السؤال الأول [عام لجميع الطلاب]: بيّن ما اعتمد عليه المفسرون في تحرير مسائل التفسير في الرسائل الثلاث، وكيف يمكن أن تستفيد منها؟
• تفسير قول الله تعالى: {قالت الأعراب آمنّا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا}
الرجوع إلى أقوال السلف في التفسير، والمحققين من أهل العلم، ذكره لأصحاب كل قول ومن رجحه، ثم ذكر الدليل على كل قول، البيان والتوضيح للجمع بين القولين، والاستدلال للأقوال من السنة، والرجوع إلى الآيات التي معناها مقارب للآيه وشرحها، ثم استنباط واستخراج الفوائد من الآيات المستشهد بها.
• تفسير قول الله تعالى: {أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم} لابن القيم رحمه الله
إيراد الأقوال أولا ثم توجيهها من خلال اللغة، والاستشهاد بالقرآن لبيان المعنى المراد، وقوة بيانه لما يتعلق بمسائل العقيدة ورده على المخالفين، والترجيح بين الأقوال من خلال الإعراب والاستعمال اللغوي والسياق، وحسن استنباط الفوائد الإيمانية والعقدية، وبيان المعنى من خلال بيان الوقف ونوعه.
• تفسير قول الله تعالى: {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن...} لشيخ الإسلام ابن تيمية
البيان والتوجيه اللغوي للمعنى، وإيراده لأسباب النزول في حسن تحرير وترجيح من خلال اشتهار النقل وسياق الآيات، والمحاورة العقلية من خلال السبر والتقسيم، وشرح جميع الاحتمالات والرد عليها من خلال الشرع والمنطق، وشرح الاستعمال اللغوي للفظ لتوجيه المعنى من خلاله، وحسن تطبيقه لعلوم اللغة من نحو وغيره كما في بيانه لمعنى الاستثناء والاستعمال اللغوي والعرفي للفظ، والاستشهاد بمسائل الفقه في البيان، وتوضيح المسائل المشابهة من الكتاب والسنة والواقع، وحسن التوظيف للنصوص في الاستدلال، مع تمكنه من القواعد الأصوليه، وبيان الفائدة الإيمانية المرادة من الآية.
وهذا مما يفيد طالب العلم في تتبع أثرهم في أسلوب وطريقة الكتابة، وامتلاك الأداوت العلمية واللغوية التي تساعده على التأهل للكتابة، وتقوية نقاط الضعف عنده التي تحتاج إلى زيادة اهتمام.
السؤال الثاني: اختر إحدى المجموعتين التاليتين وأجب على أسئلتها إجابة وافية.
المجموعة الأولى:
1: حرّر القول في سبب نزول قوله تعالى: {ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن}، وبيّن ما لاحظته من القوة العلمية لدى شيخ الإسلام من خلال تحريره لسبب النزول.
ذكر ابن تيمية ثلاثة أقوال في سبب نزولها، كما يلي:
الأول: أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا على بعض، فأنزل اللّه تعالى: {ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب}، وهو قول قتادة والضحاك وغيرهما.
الثاني: أنه لما نزل قوله تعالى: {ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب من يعمل سوءًا يجز به} قال أهل الكتاب: نحن وأنتم سواء، فنزلت فيهم، وهو قول مسروق.
الثالث: قالت قريشٌ: لا نبعث أو لا نحاسب، وقال أهل الكتاب: {لن تمسّنا النّار إلّا أيّامًا معدودةً}، فأنزل اللّه عزّ وجلّ: {ليس بأمانيّكم ولا أمانيّ أهل الكتاب}، وهو قول مجاهد.
ورجح ابن تيمية القول الأول لعدة أسباب: لكون سورة النساء مدنية، والخطاب يشمل المؤمنين كما هو من خصائص السور المدنية، ولشهرة النقل في المشقة التي حصلت للصحابة عند نزول قوله تعالى: {من يعمل سوءًا يجز به} فيكون الخطاب للمؤمنين لا الكفار وحدهم، ويظهر من السياق بعدها كما قوله تعالى: {ومن يعمل من الصّالحات من ذكرٍ أو أنثى وهو مؤمنٌ} أن هناك تفاضل بين الأديان وتنازع في ذلك، لا مجرد إنكار لما بعد الموت، والسياق كله خطاب للمؤمنين، فيرجح أن تكون الآية هذه أيضا داخلة في هذا الخطاب.
ومما امتاز به ابن تيمية في بيانه لسبب النزول هو إيراده الأقوال الواردة والتعقيب عليها، وقوة ملكته العلمية في تطبيق قواعد الترجيح من خلال فهم النص ودلالة السياق وأحوال النزول وارتباط المعنى وطبيعة السور المدنية.
2: بيّن أثر المعرفة بالإعراب على التفسير من خلال دراستك لرسالة ابن القيم رحمه الله تعالى.
أفاد معرفة الإعراب ما يلي:
• توجيه الأقوال، كما في قوله: (كقوله تعالى: {وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} لا خلاف بين الناس أن المعنى على علم منا بأنهم أهل الاختيار؛ فالجملة في موضع نصب على الحال، أي اخترناهم عالمين بهم وبأحوالهم، وما يقتضي اختيارهم من قبل خلقهم).
• وبيان معناها، كما في قوله: (وعلى الأول يكون {على علم} حالا من الفاعل، المعنى: أضله الله عالما بأنه من أهل الضلال في سابق علمه. وعلى الثاني حال من المفعول، أي أضله الله في حال علم الكافر بأنه ضال)
• بالإضافة إلى رده القول الخاطئ من خلال إعراب خبر كان، ومن المعنى أيضا، وذلك واضح في قوله: (من زعم أن (ما) مفعول يختار فقد غلط؛ إذ لو كان هذا هو المراد لكانت الخيرة منصوبة على أنها خبر كان، ولا يصح المعنى ما كان لهم الخيرة فيه وحذف العائد؛ فإن العائد ههنا مجرور بحرف لم يجر الموصول بمثله؛ فلو حذف مع الحرف لم يكن عليه دليل؛ فلا يجوز حذفه).
• كما أنه رجح بين الأقوال واختار من خلال معرفة الإعراب في قوله: (من هذا قوله سبحانه:{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ} وأصح الأقوال في الآية أن المعنى من قبل نزول التوراة فإنه سبحانه قال: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ وَضِيَاءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ}، وقال:{وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ} ثم قال:{وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ} مِنْ قَبْلِ ذلك. ولهذا قطعت قبل عن الإضافة، وبنيت لأن المضاف منوي معلوم، وإن كان غير مذكور في اللفظ).
3: ما الفرق بين الإسلام والإيمان ؟
أن الإسلام يطلق على الأعمال الظاهرة، أما الإيمان فيطلق على الأعمال الباطنة القلبية، وعلى قول من أثبت لأهل النفاق الإسلام الظاهر فيترتب على ذلك معاملتهم على ما ظهر منهم.
وقد ذكر المروزي دلالة معنى الإسلام من وجهين:
الأول: أن الإسلام يعني الخضوع والاستسلام لله إخلاصا لله عز وجل.
الثاني: أن يكون هذا الخضوع والاستسلام خوفا من القتل والسبي، فيكون إسلاما ظاهرا.
وبذلك يظهر أن مرتبة الإيمان أعلى من مرتبة الإسلام، لإطلاقها على دخول حقيقة الإيمان إلى القلب، وأن الإسلام قد يكون باللسان فقط.
وقد ذكر الشيخ فائدة من قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [الذاريات: 35-36] أن المؤمنين موعودون بالنجاة، وأنهم في أمان من العذاب، كما أن الله تكفل بهدايتهم في قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ}.