بسم الله الرحمان الرحيم ...
الإجابة عن أسئلة المجموعة الأولى بإذن الله ...
السؤال الأول :
اكتب عن سيرة اثنين من مفسّري الصحابة رضي الله عنهم مبيّنا ما استفدته من دراستك لسيرتهما.
هو عبد الله بن مسعود بن غفيل الهذلي ، وأمه أم عبد ، كان ينسب إليها أحيانا وكان من السابقين الأولين في الإسلام ، وهاجر الهجرتين ، شهد بدرا ومابعدها من المشاهد ، تلقى من النبي صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة من القرآن وقال له النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام : "إنك لغلام معلم " وقال : " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل ، فليقرأه على قراءة ابن أم عبد " وفي صحيح البخاري أن ابن مسعود رضي الله عنه قال : "لقد علم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم أني من أعلمكم بكتاب الله . وقال : والله الذي لا إله غيره ، ما أنزلت سورة في من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت ، ولو أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه .
وكان ممن خدم النبي صلى الله عليه وسلم ، فكان صاحب نعليه وطهوره حتى قال أبو موسى الأشعري : " قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا مانرى إلا أن عبد الله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومن أجل ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم تأثر به وبهديه حتى قال فيه حذيفة : ما أعرف أحدا أقرب هديا وسمتا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد .
بعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفه ليعلمهم أمور دينهم وبعث عمارا أميرا ، وقال : إنهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فاقتدوا بهما ، ثم أمره عثمان على الكوفة ثم عزله وأمره بالرجوع إلى المدينة ، فتوفي بها سنة اثنتين وثلاثين ، ودفن بالبقيع وهو ابن بضع وسبعين سنة .
- عبد الله ابن عباس :
هو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ولد قبل الهجرة بثلاث سنين ، لازم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ابن عمه ، وخالته تحت النبي صلى الله عليه وسلم ، وضمه النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال : { اللهم علمه الحكمة وفي رواية الكتاب ، وقال له حين وضع له وضوءه : { اللهم فقهه في الدين } ، فكان بهذا الدعاء المبارك حبر الأمة في نشر التفسير والفقه حيث وفقه الله تعالى للحرص على العلم والجد في طلبه والصبر على تلقيه وبذله ، فنال بذلك مكانا عاليا ، حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يدعوه إلى مجالسه ويأخذ بقوله ، فقال المهاجرون : ألا تدعوا أبناءنا كما تدعوا ابن العباس ؟ ! فقال لهم : ذاكم فتى الكهول ، له لسان سئول وقلب عقول ، ثم دعاهم ذات يوم فأدخله معهم ليريهم منه ما رآه ، فقال عمر : ماتقولون في قول الله تعالى : { إذا جاء نصر الله والفتح } حتى ختم السورة ، فقال بعضهم أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا فتح علينا . وسكت بعضهم ، فقال عمر لابن عباس : أكذلك تقول ؟ قال : لا . قال : فما تقول ؟ قال : هو أجل الرسول صلى الله عليه وسلم أعلمه الله له ، { إذا جاء نصر الله والفتح } فتح مكة فذلك أجلك ، { فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا } . قال عمر : ما أعلم منها إلا ماتعلم . وقال ابن مسعود رضي الله عنه ، لنعم ترجمان القرآن ابن عباس ، لو أدرك أسناننا ماعاشره منا أحد ، أي ما كان نظيرا له ، هذا مع أن ابن عباس عاش بعده ستا وثلاثين سنة ، فما ظنك بما اكتسب بعده من العلم ؟
وقال ابن عمر لسائل سأله عن آية : انطلق إلى ابن عباس فاسأله ، فإنه أعلم من بقي بما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقال عطاء : ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس فقها وأعظم خشية ، إن أصحاب الفقه عنده ، وأصحاب القرآن عنده ، وأصحاب الشعر عنده يصدرهم كلهم من باب واسع .
وقال أبو وائل : خطبنا ابن عباس وهو على الموسم ( أي وال على موسم الحج من عثمان رضي الله عنه ) ، فافتتح سورة " النور " فجعل يقرأ ويفسر ، فجعلت أقول : ما رأيت ولا سمعت كلام رجل مثله ولو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت .
ولاه عثمان على موسم الحج سنة خمس وثلاثين ، وولاه علي على البصرة ، فلما قتل مضى إلى الحجاز فأقام في مكة ، ثم خرج منها إلى الطائف فمات فيها سنة ثمانية وستين عن إحدى وسبعين سنة .
استفدت من خلال دراستي لسيرة الصحابيين الجليلين والمفسرين القديرين عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس مايلي :
- حرص المؤمنين الأوائل على تبوأ أبنائهم الأماكن المميزة .
- الهمة العالية في تلقي العلم .
- الحرص على تبليغه .
- علامات كثرة ملازمة الأتقياء ،كما يقال : { من عاشر قوما صار منهم } .
- الحرص على طلب العلم رغم حداثة سنهم .
- أدب طالب العلم : ( لسان سؤول ، قلب فطن ) .
- تحمل المشاق من أجل طلب العلم .
- التواضع الجم في طلب العلم .
- كلما ازداد علم المرء بربه ازدادت خشيته لربه .
- احتقار النفس أمام الأتباع .
السؤال الثاني :
بين مزايا عصر التابعين في علم التفسير .
مزايا عصر التابعين في علم التفسير :
1- قربهم من عهد النبوة ورؤيتهم لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتتلمذهم على أيديهم وتأدبهم بآدابهم ورؤيتهم لبعض آثار النبوة .
2- عيشهم في الحكم الرشيد الذي فيه عزة للمؤمنين ونصرة للسنة وحفظ لها ، وحض على تعلم العلم الصحيح ونشره ، وتقديم أهل العلم والفضل ، وهذا الأمر إنما يعرف قدره من رأى ما حصل في القرون التالية من تقريب لأهل الأهواء والبدع حتى آذو أهل السنة إيذاءا شديدا د كما حصل لما قرب المؤمون ومن بعده من الخلفاء المعتزلة الذين حملوا الناس على القول بخلق القرآن وفتنوا المسلمين فتنة شديدة .
3- كونهم في عصر الاحتجاج اللغوي فكانوا أقرب إلى السلامة من اللحن ممن أتى بعدهم فلم يكن يعرف اللحن عن العلماء منهم ، وإنما كان قد يقع بعضه من بعض اللذين خالطوا العجم أو ممن أسلم من العجم ولم يكن سريان اللحن في أهل ذلك العصر كثيرا كما حصل في القرون التي بعدهم .
4- كثرة حلقات العلم في زمانهم ووفرة العلماء وقلة الأسانيد وهذا أدعى للحفظ والضبط .
والمقصود أن عصر التابعين أفضل العصور بعد عصر الصحابة رضي الله عنهم ، وما حدث في عصرهم من الفتن والآفات ، فنصيب عصرهم منه أقل بكثير من نصيب العصور التي أتت بعده ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : { خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم } متفق عليه .
السؤال الثالث :
- عدد أنواع ما بلغنا من الإسرائيليات على وجه الإجمال.
الإسرائيليات :الأخبار المنقولة عن بني إسرائيل من اليهود - وهو الأكثر - أو من النصارى .
وتنقسم هذه الأخبار إلى ثلاثة أنواع :
الأول :
ما أقره الإسلام وشهد بصدقه فهو حق .
مثاله : ما رواه البخاري وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال : يامحمد ، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع ، والأرضين على إصبع ، والشجر على إصبع ،والماء والثرى على إصبع ، وسائر الخلائق على إصبع . فيقول : أنا الملك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه ، تصديقا لقول الحبر ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : { وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون } (الزمر : 67)
الثاني :
ما أنكره الإسلام وشهد بكذبه فهو باطل :
مثاله : ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه ، قال : كانت اليهود تقول : إذا جامعها من ورائها جاء الولد أحول ، فنزلت : { نسائكم حرث لكم فاتو حرثكم أنى شئتم } ( البقرة : 223 ) .
الثالث :
مالم يقره الإسلام ولم ينكره فيجب التوقف فيه ، لما رواه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانبة ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لاتصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا {آمنا بالله وما أنزل} } الآية ، (البقرة : 136 ) ولكن التحدث بهذا النوع ، جائز إذا لم يخش محضور لقول النبي صلى الله عليه وسلم ، { بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إيرائيل ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار } رواه البخاري .
تم بحمد الله .