مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية الأندلسي
س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة.
باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به.
ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن
- إنه سبب لنجاة العبد في الدنيا والآخرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)).
قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن.
- سبب للحصول على زيادة العلم :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)).
- سبب لزيادة الأجر :
وقال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)).
- سبب لشفاعة القرآن لصاحبه يوم القيامة : قال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)).
- فضل العمل بالقرآن:ومرت امرأة على عيسى ابن مريم عليه السلام فقال طوبى لبطن حملك ولثديين رضعت منهما فقال عيسى: طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبع ما فيه.
- وقال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته} قال: الإسلام والقرآن.
وذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن.
- الوعيد الشديد لمن ترك العمل بالقرآن :وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)).
- فضل تعليم كتاب الله تعالى :روى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)).
- فضل البيت الذي يقرأ فيه القرآن :قال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة.
- سبب لرقة القلب واستحضار خشية الله تعالى يروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب.
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} فأعيد منها عشرين يوما وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار.
- امتحان الله للعباد بما فيه من التكاليف مع ثقلها على النفس ابتلاء من الله عز وجل قال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم.
باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه.
- فضل تعلم اللغة العربية :روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر)).
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)) والحكمة من ذلك أنها سبب لفهم النصوص واستنباط الأحكام التي هي أصل الشريعة .
- فضل فهم معاني القرآن وتعلم تفسيره :قال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} قال الحكمة: الفهم في القرآن وقال قتادة الحكمة: القرآن والفقه فيه وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن.
باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين
- معنى حديث عائشة رضي الله عنها (ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل), وأن المراد بذلك الأمور الغيبية التوقيفية التي لايعلمها إلا الله كأمور الآخرة ففسرها النبي صلى الله عليه وسلم بما أوحي إليه وأما باقي القرآن فلم يكونوا يحتاجوا إليه لإنه نزل بلغتهم وإذا أشكل عليهم أمر من الأمور سألوا النبي صلى الله عليه وسلم بينه لهم .
- عظم حرمة القول على الله بلا علم ولافقه :يروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)).ولذلك كان كثير من السلف يتورعون عن التفسير ويقولون إنما هو الرواية عن الله .
- أعلام المفسرين من الصحابة : من برز من الصحابة علي بن أبي طالب وأخذ عنه التفسير عبد الله بن عباس وهو حبر هذه الأمة ثم يتلوه ابن مسعودوأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص.
- أعلام المفسرين من التابعين :الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة. وأما مجاهد فقرأ على ابن عباس القرآن مرتين يسأله عند كل آية ,ويتلوهم عكرمة والضحاك بن مزاحم وإن كان لم يلق ابن عباس وإنما أخذ عن ابن جبير.
- أعلام المفسرين في القرن الثالث : عبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم.
- مكانة تفسير الطبري :جمع علوم التفسير المتفرقة مع ايضاحه للأسانيد .
- ثم جاء من بعدهم أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي وقد أثنى على تفاسيرهما ,وأما تفاسيرأبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فقد استدرك عليهما مكي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبو العباس المهدوي . أثابهم الله جميعا وجعل ما قدموه ذخرا لهم يوم لا ينفع مال ولا بنون .
باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)).
- معنى السبعة أحرف .
اختلف العلماء في ذلك اختلافا كثيرا
- فقيل أي على سبعة أوجه كتعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي وإقرب وجئ , أو هي سبع لغات ,أو كالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة , وقال هو قول ضعيف.
- وقيل السبعة أحرف تكون في الأمر الواحد ولا يكون من الحلال والحرام ,ذكره ابن شهاب في كتاب مسلم . وقال ابن عطية هو كلام محتمل
- وقيل إن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. وضعفه ابن عطية لإن هذه لا تسمى أحرف و لإن الإجماع على أن التوسعة لم تقع في تغيير الحرام حلالا والحلال حراما .
- وقال القاضي أبو بكر بن الطيب أن السبعة أحرف ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ.
ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد.
ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل (ننشرها) و{ننشزها}.
ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} و(كالصوف المنفوش) ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} و(طلع منضود) ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} و(سكرة الحق بالموت).
ومنها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى).
- وقال أيضا القاضي أبو بكر بن الطيب أن السبعة أحرف ما ذكرت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)).
ورد هذا القول ابن عطية فقال هذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للأحرف السبعة ولكن ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها وإنما المراد بالحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة ومنه قول تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} أي على وجه وطريقة هي ريب وشك وعلى هذا يكون معنى الحديث أي على سبع طرائق من تحليل وتحريم وغير ذلك.
وكذلك أن أبيا رضي الله عنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)).
- قال القاضي ابن طيب هي سبعة أوجه من أسماء الله تعالى. قال ابن عطية ينبغي أن يحمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ لإنه لا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه.
- وقيل أن كل كلمه اختلفت فيها القراءة هي على سبعة أحرف وإلا بطل معنى الحدبث.
- وقيل يوجد في القرآن كلمة أو كلمتين تقرأ على سبعة أحرف وبهذا يتم معنى الحديث .
- قال القاضي ابن الطيب ببطلان القول بأن الحديث أنزل القرآن على سبع لغات مختلفات هذا باطل إلا إذا كان الإختلاف في القصة الواحدة وأن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة وقراءتهم مختلفة وحصل الإنكار للقراءة المختلفة .
- وقيل أن هذه الأحرف السبعة التي صوب النبي صلى الله عليه وسلم القراءة بها وذلك لاختلافهم في اللغات فلها سبعة أوجه وسبعة قراءات لها طرائق يقرأ بها في القرآن كله أو معظمه فيجوز القراءة بها على اختلافها ويدل على ذلك قول الناس حرف أبي وحرف ابن مسعود ونقول إن القرآن منزل على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك متفرق في كتاب الله ليس في حرف واحد وسورة واحدة وعلى ذلك جرى الإجماع .
- رد ابن عطية على ابن الطيب قوله أن المراد بالأحرف سبعة لغات وقال أن الإختلاف ليس شديدا بحيث يجهل كل قبيلة لغة الأخرى وإنما مجرد ألفاظ مختلفة تستخدم في كل قبيلة على حده ,وإنما اللغة هي التي تقرأ القرآن كله بلغتها ولا يدخل في قراءتها لغة غيرها.
- بيان ابن عطية رحمه الله لمعنى حديث النبي عليه السلام بأنه الوجوه والطرائق المختلفة في كتاب الله مرة من جهة اللغة ومرة من جهة الإعراب وغير ذلك , كما صحح أن نحسب قراءة كل قبيلة التي نزل القرآن بلسانها بأنها لغة .
- شروط القراءة الصحيحة التي يقرأ بها في الصلاة .
أن القراء تتبعوا ما ورد من ألفاظ مختلفة فما وافق خط المصحف وثبت بالإجماع قرأوا به وهكذا كانت القراءات السبعة .
- حكم القراءات الشاذة لا تصح الصلاة بها وأما ما روي عن الصحابة و أئمة التابعين بغير إجماع لا يصح في ذلك إلا اعتقاد أنهم رووه .
باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره
- سبب جمع القرآن في عهد أبي بكر : وذلك لما استحر القتل في القراء يوم اليمامة خشي الصحابة على القرآن فأشار عمر بن الخطاب على أبي بكر بجمعه فكلف أبي بكر زيد بن ثابت لإنه من كتاب الوحي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولإمانته فجمعه من اللخاف والعظم وصدور الرجال غير مرتب السور وسقطت منه آية من آخر سورة براءة حتى وجدها عند خزيمة بن ثابت .
- سبب الجمع في عهد عثمان بن عفان
لما كان الجمع في عهد أبي بكر بالأحرف السبعة وغير منقوط ولا مشكل حصل هناك اختلاف في القراءة فلما خشي عثمان من تفرق المسلمين في الكتاب وأن يكفر بعض المسلمين بعضا جمعه على مصحف إمام بإشارة من حذيفة بن اليمان وكلف بذلك زيد بن ثابت ثلاثة من قريش سعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير.ثم بعث لكل مصر بمصحف وأمر بإحراق ماسواها .
- ترتيب السور على ماهو معروف في مصحف عثمان هو اجتهاد من زيد وعثمان رضي الله عنهما ,بخلاف السبع الطوال والحواميم والمفصل فقد كان مرتبا زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأما ترتيب الآيات في السور والبسملة بين السور من النبي صلى الله عليه وسلم .
- أول من وضع الشكل ونقط الحروف
قيل عبد الملك بن مروان أمر الحجاج وزاد تحزيبه وأمر الحسن ويحيى بن يعمر بذلك وألف إثر ذلك بواسط كتاب في القراءات جمع فيه ما روي من اختلاف الناس فيما وافق الخط ومشى الناس على ذلك زمانا طويلا إلى أن ألف ابن مجاهد كتابه في القراءات.
وقيل أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي
وقيل أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر.ذكره الزبيدي
وقيل أن زياد بن أبي سفيان أمر أبا الأسود بنقط المصاحف.ذكره أبو الفرج
وذكر الجاحظ في كتاب الأمصار أن نصر بن عاصم أول من نقط المصاحف وكان يقال له: نصر الحروف.
- أول من حزب القرآن .
قيل المأمون العباسي أمر بذلك وقيل إن: الحجاج فعل ذلك.
باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق.
- هل في القرآن بعض الألفاظ من لغات أخرى سوى العربية ؟
أختلف المفسرون في ذلك
فقال أبو عبيدة إن القرآن فيه من الألفاظ الغير عربية كألفاظ من لغة الحبشة كقسورة وكفلين وألفاظ فارسية.
وقال الطبري بل كل ألفاظ القرآن عربية أصلا وإن كان هناك ألفاظ غير عربية فهو من باب الإتفاق في الألفاظ بين اللغات .
وقال ابن عطية إن ألفاظ القرآن عربية وما كان فيه من ألفاظ غير عربية فهم قد تأثروا بهذه الألفاظ أثناء رحلاتهم التجارية وسفرهم واختلاطهم بغيرهم من الأمم ثم عربوا تلك الكلمات واستخدموها في أشعارهم ومحاوراتهم بعد أن أدخلوا عليها بعض التعديل من التخفيف أو الزيادة أو النقصان لبعض الحروف فجرت مجرى الفصيح فنزل بها القرآن .
نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن.
- تحدي القرآن وإعجازه .
اختلف المفسرون في أي شيء وقع إعجاز القرآن :
- فقيل في صفة الكلام القديم الذي هو صفة الذات وأن العرب كلفت مالا تطيق فلذلك عجزت عن التحدي.
- وقيل وقع في الأخبار الصادقة والأمور الغيبية .
وهذه يرى العجز فيها من كان مقر بدين الإسلام معترفا بالله تعالى ونبوة النبي صلى الله عليه وسلم .
- وأما الكفار فلا شك أنها تحديت برصف القرآن ونظمه وفصاحته وتوالي معاني ألفاظه , فتحداهم الله أن يأتوا بمثل ألفاظه .
وهذا القول الذي رجحه ابن عطية والذي قال عليه الجمهور .
- وجه إعجاز القرآن إنه نزل من الله تعالى الذي أحاط علمه بكل شيء بعكس الإنسان وما يتصف به من صفات الجهل والنسيان وغيرها .
باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى
حكم إسناد بعض الأفعال إلى الله تعالى لم يأت بها الشرع .
- أجاز ذلك المحدثون والفقهاء والمفسرون واستخدمها أبو المعالي في الإرشاد وذلك مثل قول خاطب الله بهذه الآية المؤمنين وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: {قصيه} ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: {ألست بربكم}
- وقال الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه
وقال ابن عطية يكون ذلك غير جائزا إذا كان إثبات ذلك كصفة من صفاته أما إذا كان ذلك في سياق الكلام فإنه أسلوب شائع في كلام العرب وهذا كقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله.
ومن ذلك قولهم الله يدري كذا وكذا، والدراية إنما هي التأتي للعلم بالشيء حتى يتيسر ذلك.
باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية
- معنى القرآن : مصدر من قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة
- وقال قتادة: القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} أي تأليفه وهذا نحو قول الشاعر :
ذراعي بكرة أدماء بكر = هجان اللون لم تقرأ جنينا
أي لم تجمع في بطنها ولدا .
ورجح ابن عطية القول الأول لإنه أقوى ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه
ضحوا بأشمط عنوان السجود به = يقطع الليل تسبيحا وقرآنا
أي: قراءة
- معنى الكتاب : مصدر من كتب إذا جمع ومنه قولهم كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها.
- معنى الفرقان : مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقا وفرقانا
- معنى الذكر فسمي به لأنه يذكر به الناس بأمر آخرتهم وإلاههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم .
وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء .
وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به.
- معنى السورة :
من العرب من يقرأها بهمز( سؤر) فيكون المعنى عندهم كالبقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: [المتقارب]
فبانت وقد أسأرت في الفؤاد = صدعا على نأيها مستطيرا
أي: أبقت فيه.
- وأما من لا يهمز فمنهم من يرى أنها سهلت همزتها ولها نفس معنى من همز .
- ومنهم من يشبهها بسور البناء أي القطعة منه لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة , قال أبو عبيدة: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن.
- ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر:
ألم تر أن الله أعطاك سورة = ترى كل ملك دونها يتذبذب
فكأن الرتبة انبت حتى كملت .
- معنى الآية :
- قيل هي العلامة, ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكم حيسا).
- وقيل هي الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها
- وقيل سميت آية لإن العرب تقول لمجموع الكلام وجملته آية وذلك كقولهم جئنا بآيتنا أي بجماعتنا .
- وقيل لإنها علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية.
وزن كلمة آية :
- عند سيبويه فعلة بفتح العين أصلها أيية تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية.
- وقال الكسائي أصل آية آيية على وزن فاعلة حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة.
- وقال مكي في تعليل هذا الوجه سكنت الأولى وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة وقيل: أصلها أية على وزن فعلة بسكون العين أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف قاله الفراء وحكاه أبو علي عن سيبويه في ترجمة {وكأين من نبي}.
- وقال بعض الكوفيين أصلها أيية على وزن فعلة بكسر العين أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها.
والحمد لله رب العالمين ,,,