سِيْرَةُ الْأَخْفَشُ الْأَوْسَطْ

[عابدة المحمدي]

سِيْرَةُ الْأَخْفَشِ الَْأَوْسَطِ

● اسمه ونسبه:

أبو الحسن سعيد بن مسعدة، المجاشعي بالولاء، النحوي البلخي، المعروف بالأخفش الأوسط، أحد نحاة البصرة. (1)

● مولده ونشأته:
لم يُعثر على أي مصدر عن مولده ومسقط رأسه.
قطعت نشأته في بني مجاشع بينه وبين فارسيته، وأزالت حياته في البصرة اللكنة عن لسانه، وجعلته يلتزم بالتعبير الفصيح ويحرص على نقاء اللغة وينكر ما ألف الناس استعماله من العامية أو من غير العربية. (2)
● صفاته الخَلْقية:
كان أجْلَع، والأجلع: الذي لا تنضم شفتاه على أسنانه، والأخفش: الصغير العينين مع سوء بصرهما. (3)
● شيوخه:

صحب الخليل أولا، وأخذ النحو عن سيبويه، وكان أسنّ منه، وهو أحذق أصحاب سيبويه. (4)

● تلاميذه:
لم يقرأ الكتاب على سيبويه أحد، ولم يقرأه سيبويه على أحدٍ، وإنما قرئ على الأخفش بعد موت سيبويه.
وحكى الأخفش قال: لما ناظر سيبويه الكسائي، ورجع وجّه إلي فعرّف خبره معه ومضى إلى الأهواز، فوردت بغداد فرأيت مسجد الكسائي فصليت خلفه الغداة، فلما انفتل من صلاته وقعد وبين يديه الفراء والأحمر وابن سعدان، سلمت وسألته عن مائة مسألة فأجاب بجوابات خطأته في جميعها، فأراد أصحابه الوثوب علي فمنعهم ولم يقطعني ما رأيتهم عليه عما كنت فيه، فلما فرغت قال لي: بالله أما أنت أبو الحسن سعيد بن مسعدة? قلت نعم، فقام إلي وعانقني وأجلسني إلى جنبه ثم قال: لي أولاد أحب أن يتأدبوا بك، ويتخرجوا عليك، وتكون معي غير مفارقٍ لي فأجبته إلى ذلك، فلما اتصلت الأيام بالاجتماع سألني أن أؤلف له كتاباً في معاني القرآن فألفته، فجعله إمامه وعمل عليه كتاباً في المعاني. وقرأ علي كتاب سيبويه سراً ووهب لي سبعين ديناراً. (5)

وكان ممن قرأه عليه أبو عمر الجرمي وأبو عثمان المازني، وكان الأخفش يستحسن كتاب سيبويه كل الاستحسان، فتوهم الجرمي والمازني أن الأخفش قد هم أن يدعي الكتاب لنفسه، فتشاوروا في منع الأخفش من ادعائه فقالا نقرؤه عليه، فإذ قرأناه عليه أظهرناه وأشعنا أنه لسيبويه فلا يمكنه أن يدعيه، فأرغبا الأخفش، وبذلا له شيئاً من المال على أن يقرأاه عليه فأجاب وشرعا في القراءة، وأخذا الكتاب عنه وأظهراه للناس. (6)

● أقوال العلماء فيه:
كان أبو العباس ثعلب يفضل الأخفش ويقول: هو أوسع الناس علماً. (7)
وقال أبو حاتم : كتابه في المعاني صُوَيلح، إلا أن فيه مذاهب سَوء في القدر. وكان أبو حاتم يعيب كتابه في جمع الواحد. (8)
وقال المبرد: أحفظ من أخذ عن سيبويه الأخفش ثم الناشئ ثم قطرب، كان الأخفش أعلم الناس بالكلام وأحذقهم بالجدل. (9)

قال أبو العباس أحمد بن يحيى: حدثني سعيد بن سلم قال: دخل الفراء على سعيد بن سلم فقال: قد جاءكم سيد أهل اللغة، وسيد أهل العربية. فقال الفراء: أما ما دام الأخفش يعيش فلا. (10)

● عقيدته:

قال أبو حاتم: كان الأخفش رجل سَوء قدريا شِمريا، وهم صنف من القدرية نسبوا إلى أبي شِمر ولم يكن يغلو فيه. (10)

● نبذة من أخباره:

قال الأخفش: لما دخلت بغداذ أتاني هشام الضرير، فسألني عن مسائل عملها، وفروع فرّعها، فلما رأيت أن اعتماده واعتماد غيره من الكوفيين على المسائل، عملت كتاب "المسائل الكبير" فلم يعرفوا أكثر ما أوردته فيه. (11)

قال أبو العباس أحمد بن يحيى: أول من أملى غريب كل بيت من الشعر تحته الأخفش، -وكان ببغداذ- والطوسي مستمليه. قال: ولم أدركه؛ لأنه قبل عصرنا. (12)

قال أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني: وأخذ الأخفش كتاب أبي عبيدة في القرآن، فأسقط منه شيئا، وزاد شيئا، وأبدل منه شيئا،قال: فقلت له: أي شيء هذا الذي تصنع من هذا؟ من أعرف بالعربية؟ أنت أو أبو عبيدة؟ فقال: الكتاب لمن أصلحه، وليس لمن أفسده. قال: فلم يلتفت إلى كتابه، وصار مطَّرحًا. (13)

● مؤلفاته:
له من التصانيف: كتاب الأربعة، كتاب الاشتقاق، كتاب الأصوات، كتاب الأوسط في النحو، كتاب تفسير معاني القرآن، كتاب صفات الغنم وألوانها وعلاجها وأسبابها، كتاب العروض، كتاب القوافي، كتاب المسائل الكبير، كتاب المسائل الصغير، كتاب معنى الشعر، كتاب المقاييس، كتاب الملوك، كتاب وقف التمام. (14)
● نماذج من تفسيره:
بعض المعاني الواردة في سورة الفاتحة

(بسم الله الرحمن الرحيم۝): "اسم" [في التسمية] صلة زائدة، زيدت ليخرج بذكرها من حكم القسم إلى قصد التبرك، لأن أصل الكلام "بالله" وحذفت الألف من "بسم" من الخط تخفيفا لكثرة الاستعمال واستغناء عنها بباء الإلصاق في اللفظ والخط، فلو كتبت "باسم الرحمن" أو "باسم القادر" أو "باسم القاهر" لم تحذف الألف.

والألف في "اسم" ألف وصل، لأنك تقول: "سُمِّيَ" وحذفت لأنها ليست من اللفظ. (15)

وقال: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)إذا وقفت قلت: "حاضري" لأن الياء إنما ذهبت في الوصل لسكون اللام من "المسجد".(16)

● وفاته:
كانت وفاته في سنة خمس عشرة ومائتين. (17)

(1) وفيات الأعيان 2/380
(2) نزهة الألباء 135
(3) وفيات الأعيان 2/381
(4) معجم الأدباء 11/225
(5) معجم الأدباء 11/ 225-226
(6) معجم الأدباء 11/227-229
(7) معجم الأدباء 11/229
(8) انباه الرواة 2/38
(9) معجم الأدباء 11/229- 230
(10) انباه الرواة 2/39
(11) انباه الرواة 2/38
(12) انباه الرواة 2/39
(13) انباه الرواة 2/38
(14) معجم الأدباء 11/230
(15) معاني القرآن 1
(16) معاني القرآن 87
(17) طبقات المفسرين 10

● قائمة المراجع:
1- وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان (ت:681هـ)، تحقيق: الدكتور إحسان عباس، دار صادر، بيروت.
2- نزهة الألباء في طبقات الأدباء، أبو البركات كمال الدين عبد الرحمن بن محمد ابن الانباري (ت:577هـ)، تحقيق: الدكتور إبراهيم السامرائي، مكتبة المنار، الأردن-الزرقاء.
3- إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب:معجم الأدباء، ياقوت الحموي الرومي (ت:626هـ)، تحقيق: الدكتور إحسان عباس، دار الغرب الإسلامي، بيروت.
4- انباه الرواة على أنباه النحاة، الوزير جمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي (ت:624هـ)، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر العربي-مؤسسة الكتب الثقافية، القاهرة-بيروت.
5- معاني القرآن، أبو الحسن المجاشعي البلخي البصري الأخفش الأوسط (ت: 215هـ)، تحقيق: الدكتورة هدى محمود قراعة، مكتبة الخانجي، القاهرة.
6- طبقات المفسرين، أحمد بن محمد الأدنروي، تحقيق: سليمان بن صالح الخزي، مكتبة العلوم والحكم، المدينة المنورة.

[هيئة التصحيح 7]

بارك الله فيكِ ، تم تصحيح البحث في صفحتك للاختبارات هنا :
http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...3&postcount=34
أدام الله عليكِ تميزكِ ، ونفع بكِ .