المجموعة الثانية:
س1: تحدّث عن عناية الصحابة والتابعين بالتفسير اللغوي.
الإجابة : اعتنى الصحابة والتابعون بتفسير القرآن بلغة العرب ؛ وذلك من خلال استعانتهم بما حفظوه من أشعارهم في تفسير القرآن ودعوتهم للعناية بالعربية ككتابة عمر ابن الخطاب لأبي موسى الأشعري : "أما بعد فتفقهوا في السنة، وتفقهوا في العربية، وأعربوا القرآن فإنه عربي، وتمعددوا فإنكم معديون " رواه ابن أبي شيبة. وقول أبي بن كعب رضي الله عنه : "تعلَّموا العربيَّةَ في القرآن كما تتعلَّمون حفظه " رواه ابن وهب وابن أبي شيبة.
فكانت طبقة الصحابة رضي الله عنهم ( الطبقة الأولى ) منهم علماء يفسرون الغريب ويبينون معاني الأساليب القرآنية بما يعرفونه من لغتهم العربية التي يتحدثون بها ، لأن القرآن نزل بلغتهم .كما كان لبعضهم مزيد عناية بحفظ الشواهد العربية ومعرفة فنون العربية وأساليبها .
أما ( الطبقة الثانية ) كبار التابعين وهم من عصر الاحتجاج لفصاحتهم وقد عُني بعضهم بالتفسير اللغوي ، كأبي الأسود الدؤلي ( ت 69 هـ ) قال عنه محمد بن سلام الجمحي : " كان أولَّ مَن أسَّسَ العربيَّةَ، وفتحَ بابها، وأنهج سبيلها، ووضع قياسَها " ، وقال الذهبي: " أَمَرَهُ علي رضي الله عنه بوضع النحو، فلما أراه أبو الأسود ما وضع، قال: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت، ومن ثَمَّ سُمِّيَ النَّحْو نحواً " .
وأما (الطبقة الثالثة ) وهم الذين أخذوا عن أبي الأسود الدؤلي واعتنوا بالعربية كابن عطاء ونصر الليثي وعنبسة بن معدان ويحيى بن يعمر العدواني ويحيى أكثر من يروى عنه التفسير من أصحاب أبي الأسود وهو أول من نقط المصاحف .
وأما ( الطبقة الرابعة ) وعامتهم من صغار التابعين وقد أخذوا عن أصحاب أبي الأسود وكانت لهم عناية بتأسيس علوم العربية وتدوينها كعبدالله بن أبي إسحاق ، وعيسى بن عمر الثقفي ، وأبي عمرو بن العلاء المازني .
س2: بيّن مع التمثيل أثر معرفة الأساليب القرآنية في التفسير.
الإجابة :
معرفة الأساليب القرآنية – معانيها ومقاصدها – له أثر بالغ في التفسير ، وهو قدر زائد على معرفة معاني الألفاظ المفردة ، ومعاني الآيات مرهون بمعرفة معنى الأسلوب . ومن ذلك قوله تعالى : " فما أصبرهم على النار " فللسلف واللغويين قولان في تفسير هذه الآية معتمدين على تفسير معنى الأسلوب بين التعجب والاستفهام . ومن ذلك أيضًا قوله تعالى : " قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين " فللمفسرين كلام كلام طويل عماده على تفسير معنى الأسلوب بين النفي والشرط .
س3: تحدّث بإيجاز عن احدى أمثلة دراسة معاني الحروف في التفسير.
الإجابة :
علم معاني الحروف مهمّ للتفسير واستخراج الأوجه التفسيرية ومعرفة أوجه الجمع والتفريق بين أقوال المفسرين ، من ذلك معنى " ما " في قوله تعالى : " إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء " على ثلاثة أقوال لتعدد معانيها :
القول الأول : " ما " موصولة لإفادة العموم ، والمعنى : إن الله يعلم كلَّ ما تعبدون من دونه من حجر أو شجر أو نجم أو نار أو جنّ أو إنس وحال تلك المعبودات من نقصها وضعفها . وهو قول ابن جرير الطبري وجماعة من المفسرين فسّروا الآية على هذا المعنى، وذكره أبو سعيد السيرافي في شرح كتاب سيبويه.
القول الثاني : " ما " نافية ، لنفي تلك المعبودات إذ لم تنفعهم شيئا فنزّلت منزلة المعدوم تبكيتا للمشركين . ذكره أبو البقاء العكبري وأبو حيّان الأندلسي والسمين الحلبي وابن عاشور ، واختاره الأستاذ محمود صافي
القول الثالث : " ما " استفهامية ، والاستفهام إنكاري ، والمعنى : أي شيء تعبدون من دون الله ؟ . ذكره سيبويه عن الخليل بن أحمد، وقال به أبو علي الفارسي والراغب الأصبهاني وأبو البقاء العكبري وجماعة .
س4: تحدّث بإيجاز عن عناية علماء اللغة بمسائل الإعراب على مر العصور.
الإجابة :
لقد اعتنى جماعة من علماء اللغة المتقدمين بمسائل الإعراب في التفسير لأسباب منها الكشف عن المعاني ، والتعرف على علل الأقوال ، والترجيح بينها ، والترجيح بين أوجه المعاني على بعض ، وتخريج أقوال المفسرين . وكان منهم من تحفظ أقواله وتروى في كتب التفسير والعربية . من هؤلاء العلماء : عبدالله بن أبي إسحاق الحضرمي ، وعيسى بن عمر الثقفي ، وأبو عمرو بن العلاء ، والخليل بن أحمد ، وهارون الأعور، وسيبويه .
ثم ظهر في أواخر القرن الثاني التأليف في معاني القرآن وإعرابه . ومن ذلك كتاب في معاني القرآن لكنّه مفقود ، للإمام الكسائي (ت:189هـ). وكتاب قيّم في معاني القرآن لأبي زكريا يحيى بن زياد الفرَّاء (ت:207هـ) ، وكان كتابه من أجمع الكتب في زمانه في إعراب القرآن، وقد عني العلماء به. ومجاز القرآن لأبي عبيدة معمر بن المثني(ت:209هـ) ، وفيه مسائل في إعراب القرآن. و"معاني القرآن" للأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة (ت: ٢١٥هـ) وهو مطبوع.
وفي القرن الرابع الهجري اتّسع التأليف في إعراب القرآن ؛ واشتهرت فيه كتب منها : كتاب "معاني القرآن وإعرابه" لأبي إسحاق إبراهيم بن السريّ الزجاج وهو من أجمع كتب إعراب القرآن في زمانه، واشتهر كتابه شهرة كبيرة وعني به العلماء . وكتابا "معاني القرآن" و"القطع والائتناف" لأبي جعفر أحمد بن إسماعيل النحاس .
وفي القرون التالية تتابع التأليف في إعراب القرآن ، ومن أجود المؤلفات فيه : كتاب حافل في إعراب القرآن لعلي بن إبراهيم بن سعيد الحوفي(ت:430هـ)، قال فيه الذهبي: (له " إعراب القرآن " في عشر مجلدات ، تخرّج به المصريون ) . وكتاب "مشكل إعراب القرآن" لمكي بن أبي طالب القيسي . وكتاب "البيان في غريب إعراب القرآن" لأبي البركات ابن الأنباري .