دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة البناء في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #26  
قديم 27 جمادى الأولى 1436هـ/17-03-2015م, 04:57 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

المسائل التفسيرية
( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا)
- المقصود من الآية
- مرجع الضمير في ( عليك) ك
- ما اشتمل عليه القرآن. س
- معنى تنزيلا. ش
- مناسبة الآية لما قبلها. ك
- نوع الصبر في الآية ك س
- عاقبة الصبر. ك
- مرجع الضمير في منهم. ك. س
- المقصود من النهي في لا تطع. ك
- المراد بالآثم ك. س. ش
- المراد بالكفور ك. س ش
- سبب النهي عن طاعتهم س. ش
- المقصود بحكمه في الآية. ش
- المقصود بالآثم ش
- المقصود بالكفور ش
(واذكر اسم ربك
- لم أمره الله بالذكر س
- معنى بكرة وأصيلا ك س
- المراد بالذكر س ش
( ومن الليل
- معنى فاسجد له س
- المراد بكثرة السجود. س
- مقدار الصلاة في الليل س
( إن هؤلاء
- المقصود من الآية. ك
- المراد بهؤلاء ك. س
- المراد باليوم الثقيل ك. س
- المقصود بيحبون. س
- معنى يذرون س
- معنى وراءهم س
- المراد بالعالجة س
- لم سمي ثقيلا س
( نحن خلقناهم
- معنى اسرهم ك
- وقت تبديلهم ك
- وجه الاستدلال بالآية. ك
- معنى الآية. ك. س
- معنى خلقناهم س
- معنى ( شدد اسرهم ) س. ش
- مناسبة الآية لما قبلها س
- معنى ( بدلنا أمثالهم تبديلا ). س. ش
( إن هذه تذكره
- المقصود باسم الاشارة إن هذه ك ش
- معنى سبيلا ك. س
- المراد من الآية ك
- معنى كون هذه تذكرة س
- كيف يكون السبيل ش
- دلالة الآية ك س
- معنى عليما ك
-معنى حكيما ك
- معنى الآية. ش
( يدخل من يشاء
- معنى الآية. ك
- المقصود بالدخول في وحمة الله س
- من هم الظالمون س
- سبب عذابهم. س

تحرير المسائل:
تفسير قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) )
- مرجع الضمير في عليك
الرسول صلى الله عليه وسلم . ذكر ذلك ابن كثير
- المقصود من الآية
يقول تعالى ممتنًّا على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بما نزّله عليه من القرآن العظيم تنزيلًا).
ذكره ابن كثير
- ما يشتمل عليه القرآن .
فيه الوعدُ والوَعيدُ، وبيانُ كلِّ مَا يَحْتَاجُه العِبادُ، وفيهِ الأمْرُ بالقِيَامِ بأوامِرِه وشرائعِه أَتَمَّ القِيامِ، والسَّعْيُ في تَنْفِيذِها، والصبرُ على ذلك.
ولهذا قالَ: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً}). ذكره السعدي

- المراد من قوله ( تنزيلا )
أيْ: فَرَّقْنَاهُ في الإنزالِ ولم نُنْزِلْه جُملةً واحدةً، ولم تَأتْ به مِن عِندِك كما يَدَّعِيهِ الْمُشْرِكونَ).ذكره الاشقر

تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) )
- مناسبة الآية لما قبلها . ك
يقول الله تعالى : كما أكرمتك بما أنزلت عليك، فاصبر على قضائه وقدره، ذكره ابن كثير
- نوع الصبر في الآية
اصبِرْ لِحُكْمِه القَدَرِيِّ فلا تَسْخَطْهُ, ولِحُكْمِه الدينِيِّ فامْضِ عليه, ولا يَعُوقُكَ عنه عائقٌ. ذكره السعدي وبعض من قول ابن كثير
- عاقبة صبره .
سيدبره الله بحسن تدبيره، ابن كثير
- مرجع الضمير في منهم .
أي: لا تطع الكافرين والمنافقين ومِن الْمُعَانِدِينَ، الذينَ يُريدونَ أنْ يَصُدُّوكَ . قال به ابن كثير والسعدي
-المقصود من النهي
أن امض في دعوتك و بلّغ ما أنزل إليك من ربّك، وتوكّل على اللّه؛ فإنّ اللّه يعصمك من النّاس.ذكره ابن كثير
( المراد بالآثم .
فالآثم هو الفاعل إثم ومعصية الفاجر في أفعاله، قول ابن كثير والسعدي والاشقر
( المراد بالكفور .
والكفور هو الكافر بقلبه الغال بالكفر قاله ابن كثير والاشقر
- سبب النهي عن طاعة الآثم والكفور
لان طاعةَ الكُفَّارِ والفُجَّارِ والفُسَّاقِ
لا بُدَّ أنْ تكونَ في المعاصي فلا يَأْمُرُونَ إلاَّ بما تَهْوَاهُ أنْفُسُهم. فقد قال له عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارْجِعْ عن هذا الأمْرِ ونحن نُرْضِيكَ بالمالِ والتزويجِ
ذكره السعدي والاشقر
- المراد بحكمه في الآية
مِن حُكْمِه وقَضائِه تَأخيرُ نَصْرِك إلى أجَلٍ اقْتَضَتْهُ حِكمتُه. الاشقر
- المرادُ بقولِه: {آثِمًا}
عُتبةُ بنُ رَبيعةَ، ذكره الاشقر
- المراد بقوله {أَوْ كَفُوراً}
الوليدُ بنُ الْمُغيرةِ؛ قاله الاشقر
تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) )
أي: أول النّهار وآخره). ابن كثير والسعدي
- لم أَمَرَه اللَّهُ بالذكر .
لَمَّا كانَ الصبْرُ يُساعِدُه القيامُ بعبادةِ اللَّهِ والإكثارُ مِن ذِكْرِه، أمره بذلك، فقالَ: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}؛ذكره السعدي
- معنى بكرة واصيلا
أي: أوَّلَ النهارِ وآخِرَه . السعدي
-المراد بقوله واذكر اسم ربك
صَلِّ لرَبِّكَ أوَّلَ النهارِ وآخِرَه، فأوَّلُ النهارِ: صلاةُ الصبْحِ، وآخِرُه: صلاةُ العصْرِ ذكره الاشقر
وقال السعدي: فدَخَلَ في ذلك الصلواتُ المكتوباتُ وما يَتْبَعُها مِن النوافلِ والذِّكْرِ، والتسبيحِ والتهليلِ والتكبيرِ في هذه الأوقاتِ.

تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) )
- معنى فاسجد له
أي: أَكْثِرْ له مِن السجودِ، والا يكونُ ذلك إلاَّ بالإكثارِ مِن الصلاةِ. كقوله: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 79] وكقوله: {يا أيّها المزّمّل قم اللّيل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا} [المزّمّل: 1-4] ابن كثير والسعدي
- مقدار الصلاة في الليل س)
وقد تَم تَقييدُ هذا الْمُطْلَقِ بقولِه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} الآيةَ . السعدي

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) )
- المراد في قوله هؤلاء
الكفاروخاصة كفار مكة والمكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم ومن أشبههم في حبّ الدّنيا والإقبال عليها والانصباب إليها، وترك الدّار الآخرة وراء ظهورهم. ابن كثيروالسعدي والاشقر
-المقصود من الآية
الانكار على الكفار . ابن كثير
- المقصود ب يحبون العاجلة
يُؤْثِرونَ {الْعَاجِلَةَ} يَطْمَئِنُّونَ . السعدي
- معنى العاجلة
الحياة الدنيا الاشقر
- معنى يذرون
أي: يَتْرُكُونَ العملَ ويُهْمِلُونَ .السعدي
- معنى {وَرَاءَهُمْ}
أي: أمامَهم. السعدي
-المراد باليوم الثقيل
يعني: يوم القيامة . مِقدارُه خَمسونَ ألْفَ سنةٍ ممَّا تَعُدُّونَ.
وقالَ تعالى: {يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}. فكأنَّهم ما خُلِقُوا إلاَّ للدنيا والإقامةِ فيها). ابن كثير والسعدي
-لم سمي ثقيل
سُمِّيَ ثَقيلاً لِمَا فيه مِن الشدائدِ والأهوالِ، فهم لا يَسْتَعِدُّونَ له ولا يَعْبَؤُونَ به). الاشقر

تفسير قوله تعالى: (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28) )
- مناسبة الآية لما قبلها .
فالذي أَوْجَدَهم على هذهِ الحالةِ، قادرٌ على أنْ يُعِيدَهم بعدَ مَوْتِهم لِجَزَائِهم، والذي نَقَلَهم في هذه الدارِ إلى هذه الأطوارِ لا يَلِيقُ به أنْ يَتْرُكَهم سُدًى، لا يُؤْمَرُونَ ولا يُنْهَوْنَ ولا يُثَابُونَ ولا يُعاقَبُونَ.
ولهذا قالَ: {بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً}؛السعدي

- معنى {خَلَقْنَاهُمْ
أي: أَوْجَدْنَاهم مِن العَدَمِ. السعدي
- معنى اسرهم
يعني خلقهم قال به ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وغير واحدٍ ذكره ابن كثير
- معنى {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ}
أي: أَحْكَمْنَا خِلْقَتَهُم بالأعصابِ، والعُروقِ، والأوتارِ، والقُوَى الظاهرةِ والباطنةِ و شَدَدْنَا أَوْصَالَهم بعضاً إلى بعضٍ بالعُروقِ والعصَبِ،، حتى تَمَّ الْجِسمُ واسْتَكْمَلَ، وتَمَكَّنَ مِن كلِّ ما يُريدُه.السعدي والاشقر
- معنى التبديل
ورد فيه أقوال:
الاول: وإذا شئنا أتينا بقومٍ آخرين غيرهم، كقوله: {إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا} [النّساء: 133] وكقوله: {إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديدٍ وما ذلك على اللّه بعزيزٍ} [إبراهيم: 19، 20، وفاطرٍ 16، 17]قال ابن زيدٍ، وابن جريرٍ ذكره ابن كثير وقال به الاشقر
الثاني: إذا شئنا بعثناهم يوم القيامة، وبدلناهم فأعدناهم بأعيانهم خلقًا جديدًا . قال به ابن كثير والسعدي
- وقت التبديل
يوم القيامة قاله ابن كثير
-وجه الاستدلال بالآية
استدلالٌ بالبداءة على الرّجعة. ذكره ابن كثير والسعدي

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) )
- المقصود باسم الاشارة {إنّ هذه}
يعني: هذه السّورة . ذكره ابن كثير والاشقر
- معنى كون هذه تذكره .
أي: يَتَذَكَّرُ بها المُؤْمِنُ فيَنْتَفِعُ بما فيها مِن التخويفِ والترغيبِ. ذكره السعدي
- معنى سبيلا .
أي طريقًا ومسلكًا ، ابن كثير
أي: طَريقاً مُوَصِّلاً إليه، السعدي
- المراد بالسبيل
القرآن أي: من شاء اهتدى بالقرآن، كقوله: {وماذا عليهم لو آمنوا باللّه واليوم الآخر وأنفقوا ممّا رزقهم اللّه وكان اللّه بهم عليمًا} [النساء: 39] ). ذكره ابن كثير
الحق والهدى فاللَّهُ يُبَيِّنُ الحقَّ والْهُدَى، ثم يُخَيِّرُ الناسَ بينَ الاهتداءِ بها أو النفورِ عنها، معَ قِيامِ الْحُجَّةِ عليهم) السعدي
- كيف يكون اتخاذ السبيل
يكون بالإيمانِ والطاعةِ . الاشقر

تفسير قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) )

-دلالة الآية {وما تشاءون إلا أن يشاء اللّه}
أي:إنَّ مَشيئةَ اللَّهِ نافذةٌ لا يقدر أحدٌ أن يهدي نفسه، ولا يدخل في الإيمان ولا يجر لنفسه نفعًا، {إلا أن يشاء اللّه إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا} . حاصل كلام ابن كثير والسعدي

-معنى عليما
أي: عليمٌ بمن يستحقّ الهداية فييسّرها له، ويقيّض له أسبابها، ومن يستحقّ الغواية فيصرفه عن الهدى، ذكره ابن كثير
- معنى حكيما
وله الحكمة البالغة، والحجّة الدّامغة؛ ولهذا قال تعالى: {إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا}).ابن كثير

- المراد بالحكمة في الآية
الحكمةُ في هدايةِ الْمُهْتَدِي وإضلالِ الضالِّ . السعدي

- معنى الآية
أيْ: وما تَشاؤونَ أنْ تَتَّخِذُوا إلى اللهِ سَبيلاً إلاَّ أنْ يَشاءَ اللهُ، فالأمْرُ إليه سُبحانَه ليس إليهم، والخيرُ والشرُّ بيدِه، فمَشيئةُ العبْدِ مُجَرَّدَةً لا تَأتِي بخيرٍ ولا تَدفعُ شَرًّا، إلا إنْ أَذِنَ اللهُ بذلك). الاشقر

تفسير قوله تعالى: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31) )
- المقصود بالدخول في رحمه الله
أي: يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء، ومن يهده فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له. ابن كثير
قيل أي : فيَخْتَصُّهُ بعِنايتِه، ويُوَفِّقُه لأسبابِ السعادةِ ويَهْدِيهِ لطُرُقِها. قاله السعدي
وقيل أيْ: يُدْخِلُ في رَحمتِه مَن يَشاءُ أنْ يُدْخِلَه فيها، أو يُدْخِلُ في جَنَّتِه مَن يَشاءُ مِن عِبادِه . قاله الاشقر

- من هم الظالمون.
الذين اخْتَارُوا الشَّقَاءَ على الْهُدَى . السعدي
-سبب عذاب الظالمين
بسبب بظُلْمِهم وعُدْوَانِهم). السعدي


سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك واتوب اليك

رد مع اقتباس
  #27  
قديم 7 جمادى الآخرة 1436هـ/27-03-2015م, 12:18 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضاوي الهطلاني مشاهدة المشاركة
المسائل التفسيرية
( إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا)
- المقصود من الآية
- مرجع الضمير في ( عليك) ك
- ما اشتمل عليه القرآن. س
- معنى تنزيلا. ش
- مناسبة الآية لما قبلها. ك
- نوع الصبر في الآية ك س
- عاقبة الصبر. ك
- مرجع الضمير في منهم. ك. س
- المقصود من النهي في لا تطع. ك
- المراد بالآثم ك. س. ش
- المراد بالكفور ك. س ش
- سبب النهي عن طاعتهم س. ش
- المقصود بحكمه في الآية. ش
- المقصود بالآثم ش
- المقصود بالكفور ش
(واذكر اسم ربك
- لم أمره الله بالذكر س
- معنى بكرة وأصيلا ك س
- المراد بالذكر س ش
( ومن الليل
- معنى فاسجد له س
- المراد بكثرة السجود. س
- مقدار الصلاة في الليل س
( إن هؤلاء
- المقصود من الآية. ك
- المراد بهؤلاء ك. س
- المراد باليوم الثقيل ك. س
- المقصود بيحبون. س
- معنى يذرون س
- معنى وراءهم س
- المراد بالعالجة س
- لم سمي ثقيلا س
( نحن خلقناهم
- معنى اسرهم ك
- وقت تبديلهم ك
- وجه الاستدلال بالآية. ك
- معنى الآية. ك. س
- معنى خلقناهم س
- معنى ( شدد اسرهم ) س. ش
- مناسبة الآية لما قبلها س
- معنى ( بدلنا أمثالهم تبديلا ). س. ش
( إن هذه تذكره
- المقصود باسم الاشارة إن هذه ك ش
- معنى سبيلا ك. س
- المراد من الآية ك
- معنى كون هذه تذكرة س
- كيف يكون السبيل ش
- دلالة الآية ك س
- معنى عليما ك
-معنى حكيما ك
- معنى الآية. ش
( يدخل من يشاء
- معنى الآية. ك
- المقصود بالدخول في وحمة الله س
- من هم الظالمون س
- سبب عذابهم. س




تحرير المسائل:
تفسير قوله تعالى: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآَنَ تَنْزِيلًا (23) )
- مرجع الضمير في عليك
الرسول صلى الله عليه وسلم . ذكر ذلك ابن كثير
- المقصود من الآية
يقول تعالى ممتنًّا على رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بما نزّله عليه من القرآن العظيم تنزيلًا).
ذكره ابن كثير
- ما يشتمل عليه القرآن . من مقاصد إنزال القرآن
فيه الوعدُ والوَعيدُ، وبيانُ كلِّ مَا يَحْتَاجُه العِبادُ، وفيهِ الأمْرُ بالقِيَامِ بأوامِرِه وشرائعِه أَتَمَّ القِيامِ، والسَّعْيُ في تَنْفِيذِها، والصبرُ على ذلك.
ولهذا قالَ: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلاَ تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً}). ذكره السعدي

- المراد من قوله ( تنزيلا ) ما يفيده مجيء الفعل {نزلنا} على هذه الصيغة.
أيْ: فَرَّقْنَاهُ في الإنزالِ ولم نُنْزِلْه جُملةً واحدةً، ولم تَأتْ به مِن عِندِك كما يَدَّعِيهِ الْمُشْرِكونَ).ذكره الاشقر

تفسير قوله تعالى: (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آَثِمًا أَوْ كَفُورًا (24) )
- مناسبة الآية لما قبلها . ك
يقول الله تعالى : كما أكرمتك بما أنزلت عليك، فاصبر على قضائه وقدره، ذكره ابن كثير
- نوع الصبر في الآية متعلق الصبر
اصبِرْ لِحُكْمِه القَدَرِيِّ فلا تَسْخَطْهُ, ولِحُكْمِه الدينِيِّ فامْضِ عليه, ولا يَعُوقُكَ عنه عائقٌ. ذكره السعدي وبعض من قول ابن كثير
- عاقبة صبره .
سيدبره الله بحسن تدبيره، ابن كثير
- مرجع الضمير في منهم .
أي: لا تطع الكافرين والمنافقين ومِن الْمُعَانِدِينَ، الذينَ يُريدونَ أنْ يَصُدُّوكَ . قال به ابن كثير والسعدي
-المقصود من النهي
أن امض في دعوتك و بلّغ ما أنزل إليك من ربّك، وتوكّل على اللّه؛ فإنّ اللّه يعصمك من النّاس.ذكره ابن كثير
( المراد بالآثم .
فالآثم هو الفاعل إثم ومعصية الفاجر في أفعاله، قول ابن كثير والسعدي والاشقر
( المراد بالكفور .
والكفور هو الكافر بقلبه الغال بالكفر قاله ابن كثير والاشقر
- سبب النهي عن طاعة الآثم والكفور
لان طاعةَ الكُفَّارِ والفُجَّارِ والفُسَّاقِ
لا بُدَّ أنْ تكونَ في المعاصي فلا يَأْمُرُونَ إلاَّ بما تَهْوَاهُ أنْفُسُهم. فقد قال له عتبة بن ربيعة والوليد بن المغيرة للنبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارْجِعْ عن هذا الأمْرِ ونحن نُرْضِيكَ بالمالِ والتزويجِ هذا يذكر ضمن أسباب النزول أول الملخص.
ذكره السعدي والاشقر
- المراد بحكمه في الآية
مِن حُكْمِه وقَضائِه تَأخيرُ نَصْرِك إلى أجَلٍ اقْتَضَتْهُ حِكمتُه. الاشقر واللفظ عام.
- المرادُ بقولِه: {آثِمًا}
عُتبةُ بنُ رَبيعةَ، ذكره الاشقر يكفي ذكره ضمن سبب النزول
- المراد بقوله {أَوْ كَفُوراً}
الوليدُ بنُ الْمُغيرةِ؛ قاله الاشقر
تفسير قوله تعالى: (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (25) )
أي: أول النّهار وآخره). ابن كثير والسعدي هذا ليس تفسيرا شاملا للآية، ولم تحددي الموضع الذي يفسره في عنوان المسألة.
- لم أَمَرَه اللَّهُ بالذكر . مناسبة الآية لما قبلها.
لَمَّا كانَ الصبْرُ يُساعِدُه القيامُ بعبادةِ اللَّهِ والإكثارُ مِن ذِكْرِه، أمره بذلك، فقالَ: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}؛ذكره السعدي
- معنى بكرة واصيلا هذه المسألة ترتيبها بعد مسألة المراد بالذكر.
أي: أوَّلَ النهارِ وآخِرَه . السعدي
-المراد بقوله واذكر اسم ربك
صَلِّ لرَبِّكَ أوَّلَ النهارِ وآخِرَه، فأوَّلُ النهارِ: صلاةُ الصبْحِ، وآخِرُه: صلاةُ العصْرِ ذكره الاشقر
وقال السعدي: فدَخَلَ في ذلك الصلواتُ المكتوباتُ وما يَتْبَعُها مِن النوافلِ والذِّكْرِ، والتسبيحِ والتهليلِ والتكبيرِ في هذه الأوقاتِ.
فلنجمع القولين إذن.
تفسير قوله تعالى: (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا (26) )
- معنى فاسجد له
أي: أَكْثِرْ له مِن السجودِ، والا يكونُ ذلك إلاَّ بالإكثارِ مِن الصلاةِ. كقوله: {ومن اللّيل فتهجّد به نافلةً لك عسى أن يبعثك ربّك مقامًا محمودًا} [الإسراء: 79] وكقوله: {يا أيّها المزّمّل قم اللّيل إلا قليلا نصفه أو انقص منه قليلا أو زد عليه ورتّل القرآن ترتيلا} [المزّمّل: 1-4] ابن كثير والسعدي كثرة السجود تفهم من قوله {ليلا طويلا} أما مسألتنا فمعناها: صلّ له.
- مقدار الصلاة في الليل س) مقدار الوقت المأمور بالقيام فيه.
وقد تَم تَقييدُ هذا الْمُطْلَقِ بقولِه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً} الآيةَ . السعدي

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا (27) )
- المراد في قوله هؤلاء
الكفاروخاصة كفار مكة والمكذبين للرسول صلى الله عليه وسلم ومن أشبههم في حبّ الدّنيا والإقبال عليها والانصباب إليها، وترك الدّار الآخرة وراء ظهورهم. ابن كثيروالسعدي والاشقر
-المقصود من الآية
الانكار على الكفار . ابن كثير
- المقصود ب يحبون العاجلة
يُؤْثِرونَ {الْعَاجِلَةَ} يَطْمَئِنُّونَ . السعدي
- معنى العاجلة
الحياة الدنيا الاشقر
- معنى يذرون
أي: يَتْرُكُونَ العملَ ويُهْمِلُونَ .السعدي
- معنى {وَرَاءَهُمْ}
أي: أمامَهم. السعدي
-المراد باليوم الثقيل
يعني: يوم القيامة . مِقدارُه خَمسونَ ألْفَ سنةٍ ممَّا تَعُدُّونَ.
وقالَ تعالى: {يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ}. فكأنَّهم ما خُلِقُوا إلاَّ للدنيا والإقامةِ فيها). ابن كثير والسعدي
-لم سمي ثقيل
سُمِّيَ ثَقيلاً لِمَا فيه مِن الشدائدِ والأهوالِ، فهم لا يَسْتَعِدُّونَ له ولا يَعْبَؤُونَ به). الاشقر

تفسير قوله تعالى: (نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا (28) )
- مناسبة الآية لما قبلها .
فالذي أَوْجَدَهم على هذهِ الحالةِ، قادرٌ على أنْ يُعِيدَهم بعدَ مَوْتِهم لِجَزَائِهم، والذي نَقَلَهم في هذه الدارِ إلى هذه الأطوارِ لا يَلِيقُ به أنْ يَتْرُكَهم سُدًى، لا يُؤْمَرُونَ ولا يُنْهَوْنَ ولا يُثَابُونَ ولا يُعاقَبُونَ. يعني المناسبة: الاستدلال على البداءة بالإعادة
ولهذا قالَ: {بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلاً}؛السعدي

- معنى {خَلَقْنَاهُمْ
أي: أَوْجَدْنَاهم مِن العَدَمِ. السعدي
- معنى اسرهم
يعني خلقهم قال به ابن عبّاسٍ، ومجاهدٌ، وغير واحدٍ ذكره ابن كثير
- معنى {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ}
أي: أَحْكَمْنَا خِلْقَتَهُم بالأعصابِ، والعُروقِ، والأوتارِ، والقُوَى الظاهرةِ والباطنةِ و شَدَدْنَا أَوْصَالَهم بعضاً إلى بعضٍ بالعُروقِ والعصَبِ،، حتى تَمَّ الْجِسمُ واسْتَكْمَلَ، وتَمَكَّنَ مِن كلِّ ما يُريدُه.السعدي والاشقر
- معنى التبديل
ورد فيه أقوال:
الاول: وإذا شئنا أتينا بقومٍ آخرين غيرهم أطوع منهم، وذلك في الدنيا، كقوله: {إن يشأ يذهبكم أيّها النّاس ويأت بآخرين وكان اللّه على ذلك قديرًا} [النّساء: 133] وكقوله: {إن يشأ يذهبكم ويأت بخلقٍ جديدٍ وما ذلك على اللّه بعزيزٍ} [إبراهيم: 19، 20، وفاطرٍ 16، 17]قال ابن زيدٍ، وابن جريرٍ ذكره ابن كثير وقال به الاشقر
الثاني: إذا شئنا بعثناهم يوم القيامة، وبدلناهم فأعدناهم بأعيانهم خلقًا جديدًا . قال به ابن كثير والسعدي
- وقت التبديل
يوم القيامة قاله ابن كثير
-وجه الاستدلال بالآية
استدلالٌ بالبداءة على الرّجعة. ذكره ابن كثير والسعدي

تفسير قوله تعالى: (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (29) )
- المقصود باسم الاشارة {إنّ هذه} مرجع اسم الإشارة.
يعني: هذه السّورة . ذكره ابن كثير والاشقر
- معنى كون هذه السورة تذكره .
أي: يَتَذَكَّرُ بها المُؤْمِنُ فيَنْتَفِعُ بما فيها مِن التخويفِ والترغيبِ. ذكره السعدي
- معنى سبيلا .
أي طريقًا ومسلكًا ، ابن كثير
أي: طَريقاً مُوَصِّلاً إليه، السعدي
- المراد بالسبيل
القرآن أي: من شاء اهتدى بالقرآن، كقوله: {وماذا عليهم لو آمنوا باللّه واليوم الآخر وأنفقوا ممّا رزقهم اللّه وكان اللّه بهم عليمًا} [النساء: 39] ). ذكره ابن كثير
الحق والهدى فاللَّهُ يُبَيِّنُ الحقَّ والْهُدَى، ثم يُخَيِّرُ الناسَ بينَ الاهتداءِ بها أو النفورِ عنها، معَ قِيامِ الْحُجَّةِ عليهم) السعدي
- كيف يكون اتخاذ السبيل
يكون بالإيمانِ والطاعةِ واتباع القرآن. الاشقر

تفسير قوله تعالى: (وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (30) )

-دلالة الآية {وما تشاءون إلا أن يشاء اللّه} على ماذا؟ نقول: دلالتها على أن للعبد مشيئة لكنها لا تخرج عن طاعة الله.
أي:إنَّ مَشيئةَ اللَّهِ نافذةٌ لا يقدر أحدٌ أن يهدي نفسه، ولا يدخل في الإيمان ولا يجر لنفسه نفعًا، {إلا أن يشاء اللّه إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا} . حاصل كلام ابن كثير والسعدي

-معنى عليما
أي: عليمٌ بمن يستحقّ الهداية فييسّرها له، ويقيّض له أسبابها، ومن يستحقّ الغواية فيصرفه عن الهدى، ذكره ابن كثير
- معنى حكيما
وله الحكمة البالغة، والحجّة الدّامغة؛ ولهذا قال تعالى: {إنّ اللّه كان عليمًا حكيمًا}).ابن كثير

- المراد بالحكمة في الآية
الحكمةُ في هدايةِ الْمُهْتَدِي وإضلالِ الضالِّ . السعدي
يمكنك جمع هاتين المسألتين في مسألة: مناسبة ختم الآية بهذين الاسمين.
- معنى الآية
أيْ: وما تَشاؤونَ أنْ تَتَّخِذُوا إلى اللهِ سَبيلاً إلاَّ أنْ يَشاءَ اللهُ، فالأمْرُ إليه سُبحانَه ليس إليهم، والخيرُ والشرُّ بيدِه، فمَشيئةُ العبْدِ مُجَرَّدَةً لا تَأتِي بخيرٍ ولا تَدفعُ شَرًّا، إلا إنْ أَذِنَ اللهُ بذلك). الاشقر

تفسير قوله تعالى: (يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا (31) )
- المقصود بالدخول في رحمه الله
أي: يهدي من يشاء ويضلّ من يشاء، ومن يهده فلا مضلّ له، ومن يضلل فلا هادي له. ابن كثير ليس لهذا القول تعلقا بالمسألة
قيل أي : فيَخْتَصُّهُ بعِنايتِه، ويُوَفِّقُه لأسبابِ السعادةِ ويَهْدِيهِ لطُرُقِها. قاله السعدي
وقيل أيْ: يُدْخِلُ في رَحمتِه مَن يَشاءُ أنْ يُدْخِلَه فيها، أو يُدْخِلُ في جَنَّتِه مَن يَشاءُ مِن عِبادِه . قاله الاشقر والشطر الثاني من هذه الجملة هو ما يتعلق بالمسألة
فيكون الدخول في رحمة الله بالعناية الخاصة بالعبد والتوفيق لأسباب الهداية والسعادة ودخول الجنة.

- من هم الظالمون.
الذين اخْتَارُوا الشَّقَاءَ على الْهُدَى . السعدي
-سبب عذاب الظالمين
بسبب بظُلْمِهم وعُدْوَانِهم). السعدي


سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك واتوب اليك
أحسنت، بارك الله فيك
التقييم:
- الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 30/30
- الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 19/20
- التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 18/20
- الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 14/15
- العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15

النسبة: 96 %
وفقك الله

رد مع اقتباس
  #28  
قديم 1 رجب 1436هـ/19-04-2015م, 07:29 AM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

قال الله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنه واليه تحشرون}
المسائل التفسيرية:
- الحياة الحقيقية النافعة وبما تحصل.
- معنى( لما يحييكم)
- كيف تكون الحياة بالجهاد .
- أنواع حياة الإنسان المضطر لها.
- فائدة حياة البدن.
- ضرر نقص حياة البدن.
- معنى حياة القلب والروح.
- فائدة هذه الحياة .
- الوحي هو مادة حياك القلب و الروح
- الوحي روح و نور وحياة
- مقارنة بين حياة البدن وحياة الروح.
- المراد بالنور في قوله تعالى :{أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس }
قوله تعالى : {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنه وإليه تحشرون}
- الأقوال في تفسير هذه الآية.
- القول المشهور.
- وجه مناسبته للآية.
- القول الآخر .
- ترجيح ابن القيم.
- من دلائل هذه الآية.


تحرير المسائل :
قال الله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم }

- الحياة الحقيقية النافعة وبما تحصل.
الحياة الحقيقيّة الطّيبة هي حياة من استجاب لله والرّسول ظاهرا وباطنا فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان ولهذا كان أكمل النّاس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرّسول فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول.
الحياة النافعة الطيبة إنّما تحصل بالاستجابة لله ورسوله فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات.
- معنى( لما يحييكم)
اختلفت أقوال العلماء في معنى ( لما يحييكم )
أولا: يعني للحق. قال به مجاهد.
ثانياً: هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدّنيا والآخرة. قال به قتادة.
ثالثاً: هو الإسلام أحياهم به بعد موتهم بالكفر .- قاله السّديّ
رابعا: يعني للحرب الّتي أعزكم الله بها بعد الذل وقوّاكم بعد الضعف ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم. - قاله ابن إسحاق وعروة بن الزبير واللّفظ له.
وهذه كل عبارات عن حقيقة واحدة وهي القيام بما جاء به الرّسول ظاهرا وباطنا.
خامساً: هو الجهاد . قال به الواحدي والأكثرون وهو قول ابن إسحق واختيار أكثر أهل المعاني.
سادساً: إذا دعاكم إلى إحياء أمركم بجهاد عدوكم .قال به الفراء.
يريد أن أمرهم إنّما يقوى بالحرب والجهاد فلو تركوا الجهاد ضعف أمرهم واجترأ عليهم عدوهم.
سابعاً: {لما يحييكم} يعني الشّهادة. قال به ابن قتيبة.
- : {لما يحييكم} يعني الجنّة فإنّها دار الحيوان وفيها الحياة الدائمة الطّيبة .قال به بعض المفسّرين حكاه أبو عليّ الجرجانيّ.
الترجيح : والآية تتناول هذا كله فإن الإيمان والإسلام والقرآن والجهاد يحيي القلوب الحياة الطّيبة وكمال الحياة في الجنّة والرّسول داع إلى الإيمان وإلى الجنّة فهو داع إلى الحياة في الدّنيا والآخرة
- كيف تكون الحياة بالجهاد .
الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدّنيا وفي البرزخ وفي الآخرة، أما في الدّنيا فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد وأما في البرزخ فقد قال تعالى: {ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون}، وإمّا في الآخرة فإن حظّ المجاهدين والشّهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظّ غيرهم ولهذا قال ابن قتيبة: {لما يحييكم} يعني الشّهادة.
- أنواع حياة الإنسان المضطر لها.
1- حياة البدن .
2- حياة القلب والروح
- فائدة حياة البدن.
حياة بدنه بها يدرك النافع والضار ويؤثر ما ينفعه على ما يضرّه
- ضرر نقص حياة البدن.
متى نقصت فيه هذه الحياة ناله من الألم والضعف بحسب ذلك ولذلك كانت حياة المريض والمحزون وصاحب الهم والغم والخوف والفقر والذل دون حياة من هو معافى من ذلك.
- معنى حياة القلب والروح.
حياة القلب والروح هي الّتي بها يميّز بين الحق والباطل والغي والرشاد والهوى والضلال فيختار الحق على ضدّه.
- فائدة هذه الحياة .
تفيده هذه الحياة :
- قوّة التميز بين النافع والضار في العلوم والإرادات والأعمال .
- وتفيده قوّة الإيمان والإرادة والحب للحق وقوّة البغض والكراهة للباطل فشعوره وتمييزه وحبه ونفرته بحسب نصيبه من هذه الحياة.
- مادة هذه الروح هو الوحي المنزل على الرسول عليه الصلاة والسلام
- وحيه روح و نور وحياة
{كذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا} فأخبر أن وحيه روح ونور
قال تعالى: {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها} فجمع له بين النّور والحياة كما جمع لمن أعرض عن كتابه بين الموت والظلمة
- قال ابن عبّاس وجميع المفسّرين: كان كافرًا ضالًّا فهديناه.

- مقارنة بين حياة البدن وحياة الروح.
كما أن البدن الحيّ يكون شعوره وإحساسه بالنافع والمؤلم أتم ويكون ميله إلى النافع ونفرته عن المؤلم أعظم فهذا بحسب حياة البدن وذاك بحساب حياة القلب فإذا بطلت حياته بطل تمييزه وإن كان له نوع تمييز لم يكن فيه قوّة يؤثر بها النافع على الضار كما أن الإنسان لا حياة له حتّى ينفخ فيه الملك الّذي هو رسول الله من روحه فيصير حيا بذلك النفخ وان كان قبل ذلك من جملة الأموات فكذلك لا حياة لروحه وقلبه حتّى ينفخ فيه الرّسول من الرّوح الّذي ألقى إليه قال تعالى: {ينزّل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده}، وقال: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده}،وقال: و{كذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا} فأخبر أن وحيه روح ونور
فالحياة والاستنارة موقوفة على نفخ الرّسول الملكي فمن أصابه نفخ الرّسول الملكي ونفخ الرّسول البشري حصلت له الحياتان ومن حصل له نفخ الملك دون نفخ الرّسول حصلت له إحدى الحياتي وفاتته الأخرى.
قال تعالى: {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها} فجمع له بين النّور والحياة كما جمع لمن أعرض عن كتابه بين الموت والظلمة
- قال ابن عبّاس وجميع المفسّرين: كان كافرًا ضالًّا فهديناه.
- المراد بالنور في قوله تعالى : {وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس}
يراد به عدة أمور:
أحدها: أنه يمشي في النّاس بالنور وهم في الظلمة فمثله ومثلهم كمثل قوم أظلم عليهم اللّيل فضلوا ولم يهتدوا للطريق وآخر معه نور يمشي به في الطّريق ويراها ويرى ما يحذره فيها.
وثانيها: أنه يمشي فيهم بنوره فهم يقتبسون منه لحاجتهم إلى النّور.
وثالثها: أنه يمشي بنوره يوم القيامة على الصّراط إذا بقي أهل الشّرك والنفاق في ظلمات شركهم ونفاقهم.


قوله تعالى : {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنه وإليه تحشرون}
- الأقوال في تفسير هذه الآية.
- القول المشهور.:
أنه يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان ويحول بين أهل طاعته وبين معصيته وبين أهل معصيته وبين طاعته وهذا قول ابن عبّاس وجمهور المفسّرين.
- وجه مناسبة الآية
فوجه المناسبة أنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة وأبطأتم عنها فلا تأمنوا أنّ اللّه يحول بينكم وبين قلوبكم فلا يمكنكم بعد ذلك من الاستجابة عقوبة لكم على تركها بعد وضوح الحق واستبانته فيكون كقوله: {ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرّةٍ}، وقوله: {فلمّا زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم}، وقوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل}
- القول الآخر .
في الآية قول آخر: أن المعنى أنه سبحانه قريب من قلبه لا تخفى عليه خافية فهو بينه وبين قلبه ذكره الواحدي عن قتادة .
- ترجيح ابن القيم.
هذا أنسب بالسياق لأن الاستجابة أصلها بالقلب فلا تنفع الاستجاب بالبدن دون القلب فإن الله سبحانه بين العبد وبين قلبه فيعلم هل استجاب له قلبه وهل أضمر ذلك أو أضمر خلافه.
- من دلائل هذه الآية.
- في الآية تحذير عن ترك الاستجابة بالقلب وان استجاب بالجوارح.
- وفي الآية سر آخر وهو أنه جمع لهم بين الشّرع والأمر به وهو الاستجابة وبين القدر والإيمان به فهي كقوله: {لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤن إلّا أن يشاء الله رب العالمين}، وقوله: {فمن شاء ذكره وما يذكرون إلّا أن يشاء الله} والله أعلم). [الفوائد: 88-91]

رد مع اقتباس
  #29  
قديم 1 رجب 1436هـ/19-04-2015م, 06:52 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضاوي الهطلاني مشاهدة المشاركة
قال الله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنه واليه تحشرون}
المسائل التفسيرية:
- الحياة الحقيقية النافعة وبما تحصل.
- معنى( لما يحييكم)
- كيف تكون الحياة بالجهاد .
- أنواع حياة الإنسان المضطر لها.
- فائدة حياة البدن.
- ضرر نقص حياة البدن.
- معنى حياة القلب والروح.
- فائدة هذه الحياة .
- الوحي هو مادة حياك القلب و الروح
- الوحي روح و نور وحياة
- مقارنة بين حياة البدن وحياة الروح.
- المراد بالنور في قوله تعالى :{أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس }
قوله تعالى : {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنه وإليه تحشرون}
- الأقوال في تفسير هذه الآية.
- القول المشهور.
- وجه مناسبته للآية.
- القول الآخر .
- ترجيح ابن القيم.
- من دلائل هذه الآية.


تحرير المسائل :
قال الله تعالى: {يا أيّها الّذين آمنوا استجيبوا لله وللرّسول إذا دعاكم لما يحييكم }

- الحياة الحقيقية النافعة وبما تحصل.
الحياة الحقيقيّة الطّيبة هي حياة من استجاب لله والرّسول ظاهرا وباطنا فهؤلاء هم الأحياء وإن ماتوا وغيرهم أموات وإن كانوا أحياء الأبدان ولهذا كان أكمل النّاس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرّسول فإن كل ما دعا إليه ففيه الحياة فمن فاته جزء منه فاته جزء من الحياة وفيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول.
الحياة النافعة الطيبة إنّما تحصل بالاستجابة لله ورسوله فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات.
- معنى( لما يحييكم)
اختلفت أقوال العلماء في معنى ( لما يحييكم )
أولا: يعني للحق. قال به مجاهد.
ثانياً: هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدّنيا والآخرة. قال به قتادة.
ثالثاً: هو الإسلام أحياهم به بعد موتهم بالكفر .- قاله السّديّ
رابعا: يعني للحرب الّتي أعزكم الله بها بعد الذل وقوّاكم بعد الضعف ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم. - قاله ابن إسحاق وعروة بن الزبير واللّفظ له.
وهذه كل عبارات عن حقيقة واحدة وهي القيام بما جاء به الرّسول ظاهرا وباطنا. هذه العبارة تؤخر لحين الكلام عن القول الراجح.
خامساً: هو الجهاد . قال به الواحدي والأكثرون وهو قول ابن إسحق واختيار أكثر أهل المعاني. يعود للقول الرابع
سادساً: إذا دعاكم إلى إحياء أمركم بجهاد عدوكم .قال به الفراء. مكرّر
يريد أن أمرهم إنّما يقوى بالحرب والجهاد فلو تركوا الجهاد ضعف أمرهم واجترأ عليهم عدوهم.
سابعاً: {لما يحييكم} يعني الشّهادة. قال به ابن قتيبة. من لوازم القول الرابع.
- : {لما يحييكم} يعني الجنّة فإنّها دار الحيوان وفيها الحياة الدائمة الطّيبة .قال به بعض المفسّرين حكاه أبو عليّ الجرجانيّ. هذا قول خامس.
الترجيح : والآية تتناول هذا كله فإن الإيمان والإسلام والقرآن والجهاد يحيي القلوب الحياة الطّيبة وكمال الحياة في الجنّة والرّسول داع إلى الإيمان وإلى الجنّة فهو داع إلى الحياة في الدّنيا والآخرة
- كيف تكون الحياة بالجهاد . لو قلنا: بيان أن الجهاد من أفضل أسباب الحياة النافعة.
الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدّنيا وفي البرزخ وفي الآخرة، أما في الدّنيا فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد وأما في البرزخ فقد قال تعالى: {ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون}، وإمّا في الآخرة فإن حظّ المجاهدين والشّهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظّ غيرهم ولهذا قال ابن قتيبة: {لما يحييكم} يعني الشّهادة.
ولو تكلمنا عن الحياة التي تكون بالإيمان والقرآن والحياة التي تكون في الجنة، لظهرت لنا مسألة مهمة وهي: الحياة المقصودة في الآية. (راجعي نموذج الإجابة)

- أنواع حياة الإنسان المضطر لها.
1- حياة البدن .
2- حياة القلب والروح
- فائدة حياة البدن.
حياة بدنه بها يدرك النافع والضار ويؤثر ما ينفعه على ما يضرّه
- ضرر نقص حياة البدن.
متى نقصت فيه هذه الحياة ناله من الألم والضعف بحسب ذلك ولذلك كانت حياة المريض والمحزون وصاحب الهم والغم والخوف والفقر والذل دون حياة من هو معافى من ذلك.
- معنى حياة القلب والروح.
حياة القلب والروح هي الّتي بها يميّز بين الحق والباطل والغي والرشاد والهوى والضلال فيختار الحق على ضدّه.
- فائدة هذه الحياة .
تفيده هذه الحياة :
- قوّة التميز بين النافع والضار في العلوم والإرادات والأعمال .
- وتفيده قوّة الإيمان والإرادة والحب للحق وقوّة البغض والكراهة للباطل فشعوره وتمييزه وحبه ونفرته بحسب نصيبه من هذه الحياة.
- مادة هذه الروح هو الوحي المنزل على الرسول عليه الصلاة والسلام
- وحيه روح و نور وحياة (اربطي دائما عنوان المسألة بموضوع الدرس الرئيس، ولنقل: كيف تكون حياة القلب والروح)
{كذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا} فأخبر أن وحيه روح ونور
قال تعالى: {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها} فجمع له بين النّور والحياة كما جمع لمن أعرض عن كتابه بين الموت والظلمة
- قال ابن عبّاس وجميع المفسّرين: كان كافرًا ضالًّا فهديناه.

- مقارنة بين حياة البدن وحياة الروح.
كما أن البدن الحيّ يكون شعوره وإحساسه بالنافع والمؤلم أتم ويكون ميله إلى النافع ونفرته عن المؤلم أعظم فهذا بحسب حياة البدن وذاك بحساب حياة القلب فإذا بطلت حياته بطل تمييزه وإن كان له نوع تمييز لم يكن فيه قوّة يؤثر بها النافع على الضار كما أن الإنسان لا حياة له حتّى ينفخ فيه الملك الّذي هو رسول الله من روحه فيصير حيا بذلك النفخ وان كان قبل ذلك من جملة الأموات فكذلك لا حياة لروحه وقلبه حتّى ينفخ فيه الرّسول من الرّوح الّذي ألقى إليه قال تعالى: {ينزّل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده}، وقال: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده}،وقال: و{كذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا} فأخبر أن وحيه روح ونور
فالحياة والاستنارة موقوفة على نفخ الرّسول الملكي فمن أصابه نفخ الرّسول الملكي ونفخ الرّسول البشري حصلت له الحياتان ومن حصل له نفخ الملك دون نفخ الرّسول حصلت له إحدى الحياتي وفاتته الأخرى.
قال تعالى: {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها} فجمع له بين النّور والحياة كما جمع لمن أعرض عن كتابه بين الموت والظلمة
- قال ابن عبّاس وجميع المفسّرين: كان كافرًا ضالًّا فهديناه.
- المراد بالنور في قوله تعالى : {وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس} (أيضا ما علاقة هذه الآية بالحياة النافعة؟ أن لها ثمرت ومنها هذا النور)
يراد به عدة أمور:
أحدها: أنه يمشي في النّاس بالنور وهم في الظلمة فمثله ومثلهم كمثل قوم أظلم عليهم اللّيل فضلوا ولم يهتدوا للطريق وآخر معه نور يمشي به في الطّريق ويراها ويرى ما يحذره فيها.
وثانيها: أنه يمشي فيهم بنوره فهم يقتبسون منه لحاجتهم إلى النّور.
وثالثها: أنه يمشي بنوره يوم القيامة على الصّراط إذا بقي أهل الشّرك والنفاق في ظلمات شركهم ونفاقهم.


قوله تعالى : {واعلموا أنّ اللّه يحول بين المرء وقلبه وأنه وإليه تحشرون}
- الأقوال في تفسير هذه الآية.
- القول المشهور.:
أنه يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان ويحول بين أهل طاعته وبين معصيته وبين أهل معصيته وبين طاعته وهذا قول ابن عبّاس وجمهور المفسّرين.
- وجه مناسبة الآية
فوجه المناسبة أنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة وأبطأتم عنها فلا تأمنوا أنّ اللّه يحول بينكم وبين قلوبكم فلا يمكنكم بعد ذلك من الاستجابة عقوبة لكم على تركها بعد وضوح الحق واستبانته فيكون كقوله: {ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرّةٍ}، وقوله: {فلمّا زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم}، وقوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل}
- القول الآخر .
في الآية قول آخر: أن المعنى أنه سبحانه قريب من قلبه لا تخفى عليه خافية فهو بينه وبين قلبه ذكره الواحدي عن قتادة .
- ترجيح ابن القيم.
هذا أنسب بالسياق لأن الاستجابة أصلها بالقلب فلا تنفع الاستجاب بالبدن دون القلب فإن الله سبحانه بين العبد وبين قلبه فيعلم هل استجاب له قلبه وهل أضمر ذلك أو أضمر خلافه.
- من دلائل هذه الآية.
- في الآية تحذير عن ترك الاستجابة بالقلب وان استجاب بالجوارح.
- وفي الآية سر آخر وهو أنه جمع لهم بين الشّرع والأمر به وهو الاستجابة وبين القدر والإيمان به فهي كقوله: {لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤن إلّا أن يشاء الله رب العالمين}، وقوله: {فمن شاء ذكره وما يذكرون إلّا أن يشاء الله} والله أعلم). [الفوائد: 88-91]


أحسن الله إليك وبارك فيك
يلاحظ حصول تشقيق في بعض المسائل وخاصة المسألة المتعلقة بحياة الروح والبدن، كما أنك أسهبت في الكلام عنها نوعا ما.
هذا نموذج للتلخيص أرجو أن يفيدك، بارك الله فيك ووفقك لكل خير.


تلخيص تفسير قوله تعالى: {يا ايها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}


● مقصد الآية
بيان الأسباب الجالبة للحياة الطيبة في قوله تعالى: {لما يحييكم}
● الحياة المذكورة في الآية
أنواع الحياة التي يحتاجها العبد وكيفية تحصيل كل نوع
● من ثمرات حياة القلب في الدنيا والآخرة
● معنى قوله تعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه}
مناسبة قوله تعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} لما قبله

● مقصد الآية
أن الحياة النافعة إنّما تحصل بالاستجابة لله ورسوله فمن لم تحصل له هذه الاستجابة فلا حياة له وإن كانت له حياة بهيمية مشتركة بينه وبين أرذل الحيوانات، وأن أكمل النّاس حياة أكملهم استجابة لدعوة الرّسول؛ فمن فاته جزء منها فاته جزء من الحياة ويكون فيه من الحياة بحسب ما استجاب للرسول.

بيان الأسباب الجالبة للحياة الطيبة في قوله تعالى: {لما يحييكم}

ورد في أنواع هذه الأسباب أقوال وهي:
1- الحق، قاله مجاهد
2- القرآن، قاله قتادة
3- الإسلام، قاله السدي
4- الحرب والجهاد في سبيل الله، قاله ابن إسحاق وعروة بن الزبير والواحدي والفراء وعليه الأكثرون.
5- الجنة، حكاه أبو علي الجرجاني عن بعض المفسرين
قال ابن القيم: وهذه كلها عبارات عن حقيقة واحدة وهي القيام بما جاء به الرّسول ظاهرا وباطنا.
والآية تتناول هذا كله فإن الإيمان والإسلام والقرآن والجهاد يحيي القلوب الحياة الطّيبة وكمال الحياة في الجنّة والرّسول داع إلى الإيمان وإلى الجنّة فهو داع إلى الحياة في الدّنيا والآخرة

● الحياة المذكورة في الآية
- القول الأول: أنها حياة الروح والقلب
وهي التي تكون بالإيمان والإسلام واتّباع القرآن.

قال قتادة:
{لما يحييكم} هو هذا القرآن فيه الحياة والثقة والنجاة والعصمة في الدّنيا والآخرة.
وقال السّديّ:
{لما يحييكم} هو الإسلام أحياهم به بعد موتهم بالكفر .
- القول الثاني: أنها الحياة العزيزة
وهي الحياة التي يحياها المسلمون في الدنيا بالجهاد في سبيل الله.

قال ابن إسحاق وعروة بن الزبير واللّفظ له: {لما يحييكم} يعني للحرب الّتي أعزكم الله بها بعد الذل وقوّاكم بعد الضعف ومنعكم بها من عدوكم بعد القهر منهم لكم.

وقال الفراء: إذا دعاكم إلى إحياء أمركم بجهاد عدوكم يريد أن أمرهم إنّما يقوى بالحرب والجهاد فلو تركوا الجهاد ضعف أمرهم واجترأ عليهم عدوهم.
وقال ابن القيّم: الجهاد من أعظم ما يحييهم به في الدّنيا وفي البرزخ وفي الآخرة، أما في الدّنيا فإن قوتهم وقهرهم لعدوهم بالجهاد وأما في البرزخ فقد قال تعالى: {ولا تحسبنّ الّذين قتلوا في سبيل اللّه أمواتاً بل أحياءٌ عند ربهم يرزقون}، وإمّا في الآخرة فإن حظّ المجاهدين والشّهداء من حياتها ونعيمها أعظم من حظّ غيرهم ولهذا قال ابن قتيبة: {لما يحييكم} يعني الشّهادة.
- القول الثالث: أنها الحياة التامّة الدائمة
وهي الحياة الكاملة الدائمة للروح والبدن والتي لا تكون إلا في الجنة
قال بعض المفسّرين:
{لما يحييكم} يعني الجنّة فإنّها دار الحيوان وفيها الحياة الدائمة الطّيبة.
وكل ما سبق من معاني من الحياة النافعة التي يحتاجها العباد.

أنواع الحياة التي يحتاجها العبد وكيفية تحصيل كل منهما
الإنسان مضطر إلى نوعين من الحياة:
- الأولى: حياة بدنه
الّتي بها يدرك النافع والضار ويؤثر ما ينفعه على ما يضرّه ومتى نقصت فيه هذه الحياة ناله من الألم والضعف بحسب ذلك، وهذه الحياة تحصل
بنفخ الملك الّذي هو رسول الله من روحه فيصير حيا بذلك النفخ.
- والثانية: حياة قلبه وروحه
وهي الّتي بها يميّز بين الحق والباطل والغي والرشاد والهوى والضلال فيختار الحق على ضدّه فتفيده هذه الحياة قوّة التميز بين النافع والضار في العلوم والإرادات والأعمال وتفيده قوّة الإيمان والإرادة والحب للحق وقوّة البغض والكراهة للباطل فشعوره وتمييزه وحبه ونفرته بحسب نصيبه من هذه الحياة.

وحصول هذه الحياة يكون بنفخ الرّسول البشري من الرّوح الّذي ألقى إليه قال تعالى: {ينزّل الملائكة بالرّوح من أمره على من يشاء من عباده}، وقال: {يلقي الرّوح من أمره على من يشاء من عباده}، وقال: و{كذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نوراً نهدي به من نشاء من عبادنا} فأخبر أن وحيه روح ونور.


● من ثمرات حياة القلب في الدنيا والآخرة

في قوله
تعالى: {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس كمن مثله في الظّلمات ليس بخارج منها} جمع للمؤمن به بين النّور والحياة، كما جمع لمن أعرض عن كتابه بين الموت والظلمة.
قال ابن عبّاس وجميع المفسّرين: كان كافرًا ضالًّا فهديناه.
وقوله: {وجعلنا له نوراً يمشي به في النّاس} يتضمّن أمورا:
أحدها: أنه يمشي في النّاس بالنور وهم في الظلمة فمثله ومثلهم كمثل قوم أظلم عليهم اللّيل فضلوا ولم يهتدوا للطريق وآخر معه نور يمشي به في الطّريق ويراها ويرى ما يحذره فيها.
وثانيها: أنه يمشي فيهم بنوره فهم يقتبسون منه لحاجتهم إلى النّور.
وثالثها: أنه يمشي بنوره يوم القيامة على الصّراط إذا بقي أهل الشّرك والنفاق في ظلمات شركهم ونفاقهم.

● معنى قوله تعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه}
ورد في معناها قولان:
- القول الأول: أنه يحول بين المؤمن وبين الكفر وبين الكافر وبين الإيمان ويحول بين أهل طاعته وبين معصيته وبين أهل معصيته وبين طاعته، وهذا قول ابن عبّاس وجمهور المفسّرين.

- القول الثاني: أن المعنى أنه سبحانه قريب من قلبه لا تخفى عليه خافية فهو بينه وبين قلبه، ذكره الواحدي عن قتادة واختاره ابن القيّم.
قال: وكأن هذا أنسب بالسياق لأن الاستجابة أصلها بالقلب فلا تنفع الاستجابة بالبدن دون القلب فإن الله سبحانه بين العبد وبين قلبه فيعلم هل استجاب له قلبه وهل أضمر ذلك أو أضمر خلافه.


● مناسبة قوله تعالى: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} لما قبله.
- على القول الأول فوجه المناسبة أنكم إن تثاقلتم عن الاستجابة وأبطأتم عنها فلا تأمنوا أنّ اللّه يحول بينكم وبين قلوبكم فلا يمكنكم بعد ذلك من الاستجابة عقوبة لكم على تركها بعد وضوح الحق واستبانته فيكون كقوله: {ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أوّل مرّةٍ}، وقوله: {فلمّا زاغوا أزاغ اللّه قلوبهم}، وقوله: {فما كانوا ليؤمنوا بما كذّبوا من قبل} ففي الآية تحذير عن ترك الاستجابة بالقلب وان استجاب بالجوارح.

- ومناسبة أخرى: أنه في الشطر الأول من الآية ذكر الشّرع والأمر به وهو الاستجابة {استجيبوا لله وللرسول ..}، ثم ذكر القدر والإيمان به في قوله: {واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه} فهي كقوله: {لمن شاء منكم أن يستقيم وما تشاؤن إلّا أن يشاء الله رب العالمين}، وقوله: {فمن شاء ذكره وما يذكرون إلّا أن يشاء الله}.


تقييم التلخيص :
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 30 / 27
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) : 20 / 16
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 15 /13
خامساً: العرض
(حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 15 / 15

= 91 %
وفقك الله

رد مع اقتباس
  #30  
قديم 18 رجب 1436هـ/6-05-2015م, 04:44 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
1
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أمر بالاستقامة على دينه ، و وعد بالنصر والتمكين لمن أقام الدين ، ثم الصلاة والتسليم على خير الورى ، خير من استقام وبها أمر فقال : " قل آمنت ثم استقم " أما بعد
فالله تعالى يقول:( فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) [هود: 112].
تضمنت هذه الآية عدة أمور
الأول : مناسبة الأمر بالاستقامة :
جاء أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالاستقامة في موضعين من القرآن الكريم ، قال تعالى في سورة هود : (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ* وَإِنَّ كُلًّا لَّمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ إِنَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ* فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
وفي سورة الشورى قال تعالى :(شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ* وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ* فَلِذَٰلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ....)
فعند التأمل بسياق الآيتين نجد أن الأمر بالاستقامة جاء بعد ذكر حال الأمم السابقة وكيف أنهم لم يستقيموا على دين الله بل زاغوا واختلفوا وتفرقوا مما كان سبباً لهلاكهم فإذاً طريق السلامة طريق واحد و النجاة من عدم التفرق والإختلاف يكون في الاستقامة على دين الله لذلك أمر نبيه عليه الصلاة والسلام بالاستقامة في الآيتين وفي آية هود أمر معه أمته بالاستقامة أيضاً.
قال السعدي -رحمه الله-:ثم لما أخبر بعدم استقامتهم، التي أوجبت اختلافهم وافتراقهم, أمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم، ومن معه، من المؤمنين، أن يستقيموا كما أمروا.
و قال الطاهر بن عاشور- رحمه الله-: ولمّا كان الاختلاف في كتاب موسى عليه السّلام إنّما جاء من أهل الكتاب عطف على أمر النّبيء صلى الله عليه وسلم بالاستقامة على كتابه أمرُ المؤمنين بتلك الاستقامة أيضاً ، لأنّ الاعوجاج من دواعي الاختلاف في الكتاب بنهوض فرق من الأمة إلى تبديله لمجاراة أهوائهم ، ولأنّ مخالفة الأمّة عمداً إلى أحكام كتابها إن هو إلاّ ضرب من ضروب الاختلاف فيه ، لأنّه اختلافها على أحكامه . وفي الحديث : " فإنّما أهلكَ الذين من قبلكم كثرةُ مسائلهم واختلافُهم على أنبيائهم " ، فلا جرم أن كانت الاستقامة حائلاً دون ذلك ، إذ الاستقامة هي العمل بكمال الشريعة بحيث لا ينحرف عنها قِيد شبر . انتهى
بهذا يتبين السرّ في الأمر بالاستقامة بعد ذكر اختلاف الأمم السابقة وتفرقهم ليبين سبيل النجاة وهو الاستقامة على الدين والثبات عليه.
الأمرالثاني: في هذه الآية أمر بالاستقامة التي فيها مجامع الدين كله ، أما حقيقة الاستقامة، فإن كلمات السلف من الصحابة ومن بعدهم تدور على معنى واحد في الجملة، ألا وهو أن الاستقامة هي : التمسك بالصراط المستقيم ، والدين القويم ، الذي لا عوج فيه ، بفعل المأمورات كلها ظاهراً وباطناً ، وترك المنهيات كلها ، والمداومة على ذلك ، والثبوت عليه ، من غير اعوجاج عنه يمنة ولا يسرة ولو قيد شبر .
قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-: " الاستقامة أن تستقيم على الأمر والنهي ولا تروغ روغان الثعلب."
وقوله: ( فاستقم )
قيل : هذا أمر للنبي صلى الله عليه وسلم بالاستقامة و هو أمرٌ بالثبات على الاستقامة، ولغيره أمر بها وبالثبات عليها، يقول ابن عطية رحمه الله: "أَمْرُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالاستقامة ـ وهو عليها ـ إنما هو أمر بالدوام والثبوت، وهذا كما تأمر إنساناً بالمشي والأكل ونحوه، وهو ملتبس به"
و قيل : استفعل هنا للطلب ، أي : اطلب الإقامة على الدين من الله واسأله ذلك ، كما تقول : استغفر ، أي : اطلب الغفران .
والتحقيق إن كلا القولين لا تعارض بينهما فالخطاب أمر بالإستقامة على الدين والثبات عليه والمداومة عليه والعبد مهما اجتهد في ذلك فإنه لا غنى له عن سؤال الله الثبات ، والإستقامة على الدين ،فإنَّ الاستقامة والثبات عليْها بيد الله - تعالى - حيث قال: (مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ)[الأنعام: 39]. ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يسأل ربه الثبات فيكثر أن يقول " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك" ويستغفر في اليوم مئة مرة فلعله كان يمتثل هذه الآية والله أعلم .ولهذا أمرنا أن نكرر في اليوم والليلة سبعة عشر مرة على أقل تقدير قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)[الفاتحة: 6]، فاللهم اهدنا صراط المستقيم، وثبتنا عليه يا رب العالمين.
وقوله تعالى:( فاستقم ) قال ابن عيينة وجماعة : معناه : استقم على القرآن ، وقال الضحاك : استقم بالجهاد ، وقال مقاتل : امض على التوحيد ، وقال جماعة : استقم على أمر ربك بالدعاء إليه.
وهذه كلها عبارات عن حقيقة واحدة وهي الإستقامة على الدين فالقرآن هو مصدر تشريع الدين والمضي على التوحيد يعني إلتزامه وهو حقيقة دعوة الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو الغاية من الخلق والاستقامة بالجهاد لنشر هذا الدين ليستقيم الناس عليه وتحريرهم من عبودية الشيطان وكل ذلك مع دعاء الله بالثبات من الاستقامة .
يقول ابن القيِّم - رحِمه الله -: "فالاستقامة كلِمة جامعة، آخِذة بمجامع الدين، وهي القيام بين يدَي الله على حقيقة الصِّدْق والوفاء".
والمعنى: فالزم وثابر يا محمد ومن آمن معك على طريق الاستقامة في الاعتقاد والأعمال، وتطبيق أوامر القرآن في العبادات والمعاملات، وهي درجة تتطلب جهاد النفس، والترفع عن الأهواء والشهوات.
وإن من تأمل هذا الأمر الإلهي للنبي صلى الله عليه وسلم تبين له عظم وخطورة هذا الأمر ـ أعني الاستقامة والثبات على الدين ـ كيف، وهما اللتان أقضتا مضاجع الصالحين؟!
روى البيهقي في "الشعب" عن أبي عبدالرحمن السلمي قال: سمعت أبا علي السري يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام! فقلت: يا رسول الله! روي عنك أنك قلت: "شيبتني هود"؟ فقال: "نعم" فقلت له: ما الذي شيبك منها؟ قصص الأنبياء وهلاك الأمم؟! فقال: "لا، ولكن قوله: فاستقم كما أمرت".
وهذه الرؤيا ـ كما لا يخفى ـ هي كغيرها لا يعتمد عليها في الأحكام الشرعية، ولا في تصحيح أو تضعيف الأحاديث، ومنها: الحديث المشهور: "شيبتني هود وأخواتها" فإنه حديث مضطرب الإسناد، كما بين ذلك جمع من الحفاظ كالترمذي والدارقطني وابن حجر رحمهم الله جميعاً، وإنما الغرض هنا الاستئناس بهذه الرؤيا على عظيم موقع هذا الأمر الإلهي من نفس النبي صلى الله عليه وسلم.
وأصل الاستقامة في القلب
يقول ابن رجب - رحمه الله -: "أصل الاستِقامة استقامة القلْب على التَّوحيد ... فمتى استقام القلب على معرفة الله وعلى خشيته وإجلاله ومهابته ومحبَّته وإرادته، ورجائه ودعائه والتوكُّل عليه والإعراض عمَّا سواه - استقامت الجوارح كلّها على طاعته، فإنَّ القلب هو ملك الأعضاء، وهي جنوده؛ فإذا استقام الملك استقامت جنوده ورعاياه، وأعظم ما يراعى استقامته بعد القلب من الجوارح: اللِّسان؛ فإنَّه ترجمان القلب والمعبِّر عنه".
الثالث: إن الاستقامة الاتباع لا البتداع:
هذه الاستقامة مقيدة هنا بقوله : ( كما أمرت ) أي : كما أمرك الله لا كما تريد .
قال الشوكاني:
أي كما أمرك الله ، فيدخل في ذلك جميع ما أمره به وجميع ما نهاه عنه ، لأنه قد أمره بتجنب ما نهاه عنه ، كما أمره بفعل ما تعبده بفعله ، وأمته أسوته في ذلك ، ولهذا قال :( ومن تاب معك )
فهي كلمة جامعة لكل ما يتعلق بالعلم والعمل وسائر الأخلاق فتشمل العقائد والأعمال المشتركة بينه صلى الله عليه وسلم وبين سائر المؤمنين والأمور الخاصة به عليه الصلاة والسلام من تبليغ الأحكام والقيام بوظائف النبوة وتحمل أعباء الرسالة وغير ذلك،
وقال طاهر عاشور :والكاف في "كما أمرت " لتشبيه معنى المماثلة ، أي استقامة مثل الذي أمرت به ، أي على وفاقه ، أي وافية بما أمرت به .انتهى
أي :مثل الاستقامة التي أمرت في العقائد والأعمال والأخلاق فإن الاستقامة في العقائد اجتناب التشبيه والتعطيل، وفي الأعمال الاحتراز عن الزيادة والنقصان وفي الأخلاق التباعد عن طرفي الإفراط والتفريط وهذا في غاية العسر.
وفي الآية على ما قال غير واحد دليل على وجوب اتباع المنصوص عليه من غير انحراف مجرد التشهي وإعمال العقل الصرف فإن ذلك طغيان وضلال، وأما العمل بمقتضى الاجتهاد التابع لعلل النصوص فذلك من باب الاستقامة كما أمر على موجب النصوص الآمرة بالاجتهاد.
وروى الدارمي أبو محمد في مسنده عن عثمان بن حاضر الأزدي قال : دخلت على ابن عباس فقلت أوصني ! فقال : نعم ! عليك بتقوى الله والاستقامة ، اتبع ولا تبتدع .
الأمر الثالث: الاستقامة والتوبة
في قوله في الآية: (َمَن تَابَ مَعَكَ)
نجد أنه وصف من آمن معه بوصف التوبة
( ومن تاب معك )أي : من تاب من الشرك
فالاستقامة تصاحبها التوبة والاستغفار لأنه ليس معنى الاستقامة عدم الوقوع بالذنب فابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون وأيضا مهما أجتهد العبد بالاستقامة فإنه لن يحصي القيام بها تامة وفي سورة فصلت
أمر الله مع الاستِقامة بالاستغفار من الذَّنب؛ ممَّا يدلُّ على أنَّ الاستقامة قد يقع فيها خلل، وهذا أمر وارد ويُجبر بالاستغفار؛ فقال تعالى: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} [فصلت: 6].
قال ابن رجب - رحمه الله -: "وفي قوله - عزَّ وجلَّ -: {فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ} إشارة إلى أنَّه لا بدَّ من تقصير في الاستِقامة المأمور بها، فيُجبَر ذلك بالاستِغفار المقتضي للتَّوبة والرّجوع إلى الاستقامة، فهو كقوْل النبي - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لمعاذ - رضِي الله عنْه -: ((اتَّق الله حيثما كنت، وأتْبِع السيِّئة الحسنة تمحُها))، وقد أخبر النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أنَّ الناس لن يطيقوا الاستِقامة حقَّ الاستقامة، فقال - عليْه الصَّلاة والسَّلام -: ((استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أنَّ خير أعمالكم الصَّلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلاَّ مؤمن))، وفي رواية للإمام أحمد - رحِمه الله -: ((سدِّدوا وقاربوا، ولا يحافظ على الوضوء إلاَّ مؤمن))، وفي الصَّحيحَين: ((سدِّدوا وقاربوا))، فالسَّداد: هو حقيقة الاستقامة، وهو الإصابة في جميع الأقوال والأعمال والمقاصد ... والمقاربة: أن يصيب ما قرب من الغرض إذا لم يصب الغرض نفسه، ولكن بشرط أن يكون مصمِّمًا على قصد السداد ، وإصابة الغرض".
الأمر الرابع : مقومات الاستقامة
بعد أن قص الله في سورة هود قصص الأمم السابقة ، وهلاكهم بسبب عدم استقامتهم على دينهم ، وبسبب اختلافهم ، ختم السورة بالأمر بالاستقامة على الدين ، والثبات عليه ، وذكر مقومات هذه الاستقامة ، وهي:
أولاً: ترك الطغيان
قال تعالى: (فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا )[هود:112]:
الطغيان هو أول عامل من عوامل عدم الاستقامة، لأن الطغيان مجاوزة الحد.
(ولا تطغوا ) : قال ابن عباس : في القرآن فتحلوا وتحرموا ما لم آمركم به . وقال ابن زيد : لا تعصوا ربكم . وقال مقاتل : لا تخلطوا التوحيد بالشك . وقال الزمخشري : لا تخرجوا عن حدود الله ..
الطغيان: مجاوزة الحد، لما أمر الله سبحانه بالاستقامة المذكورة بين أن الغلوّ في العبادة، والإفراط في الطاعة على وجه تخرج به عن الحد الذي حدّه، والمقدار الذي قدّره ممنوع منه منهيّ عنه، وذلك كمن يصوم ولا يفطر، ويقوم الليل ولا ينام، ويترك الحلال الذي أذن الله به ورغب فيه، ولهذا يقول الصادق المصدوق فيما صح عنه:
" أما أنا فأصوم وأفطر، وأقوم وأنام، وأنكح النساء؛ فمن رغب عن سنتي فليس مني "
والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته تغليباً لحالهم على حاله، أو النهي عن الطغيان خاص بالأمة.
قال البقاعي:
}ولا تطغوا} أي تتجاوزوا الحد فيما أمرتم به أو نهيتم عنه بالزيادة إفراطاً، فإن الله تعالى إنما أمركم ونهاكم لتهذيب نفوسكم لا لحاجته إلى ذلك ولن تطيقوا أن تقدروا الله حق قدره، والدين متين لن يشاده أحد إلا غلبه، فقد رضي منكم سبحانه الاقتصاد في العمل مع حسن المقاصد، ويجوز أن يكون المعنى: ولا تبطركم النعمة فتخرجكم عن طريق الاستقامة يمنة أو يسرة.
خطر الطغيان والغلو في جانب العبادة :
كل أوامر الإسلام مضبوطة ببداية ونهاية، وبحدود وحواجز؛ لئلا يفكر أحد من الناس أن يزيد فيها أو أن ينقص، فإنّ من زاد في شرع الله فإجرامه أكبر مِن إجرام مَن نقص منه؛ لأن من نقص من شرع الله فهو عاصٍ، وأما من زاد فيه فإنه يضع نفسه في مقام الربوبية التي لا تجوز لأحد إلا لله سبحانه وتعالى وحده، وهذا هو الطغيان،
}إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ{ أي: بما تعملون من الأعمال كلها ، طاعتها ومعصيتها "بصير" ، ذو علم بها ، لا يخفى عليه منها شيء ، وهو لجميعها مبصر ، فيجازيكم على النقير والقطمير، وهو تهديد لمن لم يستقم، وتعليل للأمر والنهي. ورويت عن عيسى الثقفي بصير مطلع على أعمالهم يراها ويجازي عليها.
وقرأ الحسن والأعمش : ( بما يعملون ) بالياء على الغيبة .
ثانياً: ترك الركون إلى الكفار
العنصر الثاني من مقومات الاستقامة:( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ )[هود:113]:
قال ابن عباس : معنى الركون : الميل . وقال السدي وابن زيد : لا تداهنوا الظلمة .
وقال قتادة : لا تلحقوا بهم . وقال سفيان : لا تدنوا إلى الذين ظلموا . وقال أبو العالية : لا ترضوا أعمالهم ، وقيل : لا تجالسوهم ، وقيل : لا تتشبهوا بهم .
والنهي متناول الانحطاط في هواهم ، والانقطاع إليهم ، ومصاحبتهم ، ومجالستهم ، وزيارتهم ، ومداهنتهم ، والرضا بأعمالهم ، والتشبه بهم ، والتزيي بزيهم ، ومد العين إلى زهرتهم ، وذكرهم بما فيه تعظيم لهم . وتأمل قوله : ( ولا تركنوا ) ، فإن الركون هو : الميل اليسير . وقوله : ( إلى الذين ظلموا ) ، أي : الذين وجد منهم الظلم ، ولم يقل : الظالمين ، قاله : الزمخشري .
وقال ابن عطية : ومعناه : السكون إلى الشيء والرضا به . قال أبو العالية : الركون : الرضا . وقال ابن زيد : الركون : الإدهان ، والركون يقع في قليل هذا وكثيره .
وقوله تعالى :( إلى الذين ظلموا) قيل : أهل الشرك . وقيل : عامة فيهم وفي العصاة ، على نحو قوله تعالى : (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) الآية .قال القرطبي: وهذا هو الصحيح في معنى الآية ; وأنها دالة على هجران أهل الكفر والمعاصي من أهل البدع وغيرهم ; فإن صحبتهم كفر أو معصية ; إذ الصحبة لا تكون إلا عن مودة ; وقد قال حكيم :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي

والمسلم لا يركن إلى أعدائه ولا يميل، حتى إن الرسول صلى الله عليه وسلم لامه الله عز وجل لما فكر أن يميل شيئاً قليلاً، وأن يركن شيئاً قليلاً إلى الكافرين، يقول الله عز وجل: (لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا * إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ) [الإسراء:74-75].
والرسول صلى الله عليه وسلم وهو يفكر أن يركن قليلاً لمصلحة الإسلام وللدعوة؛ لعله أن يكسب القوم ليستقيموا على دين الله، ومع ذلك يقول الله تعالى: لو فعلت ذلك يا محمد وأنت خير البرية (إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ) فركون المسلمين إلى الكافرين واتخاذهم بطانة من دون المؤمنين أمر عظيم، والله تعالى يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ )[الممتحنة:1].
"فتمسكم النار" بركونكم إليهم وإذا كان الركون إلى من وجد منه ما يسمى ظلماً كذلك فما ظنك بالركون إلى الظالمين أي الموسومين بالظلم ، ثم بالميل إليهم كل الميل ، ثم لا بالظلم نفسه والانهماك فيه ، ولعل الآية أبلغ ما يتصور في النهي عن الظلم والتهديد عليه ، وخطاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه من المؤمنين بها للتثبيت على الاستقامة التي هي العدل ، فإن الزوال عنها بالميل إلى أحد طرفي إفراط وتفريط فإنه ظلم على نفسه أو غيره بل ظلم في نفسه .
قال الشوكاني في تفسيره : وقد وردت الأدلة الصحيحة البالغة عدد التواتر الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بوجوب طاعة الأئمة والسلاطين والأمراء حتى ورد في بعض ألفاظ الصحيح : أطيعوا السلطان وإن كان عبدا حبشيا رأسه كالزبيبة . وورد وجوب طاعتهم ما أقاموا الصلاة ، وما لم يظهر منهم الكفر البواح ، وما لم يأمروا بمعصية الله .
وظاهر ذلك أنهم وإن بلغوا في الظلم إلى أعلى مراتبه ، وفعلوا أعظم أنواعه مما لم يخرجوا به إلى الكفر البواح ، فإن طاعتهم واجبة حيث لم يكن ما أمروا به من معصية الله.فلا يتناول النهي في هذه الآية من مال إليهم في الظاهر لأمر يقتضي ذلك شرعا كالطاعة ، أو للتقية ومخافة الضرر منهم ، أو لجلب مصلحة عامة أو خاصة أو دفع مفسدة عامة أو خاصة ، إذا لم يكن له ميل إليهم في الباطن ولا محبة ولا رضا بأفعالهم .وبالجملة فمن ابتلي بمخالطة من فيه ظلم فعليه أن يزن أقواله وأفعاله وما يأتي وما يذر بميزان الشرع ، فإن زاغ عن ذلك " فعلى نفسها براقش تجني "قال القرطبي في تفسيره : وصحبة الظالم على التقية مستثناة من النهي بحال الاضطرار انتهى .
وقرئ "(تركنوا فتمسكم )بكسر التاء على لغة تميم و"تركنوا"على البناء للمفعول من أركنه .
(وما لكم من دون الله من أولياء")من أنصار يمنعون العذاب عنكم والواو للحال .
"ثم لا تنصرون " أي ثم لا ينصركم الله إذ سبق في حكمه أن يعذبكم ولا يبقي عليكم ، وثم لاستبعاد نصره إياهم وقد أوعدهم بالعذاب عليه وأوجبه لهم ، ويجوز أن يكون منزلاً منزلة الفاء لمعنى الاستبعاد ، فإنه لما بين ، الله معذبهم وأن غيره لا يقدر على نصرهم انتج ذلك أنهم لا ينصرون أصلاً.
قال طاهر عاشور : هذه الآية أصل في سدّ ذرائع الفساد المحقّقة أو المظنونة .
وقد جمع قوله : { ولا تطغوا } وقوله : { ولا تركنوا إلى الذين ظلموا } أصلي الدّين ، وهما : الإيمان والعمل الصالح ، قال الحسن : «جعل الله الدين بين لاَئين { ولا تطغوا } ، ولا تركنوا»

ثالثاً :إقامة الصلاة
العنصر الثالث من مقومات الاستقامة قوله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفِيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ )[هود:114]:
إنّ الصلاة على طرف نقيض مما سبق من الركون إلى الكافرين؛ لأن الصلاة ركون إلى الله عز وجل، واستمداد للقوة من الله سبحانه وتعالى مباشرة، وتتجدد وتتكرر كل يوم خمس مرات، فكلما ضعف اليقين في قلب هذا الإنسان، أو ضعفت قوته وخارت؛ فإنه يرتبط بالله عز وجل، ويقف بين يديه؛ ليستمد منه العون والتوفيق، لذلك لما ذكر الله تعالى موالاة الكافرين بيّن كيف يجب أن تكون الموالاة له وحده فقال: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ) [هود:114]،
طرف الشيء : منتهاه من أوله أو من آخره ، فالتثنية صريحة في أن المراد أول النهار وآخره .
والنهار : ما بين الفجر إلى غروب الشمس ، سمي نهارا لأن الضياء ينهر فيه ، أي يبرز كما يبرز النهر .
والأمر بالإقامة يؤذن بأنه عمل واجب لأن الإقامة إيقاع العمل على ما يستحقه ، فتقتضي أن المراد بالصلاة هنا الصلاة المفروضة ، فالطرفان ظرفان لإقامة الصلاة المفروضة ، فعلم أن المأمور إيقاع صلاة في أول النهار وهي الصبح وصلاة في آخره وهي العصر وقيل المغرب .
والزلف : جمع زلفة مثل غرفة وغرف ، وهي الساعة القريبة من أختها ، فعلم أن المأمور إيقاع الصلاة في زلف من الليل ، ولما لم تعين الصلوات المأمور بإقامتها في هذه المدة من الزمان كان ذلك مجملا فبينته السنة والعمل المتواتر بخمس صلوات هي الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء ، وكان ذلك بيانا لآيات كثيرة في القرآن كانت مجملة في تعيين أوقات الصلوات مثل قوله - تعالى : أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا .
والمقصود أن تكون الصلاة أول أعمال المسلم إذا أصبح وهي صلاة الصبح وآخر أعماله إذا أمسى وهي صلاة العشاء لتكون السيئات الحاصلة فيما بين ذلك ممحوة بالحسنات الحافة بها . وهذا مشير إلى حكمة كراهة الحديث بعد صلاة العشاء للحث على الصلاة وخاصة ما كان منها في أوقات تعرض الغفلة عنها .، فالمراد هنا بالصلاة: الصلوات الخمس التي هي أعظم فريضة شرعها الله على عباده، وقد فرضت فوق السماء السابعة، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من أعماله، وهي آخر ما يفقد من هذه الأمة، وأي أمة تُفقد فيها الصلاة فلا حظَّ لها في هذا الدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر).
قوله تعالى : (إن الحسنات يذهبن السيئات) ذهب جمهور المتأولين من الصحابة والتابعين - رضي الله عنهم أجمعين - إلى أن الحسنات هاهنا هي الصلوات الخمس ، وقال مجاهد : الحسنات قول الرجل سبحان الله ، والحمد لله ، ولا إله إلا الله ، والله أكبر ، قال ابن عطية : وهذا على جهة المثال في الحسنات ، والذي يظهر أن اللفظ عام في الحسنات خاص في السيئات ; لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ما اجتنبت الكبائر .قال القرطبي : و سبب النزول يعضد قول الجمهور ; نزلت في رجل من الأنصار ، قيل : هو أبو اليسر بن عمرو . وقيل : اسمه عباد ; خلا بامرأة فقبلها وتلذذ بها فيما دون الفرج .روى الترمذي عن عبد الله قال : جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني عالجت امرأة في أقصى المدينة وإني أصبت منها ما دون أن أمسها وأنا هذا فاقض في ما شئت . فقال له عمر : لقد سترك الله ! لو سترت على نفسك ; فلم يرد عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا فانطلق الرجل فأتبعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلا فدعاه ، فتلا عليه : (وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين ..)إلى آخر الآية ; فقال رجل من القوم : هذا له خاصة ؟ قال : لا بل للناس كافة . قال الترمذي : حديث حسن صحيح ، فالصغائر تكفرها الصلوات الخمس.
لذلك فالصلاة أمرها عظيم، وقد شبهها الرسول صلى الله عليه وسلم بنهر غمر جار في باب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات، هل يبقى من درنه شيء؟ لا يبقى من درنه شيء"
وجملة إن الحسنات يذهبن السيئات مسوقة مساق التعليل للأمر بإقامة الصلوات ،
وإذهاب السيئات يشمل إذهاب وقوعها بأن يصير انسياق النفس إلى ترك السيئات سهلا وهينا كقوله - تعالى : (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر )ويكون هذا من خصائص الحسنات كلها . ويشمل أيضا محو إثمها إذا وقعت ، ويكون هذا من خصائص الحسنات كلها فضلا من الله على عباده الصالحين .
قال الحسن البصري رحمه الله: "استعينوا على السيئات القديمات بالحسنات الحديثات، وإنكم لن تجدوا شيئا أذهب بسيئة قديمة من حسنة حديثة، وأنا أجد تصديق ذلك في كتاب الله: {إن الحسنات يذهبن السيئات}
وقوله تعالى : (ذلك ذكرى للذاكرين) أي القرآن موعظة وتوبة لمن اتعظ وتذكر ; وخص الذاكرين بالذكر لأنهم المنتفعون بالذكرى .
رابعاً : لزوم الصبر
يقول الله تعالى عن الأمر الرابع:( وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ )
قال طاهر عاشور : مناسبة وقوع الأمر بالصبر عقب الأمر بالاستقامة والنهي عن الركون إلى الذين ظلموا ، أن المأمورات لا تخلو عن مشقة عظيمة ومخالفة لهوى كثير من النفوس ، فناسب أن يكون الأمر بالصبر بعد ذلك ليكون الصبر على الجميع كل بما يناسبه .
(فإن الله لا يضيع أجر المحسنين) أي :يوفيهم أجورهم ولا يضيع منها شيئا فلا يهمله ولا يبخسه بنقص .
والإحسان معناه: إتقان العمل، ومراقبة الله سبحانه وتعالى، وهذا الأمر لربما تعجز عنه النفوس الصغار التي لا تشتاق إلى الجنة وإلى لقاء الله عز وجل، لكن النفوس الكبار التي تعشق هذا النعيم لا تبالي في طريق الجنة بأي مكروه من هذه المكاره.
خامساً: النهي عن الفساد في الأرض
يقول الله تعالى عن آخر مقومات الاستقامة: (فَلَوْلا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُوْلُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ )[هود:116]:
أهم عوامل الاستقامة النهي عن الفساد في الأرض، وأهم عناصر بقاء الاستقامة في الأرض أن ينهى عن الفساد في الأرض،
والمعنى فهلا كان في تلك الأمم أصحاب بقية من خير فنهوا قومهم عن الفساد لما حل بهم ما حل . وذلك إرشاد إلى وجوب النهي عن المنكر . ويجوز أن يكون تفريعا على قوله - تعالى : (فاستقم كما أمرت) والآية تفريع على الأمر بالاستقامة والنهي عن الطغيان وعن الركون إلى الذين ظلموا ، إذ المعنى : ولا تكونوا كالأمم من قبلكم إذ عدموا من ينهاهم عن الفساد في الأرض وينهاهم عن تكذيب الرسل فأسرفوا في غلوائهم حتى حل عليهم غضب الله إلا قليلا منهم ، فإن تركتم ما أمرتم به كان حالكم كحالهم ،
وقوله : ( إلا قليلا ) أي : قد وجد منهم من هذا الضرب قليل ، لم يكونوا كثيرا ، وهم الذين أنجاهم الله عند حلول غيره ، وفجأة نقمه; ولهذا أمر تعالى هذه الأمة الشريفة أن يكون فيها من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، كما قال تعالى : ( ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر وأولئك هم المفلحون) ) [ آل عمران : 104 ] . وفي الحديث : " إن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه ، أوشك أن يعمهم الله بعقاب " ; ولهذا قال تعالى : ( فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض إلا قليلا ممن أنجينا منهم ) .
في قوله : (ممن أنجينا )بيانية ، بيان للقليل لأن الذين أنجاهم الله من القرون هم القليل الذين ينهون عن الفساد ، وهم أتباع الرسل .
وفي البيان إشارة إلى أن نهيهم عن الفساد هو سبب إنجاء تلك القرون لأن النهي سبب السبب إذ النهي يسبب الإقلاع عن المعاصي الذي هو سبب النجاة .
وقوله : ( واتبع الذين ظلموا ما أترفوا فيه ) أي : استمروا على ما هم فيه من المعاصي والمنكرات ، ولم يلتفتوا إلى إنكار أولئك ، حتى فجأهم العذاب ، ( وكانوا مجرمين ) .

والاستقامة لها ثمرات عديدة منها:
١- جماع الخير في الاستقامة وهي طريق النجاة: دلَّ على ذلك حديث سفيان بن عبدالله - رضي الله عنه - قال: قُلْتُ: يا رَسُولَ اللَّهِ، قُلْ لي في الإسْلامِ قَوْلاً، لا أسْأَلُ عَنْهُ أَحدًا بَعْدَك، قال: ((قُلْ: آمَنْتُ بِالله، ثمَّ اسْتَقِمْ)).
٢- بقدر استقامة العبد على مراد الله فعلاً وتركاً يكون أمنه وفرحه يوم لقاء ربه ، قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ) (فصلت:30).
٣- تتنزَّل على أهل الاستِقامة السكينة؛ قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ} [فصلت: 30]، فالملائكة تتنزَّل عليهم بالسُّرور والحبور والبشرى في مواطن عصيبة، قال وكيع: "البشرى في ثلاثة مواطن: عند الموت، وفي القبر، وعند البعث".
٤- الطُّمَأنينة والسَّكينة؛ حيثُ قال تعالى: {أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا}؛ أي: لا تخافوا ممَّا تقدَمون عليه من أمور الآخرة، ولا تحزنوا على ما فاتَكم من أمور الدنيا، وقال عطاء - رحِمه الله -: "لا تخافوا ردَّ ثوابِكم فإنَّه مقبول، ولا تحزنوا على ذنوبكم فإنِّي أغفِرُها لكم".
٥- البشرى بالجنَّة؛ فقال تعالى: {وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}، وهذا هو الهدَف الذي ينشدُه كلُّ مسلم، نسأل الله من واسِع فضله.
٦- سَعة الرزق في الدُّنيا؛ قال تعالى: {وَأَلَّوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً} [الجن: 16]؛ أي: كثيرًا، والمراد بذلك سعة الرِّزق، وكما قال عمر بن الخطَّاب - رضِي الله عنْه: "أيْنما كان الماء كان المال".
ومما يعين على الاستقامة ،الإكثار من قراءة القرآن، تدبُّره والعمل به فهو من أهم الأمور في تحقيق الاستقامة؛ فقد جعله الله تعالى سبيلا لِمن أراد الاستقامة؛ فقال: {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ} [التكوير: 28]،
ومما يعين على الاستقامة والثبات على الدين الدعاء دعاء الله تعالى بتحقيق الاستقامة والثبات عليها كما كان النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - يسأل ربَّه الثَّبات على الدين،
-الصّحبة الصالحة مما يعين على الاستقامة لأَّ ن صحبة البطَّالين وأهل المعاصي تضعف الاستقامة، فبعد أن أمر بالاستِقامة حذَّر من الركون إلى أهل المعاصي؛ لأنَّ هذا يؤثر على الاستِقامة، فقال تعالى: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَكَ وَلا تَطْغَوْا إنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ * وَلا تَرْكَنُوا إلَى الَذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} [هود: 112، 113].
قال أهل العلم: أي: لا تَميلوا إلى العصاة.
وهناك أمور أخرى تعين على الاستقامة كالإكثار من ذكر الله تعالى وذكر الموت والحرص على سلامة القلب ومجاهدة النفس والشيطان بالابتعاد عن الفتن ومواطن الغفلة والخوف والحذر من سوء الخاتمة وتجديد التوبة والإنابة لله تعالى .
اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك
سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك وأتوب إليك
المراجع :
مجموعة من التفاسير كتفسير ابن كثير والقرطبي والشوكاني وطاهر عاشور والسعدي وقواعد قرآنية للشيخ المقبل ودروس للشيخ المنجد و الشيخ عبد الله الجلالي حفظهم الله
طريقتي في الرسالة حاولت محاكاة طريقة ابن القيم رحمه الله في رسالته في قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم ) فإن أصبت فمن فضل ربي وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان .
اسأل الله الإخلاص والتوفيق والقبول.
أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك وزادك من فضله

التقييم:
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 20 / 20
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) : 20 / 19
رابعاً: المواءمة ( مناسبة المسائل المذكورة للمخاطبين ) : 20 / 20
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 10 /10
خامساً: العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 10 / 10
= 99 %
وفقك الله

رد مع اقتباس
  #31  
قديم 21 رجب 1436هـ/9-05-2015م, 11:53 AM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى

رد مع اقتباس
  #32  
قديم 21 رجب 1436هـ/9-05-2015م, 11:53 AM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

آخر ما نزل من القرآن ●
عناصر الموضوع:
● آخر سورة نزلت جميعاً
● آخر سورة نزلت من القرآن الكريم مطلقاً
...- القول الأول: سورة النصر
القول فيها
...- القول الثاني: سورة براءة
القول فيها
...- القول الثالث: سورة المائدة
القول فيها
● آخر ما نزل من آيات القرآن الكريم
...- القول الأول: قوله تعالى: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله}
القول فيها
...- القول الثاني: آية الربا
...- القول الثالث: آية الربا وآية الدَّين
القول في الأقوال الثلاثة السابقة
...- القول الرابع: آية الكلالة
القول فيها
...- القول الخامس: آخر آيتين من سورة التوبة
القول فيها
أقوال العلماء في الأقوال السابقة
...ـ القول السادس : "فمن كان يرجو لقاء ربه "
القول فيها
... ـ القول السابع : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم "
القول فيها
القول الثامن : " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل "
القول فيها
القول التاسع : "فإن تابوا و أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة "
القول فيها
القول العاشر : " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما "
القول فيها
القول الحادي عشر :"اليوم أكملت لكم دينكم "
● إشكال وجوابه
● آخر ما كتب في المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
● أواخر مخصوصة

تحرير مسائل أقوال العلماء في آخر ما نزل
1: آخر سورة نزلت جميعاً
آخر سورة نزلت جميعاً سورة (إذا جاء نصر الله والفتح )
فعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال لي ابن عباسٍ: تعلم -وقال هارون: تدري- آخر سورةٍ نزلت من القرآن نزلت جميعًا؟
قلت: نعم، {إذا جاء نصر الله والفتح}
قال: صدقت. رواه مسلم في صحيحه وابن شيبة في مصنفه
وفي رواية ابن أبي شيبة: (تعلم أي سورةٍ؟) ولم يقل: (آخر).ورواه ابن كثير في تفسيره
- عن ابن عباسٍ قال: آخر سورةٍ نزلت من القرآن جميعاً {إذا جاء نصر الله والفتح} ). أخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه ذكره السيوطي في الدر المنثور

آخر سورة نزلت من القرآن الكريم مطلقاً
تعددت أقوال العلماء في ذلك
القول الأول: سورة النصر، وتسمّى سورة الفتح.
نقل السيوطي في الدر المنثور هذا القول عن ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس فعن ابن عباسٍ قال: آخر سورةٍ نزلت من القرآن جميعاً {إذا جاء نصر الله والفتح}
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال لي ابن عباسٍ: تعلم -وقال هارون: تدري- آخر سورةٍ نزلت من القرآن نزلت جميعًا؟
قلت: نعم، {إذا جاء نصر الله والفتح}
قال: صدقت. رواه مسلم وابن أبي شيبه في مصنفه وابن كثير في تفسيره
وبهذا القول قال ابن جزئ الكلبي في التسهيل.
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام : (باب آخر سورة نزلت وذكر حديث عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن ابن عباس روايه مسلم
- وعن ابن عباس في قوله: {إذا جاء نصر الله والفتح} قال: أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه إذا فتح الله عليك فذاك علامة أجلك قال ذلك لعمر فقال: ما أعلم منها إلا مثل ما تعلم يا بن عباس. أخرجه البخاري بمعناه).ذكره الذهبي في [تاريخ الإسلام للذهبي]
- عن عبد الله بن عمرو قال : آخر سورة أنزلت سورة المائدة والفتح )ثم قال الترمذي : هذا حديثٌ غريبٌ حسنٌ.ذكره ابن كثير في تفسيره
وروى الترمذي عن ابن عبّاسٍ أنه قال : آخر سورة أنزلت ( إذا جاء نصر الله والفتح ) الآية
وقد روى الحاكم في مستدركه، من طريق عبد اللّه بن وهبٍ بإسناده نحو رواية التّرمذيّ، ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه
ورواه الإمام أحمد، عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن معاوية بن صالحٍ، وزاد: وسألتها عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: (القرآن). وراوه النّسائيّ من حديث ابن مهديٍّ). ذكر ذلك ابن كثير في [تفسير القرآن العظيم
القول فيها
يحمل هذا الخبر على أن هذه السورة آخر ما نزل مشعرا بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم. ويؤيده ما روي من أنه قال حين نزلت: ((نعيت إلي نفسي)) وكذلك فهم بعض كبار الصحابة. كما ورد أن عمر رضي الله عنه بكى حين سمعها وقال: الكمال دليل الزوال ،ويحتمل أيضا أنها آخر ما نزل من السور فقط ويدل عليه رواية ابن عباس: آخر سورة نزلت من القرآن جميعا {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} . ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
القول الثاني: سورة براءة
- عن ابن عباس، عن عثمان، قال: كانت براءة من آخر القرآن نزولا). ذكره القاسم بن سلام في [فضائل القرآن : ]
- قال ا بْنِ كَثِيرٍ في تفسير سورة التوبة: (هذه السّورة الكريمة من أواخر ما نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كما قال البخاريّ: حدّثنا أبو الوليد، حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول: (آخر آيةٍ نزلت:{يستفتونك قل اللّه يفتيكم في الكلالة} الآية [النّساء: 176] وآخر سورةٍ نزلت براءة) إلى أن قال : عن يزيد الفارسيّ، أخبرني ابن عبّاسٍ قال: (قلت لعثمان بن عفّان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءةٌ وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ..إلى أن قال عثمان :وكانت براءة من آخر القرآن،)
قال ابن كثير :وكذا رواه أحمد، وأبو داود، والنّسائيّ، وابن حبّان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، من طرقٍ أخر، عن عوفٍ الأعرابيّ، به وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه). [تفسير القرآن العظيم:
- عن الزهري قال: (سورة التوبة وهي آخر ما نزل من القرآن) ). [الناسخ والمنسوخ للزهري] ذكر ذلك الموقري
- وعن أبي إسحاق، عن البراء، قال، (آخر سورةٍ نزلت كاملةً براءة،...)ذكره ابن أبي شيبة .في مصنفه وذكره الضريس في فضائل القرآن من طريق عمرو بن مرزوق ورواية أخرى من طريق أحمد.وذكره الذهبي في تاريخ الاسلام.
القول فيها
١- المراد بعضها أو معظمها وإلا ففيها آيات كثيرة نزلت قبل سنة الوفاة النبوية فأول براءة نزل عقب فتح مكة في سنة تسع عام حج أبي بكر وقد نزل ( اليوم أكملت لكم دينكم ) وهي في المائدةً في حجة الوداع سنة عشر
فالظاهر معظمها ولا شك أن غالبها نزل في غزوة تبوك وهي آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه . ذكره ابن حجر في فتح الباري
٢- أن السورة آخر ما نزل في شأن تشريع القتال والجهاد فهو آخر إضافي لا حقيقي. ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
القول الثالث: سورة المائدة
،- عن عبد الله بن عمرو قال: (آخر سورة أنزلت سورة المائدة)). ذكره ابن كثير في تفسيره تفسير القرآن العظيم
ورواه الترمذي وزاد فيه والفتح وقال عنه الترمذي حديث غريب حسن ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره
وقد روى الحاكم في مستدركه، من طريق عبد اللّه بن وهبٍ بإسناده نحو رواية التّرمذيّ، ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه.
ورواه الإمام أحمد، عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن معاوية بن صالحٍ، وزاد: وسألتها عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: (القرآن). وراوه النّسائيّ من حديث ابن مهديٍّ). ذكره ابن كثير في [تفسير القرآن العظيم
- عن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي: (يا جبير تقرأ المائدة؟) فقلت: نعم، فقالت: (أما إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه)).أخرج أحمد وأبو عبيد في فضائله والنحاس في ناسخه والنسائي، وَابن المنذر والحاكم وصححه، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" ذكره السيوطي في [الدر المنثور]
- عن أبي ميسرة، قال: آخر سورةٍ أنزلت في القرآن سورة المائدة، وإنّ فيها لسبع عشرة فريضة). ذكره سعيد بن منصور في سننه.
القول فيها
المراد آخر سورة نزلت في الحلال والحرام فلم تنسخ فيها أحكام وعليه فهو آخر مقيد . ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
آخر ما نزل من آيات القرآن الكريم
القول الأول: قوله تعالى: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله}
- قال ابن عباس : آخر أية أنزلت من القرآن:{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله})قال زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال وبدئ يوم السبت ومات يوم الأثنين صلوات الله عليه وسلم .ذكره القاسم بن سلام في [فضائل القرآن : ]ورواه في رواية أخرى عن عطاء بن رباح. وكذلك روي عن أبي صالح وسعيد بن جبير رواه العبدي في (الناسخ والمنسوخ لقتادة)وروي عن السدي والعوفي في مصنف ابن أبي شيبة .
دون زيادة ( قال : زعموا أن رسول الله ....)
القول فيها
وهي أصح الأقوال في آخرية الآية . قاله ابن حجر في فتح الباري وبه قال الزرقاني في مناهل العرفان
القول الثاني: آية الربا
- عن عمر، رضي الله عنه قال: «آخر ما أنزل من القرآن آية الربا، وأن نبي الله صلى الله عليه وسلم قبض ولم يفسرها فدعوا الربا والريبة» ). ذكره ابن الضريس في [فضائل القرآن]وروي هذا القول عن ابن عباس. ذكره القاسم بن سلام في فضائل القرآن
القول الثالث: آية الربا وآية الدَّين
- عن ابن شهاب قال:آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين).ذكره القاسم بن سلام في [فضائل القرآن : ]
القول في هذه الأقوال الثلاثة:
لا منافاة بين هذه الروايات في آية الربا {واتقوا يوما}وآية الدين لأن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف ولأنها في قصة واحدة فأخبر كل عن بعض ما نزل بأنه آخر وذلك صحيح .ذكره السيوطي في الاتقان.وبه قال الزرقاني في مناهل العرفان ورجح إلى أن آخر هذه الثلاثه نزولا هو قوله تعالى :( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله)
سبب الترجيح أمران:
-أحدهما: ما تحمله هذه الآية في طياتها من الإشارة إلى ختام الوحي والدين, بسبب ما تحث عليه من الاستعداد ليوم المعاد وما تنوه به من الرجوع إلى الله واستيفاء الجزاء العادل من غير غبن ولا ظلم وذلك كله أنسب بالختام من آيات الأحكام المذكورة في سياقها.
-ثانيهما: التنصيص في رواية ابن أبي حاتم السابقة على أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعد نزولها تسع ليال فقط ولم تظفر الآيات الأخرى بنص مثله.
٢ - وقيل في أن آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا و آية الدين يعني من آيات الأحكام والله أعلم . قاله المقدسي في المرشد الوجيز
٣- طريق الجمع بين القولين في آية الربا: {واتقوا يوما} أن هذه الآية هي ختام الآيات المنزلة في الربا إذ هي معطوفة عليهن ويجمع بين ذلك وبين قول البراء بأن الآيتين نزلتا جميعا فيصدق أن كلا منهما آخر بالنسبة لما عداهما ويحتمل أن تكون الآخرية في آية النساء مقيدة بما يتعلق بالمواريث بخلاف آية البقرة ويحتمل عكسه والأول أرجح لما في آية البقرة من الإشارة إلى معنى الوفاء المستلزمة لخاتمة النزول انتهى .قاله ابن حجر في شرح البخاري ذكره السيوطي في الاتقان
القول الرابع: آية الكلالة
- عن البراء بن عازب، قال:آخر آية نزلت:{ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } ). رواه البخاري في صحيحه وذكره القاسم بن سلام في [فضائل القرآن : ]وذكره ابن أبي شيبة في مصنفه بروايتين عن البراء إحداهما عن طريق ابن نمير والأخرى عن طريق وكيع .وذكره الضريس في فضائل القرآن بروايتين إحداهما عن طريق عمرو بن مرزوق والاخرى عن طريق سليمان بن حرب وذكره ابن كثير في تفسيره رواه عن البخاري.
القول في هذه الاقوال
أي آخر ما نزل في شأن الفرائض .ذكره السيوطي في الاتقان.وبه قال الزرقاني في مناهل العرفان .

القول الخامس: آخر آيتين من سورة التوبة
- عن أبي بن كعب قال: إن آخر عهد القرآن في السماء هاتان الآيتان خاتمة براءة {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم..}إلى آخرها). ذكره العبدي في [الناسخ والمنسوخ لقتادة]وذكره الضريس في فضائل القرآن . وقال بهذا القول الزهري ذكره الموقري في الناسخ والمنسوخ للزهري.
- عن أبي العالية: «أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون، ويملّ عليهم أبي بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية في سورة براءة {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون} فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن.
فقال أبيّ بن كعب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرأني بعد هذا آيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم . فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}
قال: فهذا آخر ما أنزل من القرآن. ذكره ابن الضريس في [فضائل القرآن
- عن جابر بن زيد... وآخر آية أنزلت قوله تعالى: {فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} ). ذكره الداني في [البيان
القول فيها
المراد آخر ما نزل من سورة براءة لا آخر مطلق ويؤيده ما قيل من أن هاتين الآيتين مكيتان بخلاف سائر السورة ولعل قوله سبحانه ( فإن تولوا فقل حسبي الله) الخ يشير إلى ذلك من حيث عدم الأمر فيه بالجهاد عند تولى الأعداء وإعراضهم. ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
القول في هذه الأقوال السابقة
بعد أن ذكر الذهبي هذه الأقوال قال : "فحاصله أن كلا منهم أخبر بمقتضى بما عنده من العلم . ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام وبهذا قال البيهقي وزاد " أو أراد أن ما ذكر من أواخر الآيات التي نزلت والله أعلم " دلائل النبوة للبيهقي.
٣- قال القاضي أبو بكر في الانتصار وهذه الأقوال ليس في شيء منها ما رفع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويجوز أن يكون قاله قائله بضرب من الاجتهاد وتغليب الظن وليس العلم بذلك من فرائض الدين حتى يلزم ما طعن به الطاعنون من عدم الضبط ،ويحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل وغيره سمع منه بعد ذلك وإن لم يسمعه هو لمفارقته له ونزول الوحي عليه بقرآن بعده .
ويحتمل أيضا أن تنزل الآية التي هي آخر آية تلاها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع آيات نزلت معها فيؤمر برسم ما نزل معها وتلاوتها عليهم بعد رسم ما نزل آخرا وتلاوته فيظن سامع ذلك أنه آخر ما نزل في الترتيب).ذكره الزركشي في [البرهان في علوم القرآن والزرقاني في مناهل العرفان وعلق عليه بقوله :
"وكأنه يشير إلى الجمع بين تلك الأقوال المتشعبة بأنها أواخر مقيدة بما سمع كل منهم من النبي صلى الله عليه وسلم وهي طريقة مريحة غير أنها لا تلقي ضوءا على ما عسى أن يكون قد اختتم الله به كتابه الكريم "مناهل العرفان
القول السادس: {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية
- عن معاوية بن أبي سفيان أنه تلا هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية وقال: إنها آخر آية نزلت من القرآن .
القول فيها:
قال ابن كثير هذا أثر مشكل ولعله أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ولا تغير حكمها بل هي مثبتة محكمة .
ذكره السيوطي في الاتقان وفي التحبير في علم التفسير. ونقله الزرقاني في مناهل العرفان ثم قال : وهو يفيد أنها آخر مقيد لا مطلق
القول السابع : {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم}
أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} هي آخر ما نزل وما نسخها شيء .
وعند أحمد والنسائي عنه لقد نزلت في آخر ما نزل ما نسخها شيء
وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد
القول فيها
كلمة ما نسخها شيء تشير إلى أن المراد من كونها آخر مانزل أنها آخر ما نزل في حكم قتل المؤمن عمدا لا آخر ما نزل مطلقاً. قاله الزرقاني في مناهل العرفان.

القول الثامن: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل} إلى آخرها
- عن أم سلمة قالت: آخر آية نزلت هذه الآية: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل} إلى آخرها
القول فيها:
قال السيوطي :ذلك أنها قالت: يا رسول الله أرى الله يذكر الرجال ولا يذكر النساء فنزلت: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}ونزلت: {إن المسلمين والمسلمات} ونزلت هذه الآية فهي آخر الثلاثة نزولا أو آخر ما نزل بعدما كان ينزل في الرجال خاصة .
ذكره السيوطي في الاتقان وقال به الزرقاني في مناهل العرفان.
القول التاسع: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} الآية
- أخرج ابن جرير عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له وأقام الصلاة وآتى الزكاة فارقها والله عنه راض)) قال أنس: وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما نزل {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} الآية
القول فيها:
يعني في آخر سورة نزلت . ذكره السيوطي في الاتقان .
القول العاشر : {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما}
- في البرهان لإمام الحرمين إن قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية من آخر ما نزل . ذكره السيوطي [الإتقان في علوم القرآن
القول فيها:
وتعقبه ابن الحصار بأن السورة مكية باتفاق ولم يرد نقل بتأخر هذه الآية عن نزول السورة بل هي في محاجة المشركين ومخاصمتهم وهم بمكة انتهى). ذكره السيوطي [الإتقان في علوم القرآن
القول الحادي عشر : {اليوم أكملت لكم دينكم}
ونزلت: {اليوم أكملت لكم دينكم} في يوم عرفة، في يوم جمعة، وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعدها إحدى وثمانين ليلة).ذكره السخاوي في[جمال القراء
إشكال وجوابه
المشكل على ما تقدم قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} فإنها نزلت بعرفة عام حجة الوداع وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها وقد صرح بذلك جماعة منهم السدي فقال لم ينزل بعدها حلال ولا حرام فلماذا لا تكون آية المائدة آخر ما نزل من القرآن فإكمال دينه لا يكون إلا بإكمال نزول القرآن وإتمام جميع الفرائض والأحكام.؟
الجواب
أولا : أن هناك قرآنا نزل بعدها كآية الربا و الدين والكلالة وقوله ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ) فكانت آخر الآيات نزولا على الإطلاق و النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعدها تسع ليال فقط. وتلك قرينة تمنعنا أن نفهم أن معنى إكمال الدين أنه إكمال النزول . ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
ثانيا: فالاقرب أن معنى إكمال الدين هو إقراره واظهاره على الدين كله ولو كره الكافرون
قال ابن جرير : الأولى أن يتأول على أنه أكمل لهم دينهم بإفرادهم بالبلد الحرام وإجلاء المشركين عنه حتى حجه المسلمون لا يخالطهم المشركون ثم أيده بما أخرجه من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين فكان ذلك من تمام النعمة {وأتممت عليكم نعمتي} ). ذكره السيوطي في الإتقان في علوم القرآن ، والزرقاني في مناهل العرفان

4: آخر ما كتب في المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
آخر ما كتب آخر آيتين من سورة براءة
- عن أبي العالية أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون، ويملّ عليهم أبي بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية في سورة براءة: {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}، فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن.
فقال أُبَيُّ بنُ كعب: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرأني بعد هذا آيتين :{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم .فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}.
قال: (فهذا آخر ما أنزل من القرآن).
قال: (فختم الأمر بما فتح به بلا إله إلا الله، يقول الله عز وجل: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}).). ذكره الضريس في [فضائل القرآن:]
أواخر مخصوصة
آخر ما نزل بمكة
انواع النزول المكي
المكي الأول :ما نزل قبل الهجرة.
المكي الآخر: ما نزل بعد فتح مكة. [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة
آخر المكي الأول نزولا
فيه قولان
الأول: سورة النبأ
هي من آخر المكي الأول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر من غد يوم نزلت. ذكره ابن سلامة في الناسخ والمنسوخ والسخاوي في جمال القراء
الثاني : ويل للمطففين
وفيه اختلاف في نزولها
فقال ابن عباس: مدنية.
وقال عطاء: هي آخر ما نزل بمكة).ذكره الزركشي في البرهان في علوم القرآن
سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك وأتوب اليك

رد مع اقتباس
  #33  
قديم 22 رجب 1436هـ/10-05-2015م, 01:20 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

أرجو عدم استعمال اللون الأحمر في التلخيص

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضاوي الهطلاني مشاهدة المشاركة
آخر ما نزل من القرآن ●
عناصر الموضوع:
● آخر سورة نزلت جميعاً
● آخر سورة نزلت من القرآن الكريم مطلقاً
...- القول الأول: سورة النصر
القول فيها
...- القول الثاني: سورة براءة
القول فيها
...- القول الثالث: سورة المائدة
القول فيها
● آخر ما نزل من آيات القرآن الكريم
...- القول الأول: قوله تعالى: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله}
القول فيها
...- القول الثاني: آية الربا
...- القول الثالث: آية الربا وآية الدَّين
القول في الأقوال الثلاثة السابقة
...- القول الرابع: آية الكلالة
القول فيها
...- القول الخامس: آخر آيتين من سورة التوبة
القول فيها
أقوال العلماء في الأقوال السابقة
...ـ القول السادس : "فمن كان يرجو لقاء ربه "
القول فيها
... ـ القول السابع : " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم "
القول فيها
القول الثامن : " فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل "
القول فيها
القول التاسع : "فإن تابوا و أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة "
القول فيها
القول العاشر : " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما "
القول فيها
القول الحادي عشر :"اليوم أكملت لكم دينكم "
● إشكال وجوابه
● آخر ما كتب في المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
● أواخر مخصوصة

تحرير مسائل أقوال العلماء في آخر ما نزل
1: آخر سورة نزلت جميعاً
آخر سورة نزلت جميعاً سورة (إذا جاء نصر الله والفتح )
فعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال لي ابن عباسٍ: تعلم -وقال هارون: تدري- آخر سورةٍ نزلت من القرآن نزلت جميعًا؟
قلت: نعم، {إذا جاء نصر الله والفتح}
قال: صدقت. رواه مسلم في صحيحه وابن شيبة في مصنفه
وفي رواية ابن أبي شيبة: (تعلم أي سورةٍ؟) ولم يقل: (آخر).ورواه ابن كثير في تفسيره
- عن ابن عباسٍ قال: آخر سورةٍ نزلت من القرآن جميعاً {إذا جاء نصر الله والفتح} ). أخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه ذكره السيوطي في الدر المنثور
يوجد أثر عن البراء بن عازب أن سورة براءة آخر سورة نزلت كاملة

آخر سورة نزلت من القرآن الكريم مطلقاً
تعددت أقوال العلماء في ذلك
القول الأول: سورة النصر، وتسمّى سورة الفتح.
نقل السيوطي في الدر المنثور هذا القول عن ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس فعن ابن عباسٍ قال: آخر سورةٍ نزلت من القرآن جميعاً {إذا جاء نصر الله والفتح}
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال لي ابن عباسٍ: تعلم -وقال هارون: تدري- آخر سورةٍ نزلت من القرآن نزلت جميعًا؟
قلت: نعم، {إذا جاء نصر الله والفتح}
قال: صدقت. رواه مسلم وابن أبي شيبه في مصنفه وابن كثير في تفسيره
وبهذا القول قال ابن جزئ الكلبي في التسهيل.
وقال الذهبي في تاريخ الإسلام : (باب آخر سورة نزلت وذكر حديث عبيدالله بن عبدالله بن عتبة عن ابن عباس روايه مسلم
- وعن ابن عباس في قوله: {إذا جاء نصر الله والفتح} قال: أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه إياه إذا فتح الله عليك فذاك علامة أجلك قال ذلك لعمر فقال: ما أعلم منها إلا مثل ما تعلم يا بن عباس. أخرجه البخاري بمعناه).ذكره الذهبي في [تاريخ الإسلام للذهبي]
- عن عبد الله بن عمرو قال : آخر سورة أنزلت سورة المائدة والفتح )ثم قال الترمذي : هذا حديثٌ غريبٌ حسنٌ.ذكره ابن كثير في تفسيره
وروى الترمذي عن ابن عبّاسٍ أنه قال : آخر سورة أنزلت ( إذا جاء نصر الله والفتح ) الآية
وقد روى الحاكم في مستدركه، من طريق عبد اللّه بن وهبٍ بإسناده نحو رواية التّرمذيّ، ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه
ورواه الإمام أحمد، عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن معاوية بن صالحٍ، وزاد: وسألتها عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: (القرآن). وراوه النّسائيّ من حديث ابن مهديٍّ). ذكر ذلك ابن كثير في [تفسير القرآن العظيم
القول فيها
يحمل هذا الخبر على أن هذه السورة آخر ما نزل مشعرا بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم. ويؤيده ما روي من أنه قال حين نزلت: ((نعيت إلي نفسي)) وكذلك فهم بعض كبار الصحابة. كما ورد أن عمر رضي الله عنه بكى حين سمعها وقال: الكمال دليل الزوال ،ويحتمل أيضا أنها آخر ما نزل من السور كاملة فقط ويدل عليه رواية ابن عباس: آخر سورة نزلت من القرآن جميعا {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} . ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
القول الثاني: سورة براءة
- عن ابن عباس، عن عثمان، قال: كانت براءة من آخر القرآن نزولا). ذكره القاسم بن سلام في [فضائل القرآن : ]
- قال ا بْنِ كَثِيرٍ في تفسير سورة التوبة: (هذه السّورة الكريمة من أواخر ما نزل على رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، كما قال البخاريّ: حدّثنا أبو الوليد، حدّثنا شعبة، عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول: (آخر آيةٍ نزلت:{يستفتونك قل اللّه يفتيكم في الكلالة} الآية [النّساء: 176] وآخر سورةٍ نزلت براءة) إلى أن قال : عن يزيد الفارسيّ، أخبرني ابن عبّاسٍ قال: (قلت لعثمان بن عفّان: ما حملكم أن عمدتم إلى الأنفال، وهي من المثاني، وإلى براءةٌ وهي من المئين، فقرنتم بينهما، ..إلى أن قال عثمان :وكانت براءة من آخر القرآن،)
قال ابن كثير :وكذا رواه أحمد، وأبو داود، والنّسائيّ، وابن حبّان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، من طرقٍ أخر، عن عوفٍ الأعرابيّ، به وقال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرّجاه). [تفسير القرآن العظيم:
- عن الزهري قال: (سورة التوبة وهي آخر ما نزل من القرآن) ). [الناسخ والمنسوخ للزهري] ذكر ذلك الموقري
- وعن أبي إسحاق، عن البراء، قال، (آخر سورةٍ نزلت كاملةً براءة،...)ذكره ابن أبي شيبة .في مصنفه وذكره الضريس في فضائل القرآن من طريق عمرو بن مرزوق ورواية أخرى من طريق أحمد.وذكره الذهبي في تاريخ الاسلام. هذا هو الأثر.
القول فيها
١- المراد بعضها أو معظمها وإلا ففيها آيات كثيرة نزلت قبل سنة الوفاة النبوية فأول براءة نزل عقب فتح مكة في سنة تسع عام حج أبي بكر وقد نزل ( اليوم أكملت لكم دينكم ) وهي في المائدةً في حجة الوداع سنة عشر
فالظاهر معظمها ولا شك أن غالبها نزل في غزوة تبوك وهي آخر غزوات النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه . ذكره ابن حجر في فتح الباري
٢- أن السورة آخر ما نزل في شأن تشريع القتال والجهاد فهو آخر إضافي لا حقيقي. ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
القول الثالث: سورة المائدة
،- عن عبد الله بن عمرو قال: (آخر سورة أنزلت سورة المائدة)). ذكره ابن كثير في تفسيره تفسير القرآن العظيم
ورواه الترمذي وزاد فيه والفتح وقال عنه الترمذي حديث غريب حسن ذكر ذلك ابن كثير في تفسيره
وقد روى الحاكم في مستدركه، من طريق عبد اللّه بن وهبٍ بإسناده نحو رواية التّرمذيّ، ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه.
ورواه الإمام أحمد، عن عبد الرّحمن بن مهديٍّ، عن معاوية بن صالحٍ، وزاد: ((هذا استطراد، فيكتفى بموضع الشاهد فقط من الحديث وسألتها عن خلق رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم، فقالت: (القرآن). وراوه النّسائيّ من حديث ابن مهديٍّ). ذكره ابن كثير في [تفسير القرآن العظيم
- عن جبير بن نفير قال: حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي: (يا جبير تقرأ المائدة؟) فقلت: نعم، فقالت: (أما إنها آخر سورة نزلت فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم من حرام فحرموه)).أخرج أحمد وأبو عبيد في فضائله والنحاس في ناسخه والنسائي، وَابن المنذر والحاكم وصححه، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه" ذكره السيوطي في [الدر المنثور]
- عن أبي ميسرة، قال: آخر سورةٍ أنزلت في القرآن سورة المائدة، وإنّ فيها لسبع عشرة فريضة). ذكره سعيد بن منصور في سننه.
القول فيها
المراد آخر سورة نزلت في الحلال والحرام فلم تنسخ فيها أحكام وعليه فهو آخر مقيد . ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
آخر ما نزل من آيات القرآن الكريم
القول الأول: قوله تعالى: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله}
- قال ابن عباس : آخر أية أنزلت من القرآن:{واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله})قال زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بعدها تسع ليال وبدئ يوم السبت ومات يوم الأثنين صلوات الله عليه وسلم .ذكره القاسم بن سلام في [فضائل القرآن : ]ورواه في رواية أخرى عن عطاء بن رباح. وكذلك روي عن أبي صالح وسعيد بن جبير رواه العبدي في (الناسخ والمنسوخ لقتادة)وروي عن السدي والعوفي في مصنف ابن أبي شيبة .
دون زيادة ( قال : زعموا أن رسول الله ....)
القول فيها
وهي أصح الأقوال في آخرية الآية . قاله ابن حجر في فتح الباري وبه قال الزرقاني في مناهل العرفان
القول الثاني: آية الربا
- عن عمر، رضي الله عنه قال: «آخر ما أنزل من القرآن آية الربا، وأن نبي الله صلى الله عليه وسلم قبض ولم يفسرها فدعوا الربا والريبة» ). ذكره ابن الضريس في [فضائل القرآن]وروي هذا القول عن ابن عباس. ذكره القاسم بن سلام في فضائل القرآن
القول الثالث: آية الربا وآية الدَّين
- عن ابن شهاب قال:آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين).ذكره القاسم بن سلام في [فضائل القرآن : ]
القول في هذه الأقوال الثلاثة:
لا منافاة بين هذه الروايات في آية الربا {واتقوا يوما}وآية الدين لأن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف ولأنها في قصة واحدة فأخبر كل عن بعض ما نزل بأنه آخر وذلك صحيح .ذكره السيوطي في الاتقان.وبه قال الزرقاني في مناهل العرفان ورجح إلى أن آخر هذه الثلاثه نزولا هو قوله تعالى :( واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله)
سبب الترجيح أمران:
-أحدهما: ما تحمله هذه الآية في طياتها من الإشارة إلى ختام الوحي والدين, بسبب ما تحث عليه من الاستعداد ليوم المعاد وما تنوه به من الرجوع إلى الله واستيفاء الجزاء العادل من غير غبن ولا ظلم وذلك كله أنسب بالختام من آيات الأحكام المذكورة في سياقها.
-ثانيهما: التنصيص في رواية ابن أبي حاتم السابقة على أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعد نزولها تسع ليال فقط ولم تظفر الآيات الأخرى بنص مثله.
٢ - وقيل في أن آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا و آية الدين يعني من آيات الأحكام والله أعلم . قاله أبو شامة المقدسي في المرشد الوجيز
٣- طريق الجمع بين القولين في آية الربا: {واتقوا يوما} أن هذه الآية هي ختام الآيات المنزلة في الربا إذ هي معطوفة عليهن ويجمع بين ذلك وبين قول البراء بأن الآيتين نزلتا جميعا فيصدق أن كلا منهما آخر بالنسبة لما عداهما ويحتمل أن تكون الآخرية في آية النساء مقيدة بما يتعلق بالمواريث بخلاف آية البقرة ويحتمل عكسه والأول أرجح لما في آية البقرة من الإشارة إلى معنى الوفاء المستلزمة لخاتمة النزول انتهى .قاله ابن حجر في شرح البخاري ذكره السيوطي في الاتقان
القول الرابع: آية الكلالة
- عن البراء بن عازب، قال:آخر آية نزلت:{ يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } ). رواه البخاري في صحيحه وذكره القاسم بن سلام في [فضائل القرآن : ]وذكره ابن أبي شيبة في مصنفه بروايتين عن البراء إحداهما عن طريق ابن نمير والأخرى عن طريق وكيع .وذكره الضريس في فضائل القرآن بروايتين إحداهما عن طريق عمرو بن مرزوق والاخرى عن طريق سليمان بن حرب وذكره ابن كثير في تفسيره رواه عن البخاري.
القول في هذه الاقوال
أي آخر ما نزل في شأن الفرائض .ذكره السيوطي في الاتقان.وبه قال الزرقاني في مناهل العرفان .

القول الخامس: آخر آيتين من سورة التوبة
- عن أبي بن كعب قال: إن آخر عهد القرآن في السماء هاتان الآيتان خاتمة براءة {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم..}إلى آخرها). ذكره العبدي في [الناسخ والمنسوخ لقتادة]وذكره الضريس في فضائل القرآن . وقال بهذا القول الزهري ذكره الموقري في الناسخ والمنسوخ للزهري.
- عن أبي العالية: «أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون، ويملّ عليهم أبي بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية في سورة براءة {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون} فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن.
فقال أبيّ بن كعب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرأني بعد هذا آيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم . فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}
قال: فهذا آخر ما أنزل من القرآن. ذكره ابن الضريس في [فضائل القرآن
- عن جابر بن زيد... وآخر آية أنزلت قوله تعالى: {فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم} ). ذكره الداني في [البيان
القول فيها
المراد آخر ما نزل من سورة براءة لا آخر مطلق ويؤيده ما قيل من أن هاتين الآيتين مكيتان بخلاف سائر السورة ولعل قوله سبحانه ( فإن تولوا فقل حسبي الله) الخ يشير إلى ذلك من حيث عدم الأمر فيه بالجهاد عند تولى الأعداء وإعراضهم. ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
القول في هذه الأقوال السابقة
بعد أن ذكر الذهبي هذه الأقوال قال : "فحاصله أن كلا منهم أخبر بمقتضى بما عنده من العلم . ذكره الذهبي في تاريخ الإسلام وبهذا قال البيهقي وزاد " أو أراد أن ما ذكر من أواخر الآيات التي نزلت والله أعلم " دلائل النبوة للبيهقي.
٣- قال القاضي أبو بكر في الانتصار وهذه الأقوال ليس في شيء منها ما رفع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويجوز أن يكون قاله قائله بضرب من الاجتهاد وتغليب الظن وليس العلم بذلك من فرائض الدين حتى يلزم ما طعن به الطاعنون من عدم الضبط ،ويحتمل أن كلا منهم أخبر عن آخر ما سمعه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في اليوم الذي مات فيه أو قبل مرضه بقليل وغيره سمع منه بعد ذلك وإن لم يسمعه هو لمفارقته له ونزول الوحي عليه بقرآن بعده .
ويحتمل أيضا أن تنزل الآية التي هي آخر آية تلاها الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مع آيات نزلت معها فيؤمر برسم ما نزل معها وتلاوتها عليهم بعد رسم ما نزل آخرا وتلاوته فيظن سامع ذلك أنه آخر ما نزل في الترتيب).ذكره الزركشي في [البرهان في علوم القرآن والزرقاني في مناهل العرفان وعلق عليه بقوله :
"وكأنه يشير إلى الجمع بين تلك الأقوال المتشعبة بأنها أواخر مقيدة بما سمع كل منهم من النبي صلى الله عليه وسلم وهي طريقة مريحة غير أنها لا تلقي ضوءا على ما عسى أن يكون قد اختتم الله به كتابه الكريم "مناهل العرفان
مع التنبيه أن
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضاوي الهطلاني مشاهدة المشاركة
قول الباقلاني متعقّب بأنّ ما صح عن الصحابة في نزول القرآن فله حكم الرفع؛ فإن اختلفت الروايات فيجمع بينها إن أمكن؛ فإن لم يمكن فالترجيح.
القول السادس: {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية
- عن معاوية بن أبي سفيان أنه تلا هذه الآية {فمن كان يرجو لقاء ربه} الآية وقال: إنها آخر آية نزلت من القرآن .
القول فيها:
قال ابن كثير هذا أثر مشكل ولعله أراد أنه لم ينزل بعدها آية تنسخها ولا تغير حكمها بل هي مثبتة محكمة .
ذكره السيوطي في الاتقان وفي التحبير في علم التفسير. ونقله الزرقاني في مناهل العرفان ثم قال : وهو يفيد أنها آخر مقيد لا مطلق
القول السابع : {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم}
أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس قال: نزلت هذه الآية: {ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم} هي آخر ما نزل وما نسخها شيء .
وعند أحمد والنسائي عنه لقد نزلت في آخر ما نزل ما نسخها شيء
وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد
القول فيها
كلمة ما نسخها شيء تشير إلى أن المراد من كونها آخر مانزل أنها آخر ما نزل في حكم قتل المؤمن عمدا لا آخر ما نزل مطلقاً. قاله الزرقاني في مناهل العرفان.

القول الثامن: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل} إلى آخرها
- عن أم سلمة قالت: آخر آية نزلت هذه الآية: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل} إلى آخرها
القول فيها:
قال السيوطي :ذلك أنها قالت: يا رسول الله أرى الله يذكر الرجال ولا يذكر النساء فنزلت: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}ونزلت: {إن المسلمين والمسلمات} ونزلت هذه الآية فهي آخر الثلاثة نزولا أو آخر ما نزل بعدما كان ينزل في الرجال خاصة .
ذكره السيوطي في الاتقان وقال به الزرقاني في مناهل العرفان.
القول التاسع: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} الآية
- أخرج ابن جرير عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من فارق الدنيا على الإخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له وأقام الصلاة وآتى الزكاة فارقها والله عنه راض)) قال أنس: وتصديق ذلك في كتاب الله في آخر ما نزل {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة} الآية
القول فيها:
يعني في آخر سورة نزلت . ذكره السيوطي في الاتقان .
القول العاشر : {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما}
- في البرهان لإمام الحرمين إن قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية من آخر ما نزل . ذكره السيوطي [الإتقان في علوم القرآن
القول فيها:
وتعقبه ابن الحصار بأن السورة مكية باتفاق ولم يرد نقل بتأخر هذه الآية عن نزول السورة بل هي في محاجة المشركين ومخاصمتهم وهم بمكة انتهى). ذكره السيوطي [الإتقان في علوم القرآن
القول الحادي عشر : {اليوم أكملت لكم دينكم}
ونزلت: {اليوم أكملت لكم دينكم} في يوم عرفة، في يوم جمعة، وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعدها إحدى وثمانين ليلة).ذكره السخاوي في[جمال القراء
إشكال وجوابه
المشكل على ما تقدم قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} فإنها نزلت بعرفة عام حجة الوداع وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها وقد صرح بذلك جماعة منهم السدي فقال لم ينزل بعدها حلال ولا حرام فلماذا لا تكون آية المائدة آخر ما نزل من القرآن فإكمال دينه لا يكون إلا بإكمال نزول القرآن وإتمام جميع الفرائض والأحكام.؟
الجواب
أولا : أن هناك قرآنا نزل بعدها كآية الربا و الدين والكلالة وقوله ( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ) فكانت آخر الآيات نزولا على الإطلاق و النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعدها تسع ليال فقط. وتلك قرينة تمنعنا أن نفهم أن معنى إكمال الدين أنه إكمال النزول . ذكره الزرقاني في مناهل العرفان
ثانيا: فالاقرب أن معنى إكمال الدين هو إقراره واظهاره على الدين كله ولو كره الكافرون
قال ابن جرير : الأولى أن يتأول على أنه أكمل لهم دينهم بإفرادهم بالبلد الحرام وإجلاء المشركين عنه حتى حجه المسلمون لا يخالطهم المشركون ثم أيده بما أخرجه من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين فكان ذلك من تمام النعمة {وأتممت عليكم نعمتي} ). ذكره السيوطي في الإتقان في علوم القرآن ، والزرقاني في مناهل العرفان

4: آخر ما كتب في المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
آخر ما كتب آخر آيتين من سورة براءة
- عن أبي العالية أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون، ويملّ عليهم أبي بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية في سورة براءة: {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}، فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن.
فقال أُبَيُّ بنُ كعب: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرأني بعد هذا آيتين :{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم .فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}.
قال: (فهذا آخر ما أنزل من القرآن).
قال: (فختم الأمر بما فتح به بلا إله إلا الله، يقول الله عز وجل: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}).). ذكره الضريس في [فضائل القرآن:]
أواخر مخصوصة
آخر ما نزل بمكة
انواع النزول المكي
المكي الأول :ما نزل قبل الهجرة.
المكي الآخر: ما نزل بعد فتح مكة. [الناسخ والمنسوخ لابن سلامة
آخر المكي الأول نزولا
فيه قولان
الأول: سورة النبأ
هي من آخر المكي الأول؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر من غد يوم نزلت. ذكره ابن سلامة في الناسخ والمنسوخ والسخاوي في جمال القراء
الثاني : ويل للمطففين
وفيه اختلاف في نزولها
فقال ابن عباس: مدنية.
وقال عطاء: هي آخر ما نزل بمكة).ذكره الزركشي في البرهان في علوم القرآن
سبحانك اللهم وبحمدك استغفرك وأتوب اليك

أحسنت، بارك الله فيك ونفع بك
وقد أحسنت كثيرا في إسناد الأحاديث والآثار
بالنسبة لأقوال العلماء ربما لو جمعت في مسألة واحدة لكان أفضل
ويمكنك مطالعتها في نموذج الإجابة في الموضوع التالي:
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...403#post199403

التقييم:
- الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 30/30
- الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 19/20
- التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 18/20
- الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 15/15
- العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15

النسبة: 97 %
وفقك الله


رد مع اقتباس
  #34  
قديم 9 شعبان 1436هـ/27-05-2015م, 04:50 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

تفسير قول الله تعالى: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء{
للحافظ ابن رجب الحنبلي
المسائل
* دلالة الآية
*دلالة الآية على اثبات الخشية لأهل العلم
-لأقوال في نوع " ما "في الآية
* الأدلة على أنالآية تدل على نفي الخشية عن غير العلماء
- مسائل " ما " وإفادتها النفي والحصر والأقوال في ذلك والرد
* دلالة الآية على نفي العلم من غير أهل الخشية،
*في الآية هليقتضي ثبوت الخشية لجنس العلماء، أو يقتضي ثبوت الخشية لكلّ واحدٍ من العلماء؟
* تفسير السلف للآية
*وجوه بيان أنّ العلم يوجب الخشية وأنّ فقده يستلزم فقد الخشية وما فيها من مسائل .

تلخيص المسائل:
* دلالة الآية :
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
دلّت هذه الآية على إثبات الخشية للعلماء بالاتفاق
وعلى نفيها عن غيرهم على أصح القولين،
وعلى نفي العلم عن غير أهل الخشية أيضًا.
*أولا: دلالة الآية على اثبات الخشية لأهل العلم
صيغة "إنما" تقتضي تأكد ثبوت المذكور بالاتّفاق؛ لأنّ خصوصية "إن" إفادة التأكيد .
الأقوال في نوع " ما "في الآية
1- أن "ما " كافة :وهو قول الجمهور ، ثمّ قال جمهور النحاة: هي الزائدة التي تدخل على إنّ، وأنّ، وليت، ولعلّ، وكأن، فتكفها عنالعمل.
سبب عمل " ما " النافية
وإنما عملت "ما" النافية على اللغة التي نزل بها القرآن وهي لغة أهل الحجاز استحسانًا لمشابهتها لـ "ليس "
2- أنّ "ما" مع هذه الحروف اسمٌ مبهمٌ بمنزلة ضمير الشأن في التفخيم والإبهام وفي أنّ الجملة بعده مفسرةٌ له ومخبرٌ بها عنه، قول بعض الكوفيين، وابن درستويه
3- أن "ما" هذه نافيةٌ واستدلّوا بذلك على إفادتها الحصر.وأنّ "إن" أفادت الإثبات في المذكور، و"ما" النفي فيما عداه . قول طائفةٌ من الأصوليين وأهل البيان.
الردعليهم:
وهذا باطلٌ باتفاق أهل المعرفة باللسان فإنّ "إن" إنما تفيد توكيد الكلام إثباتًا كان أو نفيًا لا تفيد الإثبات.
و"ما" زائدةٌ كافة لا نافيةٌ وهي الداخلة على سائر أخوات إنّ: لكنّ وكأن وليت ولعلّ، وليست في دخولها على هذه الحروف نافيةً بالاتفاق فكذلك الداخلة على إنّ وأنّ، .
لمن نسب هذا القول؟
وقد نسب القول بأنها نافيةٌ إلى أبي علي الفارسي لقوله في كتاب "الشيرازيات ": إنّ العرب عاملوا "إنما" معاملة النفيّ و"إلا" في فصل الضمير لقوله: "وإنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ".
الرد علىهذا القول
وهذا لا يدل على أنّ "ما" نافيةٌ على ما لا يخفى وإنما مراده أنّهم أجروا "إنما" مجرى النفي و"إلاّ" في هذا الحكم لما فيها معنى النفي ولم يصرّح بأنّ النفي مستفادٌ من "ما" وحدها،
4- أن " ما "بمعنى الذي ،قيل: إنه لا يمتنع أن يكون "ما" في هذه الآية بمعنى الذي والعلماء خبرٌ والعائد مستترٌ في يخشى.
-اطلاق " ما " على جماعة العقلاء
وأطلقت "ما" على جماعة العقلاء كما في قوله تعالى:{أو ما ملكت أيمانكم}، و{فانكحوا ما طاب لكم مّن النّساء}.
* الأدلة على أنالآية تدل على نفي الخشية عن غير العلماء
- دلالة الآية على نفي الخشية عن غير العلماء من صيغة "إنما "
- إن"ما" هي الكافة فيقول إذا دخلت "ما" الكافة على "إنّ " أفادت الحصر هذا هو الصحيح، وقد حكاه بعض العلماء عن جمهور الناس وهو قول الحنابلة كالقاضي، وابن عقيلٍ، والحلواني.
والشيخ موفق الدين، وفخر الدّين إسماعيل بن علي صاحب ابن المنّي، وهو قول أكثر الشافعية كأبي حامدٍ وأبي الطيب، والغزالي والهرّاسي، وقول طائفةٍ من الحنفية كالجرجاني، وكثيرٌ من المتكلمين كالقاضي أبي بكرٍ، وغيره، وكثيرٌ من النحاة وغيرهم، بل قد حكاه أبو علي فيما ذكره الرازيّ عن النحاة جملةً،
- مسائل " ما " وإفادتها النفي والحصر والأقوال في ذلك والرد
-الاختلاف في دلالة " إنما " على النفي
1-اختلفوا في دلالتها على النفي هل هو بطريق المنطوق، أو بطريق المفهوم؟
-: إنّ دلالتها على النفي بالمنطوق كالاستثناء سواء . قاله كثيرٌ من الحنابلة، كالقاضي في أحد قوليه وصاحب ابن المنّي والشيخ موفّق الدّين وهو أيضا قول أبي حامد، وأبي الطيب من الشافعية، والجرجاني من الحنفية.
- إن دلالتها على النفي بطريق المفهوم وهو قول كثيرٍ من الحنفية، والمتكلمين، ذهبت إلى ذلك طائفةٌ من الحنابلة كالقاضي في قوله الآخر وابن عقيلٍ والحلواني.
2- واختلفوا أيضًا هل دلالتها على النفي بطريق النّص، أو الظاهر.
- قالت طائفة: إنّما تدلّ على الحصر ظاهرًا، أو يحتمل التأكيد، وهذا الذي حكاه الآمديّ عن القاضي أبي بكرٍ، والغزاليّ، والهرّاسيّ، وغيرهم من الفقهاء وهو يشبه قول من يقول إنّ دلالتها بطريق المفهوم فإنّ أكثر دلالات المفهوم بطريق الظاهر لا النّص، وظاهر كلام كثيرٍ من الحنابلةوغيرهم،
-أن دلالتها على النّفي والإثبات كليهما بطريق النّص لأنّهم جعلوا "إنّما" كالمستثنى والمستثنى منه سواء وعندهم أن الاستثناء من الإثبات نفيٌ ومن النفي إثباتٌ، نصًّا لا محلاً.
وأمّا من قال: إنّ الاستثناء ليس لإثبات النقيض بل لرفع الحكم إما مطلقًا أو في الاستثناء من الإثبات وحده كما يذكر عن الحنفية وجعلوه من باب المفهوم الذي ينفونه، فهو يقول ذلك في "إنّما" بطريق الأولى .
-أقسام المخالفين في إفادتها الحصر
- فظهر بهذا أنّ المخالف في إفادتها الحصر هو من القائلين بأنّ دلالتها على النفيّ بالمفهوم وهم قسمان:
أحدهما:من لا يرى كون المفهوم حجّةً بالكلية كالحنفية، ومن وافقهم من المتكلمين.
والثاني:من يراه حجةً من الجملة، ولكن ينفيه هاهنا لقيام الدليل عنده على أنّه لا مفهوم لها، واختاره بعض المتأخرين من أصحابنا، وغيرهم،
التوضيح
بيان ذلك أنّ "إنّما" مركبةٌ من "إنّ " المؤكدة و"ما" الزائدة الكافة فيستفاد التوكيد من "إنّ " والزائد لا معنى له، نعم أكثر ما يقال إنّهتفيد تقوية التوكيد كما في الباء الزائدة ونحوها، فأمّا أن يحدث معنًى آخر فلا .
- القول بأن أغلب موارد " إنما " لا تكون فيها للحصر والرد عليه
ورودها لغير الحصر كثيرٌ جدًّا كقوله تعالى:{إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون (2)}.
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إنما الرّبا في النسيئة".وقوله:"إنّما الشهر تسعٌ وعشرون "وغير ذلك من النصوص ويقال: "إنّما العالم زيد" ومثل هذا لو أريد به الحصر لكان هذا.
ولكن قد يقال: إن أغلب مواردها لا تكون فيها للحصر
أمثلة على ذلك
فإنّ قوله تعالى:{إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، لا تفيد الحصر مطلقًا فإنّه سبحانه وتعالى له أسماءٌ وصفاتٌ كثيرةٌ غير توحّده بالإلهية،وكذلك قوله:{قل إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}.
فإنّه لم ينحصر الوحي إليه في هذا وحده.
وكذلك قوله:{إنّما أنت منذرٌ}ومثل هذا كثيرٌ جدًّا وممّا يبيّن عدم إفادتها للحصر قوله - صلى الله عليه وسلم -:"ما من نبي من الأنبياء إلا قد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنّما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ".
فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة" فلو كانت"إنّما"للحصر لبطلت أن تكون سائر آيات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومعجزاته سوى القرآن آياتٍ له تدلّ على صدقه لاعترافه بنفي ذلك وهذا باطلٌ قطعًا فدلّ على أنّ"إنما"لا تفيد الحصر في مثل هذا الكلام وشبهه.
الرد على هذا القول :
الصواب: أنّها تدلّ على الحصر، ودلالتها عليه معلومٌ بالاضطرار من لغة العرب، كما يعلم من لغتهم بالاضطرار معاني حروف الشرط والاستفهام والنفي والنّهي وغير ذلك ولهذا يتوارد "إنّما" وحروف الشرط والاستفهام والنّفي الاستثناء كما في قوله تعالى:{إنّما تجزون ما كنتم تعملون}.
وقوله:{إنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}.
وقوله:{إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}{إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو}.
فإنه كقوله:{وما من إلهٍ إلاّ اللّه}.
وقوله:{ما لكم من إلهٍ غيره}، ونحو ذلك.
ولهذا كانت كلّها واردةً في سياق نفي الشرك وإبطال إلهية سوى اللّه سبحانه، وأمّا أنّها مركبةٌ من "إنّ " و"ما" الكافة فمسلّم.
الرد على قولهم -- إنّ "ما" الكافة أكثر ما تفيده قوة التوكيد لا تثبت معنى زائدًا.
يجاب عنه من وجوه:
أحدها:أنّ "ما" الكافة قد تثبت بدخولها على الحروف معنىً زائدًا، وقد ذكر ابنمالكأنها إذا دخلت على الباء أحدثت معنى التقليل، كقول الشاعر:
فالآن صرت لا تحيد جوابًا.......بما قد يرى وأنت حطيب
قال: وكذلك تحدث في "الكاف " معنى التعليل، في نحو قوله تعالى: (واذكروه كما هداكم) ، ولكن قد نوزع في ذلك وادّعى أنّ "الباء" و"الكاف " للسببية، وأنّ "الكاف " بمجردها تفيد التعليل.
والثاني:أن يقال: لا ريب أنّ "إنّ " تفيد توكيد الكلام، و"ما" الزائدة تقوّي هذا التوكيد وتثبت معنى الكلام فتفيد ثبوت ذلك المعنى المذكور في اللفظ خاصةً ثبوتًا لا يشاركه فيه غيره واختصاصه به، وهذا من نوع التوكيد والثبوت ليس معنىً آخر مغايرًا له وهو الحصر المدّعى ثبوته بدخول "ما" يخرج عن إفادة قوّة معنى التوكيد وليس ذلك بمنكرٍ إذ المستنكر ثبوت معنى آخر بدخول الحرف الزائد من غير جنس ما يفيده الحرف الأوّل.
الوجه الثالث:أنّ "إن" المكفوفة "بما" استعملت في الحصر فصارت حقيقةً عرفيّةً فيه، واللفظ يصير له بالاستعمال معنى غير ما كان يقتضيه أصل الوضع، وهكذا يقال في الاستثناء فإنه وإن كان في الأصل للإخراج من الحكم لكن صار حقيقة عرفيةً في مناقضة المستثنى فيه، وهذا شبية بنقل اللفظ عن المعنى الخاص إلى العام إذا صار حقيقة عرفيةً فيه لقولهم "لا أشرب له شربة ماءٍ" ونحو ذلك، ولنقل الأمثال السائرة ونحوها مما ليس هذا موضع بسطه، وهذا الجواب ذكره أبو العباس ابن تيمية في بعض كلامه القديم وهو يقتضي أنّ دلالة "إنّما" على الحصر إنّما هو بطريق العرف والاستعمال لا بأصل وضع اللغة، وهو قولٌ حكاه غيره في المسألة.
- إنّ أدوات النّفي تدل على انتفاء الاسم بانتفاء مسمّاه
معلومٌ من كلام العرب أنّهم ينفون الشيء في صيغ الحصر وغيرها تارةً لانتفاء ذاته وتارةً لانتفاء فائدته ومقصوده، ويحصرون الشيء في غيره تارةً لانحصار جميع الجنس فيه وتارةً لانحصار المفيد أو الكامل فيه، ثمّ إنهم تارة يعيدون النفي إلى المسمّى وتارةً إلى الاسم وإن كان ثابتًا في اللغة إذا كان المقصود الحقيقيّ بالاسم منتفيا عنه ثابتًا لغيرهكقوله تعالى:{قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتّى تقيموا التوراة والاٍنجيل وما أنزل إليكم مّن رّبكم}، فنفى عنهم مسمّى الشيء مع أنّه في الأصل شامل لكلّ موجودٍ من حق وباطلٍ كما كان ما لا يفيد ولا منفعة فيه يؤول إلى الباطل الذي هو العدم فيصير بمنزلة المعدوم بل قد يكون أولى بالعدم من المعدم المستمر عدمه لأنه قد يكون فيه ضررٌ فمن قال الكذب فلم يقل شيئًا ولم يعمل ما ينفعه بل ما يضرّه لم يعمل شيئا، ولهذا لمّا سئل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن الكفار فقال:"ليسوا بشيء".
ويقول أهل الحديث عن بعض الرواة المجروحين والأحاديث الواهية:"ليس بشيءٍ "إذا لم يكن مما ينتفع به في الرواية لظهور كذبه عمدًا أو خطأ، ويقال أيضًا لمن خرج عن موجب الإنسانية في الأخلاق ونحوها: هذا ليس بآدميّ ولا إنسانٍ وما فيه إنسانية، ومنه قول النّسوة في يوسف عليه السلام:{ما هذا بشرًا إن هذا إلاّ ملكٌ كريمٌ}.
وكذلك قول اللّه تعالى:{فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور}.
وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:"ليس المسكين بهذا الطوّاف الذي تردّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان إنّما المسكين الذي لا يجد ما يغنيه ولا يفطن له فيتصدّق عليه ولا يسأل الناس إلحافًا"وكذلك قال:"ما تعدّون المفلس فيكم؟ "قالوا: الذي لا درهم له ولا دينار قال:"ليس ذلك بالمفلس، ولكنّ المفلس من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال ويجيء وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذمالهذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا لم يتبقّ له حسنةٌ أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثمّ ألقي في النار"
وقال:"ما تعدّون الرقوب فيكم؟ "
قالوا: الرقوب من لا يولد له.
قال:"الرقوب من لم يقدّم من ولده شيئا".
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:"ليس الشديد بالصّرعة ولكنّ الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "
وقوله - صلى الله عليه وسلم -:"ليس الغنى عن كثرة العرض وإنّما الغنى غنى النفس".
وأمثال ذلك، فهذا كلّه نفيٌ لحقيقة الاسم من جهة المضيّ الذي يجب اعتباره، فإنّ اسم الرقوب والمفلس والغني والشديد ونحو ذلك إنّما يتعارفه الناس فيمن عدم ماله وولده أو حصل لهمالأو قوّةٌ في بدنه، والنفوس تجزع من الأوّلين وترغب في الآخرين، فيعتقد أنّه هو المستحقّ لهذا الاسم دون غير فبين - صلى الله عليه وسلم - أنّ حقيقة ذلك المعنى ثابتةٌ لغير هذا المتوهم على وجهٍ ينبغي بعلو الاعتقاد والقصد بذلك الغير فإن من عدمالمالوالولد يوم القيامة حيث يضر عدمه أحقّ باسم المفلس والرقوب ممن يعدمهما حيث قد لا يتضرر بذلك تضررًا معتبرًا ولذلك وجود غنى النفس وقوتها أحقّ بالمدح والطلب من قوّة البدن وغنى المال وهكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -:" إنّما الرّبا في النسيئة" أو لا "ربا إلا في النسيئة".
فإنّ الرّبا العام الشامل للجنسين، والجنس الواحد المتفقة صفاته إنّما يكون في النسيئة وأمّا رباالفضلفلا يكون إلا في الجنس الواحد ولا يفعله أحدٌ إلا إذا اختلفت الصفات، كالمضروب بالتّبر، والجيد بالرديء، فأمّا مع استواء الصفات فلا يبيع أحد درهمًا بدرهمين، وأيضًا فربا الفضل إنّما حرّم لأنه ذريعةٌ إلى ربا النسيئة كما في "المسند" عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين، إنّي أخاف عليكم الرّبا".
فالربا المقصود بالقصد الأول هو ربا النسيئة، فإذا بيع مائة بمائةٍ وعشرين مع اتفاق الصفات ظهرت أن الزيادة قابلت الأجل الذي لا منفعة فيه وإنّما دخل فيه للحاجة، ولهذا لا يضمن الآجال باليد فلو بقيت العين في يده، أو المال في ذمته مدةً لم يضمن الأجل بخلاف زيادة الصفة، فإنها مضمونةٌ في الإتلاف والغصب وفي المبيع إذا قابلت غير الجنس، فلهذا قيل: إنّما الرّبا في النّسيئة ولا ربا إلا في النسيئة، فإنّ المستحقّ لاسم الرّبا في الحقيقة هو ربا النسيئة ولذلك نفى الأسماء الشرعية لانتفاء بعض واجباتها لقوله:{إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم..}إلى قوله:{أولئك هم المؤمنون حقًّا}، وهؤلاء هم المستحقون لهذا الاسم على الحقيقة الواجبة دون من أخلّ بشيءٍ من واجبات الإيمان والإسلام عمن انتفى عنه بعض واجباتهما لقوله:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "الحديث.
وقوله:"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه"
وقوله:"المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، والمجاهد من جاهد نفسه في ذات اللّه ".
ومثل هذا كثير، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:"إنّما الشهر تسع وعشرون "فإنّ هذا هو عدد الشّهر اللازم الدائم، واليوم الزائد على ذلك أمر جائز يكون في بعض الشهور ولا يكون في بعضها، بخلاف التسعة والعشرين، فإنّه يجب عددها واعتبارها بكلّ حال، وهذا كما يقال: الإسلام شهادة أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمدًا رسول اللّه.
فهذا هو الذي لا بدّ منه، وما زاد على ذلك فقد يجب على الإنسان، وقد يموت قبل التمكن، فلا يكون الإسلام في حقّه إلا ما تكلّم به، وحاصل الأمر أن الكلام الخبريّ هو إمّا إثباث أو نفيٌ فكما أنهم في الإثبات يثبتون - للشيء اسم الشيء إذا حصل فيه مقصود الاسم وإن انتفتصورةالمسمّى، فكذلك في النّفي، فإنّ أدوات النّفي تدل على انتفاء الاسم بانتفاء مسمّاه فذلك،
تارةً لأنه لم يوجد أصلاً، وتارةً لأنه لم توجد الحقيقة المقصودة بالمسمّى، وتارةً لأنه لم تكن تلك الحقيقة، وتارةً لأن ذلك المسمّى مما لا ينبغي أن يكون مقصودًا بل المقصود غيره، وتارةً لأسبابٍ أخر
-كيف تظهر دلالة أدوات النفي:
وهذا كلّه إنّما يظهر من سياق الكلام وما اقترن به من القرائن اللفظية التي لا تخرجه عن كونه حقيقةً عند الجمهور ولكون المركب قد صار موضوعًا لذلك المعنى، أو من القرائن الحالية التي تجعله مجازًا عند الجمهور، وأمّا إذا أطلق الكلام مجرّدًا عن القرينتين فمعناه السلب المطلق وهو أكثر الكلام وهذا الجواب ملّخصٌ من كلام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية - رحمه اللّه.
-أقسام الحصر:
وأما قوله تعالى:{إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، وقوله:{إنّما أًنت منذرٌ}.
ونحو ذلك، فالجواب عنه أن يقال:
-الحصرتارةًيكون عامًا كقوله:{إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو}، ونحو ذلك.
- وتارةًيكون خاصًّا بما يدل عليه سياق الكلام فليس الحصر أن ينفي عن الأوّل كل ما سوى الثاني مطلقًا، بل قد ينفي عنه ما يتوهم أنه ثابتٌ له من ذلك النوع الذي أثبت له في الكلام.
-التوضيح :
فقوله:{إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، فيه نفي تعدد الإلهيّة في حقّه سبحانه وأنّه لا إله غيره، ليس المراد أنه لا صفة له سوى وحدانية الإلهية.
وكذلك قوله:{إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}.
فإنّ المراد به أنه لم يوح إليّ في أمر الإلهية إلا التوحيد لا الإشراك.
وقوله تعالى:{إنّما أنت منذر}، أي لست ربًّا لهم ولا مجازيًا ولامحاسبا ، وليس عليك أن تجبرهم على الإيمان، ولا أن تتكلف لهم طلب الآيات التي يقترحونها عليك{إنّما أنت منذر}، فليس عليك إلا الإنذار، كما قال:{فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب}،وقال:{فذكّر إنّما أنت مذكّرٌ (21) لست عليهم بمصيطرٍ (22)}.
ومن ها هنا يظهر الجواب عن قوله:"إنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه اللّه إليّ "فإنّه قال:"ما من نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنّما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة"فالكلام إنما سيق لبيان آيات الأنبياء العظام الذي آمن لهم بسببها الخلق الكثير، ومعلومٌ أن أعظم آيات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - التي آمن عليها أكثر أمّته هي الوحي وهو الذي كان يدعو به الخلق كلّهم، ومن أسلم في حياته خوفًا فأكثرهم دخل الإيمان في قلبه بعد ذلك بسبب سماع الوحي لمسلمي الفتح وغيرهم، فالنفي توجه إلى أنه لم تكن آياته التي أوجبت إسلام الخلق الكثير من جنس ما كان لمن قبله مثل ناقة صالح وعصا موسى ويده وإبراء المسيح الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ونحو ذلك، فإنّ هذه أعظم آيات الأنبياء قبله وبها آمن البشر لهم.
وأمّا آيته هو - صلى الله عليه وسلم - التي آمن البشر عليها في حياته وبعد وفاته فهي الوحي التي أوحي إليه وهي التي توجب إيمان البشر إلى يوم القيامة كما قال تعالى:{وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}.
ولهذا قيل: إنّ آيات الأنبياء انقطعت بموتهم وآياته - صلى الله عليه وسلم - باقيةً إلى يوم القيامة،
-بيان أن الحصر لم ينتف عن " إنما "في هذه الأنواع التي توهموها :
ومما يبيّن أنّ الحصر لم ينتف عن "إنّما" في شيء من هذه الأنواع التي توهموها، أنّ الحصر قد جاء فيها وفي مثلها بإلاّ كما جاء بـ "إنّما" فإنه جاء "لا ربا إلا في النسيئة" كما جاء "إنما الربا في النسيئة" وجاء في القرآن:{وما محمّدٌ إلاّ رسولٌ قد خلت من قبله الرّسل}.
كما جاء:{إنّما أنت منذرٌ}،وكذلك قوله:{ما المسيح ابن مريم إلاّ رسولٌ قد خلت من قبله الرّسل}. ومثل ذلك كثير.
-وجه إفادتها الحصر على قول أنها موصولة
فهذا وجه إفادتها الحصر في هذه الآية على القول المشهور وهو "إنما" في قوله:{إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}، هي الكافة.
وأما على قول من جعلها موصولةً فتفيد الحصر من جهةٍ أخرى وهو أنّها إذا كانت موصولةً فتقدير الكلام "إن الذين يخشون الله هم العلماء" وهذا أيضًا يفيد الحصر" فإنّ الموصول يقتضي العموم لتعريفه، وإذا كان عامًّا لزم أن يكون خبره عامًّا أيضًا لئلا يكون الخبر أخصّ من المبتدأ، وهذا النوع من الحصر يسمّى حصر المبتدأ في الخبر، ومتى كان المبتدأ عامًّا فلا ريب إفادته الحصر.

* دلالة الآية على نفي العلم من غير أهل الخشية،
- من جهة حصر الأول في الثاني
فإنّ الحصر المعروف المطرد فهو حصر الأول في الثاني، وهو هاهنا حصر الخشية في العلماء.
- حصر الثاني في الأول
أما حصر الثاني في الأول فقد ذكره الشيخ أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - قال: وكذلك الحصر في هذه الآية أعني قوله:{إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}فتقتضي أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالم، وتقتضي أيضًا أنّ العالم من يخشى اللّه .
مثال :
قوله:{إنّما تنذر من اتّبع الذكر وخشي الرّحمن بالغيب}فيه الحصر من الطرفين، فإن اقتضى أن إنذاره مختصٌّ بمن اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فإن هذا هو المختصّ بقبول الإنذار، والانتفاع به فلذلك نفى الإنذار عن غيره، والقرآن مملوء بأنّ الإنذار إنما هو للعاقل له خاصةً، ويقتضي أنه لا يتبع الذكر ويخشى الرحمن بالغيب إلا من أنذره أي من قبل إنذاره وانتفع به فإنّ اتباع الذكر، وخشية الرحمن بالغيب مختصة بمن قبل الإنذار كما يختص قبول الإنذار والانتفاع بأهل الخشية واتباع الذكر.
وكذلك قوله:{إنّما أنت منذر من يخشاها}.
وقوله:{إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّدًا}الآية.
فإن انحصار الإنذار في أهل الخشية، كانحصار أهل الخشية في أهل الإنذار، والذين خرّوا سجدًا في أهل الإيمان ونحو ذلك فكذلك قوله:{إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}وقد فسّرها السلف بذلك أيضًا
-في قوله تعالى:{إنّما يخشى الله من عباده العلماء} هليقتضي ثبوت الخشية لجنس العلماء، أو يقتضي ثبوت الخشية لكلّ واحدٍ من العلماء؟
هذا الثاني هو الصّحيح، وتقريره من جهتين:
الجهة الأولى:أن الحصر هاهنا من الطرفين، حصر الأول في الثاني وحصر الثاني في الأول، كما تقدّم بيانه، فحصر الخشية في العلماء يفيد أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالمٌ وإن لم يفد لمجرده أنّ كلّ عالم فهو يخشى اللّه وتفيد أنّ من لا يخشى فليس بعالم، وحصر العلماء في أهل الخشية يفيد أنّ كلّ عالم فهو خاشٍ، فاجتمع من مجموع الحصرين ثبوت الخشية لكلّ فردٍ من أفراد العلماء.
والجهة الثانية:أن المحصور هل هو مقتضٍ للمحصور فيه أو هو شرطٌ له؟
قال الشيخ أبو العباس - رحمه اللّه -: وفي هذه الآية وأمثالها هو مقتضٍ فهو عامٌّ فإنّ العلم بما أنذرت به الرسل يوجب الخوف،
-مراده بالمقتضي – العلة المقتضية
هي التي يتوقف تأثيرها على وجود شروط وانتفاء موانع كأسباب الوعد والوعيد ونحوهما فإنها مقتضياتٌ وهي عامةٌ،
-مراده بالشرط
هو ما يتوقف تأثير السبب عليه بعد وجود السبب وهو الذي يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط، كالإسلام بالنسبة إلى الحجّ.
-المرادبالمانع:
والمانع بخلاف الشرط، وهو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه الوجود وهذا الفرق بين السبب والشرط وعدم المانع إنّما يتم على قول من يجوّز تخصيص العلة وأما من لا يسمّي علةً إلا ما استلزم الحكم ولزم من وجودها وجوده على كلّ حال، فهؤلاء عندهم الشرط وعدم المانع من جملة أجزاء العلة، والمقصود هنا أنّ العلم إذا كان سببًا مقتضيًا للخشية كان ثبوت الخشية عامًا لجميع أفراد العلماء لا يتخلف إلا لوجود مانع ونحوه.
وقد تقدّم بيان دلالة الآية على أنّ من خشي اللّه وأطاعه وامتثل أوامره واجتنب نواهيه فهو عالم لأنه لا يخشاه إلا عالمٌ، وعلى نفي الخشية عن غير العلماء، ونفي العلم عن غير أولي الخشية أيضًا، وأنّ من لم يخش اللّه فليس بعالم وبذلك
* تفسّير السلفللآية:
-إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وجلالي وسلطاني ".ذكر عن ابن عباس
-"العالم من خاف اللّه عن مجاهدٍ والشعبيّ ".:
-"كفى بخشية اللّه علمًا وكفى بالاغترار باللّه جهلاً".ذكر عن ابن مسعودٍ
-"العلماء باللّه الذين يخافونه ".ذكره ابن أبي الدنيا عن عطاءٍ الخراسانيّ
:- من لم يخش اللّه فليس بعالمٍ..ألا ترى أنّ داود قال: ذلك بأنّك جعلت العلم خشيتك، والحكمة والإيمان بك وما علم من لم يخشك وما حكم من لم يؤمن بك.عن الربيع بن أنسٍ
في قوله تعالى:{يؤتي الحكمة من يشاء}قال: "الحكمة الخشية فإنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمةٍ".عن الربيع عن أبي العالية
-"من خشي اللّه فهو عالمٌ ".رواه الدارميّ من طريق عكرمة عن ابن عباسٍ
-: "يا حملة العلم، اعملوا به فإنّما العالم من عمل بما علم فوافق علمه عمله، وسيكون أقوامٌ يحملون العلم ولا يجاوز تراقيهم، يخالف علمهم عملهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم.
يجلسون حلقًا فيباهي بعضهم بعضًا، حتى إنّ الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غير ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى اللّه عزّ وجلّ ".
وعن مسروقٍ قال: " كفى بالمرء علمًا أن يخشى اللّه عزّ وجل وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعلمه ".روي عن يحيى بن جعدة، عن عليٍّ
:"-لا يكون الرجل عالما حتّى لا يحسد من فوقه ولا يحقر من دونه، ولا يبتغي بعلمه ثمنًا".عن ابن عمر - رضي الله عنهما – وعن أبي حازمٍ نحوه.
منه قول الحسن: "إنما الفقيه الزاهد في الدّنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربّه ".
وعن عبيد اللّه بن عمر أنّ عمر بن الخطاب سأل عبد اللّه بن سلامٍ:"من أرباب ألعلم؟
قال: الذين يعملون بما يعلمون ".
وقال رجلٌ للشعبي: أفتني أيها العالم فقال: "إنما العالم من يخاف اللّه ".
وعن الربيع بن أنس عن بعض أصحابه قال: "علامة العلم: خشية اللّه عز وجل ".
وسئل سعد بن إبراهيم -: من أفقه أهل المدينة؟
قال: "أتقاهم لربّه ".
وسئل الإمام أحمد عن معروفٍ، وقيل له: هل كان معه علمٌ؟
فقال: "كان معه أصل العلم، خشية اللّه عزّ وجلّ ".
ويشهد لهذا قوله تعالى:{أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون). وكذلك قوله تعالى: (إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ}.
وقوله:{أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رّحيمٌ}.
وقوله:{ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ (119)}.
قال أبو العالية: "سألت أصحاب محمدٍ عن هذه الآية:{إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ}
فقالوا: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ، وكلّ من تاب قبل الموت فقد تاب من قريبٍ ".
وعن قتادة قال:"أجمع أصحاب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على أنّ كلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ جهالةً، عمدًا كان أو لم يكن، وكلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ ".
وقال مجاهدٌ: "من عمل ذنبًا من شيخ أو شابٍ فهو بجهالةٍ"، وقال أيضًا: "من عصى ربّه فهو جاهلٌ حتى ينزع عن معصيته "، وقال أيضًا: "من عمل سوءًا خطأً أو إثمًا فهو جاهلٌ حتى ينزع منه ".
وقال أيضًا هو وعطاء: "الجهالة: العمد".
رواهنّ ابن أبي حازمٍ وغيره، وقال: وروي عن قتادة، وعمرو بن مرة، والثوريّ نحو ذلك.
وروي عن مجاهدٍ، والضحاك، قالا: "ليس من جهالته أن لا يعلم حلالاً ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه ".
وقال عكرمة: "الدنيا كلّها جهالةٌ".
وعن الحسن البصريّ أنه سئل عنها فقال: "هم قومٌ لم يعلموا ما لهم مما عليهم، قيل له: أرأيت لو كانوا علموا؟ قال: فليخرجوا منها فإنها جهالةٌ".
*وجوه بيان أنّ العلم يوجب الخشية وأنّ فقده يستلزم فقد الخشية :
إحداها:أن العلم باللّه تعالى وما له من الأسماء والصفات كالكبرياء والعظمة والجبروت، والعزة وغير ذلك يوجب خشيته، وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية، وبهذا فسّر الآية ابن عباسٍ، فقال: "يريد إنما يخافني من علم جبروتي، وعزتي، وجلالي، وسلطاني "، ويشهد لهذا قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:"إني لأعلمكم باللّه وأشدّكم له خشيةً"وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا"وفي "المسند" وكتاب الترمذيّ وابن ماجة من حديث أبي ذرٍّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعونإنّ السماء أطّت وحقّ لها أن تئطّ، ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وملكٌ واضعٌ جبهته ساجدٌ للّه - عز وجلّ - واللّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عزّ وجلّ ".
وقال الترمذيّ: حسنٌ غريبٌ.
قال: ويروى عن أبي ذرٍّ موقوفًا وذكر أبو نعيمٍ وغيره بالإسناد عن ابن عباسٍ، أنه قال للنفر الذين كانوا يختصمون ويتمارون: "أو ما علمتم أنّ للّه عبادًا أصمتتهم خشية اللّه من غير بكمٍ ولا عيًّ، وإنهم لهم العلماء والفصحاء والطلقاء والنبلاء، العلماء بأيام اللّه غير أنهم إذا تذكّروا عظمة اللّه طاشت لذلك عقولهم، وانكسرت قلوبهم، وانقطعت ألسنتهم، حتّى إذا استفاقوا من ذلك، تسارعوا إلى اللّه عزّ وجلّ بالأعمال الزكيّة، يعدون أنفسهم مع المفرطين، وإنهم لأكياسٌ أقوياء مع الظالمين والخاطئين، وإنهم لأبرارٌ برءاء، إلا أنهم لا يستكثرون إلا الكثير، ولا يرضون له بالقليل، ولا يدلون عليه بالأعمال هم حيث ما لقيتموهم مهتمّون مشفقون وجلون خائفون ".
وروى ابن أبي الدنيا أثرًا عن زناد بن أبي حبيبٍ أنه بلغه: "أن من حملة العرش من سال من عينه أمثال الأنهار من البكاء فإذا رفع رأسه قال: سبحانك ما تخشى حقّ خشيتك، قال تعالى ذكره: لكن الذين يحلفون باسمي كاذبين لا يعلمون ذلك ".
وعن يزيد الرقاشيّ قال: "إن للّه تبارك وتعالى ملائكةً حول العرشت جري أعينهم مثل الأنهار إلى يوم القيامة، يميدون كأنّهم ينفضهم الريح من خشية اللّه، فيقول الربّ عزّ وجلّ: يا ملائكتي، ما الذي يخيفكم وأنتم عندي؟
فيقولون: يا ربّ، لو أنّ أهل الأرض اطّلعوا من عزّتك وعظمتك على ما اطّلعنا عليها، ما أساغوا طعامًا ولا شرابًا، ولا انبسطوا في فرشهم.
ولخرجوا إلى الصّحاري يخورون كما تخور البقر". ومثل هذا كثيرٌ جدًّا، والمقصود أنّ العلم باللّه وأسمائه وصفاته وأفعاله من قدره، وخلقه، والتفكير في عجائب آياته المسموعة المتلوة، وآياته المشاهدة المرئية من عجائب مصنوعاته، وحكم مبتدعاته ونحو ذلك مما يوجب خشيته وإجلاله، ويمنع من ارتكاب نهيه، والتفريط في أوامره؛ وهو أصل العلم النافع، ولهذا قال طائفةٌ من السلف لعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة: "أعجب الأشياء قلبٌ عرف ربه ثم عصاه ".
وقال بشر بن الحارث: "لو يفكر الناس في عظمة اللّه لما عصوا اللّه "
وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
فواعجبًا كيف يعصى الإله.......وكيف يجحده الجاحد
وللّه في كلّ تحريكةٍ.......وتسكينةٍ أبدًا شاهد
وفي كلّ شيءٍ له آيةٌ.......تدل على أنه واحد
الوجه الثاني:أنّ العلم بتفاصيل أمر اللّه ونهيه، والتصديق الجازم بذلك ومما يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب، مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين، كلّ هذا يوجب الخشية، وفعل المأمور وترك المحظور، وإنّما يمنع الخشية ويوجب الوقوع في المحظورات الغفلة عن استحضار هذه الأمور، والغفلة من أضداد العلم، والغفلة والشهوة أصل الشرّ، قال تعالى:{ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (28)}.
والشهوة وحدها، لاتستقلّ بفعل السيئات إلا مع الجهل، فإنّ صاحب الهوى لو استحضر هذه الأمور المذكورة وكانت موجودةً في ذكره، لأوجبت له الخشية القامعة لهواه، ولكنّ غفلته عنها مما يوجب نقص إيمانه الذي أصله التصديق الجازم المترتب على التصور التام، ولهذا كان ذكر اللّه وتوحيده والثناء عليه يزيد الإيمان، والغفلة والإعراض عن ذلك يضعفه وينقصه، كما كان يقول من يقول من الصحابة: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة".
وفي الأثر المشهور عمير بن حبيبٍ وكان من الصحابة، قال:"الإيمان يزيد وينقصقيل: وما زيادته ونقصانه؟
قال:إذا ذكرنا اللّه ووحّدناه وسبّحناه، فتلك زيادته وإذا غفلنا ونسينا، فذلك نقصانه ".
وفي مسندي الإمام أحمد والبزار من حديث أبي هريرة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"جدّدوا إيمانكم "قالوا: وكيف نجدد إيماننا يا رسول اللّه؟
قال:"قولوا: لا إله إلا اللّه ".
ومن هنا يعلم معنى قول النبيًّ - صلى الله عليه وسلم -:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن "فإنه لو كان مستحضرًا في تلك الحال لاطّلاع اللّه عليه ومقته له جمع ما توعّده اللّه به من العقاب المجمل والمفصل استحضارًا تامًّا لامتنع منه بعد ذلك وقوع هذا المحظور وإنما وقع فيما وقع فيه لضعف إيمانه ونقصه.
الوجه الثالث:أنّ تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه، وتصور حقيقة المحبوب توجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دلّ على أنًّ تصوره لذلك ليس تامًّا، وإن كان قد يصور الخبر عنه، وتصور الخبر وتصديقه وحفظ حروفه غير تصوّر المخبر به فإذا أخبر بما هو محبوبٌ أو مكروهٌ له، ولم يكذّب الخبر بل عرف صدقه لكن قلبه مشغولٌ بأمور أخرى عن تصور ما أخبر به، فهذا لا يتحرك للهرب ولا للطلب، في الأثر المعروف عن الحسن وروي مرسلاً عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:"العلم علمان، فعلم في القلب، فذاك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان، فذاك حجة الله على ابن آدم ".
الوجه الرابع: أنّ كثيرًا من الذنوب قد يكون سبب وقوعه جهل فاعله بحقيقة قبحه وبغض اللّه له وتفاصيل الوعيد عليه وإن كان عالمًا بأصل تحريمه وقبحه لكنّه يكون جاهلاً بما ورد فيه من التغليظ والتشديد ونهاية القبح، فجهله بذلك هو الذي جرّأه عليه وأوقعه فيه، ولو كان عالمًا بحقيقة قبحه لأوجب ذلك العلم تركه خشيةً من عقابه، ولهذا كان القول الصحيح الذي عليه السلف وأئمة السنة أنه يصحّ التوبة من بعض الذنوب دون بعضٍ خلافًا لبعض المعتزلة،



الخامس:أنّ كل ما علم علمًا تامًّا جازمًا بانّ فعل شيئًا يضرّه ضررًا راجحًا لم يفعله، فإنّ هذا خاصة العاقل، فإنّ نفسه تنصرف عمّا يعلم رجحان ضرره بالطبع، فإنّ اللّه جعل في النفس حبًّا لما ينفعها وبغضًا لما يضرّها، فلا يفعل ما يجزم بأنه يضرّها ضررًا راجحًا، ولا يقع ذلك إلا مع ضعيف العقل ، فاصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العلم بأنها تضرهم ضررًا راجحًا، أو ظنّ أنها تنفعهم نفعًا راجحًا، وذلك كلّه جهل إما بسيط وإمّا مركب، ولهذا يسمّى حال فعل السيئات الجاهلية، فإن صاحبها في حال جاهليةٍ، ولهذا كان الشيطان يزيّن السيئات ويأمر بها، ويذكر ما فيها من المحاسن التي يظنّ أنها منافع لا مضارّ كما أخبر اللّه عنه في قصة آدم أنه:{يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى (120) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما}.
قال:{ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلّا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20)}.
وقال تعالى:{ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ (36) وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون (37)}.
وقال تعالى:{أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنًا}.
وقال:{كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ عملهم ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون (108)}.
وتزيين أعمالهم يكون بواسطة الملائكة والأنبياء والمؤمنين للخير.
وتزيين شياطين الإنس والجن للشر، وقال تعالى:{وكذلك زيّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم}.
ومثل هذا كثيرٌ فالفاعل للذنب لو جزم بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله، لكنه يزين له ما فيه من اللذة التي يظنّ أنها مصلحة، ولا يجزم بوقوع عقوبته، بل يرجو العفو بحسناتٍ أو توبةٍ أو بعفو الله ونحو ذلك، وهذا كله من اتباع الظن وما تهوى الأنفس، ولو كان له علم كامل لعرف به رجحان ضرر السيئة، فأوجب له ذلك الخشية المانعة له من مواقعتها، ونبين هذا بـ:
الوجه السادس:وهو أن لذّات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام والمفاسد ألبتة فإنّ لذاتها سريعة الانقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك ولهذا قيل: "إن الصبر على المعاصي أهون من الصبر على عذاب اللّه، وقيل: "ربّ شهوة ساعة أورثت حزنًا طويلاً" وما في الذنوب من اللذات كما في الطعام الطيب المسموم من اللذة، فهي مغمورة بما فيه من المفسدة ومؤثر لذة الذنب كمؤثر لذة الطعام المسموم الذي فيه من السموم ما يمرض أو يقتل ومن هاهنا يعلم أنه لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها، كما لا يؤثر أكل الطعام المسموم للذّته إلا من هو جاهل بحاله أو غير عاقل، ورجاؤه التخلص من شرها بتوبةٍ أو عفو أو غير ذلك كرجاء آكل الطعام المسموم الطيب للخلاص من شرّ سمّه بعلاج أو غيره، وهو في غاية الحمق والجهل، فقد لا يتمكن من التخلص منه بالكلية، فيقتله سمّه، وقد لا يتخلص منه تخلصًا تامًّا فيطول مرضه، وكذلك المذنب قد لا يتمكن من التوبة، فإنّ من وقع في ذنبٍ تجرّأ عليه عمره وهان عليه خوض الذنوب وعسر عليه الخلاص منها ولهذا قيل: "من عقوبة الذنب: الذنب بعده ".
وقد دلّ على ذلك القرآن في غير موضع، وإذا قدّر أنه تاب منه فقد لا يتمكن من التوبة النصوح الخالصة التي تمحو أثره بالكلية، وإن قدّر أنه تمكن من ذلك، فلا يقاوم اللذة الحاصلة بالمعصية ما في التوبة النصوح المشتملة على النّدم والحزن والخوف والبكاء وتجشمالأعمالالصالحة؛ من الألم والمشقة، ولهذا قال الحسن: "ترك الذنب أيسر من طلب التوبة" ويكفي المذنب ما فاته في حال اشتغاله بالذنوب من الأعمال الصالحة الّتي كان يمكنه تحصيل الدرجات بها.
-الاختلاف في حال التائب هل يمكن عوده إلى ما كان عليه قبل المعصية؟
اختلف الناس في التائب، هل يمكن عوده إلى ما كان عليه قبل المعصية؟
على قولين معروفين، والقول بأنه لا يمكن عوده إلى ما كان عليه قول أبي سليمان الدّرانيّ وغيره،
-اختلفوا في التوبة إذا استكملت شروطها، هل يجزم بقبولها؟
على قولين:
1-لا يجزم بذلك، قاله القاضي أبو بكر وغيره من المتكلمين .
2-يقطع بقبولها، قاله أكثر أهل السنة والمعتزلة وغيرهم .
-آثار الذنوب ومشاقها لا تتخلف بتوبة ولا عفو :
وإن قدّر أنه عفي عنه من غير توبةٍ سواءكان:
- بسبب أمرٍ مكفرٍ عنه كالمصائب الدنيوية، وفتنة القبر، وأهوال البرزخ، وأهوال الموقف، ونحو ذلك، فلا يستريب عاقلٌ أن ما في هذه الأمور من الآلام والشدائد أضعاف أضعاف ما حصل في المعصية من اللذة.
- يعفي عنه بغير سببٍ من هذه الأسباب المكفرة ونحوها، فإنه لابّد أن يلحقه عقوبات كثيرة منها:
1-ما فاته من ثواب المحسنين، فإن اللّه تعالى وإن عفا عن المذنب فلا يجعله كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، كما قال تعالى:{أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (21).
وقال: (أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (28)}.
ولهذا قال بعض السلف:هبأن المسيء قد عفي عنه.أليس قد فاته ثواب المحسنين؟
ولولا أنّ اللّه تعالى رضّى أهل الجنة كلّهم بما حصل لهم من المنازل لتقطعت أصحاب اليمين حسرات مما فاتهم من منازل المقربين مع إمكان مشاركتهم لهم في أعمالهم التي نالوا بها منازلهم العالية، وقد جاء في الأحاديث والآثار أنهم يقولون: ألم نكن مع هؤلاء في الدنيا؟ فيقال: كنتم تفطرون، وكانوا يصومون، وكنتم تنامون، وكانوا يقومون، وكنتم تبخلون، وكانوا ينفقون، ونحو ذلك.
وكذلك جاء:"أنّ الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فما تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه، فيستبشرون بريحه فيقولون: واهًا لهذه الريح، هذا رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه ".
هذا قد روي من حديث ابن مسعودٍ مرفوعًا، وروي من كلام كعبٍ.
2-ومنها: ما يلحقه من الخجل والحياء من اللّه عز وجلّ عند عرضه عليه.
وتقريره بأعماله، وربما كان ذلك أصعب عليه من دخول النار ابتداءً، وقد أخبر بذلك بعض المحتضرين في زمان السلف عند احتضاره وكان أغمي عليه حتى ظنّ أنه مات، ثم أفاق فأخبر بذلك.
وجاء تصديق ذلك في الأحاديث والآثار كما روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب "الزهد" بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:"يدني اللّه عزّ وجلّ العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه، فيستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، قال: فيمرّ بالحسنة، فيبيضّ لها وجهه ويسرّ بها قلبه قال: فيقول الله عز وجل: أتعرف يا عبدي؟
فيقول: نعم، يا رب أعرف، فيقول: إني قد قبلتها منك.
قال: فيخرّ للّه ساجدًا، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: ارفع رأسك يا ابن آدم وعد في كتابك، قال: فيمرّ بالسيئة فيسود لها وجهه، ويوجل منها قلبه وترتعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعمله غيره، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: أتعرف يا عبدي؟
قال: فيقول: نعم، يا رب أعرف، قال: فيقول: إني قد غفرتها لك؟
قال: فلا يزال حسنةٌ تقبل فيسجد، وسيئةٌ تغفر فيسجد، فلا ترى الخلائق منه إلا السجود، قال: حتى تنادي الخلائق بعضها بعضًا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص اللّه قط، ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين اللّه عز وجل ".
ومما قد وقفه عليه وروي معنى ذلك عن أبي موسى، وعبد اللّه بن سلامٍ وغيرهما، ويشهد لهذا حديث عبد اللّه بن عمر الثابت في "الصحيح "- حديث النجوى - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا كان يوم القيامة دعا اللّه بعبده فيضع عليه كنفه فيقول: ألم تعمل يوم كذا وكذا ذنب كذا وكذا؟فيقول: بلى يا ربّ، فيقول: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وغفرت ذلك لك اليوم "وهذا كلّه في حقّ من يريد اللّه أن يعفو عنه ويغفر له فما الظنّ بغيره؟
ولهذا في "مراسيل الحسن " عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إذا أراد اللّه أن يستر على عبده يوم القيامة أراه ذنوبه فيما بينه وبينه ثمّ غفرها له "ولهذا كان أشهر القولين أنّ هذا الحكم عامٌّ في حقّ التائب وغيره، وقد ذكره أبو سليمان الدمشقيّ عن أكثر العلماء، واحتجّوا بعموم هذه الأحاديث مع قوله تعالى:{ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا}.
وقد نقل ذلك صريحًا عن غير واحدٍ من السلف كالحسن البصريّ وبلال بن سعد - حكيم أهل الشام - كما روى ابن أبي الدنيا، وابن المنادي وغيرهما عن الحسن: "أنه سئل عن الرجل يذنب ثم يتوب هل يمحى من صحيفته؟ قال: لا، دون أن يوقفه عليه ثم يسأله عنه " ثم في رواية ابن المنادي وغير: "ثم بكى الحسن، وقال: لو لم تبك الأحياء من ذلك المقام لكان يحقّ لنا أن نبكي فنطيل البكاء".
وذكر ابن أبي الدنيا عن بعض السلف أنه قال:"ما يمرّ عليّ أشد من الحياء من اللّه عزّ وجلّ ".
وفي الأثر المعروف الذي رواه أبو نعيمٍ وغيره عن علقمة بن مرثدٍ: "أنّ الأسود بن يزيد لما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: ما لي لا أجزع، ومن أحقّ بذلك مني.
واللّه لو أتيت بالمغفرة من اللّه عزّ وجلّ، لهمّني الحياء منه مما قد صنعته، إنّ الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه فلا يزال مستحيًا منه ".
ومن هذا قول الفضيل بن عياضٍ: "بالموقف واسوءتاه منك وإن عفوت ".
المقصود هنا أن آلام الذنوب ومشاقّها وشداتها التي تزيد على لذاتها أضعافًا مضاعفةً، لا يتخلف عن صاحبها، لا مع توبة ولا عفوٍ، فكيف إذا لم يوجد واحدٌ منهما، ويتضح هذا بما نذكره في الوجه السابع.
الوجه السابع:وهو أن المقدم على مواقعة المحظور إنما أوجب إقدامه عليه ما فيه من اللذة الحاصلة له به، فظنّ أنّه يحصل له لذته العاجلة، ورجى أن يتخلص من تبعته بسببٍ من الأسباب ولو بالعفو المجرد فينال به لذةً ولا يلحقه به مضرةٌ، وهذا من أعظم الجهل، والأمربعكسباطنه،
-آثار الذنوب وتبعتها:
إن الذنوب تتبعها ولابدّ من الهموم والآلام وضيق الصدر والنكد، وظلمة القلب، وقسوته أضعاف أضعاف ما فيها من اللذة، ويفوت بها من حلاوة الطاعات، وأنوار الإيمان، وسرور القلب ببهجة الحقائق والمعارف، ما لا يوازي الذرة منه جميع لذات الدنيا، فيحصل لصاحب المعصية العيشة الضنك، وتفوته الحياة الطيبة، فينعكس قصده بارتكاب المعصية، فإنّ اللّه ضمن لأهل الطاعة الحياة الطيبة، ولأهل المعصية العيشة الضنك، قال تعالى:{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكًا}.
وقال:{وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون}.
وقال:{ولنذيقنّهم مّن العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون}.
-ثواب الطاعة :
- الحياة الطيبة
-معنى الحياة الطيبة
وقال في أهل الطاعة:{من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً}
.:"-لنرزقنّه عبادةً يجد حلاوتها في قلبه ". قاله الحسن وغيره من السلف
-ومن فسّرها بالقناعة، فهو صحيح أيضًا،
-ومن أنواع الحياة الطيبة الرضىبالمعيشة فإنّ الرّضى، كما قال عبد الواحد بن زيدٍ:"جنة الدنيا ومستراح العابدين ".
- المتاع الحسن
وقال تعالى:{وأن استغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه يمتّعكم متاعًا حسنًا إلى أجلٍ مسمًّى ويؤت كلّ ذي فضلٍ فضله}.
وقال:{فآتاهم اللّه ثواب الدّنيا وحسن ثواب الآخرة واللّه يحبّ المحسنين (148)}.
كما قال عن إبراهيم عليه السلام:{وآتيناه في الدّنيا حسنةً وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين (122)}.
ومثل هذا كثيرٌ في القرآن.
-في الطاعة من اللذة والسرور والابتهاج والطمأنينة وقرة العين.
وهو أمر ثابتٌ بالنصوص المستفيضة وهو مشهودٌ محسوسٌ يدركه بالذوق والوجد من حصل له ولا يمكن التعبير بالكلام عن حقيقته، كان بعض السلف يقول:"لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ".
وقال آخر:"لو علموا ما نحن فيه لقتلونا ودخلوا فيه ".
وقال أبو سليمان: "أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدّنيا".
وقال: "إنه ليمرّ على القلب أوقاتٌ يضحك فيها ضحكًا".
وقال ابن المبارك وغيره: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها ولم يذوقوا أطيب ما فيها، قيل: ما أطيب ما فيها؟ قال: معرفة اللّه ".
وقال آخر: "أوجدني اللّه قلبًا طيبًا حتى قلت: إن كان أهل الجنة في مثل هذا فإنّهم في عيشٍ طيب ".
وقال مالك بن دينار: "ما تنعم المتنعمون بمثل ذكر اللّه ".
-آثار الذنوب
المعاصي تقطع هذه الموادّ، وتغلق أبواب هذه الجنة المعجلة، وتفتح أبواب الجحيم العاجلة من الهمّ والغمّ، والضيق والحزن والتكدر وقسوة القلب وظلمته وبعده عن الربّ - عزّ وجلّ - وعن مواهبه السّنيّة الخاصة بأهل التقوى.
كما ذكر ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي - رضي الله عنه - قال:"جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والتعس في اللذة.قيل: وما التعس في اللذة؟ قال:لا ينال شهوةً حلالاً، إلا جاءه ما يبغّضه إيّاها".
وعن الحسن قال:"العمل بالحسنة نورٌ في القلب وقوةٌ في البدن، والعمل بالسيئة ظلمةٌ في القلب ووهن في البدن ".
وروى ابن المنادي وغيره عن الحسن، قال:"إن للحسنة ثوابًا في الدنيا وثوابًا في الآخرة، وإنّ للسيئة ثوابًا في الدنيا، وثوابًا في الآخرة، فثواب الحسنة في الدنيا البصر في الدّين، والنور في القلب، والقوة في البدن مع صحبةٍ حسنةٍ جميلةٍ، وثوابها في الآخرة رضوان اللّه عزّ وجلّ وثواب السيئة في الدنيا العمى في الدنيا، والظلمة في القلب، والوهن في البدن مع عقوباتٍ ونقماتٍ، وثوابها في الآخرة سخط اللّه عزّ وجلّ والنار".
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن مالك بن دينارٍ، قال: "إن للّه عقوبات فتعاهدوهنّ من أنفسكم في القلوب والأبدان: ضنكٌ في المعيشة، ووهن فى العبادة، وسخطٌ في الرزق ".
وعنه أنه قال: "ما ضرب عبدٌ بعقوبةٍ أعظم من قسوة القلب ".
ومثل هذا كثيرٌ جدًّا، وحاصل الأمر ما قاله قتادة وغيره من السلف: إن اللّه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عمّا نهاهم عنه بخلاً به، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عمّا فيه فسادهم، )
وهذا هو الذي عليه المحققون من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم، كالقاضي أبي يعلى وغيره.
- إن الله أمرعباده بما فيه صلاحهم، ونهاهم عمّا فيه فسادهم فهل يجوز وقوع خلاف ذلك عقلاً.
-كثير منهم كأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب على أنّ ذلك لا يجوز عقلاً وأما من قال بوقوع مثل ذلك شرعًا فقوله شاذٌ مردودٌ.
والرد على من أجازه
أن الصواب: أنّ ما أمر اللّه به عباده فهو عين صلاحهم وفلاحهم في دنياهم وآخرتهم، فإنّ نفس الإيمان باللّه ومعرفته وتوحيده وعبادته ومحبته وإجلاله وخشيته وذكره وشكره؛ هو غذاء القلوب وقوتها وصلاحها وقوامها، فلا صلاح للنفوس، ولا قرة للعيون ولا طمأنينة، ولا نعيم للأرواح ولا لذة لها في الدنيا على الحقيقة، إلا بذلك، فحاجتها إلى ذلك أعظم من حاجة الأبدان إلى الطعام والشراب والنّفس، بكثيرٍ، فإنّ حقيقة العبد وخاصيته هي قلبه وروحه ولا صلاح له إلا بتألهه لإلهه الحقّ الذي لا إله إلا هو، ومتى فقد ذلك هلك وفسد، ولم يصلحه بعد ذلك شيء ألبتة، وكذلك ما حرّمه اللّه على عباده وهو عين فسادهم وضررهم في دينهم ودنياهم، ولهذا حرّم عليهم ما يصدّهم عن ذكره وعبادته كما حرم الخمر والميسر، وبين أنه يصدّ عن ذكره وعن الصلاة مع مفاسد أخر ذكرها فيهما، وكذلك سائر ما حرّمه اللّه فإنّ فيه مضرةً لعباده في دينهم ودنياهم وآخرتهم، كما ذكر ذلك السلف، وإذا تبيّن هذا وعلم أنّ صلاح العباد ومنافعهم ولذاتهم في امتثال ما أمرهم الله به، واجتناب ما نهاهم اللّه عنه تبيّن أن من طلب حصول اللذة والراحة من فعل المحظور أو ترك المأمور، فهو في غاية الجهل والحمق، وتبيّن أنّ كلّ من عصى اللّه هو جاهل، كما قاله السلف ودلّ عليه القرآن كما تقدم، ولهذا قال:{كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئًا وهو شرٌّ لكم واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (216)}.
وقال:{ولو أنّهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشدّ تثبيتًا (66) وإذًا لآتيناهم من لدنّا أجرًا عظيمًا (67) ولهديناهم صراطًا مستقيمًا (68)}.
وقال تعالى:{واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا يعلّمون النّاس السّحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلّمان من أحدٍ حتّى يقولا إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر فيتعلّمون منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارّين به من أحدٍ إلّا بإذن اللّه ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102) ولو أنّهم آمنوا واتّقوا لمثوبةٌ من عند اللّه خيرٌ لو كانوا يعلمون (103)}.
فأخبر أنهم علموا أنّ من اشتراه أي تعوض به في الدنيا فلا خلاق له في الآخرة ثم قال:{ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}، فيدلّ هذا على أنّهم لم يعلموا سوء ما شروا به أنفسهم.
وقد اختلف المفسرون في الجمع بين إثبات العلم ونفيه هاهنا.
-فقالت طائفة منهم: الذين علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق، هم الشياطين الذين يعلّمون الناس السحر،
والذين قيل فيهم:{لو كانوا يعلمون}هم الناس الذين يتعلمون.
رد ابن جرير عليهم :
قال ابن جرير: وهذا القول خطأٌ مخالفٌ لإجماع أهل التأويل على أنّ قوله: (ولقد علموا) عائدٌ على اليهود الذين اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان - ثم أخبر ابن جرير أنّ الذين علموا أنه لا خلاق لمن اشتراه هم اليهود، والذين قيل فيهم: (لو كانوا يعلمون)، هم الذين يتعلمون من الملكين، وكثيرًا ما يكون فيهم الجهال بأمر اللّه ووعده ووعيده،
الردعلى ابن جرير
وهذا أيضًا ضعيفٌ فإنّ الضمير فيهما عائدٌ إلى واحدٍ، وأيضًا فإن الملكين يقولان لمن يعلمانه: إنما نحن فتنة فلا تكفر، فقد أعلماه تحريمه وسوء عاقبته.
2-وقالت طائفة: إنما نفى عنهم العلم بعدما أثبته لانتفاء ثمرته وفائدته، وهو العمل بموجبه ومقضتاه، فلمّا انتفى عنهم العمل بعلمهم جعلهم جهّالاً لا يعلمون، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، وهذا حكاه ابن جريرٍ وغيره، وحكى الماوردي قولاً بمعناه، لكنه جعل العمل مضمرا، وتقديره لو كانوا يعملون بما يعلمون.
وقيل: إنهم علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له، أي لا نصيب له في الآخرة من الثواب، لكنهم لم يعلموا أنه يستحق عليه العقاب مع حرمانه الثواب، وهذا حكاه الماورديّ وغيره،
الرد على هذا القول
وهو ضعيف أيضًا، فإنّ الضمير إن عاد إلى اليهود، فاليهود لا يخفى عليهم تحريم السحر واستحقاق صاحبه العقوبة، وإن عاد إلى الذين يتعلمون من الملكين فالملكان يقولان لهم:{إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر}والكفر لا يخفى على أحدٍ أن صاحبه يستحقّ العقوبة، وإن عاد إليهما، وهو الظاهر، فواضح، وأيضًا فإذا علموا أنّ من اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ فقد علموا أنه يستحقّ العقوبة، لأنّ الخلاق: النصيب من الخير، فإذا علم أنه ليس له نصيب في الخير بالكلية فقد علم أن له نصيبًا من الشرّ، لأنّ أهل التكليف في الآخرة لا يخلو واحد منهم عن أن يحصل له خير أو شرّ لا يمكن انتكاله عنهما جميعًا ألبتة.
3-وقالت طائفة: علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له في الآخرة، لكنهم ظنّوا أنهم ينتفعون به في الدنيا، ولهذا اختاروه وتعوّضوا به عن بوار الآخرة وشروا به أنفسهم، وجهلوا أنه في الدنيا يضرّهم أيضًا ولا ينفعهم، فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ذلك، وأنّهم إنما باعوا أنفسهم وحظّهم من الآخرة بما يضرّهم في الدنيا أيضًا ولا ينفعهم، وهذا القول حكاه الماورديّ وغيره، وهو الصحيح، فإنّ اللّه تعالى قال:{ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم}أي هو في نفس الأمر يضرّهم ولا ينفعهم بحالٍ في الدنيا وفي الآخرة.
ولكنّهم لم يعلموا ذلك لأنهم لم يقدموا عليه إلا لظنّهم أنه ينفعهم في الدنيا.

-معنى قوله::{ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ}
أي قد تيقّنوا أنّ صاحب السحر لا حظّ له في الآخرة، وإنما يختاره لما يرجو من نفعه في الدنيا، وقد يسمّون ذلك العقل المعيشي أي العقل الذي يعيش به الإنسان في الدنيا عيشةً طيبةً،
-معنى قول اللّه تعالى:{ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}
أي: إن هذا الذي يعوضوا به عن ثواب الآخرة في الدنيا أمرٌ مذمومٌ مضر لا ينفع لو كانوا يعلمون ذلك
-معنى قوله:{ولو أنّهم آمنوا واتّقوا لمثوبةٌ من عند اللّه خير لّو كانوا يعلمون}
يعني: أنهم لو اختاروا الإيمان والتقوى بدل السّحر لكان اللّه يثيبهم على ذلك ما هو خير لهم مما طلبوه في الدنيا لو كانوا يعلمون، فيحصل لهم في الدنيا من ثواب الإيمان والتقوى من الخير الذي هو جلب المنفعة ودفع المضرّة ما هو أعظم مما يحصّلونه بالسّحر من خير الدنيا مع ما يدّخر لهم من الثواب في الآخرة.
-المقصود هنا: أن كل من آثر معصية اللّه على طاعته ظانًّا أنه ينتفع بإيثار المعصية في الدنيا، فهو من جنس من آثر السحر - الذي ظنّ أنه ينفعه في الدنيا - على التقوى والإيمان، ولو اتّقى وآمن لكان خيرًا له وأرجى لحصول مقاصده ومطالبه ودفع مضارّه ومكروهاته،
-شواهد على ذلك
يشهد كذلك أيضًا ما في "مسند البزار" عن حذيفة قال: "قام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فدعا الناس فقال:"هلمّوا إليّ، فأقبلوا إليه فجلسوا"، فقال:"هذا رسول ربّ العالمين جبريل - عليه السلام. - نفث في روعي: أنّه لا تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليها، فاتقوا اللّه وأجملوا في الطلب ولا يحملنّكم استبطاء الرّزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإنّ الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ".
- كيف يكون العلم مستلزم للخشية من هذه الوجوه السابقة؟.
1- على الوجه الأول يستلزم الخشية العلم باللّه بجلاله وعظمته، وهو الذي فسر الآية به جماعةٌ من السلف، كما تقدّم،
2-على الوجوه الأخر تكون الخشية ملازمةٌ للعلم بأوامر الله ونواهيه وأحكامه وشرائعه وأسرار دينه وشرعه وخلقه وقدره،
-هل يتنافى العمل بأوامر الله ونواهيه والعلم بالله؟
لا تنافي بين هذا العلم والعلم باللّه؛ فإنّهما قد يجتمعان وقد ينفرد أحدهما عن الآخر، وأكمل الأحوال اجتماعهما جميعًا وهي حالة الأنبياء - عليهم السلام - وخواصّ الصديقين ومتى اجتمعا كانت الخشية حاصلةٌ من تلك الوجوه كلها، وإن انفرد أحدهما حصل من الخشية بحسب ما حصّل من ذلك العلم، والعلماء الكمّل أولو العلم في الحقيقة الذين جمعوا الأمرين.
وقد ذكر الحافظ أبو أحمد بن عديٍّ:عن إسحاق بن بهلول قال: قال لي إسحاق بن الطباع: قال لي سفيان بن عيينة: "عالمٌ باللّه عالمٌ بالعلم، عالمٌ باللّه ليس بعالمٍ بالعلم عالمٌ بالعلم ليس بعالم باللّه "، قال: قلت لإسحاق: فهمنيه واشرحه لي، قال: عالمٌ باللّه عالمٌ بالعلم، حماد بن سلمة، عالمٌ باللّه ليس بعالم بالعلم مثل أبي الحجاج العابد، عالمٌ بالعلم ليس بعالم باللّه فلانٌ وفلانٌ وذكر بعض الفقهاء.
وروى الثوريّ عن رجلٍ قال: كان يقال: العلماء ثلاثةٌ: "فعالمٌ باللّه ليس عالمًا بأمر اللّه، وعالمٌ بأمر اللّه ليس عالمًا باللّه، وعالمٌ باللّه عالمٌ بأمر اللّه ".
فالعالم باللّه وبأوامر اللّه: الذي يخشى اللّه ويعلم الحدود والفرائض.
والعالم باللّه ليس بعالم بأمر اللّه: الذي يخشى اللّه ولا يعلم الحدود والفرائض.
والعالم بأمر اللّه ليس بعالم باللّه: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى اللّه عزّ وجلًّ.
-بيان أنّ انتفاء الخشية ينتفي معه العلم،
أما بيان أنّ انتفاء الخشية ينتفي معه العلم، فإنّ العلم له موجب ومقتضى.
وهو اتباعه والاهتداء به وضدّه الجهل، فإذا انتفت فائدته ومقتضاه، صار حاله كحاله عند عدمه وهو الجهل، وقد تقدّم أن الذنوب إنّما تقع عن جهالةٍ، وبيّنا دلالة القرآن على ذلك وتفسير السلف له بذلك، فيلزم حينئذٍ أن ينتفي العلم ويثبت الجهل عند انتفاء فائدة العلم ومقتضاه وهو اتباعه،
-أمثلة على ذلك
- قوله تعالى:{وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}.
-قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:"إذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤٌ شاتمه أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ "
-وكما يوصف من لا ينتفع بسمعه وبصره وعقله في معرفة الحقّ والانقياد له بأنه أصم أبكم أعمى قال تعالى:{صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون}.
-ويقال أيضًا: إنه لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل كما قال تعالى:{ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرًا من الجنّ والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون (179)}.
فسلب العلم والعقل والسمع والبصر وإثبات الجهل والبكم والصمم والعمى في حقّ من فقد حقائق هذه الصفات وفوائدها من الكفّار والمنافقين أو من شركهم في بعض ذلك كلّه؛ من باب واحدٍ وهو سلب اسم الشيء أو مسمّاه لانتفاء مقصوده وفائدته وإن كان موجودًا، وهو بابٌ واسعٌ وأمثلته كثيرةٌ في الكتاب والسّنةّ.

رد مع اقتباس
  #35  
قديم 10 شعبان 1436هـ/28-05-2015م, 02:43 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مضاوي الهطلاني مشاهدة المشاركة
تفسير قول الله تعالى: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء{
للحافظ ابن رجب الحنبلي
المسائل
* دلالة الآية
*دلالة الآية على اثبات الخشية لأهل العلم
-لأقوال في نوع " ما "في الآية
* الأدلة على أنالآية تدل على نفي الخشية عن غير العلماء
- مسائل " ما " وإفادتها النفي والحصر والأقوال في ذلك والرد
* دلالة الآية على نفي العلم من غير أهل الخشية،
*في الآية هليقتضي ثبوت الخشية لجنس العلماء، أو يقتضي ثبوت الخشية لكلّ واحدٍ من العلماء؟
* تفسير السلف للآية
*وجوه بيان أنّ العلم يوجب الخشية وأنّ فقده يستلزم فقد الخشية وما فيها من مسائل .

تلخيص المسائل:
* دلالة الآية :
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
دلّت هذه الآية على إثبات الخشية للعلماء بالاتفاق
وعلى نفيها عن غيرهم على أصح القولين،
وعلى نفي العلم عن غير أهل الخشية أيضًا.
*أولا: دلالة الآية على اثبات الخشية لأهل العلم
صيغة "إنما" تقتضي تأكد ثبوت المذكور بالاتّفاق؛ لأنّ خصوصية "إن" إفادة التأكيد .
الأقوال في نوع " ما "في الآية
1- أن "ما " كافة :وهو قول الجمهور ، ثمّ قال جمهور النحاة: هي الزائدة التي تدخل على إنّ، وأنّ، وليت، ولعلّ، وكأن، فتكفها عنالعمل.
سبب عمل " ما " النافية
وإنما عملت "ما" النافية على اللغة التي نزل بها القرآن وهي لغة أهل الحجاز استحسانًا لمشابهتها لـ "ليس "
2- أنّ "ما" مع هذه الحروف اسمٌ مبهمٌ بمنزلة ضمير الشأن في التفخيم والإبهام وفي أنّ الجملة بعده مفسرةٌ له ومخبرٌ بها عنه، قول بعض الكوفيين، وابن درستويه
3- أن "ما" هذه نافيةٌ واستدلّوا بذلك على إفادتها الحصر.وأنّ "إن" أفادت الإثبات في المذكور، و"ما" النفي فيما عداه . قول طائفةٌ من الأصوليين وأهل البيان.
الردعليهم:
وهذا باطلٌ باتفاق أهل المعرفة باللسان فإنّ "إن" إنما تفيد توكيد الكلام إثباتًا كان أو نفيًا لا تفيد الإثبات.
و"ما" زائدةٌ كافة لا نافيةٌ وهي الداخلة على سائر أخوات إنّ: لكنّ وكأن وليت ولعلّ، وليست في دخولها على هذه الحروف نافيةً بالاتفاق فكذلك الداخلة على إنّ وأنّ، .
لمن نسب هذا القول؟
وقد نسب القول بأنها نافيةٌ إلى أبي علي الفارسي لقوله في كتاب "الشيرازيات ": إنّ العرب عاملوا "إنما" معاملة النفيّ و"إلا" في فصل الضمير لقوله: "وإنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ".
الرد علىهذا القول
وهذا لا يدل على أنّ "ما" نافيةٌ على ما لا يخفى وإنما مراده أنّهم أجروا "إنما" مجرى النفي و"إلاّ" في هذا الحكم لما فيها معنى النفي ولم يصرّح بأنّ النفي مستفادٌ من "ما" وحدها،
4- أن " ما "بمعنى الذي ،قيل: إنه لا يمتنع أن يكون "ما" في هذه الآية بمعنى الذي والعلماء خبرٌ والعائد مستترٌ في يخشى.
-اطلاق " ما " على جماعة العقلاء
وأطلقت "ما" على جماعة العقلاء كما في قوله تعالى:{أو ما ملكت أيمانكم}، و{فانكحوا ما طاب لكم مّن النّساء}.
* الأدلة على أنالآية تدل على نفي الخشية عن غير العلماء
- دلالة الآية على نفي الخشية عن غير العلماء من صيغة "إنما "
- إن"ما" هي الكافة فيقول إذا دخلت "ما" الكافة على "إنّ " أفادت الحصر هذا هو الصحيح، وقد حكاه بعض العلماء عن جمهور الناس وهو قول الحنابلة كالقاضي، وابن عقيلٍ، والحلواني.
والشيخ موفق الدين، وفخر الدّين إسماعيل بن علي صاحب ابن المنّي، وهو قول أكثر الشافعية كأبي حامدٍ وأبي الطيب، والغزالي والهرّاسي، وقول طائفةٍ من الحنفية كالجرجاني، وكثيرٌ من المتكلمين كالقاضي أبي بكرٍ، وغيره، وكثيرٌ من النحاة وغيرهم، بل قد حكاه أبو علي فيما ذكره الرازيّ عن النحاة جملةً،
- مسائل " ما " وإفادتها النفي والحصر والأقوال في ذلك والرد
-الاختلاف في دلالة " إنما " على النفي
1-اختلفوا في دلالتها على النفي هل هو بطريق المنطوق، أو بطريق المفهوم؟
-: إنّ دلالتها على النفي بالمنطوق كالاستثناء سواء . قاله كثيرٌ من الحنابلة، كالقاضي في أحد قوليه وصاحب ابن المنّي والشيخ موفّق الدّين وهو أيضا قول أبي حامد، وأبي الطيب من الشافعية، والجرجاني من الحنفية.
- إن دلالتها على النفي بطريق المفهوم وهو قول كثيرٍ من الحنفية، والمتكلمين، ذهبت إلى ذلك طائفةٌ من الحنابلة كالقاضي في قوله الآخر وابن عقيلٍ والحلواني.
2- واختلفوا أيضًا هل دلالتها على النفي بطريق النّص، أو الظاهر.
- قالت طائفة: إنّما تدلّ على الحصر ظاهرًا، أو يحتمل التأكيد، وهذا الذي حكاه الآمديّ عن القاضي أبي بكرٍ، والغزاليّ، والهرّاسيّ، وغيرهم من الفقهاء وهو يشبه قول من يقول إنّ دلالتها بطريق المفهوم فإنّ أكثر دلالات المفهوم بطريق الظاهر لا النّص، وظاهر كلام كثيرٍ من الحنابلةوغيرهم،
-أن دلالتها على النّفي والإثبات كليهما بطريق النّص لأنّهم جعلوا "إنّما" كالمستثنى والمستثنى منه سواء وعندهم أن الاستثناء من الإثبات نفيٌ ومن النفي إثباتٌ، نصًّا لا محلاً.
وأمّا من قال: إنّ الاستثناء ليس لإثبات النقيض بل لرفع الحكم إما مطلقًا أو في الاستثناء من الإثبات وحده كما يذكر عن الحنفية وجعلوه من باب المفهوم الذي ينفونه، فهو يقول ذلك في "إنّما" بطريق الأولى .
-أقسام المخالفين في إفادتها الحصر
- فظهر بهذا أنّ المخالف في إفادتها الحصر هو من القائلين بأنّ دلالتها على النفيّ بالمفهوم وهم قسمان:
أحدهما:من لا يرى كون المفهوم حجّةً بالكلية كالحنفية، ومن وافقهم من المتكلمين.
والثاني:من يراه حجةً من الجملة، ولكن ينفيه هاهنا لقيام الدليل عنده على أنّه لا مفهوم لها، واختاره بعض المتأخرين من أصحابنا، وغيرهم،
التوضيح
بيان ذلك أنّ "إنّما" مركبةٌ من "إنّ " المؤكدة و"ما" الزائدة الكافة فيستفاد التوكيد من "إنّ " والزائد لا معنى له، نعم أكثر ما يقال إنّهتفيد تقوية التوكيد كما في الباء الزائدة ونحوها، فأمّا أن يحدث معنًى آخر فلا .
- القول بأن أغلب موارد " إنما " لا تكون فيها للحصر والرد عليه
ورودها لغير الحصر كثيرٌ جدًّا كقوله تعالى:{إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون (2)}.
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إنما الرّبا في النسيئة".وقوله:"إنّما الشهر تسعٌ وعشرون "وغير ذلك من النصوص ويقال: "إنّما العالم زيد" ومثل هذا لو أريد به الحصر لكان هذا.
ولكن قد يقال: إن أغلب مواردها لا تكون فيها للحصر
أمثلة على ذلك
فإنّ قوله تعالى:{إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، لا تفيد الحصر مطلقًا فإنّه سبحانه وتعالى له أسماءٌ وصفاتٌ كثيرةٌ غير توحّده بالإلهية،وكذلك قوله:{قل إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}.
فإنّه لم ينحصر الوحي إليه في هذا وحده.
وكذلك قوله:{إنّما أنت منذرٌ}ومثل هذا كثيرٌ جدًّا وممّا يبيّن عدم إفادتها للحصر قوله - صلى الله عليه وسلم -:"ما من نبي من الأنبياء إلا قد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنّما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ".
فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة" فلو كانت"إنّما"للحصر لبطلت أن تكون سائر آيات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ومعجزاته سوى القرآن آياتٍ له تدلّ على صدقه لاعترافه بنفي ذلك وهذا باطلٌ قطعًا فدلّ على أنّ"إنما"لا تفيد الحصر في مثل هذا الكلام وشبهه.
الرد على هذا القول :
الصواب: أنّها تدلّ على الحصر، ودلالتها عليه معلومٌ بالاضطرار من لغة العرب، كما يعلم من لغتهم بالاضطرار معاني حروف الشرط والاستفهام والنفي والنّهي وغير ذلك ولهذا يتوارد "إنّما" وحروف الشرط والاستفهام والنّفي الاستثناء كما في قوله تعالى:{إنّما تجزون ما كنتم تعملون}.
وقوله:{إنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}.
وقوله:{إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}{إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو}.
فإنه كقوله:{وما من إلهٍ إلاّ اللّه}.
وقوله:{ما لكم من إلهٍ غيره}، ونحو ذلك.
ولهذا كانت كلّها واردةً في سياق نفي الشرك وإبطال إلهية سوى اللّه سبحانه، وأمّا أنّها مركبةٌ من "إنّ " و"ما" الكافة فمسلّم.
الرد على قولهم -- إنّ "ما" الكافة أكثر ما تفيده قوة التوكيد لا تثبت معنى زائدًا.
يجاب عنه من وجوه:
أحدها:أنّ "ما" الكافة قد تثبت بدخولها على الحروف معنىً زائدًا، وقد ذكر ابنمالكأنها إذا دخلت على الباء أحدثت معنى التقليل، كقول الشاعر:
فالآن صرت لا تحيد جوابًا.......بما قد يرى وأنت حطيب
قال: وكذلك تحدث في "الكاف " معنى التعليل، في نحو قوله تعالى: (واذكروه كما هداكم) ، ولكن قد نوزع في ذلك وادّعى أنّ "الباء" و"الكاف " للسببية، وأنّ "الكاف " بمجردها تفيد التعليل.
والثاني:أن يقال: لا ريب أنّ "إنّ " تفيد توكيد الكلام، و"ما" الزائدة تقوّي هذا التوكيد وتثبت معنى الكلام فتفيد ثبوت ذلك المعنى المذكور في اللفظ خاصةً ثبوتًا لا يشاركه فيه غيره واختصاصه به، وهذا من نوع التوكيد والثبوت ليس معنىً آخر مغايرًا له وهو الحصر المدّعى ثبوته بدخول "ما" يخرج عن إفادة قوّة معنى التوكيد وليس ذلك بمنكرٍ إذ المستنكر ثبوت معنى آخر بدخول الحرف الزائد من غير جنس ما يفيده الحرف الأوّل.
الوجه الثالث:أنّ "إن" المكفوفة "بما" استعملت في الحصر فصارت حقيقةً عرفيّةً فيه، واللفظ يصير له بالاستعمال معنى غير ما كان يقتضيه أصل الوضع، وهكذا يقال في الاستثناء فإنه وإن كان في الأصل للإخراج من الحكم لكن صار حقيقة عرفيةً في مناقضة المستثنى فيه، وهذا شبية بنقل اللفظ عن المعنى الخاص إلى العام إذا صار حقيقة عرفيةً فيه لقولهم "لا أشرب له شربة ماءٍ" ونحو ذلك، ولنقل الأمثال السائرة ونحوها مما ليس هذا موضع بسطه، وهذا الجواب ذكره أبو العباس ابن تيمية في بعض كلامه القديم وهو يقتضي أنّ دلالة "إنّما" على الحصر إنّما هو بطريق العرف والاستعمال لا بأصل وضع اللغة، وهو قولٌ حكاه غيره في المسألة.
- إنّ أدوات النّفي تدل على انتفاء الاسم بانتفاء مسمّاه
معلومٌ من كلام العرب أنّهم ينفون الشيء في صيغ الحصر وغيرها تارةً لانتفاء ذاته وتارةً لانتفاء فائدته ومقصوده، ويحصرون الشيء في غيره تارةً لانحصار جميع الجنس فيه وتارةً لانحصار المفيد أو الكامل فيه، ثمّ إنهم تارة يعيدون النفي إلى المسمّى وتارةً إلى الاسم وإن كان ثابتًا في اللغة إذا كان المقصود الحقيقيّ بالاسم منتفيا عنه ثابتًا لغيرهكقوله تعالى:{قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتّى تقيموا التوراة والاٍنجيل وما أنزل إليكم مّن رّبكم}، فنفى عنهم مسمّى الشيء مع أنّه في الأصل شامل لكلّ موجودٍ من حق وباطلٍ كما كان ما لا يفيد ولا منفعة فيه يؤول إلى الباطل الذي هو العدم فيصير بمنزلة المعدوم بل قد يكون أولى بالعدم من المعدم المستمر عدمه لأنه قد يكون فيه ضررٌ فمن قال الكذب فلم يقل شيئًا ولم يعمل ما ينفعه بل ما يضرّه لم يعمل شيئا، ولهذا لمّا سئل النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن الكفار فقال:"ليسوا بشيء".
ويقول أهل الحديث عن بعض الرواة المجروحين والأحاديث الواهية:"ليس بشيءٍ "إذا لم يكن مما ينتفع به في الرواية لظهور كذبه عمدًا أو خطأ، ويقال أيضًا لمن خرج عن موجب الإنسانية في الأخلاق ونحوها: هذا ليس بآدميّ ولا إنسانٍ وما فيه إنسانية، ومنه قول النّسوة في يوسف عليه السلام:{ما هذا بشرًا إن هذا إلاّ ملكٌ كريمٌ}.
وكذلك قول اللّه تعالى:{فإنّها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب الّتي في الصّدور}.
وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:"ليس المسكين بهذا الطوّاف الذي تردّه اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان إنّما المسكين الذي لا يجد ما يغنيه ولا يفطن له فيتصدّق عليه ولا يسأل الناس إلحافًا"وكذلك قال:"ما تعدّون المفلس فيكم؟ "قالوا: الذي لا درهم له ولا دينار قال:"ليس ذلك بالمفلس، ولكنّ المفلس من يأتي يوم القيامة بحسناتٍ أمثال الجبال ويجيء وقد شتم هذا وضرب هذا وأخذمالهذا فيأخذ هذا من حسناته وهذا من حسناته فإذا لم يتبقّ له حسنةٌ أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثمّ ألقي في النار"
وقال:"ما تعدّون الرقوب فيكم؟ "
قالوا: الرقوب من لا يولد له.
قال:"الرقوب من لم يقدّم من ولده شيئا".
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:"ليس الشديد بالصّرعة ولكنّ الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب "
وقوله - صلى الله عليه وسلم -:"ليس الغنى عن كثرة العرض وإنّما الغنى غنى النفس".
وأمثال ذلك، فهذا كلّه نفيٌ لحقيقة الاسم من جهة المضيّ الذي يجب اعتباره، فإنّ اسم الرقوب والمفلس والغني والشديد ونحو ذلك إنّما يتعارفه الناس فيمن عدم ماله وولده أو حصل لهمالأو قوّةٌ في بدنه، والنفوس تجزع من الأوّلين وترغب في الآخرين، فيعتقد أنّه هو المستحقّ لهذا الاسم دون غير فبين - صلى الله عليه وسلم - أنّ حقيقة ذلك المعنى ثابتةٌ لغير هذا المتوهم على وجهٍ ينبغي بعلو الاعتقاد والقصد بذلك الغير فإن من عدمالمالوالولد يوم القيامة حيث يضر عدمه أحقّ باسم المفلس والرقوب ممن يعدمهما حيث قد لا يتضرر بذلك تضررًا معتبرًا ولذلك وجود غنى النفس وقوتها أحقّ بالمدح والطلب من قوّة البدن وغنى المال وهكذا قوله - صلى الله عليه وسلم -:" إنّما الرّبا في النسيئة" أو لا "ربا إلا في النسيئة".
فإنّ الرّبا العام الشامل للجنسين، والجنس الواحد المتفقة صفاته إنّما يكون في النسيئة وأمّا رباالفضلفلا يكون إلا في الجنس الواحد ولا يفعله أحدٌ إلا إذا اختلفت الصفات، كالمضروب بالتّبر، والجيد بالرديء، فأمّا مع استواء الصفات فلا يبيع أحد درهمًا بدرهمين، وأيضًا فربا الفضل إنّما حرّم لأنه ذريعةٌ إلى ربا النسيئة كما في "المسند" عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لا تبيعوا الدرهم بالدرهمين، إنّي أخاف عليكم الرّبا".
فالربا المقصود بالقصد الأول هو ربا النسيئة، فإذا بيع مائة بمائةٍ وعشرين مع اتفاق الصفات ظهرت أن الزيادة قابلت الأجل الذي لا منفعة فيه وإنّما دخل فيه للحاجة، ولهذا لا يضمن الآجال باليد فلو بقيت العين في يده، أو المال في ذمته مدةً لم يضمن الأجل بخلاف زيادة الصفة، فإنها مضمونةٌ في الإتلاف والغصب وفي المبيع إذا قابلت غير الجنس، فلهذا قيل: إنّما الرّبا في النّسيئة ولا ربا إلا في النسيئة، فإنّ المستحقّ لاسم الرّبا في الحقيقة هو ربا النسيئة ولذلك نفى الأسماء الشرعية لانتفاء بعض واجباتها لقوله:{إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم..}إلى قوله:{أولئك هم المؤمنون حقًّا}، وهؤلاء هم المستحقون لهذا الاسم على الحقيقة الواجبة دون من أخلّ بشيءٍ من واجبات الإيمان والإسلام عمن انتفى عنه بعض واجباتهما لقوله:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "الحديث.
وقوله:"المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه"
وقوله:"المؤمن من أمنه الناس على دمائهم وأموالهم، والمجاهد من جاهد نفسه في ذات اللّه ".
ومثل هذا كثير، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:"إنّما الشهر تسع وعشرون "فإنّ هذا هو عدد الشّهر اللازم الدائم، واليوم الزائد على ذلك أمر جائز يكون في بعض الشهور ولا يكون في بعضها، بخلاف التسعة والعشرين، فإنّه يجب عددها واعتبارها بكلّ حال، وهذا كما يقال: الإسلام شهادة أن لا إله إلا اللّه وأنّ محمدًا رسول اللّه.
فهذا هو الذي لا بدّ منه، وما زاد على ذلك فقد يجب على الإنسان، وقد يموت قبل التمكن، فلا يكون الإسلام في حقّه إلا ما تكلّم به، وحاصل الأمر أن الكلام الخبريّ هو إمّا إثباث أو نفيٌ فكما أنهم في الإثبات يثبتون - للشيء اسم الشيء إذا حصل فيه مقصود الاسم وإن انتفتصورةالمسمّى، فكذلك في النّفي، فإنّ أدوات النّفي تدل على انتفاء الاسم بانتفاء مسمّاه فذلك،
تارةً لأنه لم يوجد أصلاً، وتارةً لأنه لم توجد الحقيقة المقصودة بالمسمّى، وتارةً لأنه لم تكن تلك الحقيقة، وتارةً لأن ذلك المسمّى مما لا ينبغي أن يكون مقصودًا بل المقصود غيره، وتارةً لأسبابٍ أخر
-كيف تظهر دلالة أدوات النفي:
وهذا كلّه إنّما يظهر من سياق الكلام وما اقترن به من القرائن اللفظية التي لا تخرجه عن كونه حقيقةً عند الجمهور ولكون المركب قد صار موضوعًا لذلك المعنى، أو من القرائن الحالية التي تجعله مجازًا عند الجمهور، وأمّا إذا أطلق الكلام مجرّدًا عن القرينتين فمعناه السلب المطلق وهو أكثر الكلام وهذا الجواب ملّخصٌ من كلام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية - رحمه اللّه.
-أقسام الحصر:
وأما قوله تعالى:{إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، وقوله:{إنّما أًنت منذرٌ}.
ونحو ذلك، فالجواب عنه أن يقال:
-الحصرتارةًيكون عامًا كقوله:{إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو}، ونحو ذلك.
- وتارةًيكون خاصًّا بما يدل عليه سياق الكلام فليس الحصر أن ينفي عن الأوّل كل ما سوى الثاني مطلقًا، بل قد ينفي عنه ما يتوهم أنه ثابتٌ له من ذلك النوع الذي أثبت له في الكلام.
-التوضيح :
فقوله:{إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، فيه نفي تعدد الإلهيّة في حقّه سبحانه وأنّه لا إله غيره، ليس المراد أنه لا صفة له سوى وحدانية الإلهية.
وكذلك قوله:{إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}.
فإنّ المراد به أنه لم يوح إليّ في أمر الإلهية إلا التوحيد لا الإشراك.
وقوله تعالى:{إنّما أنت منذر}، أي لست ربًّا لهم ولا مجازيًا ولامحاسبا ، وليس عليك أن تجبرهم على الإيمان، ولا أن تتكلف لهم طلب الآيات التي يقترحونها عليك{إنّما أنت منذر}، فليس عليك إلا الإنذار، كما قال:{فإنّما عليك البلاغ وعلينا الحساب}،وقال:{فذكّر إنّما أنت مذكّرٌ (21) لست عليهم بمصيطرٍ (22)}.
ومن ها هنا يظهر الجواب عن قوله:"إنما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه اللّه إليّ "فإنّه قال:"ما من نبي إلا وقد أوتي من الآيات ما آمن على مثله البشر، وإنّما كان الذي أوتيته وحيًا أوحاه الله إليّ، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعًا يوم القيامة"فالكلام إنما سيق لبيان آيات الأنبياء العظام الذي آمن لهم بسببها الخلق الكثير، ومعلومٌ أن أعظم آيات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - التي آمن عليها أكثر أمّته هي الوحي وهو الذي كان يدعو به الخلق كلّهم، ومن أسلم في حياته خوفًا فأكثرهم دخل الإيمان في قلبه بعد ذلك بسبب سماع الوحي لمسلمي الفتح وغيرهم، فالنفي توجه إلى أنه لم تكن آياته التي أوجبت إسلام الخلق الكثير من جنس ما كان لمن قبله مثل ناقة صالح وعصا موسى ويده وإبراء المسيح الأكمه والأبرص وإحياء الموتى ونحو ذلك، فإنّ هذه أعظم آيات الأنبياء قبله وبها آمن البشر لهم.
وأمّا آيته هو - صلى الله عليه وسلم - التي آمن البشر عليها في حياته وبعد وفاته فهي الوحي التي أوحي إليه وهي التي توجب إيمان البشر إلى يوم القيامة كما قال تعالى:{وأوحي إليّ هذا القرآن لأنذركم به ومن بلغ}.
ولهذا قيل: إنّ آيات الأنبياء انقطعت بموتهم وآياته - صلى الله عليه وسلم - باقيةً إلى يوم القيامة،
-بيان أن الحصر لم ينتف عن " إنما "في هذه الأنواع التي توهموها :
ومما يبيّن أنّ الحصر لم ينتف عن "إنّما" في شيء من هذه الأنواع التي توهموها، أنّ الحصر قد جاء فيها وفي مثلها بإلاّ كما جاء بـ "إنّما" فإنه جاء "لا ربا إلا في النسيئة" كما جاء "إنما الربا في النسيئة" وجاء في القرآن:{وما محمّدٌ إلاّ رسولٌ قد خلت من قبله الرّسل}.
كما جاء:{إنّما أنت منذرٌ}،وكذلك قوله:{ما المسيح ابن مريم إلاّ رسولٌ قد خلت من قبله الرّسل}. ومثل ذلك كثير.
-وجه إفادتها الحصر على قول أنها موصولة
فهذا وجه إفادتها الحصر في هذه الآية على القول المشهور وهو "إنما" في قوله:{إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}، هي الكافة.
وأما على قول من جعلها موصولةً فتفيد الحصر من جهةٍ أخرى وهو أنّها إذا كانت موصولةً فتقدير الكلام "إن الذين يخشون الله هم العلماء" وهذا أيضًا يفيد الحصر" فإنّ الموصول يقتضي العموم لتعريفه، وإذا كان عامًّا لزم أن يكون خبره عامًّا أيضًا لئلا يكون الخبر أخصّ من المبتدأ، وهذا النوع من الحصر يسمّى حصر المبتدأ في الخبر، ومتى كان المبتدأ عامًّا فلا ريب إفادته الحصر.

* دلالة الآية على نفي العلم من غير أهل الخشية،
- من جهة حصر الأول في الثاني
فإنّ الحصر المعروف المطرد فهو حصر الأول في الثاني، وهو هاهنا حصر الخشية في العلماء.
- حصر الثاني في الأول
أما حصر الثاني في الأول فقد ذكره الشيخ أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - قال: وكذلك الحصر في هذه الآية أعني قوله:{إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}فتقتضي أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالم، وتقتضي أيضًا أنّ العالم من يخشى اللّه .
مثال :
قوله:{إنّما تنذر من اتّبع الذكر وخشي الرّحمن بالغيب}فيه الحصر من الطرفين، فإن اقتضى أن إنذاره مختصٌّ بمن اتبع الذكر وخشي الرحمن بالغيب فإن هذا هو المختصّ بقبول الإنذار، والانتفاع به فلذلك نفى الإنذار عن غيره، والقرآن مملوء بأنّ الإنذار إنما هو للعاقل له خاصةً، ويقتضي أنه لا يتبع الذكر ويخشى الرحمن بالغيب إلا من أنذره أي من قبل إنذاره وانتفع به فإنّ اتباع الذكر، وخشية الرحمن بالغيب مختصة بمن قبل الإنذار كما يختص قبول الإنذار والانتفاع بأهل الخشية واتباع الذكر.
وكذلك قوله:{إنّما أنت منذر من يخشاها}.
وقوله:{إنّما يؤمن بآياتنا الّذين إذا ذكّروا بها خرّوا سجّدًا}الآية.
فإن انحصار الإنذار في أهل الخشية، كانحصار أهل الخشية في أهل الإنذار، والذين خرّوا سجدًا في أهل الإيمان ونحو ذلك فكذلك قوله:{إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء}وقد فسّرها السلف بذلك أيضًا
-في قوله تعالى:{إنّما يخشى الله من عباده العلماء} هليقتضي ثبوت الخشية لجنس العلماء، أو يقتضي ثبوت الخشية لكلّ واحدٍ من العلماء؟
هذا الثاني هو الصّحيح، وتقريره من جهتين:
الجهة الأولى:أن الحصر هاهنا من الطرفين، حصر الأول في الثاني وحصر الثاني في الأول، كما تقدّم بيانه، فحصر الخشية في العلماء يفيد أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالمٌ وإن لم يفد لمجرده أنّ كلّ عالم فهو يخشى اللّه وتفيد أنّ من لا يخشى فليس بعالم، وحصر العلماء في أهل الخشية يفيد أنّ كلّ عالم فهو خاشٍ، فاجتمع من مجموع الحصرين ثبوت الخشية لكلّ فردٍ من أفراد العلماء.
والجهة الثانية:أن المحصور هل هو مقتضٍ للمحصور فيه أو هو شرطٌ له؟
قال الشيخ أبو العباس - رحمه اللّه -: وفي هذه الآية وأمثالها هو مقتضٍ فهو عامٌّ فإنّ العلم بما أنذرت به الرسل يوجب الخوف،
-مراده بالمقتضي – العلة المقتضية
هي التي يتوقف تأثيرها على وجود شروط وانتفاء موانع كأسباب الوعد والوعيد ونحوهما فإنها مقتضياتٌ وهي عامةٌ،
-مراده بالشرط
هو ما يتوقف تأثير السبب عليه بعد وجود السبب وهو الذي يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط، كالإسلام بالنسبة إلى الحجّ.
-المرادبالمانع:
والمانع بخلاف الشرط، وهو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه الوجود وهذا الفرق بين السبب والشرط وعدم المانع إنّما يتم على قول من يجوّز تخصيص العلة وأما من لا يسمّي علةً إلا ما استلزم الحكم ولزم من وجودها وجوده على كلّ حال، فهؤلاء عندهم الشرط وعدم المانع من جملة أجزاء العلة، والمقصود هنا أنّ العلم إذا كان سببًا مقتضيًا للخشية كان ثبوت الخشية عامًا لجميع أفراد العلماء لا يتخلف إلا لوجود مانع ونحوه.
وقد تقدّم بيان دلالة الآية على أنّ من خشي اللّه وأطاعه وامتثل أوامره واجتنب نواهيه فهو عالم لأنه لا يخشاه إلا عالمٌ، وعلى نفي الخشية عن غير العلماء، ونفي العلم عن غير أولي الخشية أيضًا، وأنّ من لم يخش اللّه فليس بعالم وبذلك
* تفسّير السلفللآية:
-إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وجلالي وسلطاني ".ذكر عن ابن عباس
-"العالم من خاف اللّه عن مجاهدٍ والشعبيّ ".:
-"كفى بخشية اللّه علمًا وكفى بالاغترار باللّه جهلاً".ذكر عن ابن مسعودٍ
-"العلماء باللّه الذين يخافونه ".ذكره ابن أبي الدنيا عن عطاءٍ الخراسانيّ
:- من لم يخش اللّه فليس بعالمٍ..ألا ترى أنّ داود قال: ذلك بأنّك جعلت العلم خشيتك، والحكمة والإيمان بك وما علم من لم يخشك وما حكم من لم يؤمن بك.عن الربيع بن أنسٍ
في قوله تعالى:{يؤتي الحكمة من يشاء}قال: "الحكمة الخشية فإنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمةٍ".عن الربيع عن أبي العالية
-"من خشي اللّه فهو عالمٌ ".رواه الدارميّ من طريق عكرمة عن ابن عباسٍ
-: "يا حملة العلم، اعملوا به فإنّما العالم من عمل بما علم فوافق علمه عمله، وسيكون أقوامٌ يحملون العلم ولا يجاوز تراقيهم، يخالف علمهم عملهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم.
يجلسون حلقًا فيباهي بعضهم بعضًا، حتى إنّ الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غير ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى اللّه عزّ وجلّ ".
وعن مسروقٍ قال: " كفى بالمرء علمًا أن يخشى اللّه عزّ وجل وكفى بالمرء جهلاً أن يعجب بعلمه ".روي عن يحيى بن جعدة، عن عليٍّ
:"-لا يكون الرجل عالما حتّى لا يحسد من فوقه ولا يحقر من دونه، ولا يبتغي بعلمه ثمنًا".عن ابن عمر - رضي الله عنهما – وعن أبي حازمٍ نحوه.
منه قول الحسن: "إنما الفقيه الزاهد في الدّنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربّه ".
وعن عبيد اللّه بن عمر أنّ عمر بن الخطاب سأل عبد اللّه بن سلامٍ:"من أرباب ألعلم؟
قال: الذين يعملون بما يعلمون ".
وقال رجلٌ للشعبي: أفتني أيها العالم فقال: "إنما العالم من يخاف اللّه ".
وعن الربيع بن أنس عن بعض أصحابه قال: "علامة العلم: خشية اللّه عز وجل ".
وسئل سعد بن إبراهيم -: من أفقه أهل المدينة؟
قال: "أتقاهم لربّه ".
وسئل الإمام أحمد عن معروفٍ، وقيل له: هل كان معه علمٌ؟
فقال: "كان معه أصل العلم، خشية اللّه عزّ وجلّ ".
ويشهد لهذا قوله تعالى:{أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون). وكذلك قوله تعالى: (إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ}.
وقوله:{أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رّحيمٌ}.
وقوله:{ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ (119)}.
قال أبو العالية: "سألت أصحاب محمدٍ عن هذه الآية:{إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ}
فقالوا: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ، وكلّ من تاب قبل الموت فقد تاب من قريبٍ ".
وعن قتادة قال:"أجمع أصحاب رسول اللّه - صلى الله عليه وسلم - على أنّ كلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ جهالةً، عمدًا كان أو لم يكن، وكلّ من عصى ربّه فهو جاهلٌ ".
وقال مجاهدٌ: "من عمل ذنبًا من شيخ أو شابٍ فهو بجهالةٍ"، وقال أيضًا: "من عصى ربّه فهو جاهلٌ حتى ينزع عن معصيته "، وقال أيضًا: "من عمل سوءًا خطأً أو إثمًا فهو جاهلٌ حتى ينزع منه ".
وقال أيضًا هو وعطاء: "الجهالة: العمد".
رواهنّ ابن أبي حازمٍ وغيره، وقال: وروي عن قتادة، وعمرو بن مرة، والثوريّ نحو ذلك.
وروي عن مجاهدٍ، والضحاك، قالا: "ليس من جهالته أن لا يعلم حلالاً ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه ".
وقال عكرمة: "الدنيا كلّها جهالةٌ".
وعن الحسن البصريّ أنه سئل عنها فقال: "هم قومٌ لم يعلموا ما لهم مما عليهم، قيل له: أرأيت لو كانوا علموا؟ قال: فليخرجوا منها فإنها جهالةٌ".
*وجوه بيان أنّ العلم يوجب الخشية وأنّ فقده يستلزم فقد الخشية :
إحداها:أن العلم باللّه تعالى وما له من الأسماء والصفات كالكبرياء والعظمة والجبروت، والعزة وغير ذلك يوجب خشيته، وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية، وبهذا فسّر الآية ابن عباسٍ، فقال: "يريد إنما يخافني من علم جبروتي، وعزتي، وجلالي، وسلطاني "، ويشهد لهذا قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:"إني لأعلمكم باللّه وأشدّكم له خشيةً"وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -:"لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا"وفي "المسند" وكتاب الترمذيّ وابن ماجة من حديث أبي ذرٍّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعونإنّ السماء أطّت وحقّ لها أن تئطّ، ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وملكٌ واضعٌ جبهته ساجدٌ للّه - عز وجلّ - واللّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عزّ وجلّ ".
وقال الترمذيّ: حسنٌ غريبٌ.
قال: ويروى عن أبي ذرٍّ موقوفًا وذكر أبو نعيمٍ وغيره بالإسناد عن ابن عباسٍ، أنه قال للنفر الذين كانوا يختصمون ويتمارون: "أو ما علمتم أنّ للّه عبادًا أصمتتهم خشية اللّه من غير بكمٍ ولا عيًّ، وإنهم لهم العلماء والفصحاء والطلقاء والنبلاء، العلماء بأيام اللّه غير أنهم إذا تذكّروا عظمة اللّه طاشت لذلك عقولهم، وانكسرت قلوبهم، وانقطعت ألسنتهم، حتّى إذا استفاقوا من ذلك، تسارعوا إلى اللّه عزّ وجلّ بالأعمال الزكيّة، يعدون أنفسهم مع المفرطين، وإنهم لأكياسٌ أقوياء مع الظالمين والخاطئين، وإنهم لأبرارٌ برءاء، إلا أنهم لا يستكثرون إلا الكثير، ولا يرضون له بالقليل، ولا يدلون عليه بالأعمال هم حيث ما لقيتموهم مهتمّون مشفقون وجلون خائفون ".
وروى ابن أبي الدنيا أثرًا عن زناد بن أبي حبيبٍ أنه بلغه: "أن من حملة العرش من سال من عينه أمثال الأنهار من البكاء فإذا رفع رأسه قال: سبحانك ما تخشى حقّ خشيتك، قال تعالى ذكره: لكن الذين يحلفون باسمي كاذبين لا يعلمون ذلك ".
وعن يزيد الرقاشيّ قال: "إن للّه تبارك وتعالى ملائكةً حول العرشت جري أعينهم مثل الأنهار إلى يوم القيامة، يميدون كأنّهم ينفضهم الريح من خشية اللّه، فيقول الربّ عزّ وجلّ: يا ملائكتي، ما الذي يخيفكم وأنتم عندي؟
فيقولون: يا ربّ، لو أنّ أهل الأرض اطّلعوا من عزّتك وعظمتك على ما اطّلعنا عليها، ما أساغوا طعامًا ولا شرابًا، ولا انبسطوا في فرشهم.
ولخرجوا إلى الصّحاري يخورون كما تخور البقر". ومثل هذا كثيرٌ جدًّا، والمقصود أنّ العلم باللّه وأسمائه وصفاته وأفعاله من قدره، وخلقه، والتفكير في عجائب آياته المسموعة المتلوة، وآياته المشاهدة المرئية من عجائب مصنوعاته، وحكم مبتدعاته ونحو ذلك مما يوجب خشيته وإجلاله، ويمنع من ارتكاب نهيه، والتفريط في أوامره؛ وهو أصل العلم النافع، ولهذا قال طائفةٌ من السلف لعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة: "أعجب الأشياء قلبٌ عرف ربه ثم عصاه ".
وقال بشر بن الحارث: "لو يفكر الناس في عظمة اللّه لما عصوا اللّه "
وفي هذا المعنى يقول الشاعر:
فواعجبًا كيف يعصى الإله.......وكيف يجحده الجاحد
وللّه في كلّ تحريكةٍ.......وتسكينةٍ أبدًا شاهد
وفي كلّ شيءٍ له آيةٌ.......تدل على أنه واحد
الوجه الثاني:أنّ العلم بتفاصيل أمر اللّه ونهيه، والتصديق الجازم بذلك ومما يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب، مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين، كلّ هذا يوجب الخشية، وفعل المأمور وترك المحظور، وإنّما يمنع الخشية ويوجب الوقوع في المحظورات الغفلة عن استحضار هذه الأمور، والغفلة من أضداد العلم، والغفلة والشهوة أصل الشرّ، قال تعالى:{ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (28)}.
والشهوة وحدها، لاتستقلّ بفعل السيئات إلا مع الجهل، فإنّ صاحب الهوى لو استحضر هذه الأمور المذكورة وكانت موجودةً في ذكره، لأوجبت له الخشية القامعة لهواه، ولكنّ غفلته عنها مما يوجب نقص إيمانه الذي أصله التصديق الجازم المترتب على التصور التام، ولهذا كان ذكر اللّه وتوحيده والثناء عليه يزيد الإيمان، والغفلة والإعراض عن ذلك يضعفه وينقصه، كما كان يقول من يقول من الصحابة: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة".
وفي الأثر المشهور عمير بن حبيبٍ وكان من الصحابة، قال:"الإيمان يزيد وينقصقيل: وما زيادته ونقصانه؟
قال:إذا ذكرنا اللّه ووحّدناه وسبّحناه، فتلك زيادته وإذا غفلنا ونسينا، فذلك نقصانه ".
وفي مسندي الإمام أحمد والبزار من حديث أبي هريرة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"جدّدوا إيمانكم "قالوا: وكيف نجدد إيماننا يا رسول اللّه؟
قال:"قولوا: لا إله إلا اللّه ".
ومن هنا يعلم معنى قول النبيًّ - صلى الله عليه وسلم -:"لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن "فإنه لو كان مستحضرًا في تلك الحال لاطّلاع اللّه عليه ومقته له جمع ما توعّده اللّه به من العقاب المجمل والمفصل استحضارًا تامًّا لامتنع منه بعد ذلك وقوع هذا المحظور وإنما وقع فيما وقع فيه لضعف إيمانه ونقصه.
الوجه الثالث:أنّ تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه، وتصور حقيقة المحبوب توجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دلّ على أنًّ تصوره لذلك ليس تامًّا، وإن كان قد يصور الخبر عنه، وتصور الخبر وتصديقه وحفظ حروفه غير تصوّر المخبر به فإذا أخبر بما هو محبوبٌ أو مكروهٌ له، ولم يكذّب الخبر بل عرف صدقه لكن قلبه مشغولٌ بأمور أخرى عن تصور ما أخبر به، فهذا لا يتحرك للهرب ولا للطلب، في الأثر المعروف عن الحسن وروي مرسلاً عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:"العلم علمان، فعلم في القلب، فذاك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان، فذاك حجة الله على ابن آدم ".
الوجه الرابع: أنّ كثيرًا من الذنوب قد يكون سبب وقوعه جهل فاعله بحقيقة قبحه وبغض اللّه له وتفاصيل الوعيد عليه وإن كان عالمًا بأصل تحريمه وقبحه لكنّه يكون جاهلاً بما ورد فيه من التغليظ والتشديد ونهاية القبح، فجهله بذلك هو الذي جرّأه عليه وأوقعه فيه، ولو كان عالمًا بحقيقة قبحه لأوجب ذلك العلم تركه خشيةً من عقابه، ولهذا كان القول الصحيح الذي عليه السلف وأئمة السنة أنه يصحّ التوبة من بعض الذنوب دون بعضٍ خلافًا لبعض المعتزلة،



الخامس:أنّ كل ما علم علمًا تامًّا جازمًا بانّ فعل شيئًا يضرّه ضررًا راجحًا لم يفعله، فإنّ هذا خاصة العاقل، فإنّ نفسه تنصرف عمّا يعلم رجحان ضرره بالطبع، فإنّ اللّه جعل في النفس حبًّا لما ينفعها وبغضًا لما يضرّها، فلا يفعل ما يجزم بأنه يضرّها ضررًا راجحًا، ولا يقع ذلك إلا مع ضعيف العقل ، فاصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العلم بأنها تضرهم ضررًا راجحًا، أو ظنّ أنها تنفعهم نفعًا راجحًا، وذلك كلّه جهل إما بسيط وإمّا مركب، ولهذا يسمّى حال فعل السيئات الجاهلية، فإن صاحبها في حال جاهليةٍ، ولهذا كان الشيطان يزيّن السيئات ويأمر بها، ويذكر ما فيها من المحاسن التي يظنّ أنها منافع لا مضارّ كما أخبر اللّه عنه في قصة آدم أنه:{يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى (120) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما}.
قال:{ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلّا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20)}.
وقال تعالى:{ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ (36) وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون (37)}.
وقال تعالى:{أفمن زيّن له سوء عمله فرآه حسنًا}.
وقال:{كذلك زيّنّا لكلّ أمّةٍ عملهم ثمّ إلى ربّهم مرجعهم فينبّئهم بما كانوا يعملون (108)}.
وتزيين أعمالهم يكون بواسطة الملائكة والأنبياء والمؤمنين للخير.
وتزيين شياطين الإنس والجن للشر، وقال تعالى:{وكذلك زيّن لكثيرٍ من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم ليردوهم وليلبسوا عليهم دينهم}.
ومثل هذا كثيرٌ فالفاعل للذنب لو جزم بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله، لكنه يزين له ما فيه من اللذة التي يظنّ أنها مصلحة، ولا يجزم بوقوع عقوبته، بل يرجو العفو بحسناتٍ أو توبةٍ أو بعفو الله ونحو ذلك، وهذا كله من اتباع الظن وما تهوى الأنفس، ولو كان له علم كامل لعرف به رجحان ضرر السيئة، فأوجب له ذلك الخشية المانعة له من مواقعتها، ونبين هذا بـ:
الوجه السادس:وهو أن لذّات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام والمفاسد ألبتة فإنّ لذاتها سريعة الانقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك ولهذا قيل: "إن الصبر على المعاصي أهون من الصبر على عذاب اللّه، وقيل: "ربّ شهوة ساعة أورثت حزنًا طويلاً" وما في الذنوب من اللذات كما في الطعام الطيب المسموم من اللذة، فهي مغمورة بما فيه من المفسدة ومؤثر لذة الذنب كمؤثر لذة الطعام المسموم الذي فيه من السموم ما يمرض أو يقتل ومن هاهنا يعلم أنه لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها، كما لا يؤثر أكل الطعام المسموم للذّته إلا من هو جاهل بحاله أو غير عاقل، ورجاؤه التخلص من شرها بتوبةٍ أو عفو أو غير ذلك كرجاء آكل الطعام المسموم الطيب للخلاص من شرّ سمّه بعلاج أو غيره، وهو في غاية الحمق والجهل، فقد لا يتمكن من التخلص منه بالكلية، فيقتله سمّه، وقد لا يتخلص منه تخلصًا تامًّا فيطول مرضه، وكذلك المذنب قد لا يتمكن من التوبة، فإنّ من وقع في ذنبٍ تجرّأ عليه عمره وهان عليه خوض الذنوب وعسر عليه الخلاص منها ولهذا قيل: "من عقوبة الذنب: الذنب بعده ".
وقد دلّ على ذلك القرآن في غير موضع، وإذا قدّر أنه تاب منه فقد لا يتمكن من التوبة النصوح الخالصة التي تمحو أثره بالكلية، وإن قدّر أنه تمكن من ذلك، فلا يقاوم اللذة الحاصلة بالمعصية ما في التوبة النصوح المشتملة على النّدم والحزن والخوف والبكاء وتجشمالأعمالالصالحة؛ من الألم والمشقة، ولهذا قال الحسن: "ترك الذنب أيسر من طلب التوبة" ويكفي المذنب ما فاته في حال اشتغاله بالذنوب من الأعمال الصالحة الّتي كان يمكنه تحصيل الدرجات بها.
-الاختلاف في حال التائب هل يمكن عوده إلى ما كان عليه قبل المعصية؟
اختلف الناس في التائب، هل يمكن عوده إلى ما كان عليه قبل المعصية؟
على قولين معروفين، والقول بأنه لا يمكن عوده إلى ما كان عليه قول أبي سليمان الدّرانيّ وغيره،
-اختلفوا في التوبة إذا استكملت شروطها، هل يجزم بقبولها؟
على قولين:
1-لا يجزم بذلك، قاله القاضي أبو بكر وغيره من المتكلمين .
2-يقطع بقبولها، قاله أكثر أهل السنة والمعتزلة وغيرهم .
-آثار الذنوب ومشاقها لا تتخلف بتوبة ولا عفو :
وإن قدّر أنه عفي عنه من غير توبةٍ سواءكان:
- بسبب أمرٍ مكفرٍ عنه كالمصائب الدنيوية، وفتنة القبر، وأهوال البرزخ، وأهوال الموقف، ونحو ذلك، فلا يستريب عاقلٌ أن ما في هذه الأمور من الآلام والشدائد أضعاف أضعاف ما حصل في المعصية من اللذة.
- يعفي عنه بغير سببٍ من هذه الأسباب المكفرة ونحوها، فإنه لابّد أن يلحقه عقوبات كثيرة منها:
1-ما فاته من ثواب المحسنين، فإن اللّه تعالى وإن عفا عن المذنب فلا يجعله كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، كما قال تعالى:{أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (21).
وقال: (أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (28)}.
ولهذا قال بعض السلف:هبأن المسيء قد عفي عنه.أليس قد فاته ثواب المحسنين؟
ولولا أنّ اللّه تعالى رضّى أهل الجنة كلّهم بما حصل لهم من المنازل لتقطعت أصحاب اليمين حسرات مما فاتهم من منازل المقربين مع إمكان مشاركتهم لهم في أعمالهم التي نالوا بها منازلهم العالية، وقد جاء في الأحاديث والآثار أنهم يقولون: ألم نكن مع هؤلاء في الدنيا؟ فيقال: كنتم تفطرون، وكانوا يصومون، وكنتم تنامون، وكانوا يقومون، وكنتم تبخلون، وكانوا ينفقون، ونحو ذلك.
وكذلك جاء:"أنّ الرجل من أهل عليين ليخرج فيسير في ملكه فما تبقى خيمة من خيم الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه، فيستبشرون بريحه فيقولون: واهًا لهذه الريح، هذا رجل من أهل عليين قد خرج يسير في ملكه ".
هذا قد روي من حديث ابن مسعودٍ مرفوعًا، وروي من كلام كعبٍ.
2-ومنها: ما يلحقه من الخجل والحياء من اللّه عز وجلّ عند عرضه عليه.
وتقريره بأعماله، وربما كان ذلك أصعب عليه من دخول النار ابتداءً، وقد أخبر بذلك بعض المحتضرين في زمان السلف عند احتضاره وكان أغمي عليه حتى ظنّ أنه مات، ثم أفاق فأخبر بذلك.
وجاء تصديق ذلك في الأحاديث والآثار كما روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب "الزهد" بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال:"يدني اللّه عزّ وجلّ العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه، فيستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، قال: فيمرّ بالحسنة، فيبيضّ لها وجهه ويسرّ بها قلبه قال: فيقول الله عز وجل: أتعرف يا عبدي؟
فيقول: نعم، يا رب أعرف، فيقول: إني قد قبلتها منك.
قال: فيخرّ للّه ساجدًا، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: ارفع رأسك يا ابن آدم وعد في كتابك، قال: فيمرّ بالسيئة فيسود لها وجهه، ويوجل منها قلبه وترتعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعمله غيره، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: أتعرف يا عبدي؟
قال: فيقول: نعم، يا رب أعرف، قال: فيقول: إني قد غفرتها لك؟
قال: فلا يزال حسنةٌ تقبل فيسجد، وسيئةٌ تغفر فيسجد، فلا ترى الخلائق منه إلا السجود، قال: حتى تنادي الخلائق بعضها بعضًا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص اللّه قط، ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين اللّه عز وجل ".
ومما قد وقفه عليه وروي معنى ذلك عن أبي موسى، وعبد اللّه بن سلامٍ وغيرهما، ويشهد لهذا حديث عبد اللّه بن عمر الثابت في "الصحيح "- حديث النجوى - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إذا كان يوم القيامة دعا اللّه بعبده فيضع عليه كنفه فيقول: ألم تعمل يوم كذا وكذا ذنب كذا وكذا؟فيقول: بلى يا ربّ، فيقول: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وغفرت ذلك لك اليوم "وهذا كلّه في حقّ من يريد اللّه أن يعفو عنه ويغفر له فما الظنّ بغيره؟
ولهذا في "مراسيل الحسن " عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:"إذا أراد اللّه أن يستر على عبده يوم القيامة أراه ذنوبه فيما بينه وبينه ثمّ غفرها له "ولهذا كان أشهر القولين أنّ هذا الحكم عامٌّ في حقّ التائب وغيره، وقد ذكره أبو سليمان الدمشقيّ عن أكثر العلماء، واحتجّوا بعموم هذه الأحاديث مع قوله تعالى:{ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا}.
وقد نقل ذلك صريحًا عن غير واحدٍ من السلف كالحسن البصريّ وبلال بن سعد - حكيم أهل الشام - كما روى ابن أبي الدنيا، وابن المنادي وغيرهما عن الحسن: "أنه سئل عن الرجل يذنب ثم يتوب هل يمحى من صحيفته؟ قال: لا، دون أن يوقفه عليه ثم يسأله عنه " ثم في رواية ابن المنادي وغير: "ثم بكى الحسن، وقال: لو لم تبك الأحياء من ذلك المقام لكان يحقّ لنا أن نبكي فنطيل البكاء".
وذكر ابن أبي الدنيا عن بعض السلف أنه قال:"ما يمرّ عليّ أشد من الحياء من اللّه عزّ وجلّ ".
وفي الأثر المعروف الذي رواه أبو نعيمٍ وغيره عن علقمة بن مرثدٍ: "أنّ الأسود بن يزيد لما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: ما لي لا أجزع، ومن أحقّ بذلك مني.
واللّه لو أتيت بالمغفرة من اللّه عزّ وجلّ، لهمّني الحياء منه مما قد صنعته، إنّ الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه فلا يزال مستحيًا منه ".
ومن هذا قول الفضيل بن عياضٍ: "بالموقف واسوءتاه منك وإن عفوت ".
المقصود هنا أن آلام الذنوب ومشاقّها وشداتها التي تزيد على لذاتها أضعافًا مضاعفةً، لا يتخلف عن صاحبها، لا مع توبة ولا عفوٍ، فكيف إذا لم يوجد واحدٌ منهما، ويتضح هذا بما نذكره في الوجه السابع.
الوجه السابع:وهو أن المقدم على مواقعة المحظور إنما أوجب إقدامه عليه ما فيه من اللذة الحاصلة له به، فظنّ أنّه يحصل له لذته العاجلة، ورجى أن يتخلص من تبعته بسببٍ من الأسباب ولو بالعفو المجرد فينال به لذةً ولا يلحقه به مضرةٌ، وهذا من أعظم الجهل، والأمربعكسباطنه،
-آثار الذنوب وتبعتها:
إن الذنوب تتبعها ولابدّ من الهموم والآلام وضيق الصدر والنكد، وظلمة القلب، وقسوته أضعاف أضعاف ما فيها من اللذة، ويفوت بها من حلاوة الطاعات، وأنوار الإيمان، وسرور القلب ببهجة الحقائق والمعارف، ما لا يوازي الذرة منه جميع لذات الدنيا، فيحصل لصاحب المعصية العيشة الضنك، وتفوته الحياة الطيبة، فينعكس قصده بارتكاب المعصية، فإنّ اللّه ضمن لأهل الطاعة الحياة الطيبة، ولأهل المعصية العيشة الضنك، قال تعالى:{ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكًا}.
وقال:{وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون}.
وقال:{ولنذيقنّهم مّن العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلّهم يرجعون}.
-ثواب الطاعة :
- الحياة الطيبة
-معنى الحياة الطيبة
وقال في أهل الطاعة:{من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً}
.:"-لنرزقنّه عبادةً يجد حلاوتها في قلبه ". قاله الحسن وغيره من السلف
-ومن فسّرها بالقناعة، فهو صحيح أيضًا،
-ومن أنواع الحياة الطيبة الرضىبالمعيشة فإنّ الرّضى، كما قال عبد الواحد بن زيدٍ:"جنة الدنيا ومستراح العابدين ".
- المتاع الحسن
وقال تعالى:{وأن استغفروا ربّكم ثمّ توبوا إليه يمتّعكم متاعًا حسنًا إلى أجلٍ مسمًّى ويؤت كلّ ذي فضلٍ فضله}.
وقال:{فآتاهم اللّه ثواب الدّنيا وحسن ثواب الآخرة واللّه يحبّ المحسنين (148)}.
كما قال عن إبراهيم عليه السلام:{وآتيناه في الدّنيا حسنةً وإنّه في الآخرة لمن الصّالحين (122)}.
ومثل هذا كثيرٌ في القرآن.
-في الطاعة من اللذة والسرور والابتهاج والطمأنينة وقرة العين.
وهو أمر ثابتٌ بالنصوص المستفيضة وهو مشهودٌ محسوسٌ يدركه بالذوق والوجد من حصل له ولا يمكن التعبير بالكلام عن حقيقته، كان بعض السلف يقول:"لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه بالسيوف ".
وقال آخر:"لو علموا ما نحن فيه لقتلونا ودخلوا فيه ".
وقال أبو سليمان: "أهل الليل في ليلهم ألذ من أهل اللهو في لهوهم ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدّنيا".
وقال: "إنه ليمرّ على القلب أوقاتٌ يضحك فيها ضحكًا".
وقال ابن المبارك وغيره: "مساكين أهل الدنيا خرجوا منها ولم يذوقوا أطيب ما فيها، قيل: ما أطيب ما فيها؟ قال: معرفة اللّه ".
وقال آخر: "أوجدني اللّه قلبًا طيبًا حتى قلت: إن كان أهل الجنة في مثل هذا فإنّهم في عيشٍ طيب ".
وقال مالك بن دينار: "ما تنعم المتنعمون بمثل ذكر اللّه ".
-آثار الذنوب
المعاصي تقطع هذه الموادّ، وتغلق أبواب هذه الجنة المعجلة، وتفتح أبواب الجحيم العاجلة من الهمّ والغمّ، والضيق والحزن والتكدر وقسوة القلب وظلمته وبعده عن الربّ - عزّ وجلّ - وعن مواهبه السّنيّة الخاصة بأهل التقوى.
كما ذكر ابن أبي الدنيا بإسناده عن علي - رضي الله عنه - قال:"جزاء المعصية الوهن في العبادة، والضيق في المعيشة، والتعس في اللذة.قيل: وما التعس في اللذة؟ قال:لا ينال شهوةً حلالاً، إلا جاءه ما يبغّضه إيّاها".
وعن الحسن قال:"العمل بالحسنة نورٌ في القلب وقوةٌ في البدن، والعمل بالسيئة ظلمةٌ في القلب ووهن في البدن ".
وروى ابن المنادي وغيره عن الحسن، قال:"إن للحسنة ثوابًا في الدنيا وثوابًا في الآخرة، وإنّ للسيئة ثوابًا في الدنيا، وثوابًا في الآخرة، فثواب الحسنة في الدنيا البصر في الدّين، والنور في القلب، والقوة في البدن مع صحبةٍ حسنةٍ جميلةٍ، وثوابها في الآخرة رضوان اللّه عزّ وجلّ وثواب السيئة في الدنيا العمى في الدنيا، والظلمة في القلب، والوهن في البدن مع عقوباتٍ ونقماتٍ، وثوابها في الآخرة سخط اللّه عزّ وجلّ والنار".
وروى ابن أبي الدنيا بإسناده عن مالك بن دينارٍ، قال: "إن للّه عقوبات فتعاهدوهنّ من أنفسكم في القلوب والأبدان: ضنكٌ في المعيشة، ووهن فى العبادة، وسخطٌ في الرزق ".
وعنه أنه قال: "ما ضرب عبدٌ بعقوبةٍ أعظم من قسوة القلب ".
ومثل هذا كثيرٌ جدًّا، وحاصل الأمر ما قاله قتادة وغيره من السلف: إن اللّه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عمّا نهاهم عنه بخلاً به، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عمّا فيه فسادهم، )
وهذا هو الذي عليه المحققون من الفقهاء من أصحابنا وغيرهم، كالقاضي أبي يعلى وغيره.
- إن الله أمرعباده بما فيه صلاحهم، ونهاهم عمّا فيه فسادهم فهل يجوز وقوع خلاف ذلك عقلاً.
-كثير منهم كأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب على أنّ ذلك لا يجوز عقلاً وأما من قال بوقوع مثل ذلك شرعًا فقوله شاذٌ مردودٌ.
والرد على من أجازه
أن الصواب: أنّ ما أمر اللّه به عباده فهو عين صلاحهم وفلاحهم في دنياهم وآخرتهم، فإنّ نفس الإيمان باللّه ومعرفته وتوحيده وعبادته ومحبته وإجلاله وخشيته وذكره وشكره؛ هو غذاء القلوب وقوتها وصلاحها وقوامها، فلا صلاح للنفوس، ولا قرة للعيون ولا طمأنينة، ولا نعيم للأرواح ولا لذة لها في الدنيا على الحقيقة، إلا بذلك، فحاجتها إلى ذلك أعظم من حاجة الأبدان إلى الطعام والشراب والنّفس، بكثيرٍ، فإنّ حقيقة العبد وخاصيته هي قلبه وروحه ولا صلاح له إلا بتألهه لإلهه الحقّ الذي لا إله إلا هو، ومتى فقد ذلك هلك وفسد، ولم يصلحه بعد ذلك شيء ألبتة، وكذلك ما حرّمه اللّه على عباده وهو عين فسادهم وضررهم في دينهم ودنياهم، ولهذا حرّم عليهم ما يصدّهم عن ذكره وعبادته كما حرم الخمر والميسر، وبين أنه يصدّ عن ذكره وعن الصلاة مع مفاسد أخر ذكرها فيهما، وكذلك سائر ما حرّمه اللّه فإنّ فيه مضرةً لعباده في دينهم ودنياهم وآخرتهم، كما ذكر ذلك السلف، وإذا تبيّن هذا وعلم أنّ صلاح العباد ومنافعهم ولذاتهم في امتثال ما أمرهم الله به، واجتناب ما نهاهم اللّه عنه تبيّن أن من طلب حصول اللذة والراحة من فعل المحظور أو ترك المأمور، فهو في غاية الجهل والحمق، وتبيّن أنّ كلّ من عصى اللّه هو جاهل، كما قاله السلف ودلّ عليه القرآن كما تقدم، ولهذا قال:{كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئًا وهو شرٌّ لكم واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (216)}.
وقال:{ولو أنّهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشدّ تثبيتًا (66) وإذًا لآتيناهم من لدنّا أجرًا عظيمًا (67) ولهديناهم صراطًا مستقيمًا (68)}.
وقال تعالى:{واتّبعوا ما تتلو الشّياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكنّ الشّياطين كفروا يعلّمون النّاس السّحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلّمان من أحدٍ حتّى يقولا إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر فيتعلّمون منهما ما يفرّقون به بين المرء وزوجه وما هم بضارّين به من أحدٍ إلّا بإذن اللّه ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102) ولو أنّهم آمنوا واتّقوا لمثوبةٌ من عند اللّه خيرٌ لو كانوا يعلمون (103)}.
فأخبر أنهم علموا أنّ من اشتراه أي تعوض به في الدنيا فلا خلاق له في الآخرة ثم قال:{ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}، فيدلّ هذا على أنّهم لم يعلموا سوء ما شروا به أنفسهم.
وقد اختلف المفسرون في الجمع بين إثبات العلم ونفيه هاهنا.
-فقالت طائفة منهم: الذين علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق، هم الشياطين الذين يعلّمون الناس السحر،
والذين قيل فيهم:{لو كانوا يعلمون}هم الناس الذين يتعلمون.
رد ابن جرير عليهم :
قال ابن جرير: وهذا القول خطأٌ مخالفٌ لإجماع أهل التأويل على أنّ قوله: (ولقد علموا) عائدٌ على اليهود الذين اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان - ثم أخبر ابن جرير أنّ الذين علموا أنه لا خلاق لمن اشتراه هم اليهود، والذين قيل فيهم: (لو كانوا يعلمون)، هم الذين يتعلمون من الملكين، وكثيرًا ما يكون فيهم الجهال بأمر اللّه ووعده ووعيده،
الردعلى ابن جرير
وهذا أيضًا ضعيفٌ فإنّ الضمير فيهما عائدٌ إلى واحدٍ، وأيضًا فإن الملكين يقولان لمن يعلمانه: إنما نحن فتنة فلا تكفر، فقد أعلماه تحريمه وسوء عاقبته.
2-وقالت طائفة: إنما نفى عنهم العلم بعدما أثبته لانتفاء ثمرته وفائدته، وهو العمل بموجبه ومقضتاه، فلمّا انتفى عنهم العمل بعلمهم جعلهم جهّالاً لا يعلمون، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، وهذا حكاه ابن جريرٍ وغيره، وحكى الماوردي قولاً بمعناه، لكنه جعل العمل مضمرا، وتقديره لو كانوا يعملون بما يعلمون.
وقيل: إنهم علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له، أي لا نصيب له في الآخرة من الثواب، لكنهم لم يعلموا أنه يستحق عليه العقاب مع حرمانه الثواب، وهذا حكاه الماورديّ وغيره،
الرد على هذا القول
وهو ضعيف أيضًا، فإنّ الضمير إن عاد إلى اليهود، فاليهود لا يخفى عليهم تحريم السحر واستحقاق صاحبه العقوبة، وإن عاد إلى الذين يتعلمون من الملكين فالملكان يقولان لهم:{إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر}والكفر لا يخفى على أحدٍ أن صاحبه يستحقّ العقوبة، وإن عاد إليهما، وهو الظاهر، فواضح، وأيضًا فإذا علموا أنّ من اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ فقد علموا أنه يستحقّ العقوبة، لأنّ الخلاق: النصيب من الخير، فإذا علم أنه ليس له نصيب في الخير بالكلية فقد علم أن له نصيبًا من الشرّ، لأنّ أهل التكليف في الآخرة لا يخلو واحد منهم عن أن يحصل له خير أو شرّ لا يمكن انتكاله عنهما جميعًا ألبتة.
3-وقالت طائفة: علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له في الآخرة، لكنهم ظنّوا أنهم ينتفعون به في الدنيا، ولهذا اختاروه وتعوّضوا به عن بوار الآخرة وشروا به أنفسهم، وجهلوا أنه في الدنيا يضرّهم أيضًا ولا ينفعهم، فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ذلك، وأنّهم إنما باعوا أنفسهم وحظّهم من الآخرة بما يضرّهم في الدنيا أيضًا ولا ينفعهم، وهذا القول حكاه الماورديّ وغيره، وهو الصحيح، فإنّ اللّه تعالى قال:{ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم}أي هو في نفس الأمر يضرّهم ولا ينفعهم بحالٍ في الدنيا وفي الآخرة.
ولكنّهم لم يعلموا ذلك لأنهم لم يقدموا عليه إلا لظنّهم أنه ينفعهم في الدنيا.

-معنى قوله::{ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ}
أي قد تيقّنوا أنّ صاحب السحر لا حظّ له في الآخرة، وإنما يختاره لما يرجو من نفعه في الدنيا، وقد يسمّون ذلك العقل المعيشي أي العقل الذي يعيش به الإنسان في الدنيا عيشةً طيبةً،
-معنى قول اللّه تعالى:{ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون}
أي: إن هذا الذي يعوضوا به عن ثواب الآخرة في الدنيا أمرٌ مذمومٌ مضر لا ينفع لو كانوا يعلمون ذلك
-معنى قوله:{ولو أنّهم آمنوا واتّقوا لمثوبةٌ من عند اللّه خير لّو كانوا يعلمون}
يعني: أنهم لو اختاروا الإيمان والتقوى بدل السّحر لكان اللّه يثيبهم على ذلك ما هو خير لهم مما طلبوه في الدنيا لو كانوا يعلمون، فيحصل لهم في الدنيا من ثواب الإيمان والتقوى من الخير الذي هو جلب المنفعة ودفع المضرّة ما هو أعظم مما يحصّلونه بالسّحر من خير الدنيا مع ما يدّخر لهم من الثواب في الآخرة.
-المقصود هنا: أن كل من آثر معصية اللّه على طاعته ظانًّا أنه ينتفع بإيثار المعصية في الدنيا، فهو من جنس من آثر السحر - الذي ظنّ أنه ينفعه في الدنيا - على التقوى والإيمان، ولو اتّقى وآمن لكان خيرًا له وأرجى لحصول مقاصده ومطالبه ودفع مضارّه ومكروهاته،
-شواهد على ذلك
يشهد كذلك أيضًا ما في "مسند البزار" عن حذيفة قال: "قام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فدعا الناس فقال:"هلمّوا إليّ، فأقبلوا إليه فجلسوا"، فقال:"هذا رسول ربّ العالمين جبريل - عليه السلام. - نفث في روعي: أنّه لا تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليها، فاتقوا اللّه وأجملوا في الطلب ولا يحملنّكم استبطاء الرّزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإنّ الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ".
- كيف يكون العلم مستلزم للخشية من هذه الوجوه السابقة؟.
1- على الوجه الأول يستلزم الخشية العلم باللّه بجلاله وعظمته، وهو الذي فسر الآية به جماعةٌ من السلف، كما تقدّم،
2-على الوجوه الأخر تكون الخشية ملازمةٌ للعلم بأوامر الله ونواهيه وأحكامه وشرائعه وأسرار دينه وشرعه وخلقه وقدره،
-هل يتنافى العمل بأوامر الله ونواهيه والعلم بالله؟
لا تنافي بين هذا العلم والعلم باللّه؛ فإنّهما قد يجتمعان وقد ينفرد أحدهما عن الآخر، وأكمل الأحوال اجتماعهما جميعًا وهي حالة الأنبياء - عليهم السلام - وخواصّ الصديقين ومتى اجتمعا كانت الخشية حاصلةٌ من تلك الوجوه كلها، وإن انفرد أحدهما حصل من الخشية بحسب ما حصّل من ذلك العلم، والعلماء الكمّل أولو العلم في الحقيقة الذين جمعوا الأمرين.
وقد ذكر الحافظ أبو أحمد بن عديٍّ:عن إسحاق بن بهلول قال: قال لي إسحاق بن الطباع: قال لي سفيان بن عيينة: "عالمٌ باللّه عالمٌ بالعلم، عالمٌ باللّه ليس بعالمٍ بالعلم عالمٌ بالعلم ليس بعالم باللّه "، قال: قلت لإسحاق: فهمنيه واشرحه لي، قال: عالمٌ باللّه عالمٌ بالعلم، حماد بن سلمة، عالمٌ باللّه ليس بعالم بالعلم مثل أبي الحجاج العابد، عالمٌ بالعلم ليس بعالم باللّه فلانٌ وفلانٌ وذكر بعض الفقهاء.
وروى الثوريّ عن رجلٍ قال: كان يقال: العلماء ثلاثةٌ: "فعالمٌ باللّه ليس عالمًا بأمر اللّه، وعالمٌ بأمر اللّه ليس عالمًا باللّه، وعالمٌ باللّه عالمٌ بأمر اللّه ".
فالعالم باللّه وبأوامر اللّه: الذي يخشى اللّه ويعلم الحدود والفرائض.
والعالم باللّه ليس بعالم بأمر اللّه: الذي يخشى اللّه ولا يعلم الحدود والفرائض.
والعالم بأمر اللّه ليس بعالم باللّه: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى اللّه عزّ وجلًّ.
-بيان أنّ انتفاء الخشية ينتفي معه العلم،
أما بيان أنّ انتفاء الخشية ينتفي معه العلم، فإنّ العلم له موجب ومقتضى.
وهو اتباعه والاهتداء به وضدّه الجهل، فإذا انتفت فائدته ومقتضاه، صار حاله كحاله عند عدمه وهو الجهل، وقد تقدّم أن الذنوب إنّما تقع عن جهالةٍ، وبيّنا دلالة القرآن على ذلك وتفسير السلف له بذلك، فيلزم حينئذٍ أن ينتفي العلم ويثبت الجهل عند انتفاء فائدة العلم ومقتضاه وهو اتباعه،
-أمثلة على ذلك
- قوله تعالى:{وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}.
-قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -:"إذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤٌ شاتمه أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ "
-وكما يوصف من لا ينتفع بسمعه وبصره وعقله في معرفة الحقّ والانقياد له بأنه أصم أبكم أعمى قال تعالى:{صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون}.
-ويقال أيضًا: إنه لا يسمع ولا يبصر ولا يعقل كما قال تعالى:{ولقد ذرأنا لجهنّم كثيرًا من الجنّ والإنس لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعينٌ لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضلّ أولئك هم الغافلون (179)}.
فسلب العلم والعقل والسمع والبصر وإثبات الجهل والبكم والصمم والعمى في حقّ من فقد حقائق هذه الصفات وفوائدها من الكفّار والمنافقين أو من شركهم في بعض ذلك كلّه؛ من باب واحدٍ وهو سلب اسم الشيء أو مسمّاه لانتفاء مقصوده وفائدته وإن كان موجودًا، وهو بابٌ واسعٌ وأمثلته كثيرةٌ في الكتاب والسّنةّ.

بارك الله فيك ونفع بك.
يلاحظ أن هناك إسهابا في تفصيلات المسائل.
أقدر أن كلامه رحمه الله كله نافعا، لكن
المطلوب ذكر خلاصة مختصرة لما ذكره رحمه الله في كل مسألة.
أرجو أن يفيدك هذا النموذج خاصة في معيار الترتيب:


تلخيص رسالة في تفسير قوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}
لابن رجب الحنبلي رحمه الله.


عناصر الرسالة:

دلالة الآية على إثبات الخشية للعلماء
دلالة الآية على نفي الخشية عن غير العلماء
دلالة الآية على نفي العلم عن غير أهل الخشية
● الأقوال الواردة عن السلف في تفسير الآية.
● بيان أن العلم يوجب الخشية وأن فقده يستلزم فقد الخشية
● بيان أن فقد الخشية يستلزم فقد العلم
بيان العلم النافع الذي يوجب خشية الله تعالى.

● فوائد
• إثبات الخشية للعلماء يقتضي ثبوتها لكل واحد منهم
أصل العلم النافع العلم باللّه.
قابلية ما في القلب من التصديق والمعرفة للزيادة والنقصان هو ما كان عليه الصحابة والسلف من أهل السنة.
• صحة التوبة من بعض الذنوب دون بعضٍ هو الذي عليه السلف وأئمة السنة خلافًا لبعض المعتزلة.
• هل يمكن للتائب أن يعود إلى ما كان عليه قبل المعصية؟

• هل يجزم بقبول التوبة إذا استكملت شروطها؟

• هل يمحى الذنب من صحيفة العبد إذا تاب؟

• أمر الله للعباد إنما يكون بما فيه صلاحهم ونهيه إنما يكون عما فيه فسادهم.

فائدة في قوله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102)}.
• خلاصة القول في نوع "ما" الداخلة على "إنّ"
.
• خلاصة
القول في إفادة "إنّما" للحصر.


تلخيص المسائل الواردة في تفسير ابن رجب رحمه الله لقوله تعالى: {إنما يخشى الله من عباده العلماء}.



● دلالة الآية على إثبات الخشية للعلماء
دلت الآية على إثبات الخشية للعلماء من صيغة "إنما" التي تقتضي تأكد ثبوت المذكور بالاتّفاق؛ لأنّ خصوصية "إن" إفادة التأكيد، وأمّا
"ما"فالجمهور على أنّها كافةٌ.

● دلالة الآية على نفي الخشية عن غير العلماء
دلت الآية على نفي الخشية عن غير العلماء
من صيغة "إنّما" أيضا لأنّ "ما" الكافة إذا دخلت على "إنّ " أفادت الحصر وهو قول الجمهور.

- واختلفوا في دلالتها على النفي هل هو بطريق المنطوق، أو بطريق المفهوم؟
فقال كثيرٌ من الحنابلة، كالقاضي في أحد قوليه وصاحب ابن المنّي والشيخ موفّق الدّين: إنّ دلالتها على النفي بالمنطوق كالاستثناء سواء وهو قول أبي حامد، وأبي الطيب من الشافعية، والجرجاني من الحنفية.
وذهبت طائفةٌ منهم كالقاضي في قوله الآخر وابن عقيلٍ والحلواني إلى أنّ دلالتها على النفي بطريق المفهوم وهو قول كثيرٍ من الحنفية، والمتكلمين.
- واختلفوا أيضًا هل دلالتها على النفي بطريق النّص، أو الظاهر؟

فقالت طائفة: إنّما تدلّ على الحصر ظاهرًا، أو يحتمل التأكيد، وهذا الذي حكاه الآمديّ عن القاضي أبي بكرٍ، والغزاليّ، والهرّاسيّ، وغيرهم من الفقهاء وهو يشبه قول من يقول إنّ دلالتها بطريق المفهوم فإنّ أكثر دلالات المفهوم بطريق الظاهر لا النّص.
وظاهر كلام كثيرٍ من الحنابلة وغيرهم، أن دلالتها على النّفي والإثبات كليهما بطريق النّص لأنّهم جعلوا "إنّما" كالمستثنى والمستثنى منه سواء وعندهم أن الاستثناء من الإثبات نفيٌ ومن النفي إثباتٌ، نصًّا لا محلاً.

● دلالة الآية على نفي العلم عن غير أهل الخشية
دلت الآية على نفي العلم عن غير أهل الخشية، من جهة الحصر أيضا فإنّ الحصر المعروف المطرد هو حصر الأول في الثاني، وهو هاهنا حصر الخشية في العلماء، وأما حصر الثاني في الأول فقد ذكره الشيخ أبو العباس ابن تيمية - رحمه الله - وأنه قد يكون مرادًا أيضًا فيصير الحصر من الطرفين ويكونان متلازمين، فيكون قوله: {إنّما يخشى اللّه من عباده العلماء} يقتضي أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالم، ويقتضي أيضًا أنّ العالم من يخشى اللّه.

● الأقوال الواردة عن السلف في تفسير الآية
ما ورد عن السلف في تفسير الآية يوافق ما سبق من إثبات الخشية للعلماء ونفيها عن غيرهم ونفي العلم عن غير أهل الخشية.
- فعن ابن عباس قال: "يريد: إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزّتي وجلالي وسلطاني ".
- وعن مجاهدٍ والشعبيّ: "العالم من خاف اللّه ".
- وعن ابن مسعودٍ قال: "كفى بخشية اللّه علمًا وكفى بالاغترار باللّه جهلاً".
- وعن الربيع بن أنسٍ في هذه الآية قال: من لم يخش اللّه فليس بعالمٍ، ألا ترى أنّ داود قال: ذلك بأنّك جعلت العلم خشيتك، والحكمة والإيمان بك، وما علم من لم يخشك وما حكمة من لم يؤمن بك؟
- وعن الربيع عن أبي العالية في قوله تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء}قال: "الحكمة الخشية فإنّ خشية اللّه رأس كلّ حكمةٍ".
- وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "لا يكون الرجل عالما حتّى لا يحسد من فوقه ولا يحقر من دونه، ولا يبتغي بعلمه ثمنًا".
وعن أبي حازمٍ نحوه.
- وسئل الإمام أحمد عن معروفٍ، وقيل له: هل كان معه علمٌ؟ فقال: "كان معه أصل العلم، خشية اللّه عزّ وجلّ ".
ويشهد لهذا قوله تعالى: {أمّن هو قانتٌ آناء اللّيل ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربّه قل هل يستوي الّذين يعلمون والّذين لا يعلمون). وكذلك قوله تعالى: (إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ}.
وقوله: {أنّه من عمل منكم سوءًا بجهالةٍ ثمّ تاب من بعده وأصلح فأنّه غفورٌ رّحيمٌ}.
وقوله: {ثمّ إنّ ربّك للّذين عملوا السّوء بجهالةٍ ثمّ تابوا من بعد ذلك وأصلحوا إنّ ربّك من بعدها لغفورٌ رحيمٌ (119)}.
- قال أبو العالية: "سألت أصحاب محمدٍ عن هذه الآية: {إنّما التّوبة على اللّه للّذين يعملون السّوء بجهالةٍ ثمّ يتوبون من قريبٍ}
فقالوا: كلّ من عصى اللّه فهو جاهلٌ، وكلّ من تاب قبل الموت فقد تاب من قريبٍ ".
- وروي عن مجاهدٍ، والضحاك، قالا: "ليس من جهالته أن لا يعلم حلالاً ولا حرامًا، ولكن من جهالته حين دخل فيه ".

● بيان أن العلم يوجب الخشية وأن فقده يستلزم فقد الخشية.
وبيان ذلك من وجوه:
الوجه الأول:
أن العلم باللّه تعالى وما له من الأسماء والصفات كالكبرياء والعظمة والجبروت، والعزة وغير ذلك يوجب خشيته، وعدم ذلك يستلزم فقد هذه الخشية.
ولهذا فسّر الآية ابن عباسٍ، فقال: "يريد إنما يخافني من علم جبروتي، وعزتي، وجلالي، وسلطاني ".
ويشهد له قول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأعلمكم باللّه وأشدّكم له خشيةً"
وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا"
وفي "المسند" وكتاب الترمذيّ وابن ماجة من حديث أبي ذرٍّ عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون إنّ السماء أطّت وحقّ لها أن تئطّ، ليس فيها موضع أربع أصابع إلا وملكٌ واضعٌ جبهته ساجدٌ للّه - عز وجلّ - واللّه لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيرًا، وما تلذذتم بالنساء على الفرش، ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله عزّ وجلّ ".

وقال الترمذيّ: حسنٌ غريبٌ.

الوجه الثاني: أنّ العلم بتفاصيل أمر اللّه ونهيه، والتصديق الجازم بذلك وبما يترتب عليه من الوعد والوعيد والثواب والعقاب، مع تيقن مراقبة اللّه واطّلاعه، ومشاهدته، ومقته لعاصيه وحضور الكرام الكاتبين، كلّ هذا يوجب الخشية، وفعل المأمور وترك المحظور.
وإنّما يمنع الخشية ويوجب الوقوع في المحظورات الغفلة عن استحضار هذه الأمور، والغفلة من أضداد العلم، والغفلة والشهوة أصل الشرّ، قال تعالى: {ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتّبع هواه وكان أمره فرطًا (28)}.

والشهوة وحدها، لا تستقلّ بفعل السيئات إلا مع الجهل، فإنّ صاحب الهوى لو استحضر هذه الأمور المذكورة وكانت موجودةً في ذكره، لأوجبت له الخشية القامعة لهواه، ولكنّ غفلته عنها مما يوجب نقص إيمانه الذي أصله التصديق الجازم المترتب على التصور التام،
ولهذا كان ذكر اللّه وتوحيده والثناء عليه يزيد الإيمان، والغفلة والإعراض عن ذلك يضعفه وينقصه، كما كان يقول من يقول من الصحابة: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة".

الوجه الثالث: أنّ تصور حقيقة المخوف يوجب الهرب منه، وتصور حقيقة المحبوب توجب طلبه فإذا لم يهرب من هذا ولم يطلب هذا دلّ على أنًّ تصوره لذلك ليس تامًّا، وإن كان قد يصور الخبر عنه.
وتصور الخبر وتصديقه وحفظ حروفه غير تصوّر المخبر به فإذا أخبر بما هو محبوبٌ أو مكروهٌ له، ولم يكذّب الخبر بل عرف صدقه لكن قلبه مشغولٌ بأمور أخرى عن تصور ما أخبر به، فهذا لا يتحرك للهرب ولا للطلب، في الأثر المعروف عن الحسن وروي مرسلاً عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "العلم علمان، فعلم في القلب، فذاك العلم النافع، وعلمٌ على اللسان، فذاك حجة الله على ابن آدم ".

الوجه الرابع: أنّ كثيرًا من الذنوب قد يكون سبب وقوعه جهل فاعله بحقيقة قبحه وبغض اللّه له وتفاصيل الوعيد عليه وإن كان عالمًا بأصل تحريمه وقبحه لكنّه يكون جاهلاً بما ورد فيه من التغليظ والتشديد ونهاية القبح.
فيكون جهله بذلك هو الذي جرّأه عليه وأوقعه فيه، ولو كان عالمًا بحقيقة قبحه لأوجب ذلك العلم تركه خشيةً من عقابه.

الوجه الخامس: أنّ الله جعل في النفس حبًّا لما ينفعها وبغضًا لما يضرّها، فلا يفعل ما يجزم بأنه يضرّها ضررًا راجحًا، لذلك لا يقدم عاقل على فعل ما يضرّه مع علمه بما فيه من الضرر إلا لظنّه أنّ منفعته راجحة إمّا بأن يجزم بأن ضرره مرجوح، أو يظنّ أن خيره راجح.
فالزاني والسارق ونحوهما، لو حصل لهم جزم بإقامة الحدود عليهم من الرجم والقطع ونحو ذلك، لم يقدموا على ذلك، فإذا علم هذا فأصل ما يوقع الناس في السيئات الجهل وعدم العلم بأنها تضرهم ضررًا راجحًا، أو ظنّ أنها تنفعهم نفعًا راجحًا، وذلك كلّه جهل إما بسيط وإمّا مركب.
ومثال هذا ما جاء في قصة آدم أنه: {يا آدم هل أدلّك على شجرة الخلد وملكٍ لا يبلى (120) فأكلا منها فبدت لهما سوآتهما}.

قال: {ما نهاكما ربّكما عن هذه الشّجرة إلّا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين (20)}.
وقال تعالى: {ومن يعش عن ذكر الرّحمن نقيّض له شيطانًا فهو له قرينٌ (36) وإنّهم ليصدّونهم عن السّبيل ويحسبون أنّهم مهتدون (37)}.
فالفاعل للذنب لو جزم بأنه يحصل له به الضرر الراجح لم يفعله، لكنه يزين له ما فيه من اللذة التي يظنّ أنها مصلحة، ولا يجزم بوقوع عقوبته، بل يرجو العفو بحسناتٍ أو توبةٍ أو بعفو الله ونحو ذلك، وهذا كله من اتباع الظن وما تهوى الأنفس، ولو كان له علم كامل لعرف به رجحان ضرر السيئة، فأوجب له ذلك الخشية المانعة له من مواقعتها.

الوجه السادس: وهو أن لذّات الذنوب لا نسبة لها إلى ما فيها من الآلام والمفاسد البتة فإنّ لذاتها سريعة الانقضاء وعقوباتها وآلامها أضعاف ذلك.
ولهذا قيل: "إن الصبر على المعاصي أهون من الصبر على عذاب اللّه، وقيل: "ربّ شهوة ساعة أورثت حزنًا طويلاً".
- ما في الذنوب من اللذات كما في الطعام الطيب المسموم من اللذة، فهي مغمورة بما فيه من المفسدة ومؤثر لذة الذنب كمؤثر لذة الطعام المسموم الذي فيه من السموم ما يمرض أو يقتل ومن هاهنا يعلم أنه لا يؤثر لذات الذنوب إلا من هو جاهل بحقيقة عواقبها.
-
المذنب قد لا يتمكن من التوبة، فإنّ من وقع في ذنبٍ تجرّأ عليه عمره وهان عليه خوض الذنوب وعسر عليه الخلاص منها ولهذا قيل: "من عقوبة الذنب: الذنب بعده ".
- إذا قدّر للمذنب أنه تاب منه فقد لا يتمكن من التوبة النصوح الخالصة التي تمحو أثره بالكلية.
- وإن قدّر أنه تمكن من ذلك، فلا يقاوم اللذة الحاصلة بالمعصية ما في التوبة النصوح المشتملة على النّدم والحزن والخوف والبكاء وتجشم الأعمال الصالحة؛ من الألم والمشقة، ولهذا قال الحسن: "ترك الذنب أيسر من طلب التوبة".
- يكفي المذنب ما فاته في حال اشتغاله بالذنوب من الأعمال الصالحة الّتي كان يمكنه تحصيل الدرجات بها.

- إن قدّر أنه عفي عنه من غير توبةٍ فإن كان ذلك بسبب أمرٍ مكفرٍ عنه كالمصائب الدنيوية، وفتنة القبر، وأهوال البرزخ، وأهوال الموقف، ونحو ذلك، فلا يستريب عاقلٌ أن ما في هذه الأمور من الآلام والشدائد أضعاف أضعاف ما حصل في المعصية من اللذة.

- إن عفي عنه بغير سببٍ من هذه الأسباب المكفرة ونحوها، فإنه لابّد أن يلحقه عقوبات كثيرة منها:
1: ما فاته من ثواب المحسنين، فإن اللّه تعالى وإن عفا عن المذنب فلا يجعله كالذين آمنوا وعملوا الصالحات، كما قال تعالى: {أم حسب الّذين اجترحوا السّيّئات أن نجعلهم كالّذين آمنوا وعملوا الصّالحات سواءً محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون (21).

وقال: (أم نجعل الّذين آمنوا وعملوا الصّالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتّقين كالفجّار (28)}.
2: ما يلحقه من الخجل والحياء من اللّه عز وجلّ عند عرضه عليه وتقريره بأعماله، وربما كان ذلك أصعب عليه من دخول النار ابتداءً.
كما جاء في الأحاديث والآثار كما روى عبد الله بن الإمام أحمد في كتاب "الزهد" بإسناده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "يدني اللّه عزّ وجلّ العبد يوم القيامة، فيضع عليه كنفه، فيستره من الخلائق كلها، ويدفع إليه كتابه في ذلك الستر، فيقول: اقرأ يا ابن آدم كتابك، قال: فيمرّ بالحسنة، فيبيضّ لها وجهه ويسرّ بها قلبه قال: فيقول الله عز وجل: أتعرف يا عبدي؟
فيقول: نعم، يا رب أعرف، فيقول: إني قد قبلتها منك.
قال: فيخرّ للّه ساجدًا، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: ارفع رأسك يا ابن آدم وعد في كتابك، قال: فيمرّ بالسيئة فيسود لها وجهه، ويوجل منها قلبه وترتعد منها فرائصه، ويأخذه من الحياء من ربه ما لا يعمله غيره، قال: فيقول اللّه عزّ وجلّ: أتعرف يا عبدي؟
قال: فيقول: نعم، يا رب أعرف، قال: فيقول: إني قد غفرتها لك؟
قال: فلا يزال حسنةٌ تقبل فيسجد، وسيئةٌ تغفر فيسجد، فلا ترى الخلائق منه إلا السجود، قال: حتى تنادي الخلائق بعضها بعضًا: طوبى لهذا العبد الذي لم يعص اللّه قط، ولا يدرون ما قد لقي فيما بينه وبين اللّه عز وجل ".
ومما قد وقفه عليه وروي معنى ذلك عن أبي موسى، وعبد اللّه بن سلامٍ وغيرهما، ويشهد لهذا حديث عبد اللّه بن عمر الثابت في "الصحيح "- حديث النجوى - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "إذا كان يوم القيامة دعا اللّه بعبده فيضع عليه كنفه فيقول: ألم تعمل يوم كذا وكذا ذنب كذا وكذا؟ فيقول: بلى يا ربّ، فيقول: فإني قد سترتها عليك في الدنيا وغفرت ذلك لك اليوم " وهذا كلّه في حقّ من يريد اللّه أن يعفو عنه ويغفر له فما الظنّ بغيره؟

الوجه السابع: وهو أن المقدم على مواقعة المحظور إنما أوجب إقدامه عليه ما فيه من اللذة الحاصلة له به، فظنّ أنّه يحصل له لذته العاجلة، ورجى أن يتخلص من تبعته بسببٍ من الأسباب ولو بالعفو المجرد فينال به لذةً ولا يلحقه به مضرةٌ.
وهذا من أعظم الجهل، فإن الذنوب تتبعها ولابدّ من الهموم والآلام وضيق الصدر والنكد، وظلمة القلب، وقسوته أضعاف أضعاف ما فيها من اللذة، ويفوت بها من حلاوة الطاعات، وأنوار الإيمان، وسرور القلب ببهجة الحقائق والمعارف، ما لا يوازي الذرة منه جميع لذات الدنيا، فيحصل لصاحب المعصية العيشة الضنك، وتفوته الحياة الطيبة، فينعكس قصده بارتكاب المعصية، فإنّ اللّه ضمن لأهل الطاعة الحياة الطيبة، ولأهل المعصية العيشة الضنك، قال تعالى: {ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشةً ضنكًا}،
وقال: {وإنّ للّذين ظلموا عذابًا دون ذلك ولكن أكثرهم لا يعلمون}
وقال في أهل الطاعة: {من عمل صالحًا من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ فلنحيينّه حياةً طيّبةً}.

● بيان أن فقد الخشية يستلزم فقد العلم
فقد الخشية يسلتزم فقد العلم وذلك لأن العلم له موجب ومقتضى وهو اتباعه والاهتداء به وضدّه الجهل، فإذا انتفت فائدته ومقتضاه، صار حاله كحاله عند عدمه وهو الجهل.وقد تقدّم أن الذنوب إنّما تقع عن جهالةٍ، وظهرت دلالة القرآن على ذلك وتفسير السلف له بذلك، فيلزم حينئذٍ أن ينتفي العلم ويثبت الجهل عند انتفاء فائدة العلم ومقتضاه وهو اتباعه. ومن هذا الباب قوله تعالى:{وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلامًا}، وقول النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان أحدكم صائمًا فلا يرفث ولا يجهل فإن امرؤٌ شاتمه أو قاتله فليقل: إني امرؤٌ صائمٌ " وهذا كما يوصف من لا ينتفع بسمعه وبصره وعقله في معرفة الحقّ والانقياد له بأنه أصم أبكم أعمى قال تعالى: {صمٌّ بكمٌ عميٌ فهم لا يعقلون}.

بيان العلم النافع الذي يوجب خشية الله تعالى.
العلم النافع علمان:
1: علم باللّه بجلاله وعظمته، وهو الذي فسر الآية به جماعةٌ من السلف.
2: علم بأوامر الله ونواهيه وأحكامه وشرائعه وأسرار دينه وشرعه وخلقه وقدره.
ولا تنافي بين هذا العلم والعلم باللّه؛ فإنّهما قد يجتمعان وقد ينفرد أحدهما عن الآخر، وأكمل الأحوال اجتماعهما جميعًا وهي حالة الأنبياء - عليهم السلام - وخواصّ الصديقين ومتى اجتمعا كانت الخشية حاصلةٌ من تلك الوجوه كلها، وإن انفرد أحدهما حصل من الخشية بحسب ما حصّل من ذلك العلم، والعلماء الكمّل أولو العلم في الحقيقة الذين جمعوا الأمرين.

وقد روى الثوريّ عن أبي حيّان التميمي سعيد بن حيّان عن رجلٍ قال: كان يقال: العلماء ثلاثةٌ: "فعالمٌ باللّه ليس عالمًا بأمر اللّه، وعالمٌ بأمر اللّه ليس عالمًا باللّه، وعالمٌ باللّه عالمٌ بأمر اللّه ".
فالعالم باللّه وبأوامر اللّه: الذي يخشى اللّه ويعلم الحدود والفرائض.
والعالم باللّه ليس بعالم بأمر اللّه: الذي يخشى اللّه ولا يعلم الحدود والفرائض.
والعالم بأمر اللّه ليس بعالم باللّه: الذي يعلم الحدود والفرائض، ولا يخشى اللّه عزّ وجلًّ.

● فوائد
إثبات الخشية للعلماء يقتضي ثبوتها لكل واحد منهم.
قوله تعالى: {إنّما يخشى الله من عباده العلماء} يقتضي ثبوت الخشية لكل واحد من العلماء ولا يراد به جنس العلماء، وتقريره من جهتين:
الجهة الأولى: أن الحصر هاهنا من الطرفين، حصر الأول في الثاني وحصر الثاني في الأول، كما تقدّم بيانه، فحصر الخشية في العلماء يفيد أنّ كلّ من خشي اللّه فهو عالمٌ وإن لم يفد لمجرده أنّ كلّ عالم فهو يخشى اللّه وتفيد أنّ من لا يخشى فليس بعالم، وحصر العلماء في أهل الخشية يفيد أنّ كلّ عالم فهو خاشٍ، فاجتمع من مجموع الحصرين ثبوت الخشية لكلّ فردٍ من أفراد العلماء.
والجهة الثانية: أن المحصور هل هو مقتضٍ للمحصور فيه أو هو شرطٌ له؟
قال الشيخ أبو العباس - رحمه اللّه -: (وفي هذه الآية وأمثالها هو مقتضٍ فهو عامٌّ فإنّ العلم بما أنذرت به الرسل يوجب الخوف).
ومراده بالمقتضي – العلة المقتضية - وهي التي يتوقف تأثيرها على وجود شروط وانتفاء موانع كأسباب الوعد والوعيد ونحوهما فإنها مقتضياتٌ وهي عامةٌ، ومراده بالشرط ما يتوقف تأثير السبب عليه بعد وجود السبب وهو الذي يلزم من عدمه عدم المشروط ولا يلزم من وجوده وجود المشروط، كالإسلام بالنسبة إلى الحجّ.

والمانع بخلاف الشرط، وهو ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه الوجود وهذا الفرق بين السبب والشرط وعدم المانع إنّما يتم على قول من يجوّز تخصيص العلة وأما من لا يسمّي علةً إلا ما استلزم الحكم ولزم من وجودها وجوده على كلّ حال، فهؤلاء عندهم الشرط وعدم المانع من جملة أجزاء العلة، والمقصود هنا أنّ العلم إذا كان سببًا مقتضيًا للخشية كان ثبوت الخشية عامًا لجميع أفراد العلماء لا يتخلف إلا لوجود مانع ونحوه.


أصل العلم النافع العلم باللّه.
وهو العلم بأسمائه وصفاته وأفعاله من قدره، وخلقه، والتفكير في عجائب آياته المسموعة المتلوة، وآياته المشاهدة المرئية من عجائب مصنوعاته، وحكم مبتدعاته ونحو ذلك مما يوجب خشيته وإجلاله، ويمنع من ارتكاب نهيه، والتفريط في أوامره.
ولهذا قال طائفةٌ من السلف لعمر بن عبد العزيز وسفيان بن عيينة: "أعجب الأشياء قلبٌ عرف ربه ثم عصاه ".

وقال بشر بن الحارث: "لو يفكر الناس في عظمة اللّه لما عصوا اللّه ".

قابلية ما في القلب من التصديق والمعرفة للزيادة والنقصان هو الذي عليه الصحابة والسلف من أهل السنة.
ويؤيد ذلك ما كان يقوله بعض الصحابة: "اجلسوا بنا نؤمن ساعة".
وما جاء
في الأثر المشهور عن حماد بن سلمة عن أبي جعفرٍ الخطميّ عن جدّه عمير بن حبيبٍ وكان من الصحابة، قال: "الإيمان يزيد وينقص قيل: وما زيادته ونقصانه؟

قال: إذا ذكرنا اللّه ووحّدناه وسبّحناه، فتلك زيادته وإذا غفلنا ونسينا، فذلك نقصانه ".
وفي مسندي الإمام أحمد والبزار من حديث أبي هريرة أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "جدّدوا إيمانكم " قالوا: وكيف نجدد إيماننا يا رسول اللّه؟
قال: "قولوا: لا إله إلا اللّه ".
فالمؤمن يحتاج دائمًا كلّ وقتٍ إلى تحديد إيمانه وتقوية يقينه، وطلب الزيادة في معارفه، والحذر من أسباب الشكّ والريب والشبهة، ومن هنا يعلم معنى قول النبيًّ - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن " فإنه لو كان مستحضرًا في تلك الحال لاطّلاع اللّه عليه ومقته له جمع ما توعّده اللّه به من العقاب المجمل والمفصل استحضارًا تامًّا لامتنع منه بعد ذلك وقوع هذا المحظور وإنما وقع فيما وقع فيه لضعف إيمانه ونقصه.

صحة التوبة من بعض الذنوب دون بعضٍ هو الذي عليه السلف وأئمة السنة خلافًا لبعض المعتزلة.
فإنّ أحد الذنبين قد يعلم قبحه فيتوب منه ويستهين بالآخر لجهله بقبحه وحقيقة مرتبته فلا يقلع عنه، ولذلك قد يقهره هواه ويغلبه في أحدهما دون الآخر فيقلع عما لم يغلبه هواه دون ما غلبه فيه هواه، ولا يقال لو كانت الخشية عنده موجودةً لأقلع عن الجميع، لأن أصل الخشية عنده موجودةٌ، ولكنها غير تامةٍ، وسبب نقصها إما نقص علمه، وإما غلبة هواه، فتبعّض توبته نشأ من كون المقتضي للتوبة من أحد الذنبين أقوى من المقتضي للتوبة من الآخر، أو كون المانع من التوبة من أحدهما أشدّ من المانع من الآخر.

• هل يمكن للتائب أن يعود إلى ما كان عليه قبل المعصية؟
اختلف الناس في ذلك على قولين، والقول بأنه لا يمكن عوده إلى ما كان عليه قول أبي سليمان الدّرانيّ وغيره.

• هل يجزم بقبول التوبة إذا استكملت شروطها؟
اختلف الناس في ذلك على قولين:فالقاضي أبو بكر وغيره من المتكلمين على أنّه لا يجزم بذلك.
و
أكثر أهل السنة والمعتزلة وغيرهم على أنه يقطع بقبولها.


• هل يمحى الذنب من صحيفة العبد إذا تاب؟
ورد في "مراسيل الحسن " عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أراد اللّه أن يستر على عبده يوم القيامة أراه ذنوبه فيما بينه وبينه ثمّ غفرها له ".
ولهذا كان أشهر القولين أنّ هذا الحكم عامٌّ في حقّ التائب وغيره، وقد ذكره أبو سليمان الدمشقيّ عن أكثر العلماء، واحتجّوا بعموم هذه الأحاديث مع قوله تعالى: {ويقولون يا ويلتنا ما لهذا الكتاب لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلاّ أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرًا}.

وقد نقل ذلك صريحًا عن غير واحدٍ من السلف كالحسن البصريّ وبلال بن سعد - حكيم أهل الشام - كما روى ابن أبي الدنيا، وابن المنادي وغيرهما عن الحسن: "أنه سئل عن الرجل يذنب ثم يتوب هل يمحى من صحيفته؟ قال: لا، دون أن يوقفه عليه ثم يسأله عنه "
ثم في رواية ابن المنادي وغيره: "ثم بكى الحسن، وقال: لو لم تبك الأحياء من ذلك المقام لكان يحقّ لنا أن نبكي فنطيل البكاء".

وذكر ابن أبي الدنيا عن بعض السلف أنه قال: "ما يمرّ عليّ أشد من الحياء من اللّه عزّ وجلّ ".
وفي الأثر المعروف الذي رواه أبو نعيمٍ وغيره عن علقمة بن مرثدٍ: "أنّ الأسود بن يزيد لما احتضر بكى، فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: ما لي لا أجزع، ومن أحقّ بذلك مني؟واللّه لو أتيت بالمغفرة من اللّه عزّ وجلّ، لهمّني الحياء منه مما قد صنعته، إنّ الرجل ليكون بينه وبين الرجل الذنب الصغير فيعفو عنه فلا يزال مستحيًا منه ".
ومن هذا قول الفضيل بن عياضٍبالموقف: "واسوءتاه منك وإن عفوت ".

• أمر الله للعباد إنما يكون بما فيه صلاحهم ونهيه إنما يكون عما فيه فسادهم.

إن اللّه لم يأمر العباد بما أمرهم به لحاجته إليه، ولا نهاهم عمّا نهاهم عنه بخلاً به، بل أمرهم بما فيه صلاحهم، ونهاهم عمّا فيه فسادهم، وهذا هو الذي عليه المحققون من الفقهاء من الحنابلة وغيرهم، كالقاضي أبي يعلى وغيره.
وإن كان بينهم في جواز وقوع خلاف ذلك عقلاً نزاعٌ مبنيّ على أن العقل هل له مدخل في التحسين والتقبيح أم لا؟
وكثير منهم كأبي الحسن التميمي وأبي الخطاب على أنّ ذلك لا يجوز عقلاً أيضًا وأما من قال بوقوع مثل ذلك شرعًا فقوله شاذٌ مردودٌ.

والصواب: أنّ ما أمر اللّه به عباده فهو عين صلاحهم وفلاحهم في دنياهم وآخرتهم، فإنّ نفس الإيمان باللّه ومعرفته وتوحيده وعبادته ومحبته وإجلاله وخشيته وذكره وشكره؛ هو غذاء القلوب وقوتها وصلاحها وقوامها، فلا صلاح للنفوس، ولا قرة للعيون ولا طمأنينة، ولا نعيم للأرواح ولا لذة لها في الدنيا على الحقيقة، إلا بذلك، فحاجتها إلى ذلك أعظم من حاجة الأبدان إلى الطعام والشراب والنّفس، بكثيرٍ، فإنّ حقيقة العبد وخاصيته هي قلبه وروحه ولا صلاح له إلا بتألهه لإلهه الحقّ الذي لا إله إلا هو، ومتى فقد ذلك هلك وفسد، ولم يصلحه بعد ذلك شيء البتة، وكذلك ما حرّمه اللّه على عباده وهو عين فسادهم وضررهم في دينهم ودنياهم، ولهذا حرّم عليهم ما يصدّهم عن ذكره وعبادته كما حرم الخمر والميسر، وبين أنه يصدّ عن ذكره وعن الصلاة مع مفاسد أخر ذكرها فيهما، وكذلك سائر ما حرّمه اللّه فإنّ فيه مضرةً لعباده في دينهم ودنياهم وآخرتهم، كما ذكر ذلك السلف، وإذا تبيّن هذا وعلم أنّ صلاح العباد ومنافعهم ولذاتهم في امتثال ما أمرهم الله به، واجتناب ما نهاهم اللّه عنه تبيّن أن من طلب حصول اللذة والراحة من فعل المحظور أو ترك المأمور، فهو في غاية الجهل والحمق، وتبيّن أنّ كلّ من عصى اللّه هو جاهل، كما قاله السلف ودلّ عليه القرآن كما تقدم، ولهذا قال: {كتب عليكم القتال وهو كرهٌ لكم وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبّوا شيئًا وهو شرٌّ لكم واللّه يعلم وأنتم لا تعلمون (216)}.
وقال: {ولو أنّهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرًا لهم وأشدّ تثبيتًا (66) وإذًا لآتيناهم من لدنّا أجرًا عظيمًا (67) ولهديناهم صراطًا مستقيمًا (68)}.

فائدة في قوله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون (102)}.
اختلف المفسرون في الجمع بين إثبات العلم ونفيه هاهنا.
1: قالت طائفة: الذين علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاق، هم الشياطين الذين يعلّمون الناس السحر، والذين قيل فيهم: {لو كانوا يعلمون} هم الناس الذين يتعلمون.
قال ابن جرير: وهذا القول خطأٌ مخالفٌ لإجماع أهل التأويل على أنّ قوله: (ولقد علموا) عائدٌ على اليهود الذين اتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان.
2: ذكر ابن جرير أنّ الذين علموا أنه لا خلاق لمن اشتراه هم اليهود، والذين قيل فيهم: لو كانوا يعلمون، هم الذين يتعلمون من الملكين، وكثيرًا ما يكون فيهم الجهال بأمر اللّه ووعده ووعيده.
وهذا أيضًا ضعيفٌ فإنّ الضمير فيهما عائدٌ إلى واحدٍ، وأيضًا فإن الملكين يقولان لمن يعلمانه: إنما نحن فتنة فلا تكفر، فقد أعلماه تحريمه وسوء عاقبته.

3: قالت طائفة: إنما نفى عنهم العلم بعدما أثبته لانتفاء ثمرته وفائدته، وهو العمل بموجبه ومقضتاه، فلمّا انتفى عنهم العمل بعلمهم جعلهم جهّالاً لا يعلمون، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، وهذا حكاه ابن جريرٍ وغيره، وحكى الماوردي قولاً بمعناه، لكنه جعل العمل مضمرا، وتقديره لو كانوا يعملون بما يعلمون.
4: قيل: إنهم علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له، أي لا نصيب له في الآخرة من الثواب، لكنهم لم يعلموا أنه يستحق عليه العقاب مع حرمانه الثواب، وهذا حكاه الماورديّ وغيره.
وهو ضعيف أيضًا، فإنّ الضمير إن عاد إلى اليهود، فاليهود لا يخفى عليهم تحريم السحر واستحقاق صاحبه العقوبة، وإن عاد إلى الذين يتعلمون من الملكين فالملكان يقولان لهم: {إنّما نحن فتنةٌ فلا تكفر} والكفر لا يخفى على أحدٍ أن صاحبه يستحقّ العقوبة، وإن عاد إليهما، وهو الظاهر، فواضح، وأيضًا فإذا علموا أنّ من اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ فقد علموا أنه يستحقّ العقوبة، لأنّ الخلاق: النصيب من الخير، فإذا علم أنه ليس له نصيب في الخير بالكلية فقد علم أن له نصيبًا من الشرّ، لأنّ أهل التكليف في الآخرة لا يخلو واحد منهم عن أن يحصل له خير أو شرّ لا يمكن انتكاله عنهما جميعًا ألبتة.

5: قالت طائفة: علموا أنّ من اشتراه فلا خلاق له في الآخرة، لكنهم ظنّوا أنهم ينتفعون به في الدنيا، ولهذا اختاروه وتعوّضوا به عن بوار الآخرة وشروا به أنفسهم، وجهلوا أنه في الدنيا يضرّهم أيضًا ولا ينفعهم، فبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ذلك، وأنّهم إنما باعوا أنفسهم وحظّهم من الآخرة بما يضرّهم في الدنيا أيضًا ولا ينفعهم.
وهذا القول حكاه الماورديّ وغيره، وهو الصحيح، فإنّ اللّه تعالى قال: {ويتعلّمون ما يضرّهم ولا ينفعهم} أي هو في نفس الأمر يضرّهم ولا ينفعهم بحالٍ في الدنيا وفي الآخرة.

ولكنّهم لم يعلموا ذلك لأنهم لم يقدموا عليه إلا لظنّهم أنه ينفعهم في الدنيا.
ثم قال: {ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرة من خلاقٍ} أي قد تيقّنوا أنّ صاحب السحر لا حظّ له في الآخرة، وإنما يختاره لما يرجو من نفعه في الدنيا، وقد يسمّون ذلك العقل المعيشي أي العقل الذي يعيش به الإنسان في الدنيا عيشةً طيبةً، قال اللّه تعالى: {ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون} أي: إن هذا الذي يعوضوا به عن ثواب الآخرة في الدنيا أمرٌ مذمومٌ مضر لا ينفع لو كانوا يعلمون ذلك ثم قال: {ولو أنّهم آمنوا واتّقوا لمثوبةٌ من عند اللّه خير لّو كانوا يعلمون} يعني: أنهم لو اختاروا الإيمان والتقوى بدل السّحر لكان اللّه يثيبهم على ذلك ما هو خير لهم مما طلبوه في الدنيا لو كانوا يعلمون، فيحصل لهم في الدنيا من ثواب الإيمان والتقوى من الخير الذي هو جلب المنفعة ودفع المضرّة ما هو أعظم مما يحصّلونه بالسّحر من خير الدنيا مع ما يدّخر لهم من الثواب في الآخرة.
والمقصود هنا:
أن كل من آثر معصية اللّه على طاعته ظانًّا أنه ينتفع بإيثار المعصية في الدنيا، فهو من جنس من آثر السحر - الذي ظنّ أنه ينفعه في الدنيا - على التقوى والإيمان، ولو اتّقى وآمن لكان خيرًا له وأرجى لحصول مقاصده ومطالبه ودفع مضارّه ومكروهاته.
ويشهد كذلك أيضًا ما في "مسند البزار" عن حذيفة قال: "قام النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فدعا الناس فقال: "هلمّوا إليّ، فأقبلوا إليه فجلسوا"، فقال: "هذا رسول ربّ العالمين جبريل - عليه السلام. - نفث في روعي: أنّه لا تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها وإن أبطأ عليها، فاتقوا اللّه وأجملوا في الطلب ولا يحملنّكم استبطاء الرّزق أن تأخذوه بمعصية الله، فإنّ الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته ".


• خلاصة القول في نوع "ما" الداخلة على "إنّ"
القول الأول: أنّها كافةٌ، وأن "ما" هي الزائدة التي تدخل على إنّ، وأنّ، وليت، ولعلّ، وكأن، فتكفها عن العمل، وهذا قول جمهور النحاة.
القول الثاني: أنّ "ما" مع هذه الحروف اسمٌ مبهمٌ بمنزلة ضمير الشأن في التفخيم والإبهام وفي أنّ الجملة بعده مفسرةٌ له ومخبرٌ بها عنه، وهو قول
بعض الكوفيين، وابن درستويه.
القول الثالث: أن "ما" هنا نافيةٌ واستدلّوا بذلك على إفادتها الحصر، وأنّ "إن" أفادت الإثبات في المذكور، و"ما" النفي فيما عداه وهو قول بعض الأصوليين وأهل البيان.
وهذا باطلٌ باتفاق أهل المعرفة باللسان فإنّ "إن" إنما تفيد توكيد الكلام إثباتًا كان أو نفيًا لا تفيد الإثبات.
و"ما" زائدةٌ كافة لا نافيةٌ وهي الداخلة على سائر أخوات إنّ: لكنّ وكأن وليت ولعلّ، وليست في دخولها على هذه الحروف نافيةً بالاتفاق فكذلك الداخلة على إنّ وأنّ.
-
نسب القول بأنها نافيةٌ إلى أبي علي الفارسي لقوله في كتاب "الشيرازيات ": إنّ العرب عاملوا "إنما" معاملة النفيّ و"إلا" في فصل الضمير لقوله: "وإنّما يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي ".

وهذا لا يدل على أنّ "ما" نافيةٌ على ما لا يخفى وإنما مراده أنّهم أجروا "إنما" مجرى النفي و"إلاّ" في هذا الحكم لما فيها معنى النفي ولم يصرّح بأنّ النفي مستفادٌ من "ما" وحدها.
القول الرابع: أنه لا يمتنع أن يكون "ما" في هذه الآية بمعنى الذي والعلماء خبرٌ والعائد مستترٌ في يخشى.

وأطلقت "ما" على جماعة العقلاء كما في قوله تعالى: {أو ما ملكت أيمانكم} ، و {فانكحوا ما طاب لكم مّن النّساء}.

• خلاصة
القول في إفادة "إنّما" للحصر.
اختلف النحاة في ذلك على أقوال:
القول الأول: إذا دخلت "ما" الكافة على "إنّ " أفادت الحصر هذا هو الصحيح، وهو قول الجمهور.

القول الثاني: من خالف في إفادتها الحصر.
حجتهم في ذلك:
1- قالوا إنّ "إنّما" مركبةٌ من "إنّ " المؤكدة و"ما" الزائدة الكافة فيستفاد التوكيد من "إنّ " والزائد لا معنى له، وقد تفيد تقوية التوكيد كما في الباء الزائدة ونحوها، لكنها لا تحدث معنى زائدا.
2- وقالوا إن ورودها لغير الحصر كثيرٌ جدًّا كقوله تعالى: {إنّما المؤمنون الّذين إذا ذكر اللّه وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربّهم يتوكّلون (2)}.
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنما الرّبا في النسيئة". وقوله: "إنّما الشهر تسعٌ وعشرون " وغير ذلك من النصوص ويقال: "إنّما العالم زيد" ومثل هذا لو أريد به الحصر لكان هذا.
وقد يقال: إن أغلب مواردها لا تكون فيها للحصر فإنّ قوله تعالى: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ}، لا تفيد الحصر مطلقًا فإنّه سبحانه وتعالى له أسماءٌ وصفاتٌ كثيرةٌ غير توحّده بالإلهية، وكذلك قوله: {قل إنّما أنا بشرٌ مثلكم يوحى إليّ أنّما إلهكم إلهٌ واحدٌ}.
فإنّه لم ينحصر الوحي إليه في هذا وحده.
مناقشة أقوالهم:
- الصواب أن "إنما" تدلّ على الحصر في هذه الأمثلة، ودلالتها عليه معلومٌ بالاضطرار من لغة العرب، كما يعلم من لغتهم بالاضطرار معاني حروف الشرط والاستفهام والنفي والنّهي وغير ذلك، ولهذا يتوارد "إنّما" وحروف الشرط والاستفهام والنّفي الاستثناء كما في قوله تعالى: {إنّما تجزون ما كنتم تعملون} فإنه
كقوله: {وما تجزون إلا ما كنتم تعملون}،
وقوله: {إنّما اللّه إلهٌ واحدٌ وقوله: {إنّما إلهكم اللّه الّذي لا إله إلاّ هو}فإنه كقوله: {وما من إلهٍ إلاّ اللّه}وقوله: {ما لكم من إلهٍ غيره}، ونحو ذلك، ولهذا كانت كلّها واردةً في سياق نفي الشرك وإبطال إلهية سوى اللّه سبحانه.

- وأما قولهم إنّ "ما" الكافة أكثر ما تفيده قوة التوكيد لا تثبت معنى زائدًا، يجاب عنه من وجوه:

أحدها: أنّ "ما" الكافة قد تثبت بدخولها على الحروف معنىً زائدًا.
وقد ذكر ابن مالك أنها إذا دخلت على الباء أحدثت معنى التقليل، كقول الشاعر:
فالآن صرت لا تحيد جوابًا ....... بما قد يرى وأنت حطيب
قال: وكذلك تحدث في "الكاف " معنى التعليل، في نحو قوله تعالى: (واذكروه كما هداكم) ، ولكن قد نوزع في ذلك وادّعى أنّ "الباء" و"الكاف " للسببية، وأنّ "الكاف " بمجردها تفيد التعليل.
والثاني: أن يقال: لا ريب أنّ "إنّ " تفيد توكيد الكلام، و"ما" الزائدة تقوّي هذا التوكيد وتثبت معنى الكلام فتفيد ثبوت ذلك المعنى المذكور في اللفظ خاصةً ثبوتًا لا يشاركه فيه غيره واختصاصه به، وهذا من نوع التوكيد والثبوت ليس معنىً آخر مغايرًا له وهو الحصر المدّعى ثبوته بدخول "ما" يخرج عن إفادة قوّة معنى التوكيد وليس ذلك بمنكرٍ إذ المستنكر ثبوت معنى آخر بدخول الحرف الزائد من غير جنس ما يفيده الحرف الأوّل.
الوجه الثالث: أنّ "إن" المكفوفة "بما" استعملت في الحصر فصارت حقيقةً عرفيّةً فيه، واللفظ يصير له بالاستعمال معنى غير ما كان يقتضيه أصل الوضع، وهكذا يقال في الاستثناء فإنه وإن كان في الأصل للإخراج من الحكم لكن صار حقيقة عرفيةً في مناقضة المستثنى فيه، وهذا شبية بنقل اللفظ عن المعنى الخاص إلى العام إذا صار حقيقة عرفيةً فيه لقولهم "لا أشرب له شربة ماءٍ" ونحو ذلك، ولنقل الأمثال السائرة ونحوها، وهذا الجواب ذكره أبو العباس ابن تيمية في بعض كلامه القديم وهو يقتضي أنّ دلالة "إنّما" على الحصر إنّما هو بطريق العرف والاستعمال لا بأصل وضع اللغة، وهو قولٌ حكاه غيره في المسألة.

القول الثالث:
من جعل "ما" موصولةً.
فتفيد الحصر من جهةٍ أخرى وهو أنّها إذا كانت موصولةً فتقدير الكلام "إن الذين يخشون الله هم العلماء" وهذا أيضًا يفيد الحصر" فإنّ الموصول يقتضي العموم لتعريفه، وإذا كان عامًّا لزم أن يكون خبره عامًّا أيضًا لئلا يكون الخبر أخصّ من المبتدأ، وهذا النوع من الحصر يسمّى ئحصر المبتدأ في الخبر، ومتى كان المبتدأ عامًّا فلا ريب إفادته الحصر.


التقييم:
- الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) 26/30
- الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) 18/20
- التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) 16/20
- الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) 15/15
- العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) 15/15

النسبة: 90/100
وفقك الله

رد مع اقتباس
  #36  
قديم 19 شعبان 1436هـ/6-06-2015م, 09:30 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:


بسم الله الرحمن الرحيم
تفسير قوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى وكما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على القائل : " ليس شيءٌ أحبَّ إليه الحمد، من الله تعالى" وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد
فرسالتنا هذه مع الآية التي اختارها الله فاتحة لكتابة العزيز وما فيها من أسرار وكنوز فهي أول آية في سورة الفاتحة التى قال الله عنها : " ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرءان العظيم.." على أحد أقوال أهل العلم والتي ورد في فضلها عدة أحاديث منها حديث ابن عباس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل ، إذ سمع نقيضا فوقه ، فرفع جبريل بصره إلى السماء ، فقال : هذا باب قد فتح من السماء ، ما فتح قط . قال : فنزل منه ملك ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة ، ولن تقرأ حرفا منهما إلا أوتيته . رواه مسلم والنسائي وهذا لفظ النسائي .
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
القراءات في (الحمد لله)
- القراء السبعة على ضم الدال من قوله : ( الحمد لله )وهو مبتدأ وخبر .
- وروي عن سفيان بن عيينة ورؤبة بن العجاج أنهما قالا الحمد لله بالنصب وهو على إضمار فعل .
- وقرأ ابن أبي عبلة : ( الحمد لله )بضم الدال واللام إتباعا للثاني الأول وله شواهد لكنه شاذ ، وعن الحسن وزيد بن علي : الحمد لله بكسر الدال إتباعا للأول الثاني .
- إن قراءة الرفع أولى من قراءة النصب ذلك أن قراءة الرفع تدل على أن الجملة اسمية في حين أن قراءة النصب تدل على أن الجملة فعلية بتقدير نحمد أو احمد أو احمدوا بالأمر. والجملة الاسمية أقوى وأثبت من الجملة الفعلية لأنها دالة على الثبوت
- معنى الحمد:
وردت عدة أقوال في معنى " الحمد لله "
القول الأول : الشكر لله خالصا دون سائر ما يعبد من دونه ، ودون كل ما برأ من خلقه ، بما أنعم على عباده من النعم التي لا يحصيها العدد ، ولا يحيط بعددها غيره أحد ، في تصحيح الآلات لطاعته ، وتمكين جوارح أجسام المكلفين لأداء فرائضه ، مع ما بسط لهم في دنياهم من الرزق ، وغذاهم به من نعيم العيش ، من غير استحقاق منهم ذلك عليه ، ومع ما نبههم عليه ودعاهم إليه ، من الأسباب المؤدية إلى دوام الخلود في دار المقام في النعيم المقيم ، فلربنا الحمد على ذلك كله أولا وآخرا .قال به ابن جرير الطبري في تفسيره
- ا لفرق بين الحمد والشكر:
الحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة، ويكون بمعنى الثناء عليه بما فيه من الخصال الحميدة. يقال حمدت فلانا على ما أسدى إلي من النعمة وحمدته على علمه وشجاعته، والشكر لا يكون إلا على النعمة، فالحمد أعم من الشكر إذ لا يقال شكرت فلانا على علمه فكل حامد شاكر وليس كل شاكر حامدا. وقيل: الحمد باللسان قولا والشكر بالأركان فعلا قال الله تعالى: {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} [111- الإسراء] وقال: {اعملوا آل داود شكرا} [13- سبأ]. فثبت أن الحمد أعم من الشكر، لأن الحمد عبارة عن تعظيم الفاعل لأجل ما صدر عنه من الإِنعام. سواء أكان ذلك الإِنعام واصلا إليك أم إلى غيرك. وأما الشكر فهو عبارة عن تعظيمه لأجل إنعام وصل إليك.
القول الثاني : الثناء على الله عز وجل بالجميل الاختياري مع المحبة والتعظيم
وهذا التعريف قال بعض العلماء :" عليه مأخذان ":
المأخذ الأول : أنه قال الثناء
المأخذ الثاني : أنه قال الجميل الاختياري
والمراد بالمأخذ الأول :
أن الثناء لا يصح تعريفا للحمد لأن الله عز وجل كما جاء في حديث أبي هريرة عند مسلم قال عز وجل : { قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين } والصلاة هنا هي الفاتحة : (( فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال عز وجل حمدني عبدي وإذا قال الرحمن الرحيم قال أثنى علي عبدي )) ففرق بين الحمد وبين الثناء .
وأما المراد بالمأخذ الثاني :
فقولهم الجميل الاختياري يخرج هذا الكلام صفات الله عز وجل التي لا تتعدى وصفات الله جل وعلا منها ما هو متعدي ومنها ما هو ليس بمتعدي
الرحمة : لأنه يرحم عز وجل فلرحمته أثر
المغفرة : لأنه يغفر عز وجل فلغفرانه أثر أيضا أما الصفات التي لا تتعدى فمثل العظمة فقولهم الجميل الاختياري يخرج هذه الصفات ولا يكون هذا حمدا كاملا
القول الثالث :التعريف الصحيح : هو وصف المحمود بصفات الكمال مع المحبة والتعظيم "
- الفرق بين المدح والحمد :
والحمد يختلف عن المدح مع أن الحروف واحدة فالحمد حروفه هي :
" ح - م- د "
والمدح حروفه هي :
" م- د -ح "
فهي نفس الحروف لكن بعضها تقدم على بعض فأختلف المعنى وهذا له باب في البلاغة
فيكون الحمد فيه محبة وتعظيم . أما المدح فلا يلزم أن يكون فيه محبة وتعظيم.
فتحمد الشخص لأنك تحبه وتعظمه وتقدره وقد تمدح الشخص مع محبتك وتعظيمك له وقد تمدحه وقلبك مبغض له فيكون مدحك له أما الحصول منفعة من الممدوح أو لدفع مضرة منه .
والمدح أعم من الحمد لأن المدح يحصل للعاقل وغير العاقل، ألا ترى أنه كما يحسن مدح الرجل العاقل على أنواع فضائله، فكذلك قد يمدح اللؤلؤ لحسن شكله.
أما الحمد فإنه لا يحصل إلا للفاعل المختار على ما يصدر منه من الإِنعام والإِحسان، فثبت أن المدح أعم من الحمد.
الـ" في قولنا " الحمد" قيل :للاستغراق أي أن جميع المحامد والثناء على الله بما هو أهله كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم:- "لا أحصى ثناءاً عليك أنت كما أثنيت على نفسك" ولما جاء الأسود بن سريع إلى رسول الله قائلاً :-يا رسول الله ، ألا أنشدك محامد حمدت بها ربى تبارك وتعالى ؟ فقال :"أما أن ربك يحب الحمد " المسند وغيره –وقال " ما شخص أحب المدح من الله"قال عليه الصلاة والسلام : ولا شخص أحب إليه المدحة من الله ، من أجل ذلك وعد الله الجنة . متفق عليه .وفي رواية : ولا أحد أحب إليه المدحة من الله ، فلذلك مدح نفسه .
وقيل : للجنس أي أكمل الحمد مستحق لله على الوجه الأتم الأكمل.، وكل الأمرين ثابت لله فله أطيب وأكمل وأحسن المحامد ، كما أن له كل المحامد مهما بلغ خاطر عبد من أنواع المحامد فهي لله من باب أولى .
( لله ) اللام : للملك وشبهه ، وللتمليك وشبهه ، وللاستحقاق.
(الله ( جاء بالاسم الأجل لفظ الجلالة ،و أصله ل لله أدغمت لام الاستحقاق في لام لفظ الجلالة مع إسقاط همزة الوصل فصارت ( لله ) ، وهذا التركيب يدل على الثبوت والاستقرار ، لأنه جاءت جملة اسمية على وجه الاختصاص والاستحقاق .
ْقوله تعالى : (رب العالمين)
أي مالكهم ، وكل من ملك شيئا فهو ربه ; فالرب : المالك ، ولا يقال في غيره إلا بالإضافة ; وقد قالوه في الجاهلية للملك ، قال الحارث بن حلزة :
وهو الرب والشهيد على يو م الحيارين والبلاء بلاء
والرب : السيد : ومنه قوله تعالى : اذكرني عند ربك . وفي الحديث : أن تلد الأمة ربتها أي سيدتها .
والرب : المصلح والمدبر والجابر والقائم . قال الهروي وغيره : يقال لمن قام بإصلاح شيء وإتمامه : قد ربه يربه فهو رب له وراب ; ومنه سمي الربانيون لقيامهم بالكتب . وفي الحديث : ( هل لك من نعمة تربها عليه ) أي تقوم بها وتصلحها . والرب : المعبود ; ومنه قول الشاعر :
أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب
ومعنى "رب العالمين:": لرب, هو المربي جميع العالمين -وهم من سوى الله- بخلقه إياهم, وإعداده لهم الآلات, وإنعامه عليهم بالنعم العظيمة, التي لو فقدوها, لم يمكن لهم البقاء. فما بهم من نعمة, فمنه تعالى. وتربيته تعالى لخلقه نوعان: عامة وخاصة. فالعامة: هي خلقه للمخلوقين, ورزقهم, وهدايتهم لما فيه مصالحهم, التي فيها بقاؤهم في الدنيا. والخاصة: تربيته لأوليائه, فيربيهم بالإيمان, ويوفقهم له, ويكمله لهم, ويدفع عنهم الصوارف, والعوائق الحائلة بينهم وبينه, وحقيقتها: تربية التوفيق لكل خير, والعصمة عن كل شر. ولعل هذا [المعنى] هو السر في كون أكثر أدعية الأنبياء بلفظ الرب. فإن مطالبهم كلها داخلة تحت ربوبيته الخاصة.
ْقوله تعالى : (العالمين )
اختلف أهل التأويل في العالمين اختلافا كثيرا
فقال قتادة : العالمون جمع عالم ، وهو كل موجود سوى الله تعالى ، ولا واحد له من لفظه مثل رهط وقوم .
وقيل : أهل كل زمان عالم ; قاله الحسين بن الفضل ، لقوله تعالى : أتأتون الذكران من العالمين أي من الناس .
وقال ابن عباس : العالمون الجن والإنس ; دليله قوله تعالى : ليكون للعالمين نذيرا ولم يكن نذيرا للبهائم .
وقال الفراء وأبو عبيدة : العالم عبارة عمن يعقل ; وهم أربعة أمم : الإنس والجن والملائكة والشياطين . ولا يقال للبهائم : عالم ، لأن هذا الجمع إنما هو جمع من يعقل خاصة . وقيل غير ذلك
والقول الأول أصح هذه الأقوال ; لأنه شامل لكل مخلوق وموجود ; دليله قوله تعالى : (قال فرعون وما رب العالمين . قال رب السماوات والأرض وما بينهما) ثم هو مأخوذ من العلم والعلامة ; لأنه يدل على موجده . كذا قال الزجاج قال : العالم كل ما خلقه الله في الدنيا والآخرة . وقال الخليل : العلم والعلامة والمعلم : ما دل على الشيء ; فالعالم دال على أن له خالقا ومدبرا ..ودل قوله { رَبِّ الْعَالَمِينَ } على انفراده بالخلق والتدبير, والنعم, وكمال غناه, وتمام فقر العالمين إليه, بكل وجه واعتبار.
وقد أجرى - سبحانه - على لفظ الجلالة نعت الربوبية للعالمين، ليكون كالاستدلال على استحقاقه - تعالى - للحمد وحده، وفى ذلك إشعار لعباده بأنهم مكرمون من ربهم، إذ الأمر بغير توجيه فيه إيماء إلى إهمال عقولهم، أما إذا كان موجهاً ومعللا فإنه يكون فيه إشعار لهم برعاية ناحية العقل فيهم، وفي تلك الرعاية تشريف وتكريم لهم. فكأنه - سبحانه - يقول لهم: اجعلوا حمدكم وثناءكم لي وحدي. لأني أنا رب العالمين. وأنا الذي تعهدتكم برعايتي وتربيتي منذ تكوينكم من الطين حتى استويتم عقلاء مفكرين.
- سبب افتتاح كتابه بالحمد
كان افتتاح الكلام بالتحميد ، سنة الكتاب المجيد ، لكل بليغ مجيد ، فلم يزل المسلمون من يومئذ يلقبون كل كلام نفيس لم يشتمل في طالعه على الحمد بالأبتر أخذا من حديث أبي هريرة عن النبيء صلى الله عليه وسلم كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله أو بالحمد فهو أقطع . وقد لقبت خطبة زياد بن أبي سفيان التي خطبها بالبصرة بالبتراء لأنه لم يفتتحها بالحمد .
وكانت سورة الفاتحة لذلك منزلة من القرآن منزلة الديباجة للكتاب أو المقدمة للخطبة
- سبب تقديم الحمد على لفظ الجلالة "الله"
للبلغاء صيغتين متعارفتين في حمد الله تعالى إحداهما " الحمد لله " كما في الفاتحة والأخرى " لله الحمد " كما في سورة الجاثية .
فقدم الحمد في سورة الفاتحة لأن المقام هنا مقام الحمد إذ هو ابتداء أولى النعم بالحمد وهي نعمة تنزيل القرآن الذي فيه نجاح الدارين ، فتلك المنة من أكبر ما يحمد الله عليه من جلائل صفات الكمال لا سيما وقداشتمل القرآن على كمال المعنى واللفظ والغايةفكان خطوره عند ابتداء سماع إنزاله وابتداء تلاوته مذكرا بما لمنزله تعالى من الصفات الجميلة ، وذلكيذكر بوجوب حمده وأن لا يغفل عنه ، فكان المقام مقام الحمد لا محالة
- سبب حمد الله لنفسه
قال ابن جرير : الحمد لله ثناء أثنى به على نفسه وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه فكأنه قال : قولوا : الحمد لله .
وقيل : لما علم سبحانه عجز عباده عن حمده ، حمد نفسه بنفسه لنفسه في الأزل ; فاستفراغ طوق عباده هو محل العجز عن حمده . ألا ترى سيد المرسلين كيف أظهر العجز بقوله : لا أحصي ثناء عليك . وأنشدوا :
إذا نحن أثنينا عليك بصالح فأنت كما نثني وفوق الذي نثني
وقيل : حمد نفسه في الأزل لما علم من كثرة نعمه على عباده وعجزهم على القيام بواجب حمده فحمد نفسه عنهم ; لتكون النعمة أهنأ لديهم ، حيث أسقط به ثقل المنة .
الحمد لله: جاء سبحانه وتعالى باسمه العلم (الله) ،لم يقل الحمد للخالق أو القدير أو أي اسم آخر من أسمائه الحسنى فلماذا جاء باسمه العلم؟ لأنه إذا جاء بأي اسم آخر غير العلم لدل على انه تعالى استحق الحمد فقط بالنسبة لهذا الاسم خاصة فلو قال الحمد للقادر لفهمت على انه يستحق الحمد للقدرة فقط لكن عند ذكر الذات (الله) فإنها تعني انه سبحانه يستحق الحمد لذاته لا لوصفه.
من ناحية أخرى " الحمد لله " مناسبة لما جاء بعدها (إياك نعبد) لأن العبادة كثيرا ما تختلط بلفظ الله. فلفظ الجلالة (الله) يعنى الإله المعبود مأخوذة من أله (بكسر اللام) ومعناها عبد ولفظ الله مناسب للعبادة وأكثر اسم اقترن بالعبادة هو لفظ الله تعالى (أكثر من 50 مرة اقترن لفظ الله بالعبادة في القرآن) لذا فالحمد لله مناسب لأكثر من جهة.
ْ والفاتحة إحدى سور خمس مفتتحة بـ ( الحمد لله ) وهن كلها مكية وقد وضعت في ترتيب القرآن في أوله ووسطه ، والربع الأخير ، فكانت أرباع القرآن مفتتحة بالحمد لله كان ذلك بتوفيق من الله أو توقيف .
ففى أم القرآن (الفاتحة) : "الحمد لله رب العالمين " .. وفي سورة الأنعام : "الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور " .. وفي سورة الكهف : "الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب " .. وفي سورة سبأ : "الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض " .. وفي سورة فاطر: "الحمد لله فاطر السماوات والأرض".
فإن قيل : افتتاح أحدها بالحمد لله يغني عن سائره ، فيقال : لأن لكل واحدة منه معنى في موضعه لا يؤدي عنه غيره من أجل عقده بالنعم المختلفة ".
إذا فما وجه المناسبة بين هذا الاستهلال واختلاف التعقيب بعده مع السورة التي ورد فيها؟
ذكر السيوطي في الاتقان :
فِي تَفْسِيرِ الْخُوَيِّيِّ يقول : ابْتُدِئَتِ الْفَاتِحَةُ بِقَوْلِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ فَوَصَفَ بِأَنَّهُ مَالِكُ جَمِيعِ الْمَخْلُوقِينَ .. وَفِي الْأَنْعَامِ وَالْكَهْفِ وَسَبَأٍ وَفَاطِرٍ لَمْ يُوصَفْ بِذَلِكَ ؛ بَلْ بِفَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ صِفَاتِهِ ، وَهُوَ خلق السموات وَالْأَرْضِ وَالظُّلُمَاتِ وَالنُّورِ فِي الْأَنْعَامِ، وَإِنْزَالِ الْكِتَابِ فِي الْكَهْفِ ، وَمِلْكِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الْأَرْضِ فِي سَبَأٍ ، وَخَلْقِهِمَا فِي فَاطِرٍ .. لِأَنَّ الْفَاتِحَةَ أُمُّ الْقُرْآنِ وَمَطْلَعُهُ فَنَاسَبَ الْإِتْيَانَ فِيهَا بِأَبْلَغِ الصِّفَاتِ وَأَعَمِّهَا وَأَشْمَلِهَا.] انتهى.
لقد تناسب هذا الاستهلال الرائع بالفعل مع موضوع السورة التي ورد فيها فجاء الاستهلال مكتملاً مع معاني السورة متناسقا بكل دقةٍ وبراعةٍ يؤكدها ما عقّبت به الآية بعد " الحمد لله " ...
ففي أم الكتاب كان أول القرآن وفاتحته فناسب ذلك افتتاحها بالحمد لله الذي يربُّ العالمين فيصلحهم ويربيهم بنعمه وهداياته المتعددة النابعة من رحمانيته العامة الشاملة ..
وفي سورة الأنعام التي يدور محورها العام حول دلائل التوحيد وإثباته لله تعالى وحده و رد شبه المشركين وحججهم .. فناسب ذلك البدء بالحمد وذكر الدليل الأول على وحدانية الله تعالى وهو الخلق الذي يشهد له سبحانه ببديع الصنعة وبيان ما نصبه من نور الحق وما يدحضه من ظلمات الباطل.. ففيه من الحجة في هذا الموضع على الذين هم بربهم يعدلون.
وأما سورة الكهف حمد الله نفسه على إنزاله كتابه العزيز على رسوله الكريم محمد صلوات الله وسلامه عليه ، فإنه أعظم نعمة أنعمها الله على أهل الأرض ؛ إذ أخرجهم به من الظلمات إلى النور ، حيث جعله كتابا مستقيما لا اعوجاج فيه ولا زيغ وجعله آية بينة لرسوله عليه الصلاة والسلام يرد فيه على ما سأله المشركون واليهود من أسئلة لتعجيزة فيأتية الجواب بآيات بينات و هدايات عظمى ،كقصة أصحاب الكهف وعدة أصحابها وكذلك قصة موسى عليه السلام مع الخضر وقصة ذي القرنين .. فكان القرآن سنده الرباني العظيم في إثبات أنه الحق من رب العباد لا عوج فيه ولا مطعن لبشر .. فناسب ذلك الحمد لله على ما أنزله على عبده ليكون معجزته الكبرى وهدايته العظمى .
وأما سورة سبأ فإن فيها قصة سبأ فلما تضمنت ملك سبأ وملكتها بلقيس ، و ما تضمنته من قصص داود وسليمان وما منحهما الله من الملك ؛ من تسخير الجبال والطير والجن وإلانة الحديد .. ولم يجتمع مثل هذا فى سورة سواها .. افتتحها سبحانه بحمده وانفراده بملك السماوات والأرض وما فيهما وأنه أهل الحمد فى الدنيا والآخرة، وأن الملك كله لله يهبه لمن يشاء ؛ فقال تعالى: "الحمد لله الذى له ما فى السماوات وما فى الأرض ".
وأما سورة فاطر فإن الله تعالى بيّن فيها من صفات ربوبيته ودلائل وحدانيته من إبداع السماوات والأرض ، ومن خلق عمّار السماوات من الملائكة على عظيم خلقهم ، وجعلهم رسلاً أولى أجنحة مثنى وثلاث ورباع ، وإمساكه السماوات والأرض أن تزولا وغير ذلك من هذه الأوصاف العلية .. فناسب ذلك تعظيم الله وحمده على عظمة ذاته وهو الفاطر الخلاق البديع العظيم فقال ربنا "الحمد لله فاطر السماوات والأرض " .
فتبين من هذا عظمة القرآن في مناسبة كل افتتاح لموضوع السورة المفتتحة به دلالة على هذا الاتساق الشريف الدقيق بين روعة الافتتاح ومناسبة المعاني الكلية لسور هذا القرآن العظيم ..
ووردت لفظة " الحمد" في القرآن الكريم خمساً وعشرين مرة.. وفي كل مرة معها (لام) الاختصاص التي تشير أن الحمد لله وحده .. فمرة تجئ ( له الحمد) ومرة ( الحمد لله )..
وورد قوله تعالى " الحمد لله " في القرآن كله واحداً وعشرين مرةٍ ..
وورد قوله تعالى " الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " هكذا بلفظه وتمامه خمس مرات...
في الفاتحة.. وبينا مناسبته في موضعه..
وفي سورة الأنعام (فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)الأنعام"45"
حمد الله نفسه على أن قطع دابرهم لأنه نعمة على الرسل, فذكر الحمد لله تعليما لهم ولمن آمن بهم, أن يحمدوا الله على كفايته شر الظالمين, وليحمد محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ربهم إذا أهلك المكذبين.
وفي سورة يونس : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10)
جاء في الحديث: "إن أهل الجنة يُلْهَمُونَ التسبيح والتحميد كما يُلْهَمُونَ النَّفَس" وإنما يكون ذلك كذلك لما يرون من تضاعف نعم الله عليهم، فتكرّر وتعاد وتزاد، فليس لها انقضاء ولا أمد، فلا إله إلا هو ولا رب سواه.
وفي سورة الصافات (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
، فجميع أنواع الحمد، من الصفات الكاملة العظيمة، والأفعال التي ربى بها العالمين، وأدرَّ عليهم فيها النعم، وصرف عنهم بها النقم، ودبرهم تعالى في حركاتهم وسكونهم، وفي جميع أحوالهم، كلها للّه تعالى، فهو المقدس عن النقص، المحمود بكل كمال، المحبوب المعظم، ورسله سالمون مسلم عليهم، ومن اتبعهم في ذلك له السلامة في الدنيا والآخرة. [وأعداؤه لهم الهلاك والعطب في الدنيا والآخرة.
وفي سورة الزمر : ( وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (75) ..
ونطق الكون أجمعه -ناطقه وبهيمه-لله رب العالمين، بالحمد في حكمه وعدله؛ ولهذا لم يسند القول إلى قائل بل أطلقه، فدل على أن جميع المخلوقات شَهِدَت له بالحمد. قال قتادة: افتتح الخلق بالحمد في قوله: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ [الأنعام:1] واختتم بالحمد في قوله: ( وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ )
وفي سورة غافر (هُوَ الْحَيُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ) غافر(65)..
فمن يستقرأ ما وردت فيه " الحمد لله رب العالمين " يعلم يقيناً أن "الحمد لله " بدايةٌ وطريقٌ وغاية ...
وأن الحمد يجب أن يكون في حياة المسلم منهج حياة وسبيل نجاة ...
لقد ورد في فضل الحمد أحاديث كثيرة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها :
1/ روى الشيخان عن أبي هريرة _ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ : كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ ، ثَقِيلَتَانِ فِي الْمِيزَانِ ، حَبِيبَتَانِ إِلَى الرَّحْمَنِ ؛ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ ) .
2/ عَنْ أَبِي مَالِكٍ الأَشْعَرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ الطُّهُورُ شَطْرُ الإِيمَانِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلاَ الْمِيزَانَ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلاَنِ أَوْ تَمْلاَ مَا بَيْنَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا ). ما أعظم هذا الفيض، وما أجزل هذا العطاء والكرم الذي لا يمكن مجرد تصوّره. كلمةٌ واحدة تملأ الميزان بالثواب والعطاء، تجده موفراً يوم توزن الأعمال. كم بين السموات والأرض من مسافات هائلة لا يعلم مداها إلا الله. مسافاتٌ ليست بالأمتار، بل بمئات الملايين من السنين الضوئية. سبحان الله والحمد لله تملآن هذه المسافات. إن هذا العطاء لا يقدر عليه إلا من يعطي بغير حساب.
3/ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ أَحَبُّ الْكَلاَمِ إِلَى اللَّهِ أَرْبَعٌ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلاَ إِلَهَ إِلاَ اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ لاَ يَضُرُّكَ بِأَيِّهِنَّ بَدَأْتَ وَلاَ تُسَمِّيَنَّ غُلاَمَكَ يَسَارًا وَلاَ رَبَاحًا وَلاَ نَجِيحًا وَلاَ أَفْلَحَ فَإِنَّكَ تَقُولُ أَثَمَّ هُوَ فَلاَ يَكُونُ فَيَقُولُ لاَ إِنَّمَا هُنَّ أَرْبَعٌ فَلاَ تَزِيدُنَّ عَلَيَّ ) .
4/ عَنْ أَنَسٍ _ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ : (مَا أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَى عَبْدٍ نِعْمَةً فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ إِلَّا كَانَ الَّذِي أَعْطَاهُ أَفْضَلَ مِمَّا أَخَذَ ).
5/ عَنْ عِمْرَانَ بن حُصَيْنٍ _ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ‘، قَالَ: ( إِنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ )وفي مسند أحمد عَنْ مُطَرِّفٍ قَالَ : قَالَ لِي عِمْرَانُ : ( إِنِّي لَأُحَدِّثُكَ بِالْحَدِيثِ الْيَوْمَ لِيَنْفَعَكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ بَعْدَ الْيَوْمِ اعْلَمْ أَنَّ خَيْرَ عِبَادِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ)
6/ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ _ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ : ( إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا ).
إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الواردة في فضل الحمد .
7/ الحمد لله أفضل الدعاء..
وسرّ ذلك أنها متضمنةٌ للثناء على الله - عز وجل -، روى الترمذي عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء الحمد لله))، قال الترمذي: حَسَنٌ غَرِيبٌ وقال الحاكم والذهبي والسيوطي: صحيح وقال الأرناؤوط والألباني وابن حجر في نتائج الأفكار: حسن
"لأن الدعاء عبارة عن ذكر الله، وأن تطلب من الحاجة، والحمد يشملهما، فإن الحامد لله إنما يحمده على نعمه، والحمد على النعم طلب المزيد، وهو رأس الشكر، قال - تعالى-: ( لئن شكرتم لأزيدنّكم).
وقال الطيبي: لعلّه جعل أفضل الدعاء من حيث إنه سؤال لطيف يدق مسلكه.
8/ بيت الحمد:
بيت الحمد استحقاق عن جدارة في مقام الصبر على فقدان الولد عند الصدمة الأولى، والحمد وإرجاع الأمور إلى الله برضا وتسليم، بيتٌ لا تقوم له كلّ بيوتات الدنيا، روى الترمذي عن أبي موسى - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: ((إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ)) ما ألذّ الجزاء، وما أحلى حلية بيت الحمد، فحقيق لمن فقد ثمرة فؤاده، ولم يعدّ ذلك مصيبة من كل وجه، بل مصيبةُ من وجه فاسترجع، ونعمةٌ من وجه فحمد الله، أن يقابل بالحمد في تسمية محله به، فيكون محموداً حتى في المكان الذي سمي به، بيت يليق بصبره على المصيبة العظيمة.
- مواطن الحمد في حياة المسلم :
الحمدُ مطلوبٌ من المسلم في كلِّ وقت وحين؛ إذ إنَّ العبد في كلِّ أوقاته متقلِّبٌ في نعمة الله، وهو - سبحانه - خالقُ الخلق ورازقهم، وأسبغ عليهم نعمَه ظاهرة وباطنة، دينية ودنيوية، ودفع عنهم النِّقم والمكاره، فليس بالعبادٍ من نعمة إلاّ وهو مولّيها، ولا يدفع الشرَّ عنهم سواه، فهو سبحانه يستحقّ منهم الحمد والثناء في كلِّ وقتٍ وحين، كما أنّه سبحانه يستحقُّ الحمدَ لكمال صفاته، ولِما له من الأسماء الحسنى والنعوت العظيمة التي لا تنبغي إلاّ له، فكلُّ اسم من أسمائه، وكلُّ صفةٍ من صفاته يستحقُّ عليها أكملَ الحمد والثناءِ، فكيف بجميع أسمائه الحسنى وصفاته العظيمة.
وكما أنَّ الحمدَ مطلوبٌ من المسلم في كلِّ وقتٍ، إلاَّ أنَّ هناك أوقاتاً معيّنةً وأحوالاً مخصوصةً تمرُّ بالعبد يكون فيها الحمدُ أكثرَ تأكيداً.
ومن هذه الأوقات والأحوال حمدُ الله في الخطبة وفي استفتاح الأمور، وفي الصلاة، وعقِب الطعام والشراب واللباس، وعند العطاس، ونحو ذلك من المواطن التي ورد في السنة تخصيصها بتأكّد الحمد فيها، ولعلّ من الحسن أن نقف مع بعض النصوص المشتملة على ذكر الأوقات والمواطن التي يتأكّد فيها الحمدُ ممّا وردت به سنّة النبي صلى الله عليه وسلم.
كما أن الحمد لله جل وعلا استغرق الخلق والأمر – حتى دخل أهلُ الجنةِ الجنة وأهلُ النارِ النار – كذلك المسلم يتقلب في الحمد من أول خلقه إلى آخر رمقه ثم إلى فضل الله u بختامه الخير في جنته 0فهذه بعض من مواطن الحمد في حياتنا اليومية.
عند الرزق بالولد الصالح
قال الخليل u { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ }[إبراهيم/39].
عند النجاة من الكافرين وأشباههم
قال u آمرًا نبيه نوح u { فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ فَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }[المؤمنون/28].
عند النعمة والفضل
قال u { وَلَقَدْ آَتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا وَقَالَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ }[النمل/15].
ويلهمه أهل الجنة عند الفوز الكبير برضوان الله u :
قال u{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (43)} [الأعراف/42، 43]، وقال u{إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (9) دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (10) }[يونس/9، 10]
ْ في الصلاة :
إن الصلاة - وإن كانت كلها حمد وشكر – إلا أنها تُفتتح بالحمد وتُختتم به ،كيف ذلك ؟
تأمل قول المصلي في أشهر صيغ الاستفتاح :
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ _ قَالَ :كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ :(سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ وَتَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ .
ثم يختم صلاته بقوله في الصلاة الإبراهيمية :
(اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ )
فيفتتح صلاته بحمد ربه وتمجيده ، ويختتم صلاته بمثل ذلك .
o في الدعوة إلى الله تعالى :
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ : (أَنَّ ضِمَادًا قَدِمَ مَكَّةَ وَكَانَ مِنْ أَزْدِ شَنُوءَةَ وَكَانَ يَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ فَسَمِعَ سُفَهَاءَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ يَقُولُونَ إِنَّ مُحَمَّدًا مَجْنُونٌ فَقَالَ لَوْ أَنِّي رَأَيْتُ هَذَا الرَّجُلَ لَعَلَّ اللَّهَ يَشْفِيهِ عَلَى يَدَيَّ قَالَ فَلَقِيَهُ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَرْقِي مِنْ هَذِهِ الرِّيحِ وَإِنَّ اللَّهَ يَشْفِي عَلَى يَدِي مَنْ شَاءَ فَهَلْ لَكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ قَالَ فَقَالَ أَعِدْ عَلَيَّ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ فَأَعَادَهُنَّ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ‘ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَالَ فَقَالَ لَقَدْ سَمِعْتُ قَوْلَ الْكَهَنَةِ وَقَوْلَ السَّحَرَةِ وَقَوْلَ الشُّعَرَاءِ فَمَا سَمِعْتُ مِثْلَ كَلِمَاتِكَ هَؤُلَاءِ وَلَقَدْ بَلَغْنَ نَاعُوسَ الْبَحْرِ قَالَ فَقَالَ هَاتِ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى الْإِسْلَامِ قَالَ فَبَايَعَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ وَعَلَى قَوْمِكَ قَالَ وَعَلَى قَوْمِي قَالَ فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ سَرِيَّةً فَمَرُّوا بِقَوْمِهِ فَقَالَ صَاحِبُ السَّرِيَّةِ لِلْجَيْشِ هَلْ أَصَبْتُمْ مِنْ هَؤُلَاءِ شَيْئًا فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ أَصَبْتُ مِنْهُمْ مِطْهَرَةً فَقَالَ رُدُّوهَا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمُ ضِمَادٍ).
o عند هداية ضـال
عَنْ أَنَسٍ t قَالَ : (كَانَ غُلَامٌ يَهُودِيٌّ يَخْدُمُ النَّبِيَّ ‘ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ النَّبِيُّ ‘ يَعُودُهُ فَقَعَدَ عِنْدَ رَأْسِهِ فَقَالَ لَهُ أَسْلِمْ فَنَظَرَ إِلَى أَبِيهِ وَهُوَ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ أَطِعْ أَبَا الْقَاسِمِ ‘ فَأَسْلَمَ فَخَرَجَ النَّبِيُّ ‘ وَهُوَ يَقُولُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْقَذَهُ مِنْ النَّارِ).
o عند التوفيق لإصابة الخير وتحريه
- قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ _ : (أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ بِإِيلِيَاءَ بِقَدَحَيْنِ مِنْ خَمْرٍ وَلَبَنٍ فَنَظَرَ إِلَيْهِمَا فَأَخَذَ اللَّبَنَ قَالَ جِبْرِيلُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَاكَ لِلْفِطْرَةِ لَوْ أَخَذْتَ الْخَمْرَ غَوَتْ أُمَّتُكَ ).
o في تلبية النسك:
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ ‘ :(لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ.
- عند الدعاء
عَنْ أَنَسٍ _ : (أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ‘ جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ فَقَالَ النَّبِيُّ ‘ لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى.
o عند القيام من الليل فجأة
عَنْ عُبَادَة بْنُ الصَّامِتِ _ ،عَنْ النَّبِيِّ ‘ قَالَ : ( مَنْ تَعَارَّ مِنْ اللَّيْلِ فَقَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي أَوْ دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ.
o عند الفراغ من الطعام والشراب
- عَنْ أَبِي أُمَامَةَ _ : (أَنَّ النَّبِيَّ ‘ كَانَ إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى عَنْهُ رَبَّنَا)وفي رواية (عَنْ أَبِي أُمَامَةَ :أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ وَقَالَ مَرَّةً إِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مَكْفُورٍ وَقَالَ مَرَّةً الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّنَا غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنًى رَبَّنَا).
o عند ركوب الدابة (وسائل النقل وما شابه)
- عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبِيعَةَ قَالَ : (شَهِدْتُ عَلِيًّا t وَأُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ بِسْمِ اللَّهِ فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قَالَ
{ سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ }
ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قَالَ سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ ثُمَّ ضَحِكَ فَقِيلَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ قَالَ رَأَيْتُ النَّبِيَّ ‘ فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ قَالَ إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي )
o عند لبس الثوب الجديد
عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ _ قَالَ : (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ إِمَّا قَمِيصًا أَوْ عِمَامَةً ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ.
o عند النوم ، وعند القيام من النوم

- عَنْ أَنَسٍ _ :أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‘ كَانَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ قَالَ : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَكَفَانَا وَآوَانَا فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ)
o عند العطاس :
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ _ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‘ : ( لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَنَفَخَ فِيهِ الرُّوحَ عَطَسَ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَحَمِدَ اللَّهَ بِإِذْنِهِ فَقَالَ لَهُ رَبُّهُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ يَا آدَمُ اذْهَبْ إِلَى أُولَئِكَ الْمَلَائِكَةِ إِلَى مَلَإٍ مِنْهُمْ جُلُوسٍ فَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ قَالُوا وَعَلَيْكَ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ..)الحديث
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t:عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‘ : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ وَأَمَّا التَّثَاؤُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الشَّيْطَانِ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِذَا قَالَ هَا ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ)

الحمد عند النزع:

حمد النزع حق الله لا يُقدّر بزمنٍ ولا بعمل، والعبد المؤمن ينضح الخير منه حتى في أواخر لحظات حياته، يحمد الله في كل حال، وعلى كل حال، سواء في السراء والضراء، فالخير يتمثّل فيه، وهو مستسلمٌ لأمر الله وقضائه، ولا يرى من مولاه إلا كل خير، ولا يفتر عن ذكره حتى في الرمق الأخير، في أشق الأهوال عند نزع روحه، ( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) (الحجر: 99)، ولم أجد حالاً أجمل من حال المؤمن الذي يبقى أشدّ تعلقاً بربه، يحمده حتى في مثل هذه الحالة.
روى أحمد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إِنَّ عَبْدِي الْمُؤْمِنَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ كُلِّ خَيْر، يَحْمَدُنِي وَأَنَا أَنْزِعُ نَفسَه مِن بَينِ جَنبَيهِ))
كان الجنيد يقرأ وقت خروج روحه، فقيل له: في هذا الوقت! قال: أبادر طي صحيفتي.. ما هذا الحب الفريد النادر لله، إن العبارات لتعجز عن تصوير هذه الحالة مهما كانت دقة المصوِّر.
وهكذا يظلّ العبد حامداً لله، ديمةً عند استيقاظه وعند منامه، في خلوته وفي جلوته، بعد إطفاء نار عطشه، وبعد سدّ جوعة بطنه، في حال سقمه أو بعد ما يأذن الله له بشفائه، عندما يواري عورته باللباس والزينة، أو يأوي إلى بيته وفراشه في كل شؤونه وتصريفاته إلى وقت نزع روحه من بين جنبيه، ثم هو حمدٌ لا يفتر في الجنة كما روى مسلم في صحيحه عن جابر - رضي الله عنه - ((.. يُلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس)) حمد لله على ذهاب الحزن والكروب، ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) (فاطر: 33-34). وحمدٌ على منة الهداية التي خولتهم دخول الجنة. (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ لَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ) (الأعراف:42-43) وإن أقصى ما يشغل أهل الجنة تسبيح الله أولاً وحمده آخراً، يتخللهما تحيات السلام، ( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ). (يونس: 10)

آثار الحمد في حياة المسلم

فللحمد آثار محمودة وخصال حميدة في حياة المسلم منها على سبيل المثال لا الحصر :
* آثار نفسية :-
- الرضا بالله عزوجل رباً خالقاً رازقاً ومنعماً .
- الرضا عن الله عز وجل بما خلق ورزق وأنعم.
- الرضا لله عزوجل باستخدام نعمه في مراضيه.
- مشاهدة آثار أسماء الله الحسنى وما تقضيه من عبادات.
- امتلأ القلب بمحبة الله عز وجل مسدي النعم .
- معرفة أصل النعم .
- معرفة معنى الاستخلاف والابتلاء بالنعم.
- استخراج عبادات القلب (الحب والتعظيم) ، و عبادات اللسان (الحمد والثناء والدعاء).
- راحة القلب من مصيبة التعلق بغير لله عز وجل.
- الطمأنينة .
- الأمن النفسي .
- عدم ازدراء نعم الله عز وجل .
- عدم التكبر بنعم الله عز وجل .
- معرفة نعمة الضراء والبلاء وما يستخرج به من العبادات.
- راحة البال والقلب من النظر إلى الخلق.
- استدامة النعم وتقيدها.
- استجلاب غيرها.
* آثار على المجتمع :-
- التحدث بنعم الله عز وجل .
- نسبة الفضل لله عز وجل مسدي النعمة مما يشع روح الرضا في المجتمع .
- التكافل بين أفراد المجتمع .
- التواضع بين يدي الله عزوجل بين خلقه لاسيما أصحاب الحاجات والمعوزين.
- جبر قلوب الفقراء بالبذل والإنفاق فإنه من لوازم حمده .
- انتفاء الحسد والبغضاء .
- عدم استكثار نعم الله عز وجل على خلق الله عز وجل .
- حفظ اللسان عن ذكر المثالب والمعايب.
- نشر محاسن الناس وفضائلهم ، لأن اللسان استدام ذكر الخير والحسنات.
- انتفاء الغل والغش من القلب ومحبة الخير للمسلمين.
- إشاعة الثناء والمدح بين الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللَّهَ ».
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
اسأل الله أن ينفع به كل من قرأه وأن يجعله خالصاً لوجهه الكريم وأن يغفر لنا التقصير والزلل . ... آمين
طريقتي في الرسالة : تفسير الآية حسب ما ورد فيها من أقوال و كتابة النظائر لها من الأيات في كتاب الله وفضائل الحمد ومواطن الحمد في حياتنا اليومية .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك

أحسنت أستاذة مضاوي، جعلك الله مباركة أينما كنت، وشكر الله لك هذا الجهد المبذول لا حُرمت أجره.
التقييم:
أولاً: الشمول (اشتمال التلخيص على مسائل الدرس) : 20 / 20
ثانياً: الترتيب (ترتيب المسائل ترتيبًا موضوعيًا) : 20 / 20
ثالثاً: التحرير العلمي (استيعاب الأقوال في المسألة وترتيبها وذكر أدلتها وعللها ومن قال بها) : 20 / 20
رابعاً: المواءمة ( مناسبة المسائل المذكورة للمخاطبين ) : 20 / 20
رابعاً: الصياغة (حسن صياغة المسائل وتجنب الأخطاء الإملائية واللغوية ومراعاة علامات الترقيم) : 10 /10
خامساً: العرض (حسن تنسيق التلخيص وتنظيمه وتلوينه) : 10 / 10
= 100 %
وفقك الله

رد مع اقتباس
  #37  
قديم 19 شعبان 1436هـ/6-06-2015م, 11:54 AM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

الحمدلله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
وجزاكم الله خيرا على بذلتموه معنا وجعلكم الله ذخرا للإسلام والمسلمين

رد مع اقتباس
  #38  
قديم 18 ربيع الأول 1437هـ/29-12-2015م, 07:24 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

حل واجب القسم الثاني من التفسير (تكملة سورة الحشر وسورة الممتحنة والصف )
أجب على الأسئلة التالية:
السؤال الأول: اذكر المعنى اللغوي للمفردات التالية:-
أ: شتّى. متفرقة غير متآلفة .مختلفة ظواهرهم وبواطنهم وآراءهم وأقوالهم.
ب: يثقفوكم. يجدوكم أو يلاقونكم
ج: زاغوا. مالوا وانحرفوا عن الحق.

السؤال الثاني: اذكر مع الترجيح الأقوال الواردة في تفسير قوله تعالى:-
أ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآَخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13)) الممتحنة.
(يئسوا من الآخرة كما ئس الكفار من أصحاب القبول ) قولان:
أي كما يئس الكفار لما عاينوا العذاب يوم القيامة يئسوا من الثواب.
وقيل : كما يئس الكفار من رجوع موتاهم وبعثهم فهم يكفرون بالبعث.

ب: سبب نزول سورة الصف.
ذكر عبدالله بن سلام رضي الله عنه أنه كان في نفر من الصحابة رضي الله عنهم يتذاكون أيهم يأتيرسول الله صلى الله عليه وسلم فيسأله أي الأعمال أحب إلى الله فلم يقم أحد منهم فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم رجلا فجمعهم وقرأ عليهم هذه السورة يعنى سورة الصف كلها.

وقال ابن عباس : إنه كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون : لوددنا أن الله عزوجل دلنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به ، فاخبر الله نبيه أن أحب الاعمال إيمان به لا شك فيه وجهاد أهل معصيته ، فلما نزل الجهاد كره ذلك ناس من المؤمنين وشق عليهم أمره فقال الله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا لما تقولون مالا تفعلون) اختاره ابن جرير

وقال الضحاك : نزلت توبيخا لقوم كانوا يقولون قتلنا وضربنا وطعنا وفعلنا ولم يكونوا فعلوا ذلك.

وقال ابن زيد: نزلت في قوم من المنافقين كانوا يعدون المسلمين النصر ولا يفون لهم بذلك.


السؤال الثالث:
أ: اذكر سبب قبول النبي صلى الله عليه وسلم عذر حاطب بن أبي بلتعة رضي الله عنه.
قبل عليه الصلاة والسلام عذر حاطب لأنه صدقه فيما اعتذر به وقال :لأنه قد شهد بدراً وما يدريك لعل الله اطلع إلى أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم)


ب: اذكر علّة تحريم موالاة أهل الكفر.
علة تحريم مولاة أهل الكفر لأنه كفروا بالحق وبدين الله ولانهم يعادون رسوله صلى الله عليه وسلم ودينه ويعادون المؤمنين أشد العداء ، ولو سنحت لهم فرصة لكالوا لهم العذاب .

ج: فيمن نزل قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ...(10)) الممتحنة.
نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط.

د: بيّن كيف تكون نصرة الله كما أمر في قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ...(14)) الصف.
تكون نصرته في جميع أحوالهم بأقوالهم وأفعالهم وأنفسهم وأموالهم ، والاستجابة لله ولرسوله ، وجهاد المعاندين ودعوة الضالين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وتعليم كتابه وسنة نبيه عليه الصلاة والسلام . ورد الشبهات بالحجج القاطعة.


السؤال الرابع: فسّر باختصار قوله تعالى:-
أ: (هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ
(22) هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (23) هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (24)) الحشر
...
في الآية التي تسبقها ختمها بدعوة للتفكر ثم بعدها أخبر الله تعالى عن نفسه بما يقرب من سبعة عشر أسم وكانه دعوة لنتفكر بهذه الأسماء ونعقلها فمن تدبرها وعقلها وصدق بها وامتلأ قلبه بمعانيها خشع قلبه وانكسر لربه .
فذكر إنه هو الله الواحد الاحد الذي لا إله إلا هو وكل إله سواه باطل لا يستحق الألوهيه إلا هو الذي وسع علمه كل شي المشاهدات والغائبات فلا يخفى عليه شيء ووصف نفسه بعموم رحمته التي وسعت كل شيء ثم ذكر عموم أولوهيته وملكه الشامل لجميع خلقه المنزه والمطهر من كل نقص سبحانه المؤمن المصدق لانبيائه ورسله الذي أمن خلقه من أن يظلمهم ، السالم من كل نقص في اسمائه وصفاته وافعاله المهيمن الشاهد على خلقه باعمالهم العزيز الذي له العزة الذي قهر كل شيء الذي لا يغالب ولا يمانع الجبار الذي جبر خلقه على مايشاء والذي يجبر الكسير من خلقه ويغني الفقير المتكبر الذي له الكبرياء والعظمة سبحانه سبحانه وتعالى وتقدس عما اشركوا معه وهو الخالق الذي قدر الخلق ثم برأهم وابرز ما قدره وقرره للوجود وصورهم على الصورة التي يريد فهو يقول كن فيكون على الصفة التي يريد الذي له الاسماء التي لا تحصى وكلها قد بلغت الكمال من حسنها لا نقص فيها بوجه من الوجوه الذي من عظمته وكماله أنه يسبحه وينزهه كل من في السموات والأرض ويحمدونه ويسألونه فهو الغنى وكل خلقه فقراء إليه، فهو العزيز الذي عزّ وقهر جميع خلقه فلا يغلب فقد خضع وذل له كل شيء ، الحكيم في تدبيره فما يكون أمر إلا لحكمة فهو يضع الامور في مواضعها سبحانه وتعالى وتقدس.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت


ب: (وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآَتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)) الممتحنة.


السؤال الخامس: استدلّ لما يلي مما درست.
أ: ضرورة محاسبة العبد لنفسه وتفقده لها.
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا إن الله خبير بما تعملون)

ب: النهي عن الاستغفار للمشركين ولو كانوا من أهل القرابة، وبيّن علّة النهي.
( إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرنّٓ لك ) لأن إبراهيم وعده بالاستغار له قبل أن يتبين له استمراره على الكفر فلما تبين له عدواته تبرأ منه قال تعالى :( وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لاوه حليم)

السؤال السادس: اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير قوله تعالى:-
أ: (كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ (16) فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (17)) الحشر.
فوائد:

- اتخاذ الشيطان عدو فهو يزين الباطل للإنسان حتى يقع فيه ثم يتبرأ منه.
- الإلتجاء إلى الله والاعتصام به من كيد الشيطان بكثرة الاستعاذة منه والمداومة على ذكر الله.
- الحذر من خطوات الشيطان واتباعها فإن مآلها للكفر والعياذ بالله .
- كثرة الاستعاذة من النار .


ب: (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (21)) الحشر.
-
- استشعار عظم هذاالقرآن وتعظيمة والتخشع عند تلاوته .
- أما آن لقلوبنا أن تلين وتخشع فالجبل القاسي لو انزل عليه القرآن لتصدع ، فما أقسى قلوبنا.
- من المعين بإذن الله على أن تلين القلوب وتخشع تدبر وتعقل الأمثال التي ضربها في القرآن.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت

عذرا نسيت فقرة ب من السؤال الرابع
لقد حللت الواجب قبل الاطلاع على تصح
المجلس في المنتدى .

رد مع اقتباس
  #39  
قديم 6 ربيع الثاني 1437هـ/16-01-2016م, 09:28 AM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

حل واجب ( سورة الجمعة والمنافقون والتغابن)

أجب على الأسئلة التالية:
السؤال الأول: اذكر المعنى اللغوي للمفردات التالية
:-
أ: يزكيهم. يطهرهم
ب: الفاسقين. الخارجين عن طاعة الله
ج: يؤفكون. يصرفون

السؤال الثاني: استخلص المسائل ولخّص أقوال المفسّرين في تفسير قوله تعالى:
أ: (هو الّذي بعث في الأمّيّين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكّيهم ويعلّمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلالٍ مبينٍ (2)) الجمعة.

ج: المسائل:
~ معنى الأمي.
الأمي في الأصل الذي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب.
~المراد بالأميين
في المسألة قولين:
•العرب لأنهم ليسوا أهل كتاب.ذكره ابن كثير والأشقر
•الذين لا كتاب عندهم، ولا أثر رسالة من العرب وغيرهم ، ممن ليسوا من أهل الكتاب.ذكره السعدي
~سبب تسمية العرب بالأميين
لأن غالب العرب لا يقرؤون ولا يكتبون وليس لهم كتاب .
~ عموم رسالته عليه الصلاة والسلام
عموم رسالته للخلق أجمعين فلا يعني تخصيص الأميين بالذكر نفي غيرهم من البشر ، بل دعوته للناس كافة .(قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا)
~ السبب بأنه خص الأميين بالذكر
لأن منته عليهم أعظم من منته على غيرهم لأنهم كانوا في ضلال مبين فهداهم واجتباهم على سائر الأمم بأن اصطفاهم لهذه الرسالة الخاتمة.

~ هذه الآية مصداق إجابة دعوة الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام
•ماهي دعوة الخليل عليه الصلاة والسلام
دعا صلى الله عليه وسلم لأهل مكة عندما رفع قواعد البيت أن يبعث فيهم رسولا منهم (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)
•حال العرب قبل البعثة
كان العرب قبل البعثة في ضلال مبين يعبدون الأصنام والاشجار وفي غاية الجهل والضلال بعد أن كانوا على ملة إبراهيم عليه السلام فبدلوا وحرفوا واصبحوا في جاهلية وبدلوا التوحيد بالشرك إلى أن بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه .
•منّته سبحانة على الأميين
•بعث فيهم محمد صلى الله عليه وسلم بشرع عظيم كامل وشامل لجميع الخلق فيه كل ما يحتاجونه في دينهم ودنياهم فدعاهم لكل ما يقربهم الى الجنة ونهاهم عن كل ما يقربهم الى النار.
~ المراد بالرسول
هو محمد صلى الله عليه وسلم
~ دلالة لفظ( منهم)
أي : من بينهم يعرفون نسبه وأوصافه وأخلاقه وصدقه وأمانته.
~ معنى الآيات
أي الدلائل القاطعة الموجبة للإيمان واليقين.
~ المراد بالآيات
القرآن.
~ القرآن معجزة النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه .
يتلوا عليهم القرآن مع كونه أمياً لا يقرأ ولا يكتب ، ولا تعلم ذلك من أحد.
~ معنى يزكيهم
قيل: يطهرهم من دنس الكفر والذنوب وسيء الأخلاق بأن يفصل لهم الاخلاق الفاضلة ويحقهم عليها ويزجرهم عن الرذيلة.
وقيل: يجعلهم أزكياء القلوب بالإيمان.
~ معنى الكتاب والحكمة
قيل: الكتاب :القرآن ، والحكمة : السنة.السعدي والاشقر
وقيل : الكتاب : الخط بالقلم ، والحكمة :الفقه بالدين . قاله مالك بن أنس ، ذكره الأشقر.
~ معنى ضلال
أي في شرك وذهاب عن الحق .
~ حالهم بعد البعثة
اصبحوا بعد هذا التعليم والتزكية من أعلم الخلق بدين الله وأخشاهم لله وأورعهم وكانوا أئمة يقتدى بهم فقد كانوا أحسنهم أخلاقا وهديا وسمتا اهتدوا وهدوا غيرهم ونشروا دينهم .


السؤال الثالث:
2: ما المراد بالسعي للصلاة في يوم الجمعة؟

ليس المقصود بالسعي المشي وإنما هو المبادرة و الاهتمام والاستعداد


3: اذكر مرجع اسم الإشارة في قوله تعالى: (ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (4)) الجمعة.
ما اختص الله به النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وفضل به أمته.

4: بيّن ما يفيده مجيء قوله تعالى: {واللّه يعلم إنّك لرسوله} في الآية الأولى من سورة المافقون.
لانهم اذا حضروا عند رسول الله عليه الصلاة والسلام اخبروه باسلامهم وانهم يشهدون له بالرسالة وهم يبطنون خلاف ذلك فهم ليس كما يقولون ولهذا اعترض بهذه الجملة
{واللّه يعلم إنّك لرسوله}مخبرة أنه رسول الله فلا حاجة لشهادتهم في تأييد رسوله.

5: ما المراد بيوم التغابن؟ ولم سمّي بذلك؟
المراد به : يوم القيامة
قال ابن عباس : اسم من أسماء يوم القيامة وذلك لانأهل الجنة يغبنون أهل النار.
سمي بذلك لانه يظهر فيه التغابن والتفاوت بين الخلائق
يوم يغبن المؤمنون الكفار
قال مقاتل: لا غبن أعظم من إن يدخل هؤلاء الجنة ويذهب بأولئك إلى النار.


السؤال الرابع: استدل لما يلي وبيّن وجه الاستدلال:-
أ: عموم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم.

( وآخرين لم يلحقوا بهم )

ب: وجوب العمل بالعلم.
( مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل اسفارا ..)


ج: بطلان ادعاء اليهود أنهم أولياء لله من دون الناس.
آية مباهلتهم :( يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين* ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين)

السؤال الخامس: :-
أ: اكتب رسالة في حوالي عشرة أسطر تبيّن فيها خطر النفاق على الأمة مستفيدا من دراستك لتفسير سورة المنافقون.

المنافقون لا يخلوا منهم عصر من العصور فهم منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وهم متواجدون وبكثرة وأوصافهم وأحوالهم لم تتغير ولن تتبدل منذ ذلك الزمان لذلك الله وصفهم لرسوله ولامته ليحذرهم العبد وليحذر على نفسه من النفاق ، فهم معول هدم في الأمة وسوس ينخر بها عليهم جلود الضأن وقلوب الذئاب يدعون الأصلاح ونفع الأمة على مرّ السنون والاعوام وهم يهدمون بنيانها ويخلخلون أركانها بآراجيفهم وإدعائتهم ( هم العدو فاحذرهم) وبين لنا صفاتهم في كتابه العزيز بآيات متفرقات وخصص سورة باسمهم وسورة فضحتهم بأن ذكر أفعالهم وأوصافهم وخلجات قلوبهم. فعلى الأمة الحذر منهم.

السؤال السادس: اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير قوله تعالى:-
أ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (11) وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاَغُ الْمُبِينُ (12) اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (13)} التغابن.
الفوائد :
1- إيمان العبد بأن كل ما يقع هو بقضاء الله وقدره وأنه قد جرى به القلم لا يبدل .
2- من آمن بأن ما يجري عليه من أقدار قد كتبت وجفت الصحف فلا يسعه إلا التعبد بالرضى في ذلك المقام .
3- اليقين ( بإن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطأك)
4- الطمأنينة والإنشراح لأن كل الأقدار من الله البر الرحيم والحكيم العليم ، فما من قضاء إلا بحكمة وبعلم منه سبحانه تقارنها رحمة وألطاف من اللطيف الرحيم.
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت

رد مع اقتباس
  #40  
قديم 8 ربيع الثاني 1437هـ/18-01-2016م, 09:05 AM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

مجلس مذاكرة تفسير سورتي: الطلاق والتحريم.


أجب على الأسئلة التالية:
السؤال الأول: اذكر المعنى اللغوي للمفردات التالية:-
أ: وُجْدِكم
. طاقتكم وسعتكم
ب: قانتات. مطيعات لله قائمات بأوامر الله
ج: سائحات. صائمات.قاله ابن عباس وعكرمة ومجاهد لحديث( سياحة أمتي الصيام )، مهاجرات . قاله: زيد بن أسلم لقوله( سائحون) اي : مهاجرون . ذكره الن كثير

السؤال الثاني: استخلص المسائل ولخّص أقوال المفسّرين في تفسير قوله تعالى:-
أ: {يا أيّها النّبيّ إذا طلّقتم النّساء فطلّقوهنّ لعدّتهنّ وأحصوا العدّة واتّقوا اللّه ربّكم لا تخرجوهنّ من بيوتهنّ ولا يخرجن إلّا أن يأتين بفاحشةٍ مبيّنةٍ وتلك حدود اللّه ومن يتعدّ حدود اللّه فقد ظلم نفسه لا تدري لعلّ اللّه يحدث بعد ذلك أمرًا (1) } الطلاق.

التلخيص:
~سبب نزول الآية:
عن أنَس قال:
" طلّق رسول الله حفصة فأتت أهلها فأنزل الله تعالى: { يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ } فقيل له: راجعها، فإنها صوّامة قوامة، وهي من أزواجك ونسائك في الجنة "
~المخاطب في الآية
الخطاب أولاً للنبي صلى الله عليه وسلم تشريفا وتكريما ثم لأمته تبعاً له.
~معنى ( إذا طلقتم النساء)
أي: إذا أردتم تطليقهن .
~المقصود بقوله فطلقوهن.
فاتبعوا في طلاقهن الأمر المشروع ولا تبادروا بالطلاق من حين وجود سببه دون الرجوع للشرع أولاً بكيفية إيقاع الطلاق.
~ معنى لعدتهن.
مستقبلات لعدتهن أو في قبل عدتهن.
والعدة : الطهر .قاله عكرمة ذكره ابن كثير
~المراد من قوله لعدتهن.
أي الطهر من غير جماع.وروى البخاري
" أن عبد الله بن عمر طلق امرأة له وهي حائض، فذكر عمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فتغيظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: " ليراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر، فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهراً قبل أن يمسها، فتلك العدة التي أمر بها الله عزَّ وجلَّ "
~الحكمة من طلاقها لعدتها.
/تكون العدة فيه واضحة بينة .
/ لو طلقها وهي حائض فإنها لاتحتسب تلك الحيضة ، فتطول عليهاالعدة.
/ وإذا طلقها في طهر جامعها فيه فقد تكون حامل فلا يتبين بأي عدة تعتد.

~أحكام الطلاق
-طلاق سنة: وهو أن يطلقها :
/في طهر لم يجامعها فيه.
/أو تكون حامل قد استبان حملها.
-طلاق بدعة :
/أن يطلقها وهي حائض،
/أو في طهر جامعها فيه.
-طلاق لاسنة ولا بدعة: وهو طلاق الصغيرة والآيسة وغير المدخول بها.
~المخاطب في قوله ( واحصوا العدة)
الخطاب يتوجه للزوج ، وللمرأة إن كانت مكلفة وإلا فلوليها.
~ معنى إحصاء العدة.
ضبطها وحفظها ومعرفة بدايتها وانتهاؤها .
~ مدة العدة
ثلاث قروء لمن تحيض .
وبالأشهر لمن لم تكن تحيض وليست حامل.
الحامل بوضع حملها.
~ فائدة إحصاء العدة.
في إحصائها
/آداء لحق الله الذي أمر به.
/ وآداء لحق الزوج المطلِق فما زالت في عصمته حتى تنتهي العدة.
/ آداء حق من سيتزوجها بعد ، فلا يجوز زواجها إلا بعد انتهاء العدة والتيقن من ذلك .
/ وحقها في النفقة مدة العدة.
/ ولئلا تطول مدة العدة على المرأة فتمتنع من الأزواج.
فبضبط العدة وحفظها تضبط هذه الحقوق وتؤدى كما ينبغي.
~ متعلق التقوى في قوله:( واتقوا الله ربكم)
تقواه في جميع ما أمركم به ، وتقواه في حق الزوجات المطلقات وعدم مضارتهن.
~ متى ينهى عن إخراج المرأة من البيت؟.
مدة العدة.
~ المراد ببيوتهن.
أي البيوت اللاتي كنّ فيها عند الطلاق وهي غالبا بيوت الازواج.
~ سبب اضافة البيوت للنساء في قوله( من بيوتهن)
ليبين للازواج كمال استحقاقهن للسكنى فترة العدة.
~ سبب النهي عن إخراجهن.
لأن المسكن يجب على الزوج للزوجه لتكمل عدتها فيه لان العدة حق من حقوق الزوج.
وكذلك الإسكان فيه جبر لخاطرها، ورفق بها.
~ سبب النهي عن خروجها
لأن في خروجها اضاعة لحق الزوج وعدم صونه.
~ مدة النهي عن الإخراج والخروج
مدة العدة.
~ المخصوصة بالسكنى
هي الرجعية أما البائنة فلا سكنى لها ولا نفقة. وكذلك المتوفى عنها زوجها لحديث أم قيس . قال بعض السلف واعتمدوا أيضاً على حديث (فاطمة بنت قيس)
" حين طلقها زوجها (أبو عمرو بن حفص) آخر ثلاث تطليقات، وكان غائباً عنها باليمن، فأرسل إليها بذلك، فأرسل إليها وكيله بشعير يعني نفقة فتسخطته، فقال: والله ليس لك علينا نفقة، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " ليس لكِ عليه نفقة " "
، ولمسلم: " ولا سكنى " ، وأمرها أن تعتد في بيت أُم شريك، ثم قال:
" تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند ابن أم مكتوم فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك " ذكره ابن كثير

~المستثنى من النهي عن إخراجها
يستثنى من النهي أتيانها بفاحشة مبينة.
~المقصود بالفاحشة المبينة.
تشمل :
/الزنا.
/نشوز الزوجة
/تأذي أهل بيته منها بلسانها أو فعلها.
~ مرجع اسم الإشارة (تلك)
يرجع إلى الأحكام التي شرعها وبينها وحدها لهم.

~ المقصود بالحدود
شرائعه ومحارمه.

~ كيفية تعدي حدوده
أي لم يقف معها
بأن يتجاوزها ويخرج عنها إلى غيرها ولا يأتمر بها، أو يقصر عنها .

~ معنى ظلمه نفسه
بخسها حقها وأضاعة نصيبه من الانقياد لحدود الله وأوردها موارد الهلاك.

~ مصلحة الاعتداد في بيت الزوج
عدة مصالح وحكم:
/لعل الزوج يندم على طلاقها ويخلق الله في قلبه رجعتها.
/ ولعل سبب الطلاق يزول مدة العدة فيراجعها.
/مدة التربص لتأكد من براءة رحمها من زوجها.
~ المراد بالأمر
الرجعة ،عن فاطمة بنت قيس في قوله تعالى: { لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } قالت: هي الرجعة. ذكره ابن كثير


السؤال الثالث: اذكر الأقوال الواردة مع الترجيح في:
1: عدة الحامل المتوفى عنها زوجها.

عدة الحامل المتوفي عنها زوجها
الأقوال في المسألة:
1- أبعد الأجلين وهو( أربعة أشهر عشرا ) لقوله تعالى:(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا ..) الآية
قال به علي وابن عباس رضي الله عنهم ذكره ابن كثير
2- عدتها أن تضع حملها لقوله تعالى:(وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ) قال به أبو هريرة وابن مسعود وأبو سلمة
عنأبي سلمة قال:" جاء رجُل إلى ابن عباس - وأبو هريرة جالس - فقال: أفتني في امرأة ولدت بعد زوجها بأربعين ليلة، فقال ابن عباس: آخر الأجلين، قلت: أنا { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } ، قال أبو هريرة: أنا مع ابن أخي - يعني أبا سلمة - فأرسل ابن عباس غلامه كريباً إلى أُم سلمة يسألها، فقالت: قُتِل زوج (سبيعة الأسلمية) وهي حبلى، فوضعت بعد موته بأربعين ليلة، فخطِبتْ فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أبو السنابل فيمن خطبها "ذكره ابن كثير
الترجيح:
القول الثاني لحديث سبيعية الاسلمية
وروى البخاري ومسلم:
" أن سبيعة كانت تحت (سعد بن خولة) وكان ممن شهدا بدراً، فتوفي عنها في حجة الوداع وهي حامل، فلم تنشب أن وضعت حملها بعد وفاته، فلما تعلّت من نفاسها تجملت للخطّاب، فدخل عليها أبو السنابل بن بعكك فقال لها: ما لي أراك متجملة؟ لعلك ترجين النكاح! إنك والله ما أنت بناكح حتى تمر عليك أربعة أشهر وعشر، قالت سبيعة: فلما قال لي ذلك، جمعت عليَّ ثيابي حين أمسيت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فأفتاني بأني قد حللت حين وضعت حملي وأمرني بالتزويج إن بدا لي "

وحديث ابن مسعود
عن مسروق قال: بلغ ابن مسعود أن علياً رضي الله عنه يقول آخر الأجلين، فقال: من شاء لاعنته إن التي في النساء القصرى نزلت بعد البقرة { وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ } .


2: المقصود بمن يُنفق عليهن في قوله تعالى: {وإن كنّ أولات حملٍ فأنفقوا عليهنّ حتّى يضعن حملهنّ}.
االاقوال في ذلك

1- الحامل البائنة لأن الرجعية النفقة عليها واجبة سواء كانت بائن أو رجعية. ذكره ابن كثير
2- قيل : الآيات كلها في الرجعيات وإنما نص على الحامل لأنه قد تطول مدة حملها فيظن أنه فقط ينفق عليها مدة عدتها .فاحتيج لبيان ذلك والنص عليه .ذكره ابن كثير
3- للحامل البائنة والرجعية فإن كانت حامل فالنفقة لحملها وإن كانت رجعية فلها ولحملها .قاله ابن سعدي
الترجيح:
القول الثالث لأنه جمع بين القولين الأولين .


3: سبب نزول سورة التحريم.
اختلف في سبب نزول صدرها
/ قيل:فقيل: نزلت في شأن (مارية) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حرمها فنزل قوله تعالى: { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَآ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَ } الآية قيل بسبب أن عائشة وحفصة لم تزلا به حتى حرمها على نفسه ، وقيل أنه أصابها في بيت أحد نسائه ، فعاتبته على ذلك فحرمها على نفسه.وأمرها الا تخبر أحد فأخبرت عائشة به.ذكره ابن كثير والسعدي
/ وقيل: نزلت في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم .ذكره ابن كثير وقال :هذا قول غريب.
/ وقيل: في تحريمه العسل،
عن عائشة قالت:
" كان النبي صلى الله عليه وسلم يشرب عسلاً عند (زينب بنت جحش) ويمكث عندها، فتواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير؟ إني أجد منك ريح مغافير، قال: " لا ولكني كنت أشرب عسلاً عند زينب بنت جحش، فلن أعود له، وقد حلفت لا تخبري بذلك أحداً "
ذكره ابن كثير والاشقر والسعدي
الترجيح
القول الأخير فقد قال البخاري والصحيح أن ذلك كان في تحريمه العسل.

4: تفسير قوله تعالى: {إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا.. (4)} التحريم.
الأقوال
-مالت وانحرفت عن الورع في التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم واحترامه وان لا يشققن عليه.ذكره السعدي

-مالت عن الحق وهو أنهما أحبتا ما كره الرسول صلى الله عليه وسلم وهو إفشاء الحديث.ذكره الأشقر.

-مالت قلوبكما إلى التوبة .ذكره الأشقر

الراجح
والله أعلم القول الأول لأنه موافق لسبب النزول في أنهما تظاهرتا عليه .

السؤال الرابع: استدل لما يلي وبيّن وجه الاستدلال:-
أ: وجوب تعظيم جناب النبي صلى الله عليه وسلم واحترامه.

قال تعالى:(إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ۖ وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلَاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ ۖ وَالْمَلَائِكَةُ بَعْدَ ذَٰلِكَ ظَهِيرٌ )
وجه الدلالة:
أن الله عاتب أمهات المؤمنين عائشة وحفصة رضي الله عنهما وعرض عليهما التوبة لانهما مالت قلوبهما عن الورع والتأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا عتاب لهن وهن من هن رضي الله عنهما وطلب منهن التوبة فهذا دليل على وجوب تعظيم جناب الرسول صلى الله عليه وسلم واحترامه ولو من أقرب الناس وهن أزواجه.

ب: نساء النبي صلى الله عليه وسلم خير النساء وأكملهن.
قوله تعالى:(عَسَىٰ رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبْدِلَهُ أَزْوَاجًا خَيْرًا مِّنكُنَّ مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا)
وجه الدلالة: أنه لما سمعن رضي الله عنهن ما أدبهن الله به سارعن لرضا الرسول صلى الله عليه وسلم فاصبحت هذا الوصوفات تنطبق عليهن فكن بذلك خير النساء وأكملهن.

ج: حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)
قال تعالى:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)
وجه الدلالة:
أن الله أمر بوقاية النفس والأهل من النار وهذه الوقاية تكون بتعليمهم وتأديبهم وهذا يدل على أن مسؤولية الوقاية من النار على الوالدين.

السؤال الخامس: :-
أ: هل تجب الأجرة على الزوج مقابل إرضاع الزوجة لولدهما؟

ج: نعم إذا هي طلبت ذلك ولكن بعد إرضاعه باللبأ وهي باكورة اللبن الذي لا قوام للطفل الا به. فلها أن تتعاقد مع الأب أو الولي على ما يتفقان عليه من الاجرة.


ب: اذكر الحكمة من قوله تعالى في سورة الطلاق: {وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُم بِمَعْرُوفٍ}.
الأتمار بالمعروف هو ان يحث كل منهما الآخر على مافيه مصلحة وخير وفي هذا الأتمار تعاون على الخير والمعروف وبتركه والغفلة عنه يحصل مافيه ضرر وشر لأنه في الغالب عند الطلاق يحصل تنازع مع بغض ففي الأتمار بالمعروف تعاون على الخير وابعادا للشر .

ج: ما حكم من حرّم جاريته أو زوجته أو طعامًا أو شرابًا أو ملبسًا أو شيئًا من المباحات؟
عليه كفارة اليمين وهي إطعام عشرة مساكين من أوسط ما يطعمون أهليهم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاث أيام. مذهب الامام أحمد
أما الشافعي فقال: لا تجب الكفارة إلا في تحريم الزوجة أو الجارية اذا حرم عينيهما إما إذا نوى الطلاق نفذ .

د: ما المقصود بالتوبة النصوح؟
قيل فيها عدة أقوال متقاربة ملخصها: هي التوبة الخالصة الصادقة الشاملة لجميع الذنوب والتي يقلع فيها عن الذنب ويستغفر منه ويندم على معصيته ويعزم ألا يعود إليه .وإن كان الذنب حق لمسلم زاد على ذلك برد حقه إليه.

ه: بيّن كيف تكون مجاهدة الكافرين والمنافقين.
جهاد الكفار يكون ب:
/ إقامة الحجة عليهم.
/ودعوتهم بالموعظة الحسنة
/إبطال ماهم عليه من الضلال
/ وجهادهم بالسلاح والتغليظ عليهم
وجهاد المنافقين بإقامة الحدود عليهم وكذلك موعظتهم بالحسنى .

السؤال السادس: اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من دراستك لتفسير قوله تعالى:-
أ: ({ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَقِيلَ ادْخُلاَ النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ (10) وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ (12)} التحريم.

الفوائد:
~ من فوائد ضرب الأمثال في القرآن الاعتبار بما قص الله علينا وضربه لنا مثلا.
~إن العبد المؤمن قد يبتلي بالزوجه أو القريب العاصي أو الفاسق فليعامله ويدعوه بالحسنى
~أن المؤمن لا تضره معصية قريبه إذا كان قام بواجب دعوته ونصحه.
~أن العاصي والكافر لا تنفعه هداية قريبه ولو كان أبيه أو زوجه.
~علو أمنيات الصالحين فامرأة فرعون لم تطلب الجنة فقط بل القرب من الرحمن.
~الدعاء من أقوى اسلحة العبد المؤمن .
~ من صفات سيدات الجنة العفة والنزاهه.
~ العلم ليس خاص بالرجال فالمرأة كالرجل في طلب العلم والتعلم والتعليم.
~ العلم النافع يورث العمل الجاد.
~ العلم الشرعي يورث الخشية ودوام الطاعة .
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت

رد مع اقتباس
  #41  
قديم 10 ربيع الثاني 1437هـ/20-01-2016م, 11:41 PM
مضاوي الهطلاني مضاوي الهطلاني غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - الامتياز
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 864
افتراضي

حل واجب المجلس الثامن
مسائل سورة التغابن من آية14-18
المسائل

قوله تعالى:( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
-سبب نزول الآية ك ش
-معنى العدو. س
-معنى عداوة الأزواج والأبناء. ك س ش
-لماذا خص الأزواج والأبناء.س
-مرجع ضمير الغائب في ( فاحذروهم). ش
-متعلق فاحذروهم. ك
-المقصود من الآية. س
-متعلق العفو. ش
-معنى الصفح. ش
-سبب الأمر بالصفح عنهم . س
-معنى الغفران. ش
-متعلق غفور رحيم. ش
-دلالة قوله:( وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) س

قال تعالى:( إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )
-معنى الفتنة. ك ش
-سبب كونهم فتنة. ش
-الحكمة من هذا الابتلاء. ك
-زمن الظرف (عنده).
-المستحق لثواب الله العظيم. ش

قال تعالى:(فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ )
-النسخ في الآية .
-معنى الأمربالتقوى في الآية. س
-بما قيد التقوى؟س
-معنى الاستطاعة. ك ش
-دلالة قوله تعالى:{ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } س
-متعلق السمع. س ش
-متعلق الطاعة. س ش
-متعلق الإنفاق. ك س ش
-المراد بقوله ( اسمعوا واطيعوا) ك
-ثمرة السمع والطاعة. س
-ثمرة الإنفاق. ك
-الأمور التي تمنع الإنفاق. س
-مرجع الضمير في (يُوق).ش
-معنى الشح . ش
-المراد بمن يوق شح نفسه . س
-سبب فلاحهم. س

قوله تعالى:( إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ)
-الترغيب بالنفقه. س
-معنى الإقراض.ش
-معنى القرض الحسن. ك س ش
-مقدار المضاعفة. ش
-جزاء القرض الحسن . س
-ما يضاف مع المضاعفة. ك ش
- معنى الآية. ك
-معنى الشكور. ك س ش
-معنى الحليم. ك س ش

قال تعالى:(عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ )
-معنى عالم الغيب والشهادة . س
-معنى العزيز. س
معنى الحكيم. س
-متعلق الحكمة .س
~~ ~~~ ~~~
خلاصة أقوال المفسرين في كل مسألة
المسائل
قوله تعالى:( يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
-سبب نزول الآية .
سبب نزول هذه الآية : أن رجالاً من أهل مكة أسلموا فأرادوا الهجرة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعوهم أزواجهم وأولادهم ، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأوا الناس قد فقهوا وفهموا الدين ، فهموا أن يعاقبوهم فأنزل الله هذه الآية(وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
-معنى عدو.
العدو هو الذي يريد لك الشر.
-معنى عداوة الأزواج والأبناء.
يشغلون ويلهون العبد عن العمل الصالح أو يوقعونه بالمعصية.
قال مجاهد: يحمل الرجل على قطيعة الرحم، أو معصية ربه، فلا يستطيع الرجل مع حبه إلا أن يطيعه،
-لماذا خص الأزواج والأبناء.
لان النفس مجبوله على حب الابناء والازواج محبة قد تؤدي بالعبد إلى يقدم رضاهم على رضا الله بأن يقصر في أمور الشرع من أجلهم أو يقع في المعصية ارضاءا لهم في بعض طلباتهم.
كقوله تعالى:{*لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ*}
وكما قال : ( زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب )
والتي بعدها [ آل عمران : 14 ، 15 ]

-مرجع ضمير الغائب في ( فاحذروهم).
أي احذروا الازواج والابناء.
-متعلق فاحذروهم.
قال ابن زيد: يعني على دينكم.
أي أن يؤثروا حبهم لهم وشفقتهم عليهم على طاعة الله ، ويجعلهم حبهم لهم ورغبتهم في الخير لهم أنيميلوا لهم رزقاً بمعصية الله.
-المقصود من الآية.
المقصود تحذير المؤمنين من الاغترار بالازواج والابناء فإن بعضهم عدو .فعليه الحذر منهم لان النفس مجبوله على محبتهم وقد يقدم رضاهم على رضا الله، كما أنه من مقاصد الاية ترغيبهم بامتثال أوامر الله وتقديم مرضاته وما أعد لهم من الأجر العظيم وأن يؤثروا الآخرة الباقية على الدنيا الفانية.
-متعلق العفو.
تعفوا عن ذنوبهم التي ارتكبوها بحقكم.
-معنى الصفح.
بأن تتركوا التثريب عليهم وعتابهم.
-سبب الأمر بالصفح عنهم .
لما نهي عن طاعة الازواج والابناء وحذر منهم وحذر منهم فهذا قد يوهم الغلظة عليهم فأمر بالصفح عنهم والعفو.لما في ذلك من المصالح التي لا يمكن حصرها والتي اعظمها مغفرة الله لهم.
وقيل: كان الرجل الذي ثبطه أزواجه وأولاده عن الهجرة إذا رأى الناس سبقوه إليها وفقهوا في الدين همّ أن يعاقب أزواجه وأولاده.

-معنى الغفران.
ستر ذنوبهم.وما أخطأوا في حقه.
-متعلق غفور ورحيم.
غفور رحيم لكم ولهم .
-دلالة قوله:( وَإِن تَعْفُواْ وَتَصْفَحُواْ وَتَغْفِرُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)
أن الجزاء من جنس العمل ، فمن عفا عفا الله عنه ومن صفح صفح الله عنه ومن عامل الناس بما يحبون وينفعهم نال محبة الله ومحبة عباده.

قال تعالى:( إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ )
-معنى الفتنة.
ابتلاء واختبار من الله .
-سبب كونهم فتنة.
لأنهم يحملونهم على تضييع حق الله وتقديم حقهم على حقه وكذلك الكسب الحرام.
روي
" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب، فجاء الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه، ثم قال: " صدق الله ورسوله { إِنَّمَآ أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلاَدُكُمْ فِتْنَةٌ } نظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران، فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما " ذكره ابن كثير
الأشعث بن قيس قال : قدمت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في وفد كندة فقال لي : " هل لك من ولد ؟ " قلت : غلام ولد لي في مخرجي إليك من ابنة جمد ، ولوددت أن بمكانه شبع القوم . قال : " لا تقولن ذلك ، فإن فيهم قرة عين ، وأجرا إذا قبضوا " ، ثم قال : " ولئن قلت ذاك : إنهم لمجبنة محزنة "تفرد به أحمد رحمه الله تعالى . ذكره ابن كثير

-الحكمة من هذا الابتلاء.
ليعلم الله من المطيع له ومن العاصي .
-زمن الظرف (عنده).
أي يوم القيامة.
-المستحق لثواب الله العظيم.
هو من آثر طاعة الله وترك معصيته على محبة الابناء والازواج.

قال تعالى:(فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ وَٱسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ وَأَنْفِقُواْ خَيْراً لأَنفُسِكُمْ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ )
-النسخ في الآية .
هذه الآية ناسخة للتي في آل عمران وهي قوله تعالى:
{*يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ*}
[آل عمران: 102]، عن سعيد بن جبير في قوله:
{*ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ*}[آل عمران: 102]، قال: لما نزلت هذه الآية اشتد على القوم العمل، فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم، فأنزل الله تعالى هذه الآية تخفيفاً على المسلمين { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ } فنسخت الآية الأولى. ذكره ابن كثير

-معنى الأمربالتقوى في الآية.
أي امتثال أوامره واجتناب نواهيه .
-بما قيد التقوى.؟
قيد ذلك بالاستطاعة والقدرة.
-معنى الاستطاعة.
طاقتكم وجهدكم ففي الصحيحين:
" إذا أمرتكم بأمر فائتوا منه ما استطعتم وما نهيتكم عنه فاجتنبوه "
-دلالة قوله تعالى:{ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ }
تدل على أن كل واجب يعجز عنه العبد يسقط عنه ، وإذا قدر على بعضه يأتي بما قدر عليه ويسقط عنه ما عجز عنه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم " ثم قال السعدي رحمه الله: ويدخل تحت هذه القاعدة الشرعية من الفروع ملا يدخل تحت الحصر.
-متعلق السمع.
ما يأمر الله به ويشرعه لعباده من الاحكام . خلاصة كلام السعدي و الاشقر
-متعلق الطاعة. س ش
طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم .

-المراد بقوله ( اسمعوا واطيعوا) ك
أي كونوا منقادين لما يأمركم الله به ورسوله، ولا تحيدوا عنه يمنة ولا يسرة.
-ثمرة السمع والطاعة والإنفاق . ك س
يكن خير له في الدنيا والآخرة فالخير كله باتباع الأوامر الشرعية واجتناب النواهي. خلاصة كلام ابن كثير والسعدي

-معنى انفقوا.
أي ابذلوا مما رزقكم الله.

-متعلق الإنفاق. ك س ش
الأنفاق على الأقارب والفقراء والمساكين النفقات الشرعية الواجبة والمستحبة .

-مرجع الضمير في (يُوق).ش
الله هو الذي يقي العبد شح نفسه
-معنى الشح . س ش
الشح هو داء البخل وهو آفة مجبول عليها أكثر الناس تمنع كثير من الناس من النفقة المأمور بها فيحب المال ويكره بذلة وانفاقه . خلاصة كلام السعدي والاشقر.

-معنى يوق شح نفسه . س ش
هو من يقيه الله داء البخل فتكون نفسه سمحة بالإنفاق ، وبكل ما أمر العبد به ونهى عنه .
-عاقبة الشح . س
لا يفلح الشحيح بل يخسر الدنيا والآخرة.

-وصف النفس السمحة. س
هي نفس سمحة مطمئنة منشرحة لشرع الله ساعية في مرضاة الله . مبادرة لكل ما كلفت مما فيه رضى الله.

-معنى فلاحهم. س ش
الفوز كل الفوز بكل خير وبكل مطلوب.

قوله تعالى:( إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَٱللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ)
-الترغيب بالنفقه. س
رغب الله بالنفقة وحث عليها فقال:(( إِن تُقْرِضُواْ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ))
-المراد بالإقراض في الآية .
إنفاق وصرف الأموال في أوجه الخير.

-معنى القرض الحسن.
أن يكون نفقة من حلال وقاصدا بها وجه الله تعالى، وطيب نفس ،ووضعها في موضعها. خلاصة كلام السعدي والاشقر.

-جزاء القرض الحسن .
مهما أنفق العبد فإن الله يخلفه ويجازي عليه فهو بمنزلة القرض.

-مقدار المضاعفة.
يجعل الحسنة بعشر أمثالها ويضاعفها إلى سبعمائة ضعفإلى أضعاف كثيرة. خلاصة كلام السعدى والاشقر

-ما يضاف مع المضاعفة.
يضاف مع المضاعفة تكفير السيئات والذنوب فالذنوب تكفرهاالصدقات والحسنات( إن الحسنات يذهبن السيئات)

- معنى الآية.
أي مهما أنفقتم من شيء فهو يخلفه، ومهما تصدقتم من شيء فعليه جزاؤه، ونزّل ذلك منزلة القرض له، كما ثبت في الصحيحين أن الله تعالى يقول:
" من يقرض غير ظلوم ولا عديم "

-معنى الشكور.
يقبل من عباده القليل من العمل ويجازيهم عليهم الكثير من الأجر.

-معنى الحليم.
هو الذي لا يعاجل عباده بالعقوبة
بل يصفح ويغفر ويستر ويتجاوزعن الذنوب والسيئات.
.{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ وَلَكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى }

قال تعالى:(عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ )
-معنى عالم الغيب والشهادة .
أي : ما غاب عن العباد من جنوده التي لا يعلمها إلاومن مخلوقاته.
-معنى العزيز.
الذي قهر جميع الأشياء الذي لا يغالب ولا يمانع.
-معنى الحكيم.
الذي يضع الاشياء في موضعها.

-متعلق حكمته.
خلقه وأمره.

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:35 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir