مجلس مذاكرة القسم الأول من دروس البلاغة
المجموعة الأولى:
س1. تحدث بإيجاز عن مراحل نشأة علوم البلاغة.
=كان ابتداء هذا العلم في رحاب كتاب الله تعالى فمن تتبع نشأته وجد أنه بدأ بملحوظات العلماء على بعض المسائل المتعلقة بفهم كتاب الله سبحانه وتعالى، وكانت هذه الملحوظات متناثرة في مجالسهم وكتبهم .
ومن ذلك الأقوال المتناثرة في كلام الرواة وكلام العلماء تتمثل في :
-الرسالة العذراء لابن المدبر ،
-أو صحيفة بشر بن المعتمر
-أو كتاب الكامل للمبرد
وهذه المرحلة هي مقدمات للمراحل التي ستأتي في نشأة على البلاغة
=ففي المرحلة الأولى منه يأتي كتاب أبي عبيدة حيث تتبع فيه بعض طرق القرآن في التعبير، وهي تعتبر بمثابة بداية التأليف في هذا الفن ولكنه تأليف عام ليس منضبطاً بمعنى واحد وإنما هو كلام عام.
= ثم في المرحلة الثانية يأتي كتاب (أدب الكاتب) لابن قتيبة وقد أشار فيه إلى مسألتين مهمتين هي: تقويم اليد ويقصد بها الكتابة، وتقويم اللسان؛ ويقصد به ما يقع من أخطاء في الكلام.
= ثم في المرحلة الثالثة يأتي كتاب الجاحظ (البيان والتبيين) فهو بمثابة بدأ التأليف المتخصص في على البلاغة لاهتمامه بقضايا كثيرة تخص علم البلاغة سوءا عند الأمم السابقة أو حكايات الأعراب أو ما يكون في مجالس العلم،
-ثم جاء كتاب (البديع) لابن المعتز ألفه سنة 274 وهو متوفي سنة 296
-ثم بعد ذلك (مشكل تأويل القرآن) لابن قتيبة وقد اعتمد على قضية ما يشكل على القارئ من بعض أساليب القرآن وطريقة القياس على أساليب العرب وقد تضمن موضوعات بلاغية كثيرة جداً في هذا الكتاب.
-ثم قواعد الشعر لثعلب وإن كان بلاغياً ولكنه نحى نحو الشعر ورصد ما يخص الشعر من جوانب متعددة .
-ثم كتاب الصناعتين صناعة الشعر وصناعة لأبي هلال العسكري .
=ثم أتت المرحلة الرابعة وفيها نضج التأليف البلاغي ويجعلها البلاغيون منحصرة عند عبد القاهر الجرجاني المتوفي سنة 470 في كتابيه ( دلائل الإعجاز) و (وأسرار البلاغة) .
=ثم تأتي بعد ذلك المرحلة الخامسة وهي مرحلة التبويب ، فجاء الفخر الرازي في كتابه (نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز) فقد قام باختصار أو بتلخيص كتابي عبد القاهر (الأسرار) و(الدلائل) ووضعها في كتابه هذا، فإن الجرجاني قد أوصل البلاغة إلى مرحلة النضج في أفكارها في أغراضها وتحليل أساليبها ولكن نقص الترتيب والتبويب والتنظيم وهذا ما ظهرت العناية به في هذه المرحلة
-ثم جاء بعد ذلك أبو يعقوب السكاكي وألف كتاب (مفتاح العلوم) لعلوم العربية كلها لكن الجانب البلاغي كان هو الأبرز، وقد اتكأ على كتاب (نهاية الإيجاز) واستفاد منه وصنف وبوب –ثم قام الخطيب القزويني المتوفي سنة 739 بتلخيص كتاب المفتاح في كتاب سماه تلخيص المفتاح وهذا الكتاب هو الذي صار مركز التأليف البلاغي عند المتأخرين حيث يرجعون إليه كثيراً لكن التلخيص لأنه حرص على الإيجاز فيه فقد كانت عبارته غامضة مكثفة احتاج إلى إيضاح قام المؤلف نفسه وهو الخطيب القزويني بإيضاحه بإيضاح التلخيص فألف الإيضاح وهو أوسع من التلخيص فصار كتاباً في البلاغة والمرجع في المؤلفات.
س2. عرف الفصاحة لغة واصطلاحاً.
=الفصاحة لغة: هي البيان والتبيين.
يقال أفصح الصبي منطقه، إذا بان وظهر كلامه.
ويقال للرجل فصيحاً إن كان على درجة من البيان لكلامه كما في قوله تعالى: " وأخي هارون هو أفصح مني لساناً فأرسله معي ردءاً يصدقني إني أخاف أن يكذبون"
ويقال أفصح اللبن إذا ذهبت رغوته فصار صافيا ظاهراً.
=وأما الفصاحة في الاصطلاح: فتقع وصفاً للكلمة والكلام والمتكلم ولكل حال منها معنى
فيقال كلمة فصيحة وكلام فصيح ومتكلم فصيح
فالكلمة الفصيحة هي المستعملة وهذا اصطلاح خاص ومنه سمى ثعلب كتابه الفصيح، ويطلق أيضا على الكلمة السالمة من تنافر الحروف ومخالفة القياس والغرابة فصيحة
والكلام الفصيح هو المتكون من ألفاظ أو كلمات فصحية.
والمتكلم الفصيح هو: المبين في كلامه.
س3. استخرج الكلمة غير الفصيحة في البيت التالي مع بيان الوصف الذي أخرجها عن الفصاحة:
فـإن يــك بـعـض النـاس سيـفاً لـدولـة*******ففـي الناس بـوقـات لـها وطبـول
الكلمة غير الفصيحة هي "بوقات"
سبب خروجها عن الفصاحة هي مخالفتها للقياس، فهي غير جارية على القانون الصرفي إذ القياس في جمع بوق: أبواق
س4. أجب بصح أو خطأ مع التعليل:
ـ لا يمكن أن يجتمع في الكلمة الواحدة أكثر من وصف من الأوصاف المخلة بالفصاحة.
خطأ ، لأنه قد يجتمع في الكلمة أكثر من وصف يخل بفصاحتها مثل "الهعخع" فهي متنافرة في حروفها ففيها ثقل في نطقها، وهي في الوقت نفسه غريبة لأنه لا يعرف معناها
ـ كل كلمة مخالفة للقياس الصرفي يحكم بعدم فصاحتها.
خطأ، ليس كل مخالفة للقياس الصرفي تجعل الكلمة غير فصيحة فهناك كلمات تخالف القياس الصرفي ولكنها فصيحة ويقولون في هذا النوع من الألفاظ: هو شاذ قياساً فصيح
استعمالاً
لذا ذهب الدكتور محمد بن علي الصامل إلى أن الأسلم أن يقال مخالفة ما ورد عن واضع اللغة،
أو ما ورد في اللغة المروية عن العرب، لأننا في هذه الحالة سنخرج من قضية القياس، ونعمم
حتى تكون السماعية داخلة في الموضوع، ومالا ينضبط بقاعدة القياس
ـ يمكن أن يكون الكلام بليغا لكنه ليس بفصيح.
خطأ، لأن البلاغة تشمل الفصاحة فحتى يكون الكلام بليغاً لابد أن يكون فصيحاً، فمتى حكم على كلام بالبلاغة فهو قطعاً حقق الفصاحة
ـ الفصاحة أعم من البلاغة.
خطأ، فالفصاحة متعلقة بالكلمة والكلام والمتكلم، وقد يوجد كلام فصيح لكنه ليس بليغ لأنه البلاغة تختص بالفصيح المطابق لمقتضى الحال، فإن لم يكن مطابقا لمقتضى الحال كان فصحيا وليس بليغاً فالبلاغة أعم من الفصاحة.
س5. ما معنى تنافر الكلام؟
هو أن يحصل ثقل وتعسر في نطق الكلام أي يكون التنافر واقعاً بين الكلمات المكونة لجملة ما
فمتى وجد ذلك كان هناك تنافراً في الكلمات
مثل: في رفع عرش الشرع مثلك يشرع، وليس قرب قبر حرب قبر
س6. بين معنى كل من الحال والمقتضى في تعريف البلاغة ومثل لهما.
=الحال هي:
المقام الذي يتطلب شيئاً معيناً مقام،
من أمثلته:
مقام الحزن أو مقام الفرح أو الأمر بمعروف أو النهي عن منكر أو غير ذلك.
=المقتضي هو:
العملية التي يتطلبها الكلام ليكون موافقاً لتلك الحال
فمثلاً لو وجد حريق –وهذا يمثل الحال- فهنا إن تكلم شخص بأن دعى الناس لإخماده وهذه العملية التي قام بها حتى يكون كلامه مطابقا للحال تسمى المقتضى،
وأما لو أخذ يتكلم عن شر النار وخطرها وفي المقابل بيان منافعها وفوائدها كان هذا غير مطابقا للحال وخرج الكلام بسبب ذلك عن بلاغته وإن كانت عباراته فصيحة.
س7. ما هي وسيلة معرفة "التنافر"؟
وسيلة معرفة التنافر في الكلمة هي أن يثقل نطقها على اللسان مثل الظش والهعخع والنقاخ
فمتى وجد الثقل في نطقها كانت فيها تنافر وتختلف درجاتها ما بين الثقيل وهناك الخفيف وما بينهما،
وذكر بعض العلماء أن يعرف بتقارب مخارج الحروف مما يسبب ثقلها على اللسان،
وأيضا يرجع في ذلك إلى الجانب الذوقي فما صعب نطقه وعسر على اللسان الانطلاق به ففيه تنافر ثم هو على درجات على حسب ما في اللفظ من تنافر.
=وقد يقع التنافر الكلام لا في الكلمة الواحدة
وهو يعرف أيضا بوجود الثقل والتعسر في النطق بالكلام، فمتى وجد ذلك كان هناك تنافراً في الكلمات
مثل: في رفع عرش الشرع مثلك يشرع، وليس قرب قبر حرب قبر
س8. ما هي وسيلة معرفة مخالفة القياس؟
هو أن تقع الكلمة على خلاف الميزان الصرفي فتقع الكلمة على غير الأوزان القياسية التي وضعها العلماء من تتبعهم لمفردات اللغة عند العرب في كلامهم الذي اعتادوه
مثل جمع بوق على بوقات في قول المتنبي:
فـإن يــك بـعـض النـاس سيـفاً لـدولـة ........ففـي الناس بـوقـات لـها وطبـول
إذ القياس في جمعه للقلة أبواق
وهناك بعض المفردات ليست لها أوزان قياسية ومع هذا فهي فصحية ولذلك يقولون هو شاذ قياساً فصيح استعمالاً. وهذه المفردات يكون القياس فيها سماعي
لذا ذهب الدكتور محمد بن علي الصامل إلى أن الأسلم أن يقال مخالفة ما ورد عن واضع اللغة،
أو ما ورد في اللغة المروية عن العرب، لأننا في هذه الحالة سنخرج من قضية القياس، ونعمم
حتى تكون السماعية داخلة في الموضوع، ومالا ينضبط بقاعدة القياس، مثل ألفاظ وردت في القرآن وهي مخالفة للقياس الصرفي، مع القطع بأنها فصيحة في أعلى درجات الفصاحة.
س9. ما هي أقسام الخبر باعتبار حال المخاطب.
=إذا كان المخاطب خالي الذهن عن الحكم فإنه يخاطب بالخبر مجردا فيقتصر على ما يحصل به الخبر دون زيادة لئلا يكون لغوا من الكلام فيقال مثلاً : أخوك قادم.
=وأما إذا كان متردداً في الخبر فيحسن بالمتكلم أن يؤكده له بأن يقول: إن أخاك قادم.
=وأما إن كان منكراً للخبر لا يصدقه فيجب توكيده بمؤكد أو اثنين أو أكثر على حسب درجة إنكاره نحو: إن أخاك قادم أو والله إنه قادم.
س10. ما المراد بكل من فائدة الخبر ولازم الفائدة؟
فائدة الخبر هي:
الحكم الذي يحصل لمن لا يعرف الخبر فيلقى إليه فيعرفه فيكون قد استفاد منه ما تضمنه مثل قولنا "حضر الأمير" فهنا أقد أفدانه معرفة لم تكن عنده وهي حصول مجيء الأمير.
وأما لازم الفائدة فهي:
ما يحصل لمن يعرف الخبر ثم يلقى إليه، كما تقول لفلان "أنت حضرت بالأمس وسمعت ما قال المحاضر الفلاني" فهنا أنت لم تضيف إليه معرفة شيء لم يكن يعرفه فهو بالفعل كان حاضراً، وما أريد إلا إفادته بأنك تعرف هذه المعلومة.
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد
واعتذر عن التأخير لظروف العمل الخارجة عن الإرادة