المجموعة الثالثة:
1. فسّر بإيجاز قول الله تعالى:
{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}.
بعدما بين الله عزوجل أن القران هداية للمتقين شرع في بيان صفاتهم
فقال" الذين" الذين في محل جر تبعاً للمتقين، أو محل نصب مدحا لهم أي اذكر الذين يؤمنون أو في محل رفع على المدح أيضا
" يؤمنون"
والإيمان في اللغة التصديق كما قال تعالى: {يؤمن باللّه ويؤمن للمؤمنين}[التّوبة: 61]، وكما قال إخوة يوسف لأبيهم: {وما أنت بمؤمنٍ لنا ولو كنّا صادقين}[يوسف: 17]،
وفي الشرع التصديق والإقرار الجازم الذي لا شك فيه ولا ريب باللّه وكتبه ورسله، وتصديق الإقرار بالفعل.
ومعنى قوله"بالغيب" أي يؤمنون في حال غيابهم وخلوتهم كما يؤمنون في حال حضورهم أمام الناس لا كما يفعل المنافقون يؤمنون إذا حضروا أمام الناس و يكفرون إذا غابوا
و قيل يؤمنون يصدقون تصديقا جازما لا ريب فيه ولا شك بكل ما أخبرت به الشريعة من أمر الغيب
فيؤمنون باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، القضاء والقدر ، ويؤمنون بالحياة بعد الموت وبالبعث،والنشور والحشر ويؤمنون بقاء الله عزوجل والصراط والميزان والجنة والنار و يؤمنون بالقران.
وقد يدخل في الإيمان بالغيب الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم لمن جاء بعد الرسول ولم يره فيكون الإيمان به إيمان بالغيب
وقوله{ويقيمون الصّلاة}
و معنى إقامة الصلاة إتمام فعلها على الوجه المأمور به؛ كما قال تعالى :{ وأتموا الحج والعمرة } فيدخل في ذلك الإتيان بفروضها و واجباتها ومستحباتها و سننها و شروطها وأركانها ؛ و المحافظة على مواقيتها ووضوئها
ويدخل في ذلك أيضا كل ما يكون سببا لإتمام الصلاة وكمالها سواء كان في الهيئة والشكل أو في حضور القلب والخشوع
والصلاة لغة الدعاء
وشرعا: أفعال وأقوال على صفات مخصوصة .
وفي تسميتها بالصلاة أنها مأخوذة من صلى يصلي إذا دعا،
ولما كانت الصلاة في الشرع دعاء انضاف إليه هيئات وقراءة سمي جميع ذلك باسم الدعاء.
قوله تعالى: {وممّا رزقناهم ينفقون}،
"مما" أي "من ما " و"ما" : الذي
والمعنى من الذي أعطاهم الله ومن عليهم به ينفقون أي يؤتونه و يعطونه وهو شامل لكل أنواع الإنفاق سواء كان واجبا كزكاة الأموال أو مستحبا كالنفقة على الأهل والعيال و الأقارب و المماليك والعبيد
{ 2. حرّر القول في:
القراءات في قوله تعالى: {ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون}، وبيّن معنى الآية على كل قراءة.
. حرّر القول في:
ورد في "يكذبون قراءتان:
الأولى: قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر {يكذّبون }بالتثقيل ( ضم الياء وتشديد الذال)
الثانية: قرأ الباقون {يكذبون }بالتخفيف ( فتح الياء وتخفيف الذال)
توجيه القراءتين:
-فقراءة التثقيل معناه ب بتكذيبهم الله ورسوله ؛و يؤيدها قوله تعالى قبل: {وما هم بمؤمنين}،فهذا إخبار بأنهم يكذبون
- و أما قراءة التخفيف فمعناه " بكذبهم إذ قالوا آمنا وهم غير مؤمنين،
ويؤيدها أن سياق الآيات إنما هي إخبار بكذبهم،. والله عزوجل توعدهم بالعذاب الأليم على الكذب .
وكلا المعنيين صحيح حاصل منهم متصفون به فالمنافقون حصل منهم كذب في مقالهم و أفعالهم و تكذيب للرسول صلى الله عليه وسلم و الأصل في القراءات التوافق .
وإن كان ابن كثير قد رجح قراءة التثقيل
3. بيّن ما يلي:أ: المراد بالمرض ومعنى زيادته في قوله تعالى: {في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا}.
المرض: ويقال له السقم
والمرض يكون في البدن و في الدين كما يقال الصحة في البدن وفي الدين
والمرض في الدين عبارة مستعارة للفساد الذي في العقائد
وبفساد العقائد يحصل فساد الدين ؛ و لما كانت العقائد محلها القلب ....وسم فساد الدين بمرض القلب
فالمراد بقوله" في قلوبهم مرض" مرض في الدين
فصار مرض قلب: يصلح لكل ما خرج به الإنسان عن الصحة في الدين.
والمراد بالمرض في الآية
قوله تعالى: {في قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} فيه أقوال :
أحدها: شك , وبه قال ابن عباس.وكذلك قاله مجاهدٌ، وعكرمة، والحسن البصريّ، وأبو العالية، والرّبيع بن أنسٍ، وقتادة وزيد بن أسلم.وبه قال أبو عبيدة .ورى السدى عن ابن مسعود انه قول جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلمذكره المفسرون الثلاث.
والثاني: نفاق وهو قول ابن عباس وبه قال مقاتل . ذكره ابن كثير
والثالث: الرّياء وهو قول عكرمة، وطاوسٍ ذكره ابن كثير
الرابع : أن المرض الغمُّ بظهور أمر النبي صلى الله عليه وسلم على أعدائه , ذكره ابن عطية
الخامس: هو ما يحصل لهم من الجحود بسبب حسدهم مع علمهم بصحة ما يجحدون، وبنحو هذا فسر المتأولون. ذكره ابن عطية
والأقوال كلها متقاربة غير متعارضة وهو من باب التفسير لمثال للمرض الحاصل في القلوب أو هو من باب من تنوع الأسماء والصفات و المسمى واحد فالاختلاف هنا اختلاف تنوع لا تضاد و المعاني كلها تتحملها الآية و لا تعارض فيها
وقوله: {فزادهم اللّه مرضاً}
فيه تأويلان:
أحدهما: أنه دعاء عليهم بذلك.
والثاني: أنه إخبار من الله تعالى أنه قد فعل بهم ذلك
كما قال تعالى : {فأمّا الّذين آمنوا فزادتهم إيمانًا وهم يستبشرون * وأمّا الّذين في قلوبهم مرضٌ فزادتهم رجسًا إلى رجسهم}[التّوبة: 124، 125]
و سبب الزيادة أمران:
الأول: الكفر.. زادهم الله بكفرهم. كما قال عزّ وجلّ: {بل طبع اللّه عليها بكفرهم}. ذكره الزجاج
الثاني:وهذه الزيادة هي بما ينزل الله من الوحي ويظهر من البراهين، فتكون على المنافقين عمى وشكا و تكذيبا فكلما زادت الآيات كذبوا و شكوا فازدادوا مرضا
وهذا جزاء من جنس العمل
فهم الذين بدؤوا بالضلالة والعمى والغي و الشر والضلالة فزادهم الله ذلك بسبب صنيعهم
كما قال تعالى:{ {والّذين اهتدوا زادهم هدًى وآتاهم تقواهم}[محمّدٍ: 17].
ب: سبب عدم ظهور النفاق في السور المكية.
برز النفاق في المدينة ولم يكن له ذكر في مكة ، والسبب في ذلك هو قوة الإسلام في المدينة وضعفه في مكة
فقوة شوكة الإسلام في المدينة كان سبب في ظهور النفاق
وأما في مكة فكان الإسلام ضعيفا بل قوية شوكة الكفار لهدا كان
. لم يكن فيها نفاقٌ، بل كان خلافه، من النّاس من كان يظهر الكفر مستكرها