دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأهيل العالي للمفسر > منتدى الامتياز

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 03:52 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي إجابات تطبيقات الفهرسة (خاصّ بالطلاب الذين أدّوا التطبيقات)


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نضع في هذا الموضوع بإذن الله نماذج الإجابات الخاصّة بتدريبات الفهرسة لنخلي الموضوع الأصليّ للتطبيق ويكون مناسبا لارتياد من يأتي متأخرا من الطلاب دون حرج إن شاء الله.
وقبل وضع نماذج الإجابة نذكّر بأن الأمر فيه اجتهاد وسعة، ونموذج الإجابة هو لتقريب الصورة ولا يعنى به أن يكون الصورة الوحيدة لما يجب أن تكون عليه فهرسة المسائل، فيقارن الطالب إجابته عليه ويرى مدى مقاربته للمطلوب، نسأل الله لكم جميعا التوفيق والسداد.

ملاحظة:
لا يطلع على النموذج إلا من أدّى تطبيقة سابقا.

للاطلاع على نماذج الإجابة:
اضغط على عنوان الموضوع المطلوب ليظهر لك نموذج الإجابة (تضاف الروابط تباعا إن شاء الله)
- فهرسة موضوع: بدء نزول القرآن
- فهرسة موضوع: أول ما نزل من القرآن
- فهرسة موضوع: آخر ما نزل من القرآن

- فهرسة موضوع: تكرر النزول
- فهرسة موضوع: معرفة أسباب النزول

- فهرسة موضوع: شروط الناسخ والمنسوخ
- فهرسة موضوع: أنواع النسخ في القرآن
- فهرسة موضوع: فضل الناسخ والمنسوخ
- فهرسة موضوع: ثبوت النسخ والرد على من أنكره
- فهرسة موضوع: ما لا يصحّ من دعاوى النسخ، ومسألة النسخ بالسيف


رد مع اقتباس
  #2  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:10 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي



ملاحظات على
التطبيقات الخاصة بموضوع تكرر النزول
(متجددة)


قد أحسن غالب الطلاب الذين قدموا التطبيق الأول بفضل الله، وهناك بعض الملاحظات:

- يجب أن يشتمل التطبيق على قائمة بعناصر الموضوع في أوله
- من قال إن تكرر النزول معناه أن ينزل مرة بمكة ومرة بالمدينة
، فما قولنا في نزول البسملة؟ أو أوجه القراءات؟
- لا يوجد فرق بين الحكمة من تكرر النزول وفوائدة وأسبابه فالمقصود من ورائها واحد.
- من الطلاب من اختصر في ذكر أدلة القائلين بتكرر النزول، والواجب ذكرها جميعا، لأن كثرة الأدلة مما تتقوّى به المسألة.
- من الطلاب من ذكر حجج المنكرين لتكرر النزول دون الرد عليهم والواجب استيفاء المسألة كاملا.
- من الطلاب من أحسن استخلاص المسائل وترتيبها لكنه قصّر في خطوة تحرير أقوال العلماء، فكرر بعض الأقوال الواردة عن مؤلف واحد وكان من الممكن اختصارها، كما ذكر أشياء لا داعي لها كتاريخ وفاة المؤلف وبالغ في عزو الأقوال.
- من الطلاب من استخلص المسائل فقط!






رد مع اقتباس
  #3  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:10 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي



فهرسة مسائل موضوع: تكرر النزول
الموضوع الأصليّ (هنا)



عناصر الموضوع:
من قال بتكرر النزول
حجتهم
ما قيل في الحكمة من تكرر النزول
أنواع ما قيل فيه بتكرر النزول
من أنكر تكرر النزول
حجتهم
الرد عليهم
حكم من أنكر ما ثبت تكرر نزوله



خلاصة أقوال أهل العلم في مسألة تكرر النزول لبعض آيات وسور القرآن


من قال بتكرر النزول
صرح جماعة من المتقدمين والمتأخرين من أهل العلم بتكرر نزول بعض آيات وسور القرآن، كما ذكر ابن كثير في فضائل القرآن، والسيوطي في التحبير وفي الإتقان.

حجتهم
- حديث أبي: ((إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي فأرسل إلي أن اقرأه على حرفين فرددت إليه أن هون على أمتي فأرسل إلي أن أقرأه على سبعة أحرف)). رواه مسلم.
فهذا الحديث يدل على أن القرآن لم ينزل من أول وهلة بل مرة بعد أخرى. ذكره السيوطي في الإتقان.
- حديث ابن عباس:
(كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف فصل السورة حتى ينزل عليه: بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا نزلت عرف أن السورة قد ختمت واستقبلت أو ابتدئت سورة أخرى). رواه أبو داوود.
والأحاديث الدالة على نزول البسملة أول كل سورة إلا (براءة) لا تحصى كثرة، بل تعتبر مما بلغ مبلغ القطع والتواتر. ذكره السيوطي في التحبير.

- حديث ابن مسعود: (أن رجلا أصاب من امرأة قبلة فأتى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأخبره فأنزل الله تعالى:{وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ}الآية [هود: 114] فقال الرجل: إلي هذا؟ فقال: (( بل لجميع أمتي)). رواه البخاري ومسلم.
فهذا كان في المدينة والرجل قد ذكر الترمذي أو غيره أنه أبو اليسر.
وسورة هود مكية بالاتفاق ولهذا أشكل على بعضهم هذا الحديث ولا إشكال؛ لأنها نزلت مرة بعد مرة، كما ذكر الزركشي في البرهان، ونقله عنه السيوطي في الإتقان.

- حديث ابن مسعود في قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ} الآية [الإسراء: 85]: (أنها نزلت لما سأله اليهود عن الروح وهو في المدينة). رواه البخاري ومسلم.
ومعلوم أن هذه في سورة
{سُبْحَانَ} وهي مكية بالاتفاق فإن المشركين لما سألوه عن ذي القرنين وعن أهل الكهف قيل ذلك بمكة وأن اليهود أمروهم أن يسألوه عن ذلك فأنزل الله الجواب، ذكره الزركشي في البرهان.
- حديث المسيب: (لما حضرت أبا طالب الوفاة وتلكأ عن الشهادة فقال: رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((والله لأستغفرن لك ما لم أنه)) فأنزل الله: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى} الآية [التوبة: 113]، وأنزل الله في أبي طالب: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ} الآية [القصص: 56]). رواه البخاري ومسلم.
وهذه الآية نزلت في آخر الأمر بالاتفاق، وموت أبي طالب كان بمكة فيمكن أنها نزلت مرة بعد أخرى وجعلت أخيرا في براءة، ذكره الزركشي في البرهان.

- ما ورد في {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}[الإخلاص: 1]، أنها جواب للمشركين بمكة وأنها جواب لأهل الكتاب بالمدينة. ذكره الزركشي في البرهان، ونقله عنه السيوطي في الإتقان.
قال ابن تيمية: ("وسورة قل هو الله أحد أكثرهم على أنها مكية .
وقد ذكر في أسباب نزولها سؤال المشركين بمكة وسؤال الكفار من أهل الكتاب اليهود بالمدينة ولا منافاة فإن الله أنزلها بمكة أولًا ثم لما سئل نحو ذلك أنزلها مرةً أخرى . وهذا مما ذكره طائفة من العلماء وقالوا : إن الآية أو السورة قد تنزل مرتين وأكثر من ذلك . فما يذكر من أسباب النزول المتعددة قد يكون جميعه حقا . والمراد بذلك أنه إذا حدث سبب يناسبها نزل جبريل فقرأها عليه ليعلمه أنها تتضمن جواب ذلك السبب وإن كان الرسول يحفظها قبل ذلك .
والواحد منا قد يسأل عن مسألةٍ فيذكر له الآية أو الحديث ليبين له دلالة النص على تلك المسألة، وهو حافظ لذلك ، لكن يتلى عليه ذلك النص ليتبين وجه دلالته على المطلوب). مجموع الفتاوى.

ما قيل في الحكمة من تكرر النزول
-
قد ينزل الشيء مرتين تعظيما لشأنه، وتذكيرا به عند حدوث سببه خوف نسيانه، وهذا كما قيل في الفاتحة نزلت مرتين، مرة بمكة، وأخرى بالمدينة. ذكره الزركشي في البرهان.
- قد يحدث سبب من سؤال أو حادثة تقتضى نزول آية وقد نزل قبل ذلك ما يتضمنها فتؤدى تلك الآية بعينها إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تذكيرا لهم بها وبأنها تتضمن هذه والعالم قد يحدث له حوادث فيتذكر أحاديث وآيات تتضمن الحكم في تلك الواقعة وإن لم تكن خطرت له تلك الحادثة قبل مع حفظه لذلك النص. ذكره الزركشي في البرهان، وبه قال ابن تيمية في الفتاوى.
- قد يتكرر نزول الآية تذكاراً وموعظة. نقله السيوطي في التحبير عن ابن الحصّار.
- للتأكيد، ولتجديد الأمر في القلوب. ذكره السيوطي في التحبير

أنواع ما قيل فيه بتكرر النزول
- ما يذكره المفسرون من أسباب متعددة لنزول الآية.
قال ابن تيمية رحمه الله: (وإذا ذكر أحدهم لها سببًا نزلت لأجله وذكر الآخر سببًا ؛ فقد يمكن صدقهما بأن تكون نزلت عقب تلك الأسباب أو تكون نزلت مرتين مرةً لهذا السبب ومرةً لهذا السبب). مجموع الفتاوى.
- ما اختلف في سبب نزوله أو تأخر وقته وسند كل من الروايتين صحيح ولم يمكن الجمع وهو أشياء كثيرة. ذكره السيوطي في التحبير.
- الأحرف التي تقرأ على وجهين فأكثر.
قال السخاوي فيما يتعلق بنزول الفاتحة مرتين: يجوز أن يكون نزلت أول مرة على حرف واحد ونزلت في الثانية ببقية وجوهها نحو: (ملك) و{مالك}، و(السراط) و{الصراط}، ونحو ذلك. ذكره السخاوي في "جمال القراء" ونقله عنه السيوطي في الإتقان.
- البسملة فقد نزلت في أول كل سورة، وفي النمل. ذكره السيوطي في التحبير.
- الآيات التي كررت في معنى واحد كالقصص والأوامر والنواهي، وفائدتها: التأكيد، ولتجديد الأمر في القلوب. ذكره السيوطي في التحبير.


من أنكر تكرر النزول
هناك من أنكر تكرر نزول شيء من القرآن كما ذكر السيوطي في الإتقان وقال: كذا رأيته في كتاب "الكفيل بمعاني التنزيل".

حجة المنكرين
1- أن تحصيل ما هو حاصل لا فائدة فيه.
2- يلزم من تكرر النزول أن يكون كل ما نزل بمكة نزل بالمدينة مرة أخرى فإن جبريل كان يعارضه القرآن كل سنة.
3-
لا معنى للإنزال إلا أن جبريل كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرآن لم يكن نزل به من قبل فيقرئه إياه.
4-
يعللون نزول الفاتحة مرتين بأن جبريل نزل حين حولت القبلة فأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن الفاتحة ركن في الصلاة كما كانت بمكة فظن ذلك نزولا لها مرة أخرى أو أقرأه فيها قراءة أخرى لم يقرئها له بمكة فظن ذلك إنزالا.
ذكرها السيوطي في الإتقان

الرد على من أنكر تكرر النزول
1- قولهم أن تحصيل ما هو حاصل لا فائدة فيه مردود بما تقدم من فوائده.
2-
قولهم يلزم من تكرر النزول أن يكون كل ما نزل بمكة نزل بالمدينة مرة أخرى فإن جبريل كان يعارضه القرآن كل سنة يرد بمنع الملازمة.
3- قولهم بأنه لا معنى للإنزال إلا أن جبريل كان ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقرآن لم يكن نزل به من قبل فيقرئه إياه ي
رد بمنع اشتراط قولهم: (لم يكن نزل به من قبل).
ذكره السيوطي في الإتقان.

وقال ابن تيمية: (ما يذكر من أسباب النزول المتعددة قد يكون جميعه حقا . والمراد بذلك أنه إذا حدث سبب يناسبها نزل جبريل فقرأها عليه ليعلمه أنها تتضمن جواب ذلك السبب وإن كان الرسول يحفظها قبل ذلك .
والواحد منا قد يسأل عن مسألةٍ فيذكر له الآية أو الحديث ليبين له دلالة النص على تلك المسألة، وهو حافظ لذلك ، لكن يتلى عليه ذلك النص ليتبين وجه دلالته على المطلوب). مجموع الفتاوى.

حكم من أنكر ما ثبت تكرر نزوله.
قال السيوطي: (والأحاديث الدالة على نزول البسملة أول كل سورة إلا (براءة) لا تحصى كثرة، وعندي أنها بلغت مبلغ القطع والتواتر، وإنما لم يكفَّر فيها لشبهة الخلاف، وكما لا يكفر منكر المتواتر من الحديث). الإتقان في علوم القرآن






رد مع اقتباس
  #4  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

هذه المشاركة توضع فيها الملاحظات على تطبيقات التدريب الثاني على فهرسة مسائل موضوع: شروط الناسخ والمنسوخ
وقد أحسنتم في أداء التطبيق زادكم الله من فضله، وتوجد بعض الملاحظات اليسيرة توضع تباعا إن شاء الله.
وبداية أعتذر لصاحبات المشاركات الخمس الأولى حيث حصل خطأ في النقل وفاتني النقل الخاص بمسألة: اختصاص النسخ بالأحكام دون الأخبار.
وأحث الطالبات على تلخيص هذا الشرط المهم في مشاركة جديدة على أن أدمج المشاركات الجديدة مع المشاركات الأصلية إن شاء الله.
وفقكم الله.

من الملاحظات على التطبيقات:
- فصل الشروط
فهناك من جمع الشروط التي ذكرها مكي بن أبي طالب مثلا في مسألة، والشروط التي ذكرها ابن الجوزي في مسألة، والواجب عمل قائمة واحدة بالشروط كما تعلمنا من قبل.

- هناك من جعل مسألة لما يدخله النسخ، ومسألة أخرى عكس المسألة السابقة وتكون بعنوان: ما لا يدخله النسخ.
ولو جمعتا في مسألة واحدة لكان أضبط لفهم الشرط.


رد مع اقتباس
  #5  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

شروط الناسخ والمنسوخ
الموضوع الأصلي (هنا)


عناصر الموضوع:
مفهوم النسخ
بيان ما يدخله النسخ
شروط الناسخ والمنسوخ
... - انفصال الناسخ عن المنسوخ
... - أن يكون المنسوخ غير معلَّق بأجلٍ معلوم
... - أن يكون الناسخ موجباً للعلم والعمل كالمنسوخ
... - أن يلغي حكمُ الناسخِ حكمَ المنسوخِ فلا يمكن العمل بهما جميعاً

... - تقدّم المنسوخ على الناسخ
... - ثبوت الحكم المنسوخ بخطاب الشرع
... - ثبوت الحكم الناسخ بخطاب الشرع
... - أن يكون الناسخ في مثل درجة ثبوت المنسوخ أو أعلى (شرط مختلف فيه)




خلاصة أقوال أهل العلم في شروط الناسخ والمنسوخ



مفهوم النسخ
هو ما يزيل الله – جلّ ذكره - حكمه ويبدله بغيره من حكم متلوّ، ويبقى المنسوخ متلوًّا غير معمول به، أو يزيل حكمه ولفظه بحكم آخر متلوّ. ذكره
مكي بن أبي طالب في الإيضاح.

بيان ما يدخله النسخ
- يقع النسخ في
الأحكام من الأوامر والنواهي والحدود والعقوبات من أحكام الدنيا؛ وهذا قول عامة العلماء. ذكره مكي بن أبي طالب في الإيضاح.
- يقع النسخ على الأخبار الّتي معناها الأمر والنّهي
مثل قوله تعالى:
{الزّاني لا ينكح إلّا زانيةً أو مشركةً والزانية لا ينكحها إلّا زان أو مشرك} ومعنى ذلك لا تنكحوا زانية ولا مشركة.

ومثل قوله تعالى في سورة يوسف {قال تزرعون سبع سنين دأبا فما حصدتم فذروه في سنبله} ومعنى ذلك ازرعوا سبع سنين دأبا. ذكره هبة الله بن سلامة المقرئ في الناسخ والمنسوخ.
- لا يجوز أن يقع النسخ في الأخبار المحضة مثل
ما أخبرنا الله تعالى عنه أنه سيكون أو أنه كان أو وعدنا به ، أو قصّ علينا من أخبار الأمم الماضية، وما قصّ علينا من أخبار الجنة والنار والحساب والعقاب والبعث والحشر، وخلق السموات والأرضين وتخليد الكفار في النار والمؤمنين في الجنة، وكذلك ما أعلمنا به من صفاته. ذكره مكي بن أبي طالب في الإيضاح.
-
الأخبار لا يدخلها النّسخ، لأنّ نسخ الأخبار كذبٌ وحوشي القرآن من ذلك. ذكره ابن الجوزي في نواسخ القرآن عن ابن عقيل.
- سمى بعضهم الاستثناء نسخا والتخصيص نسخا والفقهاء على خلاف ذلك.
ذكره ابن الجوزي في المصفّى.
- روي القول بدخول النسخ على الخبر عن عبد الرّحمن بن زيد بن أسلم والسّديّ.
قال هبة الله بن سلامة المقريء: (وتابعهما على هذا القول جماعة، ولا حجّة لهم في ذلك من الدّراية، وإنّما يعتمدون على الرّواية)
.
- نسخ بعض الأحكام ثابت بالأدلة الصحيحة، وخالف في ذلك بعض أهل البدع فأنكروا وجود النسخ
. والعلماء مجمعون على وقوع النسخ في الأحكام . ذكره هبة الله بن سلامة المقريء في الناسخ والمنسوخ.

شروط الناسخ والمنسوخ
1: انفصال الناسخ عن المنسوخ
من شروط الناسخ أن يكون منفصلاً من المنسوخ منقطعًا منه؛ فإن كان متصلاً به غير منقطع عنه لم يكن ناسخًا لما قبله مما هو متصل به.
نحو قوله تعالى: {ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله}.
فليس قوله: {فإذا تطهرن فأتوهن} ناسخًا لقوله: {حتى يطهرن} في قراءة من خفف "يطهرن"؛ لأنه متصل به. فالأول: يراد به ارتفاع الدم. والثاني: التطهير بالماء، ذكره مكّي بن أبي طالب في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه.

2: أن يكون المنسوخ غير متعلّق بأجلٍ معلوم
- نحو قوله عليه الصلاة والسلام : (( لا صلاة في الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) فإن الوقت الذي يجوز فيه أداء النوافل التي لا سبب لها مؤقتا؛ فلا يكون نهيه عن هذه النوافل في الوقت المخصوص لما قبل ذلك من الجواز لأن التوقيت يمنع النسخ. ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ.
- ونحو قوله تعالى: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره} فإنه غير منسوخ بالأمر بالقتال في "براءة" لأن الله جعل له أجلاً ووقتًا، وهو إتيان أمره بالقتال وترك الصفح والعفو.
وإنما كان يكون منسوخًا بالقتال لو قال: فاعفوا واصفحوا أمرًا غير مؤقت. كما قال: {فاعف عنهم واصفح}؛ فهذا منسوخ بالقتال، ذكره مكي بن أبي طالب في الإيضاح.

3: أن يكون الناسخ موجباً للعلم والعمل كالمنسوخ

هذا الشرط ذكره مكي بن أبي طالب، قال: (
من شروط الناسخ أن يكون موجبًا للعلم والعمل كالمنسوخ، ومن هاهنا منع نسخ القرآن بخبر الآحاد، لأن أخبار الآحاد توجب العمل ولا توجب العلم، والقرآن يوجبهما جميعًا، وإنما وقع الاختلاف في جواز نسخ القرآن بالأخبار المتواترة التي توجب العلم والعمل كالقرآن).
وهذا الشرط لا يصح لأن أخبار الآحاد إذا احتفت بها القرائن توجب العلم، والخلاف في نسخ القرآن بالسنة فيه تفصيل يأتي بحثه في الموضوع المختص به.

4: أن يلغي حكمُ الناسخِ حكمَ المنسوخِ فلا يمكن العمل بهما جميعاً
وذلك قد يكون على وجهين:
أحدهما: أن يكون أحد الحكمين متناولا لما تناوله الثاني بدليل العموم، والآخر متناولا لما تناوله الأوّل بدليل الخصوص، فالدّليل الخاصّ لا يوجب نسخ دليل العموم، بل يبيّن أنّه إنّما تناوله التّخصيص لم يدخل تحت دليل العموم.
والوجه الثّاني: أن يكون كلّ واحدٍ من الحكمين ثابتًا في حالٍ غير
الحالة الّتي ثبت فيها (الحكم) الآخر مثل تحريم المطلّقة ثلاثًا فإنّها محرّمةٌ على مطلّقها في حالٍ، وهي ما دامت خاليةً عن زوج وإصابة فإذا أصابها زوجٌ ثانٍ ارتفعت الحالة الأولى، وانقضت بارتفاعها مدّة التّحريم فشرّعت في حالةٍ أخرى حصل فيها حكم الإباحة للزّوج المطلّق ثلاثًا، فلا يكون هذا ناسخًا، لاختلاف حالة التّحريم والتّحليل). ذكرهما ابن الجوزي في نواسخ القرآن وفي المصفّى.


5: تقدّم المنسوخ على الناسخ
يشترط في الناسخ أن يكون متراخيا عن المنسوخ، وبيان النسخ منتهى الحكم لتبدل المصلحة على اختلاف الأزمنة.
كالطبيب ينهى عن الشيء في الصيف ثم يأمر به في الشتاء، وذلك كالتوجه إلى بيت المقدس بمكة وهو اختيار اليهود، وكإيجاب التصدق بالفضل عن الحاجة في الابتداء لنشاط القوم في الصفاء والوفاء، وكتقدير الواجب بربع العشر الفاضل إلى الانتهاء تيسيرا للأداء وصيانة لأهل النسخ من الآباء، ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ.

ويعرف التراخي بين الناسخ والمنسوخ من طريقين:
أحدهما: من جهة النّطق كقوله تعالى: {الآن خفّف الله عنكم وعلم أنّ فيكم ضعفاً} وقوله: {فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهنّ} ومثل قول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: "كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها".
والثّاني: أن يعلم بطريق التّاريخ، وهو أن ينقل (بالرّواية) بأن يكون الحكم الأوّل ثبوته متقدّمًا على الآخر فمتى ورد الحكمان مختلفين على وجهٍ لا يمكن العمل بأحدهما إلا بترك الآخر، ولم يثبت تقديم أحدهما على صاحبه بأحد الطّريقين امتنع ادّعاء النّسخ في أحدهما). ذكرهما ابن الجوزي في نواسخ القرآن وفي المصفى.


6: ثبوت الحكم المنسوخ بخطاب الشرع
لأن الأمور العقلية التي مستندها البراءة الأهلية لم تنسخ وإنما ارتفعت بإيجاب العبادات، ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ.
وقال ابن الجوزي: (إن الحكم إذا كان ثابتًا بالعادة والتّعارف لم يكن رافعه ناسخًا، بل يكون ابتداء شرعٍ وهذا شيءٌ ذكر عند المفسّرين، فإنّهم قالوا: كان الطّلاق في الجاهليّة لا إلى غايةٍ فنسخه قوله: (الطلاق مرتان) وهذا لا يصدر ممّن يفقه، لأنّ الفقيه يفهم أنّ هذا ابتداء شرعٍ لا نسخٌ). ذكره ابن الجوزي في نواسخ القرآن وفي المصفى.


7: ثبوت الحكم الناسخ بخطاب الشرع
لأنه بموت المكلف ينقطع الحكم، والموت مزيل للحكم لا ناسخ له. ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ.
قال ابن الجوزي:
(أمّا ما ليس بمشروعٍ بطريق النّقل، فلا يجوز أن يكون ناسخًا للمنقول، ولهذا إذا ثبت حكم منقولٍ لم يجز نسخه بإجماعٍ ولا بقياسٍ)، ذكره ابن الجوزي في الإيضاح وفي المصفى.


8: أن يكون الناسخ في مثل درجة ثبوت المنسوخ أو أعلى (شرط مختلف فيه)
لأنه لا يجوز أن يكون الأضعف ناسخًا للأقوى
ولهذا نقول لا يجوز نسخ القرآن بالسنة. ذكره ابن الجوزي في ناسخ القرآن وفي المصفى.


رد مع اقتباس
  #6  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

أول ما نزل من القرآن
الموضوع الأصلي (هنا)


1: مقدمات في مسائل أول ما نزل من القرآن
- قاعدة البحث في مسائل أوّل ما نزل
- فوائد معرفة أول ما نزل
- أنواع مسائل أول ما نزل
2: تعيين أول ما نزل من القرآن الكريم مطلقاً
- القول الأول: سورة العلق
- القول الثاني: سورة العلق وسورة نون
- القول الثالث: سورة المدثر
- القول الرابع: سورة الفاتحة
- القول الخامس: البسملة
3: أول ما نزل بعد فترة الوحي الأولى
- سورة المدثر
4: أقوال العلماء في بيان أول ما نزل من القرآن

5: العتاق الأُوَل

6: أوائل مخصوصة
7: إشكال وجوابه

حديث عائشة قالت:
(إن أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام)



خلاصة أقوال لعلماء في بيان أول ما نزل


1: مقدمات في مسائل أول ما نزل من القرآن
قاعدة البحث في مسائل أوّل ما نزل
مدار هذا المبحث على النقل والتوقيف. ولا مجال للعقل فيه إلا بالترجيح بين الأدلة أو الجمع بينها فيما ظاهره التعارض منها.

ذكره الزرقاني في مناهل العرفان.

فوائد معرفة أول ما نزل
1: تمييز الناسخ من المنسوخ فيما إذا وردت آيتان أو آيات على موضوع واحد وكان الحكم في إحدى هذه الآيات يغاير الحكم في الأخرى.
2: معرفة تاريخ التشريع الإسلامي ومراقبة سيره التدريجي والوصول من وراء ذلك إلى حكمة الإسلام وسياسته في أخذه الناس بالهوادة والرفق والبعد بهم عن غوائل الطفرة والعنف سواء في ذلك هدم ما مردوا عليه من باطل وبناء ما لم يحيطوا بعلمه من حق.

3: إظهار مدى العناية التي أحيط بها القرآن الكريم حتى عرف فيه أول ما نزل وآخر ما نزل, كما عرف مكيه ومدنيه وسفريه وحضريه إلى غير ذلك. ولا ريب أن هذا مظهر من مظاهر الثقة به ودليل على سلامته من التغيير والتبديل. {لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} .
ذكرها الزرقاني في المناهل.

أنواع مسائل أول ما نزل
1: أول ما نزل من القرآن على الإطلاق.
2: أول ما نزل في بعض الأحكام التشريعية.
ذكرها الزرقاني في المناهل.


2: تعيين أول ما نزل من القرآن الكريم مطلقاً
القول الأول: سورة العلق
1: عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء فكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى فجأه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: اقرأ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فقلت له ما أنا بقارئ قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ فقلت: ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد فقال: {اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ الَّذي خَلَقَ} حتى بلغ: {ما لم يعلم} )) فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة رضي الله عنها فقال:((زملوني))فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال:((يا خديجة ما لي)) وأخبرها الخبر وقال: ((قد خشيت علي)) فقالت له: كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدًا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق). رواه البخاري عن يحيى بن بكير ورواه مسلم عن محمد بن رافع كلاهما عن عبد الرزاق). ذكره الواحدي في أسباب النزول.
2: عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (اقرأ باسم ربك هو أول شيء نزل على محمد صلى الله عليه وسلم)). ذكره أبو عبيد في فضائل القرآن
3: أَخْرَج ابن الضريس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (وكان أول ما نزل من القرآن ({اقرأ باسم ربك}الآية [العلق: 1] ثم (المزمل) ثم (المدثر)) ). ذكره السيوطي في الدر المنثور.
4: عن أبي رجاءٍ العطاردي ، قال: أخذت من أبي موسى: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق} وهي أوّل سورةٍ أنزلت على محمّدٍ صلى الله عليه وسلم). رواه ابن أبي شيبه في مصنفه.
5
: عن الكلبي عن أبي صالح أنه قال: أول شيء أنزل من القرآن {اقرأ باسم ربك الذي خلق} حتى بلغ إلى {إن إلى ربك الرجعى} وقال قتادة مثل ذلك.
قال الكلبي: (ثم أنزلت آيات بعد ثلاث آيات من أول ن والقلم أو ثلاث آيات من أول المدثر أحدهما قبل الأخرى فأي الثلاث كن قبل الأولى فالأخرى بعدهن). رواه محمد بن كثير العبدي
في الناسخ والمنسوخ لقتادة.

القول الثاني: سورة العلق وسورة نون
- عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (إن أول ما نزل من القرآن اقرأ باسم ربك الذي خلق و نون والقلم). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.

القول الثالث: سورة المدثر

1: عن يحيى بن أبي كثير قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن: أي القرآن أنزل قبل؟ قال: {يا أيها المدثر}: قلت: أو {اقرأ باسم ربك} قال: سألت جابر بن عبد الله الأنصاري: أي القرآن أنزل قبل؟ قال: {يا أيها المدثر} قال قلت: أو {اقرأ باسم ربك}. قال جابر: (أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني جاورت بحراء شهرًا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا هو على العرش في الهواء يعني جبريل فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني ثم صبوا علي الماء فأنزل الله علي {يا أَيُّها المُدَّثِّرُ * قُم فَأَنذِر} )). رواه مسلم عن زهير بن حرب عن الوليد بن مسلم عن الأوزاعي. ذكره الواحدي في أسباب النزول.

القول الرابع: سورة الفاتحة
1: عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال لخديجة : « إني إذا خلوت وحدي سمعتُ نداءً وقد واللّه خشيتُ أن يكون هذا أمراً » .
فقالت : معاذ اللّه، ما كان اللّه عزّ وجلّ ليفعل بك ذاك ، فوالله إنّك لتؤدّي الأمانة وتصل الرحم وتصدّق الحديث .
فلمّا دخل أبو بكر رضي الله عنه وليس رسول اللّه صلى الله عليه وسلم في الدار ثم ذكرت خديجة له، وقالت: يا عتيق اذهب مع محمد إلى ورقة بن نوفل، فلمّا دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ أبو بكر بيده، وقال: انطلق بنا إلى ورقة.
فقال : « من أخبرك؟ »
فقال: خديجة.
فانطلقا إليه فقصّ عليه فقال : « إذا خلوت وحدي سمعت نداءً خلفي : يا محمد يا محمد فأنطلق هارباً في الأرض » .
فقال له : لا تفعل ، إذا أتاك فاثبت حتى تسمع ما يقول ثم ائتني فأخبرني، فلمّا خلا ناداه يا محمد قل : { بسم الله الرحمن الرَّحِيمِ * الحمد للَّهِ رَبِّ العالمين } حتّى بلغ { وَلاَ الضآلين }). ذكره الثعلبي
في الكشف والبيان.
2: عن أبي إسحاق عن أبي ميسرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا برز سمع مناديًا يناديه: (يا محمد)، فإذا سمع الصوت انطلق هاربًا فقال له ورقة بن نوفل: إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك قال: فلما برز سمع النداء: يا محمد فقال: لبيك قال: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله ثم قال: قل {الحَمدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ الرَحمَنِ الرَحيمِ مالِكِ يَومِ الدينِ} حتى فرغ من فاتحة الكتاب). ذكره الواحدي في أسباب النزول.
3: ومن طريق أبي ميسرة أحد كبار التابعين أن رسول الله كان إذا برز سمع مناديا ينادي: يا محمد، فإذا سمع الصوت انطلق هاربا فقال له: ورقة بن نوفل إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك، فلما برز سمع النداء فقال: لبيك، قال: قل أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ثم قل الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم.. حتى فرغ من فاتحة الكتاب. ذكره ابن حجر في العجاب، وقال: وهو مرسل ورجاله ثقات.

4: قال أبو ميسرة: أول ما أقرأ جبريل النبي صلى الله عليه وسلم فاتحة الكتاب إلى آخرها. وقال ابن عباس: نزلت بمكة بعد: {يا أيها المدثر} ثم نزلت {تبت يدا أبي لهب}). ذكره السخاوي في جمال القراء
قال الشيخ عبد العزيز بن داخل المطيري: (هذا خبر منكر، وقد اضطربت أسانيده لدى الواحدي والثعلبي).

القول الخامس: البسملة
1: عن يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا: أول ما نزل من القرآن:{بِسمِ اللهِ الرَحمَنِ الرَحيمِ}، فهو أول ما نزل من القرآن بمكة وأول سورة {اِقرَأ بِاِسمِ رَبِّكَ}). ذكره الواحدي في أسباب النزول.
2: عن يزيد النحوي عن عكرمة والحسن قالا: أول ما نزل من القرآن بسم الله الرحمن الرحيم.
ذكره ابن حجر في
العجاب وقال: وهذا مرسل.


3: أول ما نزل بعد فترة الوحي الأولى
سورة المدثر:
1: عن جابر بن عبد الله، قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث عن فترة الوحي فقال: ((بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتا، فرفعت رأسي، فإذا الملك الذي جاءني بحراء على كرسي بين السماء والأرض، فجئثت منه رعبا، فأتيت خديجة فقلت: زملوني زملوني قال فزملوني، فأنزل الله عز وجل{ يا أيها المدثر، قم فأنذر }). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.


4: أقوال العلماء في بيان أول ما نزل من القرآن
ورد في ذلك أقوال أربعة:
القول الأول: أنه صدر سورة {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} إلى قوله سبحانه: {عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}
وهو ما عليه جمهور العلماء،
ودليله ما يأتي:

1: روى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: (أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال: إقرأ. قلت: "ما أنا بقارئ". فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني. فقال: اقرأ. قلت: "ما أنا بقارئ". فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال: اقرأ. قلت: "ما أنا بقارئ". فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} وفي بعض الروايات حتى بلغ {مَا لَمْ يَعْلَمْ} . فرجع بها إلى خديجة يرجف فؤاده إلى آخر الحديث وهو طويل.
2: وصحح الحاكم في مستدركه والبيهقي في دلائله عن عائشة أيضا رضي الله عنها أنها قالت: (أول سورة نزلت من القرآن: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ}).
3: وصحح الطبراني في الكبير بسنده عن أبي رجاء العطاردي قال: (كان أبو موسى يقرئنا فيجلسنا حلقا وعليه ثوبان أبيضان فإذا تلا هذه السورة: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} قال: (هذه أول سورة نزلت على محمد صلى الله عليه وسلم)).

القول الثاني: أن أول ما نزل إطلاقا: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} .
واستدل أصحاب هذا الرأي بالآتي:
- ما رواه الشيخان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: (سألت جابر بن عبد الله أي القرآن أنزل قبل؟ فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فقلت: أو {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} وفي رواية نبئت أنه {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} . فقال: أحدثكم ما حدثنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني جاورت بحراء فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت الوادي)) زاد في رواية: ((فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ثم نظرت إلى السماء فإذا هو)) - يعني جبريل- زاد في رواية: ((جالس على عرش بين السماء والأرض فأخذتني رجفة فأتيت خديجة فأمرتهم فدثروني، فأنزل الله:
{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ} )) .

توجيه العلماء لحديث جابر رضي الله عنه:
الأول: أن المدثر
من جملة ما نزل أول القرآن، وبالتالي لا تعارض بين الحديث وبين حديث عائشة.

الثاني: أن مراد جابر بالأولية أولية مخصوصة بما بعد فترة الوحي لا أولية مطلقة.
الثالث: أن وقع السؤال عن نزول بقية اقرأ والمدثر، فأجابه أبو سلمة عن جابر بما تقدم.
الرابع: أن السؤال كان عن نزول سورة كاملة، فبين أن سورة المدثر نزلت بكمالها قبل نزول تمام سورة اقرأ فإنها أول ما نزل منها صدرها
الخامس:
أن المراد أولية مخصوصة بالأمر بالإنذار، وعبر بعضهم عن هذا بقوله: أول ما نزل للنبوة: {اقرأ باسم ربك}، وأول ما نزل للرسالة: {يا أيها المدثر}.
السادس: أن المراد أول ما نزل بسبب متقدم وهو ما وقع من التدثر الناشئ عن الرعب، وأما {اقرأ} فنزلت ابتداء بغير سبب متقدم.
السابع: أن جابرا استخرج ذلك باجتهاده، وليس هو من روايته فيقدم عليه ما روته عائشة.

الثامن: أن جابرا سمع النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يذكر قصة بدء الوحي فسمع آخرها ولم يسمع أولها فتوهم أنها أول ما نزلت.
قال ابن تيمية: (قال ابن شهابٍ الزّهريّ: سمعت أبا سلمة بن عبد الرّحمن قال: أخبرني جابر بن عبد اللّه أنّه سمع رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يحدّث عن فترة الوحي: ((فبينما أنا أمشي سمعت صوتاً فرفعت بصري قبل السّماء , فإذا الملك الّذي جاءني بحراءٍ قاعدٌ على كرسيٍّ بين السّماء والأرض، فجثثت حتّى هويت إلى الأرض، فجئت أهلى فقلت: زمّلوني زمّلوني. فزمّلوني، فأنزل اللّه تعالى: {يا أيّها المدّثّر قم فأنذر}. إلى قوله: {والرّجز فاهجر})).
فهذا يبيّن أنّ (المدّثّر) نزلت بعد تلك الفترة، وأنّ ذلك كان بعد أن عاين الملك الّذي جاءه بحراءٍ أوّلاً، فكان قد رأى الملك مرّتين.
وهذا يفسّر حديث جابرٍ الّذي روي من طريقٍ آخر كما أخرجاه من حديث يحيى بن أبي كثيرٍ قال: سألت أبا سلمة بن عبد الرّحمن عن أوّل ما نزّل من القرآن، قال: {يا أيّها المدّثّر}.
قلت: يقولون: {اقرأ باسم ربّك الّذي خلق}.
فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد اللّه عن ذلك وقلت له مثل ما قلت؛ فقال جابرٌ: لا أحدّثك إلاّ ما حدّثنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال: ((جاورت بحراءٍ، فلمّا قضيت جواري هبطت فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئاً ونظرت عن شمالي فلم أر شيئاً، ونظرت أمامي فلم أر شيئاً، ونظرت خلفي فلم أر شيئاً، فرفعت رأسي فرأيت شيئاً فأتيت خديجة فقلت: دثّروني وصبّوا عليّ ماءً بارداً. فدثّروني وصبّوا عليّ ماءً بارداً، قال: فنزلت {يا أيّها المدّثّر قم فأنذر وربّك فكبّر})).
فهذا الحديث يوافق المتقدّم , وأنّ (المدّثّر) نزلت بعد أن هبط من الجبل، وهو يمشي , وبعد أن ناداه الملك حينئذٍ، وقد بيّن في الرواية الأخرى أنّ هذا الملك هو الّذي جاءه بحراءٍ، وقد بيّنت عائشة أنّ (اقرأ) نزلت حينئذٍ في غار حراءٍ، لكن كأنّه لم يكن علم أنّ (اقرأ) نزلت حينئذٍ، بل علم أنّه رأى الملك قبل ذلك، وقد يراه ولا يسمع منه، لكن في حديث عائشة زيادة علمٍ، وهو أمره بقراءة (اقرأ).
وفي حديث الزّهريّ أنّه سمّى هذا (فترة الوحي), وكذلك في حديث عائشة (فترة الوحي)، فقد يكون الزّهريّ روى حديث جابرٍ بالمعنى , وسمّى ما بين الرّؤيتين (فترة الوحي) كما بيّنته عائشة، وإلاّ فإن كان جابرٌ سمّاه (فترة الوحي) فكيف يقول: إنّ الوحي لم يكن نزل؟
وبكلّ حالٍ فالزّهريّ عنده حديث عروة عن عائشة وحديث أبي سلمة عن جابرٍ، وهو أوسع علماً وأحفظ من يحيى بن أبي كثيرٍ لو اختلفا، لكنّ يحيى ذكر أنّه سأل أبا سلمة عن الأولى فأخبر جابرٌ بعلمه، ولم يكن علم ما نزل قبل ذلك، وعائشة أثبتت وبيّنت.
والآيات - آيات {اقرأ} و {المدّثّر} - تبيّن ذلك، والحديثان متصادقان مع القرآن , ومع دلالة العقل على أنّ هذا الترتيب هو المناسب). [مجموع الفتاوى لابن تيمية].


القول الثالث: أن أول ما نزل هو سورة الفاتحة.
وقد استدل أصحاب هذا الرأي بما رواه البيهقي في الدلائل بسنده عن ميسرة عمر بن شرحبيل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة: ((إني إذا خلوت وحدي سمعت نداء فقد والله خشيت على نفسي أن يكون هذا أمرا)) . قالت: معاذ الله ما كان الله ليفعل بك إنك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث. فلما دخل أبو بكر ذكرت خديجة حديثه له وقالت: اذهب مع محمد إلى ورقة. فانطلقا فقصا عليه فقال: ((إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي يا محمد يا محمد فأنطلق هاربا في الأفق)) . فقال: لا تفعل إذا أتاك فاثبت حتى ما يقول. ثم ائتني فأخبرني. فلما خلا ناداه: يا محمد قل:{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} . حتى بلغ {وَلا الضَّالِّينَ}
توجيه العلماء لهذه الرواية:
أولا: مذهب الجمع بينه وبين حديث عائشة:
قال القاضي أبو بكر في "الانتصار":
(وهذا الخبر منقطع
وطريق الجمع بين الأقاويل أن أول ما نزل من الآيات {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} الآية [العلق: 1] وأول ما نزل من أوامر التبليغ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ}[المدثر: 1] وأول ما نزل من السور سورة الفاتحة). ذكره الزركشي

وقال البيهقي: (هذا منقطع وإن كان محفوظاً فيحتمل أن يكون خبراً عن نزولها بعد ما نزلت عليه (اقرأ) و(المدثر) قلت: وإن صح أخذ منه أنها من أوائل ما نزل كما لا يخفى). ذكره السيوطي في التحبير.

ثانيا: مذهب الترجيح
قال الزرقاني: (
هذا الحديث لا يصلح للاحتجاج به على أولية ما نزل مطلقا وذلك من وجهين:
أحدهما: أنه لا يفهم من هذه الرواية أن الفاتحة التي سمعها الرسول كانت في فجر النبوة أول عهده بالوحي الجلي وهو في غار حراء بل يفهم منها أن الفاتحة كانت بعد ذلك العهد وبعد أن أتى الرسول إلى ورقة وبعد أن سمع النداء من خلفه غير مرة وبعد أن أشار عليه ورقة أن يثبت عند هذا النداء حتى يسمع ما يلقى إليه.
الثاني: أن هذا الحديث مرسل سقط من سنده الصحابي فلا يقوى على معارضة حديث عائشة السابق في بدء الوحي وهو مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم. فبطل إذا هذا الرأي الثالث وثبت الأول أيضا.


القول الرابع: أن أول ما نزل البسملة
دليله: واستدل قائلوه بما أخرجه الواحدي بسنده عن عكرمة والحسن قالا: أول ما نزل من القرآن {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} وأول سورة اقْرَأْ.
وأخرج ابن جرير وغيره من طريق الضحاك عن ابن عباس قال:
(أول ما نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا محمد استعذ ثم قل: {بسم الله الرحمن الرحيم}).
توجيه العلماء لهذه الرواية:

هذا الاستدلال مردود من ناحيتين أيضا:
الأولى: أن الحديث مرسل كسابقه فلا يناهض المرفوع. ذكره الزرقاني
الثانية: أن البسملة كانت بطبيعة الحال تنزل صدرا لكل سورة إلا ما استثني. إذن فهي نازلة مع ما نزل من صدر سورة (اقرأ) فلا يستقيم اعتبار الأولية في نزولها قولا مستقلا برأسه).
ذكره السيوطي والزرقاني



5: العتاق الأُوَل
من أوائل ما أنزل بمكة: الإسراء والكهف وطه.
عن عبد الله بن مسعود أنه قال: (إنهن من تلادي من العتاق الأول) رواه البخاريّ.
ذكره
السيوطي في التحبير.

6: أوائل مخصوصة
أول ما نزل بالمدينة
القول الأول: سورة المطففين
- عن
علي بن الحسين بن واقد قال: حدثني أبي قال: سمعت علي بن الحسين يقول:
(أول سورة نزلت بالمدينة: {ويل للمطففين}).
ذكره الواحدي في أسباب النزول، والبلقيني في مواقع العلوم وقال: مرسل بغير إسناد.

القول الثاني: سورة البقرة
قال عكرمة: (أول سورة نزلت بالمدينة سورة البقرة).

ذكره البلقيني وقال: مرسل بغير إسناد.
قال السيوطي: (أما مرسل فصحيح، وأما بلا إسناد فقد تقدم مسنداً عن عكرمة والحسن أن أول ما نزل بها: {ويل للمطففين}[المطففين: 1]، ثم {البقرة} بل وعن ابن عباس فانتفى إرساله أيضاً).
- عن أمية الأزدي عن جابر بن زيد وهو من علماء التابعين بالقرآن، قال: (أول ما أنزل الله على محمد – صلى الله عليه وسلم –من القرآن بمكة: (اقرأ) ثم: (ن) وسرد سائر السور المتقدمة في النوع الأول عن عكرمة [...]
ثم {ويل للمطففين}؛ فذاك ما نزل بمكة، ثم قال: وأنزل بالمدينة سورة البقرة فذكر سائر السور كما تقدم)، رواه أبو داوود. ذكره السيوطي في التحبير.

القول الثالث: سورة القدر.
وفي "تفسير النسفي" عن الواقدي: (إن أول سورة نزلت بالمدينة سورة القدر). ذكره السيوطي في الإتقان.

أول سورة معلنة بمكة
- علي بن الحسين: (وأول سورة أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة النجم). رواه الواحدي في أسباب النزول، ونقله عنه السيوطي في الإتقان.


أول ما نزل في الأطعمة
- أول آية نزلت في الأطعمة بمكة: آية الأنعام: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما} الآية [الأنعام: 145]، ثم آية النحل: {فكلوا مما رزقكم الله} الآية [النحل: 114] إلى آخرها،
- وبالمدينة آية البقرة:
{إنما حرم عليكم الميتة} الآية [البقرة: 173]، ثم آية المائدة {حرمت عليكم الميتة} الآية [المائدة: 3].
قاله ابن الحصار، وذكره السيوطي في الإتقان.

أول ما نزل في الخمر
- عن ابن عمر قال: (نزل في الخمر ثلاث آيات فأول شيء:{يسألونك عن الخمر والميسر}الآية [البقرة: 219]
فقيل: حرمت الخمر، فقالوا: (يا رسول الله دعنا ننتفع بها كما قال الله فسكت عنهم، ثم نزلت هذه الآية: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى}الآية [النساء: 43] فقيل: حرمت الخمر فقالوا: يا رسول الله لا نشربها قرب الصلاة فسكت عنهم، ثم نزلت:{يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر}الآية [المائدة: 90] فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((حرمت الخمر))). رواه الطيالسي في مسنده، وذكره السيوطي في الإتقان والزرقاني في المناهل.

أول ما أنزل في القتال
- عن معمر، عن الزهري، قال: أول آية أنزلت في القتال: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية، ثم ذكر القتال في آي كثير). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.
- عن ابن عباس:
(أول آية أنزلت فيه
: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ}الآية [الحج: 39])). رواه الحاكم في المستدرك، ذكره الزركشي.

- أول آية نزلت في القتال مطلقاً: {أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا} الآية [الحج: 39]. رواه الحاكم وغيره عن ابن عباس. ذكره السيوطي في التحبير وفي الإتقان.
- أول آية أنزلت في الإذن بالقتال قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} الآية [التوبة: 111]. رواه الحاكم في الإكليل. ذكره الزركشي في البرهان والسيوطي في الإتقان
- أول آية نزلت فيه بالمدينة:
{وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}[البقرة: 190] حكاه ابن جرير عن أبي العالية.ذكره السيوطي في التحبير
وفي الإتقان. وذكره الزرقاني في المناهل.


أول ما نزل في شأن القتل
أول ما نزل في شأن القتل آية الإسراء: {ومن قتل مظلوما} الآية [الإسراء: 33] أخرجه ابن جرير عن الضحاك). ذكره السيوطي في الإتقان.

أول سورة أنزلت فيها سجدة
- عن ابن مسعود قال: (أول سورة أنزلت فيها سجدة النجم)، رواه البخاري. ذكره السيوطي في الإتقان.

أول ما أنزل من سورة آل عمران
- عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير، قال: أول ما نزل من آل عمران: {هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين} الآية [آل عمران: 138]، ثم أنزلت بقيتها يوم أحد).أخرجه ابن أشته من طريق سفيان وغيره، ذكره السيوطي في الإتقان.

أول ما أنزل من سورة براءة
القول الأول:
-
وعن ابن عباس رحمه الله: أول شيء نزل من سورة التوبة {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة} ثم أنزلت السورة كلها بعد ذلك، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى تبوك، وتلك آخر غزوة غزاها النبي صلى الله عليه وسلم). ذكره السخاوي في جمال القراء.

- عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة} الآية [التوبة: 25] قال: (هي أول ما أنزل الله من سورة براءة).رواه الفريابي، وذكره السيوطي في الإتقان.
القول الثاني:
- عن مسروق عن أبي الضحى، قال: أول ما نزل من براءة
{انفروا خفافا وثقالا} الآية [التوبة: 41]، ثم نزل أولها ثم نزل آخرها. رواه الفريابي.
- عن أبي مالك، قال: كان أول براءة {انفروا خفافا وثقالا} الآية [التوبة: 41] سنوات، ثم أنزلت براءة أول السورة فألفت بها أربعون آية. أخرجه ابن أشته في كتاب المصاحف.
- عن داود عن عامر في قوله: {انفروا خفافا وثقالا} الآية [التوبة: 41] قال: (هي أول آية نزلت في براءة في غزوة تبوك فلما رجع من تبوك نزلت براءة إلا ثمان وثلاثين آية من أولها). أخرجه ابن أشته في كتاب المصاحف.
ذكره السيوطي في الإتقان.

7: إشكال وجوابه
ورد في أول ما نزل حديث آخر روى الشيخان عن عائشة قالت: (إن أول ما نزل سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام)
وقد استشكل هذا بأن أول ما نزل اقرأ، وليس فيها ذكر الجنة والنار.
الجواب: (من) مقدره أي: من أول ما نزل والمراد: سورة المدثر فإنها أول ما نزل بعد فترة الوحي وفي آخرها ذكر الجنة والنار، فلعل آخرها نزل قبل نزول بقية اقرأ).
ذكره السيوطي في الإتقان.


رد مع اقتباس
  #7  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي


آخر ما نزل من القرآن
الموضوع الأصلي (هنا)


عناصر الموضوع:
آخر سورة نزلت كاملة
- سورة: {إذا جاء نصر الله والفتح}
- سورة المائدة
آخر سورة نزلت من القرآن الكريم مطلقاً
- القول الأول: سورة النصر.

- القول الثاني: سورة براءة

- القول الثالث: سورة المائدة

آخر ما نزل من آيات القرآن الكريم
- القول الأول: قوله تعالى: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} البقرة.
- القول الثاني: آية الكلالة
- القول الثالث: آية الربا
- القول الرابع: آية الربا وآية الدَّين
- القول الخامس: آخر آيتين من سورة التوبة

آخر ما كتب في المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
مسالك العلماء في التوفيق بين الآثار المروية في آخر ما نزل في القرآن
- المسلك الأول: الجمع بين الروايات.

- المسلك الثاني: مسلك الترجيح بين الروايات
- المسلك الثالث: نقد المرويات في هذا الباب كلها
أواخر مخصوصة
- آخر ما نزل بمكة
إشكال وجوابه
- اعتبار قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} آخر ما نزل.


خلاصة أقوال أهل العلم في آخر ما نزل من القرآن



آخر سورة نزلت كاملة
- القول الأول: سورة النصر
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال لي ابن عباسٍ: تعلم آخر سورةٍ نزلت من القرآن نزلت جميعًا؟ قلت: نعم، {إذا جاء نصر الله والفتح} قال: صدقت). رواه مسلم واللفظ له، ورواه ابن أبي شيبة، والنسائي (ذكره ابن كثير)، وابن مردويه (ذكره السيوطي)

- القول الثاني: سورة براءة

عن أبي إسحاق، عن البراء، قال، (آخر سورةٍ نزلت كاملةً براء). رواه ابن أبي شيبة في مصنفه.



آخر سورة نزلت من القرآن الكريم مطلقاً
- القول الأول: سورة النصر، وتسمّى سورة الفتح
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال: قال لي ابن عباسٍ: تعلم آخر سورةٍ نزلت من القرآن نزلت جميعًا؟
قلت: نعم، {إذا جاء نصر الله والفتح}
قال: صدقت)
.
رواه مسلم واللفظ له، ورواه ابن أبي شيبة، والنسائي (ذكره ابن كثير)، وابن مردويه (ذكره السيوطي)

- القول الثاني: سورة براءة

- عن ابن عباس، عن عثمان، قال: (كانت براءة من آخر القرآن نزولا). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.

- عن أبي إسحاق، قال: سمعت البراء يقول: (آخر سورةٍ نزلت براءة). متفق عليه، ورواه أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن، وابن أبي شيبة في مصنفه، ومحمد بن أيوب الضريس في فضائل القرآن، وأورده ابن كثير في تفسيره عن الترمذي.

- القول الثالث: سورة المائدة

- عن أبي عبد الرّحمن، عن عبد اللّه بن عمرٍو قال: (آخر سورةٍ أنزلت: سورة المائدة والفتح).
رواه الترمذي وقال: هذا حديثٌ غريبٌ حسنٌ.

وقد روى الحاكم في مستدركه، من طريق عبد اللّه بن وهبٍ بإسناده نحو رواية التّرمذيّ، ثمّ قال: صحيحٌ على شرط الشّيخين ولم يخرّجاه.
ذكره ابن كثير في تفسيره.
- عن جبير بن نفير قال: (حججت فدخلت على عائشة، فقالت لي: (يا جبير تقرأ المائدة؟) فقلت: نعم، فقالت: (أما إنها آخر سورة نزلت). أخرجه أحمد وأبو عبيد في فضائله والنحاس في ناسخه والنسائي، وَابن المنذر والحاكم وصححه، وَابن مردويه والبيهقي في "سُنَنِه"
رواه السيوطي في الدر المنثور.



آخر ما نزل من آيات القرآن الكريم
- القول الأول: قوله تعالى: {واتقوا يوماً ترجعون فيه إلى الله} البقرة.
- عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (آخر آية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله }) رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.
- عن الكلبي عن أبي صالح وسعيد بن جبير أنهما قالا إن آخر آية نزلت من القرآن {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} ). رواه محمد بن كثير العبدي في الناسخ والمنسوخ لقتادة.
- عن مالك بن مغول، عن عطاء بن أبي رباح قال: (آخر أية أنزلت من القرآن: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله}). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.

- القول الثاني: آية الكلالة
عن أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، قال:آخر آية أنزلت: { يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } ). رواه البخاري، ورواه أبو عبيد في فضائل القرآن وابن أبي شيبه في مصنفه وابن الضريس في فضائله.

- القول الثالث: آية الربا
- عن الشعبي، عن ابن عباس قال: (آخر ما أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم آية الربا). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.
- عن سعيد بن المسيب، عن عمر، رضي الله عنه قال: (آخر ما أنزل من القرآن آية الربا). رواه ابن الضريس في فضائل القرآن.

- القول الرابع: آية الربا وآية الدَّين
- عن عقيل، عن ابن شهاب قال: (آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا وآية الدين). رواه أبو عبيد في فضائل القرآن.

- القول الخامس: آخر آيتين من سورة التوبة

- عن قتادة أن أبي بن كعب قال: إن آخر عهد القرآن في السماء هاتان الآيتان خاتمة براءة {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم..} إلى آخرها).
رواه محمد بن كثيرٍ العَبْدي في الناسخ والمنسوخ لقتادة، وابن الضريس في فضائل القرآن واللفظ له.
- عن الربيع، عن أبي العالية: «أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون، ويملّ عليهم أبي بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية في سورة براءة {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون} فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن.
فقال أبيّ بن كعب: إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرأني بعد هذا آيتين: {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم . فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}
قال: فهذا آخر ما أنزل من القرآن).
رواه ابن الضريس في فضائل القرآن.

آخر ما كتب في المصحف الذي جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
- عن الربيع، عن أبي العالية أنهم جمعوا القرآن في مصحف في خلافة أبي بكر، فكان رجال يكتبون، ويملّ عليهم أبي بن كعب حتى انتهوا إلى هذه الآية في سورة براءة: {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون}، فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن.
فقال أُبَيُّ بنُ كعب: (إن النبي صلى الله عليه وسلم قد أقرأني بعد هذا آيتين :{لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم .فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم}.

قال: (فهذا آخر ما أنزل من القرآن).
قال: (فختم الأمر بما فتح به بلا إله إلا الله، يقول الله عز وجل: {وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون}).
). رواه ابن الضريس في فضائل القرآن.

مسالك العلماء في التوفيق بين الآثار المروية في آخر ما نزل في القرآن
- المسلك الأول: الجمع بين الروايات.
واختلفوا في هذا الجمع على أوجه:
الوجه الأول: ا
عتبار أن ما روي من باب الاجتهاد وغلبة الظن، ويكون الاختلاف راجعا إلى أن كل واحد من الصحابة أخبر بما عنده من العلم، فيكون آخر ما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وظن أنه لم ينزل بعده وحي.
ذكره البيهقي والذهبي والباقلاني.
الوجه الثاني:
أن يكون كل واحد أخبر عن بعض ما نزل باعتبار أنه آخر، كما في الروايات الواردة في آخرية آية الربا، وآية {واتقوا يوما}، وآية الدين؛ لأن الظاهر أنها نزلت دفعة واحدة كترتيبها في المصحف ولأنها في قصة واحدة. ذكره السيوطي
الوجه الثالث: اعتبار أن يكونوا أرادوا أن ما ذكر من أواخر الآيات التي نزلت، ولا يُقصد بها أنها الآخرية المطلقة.

-
وذلك كما في الصحيحين من طريق البراء بن عازب أن آخر آية نزلت: {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة} وآخر سورة نزلت براءة.
- أمّا السّورة فالمراد بعضها أو معظمها وإلّا ففيها آياتٌ كثيرةٌ نزلت قبل سنة الوفاة النّبويّة.
ذكره ابن حجر.
الوجه الرابع: اعتبار
أنه يُراد بكل قول آخرية مخصوصة، فيكون:
- آية الربا وآية الدين آخر ما نزل من آيات الأحكام.
- قوله تعالى: (فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى) آخر ما نزل بعدما كان ينزل في الرجال خاصة.
لحديث أم سلمة قال: (يا رسول الله. أرى الله يذكر الرجال ولا يذكر النساء) فنزلت: (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) ونزلت: (إن المسلمين والمسلمات) ونزلت هذه الآية فهي آخر الثلاثة نزولا وآخر ما نزل بعدما كان ينزل في الرجال خاصة.

- آخر الآيات نزولا: {فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة}، يعني في آخر سورة نزلت (أي التوبة) .
- قوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلى محرما..} آخر ما نزل في محاجة المشركين ومخاصمتهم وهم بمكة.

- قوله تعالى:
{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ} آخر ما نزل في شأن قتل المؤمن عمدا.
- قوله تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ} آخر ما نزل في الفرائض.
- سورة براءة آخر ما نزل في شأن تشريع القتال والجهاد.
- سورة المائدة آخر سورة نزلت في الحلال والحرام فلم تنسخ فيها أحكام.

- قوله: (لقد جاءكم رسول من أنفسكم) إلى آخر السورة آخر ما نزل من سورة براءة لا آخر مطلق.
ويؤيده ما قيل في هاتين الآيتين أنهما مكيتان بخلاف سائر السورة.
- قوله تعالى: (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا..) آخر ما نزل مثبتا محكما ولم ينسخها شيء.
- آخر ما نزل مشعرا بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم سورة (إذا جاء نصر الله والفتح) ويؤيده ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنه قال حين نزلت: (نعيت إلى نفسي) وكذلك فهم كبار الصحابة. ويحتمل أيضا أنها آخر ما نزل من السور فقط لحديث ابن عباس: (آخر سورة نزلت من القرآن جميعا: (إذا جاء نصر الله والفتح)
).
ذكر ذلك السيوطي في الإتقان، والزرقاني في المناهل.

- المسلك الثاني: مسلك الترجيح بين الروايات
الأقوال الواردة في آخر ما نزل مطلقا:

الأول: أن آخر ما نزل قول الله تعالى في سورة البقرة: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ}. أخرجه النسائي من طريق عكرمة عن ابن عباس
وكذلك أخرج ابن أبي حاتم قال: آخر ما نزل من القرآن كله {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} الآية. وعاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزولها تسع ليال ثم مات لليلتين خلتا من ربيع الأول.
الثاني: أن آخر ما نزل هو قول الله تعالى في سورة البقرة أيضا {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}. أخرجه البخاري عن ابن عباس والبيهقي عن ابن عمر.
الثالث: أن آخر ما نزل آية الدين في سورة البقرة أيضا وهي قوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً فَاكْتُبُوهُ} إلى قوله سبحانه: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} وهي أطول آية في القرآن.
واختار الزرقاني أن آخر هذه الثلاثة نزولا هو قول الله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} .
وذلك لأمرين:
-أحدهما: ما تحمله هذه الآية في طياتها من الإشارة إلى ختام الوحي والدين, بسبب ما تحث عليه من الاستعداد ليوم المعاد وما تنوه به من الرجوع إلى الله واستيفاء الجزاء العادل من غير غبن ولا ظلم وذلك كله أنسب بالختام من آيات الأحكام المذكورة في سياقها.
-ثانيهما: التنصيص في رواية ابن أبي حاتم السابقة على أن النبي صلى الله عليه وسلم عاش بعد نزولها تسع ليال فقط ولم تظفر الآيات الأخرى بنص مثله. ذكره الزرقاني
.
- ورجح ابن حجر أن آخر سورة نزلت كاملة هي سورة النصر.
، لحديث ابن عباسٍ: (تعلم آخر سورةٍ نزلت من القرآن نزلت جميعًا؟...).

- المسلك الثالث: نقد المرويات في هذا الباب كلها
- قال الباقلاني: (ليس في هذه الروايات ما رُفع إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليس العلم بذلك من فرائض الدين حتى يلزم ما طعن به الطاعنون من عدم الضبط).
- قول الباقلاني متعقّب بأنّ ما صح عن الصحابة في نزول القرآن فله حكم الرفع؛ فإن اختلفت الروايات فيجمع بينها إن أمكن؛ فإن لم يمكن فالترجيح.


أواخر مخصوصة
- آخر ما نزل بمكة
- سورة النبأ

روي أن النبي صلى الله عليه وسلم هاجر غداة يوم إنزالها.
ذكر ذلك هبة الله المقريء في الناسخ والمنسوخ، والسخاوي في جمال القراء
- سورة المطففين
اختلفوا فيها، فقال ابن عباس: مدنية. وقال عطاء: هي آخر ما نزل بمكة.
ذكره الزركشي في البرهان


إشكال وجوابه
- اعتبار قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} آخر ما نزل.
سؤال: لماذا لا يعتبر قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم} آخر ما نزل
مع أنها صريحة في أنها إعلام بإكمال الله لدينه في ذلك اليوم المشهود الذي نزلت فيه وهو يوم عرفة في حجة الوداع بالسنة العاشرة من الهجرة.
والظاهر أن إكمال دينه لا يكون إلا بإكمال نزول القرآن وإتمام جميع الفرائض والأحكام.
؟

الجواب: صرّح السدّي بأن هذه الآية آخر ما نزل، مع أنه قد ثبت أن هناك قرآنا نزل بعد هذه الآية حتى بأكثر من شهرين ومنه آيات الربا والدين وآية: {وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ}
وهذه قرينة تمنعنا أن نفهم إكمال نزول القرآن من إكمال الدين في آية المائدة المذكورة.

فيكون معنى إكمال الدين هو إفراد المؤمنين بالبلد الحرام وإجلاء المشركين عنه حتى حجه المسلمون لا يخالطهم المشركون، ويؤيده ما أخرجه من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس: (وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين فكان ذلك من تمام النعمة {وأتممت عليكم نعمتي}) وهذه خلاصة ما ذكره ابن جرير والسيوطي والزرقاني.


رد مع اقتباس
  #8  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

معرفة أسباب النزول
الموضوع الأصلي (هنا)



فوائد معرفة أسباب النزول

أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول
أقسام ما صحّ من أسباب النزول
ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول

بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
القول في أسباب النزول موقوف على السماع

حكم قول الصحابي في سبب النزول.

حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول

معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..)

أحوال الاختلاف في سبب النزول
العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

علاقة أسباب النزول بالنظم القرآني

تقدم نزول الآية على الحكم

نزول آيات متفرقة لسبب واحد
تعدد الأسباب والنازل واحد



خلاصة أقول أهل العلم في معرفة أسباب النزول



أقسام نزول القرآن
1: ابتدائي، أي من ما ينزل ابتداء.
2: سببي، أي منه ما ينزل عقب واقعة أو سؤال


● المقصود بأسباب النزول
هي حوادث يروى أن آيات من القرآن نزلت لأجلها لبيان حكمها أو لحكايتها أو إنكارها أو نحو ذلك، ذكره الطاهر بن عاشور في التحرير والتنوير.

- وضابطه أن تكون الآية نزلت أيام وقوعه، ليخرج ما ذكره الواحدي في سورة الفيل: من أن سببها قصة قدوم الحبشة به، فإن ذلك ليس من أسباب النزول في شيء، بل هو من باب الإخبار عن الوقائع الماضية، كذكر قصة قوم نوح وعاد وثمود وبناء البيت ونحو ذلك، وكذلك ذكره في قوله: {واتخذ الله إبراهيم خليلا} الآية [النساء: 125] سبب اتخاذه خليلا ليس ذلك من أسباب نزول القرآن كما لا يخفى. ذكره السيوطي الإتقان.

المؤلفات في أسباب النزول
قد أكثر المفسرون من ذكر أسباب النزول ضمن تفاسيرهم، ومن أهل العلم من أفردها بالتصنيف، ومنها:
- تصنيف علي بن المديني شيخ البخاري
- تصنيف الواحدي: (أسباب النزول).
قال السيوطي: وهو من أحسنها على ما فيه من إعواز، وقد اختصره الجعبري فحذف أسانيده ولم يزد فيه شيئا.
- تصنيف شيخ الإسلام أبي الفضل بن حجر: (العجاب في بيان الأسباب).
- تصنيف السيوطي: (لباب النقول في أسباب النزول).
وقال عنه السيوطي: ويتميز كتابي عن كتاب الواحدي بأمور:
أحدها: الاختصار.
ثانيها: حوى زيادات كثيرة على ما ذكر الواحدي.
ثالثها: عزوه كل حديث إلى من خرجه من أصحاب الكتب المعتبرة،
كالكتب الستة، والمستدرك، وصحيح ابن حبان، وسنن البيهقي، والدارقطني، ومسانيد أحمد والبزار وأبي يعلي، ومعاجم الطبراني، وتفاسير ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبي الشيخ وابن حبان والفريابي وعبد الرزاق وابن المنذر وغيرهم.
أما الواحدي فتارة يورد الحديث بإسناده وفيه مع التطويل عدم العلم بمخرج الحديث؛ فلا شك أن عزوه إلى أحد الكتب المذكورة أولى من عزوه إلى تخريج الواحدي لشهرتها واعتمادها وركون الأنفس إليها.
رابعها: تمييز الصحيح من غيره والمقبول من المردود.
خامسها: الجمع بين الروايات المتعددة.
سادسها: تنحية ما ليس من أسباب النزول

- تصنيف مقبل بن هادي الوادعي: (الصحيح المسند في أسباب النزول).

أنواع أسباب النزول
سبب النزول إما حادث أو سؤال.
- فقد تحدث حادثة فينزل القرآن الكريم بشأنها كما في سبب نزول {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ}.
- أو يُسْأل الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن شيء فينزل القرآن ببيان الحكم فيه كما في سبب نزول آية اللعان.

أنواع مسائل أسباب النزول
1: المشهور وهو قسمان:
صحيح: كقصة الإفك وآية السعي والتيمم والعرنيين وموافقات عمر.

وضعيف: كسبب نزول قوله تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} الآية [النساء: 58].
وقد اشتهر أنها نزلت في شأن مفتاح الكعبة، وأسانيد ذلك بعضها ضعيف، وبعضها منقطع.
2: الغريب وهو أيضاً قسمان:
- صحيح، وضعيف.

ذكره السيوطي في التحبير
.

فوائد معرفة أسباب النزول
1: الدلالة على حكمة التشريع
كآية القتال فإنها لم تنزل إلا بعد أن علم الله أن للمؤمنين اقتدارا على القتال. ذكره الوادعي.

2: تعين على فهم المعنى
لأن في بيان سبب النزول طريق قوي في فهم معاني الكتاب العزيز وهو أمر تحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا. ذكره الزركشي عن أبي الفتح القشيري.

3: معرفة اسم النازل فيه الآية وتعيين المبهم فيها
مثلما قال مروان في عبد الرحمن بن أبي بكر: (إنه الذي أنزل فيه {
والذي قال لوالديه أف لكما} الآية [الأحقاف: 17])، حتى ردت عليه عائشة وبينت له سبب نزولها.

4: تعين على بيان ما يستشكل
- مثلما أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى: {لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا} الآية ، وقال: (لئن كان كل امرئ فرح بما أوتي وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعون) حتى بين له ابن عباس أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا بذلك إليه. أخرجه الشيخان
- وكما حكي عن عثمان بن مظعون وعمرو بن معد يكرب أنهما كانا يقولان: (الخمر مباحة ويحتجان بقوله تعالى: {ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا}الآية [المائدة: 93])، ولو علما سبب نزولها لم يقولا ذلك، وهو أن ناسا قالوا: (لما حرمت الخمر كيف بمن قتلوا في سبيل الله وماتوا وكانوا يشربون الخمر وهي رجس فنزلت). أخرجه أحمد والنسائي وغيرهما.


5: تعين على معرفة اقتضاء الدليل العموم أو حمله على الخصوص
فقد يكون عاما ويقوم الدليل على تخصيصه، فإذا عرف السبب قصر التخصيص على ما عدا صورته فإن دخول صورة السبب قطعي، وإخراجها بالاجتهاد ممنوع، كما حكى الإجماع عليه القاضي أبو بكر في "التقريب". ذكره السيوطي في الإتقان.
- خطورة الخلط بين العموم والخصوص في ألفاظ القرآن
قال الطاهر بن عاشور: (هذا وإن القرآن كتاب جاء لهدي أمة والتشريع لها، وهذا الهدي قد يكون واردا قبل الحاجة، وقد يكون مخاطبا به قوم على وجه الزجر أو الثناء أو غيرهما، وقد يكون مخاطبا به جميع من يصلح لخطابه، وهو في جميع ذلك قد جاء بكليات تشريعية وتهذيبية، والحكمة في ذلك أن يكون وعي الأمة لدينها سهلا عليها، وليمكن تواتر الدين، وليكون لعلماء الأمة مزية الاستنباط، وإلا فإن الله قادر أن يجعل القرآن أضعاف هذا المنزل وأن يطيل عمر النبي صلى الله عليه وسلم للتشريع أكثر مما أطال عمر إبراهيم وموسى، ولذلك قال تعالى: {وأتممت عليكم نعمتي}، فكما لا يجوز حمل كلماته على خصوصيات جزئية لأن ذلك يبطل مراد الله، كذلك لا يجوز تعميم ما قصد منه الخصوص ولا إطلاق ما قصد منه التقييد؛ لأن ذلك قد يفضي إلى التخليط في المراد أو إلى إبطاله من أصله، وقد اغتر بعض الفرق بذلك. قال ابن سيرين في الخوارج: إنهم عمدوا إلى آيات الوعيد النازلة في المشركين فوضعوها على المسلمين فجاءوا ببدعة القول بالتكفير بالذنب، وقد قال الحرورية لعلي رضي الله عنه يوم التحكيم: {إن الحكم إلا لله} فقال علي كلمة حق أريد بها باطل وفسرها في خطبة له في "نهج البلاغة").

6: دفع توهم الحصر
قال الشافعي ما معناه في معنى قوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} الآية: إن الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله، وكانوا على المضادة والمحادة جاءت الآية مناقضة لغرضهم، فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه، نازلا منزلة من يقول: لا تأكل اليوم حلاوة، فتقول: لا آكل اليوم إلا الحلاوة، والغرض المضادة لا النفي والإثبات على الحقيقة، فكأنه قال: لا حرام إلا ما حللتموه من الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ولم يقصد حل ما وراءه إذا القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل.
قال إمام الحرمين: (وهذا في غاية الحسن ولولا سبق الشافعي إلى ذلك لما كنا نستجيز مخالفة مالك في حصر المحرمات فيما ذكرته). ذكره الزركشي في البرهان

7: تعتبر من دلائل إعجاز القرآن
في نزول القرآن عند حدوث حوادث دلالة على إعجازه من ناحية الارتجال، وهي إحدى طريقتين لبلغاء العرب في أقوالهم، فنزوله على حوادث يقطع دعوى من ادعوا أنه أساطير الأولين. ذكره
ابن عاشور.


أمثلة لبعض ما صحَّ من أسباب النزول
- عن عمر رضي الله عنه: (وافقت الله في ثلاث، أو وافقني ربي في ثلاث؛ قلت: يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فنزلت: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}الآية [البقرة: 125]، وقلت: يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فنزلت آية الحجاب.
وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض أزواجه، فدخلت عليهن فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله صلى الله عليه وسلم خيرا منكن؟ فأنزل الله: {عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن} الآية [التحريم: 5])). رواه البخاري.
- عن عائشة رضي الله عنها: (أنها إنما نزلت في الأنصار كانوا يهلون لمناة، وكانوا يتحرجون أن يطوفوا. بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله– تعالى -: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية [البقرة: 158]). رواه البخاري
وعضده ما رواه البخاري، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: (أنه سئل عن الصفا والمروة، فقال: كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما، فأنزل الله – تعالى -: {إن الصفا والمروة من شعائر الله} الآية [البقرة: 158]).
- عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: (لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم، فأنزل الله – سبحانه-:{علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم} الآية [البقرة: 187]). رواه البخاري.
- عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية، فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت:
{ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} الآية [198]، في مواسم الحج). رواه البخاري.
- قصة الإفك، وقصة التيمم، وقصة المتخلفين عن غزوة تبوك ونحو ذلك. ذكره البلقيني في مواقع العلوم.


أقسام ما صحّ من أسباب النزول
الأول: هو المقصود من الآية، ويتوقف فهم المراد منها على علمه فلابد من البحث عنه للمفسر.
- من هذا القسم تفسير مبهمات القرآن مثل قوله تعالى {قد سمع الله قول التي تجادلك
في زوجها}ونحو {يا أيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا} ومثل بعض الآيات التي فيها {ومن الناس}.

الثاني: هو حوادث تسببت عليها تشريعات أحكام.

- هذا القسم لا يفيد البحث فيه إلا زيادة تفهم في معنى الآية وتمثيلا لحكمها.
- ولا يخشى توهم تخصيص الحكم بتلك الحادثة، إذ قد اتفق العلماء أو كادوا على أن سبب النزول في مثل هذا لا يخصص، واتفقوا على أن أصل التشريع لا يكون خاصا.

- مثاله حديث عويمر العجلاني الذي نزلت عنه آية اللعان،
ومثل حديث كعب بن عجرة الذي نزلت عنه آية {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام} الآية فقد قال كعب بن عجرة: (هي لي خاصة ولكم عامة)،
ومثل قول أم سلمة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وسلم: (يغزو الرجال ولا نغزو)، فنزل قوله تعالى {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض} الآية.

الثالث: هو حوادث تكثر أمثالها تختص بشخص واحد فنزلت الآية لإعلانها وبيان أحكامها وزجر من يرتكبها.
- في مثل هذا النوع نجد المفسرين وغيرهم يقولون: (نزلت في كذا وكذا)، وهم يريدون أن من الأحوال التي تشير إليها تلك الآية تلك الحالة الخاصة فكأنهم يريدون التمثيل.
- مثاله قول الله تعالى {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} أن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله: ((من حلف على يمين صبر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان)) فأنزل الله تصديق ذلك {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا} الآية، فدخل الأشعث بن قيس فقال: (ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟) فقالوا:( كذا وكذا)، قال: (في أنزلت، لي بئر في أرض ابن عم لي ..الخ)، فابن مسعود جعل الآية عامة لأنه جعلها تصديقا لحديث عام والأشعث بن قيس ظنها خاصة به إذ قال: (في أنزلت) بصيغة الحصر.

- ومثل الآيات النازلة في المنافقين في سورة براءة المفتتحة بقوله تعالى: {ومنهم- ومنهم} ولذلك قال ابن عباس: (كنا نسمي سورة التوبة سورة الفاضحة).
- هذا القسم قد أكثر من ذكره أهل القصص وبعض المفسرين ولا فائدة في ذكره، على أن ذكره قد يوهم القاصرين قصر الآية على تلك الحادثة لعدم ظهور العموم من ألفاظ تلك الآيات.

الرابع: هو حوادث حدثت وفي القرآن آيات تناسب معانيها سابقة أو لاحقة.
فيقع في عبارات بعض السلف ما يوهم أن تلك الحوادث هي المقصود من تلك الآيات، مع أن المراد أنها مما يدخل في معنى الآية.
- يدل لهذا النوع وجود اختلاف كثير بين الصحابة في كثير من أسباب النزول.

- عن ابن عباس أنه قرأ قوله تعالى: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا} بألف بعد لام السلام وقال: كان رجل في غنيمة له تصغير غنم فلحقه المسلمون فقال: (السلام عليكم)، فقتلوه أي ظنوه مشركا يريد أن يتقي منهم بالسلام وأخذوا غنيمته فأنزل الله في ذلك: {ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام} الآية.
فالقصة لا بد أن تكون قد وقعت لأن ابن عباس رواها لكن الآية ليست نازلة فيها بخصوصها ولكن نزلت في أحكام الجهاد بدليل ما قبلها وما بعدها فإن قبلها: {يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا} وبعدها {فعند الله مغانم كثيرة كذلك كنتم من قبل}.

وفي تفسير تلك السورة من صحيح البخاري بعد أن ذكر نزاع الزبير والأنصاري في ماء شراج الحرة قال الزبير: (فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم}) الآية.
- قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال نزلت هذه الآية في كذا، فإنه يريد بذلك أنها تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها. نقله السيوطي عن الزركشي في الإتقان.

الخامس: قسم يبين مجملات، ويدفع متشابهات.
- مثل قوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} فإذا ظن أحد أن "من" للشرط أشكل عليه كيف يكون الجور في الحكم كفرا، ثم إذا علم أن سبب النزول هم النصارى علم أن من موصولة وعلم أن الذين
تركوا الحكم بالإنجيل لا يتعجب منهم أن يكفروا بمحمد.
- وكذلك حديث عبد الله بن مسعود قال لما نزل قوله تعالى: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} شق ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا أينا لم يلبس إيمانه بظلم ظنوا أن الظلم هو المعصية. فقال رسول الله: ((إنه ليس بذلك، ألا تسمع لقول لقمان لابنه {إن الشرك لظلم عظيم})).
- ومن هذا القسم ما لا يبين مجملا ولا يؤول متشابها ولكنه يبين وجه تناسب الآي بعضها مع بعض كما في قوله تعالى، في سورة النساء: {وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء} الآية، فقد تخفى الملازمة بين الشرط وجزائه فيبينها ما في الصحيح، عن عائشة أن عروة بن الزبير سألها عنها فقالت: (هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في ماله فيريد أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها فنهوا أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن في الصداق، فأمروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن).
ذكر هذه الأقسام ابن عاشور في التحرير والتنوير.


ذمّ الاستكثار من ذكر الأخبار الضعيفة والواهية في أسباب النزول

- كان السلف رحمهم الله من أبعد الغاية احترازًا عن القول في نزول الآية.
عن محمد بن سيرين قال: سألت عبيدة عن آية من القرآن،
فقال: (اتق الله وقلْ سدادًا، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل القرآن).
-
أُولِعَ كثير من المفسرين بتطلّب أسباب نزول آي القرآن، وأكثروا في ذلك حتى كاد بعضهم أن يوهم الناس أن كل آية من القرآن نزلت على سبب.
- كثير من كتب التفسير مشحونة بالروايات الضعيفة في أسباب النزول.

ومثال ذلك: قصة ثعلبة بن حاطب التي فيها "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه" وهذه القصة يذكرها المفسرون عند تفسير قول الله سبحانه وتعالى: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} وقلما يوجد تفسير إلا وهي مذكورة فيه وقلَّ من نبه على عدم صحتها.
-
أمر أسباب نزول القرآن يجب أن يدور بين القصد والإسراف، ففي غض النظر عنه، أو إرسال حبله على غاربه خطر عظيم في فهم القرآن.
-
القرآن جاء هاديا إلى ما به صلاح الأمة في أصناف الصلاح فلا يتوقف نزوله على حدوث الحوادث الداعية إلى تشريع الأحكام.
-
من خطر الإسراف في طلب أسباب النزول أن أسبابا كثيرة رام رواتها تعيين مراد من تخصيص عام أو تقييد مطلق أو إلجاء إلى محمل، وهو ما يقف عرضة أمام معاني التفسير.

بأيهما يبدأ المفسّر ببيان معنى الآية أم ببيان سبب نزولها؟
- إذا كان وجه المناسبة متوقفا على سبب النزول، فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب؛ لأنه حينئذ من باب تقديم الوسائل على المقاصد.
- وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة.
ذكره الزركشي في البرهان.

القول في أسباب النزول موقوف على السماع
-
لا يحل القول في أسباب النزول إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ووقفوا على الأسباب، وقد ورد الشرع بالوعيد للجاهل في هذا العلم.
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اتقوا الحديث عني إلا ما علمتم فإنه من كذب علي متعمدًا فيتبوأ مقعده من النار ومن كذب على القرآن من غير علم فليتبوأ مقعده من النار)).
وقال محمد بن سيرين: سألت عبيدة عن آية من القرآن، فقال: اتق الله وقل سدادا ذهب الذين يعلمون فيم أنزل الله القرآن.
- معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا، وربما لم يجزم بعضهم فقال: (أحسب هذه الآية نزلت في كذا)

كما أخرج الأئمة الستة عن عبد الله بن الزبير قال:
(خاصم الزبير رجلا من الأنصار في شراج الحرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك)) فقال الأنصاري: يا رسول الله أن كان ابن عمتك؟ فتلون وجهه . . ) الحديث.
قال الزبير:
(فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت في ذلك: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم..}الآية).

- يعتمد العلماء في معرفة سبب النزول على صحة الرواية الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن الصحابي فإن إخبار الصحابي عن مثل هذا له حكم الرفع.

حكم قول الصحابي في سبب النزول.
-
ما كان من أسباب النزول مرويا عن صحابي بإسنادٍ صحيحٍ له حكم المرفوع؛ إذ قول الصحابي فيما لا مجال للاجتهاد فيه في حكم المرفوع.
كقول جابر رضي الله عنه: (كانت اليهود تقول من أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول فأنزل الله عز وجل: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية).



حكم ما روي عن التابعين في أسباب النزول.

- ما يروى عن التابعي في سبب النزول له حكم الرفع لكنه مرسل.
- يقبل مرسل التابعي في سبب النزول إذا صح السند إليه وكان من أئمة التفسير الآخذين عن الصحابة كمجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير أو اعتضد بمرسل آخر ونحو ذلك.

معنى قول بعض السلف: (نزلت الآية في كذا..)

- عُرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: (نزلت هذه الآية في كذا) فإنه يريد بذلك أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم لا أن هذا كان السبب في نزولها.
- جماعة من المحدثين يجعلون هذا من المرفوع المسند كما في قول ابن عمر في قوله تعالى: {نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ} الآية [البقرة: 223].
وأما الإمام أحمد فلم يدخله في المسند وكذلك مسلم وغيره وجعلوا هذا مما يقال بالاستدلال وبالتأويل فهو من جنس الاستدلال على الحكم بالآية لا من جنس النقل لما وقع.
-
وقد يكون قولهم: (نزلت الآية في كذا..) أنه سبب النزول حقيقة.
-
صيغة سبب النزول إما أن تكون صريحة في السببية وإما أن تكون محتملة.
- الصيغ الصريحة: كقول الراوي: (سبب نزول هذه الآية كذا)، أو إذا أتى بفاء تعقيبية داخلة على مادة النزول بعد ذكر الحادثة أو السؤال كما إذا قال: (حدث كذا، أو سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن كذا فنزلت الآية).

- الصيغ المحتملة: كقول الراوي: (نزلت هذه الآية في كذا) فذلك يراد به تارة أنه سبب النزول، وتارة أنه داخل في معنى الآية.
وكذا إذا قال: (أحسب هذه الآية نزلت في كذا) أو: (ما أحسب هذه الآية إلا نزلت في كذا)، فإن الراوي بهذه الصيغة لا يقطع بالسبب، فهاتان صيغتان تحتملان السببية وغيرها. ذكرها الوادعي.


أحوال الاختلاف في سبب النزول
الحال الأول: أن يتعارض في سبب النزول حديثان.

1- فإن أمكن الجمع بينهما فذاك.
مثال ذلك: آية اللعان ثبت في الصحيح من طريق سهل بن سعد الساعدي أنها نزلت في قصة عويمر العجلاني،
وثبت – أيضا – في الصحيح أنها نزلت في هلال بن أمية، فيمكن الجمع بينهما بأنها نزلت في حقهما أي بعد سؤال كل منهما.
2- إن لم يمكن الجمع: يُقدم ما كان سنده صحيحاً أو له مرجح ككون راويه صاحب الواقعة التي نزلت فيها الآية ونحو ذلك.

الحال الثاني: أن يستوي الحديثان الواردان في سبب النزول.
فيه احتمالان:
1: إما أن يُحمل على النزول مرتين
2: أو يكون مضطرباً يقتضي طرح كل منهما.

- ربما كان في إحدى القصتين (فتلا) فوهم الراوي فقال: (فنزلت).
- إن عبر أحدهم بقوله: (نزلت في كذا)، والآخر: (نزلت في كذا) وذكر أمرا آخر، فهذا يراد به التفسير لا ذكر سبب النزول، فلا منافاة بين قولهما إذا كان اللفظ يتناولهما.
- إن عبر واحد بقوله: (نزلت في كذا)، وصرح الآخر بذكر سبب خلافه فهو المعتمد، وذاك استنباط.
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن عمر قال: (أنزلت {نساؤكم حرث لكم..} الآية في إتيان النساء في أدبارهن).
وتقدم عن جابر التصريح بذكر سبب خلافه، فالمعتمد حديث جابر؛ لأنه نقل، وقول ابن عمر استنباط منه وقد وهمه فيه ابن عباس، وذكر مثل حديث جابر، كما أخرجه أبو داود والحاكم.

الحال الثالث: إن ذكر واحد سببا وآخر سببا غيره.
إن كان إسناد أحدهما صحيحا دون الآخر فالصحيح المعتمد
مثاله: ما أخرجه الشيخان وغيرهما عن جندب: (اشتكى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين فأتته امرأة فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك فأنزل الله:
{والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}[الضحى: 1-3]).
وأخرج الطبراني وابن أبي شيبة عن حفص بن ميسرة عن أمه عن أمها وكانت خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أن جروا دخل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فدخل تحت السرير فمات فمكث النبي صلى الله عليه وسلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي، فقال: (يا خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل لا يأتيني؟) فقلت: في نفسي لو هيأت البيت، وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فأخرجت الجرو، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه الوحي أخذته الرعدة فأنزل الله:{والضحى} إلى قوله: {فترضى}[الضحى: 1-3]).
وقال ابن حجر في "شرح البخاري": قصة إبطاء جبريل بسبب الجرو مشهورة، لكن كونها سبب نزول الآية غريب، وفي إسناده من لا يعرف، فالمعتمد ما في الصحيح.
ومن أمثلته أيضا: ما أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة أمره الله أن يستقبل بيت المقدس ففرحت اليهود فاستقبله بضعة عشر شهرا وكان يحب قبلة إبراهيم فكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله: {فولوا وجوهكم شطره} الآية [البقرة: 144] فارتاب من ذلك اليهود وقالوا ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها فأنزل الله: {قل لله المشرق والمغرب}الآية [البقرة: 142] وقال:{فأينما تولوا فثم وجه الله} الآية [البقرة: 115]).
وأخرج الحاكم وغيره، عن ابن عمر، قال: (نزلت: {فأينما تولوا فثم وجه الله} الآية [البقرة: 115] أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوع).
وأخرج الترمذي وضعفه من حديث عامر بن ربيعة، قال: (كنا في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل منا على حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت).
وأخرج الدارقطني نحوه من حديث جابر بسند ضعيف أيضا.
وأخرج ابن جرير عن مجاهد، قال لما نزلت: {ادعوني أستجب لكم} الآية [غافر: 60]، قالوا: (إلى أين؟) فنزلت. مرسل.
وأخرج عن قتادة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أخا لكم قد مات فصلوا عليه)) فقالوا: إنه كان لا يصلي إلى القبلة فنزلت). معضل غريب جدا.
فهذه خمسة أسباب مختلفة، وأضعفها الأخير؛ لإعضاله ثم ما قبله؛ لإرساله ثم ما قبله؛ لضعف رواته، والثاني صحيح، لكنه قال: قد أنزلت في كذا ولم يصرح بالسبب، والأول صحيح الإسناد/ وصرح فيه بذكر السبب فهو المعتمد.
ومن أمثلته أيضا: ما أخرجه ابن مردويه وابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة أو سعيد عن ابن عباس، قال: (خرج أمية بن خلف وأبو جهل بن هشام ورجال من قريش فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا محمد تعال فتمسح بآلهتنا وندخل معك في دينك وكان يحب إسلام قومه فرق لهم فأنزل الله: {وإن كادوا ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك} الآيات [الإسراء: 73]).
وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس: (أن ثقيفا قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: أجلنا سنة حتى يهدى لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى لها أحرزناه ثم أسلمنا فهم أن يؤجلهم فنزلت).
هذا يقتضي نزولها بالمدينة وإسناده ضعيف، والأول يقتضي نزولها بمكة وإسناده حسن، وله شاهد عند أبي الشيخ عن سعيد بن جبير يرتقي إلى درجة الصحيح فهو المعتمد.

الحال الرابع: أن يستوي الإسنادان في الصحة.
فيرجح أحدهما بكون راويه حاضر القصة أو نحو ذلك من وجوه الترجيحات.
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود:
(قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهو يتوكأ على عسيب فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: لو سألتموه فقالوا: حدثنا عن الروح فقام ساعة ورفع رأسه فعرفت أنه يوحى إليه حتى صعد الوحي ثم قال: ({قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} الآية [الإسراء: 85]))).
وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: (قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا: اسألوه عن الروح قال: فسألوه، فأنزل الله: {ويسألونك عن الروح} الآية [الإسراء: 85]).
فهذا يقتضي أنها نزلت بمكة والأول خلافه، وقد رجح بأن ما رواه البخاري أصح من غيره، وبأن ابن مسعود كان حاضر القصة.

الحال الخامس: أن يمكن نزولها عقيب السببين أو الأسباب المذكورة بألا تكون معلومة التباعد كما في الآيات السابقة فيحمل على ذلك.
ومثاله: ما أخرجه البخاري من طريق عكرمة عن ابن عباس: (أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه وسلم بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (البينة أو حد في ظهرك))، فقال: يا رسول الله إذا رأى أحدنا مع امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة فأنزل عليه: {والذين يرمون أزواجهم}حتى بلغ: {إن كان من الصادقين} الآية [النور: 6-9]).
وأخرج الشيخان عن سهل بن سعد قال: (جاء عويمر إلى عاصم بن عدي فقال: اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا فقتله أيقتل به أم كيف يصنع فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاب المسائل فأخبر عاصم عويمرا فقال: والله لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأسألنه فأتاه فقال: (إنه قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآنا . . .)) الحديث.
جمع بينهما بأن أول ما وقع له ذلك هلال، وصادف مجيء عويمر أيضا فنزلت في شأنهما معا، وإلى هذا جنح النووي وسبقه الخطيب فقال: لعلهما اتفق لهما ذلك في وقت واحد.
وأخرج البزار عن حذيفة قال: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: (لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به؟)قال: شرا، قال: (فأنت يا عمر؟) قال: (كنت أقول لعن الله الأعجز وإنه لخبيث) فنزلت).
قال ابن حجر: لا مانع من تعدد الأسباب.

الحال السادس: ألا يمكن ذلك فيحمل على تعدد النزول وتكرره.
- مثاله: ما أخرجه الشيخان عن المسيب قال: (لما حضر أبا طالب الوفاة دخل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية، فقال: ((أي عم قل لا إله إلا الله أحاج لك بها عند الله)) فقال أبو جهل: وعبد الله يا أبا طالب أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال هو على ملة عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنك))، فنزلت: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية [التوبة: 113]).
وأخرج الترمذي وحسنه عن علي قال: (سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان، فقلت: تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت).
وأخرج الحاكم وغيره عن ابن مسعود قال: (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى المقابر فجلس إلى قبر منها فناجاه طويلا ثم بكى فقال: (إن القبر الذي جلست عنده قبر أمي وإني استأذنت ربي في الدعاء لها فلم يأذن لي فأنزل علي: {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية [التوبة: 113]).
فنجمع بين هذه الأحاديث بتعدد النزول.
- ومن أمثلته أيضا ما أخرجه البيهقي والبزار عن أبي هريرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم وقف على حمزة حين استشهد وقد مثل به فقال: (لأمثلن بسبعين منهم مكانك)، فنزل جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم واقف بخواتيم سورة النحل: {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} إلى آخر السورة [النحل: 126-128]).
وأخرج الترمذي والحاكم عن أبي بن كعب قال: (لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون، ومن المهاجرين ستة منهم حمزة فمثلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما مثل هذا لنربين عليهم، فلما كان يوم فتح مكة أنزل الله: {وإن عاقبتم} الآية [النحل: 126]).
فظاهره تأخير نزولها إلى الفتح وفي الحديث الذي قبله نزولها بأحد.
قال ابن الحصار: ويجمع بأنها نزلت أولا بمكة قبل الهجرة مع السورة؛ لأنها مكية، ثم ثانيا بأحد، ثم ثالثا يوم الفتح تذكيرا من الله لعباده، وجعل ابن كثير من هذا القسم آية الروح.

تنبيه:
قد يكون في إحدى القصتين (فتلا) فيهم الراوي فيقول: (فنزل).
- مثاله: ما أخرجه الترمذي وصححه عن ابن عباس قال: (مر يهودي بالنبي صلى الله عليه وسلم فقال: كيف تقول يا أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه والأرضين على ذه والماء على ذه والجبال على ذه وسائر الخلق على ذه فأنزل الله: {وما قدروا الله حق قدره} الآية [الأنعام: 91])، والحديث في الصحيح بلفظ: (فتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصواب فإن الآية مكية).
- ومن أمثلته: أيضا ما أخرجه البخاري عن أنس قال: (سمع عبد الله بن سلام مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي ما أول أشراط الساعة؟ وما أول طعام أهل الجنة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه أو إلى أمه؟ قال: (أخبرني بهن جبريل آنفا) قال: جبريل؟ قال: ((نعم))قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية: {من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك} الآية [البقرة: 97]).
قال ابن حجر في "شرح البخاري": ظاهر السياق أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ الآية ردا على قول اليهود، ولا يستلزم ذلك نزولها حينئذ، قال: وهذا هو المعتمد فقد صح في سبب نزول الآية قصة غير قصة ابن سلام). [الإتقان في علوم القرآن]

أهمية جمع الطرق وفحص المرويّات
- جمع طرق الحديث وفحص مروياته يعين على معرفة وصل الحديث وإرساله وصحته وإعلاله فرب حديث ظاهر سنده الصحة في كتاب ويكون في كتاب آخر معلولا.
- مثال ذلك: ما رواه الحاكم عن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة قالت: لما جاء أهل مكة في فداء أساراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم فداء أبي العاص وبعثت فيه بقلادة كانت خديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم رقَّ لها رِقَّة شديدة وقال: ((إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا))
قالوا: نعم يا رسول الله، وردّوا عليها الذي لها
.
قال: وقال العباس: يا رسول الله إني كنت مسلما؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((الله أعلم بإسلامك فإن يكن كما تقول؛ فالله يجزيك فافدِ نفسَك وبني أخويك نوفل بن الحارث بن عبد المطلب وعقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب وحليفك عتبة بن عمرو بن جحدم أخا بني الحارث بن فهر)).
فقال: (ما ذاك عندي يا رسول الله).
قال: (( فأين المال الذي دفنت أنت وأم الفضل فقلتَ لها إن أصبتُ فهذا المال لبني الفضل وعبد الله وقثم )).
فقال: (والله يا رسول الله إني أشهد أنك رسول الله إن هذا الشيء ما علمه أحد غيري وغير أم الفضل فاحسب لي يا رسول الله ما أصبتم مني عشرين أوقية من مال كان معي)؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:
((أفعل)).
ففدى العباس نفسه وبني أخويه وحليفه وأنزل الله عز وجل:
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} فأعطاني مكان العشرين الأوقية في الإسلام عشرين عبدا كلهم في يده مال يضرب به مع ما أرجو من مغفرة الله عز وجل). هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي ا.هـ.

وقال الهيثمي: (رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجال الأوسط رجال الصحيح غير ابن إسحاق وقد صرح بالسماع)ا.هـ. (مجمع الزوائد)
ثم بعد الاطلاع على سنن البيهقي ظهر أن قصة العباس مدرجة على هذا السند.
قال البيهقي رحمه الله: كذا فيما حدثنا به شيخنا أبو عبد الله في كتاب المستدرك، ثم ذكره الحافظ البيهقي على الصواب مبينا أن قصة العباس لها سند آخر، وأنها مرسلة.
وقال الحافظ في الفتح بعد ذكره هذه القصة: (وفي طريق عطاء محمد بن إسحاق، وليست هذه القصة عنده مسندة بل معضلة وصنيع إسحاق يعني ابن راهوية وتبعه الطبراني وابن مردويه يقتضي أنها موصولة والعلم عند الله)ا.هـ.

وقال في المطالب العالية: (وأظن ذلك مدرجا في الخبر من كلام ابن إسحاق وحديث عباس على هذا معضل وأما على ظاهر السياق أولا فهو مسند وعلى ذلك عمل إسحاق)ا.هـ.


العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
- دلالة مجيء اللفظ الوارد على سبب بصيغة العموم
قد يكون السبب خاصا والصيغة عامة لينبه على أن العبرة بعموم اللفظ.

قال الزمخشري في تفسير سورة الهمزة: (يجوز أن يكون السبب خاصا والوعيد عاما ليتناول كل من باشر ذلك القبيح، وليكون جاريا مجرى التعريض بالوارد فيه، فإن ذلك أزجر له وأنكى فيه). ذكره الزركشي في البرهان.


- الدليل على قاعدة: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
1:
ما ورد عن الأنصاري الذي قبل الأجنبية ونزلت فيه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} الآية، قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ألِيَ هذا وحدي يا رسول الله؟
فأفتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بأن العبرة بعموم اللفظ فقال: ((بل لأمتي كلهم)). ذكره الوادعي في أسباب النزول.

2: جاءت آيات في مواضع اتفق السلف على تعديتها إلى غير أسبابها كنزول آية الظهار في سلمة بن صخر وآية اللعان في شأن هلال بن أمية ونزول حد القذف في رماة عائشة رضي الله عنها ثم تعدى إلى غيرهم.

3: احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات نزلت على أسباب خاصة شائعا ذائعا بينهم.
قال ابن جرير: حدثني محمد بن أبي معشر أخبرنا أبي أبو معشر نجيح سمعت سعيد المقبري يذاكر محمد بن كعب القرظي، فقال سعيد: إن في بعض كتب الله إن لله عبادا ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر لبسوا لباس مسوك الضأن من اللين يجترون الدنيا بالدين، فقال محمد بن كعب هذا في كتاب الله:
{ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا} الآية [البقرة: 204]، فقال سعيد: قد عرفت فيمن أنزلت فقال محمد بن كعب: إن الآية تنزل في الرجل ثم تكون عامة بعد.

4: قال ابن تيمية:
والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب هل يختص بسببه؟
فلم يقل أحد: إن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال: إنها تختص بنوع ذلك الشخص فتعم ما يشبهه ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ والآية التي لها سبب معين: إن كانت أمرا ونهيا فهي متناولة لذلك الشخص ولمن كان بمنزلته. انتهى).
[الإتقان في علوم القرآن:؟؟]

- دخول صورة السبب في العام
جمهور أهل الأصول على أن صورة السبب قطعية الدخول في العام فلا يجوز إخراجها منه بمخصص وهو التحقيق.
وروي عن مالك أنها ظنية الدخول كغيرها من أفراد العام. الوادعي


- إشكال في تخصيص اللفظ العام
ما ورد عن ابن عباس في عدم اعتبار العموم في تفسير قوله تعالى:
{لا تحسبن الذين يفرحون} الآية [آل عمران: 188]، بل قصرها على ما أنزلت فيه من قصة أهل الكتاب.
الجواب: علم أنه لا يخفى على ابن عباس أن اللفظ أعم من السبب لكنه بين أن المراد باللفظ خاص.
ونظيره تفسير النبي صلى الله عليه وسلم الظلم في قوله تعالى: {ولم يلبسوا إيمانهم بظلم} [الأنعام: 82] بالشرك، من قوله: {إن الشرك لظلم عظيم} الآية [لقمان: 13]، مع فهم الصحابة العموم في كل ظلم.
والدليل أنه قد ورد عن ابن عباس ما يدل على اعتبار العموم، فإنه قال به في آية السرقة مع أنها نزلت في امرأة سرقت، قال ابن أبي حاتم: حدثنا علي بن الحسين حدثنا محمد بن أبي حماد حدثنا أبو تميلة بن عبد المؤمن عن نجدة الحنفي قال: سألت ابن عباس عن قوله: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} الآية [المائدة: 38]، أخاص أم عام؟ قال: (بل عام).


- اللفظ الوارد لسبب ولا تفيد صيغته العموم يقصر على سببه قطعا.
إذا نزلت آية في معين ولا عموم للفظها فإنها تقصر عليه قطعا.
- كقوله تعالى:
{وسيجنبها الأتقى الذي يؤتي ماله يتزكى}[الليل: 17] فإنها نزلت في أبي بكر الصديق بالإجماع.
وقد استدل بها الإمام فخر الدين الرازي مع قوله: {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} الآية [الحجرات: 13]، على أنه أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووهم من ظن أن الآية عامة في كل من عمل عمله، إجراء له على القاعدة، وهذا غلط فإن هذه الآية ليس فيها صيغة عموم إذ الألف واللام إنما تفيد العموم إذا كانت موصولة أو معرفة في جمع زاد قوم: أو مفرد بشرط ألا يكون هناك عهد.
واللام في {الأتقى} الآية [الليل: 17]، ليست موصولة؛ لأنها لا توصل بأفعل التفضيل إجماعا، و{الأتقى} الآية [الليل: 17]، ليس جمعا بل هو مفرد، والعهد موجود، خصوصا مع ما يفيده صيغة أفعل من التمييز وقطع المشاركة، فبطل القول بالعموم وتعين القطع بالخصوص والقصر على من نزلت فيه رضي الله عنه). [الإتقان في علوم القرآن:؟؟]



علاقة أسباب النزول بالنظم القرآني
قد تنزل الآيات على الأسباب خاصة وتوضع كل واحدة منها مع ما يناسبها من الآي رعاية لنظم القرآن وحسن السياق، فذلك الذي وضعت معه الآية النازلة على سبب خاص للمناسبة إذ كان مسوقا لما نزل في معنى يدخل تحت ذلك اللفظ العام أو كان من جملة الأفراد الداخلة وضعا تحت اللفظ العام.
واختلفوا في دلالة اللفظ عليه:
- هل هي كالسبب فلا يخرج ويكون مرادا من الآيات قطعا؟
- أو لا ينتهي في القوة إلى ذلك؟ لأنه قد يراد غيره وتكون المناسبة مشبهة به؟

- واختار بعضهم أنه رتبة متوسطة دون السبب وفوق العموم المجرد.

ومثاله قوله تعالى:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} الآية [النساء: 58] فإن مناسبتها للآية التي قبلها وهى قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} الآية [النساء: 51]، أن ذلك إشارة إلى كعب بن الأشرف كان قدم إلى مكة وشاهد قتلى بدر وحرض الكفار على الأخذ بثأرهم وغزو النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فسألوه: من أهدى سبيلا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو هم؟ فقال: أنتم -كذبا منه وضلالة- لعنه الله، فتلك الآية في حقه وحق من شاركه في تلك المقالة، وهم أهل كتاب يجدون عندهم في كتابهم بعث النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصفته، وقد أخذت عليهم المواثيق ألا يكتموا ذلك وأن ينصروه، وكان ذلك أمانة لازمة لهم، فلم يؤدوها ، وخانوا فيها، وذلك مناسب لقوله: {إنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} الآية [النساء: 58]،
قال ابن العربي: في تفسيره وجه النظم أنه أخبر عن كتمان أهل الكتاب صفة محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقولهم: إن المشركين أهدى سبيلا، فكان ذلك خيانة منهم، فانجر الكلام إلى ذكر جميع الأمانات. انتهى.

ولا يرد على هذا أن قصة كعب بن الأشرف كانت عقب بدر، ونزول {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ} الآية [النساء: 58] في الفتح أو قريبا منها وبينهما ست سنين؛ لأن الزمان إنما يشترط في سبب النزول ولا يشترط في المناسبة؛ لأن المقصود منها: وضع آية في موضع يناسبها، والآيات كانت تنزل على أسبابها ويأمر النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بوضعها في المواضع التي علم من الله تعالى أنها مواضعها


تقدم نزول الآية على الحكم
- قد يكون النزول سابقا على الحكم.
- وهذا كقوله تعالى:
{قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى}[الأعلى: 14] فإنه يستدل بها على زكاة الفطر.
روى البيهقي بسنده إلى ابن عمر: (أنها نزلت في زكاة رمضان) ثم أسند مرفوعا نحوه.
- وكقوله: {لا أُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ وَأَنْتَ حِلٌّ بِهَذَا الْبَلَدِ} الآية [البلد: 1-2]
فالسورة مكية، وظهور أثر الحل يوم فتح مكة حتى: قال عليه السلام: ((أحلت لي ساعة من نهار)).
- وكذلك نزل بمكة {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} الآية [القمر: 45]،
قال عمر بن الخطاب:
(كنت لا أدري: أي الجمع يهزم فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ({سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}). ذكره الزركشي في البرهان.


نزول آيات متفرقة لسبب واحد
- قد ينزل في الواقعة الواحدة آيات عديدة في سور شتى.
مثاله: ما أخرجه الترمذي والحاكم عن أم سلمة أنها قالت: (يا رسول الله لا أسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء، فأنزل الله: {فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع} إلى آخر الآية [آل عمران: 195]).
- وأخرج الحاكم عنها أيضا، قالت: (قلت يا رسول الله تذكر الرجال ولا تذكر النساء، فأنزلت: {إن المسلمين والمسلمات}الآية [الأحزاب: 35]، وأنزلت:{أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى} الآية [آل عمران: 195]).
وأخرج أيضا عنها، أنها قالت: (يغزو الرجال ولا تغزو النساء وإنما لنا نصف الميراث فأنزل الله: {ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض}الآية [النساء: 32]، وأنزل: {إن المسلمين والمسلمات}الآية [الأحزاب: 35]).
- ومن أمثلته أيضا: ما أخرجه البخاري من حديث زيد بن ثابت: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى عليه لا يستوي القاعدون من المؤمنين . . . والمجاهدون في سبيل الله فجاء ابن أم مكتوم، وقال: يا رسول الله لو أستطيع الجهاد لجاهدت وكان أعمى، فأنزل الله:{غير أولي الضرر}الآية [النساء: 95]).
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت أيضا، قال: (كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال فجعل رسول الله ينظر ما ينزل عليه إذ جاء أعمى، فقال: كيف لي يا رسول الله وأنا أعمى، فنزلت: {ليس على الضعفاء} الآية [التوبة: 91]).
- ومن أمثلته ما أخرجه ابن جرير عن ابن عباس قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في ظل حجرة، فقال: (إنه سيأتيكم إنسان ينظر بعيني شيطان) فطلع رجل أزرق فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: (علام تشتمني أنت وأصحابك؟) فانطلق الرجل فجاء بأصحابه، فحلفوا بالله ما قالوا: حتى تجاوز عنهم فأنزل الله: {يحلفون بالله ما قالوا} الآية [التوبة: 74]).
وأخرجه الحاكم وأحمد بهذا اللفظ وآخره: (فأنزل الله:{يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم} الآية [المجادلة: 18]).
- وكما في شأن وفاة أبي طالب وقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ((لأستغفرن لك ما لم أنه عنه)) فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ}. ونزل في أبي طالب {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ}).الوادعي

تعدد الأسباب والنازل واحد
-
قد تتعدد الأسباب والنازل واحد كما في آية اللعان وغيرها من الآيات. الوادعي



رد مع اقتباس
  #9  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي


أنواع النسخ في القرآن الكريم
الموضوع الأصلي (هنا)



عناصر الموضوع:
مقدمات في مسألة النسخ في القرآن الكريم
معنى النسخ.
زمن النسخ.
بيان كثرة ما نسخت تلاوته من القرآن.

إجماع الصحابة على قبول ما صنع عثمان رضي الله عنه في المصاحف وجمعه الناس على المصحف الإمام
أنواع النسخ
النوع الأول: نسخ التلاوة والحكم
..- مثاله
.
..- كيف يكون نسخ التلاوة والحكم؟
النوع الثاني: نسخ التلاوة وبقاء الحكم
..- مثاله
.
..- هل يعتبر المنسوخ رسما قرآنا؟
..
- نسخ التلاوة لا يقتضي نسخ الحكم.

..- ما الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم؟
..- الرد على من أنكر نسخ التلاوة وبقاء الحكم.
النوع الثالث: نسخ الحكم وبقاء التلاوة
..- أول ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته.
..- نسخ الرسم مبناه على التوقيف
..- أمثلة على ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته
..- ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة؟
..- موضع الناسخ بالنسبة للمنسوخ في التلاوة
. - فائدة في تقدم الناسخ على المنسوخ في المصحف
..- أقسام ما ادّعى أنه مما نسخ حكمه دون تلاوته وليس كذلك.
تقسيم مكّي بن أبي طالب لأقسام المنسوخ في القرآن الكريم
الاستدلال بالآيات المنسوخة تلاوتها في التفسير.
الاستدلال بالآيات المنسوخة تلاوتها في اعتبار أوجه القراءات
إشكال وجوابه
قول عائشة في نسخ آية الرضاع: (فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن) ظاهره بقاء التلاوة.
ظاهر قول عمر رضي الله: "لولا أن يقول الناس.. الخ" أن كتابتها جائزة وإنما منعه قول الناس!
● فوائد:
ما الفائدة في ذكر الشيخ والشيخة؟ وهلا قال المحصن والمحصنة؟
فائدة في رفع آية الرجم


خلاصة أقوال أهل العلم في مسألة: أنواع النسخ


مقدمات في مسألة النسخ في القرآن الكريم
معنى النسخ
النّسخ في كلام العرب هو الرّفع للشّيء، وجاء الشّرع بما تعرف العرب إذ كان النّاسخ يرفع حكم المنسوخ.
ذكره هبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ.

زمن النسخ
زمن النسخ هو في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يجوز نسخ شيء من القرآن بعد وفاة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قاله الرازي، وذكره الزركشي في البرهان.

بيان كثرة ما نسخت تلاوته من القرآن.
- عن نافع عن ابن عمر قال: (لا يقولن أحدكم قد أخذت القرآن كله، قد ذهب منه قرآن كثير، ولكن ليقل: قد أخذت منه ما ظهر). رواه أبو عبيد.
- وعن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: (كانت سورة الأحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله عليه وسلم مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف لم يقدر منها إلا على ما هو الآن وهو ثلاث وسبعون آية). قاله الجلالان.

- وعن زر بن حبيش قال: (قال لي أبي بن كعب: كم كانت تعد سورة الأحزاب؟ قلنا: ثنتين وسبعين آية أو ثلاثاً وسبعين آية، فقال: إن كانت لتعدل سورة البقرة، وإن كنا لنقرأ فيها آية الرجم).
قلت: وما آية الرجم؟ قال: (إذا زنى الشيخ والشيخة فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم)، أخرجه الحاكم مختصراً وصححه). ذكره السيوطي في التحبير
.

إجماع الصحابة على قبول ما صنع عثمان رضي الله عنه في المصاحف وجمعه الناس على المصحف الإمام
- عن يزيد بن زريع، عن عمران بن حدير، قال: قال أبو مجلز: ألا تعجب من حمقهم؛ كان مما عابوا على عثمان تمزيقه المصاحف، ثم قبلوا ما نسخ.
قال أبو عبيد: يقول: إنه كان مأمونا على ما أسقط، كما هو مأمون على ما نسخ.
وقال علي رضي الله عنه: (لو وليت المصاحف لصنعت فيها الذي صنع عثمان).
وقال مصعب بن سعد: والذي ألفه عثمان، هو الذي بين ظهري المسلمين اليوم، وهو الذي يحكم على من أنكر منه شيئا بما يحكم على المرتد من الاستتابة، فإن أبى فالقتل
. ذكره أبو عبيد في فضائل القرآن.


أنواع النسخ
النوع الأول: نسخ التلاوة والحكم
- مثاله:
- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (كنا نقرأ سورة تعدل سورة التوبة ما أحفظ منها إلا هذه الآية "لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى إليهما ثالثا ولو أن له ثالثا لابتغى إليه رابعا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب" ).
ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ وهبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ.

-
وروى عن عبد الله بن مسعود قال: (أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم آية أو قال سورة فحفظتها وكتبتها في مصحفي؛ فلمّا كان اللّيل رجعت إلى مضجعي فلم أرجع منها إلى شيء فغدوت إلى مصحفي فإذا الورقة بيضاء فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: (( يا ابن مسعود تلك رفعت البارحة )) ). ذكره هبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ.
- عن عمر رضي الله عنه قال: (إن الله بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وأنزل عليه الكتاب، فكان مما أنزل عليه آية الرجم فقرأتها وعقلتها ووعيتها). رواه البخاري، ذكره أبو شامة.
- وفي صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها: (كان مما أنزل من القرآن: "عشر رضعات معلومات يحرمن". ثم نسخن بـ"خمس معلومات يحرمن"، فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن). ذكره أبو شامة في المرشد الوجيز وذكره السيوطي في التحبير.
قال الحافظ البيهقي: فالعشر: مما نسخ رسمه وحكمه، والخمس: مما نسخ رسمه، بدليل أن الصحابة حين جمعوا القرآن لم يثبتوها رسما، وحكمها باق عندنا.

وقال مكي: (هذا المثال فيه المنسوخ غير متلو والناسخ أيضا غير متلو ولا أعلم له نظيرا). ذكره السيوطي في الإتقان.

- كيف يكون نسخ التلاوة والحكم؟
قال أبو بكر الرازي:
(نسخ الرسم والتلاوة إنما يكون بأن ينسيهم الله إياه ويرفعه من أوهامهم ويأمرهم بالإعراض عن تلاوته وكتبه في المصحف فيندرس على الأيام كسائر كتب الله القديمة التي ذكرها في كتابه في قوله:
{إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى. صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى} الآية [الأعلى: 18-19]، ولا يعرف اليوم منها شيء). ذكره السيوطي في الإتقان.


النوع الثاني: نسخ التلاوة وبقاء الحكم
- مثاله:
- عن عمر رضي الله عنه قال: (كنا نقرأ [ألا ترغبوا الرغبة عنهما] بمعنى الإعراض عن آبائكم، ومن ذلك [الشيخ والشيخة إذا زنيا فرجموهما البتة نكالا من الله والله عزيز حكيم] معناه المحصن والمحصنة).ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ

- عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (لولا أن أخشى أن يقول النّاس قد زاد عمر في القرآن ما ليس فيه لكتبت آية الرّجم وأثبتها في المصحف، وواللّه لقدقرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: [لا ترغبوا عن آبائكم فإن ذلك كفر بكم] [الشّيخ والشّيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتّة نكالا من الله والله عزيز حكيم]).
ذكره هبة الله بن سلامة في الناسخ والمنسوخ

- هل يعتبر المنسوخ رسما قرآنا؟
قال البلقيني: لا يعتبر المنسوخ رسما من القرآن. [مواقع العلوم]

- نسخ التلاوة لا يقتضي نسخ الحكم.

بل
أجمع العلماء أنه يعمل به إذا تلقته الأمة بالقبول.
مثال: ما روى أنه كان يقال في سورة النور: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبته نكالا من الله"، ولهذا قال عمر: (لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها بيدي). رواه البخاري في صحيحه معلقا. ذكره الزركشي.


- ما
الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم؟ وهلا بقيت التلاوة ليجتمع العمل بحكمها وثواب تلاوتها؟
الحكمة في ذلك أن تظهر به مقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به فيسرعون بأيسر شيء كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام والمنام أدنى طريق الوحي.
ذكره السيوطي في الإتقان.

- الرد على من أنكر نسخ التلاوة وبقاء الحكم.
حكى القاضي أبو بكر الباقلاني إنكار طائفة وجود النسخ في القرآن بحجة أن الأخبار فيه أخبار آحاد ولا يجوز القطع على إنزال قرآن ونسخه بأخبار آحاد لا حجة فيها
.
وقد صح أن عمر رضي الله عنه تلقى آية الرجم من النبي صلى الله عليه وسلم، فأخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت، قال: كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان المصحف فمرا على هذه الآية فقال زيد: (سمعت رسول الله يقول: ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة))، فقال عمر: لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبها؟
فكأنه كره ذلك، فقال عمر: (ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم).
وأخرج النسائي أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت: ألا تكتبها في المصحف؟، قال: (ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان، ولقد ذكرنا ذلك، فقال عمر: أنا أكفيكم، فقال: يا رسول الله اكتب لي آية الرجم، قال: ((لا تستطيع)) ).
قوله: (اكتب لي)، أي: ائذن لي في كتابتها أو مكني من ذلك.
وأخرج ابن الضريس في "فضائل القرآن": عن يعلى بن حكيم عن زيد بن أسلم أن عمر خطب الناس، فقال: (لا تشكّوا في الرجم فإنه حق ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال: أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعت في صدري، وقلت: تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر).
ذكره السيوطي في الإتقان.

النوع الثالث: نسخ الحكم وبقاء التلاوة
- أول ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته.
أمر القبلة، بأن المصلي يتوجه حيث شاء لقوله تعالى عز وجل: {فأينما تولوا فثم وجه الله} فنسخ ذلك، والتوجه إلى بيت المقدس بقوله عز وجل: {فول وجهك شطر المسجد الحرام}).
ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ


- نسخ الرسم مبناه على التوقيف
لما جاء في صحيح البخاري عن عبد الله بن الزبير قال: قلت لعثمان بن عفان رضي الله عنه الآية التي في البقرة: {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج}، لم تكتبها وقد نسختها الآية الأخرى؟ قال: يا ابن أخي، لا أغير شيئا عن مكانه). ذكره أبو شامة في المرشد الوجيز.

- أمثلة على ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته

- كالصّلاة إلى بيت المقدّس والصّيام الأول والصفح عن المشركين والإعراض عن الجاهلين
) .
- وكآية عدة الوفاة حولا نسخت بالآية التي قبلها التي ذكر فيها {أربعة أشهر وعشرا}.
كانت المرأة إذا مات زوجها لزمت التربص بعد انقضاء العدة حولا كاملا ونفقتها في مال الزوج ولا ميراث لها وهذا معنى قوله: {مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} الآية [البقرة: 240] فنسخ الله ذلك بقوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} الآية [البقرة: 234]
- وقوله تعالى: {واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم} الآية [النساء: 15]، نسخها قوله تعالى: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة} الآية [النور: 2].
- ومن ذلك قوله تعالى: {يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين} الآية [الأنفال: 65]، ثم نسخ ذلك قوله تعالى: {الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا} إلى قوله: {الصابرين} الآية [الأنفال: 66].
والجهاد وقع النسخ فيه مرارا، فكان النبي صلى الله عليه وسلم مأمورا أولا بالمتاركة، فكان الجهاد ممنوعا في ابتداء الإسلام، وأمر بالصبر على أذى الكفار بقوله تعالى: {لتبلون في أموالكم وأنفسكم} إلى قوله: {وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور} الآية [آل عمران: 186].
ثم أذن الله – سبحانه وتعالى – في القتال للمسلمين إذا ابتدأهم الكفار بالقتال بقوله: {فإن قاتلوكم فاقتلوهم} الآية [البقرة: 191]، ثم أباح الله القتال ابتداء لكن في غير الأشهر الحرم بقوله: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم} الآية [التوبة: 5].
ثم أمرهم من غير قيد بشرط ولا زمان بقوله: {واقتلوهم حيث وجدتموهم} الآية [النساء: 89].

- ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة؟
الجواب من وجهين:

أحدهما: أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه والعمل به فيتلى لكونه كلام الله تعالى فيثاب عليه فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
وثانيهما: أن النسخ غالبا يكون للتخفيف فأبقيت التلاوة تذكيرا بالنعمة ورفع المشقة وأما حكمة النسخ قبل العمل كالصدقة عند النجوى فيثاب على الإيمان به وعلى نية طاعة الأمر.


- موضع الناسخ بالنسبة للمنسوخ في التلاوة

الناسخ دائما متأخر عن المنسوخ في القرآن إلا في موضعين:
- الأول:
قوله: {مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} الآية [البقرة: 240] فنسخ الله ذلك بقوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً} الآية [البقرة: 234].
- والثاني قوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} الآية [الأحزاب: 50] فإنها

ناسخة لقوله: {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} الآية [الأحزاب: 52]. قاله القاضي أبو المعالي.
قال الزركشي: وذكر بعضهم موضعا آخر وهو:
- قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا} الآية [البقرة: 142] هي متقدمة في التلاوة ولكنها منسوخة

بقوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ} الآية [البقرة: 144].
- وموضع رابع وهو آية الحشر في قوله تعالى: {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} الآية [الحشر: 7] فإنه لم يذكر فيها شيء للغانمين ورأى الشافعي أنها منسوخة بآية الأنفال وهي قوله: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} الآية [الأنفال: 41].
- وقوله: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} الآية [الأحقاف: 9] نسختها آيات القيامة والكتاب والحساب ). [البرهان في علوم القرآن]

- فائدة في تقدم الناسخ على المنسوخ في المصحف
قيل أن في تقديم الآية الناسخة فائدة وهي أن تعتقد حكم المنسوخة قبل العلم بنسخها. ذكره الزركشي

- أقسام ما ادّعى أنه مما نسخ حكمه دون تلاوته وليس كذلك.
قال السيوطي: ( ما نسخ حكمه دون تلاوته، وهذا الضرب هو الذي فيه الكتب المؤلفة، وهو على الحقيقة قليل جدا وإن أكثر الناس من تعداد الآيات فيه فإن المحققين منهم كالقاضي أبي بكر بن العربي بين ذلك وأتقنه.
والذي أقوله: أن الذي أورده المكثرون أقسام:

الأول: قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص بل هي أخبار لا يدخلها النسخ.
- وذلك مثل قوله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} الآية [البقرة: 3]، و{أنفقوا مما رزقناكم} الآية [ البقرة: 254]، ونحو ذلك.

قالوا: إنه منسوخ بآية الزكاة وليس كذلك بل هو باق.
أما الأولى فإنها خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة وبالإنفاق على الأهل وبالإنفاق في الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة.
والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة وقد فسرت بذلك.
- وكذا قوله تعالى: {أليس الله بأحكم الحاكمين} الآية [التين: 8]، قيل: إنها مما نسخ بآية السيف وليس كذلك؛ لأنه تعالى أحكم الحاكمين أبدا لا يقبل هذا الكلام النسخ وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة.
- وقوله في البقرة: {وقولوا للناس حسنا} الآية [البقرة: 83]، عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف.
وقد غلطه ابن الحصار: بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهو خبر لا نسخ فيه وقس على ذلك.
والثاني: قسم هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد.
- كقوله: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} الآية [العصر: 2-3]،

- وقوله: {والشعراء يتبعهم الغاوون إلا الذين آمنوا} الآية [الشعراء: 224-225].
- وقوله: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره} الآية [البقرة: 109]، وغير ذلك من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية.

وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ.
- ومنه قوله: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} الآية [البقرة: 221]، قيل: أنه نسخ بقوله: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} الآية [المائدة: 5]، وإنما هو مخصوص به.
والثالث: قسم رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن.
كإبطال نكاح نساء الآباء ومشروعية القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب ولكن عدم إدخاله أقرب، وهو الذي رجحه مكي وغيره ووجهوه بأن ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه إذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب.

قالوا: وإنما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية.
نعم. النوع الأخير منه وهو رافع ما كان في أول الإسلام إدخاله أوجه من القسمين قبله ). [الإتقان في علوم القرآن].


تقسيم مكّي بن أبي طالب لأقسام المنسوخ في القرآن الكريم
قسّم مكّي بن أبي طالب المنسوخ من القرآن إلى ستة أقسام:
• الأول: ما رفع الله –جل ذكره- رسمه من كتابه بغير بدلٍ منه، وبقي حفظه في الصدور،
وبقي حكمه مجمعًا عليه.
-
قد منع الإجماع من تلاوة هذا النوع على أنه قرآن.
- مثاله: نحو آية الرّجم التي تقدّم ذكرها.


• الثاني: ما رفع الله حكمه من الآي بحكم آيةٍ أخرى، وكلاهما ثابتٌ في المصحف المجمع عليه متلوّ.
- هذا النوع هو الأكثر في المنسوخ.
- لا يكون هذا النوع إلا في الأخبار.
- مثاله: آية (الزواني) المنسوخة بالجلد (المجمع عليه) في سورة النور، كلاهما باقٍ متلوّ كلّه.

• الثالث: ما فرض العمل به لعلّةٍ، ثمّ زال العمل به لزوال تلك العلّة، وبقي متلوًّا ثابتًا في المصحف.
- مثاله: قوله تعالى: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم

إلى الكفار} -الآية- وقوله تعالى: {وآتوهم ما أنفقوا واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا} وقوله: {فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا}.
أمروا بذلك كلّه وفرض عليهم لسبب المهادنة التي كانت بين النبي –عليه السلام- وبين قريش في سنة ستٍ في غزاة الحديبية، إذ صدّوه عن البيت، فلما ذهبت المهادنة وزال وقتها سقط العمل بذلك كله، وبقي اللفظ متلوًّا ثابتًا في المصحف.

• الرابع: ما رفع الله رسمه وحكمه وزال حفظه من القلوب.
- هذا النوع يؤخذ بأخبار الآحاد.
- مثاله: ما روى عاصم بن بهدلة المقري –وكان ثقة مأمونًا- عن زرٍّ أنه قال: (قال لي أبيّ: يا زرّ إن كانت سورة الأحزاب لتعدل سورة البقرة).

ومنه ما روي عن أبي موسى الأشعريّ أنه قال: (نزلت سورةٌ نحو سورة براءة، ثم رفعت).

• الخامس: ما رفع الله – جل ذكره- رسمه من كتابه فلا يتلى، وأزال حكمه، ولم يرفع حفظه من القلوب.
- منع الإجماع من تلاوته على أنه قرآن.

- هذا أيضًا إنما يؤخذ من طريق الأخبار
- مثاله: حديث عائشة –رضي الله عنها- في العشر الرضعات والخمس.
فالأمة مجمعة على أن حكم العشر غير لازم، ولا معمول به عند أحد،
وإنما وقع الاختلاف في التحريم برضعةٍ على نصّ القرآن في قوله: {وأخواتكم من الرضاعة} أو بخمس رضعاتٍ على قول عائشة أنها نسخت العشر –وكانت مما يتلى –وقد ذكرنا هذا.

• السادس: نسخ ما حصل من مفهوم الخطاب بقرآن متلو مع بقاء المفهوم منه متلوًا.
مثاله: قوله تعالى: {لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى}، فهم من هذا الخطاب أن السكر في غير قرب الصلاة جائز فنسخ ذلك المفهوم قوله: {فاجتنبوه} إلى قوله: {فهل أنتم منتهون}.
فحرم الخمر والسّكر مثل الخمر، وبقي المفهوم ذلك منه متلوًّا قد نسخ أيضًا بما نسخ ما فهم منه، فيكون فيه نسخان: نسخ حكمٍ ظاهرٍ متلوّ ونسخ حكم ما فهم من متلوه.

[الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه]



الاستدلال بالآيات المنسوخة تلاوتها في التفسير
يستشهد العلماء بالآيات التي نسخت تلاوتها على تأويل القرآن، وتكون دلائل على معرفة معانيه وعلم وجوهه.
- من ذلك قراءة حفصة وعائشة: ({حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر})،
وكقراءة ابن مسعود: ({والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم})،
ومثل قراءة أبي بن كعب: ({للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر، فإن فاءوا فيهن...})،
وكقراءة سعد: ({فإن كان له أخ أو أخت من أمه})،
وكما قرأ ابن عباس: ({لا جناح عليكم أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج})،
وكذلك قراءة جابر: ({فإن الله من بعد إكراههن لهن غفور رحيم}).
فهذه الحروف وأشباه لها كثيرة قد صارت مفسرة للقرآن، وقد كان يرى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك، فكيف إذا روي عن كتاب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ثم صار في نفس القراءة؟ فهو الآن أكثر من التفسير وأقوى، وأدنى ما يستنبط من علم هذه الحروف معرفة صحة التأويل. على أنها من العلم الذي لا تعرف العامة فضله، إنما يعرف ذلك العلماء.

الاستدلال بالآيات المنسوخة تلاوتها في اعتبار أوجه القراءات.
كقراءة من قرأ {يقص الحق} موجودة في قراءة عبد الله: ({يقضي بالحق})، علمت أنها: {يقضي الحق}، فقرأتها أنت على ما في المصحف، واعتبرت صحتها بتلك القراءة.
وكذلك قراءة من قرأ: {أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم }، موجودة في قراءة أبي: ({تنبئهم})، علمت أن وجه القراءة: {تكلمهم}. ذكره أبو عبيد في فضائله
.


إشكال وجوابه
قول عائشة في نسخ آية الرضاع: (فتوفي النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن) ظاهره بقاء التلاوة.
قال الحافظ البيهقي: (يعني عند من لم يبلغه نسخ تلاوته قرآنا).
قال أبو شامة: ( هذا تأويل حسن، ومثله ما في صحيح مسلم من حديث جابر بن عبد الله قال:
(كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، حتى نهى عنها عمر في شأن عمرو بن حريث).

فمعناه: فعلها بعد النبي صلى الله عليه وسلم من لم يبلغه نهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فلما اتصل ذلك بعمر رضي الله عنه نهى عنها لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عنها. فاشتهر ذلك وثبت، والله أعلم
). [المرشد الوجيز]


ظاهر قول عمر رضي الله: "لولا أن يقول الناس.. الخ" أن كتابتها جائزة وإنما منعه قول الناس!
الجواب:
الجائز في نفسه قد يقوم من خارج ما يمنعه وإذا كانت جائزة لزم أن تكون ثابتة؛ لأن هذا شأن المكتوب وقد يقال: لو كانت التلاوة باقية لبادر عمر رضي الله عنه ولم يعرج على مقال الناس؛ لأن مقال الناس لا يصلح مانعا.

وبالجملة فهذه الملازمة مشكلة ولعله كان يعتقد أنه خبر واحد والقرآن لا يثبت به وإن ثبت الحكم ومن هنا أنكر ابن ظفر في "الينبوع" عد هذا مما نسخ تلاوته قال: لأن خبر الواحد لا يثبت القرآن.
قال: وإنما هذا من المنسأ لا النسخ، وهما مما يلتبسان والفرق بينهما: أن المنسأ لفظه قد يعلم حكمه ويثبت أيضا وكذا قاله في غيره القراءات الشاذة كإيجاب التتابع في صوم كفارة اليمين ونحوه أنها كانت قرآنا فنسخت تلاوتها لكن في العمل بها الخلاف المشهور في القراءة الشاذة.
ومنهم من أجاب عن ذلك: بأن هذا كان مستفيضا عندهم وأنه كان متلوا من القرآن فأثبتنا الحكم بالاستفاضة وتلاوته غير ثابتة بالاستفاضة).
ذكره الزركشي في البرهان.


● فوائد:
ما الفائدة في ذكر الشيخ والشيخة؟ وهلا قال المحصن والمحصنة؟
أجاب ابن الحاجب في "أماليه" عن هذا بأنه من البديع في المبالغة وهو أن يعبر عن الجنس في باب الذم بالأنقص فالأنقص وفي باب المدح بالأكثر والأعلى، فيقال: لعن الله السارق يسرق ربع دينار فتقطع يده، والمراد: يسرق ربع دينار فصاعدا إلى أعلى ما يسرق وقد يبالغ فيذكر مالا تقطع به كما جاء في الحديث ((لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده وقد علم أنه لا تقطع في البيضة)) وتأويل من أوله ببيضة الحرب تأباه الفصاحة.


فائدة في رفع آية الرجم
أخرج الحاكم من طريق كثير بن الصلت، قال: كان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص يكتبان المصحف فمرا على هذه الآية فقال زيد: (سمعت رسول الله يقول: ((الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ألبتة))، فقال عمر: لما نزلت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: أكتبها؟
فكأنه كره ذلك، فقال عمر: ألا ترى أن الشيخ إذا زنى ولم يحصن جلد، وأن الشاب إذا زنى وقد أحصن رجم).
قال ابن حجر: في "شرح المنهاج" فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها.
وقال السيوطي: وخطر لي في ذلك نكتة حسنة وهو أن سببه: التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وإن كان حكمها باقيا؛ لأنه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود وفيه الإشارة إلى ندب الستر.
وأخرج النسائي أن مروان بن الحكم قال لزيد بن ثابت: ألا تكتبها في المصحف؟، قال: (ألا ترى أن الشابين الثيبين يرجمان، ولقد ذكرنا ذلك، فقال عمر: أنا أكفيكم، فقال: يا رسول الله اكتب لي آية الرجم، قال: ((لا تستطيع)) ).
قوله: (اكتب لي)، أي: ائذن لي في كتابتها أو مكني من ذلك.
وأخرج ابن الضريس في "فضائل القرآن" عن يعلى بن حكيم عن زيد بن أسلم أن عمر خطب الناس، فقال: (لا تشكّوا في الرجم فإنه حق ولقد هممت أن أكتبه في المصحف فسألت أبي بن كعب فقال: أليس أتيتني وأنا أستقرئها رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفعت في صدري، وقلت: تستقرئه آية الرجم وهم يتسافدون تسافد الحمر).
قال ابن حجر: وفيه إشارة إلى بيان السبب في رفع تلاوتها وهو الاختلاف).
ذكره السيوطي في الإتقان.



رد مع اقتباس
  #10  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي


ثبوت النسخ والرد على من أنكره




الدليل على جواز النسخ بنص القرآن
الدليل على جواز النسخ عقلا وشرعا
النسخ من خصائص الأمة
انقسام اليهود في النسخ
كشف شبهات منكري النسخ

● اضطراب الأشاعرة في مسألة النسخ.


خلاصة أقوال المفسرين في مسألة ثبوت النسخ والرد على من أنكره



الدليل على جواز النسخ بنص القرآن
الدليل الأول: قوله تعالى: {يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب}

قال ابن عباسٍ وغيره: معناه: يمحو ما يشاء من أحكام كتابه (فينسخه) ببدلٍ أو بغير بدل، ويثبت ما يشاء فلا يمحوه ولا ينسخه.
ومثل هذا المعنى (قال) قتادة وابن جريج وغيرهم في هذه الآية. فهذا يدل على جواز النسخ بنص القرآن.
-
عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: {يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت} قال: (في النّاسخ والمنسوخ)، وروي مثله عن محمد بن كعب.

الدليل الثاني: قوله تعالى:
{وإذا بدّلنا آيةً مكان آيةٍ والله أعلم بما ينـزّل قالوا إنّما أنت مفترٍ}.
فهذا نصٌ ظاهر في جواز زوال حكم آيةٍ ووضع أخرى موضعها.
وهذا النسخ من قولهم: نسخت الشمس الظل، إذا أزالته وحلت محله.

الدليل الثالث: قوله تعالى:
{ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخيرٍ منها أو مثلها}.
فهذا نص ظاهر في جواز النّسخ للقرآن بالقرآن.
والمعنى على قراءة الجماعة: أن الله –جل ذكره- يخبر (عن) نفسه يقول: ما نرفع من حكم آيةٍ ونبقي تلاوتها أو ننسكها يا محمد فلا تحفظ تلاوتها نأت بخير منها لكم، أي نأت بآيةٍ أخرى هي (أصلح لكم وأسهل) في التعبّد، أو نأت بمثلها في العمل وأعظم في الأجر، فهذا قول صحيح معروف.

الدليل الرابع: قوله تعالى: {لكل جعلنا
منكم شرعة ومنهاجا}
فمعلومٌ أن شريعة كل رسولٍ نسخت شريعةً من كان قبله.

الدليل الخامس: قوله تعالى: {منه آيات محكمات}
- عن سلمة عن الضحاك، قال: (المحكمات الناسخ)
- وعن وكيعٌ عن سلمة بن نبيطٍ عن الصّحابة قال: (المتشابه ما قد نسخ، والمحكمات ما لم ينسخ).

وقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: "أبيٌّ أعلمنا بالمنسوخ"

- استدل جماعةٌ على جواز النسخ في القرآن بقوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبي إلاّ إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيّته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته}، فبين أن الله ينسخ ما يلقي الشيطان في تلاوة النبي أو الرسول.
وهذا إنّما يدلّ على جواز النسخ فيما يزيد الشيطان في تلاوة النبي أو الرّسول من الباطل خاصةً، وليس يدل على جواز النّسخ فيما ينزله الله ويأمر به، فلا حجة فيه لمن استدل به على جواز نسخ ما هو من عند الله من الحق
- أما قوله تعالى: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك}: فهذا إنما يراد به إذهاب ما لا يجوز نسخه من الأخبار وغيرها. وما لا يجوز نسخه لو شاء الله لأذهب حفظه كله من القلوب بغير عوض.
ومنه ما روي مما رفع من سورة الأحزاب وغيرها.
وهذا النسخ من قولهم: نسخت الرّيح الآثار، إذا أزالتها فلم يبق لواحدٍ منهما أثر.

الدليل على جواز النسخ عقلا وشرعا
الدليل على جواز النسخ عقلاً
لا يمنع جواز النسخ عقلا لوجوه:
أحدها: لأن للآمر أن يأمر بما شاء،
فلا يمتنع أن يريد تكليف العباد عبادةً في مدّةٍ معلومةٍ ثمّ يرفعها ويأمر بغيرها.
وثانيها : أن النفس إذا مرنت على أمر ألفته فإذا نقلت عنه إلى غيره شق عليها لمكان الاعتياد المألوف فظهر منها بإذعان الانقياد لطاعة الأمر.

وثالثها: أنه جائز أن تكون المصلحة للعباد في فعل عبادة زمانٍ دون زمانٍ، ويوضّح هذا أنّه قد جاز في العقل تكليف عبادةٍ متناهيةٍ كصوم يومٍ، وهذا تكليفٌ انقضى بانقضاء زمانٍ.
ورابعها: أنه قد ثبت أنّ اللّه تعالى ينقل من الفقر إلى الغنى، ومن الصّحّة إلى السّقم، ثمّ قد رتّب الحرّ والبرد، واللّيل والنّهار، وهو أعلم بالمصالح وله الحكم
.

الدليل على جواز النسخ شرعاً
يدلّ على جواز النّسخ شرعاً، أنه قد ثبت أنّ من دين آدم عليه السّلام وطائفةٍ من أولاده، جواز نكاح الأخوات وذوات المحارم، والعمل في يوم السّبت، ثمّ نسخ ذلك في شريعة موسى، وكذلك الشّحوم كانت مباحةً، ثمّ حرّمت في دين موسى، فإن ادّعوا أنّ هذا ليس بنسخٍ فقد خالفوا في اللّفظ دون المعنى.



النسخ من خصائص الأمة
النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم منها التيسير وقد أجمع المسلمون على جوازه، ذكره السيوطي في الإتقان


من أنكر النسخ
انعقد إجماع العلماء على إثبات وجود النسخ في القرآن، وحكي أنّ قومًا قالوا: ليس في القرآن ناسخٌ ولا منسوخٌ. وهؤلاء قومٌ لا يقرّون، لأنّهم خالفوا نصّ الكتاب وإجماع الأمّة، قال الله عز وجل: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها}.


انقسام اليهود في النسخ
انقسم اليهود في النسخ ثلاثة أقسامٍ:
القسم الأوّل: قالوا: لا يجوز عقلا ولا شرعًا، وزعموا أنّ النسخ هو عين البداء.
والقسم الثّاني: قالوا: يجوز عقلا وإنّما منع الشّرع من ذلك زعموا أنّ موسى عليه السّلام قال إنّ شريعته لا تنسخ من بعده، وإنّ ذلك في التّوراة.
ومن هؤلاء من قال: لا يجوز النّسخ إلا في موضعٍ واحدٍ، وهو أنّه يجوز نسخ عبادةٍ أمر اللّه بها بما هو أثقل على سبيل العقوبة لا غير.

والقسم الثّالث: قالوا: يجوز شرعًا لا عقلا، واختلف هؤلاء في عيسى ومحمّدٍ صلّى اللّه عليهما، فمنهم من قال: لم يكونا نبيين لأنهما
لم يأتيا بمعجزةٍ، وإنّما أتيا بما هو من جنس الشّعوذة.
ومنهم من قال: كانا نبيّين
صادقين، غير أنّهما لم يبعثا بنسخ شريعة موسى ولا بعثا إلى بني إسرائيل إنّما بعثا إلى العرب والأميين).
ذكره ابن الجوزي في نواسخ القرآن


كشف شبهات منكري النسخ

أولا: قول من قال: لا يجوز النّسخ إلا على وجه العقوبة.
فليس بشيءٍ، لأنّه إذا أجاز النّسخ في الجملة جاز أن يكون للرّفق بالمكلّف، كما جاز للتّشديد عليه.

ثانيا: دعوى من ادّعى أنّ موسى عليه السّلام أخبر أنّ شريعته لا تنسخ.
قيل إنّ ابن الرّاونديّ علمّهم أن يقولوا: إنّ موسى قال: (لا نبيّ بعدي).
فلو صحّ قولهم لما ظهرت المعجزات على يد عيسى عليه السّلام، لأنّ اللّه تعالى لا يصدّق بالمعجزة
مَن كذَّبه موسى؛ فإن أنكروا معجزة عيسى لزمهم ذلك في معجزة موسى، فإن اعترفوا ببعض معجزاته، لزمهم تكذيب من نقل عن موسى عليه السّلام أنّه قال: (لا نبيّ بعدي)
وممّا يدلّ على كذبهم فيما ادّعوا أنّ اليهود ما كانوا يحتجّون على نبيّنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بكلّ شيءٍ.

وكان نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم مصدّقًا لموسى عليه السّلام، وحكم عليهم بالرّجم عملا بما في شريعة موسى صلّى اللّه عليه وسلّم؛ فهلا احتجّوا عليه بذلك، ولو احتجّوا لشاع نقل ذلك، فدلّ على أنّه قولٌ ابتدع بعد نبيّنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.

ثالثا: قولهم إن النسخ يعني البداء
أنكر اليهود النسخ ظنا منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدو له وهو باطل، فهناك فرق بين النسخ والبداء:

أولا: أنّ النّسخ تغيير عبادةٍ أمر بها المكلّف، وقد علم الآمر حين الأمر أنّ لتكليف المكلّف بها غايةً ينتهي الإيجاب إليها ثمّ يرتفع بنسخها. والبداء أن ينتقل الأمر عن ما أمر به وأراده دائمًا بأمر حادثٍ لا بعلمٍ سابقٍ.
وثانيا: أنّ سبب النّسخ لا يوجب إفساد الموجب لصحّة الخطاب الأوّل، والبداء يكون سببه دالًّا على إفساد الموجب، لصحّة الأمر الأوّل، مثل أن يأمره بعملٍ يقصد به مطلوباً فيتبين أن المطلوب لا يحصل بذلك الفعل فيبدو له ما يوجب الرّجوع عنه، وكلا الأمرين يدلّ على قصور في العلم والحق عز وجل منزه عن ذلك
.

● اضطراب الأشاعرة في مسألة النسخ.
قال السخاوي: (وقولنا: ناسخ ومنسوخ أمر يختص بالتلاوة. وأما المتلو فلا يجوز ذلك فيه، وكذلك المجاز: أمر يختص بالتلاوة.
وكلام الله عز وجل قديم، لم يزل موجودا، وكان قبل إيجاد الخلق غير مكتوب ولا مقروء، ثم بالإنزال كان مقروءا ومكتوبا ومسموعا، ولم ينتقل بذلك من حال إلى حال. كما أن الباري عز وجل قبل خلق العباد لم يكن معبودا وإنما عبد بعد إيجاد العباد ولم يوجب ذلك له تغيرا سبحانه ). [جمال القراء]


رد مع اقتباس
  #11  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

أقوال العلماء في فضل علم الناسخ والمنسوخ


● إثبات النسخ بنص القرآن
ما روي أن الناسخ من الآيات المحكمات المذكورة في قوله تعالى: {فيه آيات محكمات هن أم الكتب وآخر متشابهات}.

ما روي أن معرفة الناسخ والمنسوخ من الحكمة المذكورة في قوله تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}.
عناية السلف بتعلم الناسخ والمنسوخ.

● العلم بالناسخ والمنسوخ من تتمات الاجتهاد.
إنكار السلف على من يتصدر للفتيا وهو جاهل بالناسخ والمنسوخ.
- أثر علي رضي الله عنه

- أثر عبد الله بن عباس رضي الله عنه.

● لا يجوز لأحد أن يفسّر كتاب الله إلا بعد معرفة الناسخ والمنسوخ

● فائدة.

ملخص أقوال العلماء في فضل الناسخ والمنسوخ




● إثبات النسخ بنص القرآن
قول الله عزّ وجلّ: {يمحو اللّه ما يشاء ويثبت} [الرعد: 39] يقول: (يبدّل من القرآن ما يشاء فينسخه؛ ويثبت ما يشاء فلا يبدّله) {وعنده أمّ الكتاب} [الرعد: 39] يقول: (وجملة ذلك عنده في أمّ الكتاب النّاسخ والمنسوخ) ). ذكره أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ.

ما روي أن الناسخ من الآيات المحكمات
المذكورة في قوله تعالى: {فيه آيات محكمات هن أم الكتب وآخر متشابهات}.
- عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ في قوله عزّ وجلّ: {هو الّذي أنزل عليك الكتاب منه آياتٌ محكماتٌ هنّ أمّ الكتاب وأخر متشابهاتٌ} [آل عمران: 7] قال: (المحكمات: ناسخه وحلاله وحرامه وفرائضه وما يؤمن به ويعمل به، والمتشابهات: منسوخه ومقدّمه ومؤخّره، وأمثاله، وأقسامه، وما يؤمن به ولا يعمل به) ). ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ.

ما روي أن معرفة الناسخ والمنسوخ من الحكمة المذكورة في قوله تعالى: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}.
-عن عليّ بن أبي طلحة، عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما في قوله عزّ وجلّ: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا}[البقرة: 269] ، قال: (المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه، ومتشابهه ومقدّمه ومؤخّره وحلاله وحرامه وأمثاله). ذكره أبو عبيد والنحاس وابن الجوزي.

عناية السلف بتعلم الناسخ والمنسوخ.

- عن ابن عونٍ، عن محمّدٍ بن سيرين قال: (جهدت أن أعلم النّاسخ من المنسوخ فلم أعلمه). ذكره ابن الجوزي في نواسخ القرآن، والزركشي في البرهان.

● العلم بالناسخ والمنسوخ من تتمات الاجتهاد.
- عن أبي جرير قال: سئل حذيفة عن شيء فقال: (إنما يفتي أحد ثلاثة من عرف الناسخ والمنسوخ قالوا: ومن يعرف ذلك؟
قال: عمر أو سلطان فلا يجد من ذلك بدا، أو رجل متكلف)
.
ذكره ابن حزم.
- وعن أبي هلالٍ الرّاسبيّ، قال: سمعت محمّدًا، وحدّثت عنه، قال: قال حذيفة: (إنّما يفتي النّاس أحد ثلاثةٍ: رجلٌ يعلم منسوخ القرآن وذلك عمر، ورجلٌ قاضٍ لا يجد من القضاء بدًّا، ورجلٌ متكلّفٌ فلست بالرّجلين الماضيين وأكره أن أكون الثّالث). ذكره النحاس.

- قال ابن حزم:
(هذا الفن من العلم من تتمات الاجتهاد إذ الركن الأعظم في باب الاجتهاد معرفة النقل ومن فوائد النقل معرفة الناسخ والمنسوخ)
.
ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ.

إنكار السلف على من يتصدر للفتيا وهو جاهل بالناسخ والمنسوخ.
- أثر علي رضي الله عنه:

- عن أبي عبد الرّحمن السّلميّ، أنّ عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه مرّ بقاصٍّ يقصّ، فقال: (هل علمت النّاسخ والمنسوخ؟ قال: لا قال: «هلكت وأهلكت».). ذكره أبو عبيد وابن حزم.
- عن عطاء بن السّائب، عن أبي البختريّ، قال: دخل عليّ بن أبي طالبٍ رضي اللّه عنه المسجد فإذا رجلٌ يخوّف النّاس فقال: (ما هذا؟
فقالوا: رجلٌ يذكّر النّاس.
فقال: ليس برجلٍ يذكّر النّاس، ولكنّه يقول: أنا فلان ابن فلانٍ فاعرفوني، فأرسل إليه: (أتعرف النّاسخ من المنسوخ؟)
فقال: لا.
قال: فاخرج من مسجدنا ولا تذكّر فيه). ذكره النحاس.

- أثر عبد الله بن عباس رضي الله عنه:

- عن الضّحّاك بن مزاحمٍ، عن ابن عبّاسٍ، أنّه رأى قاصًّا يقصّ، فقال مثل مقالة عليٍّ سواءً). ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ.

● لا يجوز لأحد أن يفسّر كتاب الله إلا بعد معرفة الناسخ والمنسوخ.
- لا يجوز لأحد أن يفسر كتاب الله إلا بعد أن يعرف منه الناسخ والمنسوخ وقد قال علي بن أبي طالب لقاص: ((أتعرف الناسخ والمنسوخ؟)، قال: الله أعلم، قال: (هلكت وأهلكت) ). ذكره الزركشي والسيوطي.
- قال هبة الله المقريء: (
أول ما ينبغي لمن أراد أن يعلم شيئا من علم هذا الكتاب ألا يدأب نفسه إلّا في علم النّاسخ والمنسوخ اتباعا لما جاء عن أئمّة السّلف رضي الله عنهم لأن كل من تكلم في شيء من علم هذا الكتاب ولم يعلم النّاسخ من المنسوخ كان ناقصا). ذكره هبة الله بن سلامة.


فائدة:
- عن المقداد بن معد يكرب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه (ثلاثا) ألا يوشك رجل يجلس على أريكته - أي على سريره - يقول عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه). ذكره ابن حزم في الناسخ والمنسوخ.

يستفاد من الحديث إثبات النسخ، وأن السنة قد تنسخ القرآن على القول الراجح أو أنها مبيّنة لنسخ بعض القرآن لبعض على القول الآخر.
كما يستفاد منه بيان فساد مذهب من سمّوا أنفسهم بالقرآنيين ونادوا بعدم العمل بالسنة إذ كيف يتسنّى لهم معرفة ناسخ القرآن من منسوخه؟


رد مع اقتباس
  #12  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي


ما لا يصحّ من دعاوى النسخ، ومسألة النسخ بآية السيف

عناصر الدرس:
ما لا يصحّ من دعاوى
النسخ

أسباب وقوع الخطأ في ادّعاء النسخ
ما ادّعي نسخُه بآية السيف
ذمّ التوسّع في ادّعاء النسخ


ملخص أقوال أهل العلم في ما لا يصح من دعاوى النسخ، ومسألة النسخ بالسيف



ما لا يصحّ من دعاوى النسخ
ما نسخ حكمه دون تلاوته هو على الحقيقة قليل جدا وقد أكثر الناس من تعداد الآيات فيه، وهو على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: قسم ليس من النسخ في شيء ولا من التخصيص.
- مثل قوله تعالى: {ومما رزقناهم ينفقون} الآية [البقرة: 3]، و{أنفقوا مما رزقناكم} الآية [ البقرة: 254]، ونحو ذلك.

قالوا: إنه منسوخ بآية الزكاة وليس كذلك بل هو باق.
أما الأولى فإنها خبر في معرض الثناء عليهم بالإنفاق وذلك يصلح أن يفسر بالزكاة وبالإنفاق على الأهل وبالإنفاق في الأمور المندوبة كالإعانة والإضافة وليس في الآية ما يدل على أنها نفقة واجبة غير الزكاة.
والآية الثانية يصلح حملها على الزكاة وقد فسرت بذلك.
- وكذا قوله تعالى: {أليس الله بأحكم الحاكمين} الآية [التين: 8]، قيل: إنها مما نسخ بآية السيف وليس كذلك؛ لأنه تعالى أحكم الحاكمين أبدا لا يقبل هذا الكلام النسخ وإن كان معناه الأمر بالتفويض وترك المعاقبة.
وقوله في البقرة: {وقولوا للناس حسنا} الآية [البقرة: 83]، عده بعضهم من المنسوخ بآية السيف.
وقد غلطه ابن الحصار: بأن الآية حكاية عما أخذه على بني إسرائيل من الميثاق فهو خبر لا نسخ فيه وقس على ذلك.

القسم الثاني: هو من قسم المخصوص لا من قسم المنسوخ.
وقد اعتنى ابن العربي بتحريره فأجاد، كقوله: {إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا} الآية [العصر: 2-3]،

وقوله: {والشعراء يتبعهم الغاوون إلا الذين آمنوا} الآية [الشعراء: 224-225]
وقوله: {فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره} الآية [البقرة: 109]، وغير ذلك من الآيات التي خصت باستثناء أو غاية.

وقد أخطأ من أدخلها في المنسوخ.
ومنه قوله: {ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن} الآية [البقرة: 221]، قيل: أنه نسخ بقوله: {والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب} الآية [المائدة: 5]، وإنما هو مخصوص به.

• القسم الثالث: رفع ما كان عليه الأمر في الجاهلية أو في شرائع من قبلنا أو في أول الإسلام ولم ينزل في القرآن.
كإبطال نكاح نساء الآباء ومشروعية القصاص والدية وحصر الطلاق في الثلاث وهذا إدخاله في قسم الناسخ قريب ولكن عدم إدخاله أقرب، وهو الذي رجحه مكي وغيره ووجهوه بأن ذلك لو عد في الناسخ لعد جميع القرآن منه إذ كله أو أكثره رافع لما كان عليه الكفار وأهل الكتاب.

قالوا: وإنما حق الناسخ والمنسوخ أن تكون آية نسخت آية.
وهذا النوع إدخاله أوجه من القسمين قبله ). ذكرها السيوطي في الإتقان


أسباب وقوع الخطأ في ادّعاء النسخ
- وقع الغلط للمتأخرين من قبل عدم المعرفة بمراد المتقدمين.
- يطلق المتقدمون النسخ على الأحوال المنتقلة.
- أما المتأخرون فيريدون بالنسخ نزول النص ثانيا رافعا لحكم النص الأول .
ذكره السخاوي في جمال القراء.



● أمثلة لما ادّعي نسخُه بآية السيف
- قال أبو القاسم هبة الله بن سلامة: (كل ما في القرآن من: {أعرض عنهم} الآية [المائدة: 42] و{تول عنهم} الآية [النمل: 28] وما شاكل هذا المعنى فناسخه آية السيف. وقد أوضحت القول في ذلك ). ذكره السخاوي في جمال القراء
- وقال ابن العربي: (قوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} الآية [التوبة: 5] ناسخة لمائة وأربع عشرة آية ثم صار آخرها ناسخا لأولها وهي قوله:
{فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} الآية [التوبة: 5].
قالوا: وليس في القرآن آية من المنسوخ ثبت حكمها ست عشرة سنة إلا قوله في الأحقاف: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ} الآية [الأحقاف: 9] وناسخها أول سورة الفتح ). ذكره الزركشي في البرهان
- وقال: كل ما في القرآن من الصفح عن الكفار والتولي والإعراض والكف عنهم فهو منسوخ بآية السيف، قال بعضهم وهي: {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم..} الآية [التوبة: 5]، نسخت مائة وأربعاً وعشرين آية ثم نسخ أخرُها أولها ). ذكره السيوطي في التحبير وفي الإتقان.
قال الشيخ عبد العزيز الداخل:

كثرت المؤلفات في الناسخ والمنسوخ واختلفت المناهج في تناول مسائله، ومنهم من توسّع كثيراً في ادّعاء النسخ فيما لا يصحّ النسخ فيه.
من أجود ما كتبه المتقدّمون كتاب أبي عبيد القاسم بن سلام (ت:224هـ) في الناسخ والمنسوخ وكتاب مكي بن أبي طالب(437هـ) على تعقبات يسيرة فيه.
ومن أجود ما كتبه المتأخرون كتاب النسخ في القرآن، للدكتور مصطفى زيد، وكتاب الآيات المنسوخة في القرآن للدكتور عبد الله بن محمد الأمين الشنقيطي.
النسخ في اللغة يأتي بمعنى الإزالة وبمعنى النقل كما في قوله تعالى: {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} وهذا المعنى خارج عن المعنى الاصطلاحي للنسخ.
من أوّل من نبّه إلى ذلك مكيّ بن أبي طالب وقد تعقّب أبا جعفر النحّاس في ذلك، والنسخ الذي يبحثه العلماء هو ما تضمّن رفع الحكم أو رفع التلاوة.
نسخ القرآن له أنواع منها: رفع التلاوة وبقاء الحكم، ورفع الحكم وبقاء التلاوة، ورفع الحكم والتلاوة ومنه: محو الآيات من الصدور فلا تذكرْ.
أكثر الكتب المؤلفة في الناسخ والمنسوخ إنما تبحث ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته على خلاف كثير فيما يدّعى نسخه ولا يصحّ عند التحقيق.
الآيات المنسوخ تلاوتها كثيرة جداً لكن لم يؤثر منها إلا قليل وقد جمعت ما أثر من ذلك في موضع واحد تجدونه بإذن الله تعالى.
من المهمّ معرفة مناهج العلماء في الناسخ والمنسوخ ونقدها، وقبل ذلك معرفة ما يثبت به النسخ؛ لأنّ إغفال هذين الأمرين قد يوقع في إشكالات وأخطاء.
ثبوت النسخ له طريقان:
أحدهما: التوقيف بخبر من الصحابة رضي الله عنهم مما عمدته النقل، وأمّا ما كان مستنده الاجتهاد فهو قول للصحابي.
الطريق الآخر: الاجتهاد في الترجيح بين الأدلّة التي لا يمكن الجمع بينها وعلم المتقدّم منها من المتأخّر وكان للقول بالنسخ ما يعضده.
من أكثر من توسّع في ادّعاء النسخ ابن حزم الأندلسي المتقدّم (ت:320هـ) وهو غير ابن حزم الظاهري، وهبة الله بن سلامة المقرئ (ت:410هـ) .
منهم من ادعى أن آية السيف نسخت مائة وأربع عشرة آية، وتوسعوا في دعاوى النسخ حتى صار أكثر كلام العلماء في الناسخ والمنسوخ هو في رد دعاوى النسخ.
من أوّل من تصدّى للتوسّع في ادّعاء النسخ مكّي بن أبي طالب القيسي وعلم الدين السخاوي وابن الجوزي ثمّ أحسن في ذلك السيوطي رحمه الله.
حصر السيوطي المواضع التي ترجّح له القول بصحة النسخ فيها في عشرين موضعا ونظمها في منظومة أودعها كتابه الإتقان وللشيخ محمد الأمين تعليقة عليها.
فيما ذكره السيوطي في منظومته ما تعقّب عليه، وهذا يدلّ على أنّ الآيات المنسوخ حكمها مع بقاء تلاوتها قليلة.
دليل مسائل الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم (هنا)

ذمّ التوسع في ادّعاء النسخ
- مثل ما حكي في كتاب هبة الله أنه قال في قوله تعالى: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً} الآية [الإنسان: 8] منسوخ من هذه الجملة {وَأَسِيراً}، والمراد: بذلك أسير المشركين، فقرئ الكتاب عليه وابنته تسمع فلما انتهى إلى هذا الموضع، قالت: أخطأت يا أبت في هذا الكتاب! فقال لها: وكيف يا بنية! قالت: أجمع المسلمون على أن الأسير يطعم ولا يقتل جوعا، قال: صدقت). ذكره الزركشي في البرهان والسيوطي في الإتقان.
- قال ابن العربي: ومن أغرب آية في النسخ قوله تعالى: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} الآية [الأعراف: 199] أولها وآخرها منسوخان ووسطها محكم).ذكره الزركشي في البرهان والسيوطي في الإتقان.
- و
قال: من عجيبه أيضا آية أولها منسوخ وآخرها ناسخ ولا نظير لها، وهي قوله: {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} الآية [المائدة: 105] يعني: بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فهذا ناسخ لقوله: {عليكم أنفسكم}).
ذكره السيوطي في الإتقان.



رد مع اقتباس
  #13  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 04:15 AM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي


بدء نزول القرآن الكريم


رد مع اقتباس
  #14  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 10:17 AM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

اقتباس:
- من قال إن تكرر النزول معناه أن ينزل مرة بمكة ومرة بالمدينة، فما قولنا في نزول البسملة؟ أو أوجه القراءات؟
حسنا ما معنى تكرر النزول تحديدًا ؟

رد مع اقتباس
  #15  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 10:43 AM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

اقتباس:
- لا يوجد فرق بين الحكمة من تكرر النزول وفوائدة وأسبابه فالمقصود من ورائها واحد.
توقعت أن نُنبه على هذا الأمر، فقد فكرت فيه أثناء حل التدريب؛ ولكن أظن أن كل من الحكمة والفوائد والأسباب بينما قدر مشترك وربما كانوا على شاكلة الألفاظ المتقاربة أو المتكافئة، لكن كل منهما له وجه ليس في الآخر
فالحكمة: هي فائدة مقصودة
والفائدة : قد تكون مقصودة أو غير مقصودة
والسبب: قد يكون هو الحكمة وقد يكون جزء منها، وكذلك قد يكون هو الفائدة أو جزء منها أو قد يكون ليس هو الفائدة
ولنضرب لذلك مثالا:
إهلاك الله لقوم صالح بالصاعقة
سبب ذلك: أنهم استحبوا العمى على الهدى، وعقروا الناقة
الحكمة من ذلك: أن هذا من سنة الله إظهار الدين وإبطال الكفر وقيام حجة الله على الكافرين.
الفائدة: إظهار الدين، كانوا عبرة لمن بعدهم.
فهنا السبب ليس هو الحكمة وليس هو الفائدة.
والفائدة هنا ليست السبب.
والحكمة هنا جزء من الفائدة.
( مع الانتباه إلي أن التعبير بلفظ "الحكمة من كذا" ليس على سبيل التحقيق بل على سبيل التقريب فنحن نذكر ما بدا لنا من الحكمة وما خفي علينا فوق ذلك )
مثال آخر:
لو أن شخصا أرسل مبلغًا من المال لفقير مع عامل وأعطاه مبلغا من المال على إيصاله.
فسبب إرسال المال هنا: فقر المرسل إليه
والحكمة من إرساله: أن يجد هذا الفقير ما يكفيه
والفوائد هنا: إغناء الفقير وإعطاء العامل مالا ( فهذه الفائدة الأخيرة ليست مقصودة )
مثال آخر
لو أنّي مرضت فشربت عسلا
هنا سبب شرب العسل: المرض
والحكمة من شربه: الشفاء من هذا المرض
والفائدة: قد تكون الشفاء وقد يحدث مع ذلك فوائد أخرى حصلت بسبب شرب العسل لكنّي لم أقصدها.

لا أدري أيكون التفكير بهذه الطريقة التي ذكرت من باب التنطع أم من باب التدقيق الذي كان الدكتور الطيار يفعله في شرحه لمقدمة ابن تيمية؟

رد مع اقتباس
  #16  
قديم 10 رجب 1436هـ/28-04-2015م, 10:46 AM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

اقتباس:
- من الطلاب من ذكر حجج المنكرين لتكرر النزول دون الرد عليهم والواجب استيفاء المسألة كاملا.
في الحقيقة لم أذكر الرد؛ لأني لم أفهمه ابتداء ..

رد مع اقتباس
  #17  
قديم 11 رجب 1436هـ/29-04-2015م, 09:16 AM
الصورة الرمزية إسراء خليفة
إسراء خليفة إسراء خليفة غير متواجد حالياً
برنامج الإعداد العلمي - المستوى السادس
 
تاريخ التسجيل: Jul 2014
الدولة: مصر
المشاركات: 1,182
افتراضي

في التدريب الثاني لم أعزو الكلام للمصنفين لأن العزو سيكون كثير جدا جدا، وقد لاحظت الشيخ في فهرسته لموضوع جمع القرآن وموضوع تعريف القرآن عند أهل السنة والجماعة يذكر حاصل أقوالهم دون عزوها.

رد مع اقتباس
  #18  
قديم 11 رجب 1436هـ/29-04-2015م, 01:15 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إسراء خليفة مشاهدة المشاركة
حسنا ما معنى تكرر النزول تحديدًا ؟
نزول الآية أو السورة مرة بعد مرة.
أو نقول: مرتين فأكثر.

رد مع اقتباس
  #19  
قديم 11 رجب 1436هـ/29-04-2015م, 01:23 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إسراء خليفة مشاهدة المشاركة
توقعت أن نُنبه على هذا الأمر، فقد فكرت فيه أثناء حل التدريب؛ ولكن أظن أن كل من الحكمة والفوائد والأسباب بينما قدر مشترك وربما كانوا على شاكلة الألفاظ المتقاربة أو المتكافئة، لكن كل منهما له وجه ليس في الآخر
فالحكمة: هي فائدة مقصودة
والفائدة : قد تكون مقصودة أو غير مقصودة
والسبب: قد يكون هو الحكمة وقد يكون جزء منها، وكذلك قد يكون هو الفائدة أو جزء منها أو قد يكون ليس هو الفائدة
ولنضرب لذلك مثالا:
إهلاك الله لقوم صالح بالصاعقة
سبب ذلك: أنهم استحبوا العمى على الهدى، وعقروا الناقة
الحكمة من ذلك: أن هذا من سنة الله إظهار الدين وإبطال الكفر وقيام حجة الله على الكافرين.
الفائدة: إظهار الدين، كانوا عبرة لمن بعدهم.
فهنا السبب ليس هو الحكمة وليس هو الفائدة.
والفائدة هنا ليست السبب.
والحكمة هنا جزء من الفائدة.
( مع الانتباه إلي أن التعبير بلفظ "الحكمة من كذا" ليس على سبيل التحقيق بل على سبيل التقريب فنحن نذكر ما بدا لنا من الحكمة وما خفي علينا فوق ذلك )
مثال آخر:
لو أن شخصا أرسل مبلغًا من المال لفقير مع عامل وأعطاه مبلغا من المال على إيصاله.
فسبب إرسال المال هنا: فقر المرسل إليه
والحكمة من إرساله: أن يجد هذا الفقير ما يكفيه
والفوائد هنا: إغناء الفقير وإعطاء العامل مالا ( فهذه الفائدة الأخيرة ليست مقصودة )
مثال آخر
لو أنّي مرضت فشربت عسلا
هنا سبب شرب العسل: المرض
والحكمة من شربه: الشفاء من هذا المرض
والفائدة: قد تكون الشفاء وقد يحدث مع ذلك فوائد أخرى حصلت بسبب شرب العسل لكنّي لم أقصدها.

لا أدري أيكون التفكير بهذه الطريقة التي ذكرت من باب التنطع أم من باب التدقيق الذي كان الدكتور الطيار يفعله في شرحه لمقدمة ابن تيمية؟
لم أقصد أن هذه الألفاظ الثلاثة مترادفة في المعنى، لكن الناظر في النقول يجد أن مقصود كلام أهل العلم من وراء هذه العبارات واحدا.
فإذا لاحظ الطالب تقسيما مقصودا لأهل العلم فيما يتعلق بهذه النقاط فجيد أن يفصلها، لكن إذا شعر أنها بمعنى واحد فيكتفى بما يدل على المقصود حتى لا نقع في تشقيق لا فائدة فيه.
وشكر الله لك حسن ملاحظتك.

رد مع اقتباس
  #20  
قديم 11 رجب 1436هـ/29-04-2015م, 01:28 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إسراء خليفة مشاهدة المشاركة
في التدريب الثاني لم أعزو الكلام للمصنفين لأن العزو سيكون كثير جدا جدا، وقد لاحظت الشيخ في فهرسته لموضوع جمع القرآن وموضوع تعريف القرآن عند أهل السنة والجماعة يذكر حاصل أقوالهم دون عزوها.
يمكنك إيراد أهم وأفضل هذه العبارات وإسنادها إلى من قال بها من أهل العلم دون الحاجة إلى تكرار أو إكثار في العزو.

رد مع اقتباس
  #21  
قديم 19 رجب 1436هـ/7-05-2015م, 05:30 PM
أمل عبد الرحمن أمل عبد الرحمن غير متواجد حالياً
هيئة الإشراف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 8,163
افتراضي

للتذكير:
في هذا الموضوع توضع جميع نماذج الإجابة للأقسام الأربعة المقررة في الفهرسة (تضاف روابط النماذج باستمرار في أول مشاركة)
بارك الله فيكم

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
تطبيقات, إجابات

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:09 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir