الدرس الثالث : معلّمو القرآن وعلومه في العهد النبوي
===========================
مظاهر تعليم القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم :
أولا :كان بتعليمه للصحابه :
طرق تعليمه الصحابة :
تعليم حروفه :
-الإقراء : فكان يقرأهم القرآن بنفسه .
-التلاوة المباشرة : حيث كان يتلوا عليهم القرآن بلسان عربي مبين .
تعليم معانية :
-تفسير الآيات : فكان يفسر لهم الآيات ،ويفسر لهم بالذات نوع معين من التفسير الذي لايصلح أن يجتهد فيه أحد ؛لأنه لايدرك إلا بالوحي .
مثاله : كما في الصحيحين من حديث علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن البراء بن عازب رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( إذا أُقعد المؤمن في قبره أتي، ثم شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فذلك قوله: {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت} )).
تعليم هداياته :
-تطبيق الأحكام في العبادات والمعاملات .
-الإجابة على ما أشكل عليهم .
-الدعوة والتعامل مع المخالفين ، وإنزال الآيات على مختلف الأحوال .
-في التعامل مع المصائب والأمور التي تصيبهم من السراء والضراء .
أدلة تعليم الصحابة كل شيء :
- في الحديث الذي رواه الطبراني في الكبير ورواه ابن حبان في صحيحه في كتاب العلم من طريق أَبِي الطُّفَيْلِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ: «ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار إلا وقد بُيّن لكم».
فرواه الطبراني بلفظ : تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما طائر يقلب جناحيه في الهواء إلا وهو يذكّرنا منه علما) وروى ابن حبان بلفظ آخر : (إلا عندنا منه علم).
دلالة الحديث :
دلالة على العلم المتعلق بالأحكام الشرعية وهو أخص من العلوم والمعارف الأخرى المختصة بالخلق والأمر .
ثانيا : ارساله بعوث لتعليم القرآن :
أهميته :
-مهم للدعوة ونشر الدين .
-مهم لتبليغ آيات القرآن ومعانيه ، ولبيان ما أنزل الله فيه من البينات والهدى .
- مهم ليأخذوا بالقرآن ويعرفوه ويعملوا به .
أمثلة على البعوث التي أرسلها :
1)المرة الأولى : بعث مصعب بن عمير العبدري القرشي:
مكان البعثة : المدينة
زمن البعثة : بعد بيعة العقبة الأولى .
أهداف البعثة:
- اقراء القرآن .
- تعليم شرائع الإسلام .
- الدعوة إلى الإسلام .
نتائج البعثة :
- اسلام جماعة من الصحابة على يديه منهم : عبَّاد بن بشر، وأسيد بن الحضير، وسعد بن معاذ.
- اسلام قبائل بسبب اسلامهم ، فأسلم أكثر بني عبد الأشهل من الأوس.
دليله :
ما رواه البيهقي في دلائل النبوة و ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق ابن اسحاق عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم، وعبد الله بن المغيرة بن معيقيب،قال: (بعث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصعبَ بن عمير مع النفر الاثني عشر الذين بايعوه في العقبة الأولى إلى المدينة يُفَقّه أهلها ويقرئهم القرآن)
[تاريخ مدينة دمشق لابن عساكر ،ج9، ص82، رواه البيهقي في دلائل النبوة في باب ذكر العقبة الأولى ،وقال عنه البيهقي أنه موقوف ]
2)المرة الثانية : بعث مصعب بن عمير مع وابن أم مكتوم .
مكان البعثة : المدينة .
زمن البعثة : بعد العقبة الثانية .
هدف البعثة :
-تعليم القرآن .
دليله :
في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : " أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ , وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ , فَقَدِمَ بِلَالٌ , وَسَعْدٌ , وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ ، ثُمَّ قَدِمَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , حَتَّى جَعَلَ الْإِمَاءُ يَقُلْنَ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَمَا قَدِمَ حَتَّى قَرَأْتُ : سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فِي سُوَرٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ " .
3) بعث سبعين من أصحابه .
مكان البعثة : إلى رعل وذكوان وعصية وبني لحيان.
هدف البعثة :
-دعوة المشركين .
-تعليم القرآن .
- تعليم الدين .
نتائج البعثة :
- غدر بهم وقتل أكثرهم في يوم بئر معونة .
دليله :
-ما رواه الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه من طريق ثابت، عن أنس بن مالك، قال: جاء ناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا أنِ ابعث معنا رجالا يعلمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلا من الأنصار، يقال لهم: القراء، فيهم خالي حَرَام، يُقرِئِون القرآن، ويتدارسون بالليل يتعلَّمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد، ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصفة وللفقراء، فبعثهم النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، فعرضوا لهم، فقتلوهم قبل أن يبلغوا المكان، فقالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا.
قال: وأتى رجلٌ حراماً - خالَ أنس - من خلفه؛ فطعنه برمح حتى أنفذه، فقال حرام: فُزْتُ وربِّ الكعبة؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه:(( إن إخوانكم قد قُتلوا، وإنهم قالوا: اللهم بلغ عنا نبينا أنا قد لقيناك فرضينا عنك، ورضيت عنا" )).
- ما رواه البخاري ومسلم والإمام أحمد من طريق قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رعلا وذكوان وعصية وبني لحيان استمدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على عدوٍّ، فأمدَّهم بسبعين من الأنصار، كنَّا نسمّيهم القراءَ في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار، ويصلّون بالليل، حتى كانوا ببئر معونة قتلوهم وغدروا بهم، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقَنَت شهراً يدعو في الصبح على أحياء من أحياء العرب، على رعل وذكوان وعصية وبني لحيان.
- قال أنس: (فقرأنا فيهم قرآنا، ثم إنَّ ذلك رُفِعَ: [بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا]).
[ رواه البخاري في كتاب المغازي ، والإمام أحمد في مسنده في مسند أنس بن مالك ، ومسند أي العباس السراج ، ص 323]
- وروى مسلم في كتاب المساجد من طريق سفيان عن عاصم قال : سمعت أنسا يقول: « ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على سرية ما وجد على السبعين الذين أصيبوا يوم بئر معونة، كانوا يُدعون القرَّاء، فمكث شهراً يدعو على قَتَلَتِهم».
4)خلف النبي صلى الله عليه وسلم معاذ بن جبل :
مكان البعثة : مكة .
الزمن : بعد فتح مكة .
الهدف :
- تعليم القرآن .
- تفقيه الناس أمر دينهم .
دليله :
- روى الحاكم في مستدركه في كتاب معرفة الصحابة من طريق عَنْ أَبِي الأَسْوَدِ ، عَنْ عُرْوَة والبيهقي في دلائل النبوة من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمّه موسى بن عقبة : «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم استخلف معاذ بن جبل رضي الله عنه على أهل مكة حين خرج إلى حنين، وأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعلّم الناس القرآن، وأن يفقّهَهم في الدين، ثم صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم عامداً إلى المدينة، وخلَّف معاذَ بنَ جبلٍ على أهل مكة»).[رواه البيهقي في دلائل النبوة من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمّه موسى بن عقبة.]
5)بعث عمرو بن حزم بن زيد لوذان النجاري الخزرجي الأنصاري.
عمره : كان في السابعة عشر من عمره .
مكان البعثة : نجران .
هدف البعثة :
- تفقيه الناس في دينهم .
- تعليم القرآن .
- أخذ الصدقات .
- بيان الحقوق الواجبة لهم والواجبة عليهم .
- - التبشير بالخير والأمر به .
نتائج البعثة :
- اسلامهم .
دليله :
- في الحديث الذي رواه البيهقي في دلائل النبوة و الذهبي في سير أعلام النبلاء عن ابن اسحاق من طريق عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة، ويأخذ صدقاتهم، فكتب له كتابا وعهدا، وأمره فيه أمره فكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله ورسوله {يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود}، عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن أمره بتقوى الله في أمره، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأمره أن يأخذ الحقَّ كما أمره، وأن يبشر الناس بالخير ويأمرهم، ويعلم الناس القرآن، ويفقههم فيه، وينهى الناس، ولا يمسَّ أحدٌ القرآن إلا وهو طاهر، ويخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم ويلين لهم في الحق، ويشد عليهم في الظلم، فإنَّ الله عز وجل كره الظلم ونهى عنه...).[ والحديث صححه أحمد شاكر ].
- وفي الحديث الذي رواه النسائي في السنن في باب الديات ، والبيهقي في السنن الكبرى في باب القسامة من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال : قرأت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه على نجران، وكان الكتاب عند أبي بكر بن حزم). [وهذا الحديث جاء من طريق وهب بن منبه ، وهو ثقة غير أنه ضعفه أبو حفص الفلاس ]
- وقال ابن عبد البر في الاستيعاب : (أول مشاهده الخندق، واستعمله رسول الله صلى عليه وسلم على أهل نجران، وهم بنو الحارث بن كعب، وهو ابن سبع عشرة سنة، ليفقههم في الدين، ويعلم القرآن، ويأخذ صدقاتهم، وذلك سنة عشر بعد أن بعث إليهم خالد بن الوليد، فأسلموا، وكتب له كتابا فيه الفرائض والسنن والصدقات والديات، ومات بالمدينة سنة إحدى وخمسين).
6) بعث أبا موسى الأشعري ثم معاذ بن جبل .
مكان البعثة: اليمن .
هدف البعثة :
-تعليم الناس القرآن .
- تعليم شرائع الإسلام .
- أخذ الصدقات .
دليله :
- روى الإمام أحمد في مسنده والحاكم في مستدركه من طريق أبو بردة، عن أبي موسى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن فأمرهما أن يعلّما الناس القرآن).
- روى البخاري ومسلم في صحيحهما والبيهقي في السنن الكبرى من طريق شعبة عن سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ومعاذا إلى اليمن، فقال: «يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا».[ وفي مسند الإمام أحمد جاء من طريق محمد بن جعفر عن شعبة عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه عن جده بلفظ آخر ( يسرا ولا تعسرا ولا تنفرا وتطاوعا )، وكذا جاء في السنن الكبرى للبيهقي من طريق رجل مجهول من طريق شعبة عن سعيد بن أبي بردة ، بلفظ ( يسرا ولا تعسرا ولا تفترقا وتطاوعا) .]
-وفي الحديث الذي وراه البخاري في صحيحه في كتاب المغازي قال : حَدَّثَنَا مُوسَى ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ ، عَنْ أَبِي بُرْدَةَ ، قَالَ : بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا مُوسَى وَمُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ إِلَى الْيَمَنِ ، قَالَ : وَبَعَثَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى مِخْلَافٍ ، قَالَ : وَالْيَمَنُ مِخْلَافَانِ ، ثُمَّ قَالَ : " يَسِّرَا وَلَا تُعَسِّرَا ، وَبَشِّرَا وَلَا تُنَفِّرَا " ، فَانْطَلَقَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِلَى عَمَلِهِ ، وَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا إِذَا سَارَ فِي أَرْضِهِ كَانَ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَحْدَثَ بِهِ عَهْدًا فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ، فَسَارَ مُعَاذٌ فِي أَرْضِهِ قَرِيبًا مِنْ صَاحِبِهِ أَبِي مُوسَى ، فَجَاءَ يَسِيرُ عَلَى بَغْلَتِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَيْهِ ، وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ وَإِذَا رَجُلٌ عِنْدَهُ قَدْ جُمِعَتْ يَدَاهُ إِلَى عُنُقِهِ ، فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ : يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ ، أَيُّمَ هَذَا ؟ قَالَ : هَذَا رَجُلٌ كَفَرَ بَعْدَ إِسْلَامِهِ ، قَالَ : لَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ ، قَالَ : إِنَّمَا جِيءَ بِهِ لِذَلِكَ ، فَانْزِلْ ، قَالَ : مَا أَنْزِلُ حَتَّى يُقْتَلَ ، فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ ، ثُمَّ نَزَلَ ، فَقَالَ : يَا عَبْدَ اللَّهِ ، كَيْفَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ ؟ قَالَ : أَتَفَوَّقُهُ تَفَوُّقًا ، قَالَ : فَكَيْفَ تَقْرَأُ أَنْتَ يَا مُعَاذُ ؟ قَالَ : أَنَامُ أَوَّلَ اللَّيْلِ ، فَأَقُومُ وَقَدْ قَضَيْتُ جُزْئِي مِنَ النَّوْمِ ، فَأَقْرَأُ مَا كَتَبَ اللَّهُ لِي ، فَأَحْتَسِبُ نَوْمَتِي كَمَا أَحْتَسِبُ قَوْمَتِي .
- في الحديث الذي رواه النسائي من طريق عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري، عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى اليمن، ثم أرسل معاذ بن جبل بعد ذلك، فلما قدم قال: أيها الناس، إني رسولُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إليكم، فألقى له أبو موسى وسادة ليجلس عليها، فأتي برجل كان يهوديا فأسلم، ثم كفر، قال معاذ: «لا أجلس حتى يقتل، قضاء الله ورسوله، ثلاث مرار، فلما قتل قعد».[ ورواه أبوداود بلفظ آخر (فَلَمَّا قَدِمَ مُعَاذٌ قَالَ لاَ أَنْزِلُ عَنْ دَابَّتِي حَتَّى يُقْتَلَ . فَقُتِلَ)].
- في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده وابن حبان في صحيحه والطبراني في المعجم الكبير والبيهقي في السنن الكبرى ودلائل النبوة والبزار في مسنده من طريق عَاصِمِ بْنِ حُمَيْدٍ , عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ , قَالَ : لَمَّا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْيَمَنِ , خَرَجَ مَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُوصِيهِ , وَمُعَاذٌ رَاكِبٌ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْشِي تَحْتَ رَاحِلَتِهِ , فَلَمَّا فَرَغَ , قَالَ : " يَا مُعَاذُ , إِنَّكَ عَسَى أَنْ لَا تَلْقَانِي بَعْدَ عَامِي هَذَا , أَوْ لَعَلَّكَ أَنْ تَمُرَّ بِمَسْجِدِي هَذَا , أَوْ قَبْرِي "
فذكر البيهقي في دلائل النبوة أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلف معاذ على مكة ف عام الفتح ثم كان معه في غزوة تبوك ، وذكر أنه كان بعثه بعد ذلك إلى اليمن .
-قال ابن عبد البر في "الاستيعاب": (قال ابن إسحاق: آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين معاذ بن جبل وبين جعفر بن أبي طالب، شهد العقبة وبدرا والمشاهد كلها، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم قاضيا إلى الجَنَد من اليمن، يعلّم الناس القرآن وشرائع الإسلام، ويقضي بينهم، وجعل إليه قبض الصدقات من العمال الذين باليمن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قسم اليمن على خمسة رجال: خالد بن سعيد على صنعاء، والمهاجر بن أبي أمية على كندة، وزياد بن لبيد على حضرموت، ومعاذ بن جبل على الجَنَد، وأبي موسى الأشعري على زبيد وعدن والساحل).
7) بعث عثمان بن أبي العاص الثقفي .
مكان البعثة : الطائف .
هدف البعثة :
- اقراء القرآن .
دليله :
- ما رواه البيهقي في دلائل النبوة من طريق عمرو بن أويس، عن عثمان بن أبي العاص، قال: استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصغر الستة الذين وفدوا عليه من ثقيف، وذلك أني كنت قرأت سورة البقرة، فقلت: يا رسول الله إن القرآن ينفلت مني، فوضع يده على صدري، وقال: « يا شيطان اخرج من صدر عثمان » ، فما نسيت شيئا بعده أريد حفظه).والحديث صححه الألباني .
- وفي الحديث الذي رواه ابن ماجه في سننه وأبي عاصم في الآحاد والمثاني من طريق عيينة بن عبد الرحمن ابن جوشن عن أبيه، عن عثمان بن أبي العاص قال: لما استعملني رسول الله صلى الله عليه وسلم على الطائف جعل يعرض لي شيء في صلاتي حتى ما أدري ما أصلي، فلما رأيت ذلك رحلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ابن أبي العاص؟» قلت: نعم يا رسول الله.
قال: «ما جاء بك؟»
قلت: يا رسول الله، عرض لي شيء في صلواتي حتى ما أدري ما أصلي.
قال: «ذاك الشيطان ادنه» فدنوت منه، فجلست على صدور قدمي، قال: فضرب صدري بيده، وتفل في فمي وقال: «اخرج عدو الله» ففعل ذلك ثلاث مرات، ثم قال:«الحق بعملك».
قال: فقال عثمان: «فلعمري ما أحسبه خالطني بعد» [صححه الألباني ].
8) بعث عباد بن بشر الأشهلي إلى بني المصطلق.
مكان البعثة : بني المصطلق .
زمن البعثة : سنة عشر للهجرة .
هدف البعثة :
- أخذ الصدقات .
- تعليم شرائع الإسلام .
- اقراء القرآن .
مسألة استطرادية :
مكانته :
- ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على قراءته ودعا له بالرحمة .
دليل ذلك :
- في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه قال : حدثنا ربيع بن يحيى حدثنا زائدة حدثنا هشام عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ في المسجد فقال يرحمه الله لقد أذكرني كذا وكذا آية من سورة كذا)
- وفي رواية أخرى زاد فيها عباد بن عبد الله عن عائشة تهجد النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي فسمع صوت عباد يصلي في المسجد فقال يا عائشة أصوت عباد هذا قلت نعم قال اللهم ارحم عبادا.
9) هناك بعوث أخرى ، وذكر منها شيخ الإسلام ابن تيمية بعضها والتي كانت لأهداف الدعوة وتعليم القرآن وتعليم الدين :
- بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أسعد بن زرارة إلى المدينة .
وبعث العلاء بن الحضرمي إلى البحرين.
وبعث معاذا وأبا موسى إلى اليمن.
وبعث عتاب بن أسيد إلى مكة.
ثالثا: أمره صلى الله عليه وسلم لأصحابه بتعلم القرآن والتفقهه في الدين .
طريقته :
- حثهم على تعلم القرآن .
- التحذير من هجر القرآن والإعراض عن تعلمه والعمل به .
- الثناء على المحسنين من الصحابة في أخذهم القرآن علما وعملا .
الأدلة على ذلك :
- في الحديث الذي رواه البخاري والإمام أحمد في مسنده وأبي داود في سننه وابن حبان في صحيحه والطيالسي والنسائي والبيهقي وأبي نعيم والطحاوي في مشكل الآثار من طريق أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، ورواه البزار والدارمي من طريق النعمان بن سعد عن علي .
- وفي رواية في صحيح البخاري من طريق سفيان الثوري عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عثمان مرفوعاً: «إنَّ أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه ».
- في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه في كتاب صلاة المسافرين وقصرها ورواه داود في سننه في كتاب الصلاة وابن حبان في صحيحه وأبي عوانة في مسنده من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الصفة فقال أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق فيأخذ ناقتين كوماوين زهراوين بغير إثم بالله عز وجل ولا قطع رحم قالوا كلنا يا رسول الله قال فلأن يغدو أحدكم كل يوم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله عز وجل خير له من ناقتين وإن ثلاث فثلاث مثل أعدادهن من الإبل)
[ جاءت روايات بلفظ ( فيتعلم آيتين ) كما في صحيح ابن حبان ومسند أبي عوانة ، وأما في مسلم فجاء بلفظ ( يعلم أو يقرأ آيتين ) .]
رابعا : عناية الصحابة أنفسهم بالقرآن وعلومه :
طرق عناية الصحابة بالقرآن وعلومه :
1-تلقي القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم بحروفه وقراءاته ، فحتى كان منهم القراء الذين يعلمون الناس القرآن :
عدد القراء :
اختلفوا في أعدادهم ، وذكر ابن كثير نحو خمسمائة .
سبب عدم اشتهار كثير من القراء :
بسبب وفاة كثير منهم في يوم اليمامة .
مثال على ثناء النبي صلى الله عليه وسلم للقراء :
- ثناؤه لثابت بن قيس بن شماس ، وبن شريح الحضرمي .
دليله :
في الحديث الذي رواه الإمام أحمد في مسنده ورواه أبو عبيدة في فضائل القرآن من طريق السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ مَخْرَمَةَ بْنَ شُرَيْحٍ الْحَضْرَمِيِّ ، قَالَ : ذُكِرَ رَجُلٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : " ذَاكَ رَجُلٌ لَا يَتَوَسَّدُ الْقُرْآنَ "
أمثلة على القراء :
القراء من المهاجرين : أبا بكر، وعمر، وعثمان، وعلياً، وطلحة، وسعداً، وابن مسعود، وسالماً مولى أبي حذيفة، وحذيفة بن اليمان، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو، وعمرو بن العاص، وأبا هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن السائب قارئ مكة.
القراء من الأنصار : أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وأبا الدرداء، وزيد بن ثابت، ومجمع بن جارية، وأنس بن مالك.
القراء من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم : عائشة، وحفصة، وأم سلمة.
دليله :
- في الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه في باب ومسلم في صحيحه من طريق إبراهيم عن مسروق قال ذكر عبد الله عند عبد الله بن عمرو فقال ذاك رجل لا أزال أحبه بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول استقرئوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود فبدأ به وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل قال لا أدري بدأ بأبي أو بمعاذ بن جبل."
-وفي الحديث الذي رواه ابن أبي شيبة في مصنفه في كتاب فضائل القرآن من طريق إبراهيم النخعي، عن عبد الله بن مسعود قال: جاء معاذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أقرئني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أقرئه » فأقرأته ما كان معي، ثم اختلفت أنا وهو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأه معاذ، فكان معلّما من المعلمين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ».
- وفي الحديث الذي رواه بخاري ومسلم من طريق شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:« جمع القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كلهم من الأنصار: أبي بن كعب، ومعاذ بن جبل، وزيد بن ثابت، وأبو زيد أحد عمومتي ».
-وروى البخاري في صحيحه في كتاب المناقب قال : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، قَالَ : سَمِعْتُ الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ : " أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ , وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ وَكَانَا يُقْرِئَانِ النَّاسَ".
- وروى الإمام مسلم في صحيحه في كتاب المساجد ومواضع الصلاة قال : حدثنا ابن أبي عمر حدثنا سفيان عن عاصم قال سمعت أنسا يقول ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على سرية ما وجد على السبعين الذين أصيبوا يوم بئر معونة كانوا يدعون القراء فمكث شهرا يدعو على قتلتهم".
- وروى البخاري والترمذي وعبد الرزاق وأبي جعفر الطحاوي في مشكل الآثار من طريق الزهري عن عبيد بن السباق عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال:« أرسل إليَّ أبو بكر مقتل أهل اليمامة فإذا عمر بن الخطاب عنده؛ قال أبو بكر رضي الله عنه: إنَّ عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء بالمواطن؛ فيذهب كثير من القرآن .. » فذكر الحديث.
2-ومن عنايتهم ضبط عدد الآي .
3- ومن عنايتهم كتابة ما يملى عليهم .
4-ومن عنايتهم مشاهدة كثير من أحوال التنزيل .
5-ومن عنايتهم معرفة فضائل القرآن وفضائل سوره وآياته .
6-ومن عنايتهم التأدب بآدابه .
7-ومن عنايتهم دراستهم لعلوم القرآن : من تدبر وفهم الأمثال والتفقه في الأحكام ، ودراسة تفسيره ، ودراسة الناسخ والمنسوخ ، وغيرها .