925- وعَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنهَا قَالَتْ: كَانَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إِذَا أَرَادَ سَفَراً أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ، فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا، خَرَجَ بِهَا مَعَهُ. مُتَّفَقٌ عليهِ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفْرداتُ الحديثِ:
- أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ: مِن القُرْعَةِ، بضمٍّ فسكونٍ، يُقالُ: تَقَارَعُوا واقْتَرَعُوا، فمَن خَرَجَتْ قُرْعَتُه، فَلَه مَا قَارَعَ عليهِ.
- فَأَيَّتُهُنَّ: أيَّةُ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ خَرَجَ سَهْمُها الذي باسْمِها، خَرَجَ بها معَه، وصَحِبَتْهُ في سَفَرِه.
- سَهْمُها: السِّهامُ جَمْعُ سَهْمٍ، وهي التي تُوضَعُ على الحُظوظِ، فمَن خَرَجَ سَهْمُه الذي وُضِعَ على النصيبِ، فهو له.
- وكَيْفِيَّةُ القَرْعِ بالخَواتِيمِ، فيَأْخُذُ خَاتِمَ هذا، وخَاتِمَ هذا، ويُدْفَعَانِ إلى رَجُلٍ، فيُخْرِجُ مِنْهُما وَاحِداً.
- وقالَ الشافِعِيُّ: يَجْعَلُ رِقاعاً صِغاراً يَكْتُبُ في كلِّ وَاحِدَةٍ اسْمَ ذِي السَّهْمِ، ثم يُغَطَّى عليها بثَوْبٍ، ثُمَّ يُدْخِلُ رَجُلٌ يَدَهُ، فيُخْرِجُ واحِدَةً يَنْظُرُ مَن صَاحِبُها، فيَدْفَعُها إليهِ.
ولها طُرُقٌ أُخَرُ.
* مَا يُؤْخَذُ من الحَديثِ:
1- فيهِ وُجوبُ العَدْلِ بينَ الزوجاتِ حتى إذا أرادَ أَنْ يُسافِرَ، ويَصْطَحِبَ مَعَه في سَفَرِه بعضَ زَوْجاتِه.
2- أنَّ الزوجَ إِذَا لَمْ يُرِدْ أَنْ يُسافِرَ بزَوْجاتِه جَمِيعاً، فإنَّ المُتَعَيِّنَ عليهِ هو القُرْعَةُ بَيْنَهُنَّ، فالتي يَخْرُجُ سَهْمُها يَخْرُجُ بها معَه في سَفَرِه.
3- قالَ القُرْطُبِيُّ: اسْتَدَلَّ بعضُ عُلمائِنا بهذه الآيةِ: {وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ} [آل عمران: 44] على إثباتِ القُرعَةِ، وهي أصلٌ في شَرْعِنا لكلِّ مَن أرادَ العَدْلَ في القِسْمَةِ، وهي سُنَّةٌ عندَ جمهورِ الفقهاءِ، ورَدَّ العِلْمَ(1) بالقُرْعَةِ أبو حَنِيفَةَ وأَصْحَابُهُ.
4- قالَ أبو عُبَيْدٍ: عَمِلَ بالقُرْعَةِ ثَلاثَةٌ مِن الأنبياءِ: يُونُسُ، وزَكَرِيَّا، ومُحمدٌ، عليهم الصلاةُ والسلامُ.
قالَ ابْنُ المُنْذِرِ: واسْتِعْمَالُ القُرْعَةِ كالإجماعِ مِن أهْلِ العِلْمِ فلا مَعْنَى لرَدِّها.
5- قالَ ابْنُ العَرَبِيِّ: فَائِدَةُ القُرْعَةِ استخراجُ الحُكْمِ الخَفِيِّ عندَ التَّشاحِّ، ولا تَجْرِي معَ التراضِي.
6- للقُرْعَةِ عِدَّةُ صِفَاتٍ، وسواءٌ كَانَتْ بالوَرَقِ، أو بالحَصَى، أو بالخَواتِيمِ، فكَيْفَما اقْتَرَعوا جَازَ.
7- في هذا التَّأْكِيدُ على أنَّ الأَفْضَلَ في حَقِّ الشبابِ أَنْ لا يَذْهَبُوا للخارجِ إلاَّ ومعَهم نِساؤُهم؛ لِيَكُونَ أَغَضَّ لأبصارِهم، وأَحْفَظَ لفُروجِهم.
8- إذا كانَ الإنسانُ كَثِيرَ الأسفارِ في دَاخلِ البلادِ وخَارِجِها، وأرادَ أَنْ يَجْعَلَ لكُلِّ وَاحِدَةٍ مِن زَوْجاتِه، أو زَوْجَتَيْهِ سَفْرَةً, فإِنَّه يَجُوزُ؛ لأنَّ هذا حَقٌّ مُتَمَيِّزٌ، لا خَفاءَ فيه.
(1) لعلها : " العمل" .