(1) وهذا الذي قالَه أبو المعالي هو الحقُّ, وأنَّ أهلَ السنَّةِ والجماعةِ - وهم السلفُ الصالحُ - نَصُّوا على هذا، وتَرَكُوا التأويلَ الذي خَاضَهُ الجَهْمِيَّةُ وأشباهُهم.
وقولُه: (نُفَوِّضُ المَعْنَى) يعني الكَيْفِيَّةَ، أما المعاني فمعلومةٌ، وليسَ مُرَادُه رأيَ المُفَوِّضَةِ الذين يقولون: إنَّ اللَّهَ خاطَبَ الناسَ بما لا يَفْهَمُونَ ولا يَعْقِلُونَ، وهؤلاءِ شَرٌّ مِن الجَهْمِيَّةِ، وإنَّما مُرَادُهُ أنْ نُفَوِّضَ المعنى مِن جهةِ الكَيْفِ، كما قالَ مالكٌ وغيرُه، وابنُ المُبَارَكِ، وسُفْيَانُ، وغيرُهم: أَمِرُّوها بِلا كَيْفٍ. يعني: آمِنُوا بها، وأَمِرُّوها مِن دونِ أنْ تُكَيِّفُوا الصفاتِ، فالمعنى معروفٌ، الاستواءُ معروفٌ معناه، والعلمُ معروفٌ، والضَّحِكُ معروفٌ، اليَدُ معروفةٌ، القَدَمُ معروفةٌ، السمْعُ معروفٌ، لكنْ لا نُكَيِّفُها ولا نُمَثِّلُها بصفاتِ المخلوقينَ.