تلخيص تفسير سورة الفجر من آية " 21 – 30 "
قوله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (21) وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (22) وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) فَيَوْمَئِذٍ لَا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ (25) وَلَا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ (26) يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)}
· المعاني اللغوية للآيات :
كلا :- حقا ك- ليس س- ماهكذا ش
دكت : - وطئت ومهّدت وسوّيت الأرض والجبال ك س- الكَسْرُ وَالدَّقُّ؛زُلْزِلَتْ وَحُرِّكَتْ تَحْرِيكاً بَعْدَ تَحْرِيكٍ،أَوْ دُكَّتْ جِبَالُهَا حَتَّى اسْتَوَتْ،ش
· أقوال المفسرون في من نزلت الآيات :
- في من نزلت الآية:
قالَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ القُرَشِيُّ (ت: 774 هـ) : (ثمّ اختلف المفسّرون فيمن نزلت هذه الآية، فروى الضّحّاك، عن ابن عبّاسٍ: نزلت في عثمان بن عفّان.
وعن بريدة بن الحصيب: نزلت في حمزة بن عبد المطّلب رضي الله عنه.
· التفسير الاجمالي للايات :
يخبر الله تعالى عمّا يقع يوم القيامة من الأهوال العظيمة، فيقول {كَلاَّ} ليسَ ما أحببتمْ منَ الأموالِ، وتنافستمْ فيهِ منَ اللذاتِ، بباقٍ لكمْ،بلْ أمامكمْ يومٌ عظيمٌ، وهولٌ جسيمٌ، تُدكُّ فيهِ الأرضُ والجبالُ وما عليهَا حتى تُجعلَ قاعاً صفصفاً لا عوجَ فيهِ ولا أمت ، ويجيء سبحانه كما يشاء لفصل القضاء بين خلقه في ظللِ منَ الغمامِ،، وذلك بعدما يستشفعون إليه بسيّد ولد آدم على الإطلاق: محمّدٍ صلوات الله وسلامه عليه، بعدما يسألون أولي العزم من الرسل واحداً بعد واحدٍ، فكلّهم يقول: لست بصاحب ذاكم. حتى تنتهي النّوبة إلى محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم فيقول: ((أنا لها، أنا لها)). فيذهب فيشفع عند الله تعالى في أن يأتي لفصل القضاء، فيشفّعه الله تعالى في ذلك. وهي أوّل الشفاعات، وهي المقام المحمود، وتجيءُ الملائكةُ الكرامُ، أهلُ السماواتِ كلهمْ، صفّاً بعدَ صفٍّ، كلُّ سماءٍ يجيءُ ملائكتهَا صفّاً، يحيطونَ بمنْ دونهمْ منَ الخلقِ، وهذهِ الصفوفُ صفوفُ خضوعٍ وذلٍّ للملكِ الجبارِ ثم }يؤتى بجهنّم يومئذٍ لها سبعون ألف زمامٍ، مع كلّ زمامٍ سبعون ألف ملكٍ يجرّونها{ كما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا وقعتْ هذهِ الأمورُ {يومئذٍ يتذكّر الإنسان} عمله، وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه، ويَنْدَمُ عَلَى مَا قَدَّمَهُ فِي الدُّنْيَا من الْكُفْرِ{وأنّى له الذّكرى} وكيف تنفعه الذكرى وقد فقدْ فاتَ أوانُهَا، وذهبَ زمانُهَا وَإِنَّمَا كَانَتْ تَنْفَعُهُ الذِّكْرَى لَوْ تَذَكَّرَ الْحَقَّ قَبْلَ حُضُورِ الْمَوْتِ، فيندم على ما كان سلف منه من المعاصي وما فرَّطَ في جنبِ اللهِ: - إن كان عاصياً - ويودّ لو كان ازداد من الطاعات إن كان طائعاً؛ كما قال الإمام أحمد بن حنبلٍ:عن محمد بن أبي عميرة، وكان من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قال: لو أنّ عبداً خرّ على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت في طاعة الله لحقره يوم القيامة، ولودّ أنه ردّ إلى الدنيا؛ كيما يزداد من الأجر والثواب.فيقول العبد: {يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} الدائمةِ الباقيةِ، عملاً صالحاً، ولكن عذاب الله حاضر لمنْ أهملَ ذلكَ اليومَ ونسيَ العملَ لهُ و ليس أحدٌ أشدّ عذاباً من تعذيب الله من عصاه فلا يُعَذِّبُ كَعَذَابِ اللَّهِ أَحَدٌوليس أحدٌ أشدّ قبضاً ووثقاً من الزبانية لمن كفر بربّهم عزّ وجلّ فإنَّهمْ يقرنونَ بسلاسلٍ منْ نارٍ، ويسحبونَ على وجوههمْ في الحميمِ، ثمَّ في النارِ يسجرونَ، فهذا جزاءُ المجرمينَ من الخلائق والظالمين، أمّا النفس الزّكيّة المطمئنّة، الساكنة الثابتة، الدائرة مع الحقّ، التي اطمأنت إلى اللهِ وآمنَت بهِ وصدقَت رسلهُ المُوقِنَةُ بالإيمانِ وَتَوْحِيدِ اللَّهِ، التي لا يُخَالِطُهَا شَكٌّ وَلا يَعْتَرِيهَا رَيْبٌ، قَدْ رَضِيَتْ بِقَضَاءِ اللَّهِ، وَعَلِمَتْ أَنَّ مَا أَخْطَأَهَا لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَهَا، وَأَنَّ مَا أَصَابَهَا لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَهَا، فَتَجِيءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مُطْمَئِنَّةً؛لأَنَّهَا قَدْ بُشِّرَتْ بالجَنَّةِ عِنْدَ الْمَوْتِ وَعِنْدَ الْبَعْثِ فيقال لها ارْجِعِي إِلَىإلى جوار الله وثوابه، وما أعدّ لعباده في جنّته، راضيةً عنِ اللهِ، وعنْ مَا أكرمَهَا بهِ منَ الثوابِ، واللهُ قدْ رضيَ عنهَا ، فادخلي في في جملة عبادي، فَتِلْكَ هِيَ الكرامةُ، لا كَرَامَةَ سِوَاهَا، وهذا تخاطبُ بهِ الروحُ وتبشر المؤمن يومَ القيامةِ عند قيامه من قبره ، وتخاطبُ بهِ في حالِ الموتِ الاحتضار
· الأقوال الواردة في قوله : " يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29)"
- ارجعي إلى ربّك أي:
1/ أ- إلى جواره وثوابه،.ك
1/ ب - الذي ربّاكِ بنعمتهِ، وأسدى عليكِ منْ إحسانهِ ما صرتِ بهِ منْ أوليائهِ وأحبابهِ س
2/- يعني: صاحبك، ك
-فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) أَيْ:
1- فِي زُمْرَةِ عِبَادِي الصَّالِحِينَ، وَكُونِي مِنْ جُمْلَتِهِمْ. ك ش
2- وهو بدنها الذي كانت تعمره في الدنيا . ك
وروي عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: (فادخلي في عبدي وادخلي جنّتي) وكذا قال عكرمة والكلبيّ، واختاره ابن جريرٍ. وهو غريبٌ، والظاهر الأول؛ لقوله: {ثمّ ردّوا إلى الله مولاهم الحقّ}، {وأنّ مردّنا إلى الله} أي: إلى حكمه والوقوف بين يديه
· لطائف مستخلصة من الآيات الكريمة :
- استخدام لفظ حياتي في قوله تعالى يَقُولُ }يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي{ (24) : لأن الحياةَ التي ينبغي السعيُ في أصلهَا وكمالهَا، وفي تتميمِ لذّاتهَا، هيَ الحياةُ في دارِ القرارِ، فإنَّهَا دارُ الخلدِ والبقاءِ س
اللّهمّ إنّي أسألك نفساً بك مطمئنّةٌ، تؤمن بلقائك، وترضى بقضائك، وتقنع بعطائك.
هذا والله أعلم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...