اذكر ما استفدته من فقه الدعوة من خلال دراستك لتفسير سورة نوح، مع الاستدلال لما تقول.
هناك اساليب كثيرة يستفيدها الداعية من خلال سورة نوح:
1- أن أول مايدعوا له الداعية هو توحيد الله وافراده بالعبادة,وان يستحضر أنه يدعوا الى الله وليس لنفسه, قال تعالى ((قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ (2) أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ وَأَطِيعُونِ )), .
2- على الداعية أن يستخدم التنويع في دعوته , فمرة الترهيب ومرة الترغيب , ومرة الإعلان ومرة الإسرار , قال تعالى (ثمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهَارًا (8) ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا ).
3- أن الدعوة في كل زمان , وعلى الداعية أن يعمل في دعوته ليلا ونهارا , ولايرتبط بوقت محدد , قال تعالى ((قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا)).
4- أن أولى الناس بدعاء الداعية والديه والأقربين منه ثم للمومنين نصيب من دعائه قال تعالى ((رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ((
1. فسّر قوله تعالى:
أ: {قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24)} نوح.
تفسير قوله تعالى: (قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (21) )
يخبر الله عز وجل عن نوح عليه السلام شاكيا الى ربه مما يلقاه من قومه _ والله يعلم ذلك – من تكذيبهم وعنادهم وعصيانهم له ومخالفتهم إياه واتباعهم لكبرائهم ورؤسائهم من أهل الدنيا (أهل المال والجاه) الذين لم تزدهم دنياهم إلا بعدا عن الله وخسارة وهلاكا وعقوبة في الآخرة ,
تفسير قوله تعالى: (وَمَكَرُوا مَكْرًا كُبَّارًا (22) )
قال مجاهد كبارا : عظيما , وقال ابن زيد: كبيرا , والعرب تقول أمرا عجيب وعجاب وعجّاب, بالتخفيف والتشديد معنى واحد
والمعنى : انهم اتبعوا كبرائهم بأن سولوا لهم أنهم على الحق , فما كان منهم إلا أنهم عاندوا وكذبوا الحق الذي جاء به نوح ,وذكر الأشقر "تحريشهم سفلتهم على قتل نوح"
تفسير قوله تعالى: (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آَلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا (23) )
هذه اسماء آلهتهم وأصنامهم التي كانوا يعبدونها من دون الله , ذكر البخاري عن ابن عباس "وهي أسماء رجالٍ صالحين من قوم نوحٍ، عليه السّلام، فلمّا هلكوا أوحى الشّيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم الّتي كانوا يجلسون فيها أنصابًا وسمّوها بأسمائهم. ففعلوا، فلم تعبد حتّى إذا هلك أولئك وتنسّخ العلم عبدت"
وكذا روي عن عكرمة، والضّحّاك، وقتادة، وابن إسحاق، نحو هذا, وعن ابن عباس ايضا : هذه اصناما كانت تعبد في زمن نوح.
والمعنى أن كبرائهم قالوا للاتباع داعينهم للشرك ومزينينه لهم لاتتركوا عبادة آلهتكم وهي الأصنام والصور التي كانت لهم ثم عبدتها العرب من بعدهم , ففي حديث ابن عباس "أ مّا ود: فكانت لكلب بدومة الجندل؛ وأما سواعٌ: فكانت لهذيلٍ، وأمّا يغوث فكانت لمراد، ثمّ لبني غطيف بالجرف عند سبأٍ، أمّا يعوق: فكانت لهمدان، وأمّا نسرٌ: فكانت لحمير لآل ذي كلاع"
تفسير قوله تعالى: (وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلَالًا (24) )
أي أضلوا بهذه ألصنام خلقاً كثيراً , فقد استمرت عبادتها في القرون الى زماننا هذا في العرب والعجم وسائر اصناف الناس فقد قال الخليل عليه السلام ((واجنبني وبنيّ أن نعبد الأصنام ربّ إنّهنّ أضللن كثيرًا من النّاس)) , وقال السعدي المقصود أضلّ كبراؤهم ورؤساؤهم كثيرا من الناس, وذكر الأشقر القولين.
((وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ ضَلاَلاً))؛لأنهم لايزيدون بدعوة رؤساؤهم إلا ضلالا وبعدا , فلم يبق محلا لصلاحهم , فلا تزدهم يالله الا خسرانا .
2. حرّر القول في كل من:
أ: المراد بالسائل في قوله تعالى: {سأل سائل بعذاب واقع}.
هناك اقوال :
1- أن المراد بالسائل هو النّضر بن الحارث بن كلدة رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس, وقال العوفي عن ابن عباس {سأل سائلٌ بعذابٍ واقعٍ}
قال: ذلك سؤال الكفّار عن عذاب اللّه وهو واقعٌ.
2- السائل مبهم وأنه دعا داع بعذاب واقع يقع في الآخرة, وهو قولهم: {اللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارةً من السّماء أو ائتنا بعذابٍ أليمٍ} رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد.
3- وادٍ في جهنم يسيل بالعذاب يوم القيامة , وهو قول ضعيف روي عن ابن زيد وغيره.
ب: المراد بالطاغية في قوله تعالى: {فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية}.
فيها اقوال:
1- الصيحة التي أسكتتهم والزلزلة التي اسكنتهم, قاله قتادة وهو اختيار ابن جرير. والسعدي والأشقر
2- الذنوب ,وهو قول مجاهد وقاله أيضا الربيّع ابن انس.
3- الطغيان , قاله ابن زيد وقراء {كذّبت ثمود بطغواها}
4- عاقر الناقة وقاتلها , قاله السدي.
3. بيّن ما يلي:
أ: المراد بالحاقّة، وسبب تسميتها بذلك.
هو أسم من أسماء يوم القيامة وسميّ بذلك لأنها تحق وتنزل بالخلق وتظهر فيها حقائق الأمور ويحق فيها الوعد والوعيد.
ب: معنى كون القرآن قول الرسول صلى الله عليه وسلم كما قال تعالى: {إنه لقول رسول كريم}.
أي أن المراد لتلاوة الرسول الكريم وهو محمد صلى الله عليه وسلم (ذكره الأشقر) , أو أنه المبلّغه عن الله لأن الرسول من شأنه أن يبلغ عن المرسل أي اضافة على معنى التبليغ .
ج: صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغه عن ربه.
قال تعالى ((وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ (44) لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ (46) فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ)),فذكر الله أنه لو قدّر أن الرسول - حاشا وكلاّ- تقول على الله أو افتراء شيء من عنده لعاجله الله بالعقوبة وأخذه أخذ عزيز مقتدر لأنه حكيم قدير , فحكته تقتضي أن لا يمهل الكاذب عليه ,فإذا كان الله قد أيد رسوله بالمعجزات وبرهن على صدقه بالآيات الباهرات ونصره على أعدائه ومكّنه منهم فهو أكبر شهادة على صدقه وصحة رسالته , وماكان الرسول صلى الله عليه وسلم ليترك الكذب على الناس المخلوقين ويكذب على ربهم الخالق.