موهم التعارض في القرآن
معنى التعارض:
التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشيء والأخرى نافية فيه.
هل يقع التعارض في القرآن ؟
لا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين وذلك لانه:
1- إما ان تكون الآيتين مدلولهما خبري، فيلزم من ذلك كون إحداهما كذبا، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى، قال الله تعالى:{ومن أصدق من اللّه حديثاً} [النساء: الآية 87] {ومن أصدق من اللّه قيلاً }[النساء: الآية 122]
2-ان تكون الآيتين مدلولهما حكمي؛ فتكون الأخيرة منهما ناسخة للأولى قال الله تعالى: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها نأت بخيرٍ منها أو مثلها} [البقرة: الآية 106] وإذا ثبت النسخ كان حكم الأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة.
ما العمل اذا رأيت ما يوهم التعارض؟
1-محاولة الجمع بينهما،
2-فإن لم يتبين الجمع وجب التوقف، وإيكال الأمر إلى عالمه.
هل هناك أمثلة على ما يوهم التعارض ؟
لقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض، بينوا الجمع في ذلك.
فمن أمثلة ذلك
1-قوله تعالى في القرآن: {هدىً للمتّقين} [البقرة: الآية 2] وقوله فيه: {شهر رمضان الّذي أنزل فيه القرآن هدىً للنّاس} [البقرة: الآية 185] فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين، وفي الثانية عامة للناس، والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع، والهداية في الثانية هداية التبيان والإرشاد.
2- ومن أمثلة ذلك قوله تعالى:{شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو والملائكة وأولو العلم} [آل عمران: الآية 18] وقوله: {وما من إلهٍ إلّا اللّه} [آل عمران: الآية 62] وقوله:{فلا تدع مع اللّه إلهاً آخر فتكون من المعذّبين} [الشعراء: 213] وقوله: {فما أغنت عنهم آلهتهم الّتي يدعون من دون اللّه من شيءٍ لمّا جاء أمر ربّك وما زادوهم غير تتبيبٍ} [هود: الآية 101] ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره.
والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة؛ لقوله تعالى:{ذلك بأنّ اللّه هو الحقّ وأنّ ما يدعون من دونه هو الباطل وأنّ اللّه هو العليّ الكبير} [الحج: 62].
3- ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {قل إنّ اللّه لا يأمر بالفحشاء} [لأعراف: الآية 28] وقوله: {وإذا أردنا أن نهلك قريةً أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحقّ عليها القول فدمّرناها تدميراً} [الإسراء: 16] ففي الآية الأولى نفي أن يأمر الله تعالى بالفحشاء، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق.
والجمع بينهما أن الأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي، والله تعالى لا يأمر شرعا بالفحشاء لقوله تعالى: {إنّ اللّه يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلّكم تذكّرون} [النحل: 90] والأمر في الآية الثانية هو الأمر الكوني، والله تعالى يأمر كونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته لقوله تعالى:{إنّما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون} [يّس: 82).
، ومن أجمع الكتب في هذا الموضوع كتاب ( دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب ) للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى
سبحان اللهم وبحمدك اشهد انه لا إله إلا أنت استغفرك واتوب اليك