معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   الفتوى الحموية (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=37)
-   -   21: كلام أبي المعالي الجويني (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=12187)

عبد العزيز الداخل 5 محرم 1432هـ/11-12-2010م 02:59 AM

21: كلام أبي المعالي الجويني
 
وَكَذَلِكَ قَالَ ( أَبُو الْمَعَالِي الْجُوَيْنِيُّ ) فِي كِتَابِه ( الرِّسَالَةِ النِّظَّامِيَّةِ ): اخْتَلَفَتْ مَسَالِكُ الْعُلَمَاءِ فِي هَذِهِ الظَّوَاهِرِ، فَرَأَى بَعْضُهُمْ تَأْوِيلَهَا، وَالْتَزَمَ ذَلِكَ فِي آيِ الْكِتَابِ، وَمَا يَصِحُّ مِنَ السُّنَنِ وَذَهَبَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ إِلَى الانْكِفَافِ عَنِ التَّأْوِيلِ، وَإِجْرَاءِ الظَّوَاهِرِ عَلَى مَوَارِدِهَا، وَتَفْوِيضِ مَعَانِيهَا إِلَى الرَّبِّ.
قَالَ: وَالَّذِي نَرْتَضِيهِ رَأْيًا وَنَدِينُ اللَّهَ بِهِ عَقْيدة: اتِّبَاعُ سِلَفِ الأُمَّةِ، وَالدَّلِيلُ السَّمْعِيُّ الْقَاطِعُ فِي ذَلِكَ أَنَّ إِجْمَاعَ الأُمَّةِ هو حُجَّةٌ مُتَّبَعَةٌ، وَهُوَ مُسْتَنَدُ مُعْظَمِ الشَّرِيعَةِ.
وَقَدْ دَرَجَ صَحْبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى تَرْكِ التَّعَرُّضِ لِمَعَانِيهَا، وَدَرْكِ مَا فِيهَا - وَهُمْ صَفْوَةُ الإِسْلاَمِ، وَالْمُسْتَقِلُّونَ بِأَعْبَاءِ الشَّرِيعَةِ - وَكَانُوا لاَ يَأْلُونَ جَهْدًا فِي ضَبْطِ قَوَاعِدِ الْمِلَّةِ، وَالتَّوَاصِي بِحِفْظِهَا، وَتَعْلِيمِ النَّاسِ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مِنْهَا، فَلَوْ كَانَ تَأْوِيلُ هَذِهِ الظَّوَاهِرِ مُسَوَّغًا أَوْ مَحْتُومًا: لأَوْشَكَ أَنْ يَكُونَ اهْتِمَامُهُمْ بِهَا فَوْقَ اهْتِمَامِهِمْ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَإِذَا انْصَرَمَ عَصْرُهُمْ وَعَصْرُ التَّابِعِينَ عَلَى الإِضْرَابِ عَنِ التَّأْوِيلِ: كَانَ ذَلِكَ هُوَ الْوَجْهَ الْمُتَّبَعَ، فَحَقٌّ عَلَى ذِي الدِّينِ أَنْ يَعْتَقِدَ تَنْزِيهَ الباري عَنْ صِفَاتِ الْمُحْدَثِينَ، وَلا يَخُوضُ فِي تَأْوِيلِ الْمُشْكِلاتِ، وَيَكِلُ مَعْنَاهَا إِلَى الرَّبِّ تعالى، فليجرِ آيَةَ الاسْتِوَاءِ وَالْمَجِيءِ. وَقَوْلَهُ: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ }، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَإلاكْرَامِ } وَقَوْلَهُ: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا }، وَمَا صَحَّ مِنْ أَخْبَارِ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَخَبَرِ النُّزُولِ وَغَيْرِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاه(1)

عبد العزيز الداخل 5 محرم 1432هـ/11-12-2010م 03:00 AM

تعليق سماحة الشيخ: عبد العزيز بن عبد الله ابن باز رحمه الله
 
(1) وهذا الذي قالَه أبو المعالي هو الحقُّ, وأنَّ أهلَ السنَّةِ والجماعةِ - وهم السلفُ الصالحُ - نَصُّوا على هذا، وتَرَكُوا التأويلَ الذي خَاضَهُ الجَهْمِيَّةُ وأشباهُهم.
وقولُه: (نُفَوِّضُ المَعْنَى) يعني الكَيْفِيَّةَ، أما المعاني فمعلومةٌ، وليسَ مُرَادُه رأيَ المُفَوِّضَةِ الذين يقولون: إنَّ اللَّهَ خاطَبَ الناسَ بما لا يَفْهَمُونَ ولا يَعْقِلُونَ، وهؤلاءِ شَرٌّ مِن الجَهْمِيَّةِ، وإنَّما مُرَادُهُ أنْ نُفَوِّضَ المعنى مِن جهةِ الكَيْفِ، كما قالَ مالكٌ وغيرُه، وابنُ المُبَارَكِ، وسُفْيَانُ، وغيرُهم: أَمِرُّوها بِلا كَيْفٍ. يعني: آمِنُوا بها، وأَمِرُّوها مِن دونِ أنْ تُكَيِّفُوا الصفاتِ، فالمعنى معروفٌ، الاستواءُ معروفٌ معناه، والعلمُ معروفٌ، والضَّحِكُ معروفٌ، اليَدُ معروفةٌ، القَدَمُ معروفةٌ، السمْعُ معروفٌ، لكنْ لا نُكَيِّفُها ولا نُمَثِّلُها بصفاتِ المخلوقينَ.


الساعة الآن 12:46 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir