المجموعة الثالثة:
س1: ما حكم الدعوة إلى التوحيد؟
الدعوة إلى التوحيد وإلى شهادة ان لا إله إلا الله, هو أول واجب على العبد بعد ما علم التوحيد وما يضاده من شرك, وعمل بموجب علمه, فعليه بعد هذا الدعوة إلى ما علم, فهو أول دعوة للرسل, قال تعالى:"واعبدوا الله مالكم من إله غيره", فهو سبيل المرسلين الذي وجب علينا الاقتداء بهم, لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن: إنك ستأتي قومًا أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله, (وفي رواية:إلى أن يوحدوا الله), فالدعوة إلى التوحيد فرض عين على كل أحد, لكن كل بحسب قدرته, كما قال تعالى:"فاتقوا الله ما استطعتم", فما وجب على العالم من دعوة وبيان, ليس كما يجب على الفرد العامي,فكل يقع عليه بحسب ما أعطاه الله, فالذي يقع على عاتق العالم أكبر من ناحية نشر العلم وشرحه, وهذا بحسب ما حباه الله من العلم والمعرفة والسبيل إلى الموعظة الحسنة.
وعلى الجميع ان يساهم بما يملك من قدرات معنوية ومادية في نشر التوحيد بين الناس, ودعوتهم إليه, وتحذيرهم من الشرك الذي هو ضده, فمن ملك المال فليبذله في تأهيل الدعاة, ونشر المراكز, وبث الدروس, وإقامة المحاضرات, فكل بحسب قدرته, كما قال عليه الصلاة والسلام:"اتقوا النار ولو بشق تمرة", فقد تكون دعوته بكلمة يفتح الله بها آفاق التوحيد على الكثير, والخاسر من فرط وترك ما عليه من واجب.
س2: ما الفرق بين رياء المنافقين والرياء الذي يقع من بعض المسلمين؟
رياء المنافقين هو رياء في أصل الدين, وهذا يكون بإظهاره الإسلام وإبطانه الكفر, كما قال تعالى عنهم:"يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا", وهو كفر أكبر مخرج من الملة, يمنع قبول أي عمل يعمله صاحبهو وصاحبه مخلد في النار إن مات عليه.
أما الرياء الذي قد يقع من بعض المسلمين: فهو كما قال عليه الصلاة والسلام:"أخوف ما اخاف عليكم الشرك الصغر" فلما سئل عنه, قال:"الرياء", وهو: تحسين الرجل عبادته من أجل ثناء الناس عليه,كأن يطيل الركوع او السجود, أو يبالغ في إظهار الخشوع, أو يسمع بكم تصدق, وكم حفظ من المتون, أو كم صام وقام.
وهذا من جنس الشرك الأصغر لا الأكبر المخرج من الملة, لكنه قد يحبط أصل العمل, فيما لو ابتدأ هذا العمل ونيته الرياء, مثل: لو تصدق من أجل نظر الناس ومديحهم, فأخرج المال منتظرا الثناء منهم, أو قد يحبط جزء العمل الذي وقع فيه الرياء, كمن كان يقرأ القرآن ونيته ما يترتب على التلاوة من أجر ثم دخل عليه رجل, فتوجه إليه بقلبه, فرفع صوته رجاء المديح والثناء, فإن ما كان من أجل الثناء والمديح يبطل, لقوله عليه الصلاة والسلام:قال الله تعالى:"أنا اغنى الشركاء عن الشرك, من عمل عملا اشرك فيه معي غيري تركته وشركه", وصاحبه مستحق للعقوبة إن مات مصرا عليه.
س3: بيّن أحكام الأسباب، ودرجات المخالفة فيها.
أحكام الأسباب هي:
الأول: عدم جواز جعل ما ليس بسببا كونيا أو شرعيا سببا.
الثاني: عدم جواز تعلق القلب بها, بل يعلق العبد قلبه بمسببها وخالقها, لكن يأخذ بما شرعه الله له من اسباب, سواء كانت كونية او شرعية, لأن ترك الأخذ بالأسباب قدح في حكمة الله سبحانه وعصيان لأمره, لكن مع تفويض الأمر الأمر لله سبحانه وتعالى قبل الأخذ بالسباب وبعدها.
الثالث: الأسباب جميعها مرتبطة بقضاء الله وقدره, وهو سبحانه له المشيئة المطلقة في تعطيل هذه الأسباب أحيانا كي ينصرف قلب العبد عنها ويعلقه بخالقه سبحانه, وإن شاء أجراها على مقتضى حكمته ليعلم العبد كمال قدرته سبحانه وتمام نعمته على عباده.
أما درجات المخالفة في الأسباب:
فالدرجة الأولى: أن يعتقد بأن السبب ينفع ويضر استقلالا, فهذا شرك في الربوبية, وهو شرك اكبر مخرج من الملة.
الدرجة الأولى: أن يعلم بأن الله هو النافع الضار, لكن يستعمل ما ليس بسبب سببا في زوال ضر أو جلب منفعة, فهذا كذب على الشرع والقدر, أما الشرع فلأنه لم يأت به في القرآن او السنة, وقد قال تعالى:"أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله", فإثبات الأسباب المؤثرة لا يجوز إلا بالشرع أو القدر, وأما القدر فلكون هذا السبب ليس بسبب قدري علم بالتجربة منفعته, أو بشهادة أهل الخبرة له, فهذا شرك الأسباب وهو شرك اصغر غير مخرج من الملة, لكنه ذريعة للشرك الأكبر.
س4: ما حكم الاستدلال بآيات نزلت في الشرك الأكبر على النهي عن مسائل في الشرك الأصغر؟
دخل حذيفة رضي الله عنه على مريض فرأى في عضده سيراً فقطعه أو انتزعه ، ثم قال : "وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ", فاستدل رضي الله عنه بالآية على أن ما فعله المريض شرك, وفي هذا دليل على صحة الاستدلال على الشرك الأصغر بما أنزله الله في الشرك الأكبر, وقد كان هذا فعل الصحابة لعموم لفظ الشرك فيدخل فيه الأكبر الصغر.