س1: بيّن دلالة شدة خوف الملائكة من الله تعالى وأنّهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى على بطلان دعاء الصالحين من دون الله عزّ وجل.
ج: لله سبحانه وتعالى –وحده دون سواه- من صفات الجلال ما يجعل كل من في السماوات ومن في الأرض خائفا منه سبحانه, حتى الملائكة الذين قال الله فيهم: (بل عباد مكرون), أولئك (يخافون ربهم من فوقهم ويفعلون ما يؤمرون).
وعلى عظم هيئتهم وقوتهم, فهم (من خشيته مشفقون), بل إن الله تعالى: "إذا تكلم بالوحي, أخذت السماوات منه رجفة, خوفا من الله عز وجل, فإذا سمع ذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدا..", هؤلاء العظام الأشداء ينفذهم كلام العلي الكبير الجبار الجليل, فيغشي عليهم, (حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق).
فهم على ما آتاهم الله من قوة, هم مقهورون مربوبون, لا غنى لهم عن ربهم طرفة عين, (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى وهم من خشيته مشفقون ومن يقل منهم إني إله من دونه فذلك نجزيه جهنم كذلك نجزي الظالمين).
فإذا كان هذا حال الملائكة المقربين, فما بال الصالحين وضعفهم جلي ظاهر؟ وفقرهم وحاجتهم وذلهم وخضوعهم لا يحتاج إلى دليل؟
(فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور), إذ كيف يدعى مع الله أحد وهو رب كل شيء ومليكه, أم كيف يدعى ميت أمسكت روحه فلا يملك لنفسه –فضلا عن غيره- نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا؟
سبحان الله وتعالى عما يشركون علوا كبيرا.
س2: بيّن خطورة لبس الحق بالباطل وأثره في تضليل الناس وصدّهم عن سبيل الله.
ج: لقد نهى الله تعالى عن تلبيس الحق الباطل, فقال: (ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتمون الحق وأنتم تعلمون).
ذلك أنه من الخطورة بمكان, فهو تضليل للناس عن الحق, وإيراد للشبهات والفتن, والنفس قد تقبل الباطل خصوصا إذا كان مغلفا ببعض الحق, كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عما كان يحدث من استراق السمع, " فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته, ثم يلقيها الآخر إلى من تحته, حتى يلقيها على لسان الساحر أو الكاهن, فيكذب معها مائة كذبة, فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا وكذا: كذا وكذا؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء".
وذلك دأب أهل الضلال في كل زمان ومكان, ليكون أقبل لباطلهم وأظهر, فبدلا من أن يضيؤا للناس طريق الهدى, فهم يشعبون للفئام دروب التيه والضلال, وحسبنا ونعم الوكيل.
س3: عدد أنواع شفاعات النبي صلى الله عليه وسلم.
ج: النبي صلى الله عليه وسلم لا يبتدئ بالشفاعة يوم القيامة حتى يؤذن له, ولكنه يسجد ويحمد ربه سبحانه, حتى ينادى: "ارفع رأسك, وقل يسمع, وسل تعطه, واشفع تشفع".
وشفاعاته صلى الله عليه وسلم –كما ذكر ابن القيم رحمه الله-:
1-الشفاعة الكبرى, وهذه شفاعة خاصة به دون غيره, حيث يتأخر عنه أولو العزم عليهم صلوات الله وسلامه, وتنتهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول أنا لها.
2-شفاعته لأهل الجنة في دخلها.
3-شفاعته لقوم من أهل الجنة في زيادة ثوابهم ورفعة درجاتهم فيها, وهذه لا ينازع فيها أحد.
4-شفاعته لقوم من العصاة من أمته, وجبت لهم النار, فيشفع لهم أن لا يدخلوها.
5-شفاعته للعصاة من أهل التوحيد, الذين يدخلون النار.
6-شفاعته لأبي طالب حتى يخفف عذابه في النار.
س4: فسّر قول الله تعالى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَـكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} وبيّن دلالته على بطلان طلب الشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم.
ج: سبب نزول الآية: موت أبي طالب كافرا على ملة عبد المطلب.
(إنك لا تهدي من أحببت): (إنك): يا محمد, (لا): نافية, (تهدي): هداية توفيق وإلهام.
أي ليس من شأنك هداية التوفيق والقبول, وإنما فقط عليك البلاغ المبين, والله يهدي من يشاء.
(وهو أعلم بالمهتدين): بسابق علمه بمن يقبل الهدي ومن لا يقبلها.
وهذه الآية دليل على بطلان طلب الشفاعة من الرسول صلى الله عليه وسلم, إذ لو كان يملك أن يشفع لأحد في هداية القلوب, ومغفرة الذنوب, والنجاة من العذاب, لكان عمه أولى الناس بذلك, وهو الذي ناصره ورعاه في بدايىة الدعوة, لكن قال الله سبحانه: (ليس لك من الأمر شيء).
س5: بيّن خطر الغلوّ في الصالحين.
ج: لقد حظر النبي صلى الله عليه وسلم من الغلو, فقال: "إياكم والغلو, فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو".
والغلو في الصالحين: هو مجاوزة الحد, والإفراط في التعظيم لهم بالقول والاعتقاد.
وهو من أعظم أسباب الوقوع في الكفر والشرك, إذ يجعلون للصالحين خصائص الألوهية والربوبية, فيستغيثون بهم, أو يذبحون لهم, أو يعتقدون أن لهم من الملك نصيبا ونحو ذلك.
ولقد قص علينا القرآن الكريم ما آل إليه مشركو قوم نوح وإبراهيم, وما فعلت اليهود والنصارى برسلهم وأتباع رسلهم, ليحذرنا ربنا أن نقع في الغلو فيصيبنا ما أصابهم, وما يزال الشيطان يوسوس إلى أوليائه ويوحي, حتى يوردهم المهالك والفتن, فيجعلون الرجل الصالح فيهم صورة ما يلبس خلفاؤهم بجهالة أن يعبدوها, ويقدموا لها الذبائح والقرابين, أو يتبركون بها ويتمسحون.
ولذلك قال الناصح الأمين -صلى الله عليه وسلم-: "هلك المتنطعون", وكررها ثلاثا.
س6: بيّن خطر بناء المساجد على قبور الصالحين، وكيف تردّ على من يفعل ذلك؟
ج: إن المتعبد لله تعالى, الحريص على دينه, الحريص على أن تقبل طاعته, متى علم أن الصلاة في مساجد بنيت على قبور الصالحين أو إليها, أو بجوارها, أو أن لها من الأجر والفضل ما ليس لغيرها, هي صلاة لا تجوز, وقد نهى النبي عنها, انتهى ورجع.
وإلا فهو من شرار الخلق, كما أخبرالنبي صلى الله عليه وسلم, حين حكت أم سلمة رضي الله عنها ما رأته بأرض الحبشة من تماثيل لرجال صالحين بكنائس النصارى, فقال لها, وللأمة من بعدها: "أولئك إذا مات فيهم الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا, وصوروا فيه تلك الصور, أولئك شرار الخلق عند الله".
والذي يفعل ذلك ملعون مطرود من رحمة الله سبحانه, فإن مما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في النزع, اتخاذ القبور مساجد, وقال: "لعن الله اليهود والنصارى, اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
ولقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد".
ومن قال بأن العلة بنجاسة التربة, فقد كذب على الله ورسوله, وما كان نهي النبي وتحذيره من أجل النجاسة المادية, بل هو لأجل نجاسة الشرك اللاحقة بمن عصاه, فقبور الأنبياء لا تنجس.
س7: بيّن حرص النبيّ صلى الله عليه وسلم على تحذير أمّته من وسائل الشرك.
ج: النبي صلى الله عليه وسلم : (حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم), ومن حرصه صلى الله عليه وسلم على نجاة أمته وبعدها عن الشرك, أنه حذر من كل وسيلة تؤدي بالمسلم إلى الشرك, وسد جميع الذرائع الموصلة إلىه, بل ظل يشدد في ذلك ويغلظ, ويقول ويكرر, حتى وهو في سكرات الموت, خشية أن يغفل المسلمون عن حماية التوحيد وصيانته:
-فنهى وحذر من اتخاذ القبور مساجد, رجاء تعظيم لم يأذن به الله, أو بركات أو فضل رحمات, أو سؤال ودعوات, أو حصول للخيرات, أو دفع للمدلهمات, فكلها أنواع عبادة لغير الله, وصاحبها مشرك, مبتدع, متشبه باليهود والنصارى.
-ودعا على اليهود والنصارى أن تصيبهم لعنة الله سبحانه, جزاء ما اتخذوا قبور أنبيائهم مسجد.
-وحذر من شدة غضب الله على من اتخذ القبور مساجد.
-ووصفهم بشرار الخلق عند الله.
-وقال "ما نهيتكم عن شيء فانتهوا, وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم".