المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فداء حسين
المجموعة الخامسة:
لخّص مسائل الموضوعات التالية وبيّن فوائد دراستها:
1. مسائل تفسير آيات الحدود.
المسائل:
أمثلة لبعض آيات الحدود:
أولا: المسائل في قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ}.
معنى القصاص
مقصد القصاص
المخاطب في الآية
دلالة المفهوم والمنطوق في الاية
التخصيص في الآية
متى يسقط القصاص
المراد بالأخوة
خيارات ولي الدم
ما يترتب على العفو
وجه دلالة ختم الآية بخطاب:(أولي الألباب).
ثانيا: المسائل في قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
المراد بالزانية والزاني
ضابط الجلد
كيفية اقامة الحد
حد الزاني المحصن
ثالثا: المسائل في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
المراد بالسارق
حكم السرقة
حد السرقة
شروط إقامة الحد في السرقة
وجه ختم الآية باسمي الله(العزيز الحكيم)
رابعا: المسائل في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}:
المراد ب(الذين يحاربون)
حد الحرابة
الأقوال في كيفية إقامة حد الحرابة
التلخيص:
أمثلة لبعض آيات الحدود:
قال تعالى:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ - إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}.
وقال: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ}.
وقال: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
وقال: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
وقال: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
أولا: المسائل في قوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ}.
المراد ب(القصاص في القتلى):
القصاص في القتلى، أي: المساواة فيه، وأن يقتل القاتل عمدا على الصفة التي قتل عليها المقتول.
المخاطب في الآية:
الخطاب لعموم المؤمنين.
الفائدة من توجيه الخطاب لعموم المؤمنين:
فيه دليل على أنه يجب على جميع المؤمنين حتى أولياء القاتل، حتى القاتل بنفسه، إعانة ولي المقتول إذا طلب القصاص وتمكينه من القاتل، وأنه لا يحل لهم أن يحولوا بينه وبين القاتل إذا تمت الشروط كما يفعله أهل الجاهلية من إيواء المحدثين.
دلالة المفهوم والمنطوق في الاية:
قوله:{الْحُرُّ بِالْحُرِّ} وقوله:{أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} يدخل في منطوقهما أن الذكر يقتل بالأنثى، كما تقتل الأنثى بالذكر، فيكون هذا المنطوق مقدما على مفهوم قوله: {وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى} مع دلالة صريح السنة الصحيحة حيث قتل النبي -صلى الله عليه وسلم- اليهودي بالجارية.
التخصيص في الآية:
الآية من العموم المخصوص, فخرج من عمومها:
1- الأبوان وإن علوا, فلا يقتلان بالولد:
- لورود السنة بذلك.
- أن لفظ القصاص فيه ما يدل على أنه ليس من العدل أن يقتل الوالد بولده.
- ما في قلب الوالدين من الرحمة المانعة من صدور هذه الجريمة منهما على ولدهما: إما بسبب خلل في عقليهما أو غيره, لكن وقوع هذا مما يحدث الشبهة، والحدود تدرأ بالشبهات.
2- وخرج من عمومها قتل المسلم بالكافر:
- لثبوت السنة بذلك.
- الخطاب في الاية للمؤمنين خاصة.
- ليس أيضا من العدل أن يقتل ولي الله بعدوه.
3- قتل الحر بالعبد:
لقوله تعالى:{وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ}ذكرا كان أو أنثى تساوت قيمتهما أو اختلفت، ودل مفهومها على أن الحر لا يقتل بالعبد لكونه غير مساو له.
متى يسقط القصاص:
قال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ}, دلت الاية على ان الأصل وجوب القود في العمد العدوان، وأن الدية بدل عنه، لكن إن عفا ولي المقتول عن القاتل إلى الدية، أو عفا بعض الأولياء فإنه يسقط القصاص وتجب الدية.
خيارات ولي الدم:
- القصاص.
- العفو وقبول الدية.
- العفو مجانا.
ما يترتب على العفو:
- إذا عفا الولي عن القاتي وقبل الدية: وجب عليه أن يتبع القاتل بالمعروف من غير أن يشق عليه ولا يحمله ما لا يطيق، بل يحسن الاقتضاء والطلب ولا يحرجه.
- على القاتل أداء إليه بإحسان من غير مطل ولا نقص ولا إساءة فعلية أو قولية.
- احتقن دم القاتل، وصار معصوما منهم ومن غيرهم.
- قال تعالى: {فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} أي: اعتدى بعد العفو {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ}أي: في الآخرة.
المراد بالأخوة:
المراد بالأخوة هنا أخوة الإسلام.
مقصد القصاص:
- حقن الدماء.
- قمع الأشقياء: لأن من عرف أنه إذا قَتَلَ قُتِلَ لا يكاد يصدر منه قَتْلٌ؛ وإذا رئي القاتل مقتولا انزجر غيره بذلك.
وجه دلالة تنكير (حياة):
نكر الحياة لإفادة التعظيم.
وجه دلالة ختم الآية بخطاب:(أولي الألباب).
لما كان هذا الحكم لا يعرفه حقيقة المعرفة إلا أهل العقول الكاملة قال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} وهذا يدل على أنه يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم في تدبير ما في أحكامه من الحكم والمصالح الدالة على كماله، وكمال حكمته وحمده وعدله ورحمته الواسعة، وأن من كان بهذا الوصف فقد استحق الثناء والمدح بأنه من ذوي الألباب، الذين وجه إليهم الخطاب، وكفى بذلك فضلا وشرفا.
فوائد من الاية:
- قتل القاتل عمدا على الصفة التي قتل عليها المقتول تحقيقا للعدل بين العباد.
- البعد عن التشبه بأهل الجاهلية.
- درا الحدود بالشبهات.
- كل من له الحق مأمور بالاتباع بالمعروف، وكل من عليه الحق مأمور بالأداء بإحسان, كما قال صلى الله عليه وسلم: «رحم الله عبدا سمحا إذا قضى، سمحا إذا اقتضى» .
- في قوله: {عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ} [ترقيق وحث على العفو إلى الدية، وأكمل من ذلك العفو مجانا.
- عدم خروج القاتل عن الملة لقوله تعالى:{من اخيه}, ومن باب أولى سائر المعاصي التي هي دون القتل، فإن صاحبها لا يكفر، ولكنه يستحق العقاب، وينقص بذلك إيمانه إن لم يتب.
ثانيا: المسائل في قوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}:
المراد بالزانية والزاني:
الزاني غير المحصن من ذكر أو أنثى.
ضابط الجلد:
مائة جلدة، جلدات تؤلمه وتزجره ولا تهلكه.
ووردت السنة بتغريب عام كامل عن وطنه مع الجلد.
كيفية اقامة الحد:
يكون علنا لا سرا بحيث يشهده طائفة من المؤمنين, لقمع أهل الجرائم، وليحصل به الردع والانزجار وإظهار شعائر الدين، فالاستتار به أو على أحد دون أحد فيه مفاسد كثيرة.
حد الزاني المحصن:
تواترت السنة وأجمع المسلمون على رجم الزاني المحصن، يرجم بالحجارة حتى يموت.
ثالثا: المسائل في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}:
المراد بالسارق:
السارق هو من أخذ مال غيره المحترم بغير رضاه, أو هو الذي يأخذ المال على وجه لا يمكن التحرز منه.
حكم السرقة:
من كبائر الذنوب الموجبة لترتب العقوبة.
حد السرقة:
قطع يد السارق اليمنى كما هي قراءة بعض الصحابة، واليد إذا أطلقت فهي الكف إلى الكوع فقط، فإذا قطعت حسمت وجوبا في زيت أو ودك مغلي لتنسد العروق فيقف الدم.
شروط إقامة الحد في السرقة:
- أن يكون المسروق نصابا، وهو ربع دينار، أو ثلاثة دراهم، أو ما يساوي ذلك.
- أن يكون المأخوذ منه حرزا، وحرز كل مال ما يحفظ به عادة، فلو سرق من مال غير محرز فلا قطع عليه.
إن عاد السارق قطعت رجله اليسرى، فإن عاد فقيل تقطع يده اليسرى، ثم إن عاد قطعت رجله اليمنى، وقيل: يحبس حتى يموت، وورد في ذلك آثار عن السلف مختلفة.
وجه ختم الآية باسمي الله(العزيز الحكيم)
أي: عز وحكم، فقطع بحكمته يد السارق؛ تنكيلا للمجرمين، وحفظا للأموال.
رابعا: المسائل في قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلَافٍ أَوْ يُنفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَٰلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ}:
المراد ب(الذين يحاربون):
قطاع الطريق المحاربين.
حد الحرابة:
- القتل.
- الصلب.
- قطع الأيدي والأرجل من خلاف.
- النفي من البلاد.
الأقوال في كيفية إقامة حد الحرابة:
- الأول: إن الإمام مخير فيهم بين هذه الأمور، وعليه أن يفعل ما تقتضيه المصلحة، ويحصل به النكاية.
- الثاني: إن هذه العقوبة مرتبة بحسب الجريمة؛ فإن جمعوا بين القتل وأخذ المال جمع لهم بين القتل والصلب، وإن قتلوا ولم يأخذوا مالا قتلوا ولم يصلبوا، وإن أخذوا مالا ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإن أخافوا الناس ولم يقتلوا ولا أخذوا مالا نفوا من الأرض، فلا يتركون يأوون إلى بلد، أو يحبسون.
2. مسائل قصة آدم عليه السلام :
المسائل:
دوام أفعال الله أزلا وأبدا.
حكمة الله.
المراد ب(خليفة).
نوع استفهام الملائكة.
المراد من قوله:(أعلم
خلق آدم عليه السلام.
نوع علم الملائكة.
تكريم ادم.
نوع السجود في قوله:(اسجدوا لآدم).
حال إبليس مع أمر الله له بالسجود.
عقاب إبليس على فعله.
طلب إبليس من الل [الله]
الحكمة من إجابة طلب إبليs.[إبليس]
عداوة إبليس.
افتراق الناس في اتباع إبليس.
إفساد إبليس.
طرق محاربة إبليس.
خلق حواء.
الحكمة من خلق حواء.
ابتلاء آدم في الجنة.
نزول العقاب عليه.
ندم آدم وتوبته.
هبوط آدم إلى الأرض.
حقيقة الدنيا.
أقسام اللباس.
فوائذ من قصة آدم.
فيها الرد على نظرية التطور.
إثبات حقيقة الملائكة.
ألفاظ القرآن تفسر على ظاهرها ما لم تأت قرينة صارفة
حسن التعامل مع نصوص القرآن للاستفادة منها.
فضل العلم.
نسبة النعمة إلى المنعم بها حقيقة.
البعد عن مساوئ الأخلاق.
فضل التوبة والتائبين.
الحذر من مكائد العدو الأول.
الرد على المعطلة.
التلخيص:
دوام أفعال الرب أزلا وأبدا:
لم يزل الله أولا ليس قبله شيء، ولم يزل فعالا لما يريد، ولا خلا وقت من الأوقات من أفعال وأقوال تصدر عن مشيئته وإرادته بحسب ما تقتضيه حكمة الله.
كمال حكمة الله:
الله حكيم في كل ما قدره وقضاه، كما هو حكيم في كل ما شرعه لعباده.
المراد ب(خليفة) في قوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً}:
أي: يخلف من كان قبلهم من المخلوقات التي لا يعلمها إلا هو.
نوع استفهام الملائكة في قوله:{قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ}:
- هذا منهم تعظيم لربهم وإجلال له عن أنه ربما يخلق مخلوقا يشبه أخلاق المخلوقات الأول.
- أو أن الله تعالى أخبرهم بخلق آدم، وبما يكون من مجرمي ذريته.
المراد من قوله: {إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ}:
أي إنه محيط علمه بكل شيء، وبما يترتب على هذا المخلوق من المصالح والمنافع التي لا تعد ولا تحصى.
فعرفهم تعالى بنفسه بكمال علمه، وأنه يجب الاعتراف لله بسعة العلم، والحكمة التي من جملتها أنه لا يخلق شيئا عبثا، ولا لغير حكمة.
خلق آدم عليه السلام:
- خلقه بيده تشريفا له على جميع المخلوقات.
- قبض قبضة من جميع الأرض سهلها وحزنها، وطيبها وخبيثها، ليكون النسل على هذه الطبائع.
- كان ترابا أولا، ثم ألقى عليه الماء فصار طينا، ثم لما طالت مدة بقاء الماء على الطين تغير ذلك الطين فصار حمأ مسنونا، طينا أسود، ثم أيبسه بعدما صوره فصار كالفخار الذي له صلصلة, وفي هذه الأطوار هو جسد بلا روح.
- لما تكامل خلق جسده، نفخ فيه الروح فانقلب ذلك الجسد الذي كان جمادا; حيوانا له عظام ولحم وأعصاب وعروق وروح هي حقيقة الإنسان.
- أعده الله لكل علم وخير.
- أتم عليه النعمة، فعلمه أسماء الأشياء كلها.
القصد من اختبار الملائكة:
- أراد الله أن يري الملائكة كمال هذا المخلوق لأن العلم التام يستدعي الكمال التام، وكمال الأخلاق، فعرض هذه المسميات على الملائكة وقال لهم:
{أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}.
اعتراف الملائكة بحدود علمها, حيث كان مقتضى مضمون كلامكم الأول أن ترك خلقه أَوْلَى، بحسب ما بدا لهم في تلك الحال، فلما عجزت عن معرفة أسماء هذه المسميات، أقروا وقالوا:
{سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}.
- ليعلموا على وجه التفصيل والمشاهدة كمال حكمة الله بهذا الأمر، لما شاهدوا كمال هذا المخلوق وعلمه فوعظموا آدم غاية التعظيم.
تكريم آدم:
أراد الله أن يظهر تعظيم الملائكة واحترامها لآدم ظاهرا وباطنا، فقال للملائكة: {اسْجُدُوا لِآدَمَ}.
نوع السجود في قوله:(اسجدوا لآدم):
احتراما لآدم وتوقيرا وتبجيلا، وعبادة منهم لربهم، وطاعة ومحبة وذلا؛ فبادروا كلهم أجمعون فسجدوا لآدم طاعة وامتثالا.
حال إبليس مع أوامر الله:
- كان إبليس بين الملائكة وقد وجه إليه الأمر بالسجود معهم.
- كان من غير عنصر الملائكة؛ حيث كان من الجن المخلوقين من نار السموم.
- كان مبطنا للكفر بالله، والحسد لهذا الإنسان الذي فضله الله هذا التفضيل.
- حمله كبره وكفره على الامتناع عن السجود لآدم كفرا بالله واستكبارا.
- اعترض على ربه، وقدح في حكمته، فقال:
{قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِين}.
عقاب إبليس على فعله:
كان الكفر والاستكبار والإباء منه وشدة النفار سببا في أن يكون مطرودا ملعونا، فقال الله له:
{فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ}.
فحتم عليه الشقاء البدي.
مطلب إبليس من ربه:
لما لم يخضع إبليس ولم يتب، صمم على عداوة آدم وذريته، وأراد أن يدعو الذرية بقوله وفعله وجنوده ليكونوا من حزبه الذين كتب عليهم الشقاء الأبدي، فقال: {رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ}, ليتفرغ لإعطاء العداوات حقها في آدم وذريته.
الحكمة من إجابة طلب إبلس:
اقتضت أن يكون الآدمي مركبا من طبائع متباينة، وأخلاق طيبة أو خبيثة، فكان لا بد من تمييز هذه الأخلاق وتصفيتها بتقدير أسبابها من الابتلاء والامتحان الذي من أعظمه تمكين إبليس من دعوتهم إلى كل شر، فأجابه رب العزة: {فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ - إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ}.
وهذا من الله لحكم عظيمة وأسرار.
افتراق الناس في اتباع إبليس:
- أما الخبيث منهم فسيظهر خبثه، ويتضح شره، والله لا يعبأ به، ولا يبالي به.
- وأما خواص الذرية من الأنبياء، وأتباعهم من الصديقين والأصفياء، وطبقات الأولياء والمؤمنين فإن الله تعالى لم يجعل لهذا العدو عليهم تسلطا.
وسائل إبليس في الإغواء:
قال تعالى: {اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا - وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ}:
- جعلهم منحرفين في تربية أولادهم إلى التربية الضارة.
- حملهم على صرف أموالهم في المصارف الضارة، وفي الكسب الضار.
- مشاركة من إذ تناول طعاما أو شرابا أو نكاحا لم يذكر اسم الله على ذلك في الأموال الأولاد.
- أمرهم أن يكذبوا بالبعث والجزاء.
- أمرهم أن لا يقدموا على خير.
- تخويفهم من أوليائك.
- تخويفهم عند الإنفاق النافع بالفحشاء والبخل.
طرق محاربة إبليس:
- زود الله أوليائه بسلاح لا يمكن لعدوهم مقاومتهم وهو كمال الإيمان بالله، وقوة التوكل عليه.
قال تعالى: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}.
- أنزل الكتب المحتوية على العلوم النافعة، والمواعظ المؤثرة.
- رغب إلى فعل الخيرات، وخوف من فعل الشرور.
- أرسل الرسل مبشرين من آمن بالله وأطاعه بالثواب العاجل، ومنذرين من كفر وكذب وتولى بالعقوبات المتنوعة.
- ضمن لمن اتبع هداه الذي أنزل به كتبه وأرسل به رسله أن لا يضل في الدنيا، ولا يشقى في الآخرة، وأنه لا خوف عليه، ولا حزن يعتريه.
- أرشدهم قي كتبه، وعلى ألسنة رسله إلى الأمور التي بها يحتمون من هذا العدو المبين، وبين لهم ما يدعو إليه هذا الشيطان، وطرقه التي يصطاد بها الخليقة.
- أرشدهم إلى الطرق التي ينجون بها من شر إبليس وفتنته، وأعانهم على ذلك إعانة قدرية خارجة عن قدرتهم.
خلق حواء والحكمة منه:
أتم الله نعمته على آدم، فخلق منه زوجته حواء من جنسه وعلى شكله؛ ليسكن إليها، وتتم المقاصد المتعددة من الزواج والالتئام، وتنبث الذرية بذلك.
ابتلاء آدم في الجنة:
حذر الله-سبحانه- آدم وزوجه من عداوة الشيطان لهما, ومحاولاته إخراجهما من الجنة التي أسكنكما الله إياها.
أباح الله لهما أن يأكلا من جميع ثمارها، وأن يتمتعا بجميع لذاتها إلا شجرة معينة في هذه الجنة، فحرمها عليهما، فقال: {فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ}.
ترصد العدو بهما, وعظم الحسد في قلبه فعظمت رغبته في إخراجهما من الجنة, فجاء في صورة الصديق الناصح، فقال: يا آدم، هل أدلك على شجرة إذا أكلت منها خلدت في هذه الجنة ودام لك الملك الذي لا يبلى؟ فلم يزل يوسوس ويزين ويمني حتى غرهما، فأكلا من الشجرة التي نهاهما الله عنها وحرمها عليهم.
أول عقاب نزل على آدم وزوجه:
لما أكلا منها بدت لهما سوآتهما بعدما كانا مستورين، وطفقا يلزقان على أبدانهما العارية من ورق الجنة ليكون بدل اللباس، وسقط في أيديهما، وظهرت في الحال عقوبة معصيتهما، وناداهما ربهما:
{أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
ندم آدم وتوبته:
أوقع الله في قلب آدم وزوجه التوبة التامة، والإنابة الصادقة.
قال تعالى:{فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ}
وقالا: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ},
فتاب الله عليهما، ومحا الذنب الذي أصابا.
الهبوط إلى الأرض:
كان لا بد من العقاب الثاني الذي حذرهما الله منه، وهو الخروج من هذه الجنة إن أكلا من هذه الشجرة إلى الأرض التي حشي خيرها بشرها، وسرورها بكدرها.
حقيقة الدنيا:
دار ابتلاء : فمن آمن وعمل صالحا كانت عاقبته خيرا من حالته الأولى، ومن كذب وتولى فآخر أمره الشقاء الأبدي والعذاب السرمدي، وحذر الله الذرية من عداوة إبليس فقال:
{يا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ}.
فبث الله من آدم وزوجه رجالا كثيرا ونساء، ونشرهم في الأرض، واستخلفهم فيها؛ لينظر كيف يعملون.
أقسام اللباس:
1- لباس يواري السوآت، ويحصل به الجمال الظاهر في الحياة.
2- لباس أعلى من ذلك، وهو لباس التقوى، الذي هو لباس القلب والروح بالإيمان والإخلاص والإنابة، والتحلي بكل خلق جميل، والتخلي عن كل خلق رذيل.
فوائذ من قصة آدم:
فيها الرد على نظرية التطور:
فقصة آدم ذكرها الله في كتابه في مواضع كثيرة صريحة، وهي من أعظم القصص التي اتفقت عليها الرسل، ونزلت بها الكتب السماوية، واعتقدها جميع أتباع الأنبياء من الأولين والآخرين، ففيها إثبات لحقيقة خلق آدم وحواء، ففيها رد على من زعم بأن الإنسان كان حيوانا قردا، أو شبيها بالقرد، حتى ارتقى إلى هذه الحال الموجودة، وهؤلاء اغتروا بنظرياتهم الخاطئة المبنية على ظنون عقول من أصلها فاسدة، وتركوا لأجلها جميع العلوم الصحيحة، خصوصا ما جاءتهم به الرسل.
إثبات حقيقة الملائكة:
فقصة آدم تذكر صراحة كونهم من مخلوقات الله يأتمرون بأمره, وفي هذا رد على من فسر سجود الملائكة لآدم بمعنى تسخير هذا العالم للآدميين، وأن المواد الأرضية والمعدنية ونحوها قد سخرها الله للآدمي، وهذا تحريف لألفاظ القرآن يقود إلى تحريف غير هذا من مواضعه.
حسن التعامل مع نصوص القرآن للاستفادة منها:
- ألفاظ القرآن تفسر على ظاهرها ما لم تأت قرينة صارفة.
-فهم القرآن كما تلاه النبي عليه الصلاة والسلام, وكما فهمه الصحابة.
- البعد عن التأولات المنحرفة للقرآن مهما زخرفها اصحابها.
فضل العلم:
أن الملائكة لما تبين لهم فضل آدم بعلمه عرفوا بذلك كماله، وأنه يستحق الإجلال والتوقير.
شكر نعمة العلم:
الاعتراف بنعم الله فنقول كما قالت الملائكة والرسل: سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا.
- الثناء على الله بتعليمها.
- تعليم الجهال.
- الوقوف على ما علمه العبد، والسكوت عما لم يعلمه.
البعد عن مساوئ الأخلاق:
أخذ العبرة مما جره الكبر والحسد على إبليس, فنتجنب الحسد والكبر والحرص, كذلك حرص آدم وزوجه حملهما على تناول الشجرة، ولولا تدارك رحمة الله لهما لأودت بهما إلى الهلاك
.
فضل التوبة والتائبين:
ينبغي للعبد إذا وقع في ذنب أن يبادر إلى التوبة والاعتراف، ويقول ما قاله الأبوان من قلب خالص، وإنابة صادقة؛ فما قص الله علينا صفة توبتهما إلا لنقتدي بهما، فنفوز بالسعادة، وننجو من الهلكة.
الحذر من مكائد العدو الأول:
تجنب طرقه وخطواته, والأخذ بالأسباب التي تحمي من الوقوع في شباكه، من عمل الحصون من الأوراد الصحيحة، والأذكار القلبية، والتعوذات المتنوعة، ومن السلاح المهلك له من صدق الإيمان، وقوة التوكل على الله، ومراغمته في أعمال الخير، ومقاومة وساوسه والأفكار الرديئة التي يدفع بها إلى القلب كل وقت بما يضادها، ويبطلها من العلوم النافعة والحقائق الصادقة.
الرد على المعطلة:
إثبات أسماء الله وصفاته مما أثبته الله لنفسه، فلا فرق بين صفات الذات، ولا بين صفات الأفعال, مثل إثبات صفة الكلام في قوله تعالى:{أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُبِينٌ}.
وإثبات اليدين لله كما في قوله: {لما خلقت بيدي}، فله يدان حقيقة، كما أن ذاته لا تشبهها الذوات، فصفاته تعالى لا تشبهها الصفات.
3. المسائل في قصة شعيب عليه السلام:
المسائل:
من هم قوم شعيب عليه السلام.
دعوة شعيب.
موقف قومه منه.
تهديده إياهم.
نزول العذاب عليهم.
فوائد من قصة شعيب.
التلخيص:
من هم قوم شعيب عليه السلام:
هم أهل مدين، وكانوا مع شركهم يبخسون المكاييل والموازين، ويغشون في المعاملات، وينقصون الناس أشياءهم.
دعوة شعيب:
كان نبيا مرسلا دعا قومه إلى توحيد الله، ونهاهم عن الشرك به، وأمرهم بالعدل في المعاملات، وزجرهم عن البخس في المعاملات، وذكرهم الخير الذي أدره الله عليهم، والأرزاق المتنوعة، وأنهم ليسوا بحاجة إلى ظلم الناس في أموالهم، وخَوَّفهم العذاب المحيط في الدنيا قبل الآخرة.
وبين لهم بأنه يدعوهم امتثالا لأوامر الله, وبأنه أول الممتثلين لهذه الأوامر وأول التاركين للمنهيات التي ينهاهم عنها.
فقال لهم: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}
فغرضه أن تصلح أحوالهم الدينية والدنيوية ما استطاع, وقال: {وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيب}.
موقف قومه منه:
- الاستهزاء والتهكم به وبدعوته, قالوا له:{يا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ}
أي: فنحن جازمون على عبادة ما كان آباؤنا يعبدون، وجازمون على أننا نفعل في أموالنا ما نريد من أي معاملة تكون، فلا ندخل تحت أوامر الله وأوامر رسله.
تهديده إياهم:
- لما رأى إصرارهم: خوفهم أخذات الأمم التي حولهم في الزمان والمكان فقال:
{لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ}.
- عرض عليهم التوبة، ورغبهم فيها فقال: {وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ}.
- ثم لما اصروا قال لهم: {وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ}.
نزول العذاب عليهم:
لما أصروا وقالوا: {مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِمَّا تَقُولُ}, أرسل الله عليهم حرا أخذ بأنفاسهم حتى كادوا يختنقون من شدته، ثم في أثناء ذلك أرسل سحابة باردة فأظلتهم، فتنادوا إلى ظلها غير الظليل، فلما اجتمعوا فيها التهبت عليهم نارا، فأحرقتهم وأصبحوا خامدين معذبين مذمومين ملعونين في جميع الأوقات.
وكانت النجاة لشعيب والذين آمنوا معه, قال تعالى:{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا}.
فوائد من قصة شعيب:
- بخس الناس أشياءهم من أعظم الجرائم الموجبة لعقوبات الدنيا والآخرة.
- المعصية الواقعة لمن عدم منه الداعي والحاجة إليها أعظم، ولهذا كان الزنا من الشيخ أقبح من الشباب، والكبر من الفقير أقبح من الغني، والسرقة ممن ليس بمحتاج أعظم من وقوعها من المحتاج؛ لهذا قال شعيب لقومه: {إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ}.
- الحث على الرضا بما أعطى الله، والاكتفاء بحلاله عن حرامه، وقصر النظر على الموجود عندك من غير تطلع إلى ما عند الناس, قال تعالى:{بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ}.
- الصلاة سبب لفعل الخيرات، وترك المنكرات، وللنصيحة لعباد الله، وقد علم ذلك الكفار بما قالوا لشعيب:{أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا}.
- الرد على مذهب الإباحيين الذين هم شر الخليقة: فالعبد في حركات بدنه وتصرفاته، وفي معاملاته المالية، داخل تحت حجر الشريعة، فما أبيح له منها فعله، وما منعه الشرع تعين عليه تركه،،وهذا مثل رد قوم شعيب عليه أنهم أحرار في أموالهم، لهم أن يفعلوا فيها ما يريدون.
- الناصح للخلق من تمام قبول الناس له أن يكون أول الفاعلين لما يأمر به، وأول التاركين لما ينهاهم عنه؛ لقول شعيب: {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ}.
- الأنبياء جميعهم بُعثوا بالإصلاح والصلاح، ونهوا عن الشرور والفساد،.
- على العبد السعي والاجتهاد في فعل الصلاح والإصلاح، فعليه أن يستمد العون من ربه على ذلك، وأن يعلم أنه لا يقدر على ذلك، لقول شعيب: {إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.
- من أخلاق الداعي إلى الله :
*الحلم وحسن الخلق ومقابلة المسيئين بأقوالهم وأفعالهم بضد ذلك.
*الصبر فلا يُحبطه أذى الخلق ولا يصده عن شيء من دعوته, ويهون هذا الأمر أن هذا خُلُقٌ من ظفر به وحازه فقد فاز بالحظ العظيم.
- من طرق الدعوة إلى الله:
*معرفته بالطرق التي دعت إليها الرسل.
*تذكير المدعوين بنعم الله.
*حث المدعوين على إفراد الله بالعبادة.
*تذكير المدعوين ما في مذاهبهم من الزيغ والفساد والاضطراب، والتناقض المزلزل للعقائد، الداعي إلى تركها.
*تذكيرهم بوقائع الله بالأمم المكذبة للرسل، المنكرة للتوحيد.
*تذكيرهم بما في الإيمان بالله وتوحيده ودينه من المحاسن والمصالح والمنافع الدينية والدنيوية، الجاذبة للقلوب، المسهلة لكل مطلوب.
*سلوك كل سبيل حكمة معهم، والتنقل معهم في الأمور بالاكتفاء ببعض ما تسمح به أنفسهم ليستدرج بهم إلى تكميله.
*البداءة بالأهم فالأهم.
4. مسائل قصة أيوب عليه السلام:
المسائل:
التعريف بأيوب عليه السلام.
ابتلاء أيوب عليه السلام.
استجابة الله لدعائه.
امتحانه بزوجته.
فوائد فقهية.
التلخيص:
التعريف بأيوب عليه السلام:
كان من أنبياء بني إسرائيل، من الأصفياء الكرام، وقد ذكره الله في كتابه، وأثنى عليه بالخصال الحميدة عموما، وبالصبر على البلاء خصوصا.
ابتلاء أيوب عليه السلام:
ابتلاه الله بولده وأهله وماله، ثم بجسده، فأصابه من البلاء ما لم يصب أحدا من الخلق، فصبر لأمر الله, ولما تطاول به المرض العظيم، ونسيه الصاحب والحميم نادى ربه: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.
استجابة الله لدعائه:
استجاب الله له فقال: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ}
فركض، فنبعت بركضته عين ماء بارد، فقيل له: اشرب منها واغتسل، ففعل ذلك، فأذهب الله ما في باطنه وظاهره من البلاء، ثم أعاد الله له أهله وماله، وأعطاه من النعم والخيرات شيئا كثيرا.
امتحانه بزوجته:
كان أثناء مرضه قد وجد على زوجته في بعض شيء، فحلف أن يجلدها مائة جلدة، فخفف الله عنه وعنها، وقيل له: خذ بيدك ضغثا حزمة حشيش أو علف أو شماريخ أو نحوها فيها مائة عود فاضرب به ولا ينحل بذلك يمينك.
فوائد فقهية:
- كفارة اليمين لم تشرع لأحد من قبل شريعتنا.
- من لا يحتمل إقامة الحد عليه لضعفه ونحوه أنه يقام عليه مسمى ذلك؛ لأن الغرض التنكيل ليس الإتلاف والإهلاك.
5. مسائل قصة الخضر مع موسى عليه السلام:
المسائل:
سبب ذهاب موسى في رحلته لطلب العلم.
فوائد من قصة موسى مع الخضر.
التلخيص:
سبب ذهاب موسى في رحلته لطلب العلم:
قام موسى عليه السلام- ذات يوم في بني إسرائيل مقاما عظيما، علَّمهم فيه علوما جَمَّة، وأعجب الناس بكمال علمه، فقال له قائل: يا نبي الله، هل تعلم في الأرض أحدا أعلم منك؟
فقال عليه السلام: لا.
وإنما كان هذا الرد بناء على ما يعرفه، وترغيبا لهم في الأخذ عنه.
فأخبره الله عن عبد له في مجمع البحرين عنده علوم ليست عند موسى، فامتلأ قلب موسى رغبة إلى لقياه طلبا للعلم، فطلب من الله أن يأذن له في ذلك، فأذن الله له وأخبره بموضعه الذي سيجده فيه, وأخبره عن العلامة: وهي فقد الحوت الذي تزودا به, فالمكان الذي يفقد فيه الحوت هو المطلب.
فوائد من قصة موسى مع الخضر:
- فضيلة العلم وشرفه، ومشروعية الرحلة في طلبه.
- البداءة في العلم بالأهم فالأهم، فلا يترك طلب العلم للانشغال بالتعليم, بل يتعلم ليعلم.
- جواز أخذ الخادم في السفر والحضر لكفاية المؤن وطلب الراحة.
- الحرص على أن يكون الخادم ذكيا فطنا كيِّسا .
- استحباب إطعام الإنسان خادمه من مأكله، وأكلهما جميعا؛ لقوله: {آتِنَا غَدَاءَنَا}.
- السفر لطلب العلم أو الجهاد أو غيرهما من الأسفار : إذا اقتضت المصلحة بالإخبار عن بعض تفاصيله فيخبر حتى يكمل الاستعداد له, لقول موسى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا}.
- إضافة النقص والشر وأسبابه إلى الشيطان، لقول فتى موسى: {وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ}.
- جواز إخبار الإنسان عما يجده مما هو مقتضى الطبيعة البشرية، من نصب أو جوع أو عطش، إذا لم يكن على وجه التسخط، لقول موسى: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا}.
- المعونة تنزل على العبد بحسب قيامه بالأمر الشرعي، وأن ما وافق رضا الله يعان عليه ما لا يعان على غيره لقوله: {لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا} .
- أن الخضر ليس نبيا، بل هو عبد صالح عالم ملْهَم؛ لأن الله ذكره بالعلم والعبودية الخاصة ولم يذكر معها أنه نبي أو رسول.
- العلم الذي يعلمه الله للعبد نوعان: علم مكتسب، يدركه العبد بطلبه وجدّه، وعلم إلهي لدنِّي، يهبه الله لمن يمن عليه من عباده، لقوله: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا}.
- التواضع في طلب العلم, لقول موسى:{هل اتبعك على أن تعلمني مما علمت رشدا}, فأخرج الكلام بصورة الملاطفة والاستئذان, وأظهر حاجته إلى المعلم، بخلاف حال أهل الكبر والجفاء الذين لا يظهرون حاجتهم إلى علم المعلم.
- تواضع الفاضل للتعلم ممن هو دونه، فإن موسى أفضل من الخضر.
- تعلم العالم الفاضل للعلم الذي لا يملكه ممن يملكه وإن كان دونه في العلم .
- إضافة العلم وغيره من الفضائل إلى فضل الله ورحمته، والاعتراف بذلك، وشكر الله عليه لقوله: {تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا}.
- العلم النافع هو كل علم فيه رشد وهداية لطريق الخير، وتحذير عن طريق الشر، أو وسيلة إلى ذلك، وما سوى ذلك فإما أن يكون ضارا، أو ليس فيه فائدة لقوله: {أَنْ تُعَلِّمَنِي مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا} .
- أن من ليس له صبر على صحبة العَالم، ولا قوة على الثبات على طريقة التعلم، فإنه قاصر ليس بأهل لتلقي العلم, فإن الخضر اعتذر عن موسى أنه لا يصبر على علمه الخاص.
- مما يعين على الصبر على الأشياء إحاطة العبد بها علما، وبمنافعها وثمراتها ونتائجها، لقوله: {وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَى مَا لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْرًا}.
- التأنِّي والتثبت وعدم المبادرة على الحكم على الأشياء حتى يعرف ما يراد منه، وما هو المقصود.
- مشروعية تعليق إيجاد الأمور المستقبلة على مشيئة الله لقوله: {سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ صَابِرًا وَلَا أَعْصِي لَكَ أَمْرًا} .
- إذا رأى المعلم أن من المصلحة أن يخبر المتعلم أن يترك الابتداء في السؤال عن بعض الأشياء حتى يكون المعلم هو الذي يوقفه عليها.
- جواز ركوب البحر إذا لم يكن في ذلك خطر.
- أن الناسي غير مؤاخذ، لا في حق الله ولا في حق العباد، إلا إن ترتب على ذلك إتلاف مال، ففيه الضمان حتى على الناسي لقوله: {لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ}.
- ينبغي للعبد أن يأخذ من أخلاق الناس ومعاملاتهم العفو منها، ولا ينبغي له أن يكلفهم ما لا يطيقون.
- الأمور تجري على ظاهرها، وتعلق بها الأحكام الدنيوية في كل شيء، فإن موسى عليه السلام أنكر على الخضر خرق السفينة، وقتل الغلام بحسب أحكامها العامة، ولم يلتفت إلى الأصل الذي أصَّلاه، هو والخضر، أنه لا يسأله ولا يعترض عليه حتى يكون الخضر هو المبتدئ.
- التنبيه على القاعدة المشهورة: دفع الشر الكبير بارتكاب الشر الخفيف، ومراعاة أكبر المصلحتين بتفويت أدناهما؛ فإن قتل الغلام الصغير شر، ولكن بقاءه حتى يبلغ ويفتن أبويه عن دينهما أعظم شرا.
- عمل الإنسان في مال غيره - إذا كان على وجه المصلحة ودفع المضرة - يجوز بلا إذن، حتى ولو ترتب عليه إتلاف بعض المال، كما خرق الخضر السفينة لتعيب، فتسلم من غصب الملك الظالم.
- جواز العمل في البحر، لقوله: {يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}.
- القتل من أكبر الذنوب.
- العبد الصالح يحفظه الله في نفسه، وفي ذريته، وما يتعلق به، لقوله: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا} .
- استعمال الأدب مع الله حتى في الألفاظ؛ فإن الخضر أضاف عيب السفينة إلى نفسه بقوله: {فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا} وأضاف الخير إلى الله لقوله: {فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ}.
- ينبغي للعبد أن لا يفارق صاحبه في حالة من الأحوال ويترك صحبته، بل يفي له بذلك حتى لا يجد للصبر محلا.
6. مسائل قصة نبيّنا محمد خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم:
المسائل:
فوائد معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام.
حال النبي قبل البعثة.
بدء الوحي.
أول ما نزل من القرآن.
الأمر بالبلاغ.
استجابة النبي للأمر.
عناية الله-سبحانه-به.
أهم مقامات دعوته.
من مقامات النبي مع المكذبين.
من مقامات النبي مع المؤمنين.
من مقامات الكفار مع النبي.
كذبهم على النبي.
كذبهم على القرآن.
شبهاتهم الفاسدة.
الدفاع عن آلهتهم.
اقتراح الآيات بحسب الهوى.
القدح في النبي اعتراضا على الله.
من موانع الاستجابة للهدى.
من أسباب الهداية.
الإسراء والمعراج وفرض الصلاة.
الإسلام في المدينة.
الهجرة إلى الحبشة.
الهجرة إلى المدينة.
إذن الله بالجهاد.
غزوة بدر.
غزوة أحد.
غزوة الخندق.
صلح الحديبية.
إجلاء قبائل اليهود.
فتح مكة.
غزوة تبوك.
فرض الحج.
حجة الوداع.
مسألة استطرادية:
حكم سب آلهة الكفار.
التلخيص:
فوائد معرفة سيرة النبي عليه الصلاة والسلام:
في ذلك أعظم عون على معرفة تفسير كتاب الله، لأن القرآن إنما كان ينزل تبعا لمناسبات سيرته، وما يقوله للخلق، وجواب ما يقال له، وما يحصل به تحقيق الحق الذي جاء به، وإبطال المذاهب التي جاء لإبطالها، وهذا من حكمة إنزاله مفرقا.
حال النبي قبل البعثة:
- بغضت إليه عبادة الأوثان.
- بغض إليه كل قول قبيح وفعل قبيح.
- فطر صلى الله عليه وسلم فطرة مستعدة متهيئة لقول الحق علما وعملا.
- طهّر الله قلبه وزكاه وكمّله.
- كان يتقرب إلى الله أنه, ومن ذلك ذهابه إلى غار حراء الأيام ذوات العدد، ويأخذ معه طعاما يطعم منه المساكين ويتعبَّد ويتحنث فيه.
- كان قلبه في غاية التعلق بربه.
- كان يفعل من العبادات ما وصل إليه علمه في ذلك الوقت.
- كان في غاية الإحسان إلى الخلق.
بدء الوحي:
بدأ بالرؤيا الصادقة, فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح.
أول ما نزل من القرآن:
لما تم عمره أربعين سنة، وتمت قوته العقلية, جاءه جبريل فرأى -عليه الصلاة والسلام-منظرا هاله وأزعجه، فقال له جبريل: اقرأ، فأخبره أنه ليس بقارئ , كما في قوله تعالى:{مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا}.
فغطه جبريل مرتين أو ثلاثا ليهيئه لتلقي القرآن العظيم، فأول ما أنزل الله عليه:
{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} نزلت هذه السورة التي فيها نبوته، وأمره بالقراءة باسم ربه، وفيها أصناف نعمه على الإنسان بتعليمه أنواع البيان المختلفة.
فجاء بها إلى خديجة ترعد فرائصه من الفرَق، وأخبرها بما جرى, فقالت: أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا؛ إنك لتصل الرحم، وتقري الضيف، وتحمل الكَلَّ، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق.
الأمر بالبلاغ:
فتر عنه الوحي مدة ليشتاق إليه, ثم رأى جبريل على صورته فرجع إلى خديجة ترعد فرائصه فقال: «دثروني دثروني» فأنزل الله عليه:
{يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ - قُمْ فَأَنْذِرْ - وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ - وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ - وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ}, وفيها الأمر له بدعوة الخلق وإنذارهم.
استجابة النبي للأمر:
شمر صلى الله عليه وسلم عن عزمه، وصمم على الدعوة إلى ربه مع علمه أنه سيقاوم بهذا الأمر البعيد والقريب، وسيلقى كل معارضة من قومه ومن غيرهم وشدة.
عناية الله-سبحانه-به:
- أيَّده وقوَّى عزمه، وأيَّده بروح منه، وبالدين الذي جاء به.
- أنزل عليه سورة الضحى في فترة الوحي لما قال المكذبون: إن رب محمد قلاه. قال:
{وَالضُّحَى - وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى - مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى} .
ففيها ونفي لكل نقص، وبشارة بأن كل حالة له أحسن مما قبلها ، وأن الله سيعطيه من النصر وانتشار الدين ما يرضيه.
أهم مقامات النبي في دعوته:
- دعوته إلى التوحيد الخالص، والنهي عن ضده, وهذا ما قرره الله في كتابه، وصرفه بطرق كثيرة واضحة تبين وجوبه.
- إبطال الشرك والمذاهب الضارة بطرق كثيرة احتوى عليها القرآن.
من مقامات النبي مع المكذبين:
- كان يدعوهم بالحكمة والموعظة الحسنة، ويجادلهم بالتي هي أحسن.
- كان يدعوهم أفرادا ومتفرقين.
- كان يذكرهم بالقرآن، ويتلوه في الصلاة وخارجها.
من مقامات النبي مع المؤمنين:
- الرأفة العظيمة، والرحمة لهم، والمحبة التامة.
- القيام معهم في كل أمورهم.
- كان أرحم وأرأف بهم من آبائهم وأمهاتهم.
- كان وأحنى عليهم من كل أحد، كما قال تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
من مقامات الكفار مع النبي:
كذبهم على القرآن:
- كانوا إذا سمعوه صموا آذانهم.
- قد يسبونه ويسبون من أنزله لينفروا عنه الناس.
- قال الوليد بن المغيرة عن القرآن: إن هذا إلا سحر يؤثر، إن هذا إلا قول البشر.
- تناقضوا في وصفهم للقرآن من إفكهم: فقالوا: إنه سحر، إنه كهانة، إنه شعر، إنه كذب، إنه أساطير؛ فجعلوا القرآن عضين وكلما قالوا قولا من هذه الأقوال أنزل الله آيات يبطل بها ما قالوا، ويبين زورهم وافتراءهم وتناقضهم.
شبهاتهم الفاسدة:
كانوا يقولون في النبي صلى الله عليه وسلم الأقوال التي ليس فيها دلالة على ما كانوا يعتقدون، وليس فيها نقص بالنبي صلى الله عليه وسلم، مثلا يقولون: لو أن محمدا صادق لأنزل الله ملائكة يشهدون له بذلك، ولأغناه الله عن المشي في الأسواق، وطلب الرزق كما يطلبه غيره، ولجعل له كذا وكذا، ويذكرها الله في القرآن في مواضع متعددة، تارة يصورها للعباد فقط؛ لأن من تصورها عرف بطلانها، وتارة يصورها ويذكر ما يبطلها من الأمور الواضحة.
الدفاع عن آلهتهم:
كانوا يسعون أشد السعي أن يكف النبي-صلى الله عليه وسلم- عن عيب آلهتهم، والطعن في دينهم، ويحبون أن يتاركهم ويتاركوه، لعلمهم أبمعرفة الناس أن ليس في آلهتهم أي من الصفات الحسنة بل كل ما يذكره عنها صحيح معلوم بالضرورة العقلية, فذكر الله ذلك عنهم مثل قوله:
{وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ} .
اقتراح الآيات بحسب الهوى:
فقد كانوا يقترحون الآيات بحسب أهوائهم، مثل طلبهم منه أن يأتيهم بعذاب الله، أو بما تعدنا، أو إزالة جبال مكة، أو جعل فيها أنهارا وعيونا، فيجابون بأن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قد أيده الله بالآيات، والله أعلم بما ينزل من آياته، وأعلم بما هو أنفع لهم، وأنه قد حصل المقصود من بيان صدقه، وتارة يجابون بأنه لا يمنعه من الإتيان بها إلا الإبقاء عليهم، وأنها لو جاءت لا يؤمنون، فعند ذلك يعاجلهم الله بالعقاب.
وتارة يبين لهم أن الرسول إنما هو نذير مبين، ليس له من الأمر شيء، وأن هذا من عند الله, وقد جاءت هذه المعاني في القرآن كثيرة بأساليب متعددة.
القدح في النبي اعتراضا على الله:
فيقدحون فيه قدحا يعترضون فيه على اللهمتسائلين: لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم، وأنك يا محمد لست بأولى بفضل الله منا، ونحوه من الأقوال الناشئة عن الحسد، فيجيبهم الله بذكر فضله، وأن فضله يؤتيه من يشاء، وأنه أعلم حيث يجعل رسالته والمحل اللائق بها، ويشرح لهم من صفات رسوله التي يشاهدونها وقد أبدا الله هذه المعاني وأعادها معهم في مواضع كثيرة.
من موانع الاستجابة للهدى:
- اختيار الضلال والرغبة فيه.
- رد نعم الله.
فكان الجزاء من جنس العمل:
حيث قلب الله أفئدتهم، وأصم أسماعهم، وأعمى أبصارهم وأفئدتهم, وجعل على قلوبهم أكنة أن يفقهوه، وفي آذانهم وقرا، قال تعالى:
{فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}.
من أسباب الهداية:
- إرادة الحق.
- قصد طلب رضا الرب.
فكان الجزاء من جنس العمل:
هداهم الله بالقرآن، وازدادت به علومهم ومعارفهم وإيمانهم وهدايتهم المتنوعة، قال تعالى: {يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 16]
الإسراء والمعراج وفرض الصلاة:
سْرِيَ به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى؛ ليريه من آياته، وعرج به إلى فوق السماوات السبع، وفرض الله عليه الصلوات الخمس بأوقاتها وهيئاتها، وجاءه جبريل على أثرها فعلَّمه أوقاتها وكيفيَّاتها، ففرضت الصلوات الخمس قبل الهجرة بنحو ثلاث سنين، ولم يفرض الأذان في ذلك الوقت، ولا بقية أركان الإسلام.
الإسلام في المدينة:
بدأ انتشار الإسلام في المدينة وما حولها لأن الأوس والخزرج كان اليهود في المدينة جيرانا لهم، وقد أخبروهم أنهم ينتظرون نبيا ، وذكروا أوصافه, فبادر الأوس والخزرج واجتمعوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في مكة واسلموا، أما اليهود فأعرضوا حسدا منهم وكبرا.
الهجرة إلى الحبشة:
لما اشتد أذى قريش للمسلمين، أذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة أولا إلى الحبشة.
الهجرة إلى المدينة:
ثم لما أسلم كثير من أهل المدينة أمروا بالهجرة إلى المدينة.
وكان رؤساء مكة قد اجتمعوا للقضاء التام على النبي صلى الله عليه وسلم؛ فاتفقوا أن يختاروا من قبائل قريش من كل قبيلة رجلا فيجتمعون ويضربونه بسيوفهم ضربة واحدة. فنزل الوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأعلمه, فعزم على الهجرة، وطلب من أبي بكر الصحبة، فأجابه إلى ذلك وخرجوا في نفس الليلة التي اجتمعوا فيها على قتله, وأمر عليًّا أن ينام على فراشه، وخرج هو وأبو بكر إلى الغار، فلما أصبح الصباح خرج إليهم عليّ فقالوا: أين صاحبك؟ قال: لا أدري.
ونجاه الله من كيدهم الذي كادوا, ووصل إلى المدينة وأنزل الله تعالى: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ}.
إذن الله بالجهاد:
بعد الهجرة إلى المدينة أذن اللهم لهم بالجهاد, وكان أول ما نزل في ذلك قوله:{أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}.
فجعل -عليه الصلاة والسلام- يرسل السرايا.
فرض الصيام والزكاة:
فرضا في السنة الثانية ، وأما قوله تعالى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ - الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ}: فإن المراد زكاة القلب وطهارته بالتوحيد وترك الشرك.
غزوة بدر:
وقعت في السنة الثانية.
سببها:
أن عيرا لقريش تحمل تجارة عظيمة من الشام، خرج النبي صلى الله عليه وسلم بمن خف من أصحابه لطلبها، فخرجت قريش لحمايتها، وتوافوا في بدر على غير ميعاد.
الغزوة:
نجت العير والتقى النفير مع الرسول وأصحابه، وكانوا ألفا كاملي العدد والخيل، والمسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر على سبعين بعيرا يعتقبونها، فهزم الله المشركين هزيمة عظيمة، قتلت سرواتهم وصناديدهم، وأُسر من أُسر منهم، وأصاب المشركين مصيبة ما أُصيبوا بمثلها، وأنزلت تفاصيلها سورة الأنفال.
أثر الغزوة:
بعدما رجع-عليه الصلاة والسلام- إلى المدينة منصورا: ذل من بقي ممن لم يُسلم من الأوس والخزرج، ودخل بعضهم في الإسلام نفاقا، قظهر النفاق في المدينة, ولذلك جميع الآيات نزلت في المنافقين إنما كانت بعد غزوة بدر.
غزوة أحدداروا حتى وصلوا إلى أطراف المدينة، وخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه وعبأهم ورتبهم.
الغزوة:
التقى الجيشان ا في أُحد ، وكانت الدائرة في أول الأمر على المشركين، ثم لما ترك الرماة مركزهم الذي رتبهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهم: لا تبرحوا عنه، ظهَرنا أو غُلبنا، وجاءت الخيل مع تلك الثغرة وكان ما كان.
أثرها:
سقط الكثير من القتلى الذين أكرمهم الله بالشهادة في سبيله، وذكر الله تفصيل هذه الغزوة في سورة آل عمران.
وعادت الكرة للمسلمين في السنة الرابعة حيث تواعد المسلمون والمشركون فيها - في بدر - فجاء المسلمون لذلك الموعد، وتخلف المشركون معتذرين أن السنة مجدبة، فكتبها الله غزوة للمسلمين:{فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
غزوة الخندق:
وقعت في سنة خمس من الهجرة.
سببها:
اتفق أهل الحجاز وأهل نجد، وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على غزو النبي صلى الله عليه وسلم، وجمعوا ما يقدرون عليه من الجنود،ولما سمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم خندق على المدينة.
الغزوة:
خرج المسلمون نحو الخندق، وجاء المشركون كما وصفهم الله بقوله:{إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ},
ومكثوا محاصرين المدينة عدة أيام، وحال الخندق بينهم وبين اصطدام الجيوش، وحصل مناوشات يسيرة بين أفراد من الخيل، وخذل الله المشركين المشركين، حتى تقهقروا خائبين إلى ديارهم, وأنزل الله صدر سورة الأحزاب من قوله:
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [الأحزاب: 9] {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَمْ تَطَئُوهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرًا}.
صلح الحديبية:
في السنة السادسة للهجرة اعتمر صلى الله عليه وسلم وأصحابه عمرة الحديبية، فعزم المشركون على صد النبي صلى الله عليه وسلم عنه، ولما بلغ الحديبية ورأى المشركين قد أخذتهم الحمية الجاهلية جازمين على القتال: دخل معهم في صلح لحقن الدماء في بيت الله الحرام، ولما في الصلح من المصالح، واتفقوا على عودة النبي صلى الله عليه وسلم عامه هذا وعدم دخوله البيت، ويكون القضاء العام المقبل، واتفقوا على الهدنة بينهم عشر سنين؛ فكره جمهور المسلمين هذا الصلح حين توهموا أن فيه غضاضة على المسلمين، ولم يطلعوا على ما فيه من المصالح الكثيرة، فرجع صلى الله عليه وسلم عامه ذلك، وقضى هذه العمرة في عام سبع من الهجرة، فأنزل الله سورة الفتح بأكملها: {إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا}فتحققت بهذا الصلح من المصالح الكثير, كتمكن المسلمون من الدعوة إلى الإسلام، ودخول الناس في دين الله أفواجا.
إجلاء قبائل اليهود:
- بنو قريظة: ظاهروا المشركين بقولهم وتشجيعهم على قصد المدينة في غزوة الأحزاب، فنقضوا ما كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فحاصرهم، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ فحكم أن تقتل مقاتلتهم، وتسبى ذراريهم،.
- بنو قريظة دخلت في ضمن قصة الخندق.
- بنوالنضير: هموا بالفتك بالنبي صلى الله عليه وسلم، وكانوا على جانب المدينة, فغزاهم صلى الله عليه وسلم واحتموا بحصونهم، ووعدهم المنافقون حلفاؤهم بنصرتهم، فألقى الله الرعب في قلوبهم، وأنزلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يجلوا عن ديارهم ولهم ما حملت إبلهم، ويدعوا الأرض والعقار وما لم تحمله الإبل للمسلمين؛ فأنزل الله ف أول سورة الحشر: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لِأَوَّلِ الْحَشْرِ} .
فتح مكة:
وقع سنة ثمان من الهجرة، بعد أت نقضت قريش العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم, فغزا مكة في جند كثيف من المسلمين يقارب عشرة آلاف، فدخلها فاتحا لها، ثم تممها بغزو حنين على هوازن وثقيف، وأنزل الله في ذلك أول سورة التوبة.
غزوة تبوك:
وقعت سنة تسع من الهجرة, حيث غزا-عليه الصلاة والسلام- وجيش المسلمين تبوك ، ولم يتخلف إلا أهل الأعذار وأناس من المنافقين، وثلاثة من صلحاء المؤمنين: كعب بن مالك وصاحباه، وكان الوقت شديدا، والحر شديدا، والعدو كثيرا، فوصل إلى تبوك ومكث عشرين يوما ولم يحصل قتال فرجع إلى المدينة.
وأنزل الله في هذه الغزوة آيات كثيرة من سورة التوبة.
فرض الحج:
فرض في سنة تسع من الهجرة -أو سنة عشر- ، وكان أبو بكر حج بالناس سنة تسع، ونبذ إلى المشركين عهودهم، وأتم عهود الذين لم ينقضوا.
حجة الوداع:
حج النبي صلى الله عليه وسلم بالمسلمين سنة عشر وحج المسلمون معه، فعلمهم مناسك الحج والعمرة بقوله وفعله، وأنزل الله الآيات التي في الحج وأحكامه، وأنزل الله يوم عرفة: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} .
مسألة استطرادية:
حكم سب آلهة الكفار:
إذا ترتب على السب المذكور سبهم لله، فإنه يترك لما يترتب عليه من الشر, قال تعالى:{وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ}.
من الفوائد من جميع ما سبق:
- أهمية العلم, فبه يعبد الله, وبه تعرف حدود الله, وبه تطاع أوامره وبه تجتنب محارمه.
- الأخذ بالأسباب من التوكل على الله, فموسى عليه السلام, جهز نفسه للرحلة متوكلا على الله.
- لا تكون النجاة في هذه الدنيا إلا بالصبر, وبه ينال العبد أرفع المقامات, وهذا من قصة أيوب عليه السلام.
- الحرص على أداء حق الله والحرص على أداء حق العباد كاملا, والحرص على معاملة الناس بأمانة فبهذا تكون مكارم الأخلاق, وهذا من قصة شعيب.
- الحرص على معرفة سيرة النبي0عليه الصلاة والسلام-للعمل على تطبيق سنته والاقتداء بهديه.
- قراءة سير الأنبياء والصالحين وتعريف النشأ بهم حتى تكون القدوة ماثلة أمامهم فلا يتضررون بالاقتداء بغيرهم ممن لا عدالة لهم ولا مروءة.
|