922- وعَنْ عُرْوَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عنهَا: يا ابْنَ أُخْتِي, كانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لا يُفَضِّلُ بَعْضَنَا عَلَى بَعْضٍ في القَسْمِ مِن مُكْثِهِ عندَنا، وكَانَ قَلَّ يَوْمٌ إِلاَّ وَهُوَ يَطُوفُ عَلَيْنَا جَمِيعاً، فَيَدْنُو مِن امْرَأَةٍ مِنْ غَيْرِ مَسِيسٍ، حَتَّى يَبْلُغَ التي هو يَوْمُها فَيَبِيتُ عِنْدَها. رواهُ أحمدُ وأبو دَاوُدَ، واللفظُ له، وصَحَّحَهُ الحاكِمُ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* دَرجَةُ الحَديثِ:
إسنادُه حَسَنٌ.
أَخْرَجَهُ الحاكِمُ، وقالَ: صحيحُ الإسنادِ. ووافَقَه الذَّهَبِيُّ.
والشَّطْرُ الثاني لَه شَاهِدٌ مِن حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ، وأخْرَجَهُ الطَّيَالِسِيُّ، وعنه البَيْهَقِيُّ، وفي إسنادِه ضَعْفٌ.
وفي البابِ: عن سُمَيَّةَ, عَن عَائِشَةَ، ورجالُه ثِقَاتٌ رِجَالُ مُسْلِمٍ، غيرَ سُمَيَّةَ هذهِ، وهي مَقْبولَةٌ عندَ الحافظِ ابنِ حَجَرٍ.
*مُفْرداتُ الحديثِ:
- مُكْثِهِ: إِقَامَتُه عندَ الواحدةِ من زوجاتِه.
- يَطُوفُ عَلَيْنَا: يعني: يَدُورُ علينا في بُيوتِنا.
- من غيرِ مَسِيسٍ: المرادُ بالمسيسِ هنا: هو الجِماعُ.
923- ولمسلمٍ عَن عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنهَا قالَتْ: كَانَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إذا صَلَّى العَصْرَ، دَارَ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ يَدْنُو مِنْهُنَّ... الحديثَ.
ــــــــــــــــــــــــــــــ
* مُفْرداتُ الحديثِ:
- دَارَ: أي طَافَ عليهنَّ في بُيوتِهِنَّ.
- يَدْنُو: دُنُوَّ تَأْنِيسٍ ومُدَاعَبَةٍ ومُلاعَبَةٍ بدُونِ جِمَاعٍ.
* مَا يُؤْخَذُ من الحَديثيْنِ:
1- فيه بيانُ عَدْلِه صَلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ في القَسْمِ بينَ زوجاتِه، معَ أنَّ اللهَ لَمْ يُوجِبْ عليهِ القَسْمَ بينَهُنَّ، وأنَّ له أَنْ يُرْجِيَ مَن يَشاءُ مِنْهُنَّ، ويُؤْوِيَ إليهِ مَن يَشاءُ، وأنَّ أعْيُنَهُنَّ قَارَّةٌ وراضيةٌ بذلك؛ لأنه أَمْرُ اللهِ تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُبِيناً} [الأحزاب:36].
2- وكانَ يَطُوفُ كلَّ يَوْمٍ على نِسائِهِ كُلِّهِنَّ، فيُلاطِفُهُنَّ، ويُدَاعِبُهُنَّ من غيرِ جِمَاعٍ، وإنَّما ذلك لطَمْأَنَةِ أَنْفُسِهِنَّ، وحُسْنِ عِشْرَتِه مَعَهُنَّ، لا سِيَّمَا وأنَّه لو لَمْ يَأْتِهِنَّ كُلَّ يَوْمٍ، لطَالَتْ عَلَيْهِنَّ غَيْبَتُهُ؛ لتَعَدُّدِهِنَّ.
3- كانَ يَخُصُّ التي هو في يَوْمِها بالمَبيتِ عندَها، وفي رِوايةِ مُسلمٍ: أنَّ دَوَرَانَه عَليهِنَّ يَكُونُ بعدَ صلاةِ العَصْرِ.
4- في هذا دَلِيلٌ على جَوازِ دُخولِ الرجُلِ على المرأةِ التي ليسَ لَهَا ذلك اليومُ, ولا تلك الليلةُ لها، خِلافاً للمَشهورِ من مَذْهَبِ الحنابلةِ.
قالَ الشيخُ عَبْدُ الرحمنِ السِّعْدِيُّ: أمَّا تَحْرِيمُ الدُّخُولِ على غيرِ ذاتِ الليلةِ مِن الزوجةِ إلاَّ لضَرُورةٍ، أو حَاجَةٍ في النهارِ، فالصوابُ في هذا: الرجوعُ إلى العادَةِ والعُرْفِ، فإنَّ الرُّجوعَ إلى العَادَةِ أصْلٌ كَبِيرٌ في كَثِيرٍ مِنَ الأُمورِ، وخُصُوصاً الأُمُورَ التي لا دَلِيلَ عليها، وهذهِ مِن هذا البابِ.
5- فيهِ بَيانُ وُجوبِ العَدْلِ في القَسْمِ بينَ الزوجاتِ، وأَنَّ المَيْلَ إلى بعضِهِنَّ ظُلْمٌ، والظلمُ مُحرَّمٌ، ففي الحديثِ القُدْسِيِّ: ((يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّماً)).