اذكر الفوائد السلوكية التي استفدتها من قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ (87)} البقرة.
من الفوائد السلوكية التي استفدتها من قوله تعالى: {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ }(87) البقرة ، ما يلى:
1- ينبغى للعبد أن يستشعر رحمة الله بعباده وإرادة الخير لهم ، ( وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) .
2- ينبغى للعبد أن يتعلق قلبه بالله جل وعلا ، فيسلم أمره لله لأنه هو الذى يملك العطاء والتأييد والمنع ، قال تعالى : ( وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ) .
3- إتباع الهوى مهلك ، لأنه يكسو المرء صفات مذمومة من التكذيب والكبر و......إلخ ، قال تعالى : (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ) .
4- ينبغى للعبد أن يتخلى عن الكبر الذى يدفعه لرد الحق وعدم اتباعه ، قال تعالى : ( : (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ) .
5- عظم جريمة القتل والتكذيب بالحق ، قال تعالى: (فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ) .
المجموعة الثالثة:
1-فسّر بإيجاز قول الله تعالى:
{قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِين}.
لما عادى اليهود أمين الوحى جبريل عليه السلام متعللين بأنه ينزل بالعذاب ، رد الله على اليهود قولهم وبين فضل جبريل وشرفه ، قال تعالى : ( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ ) أى : قل لهم يا نبينا أن من كان معادياً لروح القدس الموكل بالوحي ، (فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ) أى : نزل جبريل الروح الأمين بالقرآن على قلب النبى صلى الله عليه وسلم ( بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ) من الكتب التى سبقته كالتوراة ، والإنجيل ، (وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِين )أى : هدايةً لقلوب المؤمنين الذين قبلوا ما جاء به جبريل عليه السلام وانتفعوا به ولم يردوه ، وبشرى لهم بالجنه .
2-حرّر القول في كل من:
أ: معنى قول اليهود: "قلوبنا غلف".
ورد في كلمة غلف قراءتين، وعلى كل منهما يبنى المعنى كما يلى :
القراءة الأولى : { وَقَالُوا قُلُوبُنا غُلْفٌ } بإسكان اللام، جمعُ أَغْلَفَ ، وهى قراءة الجمهور .
ومن نظائر هذه الآية قوله تعالى : {وقالوا قلوبنا في أكنّة ممّا تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب}.
وقد ورد عن السلف فى ذلك أقوال :
1- «قلوبنا عليها غلف وغشاوات فهي لا تفقه»، قاله ابن عباس، وذكره ابن عطية
2- «المعنى عليها طابع»، قاله قتادة ، وذكره ابن عطية .
3- وقال عكرمة: «عليها طابعٌ».
4- وقال أبو العالية: «أي: لا تفقه».
5- وقال السّدّيّ: «يقولون: عليها غلافٌ، وهو الغطاء».
وهذه الأقوال بينها تقارب واتفاق وعلى هذا يكون المعنى : عليها غلاف يمنعها من الفهم لما تدعونا إليه .
القراءة الثانية :{ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلُفٌ } ،وغلف جمع غلاف وغُلُف، مثل: مثال ومُثُل، وحِمار وحُمُر .
وورد عن السلف فى معنى ذلك أقوال :
1- «قالوا: قلوبنا مملوءةٌ علمًا لا تحتاج إلى علم محمّدٍ، ولا غيره» قاله الضحاك عن ان عباس وذكره ابن كثير.
2- - وقال عطيّة العوفيّ: «{وقالوا قلوبنا غلفٌ}أي: أوعيةٌ للعلم» وذكره ابن كثير.
وعلى هذا يكون المعنى: إن قلوبنا أوعية للعلم، فلا يحتاجون معه إلى علمٍ آخر .
قال الطبرى :والقراءة التي لا يجوز غيرها في قوله : { قُلُوبُنَا غُلْفٌ }هي قراءة من قرأ «غُلْف » بتسكين اللام بمعنى أنها في أغشية وأغطية لاجتماع الحجة من القراء وأهل التأويل على صحتها ، وشذوذ من شذّ عنهم بما خالفه من قراءة ذلك بضم اللام .
وبناءً على ماتقدم يكون الراجح هو المعنى الأول .
ب: معنى قوله تعالى: {فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين}.
ورد فى معنى قوله تعالى: {فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين} قولان :
القول الأول :تمنوا الموت لأنفسكم إن كنتم صادقين فى دعواكم أن الدار الآخرة لكم وأنه لن يدخل الجنة إلا من كان يهودياً أو نصرانياً ، وهو قول الزجاج وذكره ابن عطية .
القول الثانى : ادعوا بالموت على الكاذب منا ، وهذا نوع من المباهلة ، وهو قول ابن عطية وابن كثير .
وهذا هو القول الراجح لهذه الأدلة :
1- ما رواه ابن جرير عن ابن عباس رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لو أنّ اليهود تمنّوا الموت لماتوا ولرأوا مقاعدهم من النّار، ولو خرج الّذين يباهلون رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم لرجعوا لا يجدون أهلًا ولا مالًا".
2- ما رواه عبد الرزاق فى مصنفه عن عكرمة، قوله: {فتمنّوا الموت إن كنتم صادقين} قال:قال ابن عبّاسٍ: «لو تمنّى اليهود الموت لماتوا».
3- مارواه ابن أبى حاتم من حديث سعيد بن جبيرٍ- عن ابن عباس، قال: «لو تمنّوا الموت لشرق أحدهم بريقه».
3-بيّن ما يلي:
أ: الحكمة من تخصيص عيسى عليه السلام بذكر تأييده بالبيّنات وروح القدس.
لأنه جاء ببعض الأحكام التي يخالف بها التوراة فأيده الله بالبيّنات أى : المعجزات من إحياء الموتى، وخلقه من الطّين كهيئة الطّير فينفخ فيها فتكون طيرًا بإذن اللّه، وإبرائه الأسقام، وإخباره بالغيوب ، وتأييده بروح القدس -وهو جبريل عليه السّلام - ما يدلّهم على صدقه فيما جاءهم به. ذكره ابن كثير
ب: الحكمة من تخصيص الظالمين في قوله: {والله عليم بالظالمين} مع سعة علمه تعالى بالظالمين وغيرهم؟
الحكمة من تخصيص الظالمين في قوله: {والله عليم بالظالمين} مع سعة علمه تعالى بالظالمين وغيرهم حصول الوعيد على ما يجازيهم به وما يستحقونه من العذاب في الدنيا بالقتل او الذلة والمسكنة وآداء الجزية ، وذكره ابن عطية والزجاج .