المثال الثاني: إعراب "ليبطّئنّ" في قول الله تعالى: {وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72)}
الفعل {ليبَطّئنّ} يحتمل اللزوم والتعدّي.
- فالقول بالتعدي معناه أنّ منكم من يبطّئ غيره ويخذّلهم عن الجهاد بحاله ومقاله وربما بكيده واحتياله، ويكون المفعول محذوفاً للعلم به.
- والقول باللزوم يكون التشديد فيه لتوكيد الإبطاء، تقول أبطأ، وبطّأ ؛ فيكون في الثاني من الإشعار بالتثاقل والتأخر ما هو أشدّ مما يشعر به اللفظ المخفف، وهذا كما في : يُمسك ويمسّك، ويُكرم ويكرّم.
والقول باللزوم موافق للقراءة المروية عن مجاهد والزعفراني بإسكان الباء وتخفيف الطاء [ليبْطِئَنَّ].
وهو موافق لقول قتادة في تفسير هذه الآية إذ قال: ({ليبطئنّ} عن الجهاد والغزو في سبيل الله). رواه ابن جرير.
والقول بالتعدي موافق لقول ابن جريج إذ قال في تفسيرها: (المنافق يبطّئ المسلمين عن الجهاد في سبيل اللّه). رواه ابن جرير.
والقولان صحيحان، قد ذكرهما جماعة من المفسرين.
والمقصود أن هذه المفردة قد دلّت بإعرابيها الصحيحين على معنيين مختلفين يصحّ اجتماعهما، وهذا يدلّ على أنه قد يكون في معسكر المسلمين من أصحاب الصنفين المذمومين:
- فمنهم المتهاون المبطّئ في نفسه لضعف إيمانه أو لجبنه وخوره.
- ومنهم المنافق الذي يسعى لتثبيط المسلمين عن الجهاد.