دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > علوم الحديث الشريف > متون علوم الحديث الشريف > بلوغ المرام > كتاب الأطعمة

موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 25 محرم 1430هـ/21-01-2009م, 12:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي لحوم الحمر ولحوم الخيول


وعنْ جابرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قالَ: نَهَى رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يومَ خَيبرَ عَنْ لُحومِ الْحُمُرِ الأهلِيَّةِ، وأَذِنَ في لُحومِ الخيلِ. مُتَّفَقٌ عليهِ.
وفي لفظِ البخاريِّ: ورَخَّصَ.


  #2  
قديم 25 محرم 1430هـ/21-01-2009م, 03:49 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي سبل السلام للشيخ: محمد بن إسماعيل الأمير الصنعاني


3/1242 - وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظِ لِلْبُخَارِيِّ: وَرَخَّصَ.
(وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ) لِرِوَايَةِ جَابِرٍ هَذِهِ، (وَرَخَّصَ) عِوَضَ: أَذِنَ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي رِوَايَاتٍ، أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَدَ الْقُدُورَ تَغْلِي بِلَحْمِهَا، فَأَمَرَ بِإِرَاقَتِهَا، وَقَالَ: ((لا تَأْكُلُوا مِنْ لُحُومِهَا شَيْئاً)).
وَالأَحَادِيثُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ، وفِي رِوَايَةٍ: ((إِنَّهَا رِجْسٌ، أَوْ نَجَسٌ))، وَفِي لَفْظٍ: ((إِنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ)).
وَفِي الْحَدِيثِ مَسْأَلَتَانِ:
الأُولَى: أَنَّهُ دَلَّ مَنْطُوقُهُ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ؛ إذ النَّهْيُ أَصْلُهُ التَّحْرِيمُ، وَإِلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ لُحُومِهَا ذَهَبَ الجَمَاهِيرُ مِنْ عُلَمَاءِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ، إلاَّ ابْنُ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: لَيْسَتْ بِحَرَامٍ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: وَأَبَى ذَلِكَ الْبَحْرُ، وَتَلا قَوْلَهُ تَعَالَى: {قُلْ لا أَجِدُ فِيمَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} الآيَةَ. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَعَنْ مَالِكٍ بِرِوَايَاتٍ أَنَّهَا مَكْرُوهَةٌ، أَوْ حَرَامٌ، أَوْ مُبَاحَةٌ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ غَالِبِ بْنِ أَبْجَرَ قَالَ: أَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَلَمْ يَكُنْ فِي مَالِي مَا أُطْعِمُ أَهْلِي إلاَّ سِمَانُ حُمُرٍ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: إِنَّكَ حَرَّمْتَ لُحُومَ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَقَدْ أَصَابَتْنَا سَنَةٌ، فَقَالَ: ((أَطْعِمْ أَهْلَكَ مِنْ سَمِينِ حُمُرِكَ؛ فَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ جِهَةِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ))، يَعْنِي الْجَلاَّلَةَ.
فَقَدْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَمَّا حَدِيثُ ابْنِ أَبْجَرَ؛ فَقَد اخْتُلِفَ فِي إسْنَادِهِ، قَالَ أَبُو دَاوُدَ: رَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ عُبَيْدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَعْقِلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ بِشْرٍ عَنْ نَاسٍ مِنْ مُزَيْنَةَ، أَنَّ سَيِّدَ مُزَيْنَةَ أَبْجَرَ، أَو ابْنَ أَبِي أَبْجَرَ، سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَرَوَاهُ مِسْعَرٌ فَقَالَ: عَن ابْنِ عُبَيْدٍ عَن ابنِ مَعْقِلٍ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ مُزَيْنَةَ؛ أَحَدُهُمَا عَن الآخَرِ، وَقَدْ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ؛ يُرِيدُ هَذَا، وَسَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ مُتَّصِلاً، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا قَوْلُهُ: ((وَإِنَّمَا حَرَّمْتُهَا مِنْ أَجْلِ جَوَّالِ الْقَرْيَةِ))؛ فَإِنَّ الْجَوَّالَ هِيَ الَّتِي تَأْكُلُ الْعَذِرَةَ، وَهِيَ الْجِلَّةُ، إلاَّ أَنَّ هَذَا لا يَثْبُتُ.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ إنَّمَا نَهَى عَنْ لُحُومِهَا؛ لأَنَّهَا رِجْسٌ، وَسَاقَ سَنَدَهُ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ أَصَبْنَا حُمُراً خَارِجَةً مِن الْقَرْيَةِ، فَنَحَرْنَا وَطَبَخْنَا مِنْهَا، فَنَادَى مُنَادِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْهَا، وَإِنَّهَا رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، فَأُكْفِئَت الْقُدُورُ. انْتَهَى.
وَبِهَذَا يَبْطُلُ الْقَوْلُ بِأَنَّهَا إنَّمَا حُرِّمَتْ مَخَافَةَ قِلَّةِ الظَّهْرِ، كَمَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ: " إِنَّمَا حَرَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُمُرَ الأَهْلِيَّةَ مَخَافَةَ قِلَّةِ الظَّهْرِ ".
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ عَن ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْمَغَازِي مِنْ رِوَايَةِ الشَّعْبِيِّ، أَنَّهُ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لا أَدْرِي أَنَهَى عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهَا حَمُولَةُ النَّاسِ، فَكَرِهَ أَنْ تَذْهَبَ حَمُولَتُهُمْ، أَوْ حَرَّمَهَا الْبَتَّةَ يَوْمَ خَيْبَرَ؛ فَإِنَّهُ قَدْ عُلِمَ بِالنَّصِّ أَنَّهُ حَرَّمَهَا؛ لأَنَّهَا رِجْسٌ. وَكَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَعْلَمْ بِالْحَدِيثِ، فَتَرَدَّدَ فِي عِلَّةِ النَّهْيَ، وَإِذْ قَدْ ثَبَتَ النَّهْيُ، وَأَصْلُهُ التَّحْرِيمُ، عُمِلَ بِهِ وَإِنْ جَهِلْنَا عِلَّتَهُ.
وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ نَصْرٍ الْمُحَارِبِيَّةِ، أَنَّ رَجُلاً سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، فَقَالَ: أَلَيْسَ تَرْعَى الْكَلأَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ؟ قَالَ: ((فَأَصِبْ مِنْ لُحُومِهَا))، فَهِيَ رِوَايَةٌ غَيْرُ صَحِيحَةٍ، لا تُعَارَضُ بِهَا الأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: دَلَّ الْحَدِيثُ عَلَى حِلِّ أَكْلِ لُحُومِ الْخَيْلِ، وَإِلَى حِلِّهَا ذَهَبَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَالشَّافِعِيُّ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ وَجَمَاهِيرُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ؛ لِهَذَا الْحَدِيثِ، وَلِمَا فِي مَعْنَاهُ مِن الأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِسَنَدِهِ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ عَنْ عَطَاءٍ، أَنَّهُ قَالَ لابْنِ جُرَيْجٍ: لَمْ يَزَلْ سَلَفُكَ يَأْكُلُونَهُ؟ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لَهُ: أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَيَأْتِي حَدِيثُ أَسْمَاءَ: نَحَرْنَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَساً، فَأَكَلْنَاهُ.
وَذَهَبَت الْهَادَوِيَّةُ وَمَالِكٌ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، إلَى تَحْرِيمِ أَكْلِها، وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ لُحُومِ الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ وَكُلِّ ذِي نَابٍ مِن السِّبَاعِ.
وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةِ: يَوْمَ خَيْبَرَ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِيهِ: هَذَا إسْنَادٌ مُضْطَرِبٌ، مُخَالِفٌ لِرِوَايَةِ الثِّقَاتِ، وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: يُرْوَى عَنْ أَبِي صَالِحٍ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ وَسُلَيْمَانَ بْنِ سُلَيْمٍ، وَفِيهِ نَظَرٌ.
وَضَعَّفَ الْحَدِيثَ أَحْمَدُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْخَطَّابِيُّ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَعَبْدُ الْحَقِّ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً}، وَتَقْرِيرُ الاسْتِدْلالِ بِالآيَةِ بِوُجُوهٍ:
الأَوَّلُ: أَنَّ الْعِلَّةَ الْمَنْصُوصَةَ تَقْتَضِي الْحَصْرَ، فَإِبَاحَةُ أَكْلِهَا خِلافُ ظَاهِرِ الآيَةِ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ كَوْنَ الْعِلَّةِ مَنْصُوصَةً لا تَقْتَضِي الْحَصْرَ فِيهَا، فَلا تُفِيدُ الْحَصْرَ فِي الرُّكُوبِ وَالزِّينَةِ؛ فَإِنَّهُ يُنْتَفَعُ بِهَا فِي غَيْرِهِمَا اتِّفَاقاً، وَإِنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِمَا؛ لِكَوْنِهِمَا أَغْلَبَ مَا يُطْلَبُ، وَلَوْ سَلِمَ الْحَصْرُ لامْتَنَعَ حَمْلُ الأَثْقَالِ عَلَى الْخَيْلِ وَالْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ، وَلا قَائِلَ بِهِ.
الثَّانِي: مِنْ وُجُوهِ دَلالَةِ الآيَةِ عَلَى تَحْرِيمِ الآكِلِ عَطْفُ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ؛ فَإِنَّهُ دَالٌّ عَلَى اشْتِرَاكِها مَعَهَا فِي حُكْمِ التَّحْرِيمِ، فَمَنْ أَفْرَدَ حُكْمَهُمَا عَنْ حُكْمِ مَا عُطِفَ عَلَيْهِ احْتَاجَ إلَى دَلِيلٍ. وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ دَلالَةِ الاقْتِرَانِ، وَهِيَ ضَعِيفَةٌ.
الثَّالِثُ: مِنْ وُجُوهِ دَلالَةِ الآيَةِ أَنَّهَا سِيقَتْ لِلامْتِنَانِ، فَلَوْ كَانَتْ مِمَّا يُؤْكَلُ لَكَانَ الامْتِنَانُ بِهِ أَكْثَرَ؛ لأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِبَقَاءِ الْبِنْيَةِ، وَالْحَكِيمُ لا يَمْتَنُّ بِأَدْنَى النِّعَمِ، وَيَتْرُكُ أَعْلاهَا، سِيَّمَا وَقَد امْتَنَّ بِالآكِلِ فِيمَا ذُكِرَ قَبْلَهَا.
وَأُجِيبَ بِأَنَّهُ تَعَالَى خَصَّ الامْتِنَانَ بِالرُّكُوبِ؛ لأَنَّهُ غَالِبُ مَا يُنْتَفَعُ بِالْخَيْلِ فِيهِ عِنْدَ الْعَرَبِ، فَخُوطِبُوا بِمَا عَرَفُوهُ وَأَلِفُوهُ، كَمَا خُوطِبُوا فِي الأَنْعَامِ بِالأَكْلِ وَحَمْلِ الأَثْقَالِ؛ لأَنَّهُ كَانَ أَكْثَرَ انْتِفَاعِهِمْ بِهَا لِذَلِكَ، فَاقْتَصَرَ فِي كُلٍّ مِن الصِّنْفَيْنِ بِأَغْلَبَ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ عليهِ.
الرَّابِعُ: مِنْ وُجُوهِ دَلالَةِ الآيَةِ أنَّهُ لَوْ أُبِيحَ أَكْلُهَا لَفَاتَت الْمَنْفَعَةُ الَّتِي امْتَنَّ بِهَا، وَهِيَ الرُّكُوبُ وَالزِّينَةُ.
وَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَوْ لَزِمَ مِن الإِذْنِ فِي أَكْلِهَا أَنْ تَفْنَى لَلَزِمَ مِثْلُهُ فِي الْبَقَرِ وَنَحْوِهَا مِمَّا أُبِيحَ أَكْلُهُ، وَوَقَعَ الامْتِنَانُ بِهِ لِمَنْفَعَةٍ أُخْرَى.
وأُجِيبَ عَن الاسْتِدْلالِ بِالآيَةِ بِجَوَابٍ إجْمَالِيٍّ، وَهُوَ أَنَّ آيَةَ النَّحْلِ مَكِّيَّةٌ اتِّفَاقاً، وَالإِذْنُ فِي أَكْلِ الْخَيْلِ كَانَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ مِنْ مَكَّةَ بِأَكْثَرَ مِنْ سِتِّ سِنِينَ، وَأَيْضاً فَإِنَّ آيَةَ النَّحْلِ لَيْسَتْ نَصًّا فِي تَحْرِيمِ الأَكْلِ، وَالْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي جَوَازِهِ، وَأَيْضاً لَوْ سَلِمَ مَا ذُكِرَ كَانَ غَايَتُهُ الدَّلالَةَ عَلَى تَرْكِ الأَكْلِ، وَهُوَ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِلتَّحْرِيمِ، أَوْ لِلتَّنْزِيهِ، أَوْ لخِلافِ الأَوْلَى.
وَحَيْثُ لَمْ يَتَعَيَّنْ هُنَا وَاحِدٌ مِنْهَا، لا يَتِمُّ التَّمَسُّكُ، فالتمَسُّكُ بِالأَدِلَّةِ الْمُصَرِّحَةِ بِالْجَوَازِ أوْلَى.
وَأَمَّا زَعْمُ الْبَعْضِ أَنَّ حَدِيثَ جَابِرٍ دَالٌّ عَلَى التَّحْرِيمِ؛ لِكَوْنِهِ وَرَدَ بِلَفْظِ الرُّخْصَةِ، وَالرُّخْصَةُ اسْتِبَاحَةُ الْمَحْظُورِ مَعَ قِيَامِ الْمَانِعِ، فَدَلَّ أَنَّهُ رَخَّصَ لَهُمْ فِيهَا بِسَبَبِ الْمَخْمَصَةِ، فَلا يَدُلُّ عَلَى الْحِلِّ الْمُطْلَقِ، فَهُوَ ضَعِيفٌ؛ لأَنَّهُ وَرَدَ بِلَفْظِ: أَذِنَ لَنَا، وبلَفْظِ: أَطْعَمَنَا، فَعَبَّرَ الرَّاوِي بِقَوْلِهِ: رَخَّصَ، عَنْ: أَذِنَ، لا أَنَّهُ أَرَادَ الرُّخْصَةَ الاصْطِلاحِيَّةَ الْحَادِثَةَ بَعْدَ زَمَنِ الصَّحَابَةِ، فَلا فَرْقَ بَيْنَ الْعِبَارَتَيْنِ: أَذِنَ وَرَخَّصَ، فِي لِسَانِ الصَّحَابَةِ.

  #3  
قديم 25 محرم 1430هـ/21-01-2009م, 03:50 PM
محمد أبو زيد محمد أبو زيد غير متواجد حالياً
مشرف
 
تاريخ التسجيل: Nov 2008
المشاركات: 14,351
افتراضي توضيح الأحكام للشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن البسام


1150- وَعَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ خَيْبَرَ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ، وَأَذِنَ فِي لُحُومِ الْخَيْلِ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَفِي لَفْظٍ لِلْبُخَارِيِّ: وَرَخَّصَ.


* مُفْرَداتُ الحديثِ:
- الحُمُرِ الأَهْلِيَّةِ: قالَ في (المُعْجَمِ الوَسِيطِ): الحِمَارُ حيوانٌ داجِنٌ، مِن الفصيلةِ الخيليَّةِ، يُسْتَخْدَمُ للحَمْلِ والرُّكوبِ.
قال في (حياةِ الحيوانِ): ويُوصَفُ الحِمارُ بالهدايةِ إلى سلوكِ الطُّرُقاتِ التي مَشَى فيها، ولو مَرَّةً واحدةً، كما يُوصَفُ بحِدَّةِ السمْعِ، وللناسِ في مَدْحِه وذَمِّه أقوالٌ متباينةٌ، بحَسَبِ الأغراضِ.
- الخَيْلِ:جماعةُ الأفراسِ، لا واحِدَ له مِن لفظِه، جمعُه أخيالٌ وخُيُولٌ، وسُمِّيَتْ خيلاً؛ لاختيالِها في مِشْيَتِها، وقِيلَ: أوَّلُ مَن رَكِبَها إسماعيلُ عليه السلامُ، وذلك في مَكَّةَ، ومِن ذلكَ سُمِّيَتْ بالعِرابِ؛ فقد روَى النَّسَائِيُّ أنَّ النبيَّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: ((ارْكَبُوا الْخَيْلَ؛ فَإِنَّهَا مِيرَاثُ أَبِيكُمْ إِسْمَاعِيلَ)).
وقدْ سابَقَ النبيُّصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عليها، وجَعَلَ أَمَداً وغايةً لسباقِها، وكانَ سُلَيْمانُ عليه السلامُ يُسابِقُ عليها، ويَحْتَفِي بمنظرِ سِباقِها، فلها شأنٌ كبيرٌ في أوَّلِ الدهْرِ وآخِرِه؛ ولذا قالَ تعالى: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} [الأنفال:60]؛ قالَ الدَّمِيرِيُّ: الخَيْلُ أشرفُ ما رُكِبَ مِن الدوابِّ.
*ما يُؤْخَذُ مِنَ الحَدِيثِ:
1- الحديثُ يَدُلُّ على تحريمِ لحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ، ولو تَوَحَّشَتْ.
قالَ ابنُ عبدِ البرِّ: لا خِلافَ في تحريمِها. أمَّا شارِحُ البُلُوغِ فقالَ: تحريمُ أكلِ لحومِها مذهَبُ جماهيرِ العلماءِ، من الصحابةِ، والتابعينَ، ومَن بعدَهم، إلاَّ ابنَ عَبَّاسٍ فقالَ: لَيْسَتْ بحرامٍ.
فالإجماعُ الذي نَقَلَه ابنُ عبدِ البرِّ بعدَ انتهاءِ الخلافِ في عصرِ ابنِ عَبَّاسٍ.
2- ثَبَتَ تحريمُ لحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ بأحاديثَ كثيرةٍ صحيحةٍ، وجاءَ في تعليلِ تحريمِها في روايةٍ: ((إِنَّهَا نَجَسٌ))، وفي لَفْظٍ: ((إِنَّهَا رِجْسٌ)).
3- كما يَحْرُمُ لحْمُها فإنَّ لَبَنَها حرامٌ نَجِسٌ أيضاًً، فلا يَجُوزُ شُرْبُه، ولو لدواءٍ.
4- مفهومُ الحديثِ حِلُّ لحومِ الحُمُرِ الوحشيَّةِ، وهو صَيْدٌ، فمَن قَتَلَها في الحَرَمِ أو الإحرامِ فعليه الجزاءُ، قالَ في (شَرْحِ الإقناعِ): ويَجِبُ في حِمارِ الوحشِ بقرةٌ، قَضَى به عمرُ، وقالَه عُرْوَةُ، ومُجَاهِدٌ.
وهذا هو المسمَّى حِمَارَ الزَّرَدِ، وهو من الحيواناتِ الإفريقيَّةِ.
5- يَدُلُّ الحديثُ على حِلِّ لحومِ الخيلِ؛ وبهذا قالَ الشافعيُّ، وأحمدُ، وصاحِبَا أبي حنيفةَ، وإسحاقُ، وجماهيرُ العلماءِ من السَّلَفِ والخَلَفِ؛ لهذا الحديثِ، ولمَا في معناه من الأحاديثِ الصحيحةِ.
وأمَّا أبو حَنيفةَ، ومالكٌ: فذَهَبَا إلى كَراهةِ أكلِ لحومِها، واسْتَدَلاَّ بما رَوَاهُ خالدُ بنُ الوَلِيدِ، قالَ: (نَهَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن لحومِ الخيلِ، والبِغالِ، والحَمِيرِ، وكلِّ ذِي نابٍ مِنَ السِّباعِ). رَوَاه أحمدُ (6376)،لكن ضَعَّفَ الحديثَ أحمدُ، والدَّارَقُطْنِيُّ، والخَطَّابيُّ، وابنُ عبدِ البَرِّ، وعبدُ الحَقِّ، قالَ البَيْهَقِيُّ: إسنادُه مُضْطَرِبٌ، مخالِفٌ لروايةِ الثِّقاتِ.
ومِن أَدِلَّةِ مَن كَرِهَ لحومَ الخيلِ قولُه تعالى:{وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً} [البقرة: 249] فذَكَرَ الركوبَ والزينةَ، ولم يَذْكُرِ الأكلَ.
وأجابَ المُبِيحُونَ أكلَها: بأنَّ ذِكْرَ الركوبِ والزينةِ لا يَدُلُّ على أنَّ مَنَافِعَها مقصورةٌ عليهما، وإنما خُصَّا بالذِّكْرِ؛ لأنَّهما المقصودُ الأعظمُ مِن الخَيْلِ، واللَّهُ أعلَمُ.

موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لحوم, الحمر

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 06:17 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir