مجلس مذاكرة القسم الثاني عشر من سورة البقرة
المجموعة الثانية:
1. فسّر قول الله تعالى:
(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ )173
من رحمة الله تعالى بعباده أن جعل الحلال واسع كثير غير محصور وجعل الحرام محصور في أشياء معدودة، فيذكر الله سبحانه وتعالى في هذه الآيات ما حرم على الناس من المطعومات فيقول: (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ) وإنما تفيد الحصر،
(المَيْتَةَ) وهي ما مات دون ذكاة مما له نفس سائلة، ويستثنى منه الحوت والجراد بحديث رسول الله صل الله عليه وسلم: (أُحلِّت لنا ميتتان ودمانِ؛ فأما الميتتان، فالجراد والحوت، وأما الدَّمَان، فالكَبِد والطِّحال).
(وَالدَّمَ) المراد المسفوح، لأن ماخالط اللحم غير محرم بالإجماع.
(وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ) وخصص اللحم ليدل على تحريم عينه سواء ذكي أو لم يذكى وليعم الشحم والغضاريف وغيرها.
(وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ) وهو ما ذبح على غير اسمه تعالى من الأنصاب والأنداد والأزلام.
(فَمَنِ اضْطُرَّ ) بالجوع أو الإكراه.
(غَيْرَ بَاغٍ) غير قاصد للفساد.
( وَلَا عَادٍ) وغير متعد لحد إمساك رمقه وبقاء قوته.
(فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) فلا ذنب عليه في ذلك إن الله غفور لعباده رحيم بهم.
2. حرّر القول في كل من:
أ. معنى قوله تعالى: (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً).
ورد في معناها قولان:
الأول: أن الله تعالى ضرب مثلا للذين كفروا وشبههم بالغنم المنعوق بها بما لا يسمع منه إلا الصوت، أي مثلك يا محمد ومثلهم كمثل الناعق والمنعوق به بما لا يفقه.
ذكر هذا القول الزجاج وابن عطية وابن كثير
الثاني: أن الله تعالى ضرب مثلا في اتباع الذين كفروا لآلهتم وعبادتهم إياها كمثل الذي ينعق بما لا يسمع منه إلا دويا غير مفيد بسبب البعد عنه.
ذكر هذا القول ابن عطية وابن كثير
ب. المراد بالأسباب في قوله تعالى: (ورأوا العذاب وتقطّعت بهم الأسباب).
ورد فيها عدة أقوال:
1- وصلهم ومودتهم الذي كان جمعهم، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
2- الأرحام ، روي عن ابن عباس وذكره ابن عطية.
3- العهود، روي عن مجاهد وذكره ابن عطية.
4- الأعمال، روي عن ابن زيد والسدي وذكره ابن عطية وقال لأن أعمال المؤمنين كالسبب في تنعيمهم فتقطعت بالظالمين أعمالهم.
5- الحيل وأسباب الخلاص، ذكره ابن كثير.
3. بيّن ما يلي:
أ. الفرق بين الرياح والريح في القرآن، ووجه التفريق بينهما.
جاءت الريح في القرآن مجموعة مع الرحمة، مفردة مع العذاب، عدا موضع سورة يونس، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا هبت الريح : (اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا)، ووجه التفريق بينهما أن ريح العذاب شديدة ملتئمة فكأنها جسم واحد، ورياح الرحمة لينة متقطعة فكأنها أجزاء متتابعة، وأفردت في سورة يونس مع الفلك لأن ريح إجراء السفن إنما هي واحدة متصلة.
ب. المراد بخطوات الشيطان.
خطوت : جمع خطوة وهي ما بين القدمين في المشي.
وفي المراد بخطوات الشيطان عدة أقوال:
1- سبله وطرائقه، ذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
2- خطاياه ، وهو موافق لرواية ( خطؤات) قاله مجاهد وذكره ابن عطية وابن كثير.
3- النذور والمعاصي واليمين في الغضب ، قاله أبو مجلز وذكره ابن عطية وابن كثير.
4- أعماله، قاله بن عباس وذكره ابن عطية.
5- ما أضل به أتباعه من تحريم البحائر والسوائب والوصائل ونحوها، قاله الحسن وذكره ابن عطية.
6- كل معصية، قاله قتادة والسدي وذكره ابن كثير.
7- نزغات الشيطان قاله عكرمة وذكره ابن كثير.
وكلها أقوال متقاربة بعضها من باب ضرب المثال، فخطوات الشيطان هي كل أفعال الشيطان ووسوسته ليوقع بني آدم في المعصية.