معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   كشف الشبهات (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=33)
-   -   الأدلة على إقرار أولئك المشركين بتوحيد الربوبية (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=194)

عبد العزيز الداخل 29 شوال 1429هـ/29-10-2008م 01:41 AM

الأدلة على إقرار أولئك المشركين بتوحيد الربوبية
 
فَإذَا أرَدْتَ الدَّليلَ على أَنَّ هَؤُلاءِ المُشرِكينَ الَّذينَ قَاتَلهُم رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْهَدونَ بهذا فَاقْرأْ عليه:
{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ} الآية [يونس: 31].
وَقَوْلَهُ تعالى: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيها} إلى قوله: {فَأنَّى تُسْحَرُونَ}[المؤمنون: 84-89] وَغَيْرَ ذَلكَ منَ الآياتِ العظيمة الدالة على ذلك.

مسلمة 12 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م 07:38 PM

شرح سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ
 
(1) فَإذَا أرَدْتَ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ هَؤُلاءِ الَّذينَ قَاتَلهُم رسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَشْهَدونَ بِهَذا فَاقْرَأْ قَوْلَهُ تَعَالَى:
{قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ} سَيُجِيبُونَكَ إِذَا سَأَلْتَهُم أَنَّ الذي يَفْعَلُ ذلك هو اللهُ {فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} الشِّرْكَ بِهِ في أُلُوهِيَّتِهِ وعِبَادَتِهِ.
وقَوْلَهُ تَعَالَى: {قُلْ} يا مُحَمَّدُ{لِّمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا} مِلْكٌ لَهُ {سَيَقُولُونَ للهِ} المَالِكُ لَهَا وحْدَه هو اللهُ {قُلْ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} وتَسْتَدِلُّونَ بِهَا عَلَى أَنَّه المُسْتَحِقُّ أَنْ يُعْبَدَ إِذَا كَانَتْ مِلْكَهُ وليس لَهُم فيها شِرْكَةٌ، فَتُفْرِدُونَه بالعِبَادَةِ وتَتْرُكُونَ مَن سِوَاه مِن العِبَادِ الذين ليس لهم مِن مِلْكٍ في الأَرْضِ ومَن فِيهَا {قُلْ مَن بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلاَ يُجَارُ عَلَيْهِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ للهِ} يَعْنِي: وَحْدَه فإِنَّهُم مَا أَشْرَكُوا في الرُّبُوبِيَّةِ إِنَّما أَشْرَكُوا في الأُلُوهِيَّةِ بِجَعْلِهِم الوَسَائِطَ: {قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} أي: كيف تُخْدَعُونَ وتُصْرَفُونَ عن طَاعَتِهِ وتَوْحِيدِهِ مَعَ اعْتِرَافِكُم وعِلْمِكُم بِأَنَّه وحْدَه الخَالِقُ المُتَصَرِّفُ. (2) (وغَيْرَ ذَلِكَ مِن الآيَاتِ) الدَّالَّةِ عَلَى إِقْرَارِ المُشْرِكِينَ بالرُّبُوبِيَّةِ كَقَوْلِهِ: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ للهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}، وقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ} وهذا مِمَّا احْتَجَّ بِهِ تَعَالَى عَلَيْهِم؛ احْتَجَّ عَلَيْهِم بِمَا أَقَرُّوا به مِن رُبُوبِيَّتِهِ عَلَى مَا جَحَدُوهُ مِن تَوْحِيدِ العِبَادَةِ؛ فإِنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ هو الأَصْلُ، وهو الدَّلِيلُ عَلَى تَوْحيدِ الأُلُوهِيَّةِ، فإذا كَانَ اللهُ تَعَالَى هو المُتَفَرِّدَ بِخَلْقِ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ لَمْ يُشْرَكْ فيه مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولاَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، فَكَوْنُه هو الخَالِقَ وحْدَه يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ هو المَعْبُودَ وحْدَه؛ فإِنَّه مِن أَبْعَدِ شَيْءٍ أَنْ يَكُونَ المَخْلُوقُ مُسَاوِيًا للخَالِقِ أو مُسْتَحِقًّا لِمَا يَسْتَحِقُّهُ الخَالِقُ، فَلاَ يُسَوَّى ولاَ يُجْعَلُ مَن لاَ شِرْكَةَ لَهُ في شَيْءٍ شَرِيكًا لِمَن هو مَالِكٌ كَلَّ شَيْءٍ.
فإِقْرَارُهم بالرُّبُوبِيَّةِ نَاقِصٌ،لَو كَانَ حَقِيقَةً لعَمِلُوا بِمُقْتَضَاهُ، لو تَمَّمُوا أَنَّه الخَالِقُ وحْدَه الرَّازِقُ وحْدَه لَمَا جَعَلُوا لَه نِدًّا مِن خَلْقِهِ؛ لكنَّه مَعَ ذلك فيه ضَعْفٌ؛ لو أَنَّه تَامٌّ لَمَا تَخَلَّفَ عنه إِفْرَادُه بالعِبَادَةِ.

مسلمة 12 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م 07:39 PM

شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
 
(1) ذَكَرَ المؤلِّفُ رَحِمَهُ اللهُ هنا دليلَ ما قَرَّرَ، أنَّ هؤلاءِ يُقِرُّونَ بتوحيدِ الرُّبوبيَّةِ، ولكنَّهُ أتَى بهِ على سبيلِ السُّؤالِ والجَوابِ؛ لِيَكونَ هذا أَمْكَنَ وأَثْبَتَ وأَتَمَّ في الاسْتِدَلالِ، فقالَ: فإذا أَرَدْتَ الدَّليلَ... فاقْرَأْ قولَهُ تعالى:{قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُم مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ}الآيةَ.
(2) {فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} يَعْنِي: إذا كُنْتُم تُقِرُّونَ بهذا أَفَلاَ تَتَّقُونَ اللهَ الَّذي أَقْرَرْتُم لهُ بتَمَامِ المُلْكِ وتَمَامِ التدْبِيرِ، وأنَّهُ وحْدَهُ الخالِقُ الرَّازِقُ المالِكُ للسمْعِ والأبْصارِ، المُخْرِجُ للحَيِّ مِن المَيِّتِ، وللمَيِّتِ مِن الحيِّ، المُدَبِّرُ لجميعِ الأمور، وهذا الاسْتِفهامُ للتَّوْبِيخِ والإِلْزامِ، أيْ: أنَّكم إذا أَقْرَرْتُم بِذلكَ لَزِمَكُم أن تَتَّقُوا اللهَ، وتَعْبُدُوهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ.
(3) وقولَهُ، يَعْنِي: واقْرَأْ قولَهُ تعالى: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا} إلى آخِرِ الآياتِ، وهذهِ الآياتُ مِمَّا يَدُلُّ علَى أنَّ المُشْرِكِينَ الَّذين بُعِثَ فيهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِرُّونَ بتوحيدِ الرُّبوبيَّةِ، فإنَّهم يُقِرُّونَ بأنَّ الأرْضَ ومَنْ فيها للهِ لا شَرِيكَ لهُ، ويُقِرُّونَ بأنَّ اللهَ هوَ الَّذي خَلَقَ السماواتِ والأرْضَ، وأنَّهُ ربُّ العرْشِ العَظِيمِ، ويُقِرُّونَ بأنَّ بِيدِهِ مَلَكوتَ كُلِّ شيءٍ، وأنَّهُ هوَ الَّذي يُجِيرُ ولا يُجارُ عليهِ، وكلُّ هذا مُلْزِمٌ لهم بأنْ يَعْبُدُوا اللهَ وحْدَهُ ويُفْرِدُوهُ بالعبادةِ؛ ولهذا جاءَ تَوْبِيخُهم بِصِيغةِ الاسْتِفهامِ في خِتامِ كلِّ آيةٍ مِن الآياتِ الثَّلاثِ.
والآياتُ الدَّالَّةُ على أنَّ المشرِكِينَ الَّذين بُعِثَ فيهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِرُّونَ بتوحيدِ الرُّبوبيَّةِ كثِيرةٌ
(1).


حاشية الشيخ صالح العصيمي
(1) هذا حق كما ذكره جماعة من علماء التوحيد، لكن ينبغي أن يعلم أن إقرارهم بتوحيد الربوبية ليس كإقرار الموحدين، فقد كان فيهم أنواع من شرك الربوبية كالتمائم والاعتقاد في الأنواء والنجوم.

مسلمة 12 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م 07:40 PM

شرح فضيلة الشيخ صالح الفوزان
 
(1) يَقُولُ الشَّيْخُ -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى- فإِذَا طَلَبْتَ الدَّلِيلَ عَلَى أَنَّ المُشْرِكِينَ مُقِرُّونَ بِهَذا -يَعْنِي بتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ- وأَنَّهُم يُشْرِكُونَ في تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ، إِذَا أَرَدْتَ الدَّلِيلَ عَلَى هَذِه المَسْأَلَةِ العَظِيمَةِ الَّتِي يُعْرَفُ بِهَا الحَقُّ مِن البَاطِلِ. (2) فالمُشْرِكُونَ يَعْتَرِفُونَ بأَنَّ اللهَ - سُبْحَانَهُ وتَعَالَى - هو الخَالِقُ الرَّازِقُ المُتَصَرِّفُ في عِبَادِهِ، الَّذِي بِيَدِهِ الأَمْرُ، لاَ يُنْكِرُ أَحَدٌ منهم هذا، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَن يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ} هذا الرِّزْقُ الَّذي تَأْكُلُونَ منه وتَشْرَبُونَ وتَلْبَسُونَ وتَرْكَبُونَ، مَن الَّذي جَاءَ بِهِ؟ هَلْ جَاءَتْ بِهِ الأَصْنَامُ؟ الأَصْنَامُ جَمَادَاتٌ وحِجَارَةٌ، أَمِ الأَشْجَارُ أو الأَمْوَاتُ أو القُبُورُ والأَضْرِحَةُ؟ كُلُّهَا لاَ تَأْتِي بِأَرْزَاقِكُم، فَهُم يَعْتَرِفُونَ بأَنَّ أَصْنَامَهُم لاَ تَخْلُقُ ولاَ تَرْزُقُ.
قَالَ تَعَالَى: {أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ} السَّمعُ: الحَاسَّةُ العَظِيمَةُ الَّتِي تُسْمَعُ بِهَا الأَصْوَاتُ.
والبَصَرُ:الَّذِي تُبْصَرُ بِهِ المَرْئِيَّاتُ، هذه العَيْنُ الَّتِي يَجْعَلُ اللهُ فيها هَذَا البَصَرَ وهَذَا النُّورَ، مَن الَّذِي خَلَقَهُ فيك؟ هَلْ خَلَقَهُ أَحَدٌ غَيْرُ اللهِ؟ فَهَلْ رَأَيْتُم أَحَدًا مِن الخَلْقِ أَوْجَدَ في أَحَدٍ السَّمْعَ إِذَا سُلِبَ منه؟ وهل يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ أَنْ يَرُدَّ للأَعْمَى البَصَرَ الَّذي ذَهَبَ عنه؟ لو اجْتَمَعَ أَهْلُ الأَرْضِ كُلُّهُم عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا في عَيْنِهِ بَصَرًا مَا اسْتَطَاعُوا، لاَ الأَصْنَامُ ولا الأَطِبَّاءُ ولاَ الحُذَّاقُ مِن العُلَمَاءِ، فالمُشْرِكُونَ مُعْتَرِفُونَ بِأَنَّ أَصْنَامَهُم لاَ تَعْمَلُ أيَّ شَيْءٍ مِن ذلك، قَالَ تَعَالَى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَى قُلُوبِكُم مَّنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُم بِهِ} لاَ يُوجَدُ أَحَدٌ يُجِيبُ عن هذا السُّؤالِ، ولاَ أَحَدَ يَسْتَطِيعُ غَيْرُ اللهِ أَنْ يَأْتِيَ بالسَّمْعِ والبَصَرِ.
{وَمَن يُخْرِجُ الحَيَّ مِنَ المَيِّتِ وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ} هَذَا مِن العَجَائِبِ، يُخْرِجُ الحَيَّ مِن المَيِّتِ، يُخْرِجُ الزَّرْعَ مِن الحَبَّةِ ويُخْرِجُ المُؤْمِنَ مِن الكَافِرِ {وَيُخْرِجُ المَيِّتَ مِنَ الحَيِّ} يُخْرِجُ الكَافِرَ مِن المُؤْمِنِ، ويُخْرِجُ البَيْضَةَ مِن الطَّائِرِ، الَّذي يَقْدِرُ عَلَى هَذَا هو اللهُ - سُبْحَانَه وتَعَالَى-.
{وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ}هذا عُمُومٌ، يَعْنِي: كُلَّ الأُمُورِ مِن المَوْتِ والحَيَاةِ والمَرَضِ والصِّحَّةِ والكُفْرِ والإِيمَانِ والغِنَى والفَقْرِ واللَّيْلِ والنَّهَارِ والعِزِّ والذُّلِّ والمُلْكِ، يُعْطِي ذَلِكَ مَن يَشَاء، ويَأْخُذُه مِمَّنْ يَشَاءُ، كُلُّ مَا يَجْرِي في هذا الكَوْنِ مِن تَقَلُّبَاتٍ وتَغَيُّرَاتٍ، مَن الَّذي يُوجِدُ هذه التَّغيُّرَاتِ وهذه التَّقلُّبَاتِ؟
{فَسَيَقُولُونَ اللهُ} قَالَ اللهُ لنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ: {فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} مَادَامَ أنَّكُم مُعْتَرِفُونَ أنَّ هذه الأُمُورَ بِيَدِ اللهِ، وأَنَّ أَصْنَامَكُمْ لاَ تَفْعَلُ شَيْئًا مِنْهَا أَفَلاَ تَتَّقُونَ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ- وتُوحِّدُونَهُ وتُفْرِدُونَهُ بالعِبَادَةِ؛ لأَِنَّكُم إِنْ لَمْ تَتَّقُوا اللهَ فَإِنَّ اللهَ يُعَذِّبُكُم؛ لأَِنَّه أَقَامَ عَلَيْكُم الحُجَّةَ، وقَطَعَ مِنْكُم المَعْذِرَةَ، فَلَمْ يَبْقَ إِلاَّ العَذَابُ ما دُمْتُمْ عَرَفْتُم الحَقَّ وَلَمْ تَعْمَلُوا به {فَذَلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الْضَّلاَلُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} تَبَيَّنَ لَكُم أَنَّ العِبَادَةَ حَقٌّ للهِ تَعَالَى فَلاَ مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلاَّ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فإنْ لَمْ تَعْبُدُوه فَإِنَّ هذَا ضَلاَلٌ فَمَاذا بَعْدَ الحَقِّ - الَّذي هو التَّوْحِيدُ وإِفْرَادُ اللهِ بالعِبَادَةِ- إِلاَّ الضَّلاَلُ - الَّذي هو الشِّرْكُ-.
فَلْيَحْذَرِ المُسْلِمُ مِن هذا، ولْيَقْبَلِ الحَقَّ إِذَا تَبَيَّنَ له خُصُوصًا في أَمْرِ التَّوْحِيدِ والعَقِيدَةِ، يَقْبَلُ الحَقَّ إِذَا تَبَيَّنَ له، ويَخَافُ أَنْ يُصْرَفَ عنه فَلاَ يَقْبَلُه بَعْدَ ذَلِكَ.(3) هذه آياتٌ مِن سُورَةِ المُؤْمِنُونَ مِثْلَ الآياتِ الَّتِي في سُورَةِ يُونُسَ الَّتِي سَاقَهَا المُصَنِّفُ، ومِثْلَ غَيْرِهَا مِن الآياتِ الَّتِي تُقَرِّرُ أَنَّ المُشْرِكِينَ يَعْتَرِفُونَ للهِ بِرُبُوبِيَّتِهِ ولكنَّهم يُعارِضُونَ في تَوْحِيدِ الأُلُوهِيَّةِ.
قَالَ تَعَالَى: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَن فِيهَا إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سيقولُونَ للهِ} مَادَامَت الأَرْضُ ومَنْ فيها للهِ كيف تَعْبُدُونَ الأَصْنَامَ الَّتِي لاَ تَمْلِكُ شَيْئًا، وتَعْبُدُونَ القُبُورَ المَيِّتَةَ الَّتِي لاَ حَيَاةَ في أَصْحَابِهَا؟
{أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ أَنَّ الَّذي يَمْلِكُ الأَرْضَ ومَن فيها هو المُسْتَحِقُّ للعِبَادَةِ دونَ هذه الأَصْنَامِ الَّتِي تَعْبُدُونَها؟
وهذا اسْتِدْلاَلٌ عَلَيْهِم بِمَا يَعْتَرِفُونَ به على ما جَحَدُوه، فَهُمْ يَعْتَرِفُونَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ ويَجْحَدُونَ تَوْحِيدَ الأُلُوهِيَّةِ.

مسلمة 12 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م 07:40 PM

شرح الشيخ صالح آل الشيخ
 



بعد ذلك ذكر الشيخ -رحمه الله- أدلة على ذلك، يعني: على أن الله -جل جلاله- متوحد في الربوبية عند المشركين، أعني: اعتقادهم في توحيد الربوبية، قال: (فإذا أردت الدليل على أن هؤلاء الذين قاتلهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يشهدون بهذا فاقرأ قوله جل وعلا: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ}.وقوله: {قُلْ لِمَنِ الأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (84) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَذَكَّرُونَ (85) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (86) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (87) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (88) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ} وغير ذلك من الآيات).
هذه من الأدلة الظاهرة على أن الموحد لله في الربوبية لا ينفعه توحيده إلا إذا وحد الله في الإلهية، توحيد الله بأفعاله لا ينفع، إلا لمن وحد الله -جل وعلا- بأفعال العبد.
إذا وحّدت الله بأفعالك نفعك توحيدك لله -جل وعلا- بأفعاله.
يعني: الموحد لله في الألوهية ينفعه توحيد الربوبية ويَعظُم؛ لأن توحيد الربوبية له آثار عظيمة، وواجب من الواجبات؛ لأنه أحد أنواع التوحيد.
لكن من وحد الله في الربوبية ولم يوحده في العبادة فلا ينفعه ذلك، وإن كان يتكلم في ذلك بعلوم عجيبة، وتفاصيل غريبة، حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وحتّى يعتقد أن عبادة ما سواه باطلة، وحتّى يؤمن بالله، ويكفر بالجبت والطاغوت بأنواع ذلك.

مسلمة 12 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م 07:42 PM

العناصر
 
قتال الرسول صلى الله عليه وسلم للمشركين كان لأجل شركهم في العبادة
تفسير قول الله تعالى: ( قل من يرزقكم من السماء والأرض...)الآية
تفسير قول الله تعالى: ( قل لمن الأرض ومن فيها ...) الآيات

مسلمة 12 21 ذو القعدة 1429هـ/19-11-2008م 07:43 PM

الأسئلة
 
الأسئلة
س1: اذكر الدليل على أن المشركين الذين قاتلهم الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يقرون بتوحيد الربوبية.


الساعة الآن 06:26 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir