معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   منتدى المسار الأول (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=1096)
-   -   مجلس مذاكرة القسم الثامن عشر من تفسير سورة البقرة (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=45553)

هيئة الإشراف 20 شعبان 1443هـ/23-03-2022م 10:14 PM

مجلس مذاكرة القسم الثامن عشر من تفسير سورة البقرة
 
مجلس مذاكرة القسم الثامن عشر من تفسير سورة البقرة
(الآيات 246-257)


أجب على الأسئلة التالية:
1: اذكر الفوائد التي استفدتها من قصة طالوت.

2: حرّر القول في معنى قوله تعالى: {لا إكراه في الدين}.




تعليمات:
- ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.
- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته.
- يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة.
- يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق.
- تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب.



تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة:
أ+ = 5 / 5
أ = 4.5 / 5
ب+ = 4.25 / 5
ب = 4 / 5
ج+ = 3.75 / 5
ج = 3.5 / 5
د+ = 3.25 / 5
د = 3
هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة.

معايير التقويم:
1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ]
2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص]
3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد]
4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية.
5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض.

نشر التقويم:
- يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب.
- تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها.
- نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم.


_________________

وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم.

إيمان جلال 26 ذو الحجة 1443هـ/25-07-2022م 12:17 AM

أجب على الأسئلة التالية:
1: اذكر الفوائد التي استفدتها من قصة طالوت.

من الفوائد المستنبطة من قصة طالوت:
1) من قوله تعالى: "ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل" أستفيد: أن لا أحسن الظن ببني إسرائيل ولا بحكمتهم، لأنه إن كان أشراف القوم ووجوههم قد خذلوا نبيهم، فماذا عن العوام؟ وما أحفادهم اليوم إلا من أسلافهم المجادلين المعاندين، فكيف يؤمن جانبهم وتبرم المعاهدات معهم؟ وهم لا يبحثون إلا عن مصالحهم، وقراراتهم كلها فيما يوافق مصالحهم فقط.
2) من قوله تعالى: "من بعد موسى" أستفيد: أن بني إسرائيل قوم بهت، لم تؤثر فيهم شريعة موسى الذي لبث فيهم يعلمهم ويربيهم، ومع ذلك أتوا بالعظائم، وما طلبهم من نبيهم أن يأتي لهم بملك يقاتلون تحت رايته ثم نكوصهم على أعقابهم بعد أن اصطفاه لهم إلا دليلا على صعوبة مراسهم، ومن قبلها حين طلبوا من موسى أن يجعل لهم إلها كما للكفار آلهة مع أنهم قد رأوا المعجزات للتو بأم أعينهم إلا مثالا على ذلك.
3) من قوله تعالى: "إذ قالوا لنبي لهم" أستفيد: أن بني إسرائيل هم أكثر الأقوام الذين أرسل فيهم وإليهم الأنبياء، وما ذلك إلا لسوء طباعهم، وجلافة أخلاقهم، وقلة أدبهم مع ربهم ومع أنبيائه، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
4) من قوله تعالى: "ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله" أستفيد: أن سبب طلبهم الملك للقتال تحت رايته هو تسلط العدو عليهم بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، فأحاول قدر المستطاع الابتعاد عن الذنوب التي لها شؤم يلحق بالفرد وبالمجتمع.
5) من قوله تعالى: "ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله" نستفيد: سوء أدب بني إسرائيل مع أنبيائهم، حين استخدموا أسلوب الأمر مع نبي فضله الله واصطفاه على سائر خلقه.
6) من قوله تعالى: "قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا، قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلمّا كتب عليهم القتال تولّوا" أستفيد: أن من عادة بني إسرائيل التعرض لأمور لا طاقة لهم بها، فحين طلبوا من نبيهم الإذن بالجهاد لرفع الذلة عنهم بغلب العدو لهم، كع كثير منهم ولم يصبر إلا القليل، فيتعلم العبد أن لا يدعي البطولات، ولا تمني لقاء العدو لأنه لا يضمن ثبات قلبه وبدنه، بل سؤال الله العافية، فأربأ بنفسي عن الجزم بالإتيان بالطاعات وإغفال أن التوفيق إنما هو بيد الله.
7) من الآية السابقة نرى أن الأمم المتنعمة المائلة إلى الدعة تتمنى الحرب أوقات الأنفة، فإذا حضرت الحرب كعت وانقادت لطبعها، لذلك فالحذر من الميل للترفيه والكسل، والعمل على الاستعداد وإعداد العدة للقاء العدو الذي لاشك آت لما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في السنة، فلا نتمنى لقاء العدو، ولكن الاستعداد له وإعداد ما استطعنا من قوة.
8) من قوله تعالى: "إلا قليلا منهم" نستفيد: أن البلاء مازال بالعبد يمحصه ويختبره حتى يصفى من القوم خيرتهم وأشدهم إيمانا وثباتا، فلا فوز دون ابتلاء وتمحيص.
9) من قوله تعالى: "والله عليم بالظالمين" أستفيد: أن علم الله لا حد له، فالله يعلم سر العباد وجهرهم، فليحذر العبد أن يبطن الباطل أو أن يكون في صف الظالمين لئلا يناله وعيد الله.
10) من ذات الآية السابقة أستفيد أن من لم يوفي الله ما وعده من فعل الطاعات وامتثال الأوامر واحتناب النواهي كان من الظالمين.
11) من قوله تعالى: "وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا، قالوا أنى يكون له الملك علينا" أستفيد: أن طباع بني إسرائيل سيئة، وأخلاقهم سمجة، فعلى الرغم من أن من اختار طالوت ملكا عليهم هو الله عزوجل، وبلغهم بذلك نبيهم المختار من الله أيضا، إلا أنهم اعترضوا على اختيار الله – والعياذ بالله – وما هذا إلا لسوء طويتهم، وفساد قلوبهم.
12) من قوله تعالى: "أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه" نلحظ شدة تعنت بني إسرائيل ومحادتهم لله ولأوامره، وقياسهم لامتثال شرع الله بعقولهم، فلما لم يكن طالوت من السبط الذين يتوقع فيهم الملك رفضوا الانصياع لأمر الله، ومن هنا نتعلم تقديم النقل الثابت الصحيح على العقل.
13) من قوله تعالى: "ولم يؤت سعة من المال" نتيقن من أن اختيار الله وتقديره للأقدار نابع من حكم قد نعلمها وقد نجهلها، وما علينا سوى التسليم والانقياد لشرع الله وأحكامه، فهؤلاء القوم قاسوا الأمور بما عهدوها عليه وبعقولهم، فضلوا وأضلوا.
14) من قوله تعالى: "ولم يؤت سعة من المال" نتعلم أن المال من الأسباب المعينة على حصول الملك وتثبيته لدى الملوك، وليس هو الشرط الوحيد.
15) من قوله تعالى: "قال إن الله اصطفاه عليكم" كانت كافية للامتثال والانقياد، وكان الأولى بهم طاعة وقول معروف، ولكن ما العمل مع قوم متعنتين متعجرفين بهت؟
16) من ذات الآية السابقة نعلم أن اختيار الله للعباد هو أفضل اختيار، فلم يعين النبي الملك طالوت من تلقاء نفسه، وإنما أمره الله به لما طلب منه بنو إسرائيل ذلك، فكان طالوت أعلم منهم، وأنبل وأشكل منهم وأشد قوة وصبرا في الحرب ومعرفة بها، أي أتم علما وقامة منهم.
17) من قوله تعالى: "وزاده بسطة في العلم والجسم" من أفضل العوامل لقيام ملك قوي ثابت هو زيادة في الجسم ليهابه العدو، وزيادة في العلم في الحروب وفي إدارة شؤون الرعية.
18) من قوله تعالى: "والله يؤتي ملكه من يشاء" نتعلم الأسلوب الذي ندعو به أبناءنا وبناتنا حين لا يمتثلوا لأوامر الله، وذلك بتذكيرهم بأنها أمر الله وكفى، وأن الامتثال للأوامر واجتناب النواهي واجب مع وجود نصوص شرعية ثابتة، وإن لم تستوعبها عقولهم.
19) من الآية السابقة نعلم أن مشيئة الله مبنية على العلم والحكمة والعدل، فلا اعتراض ولا مجادلة معها، ولا اقتراحات قاصرة ناجمة عن عقول قاصرة.
20) من قوله تعالى: "والله واسع عليم" نتيقن من وسع قدرة الله وعلمه وفضله ورحمته، يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء، فلا نقترح على الله ولا نسأله عما يفعل ونحن من نسأل.
21) من قوله تعالى: "وقال لهم نبيهم إن آية ملكه" جاء قول نبيهم هذا لهم لما تعنتوا وقالوا لنبيهم: وما آية ملك طالوت؟ على جهة السؤال عن دلالة صدقه في قوله أن الله قد بعث لهم طالوت ملكا، وهذا يعلمنا ذمامة أخلاق بني إسرائيل وتكذيبهم لأنبيائهم.
22) من قوله تعالى: "قال إن الله مبتليكم بنهر، فمن شرب منه فليس مني، ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده" نستفيد أن البلاء ما يزال بالعبد يمحصه ويربيه به حتى يتأدب مع ربه فيذعن له وينقاد، أما عند المخالفة فيفترض بالعبد أن يراجع نفسه وعلاقته مع ربه، وأما مع تكرار الاختبارات والابتلاءات واستمرار الفشل والرسوب، فهذا مما يبعد العبد عن ربه.
23) من الآية السابقة نتعلم أن بين كل أفراد القوم هناك المنافق والمؤمن والكافر، وما الابتلاءات إلا للفصل بينهم، فمن ظهرت طاعته في ترك الماء علم أنه يطيع فيما عدا ذلك، ومن غلب شهوته في المالء وعصى الأمر، فهو بالعصيان في الشدائد أحرى.
24) من الآية السابقة نستفيد أيضا أن على القائد أن يمتحن جنوده، فلا يحارب إلا بالجند المطيع.
25) من الآية السابقة نتعلم أنه على القائد أن يكون رحيما برعيته وجنوده، فلا يأمرهم إلا بالمستطاع، ومراعاة طبيعتهم البشرية، فلما أتى بنو إسرائيل النهر وقد نالهم العطش، وهو في غاية العذوبة والحسن، ولذلك رخص للمطيعين في الغرفة ليرتفع عنهم أذى العطش بعض الارتفاع. فالغرفة كافة ضرر العطش عند الحزمة الصابرين على شظف العيش الذين هممهم في غير الرفاهية، فيشبه أن طالوت أراد تجربة القوم، وهكذا يجب على كل قائد لجيش.
26) من الآية السابقة نتيقن أن الله قادر على عكس سنن الكون إذا شاء، وهذا نراه فيمن اغترف الغرفة، وفيمن لم يشرب، وفيمن شرب، فمن اغترف روي، ومن شرب منه لم يرو، وأن من شرب فلم يرو، بل برّح به العطش، وأما من ترك الماء فحسنت حاله وكان أجلد ممن أخذ الغرفة.
27) من الآية السابقة نعلم نظافة الأيدي للاغتراف بها والشرب بها.
28) من الآية السابقة نعلم أهمية قاعدة سد الذرائع، فلما وقع النهي عن الطعم فلا سبيل إلى وقوع الشرب ممن يتجنب الطعم.
29) من قوله تعالى: "فشربوا منه إلا قليلا منهم" نتيقن من جبن قوم بني إسرائيل، الذين شرب أكثرهم ليرجعوا عن الحرب.
30) من قوله تعالى: "فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" نزداد يقينا بتعنت قوم بني إسرائيل ومجادلتهم لأنبيائهم، وعدم استسلامهم لأوامر الله، فعلى الرغم من كل الضمانات والتطمينات التي ذكرها نبيهم وملكهم لهم بالنصر إن التزموا ما امرهم الله به، إلا أنهم مازالوا يترددون، وينكصون على أعقابهم.
31) من الآية السابقة نلحظ أن القوم كان عددهم كبير، ثم لازال الاختبار بهم يمحصهم، فمن لم يشرب من الماء جاوز النهر مع طالوت، ومع ذلك قال: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده!! فمن نجى من الاختبار السابق خفق في اللاحق.
32) من قوله تعالى: "قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله" نتعلم أن الإيمان باليوم الآخر أكبر دافع لامتثال الأوامر واجتناب النواهي.
33) من قوله تعالى: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله" نتعلم أن النصر هو من عند الله، وليس بكثرة العدد ولا العِدد.
34) من الآية السابقة نستفيد أن من صفات القائد الناجح أن يحث قومه على الإقدام بالتحريض بالمثال - كما في الآية – وحض واستشعار الصبر، واقتداء بمن صدق ربه.
35) من الآية السابقة نتيقن من أن الصبر والنصر إنما هو بإذن الله، فيتعلم العبد تعليق صغير الأمور وكبيرها بيد الله.
36) من قوله تعالى: "والله مع الصابرين" نتعلم أن معية الله لعباده إنما هي بنصره لهم وتأييده لهم، وحفظه وتوفيقه لهم، وهذا ما عليه معتقد أه السنة والجماعة.
37) من قوله تعالى: "ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين" نتعلم أنه لا نصر ولا توفيق ولا تأييد ولا حفظ ولا تحقق لأي مراد من مرادات العبد إلا بالاستعانة بالله والتوكل عليه وتفويض الأمور له، مهما توافرت الأسباب المادية، فلا يجب الاعتماد عليها ولا الركون لها، بل أن يلقي العبد كافة همومه عند باب ربه، وسيجد النصر والتمكين وتحقيق المراد.
38) من الآية السابقة نلحظ أهمية الصبر والثبات عند لقاء العدو لتحقيق النصر، فلم يطلبوا سواها في دعائهم.
39) من الآية السابقة نرى أن العجز والفرار من الزحف عند لقاء العدو من أكبر الكبائر.
40) من قوله تعالى: "فهزموهم بإذن الله" مرة أخرى نتيقن أن النصر إنما هو بإذن الله.
41) من قوله تعالى: "وقتل داوود جالوت"، نتيقن بأن القوة ليست بسن المجاهد، وإنما بشدة إيمان العبد، فداوود كان أصغر من بقية الجنود في بني إسرائيل إلا أن الله جعل النصر على يديه.
42) من قوله تعالى: "وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء" كل من نراه من العباد ذوو ملك ومال وحكمة وعلم إنما هي من عطايا الرحمن له، ليست بحوله ولا قوته.
43) من الآية السابقة نتلعم أن الله يجعل لكل فرد نوع خاص من العلم ليكتمل بذلك المجتمع ويحوز كافة العلوم المطلوبة.
44) من قوله تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" لازالت سنن الله في الكون أن يدفع الباطل بالحق، ويهزم أهل الفساد بأهل الحق، وهكذا على مر الأزمان، فنسأله تعالى أن يجعلنا ممن يمحو بهم الباطل، ويجعلنا ممن ينشر الحق والقرآن والسنة والتوحيد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
45) من قوله تعالى: "ولكن الله ذو فضل على العالمين" نتيقن من رحمة الله ومنته على عباده، أنه مازال يمحو الباطل بما يهيئه من أهل للحق يقومون به، ليعطيهم الأجور ويرفع لهم الدرجات وله الحكم والحكمة والحجّة على خلقه في جميع أفعاله وأقواله.
46) من قوله تعالى: "تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق" نتعلم أن قصص القرآن إنما ذكرها تعالى في كتابه العزيز ليستلهم منها المؤمنون العبر، ويقتدون بالحسن. وما هذه القصة إلا مثال عظيم للمؤمنين ومعتبر، وقد كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم معدين لحرب الكفار، فلهم في هذه النازلة معتبر يقتضي تقوية النفوس والثقة بالله وغير ذلك من وجوه العبرة

2: حرّر القول في معنى قوله تعالى: {لا إكراه في الدين}.
الدين هم المعتقد والملة والنحلة، وقد اختلف أهل التفسير في معناها على أربعة أقوال، هي:
القول الأول: أنها منسوخة، بقوله تعالى: "واقتلوهم حيث ثقفتموهم". قاله السدي، وهذا هو معنى الأثر المروي عن زيد بن أسلم، وذكر هذا القول الزجاج وابن عطية وابن كثير.
قال ابن كثير: ويجب أن يدعى جميع الأمم - من مشركين ومن أهل كتاب - إلى الدخول في الدين الحنيف، فإن أبى أحد منهم الدخول فيه، ولم ينقد له أو يبذل الجزية، قوتل حتى يقتل.
قال ابن عطية: ويلزم على هذا، أن الآية مكية، وأنها من آيات الموادعة التي نسختها آية السيف.
الأدلة والشواهد:
- قال اللّه تعالى: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون". ذكره ابن كثير.
- قال تعالى: "يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم". ذكره ابن كثير.
- وقال تعالى: "يا أيّها الّذين آمنوا قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار وليجدوا فيكم غلظةً واعلموا أنّ اللّه مع المتّقين". ذكره ابن كثير.

القول الثاني: أن الآية محكمة، وخاصة بأهل الكتاب، ومن دخل في دينهم قبل النّسخ والتّبديل إذا بذلوا الجزية.
والمعنى: أن لا يتم إكراههم إذا أدوا الجزية. قاله قتادة والضحاك وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
قال ابن عطية: أن لا يكره على الدين كل كافر أعطى الجزية سوى قريش فإن الجزية غير مقبولة منهم، فإما الإسلام وإما القتل. وهو مذهب مالك.
قال قتادة والضحاك: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل العرب أهل الأوثان لا يقبل منهم إلا لا إله إلا الله أو السيف، ثم أمر فيمن سواهم أن يقبل الجزية، ونزلت فيهم لا إكراه في الدّين».. ذكره ابن عطية.
وعلى هذا: تكون الآية عامة لجميع الناس أن لا يتم إكراههم على الدخول في الدين طالما أعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

القول الثالث: أن معناها عام وهي محكمة، والمعنى: لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه واضح جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونوّر بصيرته، دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا. اختاره ابن كثير لأن حكمها عاما.

القول الرابع: أي لا تقولوا لمن دخل في الإسلام بعد حرب أنه دخل مكرها، لأنه إذا رضي بعد الحرب، وصح إسلامه فليس بمكره. ذكره الزجاج.
وقد ذكر ابن كثير الحديث الصحيح: (عجب ربّك من قومٍ يقادون إلى الجنّة في السّلاسل» يعني: الأسارى الّذين يقدم بهم بلاد الإسلام في الوثائق والأغلال والقيود والأكبال ثمّ بعد ذلك يسلمون وتصلح أعمالهم وسرائرهم فيكونون من أهل الجنّة).

هيئة التصحيح 11 27 محرم 1444هـ/24-08-2022م 10:27 PM

اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إيمان جلال (المشاركة 413908)
أجب على الأسئلة التالية:
1: اذكر الفوائد التي استفدتها من قصة طالوت.

من الفوائد المستنبطة من قصة طالوت:
1) من قوله تعالى: "ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل" أستفيد: أن لا أحسن الظن ببني إسرائيل ولا بحكمتهم، لأنه إن كان أشراف القوم ووجوههم قد خذلوا نبيهم، فماذا عن العوام؟ وما أحفادهم اليوم إلا من أسلافهم المجادلين المعاندين، فكيف يؤمن جانبهم وتبرم المعاهدات معهم؟ وهم لا يبحثون إلا عن مصالحهم، وقراراتهم كلها فيما يوافق مصالحهم فقط.
[المواثيق والمعاهدات لها تفصيلاتها في كتب الفقه، ويفرق بين المحارب وغير المحارب، فلا يصح الإطلاق هنا، ولكن يصح إطلاق الحذر منهم على كل حال]

2) من قوله تعالى: "من بعد موسى" أستفيد: أن بني إسرائيل قوم بهت، لم تؤثر فيهم شريعة موسى الذي لبث فيهم يعلمهم ويربيهم، ومع ذلك أتوا بالعظائم، وما طلبهم من نبيهم أن يأتي لهم بملك يقاتلون تحت رايته ثم نكوصهم على أعقابهم بعد أن اصطفاه لهم إلا دليلا على صعوبة مراسهم، ومن قبلها حين طلبوا من موسى أن يجعل لهم إلها كما للكفار آلهة مع أنهم قد رأوا المعجزات للتو بأم أعينهم إلا مثالا على ذلك.
3) من قوله تعالى: "إذ قالوا لنبي لهم" أستفيد: أن بني إسرائيل هم أكثر الأقوام الذين أرسل فيهم وإليهم الأنبياء، وما ذلك إلا لسوء طباعهم، وجلافة أخلاقهم، وقلة أدبهم مع ربهم ومع أنبيائه، قاتلهم الله أنى يؤفكون.
4) من قوله تعالى: "ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله" أستفيد: أن سبب طلبهم الملك للقتال تحت رايته هو تسلط العدو عليهم بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، فأحاول قدر المستطاع الابتعاد عن الذنوب التي لها شؤم يلحق بالفرد وبالمجتمع.
5) من قوله تعالى: "ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله" نستفيد: سوء أدب بني إسرائيل مع أنبيائهم، حين استخدموا أسلوب الأمر مع نبي فضله الله واصطفاه على سائر خلقه.
6) من قوله تعالى: "قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا، قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلمّا كتب عليهم القتال تولّوا" أستفيد: أن من عادة بني إسرائيل التعرض لأمور لا طاقة لهم بها، فحين طلبوا من نبيهم الإذن بالجهاد لرفع الذلة عنهم بغلب العدو لهم، كع كثير منهم ولم يصبر إلا القليل، فيتعلم العبد أن لا يدعي البطولات، ولا تمني لقاء العدو لأنه لا يضمن ثبات قلبه وبدنه، بل سؤال الله العافية، فأربأ بنفسي عن الجزم بالإتيان بالطاعات وإغفال أن التوفيق إنما هو بيد الله.
7) من الآية السابقة نرى أن الأمم المتنعمة المائلة إلى الدعة تتمنى الحرب أوقات الأنفة، فإذا حضرت الحرب كعت وانقادت لطبعها، لذلك فالحذر من الميل للترفيه والكسل، والعمل على الاستعداد وإعداد العدة للقاء العدو الذي لاشك آت لما أخبرنا به النبي صلى الله عليه وسلم في السنة، فلا نتمنى لقاء العدو، ولكن الاستعداد له وإعداد ما استطعنا من قوة.
8) من قوله تعالى: "إلا قليلا منهم" نستفيد: أن البلاء مازال بالعبد يمحصه ويختبره حتى يصفى من القوم خيرتهم وأشدهم إيمانا وثباتا، فلا فوز دون ابتلاء وتمحيص.
9) من قوله تعالى: "والله عليم بالظالمين" أستفيد: أن علم الله لا حد له، فالله يعلم سر العباد وجهرهم، فليحذر العبد أن يبطن الباطل أو أن يكون في صف الظالمين لئلا يناله وعيد الله.
10) من ذات الآية السابقة أستفيد أن من لم يوفي الله ما وعده من فعل الطاعات وامتثال الأوامر واحتناب النواهي كان من الظالمين.
11) من قوله تعالى: "وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا، قالوا أنى يكون له الملك علينا" أستفيد: أن طباع بني إسرائيل سيئة، وأخلاقهم سمجة، فعلى الرغم من أن من اختار طالوت ملكا عليهم هو الله عزوجل، وبلغهم بذلك نبيهم المختار من الله أيضا، إلا أنهم اعترضوا على اختيار الله – والعياذ بالله – وما هذا إلا لسوء طويتهم، وفساد قلوبهم.
12) من قوله تعالى: "أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه" نلحظ شدة تعنت بني إسرائيل ومحادتهم لله ولأوامره، وقياسهم لامتثال شرع الله بعقولهم، فلما لم يكن طالوت من السبط الذين يتوقع فيهم الملك رفضوا الانصياع لأمر الله، ومن هنا نتعلم تقديم النقل الثابت الصحيح على العقل.
13) من قوله تعالى: "ولم يؤت سعة من المال" نتيقن من أن اختيار الله وتقديره للأقدار نابع من حكم قد نعلمها وقد نجهلها، وما علينا سوى التسليم والانقياد لشرع الله وأحكامه، فهؤلاء القوم قاسوا الأمور بما عهدوها عليه وبعقولهم، فضلوا وأضلوا.
14) من قوله تعالى: "ولم يؤت سعة من المال" نتعلم أن المال من الأسباب المعينة على حصول الملك وتثبيته لدى الملوك، وليس هو الشرط الوحيد.
15) من قوله تعالى: "قال إن الله اصطفاه عليكم" كانت كافية للامتثال والانقياد، وكان الأولى بهم طاعة وقول معروف، ولكن ما العمل مع قوم متعنتين متعجرفين بهت؟
16) من ذات الآية السابقة نعلم أن اختيار الله للعباد هو أفضل اختيار، فلم يعين النبي الملك طالوت من تلقاء نفسه، وإنما أمره الله به لما طلب منه بنو إسرائيل ذلك، فكان طالوت أعلم منهم، وأنبل وأشكل منهم وأشد قوة وصبرا في الحرب ومعرفة بها، أي أتم علما وقامة منهم.
17) من قوله تعالى: "وزاده بسطة في العلم والجسم" من أفضل العوامل لقيام ملك قوي ثابت هو زيادة في الجسم ليهابه العدو، وزيادة في العلم في الحروب وفي إدارة شؤون الرعية.
18) من قوله تعالى: "والله يؤتي ملكه من يشاء" نتعلم الأسلوب الذي ندعو به أبناءنا وبناتنا حين لا يمتثلوا لأوامر الله، وذلك بتذكيرهم بأنها أمر الله وكفى، وأن الامتثال للأوامر واجتناب النواهي واجب مع وجود نصوص شرعية ثابتة، وإن لم تستوعبها عقولهم.
19) من الآية السابقة نعلم أن مشيئة الله مبنية على العلم والحكمة والعدل، فلا اعتراض ولا مجادلة معها، ولا اقتراحات قاصرة ناجمة عن عقول قاصرة.
20) من قوله تعالى: "والله واسع عليم" نتيقن من وسع قدرة الله وعلمه وفضله ورحمته، يوسع على من يشاء ويضيق على من يشاء، فلا نقترح على الله ولا نسأله عما يفعل ونحن من نسأل.
21) من قوله تعالى: "وقال لهم نبيهم إن آية ملكه" جاء قول نبيهم هذا لهم لما تعنتوا وقالوا لنبيهم: وما آية ملك طالوت؟ على جهة السؤال عن دلالة صدقه في قوله أن الله قد بعث لهم طالوت ملكا، وهذا يعلمنا ذمامة أخلاق بني إسرائيل وتكذيبهم لأنبيائهم.
22) من قوله تعالى: "قال إن الله مبتليكم بنهر، فمن شرب منه فليس مني، ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده" نستفيد أن البلاء ما يزال بالعبد يمحصه ويربيه به حتى يتأدب مع ربه فيذعن له وينقاد، أما عند المخالفة فيفترض بالعبد أن يراجع نفسه وعلاقته مع ربه، وأما مع تكرار الاختبارات والابتلاءات واستمرار الفشل والرسوب، فهذا مما يبعد العبد عن ربه.
23) من الآية السابقة نتعلم أن بين كل أفراد القوم هناك المنافق والمؤمن والكافر، وما الابتلاءات إلا للفصل بينهم، فمن ظهرت طاعته في ترك الماء علم أنه يطيع فيما عدا ذلك، ومن غلب شهوته في المالء وعصى الأمر، فهو بالعصيان في الشدائد أحرى.
24) من الآية السابقة نستفيد أيضا أن على القائد أن يمتحن جنوده، فلا يحارب إلا بالجند المطيع.
25) من الآية السابقة نتعلم أنه على القائد أن يكون رحيما برعيته وجنوده، فلا يأمرهم إلا بالمستطاع، ومراعاة طبيعتهم البشرية، فلما أتى بنو إسرائيل النهر وقد نالهم العطش، وهو في غاية العذوبة والحسن، ولذلك رخص للمطيعين في الغرفة ليرتفع عنهم أذى العطش بعض الارتفاع. فالغرفة كافة ضرر العطش عند الحزمة الصابرين على شظف العيش الذين هممهم في غير الرفاهية، فيشبه أن طالوت أراد تجربة القوم، وهكذا يجب على كل قائد لجيش.
26) من الآية السابقة نتيقن أن الله قادر على عكس سنن الكون إذا شاء، وهذا نراه فيمن اغترف الغرفة، وفيمن لم يشرب، وفيمن شرب، فمن اغترف روي، ومن شرب منه لم يرو، وأن من شرب فلم يرو، بل برّح به العطش، وأما من ترك الماء فحسنت حاله وكان أجلد ممن أخذ الغرفة.
27) من الآية السابقة نعلم نظافة الأيدي للاغتراف بها والشرب بها.
28) من الآية السابقة نعلم أهمية قاعدة سد الذرائع، فلما وقع النهي عن الطعم فلا سبيل إلى وقوع الشرب ممن يتجنب الطعم.
29) من قوله تعالى: "فشربوا منه إلا قليلا منهم" نتيقن من جبن قوم بني إسرائيل، الذين شرب أكثرهم ليرجعوا عن الحرب.
30) من قوله تعالى: "فلما جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده" نزداد يقينا بتعنت قوم بني إسرائيل ومجادلتهم لأنبيائهم، وعدم استسلامهم لأوامر الله، فعلى الرغم من كل الضمانات والتطمينات التي ذكرها نبيهم وملكهم لهم بالنصر إن التزموا ما امرهم الله به، إلا أنهم مازالوا يترددون، وينكصون على أعقابهم.
31) من الآية السابقة نلحظ أن القوم كان عددهم كبير، ثم لازال الاختبار بهم يمحصهم، فمن لم يشرب من الماء جاوز النهر مع طالوت، ومع ذلك قال: لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده!! فمن نجى من الاختبار السابق خفق في اللاحق.
32) من قوله تعالى: "قال الذين يظنون أنهم ملاقوا الله" نتعلم أن الإيمان باليوم الآخر أكبر دافع لامتثال الأوامر واجتناب النواهي.
33) من قوله تعالى: "كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله" نتعلم أن النصر هو من عند الله، وليس بكثرة العدد ولا العِدد.
34) من الآية السابقة نستفيد أن من صفات القائد الناجح أن يحث قومه على الإقدام بالتحريض بالمثال - كما في الآية – وحض واستشعار الصبر، واقتداء بمن صدق ربه.
35) من الآية السابقة نتيقن من أن الصبر والنصر إنما هو بإذن الله، فيتعلم العبد تعليق صغير الأمور وكبيرها بيد الله.
36) من قوله تعالى: "والله مع الصابرين" نتعلم أن معية الله لعباده إنما هي بنصره لهم وتأييده لهم، وحفظه وتوفيقه لهم، وهذا ما عليه معتقد أه السنة والجماعة.
37) من قوله تعالى: "ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا، وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين" نتعلم أنه لا نصر ولا توفيق ولا تأييد ولا حفظ ولا تحقق لأي مراد من مرادات العبد إلا بالاستعانة بالله والتوكل عليه وتفويض الأمور له، مهما توافرت الأسباب المادية، فلا يجب الاعتماد عليها ولا الركون لها، بل أن يلقي العبد كافة همومه عند باب ربه، وسيجد النصر والتمكين وتحقيق المراد.
38) من الآية السابقة نلحظ أهمية الصبر والثبات عند لقاء العدو لتحقيق النصر، فلم يطلبوا سواها في دعائهم.
39) من الآية السابقة نرى أن العجز والفرار من الزحف عند لقاء العدو من أكبر الكبائر.
40) من قوله تعالى: "فهزموهم بإذن الله" مرة أخرى نتيقن أن النصر إنما هو بإذن الله.
41) من قوله تعالى: "وقتل داوود جالوت"، نتيقن بأن القوة ليست بسن المجاهد، وإنما بشدة إيمان العبد، فداوود كان أصغر من بقية الجنود في بني إسرائيل إلا أن الله جعل النصر على يديه.
42) من قوله تعالى: "وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء" كل من نراه من العباد ذوو ملك ومال وحكمة وعلم إنما هي من عطايا الرحمن له، ليست بحوله ولا قوته.
43) من الآية السابقة نتلعم أن الله يجعل لكل فرد نوع خاص من العلم ليكتمل بذلك المجتمع ويحوز كافة العلوم المطلوبة.
44) من قوله تعالى: "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" لازالت سنن الله في الكون أن يدفع الباطل بالحق، ويهزم أهل الفساد بأهل الحق، وهكذا على مر الأزمان، فنسأله تعالى أن يجعلنا ممن يمحو بهم الباطل، ويجعلنا ممن ينشر الحق والقرآن والسنة والتوحيد، إنه ولي ذلك والقادر عليه.
45) من قوله تعالى: "ولكن الله ذو فضل على العالمين" نتيقن من رحمة الله ومنته على عباده، أنه مازال يمحو الباطل بما يهيئه من أهل للحق يقومون به، ليعطيهم الأجور ويرفع لهم الدرجات وله الحكم والحكمة والحجّة على خلقه في جميع أفعاله وأقواله.
46) من قوله تعالى: "تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق" نتعلم أن قصص القرآن إنما ذكرها تعالى في كتابه العزيز ليستلهم منها المؤمنون العبر، ويقتدون بالحسن. وما هذه القصة إلا مثال عظيم للمؤمنين ومعتبر، وقد كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم معدين لحرب الكفار، فلهم في هذه النازلة معتبر يقتضي تقوية النفوس والثقة بالله وغير ذلك من وجوه العبرة
[أؤكد على أن المطلوب في السؤال كان أعم من الفوائد السلوكية، ولكن كل ما يمكن استنباطه من فوائده.
ولديكِ مهارة عالية في الاستنباط؛ فلعلك تجتهدين بكتابة الرسائل التفسيرية بالأسلوب الاستنتاجي، واستفيدي من رسائل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، وإذا جمعت بين الأسلوب الاستنتاجي والمقاصدي أو الوعظي، أرجو أن ينفع الله بكِ ويكتب لك القبول]

2: حرّر القول في معنى قوله تعالى: {لا إكراه في الدين}.
الدين هم المعتقد والملة والنحلة، وقد اختلف أهل التفسير في معناها على أربعة أقوال، هي:
القول الأول: أنها منسوخة، [هذا ليس قولا مستقلا في بيان معنى الآية، وإنما تذكرين المعنى أولا ثم تبينين وجه القول بالنسخ]

بقوله تعالى: "واقتلوهم حيث ثقفتموهم". قاله السدي، وهذا هو معنى الأثر المروي عن زيد بن أسلم، وذكر هذا القول الزجاج وابن عطية وابن كثير.
قال ابن كثير: ويجب أن يدعى جميع الأمم - من مشركين ومن أهل كتاب - إلى الدخول في الدين الحنيف، فإن أبى أحد منهم الدخول فيه، ولم ينقد له أو يبذل الجزية، قوتل حتى يقتل.
قال ابن عطية: ويلزم على هذا، أن الآية مكية، وأنها من آيات الموادعة التي نسختها آية السيف. [فعلى هذا القول، يكون معنى الآية النهي العام عن إكراه الناس على الدخول في الدين، ثم نُسخت بآية السيف]
الأدلة والشواهد:
- قال اللّه تعالى: {ستدعون إلى قومٍ أولي بأسٍ شديدٍ تقاتلونهم أو يسلمون". ذكره ابن كثير.
- قال تعالى: "يا أيّها النّبيّ جاهد الكفّار والمنافقين واغلظ عليهم". ذكره ابن كثير.
- وقال تعالى: "يا أيّها الّذين آمنوا قاتلوا الّذين يلونكم من الكفّار وليجدوا فيكم غلظةً واعلموا أنّ اللّه مع المتّقين". ذكره ابن كثير.

القول الثاني: أن الآية محكمة، وخاصة بأهل الكتاب، ومن دخل في دينهم قبل النّسخ والتّبديل إذا بذلوا الجزية.
والمعنى: أن لا يتم إكراههم إذا أدوا الجزية. قاله قتادة والضحاك وذكره الزجاج وابن عطية وابن كثير.
قال ابن عطية: أن لا يكره على الدين كل كافر أعطى الجزية سوى قريش فإن الجزية غير مقبولة منهم، فإما الإسلام وإما القتل. وهو مذهب مالك.
قال قتادة والضحاك: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل العرب أهل الأوثان لا يقبل منهم إلا لا إله إلا الله أو السيف، ثم أمر فيمن سواهم أن يقبل الجزية، ونزلت فيهم لا إكراه في الدّين».. ذكره ابن عطية.
وعلى هذا: تكون الآية عامة لجميع الناس [ذكرتِ أن قريش لا تقبل منهم الجزية، ثم قلتِ هنا بعموم الناس] أن لا يتم إكراههم على الدخول في الدين طالما أعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.

القول الثالث: أن معناها عام وهي محكمة، والمعنى: لا تكرهوا أحدا على الدخول في دين الإسلام فإنه واضح جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونوّر بصيرته، دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرها مقسورا. اختاره ابن كثير لأن حكمها عاما.

القول الرابع: أي لا تقولوا لمن دخل في الإسلام بعد حرب أنه دخل مكرها، لأنه إذا رضي بعد الحرب، وصح إسلامه فليس بمكره. ذكره الزجاج.
وقد ذكر ابن كثير الحديث الصحيح: (عجب ربّك من قومٍ يقادون إلى الجنّة في السّلاسل» يعني: الأسارى الّذين يقدم بهم بلاد الإسلام في الوثائق والأغلال والقيود والأكبال ثمّ بعد ذلك يسلمون وتصلح أعمالهم وسرائرهم فيكونون من أهل الجنّة).



أحسنتِ، بارك الله فيك ونفع بكِ.
بالنسبة للسؤال الثاني:
يمكن تصنيف الأقوال إلى قولين:
إما أن تكون " لا إكراه في الدين " بمعنى الخبر، تعني بأنه لا يتصور إكراه أحدٍ على الإسلام بعد وضوح أدلة التوحيد، وأن ما يظهر منه إكراه من صور الجهاد في سبيل الله فليس بإكراه على الحقيقة، ولكل صورة تفصيلها.
وإما أن تكون بمعنى النهي فإما أن تكون خاصة بأهل الكتاب، وكل من يجوز منه أخذ الجزية، أو تكون منسوخة، أو تبقى على عمومها.

التقويم: أ

زادكِ الله علما وهدى ونفع بك الإسلام والمسلمين

رولا بدوي 2 رجب 1444هـ/23-01-2023م 03:17 PM

مجلس مذاكرة القسم الثامن عشر من تفسير سورة البقرة
(الآيات 246-257)
أجب على الأسئلة التالية:
1: اذكر الفوائد التي استفدتها من قصة طالوت.

﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَأِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 246]
1- (ألم تر) سؤال تقريري تعجبي، كيف يرى النبي صلى الله عليه و سلم أمرًا حدث قبله بأعوام مديدة؟، لكنه اليقين في صدق الأخبار في القرآن التي تجعل من يستمع يوقن و يرى بعيني قلبه ما يقص في كتاب الله، فمن أيقن رأى الأمر كأنه يراه رأي العين، بقدر يقينك يكون التصديق.
2- (ألم تر) بداية تشويقية لقصة فيها العبرة و العظة و فيها من أسباب التثبيت ما يحتاج له المسلمين في كل وقت و حين، فالأمر ليس قصة تروى تسلية بل للاتعاظ و أخذ العبرة.
3- (الملأ من بني إسرائيل) يقود المسيرة أهل العقد و الحل من الأمم، و إن ضل سعيهم.
4- ( من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم) لم يعين من النبي ، و لم يذكر غير أنه من بعد موسى، و هذا من رحمة الله بتلك الأمة، أن تتالت عليهم الأنبياء، منهم و لهم، دون غيرهم، و هذا فيه دليل أن بعد الرسالة و لا بد من أن يكون هناك من يقوم بالدين ، نبي أو من يحمل هم الدين ينصره الله بحوله و قوته.
5- ( ابعث لنا ملكًا نقاتل في سبيل الله) الملك كان يأتمر بأمر النبي ، سلطة الدين كانت الأعلى حتى جاءت العلمانية ففصلت الدين عن الدولة، فشرى الفساد في الأرض.
6- ( ابعث لنا ملكًا نقاتل في سبيل الله) ، يحتاج في القتال إلى من يكون لديه سلطة و قوة و قدرة، و ليس أي منهم، رغم كونهم أشراف لكن طلبوا أن يجعل عليهم من يقودهم.
7- ( نقاتل في سبيل الله) ، هذه هي الغاية من القتال، لله خالص، و إن كان هناك دوافع خاصة؛ رفع ظلم وقع على العبد بسبب الدين؛ من إخراج من البلاد دون وجه حق.
8- (ا قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا)، الأمر ليس إجابة الطلب لمن يطلب التكليف، و لكن لا بد من تحري ما عند العباد من عزيمة على الأمر، فجاء السؤال ليضعهم أمام مسؤولية ما يطلبون، فليس مثل نبيهم أعلم بهم، فمن يطلب تكليف، حمله مسؤولية طلبه، و ادفعه لاستحضار أسباب تساعده على رفع الهمة، فيتحول الخاطر لقضية يزيد إيمانه بها و تقوى بها العزيمة، كما قالوا(قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا).
9- (قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا) القتال شريعة كانت موجودة في الشرائع التي قبلنا، قتال في سبيل الله و قتال لرفع ظلم و فساد في الأرض.
10- (فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ)، التكاليف تمحيص للعباد، قليلا من يثبت، قليلا من أخلص لله، و كثير تعلق قلبه بالدنيا، و بالحياة.
11- (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ )، من يتولى يظلم نفسه، و من يطلب التكليف و هو لا يقدر عليه يظلم نفسه، الله عليم بمن كان حديثه حديث مجالس و من كان حديثه حديث قلب.
﴿ وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 247]
12- سوء ما في النفس من كبر و حسد لا يظهر إلا في مواقف التمحيص و الاستسلام لرب العالمين، فالنبي نبيهم من ربهم، يقول لهم أن الله ربهم بعث لهم ملكًا، أجابهم لطلبهم و حاجتهم، لكن ماذا كان الرد ، لم ينظروا له أنه نعمة من ربهم بل أسفرت قلوبهم على ما فيها ( أنى يكون له الملك) ، تكبروا بما لديهم من مال و جاه و اذرؤوا طالوت، عجبًا و حسدًا، كالشيطان إذ قال له ربه اسجد، فتكبر لظنه الفاسد أنه أفضل من آدم.
13- ليست بالمال و لا السلطة، بل باختصاص و اصطفاء من الله ، فهذا طالوت كان قليلا في عين قومه علا عليهم بإذن ربه.
14- ( زاده بسطة في العلم و الجسم): كما ميز الله آدم بالعلم ، ميز طالوت، فالتكليف يحتاج لعلم ، و الملك يحتاج لقوة بدنية، فكان ذلك لطالوت، يستمد من هيئته الجنود القوة و يكون قدوة لهم.
15- ( زاده بسطة في العلم و الجسم) ، العلم نعمة من الله و الصحة نعمة من الله، فعلى العبد سؤال الله من فضله.
15- (وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾؛ تذكير لمن غفل عن هذه الحقيقة ، الله يؤتي ملكه من يشاء، ليس بما شاء العباد و قسموا بينهم الأرزاق، بل الله بيده الملك يؤتيه من يشاء، و العبد عليه الرضا و التسليم والقناعة، ولا يمدن عينيه لما متع الله به غيره، و يشكر النعمة، لتدوم و تزيد( و لئن شكرتم لأزيدنكم).
16- ( و الله واسع عليم) واسع العلم و الحكمة و الملك، عليم بمن يستحق الملك و لديه مؤهلات القيادة، و من سيقول سمعنا و أطعنا و من سينقلب على عقبيه، الله يختبر العباد بأفعاله، و العباد عليهم التسليم و الطاعة.
* وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [البقرة: 247، 248]
17- ( إن كنتم مؤمنين)؛ هذا هو الفيصل في السمع و الطاعة، فمن لا يؤمن لن تنفعه أعظم آية، و لن يراها آية، بل تزيده كفرًا و طغيانًا.
18- عندما يقال لك قال الله و قال الرسول، و يؤتى لك بكل آية و لا زلت تجادل، فرجع إيمانك، فلا إيمان إلا باستسلام ( إن كنتم مؤمنين).
﴿ فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249]
19- الاختبارات تتوالى للتمحيص، (إن الله مبتليكم بنهر)، علموا الابتلاء و علموا أنه من ربهم و ما صبروا و ما أطاعوا، فخذلوا و اخلدوا إلى الأرض بسوء ما في قلوبهم و قالوا ( لا طاقة لنا اليوم بجالوت و جنوده)، لم يصبروا على أمر الله الذي ليس فيه إلا الصبر عن شرب الماء و على العطش، فكيف يواجهون الموت و يصبرون على القتال، من يثبت في الأولى يثبت في الثانية.
20- طلبوا التكليف و القتال و ظنوا أن الأمر يقف عند الابتلاء بالتكليف فقط، قال (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) و العبد يسير إلى ربه يختبر ، اختبار يتلوه اختبار، حتى يظهر ما في قلبه من صدق طلب، و إلا كان الأمر شعارات، نختبر في أقوالنا و مقاصدنا، وليس لنا إلا حوله و قوته، كما قالت الفئة التي صدقت في إيمانها (قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 249]
21- الإيمان باليوم الآخر باب اليقين بما عند الله، و سبب للثبات في مواجهة الابتلاءات(قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللَّهِ)، فبقدر إيمانك يكون اليقين و يكون الثبات.
22- (بإذن الله) هذا اليقين الذي ملأ قلوبهم هو الذي ثبتهم، نقف على الثغور بعدد قليل نرى دعاة الباطل تعلو أصواتهم، و تبرز شبهاتهم، لكن نصبر و نعلم أنه ليس بعددهم و لا عتادهم، ( فكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله).
23- ( و الله مع الصابرين)؛إيمان، بصيرة لما عند الله، استحضار أنك عبد و أن كل شئ بإذنه، الصبر، أسباب للثبات في زمن الفتن و الابتلاءات.
23- ( و الله مع الصابرين) بعلمه و حكمته و نصره، فالله ينصر من ينصر، و يرى صبر الصابرين في الطريق و عليه، و من كان الله معه، فمن يخشى؟ و ماذا يخاف؟
وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 250]،
24- الافتقار إلى الله و الخضوع لسلطانه سبب لنصرته عز و جل (قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾
25- علموا أنهم عباد الله، و أن الله هو ملك الأسباب، و أنه بحوله و قوته يصبرون و يثبتون و ينتصرون، فوقفوا على بابه يتضرعون(قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ﴾
24- التوسل لله باسم الرب في الدعاء من الأدب مع الله ففيه استحضار أن كل شيء بيده، فيا رب أنت خالقنا و مدبر أمرنا و كل شيء بيدك، أفرغ و صب علينا الصبر صبا و انصرنا على القوم الكافرين.
25- يذكر العبد نفسه بالمعسكر الذي ينتمي له هو مع المؤمنين الصابرين و يحارب الكافرين، مما يرفع الهمة في القلب و يعين العبد على مقصوده فلا يحيد عنه ( و انصرنا على القوم الكافرين)
قال تعالى(فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآَتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)
26- لما افتقروا لربهم و تعلقت قلوبهم بربهم نالو النصر، (فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ).
27-( وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) سنة التدافع بين العباد من رحمة الله بنا، سبحان الله العليم الحكيم الذي وسعت رحمته كل شيء.

2: حرّر القول في معنى قوله تعالى: {لا إكراه في الدين}.
1- الدّين في هذه الآية المعتقد والملة، بقرينة قوله قد تبيّن الرّشد من الغيّ.
2- والإكراه الذي في الأحكام من الإيمان والبيوع والهبات وغير ذلك ليس هذا موضعه وإنما يجيء في تفسير قوله تعالى: {إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.
إذن الإكراه المنفي هنا هو في المعتقد من الملل والنحل، و قد اختلف الناس في المعنى المراد في الآية:
1- «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين لا يكره أحدا في الدين، فأبى المشركون إلا أن يقاتلوهم، فاستأذن الله في قتالهم فأذن له»، قاله زيد بن أسلم و ذكره ابن جرير كما نقل عنهم ابن عطية، و ذكره ابن كثير و نسبه لجماعة.
قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «ويلزم على هذا، أن الآية مكية، وأنها من آيات الموادعة التي نسختها آية السيف»، و هو مشابه لما نقله ابن جرير و قد رده .
2- «الآية خاصة في أهل الكتاب الذين يبذلون الجزية ، قاله كلًا من قتادة والضحاك بن مزاحم كما ذكر ابن عطية و ذكره ابن كثير و نسبه لجماعة كثير من العلماء.
»و هي على هذا آية محكمة.
. قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «وعلى مذهب مالك في أن الجزية تقبل من كل كافر سوى قريش أي نوع كان، فتجيء الآية خاصة فيمن أعطى الجزية من الناس كلهم لا يقف ذلك على أهل الكتاب كما قال قتادة والضحاك».
3- نزلت هذه الآية في قوم من الأنصار- أو في رجل منهم - كان لهم أولاد قد هودوهم أو نصروهم، فلما جاء الله بالإسلام أرادوا إكراههم عليه، فنهاهم الله عن ذلك، حتى يكونوا هم يختارون الدخول في الإسلام، و قد قيل فيها أقوال:
1- «إنما نزلت هذه الآية في قوم من الأوس والخزرج كانت المرأة تكون مقلاة لا يعيش لها ولد، فكانت تجعل على نفسها إن جاءت بولد أن تهوده، فكان في بني النضير جماعة على هذا النحو، فلما أجلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بني النضير قالت الأنصار كيف نصنع بأبنائنا، إنما فعلنا ما فعلنا ونحن نرى أن دينهم أفضل مما نحن عليه، وأما إذ جاء الله بالإسلام فنكرههم عليه، فنزلت {لا إكراه في الدّين} الآية»، قاله كلًا من ابن عباس وسعيد بن جبير ذكر ذلك عنهم ابن عطية، وقال بهذا القول عامر الشعبي ومجاهد، إلا أنه قال:«كان سبب كونهم في بني النضير الاسترضاع»،ذكر ذلك عنهم ابن عطية و ابن كثير، و رواه ابن جرير و النسائي عن ابن عباس من طريق شعبة ، وهكذا ذكر سعيد بن جبيرٍ والحسن البصريّ وغيرهم: «أنّها نزلت في ذلك». ذكرذلك عنهم ابن كثير .
2- : «نزلت الآية في رجل من الأنصار يقال له أبو حصين، كان له ابنان، فقدم تجار من الشام إلى المدينة يحملون الزيت، فلما أرادوا الرجوع أتاهم ابنا أبي حصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا ومضيا معهم إلى الشام فأتى أبوهما رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتكيا أمرهما، ورغب في أن يبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يردهما، فنزلت {لا إكراه في الدّين}، ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب، وقال: «أبعدهما الله هما أول من كفر»، فوجد أبو الحصين في نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لم يبعث في طلبهما، فأنزل الله جل ثناؤه: {فلا وربّك لا يؤمنون حتّى يحكّموك فيما شجر بينهم}[النساء: 65]، ثم إنه نسخ لا إكراه في الدّين، فأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة» و ابن عباس ذكر ذلك عنه ابن كثير و قاله السدي ، ذكر ذلك عنه ابن عطية و ابن كثير،
. قال القاضي أبو محمد رحمه الله: «والصحيح في سبب قوله تعالى:{فلا وربّك لا يؤمنون}، حديث الزبير مع جاره الأنصاري في حديث السقي»،
و بالنظر للأقوال ؛ أن الآية و إن كان لها سبب نزول خاص فالعبرة بعموم اللفظ لا خصوص السبب، فالمعنى عام و الله أعلم؛ أي أنه لا يكره أحد على الدخول في الإسلام و قد بان و جاءت الأدلة و القرائن عليه بما لا يحتاج إلى أن يكره أحد على دخوله،( و هو ما اختاره ابن كثير) و يدخل في ذلك دخولًا أوليا ما كان من المرأة الأنصارية و الرجل الأنصاري و تطبق على أهل الكتاب.

أمل عبد الرحمن 8 رجب 1444هـ/29-01-2023م 11:42 PM

تابع التقويم


رولا بدوي أ
أحسنت بارك الله فيك ونفع بك، وأثني على استخلاصك القيّم للفوائد.
بالنسبة لتحرير معنى الآية..
أثني على جمعك للأقوال، لكن بقي شيء في طريقة العرض، ألا وهي موافقة المطلوب في السؤال، فالمطلوب معنى الآية، ويمكن عرض الأقوال في معنى الآية كالتالي:

القول الأول: أن قوله تعالى: {لا إكراه في الدين} أسلوب نفي، ومعناه النهي، فيكون المعنى: "لا تكرهوا أحدا على الدخول في الإسلام"، ثم اختُلف فيه على ثلاثة أقوال:
1: أن الآية منسوخة بآيات القتال والسيف، وأن النهي كان في فترة الموادعة.
2: أن النهي في الآية عامّ لكن أريد به خاصّ من الناس وهم أهل الكتاب ومن تقبل منهم الجزية، أما غيرهم فيكرهون على الدخول في الدين أو القتال، ويشهد له ما ورد في أسباب نزول الآية.
3: أن النهي عامّ باق على عمومه، وأنه لا يجوز إكراه أحد على الدخول في الإسلام، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وهو الراجح، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكره أحدا على الإسلام، أما الفتوحات الإسلامية وإخضاع البلاد لحكم الإسلام بشكل عامّ فهي لأجل كسر شوكة الكفار وإتاحة الفرص للناس أن يتعرّفوا على هذا الدين في أمان.
القول الثاني: أن الأسلوب في الآية أسلوب نفي.
وأن هذا الدين لا يتصوّر فيه إكراه لمن دخله مختارا بعد أن تبيّنت دلائله.
وهذا فيما أخبر الزجّاج أن قوما دخلوا في الإسلام فعيّرهم بعض الكفار واتهموهم بأنهم إنما دخلوه مكرهين، فنزلت الآية تنفي أن يكون في دخوله إكراه.


الساعة الآن 02:08 AM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir