بسم الله الرحمن الرحيم
السؤال الأول [عام لجميع الطلاب]: بيّن ما اعتمد عليه المفسرون في تحرير مسائل التفسير في الرسائل الثلاث، وكيف يمكن أن تستفيد منها؟
أولا : رسالة الشيخ الداخل حفظه الله:
1- جمع أقوال السلف أولا في المسألة مع تخريجها ، وهذا ما يجب على المفسر أولا الاعتناء به "أقوال السلف ونسبتها".
2- كثرة المصادر مع عنايته بالمصادر الأصلية وتفاسير أهل السنة ونقله عن المحققين من أهل العلم ، وهكذا يجب أن يكون المفسر.
3- التحقق من صحة نسبة الأقوال فقال" القول الأول أصح وأشهر وهو الماثور عن ابن عباس وسعيد بن جبير"، وهذا هام جدا للمفسر قبل الدراسة للأقوال.
4- عند دراسة الأقوال وتوجيه أقوال المفسرين استدل لكل فريق بالأدلة وعرضها بأسلوب سلس ، وهكذا على المفسر أن يهتم بالأدلة ويحسن عرضها.
5- طريقة الجمع بين القولين انطلاقاً من تقديم الجمع على الترجيح ،ولم يكتف فيها بمجرد الجمع بل بين - حفظه الله -كيف أن الآية تسع القولين وأظهر بذلك بلاغة القرآن الذي يعبر بألفاظ وجيزة عن معان كثيرة ، وهذا هام للمفسر طالما الأقوال لا تتعارض.
ثانياً رسالة ابن القيم:
1- عنايته بأقوال السلف ، وبتفاسير أهل السنة أيضا.
2- استخدامه لوجوه الإعراب في تفسير الآية مما يدل على سعة علمه بأساليب العربية ، ومما يجب على المفسر التزود به.
3- استشهاده على عقيدة إضلال الكافر وأسباب ذلك والحكمة منه بما ورد في القرآن الكريم ، وهكذا يجب أن يكون المفسر معتمدا على كلام الله في تقرير العقيدة.
4- استدلال ابن القيم على المعاني اللغوية من كتب اللغة ومثال ذلك استدلاله على معنى الاختيار من الصحاح ، فعلى المفسر البحث في كتب العربية للتحقق من أصل الكلمات المؤثرة في الدراسة.
5- سعة علم ابن القيم بأقوال أهل البدع في العقيدة وبشبهات أهل الكلام وكيفية الرد عليهم.
ثالثاً : رسالة ابن تيمية:
1- عنايته بأسباب النزول واستقصائه لأقوال السلف فيها ، هكذا يجب أن يفعل المفسر لما لأسباب النزول من أهمية في فهم الآية.
2- عنايته بتوجيه الأقوال والترجيح لما يراه راجحاً بالأدلة قال: الأول أشهر في النقل وأظهر في الدليل : لأن السورة مدنية.....، ولهذا يجب على المفسر عند الدراسة أن يهتم بالأدلة.
3- سعة علمة باللغة العربية وأساليبها ، فيجب ذلك على المفسر لأنه ذلك في التفسير.
4- اعتناءه بالسياق وربط الآيات السابقة واللآحقة بالآية محل البحث واستخدام ذلك في الترجيح ، وينبغي للمفسر ألا يغفل عن السياق لأنه من المرجحات العظيمة.
5- جوابه للشبه والإيرادات جواباً شافياً ، واستخدامه للأدلة العقلية في ذلك كالسبر والتقسيم.
6- حسن البيان للمسألة مع تعضيدها بكل أنواع الاستدلالات الشرعية واللغوية والعقلية.
7- توجيهه للأخطاء والانحرفات الواقعة في زمانه بسبب سوء وضعف الفهم مما يدل على كمال نصحه وهكذا يجب أن نتعلم
8- لاحظت في رسالة شيخ الإسلام كثرة استطراداته بما يفيد الموضوع ، ولكن هذا حدث بسلاسة مع عودة لموضوع الرسالة ، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على سعة علمه وقوته العلمية.
----------
المجموعة الثانية:
إجابة السؤال الأول:بينّ أوجه دلالة قول الله تعالى: {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله} على تفضيل دين الإسلام مطلقا.
تدل الآية الكريمة على تفضيل دين الإسلام مطلقاً وذلك من عدة وجوه :
1- صيغة التفضيل وأسلوب النفي وما يتضمنه من الاستثناء:
فصيغة ( لا أحسن من كذا) تدل على نفي الأفضلية ، وتتضمن بعرف الخطاب إثبات أفضلية المجرور بمن ، مثل القول " لا أصدق من زيد" ، بهذا التركيب أصبحت حقيقة عرفية في أن زيداً هو أصدق القوم.
فمفهوم الآية لا أحسن من دين الإسلام ، فالمجرور بمن ( الإسلام) مفضلا على الداخل في أفعل التفضيل وهو سائر الأديان ، فدلت الآية بعرف الخطاب أن دين الإسلام أحسن الأديان.
2- بطريقة السبر والتقسيم:
فالاحتمالات ثلاثة:
- أن يكون هناك دين أفضل من الإسلام وهذا منفي بنص الآية.
- أن يكون هناك دين مساوياً له فهذا يرده العقل والآيات في السياق.
فأما العقل فإنه يستحيل عقلاً أن يتساوى دينان مختلفان في كل شيء ، فلو كان هناك دين يماثل الإسلام في كل شيء لكان هو الإسلام نفسه، ولو كان يخالف الإسلام فالاختلاف يقتضي أن يكون أحدهما أفضل من الآخر.
وأما آيات السياق فبينت أفضلية الإسلام من عدة أوجه:
1- قبل الآية قال تعالى: ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به) ، فالكل مجزي بعمله مسلم أوكافر ، أما المسلم فتكفر عن ذنوبه في الدنيا كما ثبت في التفسير النبوي للآية ، وأما الكافر فيوافى بسيئاته كاملة فثبت الفضل لأهل الإسلام من هذه الناحية.
2- ثم قال تعالى: (ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيراً) فاشترط لقبول العمل الصالح في الآخرة الإيمان، فثبت أن الكفار ليس لهم في الآخرة من أعمالهم الصالحة شيء.
فالعقل يأبى أن يكون هؤلاء الكفار أفضل ممن أسلم وجهه لله وأحسن العمل ، فثبت بذلك الاحتمال الثالث والأخير وهو أن الإسلام أفضل الأديان مطلقاً.
3- سبب نزول الآية :
وهو تنازع المسلمين وأهل الكتاب في أي دين أفضل ، وقد أتى الرد شافياً حاسماً لمادة النزاع ، لم يقل الله لهم أن الدينين سواء كما لم ينهاهم عن المفاضلة ، بل بين لهم أنه لا أحسن من دين الإسلام .
إجابة السؤال الثاني:كيف تميّز بين الإرادة الكونية والإرادة الدينية في النصوص؟
الإرادة الكونية:هي إرادة شاملة لجميع المخلوقات ، وتقع سواء كانت مما يحبه الله من الطاعات وغيرها أو مما لا يحبه الله من السوء والمعاصي ، وتأتي في النصوص بمعنى المشيئة: ومثالها: ( فعال لما يريد) ، وقوله ( إن كان الله يريد أن يغويكم) ، فالله لا يحب أن يغوي العباد ، فلا يصح أن يكون المعنى إن كان الله يحب أن يغويكم بل المعنى إن كان الله يشاء أن يغويكم ( أي: ممكن استبدال كلمة يريد بيشاء ويستقيم المعنى ).
الإرادة الشرعية :هي التي يحب الله عز وجل ويرضى وقوعها وقد تقع وقد لا تقع لأنها إرادة أمرية، ومثالها: ( والله يريد أن يتوب عليكم) ، فالمعنى والله يحب أن يتوب عليكم ، ولا يلزم من محبة الله للشيء أن يقع لأن الحكمة قد تقتضي عدم وقوعه ، فيمكن استبدال كلمة يريد بيحب ويستقيم المعنى.
إذن الإرادة الكونية لا بد فيها من وقوع المراد فالله إذا أراد شيئاً كوناً فلابد أن يقع ، أما الإرادة الشرعية فقد يقع المراد وقد لا يقع ، قد يريد الله عز وجل هذا الشيء شرعاً ويحبه ولكن لا يقع لأن المحبوب قد يقع وقد لا يقع.
-----
إجابة السؤال الثالث: بيّن فضل مرتبة الإيمان.
يتضح فضل مرتبة الإيمان بما يلي:
1- جعلها الله أعلى من مرتبة الإسلام ، قال تعالى: ( قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم) .
2- المؤمن له عهد أمان وعده الله بأن لا يعذبه ولا يخذله، وأنه لا يخاف ولا يحزن، ولا يضل ولا يشقى، وقد تكفل الله له بالهداية والنجاة، ولم يعد بذلك غيره ، قال تعالى: ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) .
ونمثل لذلك بما ورد في قصة أصحاب السبت فإن الله تعالى أنجى المؤمنين الذين ينهون عن السوء وسكت عن الساكتين عن إنكار المنكر وأخذ الذين ظلموا بعذاب بئيس، فتبين أن أصحاب الكبائر من المسلمين ليس لهم عهد أمان من العذاب كما جعل الله ذلك لأهل الإيمان؛ فقد يُعذَّبون، وقد يعفو الله عنهم بفضله وكرمه، وهذا يوضح الفرق العظيم بين مرتبة الإسلام ومرتبة الإيمان.
------