المجموعة الرابعة:
س1: بيّن مع التمثيل المراد بكلّ من:
أ- الشاذ: مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه, فإنها تكون الرواية حينئذ شاذة.
وقد قال الشافعي: هو أن يروي الثقة حديثا يخالف ما روى الناس , وليس من ذلك أن يروي ما لم يرو غيره.
مثال : ما رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من طريق ابن عيينة عن عمرو بن دينار عن عوسجة - مولى ابن عباس - عن ابن عباس, أن رجلاً توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولم يدع وارثًا إلا مولى هو أعتقه, فدفع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ميراثه له.
وقد تابع ابن عيينة على وصله ابن جريج وغيره وخالفهم حماد بن زيد فرواه عن عمرو بن دينار عن عوسجة ولم يذكر ابن عباس .
فرواية حماد شاذة, ورواية ابن عيينة هي المحفوظة.
ب- المعروف: ما رواه الثقة مخالفا لما رواه الضعيف.
مثال : ما رواه ابن أَبي حاتم، من طريق حبيب بن حبيب، -وهو أخو حمزة بن حبِيب الزَيات المقرِئ،ِ - عن أبي إِسحاق، عن العيزار بن حريث، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أقام الصلاة، وآتى الزكاة، وحج البيت، وصام، وقرى الضيف دخل الجنة."
قال أبو حَاتم: هو منكر؛ لأن غيره من الثّقات رواه عن أبي إسحاق موقوفا وهو الْمعروف.
س2: اشرح مراتب التعامل مع الروايات التي يكون في ظاهرها تعارض.
1 - الجمع بين الأحاديث المتعارضة .
الجمع بين حديث " لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر ولاغول." وحديث " فر من المجذوم فرارك من الأسد".
المراد بنفي العدوى نفي الاعتقاد الجاهلي من أن المرض يعدي وينتقل بنفسه من غير إرادة الله تعالى وتقديره, أما أمره بالفرار من المجذوم ونحوه فهو بيان منه صلى الله عليه وسلم أن العدوى من أسباب انتقال الأمراض, ففي أمره بالفرار إثبات للأسباب وفي نفيه للعدوى أنها لا تستقل بالتأثير.
2- فإذا لم يمكن الجمع بين الخبرين المتعارضين , فالانتقال للنسخ ( الناسخ والمنسوخ ) فيقدم الناسخ على المنسوخ.
النسخ : رفع تعلق حكم شرعي بدليل شرعي متأخر عنه ,ويعرف النسخ بـ :
- تصريح النبي عليه الصلاة والسلام به :" كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها".
- منها قول الصحابى: ( كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار ) .
- ومنها ما يعرف بالتاريخ: نحو ما رواه أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله إذا جامع أحدنا ، فأكسل (أي لم ينزل)؟ فقال النبي : "يغسل ما مس المرأة منه ، وليتوضأ ثم ليصل "..
- ومنها ما يعرف بالإجماع ، كقتل شارب الخمر في المرة الرابعة ؛ فإنه منسوخ ، عرف نسخه بالإجماع.
والإجماع لا يَنسخ ، ولا يُنسخ ، لكن يدل على وجود ناسخ.
3- فإن لم يمكن معرفة الناسخ من المنسوخ من الخبرين المتعارضين , فالانتقال للترجيح.
كما لو كان راوي أحد الخبرين هو المباشر للقصة, فقد اختلف أهل العلم في مسألة صحة عقد النكاح للمحرم , هل يصح أو لا يصح ؟ الحنفية يصححونه , ويستدلون على ذلك بحديث ابن عباس رضي الله عنه , النبي عليه الصلاة والسلام عقد على ميمونة وهما محرمان , والجمهور يقولون بأن نكاح المحرم لا يصح , لحديث عثمان رضي الله عنه "لا ينكَح المحرم ولا يُنكِح " وحديث ميمونة أن النبي عليه الصلاة والسلام "تزوجني رسول الله ونحن حلالان بسرف", ولحديث أبي رافع "تزوج النبي ميمونة وهما حلالان ، قال وكنت السفير بينهما " فكان خبر ميمونة , وخبر أبي رافع رضي الله عنهما مقدمان على خبر ابن عباس, لأنهما المباشران في الحادث.
4- فإن لم يمكن الترجيح , فالتوقف عن العمل بأحد الحديثين.
س3: بيّن مراتب الطعن في الراوي.
الطعن في الراوي ينقسم إلى قسمين:
- طعن يتعلق بالعدالة:
1- - الكذب: فإذا كان سبب الطعن في الراوي هو الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم فحديثه يسمى: الموضوع، ويعرف على أنه الكذب المختلق المصنوع المنسوب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم , وهو شر الأحاديث الضعيفة وأقبحها.
مثال : رواية محمد بن سعيد المصلوب , الذي صلب على زندقته , فإنه كذاب , ورواياته من قبيل الموضوع , لما أرادوا أن يصلبوه قال كذبت أربعة آلاف حديث .
2- التهمة بالكذب: أن يكون الراوي للخبر يتهم بأنه يكذب , وإن لم يوصف بالكذب صراحة , فيقال له المتروك وهو الحديث الذي في إسناده راو متهم بالكذب.
مثال :داوود بن المحبر , فروايته وأحاديثه ضعيفة جدا ولا يقوى بها لأنه منكر الحديث أو متهم.
3- فسق الراوي: بالفعل والقول مما لا يبلغ الكفر, بأن يكون الراوي أقدم على شيء من المعاصي التي تبعد عنه وصف العدالة , فحينئذ يكون الراوي ضعيفا في الرواية وتكون أحاديثه مطعوناً فيها غير مقبولة.
4- جهالة الراوي: المقصود هو الجهالة في أحد الرواة, بأن لا يعرف فيه تعديل ولا تجريح معين .
5- البدعة: وهو اعتقاد ما أحدث على خلاف المعروف عن النبي صلى الله عليه وسلم , بسبب الشبهات وليس من باب المعاندة.
- طعن يتعلق بالضبط :
1- سوء الحفظ: ألا يكون غلط الراوي أقل من إصابته.
2- فحش غلطه : بمعنى كثر , الفاحش الكثير أو الكبير, ويعرف كون الراوي قد كثر غلطه بمقارنة روايته برواية غيره .
مثال : جابر بن يزيد الجعفي, فإنه قد روى أحاديث كثيرة , ولكن لما وقع الغلط منه في مواطن عديدة , ردت روايته .
3- الغفلة : بكونه ممن يحصل عليه تغفيل وسهو
4- الوهم : الغلط غير المتعمد , فإن الراوي الثقة قد يخطئ في الحرف أو الحرفين, فتكون حينئذ الرواية التي أخطأ فيها روايةً موهومة , مطعونا فيها غير مقبولة , وإن كانت بقية رواياته مقبولة .
مثال : ما رواه معمر عن الزهري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: " الدهن إذا وقعت فيه فأرة إن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان مائعاً فأهرقوه ) فإن كلمة ( إن كان مائعا فأهرقوه " , فرواها معمر في العراق , و عندما كان هناك لم يحضر كتبه معه فوقعت له بعض الأوهام برواياته التي رواها في العراق .
- مخالفة الثقات: بأن يخالف الراوي رواية الحديث الثقات.
س4: عرّف المضطرب :
هو الحديث الذي وقع فيه إبدال راو مكان راو آخر , أو إبدال لفظة بلفظة أخرى على أوجه مختلفة متساوية في القوة , ولا مرجح بينها، ولا يمكن الجمع.
وقد يكون الاضطراب في السند - وهو أكثر - وقد يكون في المتن.
واذكر أنواعه وأسبابه مع التمثيل.
- مضطرب بالإسناد :
مثال: حديث أبي بكر رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله , أراك شيت, فقال :" شيبتني هود واخواتها".
هذا الحديث روي بأسانيد كثيرة ، وعلى أوجه مختلفة ، مدار هذه الأوجه كلها على أبي إسحاق السبيعي الراوي الثقة المشهور , واختلف عنه اختلافا :
- فتارة يرويه عن أبي بكر – وتارة يرويه مرسلا - وتارة يرويه موصولا.
فقد قال الدارقطني وغيره: ( إن الحديث بهذه الصور ة مضطرب جدا , لا يمكن ترجيح بعض طرقه على بعض),
فروات هذا الحديث ثقات ( فدل ذلك على أن أبا إسحاق هو نفسه الذي لم يضبط الحديث - فمن شروط صحة الحديث تمام الضبط)لا يمكن ترجيح بعضهم على بعض، والجمع متعذر.
- مضطرب بالمتن :
حديث :" ليس في الحلي زكاة " وحديث " في الحلي زكاة", فهو حديث واحد روي تارة بالنفي وتارة أخري بالإثبات .
وقد قال العراقي : ( إن هذا اضطراب واضح , لا يمكن بحال من الاحوال الجمع بين الحديثين , ولا يمكن ترجيح أحد الحديثين , فيتوقف عن العمل بالحديثين كليهما).
س5: ما سبب الاختلاف في تعريف الحديث الحسن؟
لتمييز الحسن عن الصحيح وعن الضعيف من حيث رتبهم .
وكما أنه قد قال العلماء: إن الحديث الحسن من أصعب أنواع علوم الحديث؛ لأن الضابط في خفة الضبط ليس معلوما على وجه يصح معه الاعتدال في الحكم دائما، ولا القياس عليه.