مجلس مذاكرة فضائل القرءان القسم الأول :
المجموعة الرابعة:
س1: ما هيأهمّ مباحث علم فضائل القرآن؟
مباحث علم فضائل القرآن
كلام العلماء في فضائل القرآن يمكن تصنيفهإلى أنواع يحصل بجمعها تكامل حسن للمادّة العلمية في هذا العلم الجليل ؛ومن تلك الأنواع:
المبحث الأول :بيان معاني أسماء القرآن وصفاته الواردة فيالقرآن .
*أهميته :هذا النوع إذا أحسن جمع مادّته وتحرير القول فيه من أحسن المداخل لبيان فضائل القرآن لأنّهمبني على:
تدبّر ما وصف الله به كتابه، وتأمّل معاني تلك الصفات وآثارها ومقتضياتها.
المبحث الثاني : جمع الأحاديث والآثار المروية في فضائل القرآن.
المبحث الثالث :بيان فضل تلاوة القرآن وفضل اتّباع هداه.
المبحث الرابع : بيان فضل أهل القرآن،وهو فرع عن فضل القرآن؛ لأنّهم إنما شرفوا بسببه.
المبحث الخامس : بيان فضل تعلّم القرآن وتعليمه.
المبحث السادس : فضائل بعض الآيات و السور.
المبحث السابع :تفاضل آيات القرآن وسوره.
س2: بيّن ثمرات التفكّر في صفات القرآن.
ثمرات معرفة فضائل القرآن معرفة فضائل القرآن لها ثمرات جليلة، ومن أعظم ثمراتها:
أولا" : تزيد من تعظيم المؤمن للقرءان ومراعاة حرمته ومعرفة قدره.
ثانيا" :تكسب المؤمن اليقين بصحّة منهجه
قال الله تعالى: { فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَىصِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (43)}
وقال: { إِنَّ هَذَاالْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ الَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (76) وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (77) إِنَّرَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ (78) فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ (79)}
وذلك لعدة أسباب :
· أنّ المنهج الحق مبنيّ على هدى القرآن، وقد تعرّف من دلائله مايزيده طمأنينة بالحقّ الذي معه.
· بصائر القرآن و هداياته ونوره تضيئ الطريق للسالكين وتكشف شبهات المضلّين، وتفنّد مزاعم المفسدين.
· يجعل لصاحبه فرقاناًيميّز به الحق من الباطل، والهدى من الضلالة، وأولياء الرحمن من أولياء الشيطان.
· تحصّن المؤمن من طلب منهل للعلم والمعرفة يخالف منهج القرآن .
· في القرآن من أنواع التبصير والتثبيت ما يطمئنّ به قلب المؤمن .
ثالثا" :ترغّب المؤمن في مصاحبة القرآن؛ بالإيمان به و اتّباع هداه والاستكثار من تلاوته والتفقّهفيه، والدعوة إليه، وتعليمه.
رابعا" : تدحض كيد الشيطان في التثبيط عن تلاوته والانتفاع به؛ فكلما ضعفت النفس، ووهن عزمها؛ ذكّرها بفضائل القرآن فاشتدت العزيمة، وعلت الهمّة، وشمّر تشمير المجتهدين؛ ليدرك نصيبه من الفضل العظيم.
خامسا" :سبب لنجاة المؤمن من مضلات الفتن وبيان ذلك :
أن منأدرك تلك الفضائل ورسخت معرفتها في قلبه، عرف أنه لا بدّ أن يصدر في كل شأن منشؤونه عن هدى القرآن الذي من اعتصم به عُصم من الضلالة.
سادسا" :تفيده علماً شريفاً من أشرف العلوم،وأعظمها بركة، فالتفقّه في فضائل القرآن على طريقة أهل العلم من أعظم أوجه إعدادالعدّة للدعوة إلى الله تعالى، والترغيب في تلاوة كتابه واتّباع هداه وذلك عدة أسباب :
· إنّه يجتمعللدارس في هذا العلم من تفسير الآيات المتعلّقة بفضائل القرآن، ومعرفة دلالاتها علىأوجه فضائله، ومعرفة الأحاديث والآثار المروية في هذا العلم الجليل.
· ما ينتخبه منأقوال العلماء في بيان فضله؛ ما يستعدّ به للدعوة إلى الله على بصيرة
· قد يكون بكلمة واحدة سبباً في إقبال قلب مسلم علىتلاوة القرآن وحفظه، وسبباً في ازدياد آخرين من تلاوته،
· قد يكون سبباً في عناية آخرين بهذاالعلم وتعلّمه وتعليمه والدعوة به إلى الله
· قد يكون سبباً في إسلام أناسكانوا على الكفر؛ فخرجوا من الظلمات إلى النور بحسن ترغيبه وتعريفه بكتاب ربّه جلّوعلا
سابعا" :يكتسب – بفضل الله تعالى – من أنواع الأجور العظيمة ما لم يكن يخطر له على بال. ولذلك اعتنى كثير من العلماء بالتأليف في فضائل القرآن.
أحسن الله إليكِ وبارك في اجتهادكِ: كان المطلوب ثمرات التفكر في صفات القرآن .
س3: اذكر أدلّة الصفات التالية للقرآن مع بيان معانيها بإيجاز.
أ – عليّ
الدليل : قول الله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّحَكِيمٌ}
أنواع علو القرآن : يشمل علوَّ قدره ومنزلته، وعلو صفاته،وتنزهه عن الباطل والاختلاف والتناقض والضعف وسائر ما لا يليق بكلام الله تعالى منأوصاف النقص
مقتضيات علو القرآن : قال ابن كثير رحمه الله في تفسير قولهتعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَالَعَلِيٌّ حَكِيمٌ}، قال: بَـيَّنَ شرفَه في الملأ الأعلى، ليشرِّفَه ويعظِّمَه ويطيعَه أهلُالأرض قاله ابن كثير رحمه الله في تفسيره
ب– عزيز
يتضمن عِزَّةَ القَدْرِ وَعِزَّة الغَلَبة وعزَّة الامتناع:
عزة القَدْرِ:
عزة قدره في نفسه : القرآن عزيز القدر لأنه أفضلُ الكلاموأحسنُه، يعلو ولا يعلى عليه ، ويَحْكُم ولا يُحْكَم عليه، يغيِّر الدُّوَلَوالأحوال ولا يتغير.
قال الله تعالى: {اللَّهُنَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُجُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْإِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ ذَٰلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْيُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ}
عن النبي صلى الله عليهوسلم أنه قال: (( إن أحسن الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد )).وفي مسند الإمام أحمد من حديث جابر بن عبد الله
*وهو عزيز القدر عند الله، وعند الملائكة، وعند المؤمنين.
عزه قدره عند الله : كريم على الله قال أبو المظفر السمعاني : ({ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ}أي: كريم على الله ). وروي ذلك عن ابنعباس.
عزة قدره عند المؤمنين : اعتناؤهم وتبجيلهم له ولمن حمله :
لا توجد أمة من الأمم تعتنيبكتابها وتجله كما يجلّ المسلمون القرآن حتى إنهم من إجلالهم للقرآن لَيُجِلُّونحامل القرآن
قالرسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إن من إجلال الله إجلال ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط )). في سنن أبي داوود من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه
وهذا كله من عزَّةِ قَدْرِه.
عزة غلبته :
وذلك متمثل في:
*غلبة حجته وقوتها:
· حججه غالبة دامغة لكل باطل مَنْ حاجَّ بها غَلَب ، ومن غَالبها غُلِب.قالتعالى: {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِفَيَدْمَغُهُ}
· حجج القرآن أحسن الحجج وأبينها وأبعدها عن التكلف والتعقيد
· أقربها إلى الفطرة الصحيحة والعقل الصريح
· أعظمها ثمرة وفائدة، مَنْ عقلها تبين له الهدى، واستبانت له سبل الضالين.
*غلب فصحاء العربوأساطين البلاغة أن يأتوا بمثله :
-من عزة غلبته أنه غلب فصحاء العربوأساطين البلاغة فلم يقدروا على أن يأتوا بمثله، ولا بمثل سورة واحدة منه.
-تحدىالله المشركين الذين يزعمون أنه من أساطير الأولين وأنه قول البشر أن يأتوا بسورةمن مثله فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا حتى أقروا بذلك وهم صاغرون
كما قال الوليد بنالمغيرة على كفره : (والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أسفله لمغدِق، وإنأعلاه لمثمر، وما يقول هذا بشر)رواه البيهقي في دلائل النبوة.
عزة الامتناع
*أعزَّه الله وحفظه حفظاً تاماًمن وقت نزوله إلى حين يقبضه في آخر الزمان كما قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُنَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}
*لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا منخلفه، ولا تستطيعه الشياطين، ولا يمكن لكائد مهما بلغ كيده أن يبدله أو يحرفه أويزيد فيه أو ينقص منه شيئاً.
*محفوظ من الشياطين، محفوظ من كيدالكائدين، لا يصيبه تبديل ولا تغيير، يُقرَأ على مرّ السنين والقرون كما أُنزل لايُخْرَم منه حرف، ولا يبدل منه شيء.
ج – مبارك
لغة : ومبارَك "اسم مفعول" أي : مبارك ؛ أودعت فيه البركة ،وهي الخير الكثير المتزايد
معنى كون القرآن مبارك : يفيد أنَّ الذيباركه هو الله تعالى، ومعنى باركه أي أودع فيه البركة، لا ينقص خيره، ولا يذهب نفعه، ولا تضعف ثمرته؛ بل خيره في ازدياد وتجدّد على مرّالقرون و الأعصار.
الدليل : ورد في مواضع من القرآن:
قول الله تعالى: { وَهَذَا كِتَابٌأَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (155)}
وقوله تعالى: { وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُمُنْكِرُونَ (50)}
قوله تعالى: { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُواآيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)}
آثار مباركة الله للقرآن : كون الذي باركه هو الله تعالى له آثار عظيمة على بركته؛فهي بركة من العليم القدير الحكيم الواسع الأكرم؛ فاتّسعت بركته وعظمت، حتى كانمباركاً في كل شيء فلا يحرم بركته إلا شقيّ محروم.
أنواع بركات القرآن في الدنيا : أنواع بركات القرآن كثيرة متنوّعة؛فألفاظه مباركة، ومعانيه مباركة، ودلائله مباركة، وحيثما كان فهو مبارك لمن آمن بهواتّبع هداه ؛ ومن بركاته :
· هداياته العظيمةالتي يهدي بها للتي هي أقوم في كلّ شيء.
· شفاؤه لما في الصدور، ولأدواء النفوس والأبدان.
· كثرة ثواب تلاوته وتنوّعه.
· ما يفيد من العلموالحكمة واليقين، والبصيرة في الدين.
· ما يحصل به من جلاءالحزن، وذهاب الغم، ونور الصدر، وطمأنينة القلب، وسكينةالنفس.
· ما يكون لتاليه منزيادة الإيمان، وصلاح البال، وذهاب كيد الشيطان.
· عِزّة أصحابه باتباعه ، وثباتهم على الحق بتمسّكهم به، وتبصّرهم به في مواضع الفتن،وما يحصل لهم به من الفرقان العظيم بين الحق والباطل، والخروج من الظلمات إلىالنور.
· يرفع أصحابه،ويكرمهم، ويكون لهم بسببه قَدْرٌ عظيم ومنزلة عالية.
· مبارك حيثما حَلّ وبيان ذلك :
-البيت الذي يُتلى فيه يكثر خيره ويتّسع بأهله.
- الصدر الذييحفظه يتّسع و ينفسح .
-المجلس الذي يُتلى فيه تتنزّل عليه السكينة وتغشاه الرحمةوتحفّه الملائكة ويذكره الله فيمن عنده.
-الوَرَق الذي يُكتب فيه يَكون لهشأن عظيم بعد تضمّنه لآياته، وتكون له حرمته وأحكام الكثيرة في الشريعة.
بركات القرآن في الآخرة:فبركات عظيمة جليلة، فهو مبارك على المؤمنفي قبره، وفي الموقف العظيم، وفي الحساب، وفي الميزان، وفي الصراط، وعند ارتقائه فيدرجات الجنة.
د- موعظة
لغة :الموعظة هي التذكيربما يليّن القلب ليزدجر عن السوء فيسلم من عقوبته ومغبّته، ويحذر فوات الخيرويتبيّن خطر التفريط فيه فيبادر إليه ليغنم.
قال ابن سيده: (الموعظة: تذكرتك الإنسان بما يلين قلبه من ثوابوعقاب).
الدليل : ورد في آيات من القرآن الكريم، منها :
قول اللهتعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌمِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (57) قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌمِمَّا يَجْمَعُونَ (58)}
وقوله: { هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (138)}
وقوله: {وَلَقَدْ أَنْزَلْنَاإِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْوَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (34)}.
صفة مواعظ القرءان :
-أحسن المواعظ وأنفعها،وأعظمها أثراً؛، وقد قال الله تعالى: {إنّ الله نعمّا يعظكم به}
-غاياتها إرشادالناس لما فيه خيرهم وعزّهم ونجاتهم
-دالّة على الخيروالرحمة والإصلاح والنهي عن السوء والفسادوالمنكرات
-مبناها على العلم التامّ والرحمة والحكمة
أثر مواعظ القرآن :
*الهداية إلى صراط الله المستقيم ونيل فضله العظيم والخروج من الظلمات والضلالات والموبقات.
قال الله تعالى في المنافقينالذين هم شرّ الناس منزلةً لجمعهم بين الكفر والنفاق وارتكابهم كثيراً من أعمالالسوء القبيحة{ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَبِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْمِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68)}.
وهذا يدلّ على أنّ مواعظ القرآن ماحلّت في قلب إلا أثمرت فيه هداية وصلاحاً وخيراً عظيماً، وأنّ الشأن كلّ الشأن هوفي اتّعاظ العبد بمواعظه، وأن الخسران المبين هو في الإعراض عنها.
س4: تحدّث عن عظمة القرآن بإيجاز
تتضمن عظمة القرآن عظمة قَدْرِهِ وَعَظَمَةَ صفاته :
عظمة قَدْرِهِ : القرآن عظيم القَدْرِ في الدنياوالآخرة:
فأما عظمة قدره في الدنيا فتتبين من وجوه كثيرة:
§ أنه كلام الله تعالى.
§ إقسامالله تعالى به.
§ كثرة أسمائه وأوصافه الدالة على عظمة قدره.
§ أنه حاكمٌ على ما قبلهمن الكتب، وناسخ لها، ومهيمن عليها.
§ أنه فرقان بين الهدىوالضلالة، والحقّ والباطل.
§ أنه يهدي للتي هيأقوم.
§ أنه مصدر الأحكام الشرعية التي بها قيام مصالح العباد،وإليها يتحاكمون في فضّ منازعاتهم وحلّ مشكلاتهم ومعضلاتهم.
§ أن الله خصّه بأحكام في الشريعة تبيّن حرمته وجلالة شأنه.
*والأوجه الدالة على بيان عظمة قدْره كثيرة جداً يتعذّر حصرها.
عظمة قدره فيالآخرة فمن دلائلها:
§ يظلّ صاحبه في الموقف العظيم.
§ شافع مشفّع وماحل مصدّق.
§ يحاجّ عن صاحبه ويشهد له.
§ يرفع صاحبه درجات كثيرة.
§ يثقّل ميزان أصحابه بكثرة ما يجدون من ثواب تلاوته.
عَظَمَةَ صفاته :عظمة صفاته فبيانها من وجهين:
الوجه الأول: بلوغه منتهى صفاته :
أن كلّ صفة وصفبها القرآن؛ فهو عظيم في تلك الصفة؛فكرمه عظيم، وبركته عظيمة، ومجده عظيم، وعلوّهعظيم، ونوره عظيم، وهداه عظيم، وشفاؤه عظيم، وفرقانه عظيم إلى غير ذلك من أسمائهوصفاته التي اتّصف في كلّ صفة منها بالعظمة فيها.
الوجه الثاني: كثرة الأسماء والصفات :
أن كثرة أسمائه وصفاته العظيمة دليل آخر على عظمته.
س5: ما هيأوجه تفاضل ثواب التلاوة؟
أوجه تفاضل ثوابالتلاوة :ثواب التلاوة يتفاضل من وجوه:
أولا :التدبّر والخشوع :
أن التلاوة بحضور قلب وتدبّر وخشوع أعظمأجراً من التلاوة التي يضعف فيها حضور القلب وعقل المعاني وتدبّر الآيات.
والعلة في ذلك : إنّ العبديثاب على ما يقوم في قلبه من العبادات القلبية عند تلاوته، وما يظهر من آثارها على جوارحه
كما قال الله تعالى: { وَإِذَا سَمِعُوا مَاأُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّاعَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَالشَّاهِدِينَ (83) وَمَا لَنَا لَا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَالْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَنْ يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ (84) فَأَثَابَهُمُ اللَّهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُخَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (85)}
وجه الدلالة :
فهؤلاء بلغوا مرتبة الإحسان في استماع تلاوة القرآن؛ وأثنى الله عليهم بمايدل على محبّة عملهم؛ من معرفة الحقّ وظهور أثره عليهم وقولهم ما أحبّه الله تعالى؛حتى نوّه بذكرهم في كتابه الكريم، وأعلى شأنهم وأحسن جزاءهم وأغرى بالاتّساء بهم.
ثانيا" :قراءته حال الفتن والعوارض و الصوارف :
أن الإقبال على تلاوة القرآن في حال الفتن والعوارض و الصوارف أعظم أجراً لصاحبها مع سلامته من تلك الفتن المثبّطة.
ثالثا" تلاوة السور والآيات الفاضلة :
سور القرآن تتفاضل؛ وآياته تتفاضل كذلك، فتلاوة السور والآيات الفاضلة أعظم أجراًمن تلاوة غيرها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (حروف القرآن تتفاضل لتفاضل المعاني وغير ذلك؛فحروف الفاتحة له بكل حرف منها حسنة أعظم من حسنات حروف من {تبت يدا أبي لهب}).
وهذا مبني على أصل تفاضل آيات القرآنوسوره؛ فإنّ تفاضل ثواب التلاوة من آثار تفاضل الآيات نفسها؛ فقراءة الآية الأعظمفضلاً ثوابها أعظم، لعظمة معانيها ودلائلها وما تقتضيه من عبادات تقوم في قلبالتالي.
رابعا" :تزيين الصوت بالقراءة :
ومن أوجه التفاضل أيضاً: أنَّ التلاوة الحسنة التي يرتّل القارئ فيها مايقرأ، ويحبّر قراءته ويزيّن صوته بها، أعظم أجراً من التلاوة التي لا تكون كذلك.
خامسا" : الإيمان بشارة الله بالفضل الكبير :
الإيمان بالحسنات العظيمة التي جعلها الله للمؤمن الذي يقرأ القرآن؛ فهي داخلة فيجملة الفضل الكبير الذي بشّر الله به المؤمنين في قوله تعالى: {وبشّر المؤمنين بأنّ لهم من الله فضلاً كبيراً}.
س6: ما المراد بحفظ القرآن؟
والمراد بحفاظ القرآن :
في النصوص يشمل معنيينلا يتمّ الحفظ إلا بهما:
المعنى الأول: حفظ حدوده وأمانته ورعايتها. وهذا المعنى أجلّ ، بل هو شرط الانتفاع به.
الدليل من القرآن :
1.الأول : قال الله تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَاالنَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَوَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِشُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِيثَمَنًا قَلِيلًا وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُالْكَافِرُونَ (44)}
وجه الدلالة :
سبب نزول الآية :
كانت الآية قد نزلت في كتم اليهود لآية الرجم وهي مكتوبة عندهم في التوراة يعرفونها،ومنهم من يحفظ ألفاظها ويعرف موضعها، لكنّهم لم يحفظوا أمانة الله فيها، ولم يرعواحدوده بالحكم بها.
حديث البراء بن عازب ، قال: مُرَّعلى النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمَّما مجلودا، فدعاهم صلى الله عليه وسلم،فقال: «هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟»، قالوا: نعم، فدعا رجلا من علمائهم، فقال: «أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم» قال: لا، ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك، نجده الرجم، ولكنه كثر في أشرافنا، فكنا إذاأخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد، قلنا: تعالوا فلنجتمع علىشيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم، والجلد مكان الرجم، فقال رسول اللهصلى الله عليه وسلم: «اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه» فأمر به فرُجِمَ،فأنزل الله عز وجل: {يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر} إلى قوله {إنأوتيتم هذا فخذوه}، يقول: ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، فإن أمركم بالتحميموالجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا، فأنزل الله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزلالله فأولئك هم الكافرون}). صحيح مسلم
الشاهد من الآية معنى الاستحفاظ :
فقال: {استحفظوا} أيأمروا بحفظه، ولم يقل: بما حَفِظوا، فإنهم لم يحفظوه حقّاً، وإن كان عندهم مكتوباً،وكان أكبر إثمهم في عدم حفظ حدوده وأداء أمانته، وتغييرهم فيه.
قال ابن عاشور: (الاستحفاظ: الاستئمان،واستحفاظ الكتاب أمانة فهمه حق الفهم بما دلت عليه آياته. استعير الاستحفاظ الذي هوطلب الحفظ لمعنى الأمر بإجادة الفهم والتبليغ للأمة على ما هو عليه.. ويدخل فيالاستحفاظ بالكتاب الأمر بحفظ ألفاظه من التغيير والكتمان)ا.هـ.
2.الثاني :وممايبيّن إرادة هذا المعنى قول الله تعالى: { مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا}
وجه الدلالة :فهم حُمّلوا أمانة حفظ التوراة حفظَ رعاية وصيانة وعمل بما فيها وحُكم بها بينهم؛ فلميحفظوا أمانة الله فيها.
*إذا أطلق لفظ الحفظ في النصوص : فإنّ أولى مايُحمل عليه حفظ الأمانة والصيانة وأداء الحق وعدم تضييعه.
3.الثالث :قال الله تعالى: {واحفظواأيمانكم}، {والحافظين فروجهم والحافظات}.
الدليل من السنة :
قال النبي صلى الله عليه وسلملابن عباس: {احفظ الله يحفظك}
قال لوفد عبد القيس لمّا أوصاهم بوصايا: «احفظوهنوأخبروا بهن من وراءكم» ،
قال: «لله تسعة وتسعون اسما من حفظها دخل الجنة » كما فيصحيح مسلم من حديث أبي هريرة بهذا اللفظ
وجه الدلالة : من المعلوم أنه ليس المراد مجرد حفظألفاظها دون الإيمان بها والتعبّد لله تعالى بمقتضاها.
استعمال اللفظ لغويا" :
-كتب عُمر بنالخطاب رضي الله عنه إلى أمراء الأمصار في عهده: « إن أهم أمركم عندي الصلاة. فمنحفظها وحافظ عليها، حفظ دينه. ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع ». رواه مالك فيالموطّأ
وجه الدلالة: .فذكر الحفظ وذكر مقابله وهو الإضاعة.
-قال عنترة بن شداد العبسي:
ولقد حفظتُوَصَاة عمّي بالضحّى .. إذ تقلص الشفتان عن وضح الفمِ
وجه الدلالة : فحفظ الوصاة لمّا ضبط نصّها وعهدها، ولو أنه خالف مقتضى الوصيّة لم يكنحافظاً لها، ولو عرفها.
المعنى الثاني للحفظ : حفظ ألفاظه واستظهارها عن ظهر قلب.
قد شاع فيالقرون المتأخّرة استعمال حفظ القرآن مقصوراً على المعنى الثاني، ولم يكن هذاالاستعمال شائعاً في القرون الأولى، وإنما كان الشائع التعبير عنه بـ"جمع القرآن" و"استظهاره"، ونحو ذلك مما يدلّ على استيعاب حفظ ألفاظه عن ظهرقلب.
ولشيوع هذا الاستعمال المتأخّر غلب على كثير من الأذهان، وعلّق عليهبعضهم كثيراً من أحاديث فضائل القرآن، وهي متعلّقة بنوعي الحفظ جميعاً.
الترجيح :
أنّ المراد الأعظم من حفظ القرآن حفظ أمانته وحدوده وأداء حقّه، وأنّ حفظ ألفاظه من تمام حفظه، لكن لا يعدّ في الشريعة حافظاً للقرآن من ضيّع حدوده ولواستظهر ألفاظه عن ظهر قلب .
-وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في شأن ذي الخويصرة: « إن من ضئضئ هذاقوما يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية،يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد ». رواهالبخاري ومسلم.
وجه الدلالة :
فهؤلاء لمّا خالفوا هدى القرآن وضلّوا عن اتّباع ماأمرهم الله به فيه من سنّة النبي صلى الله عليه وسلم، ومن اتّباع المهاجرينوالأنصار بإحسان؛ لم يكونوا حافظين للقرآن؛ بل ضيّعوا أمانته، وخالفوه أشدّالمخالفة؛ فقاتلوا من أُمروا باتّباعهم بإحسان، وابتغوا تفريق جماعتهم، وكسرشوكتهم، والتغلّب عليهم، ولكنّ الله ردّ كيدهم في نحورهم، وأخزاهم، ولو أنّهم حفظواالقرآن لرعوا حدوده وأدّوا حقّ الله تعالى فيه.
-كان من السلف من يستخدمون لفظ (الوعي ) تعبيّرا" عن معنيي الحفظ بالوعي، وهو في معنى العقل والتبصّر والتذكّر والاهتداء بالقرآن.
ومن ذلك :
*قول أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه: «اقرءوا القرآن ولا تغرَّنكم هذه المصاحف المعلقة، فإن الله لن يعذب قلباً وعى القرآن» رواه الدارمي من طريق حريز بن عثمان عن شرحبيل بن مسلم عنه، وهذا إسنادصحيح.
*قال أبو وائل شقيق بن سلمة: جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبدالله [وهو ابن مسعود]، فقال: يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف؟ ألفا تجده أمياء {من ماء غير آسن}، أو (من ماء غير ياسن)؟
قال: فقال عبد الله: « وكل القرآن قد أحصيت غيرهذا؟ »
قال: إني لأقرأ المفصل فيركعة.
فقال عبد الله: « هذّا كهذّ الشعر، إنَّ أقواما يقرءونالقرآن لا يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع في القلب فرسخ فيه نفع »رواه مسلم.
س7: ما هي اقتراحاتكللطرق المناسبة لنشر فضائل القرآن في هذا العصر؟ وكيف يستفاد منها في الدعوة إلىالله تعالى؟
· الحاجة إلى تجديد وسائل النشر في علم فضائلالقرآن
أهمية الحاجة إلى التجديد :
*علم فضائل القرآن من العلوم التي تمسّ الحاجة إلى تحرير القول فيها وإحسانبيانها.
*علم فضائل القرآن مهم في الدعوة إلى الله تعالى ببيان فضائل كتابه من أعظم مجالات الدعوة نفعاً،وأحسنها أثراً
*على الداعية أن يحسن طريقة بيان فضل القرآن وإحسان الدعوة إلى تلاوته وتدبّره واتّباع هداه فمن آثار ذلك :
-إسلام الكفار بعد قراءتهم و معرفتهم لفضل القرآن، ومنهم من يُترجم له بعض ذلك فيقرأ ويتأثرويسلم بسببه
-الإقبال على تلاوته ممن كان غافل عنه فذُكّر بفضل القرآن فتذكّر وأقبل على تلاوته وتدبّره فنفعه اللهبه.
مقترحات وسائل النشر الحديث :
بذلالعلماء السابقين في عصورهمما أمكنهم من الوسائل لبيان فضائل القرآنوالدعوة إليه تأليفاً وتدريساً ورواية وموعظة.
هذا العصر الذي يشهد توسّعامذهلاً في وسائل النشر تقتضي من طلاب العلم الصادقين العناية بهذا الأمر، والإسهام بما يستطيعون بنشر ومن ذلك :.
-الكتابة والنشر في وسائل التواصل الاجتماعي وقوائم البريد الإلكترونيةوفي المواقع والمنتديات لمن يحسن التأليف والتحرير -طباعة الكتاب والرسائل والمطوياتلمن يحسن النشر
-ترجمة المقالات والكلمات إلى لغات لمن يحسن الترجمة
-إنتاج المقاطع الصوتيةوالمرئية، متعددةلمن يحسن الإخراج والتصميم
وكلّ ذلك من أبواب الخير العظيمة التي ينبغي لكلّ طالب علم أن يكون له إسهامفيها.ولو قام كلّ واحد بما يحسن وأفادأهل لسانه؛ لأثمر ذلك - بإذن الله تعالى - دعوة مباركة طيّبة إلى كتاب الله تعالى،وتعريف أمم الأرض به، وبيان محاسنه وفضائله لهم.
لكن يجب أن يُتنبّه إلى العناية بأمرينمهمّين:
أحدهما:التوثّق من صحّة ما ينشر، وأن لا يعجل بنشرشيء قبل أن يطمئنّ لصحّته.
ثانيهما:مراعاة الحكمة وحسن الأسلوب في التحرير والنشر.
وذلك لأجل أن يكون ما ينشره صحيحاً متقناً،والله تعالى قد كتب الإحسان في كلّ شيء، فما بالكم بأمر الإحسان في بيان فضل كتابه العظيم.
*حاولت قدر الإمكان أن أصيغ العبارات بأسلوبي لكن الكلام عالٍ جداً ؛ والعبارات قوية لذا ركزت أكثر التلخيص والتنظيم .