دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > الأقسام العامة > الأسئلة العلمية > أسئلة العقيدة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 26 ربيع الثاني 1430هـ/21-04-2009م, 06:16 AM
الهاجرية الهاجرية غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الرياض
المشاركات: 101
Question سؤال عن دليل عبارة: (نبئ باقرأ وأرسل بالمدثر)، وهل فيها دليل على الفرق بين النبي والرسول؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك يا شيخ قول المصنف رحمه الله: (نبئ باقرأ وأرسل بالمدثر) هذا القول هل عليه دليل؟
وهل يفهم منه أن الفرق بين الرسول والنبي: إذا أعلن دعوته على قومه فهو رسول وإذا أسرها فهو نبي؟
فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحالتين (النبوة والرسالة) بعث برسالة جديدة إلى مخالفين وأنزل عليه كتاب جديد ونسخ شريعة من قبله.
لكن في أول الدعوة كان نبي لما كانت سرا ثم صار رسولا لما جهر بها على قول المصنف، فهل قول المصنف صحيح وله مستند؟
ولو كان القول له مستندا يكون نصا في الفرق بين الرسول والنبي؟
وفقكم الله


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 شعبان 1430هـ/3-08-2009م, 06:16 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الهاجرية مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بارك الله فيك يا شيخ قول المصنف رحمه الله: (نبئ باقرأ وأرسل بالمدثر) هذا القول هل عليه دليل؟
وهل يفهم منه أن الفرق بين الرسول والنبي: إذا أعلن دعوته على قومه فهو رسول وإذا أسرها فهو نبي؟
فالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في الحالتين (النبوة والرسالة) بعث برسالة جديدة إلى مخالفين وأنزل عليه كتاب جديد ونسخ شريعة من قبله.
لكن في أول الدعوة كان نبي لما كانت سرا ثم صار رسولا لما جهر بها على قول المصنف، فهل قول المصنف صحيح وله مستند؟
ولو كان القول له مستندا يكون نصا في الفرق بين الرسول والنبي؟
وفقكم الله
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
قول الشيخ – رحمه الله -: (نبئ باقرأ وأرسل بالمدثر) مستنده الفهم لكتاب الله تعالى وكلام أهل العلم، إذ لا ريب أن بدء النبوة كان بنزول قول الله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق)
وهذا لا نزاع فيه بين أهل العلم، وأما ما كان يأتيه قبل ذلك من الرؤى الصادقة فمن إرهاصات النبوة وليست هي النبوة.
واستدل رحمه الله بقوله تعالى: (يا أيها المدثر قم فأنذر) على أن بدء الرسالة كان بنزول هذه السورة بناء على ما عليه الجمهور من التفريق بين النبوة والرسالة
وقد سبقه إلى هذا الاستدلال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية لما ذكر أن أول ما أنزل على النبي صلى الله عليه وسلم سورة اقرأ ثم سورة المدثر قال: (وبهذا حصل الإرسال إلى الناس وبالأول حصلت النبوة).
كما نبه إلى ذلك الشيخ عبد العزيز بن ناصر الرشيد – رحمه الله - في رسالة له.
وقبلهما قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في منهاج السنة النبوية: (وأما خديجة وعلي وزيد فهؤلاء كانوا من عيال النبي صلى الله عليه وسلم وفي بيته وخديجة عرض عليها أمره لما فجأه الوحي وصدقته ابتداء قبل أن يؤمر بالتبليغ وذلك قبل أن يجب الإيمان به فإنه إنما يجب إذا بلغ الرسالة فأول من صدق به بعد وجوب الإيمان به أبو بكر من الرجال).
وقبلهم قال الحليمي شيخ البيهقي فيما نقله عنه في (شعب الإيمان): (وكانت للنبي صلى الله عليه وسلم قبل فرض الجهاد منازل مع المشركين فأول ذلك أنه كان يوحى إليه ولا يؤمر في غير نفسه بشيء ثم أمر بالتبليغ فقيل له: ( قم فأنذر ).... ).
فعلم بذلك أن الشيخ له سلف في هذه العبارة ولم يبتدع معناها.

ومسألة الفرق بين النبي والرسول مما وقع فيه لبس وخلاف بين أهل العلم رحمهم الله تعالى
فذهب ذاهبون إلى أنه لا فرق بين النبي والرسول وهذا القول حكاه الماوردي في تفسيره ولم ينسبه لأحد، ونسبه الرازي للمعتزلة، وممن نصر هذا القول من المتأخرين الشيخ: عبد الله الحمود – رحمه الله – رئيس محاكم قطر سابقاً، وكتب فيه رسالة أسماها (إتحاف الأوفياء برسالة الأنبياء)، ورد عليه الألباني وحمود التويجري، وعبد العزيز الرشيد رحمهم الله.
والفرق بين النبي والرسول متحقق لدلالة قول الله تعالى: (وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته...) الآية
وقوله تعالى: (الذين يتبعون الرسول النبي) وقوله: (فآمنوا بالله ورسوله النبي) وقوله تعالى عن بعض أنبيائه: (وكان رسولاً نبياً).
ولما في الصحيحين من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن ثم قل اللهم إني أسلمت وجهي إليك وفوضت أمري إليك وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذى أنزلت ونبيك الذى أرسلت.
فإن مت من ليلتك فأنت على الفطرة واجعلهن آخر ما تتكلم به).
قال البراء بن عازب: فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت قلت: ورسولك، قال: (لا، ونبيك الذي أرسلت).
ولدلالة حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين في حديث الشفاعة الطويل وفيه أن الناس يأتون نوحاً فيقولون له: أنت نوح أول الرسل إلى أهل الأرض). وقد علم بنص الحديث أن آدم عليه السلام نبي مكلم.
ولدلالة حديث أبي ذر في بيان عدة الأنبياء والمرسلين ، وفي ثبوته نزاع بين أهل العلم

فالفرق بين النبي والرسول متحقق.

وجواب هذه المسألة يتبين ببيان أمرين:

الأمر الأول: أن الرسالة أخص من النبوة فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا، وهذا قول جماهير العلماء لم يخالف فيه إلا قلة
قال القاضي عياض (ت:544هـ): (والصحيح و الذي عليه الجمع الغفير أن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا)
وقال البيهقي (ت:458هـ): (فكل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا).
وقال البغوي (ت:516هـ): (وكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا).
وقال ابن عطية (ت:542هـ): (الرسول أخص من النبي ، وكثير من الأنبياء لم يرسلوا، وكل رسول نبي)
وقال ابن الأثير: (الرسول أخص من النبي لأن كل رسول نبي وليس كل نبي رسولا)
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: (وقد علم أن كل رسول نبي، وكل نبي ولي، ولا ينعكس).
قال ابن كثير: (مقام الرسالة أخص من مقام النبوة فإن كل رسول نبي ولا ينعكس).
وقال ابن حزم: (أفضل الإنس والجن الرسل ثم الأنبياء على جميعهم من الله تعالى ثم منا أفضل الصلاة والسلام ثم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الصالحون).
وكلام العلماء في هذا المعنى مستفيض، بل قد نقل بعضهم الإجماع عليه.
وهو يدلك على وجود فرق بين الرسول والنبي، وإن اختلف في تحديده.
فلو فهم الطالب أن الرسالة منزلة أخص وأفضل من منزلة النبوة كفاه ذلك وإن لم يعلم حدود ما يتميز به الرسول عن النبي.

الأمر الثاني: بيان الفرق بين مطلق الإرسال ومنزلة الرسالة
فمطلق الإرسال حاصل للأنبياء كلهم كما دل عليه قول الله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم)
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن الآيات الدالة على نبوة الأنبياء دلت على أنهم معصومون فيما يخبرون به عن الله عز وجل فلا يكون خبرهم إلا حقا وهذا معنى النبوة، وهو يتضمن أن الله ينبئه بالغيب وأنه ينبىء الناس بالغيب والرسول مأمور بدعوة الخلق وتبليغهم رسالات ربه
ولهذا كان كل رسول نبيا وليس كل نبى رسولا وإن كان قد يوصف بالإرسال المقيد في مثل قوله: ( وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبى إلا إذا تمنى القى الشيطان فى أمنيته فينسخ الله ما يلقى الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم) ).

ويدل على ثبوت قدر من الإرسال للأنبياء ما في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقاً عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، و ينذرهم شر ما يعلمه لهم)
فهذا حق واجب على جميع الأنبياء لم يستثن منه أحد منهم.
وفي الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه في حديث الشفاعة أن الناس يأتون نوحاً فيقولون له: (يا نوح أنت أول الرسل إلى أهل الأرض) فعلم بذلك أن نوحاً عليه السلام أول الرسل.
ونبوة آدم عليه السلام ثابتة، بل هو نبي مكلَّم كما في حديث أبي ذر وأبي أمامة في المسند والمستدرك وغيرهما
وتكليم الله تعالى لآدم ثابت بنص القرآن، ولا بد له ولمن معه من شرع يتعبدون الله تعالى به كما قال الله تعالى: (لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً) وقد قال الله تعالى: (قلنا اهبطوا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدى فمن تبع هداي فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون) واتباع الهدى هو امتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى عنه وهو معنى الشريعة.
وهذا يقتضي أنه أمر بتبليغ ذلك الهدى زوجه وذريته، ومع ذلك فهو نبي مكلم وليس برسول لدلالة حديث أبي هريرة.
ونظير هذه المسألة مسألة الإيمان والإسلام فمع أن كل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم بمؤمن إلا أنه لا بد في الإسلام من قدر من الإيمان يصح به، وإلا فلو انتفى الإيمان جملة عن العبد لانتفى عنه الإسلام جملة.


إذا تبين ذلك فليعلم أن العلماء قد اختلفوا في مسألة الفرق بين الرسول والنبي على أقوال أشهرها خمسة أقوال:
القول الأول: أن الرسول من أوحي إليه وأمر بالتبليغ، والنبي من أوحي إليه ولم يؤمر بالتبليغ.
وهذا القول عليه جمهور أهل العلم، ولم يكن يُعبَّر عنه في أول الأمر هذا التعبير، وقد سبب هذا التعبير إشكالاً وفُهم على غير مراد من أطلقه في أول الأمر.

وأول من نُسب إليه هذا القول بهذا التعبير فيما أعلم أبو سليمان الخطابي (388هـ) رحمه الله، ونَصّ كلامه في كتابه أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري: ( والفرق بين النبي والرسول أن النبيَّ هو المنبَّأُ –فعيل بمعنى مُفعَل – والرسول هو المأمور بتبليغ ما نُبِّئَ وأُخبر به ؛ فكل رسول نبي وليس كل نبي رسولا)ا.هـ.

وهذا القول اختصره ابن الأثير في جامع الأصول فقال: (قال الخطابي: والفرق بين النبي والرسول: أن الرسول هو المأمور بتبليغ ما أنبىء وأخبر به، والنبي هو المخبَر ولم يؤمر بالتبليغ ، فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولا)ا.هـ.
فأضاف كلمة (ولم يؤمر بالتبليغ) من باب التوضيح لما فهمه، واشتهر هذا التعريف لدى المتأخرين لشهرة الكتاب، ولنسبة هذا القول لأبي سليمان الخطابي رحمه الله وهو من أجلّ شراح الأحاديث.

وقد قال بنحو هذه الإضافة البيهقي (ت:458هـ) رحمه الله فقال: (و النبوة اسم مشتق من النبأ و هو الخبر إلا أن المراد به في هذا الموضع خبر خاص و هو الذي يكرم الله عز و جل به أحدا من عباده فيميزه عن غيره بإلقائه إليه و يوقفه به على شريعته بما فيها من أمر ونهي ووعظ وإرشاد ووعد ووعيد فتكون النبوة على هذا الخبر والمعرفة بالمخبرات الموصوفة فالنبي صلى الله عليه و سلم هو المخبر بها فإن انضاف إلى هذا التوقيف أمر بتبليغه الناس ودعائهم إليه كان نبيا ورسولا ، و إن ألقي إليه ليعمل به في خاصته و لم يؤمر بتبليغه و الدعاء إليه كان نبيا و لم يكن رسولا فكل رسول نبي و ليس كل نبي رسولا)ا.هـ.

وهذا القول في أصله مأثور عن مجاهد بن جبر فيما رواه ابن المنذر وابن أبي حاتم كما ذكره السيوطي في الدر المنثور ، وهو موجود في التفسير المطبوع باسم تفسير مجاهد ، وهو الذي يرويه عبد الرحمن بن الحسن الهمذاني وجادة عن إبراهيم بن ديزيل الحافظ أنبأنا آدم بن أبي إياس، قال أنبأنا ورقاء عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله تعالى: (رسولاً نبياً) قال: النبي هو الذي يُكَلَّم ويُنْزَلُ عليه ولا يُرْسَلُ ، والرسولُ هو الذي يُرسَل).
وقال الفراء: (فالرسول النبىّ المرسل، والنبى: المحدَّث الذى لم يُرسَل).
وقال ابن جرير في آية الحج: (فتأويل الكلام: ولم يرسل يا محمد من قبلك من رسول إلى أمة من الأمم، ولا نبيّ محدث ليس بمرسل...)
فهذا أصل هذا القول، لكن تعبير الخطابي ومن تبعه كان هو منشأ الإشكال، ومع ذلك احتمله الجمهور إذ كان الأصلان السابقان متقررين
ومن أهل العلم من رد هذا التعبير إذ فهموا من قولهم: (لم يؤمر بالتبليغ) النفي المطلق
وفرَّع بعضهم عليه لوازم باطلة ليست مرادة لأصحاب هذا القول
وهذا الأمر مما ينبغي لطالب العلم التفطن له، وله نظائر في المسائل العلمية، وهو أن أقوال أهل العلم التي يذكرونها لتوضيح بعض المسائل أو التعبير عن بعض الأقوال بعبارات جامعة مما يقع فيه الاجتهاد لإصابة المعنى المراد ثم قد يكون في تعبيرهم عموم غير مراد إذ ألفاظ العلماء ليست كألفاظ الوحي.
وطالب التحقيق في هذه المسائل ينبغي له النظر في أصول الأقوال ونشأتها وعبارة العلماء عنها ليضع الأقوال مواضعها، فإن الغالب عليهم أنهم إنما يترجمون عن معان مقررة بعبارات تبينها وتوضح المراد منها حسب اجتهادهم، ويقع في تلك الألفاظ ما لهم فيه مراد وقد يفهمه بعضهم على غير مرادهم.
فلا ينبغي لطالب العلم أن يحمله الخطأ في التعبير عن القول – إن وجد – على رده جملة.
فانظر الفرق بين كلام مجاهد والفراء والطبري والخطابي وكلام ابن الأثير والبيهقي ومن تبعهم، بل انظر الفرق بين كلام البيهقي وما اشتهر لدى أهل العلم أن الرسول من أوحي إليه بشرع وأمر بتبليغه، والنبي من أوحي إليه بشرع ولم يؤمر بتبليغه.

فقول البيهقي: (ليعمل به في خاصته) دليل على وجود قدر من التبليغ يؤمر به النبي
فبذلك تعلم أن مراد الخطابي والبيهقي هو مراد من تقدم لكنهم أرادوا تفسير لفظ الإرسال بما يبينه لئلا يكرر اللفظ ، والتبليغ هو مقتضى الإرسال كما قال تعالى: (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) ففسروا اللفظ بمقتضاه
فقولهم: (وأمر بتبليغه) هو معنى قول من تقدم (وأرسل) لأن الأمر بالتبليغ هو مقتضى الإرسال.
فليس المراد من قولهم: (ولم يؤمر بتبليغه) نفي مطلق الإرسال، وإنما المراد نفي مقتضى ما تختص به منزلة الرسالة عن منزلة النبوة.
فإن منزلة الرسالة تقتضي تميز (الرسول) برسالة لا يشترك معه فيها (النبي)، وهذا هو القدر المنفي عن النبي في قول العلماء، ولم يريدوا نفي الإرسال عنه جملة.

القول الثاني: أن الرسول هو الذي يأتيه جبرئيل بالوحي عياناً وشفاهاً، والنبي هو الذي تكون نبوّته إلهاماً أو مناماً
وهذا قول الثعلبي في تفسيره، وتبعه الواحدي والبغوي والخازن، وحكاه الماوردي في تفسيره قولاً، ولم يعزه لأحد، وكذلك فعل أبو المظفر السمعاني.

وهذا القول في التفريق لا يصح فإن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نبئ بنزول (اقرأ باسم ربك الذي خلق)
وأما قول عائشة رضي الله عنها في الصحيحين: (كان أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصدقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح).
فالمراد به مقدمات النبوة ، لا النبوة نفسها.
فإن بدء النبوة كان بنزول قوله تعالى: (اقرأ باسم ربك الذي خلق).
قال النووي نقلاً عن القاضي عياض وغيره من العلماء: (إنما ابتدىء صلى الله عليه و سلم بالرؤيا لئلا يفجأه الملك ويأتيه صريح النبوة بغتة فلا تحتملها قواه البشرية)
وبنحوه قال غير واحد من أهل العلم رحمهم الله تعالى.

القول الثالث: أن الرسول من أنزل معه كتاب والنبي غير الرسول من لم ينزل عليه كتاب وإنما أمر أن يدعو الناس إلى شريعة من قبله، وهذا قول الزمخشري في تفسيره، واختاره النسفي.

القول الرابع: الرسول من أرسل إلى قوم مخالفين ليبلغهم رسالة الله ، والنبي من كان يعمل بشريعة من قبله ، ولم يرسل إلى أحد ليبلغه رسالة الله، وهذا قول شيخ الإسلام ابن تيمية، نص عليه في رسالة النبوات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - : (فالنبي هو الذي ينبئه الله ، وهو ينبئ بما أنبأ الله به ، فإن أرسل مع ذلك إلى من خالف أمر الله ليبلغه رسالة من الله إليه فهو رسول ، وأما إذا كان إنما يعمل بالشريعة قبله ، ولم يرسل هو إلى أحد يبلغه عن الله رسالة فهو نبي وليس برسول).
وكلام شيخ الإسلام يشكل عليه نبوة آدم عليه السلام، وكذلك اشتراط المخالفة في الرسالة إذ لا أعلم عليه دليلاً ، وإن كان دليله استقراء أحوال الرسل والأنبياء على ما ذكر في النصوص، فيقال: قد دل النص على أن لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن، والعداوة تقتضي المخالفة وتدل عليها باللزوم، وكذلك المقاتلة كما في قوله تعالى: (وكأين من نبي قاتل معه ربيون كثير).
لكن قوله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدواًَ شياطين الإنس والجن...) أصرح في الدلالة لشمولها جميع الأنبياء.

القول الخامس: الرسول من أوحي إليه بشريعة جديدة يدعو الناس إليها، والنبي من بعث لتقرير شرع سابق
وهذا القول ذكره عبد القاهر بن طاهر البغدادي حكاية عن اعتقاد الأشاعرة، واختاره البيضاوي وأبو السعود
وقد حكاه قولاً أبو المظفر السمعاني وأبو حيان.
لكن البغدادي ذكر أن آدم عليه السلام هو أول الرسل.
والبيضاوي أيضاً خالف هذا القول في موضع آخر من تفسيره كما نبَّه إليه العاملي في الكشكول.
قال البيضاوي في تفسير سورة مريم في شأن إسماعيل عليه السلام: ({ وَكَانَ رَسُولاً نَّبِيّاً } يدل على أن الرسول لا يلزم أن يكون صاحب شريعة ، فإن أولاد إبراهيم كانوا على شريعته).


هذه الأقوال الخمسة هي أشهر الأقوال في هذه المسألة، وفيها أقوال أخرى غير مشتهرة.
والقول الصحيح هو القول المأثور عن مجاهد رحمه الله، وهو ما قاله الفراء وابن جرير وعليه جمهور أهل العلم لولا ما أثير من الإشكال حول ذلك التعبير الشائع، وقد علمت جوابه.

وأما التفريق بينهما بكون النبي دعوته سرية والرسول دعوته جهرية فيشكل عليه ثلاثة أمور:
الأمر الأول: أني لا أعلم قائلاً به من المتقدمين
الأمر الثاني: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان رسولاً حتى زمن الدعوة السرية كما يدل عليه حديث عمرو بن عبسة.
الأمر الثالث: أن آدم عليه السلام نبي ولم تكن دعوته سرية.


والله تعالى أعلم.


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 12 شعبان 1430هـ/3-08-2009م, 08:05 AM
الهاجرية الهاجرية غير متواجد حالياً
عضوة
 
تاريخ التسجيل: Feb 2009
الدولة: الرياض
المشاركات: 101
افتراضي

بارك الله في عمرك وعملك وغفر الله لك ورحم والديك
ونفعنا الله بعلمك وجعلنا الله ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه
ومعذرة على سؤالي الطويل
جزيت خيرا جوابك حل كثير من الإشكلات التي في أقوال العلماء
في الفرق بين النبوة والرسالة جواب شافي
بارك الله فيك

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 12:29 AM
علي جلابنة علي جلابنة غير متواجد حالياً
طالب علم
 
تاريخ التسجيل: Oct 2010
المشاركات: 101
افتراضي

ما هو الراجح في الفرق بين النبي والرسول؟
بارك الله فيكم


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 7 محرم 1432هـ/13-12-2010م, 08:01 AM
عبد العزيز الداخل عبد العزيز الداخل غير متواجد حالياً
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
المشاركات: 13,453
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة علي جلابنة مشاهدة المشاركة
ما هو الراجح في الفرق بين النبي والرسول؟
بارك الله فيكم
سبقت إجابة هذا السؤال (هنا)


رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
سؤال, عن


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:55 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir