دليل المعهد | طريقة الدراسة| التأصيل العلمي| فريق العمل

العودة   معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد > برنامج إعداد المفسر > خطة التأسيس في التفسير > صفحات الدراسة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14 شوال 1435هـ/10-08-2014م, 09:42 PM
مارية السكاكر مارية السكاكر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 106
افتراضي صفحة الطالبة: مارية السكاكر "للقراءة المنظمة"

بسم الله الرحمن الرحيم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 12 ذو القعدة 1435هـ/6-09-2014م, 01:45 PM
مارية السكاكر مارية السكاكر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 106
افتراضي

مقاصد مقّدمة تفسير ابن كثير

المقصد العام للمقدّمة: بيان جملة من المسائل المهمة في أصول التفسير وعلوم القرآن لتكون مقدّمة ينتفع بها من يقرأ التفسير.
المقاصد الفرعية:
أ: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير.
ب: بيان فضل القرآن .
ج: جمع القرآن وكتابة المصاحف.
د:نزول القرآن على سبعة أحرف.
هـ: آداب تلاوة القرآن وأحكامها.
و: ذكر فوائد متفرقة .

وتندرج تحتها مسائل ،، أفردت لكل مقصد فرعي ردّ مستقل .
أسأل ربي العون والسداد .

أولا : بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير.



مقدمة في أهمية التفسير:

قال ابن كثير رحمه الله "فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعجم، وأسود وأحمر، وإنس وجان، فهو نذير له؛ ولهذا قال تعالى: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} [هود: 17]. فمن كفر بالقرآن ممن ذكرنا فالنار موعده، بنص الله تعالى، وكما قال تعالى: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملي لهم} [القلم: 44، 45].

فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله، وتفسير ذلك، وطلبه من مظانه، وتعلم ذلك وتعليمه، كما قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون} [آل عمران: 187]، وقال تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} [آل عمران: 77].
فذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم، وإقبالهم على الدنيا وجمعها، واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله.
فعلينا -أيها المسلمون- أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به، من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، قال الله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون} [الحديد: 16، 17]. ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها، كذلك يلين القلوب بالإيمان والهدى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي، والله المؤمل المسؤول أن يفعل بنا ذلك، إنه جواد كريم.

طرق التفسير :

الطريق الأول : قال ابن كثير -رحمه الله-إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر.

الطريق الثاني : قال ابن كثير -رحمه الله-فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له،
قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [ النحل: 44].

الطريق الثالث :قال ابن كثير -رحمه الله- إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين المهديين، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنه.
ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث قال: ((اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل)).


(مسألة) حكم مايُنقل عن الصحابة في الإسرائيليات ،والصواب في التعامل معها:

يقول ابن كثير -رحمه الله - ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب، التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو؛ هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد، لا للاعتضاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم.
نقل الخلاف عنهم في الأمور التي لا فائدة فيها تعود إلى أمر ديني جائز، كما قال تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا} [الكهف: 22]، فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال، ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث، فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما، ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: {قل ربي أعلم بعدتهم} فإنه ما يعلم ذلك إلا قليل من الناس، ممن أطلعه الله عليه؛ فلهذا قال: {فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا} أي: لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب. فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته، فتشتغل به عن الأهم. فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص، إذ قد يكون الصواب في الذي تركه. أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال، فهو ناقص أيضا. فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب، أو جاهلا فقد أخطأ، وكذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته، أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى، فقد ضيع الزمان، وتكثر بما ليس بصحيح، فهو كلابس ثوبي زور.


الطريق الرابع :يقول ابن كثير - رحمه الله- "إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين، كمجاهد بن جبر فإنه كان آية في التفسير، كما قال محمد بن إسحاق: حدثنا أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها.
وكسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبي العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم، فتذكر أقوالهم في الآية فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ، يحسبها من لا علم عنده اختلافا فيحكيها أقوالا وليس كذلك، فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو بنظيره، ومنهم من ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن، فليتفطن اللبيب لذلك، والله الهادي.
(مسألة) هل قول التابعي حجة على غيره ؟
قال ابن كثير -رحمه الله -"قال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة؟ فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني: أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك".

فأما الطريق الخامس :وهو تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه، -أو بما لا يعلم-، فليتبوأ مقعده من النار)).
وعن جندب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ)). رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي ،وقال الترمذي: غريب .
وفي لفظ لهم: ((من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ)) أي: لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ، والله أعلم.

(مسألة)تحرج السلف عن القول في التفسير، مع أنهم أئمة فيه، كيف يمكن الجمع بينها؟
يقول ابن كثير - رحمه الله-" تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق، رضي الله عنه: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني؟ إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم.
وعن ابن أبي مليكة: أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها. إسناده صحيح."
ثم ذكر أقوالًا في هذا السياق ثم قال :"
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به؛ فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [آل عمران: 187].

(مسألة ) أوجه التفسير المعتبرة عند ابن عباس- رضي الله عنه -:

"وإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله، قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله".

هذا والله أعلم وأحكم .

ب:بيان فضل القرآن:


1) من أسمائه المهيمن :
قال ابن عباس: المهيمن الأمين القرآن، أمين على كل كتاب قبله.

وقول ابن عباس في تفسير المهيمن إنما يريد به البخاري قوله تعالى في المائدة بعد ذكر التوراة والإنجيل: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} [المائدة: 48].

وعن علي -يعني ابن أبي طلحة- عن ابن عباس في قوله: {ومهيمنا عليه} قال: المهيمن: الأمين. قال: القرآن أمين على كل كتاب قبله. وفي رواية: شهيدا عليه. وقال سفيان الثوري وغير واحد من الأئمة في رواية، عن ابن عباس: {ومهيمنا عليه} قال: مؤتمنا.
وأصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه، فهو يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن، وفي أسماء الله تعالى: المهيمن، وهو الشهيد على كل شيء، والرقيب: الحفيظ بكل شيء.

2) نزوله في مكان شريف وزمن شريف:

وعن عكرمة، عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، ثم قرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} [الإسراء: 106]. هذا إسناد صحيح.
ووجه مناسبة هذا الحديث بفضائل القرآن: أنه ابتدئ بنزوله في مكان شريف، وهو البلد الحرام، كما أنه كان في زمن شريف وهو شهر رمضان، فاجتمع له شرف الزمان والمكان؛ ولهذا يستحب إكثار تلاوة القرآن في شهر رمضان؛ لأنه ابتدئ نزوله فيه؛ ولهذا كان جبريل يعارض به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل سنة في شهر رمضان، فلما كان في السنة التي توفي فيها عارضه به مرتين تأكيدا وتثبيتا.


3) نزل به أعظم الملائكة منزلة عند الله :

وقال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا معتمر قال: سمعت أبي عن أبي عثمان قال: أنبئت أن جبريل، عليه السلام، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة، فجعل يتحدث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من هذا؟)) أو كما قال، قالت: هذا دحية الكلبي، فلما قام قالت: والله ما حسبته إلا إياه، حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبر جبريل. أو كما قال، قال أبي: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ فقال: من أسامة بن زيد. وهكذا رواه أيضا في علامات النبوة عن عباس بن الوليد النرسي، ومسلم في فضائل أم سلمة عن عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن عبد الأعلى كلهم عن معتمر بن سليمان به.
والغرض من إيراد هذا الحديث هاهنا أن السفير بين الله وبين محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وهو ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين} [الشعراء: 193، 194]، وقال تعالى: {إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون} الآيات [التكوير: 19- 22]. فمدح الرب تبارك وتعالى عبديه ورسوليه جبريل ومحمدا صلى الله عليه وسلم.


4) معجز بفصاحته وبلاغته ومناسبته لكل زمان ومكان :

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)).
ورواه أيضا في كتاب الاعتصام عن عبد العزيز بن عبد الله ومسلم والنسائي عن قتيبة جميعا، عن الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه -واسمه كيسان المقبري- به.
وفي هذا الحديث فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء، وعلى كل كتاب أنزله، وذلك أن معنى الحديث: ما من نبي إلا أعطي من المعجزات ما آمن عليه البشر، أي: ما كان دليلا على تصديقه فيما جاءهم به واتبعه من اتبعه من البشر، ثم لما مات الأنبياء لم تبق لهم معجزة بعدهم إلا ما يحكيه أتباعهم عما شاهدوه في زمانه، فأما الرسول الخاتم للرسالة محمد صلى الله عليه وسلم فإنما كان معظم ما آتاه الله وحيا منه إليه منقولا إلى الناس بالتواتر، ففي كل حين هو كما أنزل، فلهذا قال: ((فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا))، وكذلك وقع، فإن أتباعه أكثر من أتباع الأنبياء لعموم رسالته ودوامها إلى قيام الساعة، واستمرار معجزته؛ ولهذا قال الله تبارك وتعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} [الفرقان: 1]، وقال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الإسراء: 88]، ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه فقال: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} [هود: 13] ثم تحداهم إلى أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، فقال: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} [يونس: 38]، وقصر التحدي على هذا المقام في السور المكية كما ذكرنا وفي المدنية أيضا كما في سورة البقرة، حيث يقول تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [البقرة: 23، 24] فأخبرهم بأنهم عاجزون عن معارضته بمثله، وأنهم لا يفعلون ذلك في المستقبل أيضا، وهذا وهم أفصح الخلق وأعلمهم بالبلاغة والشعر وقريض الكلام وضروبه، لكن جاءهم من الله ما لا قبل لأحد من البشر به من الكلام الفصيح البليغ، الوجيز، المحتوي على العلوم الكثيرة الصحيحة النافعة، والأخبار الصادقة عن الغيوب الماضية والآتية، والأحكام العادلة والمحكمة، كما قال تعالى: {وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا} [الأنعام: 115]


5) به النجاة إذا ادلهمت الفتن :

عن الحارث بن عبد الله الأعور قال: قلت: لآتين أمير المؤمنين، فلأسألنه عما سمعت العشية قال فجئته بعد العشاء، فدخلت عليه، فذكر الحديث. قال: ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أتاني جبريل فقال: يا محمد، أمتك مختلفة بعدك)). قال: ((فقلت له: فأين المخرج يا جبريل؟)) قال: فقال: "كتاب الله به يقصم الله كل جبار، من اعتصم به نجا، ومن تركه هلك، مرتين، قول فصل وليس بالهزل، لا تخلقه الألسن، ولا تفنى عجائبه، فيه نبأ من كان قبلكم، وفصل ما بينكم، وخبر ما هو كائن بعدكم" هكذا رواه الإمام أحمد. وقال أبو عيسى الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا حسين بن علي الجعفي، حدثنا حمزة الزيات، عن أبي المختار الطائي، عن ابن أخي الحارث الأعور، عن الحارث الأعور، قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: أوقد فعلوها؟ قلت: نعم. قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنها ستكون فتنة)) فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به} [الجن: 1، 2]،من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)). خذها إليك يا أعور، ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات، وإسناده مجهول وفي حديث الحارث مقال.
قلت: لم ينفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات، بل قد رواه محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي، عن الحارث الأعور، فبرئ حمزة من عهدته، على أنه وإن كان ضعيف الحديث إلا أنه إمام في القراءة والحديث مشهور من رواية الحارث الأعور وقد تكلموا فيه، بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده، أما إنه تعمد الكذب في الحديث فلا والله أعلم.
وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر)). وهذا غريب من هذا الوجه، وقد رواه محمد بن فضيل عن أبي إسحاق الهجري، واسمه إبراهيم بن مسلم، وهو أحد التابعين، ولكن تكلموا فيه كثيرا.
وقال أبو حاتم الرازي: لين ليس بالقوي. وقال أبو الفتح الأزدي: رفاع كثير الوهم. قلت: فيحتمل، والله أعلم، أن يكون وهم في رفع هذا الحديث، وإنما هو من كلام ابن مسعود، ولكن له شاهد من وجه آخر، والله أعلم.



6) نزوله متتابعًا :

من فضائل القرآن: أن الله تعالى له برسوله عناية عظيمة ومحبة شديدة، حيث جعل الوحي متتابعا عليه ولم يقطعه عنه؛ ولهذا إنما أنزل عليه القرآن مفرقا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام.
فعن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد. وهكذا رواه مسلم عن عمرو بن محمد -وهو الناقد- وحسن الحلواني وعبد بن حميد والنسائي عن إسحاق بن منصور الكوسج، أربعتهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري به.
ومعناه: أن الله تعالى تابع نزول الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه، ولم تقع فترة بعد الفترة الأولى التي كانت بعد نزول الملك أول مرة بقوله: {اقرأ باسم ربك} [العلق: 1] فإنه استلبث الوحي بعدها حينا يقال: قريبا من سنتين أو أكثر، ثم حمي الوحي وتتابع، وكان أول شيء نزل بعد تلك الفترة {يا أيها المدثر * قم فأنذر} [المدثر: 1، 2].

7) نزل بلغة قريش_ أفصح لغات العرب_:

قال البخاري، رحمه الله: نزل القرآن بلسان قريش والعرب، قرآنا عربيا، بلسان عربي مبين، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب عن الزهري: أخبرني أنس بن مالك قال: فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم، ففعلوا.
و عن جابر بن سمرة، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لا يملين في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف. وهذا إسناد صحيح. وقال أيضا: حدثنا إسماعيل بن أسد، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن عبد الله بن فضالة، قال: لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرا من أصحابه وقال: إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر، فإن القرآن نزل بلغة رجل من مضر صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} [الزمر: 28]، وقال تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين} [الشعراء: 192 -195]، وقال تعالى: {وهذا لسان عربي مبين} [النحل: 103]، وقال تعالى: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} الآية [فصلت: 4]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك.


8) نزول السكينة والرحمة على من تدارسه:

وفي الحديث المشهور الصحيح: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه مسلم عن أبي هريرة.
ولهذا قال الله تبارك وتعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} [الإسراء: 78]، وجاء في بعض التفاسير: أن الملائكة تشهده.
وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون)).

9) هو ميراث النبي ﷺ مع السنة :

ومن فضائله أنه عليه السلام، ما ترك مالا ولا شيئا يورث عنه إلا هذا القرآن والحكمة، قال عمرو بن الحارث أخو جويرية بنت الحارث: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا.
عن عبد العزيز بن رفيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد بن معقل:" أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين. قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين". تفرد به البخاري



10) فضل القرآن على سائر الكلام:

عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها)).
وهكذا رواه في مواضع أخر مع بقية الجماعة من طرق عن قتادة به.
ووجه مناسبة الباب لهذا الحديث: أن طيب الرائحة دار مع القرآن وجودا وعدما، فدل على شرفه على ما سواه من الكلام الصادر من البر والفاجر.


11) بركته على الأمة:

وفي المسند والسنن عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله)).
وإنما فازوا بهذا ببركة الكتاب العظيم الذي شرفه الله تعالى على كل كتاب أنزله، جعله مهيمنا عليه، وناسخا له، وخاتما له؛ لأن كل الكتب المتقدمة نزلت إلى الأرض جملة واحدة، وهذا القرآن نزل منجما بحسب الوقائع لشدة الاعتناء به وبمن أنزله علي.
عن طلحة بن مصرف قال: "سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية، أمروا بها ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله، عز وجل".
وقد رواه البخاري في مواضع أخر مع بقية الجماعة، إلا أبا داود من طرق عن مالك بن مغول به.


12) جواز التحسين الصوت عند قراءته :

عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، قال سفيان: تفسيره: يستغني به، وقد أخرجه مسلم والنسائي من حديث سفيان بن عيينة ومعناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك.
ومنهم من فسر الأذن هاهنا بالأمر، والأول أولى لقوله: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن" أي: يجهر به، والأذن: الاستماع؛ لدلالة السياق عليه، وكما قال تعالى: {إذا السماء انشقت * وأذنت لربها وحقت * وإذا الأرض مدت * وألقت ما فيها وتخلت * وأذنت لربها وحقت} [الانشقاق: 1- 5] أي: استمعت لربها {وحقت} وحق لها أن تستمع أمره وتطيعه، فالأذن هاهنا هو الاستماع؛ ولهذا جاء في حديث رواه ابن ماجة بسند جيد عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته)).

التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به، وتحزينه، كما قاله الأئمة، رحمهم الله، ويدل على ذلك -أيضا- ماجاء في الحديث عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)). رواه أبو داود
وأخرجه النسائي وابن ماجة من حديث شعبة، عن طلحة وهو ابن مصرف به.
وأخرجه النسائي من طرق أخر عن طلحة وهذا إسناد جيد.
وقد وثق النسائي، وابن حبان عبد الرحمن بن عوسجة هذا، ونقل الأزدي عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: سألت عنه بالمدينة، فلم أرهم يحمدونه.

والمراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة)). قلت: أما والله لو علمت أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا. ورواه مسلم من حديث طلحة به وزاد: ((لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود ". أن أبا موسى قال: لو أعلم أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا، فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه، وقد كان أبو موسى كما قال عليه السلام، قد أعطي صوتا حسنا .


والغرض أن المطلوب شرعا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي، فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب، وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك، كما قال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله:
حدثنا نعيم بن حماد، عن بقية بن الوليد، عن حصين بن مالك الفزاري: سمعت شيخا يكنى أبا محمد يحدث عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابيين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)).
وحدثنا يزيد، عن شريك، عن أبي اليقظان عثمان بن عمير، عن زاذان أبي عمر، عن عليم قال: "كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عابس الغفاري، فرأى الناس يخرجون في الطاعون فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يفرون من الطاعون، فقال: يا طاعون خذني، فقالوا: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنين أحدكم الموت))؟ فقال: إني أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوم يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناء" وذكر خلتين أخرتين.
وحدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن ليث بن أبي سليم، عن عثمان بن عمير، عن زاذان، عن عابس الغفاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك أو نحوه. وحدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن الأعمش، عن رجل، عن أنس بن مالك: أنه سمع رجلا يقرأ القرآن بهذه الألحان التي أحدث الناس، فأنكر ذلك ونهى عنه.
هذه طرق حسنة في باب الترهيب، وهذا يدل على أنه محذور كبير، وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة، رحمهم الله، على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفا أو ينقص حرفا، فقد اتفق العلماء على تحريمه، والله أعلم.


13) اغتباط صاحب القرآن .
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، حدثني سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار)).
انفرد به البخاري من هذا الوجه، واتفقا على إخراجه من رواية سفيان عن الزهري.

عن أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل به في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو يقول: لو كان لي مثل مال هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط فيه ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الوزر سواء)). إسناد صحيح

عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)). وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان، رضي الله عنه، حتى كان الحجاج قال:وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا.
وقد أخرج الجماعة هذا الحديث سوى مسلم من رواية شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن وهو عبد الله بن حبيب السلمي -رحمه الله.
وحدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
وهكذا رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من طرق عن سفيان، عن علقمة، عن أبي عبد الرحمن، من غير ذكر سعد بن عبيدة كما رواه شعبة ولم يختلف عليه فيه، وهذا المقام مما حكم لسفيان الثوري فيه على شعبة، وخطأ بندار يحيى بن سعيد في روايته ذلك عن سفيان، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن وقال: رواه الجماعة من أصحاب سفيان عنه، بإسقاط سعد بن عبيدة، ورواية سفيان أصح في هذا المقام المتعلق بصناعة الإسناد، وفي ذكره طول لولا الملالة لذكرناه، وفيما ذكر كفاية وإرشاد إلى ما ترك، والله أعلم.

14) ما جاء من أقوال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

وهكذا أذكر آثارا مروية عن ابن أم عبد، عبد الله بن مسعود أحد قراء القرآن من الصحابة المأمور بالتلاوة على نحوهم.
روى الطبراني، عن الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، قال: قال ابن مسعود: كل آية في كتاب الله خير مما في السماء والأرض.

ومن طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن مرة قال ابن مسعود: من أراد العلم فليثور من القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين.
ومن طريق سفيان وشعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: إن هذا القرآن ليس فيه حرف إلا له حد، ولكل حد مطلع.

ومن حديث الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد عن سيار أبي الحكم، عن ابن مسعود أنه قال: أعربوا هذا القرآن فإنه عربي، وسيجيء قوم يثقفونه وليسوا بخياركم.
والثوري، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف، وإذا اختلفتم في ياء أو تاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن فإنه مذكر.

وقال عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن شداد بن معقل، سمعت ابن مسعود يقول: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين قوم لا خلاق لهم، ولينزعن القرآن من بين أظهركم. قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يسرى على القرآن ليلا فيذهب به من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيء -وفي رواية: لا يبقى في مصحف منه شيء- ويصبح الناس فقراء كالبهائم. ثم قرأ عبد الله: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا} [الإسراء: 86].


والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .


رد مع اقتباس
  #3  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 12:39 AM
محمود بن عبد العزيز محمود بن عبد العزيز غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: مصر، خلَّصها الله من كل ظلوم
المشاركات: 802
Thumbs up

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مارية السكاكر مشاهدة المشاركة
مقاصد مقّدمة تفسير ابن كثير

المقصد العام للمقدّمة: بيان جملة من المسائل المهمة في أصول التفسير وعلوم القرآن لتكون مقدّمة ينتفع بها من يقرأ التفسير.
المقاصد الفرعية:
أ: بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير.
ب: بيان فضل القرآن .
ج: جمع القرآن وكتابة المصاحف.
د:نزول القرآن على سبعة أحرف.
هـ: آداب تلاوة القرآن وأحكامها.
و: ذكر فوائد متفرقة .

وتندرج تحتها مسائل ،، أفردت لكل مقصد فرعي ردّ مستقل .
أسأل ربي العون والسداد .

أولا : بيان بعض الفوائد والقواعد في أصول التفسير.



مقدمة في أهمية التفسير:

قال ابن كثير رحمه الله "فمن بلغه هذا القرآن من عرب وعجم، وأسود وأحمر، وإنس وجان، فهو نذير له؛ ولهذا قال تعالى: {ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده} [هود: 17]. فمن كفر بالقرآن ممن ذكرنا فالنار موعده، بنص الله تعالى، وكما قال تعالى: {فذرني ومن يكذب بهذا الحديث سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملي لهم} [القلم: 44، 45].

فالواجب على العلماء الكشف عن معاني كلام الله، وتفسير ذلك، وطلبه من مظانه، وتعلم ذلك وتعليمه، كما قال تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا فبئس ما يشترون} [آل عمران: 187]، وقال تعالى: {إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم} [آل عمران: 77].
فذم الله تعالى أهل الكتاب قبلنا بإعراضهم عن كتاب الله إليهم، وإقبالهم على الدنيا وجمعها، واشتغالهم بغير ما أمروا به من اتباع كتاب الله.
فعلينا -أيها المسلمون- أن ننتهي عما ذمهم الله تعالى به، وأن نأتمر بما أمرنا به، من تعلم كتاب الله المنزل إلينا وتعليمه، وتفهمه وتفهيمه، قال الله تعالى: {ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون * اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد موتها قد بينا لكم الآيات لعلكم تعقلون} [الحديد: 16، 17]. ففي ذكره تعالى لهذه الآية بعد التي قبلها تنبيه على أنه تعالى كما يحيي الأرض بعد موتها، كذلك يلين القلوب بالإيمان والهدى بعد قسوتها من الذنوب والمعاصي، والله المؤمل المسؤول أن يفعل بنا ذلك، إنه جواد كريم.

طرق التفسير :

الطريق الأول : قال ابن كثير -رحمه الله-إن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد فسر في موضع آخر.

الطريق الثاني : قال ابن كثير -رحمه الله-فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له،
قال تعالى: {وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم ولعلهم يتفكرون} [ النحل: 44].

الطريق الثالث :قال ابن كثير -رحمه الله- إذا لم نجد التفسير في القرآن ولا في السنة، رجعنا في ذلك إلى أقوال الصحابة، فإنهم أدرى بذلك، لما شاهدوا من القرائن والأحوال التي اختصوا بها، ولما لهم من الفهم التام، والعلم الصحيح، والعمل الصالح، لا سيما علماؤهم وكبراؤهم، كالأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين، والأئمة المهتدين المهديين، وعبد الله بن مسعود، رضي الله عنه.
ومنهم الحبر البحر عبد الله بن عباس، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وترجمان القرآن ببركة دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم له حيث قال: ((اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل)).


(مسألة) حكم مايُنقل عن الصحابة في الإسرائيليات ،والصواب في التعامل معها:

يقول ابن كثير -رحمه الله - ولكن في بعض الأحيان ينقل عنهم ما يحكونه من أقاويل أهل الكتاب، التي أباحها رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: ((بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)) رواه البخاري عن عبد الله بن عمرو؛ هذه الأحاديث الإسرائيلية تذكر للاستشهاد، لا للاعتضاد، فإنها على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما علمنا صحته مما بأيدينا مما يشهد له بالصدق، فذاك صحيح.
والثاني: ما علمنا كذبه مما عندنا مما يخالفه.
والثالث: ما هو مسكوت عنه لا من هذا القبيل ولا من هذا القبيل، فلا نؤمن به ولا نكذبه، وتجوز حكايته لما تقدم.
نقل الخلاف عنهم في الأمور التي لا فائدة فيها تعود إلى أمر ديني جائز، كما قال تعالى: {سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا} [الكهف: 22]، فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام وتعليم ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال، ضعف القولين الأولين وسكت عن الثالث، فدل على صحته إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما، ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فيقال في مثل هذا: {قل ربي أعلم بعدتهم} فإنه ما يعلم ذلك إلا قليل من الناس، ممن أطلعه الله عليه؛ فلهذا قال: {فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا} أي: لا تجهد نفسك فيما لا طائل تحته، ولا تسألهم عن ذلك فإنهم لا يعلمون من ذلك إلا رجم الغيب. فهذا أحسن ما يكون في حكاية الخلاف: أن تستوعب الأقوال في ذلك المقام، وأن تنبه على الصحيح منها وتبطل الباطل، وتذكر فائدة الخلاف وثمرته؛ لئلا يطول النزاع والخلاف فيما لا فائدة تحته، فتشتغل به عن الأهم. فأما من حكى خلافا في مسألة ولم يستوعب أقوال الناس فيها فهو ناقص، إذ قد يكون الصواب في الذي تركه. أو يحكي الخلاف ويطلقه ولا ينبه على الصحيح من الأقوال، فهو ناقص أيضا. فإن صحح غير الصحيح عامدا فقد تعمد الكذب، أو جاهلا فقد أخطأ، وكذلك من نصب الخلاف فيما لا فائدة تحته، أو حكى أقوالا متعددة لفظا ويرجع حاصلها إلى قول أو قولين معنى، فقد ضيع الزمان، وتكثر بما ليس بصحيح، فهو كلابس ثوبي زور.


الطريق الرابع :يقول ابن كثير - رحمه الله- "إذا لم تجد التفسير في القرآن ولا في السنة ولا وجدته عن الصحابة، فقد رجع كثير من الأئمة في ذلك إلى أقوال التابعين، كمجاهد بن جبر فإنه كان آية في التفسير، كما قال محمد بن إسحاق: حدثنا أبان بن صالح، عن مجاهد، قال: عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات، من فاتحته إلى خاتمته، أوقفه عند كل آية منه، وأسأله عنها.
وكسعيد بن جبير، وعكرمة مولى ابن عباس، وعطاء بن أبي رباح، والحسن البصري، ومسروق بن الأجدع، وسعيد بن المسيب، وأبي العالية، والربيع بن أنس، وقتادة، والضحاك بن مزاحم، وغيرهم من التابعين وتابعيهم ومن بعدهم، فتذكر أقوالهم في الآية فيقع في عباراتهم تباين في الألفاظ، يحسبها من لا علم عنده اختلافا فيحكيها أقوالا وليس كذلك، فإن منهم من يعبر عن الشيء بلازمه أو بنظيره، ومنهم من ينص على الشيء بعينه، والكل بمعنى واحد في كثير من الأماكن، فليتفطن اللبيب لذلك، والله الهادي.
(مسألة) هل قول التابعي حجة على غيره ؟
قال ابن كثير -رحمه الله -"قال شعبة بن الحجاج وغيره: أقوال التابعين في الفروع ليست حجة؟ فكيف تكون حجة في التفسير؟ يعني: أنها لا تكون حجة على غيرهم ممن خالفهم، وهذا صحيح، أما إذا أجمعوا على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة، فإن اختلفوا فلا يكون بعضهم حجة على بعض، ولا على من بعدهم، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن أو السنة أو عموم لغة العرب، أو أقوال الصحابة في ذلك".

فأما الطريق الخامس :وهو تفسير القرآن بمجرد الرأي فحرام، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه، -أو بما لا يعلم-، فليتبوأ مقعده من النار)).
وعن جندب؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال في القرآن برأيه فقد أخطأ)). رواه أبو داود، والترمذي، والنسائي ،وقال الترمذي: غريب .
وفي لفظ لهم: ((من قال في كتاب الله برأيه، فأصاب، فقد أخطأ)) أي: لأنه قد تكلف ما لا علم له به، وسلك غير ما أمر به، فلو أنه أصاب المعنى في نفس الأمر لكان قد أخطأ؛ لأنه لم يأت الأمر من بابه، كمن حكم بين الناس على جهل فهو في النار، وإن وافق حكمه الصواب في نفس الأمر، لكن يكون أخف جرما ممن أخطأ، والله أعلم.

(مسألة)تحرج السلف عن القول في التفسير، مع أنهم أئمة فيه، كيف يمكن الجمع بينها؟
يقول ابن كثير - رحمه الله-" تحرج جماعة من السلف عن تفسير ما لا علم لهم به، عن أبي معمر، قال: قال أبو بكر الصديق، رضي الله عنه: أي أرض تقلني وأي سماء تظلني؟ إذا قلت في كتاب الله بما لا أعلم.
وعن ابن أبي مليكة: أن ابن عباس سئل عن آية لو سئل عنها بعضكم لقال فيها، فأبى أن يقول فيها. إسناده صحيح."
ثم ذكر أقوالًا في هذا السياق ثم قال :"
فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به؛ فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا، فلا حرج عليه؛ ولهذا روي عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير، ولا منافاة؛ لأنهم تكلموا فيما علموه، وسكتوا عما جهلوه، وهذا هو الواجب على كل أحد؛ فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به، فكذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه، لقوله تعالى: {لتبيننه للناس ولا تكتمونه} [آل عمران: 187].

(مسألة ) أوجه التفسير المعتبرة عند ابن عباس- رضي الله عنه -:

"وإن من القرآن ما استأثر الله تعالى بعلمه، ومنه ما يعلمه العلماء، ومنه ما تعلمه العرب من لغاتها، ومنه ما لا يعذر أحد في جهله، قال ابن عباس: التفسير على أربعة أوجه: وجه تعرفه العرب من كلامها، وتفسير لا يعذر أحد بجهالته، وتفسير يعلمه العلماء، وتفسير لا يعلمه إلا الله".

هذا والله أعلم وأحكم .

ب:بيان فضل القرآن:


1) من أسمائه المهيمن :
قال ابن عباس: المهيمن الأمين القرآن، أمين على كل كتاب قبله.

وقول ابن عباس في تفسير المهيمن إنما يريد به البخاري قوله تعالى في المائدة بعد ذكر التوراة والإنجيل: {وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه} [المائدة: 48].

وعن علي -يعني ابن أبي طلحة- عن ابن عباس في قوله: {ومهيمنا عليه} قال: المهيمن: الأمين. قال: القرآن أمين على كل كتاب قبله. وفي رواية: شهيدا عليه. وقال سفيان الثوري وغير واحد من الأئمة في رواية، عن ابن عباس: {ومهيمنا عليه} قال: مؤتمنا.
وأصل الهيمنة: الحفظ والارتقاب، يقال إذا رقب الرجل الشيء وحفظه وشهده: قد هيمن فلان عليه، فهو يهيمن هيمنة وهو عليه مهيمن، وفي أسماء الله تعالى: المهيمن، وهو الشهيد على كل شيء، والرقيب: الحفيظ بكل شيء.

2) نزوله في مكان شريف وزمن شريف:

وعن عكرمة، عن ابن عباس قال: أنزل القرآن جملة واحدة إلى السماء الدنيا في ليلة القدر، ثم نزل بعد ذلك في عشرين سنة، ثم قرأ: {وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا} [الإسراء: 106]. هذا إسناد صحيح.
ووجه مناسبة هذا الحديث بفضائل القرآن: أنه ابتدئ بنزوله في مكان شريف، وهو البلد الحرام، كما أنه كان في زمن شريف وهو شهر رمضان، فاجتمع له شرف الزمان والمكان؛ ولهذا يستحب إكثار تلاوة القرآن في شهر رمضان؛ لأنه ابتدئ نزوله فيه؛ ولهذا كان جبريل يعارض به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل سنة في شهر رمضان، فلما كان في السنة التي توفي فيها عارضه به مرتين تأكيدا وتثبيتا.


3) نزل به أعظم الملائكة منزلة عند الله :

وقال البخاري: حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا معتمر قال: سمعت أبي عن أبي عثمان قال: أنبئت أن جبريل، عليه السلام، أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أم سلمة، فجعل يتحدث، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من هذا؟)) أو كما قال، قالت: هذا دحية الكلبي، فلما قام قالت: والله ما حسبته إلا إياه، حتى سمعت خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يخبر خبر جبريل. أو كما قال، قال أبي: فقلت لأبي عثمان: ممن سمعت هذا؟ فقال: من أسامة بن زيد. وهكذا رواه أيضا في علامات النبوة عن عباس بن الوليد النرسي، ومسلم في فضائل أم سلمة عن عبد الأعلى بن حماد ومحمد بن عبد الأعلى كلهم عن معتمر بن سليمان به.
والغرض من إيراد هذا الحديث هاهنا أن السفير بين الله وبين محمد صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وهو ملك كريم ذو وجاهة وجلالة ومكانة كما قال: {نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين} [الشعراء: 193، 194]، وقال تعالى: {إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين * وما صاحبكم بمجنون} الآيات [التكوير: 19- 22]. فمدح الرب تبارك وتعالى عبديه ورسوليه جبريل ومحمدا صلى الله عليه وسلم.


4) معجز بفصاحته وبلاغته ومناسبته لكل زمان ومكان :

وعن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي، فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة)).
ورواه أيضا في كتاب الاعتصام عن عبد العزيز بن عبد الله ومسلم والنسائي عن قتيبة جميعا، عن الليث بن سعد، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه -واسمه كيسان المقبري- به.
وفي هذا الحديث فضيلة عظيمة للقرآن المجيد على كل معجزة أعطيها نبي من الأنبياء، وعلى كل كتاب أنزله، وذلك أن معنى الحديث: ما من نبي إلا أعطي من المعجزات ما آمن عليه البشر، أي: ما كان دليلا على تصديقه فيما جاءهم به واتبعه من اتبعه من البشر، ثم لما مات الأنبياء لم تبق لهم معجزة بعدهم إلا ما يحكيه أتباعهم عما شاهدوه في زمانه، فأما الرسول الخاتم للرسالة محمد صلى الله عليه وسلم فإنما كان معظم ما آتاه الله وحيا منه إليه منقولا إلى الناس بالتواتر، ففي كل حين هو كما أنزل، فلهذا قال: ((فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا))، وكذلك وقع، فإن أتباعه أكثر من أتباع الأنبياء لعموم رسالته ودوامها إلى قيام الساعة، واستمرار معجزته؛ ولهذا قال الله تبارك وتعالى: {تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا} [الفرقان: 1]، وقال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} [الإسراء: 88]، ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه فقال: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} [هود: 13] ثم تحداهم إلى أن يأتوا بسورة من مثله فعجزوا، فقال: {أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} [يونس: 38]، وقصر التحدي على هذا المقام في السور المكية كما ذكرنا وفي المدنية أيضا كما في سورة البقرة، حيث يقول تعالى: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين * فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين} [البقرة: 23، 24] فأخبرهم بأنهم عاجزون عن معارضته بمثله، وأنهم لا يفعلون ذلك في المستقبل أيضا، وهذا وهم أفصح الخلق وأعلمهم بالبلاغة والشعر وقريض الكلام وضروبه، لكن جاءهم من الله ما لا قبل لأحد من البشر به من الكلام الفصيح البليغ، الوجيز، المحتوي على العلوم الكثيرة الصحيحة النافعة، والأخبار الصادقة عن الغيوب الماضية والآتية، والأحكام العادلة والمحكمة، كما قال تعالى: {وتمت كلمات ربك صدقا وعدلا} [الأنعام: 115]


5) به النجاة إذا ادلهمت الفتن :

عن الحارث بن عبد الله الأعور قال: قلت: لآتين أمير المؤمنين، فلأسألنه عما سمعت العشية قال فجئته بعد العشاء، فدخلت عليه، فذكر الحديث. قال: ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((أتاني جبريل فقال: يا محمد، أمتك مختلفة بعدك)). قال: ((فقلت له: فأين المخرج يا جبريل؟)) قال: فقال: "كتاب الله به يقصم الله كل جبار، من اعتصم به نجا، ومن تركه هلك، مرتين، قول فصل وليس بالهزل، لا تخلقه الألسن، ولا تفنى عجائبه، فيه نبأ من كان قبلكم، وفصل ما بينكم، وخبر ما هو كائن بعدكم" هكذا رواه الإمام أحمد. وقال أبو عيسى الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا حسين بن علي الجعفي، حدثنا حمزة الزيات، عن أبي المختار الطائي، عن ابن أخي الحارث الأعور، عن الحارث الأعور، قال: مررت في المسجد فإذا الناس يخوضون في الأحاديث فدخلت على علي فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ترى الناس قد خاضوا في الأحاديث؟ قال: أوقد فعلوها؟ قلت: نعم. قال: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنها ستكون فتنة)) فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله، فيه نبأ ما قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، هو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: {إنا سمعنا قرآنا عجبا * يهدي إلى الرشد فآمنا به} [الجن: 1، 2]،من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم)). خذها إليك يا أعور، ثم قال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات، وإسناده مجهول وفي حديث الحارث مقال.
قلت: لم ينفرد بروايته حمزة بن حبيب الزيات، بل قد رواه محمد بن إسحاق، عن محمد بن كعب القرظي، عن الحارث الأعور، فبرئ حمزة من عهدته، على أنه وإن كان ضعيف الحديث إلا أنه إمام في القراءة والحديث مشهور من رواية الحارث الأعور وقد تكلموا فيه، بل قد كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده، أما إنه تعمد الكذب في الحديث فلا والله أعلم.
وقصارى هذا الحديث أن يكون من كلام أمير المؤمنين علي، رضي الله عنه، وقد وهم بعضهم في رفعه، وهو كلام حسن صحيح على أنه قد روي له شاهد عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم.
عن عبد الله بن مسعود، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن مأدبة الله تعالى فتعلموا من مأدبته ما استطعتم، إن هذا القرآن حبل الله عز وجل، وهو النور المبين، والشفاء النافع، عصمة لمن تمسك به، ونجاة لمن تبعه، لا يعوج فيقوم، لا يزيغ فيستعتب، ولا تنقضي عجائبه، ولا يخلق عن كثرة الرد، فاتلوه، فإن الله يأجركم على تلاوته بكل حرف عشر حسنات، أما إني لا أقول لكم الم حرف، ولكن ألف عشر، ولام عشر، وميم عشر)). وهذا غريب من هذا الوجه، وقد رواه محمد بن فضيل عن أبي إسحاق الهجري، واسمه إبراهيم بن مسلم، وهو أحد التابعين، ولكن تكلموا فيه كثيرا.
وقال أبو حاتم الرازي: لين ليس بالقوي. وقال أبو الفتح الأزدي: رفاع كثير الوهم. قلت: فيحتمل، والله أعلم، أن يكون وهم في رفع هذا الحديث، وإنما هو من كلام ابن مسعود، ولكن له شاهد من وجه آخر، والله أعلم.



6) نزوله متتابعًا :

من فضائل القرآن: أن الله تعالى له برسوله عناية عظيمة ومحبة شديدة، حيث جعل الوحي متتابعا عليه ولم يقطعه عنه؛ ولهذا إنما أنزل عليه القرآن مفرقا ليكون ذلك أبلغ في العناية والإكرام.
فعن ابن شهاب، قال: أخبرني أنس بن مالك أن الله تابع الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفاه أكثر ما كان الوحي، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد. وهكذا رواه مسلم عن عمرو بن محمد -وهو الناقد- وحسن الحلواني وعبد بن حميد والنسائي عن إسحاق بن منصور الكوسج، أربعتهم عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري به.
ومعناه: أن الله تعالى تابع نزول الوحي على رسوله صلى الله عليه وسلم شيئا بعد شيء كل وقت بما يحتاج إليه، ولم تقع فترة بعد الفترة الأولى التي كانت بعد نزول الملك أول مرة بقوله: {اقرأ باسم ربك} [العلق: 1] فإنه استلبث الوحي بعدها حينا يقال: قريبا من سنتين أو أكثر، ثم حمي الوحي وتتابع، وكان أول شيء نزل بعد تلك الفترة {يا أيها المدثر * قم فأنذر} [المدثر: 1، 2].

7) نزل بلغة قريش_ أفصح لغات العرب_:

قال البخاري، رحمه الله: نزل القرآن بلسان قريش والعرب، قرآنا عربيا، بلسان عربي مبين، حدثنا أبو اليمان، حدثنا شعيب عن الزهري: أخبرني أنس بن مالك قال: فأمر عثمان بن عفان زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن ينسخوها في المصاحف، وقال لهم: إذا اختلفتم أنتم وزيد في عربية من عربية القرآن، فاكتبوها بلسان قريش، فإن القرآن نزل بلسانهم، ففعلوا.
و عن جابر بن سمرة، قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: لا يملين في مصاحفنا هذه إلا غلمان قريش أو غلمان ثقيف. وهذا إسناد صحيح. وقال أيضا: حدثنا إسماعيل بن أسد، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن عبد الله بن فضالة، قال: لما أراد عمر أن يكتب الإمام أقعد له نفرا من أصحابه وقال: إذا اختلفتم في اللغة فاكتبوها بلغة مضر، فإن القرآن نزل بلغة رجل من مضر صلى الله عليه وسلم وقد قال الله تعالى: {قرآنا عربيا غير ذي عوج لعلهم يتقون} [الزمر: 28]، وقال تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين * على قلبك لتكون من المنذرين * بلسان عربي مبين} [الشعراء: 192 -195]، وقال تعالى: {وهذا لسان عربي مبين} [النحل: 103]، وقال تعالى: {ولو جعلناه قرآنا أعجميا لقالوا لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي} الآية [فصلت: 4]، إلى غير ذلك من الآيات الدالة على ذلك.


8) نزول السكينة والرحمة على من تدارسه:

وفي الحديث المشهور الصحيح: ((ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله، يتلون كتاب الله، ويتدارسونه فيما بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده)) رواه مسلم عن أبي هريرة.
ولهذا قال الله تبارك وتعالى: {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} [الإسراء: 78]، وجاء في بعض التفاسير: أن الملائكة تشهده.
وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الصبح وصلاة العصر، فيعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون، وتركناهم وهم يصلون)).

9) هو ميراث النبي ﷺ مع السنة :

ومن فضائله أنه عليه السلام، ما ترك مالا ولا شيئا يورث عنه إلا هذا القرآن والحكمة، قال عمرو بن الحارث أخو جويرية بنت الحارث: ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا أمة ولا شيئا.
عن عبد العزيز بن رفيع قال: دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس، فقال له شداد بن معقل:" أترك النبي صلى الله عليه وسلم من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين. قال: ودخلنا على محمد بن الحنفية فسألناه فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين". تفرد به البخاري



10) فضل القرآن على سائر الكلام:

عن أبي موسى، رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل الذي يقرأ القرآن كمثل الأترجة، طعمها طيب وريحها طيب. والذي لا يقرأ القرآن كالتمرة، طعمها طيب ولا ريح لها، ومثل الفاجر الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة، ريحها طيب وطعمها مر، ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها)).
وهكذا رواه في مواضع أخر مع بقية الجماعة من طرق عن قتادة به.
ووجه مناسبة الباب لهذا الحديث: أن طيب الرائحة دار مع القرآن وجودا وعدما، فدل على شرفه على ما سواه من الكلام الصادر من البر والفاجر.


11) بركته على الأمة:

وفي المسند والسنن عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أنتم توفون سبعين أمة، أنتم خيرها وأكرمها على الله)).
وإنما فازوا بهذا ببركة الكتاب العظيم الذي شرفه الله تعالى على كل كتاب أنزله، جعله مهيمنا عليه، وناسخا له، وخاتما له؛ لأن كل الكتب المتقدمة نزلت إلى الأرض جملة واحدة، وهذا القرآن نزل منجما بحسب الوقائع لشدة الاعتناء به وبمن أنزله علي.
عن طلحة بن مصرف قال: "سألت عبد الله بن أبي أوفى: أوصى النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: لا. فقلت: فكيف كتب على الناس الوصية، أمروا بها ولم يوص؟ قال: أوصى بكتاب الله، عز وجل".
وقد رواه البخاري في مواضع أخر مع بقية الجماعة، إلا أبا داود من طرق عن مالك بن مغول به.


12) جواز التحسين الصوت عند قراءته :

عن أبي هريرة، رضي الله عنه، أنه كان يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لم يأذن الله لشيء، ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن))، قال سفيان: تفسيره: يستغني به، وقد أخرجه مسلم والنسائي من حديث سفيان بن عيينة ومعناه: أن الله ما استمع لشيء كاستماعه لقراءة نبي يجهر بقراءته ويحسنها، وذلك أنه يجتمع في قراءة الأنبياء طيب الصوت لكمال خلقهم وتمام الخشية، وذلك هو الغاية في ذلك.
ومنهم من فسر الأذن هاهنا بالأمر، والأول أولى لقوله: "ما أذن الله لشيء ما أذن لنبي أن يتغنى بالقرآن" أي: يجهر به، والأذن: الاستماع؛ لدلالة السياق عليه، وكما قال تعالى: {إذا السماء انشقت * وأذنت لربها وحقت * وإذا الأرض مدت * وألقت ما فيها وتخلت * وأذنت لربها وحقت} [الانشقاق: 1- 5] أي: استمعت لربها {وحقت} وحق لها أن تستمع أمره وتطيعه، فالأذن هاهنا هو الاستماع؛ ولهذا جاء في حديث رواه ابن ماجة بسند جيد عن فضالة بن عبيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لله أشد أذنا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صاحب القينة إلى قينته)).

التغني بالقرآن: إنما هو تحسين الصوت به، وتحزينه، كما قاله الأئمة، رحمهم الله، ويدل على ذلك -أيضا- ماجاء في الحديث عن البراء بن عازب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((زينوا القرآن بأصواتكم)). رواه أبو داود
وأخرجه النسائي وابن ماجة من حديث شعبة، عن طلحة وهو ابن مصرف به.
وأخرجه النسائي من طرق أخر عن طلحة وهذا إسناد جيد.
وقد وثق النسائي، وابن حبان عبد الرحمن بن عوسجة هذا، ونقل الأزدي عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: سألت عنه بالمدينة، فلم أرهم يحمدونه.

والمراد من تحسين الصوت بالقرآن: تطريبه وتحزينه والتخشع به، عن أبي بردة بن أبي موسى، عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لو رأيتني وأنا أستمع قراءتك البارحة)). قلت: أما والله لو علمت أنك تستمع قراءتي لحبرتها لك تحبيرا. ورواه مسلم من حديث طلحة به وزاد: ((لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود ". أن أبا موسى قال: لو أعلم أنك تستمع لحبرته لك تحبيرا، فدل على جواز تعاطي ذلك وتكلفه، وقد كان أبو موسى كما قال عليه السلام، قد أعطي صوتا حسنا .


والغرض أن المطلوب شرعا إنما هو التحسين بالصوت الباعث على تدبر القرآن وتفهمه والخشوع والخضوع والانقياد للطاعة، فأما الأصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الأوزان والأوضاع الملهية والقانون الموسيقائي، فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب، وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك، كما قال الإمام العلم أبو عبيد القاسم بن سلام، رحمه الله:
حدثنا نعيم بن حماد، عن بقية بن الوليد، عن حصين بن مالك الفزاري: سمعت شيخا يكنى أبا محمد يحدث عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اقرؤوا القرآن بلحون العرب وأصواتها، وإياكم ولحون أهل الفسق وأهل الكتابيين، وسيجيء قوم من بعدي يرجعون بالقرآن ترجيع الغناء والرهبانية والنوح، لا يجاوز حناجرهم، مفتونة قلوبهم وقلوب الذين يعجبهم شأنهم)).
وحدثنا يزيد، عن شريك، عن أبي اليقظان عثمان بن عمير، عن زاذان أبي عمر، عن عليم قال: "كنا على سطح ومعنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. قال يزيد: لا أعلمه إلا قال: عابس الغفاري، فرأى الناس يخرجون في الطاعون فقال: ما هؤلاء؟ قالوا: يفرون من الطاعون، فقال: يا طاعون خذني، فقالوا: تتمنى الموت وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا يتمنين أحدكم الموت))؟ فقال: إني أبادر خصالا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخوفهن على أمته: بيع الحكم، والاستخفاف بالدم، وقطيعة الرحم، وقوم يتخذون القرآن مزامير يقدمون أحدهم ليس بأفقههم ولا أفضلهم إلا ليغنيهم به غناء" وذكر خلتين أخرتين.
وحدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن ليث بن أبي سليم، عن عثمان بن عمير، عن زاذان، عن عابس الغفاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك أو نحوه. وحدثنا يعقوب بن إبراهيم، عن الأعمش، عن رجل، عن أنس بن مالك: أنه سمع رجلا يقرأ القرآن بهذه الألحان التي أحدث الناس، فأنكر ذلك ونهى عنه.
هذه طرق حسنة في باب الترهيب، وهذا يدل على أنه محذور كبير، وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة، رحمهم الله، على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفا أو ينقص حرفا، فقد اتفق العلماء على تحريمه، والله أعلم.


13) اغتباط صاحب القرآن .
حدثنا أبو اليمان، أخبرنا شعيب، عن الزهري، حدثني سالم بن عبد الله: أن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا حسد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله الكتاب فقام به آناء الليل، ورجل أعطاه الله مالا فهو يتصدق به آناء الليل والنهار)).
انفرد به البخاري من هذا الوجه، واتفقا على إخراجه من رواية سفيان عن الزهري.

عن أبي كبشة الأنماري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالا وعلما فهو يعمل به في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علما ولم يؤته مالا فهو يقول: لو كان لي مثل مال هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالا ولم يؤته علما فهو يخبط فيه ينفقه في غير حقه، ورجل لم يؤته الله مالا ولا علما فهو يقول: لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل)). قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((فهما في الوزر سواء)). إسناد صحيح

عن عثمان بن عفان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه)). وأقرأ أبو عبد الرحمن في إمرة عثمان، رضي الله عنه، حتى كان الحجاج قال:وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا.
وقد أخرج الجماعة هذا الحديث سوى مسلم من رواية شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن وهو عبد الله بن حبيب السلمي -رحمه الله.
وحدثنا أبو نعيم، حدثنا سفيان، عن علقمة بن مرثد، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عثمان بن عفان قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
وهكذا رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة من طرق عن سفيان، عن علقمة، عن أبي عبد الرحمن، من غير ذكر سعد بن عبيدة كما رواه شعبة ولم يختلف عليه فيه، وهذا المقام مما حكم لسفيان الثوري فيه على شعبة، وخطأ بندار يحيى بن سعيد في روايته ذلك عن سفيان، عن علقمة، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن وقال: رواه الجماعة من أصحاب سفيان عنه، بإسقاط سعد بن عبيدة، ورواية سفيان أصح في هذا المقام المتعلق بصناعة الإسناد، وفي ذكره طول لولا الملالة لذكرناه، وفيما ذكر كفاية وإرشاد إلى ما ترك، والله أعلم.

14) ما جاء من أقوال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

وهكذا أذكر آثارا مروية عن ابن أم عبد، عبد الله بن مسعود أحد قراء القرآن من الصحابة المأمور بالتلاوة على نحوهم.
روى الطبراني، عن الدبري، عن عبد الرزاق، عن معمر، عن أبي إسحاق، قال: قال ابن مسعود: كل آية في كتاب الله خير مما في السماء والأرض.

ومن طريق شعبة، عن أبي إسحاق، عن مرة قال ابن مسعود: من أراد العلم فليثور من القرآن، فإن فيه علم الأولين والآخرين.
ومن طريق سفيان وشعبة، عن سلمة بن كهيل، عن أبي الأحوص، عن عبد الله قال: إن هذا القرآن ليس فيه حرف إلا له حد، ولكل حد مطلع.

ومن حديث الثوري، عن إسماعيل بن أبي خالد عن سيار أبي الحكم، عن ابن مسعود أنه قال: أعربوا هذا القرآن فإنه عربي، وسيجيء قوم يثقفونه وليسوا بخياركم.
والثوري، عن عاصم، عن زر، عن ابن مسعود قال: أديموا النظر في المصحف، وإذا اختلفتم في ياء أو تاء فاجعلوها ياء، ذكروا القرآن فإنه مذكر.

وقال عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن عبد العزيز بن رفيع، عن شداد بن معقل، سمعت ابن مسعود يقول: أول ما تفقدون من دينكم الأمانة، وآخر ما يبقى من دينكم الصلاة، وليصلين قوم لا خلاق لهم، ولينزعن القرآن من بين أظهركم. قالوا: يا أبا عبد الرحمن، ألسنا نقرأ القرآن وقد أثبتناه في مصاحفنا؟ قال: يسرى على القرآن ليلا فيذهب به من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيء -وفي رواية: لا يبقى في مصحف منه شيء- ويصبح الناس فقراء كالبهائم. ثم قرأ عبد الله: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا} [الإسراء: 86].
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
أحسنتِ وأجدتِ بارك الله فيكِ، وهناك بعض الملاحظات يرجى مراعاتها فيما يستقبل من التلخيصات:
- بالنسبة لمعيار الشمول، التلخيص لم يشمل كل مقاصد المقدمة، وإنما اقتصر على الأول والثاني فقط، ومسألة تحسين الصوت بالقرآن هي متعلقة بالمقصد الخامس «آداب التلاوة وأحكامها»، ولا تعلق لها بـ «فضائل القرآن».
- إذا كان في المسألة دليلٌ قرآني، فالاستشهاد به أولى وأوكد.
- بالنسبة لمعيار الترتيب، ذكرتِ مثلًا في مقصد «فضائل القرآن» مسألة أن القرآن معجز بفصاحته، ثم بعدها بمسألتين مسألة «نزوله بأفصح اللغات»، ويمكن جمعهما في مسألة واحدة أو ذكرهما متعاقبين، هذا هو المراد بالترتيب المنطقي للمسائل تحت كل مقصد بارك الله فيك.
- بالنسبة لمعيار حسن العرض، فيحسن تلوين العناوين -سواء للمقاصد أو للمسائل- بلون يميزها عن التفصيل تحتها، وكذلك تلوين الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.
- الأصل في هذا العمل التلخيص والاختصار، ويلاحظ في تلخيصك بعض الإسهاب في مواطن ولا داعي له، فليتك في المرات القادمة إن شاء الله أن تعمدي إلى اختصار الكلام في نقاط مركزة وواضحة.
توزيع الدرجات:
- الشمول: 25 / 30
- الترتيب: 20 / 20
- التحرير: 18 / 20
- حسن العرض: 12 / 15
- حسن الصياغة: 15 / 15
مجموع الدرجات: 90 / 100
وفقكِ الله لما يحب ويرضى


رد مع اقتباس
  #4  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 10:33 AM
مارية السكاكر مارية السكاكر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 106
افتراضي

بالنسبة لباقي المقاصد كان في نيتي الإكمال وازدحمت علي الأشغال فقلت أجلس له بإذن الله في إجازة الحج

ثم قرأت فيما بعد أن الشيخ خفض تلخيص المقاصد إلى الإكتفاء بتلخيص مقصد واحد فاكتفيت بما ترون لاأدري إن كنت فهمت خطأً.

شكر الله سعيكم وجزاكم عنا وعن المسلمين كل خير وبرّ.

رد مع اقتباس
  #5  
قديم 2 ذو الحجة 1435هـ/26-09-2014م, 04:50 PM
محمود بن عبد العزيز محمود بن عبد العزيز غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Sep 2014
الدولة: مصر، خلَّصها الله من كل ظلوم
المشاركات: 802
Lightbulb

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مارية السكاكر مشاهدة المشاركة
بالنسبة لباقي المقاصد كان في نيتي الإكمال وازدحمت علي الأشغال فقلت أجلس له بإذن الله في إجازة الحج

ثم قرأت فيما بعد أن الشيخ خفض تلخيص المقاصد إلى الإكتفاء بتلخيص مقصد واحد فاكتفيت بما ترون لاأدري إن كنت فهمت خطأً.

شكر الله سعيكم وجزاكم عنا وعن المسلمين كل خير وبرّ.

أعانك الله على ما شغلك، وفهمك صحيح، لكن قرار الشيخ جاء متأخرًا جدًّا عن تسليمك للتلخيص، ومن الطلبة من لخَّص المقاصد كلها كاملة في نفس توقيت كتابتك للتلخيص، فكيف تستويان في الدرجة؟ وعلى الرغم من ذلك ما أنقصتُك إلا خمس درجات.
بارك الله فيكِ، ووفقك لما فيه الخير والصلاح، والنفع للإسلام والمسلمين

رد مع اقتباس
  #6  
قديم 14 ربيع الأول 1436هـ/4-01-2015م, 01:36 AM
مارية السكاكر مارية السكاكر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 106
افتراضي تلخيص مقاصد كتاب التبيان في آداب حملة القرآن

المقصد الكلي للكتاب :
فضل القرآن وفضيلة المشتغل به حفظًا وتلاوةً وتعلمًا وتعليمًا ,والآداب المتعلقة بطالب العلم ومعلمه ,ووصايا وأقوال السلف لحامل القرآن,و الآداب المستحبة عند تلاوة القرآن وسماعة, وفيما يتعلق بسجود التلاوة من أحكام, فيما جاء من الأدب مع كتاب الله , ومراحل كتابة القرآن وشيء من أحكام المصحف .

المقاصد الفرعية للكتاب :
1- بيان فضل القرآن وفضل تلاوته وتعلمه وتعليمه وفضيلة حملته وحكم تعليم العلم والقرآن.
2- ما جاء في تقديم القراء في الإمامة والمشورة في أمور المسلمين , وتقديم قراءة القرآن على سائر الأذكار.
3- ما جاء في تعظيم شعائر الله وفضل المؤمنين والعلماء خاصة والنهي عن أذاهم .
4- بيان آداب معلم القرآن في نفسه ومع ربه , وصفات المعلم الفذ مع طلابه, وآداب المتعلم مع العلم والمعلم والأقران , والشروط التي يحرص الطالب على توفرها فيمن سيأخذ العلم عنه .
5- وصايا لحامل القرآن تضمنت شيئا من أقوال السلف عن قيام الليل, وختم القرآن أقوال وأحكام.
6- بيان الآداب المستحبة عند تلاوة القرآن , وما يعين على التدبر والخشوع والبكاء, وشيئا من أحكام قراءة القرآن وسماعه , وبعض الأحوال التي تكره فيها القراءة , وفيما يتعلق بسجود التلاوة, والأوقات المختارة للقراءة .
7- مسائل في الأدب مع كتاب الله والرقية به.
8- بيان السور والآيات المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة و بيان فضل بعضها .
9- ذكر المراحل الثلاث التي مرت بها كتابة القرآن الكريم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى عهد عثمان رضي الله عنه وأحكام في الكتابة ومس المصحف .
10- بيان المفردات وضبط الأسماء واللغات مفهرسة بالأرقام حسب ورودها في الكتاب

رد مع اقتباس
  #7  
قديم 14 ربيع الأول 1436هـ/4-01-2015م, 01:57 AM
مارية السكاكر مارية السكاكر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 106
افتراضي تلخيص مقاصد الباب الرابع من كتاب التبيان في آداب حملة القرآن

تلخيص الباب الرابع: في آداب معلم القرآن ومتعلمه

المقصد الكلي للباب :

بيان ما ينبغي للمعلم والطالب أن يقصدا بطلب العلم وبذله , و بيان سمات معلم القرآن في نفسه ومع ربه ومع طلابه, وآداب المتعلم مع العلم والمعلم والأقران , والشروط التي يحسن توفرها في المقرئ والشيخ.


المقاصد الفرعية للباب الرابع :

1) بيان ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بقراءة القرآن وإقرائه
2) خلق المعلم مع نفسه ومع ربه.
3) صفات المعلم الفذ مع طلابه .
4) مندوبات يحسن بمعلم القرآن أن يتحلى بها .
5) آداب المتعلم مع العلم .
6) آداب المتعلم مع المعلم .
7) آداب المتعلم مع اقرانه.
8) شروط يحرص طالب العلم على توفرها فيمن يتعلم منه.
9) أقوال السلف في العلم آداب طالب العلم .

بيان ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بقراءة القرآن وإقرائه:
_ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} أي: الملة المستقيمة.
_ قبول العمل بحسب النية وفي الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، وهذا الحديث من أصول الإسلام.
_ على قدر النية يعطى العامل ؛عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "إنما يعطى الرجل على قدر نيته"، وعن غيره: "إنما يعطى الناس على قدر نياتهم".
_ وعن حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى: "الإخلاص: استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن".
_ من علامات الإخلاص ؛ عن ذي النون رحمه الله تعالى، قال:"ثلاث من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية العمل في الأعمال، واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة".
_ منزلة الإخلاص بين الرياء والشرك ؛ عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه، قال: "ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما".
_ معنى الإخلاص عند السلف ؛ عن سهل التستري رحمه الله تعالى، قال: "نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا: أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شيء، لا نفس ولا هوى ولا دنيا"
_ وعن السري رحمه الله، قال:"لا تعمل للناس شيئا، ولا تترك لهم شيئا، ولا تغط لهم شيئا، ولا تكشف لهم شيئا".
_ معنى الصدق عند السلف ؛ عن القشيري، قال: "أفضل الصدق: استواء الصدق والعلانية".
_ وعن الحارث المحاسبي رحمه الله تعالى، قال: "الصادق: هو الذي لا يبالي ولو خرج عن كل قدر له في قلوب الخلائق من أجل صلاح قلبه، ولا يحب إطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله، ولا يكره إطلاع الناس على السيئ من عمله، فإن كراهته لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم، وليس هذا من أخلاق الصديقين"
_ ثواب الصدق عند الله ؛ "إذا طلبت الله تعالى بالصدق أعطاك الله مرآة تبصر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة".
_ أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا، من مال أو رياسة أو وجاهة أونحو ذلك.
قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب}
_ ذم من ابتغى بالعلم عرضًا من الدنيا ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) رواه أبو داود بإسناد صحيح، ومثله أحاديث كثيرة.
_ الوعيد لمن طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء ؛ عن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار)) رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك، وقال: ((أدخله النار)).
_ التحذير من الرغبة بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه.
_ وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به, فهي علامة سوء النية وفساد الطوية.
_ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه قال: "يا حملة القرآن"، أو قال: "يا حملة العلم؛ اعملوا به فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا، حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى".

خلق المعلم مع نفسه ومع ربه.
_ ينبغي للمعلم أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها:
_ الزهادة في الدنيا عدم المبالاة بها .
_ السخاء والجود ومكارم الأخلاق.
_ طلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة.
_ الحلم والصبر.
_ التنزه عن دنيء المكاسب،
_ ملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع.
_ اجتناب الضحك والإكثار من المزاح.
_ ملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيف وتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفر وتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة.
_ وينبغي للمعلم أن يحذر كل الحذر من الحسد والرياء والعجب، واحتقار غيره وإن كان دونه.
_ وينبغي أن يحرص على الذكر والتسبيح فيما ورد من صحيح الأذكار.
_ وأن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويحافظ على ذلك.
_ وأن يكون تعويله في جميع أموره على الله تعالى.

صفات المعلم الفذ مع طلابه .
_ الرفق بمن يقرأ عليه،ويحسن إليه بحسب حالهما.
فقد روينا عن أبي هرون العبدي، قال: كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، فيقول: "مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا))" رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.
وروينا نحوه في مسند الدارمي، عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
_ يبذل لهم النصيحة .
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم.
_ الحنو على الطالب ,والعناية بمصالحه كما يعتني بمصالح ولده ومصالح نفسه، ويُجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان.
_ أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير، وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا.
فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت" وفي رواية: "إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني"
_ أن لا يتعاظم على المتعلمين، بل يلين إليهم ويتواضع لهم، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)).
وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله، قال: "ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل".
_ أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية.
_ يكون حريصا على تعليمهم، مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية , ويراعي أحوالهم وفهومهم ويفرغ قلبه لهم حال جلوسه لإقرائهم .
_ العدل والإنصاف بين الطلاب .
_ يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه، ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.
_ لا يفتش عن نيات طلابه؛ فقد قال سفيان وغيره: "طلبهم للعلم نية"، وقالوا: "طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله" معناه: كانت غايته أن صار لله تعالى.

مندوبات يحسن بمعلم القرآن أن يتحلى بها .
_يصون يديه في حال الإقراء عن العبث، وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة.
_ ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار.
_ وتكون ثيابه بيضاء نظيفة.
_ وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره، فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين، ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع.
روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه.
_أن لا يذل العلم ؛فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم، وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة.
_ أن يكون مجلسه واسعا ليتمكن جلساؤه فيه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير المجالس أوسعها)) رواه أبو داود في سنته، في أوائل كتاب الآداب بإسناد صحيح، من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

آداب المتعلم مع العلم ومجلس العلم :
_ أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة.
_وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب)).
_ يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها.
_ ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير.
_ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل، وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال..
_ وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشواغل قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة.
_ أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).
_ أن يحافظ على قراءة محفوظة، وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القُرَب، بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب.
_ ألا يحسد أحدا من رفقته , وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله ,أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله.
وطريقه في نفي الحسد: أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا، فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها، والله أعلم.
_ إذا دخل مجلس العلم يتأدب بآدابه :
*يدخل على شيخه كامل الخصال متصفا بما ذكرناه في المعلم.
*متطهرا مستعملا للسواك.
*فارغ القلب من الأمور الشاغلة.
*لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان.
* وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية.
* وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف كما جاء في الحديث، فليست الأولى بأحق من الثانية.
* ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، أو يعلم من حالهم إيثار ذلك.
* ولا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما، إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك.
*ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة, ولا بين صاحبين بغير إذنهما، وإن فسحا له قعد وضم نفسه.

آداب المتعلم مع المعلم .
_ أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك، ويتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه، وقد قالوا:
العلم حرب للفتى المتعالي ....... كالسيل حرب للمكان العالي
_ أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله، كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق، وهذا أولى.
_ أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال " :اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني"، وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له".
وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "من حق المعلم عليك: أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك، ولا تغمزن بعينيك، ولا تقولن: قال فلان خلاف ما تقول، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا تشاور جليسك في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه إذا قام، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته".
_ وأن يقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين، ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة.
_ أن لا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة، بل يكون متوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.
_ أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله واستنفاره وغمه وفرحه وجوعه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك، مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب والنشاط، وأن يغتنم أوقات نشاطه.
_ أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله، ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة، فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عديمه، وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه، فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وانقى لقلب الشيخ .
_ إذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ، وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف، والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون.

آداب المتعلم مع اقرانه.
_ وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ، فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه.

شروط يحرص طالب العلم على توفرها فيمن يتعلم منه:
_ لا يتعلم إلا ممن كملت أهليته .
_ وظهرت ديانته .
_ وتحققت معرفته .
_ واشتهرت صيانته.
فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"

بعض أقوال السلف في العلم آداب طالب العلم :
_ قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"
_ كان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني".
_ قال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له".
_ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "من حق المعلم عليك: أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك، ولا تغمزن بعينيك، ولا تقولن: قال فلان خلاف ما تقول، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا تشاور جليسك في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه إذا قام، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته".
_ قالوا: من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا،
_ والأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما: "ذللت طالبا فعززت مطلوبا".
_ وقد أحسن من قال:
من لم يذق طعم المذلة ساعة ....... قطع الزمان بأسره مذلولا
_ وقد أحسن القائل بقوله: "يطيب القلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة".
_ قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا"، وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: "تفقه قبل أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه".

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 22 ربيع الأول 1436هـ/12-01-2015م, 08:38 PM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مارية السكاكر مشاهدة المشاركة
المقصد الكلي للكتاب :
فضل القرآن وفضيلة المشتغل به حفظًا وتلاوةً وتعلمًا وتعليمًا ,والآداب المتعلقة بطالب العلم ومعلمه ,ووصايا وأقوال السلف لحامل القرآن,و الآداب المستحبة عند تلاوة القرآن وسماعة, وفيما يتعلق بسجود التلاوة من أحكام, فيما جاء من الأدب مع كتاب الله , ومراحل كتابة القرآن وشيء من أحكام المصحف .[صياغة جيدة ، بارك الله فيكِ] .

المقاصد الفرعية للكتاب :
1- بيان فضل القرآن وفضل تلاوته وتعلمه وتعليمه وفضيلة حملته وحكم تعليم العلم والقرآن.
2- ما جاء في تقديم القراء في الإمامة والمشورة في أمور المسلمين , وتقديم قراءة القرآن على سائر الأذكار.
3- ما جاء في تعظيم شعائر الله وفضل المؤمنين والعلماء خاصة والنهي عن أذاهم .
4- بيان آداب معلم القرآن في نفسه ومع ربه , وصفات المعلم الفذ مع طلابه, وآداب المتعلم مع العلم والمعلم والأقران , والشروط التي يحرص الطالب على توفرها فيمن سيأخذ العلم عنه .
5- وصايا لحامل القرآن تضمنت شيئا من أقوال السلف عن قيام الليل, وختم القرآن أقوال وأحكام.
6- بيان الآداب المستحبة عند تلاوة القرآن , وما يعين على التدبر والخشوع والبكاء, وشيئا من أحكام قراءة القرآن وسماعه , وبعض الأحوال التي تكره فيها القراءة , وفيما يتعلق بسجود التلاوة, والأوقات المختارة للقراءة .
7- مسائل في الأدب مع كتاب الله والرقية به.
8- بيان السور والآيات المستحبة في أوقات وأحوال مخصوصة و بيان فضل بعضها .
9- ذكر المراحل الثلاث التي مرت بها كتابة القرآن الكريم من عهد النبي صلى الله عليه وسلم وحتى عهد عثمان رضي الله عنه وأحكام في الكتابة ومس المصحف .
10- بيان المفردات وضبط الأسماء واللغات مفهرسة بالأرقام حسب ورودها في الكتاب
ما شاء الله لا قوة إلا بالله ، أحسنتِ أحسن الله إليكِ ، وزادكِ فهما وعلما ، ونفع بكِ الإسلام والمسلمين .
تقييم التلخيص :
الشمول : 10 / 10
الترتيب : 10 / 10
التحرير العلمي : 10 / 10
الصياغة : 5 / 5
العرض : 5 / 5
استخلاص المقاصد الفرعية : 10 / 10
استخلاص المقصد الكلي للكتاب : 10 / 10
إجمالي الدرجات = 60 / 60

بارك الله فيكِ ، ونفع بكِ الإسلام والمسلمين .
ملاحظة يسيرة :
مثلتِ بكل مقصد من مقاصدِكِ العشرة لأحد أبواب الكتاب ، ولو ذكرت المقاصد الفرعية تحت كل مقصد من المقاصد العشرة لاكتمل الهيكل المقاصدي للكتاب بما يغنيكِ كثيرا عن الرجوع للكتاب .

رد مع اقتباس
  #9  
قديم 22 ربيع الأول 1436هـ/12-01-2015م, 09:12 PM
هيئة التصحيح 7 هيئة التصحيح 7 غير متواجد حالياً
هيئة التصحيح
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 6,326
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة مارية السكاكر مشاهدة المشاركة
تلخيص الباب الرابع: في آداب معلم القرآن ومتعلمه

المقصد الكلي للباب :

بيان ما ينبغي للمعلم والطالب أن يقصدا بطلب العلم وبذله , و بيان سمات معلم القرآن في نفسه ومع ربه ومع طلابه, وآداب المتعلم مع العلم والمعلم والأقران , والشروط التي يحسن توفرها في المقرئ والشيخ.


المقاصد الفرعية للباب الرابع :

1) بيان ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بقراءة القرآن وإقرائه
2) خلق المعلم مع نفسه ومع ربه.
3) صفات المعلم الفذ مع طلابه .
4) مندوبات يحسن بمعلم القرآن أن يتحلى بها .
5) آداب المتعلم مع العلم .
6) آداب المتعلم مع المعلم .
7) آداب المتعلم مع اقرانه.
8) شروط يحرص طالب العلم على توفرها فيمن يتعلم منه.
9) أقوال السلف في العلم آداب طالب العلم .

بيان ما ينبغي للمقرئ والقارئ أن يقصدا بقراءة القرآن وإقرائه:
_ أن يقصدا بذلك رضا الله تعالى، قال الله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة} أي: الملة المستقيمة.
_ قبول العمل بحسب النية وفي الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))، وهذا الحديث من أصول الإسلام.
_ على قدر النية يعطى العامل ؛عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "إنما يعطى الرجل على قدر نيته"، وعن غيره: "إنما يعطى الناس على قدر نياتهم".
_ وعن حذيفة المرعشي رحمه الله تعالى: "الإخلاص: استواء أفعال العبد في الظاهر والباطن".
_ من علامات الإخلاص ؛ عن ذي النون رحمه الله تعالى، قال:"ثلاث من علامات الإخلاص: استواء المدح والذم من العامة، ونسيان رؤية العمل في الأعمال، واقتضاء ثواب الأعمال في الآخرة".
_ منزلة الإخلاص بين الرياء والشرك ؛ عن الفضيل بن عياض رضي الله عنه، قال: "ترك العمل لأجل الناس رياء، والعمل لأجل الناس شرك، والإخلاص أن يعافيك الله منهما".
_ معنى الإخلاص عند السلف ؛ عن سهل التستري رحمه الله تعالى، قال: "نظر الأكياس في تفسير الإخلاص فلم يجدوا غير هذا: أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله تعالى وحده لا يمازجه شيء، لا نفس ولا هوى ولا دنيا"
_ وعن السري رحمه الله، قال:"لا تعمل للناس شيئا، ولا تترك لهم شيئا، ولا تغط لهم شيئا، ولا تكشف لهم شيئا".
_ معنى الصدق عند السلف ؛ عن القشيري، قال: "أفضل الصدق: استواء الصدق والعلانية".
_ وعن الحارث المحاسبي رحمه الله تعالى، قال: "الصادق: هو الذي لا يبالي ولو خرج عن كل قدر له في قلوب الخلائق من أجل صلاح قلبه، ولا يحب إطلاع الناس على مثاقيل الذر من حسن عمله، ولا يكره إطلاع الناس على السيئ من عمله، فإن كراهته لذلك دليل على أنه يحب الزيادة عندهم، وليس هذا من أخلاق الصديقين"
_ ثواب الصدق عند الله ؛ "إذا طلبت الله تعالى بالصدق أعطاك الله مرآة تبصر فيها كل شيء من عجائب الدنيا والآخرة".
_ أن لا يقصد به توصلا إلى غرض من أغراض الدنيا، من مال أو رياسة أو وجاهة أونحو ذلك.
قال تعالى: {من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب} .
_ ذم من ابتغى بالعلم عرضًا من الدنيا ؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تعلم علما يبتغي به وجه الله تعالى لا يتعلمه إلا ليصيب به غرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)) رواه أبو داود بإسناد صحيح، ومثله أحاديث كثيرة.
_ الوعيد لمن طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء ؛ عن أنس وحذيفة وكعب بن مالك رضي الله عنهم، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من طلب العلم ليماري به السفهاء أو يكاثر به العلماء أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار)) رواه الترمذي من رواية كعب بن مالك، وقال: ((أدخله النار)).
_ التحذير من الرغبة بكثرة المشتغلين عليه والمختلفين إليه.
_ وليحذر من كراهته قراءة أصحابه على غيره ممن ينتفع به, فهي علامة سوء النية وفساد الطوية.
_ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أنه قال: "يا حملة القرآن"، أو قال: "يا حملة العلم؛ اعملوا به فإنما العلم من عمل بما علم ووافق علمه عمله، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم، وتخالف سريرتهم علانيتهم يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا، حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه، أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى".

خلق المعلم مع نفسه ومع ربه.
_ ينبغي للمعلم أن يتخلق بالمحاسن التي ورد الشرع بها:
_ الزهادة في الدنيا عدم المبالاة بها .
_ السخاء والجود ومكارم الأخلاق.
_ طلاقة الوجه من غير خروج إلى حد الخلاعة.
_ الحلم والصبر.
_ التنزه عن دنيء المكاسب ،
_ ملازمة الورع والخشوع والسكينة والوقار والتواضع والخضوع.
_ اجتناب الضحك والإكثار من المزاح.
_ ملازمة الوظائف الشرعية كالتنظيف وتقليم بإزالة الأوساخ والشعور التي ورد الشرع بإزالتها كقص الشارب وتقليم الظفر وتسريح اللحية وإزالة الروائح الكريهة والملابس المكروهة.
_ وينبغي للمعلم أن يحذر كل الحذر من الحسد والرياء والعجب، واحتقار غيره وإن كان دونه.
_ وينبغي أن يحرص على الذكر والتسبيح فيما ورد من صحيح الأذكار.
_ وأن يراقب الله تعالى في سره وعلانيته ويحافظ على ذلك.
_ وأن يكون تعويله في جميع أموره على الله تعالى.

صفات المعلم الفذ مع طلابه .
_ الرفق بمن يقرأ عليه،ويحسن إليه بحسب حالهما.
فقد روينا عن أبي هرون العبدي، قال: كنا نأتي أبا سعيد الخدري رضي الله عنه، فيقول: "مرحبا بوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الناس لكم تبع، وإن رجالا يأتونكم من أقطار الأرض يتفقهون في الدين، فإذا أتوكم فاستوصوا بهم خيرا))" رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما.
وروينا نحوه في مسند الدارمي، عن أبي الدرداء رضي الله عنه.
_ يبذل لهم النصيحة .
فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة؛ لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) رواه مسلم.
_ الحنو على الطالب ,والعناية بمصالحه كما يعتني بمصالح ولده ومصالح نفسه، ويُجري المتعلم مجرى ولده في الشفقة عليه والصبر على جفائه وسوء أدبه، ويعذره في قلة أدبه في بعض الأحيان.
_ أن يحب له ما يحب لنفسه من الخير، وأن يكره له ما يكره لنفسه من النقص مطلقا.
فقد ثبت في الصحيحين، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: ((لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)).
وعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: "أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى الناس حتى يجلس إلي، لو استطعت أن لا يقع الذباب على وجهه لفعلت" وفي رواية: "إن الذباب ليقع عليه فيؤذيني"
_ أن لا يتعاظم على المتعلمين، بل يلين إليهم ويتواضع لهم، وقد جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لينوا لمن تعلمون ولمن تتعلمون منه)).
وعن أبي أيوب السختياني رحمه الله، قال: "ينبغي للعالم أن يضع التراب على رأسه تواضعا لله عز وجل".
_ أن يؤدب المتعلم على التدريج بالآداب السنية والشيم المرضية ورياضة نفسه بالدقائق الخفية.
_ يكون حريصا على تعليمهم، مؤثرا ذلك على مصالح نفسه الدنيوية التي ليست بضرورية , ويراعي أحوالهم وفهومهم ويفرغ قلبه لهم حال جلوسه لإقرائهم .
_ العدل والإنصاف بين الطلاب .
_ يظهر لهم البشر وطلاقة الوجه، ويتفقد أحوالهم ويسأل عمن غاب منهم.
_ لا يفتش عن نيات طلابه؛ فقد قال سفيان وغيره: "طلبهم للعلم نية"، وقالوا: "طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله" معناه: كانت غايته أن صار لله تعالى.

مندوبات يحسن بمعلم القرآن أن يتحلى بها .
_يصون يديه في حال الإقراء عن العبث، وعينيه عن تفريق نظرهما من غير حاجة.
_ ويقعد على طهارة مستقبل القبلة ويجلس بوقار.
_ وتكون ثيابه بيضاء نظيفة.
_ وإذا وصل إلى موضع جلوسه صلى ركعتين قبل الجلوس سواء كان الموضع مسجدا أو غيره، فإن كان مسجدا كان آكد فيه فإنه يكره الجلوس فيه قبل أن يصلي ركعتين، ويجلس متربعا إن شاء أو غير متربع.
روى أبو بكر بن أبي داود السجستاني بإسناده، عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، كان يقرئ الناس في المسجد جاثيا على ركبتيه.
_أن لا يذل العلم ؛فيذهب إلى مكان ينسب إلى من يتعلم منه ليتعلم منه فيه وإن كان المتعلم خليفة فمن دونه، بل يصون العلم عن ذلك كما صانه عنه السلف رضي الله عنهم، وحكاياتهم في هذا كثيرة مشهورة.
_ أن يكون مجلسه واسعا ليتمكن جلساؤه فيه، ففي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((خير المجالس أوسعها)) رواه أبو داود في سنته، في أوائل كتاب الآداب بإسناد صحيح، من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.

آداب المتعلم مع العلم ومجلس العلم :
_ أن يجتنب الأسباب الشاغلة عن التحصيل إلا سببا لا بد منه للحاجة.
_وينبغي أن يطهر قلبه من الأدناس ليصلح لقبول القرآن وحفظه واستثماره، فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألا وهي القلب)).
_ يكون حريصا على التعلم مواظبا عليه في جميع الأوقات التي يتمكن منه فيها.
_ ولا يقنع بالقليل مع تمكنه من الكثير.
_ولا يحمل نفسه ما لا يطيق مخافة من الملل وضياع ما حصل، وهذا يختلف باختلاف الناس والأحوال..
_ وينبغي أن يأخذ نفسه بالاجتهاد في التحصيل في وقت الفراغ والنشاط وقوة البدن ونباهة الخاطر وقلة الشواغل قبل عوارض البطالة وارتفاع المنزلة.
_ أن يبكر بقراءته على الشيخ أول النهار، لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((اللهم بارك لأمتي في بكورها)).
_ أن يحافظ على قراءة محفوظة، وينبغي أن لا يؤثر بنوبته غيره فإن الإيثار مكروه في القُرَب، بخلاف الإيثار بحظوظ النفس فإنه محبوب.
_ ألا يحسد أحدا من رفقته , وأن لا يعجب بنفسه بما خصه الله ,أن يذكر نفسه أنه لم يحصل ما حصله بحوله وقوته وإنما هو فضل من الله.
وطريقه في نفي الحسد: أن يعلم أن حكمة الله تعالى اقتضت جعل هذه الفضيلة في هذا، فينبغي أن لا يعترض عليها ولا يكره حكمة أرادها الله تعالى ولم يكرهها، والله أعلم.
_ إذا دخل مجلس العلم يتأدب بآدابه :
*يدخل على شيخه كامل الخصال متصفا بما ذكرناه في المعلم.
*متطهرا مستعملا للسواك.
*فارغ القلب من الأمور الشاغلة.
*لا يدخل بغير استئذان إذا كان الشيخ في مكان يحتاج فيه إلى استئذان.
* وأن يسلم على الحاضرين إذا دخل ويخصه دونهم بالتحية.
* وأن يسلم عليه وعليهم إذا انصرف كما جاء في الحديث، فليست الأولى بأحق من الثانية.
* ولا يتخطى رقاب الناس بل يجلس حيث ينتهي به المجلس إلا أن يأذن له الشيخ في التقدم، أو يعلم من حالهم إيثار ذلك.
* ولا يقيم أحدا من موضعه، فإن آثره غيره لم يقبل اقتداء بابن عمر رضي الله عنهما، إلا أن يكون في تقديمه مصلحة للحاضرين أو أمره الشيخ بذلك.
*ولا يجلس في وسط الحلقة إلا لضرورة, ولا بين صاحبين بغير إذنهما، وإن فسحا له قعد وضم نفسه.

آداب المتعلم مع المعلم .
_ أن يتواضع لمعلمه ويتأدب معه وإن كان أصغر منه سنا وأقل شهرة ونسبا وصلاحا وغير ذلك، ويتواضع للعلم، فبتواضعه يدركه، وقد قالوا:
العلم حرب للفتى المتعالي ....... كالسيل حرب للمكان العالي
_ أن ينقاد لمعلمه ويشاوره في أموره ويقبل قوله، كالمريض العاقل يقبل قول الطبيب الناصح الحاذق، وهذا أولى.
_ أن ينظر معلمه بعين الاحترام ويعتقد كمال أهليته ورجحانه على طبقته فإنه أقرب إلى انتفاعه به، وكان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال " :اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني"، وقال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له".
وروينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "من حق المعلم عليك: أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك، ولا تغمزن بعينيك، ولا تقولن: قال فلان خلاف ما تقول، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا تشاور جليسك في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه إذا قام، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته".
_ وأن يقعد بين يدي الشيخ قعدة المتعلمين لا قعدة المعلمين، ولا يرفع صوته رفعا بليغا من غير حاجة.
_ أن لا يضحك ولا يكثر الكلام من غير حاجة ولا يعبث بيده ولا بغيرها، ولا يلتفت يمينا ولا شمالا من غير حاجة، بل يكون متوجها إلى الشيخ مصغيا إلى كلامه.
_ أن لا يقرأ على الشيخ في حال شغل قلب الشيخ وملله واستنفاره وغمه وفرحه وجوعه وعطشه ونعاسه وقلقه ونحو ذلك، مما يشق عليه أو يمنعه من كمال حضور القلب والنشاط، وأن يغتنم أوقات نشاطه.
_ أن يتحمل جفوة الشيخ وسوء خلقه ولا يصده ذلك عن ملازمته واعتقاد كماله، ويتأول لأفعاله وأقواله التي ظاهرها الفساد تأويلات صحيحة، فما يعجز عن ذلك إلا قليل التوفيق أو عديمه، وإن جفاه الشيخ ابتدأ هو بالاعتذار إلى الشيخ وأظهر أن الذنب له والعتب عليه، فذلك أنفع له في الدنيا والآخرة وانقى لقلب الشيخ .
_ إذا جاء إلى مجلس الشيخ فلم يجده انتظر ولازم بابه ، وإذا وجد الشيخ نائما أو مشتغلا بمهم لم يستأذن عليه بل يصبر إلى استيقاظه أو فراغه أو ينصرف، والصبر أولى كما كان ابن عباس رضي الله عنهما وغيره يفعلون.

آداب المتعلم مع اقرانه._ وينبغي أيضا أن يتأدب مع رفقته وحاضري مجلس الشيخ، فإن ذلك تأدب مع الشيخ وصيانة لمجلسه.

شروط يحرص طالب العلم على توفرها فيمن يتعلم منه:
_ لا يتعلم إلا ممن كملت أهليته .
_ وظهرت ديانته .
_ وتحققت معرفته .
_ واشتهرت صيانته.
فقد قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"

بعض أقوال السلف في العلم آداب طالب العلم :
_ قال محمد بن سيرين ومالك بن أنس وغيرهما من السلف: "هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"
_ كان بعض المتقدمين إذا ذهب إلى معلمه تصدق بشيء، وقال: "اللهم استر عيب معلمي عني، ولا تذهب بركة علمه مني".
_ قال الربيع صاحب الشافعي رحمهما الله: "ما اجترأت أن أشرب الماء والشافعي ينظر إلي هيبة له".
_ عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: "من حق المعلم عليك: أن تسلم على الناس عامة وتخصه دونهم بتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تشيرن عنده بيدك، ولا تغمزن بعينيك، ولا تقولن: قال فلان خلاف ما تقول، ولا تغتابن عنده أحدا، ولا تشاور جليسك في مجلسه، ولا تأخذ بثوبه إذا قام، ولا تلح عليه إذا كسل، ولا تعرض أي تشبع من طول صحبته".
_ قالوا: من لم يصبر على ذل التعليم بقي عمره في عماية الجهالة، ومن صبر عليه آل أمره إلى عز الآخرة والدنيا،
_ والأثر المشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما: "ذللت طالبا فعززت مطلوبا".
_ وقد أحسن من قال:
من لم يذق طعم المذلة ساعة ....... قطع الزمان بأسره مذلولا
_ وقد أحسن القائل بقوله: "يطيب القلب للعلم كما تطيب الأرض للزراعة".
_ قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "تفقهوا قبل أن تسودوا"، وهذا معنى قول الإمام الشافعي رضي الله عنه: "تفقه قبل أن ترأس، فإذا رأست فلا سبيل إلى التفقه".
بارك الله فيك ، ونفع بك ، أداء جيد ومتميز ، أدام الله عليكِ التميز والسداد ، يرجى الانتباه للملاحظات اليسيرة أثناء التصحيح .
تقييم تلخيص الباب الرابع
الشمول : 10 / 10
الترتيب : 5 / 5
التحرير العلمي : 5 / 5
الصياغة : 4 / 5
العرض : 5 / 5
استخلاص مقصد الباب : 10 / 10

إجمالي الدرجات = 39 / 40
بارك الله فيكِ ، ونفع بكِ الإسلام والمسلمين .

رد مع اقتباس
  #10  
قديم 28 ربيع الأول 1436هـ/18-01-2015م, 11:23 AM
مارية السكاكر مارية السكاكر غير متواجد حالياً
برنامج إعداد المفسّر - المتابعة الذاتية
 
تاريخ التسجيل: Aug 2014
المشاركات: 106
افتراضي

أرغب بمعرفة الخلل في الصياغة أين؟ لأني لم أفهم القصد من وضع كلمة أقرانه باللون الأحمر


الملاحظات الذي أفهمه منها وأستطيع أداؤه لن أتركه عنوة بالتأكيد لكن أحياناً لاتصلني الفكرة المطلوبة بوضوح أو أفهمها خلاف المطلوب.

جزاكم الله خير وأحسن إليكم .

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
الطالبة, صفحة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:03 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir