س1: بم يتحقق الإيمان بالقرآن؟
الإيمان بالقرآن يكون بالاعتقاد والقول والعمل.
الإيمان الاعتقادي : أن يعتقد أن القرآن كلام الله غير مخلوق منه بدأ بلا كيفية قولا وإليه يعود , منزلا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وحيا, هداية للناس ليخرجهم به من الظلمات إلى النور ويهديهم إلى صراط العزيز الحميد. كما أنه من مقتضيات الإيمان الاعتقادي التصديق يقينا بكل ما جاء في القرآن من أخبار , و واجبات وأحكام شرعية , فهو الحق المحض الذي لا يعتريه نقص أو باطل ,وقد تكفل الله بحفظ هذا القرآن العظيم كما قال تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
الإيمان القولي :من ثمرات الإيمان بالقرآن وتصديقه, التعبد بتلاوة القرآن وسماعه بتفكر وتدبر وتفهم.
الإيمان العملي: هو اتباع هدى القرآن؛فلقد كانت سنة النبي صلى الله عليه وسلم في القرآن هي العمل به، والاهتداء بهداه., لذا حري بالمؤمن أن يقتدي بالرسول وينهج نهجه , بامتثال أوامر الله واجتناب ما نهى عنه تعالى بكتابه الحكيم.
س2: بيّن أهميّة معرفة مسائل الإيمان بالقرآن، وكيف يحقق طالب العلم هذه المعرفة؟
بالمسائل اعتقادية: معرفة ما يعتقده أهل السنة والجماعة في القرآن , أن القرآن كلام الله حقيقة بحرف وصوت ,غير مخلوق منه بدأ بلا كيفية قولا وإليه يعود , منزلا على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وحيا, مهيمنا على جميع الكتب السماوية وناسخا لها.
طلاب العلم عموماً، وطلاب علم التفسير على وجه الخصوص يحتاجون في مسائل الاعتقاد في القرآن إلى ثلاثة أمور:
- الأمر الأول: معرفة القول الحق في مسائل الاعتقاد في القرآن، بما دلَّت عليه نصوصُ الكتاب والسنة، وما أجمع عليه سلف الأمة رحمهم الله.
- الأمر الثاني: تقرير الاستدلال لهذه المسائل -وهذه مرتبة يمتاز بها طالب العلم عن العامّي- بأن يعرف أدلتها ومآخذ الاستدلال.
- الأمر الثالث: معرفةُ أقوالِ المخالفينَ لأهل السنة في مسائل الاعتقاد في القرآن، ومعرفة مراتبهم ودرجات مخالفاتهم.
وأما مسائل سلوكيّة, الانتفاع ببصائر القرآن وهداياته ومواعظه، وكيف يستجيب لله تعالى ، ويهتدي بما بيّنه في كتابه، ويعقل أمثال القرآن، ويعرف مقاصدها ودلالاتها، ويعرف كيف يكون التبصُّر والتذكُّر، والتدبُّر والتفكُّر، ويعرف علامات الهداية والضلال في هذا الباب.
وكيف يحقق طالب العلم هذه المعرفة؟
المسائل الاعتقادية تُبحث في كتب الاعتقاد، التي قسمت إلى آداب (أن يدرس تلك المسائل على منهج أهل السنة والجماعة في التلقّي والاستدلال).وأحكام (الأحكام العقدية، كبيان ما يجب اعتقاده ).فيلزم قول أهل السنة والجاعة وما استفاض به العلماء من شرح لمسائل الاعتقاد في كتبهم .
- وفي علم السلوك :
1- لتحصيل البصائر والبينات , يكون بالتفقّه في بصائر القرآن وبيّناته، وتصديق أخباره، وعقل أمثاله، وفقه مقاصد الآيات .
2- لتحصيل اتباع الهدى , كون بإلزام النفس بكلمة التقوى، وصبرها على امتثال ما أمر الله به، واجتناب ما نهى الله عنه، وفعل ما وعظ الله به، كما قال الله تعالى{: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتقيما }.
س3: كيف يكون الاهتداء بالقرآن؟
الاهتداء بالقرآن يكون بتصديق أخباره، وعَقْلِ أمثاله، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه.
- الأصل الأول :تصديق أخباره , فإنه يورث قلب المؤمن يقينا يزداد به علما وهدى, فيعقل قلبه ذلك التناسب في جميع ما تضمنه القرآن من الأخبار، من غير اختلاف ولا تعارض ولا تضاد. فلا يصاحبه ريب ولا تردد,فكلما كان العبد أحسن تصديقا قوي اهتداؤه بالقرآن,و كان أبلغ ,وأسمى درجات الاهتداء ,فارتقي بصاحبه إلى مرتبة الإحسان .
ومن بلغ أعلى مقام التصديق, صلح قلبه , فيصلح عمله تبعا لذلك ,وكان الله خير كاف له.
قال الله تعالى: {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون لَهُمْ مَا يشاءون عند ربهم ذلك جزاء المحسنين ليكفر اللَّه عنهم أسوأ الَّذي عملوا ويجزيهم أجرهم بأحسن الذي كانوا يعملون }.
- الأصل الثاني: عقل أمثاله ,الأمثال في القرآن عبر ومواعظ وزواجر عظيمةٌ جدّاً ، لا لبس في الحق معها ، إلا أنها لا يَعقل معانيها إلا أهلُ العلم كما قال تعالى :{ وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون }, ودلالة الآية على أن الأمثال شواهد للمعنى المراد وهي خاصية العقل ولبّه وثمرة من عقلها وفهمها يكون من العلماء الربانيين والأتقياء الأنقياء ,فعقل الأمثال ليس مجرد معرفتها , بل فقه لمقاصدها واتباع ما أرشد الله به, ليهتدوا إلى الحق ويتَّعظوا ,وهو أوسع من مجرّد فهمها.
قال ابن القيم رحمه الله تعالى: (وقد أخبر اللّه سبحانه أنه ضرب الأمثالَ لعبادِه في غير موضع من كتابه، وأمر باستماع أمثاله، ودعا عباده إلى تعقلها، والتفكر فيها، والاعتبار بها، وهذا هو المقصود بها).
- الأصل الثالث والرابع : فعل الأوامر واجتناب النواهي, يجب على كل مسلم طاعة الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، وهذا هو أصل لتحقيق التقوى , وحصول الاستقامة , فهو تعالى وحده أعلم بما يصلحهم وما يصلح لهم .
فينبغي العمل بها بقدر المستطاع، فيحرص المسلم أن يتصف بها ،ويكون من عباد الله المؤمنين، الذين وعدهم الله مغفرة، وأجرًا عظيمًا , فالاجتهاد بالطاعات بامتثال الأوامر واجتناب النواهي , من أعظم أسباب وقاية العذاب والسلامة من الضلال؛ كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ}.
س4: بيّن فضل الإيمان بالقرآن.
- يهدي المؤمن إلى ربه ,بتحقيق توحيد الأسماء والصفات ,ومعرفة المؤمن لقضاء الله تعالى بين عباده بعدله , والإرشاد إلى سبيل النجاة بالفوز برضوان الله والنجاة من غضبه وعقوبته.
- قوله تعالى:{إن هذا القرآن يهدي لِلّتي هي أَقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا}, فالقرآن يهدي للطريقة التي هي أعدل وأصوب للمؤمن ,في خيري الدنيا والآخرة. وهدايات القرآن مقترنة بالرحمة والبشرى؛ كما قال الله تعالى:{وإنّه لهدى ورحمة للمؤمنين}.
- يحمل المؤمن على تلاوة القرآن, قول الرسول عليه السلام :" مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة : ريحها طيب وطعمها طيب ، ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة: لا ريح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة: ريحها طيب وطعمها مر، ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة ليس لها ريح و طعمها مر " وتلاوة كتاب الله حق تلاوته من أفضل العبادات التي يتقرب بها العبد إلى ربه، ويحمله هذا إلى تدبر كتاب الله وفهمه , فتزيد المؤمن إيمانا وتثبيتاً، وسكينة وطمأنينة.
س5: دلّل على إثبات صفة الكلام لله تعالى من الكتاب والسنّة .
الأدلة من الكتاب:
قال تعالى :{ تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض منهم من كلم اللّه}.
قال تعالى: و{كلم الله موسى تكليما}.
قال تعالى: {ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه}.
قال تعالى: {يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي }.
قال تعالى:{ومن أصدق من الله قيلا}.
قال تعالى: {وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة}.
قال تعالى: {ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين}.
قال تعالى: {وإن أحد من المشركِين استجارك فأجره حتى يسمع كلام اللَّهِ}.
الأدلة من السنة:
*قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله، ليس بينه وبينه ترجمان، فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة" ، وفي رواية في صحيح البخاري: "ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه ترجمان، ولا حجاب يحجبه".
*قول عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك: "ولشأني في نفسي كان أحقر من أن يتكلم الله في بأمر يتلى "
*حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال": إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماوات صلصلة كصلصلة السلسلة على الصفوان، فيخرون سجدا، ثم يرفعون رؤوسهم فيقولون: {ماذا قال ربكم}؟ فيقال: قال {الحق وهو العلي الكبير }.
*حديث نيار بن مكرّم الأسلمي رضي الله عنه قال:" لمّا نزلت: الم غلبت الرّوم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون ، قال: خرج رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم، فجعل يقرأ: بسم اللّه الرّحمن الرّحيم: {الم غلبت الرّوم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين}؛ فقال رؤساء مشركي مكّة: يا ابن أبي قحافة، هذا ممّا أتى به صاحبك؟
قال لا واللّه، ولكنّه كلام اللّه وقولُه".
وجه الدلالة من هذه النصوص ,أن الله تعالى يتكلم بكلام حقيقي، متى شاء وكيف شاء، بما شاء، بحرف وصوت، لا يماثل أصوات المخلوقين, وهذا هو معتقد أهل السنة والجماعة .