إجابة المجموعة الخامسة:
س1: ما هي شروط الاجتهاد المعتبر في التفسير ؟
ج1/ يُشترط للمفسر ثلاثة شروط:
1. التأهل في العلوم التي يحتاج إليها في الباب الذي يجتهد فيه ، ولِكل باب ما يتطلبه.
2. أن يعرف موارد الاجتهاد وما يسوغ الاجتهاد فيه وما لا يسوغ .
3. أن لا يكون اجتهاده مخالفا للأصول التي تُبنى عليها دلالة الاجتهاد ؛ فلا يخالف باجتهاده نصّا ولا إجماعاً، ولا قول السلف، ولا دلالة اللغة.
وكلّ اجتهاد خالف واحداً من هذه الأصول فهو اجتهاد مردود.
س2: اذكر بإيجاز موارد الاجتهاد في التفسير اللغوي.
ج2/ موارد الاجتهاد في التفسير اللغوي منها:
1) الاجتهاد في ثبوت السماع عن العرب من عدمه لأنلإثبات السماع طرق ومراتب منها ما هو محلّ اتّفاق، ومنها ما اختُلف فيه، وللنقل علل وآفات يقع الاجتهاد في اكتشافها وقبولها وردّها.
2) الاجتهاد في صحة القياس اللغوي.
3) الاجتهاد في توجيه القراءات وهو من الموارد التي يكثُر فيها الاجتهاد.
4) الاجتهاد في إعراب القرآن، وله أثره الواضح على المعنى,
5) الاجتهاد في تلمُس العلل البيانية ، والتفاوت في مراتبه كبير.
6) الاجتهاد في تصريف بعض المفردات القرآنية.
7) الاجتهاد في بيان الأنواع البديعية والبيان عنها.
8) الاجتهاد في بيان اشتقاق بعض المفردات القرآنية.
9) الاجتهاد في التخريج اللغوي لأقوال المفسرين.
10) الاجتهاد في الاستدلال لصحّة بعض الأقوال التفسيرية وإعلال بعضها.
11) الاجتهاد في الجمع بين بعض الأقوال المأثورة بجامع لغوي يُعبّر عنه المجتهد عبارة حسنة تدلّ على مآخذ الأقوال المندرجة تحت تلك العبارة.
12 ) الاجتهاد في معرفة التخريج اللغوي لأقوال المفسّرين، وهو باب واسع للاجتهاد.
س3: اذكر بإيجاز أنواع الاشتقاق.
ج3/ أنواع الاشتقاق بإيجاز هي:
- النوع الأول : تسميته : الاشتقاق الصغير، وهو النوع المعروف عند العلماء المتقدّمين، و يسميه بعضهم "الاشتقاق الأصغر" ، وهذا النوع سماه ابن جني وبعض أهل العلم "الاشتقاق الأكبر"، واستقرّت تسميته فيما بعد بالكبير.
وسمّاه شيخ الإسلام ابن تيمية "الاشتقاق الأوسط"
صيغته: الاتفاق في ترتيب حروف الأصل مع اختلاف الصيغتين.
- مثاله:كاشتقاق "المسحَّر" من السَّحر" واشتقاق "مرداس" من الردس.
- النوع الثاني: تسميته :الاشتقاق الكبير،
- صيغته:وهو أن يكون بين الجذرين تناسب في المعنى مع اختلاف ترتيب الحروف، وعرَّفه ابن تيمية بقوله : "وهو: اتفاق اللفظين في الحروف لا في ترتيبها ".
- أمثلته: كما في "فسر" و"سفر"، و"فقر" و"قفر" ،
- كما قال ابن القيم : " التفسير أصله: الظهور والبيان، ويقابله في الاشتقاق الأكبر: الإسفار ومنه أسفر الفجر إذا أضاء ووضح ومنه السفر لبروز المسافر من البيوت وظهوره ومنه السفر الذي يتضمن إظهار ما فيه من العلم وبيانه".
- وقال شيخنا ابن عثمين: " {الفقراء}جمع فقير؛ و «الفقير» هو المعدم؛ لأن أصل هذه الكلمة مأخوذة من "الفقر" الموافق لـ«القفر» في الاشتقاق الأكبر - الذي يتماثل فيه الحروف دون الترتيب؛ و«القفر» الأرض الخالية، كما قال - الشاعر:
وقبرُ حربٍ بمكانٍ قفر وليس قربَ قبرِ حرب قبر وفـ «الفقير» معناه الخالي ذات اليد)ا.هـ.
ومنه التناسب بين: الحَبْرِ والبَحْر، والرَّهَب والهَرَب، الصِّدْق والقَصْد، وغيرها.
- والنوع الثالث: تسميته : الاشتقاق الأكبر، ويسميه بعضهم الكُبار"
- صيغته : وهو اتفاق الجذور في ترتيب أكثر الحروف واختلافها في حرف منها.
- أنواعه :
- وقد يكون الاختلاف في الحرف الأخير ، أمثلته نحو: نفذ، ونفث، ونفر، ونفح، ونفخ، ونفج، ونفش، ونفل، وكلها تدلّ على مطلق خروج وانبعاث.
ومنه يعرف التناسب بين العَمَى والعَمَه وبابها.
- وقد يكون الاختلاف في الحرف الأول، أمثلته نحو: همز، ولمز، وغمز، وجمز، ورمز، وكلها تدلّ حركة وخفة.
- وقد يكون الاختلاف في الحرف الأوسط ، وأمثلته نحو: نعق، ونغق، ونهق، ويجمعها أنها تدلّ على تصويت.
ومنه التناسب بين: ينهون وينأون وبابها.
ويقال في هذا النوع ما قيل في الذي قبله من تعسّر القول باطّراده، وقد حاول ذلك بعض أهل اللغة فوقعوا في تكلّف كثير.
- ومن هذا النوع ما يدخله اختلاف اللغات فيحكى في المفردة لغتان عن العرب في نطقها مع اتحاد المعنى كما اختلفوا: في الصاعقة والصاقعة، وجذب وجبذ، ومشوذ ومشمذ وهي العمامة.
- ومنه ما يُختلف في كونه من اختلاف اللغات؛ كما اختلفوا في "مَدَحَ" و"مَدَهَ" .
- والنوع الرابع تسميته:الاشتقاق الكُبّار
- صيغته: وهو اشتقاق لفظة من لفظتين أو أكثر اختصاراً، وهو ما يعرف بالنحت.
- أمثلته: كاشتقاق البسملة من قول "بسم الله" ، والحوقلة من "لا حول ولا قوة إلا بالله".
س4: بيّن أصناف القائلين في القرآن بغير علم.
ج 4/ أصناف القائلين في القرآن بغير علم:
1. الصنف الأول: الذين لا يؤمنون بالقرآن أصلاً من كفرة أهل الكتاب والمشركين فهؤلاء إنما يقولون فيه ما يقولون ليصدّوا عنه، وليحاولوا مغالبته، وإيجاد شيء من الاختلاف فيه، والقدح في صحته ودلالته على الهدى، وقد أنزل الله في أهل هذا الصنف آيات بينات تدلّ على عظيم جرمهم، وشدة العذاب الذي تُوعّدوا به ،
- منها ما قاله تعالى :{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ (26) فَلَنُذِيقَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا عَذَابًا شَدِيدًا وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (27) ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ (28)}
- وقال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (40) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (41) لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ (42)}.
2. الصنف الثاني: المنافقون الذين يظهرون الإيمان بالقرآن، ويسعون في إثارة الشبهات، ولَبْس الحقّ بالباطل، والمجادلة بالمتشابه منه لإبطال دلالة المحكم، وصدّ الناس عن الهدى بعد إذ جاءهم ، وورد التحذير من مجادلتهم بالقرأن من نصوص الأحاديث وبعض الآثار منها:
- ما رواه عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن النوّاس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تجادلُوا بالقُرْآن، ولا تكذِّبُوا كتابَ اللهِ بعضَه ببعْضٍ؛ فو الله! إنّ المؤمنَ لَيجادلُ بالقرآن فيُغلَبُ وإنّ المنافقَ لَيجادلُ بالقرآن فيَغلِبُ)رواه الطبراني في مسند الشاميين، وصححه الألباني.
- وفي رواية عند ابن بطة العكبري في الإبانة قال عمر: (إن أخوف ما أخاف عليكم ثلاثة: جدال المنافق بالقرآن لا يخطئ واوا ولا ألفا يجادل الناس أنه أجدل منهم ليضلهم عن الهدى، وزلة عالم، وأئمة المضلين ).
3. الصنف الثالث:أهل البدع الذين يتّبعون أهواءهم، ويعرضون عن السنة واتّباع سبيل المؤمنين من الصحابة والذين اتّبعوهم بإحسان، ويتبعون المتشابه ، وورد التحذير عنهم أيضا في بعض الأحاديث والآثارمنها :
- حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه، فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم» متفق عليه.
- وقال محمد بن سيرين: (إنّ أسرع النّاس ردّةً أهل الأهواء، وكان يرى أنّ هذه الآية نزلت فيهم: {وإذا رأيت الّذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتّى يخوضوا في حديثٍ غيره} )رواه ابن بطة
.
4- الصنف الرابع: المتكلّفون الذين يقفون ما ليس لهم به علم، ويقولون في تفسير كلام الله بما لا دليل عليه، ولا حاجة تستدعي الاجتهاد فيه ، وقد جاء النهي عن التكلف وذم المتكلفين في بعض الآيات والأحاديث والآثار الصحيحة ومنها:
- قال الله تعالى: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (86)}.
- قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: (لا أسألكم على القرآن أجرا تعطوني شيئا، وما أنا من المتكلفين أتخرص وأتكلف ما لم يأمرني الله به. ) رواه ابن جرير.
- وقال أنس بن مالك رضي الله عنه: كنا عند عمر فقال: "نُهينا عن التكلف".رواه البخاري.
5- الصنف الخامس: المتعالمون المتشبّعون بما لم يُعطوا
والمتعالمون خطرهم على الأمّة عظيم، وضررهم كبير، لأنّهم يُظهرون أنفسهم في مظهر العلماء، ويتكلمون بلسانهم؛حتى يصدّروا أنفسهم ويصدّرهم من يغترّ بهم؛ فيظنّهم العامّة علماء؛ فتروج أقاويلهم وأكاذيبهم .
ومن أمثلة ذلك : دعوى أحد المتعالمين في التفسير ممن لا يبالي بالسنة ولا أقوال العلماء، وإنما يفسّر القرآن برأيه المجرد وما يتّفق له من التلفيقات التي يغرّ بها العامّة ومن لا معرفة له بالتفسير.
، فدعا في بعض غرائبه إلى التعبّد بالصمت ثلاثة أيام لاكتساب "طاقة الصمت" ، وزعم أنّ هذه الطاقة لها أثر مجرّب على كثيرين، واستدلّ بقصة صمت زكريا عليه السلام المذكور في قول الله تعالى: {قال آيتك ألا تكلّم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا} ، والتعبد بالصمت بدعة، وقد نهى عنه النبي ﷺ، ففي سنن أبي داوود ومعجم الطبراني وسنن البيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يُتم بعد احتلام، ولا صمات يوم إلى الليل" .وروى عبد الرزاق نحوه عن جابر مرفوعاً.
6 - الصنف السادس: الجُهَّال الذين لا يتورّعون عن القول في القرآن وتفسيره بغير علم تخرّصا منهم وتعجلاً وجهلاً.
، ومثاله مارواه الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : أنّ رجلا سمّى ابنه "نكتل"، وزعم أنّه اسم مذكور في القرآن؛ واستدل لذلك بقول الله تعالى: {قَالُوا يَاأَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (63)}.
س5: بين مع التمثيل فائدة علم البديع للمفسر
ج5/ فائدة علم البديع للمفسر:
لابد أن يكونللمفسّر نصيب وافرٌ من علوم البلاغة، ومنها علم البديع وذلك لأنه يعينه على استخراج الأوجه التفسيرية والمعاني اللطيفة، لأنّ علم البديع إذا أوتي الناظرُ فيه حسنَ ذوق، ولطافة ذهن، وقدرة على الاستخراج والتبيين توصّل به إلى أوجه بديعة في التفسير قد لا يتفطّن لها كثير من الناس، فتفيده في التدبّر واستحضار معاني الآيات ولوازم المعاني
.
ومن أمثلة علم البديع الذي له فائدة للمفسر :
الاحتباك ، وهو افتعال من الحبك ، وهو شدّة الإحكام في حسن وبهاء، وكلّ ما أُجيد عمله فهو: محبوك، ومنه يقال: لشدّ الإزار وإحكامه: الاحتباك.
والمراد بالاحتباك عند أهل البديع أن يقابَل بين جملتين مقابلة غير متطابقة؛ فيحذف من الجملة الأولى ما يقابل الثانية، ويحذف من الثانية ما يقابل الأولى، فتدلّ بما ذكرت على ما حذفت، ويحتبك اللفظ والمعنى بإيجاز بديع.
ولذلك سمّاه بدر الدين الزركشي"الحذف المقابلي"، وهو من أجود أنواع البديع المعنوي، وله أمثلة كثيرة في القرآن:
منها: قول الله تعالى: { أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ}، فدلّ على الاحتباكِ في هذهِ الآيةِ المقابلةُ بين جزاء وحال، والمتبادر إلى الذهن أن يُقابَل بين جزاء وجزاء ، وأن يقابل بين حال وحال؛ فالخروج عن لمتبادر لا يكون إلا لفائدة بلاغية؛ فكان تقدير الكلام على هذا المعنى: أفمن يأتي خائفاً يوم القيامة ويلقى في النار خير أمّ من يأتي آمناً ويدخل الجنّة.
س6: بيّن فوائد دراسة طرق التفسير لطالب علم التفسير
ج6/ من فوائد دراسة طرق التفسير لطالب علم التفسير:
- معرفة أن التفسير له أصول وطرائق ومراتب وأنه من أشرف العلوم التي تبحث في بيان وإيضاح معاني القرآن الكريم.
- يستطيع المفسر معرفة موارد الاجتهاد في طرق التفسير المختلفه ومن ثمّ يعرف ما يسوع الاجتهاد فيه ومالا يسوغ.
- يختار من هذه الطرق ما يناسبه ويُمكنه من تفسير آيات كتاب الله فلا يقول على الله بغير علم.
- يحذر من القول في كتاب الله بغير علم لما سيعرفه من حُرمة ذلك وتورُع السلف عنه.
- أن يمتثل طريق النبي صلى الله عليه وسلم والصحابه ومن تابعهم بإحسان في فهم كلام الله وتدبره.
- يُعينه على تدبر كلام الله وفهمه والعمل به فيُحقق الغاية التي من أجلِها أنُزل القرآن كما قال تعالى " كتاب أنزلناه إليك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب"