيت إليه، فإذا هو ينظر إلى السّماء، فقلت له: ما شأنك؟ فقام فاتّزر، فقال صلى الله عليه وسلم: نهيت أن أمشي عريانًا فقال العبّاس رضي اللّه عنه: فكتمت ذلك النّاس، خشية أن يروه جنونًا
9 - باب المبعث
4222 - قال الطّيالسيّ: حدّثنا حمّاد بن سلمة، أخبرني أبو عمران الجونيّ، عن رجلٍ، عن عائشة رضي اللّه عنها: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم اعتكف هو وخديجة شهرًا، فوافق ذلك رمضان، فخرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وسمع السّلام عليك، قالت: قال: وقد ظننت أنّه فجأة الجنّ، فقال: أبشر، فإنّ السّلام خيرٌ، ثمّ أري، صلى الله عليه وسلم يومًا آخر جبريل عليه السّلام على الشّمس، جناحٌ له بالمشرق، وجناحٌ له بالمغرب فهبت منه، قالت: انطلق، يريد أهله، فإذا هو جبريل، عليه السّلام، بينه وبين الباب، فقال: فكلّمني، حتّى آنست به ثمّ وعدني موعدًا، فجئت لموعده، واحتبس عليّ جبريل، عليه السّلام، فلمّا أراد أن يرجع إذا أنا به، وميكائيل، عليه السّلام، فهبط جبريل إلى الأرض، وبقي ميكائيل بين السّماء والأرض، قال: فأخذني جبريل، عليه السّلام، فصلقني لحلاوة القفا، وشقّ عن بطني، فأخرج منه ما شاء اللّه تعالى، ثمّ غسله في طشتٍ من ذهبٍ، ثمّ أعاده فيه، ثمّ كفأني كما يكفأ الإناء، ثمّ ختم في ظهري، حتّى وجدت مسّ الخاتم، ثمّ قال لي: اقرأ باسم ربّك ولم أقرأ كتابًا قطّ، فأخذني بحلقي، حتّى أجهشت بالبكاء، ثمّ قال: اقرأ باسم ربّك الّذي خلق إلى قوله: ما لم يعلم قال صلى الله عليه وسلم: فما نسيت شيئًا بعد، فقال ميكائيل عليه السّلام: تبعته أمّته وربّ الكعبة حتّى جئت إلى منزلي، فما تلقّاني حجرٌ ولا شجرٌ، إلاّ قال: السّلام عليك يا رسول اللّه، حتّى دخلت على خديجة، فقالت: السّلام عليك يا رسول اللّه
4222 - وقال الحارث: حدّثنا داود بن المحبّر، حدّثنا حمّادٌ، عن أبي عمران الجونيّ، عن يزيد بن بابنوس، عن عائشة رضي اللّه عنها، قالت: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم نذر أن يعتكف شهرًا هو وخديجة، فوافق ذلك شهر رمضان، فخرج النّبيّ صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٍ، فسمع: السّلام عليك، قال: فظننتها فجأة الجنّ، فجئت مسرعًا، حتّى دخلت على خديجة، فسجّتني ثوبًا، وقالت: ما شأنك يا ابن عبد اللّه؟ فذكر الحديث بنحوه، إلى أن قال: حتّى انتهينا إلى خمس آياتٍ منها، فما نسيت شيئًا بعد، ثمّ وزنني برجلٍ، فوزنته، ثمّ وزنني بآخر، فوزنته، حتّى وزنت بمائة رجلٍ، فقال ميكائيل، عليه السّلام، من فوقه: تبعته أمّته وربّ الكعبة
4223 - وقال مسدّدٌ: حدّثنا أبو الأحوص، حدّثنا سعيد بن مسروقٍ، عن أبي الضّحى، عن رجلٍ من أسلم، قال: بعث النّبيّ صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاثٍ وأربعين
10 - باب أذى المشركين في أصنامهم
4224 - قال إسحاق: أخبرني شبابة بن سوار المدائني، حدّثنا نعيم بن حكيم، حدّثنا أبو مريم، أنه حدثه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت أنطلق أنا وأسامة بن زيد إلى أصنام قريش التي حول الكعبة، فنأتي العذرات، فنأخذ حريراق بأيدينا، فننطلق به إلى أصنام قريش، فنلطخها، فيصبحون، فيقولون: من فعل هذا بآلهتنا؟ فينطلقون إليها، ويغسلونها باللبن والماء.
إسناده صحيح
4225 - وأخبرنا عثمان بن عمر، حدّثنا ابن أبي ذئبٍ، عن عبد الرّحمن بن مهران، عن عميرٍ، مولى ابن عبّاسٍ، عن أسامة بن زيدٍ، قال: دخلت مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الكعبة، فرأى فيها تصاوير، فقال لي: ابتغ لي ماءً، فأتيته بماءٍ في دلو، فجعل يبلّ به الثّوب، ثمّ يضرب به الصّور، ويقول: قاتل اللّه أقوامًا يصوّرون ما لا يخلقون
11 - باب ما آذى المشركون به النبي صلى الله عليه وسلم وثباته على أمره
4226 - قال أبو بكرٍ: حدّثنا عبد اللّه بن نميرٍ، حدّثنا يزيد بن زياد بن أبي الجعد، حدّثنا أبو صخرة جامع بن شدّادٍ، عن طارق بن عبد اللّه المحاربيّ رضي اللّه عنه، قال: رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مرّتين بسوق ذي المجاز، وأنا في بياعةٍ لي أبيعها، ومرّ وعليه جبّةٌ له حمراء، وهو صلى الله عليه وسلم ينادي بأعلى صوته: أيّها النّاس، قولوا: لا إله إلاّ اللّه، تفلحوا، قال: ورجلٌ يتّبعه بالحجارة، قد أدمى كعبيه وعرقوبيه، ويقول: يا أيّها النّاس، لا تطيعوه، فإنّه كذّابٌ، قلت: من هذا؟ قالوا: هذا غلامٌ من بني عبد المطّلب، قلت: فمن هذا الّذي يتبعه يرميه؟ قالوا: عمّه عبد العزّى، هو أبو لهبٍ، قال: فلمّا ظهر الإسلام قبل المدينة، أقبلنا في ركبٍ من الرّبذة، حتّى نزلنا قريبًا من المدينة.... فذكر الحديث
4227 - وقال أبو يعلى: حدّثنا محمّد بن عبد اللّه بن نميرٍ، حدّثنا يونس بن بكيرٍ، حدّثنا طلحة بن يحيى، عن موسى بن طلحة، حدّثنا عقيل بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال: جاءت قريشٌ إلى أبي طالبٍ، فقالوا: يا أبا طالبٍ، إنّ ابن أخيك يؤذينا في نادينا، وفي مسجدنا، فانهه عن أذانا، فقال: يا عقيل ائتني بمحمّدٍ، فذهبت فأتيته به، فقال: يا ابن أخي إنّ بني عمّك يزعمون أنّك تؤذيهم، فانته عن ذلك، قال: فحلّق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بصره إلى السّماء، فقال: أترون هذه الشّمس؟ قالوا: نعم قال: ما أنا بأقدر على أن أدع لكم ذلك، من أن تشعلوا منها شعلةً، قال: فقال أبو طالبٍ: ما كذبنا ابن أخي، فارجعوا
هذا إسنادٌ حسنٌ
4228 - وقال الحميديّ: حدّثنا سفيان، هو ابن عيينة، حدّثنا الوليد بن كثيرٍ
4228 - وقال أبو يعلى حدّثنا أبو موسى الهرويّ، حدّثنا سفيان، عن الوليد بن كثيرٍ، عن ابن تدرس مولى حكيم بن حزامٍ، عن أسماء بنت أبي بكرٍ رضي اللّه عنه، قالت: إنّهم قالوا لها: ما أشدّ ما رأيت المشركين بلغوا من رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: كان المشركون قعودًا في المسجد، يتذاكرون رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وما يقول في آلهتهم، فبينا هم كذلك، إذ أقبل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقاموا إليه بأجمعهم، فأتى الصّريخ إلى أبي بكرٍ رضي اللّه عنه، فقالوا: أدرك صاحبك، فخرج من عندنا، وإنّ له لغدائر أربعٌ، وهو يقول: ويلكم ﴿أتقتلون رجلا أن يقول ربّي اللّه وقد جاءكم بالبيّنات من ربّكم﴾ قال: فلهوا عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأقبلوا على أبي بكرٍ رضي اللّه عنه، قالت: فرجع إلينا أبو بكرٍ رضي اللّه عنه، فجعل لا يمسّ شيئًا من غدائره، إلاّ جاء معه، وهو يقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام
12 - باب إسلام عمر رضي الله عنه
4229 - قال أبو بكرٍ: حدّثنا يحيى بن يعلى، حدّثنا عبد اللّه بن المؤمّل، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، قال: كان أوّل إسلام عمر رضي اللّه عنه، قال: قال عمر رضي اللّه عنه: ضرب أختي المخاض ليلاً، فخرجت من البيت، فدخلت في أستار الكعبة في ليلةٍ قارّةٍ، قال: فجاء النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فدخل الحجر، وعليه نعلاه، فصلّى ما شاء اللّه، ثمّ انصرف، قال: فسمعت شيئًا لم أسمع مثله، فخرجت فاتّبعته، فقال: من هذا؟ قال عمر: قال صلى الله عليه وسلم: يا عمر ما تتركني ليلاً ولا نهارًا قال: فخشيت أن يدعو عليّ، فقلت: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّك رسول اللّه، قال صلى الله عليه وسلم: يا عمر، استره قلت: لا، والّذي بعثك بالحقّ لأعلننّه كما أعلنت بالشّرك
13 - باب الهجرة إلى الحبشة
4230 - وقال أبو يعلى: حدّثنا محمود بن خداشٍ، حدّثنا إسحاق بن يوسف الأزرق، حدّثنا القاسم بن عثمان أبو العلاء البصريّ، عن أنس بن مالكٍ رضي اللّه عنه، قال: إنّ رجلاً من بني زهرة لقي عمر رضي اللّه عنه، قبل أن يسلم، وهو متقلّدٌ السّيف، فقال: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمّدًا، قال: وكيف تأمن في بني هاشمٍ، أو بني زهرة، وقد قتلت محمّدًا؟ قال: ما أراك إلاّ قد صبوت، وتركت دينك الّذي أنت عليه، قال: أفلا أدلّك على العجب يا عمر؟ إنّ ختنك وأختك قد صبوا، وتركا دينهما الّذي هما عليه، قال: فمشى إليهما ذامرًا قال إسحاق: يعني متغضّبًا، حتّى دنا من الباب، وعندهما رجلٌ يقال له: خبّابٌ، يقرئهما سورة طه، قال: فلمّا سمع خبّابٌ، رضي اللّه عنه حسّ عمر، دخل تحت سريرٍ لهما، فقال: ما هذه الهينمة الّتي سمعتها عندكم؟ قالا: ما عندنا حديثٌ تحدّثنا بيننا، فقال: لعلّكما صبوتما، وتركتما دينكما الّذي أنتما عليه؟ فقال ختنه: يا عمر، أرأيت إن كان الحقّ في غير دينك؟ قال: فأقبل على ختنه، فوطئه وطئًا شديدًا، قال: فدفعته أخته عن زوجها، فضرب وجهها فدمي وجهها، فقالت: أرأيت إن كان الحقّ في غير دينك، أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، قال: فقال عمر، رضي اللّه عنه: أروني هذا الكتاب الّذي كنتم تقرؤون، قال: وكان عمر، رضي اللّه عنه، يقرأ الكتب، فقالت: أخته: لا، أنت رجسٌ، أعطنا موثقًا من اللّه تعالى لتردّنّه علينا، وقم فاغتسل وتوضّأ، قال: ففعل، قال: فقرأ طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلى قوله وأقم الصّلاة لذكري إنّ السّاعة آتيةٌ أكاد أخفيها، فقال عمر، رضي اللّه عنه: دلّوني على محمّدٍ، فلمّا سمع خبّاب، رضي اللّه عنه، كلام عمر رضي اللّه عنه، خرج إليه، فقال: أبشر يا عمر، فإنّي أرجو أن تكون دعوة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لك عشيّة الخميس: اللّهمّ أعزّ الدّين بعمر بن الخطّاب، أو بعمرو بن هشامٍ فقالوا: هو في الدّار الّتي في أصل الصّفا، يعني النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوحى إليه، فانطلق عمر، رضي اللّه عنه، وعلى الباب حمزة بن عبد المطّلب، رضي اللّه عنه وأناسٌ من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فلمّا رأى حمزة، رضي اللّه عنه، وجل القوم من عمر، قال: نعم، هذا عمر، فإن يرد اللّه به خيرًا، يسلم ويتّبع النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وإن يكن غير ذلك يكن قتله علينا هيّنًا، قال: فخرج إليه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأخذ بمجامع ثوبه، وحمائل السّيف، فقال: ما أنت منتهي يا عمر، حتّى ينزل اللّه بك من الخزي والنّكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة، اللّهمّ هذا عمر بن الخطّاب اللّهمّ أعزّ الدّين بعمر فقال عمر: أشهد أنّك رسول اللّه، فأسلم، ثمّ قال رضي اللّه عنه: اخرج يا رسول اللّه
4230 - حدّثنا مجاهد بن موسى، حدّثنا إسحاق الأزرق، فذكر نحوه
4230 - حدّثنا عبد الرّحمن، بالبصرة، حدّثنا إسحاق، فذكر نحوه وأوّله قال صلى الله عليه وسلم، عشيّة الخميس اللّهمّ أعزّ الدّين بعمر بن الخطّاب، أو بعمرو بن هشامٍ قال: فتقلّد عمر، رضي اللّه عنه، السّيف فلقيه رجلٌ وهو من بني زهرة الحديث
4231 - قال أبو يعلى: حدّثنا أبو يعقوب إسحاق بن أبي إسرائيل، حدّثنا النّضر بن شميلٍ، حدّثنا ابن عونٍ، عن عمير بن إسحاق، قال: استأذن جعفر بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال: ائذن لي أن آتي أرضًا أعبد اللّه تعالى فيها لا أخاف أحدًا، فأذن له، فأتى النّجاشيّ، قال: فحدّثني عمرو بن العاص رضي اللّه عنه، قال: فلمّا رأيت مكانه حسدته، قلت: واللّه لأستقتلنّ لهذا وأصحابه، فأتيت النّجاشيّ، فدخلت معه عليه، فقلت: إنّ بأرضك رجلاً ابن عمّه بأرضنا، وإنّه يزعم أنّه ليس للنّاس إلاّ إلهٌ واحدٌ، وأنّك واللّه إن لم تقتله وأصحابه، لا أقطع إليك هذه النّطفة أبدًا، لا أنا ولا أحدٌ من أصحابي، قال: ادعه قلت: إنّه لا يجئ معي، فأرسل معي رسولاً، فجاء فلمّا انتهى إلى الباب، ناديت: ائذن لعمرو بن العاص، فنادى هو من خلفي: ائذن لعبد اللّه، قال: فسمع صوته، فأذن له قبلي، قال: فدخل هو وأصحابه، قال: فأذن لي، فدخلت فإذا هو جالسٌ، فذكر أين كان مقعده من السّرير، فلمّا رأيته جئت حتّى قعدت بين يديه، وجعلته خلف ظهري، وأقعدت بين كلّ رجلين رجلاً من أصحابي، قال: فقال النّجاشيّ: نحروا نحروا، أي تكلّموا، فقال عمرو: إنّ ابن عمّ هذا بأرضنا، وإنّه يزعم أنّه ليس للنّاس إلاّ إلهٌ واحدٌ، وأنّك واللّه إن لم تقتله وأصحابه، لا أقطع هذه النّطفة إليك أبدًا، ولا أحدٌ من أصحابي، قال: فتشهّد، فأنا أوّل من سمعت التّشهّد يومئذٍ، فقال: صدق هو ابن عمّي، وأنا على دينه، قال: فصاح، وقال: أوّه، حتّى قلت: إنّ الحبشة لا تكلّم، قال: أناموسٌ مثل ناموس موسى، ما يقول في عيسى؟ قال: يقول: هو روح اللّه وكلمته، قال: فتناول شيئًا من الأرض، فقال: ما أخطأ شيئًا ممّا قال، ولا هذه، ولولا ملكي لتبعتكم، وقال لي: ما كنت لأبالي أن ألاّ تأتيني أنت ولا أحدٌ من أصحابك أبدًا، وقال لجعفرٍ، رضي اللّه عنه: اذهب فأنت آمنٌ بأرضي، فمن ضربك قتلته، ومن سبّك غرّمته، وقال لآذنه: متى أتاك هذا يستأذن عليّ فأذن له، إلاّ أن أكون عند أهلي، فإن كنت عند أهلي فأخبره، فإن أبي فأذن له، قال: وتفرّقنا فلم يكن أحدٌ أحبّ إليّ من أن أكون لقيته خاليًا من جعفرٍ، فاستقبلني في طريقٍ مرّةً، فلم أر أحدًا، ونظرت خلفي فلم أر أحدًا، قال: فدنوت فأخذت بيده، فقلت: تعلم أنّي أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدًا عبده ورسوله، قال: فقال: هداك اللّه تعالى، فاثبت، قال: وتركني وذهب، قال: فأتيت أصحابي، فكأنّما شهدوا معي، فأخذوني، فألقوا عليّ قطيفةً، أو ثوبًا، فجعلوا يغمّونني، فجعلت أخرج رأسي من هذه النّاحية مرّةً، ومن هذه النّاحية مرّةً، حتّى أفلت وما عليّ قشرةٌ، قال: فلقيت حبشيّةً، فأخذت قناعها، فجعلته على عورتي، فقالت: كذا وكذا، فقلت: كذا وكذا، فأتيت جعفرًا رضي اللّه عنه، فقال: ما لك؟ فقلت: ذهب كلّ شيءٍ لي، حتّى ما ترك عليّ قشرةٌ، وما الّذي ترى عليّ إلاّ قناع حبشيّةٍ، قال: فانطلق، وانطلقت معه، حتّى أتيت إلى باب الملك، فقال: ائذن لحزب اللّه، قال: آذنه، إنّه مع أهله، قال: استأذن، فأستأذن، فأذن له، فقال: إنّ عمرًا قد تابعني على ديني، قال: كلاّ، قال: بلى، قال: كلاّ، قال: بلى، فقال لإنسانٍ: اذهب معه، فإن كان فعل، فلا يقول شيئًا إلاّ كتبته، قال: نعم، فجعل يكتب ما أقول، حتّى ما تركت شيئًا حتّى القدح، ولو أشاء أن آخذ من أموالهم إلى مالي لفعلت هذا إسنادٌ حسنٌ، إلاّ أنّه مخالفٌ للمشهور أنّ إسلام عمرٍو رضي اللّه عنه، كان على يد النّجاشيّ نفسه تفرّد به عمير بن إسحاق، ولم يرو عنه غير عبد اللّه بن عونٍ، وقد قال ابن معينٍ: لا يساوي شيئًا، ووثّقه مرّةً، وفي الجملة يكتب حديثه وقال البزّار: لا نعلمه يروى عن عمرٍو، رضي اللّه عنه إلاّ بهذا الإسناد
4232 - قال إسحاق: أخبرنا الملائي، ثنا زكريا، عن الشعبي قال: كانت الهجرة من الحبشة ليالي خيبر.
14 - باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام واقتراح قريش عليه الآيات
حديث الزبير رضي الله عنه , تقدم في تفسير الشعراء.
15 - باب اعتراف القدماء بأعلام النبوة
4233 - قال أبو بكر بن أبي شيبة: حدّثنا عليّ بن مسهرٍ، عن الأجلح، عن الذّيّال بن حرملة الأسديّ، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، قال: اجتمعت قريشٌ يومًا، فقالوا: انظروا أعلمكم بالسّحر، والكهانة، والشّعر، فليأت هذا الرّجل الّذي قد فرّق جماعتنا، وشتّت أمرنا، وعاب ديننا، فليكلّمه، ولينظر ماذا يردّ عليه، فقالوا: ما نعرف أحدًا غير عتبة بن ربيعة، فقالوا: أنت يا أبا الوليد، فأتاه عتبة، فقال: يا محمّد، أنت خيرٌ أم عبد اللّه؟ فسكت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال: إن كنت تزعم أنّ هؤلاء خيرٌ منك، فقد عبدوا الآلهة الّتي عبت، وإن كنت تزعم أنّك خيرٌ منهم، فتكلّم حتّى نسمع قولك، أما واللّه ما رأينا سخلةً قطّ، أشأم على قومك منك، فرّقت شملنا، وشتّت أمرنا، وعبت ديننا، وفضحتنا في العرب، حتّى لقد طار فيهم أنّ في قريشٍ ساحرًا، وأنّ في قريشٍ كاهنًا، واللّه، ما ننتظر إلاّ مثل صيحة الحبلى أن يقدم بعضنا إلى بعضٍ بالسّيوف، حتّى نتفانى، أيّها الرّجل، إن كان إنّما بك الحاجة، جمعنا لك حتّى تكون أغنى قريشٍ رجلاً واحدًا، وإن كان إنّما بك الباءة فاختر أيّ نساء قريشٍ شئت، فنزوّجك عشرًا، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أفرغت؟ قال: نعم، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم حم تنزيلٌ من الرّحمن الرّحيم حتّى بلغ فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود فقال له عتبة: حسبك، حسبك، ما عندك غير هذا؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا فرجع إلى قريشٍ، فقالوا: ما وراءك؟ قال: ما تركت شيئًا أرى أنّكم تكلّمونه به إلاّ قد كلّمته به، قالوا: فهل أجابك؟ قال: نعم، قال: والّذي نصبها بنيةً، ما فهمت شيئًا ممّا قال، غير أنّه أنذركم صاعقةً مثل صاعقة عادٍ وثمود، قالوا: ويلك، يكلّمك رجلٌ بالعربيّة لا تدري ما قال قال: لا واللّه، ما فهمت شيئًا ممّا قال غير ذكر الصّاعقة
رواه عبدٌ وأبو يعلى جميعًا، عن أبي بكرٍ، وصحّحه الحاكم، من طريق جعفر بن عون، عن الأجلح
16 - باب الإسراء
4234 - قال أبو يعلى حدّثنا زكريّا بن يحيى، حدّثنا نصر بن مزاحمٍ، عن جعفر بن زيادٍ، عن هلال بن مقلاصٍ، عن عبد اللّه بن أسعد بن زرارة، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لمّا عرج بي إلى السّماء، انتهي بي إلى قصرٍ من لؤلؤٍ، فيه فرايص من ذهبٍ يتلألأ، فأوحي إليّ أو فأمرني في عليٍّ بثلاث خصالٍ: بأنّك سيّد المرسلين، وإمام المتّقين، وقائد الغرّ المحجّلين
4235 - حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن عليٍّ الأنصاريّ، حدّثنا ضمرة بن ربيعة، عن يحيى بن أبي عمرٍو الشّيبانيّ، عن أبي صالحٍ، مولى أمّ هانئٍ، عن أمّ هانئٍ رضي اللّه عنها، قالت: دخل عليّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بغلسٍ، فجلس وأنا على فراشي، فقال صلى الله عليه وسلم: شعرت أنّي بتّ اللّيلة في المسجد الحرام، فأتاني جبريل عليه السّلام، فذهب بي إلى باب المسجد، فإذا بدابّةٍ أبيض، فوق الحمار ودون البغل، مضطرب الأذنين، فركبت وكان يضع حافره مدّ بصره، إذا أخذني في هبوطٍ طالت يداه، وقصرت رجلاه، وإذا أخذني في صعودٍ طالت رجلاه وقصرت يداه، وجبريل عليه السّلام، لا يفوتني، حتّى انتهينا إلى باب بيت المقدس، فأوثقته بالحلقة الّتي كانت الأنبياء توثق بها، فنشر لي رهطٌ من الأنبياء، منهم: إبراهيم، وموسى، وعيسى، عليهم السّلام، فصلّيت بهم، وكلّمتهم، وأتيت بإناءين أحمر وأبيض، فشربت الأبيض، فقال لي جبريل، عليه السّلام: شربت اللّبن، وتركت الخمر، لو شربت الخمر لارتدّت أمّتك ثمّ ركبته، فأتيت المسجد الحرام وصلّيت به الغداة، قالت: فتعلّقت بردائه وقلت: أنشدك اللّه يا ابن عمّ أن تحدّث بهذا قريشًا، فيكذّبك من صدّقك فضرب يده على ردائه فانتزعه من يدي، فارتفع عن بطنه، فنظرت إلى عكنةٍ فوق إزاره، كأنّها طيّ القراطيس، فإذا نورٌ ساطعٌ عند فؤاده، كأنّه يخطف بصري، فخررت ساجدةً فلمّا رفعت رأسي إذا هو صلى الله عليه وسلم، قد خرج، فقلت لجاريتي نبعة: ويلك اتبعيه فانظري ماذا يقول، وماذا يقال له فلمّا رجعت نبعة أخبرتني أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم انتهى إلى نفرٍ من قريشٍ في الحطيم، فيهم المطعم بن عديٍّ، وعمرو بن هشامٍ، والوليد بن المغيرة، فقال: إنّي صلّيت اللّيلة العشاء في هذا المسجد، وصلّيت به الغداة، وأتيت فيما بين ذلك بيت المقدس، فنشر لي رهطٌ من الأنبياء منهم إبراهيم، وموسى، وعيسى، عليهم الصّلاة والسّلام، وصلّيت بهم وكلّمتهم فقال عمرو بن هشامٍ كالمستهزئ به: صفهم لي فقال: أمّا عيسى عليه السّلام، ففوق الرّبعة، ودون الطّويل، وعريض الصّدر، ظاهر الدّم، جعد الشّعر، تعلوه صهبةٌ، كأنّه عروة بن مسعودٍ الثّقفيّ، وأمّا موسى عليه السّلام: فضخمٌ آدم، طوالٌ، كأنّه من رجال شنوءة، متراكب الأسنان، مقلّص الشّفة، خارج اللّثة، عابسٌ، وأمّا إبراهيم فواللّه إنّه لأشبه النّاس بي خلقًا، وخلقًا قال: فضجّوا وأعظموا ذلك فقال المطعم بن عديٍّ: كلّ أمرك قبل اليوم، كان أممًا، غير قولك اليوم، أمّا أنا فأشهد أنّك كاذبٌ، نحن نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس، نصعد شهرًا وننحدر شهرًا، تزعم أنّك أتيته في ليلةٍ، واللاّت والعزّى، لا أصدّقك، وما كان الّذي تقول قطّ، وكان للمطعم بن عديٍّ حوضٌ على زمزم أعطاه إيّاه عبد المطّلب، فهدمه، وأقسم باللاّت والعزّى، لا يسقي منه قطرةً أبدًا فقال أبو بكرٍ رضي اللّه عنه: يا مطعم، بئس ما قلت لابن أخيك جبهته وكذّبته أنا أشهد أنّه صادقٌ، فقالوا: يا محمّد فصف لنا بيت المقدس قال: دخلته ليلاً، وخرجت منه ليلاً فأتاه جبريل عليه السّلام فصيّره في جناحه، فجعل يقول: بابٌ منه كذا في موضع كذا، وبابٌ منه كذا في موضع كذا، وأبو بكرٍ رضي اللّه عنه، يقول: صدقت، صدقت قالت نبعة رضي اللّه عنها: فسمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول يومئذٍ: يا أبا بكرٍ، إنّي قد سمّيتك الصّدّيق قالوا: يا مطعم دعنا نسأله عمّا هو أغنى لنا من بيت المقدس، يا محمّد أخبرنا عن عيرنا، فقال صلى الله عليه وسلم: أتيت على عير بني فلانٍ بالرّوحاء، قد أضلّوا ناقةً لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رحالهم، ليس بها منهم أحدٌ، وإذا قدح ماءٍ، فشربت منه، فاسألوهم عن ذلك قالوا: هذه والإله آيةٌ ثمّ انتهيت إلى عير بني فلانٍ، فنفرت منّي الإبل، وبرك منها جملٌ أحمر، عليه جوالق مخيطٌ ببياضٍ، لا أدري أكسر البعير، أم لا، فاسألوهم عن ذلك فقالوا: هذه والإله آيةٌ ثمّ انتهيت إلى عير بني فلانٍ في التّنعيم يقدمها جملٌ أورق، هي ذه تطلع عليكم من الثّنيّة فقال الوليد بن المغيرة: ساحرٌ فانطلقوا، فنظروا، فوجدوا الأمر كما قال صلى الله عليه وسلم، فرموه بالسّحر، وقالوا: صدق الوليد بن المغيرة فيما قال: فأنزل اللّه عزّ وجلّ: ﴿وما جعلنا الرّؤيا الّتي أريناك إلا فتنةً للنّاس والشّجرة الملعونة في القرآن﴾ قلت لأمّ هانئٍ رضي اللّه عنها: ما الشّجرة الملعونة في القرآن؟ قالت: الّذين خوّفوا فلم يزدهم التّخويف إلاّ طغيانًا وكفرًا
4236 - وقال الحارث: حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن أبي حمزة، عن إبراهيم، عن علقمة بن قيسٍ، عن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أتي بالبراق، فركبه خلف جبريل عليه السّلام، فسار بهما فكان إذا أتى على جبلٍ، ارتفعت رجلاه، وإذا هبط ارتفعت يداه فسار بنا في أرضٍ غمّةٍ منتنةٍ، فسار بنا حتّى أفضينا إلى أرضٍ فيحاء طيّبةٍ، فقلت يا جبريل إنّا كنّا نسير في أرضٍ غمّةٍ منتنةٍ حتّى أفضينا إلى أرضٍ فيحاء طيّبةٍ، فقال جبريل عليه السّلام: تلك أرض النّار، وهذه أرض الجنّة، قال: فأتيت على رجلٍ قائمٍ يصلّي، فقال: من هذا يا جبريل معك؟ قال: هذا أخوك محمّدٌ، فرحّب بي ودعا لي بالبركة، وقال: سل لأمّتك اليسر، قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك عيسى، قال: ثمّ سرنا فسمعنا صوتًا وزئيرًا، فأتينا على رجلٍ، فقال: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك محمّدٌ، قال: فرحّب ودعا لي بالبركة، وقال: سل لأمّتك اليسر، قلت: من هذا يا جبريل؟ قال: هذا أخوك موسى، قال: قلت: على من تذمّره وصوته قال: على ربّه، قلت: على ربّه؟ قال: نعم، إنّه يعرف ذلك منه وحدّته، ثمّ سرنا، فرأينا مصابيح، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ فقال: هذه شجرة أبيك إبراهيم، أتدنو منه؟ قلت: نعم قال: فدنونا منه، فرحّب ودعا لي بالبركة، ثمّ مضينا حتّى دخلنا بيت المقدس، فربط الدّابّة بالحلقة الّتي يربط بها الأنبياء، ثمّ دخلنا بيت المقدس، فنشرت لي الأنبياء، من سمّى اللّه منهم ومن لم يسمّ، فصلّيت بهم إلاّ هؤلاء الثّلاثة: موسى وعيسى وإبراهيم عليهم الصّلاة والسّلام
4236 - وقال أبو يعلى: حدّثنا هدبة بن خالدٍ، وشيبان بن فرّوخ قالا: حدّثنا حمّاد بن سلمة
17 - باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
4237 - قال إسحاق: حدّثت عن ابن إسحاق قال: فلما انطلق سراقة راجعًا من طلب النبي صلى الله عليه وسلم وطلب أبي بكر رضي الله عنه، جعل يذكر ما رأى من الفرس، ويذكر ما أصابه من الجهد في طلبهما، فسمع أبو جهل بذلك، فخشي أن يسلم حين رأى ما رآه، فقال في ذلك أبياتًا: بني مدلج إني أخاف سفيهكم سراقة يستغوي لنصر محمد عليكم به ألا يفارق جمعكم فيصبح شتى بعد عز وسؤدد يظن سفيه الحي أن جاء بشبهة على واضح من سنة الحق مهتد فأنى يكون الحق ما قال إن غدا ولم يأت بالحق المبين المسدد ولكنه ولى غريبًا بسخطه إلى يثرب منا، فيا بعد مولد ولو أنه لم يأت يثرب هاربًا لأشجاه وقع المشرفي المهند فأجابه سراقة فيما قال، فقال: أبا الحكم الله لو كنت شاهدًا لأمر جوادي إذ تسيخ قوائمه عجيب ولم تشكك بأن محمدًا أتانا ببرهان فمن ذا يكاتمه عليك فكف القوم عنه فإنني أرى أمره يومًا ستبدوا معالمه بأمر يود النصر فيه ويا لها لو أن جميع الناس طرًا تسالمه
4238 - وقال أبو يعلى: حدّثنا موسى بن محمّد بن حيّان، حدّثنا أبو عليٍّ الحنفيّ، حدّثنا موسى بن مطيرٍ، حدّثني أبي، عن عائشة، رضي اللّه عنها، قالت: حدّثني أبو بكرٍ رضي اللّه عنه، قال: جاء رجلٌ من المشركين، حتّى استقبل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعورته يبول، فقلت: يا رسول اللّه أليس الرّجل يرانا؟ قال صلى الله عليه وسلم: لو رآنا لم يستقبلنا بعورته، يعني: وهما في الغار
4239 - وقال ابن أبي عمر: حدّثنا سفيان، عن ابن جدعان قال: كان أسنّ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - يعني في الهجرة - أبو بكر الصديق، وسهل بن بيضاء رضي الله عنهما.
18 - باب بيعة العقبة
4240 - قال أبو بكر: حدّثنا عيسى - هو ابن يونس - عن ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر رضي الله عنه قال: لقد لبثنا بالمدينة سنتين، قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمر المساجد، ونقيم الصلاة.
4241 - حدّثنا معاوية بن هشامٍ، حدّثنا سفيان، عن داود، عن الشّعبيّ، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، قال: لمّا لقي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم النّقباء من الأنصار، قال لهم: تؤووني وتمنعوني قالوا: فما لنا؟ قال صلى الله عليه وسلم: لكم الجنّة مختصرٌ
صحيحٌ أخرجوه مطوّلاً
4241 - وقال أبو يعلى: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة
19 - من باب الهجرة
4242 - قال أبو بكرٍ حدّثنا أسود بن عامرٍ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيدٍ، عن الحسن، قال: إنّ سراقة بن مالكٍ المدلجيّ، حدّثهم أنّ قريشًا جعلت في رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأبي بكرٍ أربعين أوقيّةً، قال: فبينما أنا جالسٌ، إذ جاءني رجلٌ، فقال: إنّ الرّجلين اللّذين جعلت فيهما قريشٌ ما جعلت، قريبان منك في مكان كذا وكذا، قال: فأتيت فرسي، وهو في المرعى، فنفرت به، ثمّ أخذت رمحي، فركبته، قال: فجعلت أجر الرّمح مخافة، أن يشركني فيها أهل الماء، قال: فلمّا رأيتهما، قال أبو بكرٍ رضي اللّه عنه: باغٍ يبغينا، قال: فالتفت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: اللّهمّ اكفناه بما شئت قال: فوحل بي فرسي، وإنّي لفي جلدٍ من الأرض، فوقعت على حجرٍ، فانفلت، فقلت: ادع الّذي فعل ما أرى أن يخلّصه، وعاهده أن لا يعصيه أبدًا، قال: فدعا صلى الله عليه وسلم له، فخلّص الفرس، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم له: أواهبه أنت لي؟ قال: نعم فقال: هاهنا عمّ عنّا النّاس، وأخذ السّاحل ممّا يلي البحر، قال: فكنت لهم أوّل النّهار طالبًا، وآخر النّهار لهم مسلحةً، وقال صلى الله عليه وسلم: إذا استقررنا بالمدينة، فإن رأيت أن تأتينا فأتنا فلمّا قدم صلى الله عليه وسلم المدينة، وظهر على أهل بدرٍ وأحدٍ، وأسلم من حوله قال سراقة: وبلغني أنّه يريد أن يبعث صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد رضي اللّه عنه إلى بني مدلجٍ، أتيته فذكر الحديث الماضي في تفسير سورة النّساء
4242 - وقال الحارث: حدّثنا بشر بن عمر الزّهرانيّ، حدّثنا حمّاد بن سلمة بطوله وقد أخرج البخاريّ هذا الحديث المذكور بمعناه من وجهٍ آخر عن سراقة رضي اللّه عنه، وفي هذا مغايرةٌ في مويضعاتٍ
4243 - وقال أبو يعلى حدّثنا جعفر بن حميدٍ، حدّثنا عبيد اللّه بن إيادٍ، عن أبيه، عن قيس بن النّعمان رضي اللّه عنه، قال: لمّا انطلق النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وأبو بكرٍ رضي اللّه عنه، مستخفيين في الغار، مرّا بعبدٍ يرعى غنمًا، فاستسقياه من اللّبن، فقال: واللّه، ما لي شاةٌ تحلب غير أنّ هاهنا عناقًا، حملت أوان الشّتاء، فما بقي لها لبنٌ، وقد اهتجنت، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ائتنا بها فدعا عليها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالبركة، ثمّ حلب عسًّا، فسقى أبا بكرٍ، رضي اللّه عنه، ثمّ حلب آخر، فسقى الرّاعي، ثمّ حلب فشرب، صلى الله عليه وسلم، فقال العبد: باللّه، من أنت؟ ما رأيت مثلك قطّ، قال: أوتراك إن أخبرتك تكتم عليّ؟ قال: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: فإنّي محمّدٌ رسول اللّه قال: أنت الّذي تزعم قريشٌ أنّك صابئٌ؟ قال صلى الله عليه وسلم: إنّهم ليقولون ذلك قال: فإنّي أشهد أنّك لرسول اللّه، وأنّ ما جئت به حقٌّ، وأنّه ليس يفعل ما فعلته إلاّ نبيٌّ، ثمّ قال: أتّبعك؟ قال صلى الله عليه وسلم: لا، حتّى تسمع أنّا قد ظهرنا، فإذا بلغك ذلك فاخرج فتبعه بعد ما خرج من الغار
20 - باب سرية نخلة
حديث عامر بن ربيعة في قصة عمرو بن سراقة رضي الله عنه , تقدم في كتاب الزهد , في باب عيش السلف.
21 - باب غزوة بدر
4244 - قال مسدّدٌ: حدّثنا يحيى أو خالد - شك معاذ بن المثنى الراوي عن مسدد - حدّثنا عمرو بن يحيى بن عمارة، عن عمرو بن عامر بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: كانت صبيحة بدر يوم الاثنين لسبع عشرة مضت من رمضان.
4245 - وقال إسحاق: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، حدّثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يقول: حدثني عبد الله بن أبي بكر، عن بعض بني ساعدة، عن أبي أسيد: مالك بن ربيعة رضي الله عنه أنه قال بعد ما ذهب بصره: لو كنت أبصر لأريتك الآن ببدر الشعب الذي خرجت منه الملائكة، لا أشك ولا أتمارى.
4246 - أخبرنا عمرو بن محمّدٍ، حدّثنا أبو بكرٍ الهذليّ، عن أبي المليح، حدّثني عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن مسعودٍ، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: دفعت إلى أبي جهلٍ يوم بدرٍ، فدنوت منه، فضربته، فقتله اللّه تعالى، فأتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فحدّثته، ووجدت عقيل بن أبي طالبٍ عنده أسيرًا، فقال: أنت قتلته؟ فقلت: نعم، فقال: كذبت، فقلت: يا عدوّ اللّه، أأنت تكذّبني؟ قال: فما رأيت به؟ قلت: رأيت بفخذه حلقةً مثل حلقة البعير، قال: صدقت، هي كيّة نارٍ اكتوى بها من الشّوكة قال: وأبو جهلٍ، يقول: ما تنقم الحرب العوان منّي بازلٌ عامين سديسٌ سنّي لمثل هذا ولدتني أمّي قلت: قصّة أبي جهلٍ رواها أبو داود وغيره، من حديث أبي عبيدة، عن أبيه بغير هذا السّياق وهذا الإسناد ضعيفٌ
4247 - أخبرنا عمرو بن محمّدٍ، ويحيى بن آدم، قالا: حدّثنا إسرائيل فذكره
4247 - وقال أحمد بن منيع: حدّثنا أبو أحمد، حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي عبيدة بن عبد الله، عن أبيه في قوله تعالى {وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلاً ويقلّلكم في أعينهم} [ الأنفال: 44 ] قال: لقد قلّوا في أعيننا حتى قلت لرجل إلى جنبي: أتراهم سبعين؟ فقال: أراهم مائة، حتى أخذنا رجلاً منهم، فسألناه، فقال: كنا ألفًا. قلت: هذا إسناد صحيح, إن كان أبو عبيدة سمعه من أبيه, فقد اختلف في سماعه منه.
4248 - وقال إسحاق: أخبرنا وهب بن جريرٍ، حدّثنا أبي، قال: سمعت محمّد بن إسحاق، يقول: حدّثني عبد اللّه بن أبي نجيحٍ، عن عطاءٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنه، قال: افترض اللّه عليهم أن يقاتل الواحد العشرة، فثقل ذلك عليهم، وشقّ ذلك عليهم، فوضع اللّه تعالى عنهم إلى أن يقاتل الرّجل الرّجلين، فأنزل اللّه في ذلك: ﴿إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين﴾ إلى آخر الآيات، فقال: ﴿لولا كتابٌ من اللّه سبق لمسّكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ﴾ يعني: غنائم بدرٍ، يقول: لولا أنّي لا أعذّب من عصاني، حتّى أتقدّم إليه، ثمّ قال: ﴿يأيّها النّبيّ قل لمن في أيديكم من الأسرى﴾ الآية، فقال العبّاس رضي اللّه عنه: فيّ واللّه نزلت حين أخبرت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بإسلامي، وسألته أن يحاسبني بالعشرين الأوقيّة الّتي أخذت معي، فأعطاني بها عشرين عبدًا، كلّهم قد تاجر بمالٍ في يده، مع ما أرجو من مغفرة اللّه تعالى هذا إسنادٌ صحيحٌ، رواه ابن مردويه في التّفسير المسند، عن أحمد بن الحسين، عن عبد اللّه بن محمّدٍ، عن إسحاق، هكذا وأخرجه الطّبرانيّ من حديث يزيد بن هارون، عن ابن إسحاق
4249 - أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، حدّثنا أبي، قال: سمعت ابن إسحاق، يقول: حدثني عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال: رأيت قبل هزيمة القوم، والناس يقتتلون مثل البجاد الأسود، أقبل من السماء مثل النمل الأسود، فلم أشكك أنها الملائكة، فلم يكن إلا هزيمة القوم.
إسناده حسن إن كان إسحاق بن يسار سمعه من جبير.
4250 - وقال الحارث: حدّثنا محمّد بن عمر، حدّثنا عبد اللّه بن محمّد بن عمر بن عليٍّ، حدّثنا إسحاق بن سالمٍ، عن زيد بن عليٍّ، قال: كان شعار النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوم بدرٍ: يا منصور، أمت
4251 - وقال أبو يعلى: حدّثنا يحيى بن عبد الحميد، حدّثنا عبد الله بن جعفر، عن أبي عون، عن المسور بن مخرمة قال: قلت لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أي خال، أخبرني عن قصتك يوم بدر. قال رضي الله عنه: اقرأ بعد العشرين والمائة من آل عمران تجد قصتنا: {وإذ غدوت من أهلك تبوّىء المؤمنين مقاعد للقتال} [ آل عمران: 121 ] إلى قوله {أن تفشلا} [ آل عمران: 122 ] قال: هم الذين طلبوا الأمان من المشركين، إلى قوله: {وأنتم تنظرون} [ آل عمران: 143 ] قال: هو تمني المؤمنين لقاء العدو، إلى قوله: {إذ تحسونهم بإذنه} [ آل عمران: 152 ]
4252 - وقال: حدّثنا عبيد اللّه بن عمر، حدّثنا يوسف بن خالدٍ، حدّثنا هارون بن سعدٍ، عن أبي صالحٍ الحنفيّ، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: أمرني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن أعوّر آبارها يعني يوم بدرٍ
4253 - حدّثنا محمّد بن إسماعيل بن أبي سمينة، حدّثنا محمّد بن خالدٍ الحنفيّ، حدّثنا موسى بن يعقوب الزّمعيّ، عن أبي الحويرث، عن محمّد بن جبير بن مطعمٍ، عن عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، قال: كنت على قليب بدرٍ أمتح، أو أميح منه، فجاءت ريحٌ شديدةٌ، ثمّ جاءت ريحٌ شديدةٌ لم أر ريحًا أشدّ منها إلاّ الّتي كانت قبلها، ثمّ جاءت ريحٌ شديدةٌ، فكانت الأولى: ميكائيل في ألفٍ من الملائكة عن يمين النّبيّ صلى الله عليه وسلم، والثّانية: إسرافيل في ألفٍ من الملائكة عن يسار النّبيّ صلى الله عليه وسلم، والثّالثة: جبريل في ألفٍ من الملائكة، وكان أبو بكرٍ رضي اللّه عنه عن يمينه، وكنت عن يساره، فلمّا هزم اللّه تعالى الكفّار حملني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على فرسٍ، فلمّا استويت عليها، حملني، فصرت على عنقه فدعوت اللّه، فثبّتني عليه، فطعنت برمحي حتّى بلغ الدّم إبطي
4254 - حدّثنا عمرو بن محمّدٍ النّاقد، حدّثنا عليّ بن ثابتٍ الجزريّ، حدّثنا الوازع بن نافعٍ، عن أبي سلمة بن عبد الرّحمن، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، قال: كنّا نصلّي مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في غزوة بدرٍ، إذ تبسّم في صلاته، فلمّا قضى الصّلاة، قلنا: يا رسول اللّه رأيناك تبسّمت؟ قال: مرّ بي ميكائيل عليه السّلام، وعلى جناحه أثر غبارٍ وهو راجعٌ من طلب القوم، فضحك إليّ فتبسّمت إليه
22 - باب فضائل من شهد بدرًا
4255 - قال الحارث: حدّثنا يعقوب بن محمّدٍ، حدّثنا عبد المهيمن بن عبّاسٍ، حدّثني أبي، عن أبيه، قال: إنّ أباه سعدًا رضي اللّه عنه، خرج مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى بدرٍ، فلمّا كان بالرّوحاء، توفّي، فكتب وصيّته في آخر رحله، وأوصى للنّبيّ صلى الله عليه وسلم براحلته ورحله، وثلاثة أوسقٍ من شعيرٍ، فقبلها، ثمّ ردّها على ورثته، وضرب له بسهمه
4256 - حدّثنا يعقوب بن محمّدٍ، حدّثنا عبد العزيز بن محمّدٍ، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، قال: ضرب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، لجعفر بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه، بسهمه يوم بدرٍ
وحديث حاطبٍ، رضي اللّه عنه، مضى في تفسير الممتحنة
23 - ذكر من قتل ببدر
4257 - قال الحارث: حدّثنا عبيد اللّه بن محمّدٍ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عطاء بن السّائب، عن الشّعبيّ، قال: لمّا كان يوم بدرٍ، أوتي بعقبة بن أبي معيطٍ أسيرًا، قال: فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لأقتلنّك فقال: تقتلني من بين قريشٍ، قال صلى الله عليه وسلم: نعم، ثمّ أقبل على أصحابه رضي اللّه عنهم، فقال: إنّه أتاني وأنا ساجدٌ، فوطئ على عنقي، فواللّه ما رفعها حتّى ظننت أنّ عينيّ ستقعان، وأتى بسلى جزورٍ فألقاه عليّ، حتّى جاءت فاطمة، فأماطته عن رأسي قال: ثمّ أمر به فقتل
4258 - وقال مسدّدٌ: حدّثنا وهب بن جرير، حدّثنا أبي، قال: سمعت ابن سيرين يقول: ضربه ابنا عفراء، وذفف عليه ابن مسعود رضي الله عنه. يعني: أبا جهل.
24 - باب قتل كعب بن الأشرف
4259 - قال إسحاق: أخبرنا وهب بن جرير، حدّثنا أبي، قال: سمعت محمّد بن إسحاق، يقول: حدّثني ثور بن يزيد، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنه، قال: إنّهم اجتمعوا عند رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فمشى معهم حتّى بلغ إلى بقيع الغرقد في ليلةٍ مقمرةٍ، فقال: انطلقوا على اسم اللّه، اللّهمّ أعنهم ورجع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى بيته، قال: فأقبلوا حتّى انتهوا إلى حصنه، يعني: كعب بن الأشرف، فهتف أبو نائلة به، فنزل إليه، وهو حديث عهدٍ بعرسٍ، فقالت له امرأته إنّك محاربٌ وإنّ صاحب الحرب لا ينزل في مثل هذه السّاعة، فقال لها: إنّه أبو نائلة واللّه لو وجدني نائمًا ما أيقظني، فقالت: واللّه إنّي لأعرف في صوته الشّرّ، فقال لها: لو يدعى الفتى لطعنةٍ لأجاب، فنزل إليهم، فتحدّثوا ساعةً، ثمّ قالوا: لو مشينا إلى شعب العجوز، فتحدّثنا ليلتنا هذه، فإنّه لا عهد لنا بذلك، قال: نعم، فخرجوا يمشون ثمّ إنّ أبا نائلة شام يده في فود رأسه، فقال: ما رأيت كاللّيلة عطرًا أطيب، ثمّ مشى ساعةً، ثمّ عاد بمثلها حتّى اطمأنّ، فأدخل يده في فود رأسه، فأخذ شعره، ثمّ قال: اضربوا عدوّ اللّه، قال: فاختلفت عليه أسيافهم، قال: وصاح عدوّ اللّه صيحةً، فلم يبق حصنٌ إلاّ أوقدت عليه نارٌ، قال: وأصيبت رجل الحارث، قال محمّد بن مسلمة: فلمّا رأيت السّيوف لا تعني شيئًا، ذكرت مغولاً في سيفي فأخذته فوضعته على سرّته، فتحاملت عليه، حتّى بلغ عانته، فوقع، ثمّ خرجنا، فسلكنا على بني أميّة، ثمّ على بني قريظة، ثمّ على بعاث، ثمّ أسرينا في حرّة العريض، وأبطأ الحارث، ونزف الدّم فوقفنا له، ثمّ احتملناه حتّى جئنا به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من آخر اللّيل، وهو يصلّي، فخرج علينا فأخبرناه بقتل عدوّ اللّه، قال: فتفل صلى الله عليه وسلم على جرح الحارث فرجعنا به إلى بيته، وتفرّق القوم إلى رحالهم، فلمّا أصبحنا، خافت يهود لوقعتنا بعدوّ اللّه، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: من وجدتموه من رجال يهود فاقتلوه فوثب محيّصة بن مسعودٍ على ابن سنينة، رجلٌ من تجّار يهود، وكان يبايعهم ويخالطهم فقتله، قال: فجعل حويّصة بن مسعودٍ وهو يومئذٍ مشركٌ، وكان أسنّ منه يضربه، ويقول: أي عدوّ اللّه أقتلته؟ واللّه لربّ شحمٍ في بطنك من ماله، فقال: واللّه، لقد أمرني بقتله رجلٌ لو أمرني بقتلك لضربت عنقك، قال: آللّه لو أمرك محمّدٌ بقتلى لقتلتني؟ قال: نعم واللّه، فقال: واللّه، إنّ دينًا بلغ بك هذا لدينٌ عجبٌ، فكان أوّل إسلام حويّصة من قبل قول أخيه، فقال محيّصة في ذلك شعرًا هذا إسنادٌ حسنٌ متّصلٌ، أخرج أحمد منه إلى قوله: اللّهمّ أعنهم فقط، وهو المرفوع منه الموصول، والباقي مدرجٌ، وله شاهدٌ في الصّحيح من حديث عمرو، عن جابرٍ رضي اللّه عنه
4259 - وقال الحميدي: حدّثنا سفيان، حدّثنا العبسي، عن عكرمة قال: قالت امرأته: إني أسمع صوتًا أجد منه ريح الدم، قال: إنما هو أبو نائلة أخ لي، لو وجدني نائمًا ما أيقظني، وإن الكريم إذا دعي إلى طعنة لأجاب.
وسمى الذين أتوه مع أبي نائلة: محمد بن مسلمة، وعبّاد بن بشر، والحارث بن معاذ، وأبو عبيس بن جابر.
25 - باب وقعة أحد
4260 - قال إسحاق: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، حدّثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يقول: حدثني يحيى بن عباد، عن أبيه، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير رضي الله عنه قال: والله إني لأنظر يومئذ إلى خدم النساء، مشمرات يسعين حين انهزم القوم، وما أرى دون أخذهن شيئًا، وإنا لنحسبهم قتلى ما يرجع إلينا منهم أحد، ولقد أصيب أصحاب اللواء، وصبروا عنده حتى صار إلى عبدٍ له حبشي، يقال له صواب، ثم قتل صواب فطرح اللواء، فما يقربه أحد من خلق الله تعالى، حتى وثبت إليه عمرة بنت علقمة الحارثية، فرفعته لهم، وثاب إليه الناس. قال الزبير رضي الله عنه: فوالله إنا لكذلك قد علوناهم وظهرنا عليهم، إذ خالفت الرماة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبلوا إلى العسكر حين رأوه مختلاً قد أجهضناهم عنه، فرغبوا إلى الغنائم، وتركوا عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلوا يأخذون الأمتعة، فأتتنا الخيل من خلفنا، فحطمتنا، وكرّ الناس منهزمين، فصرخ صارخ يرون أنه الشيطان: ألا إن محمدًا قد قتل، فأعظم الناس، وركب بعضهم بعضًا، فصاروا أثلاثًا ثلثًا جريحًا، وثلثًا مقتولاً، وثلثًا منهزمًا، قد بلغت الحرب، وقد كانت الرماة اختلفوا فيما بينهم، فقالت طائفة رأوا الناس وقعوا في الغنائم: قد هزم الله تعالى المشركين، وأخذ المسلمون الغنائم فماذا تنتظرون؟ وقالت طائفة: قد تقدم إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهاكم أن تفارقوا مكانكم إن كانت عليه أو له. فتنازعوا في ذلك.
ثم إن الطائفة الأولى من الرماة أبت إلا أن تلحق بالعسكر، فتفرق القوم، وتركوا مكانهم، فعند ذلك حملت خيل المشركين.
هذا إسناد صحيح، له شاهد في الصحيح من حديث البراء رضي الله عنه
4260 - وبهذا الإسناد إلى الزبير رضي الله عنه قال: والله إن النعاس ليغشاني، إذ سمعت ابن قشير يقولها، وما أسمعها منه إلا كالحلم، ثم قرأ: {إنّ الّذين تولّوا منكم يوم التقى الجمعان إنّما استزلّهم الشّيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا اللّه عنهم إنّ اللّه غفورٌ حليمٌ} [ آل عمران: 155 ]. قال: والذين تولوا عن جولة الناس: عثمان بن عفان، وسعد بن عثمان الزرقي، وأخوه عقبة بن عثمان، حتى بلغوا جبلاً بناحية المدينة يقال له: الحاجب ببطن الأعوص، فأقاموا به ثلاثًا، فزعموا أنهم لما رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقد ذهبتم فيها عريضة. ثم قال: {يا أيّها الّذين آمنوا لا تكونوا كالّذين كفروا} يعني المنافقين {وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض أو كانوا غزًّى لّو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا ليجعل اللّه ذلك حسرةً في قلوبهم} [ آل عمران: 155 ] الآية. قال: ابتغاءً وتحسرًا، وذلك لا يغني عنهم شيئًا.
ثم كانت القصة فيما يأمر به نبيه صلى الله عليه وسلم ويعهد إليه، حتى انتهى إلى قوله {أولمّا أصابتكم مّصيبةٌ قد أصبتم مّثليها} يعني يوم بدر فيمن قتلوا وأسروا {قلتم أنّى هذا قل هو من عند أنفسكم} التي كانت من الرماة، قال فقال: {وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن اللّه وليعلم المؤمنين} يقول: علانية أمرهم، ويظهر أمرهم {وليعلم الّذين نافقوا} فيكون أمرهم علانية، ويعني عبد الله بن أبي ومن معه، ممن رجع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سار إلى عدوه {وقيل لهم تعالوا قاتلوا في سبيل اللّه أو ادفعوا قالوا لو نعلم قتالاً لاّتّبعناكم} وذلك لقولهم حين قال لهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم سائرون إلى أحد حين انصرفوا عنهم: أتخذلوننا وتسلمونا لعدونا. فقالوا: ما نرى أن يكون قتالاً، لو نرى أن يكون قتالاً لأتبعناكم، يقول الله عز وجل {هم للكفر يومئذٍ أقرب منهم للإيمان يقولون بأفواههم مّا ليس في قلوبهم واللّه أعلم بما يكتمون الّذين قالوا لإخوانهم} من ذوي أرحامهم، ولم يعن تعالى إخوانهم في الدين {لو أطاعونا ما قتلوا} قال الله عز وجل {قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين} [ آل عمران: 165 - 168 ] قال إسحاق: هكذا حدثنا به وهب، وأظن بعض التفسير من ابن إسحاق، يعني: قوله كذا يعني كذا. قلت: بل انتهى حديث الزبير رضي الله عنه إلى قوله تبارك وتعالى: {غفورٌ حليمٌ} ومن قوله: قال: والذين تولوا إلى آخر الحديث من حديث إسحاق بغير إسناد.
4260 – قال إسحاق: أخبرنا يحيى بن آدم، حدّثنا ابن أبي زائدة، عن محمّد بن إسحاق، عن يحيى بن عبّادٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الزّبير، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: لقد رأيتني مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ، حين اشتدّ علينا الخوف وأرسل علينا النّوم، فما منّا أحدٌ إلاّ وذقنه، أو قال: ذقنه في صدره، فواللّه، إنّي لأسمع كالحلم قول معتّب بن قشيرٍ ﴿لو كان لنا من الأمر شيءٌ ما قتلنا هاهنا﴾ فحفظتها، فأنزل اللّه تبارك وتعالى في ذلك ﴿ثمّ أنزل عليكم من بعد الغمّ أمنةً نعاسًا﴾ إلى قوله ﴿ما قتلنا ههنا﴾ لقول معتّب بن قشيرٍ، قال: ﴿لو كنتم في بيوتكم﴾ حتّى بلغ ﴿واللّه عليمٌ بذات الصّدور﴾
4260 - أخبرنا وهبٌ، حدّثنا أبي قال: سمعت محمّد بن إسحاق، يقول: حدّثني يحيى بن عبّادٍ، عن أبيه، عن عبد اللّه بن الزّبير، عن الزّبير بن العوّام رضي اللّه عنه، قال: خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مصعدين في أحدٍ فذكر الحديث، قال: ثمّ أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالبٍ يأتي المهراس، فأتاه بماءٍ في درقته، فأتى به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأراد أن يشرب منه، فوجد له ريحًا فعافه، فغسل به وجهه صلى الله عليه وسلم من الدّماء الّتي أصابته، وهو يقول: اشتدّ غضب اللّه على من أدمى وجه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وكان الّذي أدماه يومئذٍ عتبة بن أبي وقّاصٍ
4261 - قال إسحاق: أخبرنا حمزة بن الحارث، يعني ابن عميرٍ، عن أبيه، عن عمرو بن يحيى المازنيّ، قال: لمّا كان يوم أحدٍ، فخمش رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وكسرت ثنيّته، فجاءه عليٌّ رضي اللّه عنه، فأكبّ عليه، فجعل يبكي، فقال له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ائتني بماءٍ فأتاه بماءٍ في جحفةٍ من المهراس، فلمّا أدناه منه عافه، فجعل يغسل عنه الدّم، ويقول: اشتدّ غضب اللّه على قومٍ كلموا وجه نبيّه ثمّ قال صلى الله عليه وسلم: انظروا ما صنع سعد بن الرّبيع؟ فإنّي رأيت اثني عشر رمحًا شرعيًّا فيه فأتاه رسول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال: بعثني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لأنظر ما صنعت، فقال، رضي اللّه عنه: اقرأ على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم منّي السّلام، وأخبره أنّي بآخر رمقٍ، واقرأ على قومك السّلام، وقل لهم: إن هلك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ومنكم شفرٌ تطرف، فإنّه لا عذر لكم عند اللّه تعالى، ثمّ قال: من يأخذ هذا السّيف بحقّه؟ قال: فهذا الحديث يحدّثه الزّبير عن نفسه، قال: قلت: يا رسول اللّه، أنا، فأعرض عنّي مرّةً، فقلت: ما أعرض عنّي إلاّ من شرٍّ هو فيّ، ثمّ قال: من يأخذ هذا السّيف بحقّه؟ فقلت: أنا، فأعرض عنّي مرّتين أو ثلاثةً، فقال أبو دجانة رضي اللّه عنه: أنا آخذه، فأضرب به حتّى ينثني، أو كلمةً نحوها، فأعطاه السّيف، قال الزّبير: فاتّبعته لأنظر ما يصنع؟ فجعل لا يأتي رجلاً من المشركين إلاّ قتله، فأتى رجلاً كان كاطبًا في القتال، فقتله، وأتى على امرأةٍ وهي تقول: إن تقبلوا نعانق ونفترش النّمارق أو تدبروا نفارق فراق غير وامق فشهر عليها السّيف، ثمّ كفّ يده عنها، فقلت: يا أبا دجانة فعلت كذا وكذا، حتّى أتيت المرأة فشهرت عليها السّيف، ثمّ كففت يدك عنها، قال: أكرمت سيف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عنها
4262 - قال إسحاق: أخبرنا عبد الرّزّاق، حدّثنا معمرٌ، عن الزّهريّ، قال: إنّ الشّيطان صاح يوم أحدٍ: إنّ محمّدًا قد قتل، قال كعب بن مالكٍ رضي اللّه عنه: وأنا أوّل من عرف رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، رأيت عينيه من تحت المغفر، فناديت بأعلى صوتي: هذا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأشار إليّ أن اسكت، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: ﴿ما محمّدٌ إلا رسولٌ قد خلت من قبله الرّسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم﴾ الآية
رجاله ثقاتٌ، ولكنّه مرسلٌ أو معضلٌ
4263 - قال إسحاق: أخبرنا الفضل بن موسى، عن محمّد بن عمرو بن علقمة، عن سعد بن المنذر، عن أبي حميدٍ السّاعديّ رضي اللّه عنه، قال: خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ، حتّى إذا خلّف ثنيّة الوداع، نظر وراءه، فإذا كتيبةٌ خشناء، قال صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ قال: هذا عبد اللّه بن أبيّ بن سلول في مواليه من اليهود من بني قينقاع، وهم رهط عبد اللّه بن سلامٍ، فقال: أوقد أسلموا؟ قال: إنّهم على دينهم، قال: قل لهم: فليرجعوا، فإنّا لا نستعين بالمشركين على المشركين
هذا إسنادٌ حسنٌ
4264 - وقال الحارث: حدّثنا محمّد بن عمر، حدّثنا بكير بن مسمارٍ، عن عامر بن سعدٍ، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ وعليه درعان، وقال: ليت أنّي غودرت مع أصحابي بنحص الجبل يعني شهداء أحدٍ
4265 - وقال أبو يعلى: حدّثنا سويد بن سعيدٍ، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن يزيد بن خصيفة، عن السّائب بن يزيد، عن رجلٍ من بني تميمٍ، يقال له: معاذٌ، قال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ظاهر يوم أحدٍ بين درعين
4265 - وحدّثنا عبد الأعلى بن حمّادٍ، حدّثنا بشر بن السّريّ، حدّثنا ابن عيينة، لكن قال: عن السّائب بن يزيد، عمّن حدّثه، عن طلحة
4266 - قال أبو بكرٍ حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثني محمّد بن صالحٍ، حدّثني يزيد بن زيدٍ، مولى أبي أسيدٍ السّاعديّ، عن أبي أسيدٍ رضي اللّه عنه، قال: أنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم على قبر حمزة رضي اللّه عنه، فمدّت النّمرة على رأسه، فانكشفت رجلاه، فمدّت على رجليه فانكشف رأسه، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: مدّوها على رأسه، واجعلوا على رجليه من شجر الحرمل
4267 - وقال أبو يعلى: حدّثنا أبو موسى، حدّثنا محمد بن مروان العقيلي، عن عمارة ابن أبي حفصة، عن عكرمة، قال: قال لي علي رضي الله عنه لما انجلى الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، نظرت إلى القتلى، فلم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، فقلت: والله ما كان صلى الله عليه وسلم ليفرّ، وما أراه في القتلى، ولكني أرى أن الله عز وجل غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه صلى الله عليه وسلم، فما لي خير من أن أقاتل حتى أقتل، فكسرت جفن سيفي ثم حملت على القوم، فأفرجوا لي، فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم.

4268 - وحدّثنا عبد الرّحمن بن صالحٍ، حدّثنا يونس بن بكيرٍ، عن محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني داود بن الحصين، عن عبد الرّحمن بن عقبة، عن أبيه عقبة مولى جبر بن عتيكٍ، قال: شهدت أحدًا مع موالي، فضربت رجلاً من المشركين، فلمّا قتلته، قلت: خذها منّي، وأنا الرّجل الفارسيّ، فبلغت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ألا قلت: خذها منّي، وأنا الرّجل الأنصاريّ؟ فإنّ مولى القوم من أنفسهم وقال الحسن بن سفيان حدّثنا شيبان بن أبي شيبة، حدّثنا يحيى بن العلاء، عن داود بن الحصين، عن عقبة بن عبد الرّحمن، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: شهدت مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أحدًا فذكره
- وقال أبو نعيمٍ حدّثنا أبو عمرو بن حمدان، حدّثنا الحسن، به
فلزم من هذا أن ترجم أبو نعيمٍ، وسلمة بن نافعٍ، لعبد الرّحمن بن عقبة في الصّحابة، ولا أصل له، واللّه أعلم
4269 - وقال أبو بكرٍ حدّثنا خالد بن مخلدٍ، حدّثنا عبد الرّحمن بن عبد العزيز الأنصاريّ، حدّثني الزّهريّ، عن عبد الرّحمن بن كعب بن مالكٍ، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال يوم أحدٍ: من رأى مقتل حمزة؟ فقال رجلٌ أعزل: أنا رأيت مقتله، قال: فانطلق، فأراه فخرج حتّى وقف على حمزة رضي اللّه عنه، فرآه وقد شقّ بطنه، وقد مثّل به، فقال: يا رسول اللّه مثّل به واللّه، فكره رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، أن ينظر إليه، ووقف، صلى الله عليه وسلم بين ظهراني القتلى، فقال: أنا شهيدٌ على هؤلاء، كفّنوهم في دمائهم، فإنّه ليس جرحٌ يجرح في اللّه إلاّ جاء يوم القيامة يدمى، لونه لون الدّم، وريحه ريح المسك، قدّموا أكثرهم قرآنًا، فاجعلوه في اللّحد
4270 - وقال أحمد بن منيعٍ: حدّثنا حسين بن محمّدٍ
4270 - وقال أبو يعلى، حدّثنا محمّد بن بكّارٍ، قالا: حدّثنا أبو معشرٍ، حدّثنا أيّوب، عن أبي أمامة بن سهل بن حنيفٍ، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: جاء عليٌّ بسيفه إلى فاطمة يوم أحدٍ، فقال: اغسلي سيفي هذا، فقد أحسنت الضّراب اليوم، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لئن كنت أحسنت القتال فقد أحسنه عاصم بن ثابتٍ، وسهل بن حنيفٍ، والحارث بن الصّمّة
4271 - وقال الطّيالسيّ: حدّثنا ابن المبارك، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد اللّه، قال: أخبرني عيسى بن طلحة، عن أمّ المؤمنين عائشة رضي اللّه عنها، قالت: كان أبو بكرٍ إذا ذكر يوم أحدٍ، قال: ذلك يومٌ كان كلّه يوم طلحة، ثمّ أنشأ يحدّث، قال: كنت أوّل من فاء إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم أحدٍ، فرأيت رجلاً يقاتل مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دونه، قال: أراه يحميه، قال: فقلت: كن طلحة حيث فاتني ما فاتني، فقلت: يكون رجلاً من قومي أحبّ إليّ، وبيني وبين المشرق رجلٌ لا أعرفه، وأنا أقرب إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أقرب منه، وهو يخطف المشي خطفًا لا أخطفه، فإذا هو أبو عبيدة بن الجرّاح، فانتهيت إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وقد كسرت رباعيّته، وشجّ في وجهه، وقد دخل في وجنتيه صلى الله عليه وسلم حلقتان من حلق المغفر، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: عليكما صاحبكما، يريد طلحة، وقد نزف، فلم نلتفت إلى قوله صلى الله عليه وسلم، وذهبت، لأنزع ذلك من وجهه صلى الله عليه وسلم، فقال أبو عبيدة: أقسمت عليك بحقّي لمّا تركتني، فتركه فكره أن يتناولها بيده، فيؤذي النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأزم عليه بفيه، فاستخرج إحدى الحلقتين، ووقعت ثنيّته مع الحلقة، وذهبت لأصنع ما صنع، فقال: أقسمت عليك بحقّي لمّا تركتني، ففعل كما فعل المرّة الأولى، فوقعت ثنيّته الأخرى مع الحلقة، فكان أبو عبيدة من أحسن النّاس هتمًا، فأصلحنا من شأن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ أتينا طلحة في بعض تلك الجفار، فإذا به بضعٌ وسبعون، أو أقلّ أو أكثر من طعنةٍ، وضربةٍ، ورميةٍ، وإذا قد قطع أصبعه، فأصلحنا من شأنه
أخرجه بن حبّان من طريق شبابة بن سوّارٍ، عن إسحاق بن يحيى، به
26 - باب غزوة الأحزاب وقريظة
4272 - قال إسحاق: أخبرنا الوليد بن مسلمٍ، عن مرزوق بن أبي الهذيل، عن ابن شهابٍ، عن عبد الرّحمن بن كعبٍ، رضي اللّه عنه، عن كعب بن مالكٍ رضي اللّه عنه، قال: لمّا رجع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من طلب الأحزاب، ونزل المدينة، اغتسل، واستجمر، ووضع عنه لأمته
هذا إسنادٌ حسنٌ
4273 - وقال أبو بكرٍ: حدّثنا الفضل بن دكينٍ، حدّثنا يوسف بن صهيبٍ، عن موسى بن أبي المختار، عن بلالٍ، عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: إنّ النّاس تفرّقوا عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ليلة الأحزاب، فلم يبق معه إلاّ اثنا عشر رجلاً، فأتاني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأنا جاثمٌ من البرد، فقال: يا ابن اليمان قم فانطلق إلى عسكر الأحزاب، فانظر إلى حالهم قلت: يا رسول اللّه والّذي بعثك بالحقّ، ما قمت إليك إلاّ حياءً من البرد، قال: وبرد الحرّة وبرد الصّبخة، قال صلى الله عليه وسلم: انطلق يا ابن اليمان، فلا بأس عليك من بردٍ ولا حرٍّ حتّى ترجع إليّ قال: فانطلقت حتّى آتي عسكرهم، فوجدت أبا سفيان يوقد النّار في عصبةٍ حوله، وقد تفرّق عنه الأحزاب، فجئت حتّى أجلس فيهم، فحسّ أبو سفيان، أنّه قد دخل فيهم من غيرهم، فقال: ليأخذ كلّ رجلٍ بيد جليسه، قال: فضربت بيميني على الّذي عن يميني، فأخذت بيده، وضربت بشمالي على الّذي عن يساري فأخذت بيده، فكنت فيهم هنيّةً، ثمّ قمت فأتيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وهو قائمٌ يصلّي، فأومأ إليّ بيده أن ادن، فدنوت منه حتّى أرسل عليّ من الثّوب الّذي كان عليه، ليدفئني، فلمّا فرغ من صلاته، قال: يا ابن اليمان، اقعد، فأخبر النّاس، قال: قلت: يا رسول اللّه تفرّق النّاس، عن أبي سفيان فلم يبق إلاّ في عصبةٍ توقد النّار، وقد صبّ اللّه تعالى عليهم من البرد مثل الّذي صبّ علينا، ولكن نرجو من اللّه ما لا يرجون
هذا حديثٌ حسنٌ وأصله في الصّحيح، وفي هذا زياداتٌ قال البزّار لمّا أخرجه من طريق يوسف هذا: لا يروى عن بلالٍ، عن حذيفة، رضي اللّه عنه، إلاّ بهذا الإسناد
4273 - وقال ابن أبي عمر: حدّثنا المقرئ، حدّثنا المسعوديّ، عن القاسم، عن حذيفة رضي اللّه عنه، قال: لمّا كانت ليلة الأحزاب، أصاب النّاس جهدٌ شديدٌ، وأصابهم من البرد ما لم يصبهم مثله قطّ، ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم قائمٌ يصلّي، فصلّى صلى الله عليه وسلم ما شاء اللّه أن يصلّي، ثمّ قال: من يقوم الآن، فيعلم لنا خبر القوم، بيّض اللّه وجهه يوم القيامة؟ قال: فواللّه، ما استطاع رجلٌ منهم أن يقوم لما بهم من الشّدّة، ثمّ صلّى صلى الله عليه وسلم ما شاء اللّه أن يصلّي، ثمّ قال: من يقوم الآن فيعلم لنا خبر القوم، جعله اللّه معي في الجنّة؟ قال: فواللّه، ما استطاع رجلٌ منهم أن يقوم لما هم فيه من الشّدّة، ثمّ قال صلى الله عليه وسلم: يا فلان قم قال: والّذي أنزل عليك الكتاب لا أقوم إليك الآن، ثمّ قال: يا حذيفة قم، قال حذيفة: فأردت أن أحلف كما حلف صاحبي، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: إنّكم لحلّفٌ، قال: فقمت إليه صلى الله عليه وسلم، فقال لي: انطلق فاعلم لنا خبر القوم، ولا تحدثنّ شيئًا حتّى ترجع إليّ، قال حذيفة: فدعا لي أن يحفظني اللّه من بين يديّ، ومن خلفي، حتّى أرجع إليه، فانطلقت، وبيني وبينهم سبخةٌ يابسةٌ فلم أنشب أن قطعتها، فإذا هم في أمرٍ عظيمٍ، وإذا أبو سفيان يصطلي على نارٍ لهم من البرد: وإذا نويرةٌ لهم تضيء أحيانًا وتخبو أحيانًا، فإذا أضاءت رأيت من حولها، فقلت: ما أنتظر؟ لهذا عدوّ اللّه قد رأيت مكانه، فأخذت سهمًا من كنانتي، فوضعته في كبد القوس، ثمّ ذكرت قول النّبيّ صلى الله عليه وسلم: لا تحدثنّ شيئًا حتّى ترجع إليّ فألقيته في الكنانة، ثمّ أتيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما هم فيه، فجعل صلى الله عليه وسلم يحمد اللّه تعالى، فأرسل اللّه عزّ وجلّ الرّيح وذكر الآية: ﴿يأيّها الّذين آمنوا اذكروا نعمة اللّه عليكم﴾ الآية
4274 - وقال الحارث: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، حدّثنا أبو إسحاق هو الفزاريّ، عن سليمان التّيميّ، عن أبي عثمان، قال: ضرب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في الخندق بيديه، ثمّ قال: بسم اللّه وبه بدينا ولو عبدنا غيره شقينا حبّذا ربًّا وحبّذا دينًا
4275 - وبه إلى أبي إسحاق، عن ابن عيينة، عن ابن طاوسٍ، عن أبيه، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم الخندق:
اللّهمّ لا عيش إلاّ عيش الآخرة فارحم الأنصار والمهاجرة
والعن عضلاً والقارة هم كلّفونا نقل الحجارة
4276 - وبه إلى أبي إسحاق، حدّثني رجلٌ، من الأنعم، عن عبد اللّه بن يزيد، عن عبد اللّه بن عمرٍو رضي اللّه عنه، قال: أمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالخندق على المدينة، فأتاه قومٌ، فأخبروه أنّهم وجدوا صفاةً لم يستطيعوا أن ينقبوها، فقام رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وقمنا معه، فأخذ المعول فضرب، فلم أسمع ضربةً من رجلٍ كانت أكبر صوتًا منها، فقال صلى الله عليه وسلم: اللّه أكبر، فتحت فارس، ثمّ ضرب أخرى مثلها، فقال صلى الله عليه وسلم: اللّه أكبر فتحت الرّوم ثمّ ضرب أخرى مثلها، فقال صلى الله عليه وسلم: اللّه أكبر، جاء اللّه بحمير أعوانًا وأنصارًا
4277 - وقال إسحاق: حدّثنا روحٌ، هو ابن عبادة، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم بعث ليلة الأحزاب الزّبير، ورجلاً آخر في ليلةٍ قمرةٍ فنظرا، ثمّ جاءا ورسول اللّه صلى الله عليه وسلم في مرطٍ لأمّ سلمة، فأدخلهما في المرط، ولزق رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بأمّ سلمة قلت: هذا مرسلٌ صحيح السّند ذكر فيه نظرٌ
27 - ذكر قريظة
4278 - قال الحارث: حدّثنا محمّد بن عمر، حدّثنا محمّد بن صالحٍ، عن سعد بن إبراهيم، عن عامر بن سعدٍ، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: حكم سعد بن معاذٍ يومئذٍ أن يقتل من جرت عليه الموسى، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: قد حكمت فيهم حكم اللّه من فوق سبع سماواتٍ
4279 - وقال مسدّدٌ: حدّثنا يحيى، عن سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينارٍ، عن عكرمة، قال: بعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خوّات بن جبيرٍ إلى بني قريظة يدعوهم، فقالوا: إنّما مثلنا مثل رجلٍ، كان له جناحان، فقطع أحدهما وبقي الآخر، فأبوا
مرسلٌ صحيح الإسناد
4280 - وقال أبو يعلى: حدّثنا سفيان هو ابن وكيعٍ، حدّثنا أبي، عن إسرائيل، عن جابرٍ، هو الجعفيّ عن عامرٍ هو الشّعبيّ، عن عبد اللّه بن يزيد رضي اللّه عنه، قال: لمّا كان بنو قريظة، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: ادعوا إليّ سيّدكم يحكم في عباده يعني سعد بن معاذٍ، قال: فجاء، فقال له: احكم قال: أخشى ألا أصيب فيهم حكم اللّه عزّ وجلّ، قال صلى الله عليه وسلم: احكم فيهم فحكم، فقال صلى الله عليه وسلم: أصبت حكم اللّه عزّ وجلّ ورسوله
هذا إسنادٌ كوفيٌّ، فيه ضعيفان: جابرٌ، وسفيان
4281 - وقال أبو يعلى: حدّثنا القواريريّ، حدّثنا خالد بن الحارث، عن ابن عونٍ، عن الحسن، عن أمّ الحسن، قالت: قالت أمّ المؤمنين أمّ سلمة رضي اللّه عنها: ما نسيت يوم الخندق وهو يعاطيهم اللّبن، وقد اغبرّ شعره، يعني النّبيّ صلى الله عليه وسلم، وهو يقول: إنّ الخير خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
4281 - حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا عفّان، حدّثنا يزيد بن زريعٍ، حدّثنا ابن عونٍ نحوه، والأوّل أعمّ تقدّم حديث صفيّة، رضي اللّه عنها، في فضلها
28 - باب قصة العرنيين
4282 - قال أحمد بن منيع: حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا محمد بن عمرو ابن حماس، عن مالك بن أوس بن الحدثان قال: قال عثمان لأبي ذر رضي الله عنهما: أين كنت يوم أغير على لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كنت على البئر أسقي.
29 - باب بعث بني لحيان
4283 - قال أبو بكرٍ: حدّثنا عبد الرّحيم بن سليمان الرّازيّ، حدّثنا شيبان، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، عن سعيدٍ، مولى أبي سعيدٍ، قال: إنّ أبا سعيدٍ رضي اللّه عنه، أخبره أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال لهم في غزوةٍ أغزاها بني لحيان: لينعث من كلّ رجلين منكم رجلٌ، والأجر بينهما
4283 - وقال أحمد بن منيعٍ: حدّثنا حسين بن محمّدٍ، حدّثنا شيبان، مثله
30 - باب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر
4284 - قال الحارث: حدّثنا أبو عبيدٍ، حدّثنا عبّاد بن العوّام، عن حصين بن عبد الرّحمن، عن عبد اللّه بن شدّادٍ، رفعه، قال: كتب رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل صاحب الرّوم: من محمّدٍ رسول اللّه إلى هرقل صاحب الرّوم، إنّي أدعوك إلى الإسلام، فإن أسلمت فلك ما للمسلمين، وعليك ما عليهم، فإن لم تدخل في الإسلام، فأعط الجزية، فإنّ اللّه تعالى يقول: ﴿قاتلوا الّذين لا يؤمنون باللّه﴾ الآية، وإلاّ فلا تحل بين الفلاّحين وبين الإسلام أن يدخلوا فيه، أو يعطوا الجزية
31 - باب بعث عمرو بن أمية الضمري
4285 - قال إسحاق: حدّثنا يحيى بن آدم، حدّثنا ابن أبي زائدة، عن محمّد بن إسحاق، حدّثني بعض، آل عمرو بن أميّة الضّمريّ، عن أعمامه، وأهله، عن عمرو بن أميّة الضّمريّ رضي اللّه عنه، قال: بعثني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وبعث معي رجلاً من الأنصار، فقال: ائتيا أبا سفيان فاقتلاه بفنائه، فنذروا بنا، فصعدنا في الجبل، فجاءنا رجلٌ من بني تميمٍ، فقتلته، ثمّ دخلت غارًا، فجاءنا رجلٌ من بني ديل بن بكرٍ، فدخل معنا، فقلت: من أنت؟ فقال: من بني بكرٍ، فقلت: وأنا من بني بكرٍ، فاضطجع ورفع عقيرته يتغنّى، فقال: ولست بمسلمٍ ما دمت حيًّا ولا دانٍ بدين المسلمين فقلت: نم فستعلم، فنام فقتلته، ثمّ خرجت، فوجدت رجلين بعثتهما قريشٌ، فقلت لهما: استأسرا، فأبى أحدهما فقتلته، واستأسر الآخر فقدمت به على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
4285 - أخبرنا وهب بن جريرٍ: حدّثنا أبي قال: سمعت محمّد بن إسحاق، يقول: حدّثني آل عمرو بن أميّة الضّمريّ، عن أعمامه، عن عمرو بن أميّة الضّمريّ رضي اللّه عنه، أنّه قال: بعثني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وبعث معي رجلاً من الأنصار، بعد ما قتل خبيبٌ وأصحابه، رضي اللّه عنهم، فقال: اقتلا أبا سفيان بفنائه، فخرجت أنا وصاحبي، حتّى قدمنا بطن يأجج من قبل الشّعب، قال: وكان صاحبي رجلاً سهيلاً، ليست له رحلةٌ، فقلت له: إن خفت شيئًا، فانطلق إلى بعيرك، فاركبه حتّى تلحق برسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال: فقال لي صاحبي: هل لك أن تطوف بالبيت؟ فقلت: أنا أعلم بأهل مكّة، إنّهم إذا أظلموا رشّوا أفنيتهم، فجلسوا فيها، وأنا أعرف فيهم من الفرس الأبلق، فلم يزل عنّي حتى طفنا سبعًا، ثمّ خرجنا حتّى مررنا بمجالسهم، فقالوا: هذا عمرٌو، واللّه ما جاء به خيرٌ، وكان عمرٌو، رضي اللّه عنه، رجلاً فاتكًا، يسمّى الخليع، قال: فشدّدنا حتّى صعدنا الجبل، فدخلت غارًا، فإذا عثمان بن مالكٍ أو عبيد اللّه بن مالكٍ التّيميّ، يختلي لفرسٍ، فلمّا دنا من الغار، قلت لصاحبي: واللّه لئن رآنا هذا ليدلنّ علينا، قال: فخرجت إليه فوجأته بالخنجر تحت ثديه، فأعطيته القاضية، فصرخ صرخةً أسمعها أهل مكّة، قال: فجاؤوا، ورجعت إلى مكاني، فدخلت فيه، فجاء أهل مكّة فوجدوا به رمقًا، فقالوا من طعنك، فقال: عمرو بن أميّة، ثمّ مات، فما أدركوا منه ما استطاعوا أن يخبرهم بمكاننا، قال: ثمّ خرجنا، فإذا نحن بخبيبٍ على خشبته، فقال لي صاحبي: هل لك أن تنزل خبيبًا عن خشبته فتدفنه، فقلت: نعم، فتنحّ عنّي، فإن أبطأت عليك فخذ الطّريق، فعمدت لخبيبٍ، فأنزلته عن خشبته، فحملته على ظهري، فما مشيت به عشرين ذراعًا حتّى بدرني الحرس، وكانوا قد وضعوا عليه الحرس، قال: فطرحته، فما أنسى وجبته بالأرض حين طرحته، ثمّ أخذت على الصّفراوات، حتّى انصببت على العليل عليل ضجنان، وهم يتبعونني، فدخلت غارًا، فذكر قصّة الّذي قتله، ثمّ خرجت من الغار على بلادٍ أنا بها عالمٌ، ثمّ أخذت على ركوبةٍ فرأيت رجلين بعثتهما قريشٌ يتحسّسان الأخبار، فقلت لأحدهما: استأسر، فأبى فرميته فقتلته، واستأسر الآخر، فقدمت به على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
4285 - وقال أبو بكر: حدّثنا جعفر بن عونٍ، عن إبراهيم بن إسماعيل، عن الزّهريّ، قال: أخبرني جعفر بن عمرو بن أميّة الضّمريّ، عن أبيه رضي اللّه عنه، قال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بعثه وحده عينًا إلى قريشٍ، فجئت إلى خشبة خبيبٍ، وأنا أتخوّف العيون، فرقيت فيها، فحلّيت خبيبًا، فوقع في الأرض، فانتبذت غير بعيدٍ، والتفتّ فلم أر خبيبًا، ولكأنّما ابتلعته الأرض، قال: فما رئي خبيبٌ رمّةٌ حتّى السّاعة وقد كان جعفر بن عونٍ، قال: عن جعفر بن عمرو بن أميّة، عن أبيه، عن جدّه، رضي اللّه عنهم
32 - باب الحديبية
4286 - قال إسحاق: أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا عكرمة بن عمار، أخبرنا أبو زميل سماك الحنفي، أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول: كاتب الكتاب يوم الحديبية علي بن أبي طالب.
هذا إسناد صحيح، له شاهد في الصحيح، من حديث المسور رضي الله عنه وغيره
4287 - أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر قال: سألت الزهري: من كاتب الكتاب يومئذ؟ فضحك، قال: هو علي رضي الله عنه، ولو سألت هؤلاء - يعني بني أمية - لقالوا: هو عثمان رضي الله عنه.
4288 - وقال أبو بكرٍ: حدّثنا وكيعٌ، عن إسماعيل، عن قيسٍ، عن المغيرة بن شعبة، قال: إنّه كان قائمًا على رأس رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بالسّيف، وهو متلثّمٌ، فجعل عروة، يعني: ابن مسعودٍ الثّقفيّ، يتناول لحية رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو يكلّمه، فقال له المغيرة: لتكفّنّ يدك، أو لا ترجع إليك يدك، والمغيرة متقلّدٌ سيفًا، فقال عروة: من هذا يا رسول اللّه؟ قال صلى الله عليه وسلم: هذا ابن أخيك المغيرة، قال: أجل يا غدر، ما غسلت رأسي من غدرتك هذا إسنادٌ في نهاية الصّحّة، وهو في صحيح البخاريّ، من طريق الزّهريّ، عن عروة، عن مروان بن الحكم، والمسور بن مخرمة، في الحديث الطّويل في قصّة الحديبية وعمرة القضيّة، وفيه إرسالٌ، وهذا أحسن اتّصالاً، فلهذا استدركته
وقد تقدّم في الجهاد في باب القيام على رأس الأمير بالسّيف
4289 - وقال أبو يعلى: حدّثنا حوثرة بن أشرس، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن عليّ بن زيد بن جدعان، قال: إنّ عروة بن مسعودٍ، قال لقومه زمن الحديبية: أي قوم قد رأيت الملوك وكلّمتهم، فابعثوني إلى محمّدٍ فأكلّمه، فأتاه بالحديبية، فجعل عروة يكلّم النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ويتناول لحية النّبيّ صلى الله عليه وسلم، والمغيرة بن شعبة شاكٌ في السّلاح على رأس رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال له المغيرة: كفّ يدك من قبل ألا تصل إليك، فرفع عروة رأسه، فقال: أنت هو؟ واللّه إنّي لفي غدرتك ما خرجت منها بعد، فرجع عروة إلى قومه، فقال: أي قوم إنّي قد رأيت الملوك وكلّمتهم، ما رأيت مثل محمّدٍ قطّ، ما هو ملكٌ، ولقد رأيت الهدي معكوفًا، وما أراكم إلاّ ستصيبكم قارعةٌ فانصرف هو ومن تبعه من قومه، فصعد سور الطّائف، فشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّدًا رسول اللّه، فرماه رجلٌ من قومه بسهمٍ فقتله، فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم: الحمد للّه الّذي جعل في أمّتي مثل صاحب ياسين هذا مرسلٌ أو معضلٌ، وأصله في البخاريّ أيضًا من حديث المسور، ومروان دون ما في آخره، والّذي في آخر هذا خطأٌ، إنّما رمي بالسّهم عقب غزوة الطّائف، بعد أن رحل النّبيّ صلى الله عليه وسلم عنهم، فجاء إليه عروة فأسلم، ورجع إليهم فقتلوه، ثمّ أسلموا بعد
4290 - وقال أبو بكرٍ: حدّثنا أبو خالدٍ الأحمر، عن يحيى بن سعيدٍ، عن شرحبيل هو ابن سعدٍ، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، قال: أقبلنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عام الحديبية، حتّى إذا كنّا بالسّقيا، قال معاذٌ: من يسقينا في أسقيتنا؟ قال: فخرجت مع فتيانٍ معي حتّى أتينا الأثاية، فأسقينا واستقينا، قال: فلمّا كان بعد عتمةٌ من اللّيل، إذ رجلٌ ينازعه بعيره الماء، قال: فإذا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأخذت راحلته فأنختها، قال: فتقدّم فصلّى العشاء، وأنا عن يمينه، ثمّ صلّى ثلاث عشرة ركعة
إسنادٌ حسنٌ
33 - قصة قتل ابن أبي الحقيق
4291 - قال أبو يعلى: حدّثنا أبو كريبٍ محمّد بن العلاء، حدّثنا يونس بن بكيرٍ، حدّثنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمّعٍ الأنصاريّ، حدّثني إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عبد اللّه بن كعب بن مالكٍ، حدّثني أبي، عن جدّي: أبي أمّي، عن عبد اللّه بن أنيسٍ رضي اللّه عنه، قال: بعثني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأبا قتادة، وحليفًا لهم من الأنصار، وعبد اللّه بن عتيكٍ إلى ابن أبي الحقيق لنقتله، فخرجنا ليلاً، فتتبّعنا أبوابهم، فغلّقناها عليهم من خارجٍ، ثمّ جمعنا المفاتيح، فصعد القوم في النّخل، ودخلت أنا، وعبد اللّه بن عتيكٍ في درجة ابن أبي الحقيق، فتكلّم عبد اللّه بن عتيكٍ، فقال ابن أبي الحقيق ثكلتك أمّك عبد اللّه أنّى لك بهذه البلدة؟ قومي فافتحي له، فإنّ الكريم لا يردّ عن بابه هذه السّاعة، فقامت، فقلت لعبد اللّه بن عتيكٍ: دونك، فشهر عليه السّيف، فذهبت امرأته لتصيح، فأشهر عليها السّيف، فأدركه قول رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، أنّه نهى عن قتل النّساء، والصّبيان، فأكفّ، قال عبد اللّه بن أنيسٍ: فدخلت عليه في مشربةٍ له، فوقفت أنظر إلى شدّة بياضه في ظلمة اللّيل، فلمّا رآني أخذ وسادةً فاستتر بها، فذهبت أرفع السّيف لأضربه، فلم أستطع من قصر البيت، فوخزته وخزًا، ثمّ خرجت، فقال صاحبي: فعلت؟ قلت: نعم، فدخل فوقف عليه، ثمّ خرجنا، فانحدرنا من الدّرجة، فسقط عبد اللّه بن عتيكٍ من الدّرجة، فقال: وارجلاه كسرت رجلي، فقلت: ليس من برجلك بأسٌ، ووضعت قوسي فاحتملته، وكان عبد اللّه قصيرًا ضئيلاً، فأنزلته فإذا رجله لا بأس بها، فانطلقنا حتّى لحقنا أصحابنا، وصاحت المرأة، وابياتاه فيثور أهل خيبر لقتله، فذكرت موضع قوسي، فقلت: لا أرجع حتّى آخذ قوسي، فرجعت فإذا أهل خيبر، قد ثوّروا، وإذا ما لهم كلامٌ إلاّ من قتل ابن أبي الحقيق؟ فجعلت لا أنظر في وجه إنسانٍ، ولا ينظر في وجهي، إلاّ قلت كما يقول: من قتل ابن أبي الحقيق؟ حتّى جئت الدّرجة، فصعدت مع النّاس، فأخذت قوسي، ثمّ لحقت بأصحابي، فكنّا نسير باللّيل، ونكمن بالنّهار، فإذا كمنّا النّهار أقعدنا ناطورًا ينظرنا حتّى إذا اقتربنا من المدينة، فكنّا بالبيداء، كنت أنا ناطرهم، ثمّ إنّي ألحت لهم بثوبي، فانحدروا، فخرجوا جمزًا، وانحدرت أنا في آثارهم، فأدركتهم حتّى بلغنا المدينة، فقال لي أصحابي: هل رأيت شيئًا؟ فقلت: لا، ولكن رأيت ما أدرككم من العياء، فأحببت أن يحملكم الفزع، وأتينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وهو يخطب بالنّاس، فقال: أفلحت الوجوه فقلنا: أفلح وجهك يا رسول اللّه، قال: أقتلتموه؟ قلنا: نعم، فدعا صلى الله عليه وسلم بالسّيف الّذي قتل به، فقال: هذا طعامه في ظبات السّيف
34 - باب غزوة خيبر
4292 - قال الحارث: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، حدّثنا أبو إسحاق هو: الفزاريّ عن بشر بن نميرٍ، عن القاسم، عن أبي أمامة رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في غزوة خيبر: من كان مضعفًا أو مصعبًا، فليرجع وأمر صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى بذلك، فرجع ناسٌ، وفي القوم رجلٌ على بكرٍ صعبٍ، فمرّ من اللّيل على سوادٍ، فنفر به، فصرعه، فوقصه، فلمّا جيء به إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: ما شأن صاحبكم؟ قالوا: كان من أمره كذا وكذا، قال صلى الله عليه وسلم: يا بلال، ما كنت أذّنت في النّاس: من كان مضعفًا أو مصعبًا، فليرجع؟ قال: بلى، قال: فأبى صلى الله عليه وسلم أن يصلّي عليه
بشر ضعيفٌ جدًّا
4293 - حدّثنا محمّد بن عمر، حدّثنا خالد بن ربيعة، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه، قال: سمعت أمّ المطاع الأسلميّة، وكانت قد شهدت مع النّبيّ صلى الله عليه وسلم خيبر، قالت: لقد رأيت أسلم حين شكوا إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم من شدّة الحال، فندب النّبيّ صلى الله عليه وسلم النّاس، فنهضوا، فرأيت أسلم أوّل من انتهى إلى الحصن، فما غابت الشّمس من ذلك اليوم، حتّى فتحه اللّه علينا، وهو حصن الصّعب بن معاذٍ، بالنّطاة
4294 - وقال أبو بكرٍ: حدّثنا محمّد بن فضيلٍ، عن حجّاجٍ، عن أبي صالح، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: قسم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفارس ثلاثة أسهمٍ، وللرّاجل سهمًا
4295 - وقال الحارث: حدّثنا داود بن عمرٍو، حدّثنا المثنّى بن زرعة أبو راشدٍ، عن محمّد بن إسحاق، حدّثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلميّ، عن أبيه، عن سلمة بن الأكوع رضي اللّه عنه، قال: بعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أبا بكرٍ الصّدّيق، برايته إلى بعض حصون خيبر، فقاتل ورجع، ولم يكن فتح، وقد جهد، ثمّ بعث عمر بن الخطّاب من الغد فقاتل، ثمّ رجع، ولم يكن فتح، وقد جهد، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: لأعطينّ الرّاية رجلاً يحبّ اللّه ورسوله، يفتح اللّه على يديه ثمّ دعا صلى الله عليه وسلم بعليٍّ، فتفل في عينيه، ثمّ قال: خذ هذه الرّاية، فامض بها حتّى يفتح اللّه عليك قال: يقول سلمة: فخرج بها واللّه يهرول هرولةً، ونحن خلفه، نتّبّع أثره، حتّى ركز رايته في رضمٍ من حجارةٍ تحت الحصن، فاطّلع عليه يهوديٌّ من رأس الحصن، فقال: من أنت؟ قال: عليّ بن أبي طالبٍ، قال: اليهوديّ، لأصحابه، غلبتم، وما أنزل على موسى، أو كما قال، فما رجع حتّى فتح اللّه على يديه
35 - باب غزوة مؤتة
4296 - قال أحمد بن منيعٍ: حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا إسماعيل بن أبي خالدٍ، عن قيس بن أبي حازمٍ، قال: جاء أسامة بن زيدٍ بعد قتل أبيه، فقام بين يدي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فدمعت عينا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فجاء من الغد، فقام في مقامه ذلك، فقال له: ألاقي منك اليوم ما لقيته منك أمس هذا صورته مرسلٌ، فإن كان قيسٌ سمعه من أسامة رضي اللّه عنه، فهو صحيحٌ على شرط الشّيخين
36 - باب غزوة الفتح
4297 - قال أبو يعلى: حدّثنا عثمان بن أبي شيبة، حدّثنا عبد اللّه بن إدريس، عن حزام بن هشام بن حبيشٍ، عن أبيه، أنّه أخبره عن عائشة رضي اللّه عنها، أنّها قالت: لقد رأيت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم غضب فيما كان من شأن بني كعبٍ غضبًا لم أره غضبه منذ زمانٍ، وقال: لا نصرني اللّه، إن لم أنصر بني كعبٍ وقال صلى الله عليه وسلم: قولي لأبي بكرٍ وعمر، فليتجهّزا لهذا الغزو قال: فجاءا إلى عائشة، فقالا لها: أين يريد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: لقد رأيته غضب فيما كان من شأن بني كعبٍ غضبًا لم أره غضبه منذ زمانٍ من الدّهر
4298 - حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا محمّد بن الحسن، حدّثتني أمّ عروة، عن أختها، عائشة بنت جعفرٍ، عن أبيها، عن جدّها الزّبير رضي اللّه عنه، عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أنّه أعطاه يوم فتح مكّة لواء سعد بن عبادة، فدخل الزّبير مكّة بلواءين
محمّدٌ هو: ابن زبالة ضعيفٌ جدًّا
4299 - وقال أبو بكر: حدّثنا إسحاق بن منصور، حدّثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة أمّن الناس إلا أربعة.
وقال البيهقيّ في الدّلائل: أخبرنا أبو عبد اللّه الحافظ، أخبرنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب، حدّثنا أبو زرعة الدّمشقيّ، حدّثنا الحسن بن بشرٍ، حدّثنا الحكم بن عبد الملك، عن قتادة، عن أنسٍ رضي اللّه عنهما، قال: أمّن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم النّاس يوم فتح مكّة، إلاّ أربعةً من النّاس: عبد العزّى بن خطلٍ، ومقيس بن صباية، وعبد اللّه بن سعدٍ، وأمّ سارة، فأمّا عبد العزّى بن خطلٍ، فإنّه قتل وهو آخذٌ بأستار الكعبة، قال: ونذر رجلٌ من الأنصار، أن يقتل عبد اللّه بن سعدٍ إذا رآه، وكان أخا عثمان من الرّضاعة، فأتى به رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ليشفع له، فلمّا بصر به الأنصاريّ، اشتمل على السّيف ثمّ آتاه، فوجده في حلقة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فجعل الأنصاريّ يتردّد ويكره، أن يقدم عليه، لأنّه في حلقة النّبيّ صلى الله عليه وسلم فبسط النّبيّ صلى الله عليه وسلم يده، فبايعه، ثمّ قال صلى الله عليه وسلم للأنصاريّ: قد انتظرتك أن توفّي بنذرك، قال: يا رسول اللّه، هبتك، أفلا أومأت إليّ؟ قال صلى الله عليه وسلم: إنّه ليس للنّبيّ أن يكون يومئ قال: وأمّا مقيس بن صبابة، فإنّه كان له أخٌ مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقتل خطأً، فبعث معه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم رجلاً من بني فهرٍ، ليأخذ عقله من الأنصار، فلمّا جمع له العقل ورجع، نام الفهريّ، فوثب مقيسٌ فأخذ حجرًا فجلد به رأسه فقتله، وأقبل يقول: شفى النّفس من قد بات بالقاع مسندًا يضرّج ثوبيه دماء الأخادع وكانت هموم النّفس من قبل قتله تلمّ وتنسيني وطاء المضاجع قتلت به فهرًا، وغرمت عقله سراة بني النّجّار أرباب فارع حللت به نذري، وأدركت ثؤرتي وكنت إلى الأوثان أوّل راجع وأمّا أمّ سارة: فإنّها كانت مولاة قريشٍ، فأتت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فشكت إليه الحاجة، فأعطاها شيئًا، ثمّ أتاها رجلٌ، فبعث معها بكتابٍ إلى مكّة فذكر قصّة حاطبٍ كذا في الأصل
4299 - وقال الحارث: حدّثنا أبو سلمة هو الخزاعيّ، قال: اسم ابن خطلٍ: عبد اللّه، كانت له جاريتان تغنّيان بهجاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فجعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم النّاس كلّهم آمنين، إلاّ ابن خطلٍ، وقينتيه، وعبد اللّه بن سعد بن أبي سرحٍ، ومقيس بن صبابة اللّيثيّ، فإنّه صلى الله عليه وسلم لم يجعل لهم الأمان، فقتلوا كلّهم، إلاّ إحدى القينتين، فإنّها أسلمت
4300 - وقال مسدّدٌ: حدّثنا أميّة بن خالدٍ، حدّثنا حمّاد بن سلمة، عن داود بن أبي هندٍ، عن محمّد بن عبادة بن جعفرٍ، قال: بعث رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى قريشٍ: أمّا بعد، فإنّكم إن تبرؤوا من حلف بني بكرٍ، أو تدوا خزاعة، وإلاّ أوذنكم بحربٍ فقال قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد منافٍ صهر معاوية: إنّ بني بكرٍ قومٌ مشائيم، فلا ندي ما قتلوا، لا يبقى لنا سبدٌ ولا لبدٌ، ولا نبرأ من حلفهم، فلم يبق على ديننا أحدٌ غيرهم، ولكنّا نؤذنه بحربٍ
هذا مرسلٌ، صحيحٌ إسناده
4301 - وقال إسحاق: أخبرنا وهب بن جريرٍ، حدّثني أبي، حدّثنا محمّد بن إسحاق، قال: حدّثني الزّهريّ، عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة، عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنه، قال: خرج رسول اللّه صلى الله عليه وسلم إلى مكّة لعشرٍ مضين من رمضان، فصام، وصام النّاس، حتّى إذا كان بالكديد أفطر، فنزل صلى الله عليه وسلم مرّ ظهران في عشرة آلافٍ من النّاس، فيهم ألفٌ من مزينة، وسبعمئةٍ من بني سليمٍ، وقد عميت الأخبار على قريشٍ، فلا يأتيهم خبرٌ عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ولا يدرون ما هو فاعله، وقد خرج تلك اللّيلة أبو سفيان بن حربٍ، وحكيم بن حزامٍ، وبديل بن ورقاء الخزاعيّ، يتحسّسون الأخبار، قال العبّاس: فلمّا نزل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حيث نزل، قلت: واصباح قريشٍ، واللّه لئن دخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مكّة عنوةً، ليكوننّ هلاكهم إلى آخر الدّهر، فركبت بغلة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم البيضاء، حتّى جئت الأراك، رجاء أن ألتمس بعض الحطّابة، أو صاحب لبنٍ، أو ذا حاجةٍ، يأتي مكّة فيخبرهم بأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فيخرجوا إليه، فواللّه إنّي لأسير ألتمس ما جئت له، إذ سمعت كلام أبي سفيان، وبديل بن ورقاء، وهما يتراجعان، فقال أبو سفيان: واللّه ما رأيت كاللّيلة نيرانًا، ولا عسكرًا، فقال بديلٌ: هذه واللّه خزاعة، قد خمشها الحرب، فقال أبو سفيان: خزاعة واللّه أقلّ وأذلّ من أن تكون هذه نيرانها، فقلت: يا أبا حنظلة فعرف صوتي، فقال: أبو الفضل؟ قلت: نعم، قال: ما لك فداك أبي وأمّي؟ فقلت: هذا واللّه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في النّاس، وإصباح قريشٍ، قال: فما الحيلة، فداك أبي وأمّي، قال: قلت: واللّه لئن ظفر بك ليضربنّ عنقك، فاركب عجز هذه البغلة، فركب ورجع صاحباه، فخرجت به، فكلّما مررت بنارٍ من نيران المسلمين، فقالوا: ما هذه؟ فإذا رأوا بغلة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عليها عمّه، قالوا: هذه بغلة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم عليها عمّه، حتّى مررت بنار عمر بن الخطّاب، فقال: من هذا؟ وقام إليّ، فلمّا رآه على عجز البغلة عرفه، فقال: واللّه عدوّ اللّه، الحمد للّه الّذي أمكن منك، فخرج يشتدّ نحو رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ودفعت البغلة، فسبقته، بقدر ما تسبق الدّابّة البطيئة الرّجل البطيء، فاقتحمت عن البغلة، فدخلت على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ودخل عمر، فقال: هذا عدوّ اللّه أبو سفيان قد أمكن اللّه منه، في غير عقدٍ ولا عهدٍ، فدعني أضرب عنقه، فقلت: قد أجرته يا رسول اللّه، ثمّ جلست إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فأخذت برأسه، فقلت: واللّه لا يناجيه اللّيلة رجلٌ دوني، فلمّا أكثر عمر، قلت: مهلاً يا عمر، فواللّه لو كان رجلاً من بني عديٍّ ما قلت هذا، ولكنّه من بني عبد منافٍ فقال: مهلاً يا عبّاس، لا تقل هذا، فواللّه لإسلامك حين أسلمت، كان أحبّ إليّ من إسلام أبي الخطّاب أبي لو أسلم، وذلك أنّي عرفت أنّ إسلامك أحبّ إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطّاب، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: يا عبّاس اذهب به إلى رحلك، فإذا أصبحت فأتنا به فذهبت به إلى الرّحل، فلمّا أصبحت غدوت به، فلمّا رآه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال: يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلاّ اللّه؟ فقال: بأبي وأمّي ما أحلمك، وما أكرمك، وأوصلك، وأعظم عفوك، لقد كاد أن يقع في نفسي، أن لو كان إلهٌ غيره لقد أغنى شيئًا بعد، فقال صلى الله عليه وسلم: ويحك يا أبا سفيان، ألم يأن لك أن تعلم أنّي رسول اللّه؟ فقال: بأبي وأمّي، ما أحلمك، وأكرمك، وأوصلك، وأعظم عفوك، أمّا هذه فإنّ في النّفس منها حتّى الآن شيءٌ قال العبّاس: فقلت: ويلك، أسلم، واشهد، أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه قبل أن يضرب عنقك، فشهد أن لا إله إلاّ اللّه وأنّ محمّدًا رسول اللّه، قال العبّاس: قلت: يا رسول اللّه، إنّ أبا سفيان رجلٌ يحبّ الفخر، فاجعل له شيئًا، فقال صلى الله عليه وسلم: نعم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمنٌ، ومن أغلق بابه فهو آمنٌ فلمّا انصرف إلى مكّة، يخبرهم، قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: احبسه بمضيقٍ من الوادي، عند حطم الخيل، حتّى تمرّ به جنود اللّه، فحبسه العبّاس حيث أمره رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فمرّت القبائل على راياتها، فكلّما مرّت رايةٌ، قال: من هذه؟ فأقول: بنو سليمٍ، فيقول: ما لي ولبني سليمٍ، ثمّ تمرّ أخرى، فيقول: من هؤلاء؟ فأقول: مزينة، فيقول: ما لي ولمزينة، فلم يزل يقول ذلك حتّى مرّت كتيبة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم الخضراء، فيها المهاجرون والأنصار، لا يرى منهم إلاّ الحدق، قال: من هذا؟ فقلت: هذا رسول اللّه في المهاجرين والأنصار، فقال: ما لأحدٍ بهؤلاء قبلٌ، واللّه لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم لعظيمٌ، فقلت: ويحك يا أبا سفيان إنّها النّبوّة، قال: فنعم إذًا قلت: النّجاء إلى قومك، فخرج حتّى أتاهم بمكّة، فجعل يصيح بأعلى صوته: يا معشر قريشٍ هذا محمّدٌ، قد أتاكم بما لا قبل لكم به، فقامت امرأته هند بنت عتبة، فأخذت بشاربه، فقالت: اقتلوا الحميت الدّسم حمس البعير من طليعة قومٍ، فقال أبو سفيان: لا تغرّنّكم هذه من أنفسكم، من دخل دار أبي سفيان فهو آمنٌ، فقالوا: قاتلك اللّه، وما يغني عنّا دارك؟ قال: ومن أغلق بابه فهو آمنٌ هذا حديثٌ صحيحٌ، وروى معمرٌ، وابن عيينة، ومالكٌ، عن الزّهريّ، طرفًا منه في قصّة الصّوم، وأخرج ذلك الشّيخان وغيرهما، وروى أحمد طرفًا منه من حديث ابن إسحاق، وروى أبو داود طرفًا منه، من قصّة أبي سفيان مختصرًا جدًّا، ولم يسقه أحدٌ من الأئمّة السّتّة، وأحمد بتمامه ورواه الذّهليّ بتمامه في الزّهريّات، من طريق أبي إدريس، عن محمّد بن إسحاق، لكن ليس فيه تصريح ابن إسحاق بسماعه له من الزّهريّ
والسّياق الّذي هنا حسنٌ جدًّا
4302 - وقال أبو يعلى: حدّثنا إبراهيم بن محمد بن عرعرة، حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدّثنا يعقوب القمي، عن جعفر بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما فتح النبي صلى الله عليه وسلم مكة، رنّ إبليس رنة، فاجتمعت إليه ذريته، فقال: ايأسوا أن تردوا أمة محمد إلى الشرك بعد يومكم هذا، ولكن أفشوا فيهم – يعني بمكة – النوح والشعر.
4303 - وقال أبو بكرٍ: حدّثنا شبابة هو ابن سوّارٍ، عن المغيرة بن مسلمٍ، عن أبي الزّبير، عن جابرٍ رضي اللّه عنه، قال: دخلنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مكّة، وفي البيت أو حول البيت ثلاث مائةٍ وستّون صنمًا، تعبد من دون اللّه، فأمر بها رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فأكبّت لوجهها، ثمّ قال: جاء الحقّ وزهق الباطل إنّ الباطل كان زهوقًا، ثمّ دخل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم البيت، فصلّى فيه ركعتين، فرأى فيه تمثال إبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، وقد جعلوا في يد إبراهيم الأزلام يستقسم بها، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: قاتلهم اللّه، ما كان إبراهيم يستقسم بالأزلام، ثمّ دعا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بزعفران، فلطّخه بتلك التّماثيل
إسنادٌ حسنٌ
4304 - وقال أبو يعلى: حدّثنا إسحاق بن إسماعيل، حدّثنا إسحاق بن سليمان، عن أبي سنانٍ، عن عمرو بن مرّة، عن أبي البختريّ، عن الحارث، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: لمّا أراد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم مكّة، أرسل إلى أناسٍ من أصحابه: أنّه يريد مكّة، منهم حاطب بن أبي بلتعة، وفشا في النّاس أنّه يريد حنينًا، قال: فكتب حاطبٌ إلى أهل مكّة: أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يريدكم، قال: فبعثني رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أنا، وأبا مرثدٍ فذكر الحديث في قصّة الكتاب الّذي مع المرأة بروضة خاخٍ وفيه: قال حبيب بن أبي ثابتٍ: فأخرجته من قبلها
4305 - وقال مسدّدٌ: حدّثنا حمّاد بن زيدٍ، عن أيّوب، عن عبد اللّه بن أبي مليكة، أو عن غيره من أهل مكّة، قال: إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بلالاً أن يؤذّن يوم الفتح على ظهر الكعبة، والحارث بن هشامٍ، وصفوان بن أميّة قاعدان، أحدهما بجنبي صاحبه، يشيران إلى بلالٍ، يقول أحدهما: انظر إلى هذا العبد، فقال الآخر: إن يكرهه اللّه يغيّره
4306 - قال إسحاق: أخبرنا وهب بن جرير بن حازمٍ، حدّثني أبي، سمعت محمّد بن إسحاق، يحدّث عن يحيى بن عبّادٍ، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكرٍ، قالت: لمّا وقف النّبيّ صلى الله عليه وسلم بذي طوًى، قال أبو قحافة لأصغر بناته: اصعدي بي على الجبل، وكان يومئذٍ أعمى، فذكر القصّة، وفيها: وكان في عنق الجارية طوقٌ لها من ورقٍ، فمرّ عليها رجلٌ فاقتطعه، في آخره قول أبي بكرٍ: يا أخته، احتسبيه، فواللّه إنّ الأمانة في النّاس لقليلةٌ
أخرجه أحمد بطوله، إلاّ قول أبي بكرٍ الأخير
37 - باب غزوة حنين
4307 - قال أبو بكرٍ: حدّثنا الفضل بن دكينٍ، حدّثنا يوسف بن صهيبٍ، عن عبد اللّه بن بريدة رضي اللّه عنه، عن أبيه، قال: إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال يوم حنينٍ حين انكشف عنه النّاس، فلم يبق معه إلاّ رجلٌ واحدٌ، يقال له: زيدٌ، آخذٌ بلجام بغلته الشّهباء، فقال صلى الله عليه وسلم: ويحك يا زيد، ادع المهاجرين، فإنّ للّه تعالى في أعناقهم بيعةً فحدّثني بريدة، رضي اللّه عنه، أنّه قال: أقبل منهم ألفٌ، قد طرحوا الجفون وكسّروها، ثمّ أتوا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، حتّى فتح اللّه عليهم
4308 - حدّثنا محمّد بن الحسن، حدّثنا إبراهيم بن طهمان، عن أبي الزّبير، عن عتبة، مولى ابن عبّاسٍ، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنه، قال: لمّا قدم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من الطّائف نزل الجعرانة، قسم بها الغنائم، ثمّ اعتمر منها، وذلك لليلتين بقيتا من شوّالٍ
4308 - وقال أبو يعلى: حدّثنا أبو بكرٍ بهذا
4309 - وقال مسدّدٌ: حدّثنا يحيى، عن عوف، حدثني عبد الرحمن صاحب السقاية، حدثني رجل كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين قال: لما التقينا نحن وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يقوموا لنا حلب شاة أن كشفناهم، فبينا نحن نسوقهم في أدبارهم حتى انتهينا إلى صاحب البغلة البيضاء أو الشهباء، فنلقى عندها رجالاً بيض الوجوه، فقال: شاهت الوجوه، ارجعوا فانهزمنا من قولهم، فركبوا أكتافنا فكانت إياها.
4310 - وقال عبد: حدّثنا موسى بن مسعود، حدّثنا سعيد بن السائب الطائفي، حدثني أبي: السائب بن يسار قال: سمعت يزيد بن عامر السوائي قال: وكان شهد حنينًا مع المشركين ثم أسلم، فنحن نسأله عن الرعب الذي ألقاه الله تعالى في قلوب المشركين يوم حنين كيف كان؟ قال: كنا نأخذ الحصاة، فنريمها في الطست فيه الماء فيطن، قال: كنا نجد في أجوافنا مثل هذا.
4311 - وبه إلى يزيد بن عامرٍ، قال: فذكر انكشافةً انكشفها المسلمون، فتبعهم الكفّار، فأخذ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قبضةً من الأرض، ثمّ أقبل بها على المشركين، فرمى بها في وجوههم، فقال: ارجعوا، شاهت الوجوه، قال: فما من أحدٍ يلقى أخاه، إلاّ وهو يشكو القذى في عينيه
4312 - وقال أبو يعلى: حدّثنا محمّد بن أبي بكرٍ، حدّثنا عمرو بن عاصمٍ، حدّثنا أبو العوّام، عن معمرٍ، عن الزّهريّ، عن أنسٍ رضي اللّه عنه، قال: لمّا كان يوم حنينٍ، انهزم النّاس عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، إلاّ العبّاس بن عبد المطّلب، وأبا سفيان بن الحارث، وأمر رسول اللّه صلى الله عليه وسلم العبّاس أن ينادي: يا أصحاب سورة البقرة يا معشر الأنصار ثمّ استحثّ النّداء في بني الحارث بن الخزرج، فلمّا سمعوا النّداء، أقبلوا، فواللّه ما شبهتهم إلاّ الإبل تحنّ إلى أولادها، فلمّا التقوا التحم القتال، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: الآن حمي الوطيس وأخذ صلى الله عليه وسلم كفًّا من حصًى أبيض، فرمى بها، وقال: هزموا، وربّ الكعبة، وكان عليّ بن أبي طالبٍ يومئذٍ أشدّ النّاس قتالاً بين يديه صلى الله عليه وسلم
38 - باب غزوة الطائف
تقدم في غزوة الحديبية قصة عروة بن مسعود رضي الله عنه.
39 - باب غزوة تبوك
4313 - قال إسحاق: أخبرنا جريرٌ، عن يزيد بن أبي زيادٍ، عن عاصم بن عبيد اللّه، هو ابن حفص بن عاصم بن عمر، عن أبيه، عن جدّه عمر رضي اللّه عنه، قال: خرجنا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، حتّى إذا كنّا بعين الرّوم، أو الّتي يقال لها غزوة تبوك، أصابنا جوعٌ شديدٌ، فقلت: يا رسول اللّه، إنّا نلق العدوّ غدًا، وهم شباعٌ، ونحن جياعٌ، فخطب صلى الله عليه وسلم النّاس، ثمّ قال: من كان عنده فضل طعامٍ، فليأتنا به وبسط نطعًا، فأتي ببضعةٍ وعشرين صاعًا، فجلس رسول اللّه صلى الله عليه وسلم ودعا بالبركة، ثمّ دعا النّاس، فقال: خذوا فأخذوا، حتّى جعل الرّجل يربط كمّ قميصه فيأخذ فيه، ففضل فضلةٌ، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّي رسول اللّه، فلا يقولها رجلٌ محقٌّ فيدخل النّار
4314 - وقال أبو بكرٍ: حدّثنا زيد بن الحباب، حدّثنا موسى بن عبيدة، حدّثني عبد اللّه بن أبي قتادة، عن أبيه، رضي اللّه عنه، قال: لمّا أقبلنا من غزوة تبوك فذكر الحديث، وفيه فمن لقي منكم أحدًا من المتخلّفين، فلا يكلّمنّه، ولا يجالسه وفيه: هذه طيبة، أسكننيها ربّي، تنفي خبث أهلها، كما ينفي الكير خبث الحديد، فمن لقي أحدٌ منكم من المتخلّفين فلا يكلّمه، ولا يجالسه
4315 - حدّثنا يزيد بن هارون، أنا داود بن أبي هندٍ، عن أبي العالية، عن فضالة الزّهرانيّ، عن المغيرة بن شعبة رضي اللّه عنه، قال: كنّا مع رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في سفرٍ، فبينا نحن نسير معه من اللّيل، إذ مالت برسول اللّه صلى الله عليه وسلم راحلته، فاتّبعته فلمّا رآني، قال: أين النّاس؟ قلت: تركتهم بمكان كذا وكذا، فأناخ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، ثمّ نزل عن راحلته، ثمّ انطلق حتّى توارى عنّي، فاحتبس قدر ما يقضي الرّجل حاجته، فذكر الحديث في المسح على الخفّين، وقال في آخره: ثمّ قال: حاجتك؟ قلت: ما لي حاجةٌ، فركبنا حتّى أدركنا النّاس
إسناده صحيحٌ
4316 - وقال الحارث: حدّثنا معاوية بن عمرٍو، حدّثنا أبو إسحاق، عن حميدٍ الطّويل، عن بكر بن عبد اللّه هو المزنيّ، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: من يذهب بهذا الكتاب إلى قيصر، وله الجنّة؟ فقال رجلٌ: وإن لم يقتل؟ قال صلى الله عليه وسلم: وإن لم يقتل فانطلق الرّجل فأتاه بالكتاب، فقرأه، فقال: اذهب إلى نبيّكم فأخبره أنّي متّبعه، ولكن لا أريد أن أدع ملكي، وبعث معه بدنانير إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فرجع وأخبره، فقال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: كذب وقسم الدّنانير
40 - باب بعث خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى أكيدر دومة
4317 - قال أبو يعلى: حدّثنا جعفر بن حميدٍ، حدّثنا عبد اللّه بن إيادٍ، عن أبيه، عن قيس بن النّعمان رضي اللّه عنه، قال: خرجت خيلٌ لرسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فسمع بها أكيدر دومة الجندل، فانطلق إلى رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول اللّه بلغني أنّ خيلك انطلقت، وإنّي خفت على أرضي ومالي، فاكتب لي كتابًا لا يتعرّض لشيءٍ هو لي، فإنّي مقرٌّ بالّذي عليّ من الحقّ، فكتب له رسول اللّه صلى الله عليه وسلم
41 - باب وفد الحبشة
4318 - وقال الحارث: حدّثنا سريج بن يونس، حدّثنا مروان هو ابن معاوية، حدّثني خصيفٌ، عن سعيد بن جبيرٍ، قال: بعث النّجاشيّ إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم وفدًا من أصحابه، فقرأ عليهم رسول اللّه صلى الله عليه وسلم القرآن، فأقرّوا، وأسلموا، وفيهم نزلت هذه الآية: ﴿لتجدنّ أشدّ النّاس عداوةً للّذين آمنوا اليهود والّذين أشركوا﴾ إلى قوله ﴿الشّاهدين﴾ ثمّ رجعوا إلى النّجاشيّ، فأسلم، ثمّ إنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بلغته وفاته، فصلّوا عليه، كما يصلّى على الميّت
42 - باب وفاة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
4319 - قال إسحاق: أخبرنا عبد الرّزّاق، أنا معمرٌ، عن أيّوب، عن عكرمة، قال: قال العبّاس رضي اللّه عنه: لأعلمنّ ما بقاء رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فينا، فقال: يا رسول اللّه لو اتّخذت شيئًا تجلس عليه، يدفع عنك الغبار، ويردّ عنك الخصم، فقال: واللّه لأدعنّهم ينازعونني ردائي، ويطئون عقبي، ويغشاني غبارهم، حتّى يكون اللّه تعالى هو الّذي يريحني منهم قال: فعلمت أنّ بقاءه فينا قليلٌ، قال: فلمّا توفّي رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، قال عمر: واللّه إنّي لأرجو أن يعيش رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتّى يقطع أيدي رجالٍ وألسنتهم من المنافقين، يقولون: قد مات رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، فقال العبّاس: يا أيّها النّاس هل عند أحدٍ منكم عهدٌ، أو عقدٌ من رسولٍ اللّه صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: لا، قال: فإنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لم يمت حتّى قطع الحبال ووصل، وحارب وسالم، ونكح النّساء وطلّق، وترككم على محجّةٍ بيّنةٍ، وطريقٍ ناهجةٍ، ولئن كان كما قال عمر، لم يعجز اللّه أن يحثو عنه، فيخرجه إلينا، فخلّ بيننا وبينه، فلندفنه، فإنّه يأسن كما يأسن النّاس قلت: رواه الطّبرانيّ من حديث ابن عيينة، عن أيّوب، عن عكرمة، عن ابن عبّاسٍ، عن العبّاس، رضي اللّه عنهم نحوه.
4320 - وقال الحارث حدّثنا داود بن المحبّر، حدّثنا ميسرة بن عبد ربّه، عن أبي عائشة، عن يزيد بن عمرٍو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة وابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما قالا: خطبنا رسول اللّه صلى الله عليه وسلم خطبةً قبل وفاته، وهي آخر خطبةٍ خطبها بالمدينة، حتّى لحق باللّه، فذكرا الحديث بطوله، وفيه: يا أيّها النّاس، إنّه قد كبر سنّي، ودقّ عظمي، وأنهك جسمي، ونعيت إليّ نفسي، واقترب أجلي، واشتقت إلى ربّي، ألا وإنّ هذا آخر العهد بيني وبينكم، فما دمت حيًّا، فقد تروني، فإذا أنا متّ، فاللّه خليفتي على كلّ مسلمٍ، والسّلام عليكم ورحمة اللّه وبركاته
4321 - قال أبو يعلى: حدّثنا كامل، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها قالت: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذات الجنب.
هذا الحديث من منكرات ابن لهيعة.
4322 - حدّثنا عبيد بن جنادٍ، حدّثنا عطاء بن مسلمٍ، عن جعفر بن برقان، عن عطاءٍ، عن الفضل بن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما، قال: دخلت على النّبيّ صلى الله عليه وسلم في مرضه، وعنده عصابةٌ حمراء، أو قال: صفراء، فقال: ابن عمّ، خذ هذه العصابة، فاشدد بها رأسي فشددت بها رأسه، قال: ثمّ توكّأ عليّ حتّى دخلنا المسجد، فقال: يا أيّها النّاس إنّما أنا بشرٌ مثلكم، ولعلّه أن يكون قرب منّي الرّحيل من بين أظهركم، فمن كنت قد أصبت من عرضه، أو من بشره أو من شعره، أو من ماله شيئًا، فهذا عرض محمّدٍ، وشعره، وبشره، وماله، فليقم فليقتصّ، ولا يقولنّ أحدٌ منكم: إنّي أتخوّف من محمّدٍ العداوة والشّحناء، ألاّ إنّهما ليسا من طبيعتي، وليسا من خلقي قال: ثمّ انصرف، فلمّا كان من الغد أتيته، فقال: ابن عمّي، لا أحسب أنّ مقامي بالأمس أجزأ عنّي، خذ هذه العصابة، فاشدد بها رأسي قال: فشددت بها رأسه، قال: ثمّ توكّأ صلى الله عليه وسلم عليّ حتّى دخل المسجد، فقال مثل مقالته بالأمس، ثمّ قال صلى الله عليه وسلم: إنّ أحبّكم إلينا من اقتصّ، قال: فقام رجلٌ، فقال: يا رسول اللّه أرأيت يوم أتاك السّائل فسألك، فقلت: من معه شيءٌ يقرضنا؟ فأقرضتك ثلاثة دارهم، فقال صلى الله عليه وسلم: يا فضل، أعطه، فأعطيته، ثمّ قال صلى الله عليه وسلم: ومن غلب عليه فليسألنا ندع له قال: فقام رجلٌ، فقال: يا رسول اللّه، إنّي رجلٌ جبانٌ كثير النّوم، فدعا له قال الفضل: فلقد رأيته أشجعنا، وأقلّنا نومًا، قال: ثمّ أتى صلى الله عليه وسلم بيت عائشة، فقال للنّساء مثل ما قال للرّجال
4323 - وقال أبو بكرٍ: حدّثنا خالد بن مخلدٍ، عن موسى بن يعقوب الزّمعيّ، حدّثني أبو حازمٍ، عن سهل بن سعدٍ رضي اللّه عنه، قال: قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم: سيعزّي النّاس بعضهم بعضًا من بعدي للتّعزية بي فكان النّاس يقولون: ما هذا؟ فلمّا قبض رسول اللّه لقي النّاس بعضهم بعضًا يعزّي بعضهم بعضًا برسول اللّه صلى الله عليه وسلم
هذا إسنادٌ حسنٌ
4324 - وقال الطيالسي: حدّثنا صالح بن أبي الأخضر، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه قال: إن أبا بكر رضي الله عنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ميت، فقبل جبهته.
4325 - وقال مسدّدٌ: حدّثنا عبد الواحد، حدّثنا معمرٌ، عن الزّهريّ، عن سعيد بن المسيّب، قال: قال عليٌّ: وولي دفن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وإخفاءه دون النّاس أربعةٌ: عليٌّ، والعبّاس، والفضل، وصالحٌ، رضي اللّه عنهم، وألحد له لحدًا، ونصب عليه اللّبن نصبًا
4326 - وقال ابن أبي عمر: حدّثنا محمّد بن جعفر بن محمّدٍ، قال: كان أبي يذكره، عن أبيه، عن جدّه، عن عليٍّ رضي اللّه عنه، قال: إنّه دخل عليه نفرٌ من قريشٍ، فقال: ألا أحدّثكم عن أبي القاسم صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: بلى، قال: لمّا كان قبل وفاة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ، أهبط اللّه إليه جبريل، عليه السّلام، فقال: يا أحمد، إنّ اللّه أرسلني إليك إكرامًا لك، وتفضيلاً لك، وخاصّةً لك أسألك عمّا هو أعلم به منك، يقول: كيف تجدك؟ قال صلى الله عليه وسلم: أجدني يا جبريل مكروبًا ثمّ جاءه اليوم الثّاني فذكر مثله سواءً، ثمّ جاءه اليوم الثّالث فذكر مثله سواءً، وزاد: وأجدني يا جبريل مغمومًا، قال: وهبط مع جبريل، عليه السّلام، ملكٌ في الهواء، يقال له إسماعيل، على سبعين ألف ملكٍ، فقال له جبريل: يا أحمد هذا ملك الموت يستأذن عليك، ولم يستأذن على آدميٍّ قبلك، ولا يستأذن على آدميٍّ بعدك، فقال: ائذن له، فأذن له جبريل، عليه السّلام، فقال له ملك الموت: يا أحمد إنّ اللّه عزّ وجلّ أرسلني إليك، وأمرني أن أطيعك، إن أمرتني بقبض نفسك قبضتها، وإن كرهت تركتها، فقال جبريل، عليه السّلام: إنّ اللّه تعالى قد اشتاق إلى لقائك، قال صلى الله عليه وسلم: يا ملك الموت امض لما أمرت له فقال جبريل عليه السّلام: يا أحمد عليك السّلام هذا آخر وطئي الأرض، إنّما كنت حاجتي من الدّنيا، فلمّا قبض رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وجاءت التّعزية، جاء آتٍ يسمعون حسّه، ولا يرون شخصه، فقال: السّلام عليكم ورحمة اللّه، في اللّه عزاءٌ من كلّ مصيبةٍ، وخلفٌ من كلّ هالكٍ، ودركٌ من كلّ ما فات، فباللّه فثقوا، وإيّاه فارجوا، فإنّ المحروم من حرم الثّواب، وإنّ المصاب من حرم الثّواب، والسّلام عليكم، فقال: هل تدرون من هذا؟ هذا الخضر، عليه السّلام رواه الشّافعيّ في الآثار الّتي سمعها الطّحاويّ، عن المزنيّ عنه، قال: عن القاسم بن عبد اللّه بن عمر بن حفصٍ، عن جعفر بن محمّدٍ، عن أبيه، قال: إنّ رجالاً من قريشٍ دخلوا على أبيه عليّ بن الحسين، فقال: ألا أحدّثكم عن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: بلى، فحدّثنا، قال: لمّا مرض جاءه جبريل فذكر الحديث بطوله، إلاّ أنّه قال: يقال له إسماعيل على مائة ألف ملكٍ، كلّ ملكٍ منهم على مائة ألفٍ وقال فيه بعد تركتها فقال: أوتفعل يا ملك الموت؟ قال: نعم، بهذا أمرت، وأمرت أن أطيعك، قال: فنظر صلى الله عليه وسلم إليّ جبريل، فقال جبريل: يا محمّد، فذكر نحوه وقال بعد قوله الثّواب، فقال عليٌّ رضي اللّه عنه: تدرون من هذا؟ هذا الخضر عليه السّلام
- وقال عبد الله بن أحمد في زيادات الزهد: حدّثنا أبو كامل الجحدري، حدّثنا أبو عوانة، عن هلال بن خبّاب، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما نزلت ﴿إذا جاء نصر اللّه والفتح﴾ حتى ختم السورة، نعيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه حين أنزلت، فأخذ في أشد ما كان قط اجتهادًا في أمر الآخرة.
43 - باب غسل النبي صلى الله عليه وسلم
4328 - قال إسحاق: حدّثنا يزيد بن أبي حكيمٍ العدنيّ، حدّثنا الحكم بن أبانٍ، قال: سمعت عكرمة، يقول: سمعوا صوتًا عند وفاة النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فأسرع العبّاس، فأصاب رجله ظهر امرأةٍ من نساء النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال: يا أمّتاه، يا أمّتاه، يا أمّتاه، لا تلومينني هذه، فأدرك رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، يقول: الرّفيق الأعلى، قال العبّاس: فعلمت أنّه خيرٌ، فلمّا قضى على نبيّه صلى الله عليه وسلم الموت، غسّله عليّ بن أبي طالبٍ، والفضل بن العبّاس، وكان العبّاس يناولهم الماء من وراء السّتر، فقال: ما يمنعني أن أغسّله إلاّ أنّا كنّا صبيانًا نحمل الحجارة في المسجد... الحديث
فيه انقطاعٌ
4328 - أخبرنا إبراهيم بن الحكم بن أبانٍ، حدّثني أبي، نحوه
وقد رواه البزار، عن محمد بن إسماعيل بن سمرة، عن عبد الرحمن المحاربي، عن ابن الأصبهاني، أنه أخبره، عن مرة، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
4329 - وقال أحمد بن منيعٍ: سمعت سلمة بن صالحٍ، يحدّث، عن عبد الملك بن عبد الرّحمن، عن الأشعث بن طليقٍ، قال: إنّه سمع الحسن العرنيّ، يحدّث عن مرّة، عن ابن مسعودٍ رضي اللّه عنه، قال: نعى لنا نبيّنا وحبيبنا صلى الله عليه وسلم نفسه، ونفسي له الفداء، قبل موته بشهرٍ، فلمّا دنا الفراق جمعنا، صلى الله عليه وسلم، في بيت أمّنا عائشة رضي اللّه عنها، فنظر إلينا، فدمعت عينه، فتشهّد، ثمّ قال: مرحبًا بكم، حيّاكم اللّه، رحمكم اللّه، آواكم اللّه، حفظكم اللّه، نصركم اللّه، نفعكم اللّه، هداكم اللّه، وفّقكم اللّه، سلّمكم اللّه، قبلكم اللّه، رزقكم اللّه، رفعكم اللّه، أوصيكم بتقوى اللّه، وأوصي اللّه بكم، وأستخلفه عليكم، وإنّي أشهدكم أنّي لكم نذيرٌ مبينٌ، أن لا تعلوا على اللّه في عباده وبلاده، فإنّ اللّه تعالى قال لي ولكم: تلك الدّار الآخرة الآية وقال عزّ وجلّ: أليس في جهنّم مثوًى للمتكبّرين قلنا: فمتى الأجل؟ قال صلى الله عليه وسلم: دنا الأجل، والمنقلب إلى اللّه، وإلى السّدرة المنتهى، وإلى جنّة المأوى، وإلى الكأس الأوفى، والرّفيق الأعلى، والعيش الأهنا قلنا: فمن يغسّلك؟ قال صلى الله عليه وسلم: رجالٌ من أهل بيتي، الأدنى فالأدنى قلنا: ففيم نكفّنك؟ قال صلى الله عليه وسلم: في ثيابي هذه، أو في ثياب مصر، أو حلّةٍ يمانيةٍ قلنا: فمن يصلّي عليك؟ قال: فبكى صلى الله عليه وسلم وبكينا، فقال صلى الله عليه وسلم: مهلاً، غفر اللّه لكم، وجزاكم عن نبيّكم خيرًا، إذا غسّلتموني، وكفّنتموني، فضعوني على سريري في بيتي هذا، على شفير قبري هذا، ثمّ اخرجوا عنّي ساعةً، فأوّل من يصلّي عليّ خليلي وحبيبي جبريل، ثمّ ميكائيل، ثمّ إسرافيل، ثمّ ملك الموت، وجنوده من الملائكة بأجمعها، ثمّ ادخلوا عليّ فوجًا فوجًا، فصلّوا عليّ وسلّموا تسليمًا، ولا تؤذوني بتزكيةٍ، ولا بصيحةٍ، ولا رنّةٍ، وليبدأ بالصّلاة عليّ رجال أهل بيتي ونساؤهم، ثمّ أنتم بعد، ومن غاب عنّي من أصحابي، فأبلغوه عنّي السّلام، ومن دخل معكم في ديني من إخواني، فأبلغوه عنّي السّلام، وإنّي أشهدكم أنّي قد سلّمت على من يتّبعني على ديني من اليوم إلى يوم القيامة قلنا: فمن يدخلك قبرك؟ قال صلى الله عليه وسلم: أهلي مع ملائكةٍ كثيرٍ، يرونكم من حيث لا ترونهم قلت: في هذا تعقّب على البيهقيّ، حيث قال: إنّ سلامًا الطّويل تفرّد به، عن عبد الملك بن عبد الرّحمن.
قال البزّار: روي هذا عن مرّة من غير وجهٍ، والأسانيد عن مرّة متقاربةٌ، وعبد الرّحمن الأصبهانيّ، لم يسمع هذا من مرّة، إنّما أخبر به عنه، ولا نعلم رواه عن ابن مسعودٍ، رضي اللّه عنه، غير مرّة
44 - باب دفن النبي صلى الله عليه وسلم
4330 - قال إسحاق: أخبرنا بشر بن عمر الزّهرانيّ، قال: سمعت سليمان بن بلالٍ، يحدّث، قال: سمعت يحيى بن سعيدٍ، يحدّث، عن القاسم بن محمّدٍ، قال: كان النّاس اختلفوا في دفن النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكرٍ رضي اللّه عنه: سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، يقول: ما من نبيٍّ يموت، إلاّ يدفن حين يقبض فخطّوا حول فراش النّبيّ صلى الله عليه وسلم، ثمّ ادفنوه حيث قبض رواه أحمد بإسنادٍ متّصلٍ ضعيفٍ في أثناء حديثٍ، وأخرجه أيضًا بسندٍ معضلٍ، وهذه الطّريقة المرسلة أصحّ مخرجًا، وهي تعضّد ذلك المتّصل، وتشعر أنّ له أصلاً
4331 - أخبرنا الفضل بن موسى السّيناني، حدّثنا محمد بن عمرو، أخبرنا أشياخنا، عن عمر رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع عند المنبر، فجعل الناس يصلون عليه أفواجًا أفواجًا.
4332 - قال أبو بكر: حدّثنا أبو أسامة، عن مجالد، أخبرنا عامر - وهو الشعبي - قال: قال المغيرة بن شعبة رضي الله عنه إني لآخر الناس عهدًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، وإنا حفرنا له ولحدنا، فلما دفنوه وخرجوا، ألقيت الفأس في القبر، فقلت: الفأس، الفأس، فدخلت، فأخذته، ومسحت يدي على النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: مجالد ضعيف.
4332 - وقال أحمد بن منيع: حدّثنا هشيم، أخبرنا مجالد، عن الشعبي، عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كان يحدثنا هاهنا بالكوفة فقال: أخبرنا آخر الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: لما خرج علي بن أبي طالب من القبر، ودفن النبي صلى الله عليه وسلم ألقيت خاتمي، فقلت: يا أبا الحسن خاتمي. قال: انزل فخذ خاتمك. فنزلت وأخذت خاتمي، ووضعته على الكفن ثم خرجت.
4332 - وقال أبو يعلى: حدّثنا شجاع بن مخلد، حدّثنا هشيم، حدّثنا مجالد بهذا.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الزجر, كتاب

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:18 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir