ملخص تفسير قول الله تعالى: {الحمد لله رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين}
المسائل التفسيرية :
- أوجه القراءات في ( الحمد لله ) . ك
- معنى ( الحمد لله ) . ك س ش
- ذكر بعض أقوال السلف في الحمد . ك
- فضل حمد الله . ك
- ذكر بعض النعم التي تستوجب الحمد . ك س
- بيان الفرق بين الحمد والشكر . ك ش
- الحمد والشكر بينهما عموم وخصوص ، والمدح أعم منهما . ك
- بيان معنى ( الرب ) . ك س ش
- أنواع تربية الله لخلقه وحقيقتها . س
- معنى ( العالم ) والمراد ب ( العالمين ) . ك ش
- دلالة ( رب العالمين ) على توحيد الربوبية . س
-معنى ( الرحمن الرحيم ) ك س ش
- الفرق بين ( الرحمن ) و ( الرحيم ) . ك ش
- لطيفة في اقتران ( رب العالمين ) بوصف ( الرحمن الرحيم ) . ش
- أوجه القراءات في ( مالك يوم الدين ) . ك ش
- معنى ( مالك يوم الدين ) . ك س ش
- سبب تخصيص الملك بيوم الدين . ك س
- بيان الملك والمالك حقيقة .ك س
- المراد بيوم الدين . ك س ش
تلخيص المسائل التفسيرية :
- أوجه القراءات في ( الحمد لله ) .
1- القرّاء السّبعة على ضمّ الدّال من قوله: {الحمد لله} وهو مبتدأٌ وخبرٌ.
2- وروي عن سفيان بن عيينة ورؤبة بن العجّاج أنّهما قالا "الحمد لله" بالنّصب وهو على إضمار فعلٍ .
3- وقرأ ابن أبي عبلة: "الحمد لله" بضمّ الدّال والل ام إتباعًا للثّاني الأوّل وله شواهد لكنّه شاذٌّ .
4- وعن الحسن وزيد بن عليٍّ: "الحمد لله" بكسر الدّالّ إتباعًا للأوّل الثّاني ، ذكر هذه الأوجه ابن كثير في تفسيره .
- معنى ( الحمد لله ) . ك س ش
1- الشّكر للّه خالصًا دون سائر ما يعبد من دونه، ودون كلّ ما برأ من خلقه، بما أنعم على عباده من النّعم الّتي لا تحصى ، ذكره ابن كثير .
2- ثناءٌ أثنى به على نفسه وفي ضمنه أمر عباده أن يثنوا عليه فكأنّه قال: قولوا: {الحمد للّه} ذكره ابن كثير نقلاً عن ابن جرير .
3- الثناءُ علَى اللهِ بصفاتِ الكمالِ، وبأفعالِهِ الدائرةِ بينَ الفضلِ والعدلِ، فلَهُ الحمدُ الكاملُ بجميعِ الوجوهِ ، ذكره السعدي والأشقر .
4- الألف واللّام في الحمد لاستغراق جميع أجناس الحمد، وصنوفه للّه تعالى كما جاء في الحديث: «اللّهمّ لك الحمد كلّه، ولك الملك كلّه، وبيدك الخير كلّه، وإليك يرجع الأمر كلّه» .
- ذكر بعض أقوال السلف في الحمد .
- عن ابن عبّاسٍ، رضي اللّه عنهما، قال: قال عمر: «قد علمنا سبحان اللّه، ولا إله إلّا اللّه، فما الحمد للّه؟» فقال عليٌّ:« كلمة رضيها اللّه لنفسه». رواه ابن أبي حاتم .
- عن ابن عبّاسٍ: أنّه قال: «الحمد للّه هو الشّكر للّه والاستخذاء له، والإقرار له بنعمه وهدايته وابتدائه وغير ذلك».
- قال كعب الأحبار: «الحمد للّه ثناء اللّه». وقال الضّحّاك: «الحمد للّه رداء الرّحمن».
- فضل حمد الله :
1 - حصول العبد على الزيادة من الله : عن الحكم بن عميرٍ، وكانت له صحبةٌ قال: قال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: «إذا قلت: الحمد للّه ربّ العالمين، فقد شكرت اللّه، فزادك». رواه ابن جرير عن سعيد بن عمرٍو السّكوني .
2 - محبة الله للحمد : عن الأسود بن سريعٍ، قال: قلت: يا رسول اللّه، ألا أنشدك محامد حمدت بها ربّي، تبارك وتعالى؟ فقال: «أما إنّ ربّك يحبّ الحمد». رواه الإمام أحمد .
3- أنه أفضل الدعاء : عن جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «أفضل الذّكر لا إله إلّا اللّه، وأفضل الدّعاء الحمد للّه». رواه التّرمذيّ وقال : حسنٌ غريبٌ.
4- حمد الله أفضل من النعم التي أخذها العبد : روى ابن ماجه عن أنس بن مالكٍ قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: «ما أنعم اللّه على عبدٍ نعمةً فقال: الحمد للّه إلّا كان الّذي أعطى أفضل ممّا أخذ».
5- حصول الأجر العظيم من الله تعالى : جاء في سنن ابن ماجه عن ابن عمر: أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم حدّثهم: «أنّ عبدًا من عباد اللّه قال: يا ربّ، لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، فعضلت بالملكين فلم يدريا كيف يكتبانها، فصعدا إلى السّماء فقالا: يا ربّ، إنّ عبدًا قد قال مقالةً لا ندري كيف نكتبها، قال اللّه -وهو أعلم بما قال عبده-: [ماذا قال عبدي؟] قالا: يا ربّ إنّه قد قال: يا ربّ لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. فقال اللّه لهما: [اكتباها كما قال عبدي حتّى يلقاني فأجزيه بها]».
- ذكر بعض النعم التي تستوجب الحمد .
- خلقه لعباده و تصحيح الآلات لطاعته ، وتمكين جوارح أجسام المكلّفين لأداء فرائضه،
- مع ما بسط لهم في دنياهم من الرّزق، وغذّاهم به من نعيم العيش، من غير استحقاقٍ منهم ذلك عليه ،وإنعامِهِ عليهمْ بالنعمِ العظيمةِ، التي لو فقدوهَا لمْ يمكنْ لهمُ البقاءُ، فمَا بهمْ مِنْ نعمةٍ فمنهُ تعالى.
- ومع ما نبّههم عليه ودعاهم إليه، من الأسباب المؤدّية إلى دوام الخلود في دار المقام في النّعيم المقيم، فلربّنا الحمد على ذلك كلّه أوّلًا وآخرًا. ذكره ابن كثير والسعدي .
- بيان الفرق بين الحمد والشكر .
- قيل : الحمد للّه، "ثناءٌ عليه بأسمائه وصفاته الحسنى، فيكون لكمال المحمود ولو في غير مقابلة نعمة ، وقوله: الشّكر للّه ثناءٌ عليه بنعمه وأياديه ، فلا يكون إلا في مقابل نعمة ، ذكره ابن كثير والأشقر .
- وذكر ابن كثير والسعدي أن الحمديكون من اللسان فقط، أماالشكر فيكون باللسان والقلب والأعضاء.
- وقيل : هما سواء ، نقله السلمي عن جعفرٍ الصّادق وابن عطاءٍ من الصّوفيّة ، ذكره ابن جرير وصححه القرطبي ، وأنكر ذلك ابن كثير في تفسيره .
- الحمد والشكر بينهما عموم وخصوص ، والمدح أعم منهما .
هناك خلاف في مسألة أيّهما أعمّ، الحمد أو الشّكر؟ على قولين ،
والتّحقيق أنّ بينهما عمومًا وخصوصًا :
- فالحمد أعمّ من الشّكر من حيث ما يقعان عليه؛ لأنّه يكون على الصّفات اللّازمة والمتعدّية، تقول: حمدته لفروسيّته وحمدته لكرمه.
وهو أخصّ لأنّه لا يكون إلّا بالقول .
- والشّكر أعمّ من حيث ما يقعان عليه، لأنّه يكون بالقول والعمل والنّيّة .
وهو أخصّ لأنّه لا يكون إلّا على الصّفات المتعدّية، لا يقال: شكرته لفروسيّته، وتقول: شكرته على كرمه وإحسانه إليّ. هذا حاصل ما حرّره بعض المتأخّرين ، وذكره ابن كثير في تفسيره .
- وأمّا المدح فهو أعمّ من الحمد؛ لأنّه يكون للحيّ وللميّت وللجماد -أيضًا-كما يمدح الطّعام والمال ونحو ذلك، ويكون قبل الإحسان وبعده، وعلى الصّفات المتعدّية واللّازمة أيضًا فهو أعمّ .
- بيان معنى ( الرب ) .
- الرب: اسم من أسماء الله تعالى ولا يقال في غيره إلا مضافاً، كقولك: هذا الرجل رب المنزل .
- الرّبّ هو: المالك المتصرّف، والرب : المعبود ، ويطلق في اللّغة على السّيّد، وعلى المتصرّف للإصلاح، وكلّ ذلك صحيحٌ في حقّ اللّه تعالى ، ذكره ابن كثير والأشقر .
- هو المربِّي جميعَ العالمينَ - وهمْ مَنْ سوى اللهِ - بخلقِهِ لهمُ، وإعدادِهِ لهمْ الآلاتِ، وإنعامِهِ عليهمْ بالنعمِ العظيمةِ، التي لو فقدوهَا لمْ يمكنْ لهمُ البقاءُ، فمَا بهمْ مِنْ نعمةٍ فمنهُ تعالى ، ذكره السعدي .
- أنواع تربية الله لخلقه وحقيقتها .
تربية الله لخلقه نوعان : عامة ، وخاصة :
1- العامة : هي خلقه للمخلوقين ، ورزقهم وهدايتهم لما فيه مصالحهم الدنيوية .
2- الخاصة : وهي تربيته لأوليائه بالإيمان وتوفيقهم له ، وتكميله لهم ، ودفع العوائق والصوارف الحائلة بينهم وبينه .وتدخل في هذا أدعية الأنبياء بلفظ الرب فيقصد بها التربية الخاصة ، ذكره السعدي .
- معنى (العالم ) والمراد ب ( العالمين ) .
العالم مشتقٌّ من العلامة قال ابن كثير : لأنّه علمٌ دالٌّ على وجود خالقه وصانعه ووحدانيّته .
1- (العالَمون): جمع العالم، وهو كل موجود سوى الله تعالى .
2- وقيل : أي رب الجن والإنس ، رواه سعيد بن جبير وعكرمة عن ابن عباس ، استناداً لقوله تعالى : ( ليكون للعالمين نذيرا ) .
3- وقيل : يدخل فيه كل ذي روح ، روي عن زيد بن أسلم وأبي عمرو بن العلاء .
4- وقيل : يطلق فقط على من يعقل ، ولا يقال للبهائم عالم ، قاله الفراء ، وأبو عبيدة .
5- حكى البغوي عن سعيد بن المسيب أنه قال : ( لله ألف عالم ، ستمائة في البحر ، وأربعمائة في البر ) .
6-قال وهب بن منبّهٍ: «للّه ثمانية عشر ألف عالم؛ الدّنيا عالمٌ منها».
7- وقال مقاتلٌ: «العوالم ثمانون ألفًا».
8- وقال كعب الأحبار : ( لايعلم عدد العوالم إلا الله عزوجل ) .
9- وقال الزّجّاج: العالم كلّ ما خلق اللّه في الدّنيا والآخرة. قال القرطبيّ: وهذا هو الصّحيح أنّه شاملٌ لكلّ العالمين؛ كقوله: {قال فرعون وما ربّ العالمين * قال ربّ السّماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين}
- دلالة ( رب العالمين ) على توحيد الربوبية .
يدل على إنفراد الله تعالى بالخلق والتدبير والنعم ، وكمال غناه وتمام فقر العالمين إليه بكل وجه واعتبار ، ذكره السعدي .
-معنى ( الرحمن الرحيم ) .
1- اسمان مشتقّان من الرّحمة على وجه المبالغة، ورحمن أشدّ مبالغةً من رحيمٍ .
قال القرطبيّ: والدّليل على أنّه مشتقٌّ ما خرّجه التّرمذيّ وصحّحه عن عبد الرّحمن بن عوفٍ، أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: «قال اللّه تعالى: [أنا الرّحمن خلقت الرّحم وشققت لها اسمًا من اسمي، فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته]». قال: وهذا نصٌّ في الاشتقاق فلا معنى للمخالفة والشّقاق ، فلا يصح القول بعدم الإشتقاق .
- الفرق بين ( الرحمن ) و ( الرحيم ) .
1- قال أبو عليٍّ الفارسيّ: الرّحمن: اسمٌ عامٌّ في جميع أنواع الرّحمة ، والرّحيم إنّما هو من جهة المؤمنين، قال اللّه تعالى: {وكان بالمؤمنين رحيمًا}[الأحزاب: 43].
وقال ابن عبّاسٍ: «هما اسمان رقيقان، أحدهما أرقّ من الآخر»، أي أكثر رحمةً .
2- الرحمن خاص بالله تعالى ، وأما الرحيم فإن الله تعالى وصف به غيره حيث قال: {لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتّم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيمٌ} (التّوبة : 128 ) .
- لطيفة في اقتران ( رب العالمين ) بوصف ( الرحمن الرحيم ) .
لما كان في اتصافه برب العالمين ترهيب قرنه بالرحمن الرحيم ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه، فيكون أعون على طاعته) ، ذكره السعدي .
- أوجه القراءات في ( مالك يوم الدين ) .
1- قرأ بعض القرّاء: (ملك يوم الدّين)
2- وقرأ آخرون: (مالك). وكلاهما صحيحٌ متواترٌ في السّبع.
3- ويقال: مليكٌ أيضًا .
4- وأشبع نافعٌ كسرة الكاف فقرأ: "ملكي يوم الدّين" وقد رجّح كلًّا من القراءتين مرجّحون من حيث المعنى، وكلاهما صحيحةٌ حسنةٌ .
5- وحكي عن أبي حنيفة أنّه قرأ "ملك يوم الدّين" على أنّه فعلٌ وفاعلٌ ومفعولٌ، قال ابن كثير : وهذا شاذٌّ غريبٌ جدًّا .
ورجّح الزّمخشريّ ملك؛ لأنّها قراءة أهل الحرمين ولقوله: {لمن الملك اليوم} وقوله: {قوله الحقّ وله الملك}
وقد روي من طرقٍ متعدّدةٍ أوردها ابن مردويه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم كان يقرؤها: {مالك يوم الدّين} ذكر كل هذا ابن كثير في تفسيره .
- معنى ( مالك يوم الدين ) .
وملكٌ: مأخوذٌ من الملك كما قال تعالى: {لمن الملك اليوم للّه الواحد القهّار} [غافر: 16] وقال: {قوله الحقّ وله الملك}[الأنعام: 73]وقال: {قل أعوذ بربّ النّاس * ملك النّاس}[النّاس: 1، 2] ، ذكره ابن كثير .
والمالك هو من اتصف بصفةِ المالكِ التي منْ آثارِهَا أنَّهُ يأمرُ وينهى، ويثيبُ ويعاقب ، ويتصرف بمماليكه بجميع أنواع التصرفات ، ذكره السعدي .
- سبب تخصيص الملك بيوم الدين .
قال الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ: «{مالك يوم الدّين}يقول: لا يملك أحدٌ في ذلك اليوم معه حكمًا، كملكهم في الدّنيا». فتنقطع أملاك الخلائق ويستوي الملوك والعبيد ، ذكره ابن كثير والسعدي .