المجلس الثامن: مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية
مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية الأندلسي س: استخلص المسائل التي اشتملت عليها مقدّمة تفسير ابن عطية الأندلسي، ثم لخّص بأسلوبك ما قيل في كل مسألة. تعليمات: - ننصح بقراءة موضوع " معايير الإجابة الوافية " ، والحرص على تحقيقها في أجوبتكم لأسئلة المجلس.- لا يطلع الطالب على أجوبة زملائه حتى يضع إجابته. - يسمح بتكرار الأسئلة بعد التغطية الشاملة لجميع الأسئلة. - يمنع منعًا باتّا نسخ الأجوبة من مواضع الدروس ولصقها لأن الغرض تدريب الطالب على التعبير عن الجواب بأسلوبه، ولا بأس أن يستعين ببعض الجُمَل والعبارات التي في الدرس لكن من غير أن يكون اعتماده على مجرد النسخ واللصق. - تبدأ مهلة الإجابة من اليوم إلى الساعة السادسة صباحاً من يوم الأحد القادم، والطالب الذي يتأخر عن الموعد المحدد يستحق خصم التأخر في أداء الواجب. تقويم أداء الطالب في مجالس المذاكرة: أ+ = 5 / 5 أ = 4.5 / 5 ب+ = 4.25 / 5 ب = 4 / 5 ج+ = 3.75 / 5 ج = 3.5 / 5 د+ = 3.25 / 5 د = 3 هـ = أقل من 3 ، وتلزم الإعادة. معايير التقويم: 1: صحة الإجابة [ بأن تكون الإجابة صحيحة غير خاطئة ] 2: اكتمال الجواب. [ بأن يكون الجواب وافيا تاما غير ناقص] 3: حسن الصياغة. [ بأن يكون الجواب بأسلوب صحيح حسن سالم من ركاكة العبارات وضعف الإنشاء، وأن يكون من تعبير الطالب لا بالنسخ واللصق المجرد] 4: سلامة الإجابة من الأخطاء الإملائية. 5: العناية بعلامات الترقيم وحسن العرض. نشر التقويم: - يُنشر تقويم أداء الطلاب في جدول المتابعة بالرموز المبيّنة لمستوى أداء الطلاب. - تكتب هيئة التصحيح تعليقاً عامّا على أجوبة الطلاب يبيّن جوانب الإجادة والتقصير فيها. - نوصي الطلاب بالاطلاع على أجوبة المتقنين من زملائهم بعد نشر التقويم ليستفيدوا من طريقتهم وجوانب الإحسان لديهم. _________________ وفقكم الله وسدد خطاكم ونفع بكم. |
بدأ القاضي ابن عطية تفسيره بخطبة قصيرة ، اشتملت على :
1- التعريف باسمه و كنيته 2- البدء بحمد الله و تعظيمه 3- ذكر وجه نعمة القرأن؛ به البشارة و النذارة و سبيل الصراط المستقيم،لذا كان الاعتصام به أمر واجب. 4- ختم بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم. 5- نصيحة لمن عزم على الخوض في بحور العلم: العزم، الأخذ من العلوم ما يكون زاد له في تخصصه، الاجتهاد، الصبر، بذل الأوقات، التخصص في علم من العلوم و العناية به،مبتدئًا بالأصول، و يبحر في فروعه، يجمع العلم و ما يتعلق به من فنون، و يلخصه، و يهتم ببان كلام العلماء و تحريره. 6- بيان سبب اختياره لعلم التفسير مجالًا له، يُبحر فيه يسبر غوره ؛ فشرف العلم من شرف مطلوبه، فموضوعه القرآن، و هو للعلوم ملك و باقي العلوم خدام له، يتبعونه و لا يتبعهم، و الاشتغال به عمل صالح: يقرب لله، يُخلص النيات، يدفع المكرهات، و السبب أنه ليس بعلم دنيوي يشدك للأرض و يوقعك في حبائل الدنيا و شراكها. 7- ختم تقديمه بدعاء فيه افتقار العبد لربه، أن يكون هذا العلم سببًا لحرمة جسده على النار. 8- وصية غالية: العلم قيد، فكتابة الفوائد و الملح التي تقابل الطالب يحفظ عليه ما يقرأ، و يثبته، و يجده عند حاجته إليه. 9- بين ابن عطية منهجه في التفسير: أ. جمع تفسيره: علم المناظرة في التفسير، و ترتيب المعاني. ب. سماه وجيزًا محررًا ،و وصفه بذلك، و بين سبب الوصف: 1- لا يذكر القصص إلا عند الضرورة حيث لا يتبين المعنى إلا به. 2- يثبت ما ينسب للعلماء من أقوال؛ أ. على ما نقل عن السلف، لا يعتمد الأقوال التي فيها إلحاد، و لا أقوال المتكلمين؛ ممن يفسرون بالإشارة، و علم الباطن . ب. يحرر أٌقوال العلماء، و يُنبه إذا ما شابها مقصد من مقاصد الإلحاد، عاذرًا لهم بحسن النية و القصد. 3- يبدأ في التعليق على الآية: أ. حسب رتبة اللفظ في الآية: حكم، لغة، معنى، قرءاة. ب. يتتبع الألفاظ. ت. موقفه من القراءات: يوردها جميعًا، ما عليه الجمهور و الشاذ. ث. يجتهد في جمع محتملات الألفاظ. ج. لا يُكثر من الكلام دون فائدة، فيجمل و يوجز العبارة. 10- ختم خطبته بدعاء الله بالقبول و عذر التقصير و الخطأ. ثم شرع ببيان ما يرى أنه لا يسع أن يُجهل بها قبل البدء في التفسير 1- باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم و عن الصحابة و عن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد و صورة الاعتصام به. ذكر القاضي بن عطية رحمة الله عليه عددًا من الآثار التي تبين فضل القرآن و أهله، و فضل الإشتغال به،و لم يسند ما ذكر، و لم يبين صحته، كما ذكر عددًا من الآيات في الاستدلالات، و مما ذكر: أ. أنه سبب الثبات في وقت الفتن : قال صلى الله عليه و سلم ( ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)). و أنه العروة الوثقى. ب. فضل تثوير القرآن: ال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)). ت. فضل تلاوته: قال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)). و أنه أفضل عبادة ، و أن من قرأه أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه، و أنه من أشراف الأمة، و أن من يعاني في تلاوته له أجران، و من يسهل عليه قراءته مع السفرة الكرام البررة. ث. فضله يوم القيامة: أنه شافع مشفع يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)). ج. فضل تالي القرآن: قال صلى الله عليه و سلم( أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)). وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)). ح. فضل البيت الذي يتلى فيه: قال قوم من الأنصار لرسول الله صلى الله عليه و سلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة. وفي هذا المعنى حديث صحيح عن أسيد بن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة. خ. أنه أحسن الحديث، و أحسن القصص، و هو أدب الله الذي يحب أن يؤتى:قال الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} الآية [الزمر: 23] ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3]. د. من صفاته: أنه منادي للإيمان: قال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} [آل عمران: 193] قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم ذ. أنه فضل من الله و رحمة: وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته} [يونس: 58] . بعد أن بين فضل القرآن و كل ما يتصل به: من تالي و بيت و حال، شرع في بيان وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم و السلف بالقرآن، و العمل به ر. وصايا الرسول صلى الله عليه و سلم و السلف بالقرآن: وقال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: ((عليكم بالقرآن)). وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل. وقال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة. وقال عليه السلام: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه)) ز. حال السلف مع القرآن: روي أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب. وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} [الطور: 7] فأن أنة عيد منها عشرين يوما وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار. س. العمل به: ان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به. قال القاضي عبد الحق رضي الله عنه قال الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} [القمر: 17، 22، 23، 40]. وقال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} [المزمل: 5] أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم. وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح. وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به. ذكر ابن عطية رحمة الله عليه أثر، لا يظهر منه أنه فضل للقرآن : ومرت امرأة على عيسى ابن مريم عليه السلام فقال طوبى لبطن حملك ولثديين رضعت منهما فقال عيسى: طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبع ما فيه. 2- باب فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه: 1- مكانة علم الإعراب في الشرع: يرى أبن عطية أنه أصل في الشريعة، و عزى ذلك أن به تقوم معاني الشرع، و استدل بعدد من الآثار: روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر)). وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)). 2- خيرية من عمل بعلم التفسير: قال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قال: الحكمة الفهم في القرآن، وقال قتادة: الحكمة القرآن والفقه فيه، وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن. وذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص: 197]. وقال الشعبي: رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها. 3- فضل من يقرأ معانيه و يعمل بها، على من يقيم حروفه دون : وقال إياس بن معاوية: مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب. وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر. 4- معنى قوله تعالى( لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوهًا كثيرة) : قال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها. 3- باب ما قيل في تفسير القرآن و الجرأة عليه و مراتب المفسرين: 1- تفسير الرسول صلى الله عليه و سلم للقرآن، على وجهين: أ. الغيبيات و ما لا يعلمه إلا الله: توقيف من الله عز و جل نزل به جبريل عليه السلام. ب. غيره من التفسير. 2- حكم التفسير بالرأي: من تكلم دون أن يكون عنده أدوات التفسير و علومه فهو و إن أصاب فقد أخطأ. 3- موقف السلف في التفسير: من تورع و توقف عن الحديث في التفسير؛ تعظيمًا لكلام الله، كسعيد بن المسيب و عامر الشعبي، و من تحدث و أسهب في التفسير، فكان زادًا للمسلمين من بعده. 4- طبقة الصحابة من المفسرين: يأتي في مقدمتهم علي ابن أبي طالب، يتلوه عبد الله بن عباس. فضل ابن عباس: بن عباس أخذ عن علي رضي الله عنه و أسهب عنه، و زكى علي الأخذ عنه. مجاهد و سعيد ابن المسيب أخذا عن عبد الله بن عباس دعا له الرسول صلى الله عليه و سلم ( اللهم علمه التأويل) يتلو ابن عباس: عبدالله بن مسعود، و أبي بن كعب، زيد بن ثابت، و عبد الله بن العاص. حكم ما أخذ عن الصحابة: حسنٌ متقدم. 5- طبقة التابعين: برز منهم الحسن بن أبي الحسن، و مجاهد، سعيد بن جبير، و علقمة. أخذ عن ابن عباس: مجاهد، عكرمة . روى الضحاك عن ابن عباس و ان لم يأخذ عنه، فقد أخذ من ابن جبير موقف عامر الشعبي من السدي و علي ابن أبي صالح: طعن عليهما و كان يراهما مقصرين. 6- تابع بعد طبقة التابعين حمل التفسير رجال، عدول كما ذكر ابن عطية: منهم عبد الرزاق، المفضل، علي بن أبي طلحة و البخاري، و غيرهم. 7- مكانة الطبري: تفسيره شامل، جامع، مسند. 8- طبقة المتأخرين: الزجاج، أبو علي الفارسي؛ وصف ابن عطية كلامهما انه منخول. النحاس و النقاش ؛ ذكر ابن عطية استدراك الناس عليهما. مكي بن أبي طالب، تفسيره على نهج النحاس و النقاش أبو العباس المهدوي؛ وصف ابن عطية كلامه انه متقن يرى ابن عطية ان الجميع مجتهد مأجور، و ختم الكلام بالدعاء لهم 4- باب معنى قول النبي صلى الله عليه و سلم ( إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه) ذكر ابن عطية الأقوال في المعنى و عقب على كل قول ببيانه، و بيان موقفه منه. 1- السبعة أحرف هي في الأمر الواحد، لا يختلف في حلال و لا حرام، نقله ابن شهاب في كتاب مسلم دون إسناد، عقب عليه ابن عطية: أنه قول محتمل. 2- المراد معاني كتاب الله؛ أمر و نهي و وعد و وعيد، و قصص و مجادلة و أمثال، قاله فريق من العلماء، عقب عليه ابن عطية: قول ضعيف، و بين الأسباب التي وراء ذلك : أ. هذه الكلمات ليست أحرف. ب. أن التوسعة في الأحكام و على المسلمين ليست في تحليل الحرام، أو تحريم الحرام، أو تبديل أمر . 3- حكى البيهقي و القاضي أبو بكر الطيب أن الاختلاف في القراءة على وجوه سبعة ؛ تتعلق بالحركات، و المعنى و الصورة، و هي كالتالي: أ. تتغير الحركة، و لا يزول المعنى، و لا صورته، مثال( هن أطهرُ) أطهرَ. ب. لا تتغير الصورة، و يتغير المعنى، مثل ( ربنا باعِد) باعَد. ج. تبقى صورته، و يتغير المعنى بالإعراب( ننشرها)، ( ننشزها) ح. تتغير صورته، و يبقى معناه( كالعهن المنفوش) ، ( كالصوف المنفوش). د. تتغير صورته و معناه( و طلح منضود) ، و ( طلع منضود). ر. التغيير بالتقديم و التأخير( و جاءت سكرة الموت بالحق)، ( جاءت سكرة الحق بالموت). ز. الزيادة و النقصان( تسع و تسعون نعجة). 4- ذكر القاضي أبو بكر الطيب بالحديث: إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي، و أمر و حلال و حرام و محكم و متشابه و أمثال فأحلوا حرامه و حرموا حرامه و ائتمروا و انتهوا و اعتبروا بمحكمه و آمنوا بمتشابهه). و عقب ابن عطية عليه بأنه تفسير للأحرف السبعة، الذي هو من الجهة و الناحية و الطريقة، كقوله تعالى( و من الناس من يعبد الله على حرف). 5- سبعة أوجه من أسماء الله الحسنى، قاله القاضي الطيب، مستدلًا بحديث رُويَ عن أبي بن كعب ( يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين، ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ، ليس منها إلا شاف و كاف، إن قلت غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم، و كذلك ما لم تختم عذابًا برحمة أو عذاب برحمة). و قد ذكر ابن عطية أن هذا الحديث له شواهد، أسند لأبوهريرة و ابن مسعود مثله عن ثابت بن القاسم. و ووجه ابن عطية هذا القول إن صح؛ انه غير القراءات التي أجيز للمسلمين القراءة بها، أنه كان مجازًا مطلقًا، و نسخ، فلا يجوز اليوم تبديل و لا تعديل. هل معنى الحديث ينطبق على كل كلمات القرآن؟ على أقوال : 1- كل كلمة تختلف قراءتها فإنها على سبعة أوجه، و إلا بطل الحديث، زعمه قوم، و قالوا أن ما يُعرف منها ما وصل الخبر به، و ما لم يصل فلم يُعرف. 2- ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان على سبعة أوجه، فإذا حصل ذلك تم الحديث. 6- سبع لغات مختلفة، ذكره القاضي بن عطية عن الطيب الذي نسبه لقوم بلفظ زعم، و رده الطيب لِما عُرف من توافق لغات الصحابة كعمر بن الخطاب و أبي بن كعب و ابن مسعود، اختلافهم في القراءات، و قال يصح إذا كان المقصود الوجوه المختلفة في القصة الواحدة. و أجمل القاضي الطيب قوله الأحرف السبعة : الأحرف التي نزل بها القرآن على الرسول صلى الله عليه و سلم و راجع فيها جبريل عليه السلام، قرأ بها رسول الله صلى الله عليه و سلم، و أقرأ من معه من الصحابة. ( أنزل القرآن) ؛ قد يراد بها جميع القرآن، أو معظمه، و جائز القراءة بها جميعًا، لقول الناس حرف أبي و حرف ابن مسعود، لثبوت النقل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم، أن القرآن نزل على سبعة أحرف من اللغات و الإعراب و تغيير الأسماء و الصور و إن ذلك مفترق في كتاب الله ليس بموجود في حرف واحد و سورة واحدة .[/list]عقب ابن عطية على ما نقله عن الطيب، فيما معناه: 1- أن كلامه ناقض بعضه بعضًا، فهو رد القول أنها سبع لغات، ثم خلُص لقول مبني على هذا الرأي، و هو اختلاف لغات العرب. 2- قوله بأن لغة مر بن الخطاب و أبي بن كعب و ابن مسعود، لغة واحدة، فيه نظر، فلغة قريش تختلف في العبارة عن لغة الأنصار بالمدينة، اختلاف ليس شديد و لكنه نظير ما في القرآن من اختلاف. 3- و بفرض ما قرره، أن لغتهم واحدة، لما كان لمناكرتهم و اختلافهم حجة لمن يقول ( أن القرآن أنزل على سبع لغات)، فالإنكار ليس لأنها لغة غير لغته، و لكن لأنه سمع ما لا يوافق ما سمع من الرسول صلى الله عليه و سلم. و يوجه ابن عطية قول الطيب أنه يقصد نفي أن يكون القرآن نزل بسبع لغات مختلفة لسبع قبائل، فكل قبيلة تقرأ القرآن بلغة مختلفة عن غيرها. و أن مقصوده ، أن اللغات متداخلة، و الوجوه و الطرق المختلفة هي المرادة، من جهة اللغة مرة و من جهة الإعراب مرة و غير ذلك. و هذا يطلق عليه اختلاف لغات، فاختلاف العبارة في اللغات يترتب عليه اختلاف الوجوه في القرآن . و يدخل في ذلك صحة القول بعدد القبائل التي نزل القرآن مشتملًا عليها، فجعلها 7، و إلا فإن الأنحاء لا تنتهي. 4- عقب ابن عطية على قول الطيب رحمة الله عليهما بجواز القراءة بأي من وجوه القراءات، ببيان ان الأمر مشروط؛ ثبوت روايتها عن الني صلى الله عليه و سلم. مال لقول القاضي كثير من أهل العلم: أبي عبيد و غيره. ما هي القبائل التي كانت لغتها مشتملة عليها في القراءات: لخص ابن عطية الكلام في ذلك، على حسب القطر و من جاور منشأ الرسول صلى الله عليه و سلم: 1- قريش 2- ثم بنو سعد( لما كان للرسول معها من حال؛ استرضاع فيها، و نشأة) 3- كنانة، هذيل، ثقيفًا، خزاعة، أسد( قربها من مكة، و خالطهم رسول الله صلى الله عليه و سلم) 4- تميم و قيس و ما انضاف إليهم وسط الجزيرة. اختلافات القبائل اختلافات عبارات الحكمة من الأحرف السبعة: هذه اللغات سخرها الله لاقامة الحجة بإعجاز القرآن، فلغات هذه القبائل كانت خالصة من كل عجمة، غاي البلاغة و الفصاحة، عربيتهم نقية، فلما تحداهم الله بالقرآن قامت عليهم الحجة. ثم فصل ابن عطية في بيان حال القبائل و لغاتها و تأثرها بغيرها من اللغات و ما شابها من تغريب. لخص ابن عطية رأيه في الختام: أن معنى سبع أحرف، هو أن فيه عبارات سبع قبائل. فيعبر عن المعنى مرة بكل لغة على حسب أيها أفصح و أوجز. و استدل بقصص عن الصحابة، كمعنى فطر ؛ خلق و الذي ما عرفه ابن عباس إلا من إعرابيان يتحدثان، و مثل معنى الفتح، عرفه من لسان امرأة، و ما تبين لعمر ابن الخطاب من معنى ( يتخوف) من فتى أنها تنقص. و غيرها من الأمثلة. توجيه الإباحة في الحديث( فاقرأوا ما تيسر منه) : المراد القراءة بهذه الأحرف السبعة، لا أن يبدل كل منهم ما يشاء إذا أراد أن يبدل لفظًا بلغة غير ما أقرئ به. و استشهد ابن عطية بالجمع الثاني للقرآن: قصة حذيفة و ما رأى من تكفير المسلمين بعضهم بعضًا بسبب الاختلاف في القراءة ، و أمر عثمان للكتبة ( إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش)، فالاختلاف على أي القراءت المثبتة عن النبي صلى الله عليه و سلم، و ليس ما اختلفوا بينهم هم فيه و اجتهدوا، و هذا يعود لمعنى الإباحة التي سبق و ذكرنا. الحكمة من الجمع: سدًا للذريعة و جمع كلمة المسلمين و تغليب للمصلحة العامة . * مصحف ابن مسعود: موجود، لكن أجمع العلماء على عدم القراءة به، و ذلك : 1- سدًا للذريعة. 2- اشتمل مصحفه على تفسير يلحق الآيات، فيظن من يقرأه أنه من القرآن. 3- تركت ألفاظ المصحف، لا معانيه التي فيه. اختلاف قراء الأمصار: قرأوا بما يوافق خط المصحف، كل حسب اجتهاده. حكم الصلاة بالقراءة المشهورة و القراءة الشاذة: الإجماع على أن يُصلى بالقراءات السبعة عن قراء الأمصار. لا يُصلى بالشاذ من القراءات ما يروي ابن عطية عن أبي السمال هو من البيان الذي يرفع الجهل و ليس للقراءة بها. ما ذكره ابن عطية مجال للاختلافات و المنازعات و السبب أن القرآن لم يكن مشكولًأ و لا منقوطًا، و اكتفى بما بين اختصارًا. 5- باب ذكر جمع القرآن و شكله و نقطه 1- في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم: القرآن متفرقًا مجموع في الصدور، مكتوب على ألخاف و صف و جريد و في خزف. 2- الجمع الأول للقرآن: في عهد أبو بكر ، بنصيحة من عمر بن الخطاب بعد أن رأى موت القراء في موقعة اليمامة. خصائص الجمع الأول: - أمر أبو بكر زيد بن ثابت بجمعه. - كان غير مرتب السور. - سقطت منه آية من آخر براءة، و وجدت عند أبي خزيمة الأنصاري، كما في البخاري. - مصحف أبو بكر ظل عنده، ثم انتقل لعمر بن الخطاب ، ثم لابنته حفصة في خلافة عثمان بن عفان. 3- الجمع الثاني: في عهد عثمان بن عفان: - انتشرت المصاحف المختلفة: مصحف ابن مسعود، مصحف أبي ، و غيرهم في الأمصار. - أشار حذيفة على عثمان بجمع الأمة على مصحف واحد، منعًا للفرقة و التنازع بين المسلمين( بعد غزوة أرمينية). - كلف عثمان بجمعه : زيد بن ثابت بجمعه، مع سعيد بن العاص، عبد الرحمن بن الحارث، عبد الله بن الزبير، ذكر ذلك البخاري و الترمذي و غيرهم. - اعتمدوا امامًا لهم مصحف أبو بكر الصديق. - إذا اختلفوا في أمر أرجعوه للغة قريش. - نسخ منه نسخ و أرسلت للامصار. - أمر عثمان بحرق غيره من المصاحف. 4-الأقوال في ترتيب السور و الآيات: 1- ترتيب السور من عمل زيد و من كان معه؛ قاله القاضي الطيبي، ذكر ذلك مكي رحمه الله في تفسير. 2- ترتيب الآيات في السور و وضع البسملة من النبي صلى الله عليه و سلم، قاله مكي في تفسيره. 3- السبع الطوال و الحواميم و المفصل؛ توقيفي، كان مرتبًا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم، و ما تبقى من السور هو ما رتب وقت الكتابة: يدل على ذلك ظاهر الآثار كما ذكر ابن عطية. 5-شكل المصحف و نقطه: 1- قام بذلك الحسن و يحى بن معمر، بأمر من عبد الملك بن مروان للحجاج. ( ألف يحي بن معمر كتاب في القراءات ليبين للناس ما اختلف و ما وافق الخط ، ثم تبعه ابن مجاهد) 2- أول من نقط المصحف: أبو الأسود الدؤلي ، قال بذلك الزبيدي، و أبو الفرج الذي أضاف أن زياد بن أبي سفيان أمره بذلك. 3- كان لابن سيرين مصحف، نقطه له يحي بن معمر. 4- نصر بن عاصم هو أول من نقط المصاحف، ذكره الجاحظ الأعشار؛ أمر بذلك المأمون العباسي، و قيل الحجاج. ذكر ابن عطية قول لقتادة وجهه أن فيه انكار على من نقط و خمس و عشر. 6- باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله و للغات العجم بها تعلق ذكر ابن عطية ثلاث أقوال: أ. أن في القرآن من كل لغة: قاله أبو عبيدة و غيره. ب.أن القرآن ليس فيه لفظة إلا و هي عربية، ما توافق من كلمات في العربية و غيرها، هو من توافق اللفظ.، قاله الطبري، و عقب عليه ابن عطية أن هذا بعيد، فلا بد أن تكون إحدى اللغات أصل و الثاني فرع منها ج. أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، و أن ما كان فيه مشابهة لغيره من اللغات فهو من اختلاط قديم مع العجم، و نقلها العرب و خُففت ألفاظها، و عُربت و تركت عجمتها، لتكون عربية. 7- باب مما قال العلماء في إعجاز القرآن: 1_ قولًا يعتقده من آمن و صدق: أ- التحدي من كونه كلام الله؛ قديم، لا ينفك عن الله، فهو صفة ذات، و من له أن يأتي بمثل كلام الله، الذي له صفات الكمال و الجلال و العظمة و تمام العلم و الحكمة، فهذا ما لا يطيقه الخلق. ب- الإعجاز بما فيه من الأخبار والأنباء الصادقة، من سنن الأولين، و قصصهم. 2- قول يقع به التحدي للمكذبين: التحدي يقع بما يتبين له و يحسه أنه عاجز عنه، و أن البشر لا يطيقونه. لذا فكفار قريش لم ينكروا أن القرآن جاء به محمد صلى الله عليه و سلم، و فصاحته و نظمه ليست من عند نفسه، بل من عند الله. التحدي وقع: بنظمه، و فصاحته، و صحة معانيه، هذا ما عليه الجمهور. - وجه الإعجاز: الكلام يأخذ صفة من يتكلم به، كلام الله الواسع العليم الحكيم، أحاط بكل شيء علمًا، أحاط بالمعاني و الألفاظ ، لذا جاء كلامه؛ واسع المعاني، دقيق الألفاظ، كل لفظ وضع بحكمة، ليدل على معنى، متسق من أول القرآن لآخره، لا تعارض، لا يضرب بعضه بعضًا، و هذا ما لا يطيقه البشر، فالبشر تصيب و تخطئ، ليس لديهم ا سعة العلم، و لا الحكمة، لذا يبطل قول من يقول أنهم كانوا يستطيعون المجئ بمثله لكن صرفوا عن ذلك. - أدرك المشركين إعجاز القرآن، كالوليد بن المغيرة و غيره، لكن كذبوا كبرًا و حسدًا. - معجزة كل نبي بما يشتهر في زمنه و يغلب على قومه الأهتمام به. 8- باب في الالفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله: كثر بين المفسرين و المحدثين و الفقهاء الإيجاز في الكلام، فينسبون إلى الله عز و جل فعلًأ لم يذكر في الكلام؛ كقولهم: خاطب الله المؤمنين، شرف الله، و غيرها من الأفعال التي استعملوها، و قد ذكر بعض الأصوليين أن ذلك لا يجوز. و يرى ابن عطية أنه إذا كان الكلام في واثبات وصف لله لم يثبت فلا يجوز، لكن إذا كان الخبر في أثناء الكلام، مراد به بيان مراد الأية أو اللفظ فذلك ليس غريبًا في لغة العرب. لكن مع ذلك فابن عطية يتحفظ عن ذلك، و قدم الكلام فيه اعتذارًا إن حدث منه. 9- باب في تفسير أسماء القرآن و ذكر السورة و الآية: ذكر ابن عطية ثلاث أسماء للقرآن، و بين أصلها اللغوي. هو القرآن وهو الكتاب وهو الفرقان وهو الذكر 1- القرآن: من تلا، قرأ قرآنًا، و حكى أبو زيد الأنصاري: قرءا من التأليف: قاله قتادة، قرأ الرجل،إذا جمع و ألف ، و هو ما فسر به قتادة قوله تعالى( إن علينا جمعه و قرآنه)، أي تأليفه. ذكر بيتًا للشعر لعمرو بن كلثوم الشاهد فيه(لم تقرأ جنينا) أي لم تجمع في بطنها ولدا. رجح ابن عطية القول أن المعنى تلا، و استشهد ببيت شعر لحسان بن ثابت الشاهد فيه ( يقطع الليل تسبيحا وقرآنا). 2- الكتاب: من كتب، أي جمع 3- الفرقان: لأنه يفرق بين الحق و الباطل. 4- الذكر: أ. فيه تذكير للناس بالآخرة و بالله . ب. فيه ذكر لقصص الأولين و أنبيائهم. ت. لأنه ذكر و شرف لمحمد صلى الله عليه و سلم و قومه و للعلماء. السورة: لها قراءتان: 1- بهمزة( سؤر،سؤرة) تميم كلها وغيرهم: من البقية من الشئ ، أو القطعة منه. 2- بدون همزة: قريشا كلها ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل وسعد بن بكر وكنانة: و معناه: أ. بمعنى ( سؤر) و الهمزة سُهلت، أي البقية. ب. بمعنى سورة البناء؛ كأن السورة قطعة ، لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة و السور قطع. ت. بمعنى الرتبة و الرفعة العالية من المجد. الآية: 1- في لغة العرب: علامة؛ سميت بذلك: أ. لانها علامة على صدق من جاء بها. ب. علامة على عجز من جاءت لهم و تحدتهم. ت. علامة للفصل بين ما قبلها. 2- من جملة و جماعة: كما في كلام العرب: جئنا بآياتنا؛ أي بجماعتنا. أصل كلمة آية: 1- على وزن فعلة بفتح الفاء و العين، أصلها أيية، تحركت الياء الأولى و ما قبلها مفتوح: قاله سيبويه 2- على وزن فاعلة، أصلها آيية ، حذفت الياء الأولى : قاله الكسائي و علل قوله ( مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة.) 3- أصلها أية على وزن فعلة بسكون العين أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف قاله الفراء وحكاه أبو علي عن سيبويه في ترجمة {وكأين من نبي} [آل عمران: 146] 4- أصلها أيية على وزن فعلة بكسر العين: قاله بعض الكوفيين وذلك لأن الياء الأولى أبدلت ألفًا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها. |
تلخيص مقدمة تفسير ابن كثير
خطبة المقدمة: من عادة العلماء البدء بالبسملة والحمدلة تأسيا بالقرآن الكريم ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم طلبا للبركة وتأكيدا للاتباع والاعتماد على أصلي التشريع وهما القرآن ثم السنة . ذكر ابن عطية ابتداء استحقاق الله للحمد باستدلاله بربوبية الله تعالى حيث خلق الخلق كله من العدم ثم أفاض عليهم بنعمه . بين ابن عطية فضيلة هذه الأمة حيث جعلها أمة وسطا بين الأمم وأنعم عليها بالشريعة التي أعزتهم وعلمتهم ما لم يعلموا من قبل. وصف القرآن بصفات العزة والوسيلة الناجحة والحبل المتين وعصمة المعتصمين ونورا للمختصمين وذكر مواضيعه من أمر ونهي وبشارة ونذارة. بين ابن عطية أنه من أراد الوصول والتميز أن يأخذ من كل علم طرفا ثم يبذل الجهد في تحصيله ثم يجتبي علم من علوم الشريعة يستنفذ فيه غاية الوسع فيضبط أصوله ويلخص ما هو منه. بين سبب اختياره النظر في علم الكتاب فهو أشرف العلوم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه استقل بالسنة والفرض من الله نزل به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم. وهو أصل العلوم ما وافقه منها اعتبر وما خالفه رد ورفض. نيته في النظر في كتاب الله رجاء أن يحرم الله جسده وفكره على النار . فوائد كتاب الله كثيرة تغلب قوة الحفظ لذلك لا بد من تقييدها بالكتابة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: قيدوا العلم بالكتاب. منهج ابن عطية في تفسيره: ترتيب المعاني موجزا جامعا لا يذكر من القصص إلا ما تنفك الآية إلا به وأثبت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم. أثبت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم على ما تلقى السلف الصالح كتاب الله من مقاصده العربية. تتبع ألفاظ الآية مبينا ما يتعلق منها بحكم أو لغة أو معنى أو قراءة وأورد جميع القراءات مستعملها وشاذها.. بين ما وقع فيه بعض العلماء ممن يحسن الظن بهم من قول يشابه أقوال الملحدين فينبه عليه في تفسيره. ***فضل القران المجيد وصور الاعتصام به: النجاة في القرآن من الفتن حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم) قيل : فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله.. فيه علم الأولين والآخرين ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن .. كثرة الأجور على تلاوته وتعلمه ؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اتلوا هذا القران فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات .. أفضل عبادة هي القرآن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل عبادة أمتي القرآن. وقال : خيركم من تعلم القران وعلمه. ***فضل تفسير القرآن ولغته وإعرابه: وجوب الاهتمام بعربية القرآن لما ورد من تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم ؛ سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي علم القرآن أفضل؟ قال "عربيته فالتمسوها في الشعر" وقوله "أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب" . وعده ابن عطية أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع. اهتمام الصحابة والتابعين بتفسير القرآن : وصف علي بن إبي طالب جابر بن عبد الله بالعلم لأنه كان يعلم تفسير آية. رحلة مسروق ٱلى البصرة في تفسير آية . كان ابن عباس يبدأ مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث.. *** ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين: ما فسره الرسول صلى الله عليه وسلم كان عددا وكان مما علمه إياهن جبريل..وما أجمل فيه هو من مغيبات القرآن مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى كوقت الساعة .. خطورة تفسير القرآن بالرأي دون النظر فيما قاله العلماء أو اقتضته علوم النحو والأصول. قال رسول الله صلى الله عليه: من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ. كان من السلف من يتوقف عن تفسير القران تورعا مع إدراكهم وتقدمهم. من أول المفسرين المعتبرين علي بن أبي طالب وكان ابن عباس يأخذ منه عبدالله بن عباس ؛ دعا له رسول الله (اللهم فقهه في الدين) وقد أثنى علي على تفسيره وقال عنه: ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق وقال عنه ابن مسعود ترجمان القرآن. مجاهد بن جبر وهو من التابعين وقرأ على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية. ثم سعيد بن جبير وعكرمة والضحاك. السدي وأبو صالح اللذان طعن عليهما عامر الشعبي لتقصيرهما في النظر عبد الله وعلي بن أبي طلحة والبخاري الطبري الذي جمع على الناس أشتات التفسير مقرونة بالإسناد. ومن المتأخرين أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي وأبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس وغيرهم. *** معنى الأحرف السبعة: هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها كتعال وأقبل وإلي ونحوي وكاللغات التي في أف وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة وهذا قول ضعيف أنها في الأمر الذي لا يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام. وقال ابن عطية أنه كلام محتمل. أنها معاني كتاب الله وهي أمر ونهي ووعيد ووعد وقصص ومجادلة وأمثال..وقال ابن عطية هذا ضعيف لأن هذه لا تسمى أحرفا والاجماع أن التوسعة لم يقع في تحريم حلال ولا تحليل حرام.. قال القاضي أبو بكر بن الطيب: تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالاعراب ومنها ما تتغير صورته ويتغير معناه ومنها ما يتغير صورته ولا يتغير معناه ومنها بالزيادة والنقصان وذكر حديث النبي صلى الله عليه وسلم "إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي …." وقال ابن عطية انها تفسير منه صلى الله عليه وسلم للاحرف السبعة ولكن ليس هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها إنما الحرف في هذه بمعنى الجهة.. وذكر ابن عطية عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله "إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرفىليس منها إلا شاف وكاف ..." وقال ابن عطية انها سبعة أوجه من أسماء الله تعالى وإذا ثبتت هذه الرواية حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ فلا يجوز أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره. وقال قوم ان كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه وقال قوم أن ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان تقرآن على سبعة أوجه ليتم معنى الحديث. وزعم قوم أن القرآن نزل على سبع لغات مختلفة وهذا باطل إلا أن يريد الوجوه المختلفة التي تستعمل في القصة الواحدة وقال ابن عطية أن الأحرف السبعة التي صوب رسول الله القراءة فيها بجميعها هي التي راجع فيها فزاده وسهل عليه لعلمه تعالى بما هم عليه من اختلافهم في اللغات . ففي الجملة : نزل القرآن على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترق في كتاب الله ليس موجود في حرف واحد وسورة واحدة يقطع على اجتماع ذلك فيها. ثم بين ابن عطية أن سبعة أحرف لا تعني ان القران نزل بسبعة لغات لأن مناكرة الصحابة لم تكن لانهم سمعوا ما ليس في لغتهم ولكن لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم وكان قصد النبي بالسبعة أحرف عد الوجوه والطرائق المختلفة في كتاب الله مرة من جهة لغته ومرة من جهة إعرابه . *** جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره: في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم كان القرآن متفرقا في صدور الرجال وكتب بعض الصحابة منه في صحف وجريد ولخاف . لما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة أشار عمر على أبي بكر بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراءة فندبا إلى زيد بن ثابت فجمعه غير مرتب السور. وكان في ذلك اختلاف السبعة الأحرف التي أنزل القران عليها. في عهد عثمان قدم حذيفة من غزوة أرمينيا التي رأى فيها اختلاف الأمة على قرآنها فأخبر عثمان فأمر زيد بن ثابت بجمعه وقد جعلوا مصحف أبي بكر إماما في هذا الجمع الأخير. ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في أولها هو من النبي صلى الله عليه وسلم . ترتيب السور : ظاهر الآثار أن السبع الطوال والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي وكان في السور ما لم يرتب فذلك الذي تنب وقت الكتب . وباقي السور رتبت يوم جمع عثمان. أمر عبد الملك بن مروان بشكل المصحف ونقطه فتجرد لذلك الحجاج وأمر الحسن ويحيى بن يعمر بذلك. وقيل أن نقط المصحف قام به اولا أبو الأسود الدؤلي وقيل نصر بن عاسم وروي أن تعشير القران قام به المأمون العباسي وقيل الحجاج. ***باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله واللغات العجم بها تعلق: اختلف الناس في المسألة : قال أبو عبيدة إن في كتاب الله من كل لغة.ورأى الطبري أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة وأن الحروف التي تنسب إلى سائر اللغات اتفق أن تواردت اللغتان فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد. ولكن ضعفه ابن عطية وقال بل إحداهما أصل والأخرى فرع. قال ابن عطية : إن القاعدة والعقيدة هي أن القران نزل بلسان عربي مبين فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان آخر. وأما الألفاظ التي لها تعلق بلغات العجم فإنها نشأت من مخالطة العرب العاربة لسائر الألسنة بتجارات ورحلات فاستعملتها العرب مغيرة بعضها بالنقص من حروفها وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها حتى جرت مجرى العربي الصريح… فحقيقة العبارة أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه. *** ما قاله العلماء في إعجاز القرآن: اختلف العلماء في وجه الاعجاز القرآني. قال قوم : وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وأن العرب كلفت ما لا تطيق وفيه وقع عجزها. التحدي وقع في الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة. هذان الوجهان لمن تقررت الشريعة ونبوة محمد في نفسه. ومن كان في ظلمة كفره فإنما يتحدى فيما يبين له بينه وبين أنفسه عجزه عنه. وما عليه الجمهور وهو الصحيح في نفسه إن التحدي إنما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه وجه الاعجاز أن الله أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما فعلم من إحاطته ءي لفظة تصلح أن تلي الأولى .بينما الإنسان يصيبهم الجهل والنسيان والذهول و علم بعدم وجود بشرا محيطا فجاء نظم القرآن في الغاية القوى من الفصاحة . فيبطل بذلك قول من قال إن العرب كان من قدرتها أن تأتي بمثل القرآن فلما جاء محمد صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه. بعكس كلام البشر الذي يظهر فيه القصور ويخضع للتغيير بخلاف كتاب الله لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد. ميز فصحاء العرب بلاغة القران المعجزة ومنهم الوليد بن مغيرة قال: والله ما هو بالشعر ولا بالكهانة ولا بالجنون.. معجزة النبي تكون فيما برع فيه قومه فموسى معجزته في السحر الذي انتهى إلى غايته في زمن موسى عليه السلام وعيسى معجزته في الطب الذي انتهى إلى غايته في زمن عيسى عليه السلام ومعجزة محمد صلى الله عليه وسلم في الفصاحة .. ***الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله وهو مثل إسناد أفعال إلى الله لم يأت اسنادها بتوقيف من الشرع لتفسير آية في القران كقوله حذر الله وأثنى الله. استعمل هذه الطريقة المفسرون والمحدثون واستعملها أبو المعالي في الارشاد . ذكر بعض الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه. ابن عطية كان يتحفظ منه في التعليق لكنه قد يقع فيه نادرا ولذلك فهو يعتذر عما قد يقع منه من ذلك. ****تفسير أسماء القران: القرآن : معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف (إن علينا جمعه وقرآنه) قال قتادة أي تأليفه. الكتاب مصدرمن كتب ومنه كتيبة لاجتماعها . الفرقان : فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر. الذكر : ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة فهو ذكر لهم. او ذكر الامم الماضية والأنبياء وقيل لأنه ذكر وشرف لمحمد وقومه وسائر العلماء ٢- معنى السورة: بالهمز وبدون الهمز: الهمز: البقية من الشيء والقطعة منه . من لا يهمز فنفس المعنى الاول مع تسهيل الهمزة ومنهم من قال سورة البناء فكل بنغء يبمى قطعة بعد قطعة . ويقال للرتبة الرفيعة منةالمجد والملك. ٣- معنى الآية: العلامة ؛ حيث أن الجملة التامة منه علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى وقيل لانها جماعة كلام وتقول الهرب جئتنا بآية أي بجماعتنا. وقيل لأنها علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها. |
المسائل التي اشتملت عليها مقدمة تفسير ابن عطية:
أولا: خطبة تفسير ابن عطية • الاستهلال بحمد لله على وافر نعمه وأهمها إنزال القرآن المعجز، ثم الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم المصطفى على الناس أجمعين. • التعريف باسم القاضي ابن عطية ونسبه. - هو الشيخ الإمام الفقيه القاضي أبو محمد عبد الحق ابن الفقيه الإمام الحافظ أبي بكر غالب بن عبد الرحمن بن غالب بن عبد الرؤوف بن تمام بن عبد الله بن تمام بن عطية بن خالد بن عطية وهو الداخل إلى الأندلس ابن خالد بن خفاف بن أسلم بن مكرم المحاربي من ولد زيد بن محارب بن خصفة بن قيس عيلان من أهل غرناطة. • طلبه للعلم. - جد واجتهد في طلب العلم، حيث أخذ من كل علم طرفا في صدر عمره. - رؤيته في ضرورة استنفاد الوسع في الاعتماد على علم من علوم الشرع للتعمق فيه، وضبط أصوله، يستند الناس إلى أقواله ويحتذون بمثاله. • سبب اختياره التبحر في علم التفسير: o لأن شرف العلم بشرف المعلوم، وأي علم أمتن حبالا، وأرسخ جبالا، وأجمل آثارا، وأسطع أنوارا من كتاب الله – الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد -؟ o لأنه قوام الشرع، وتخدمه سائر المعارف التي تأخذ منه مبادئها، فهو سراجها الوهاج وقوامها المنير. o لأنه أعظم العلوم إلى الله تقريبا، وللنيات تخليصا، ونهيا عن الباطل وحضا على الصالحات. o ليحرمه الله على النار لتعمير فكره به أكثر عمره، وتمرين لسانه على آياته، وتمييز روعة رصفه ومبانيه، وتثنية عنان النظر إليه. • سبب حرصه على تأليف كتاب التفسير: o ليقيد النكت والفوائد التي تعرض له، ولتعليق ما يتخيل إليه في المناظرة من علم التفسير وترتيب المعاني، فذلك أدعى من حفظها الذي سيتفصى من الصدر تفصي الإبل من العقل. لقوله تعالى: "إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا". فقد جاء عن أهل التفسير في سبب وصف القرآن بالقول الثقيل: لتطلبه علم معانيه والعمل بها. o لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (قيدوا العلم بالكتاب). • منهجه في تحريره لكتاب التفسير: o أن يكون جامعا وجيزا محررا. o أن لا يذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به. o أثبت أقوال العلماء في المعاني منسوبة إليهم على ما تلقى السلف الصالح كتاب الله من مقاصده العربية: فسلم بذلك: من إلحاد أهل القول بالرموز، وأهل القول بعلم الباطن، وغيرهم. o نبّه على ما إذا وقع أحد العلماء - الذين يحسن الظن بهم – في لفظ ينحو إلى شيء من أغراض الملحدين. o سرد التفسير في تعليقه بحسب رتبة ألفاظ الآية من حكم أو نحو أو لغة أو معنى أو قراءة. o قصد تتبع الألفاظ حتى لا يقع طفر كما في كثير من كتب المفسرين. وذكر مثالا على ذلك: تفسير المهدوي الذي وصفه بأنه مفرق للنظر ومشعب للفكر. o قصد إيراد جميع القراءات: مستعملها وشاذها. o اعتمد تبيين المعاني وجميع محتملات الألفاظ بحسب جهده وما انتهى إليه علمه على غاية من الإيجاز وحذف فضول القول. • بلاؤه الحسن ليرى النور تفسيره: عمّر ابن عطية زمنه في تأليف تفسيره، واستفرغ فيه مننه، حيث أن كتاب الله لا يتفسر إلا بتصريف جميع العلوم فيه، وقد ذكر فيه كثيرا من علم التفسير وحمل فيه خواطره على التعب الخطير، فجعله ثمرة وجوده، ونخبة مجهوده. وذكر إخلاصه في عمله هذا لله وحده، وطلب أن يستصوب المرء اجتهاده، وليعذره في تقصيره وخطئه. ثانيا: باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به • ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل القرآن المجيد: - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)). ومن الحديث نعلم أن من فضائل القرآن: o به النجاة من الفتن. والذي يتأتى بعلم ما جاء فيه من أنباء من قبلنا، وخبر من بعدنا، وبالاحتكام إليه فيما بيننا، وبالاهتداء به وعدم تركه. o هو حبل الله المتين. o هو نوره المبين. o هو الذكر الحكيم. o هو الصراط المستقيم. o لا تزيغ به الأهواء، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا يمله الأتقياء. o من علم علمه سبق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم. - وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)). من فضائل القرآن من الحديث: o من يثوره فسيجد به علم الأولين والآخرين. - وقال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)). من فضائل القرآن من الحديث: o مضاعفة الأجور لتالي حروف آياته، الحرف بعشر حسنات. - وروي عنه عليه السلام أنه قال في آخر خطبة خطبها وهو مريض: ((أيها الناس إني تارك فيكم الثقلين إنه لن تعمى أبصاركم ولن تضل قلوبكم ولن تزل أقدامكم ولن تقصر أيديكم كتاب الله سبب بينكم وبينه طرفه بيده وطرفه بأيديكم فاعملوا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه وأحلوا حلاله وحرموا حرامه ألا وعترتي وأهل بيتي هو الثقل الآخر فلا تسبعوهم فتهلكوا)). فمن فضائل القرآن من الحديث: o من عمل بمحكمه، وآمن بمتشابهه، وأحل حلاله، وحرم حرامه، فلن يعمى بصره، ولن يضل قلبه، ولن تزل قدمه، ولن تقصر يده. o هو سبب طرفه بيد الله وطرفه بيد من لم يتركه. - وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ القرآن فرأى أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد استصغر ما عظم الله)). من فضائل القرآن من الحديث: o لم يؤت أحد بأفضل ممن أوتيه. - وقال عليه السلام: ((ما من شفيع أفضل عند الله من القرآن لا نبي ولا ملك)). من فضائل القرآن من الحديث: o أفضل شفيع. - وقال عليه السلام: ((أفضل عبادة أمتي القرآن)). من فضائل القرآن من الحديث: o هو أفضل عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه. - وحدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)). من فضائل القرآن من الحديث: o من قام ليله بمائة آية كتب من القانتين. o من قام ليله بمائتي آية لم يكتب من الغافلين. o من قام بثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن. فنعلم أنه كلما كان النصيب من القرآن أكثر، كان الفضل أكبر. - وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((أشراف أمتي حملة القرآن)). من فضائل القرآن من الحديث: o من تحقق به المراد بحمل القرآن، تحقق له الشرف. - وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ألا إن أصفر البيوت بيت صفر من كتاب الله)). من فضائل القرآن من الحديث: o البيت الخالي منه خال من الخير. - وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)). من فضائل القرآن من الحديث: o شافع لصاحبه. o مشفع لصاحبه لينجو من الخسار. o من محل به القرآن لعدله عنه وتضييعه له، كبه الله لوجهه في النار يوم القيامة. o من كان من أهل القرآن وحملته كان أحق من شفع له. - وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)). من فضائل القرآن من الحديث: o من قرأ القرآن وهو خفيف عليه كان مع السفرة الكرام البررة. o من تعاهد القرآن وهو عليه شديد فله أجران. - وقال ابن مسعود: مل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملة فقالوا: يا رسول الله حدثنا فأنزل الله تعالى: {الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم} الآية [الزمر: 23] ثم ملوا ملة أخرى فقالوا قص علينا يا رسول الله فأنزل الله تعالى: {نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن} [يوسف: 3]. من فضائل القرآن من الحديث: o هو أحسن الحديث. o فيه أحسن القصص. - وروى عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)). من فضائل القرآن من الحديث: o من تعلم القرآن وعلمه كان من أفضل الناس. - وقال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة. وفي هذا المعنى حديث صحيح عن أسيد بن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة. من فضائل القرآن: o جاء في فضل سورة البقرة: دار قارئها تزهر وحولها أمثال المصابيح. تنزل الملائكة في الظلة لصوت قارئها. وقال عقبة بن عامر عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فقال: ((عليكم بالقرآن)). من فضائل القرآن: o من أخذ بالقرآن فقد عمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم. - وروى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أحسن الناس قراءة أو صوتا بالقرآن فقال: ((الذي إذا سمعته رأيته يخشى الله تعالى)). من فضائل القرآن: o أحسن الناس قراءة للقرآن من إذا سمعه رأى خشيته لله. وقال عليه السلام: ((اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه)). من فضائل القرآن: o الثناء على المبادرين بقراءته المتعجلين لإقامته، وبعدهم عن زمن الأقوام الذين يقرؤون ألفاظه ويضيعون معانيه. • ما ورد عن أنبياء الله في فضل القرآن المجيد: - ومرت امرأة على عيسى ابن مريم عليه السلام فقال طوبى لبطن حملك ولثديين رضعت منهما فقال عيسى: طوبى لمن قرأ كتاب الله واتبع ما فيه. o طوبى لقارئه المتبع لما فيه. • ما ورد عن الصحابة في فضل القرآن المجيد: - قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن. فمن فضائل القرآن في قول أنس رضي الله عنه: o أنه العروة الوثقى التي لا انفصام لها. - وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي: من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه. من فضائل القرآن من الأثر: o تدرج النبوة بين جنبي قارئه دون أن يوحى إليه. - وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} [فاطر: 32]. فقال: (سابقكم سابق ومقتصدكم ناج وظالمكم مغفور له) من فضائل القرآن من الأثر: o من أورثه الله كتابه فقد اصطفاه الله من جملة عباده، فعلى أي حال كان فهو على خير: فالسابق سابق، والمقتصد تاج، والظالم لنفسه مغفور له. - وقال عبد الله بن مسعود: إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وإن أدب الله القرآن. من فضائل القرآن من الأثر: o فيه أدب الله لمن نشد التأدب. - ومر أعرابي على عبد الله بن مسعود وعنده قوم يقرؤون القرآن فقال: ما يصنع هؤلاء؟ فقال له ابن مسعود: يقتسمون ميراث محمد صلى الله عليه وسلم. من فضائل القرآن مما جاء في الأثر: o من قرأ القرآن اقتسم ميراث نبوة النبي صلى الله عليه وسلم. - وقيل لعبد الله بن مسعود: إنك لتقل الصوم فقال إنه يشغلني عن قراءة القرآن وقراءة القرآن أحب إلي منه. من فضائل القرآن: o الشغل به أفضل من الشغل بكثير من العبادات. - وقال عبد الله بن عمرو بن العاص: إن من أشراط الساعة أن يبسط القول ويخزن الفعل ويرفع الأشرار ويوضع الأخيار وأن تقرأ المثناة على رؤوس الناس لا تغير قيل: وما المثناة؟ قال: ما استكتب من غير كتاب الله قيل له فكيف بما جاء من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أخذتموه: عمن تأمنونه على نفسه ودينه فاعقلوه وعليكم بالقرآن فتعلموه وعلموه أبناءكم فإنكم عنه تسألون وبه تجزون وكفى به واعظا لمن عقل. من فضائل القرآن: o عنه يسأل العبد، وبه يجزى. o كفى به واعظا لمن عقل. - وقال رجل لأبي الدرداء: إن إخوانا لك من أهل الكوفة يقرئونك السلام ويأمرونك أن توصيهم فقال أقرئهم السلام ومرهم فليعطوا القرآن بخزائمهم فإنه يحملهم على القصد والسهولة ويجنبهم الجور والحزونة. من فضائل القرآن: o يحمل العبد على القصد والسهولة. o يجنبه الجور والحزونة. - وقال رجل لعبد الله بن مسعود: أوصني فقال: إذا سمعت الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا} فأرعها سمعك فإنه خير يأمر به أو شر ينهى عنه. من فضائل القرآن: o تدبره يعين على الائتمار بأوامره، واجتناب نواهيه. - ويروى أن أهل اليمن لما قدموا أيام أبي بكر الصديق رضي الله عنه سمعوا القرآن فجعلوا يبكون فقال أبو بكر: هكذا كنا ثم قست القلوب. من فضائل القرآن: o تلاوته تبعد صاحبه عن قسوة القلب، ومؤشره البكاء حين سماع آياته. - وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ مرة: {إن عذاب ربك لواقع ما له من دافع} [الطور: 7] فأن أنة عيد منها عشرين يوما. من فضائل القرآن: o قراءته تعين على التدبر الذي تظهر آثاره على اللسان والجوارح. - وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به. من فضائل القرآن: o تلاوته تعين على امتثال أوامره واجتناب نواهيه. • ما ورد عن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد: - قيل لجعفر بن محمد الصادق: لم صار الشعر والخطب يمل ما أعيد منها والقرآن لا يمل؟ فقال: لأن القرآن حجة على أهل الدهر الثاني كما هو حجة على أهل الدهر الأول فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا ولأن كل امرئ في نفسه متى أعاده وفكر فيه تلقى منه في كل مرة علوما غضة وليس هذا كله في الشعر والخطب فمن فضائل القرآن من الأثر: o لا يمل قارئه منه مهما أعاده، فكان حجة على أهل الدهر الثاني كما هو حجة على أهل الدهر الأول، فكل طائفة تتلقاه غضا جديدا. o لقارئه في كل مرة علوما غضة. وهذا كله لا يتواجد في أي كلام من شعر أو خطب أو غيره. - وقيل لمحمد بن سعيد: ما هذا الترديد للقصص في القرآن فقال ليكون لمن قرأ ما تيسر منه حظ في الاعتبار. فمن فضائل القرآن من الأثر السابق: o ليس في قصصه المترددة فيه تكرار، ففي كل قصة حظ من الاعتبار. - وقال محمد بن كعب القرظي في قول تعالى: {ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان} [آل عمران: 193] قال: هو القرآن ليس كلهم رأى النبي صلى الله عليه وسلم. من فضائل القرآن من الأثر: o فيه السلوى لمن لم يعاصر زمن النبي صلى الله عليه وسلم. - وقال بعض العلماء في تفسير قول تعالى: {قل بفضل الله وبرحمته} [يونس: 58] قال: الإسلام والقرآن. من فضائل القرآن: o هو فضل الله الذي يفرح العبد إن كان من أهله. - وذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن. من فضائل القرآن من الأثر: o سبب لمغفرة الذنوب. - قال القاضي عبد الحق رضي الله عنه قال الله تعالى: {ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر} [القمر: 17، 22، 23، 40]. وقال تعالى: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} [المزمل: 5] أي علم معانيه والعمل به والقيام بحقوقه ثقيل فمال الناس إلى الميسر وتركوا الثقيل وهو المطلوب منهم. من فضائل القرآن: o هو يسير في تلاوته وتدبره، ثقيل بمعانيه وبالقيام بحقوقه. - وقيل ليوسف بن أسباط: بأي شيء تدعو إذا ختمت القرآن قال: أستغفر الله من تلاوتي لأني إذا ختمته وتذكرت ما فيه من الأعمال خشيت المقت فأعدل إلى الاستغفار والتسبيح. من فضائل القرآن: o المقت لمن تلا آياته فلم يعمل بها. - وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء قال فلما ختمته أردت الرجوع من أوله فقال لي: اتخذت القراءة علي عملا اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به. من فضائل القرآن: o الغاية من قراءة القرآن تدبره، والغاية من تدبره العمل بما جاء به، هذا ما يجب أن يكون عليه القصد من التلاوة. - وقال الحسن بن أبي الحسن البصري إنكم اتخذتم قراءة القرآن مراحل وجعلتم الليل جملا تركبونه فتقطعون به المراحل وإن من كان قبلكم رأوه رسائل إليهم من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل وينفذونها بالنهار. من فضائل القرآن: o من قرأ القرآن على أنه رسائل من ربه، فيتدبره ليلا ويعمل به نهارا، فقد سار على ما كان عليه سلف هذه الأمة الأخيار. ثالثا: باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه ذكر المؤلف في فضل تفسير القرآن على لغته، والنظر في إعرابه ودقائق معانيه الروايات التالية: - روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر)). من فضائل تفسيره: o العناية باللغة العربية كونها السبيل لفهم القرآن. - وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)). من فضائل تفسيره: o العناية بإعراب القرآن سبب لنيل محبة الله. - قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه إعراب القرآن أصل في الشريعة لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع. من فضائل تفسيره: o إعراب القرآن أصل في الشريعة، فبه تقوم معاني الشرع. - وقال أبو العالية في تفسير قوله عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا} [البقرة: 269] قال: الحكمة الفهم في القرآن، وقال قتادة: الحكمة القرآن والفقه فيه، وقال غيره: الحكمة تفسير القرآن. من فضائل تفسيره: o من علم تفسير القرآن وتفقه فيه فقد نال الحكمة التي هي الخير الكثير. - وذكر علي بن أبي طالب رضي الله عنه جابر بن عبد الله فوصفه بالعلم فقال له رجل: جعلت فداك تصف جابرا بالعلم وأنت أنت فقال: إنه كان يعرف تفسير قول تعالى: {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد} [القصص: 197]. من فضائل تفسيره: o فهم تفسير آية منه تؤهل صاحبها ليسمى عالما. - وقال الشعبي: رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: إن الذي يفسرها رحل إلى الشام فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها. من فضائل تفسيره: o حري بمن أراد فهم معاني آيات القرآن أن يرتحل لأجله. - وقال إياس بن معاوية: مثل الذين يقرؤون القرآن وهم لا يعلمون تفسيره كمثل قوم جاءهم كتاب من ملكهم ليلا وليس عندهم مصباح فتداخلتهم روعة لا يدرون ما في الكتاب ومثل الذي يعرف التفسير كمثل رجل جاءهم بمصباح فقرؤوا ما في الكتاب. من فضائل تفسيره: o فهم معاني آيات القرآن - وقال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر. من فضائل تفسيره: o الذي لا يفهم معاني آيات القرآن، مثله كمثل من يهذ الشعر. - وقال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل. من فضائل تفسيره: o أعلمهم بما أنزل، أحبهم إلى الله. - وقال الحسن: والله ما أنزل الله آية إلا أحب أن يعلم فيمن أنزلت وما يعني بها. من فضائل تفسيره: o العلم بمعاني آيات الكتاب من أحب الأعمال إلى الله. - وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)). من فضائل تفسيره: o من أراد الفقه كل الفقه، فعليه بالعلم بجميع أوجه معاني الآية الواحدة. - وقال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها. من فضائل تفسيره: o أشد الافتراء، الافتراء على الله بتفسير الآيات على حسب فهم الرجل لا على ما ثبت به العلم عن أهل العلم الراسخين. - وكان ابن عباس يبدأ في مجلسه بالقرآن ثم بالتفسير ثم بالحديث. من فضائل تفسيره: o أولى ما يبدأ به المجلس: قراءة آي القرآن، ثم تفسيره وتبيان معانيه. - وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: ما من شيء إلا وعلمه في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه. من فضائل تفسيره: o من أراد جمع أطراف العلوم كلها، فبالقرآن. رابعا: باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين • ذكر المؤلف في تفسير القرآن والجرأة عليه الروايات التالية: - روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل. قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا الحديث في مغيبات القرآن وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه ومنها ما يستقرأ من ألفاظه كعدد النفخات في الصور وكرتبة خلق السموات والأرض. ما جاء في التحذير من تفسير القرآن على غير مراد الله وعلى غير ما جاء عن أهل العلم الراسخين: o إن كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو من أنزل عليه الوحي لا يفسر القرآن إلا بحسب ما علمه جبريل عليه السلام، فكيف بمن هو دونه؟؟ ففيه التحذير من التخرص في تفسير القرآن وفي علوم الغيب مما استأثر الله به عنده. - ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)). قال القاضي أبو محمد عبد الحق رضي الله عنه: ومعنى هذا أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو والأصول وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته والنحاة نحوه والفقهاء معانيه ويقول كل واحد باجتهاده المبني على قوانين علم ونظر فإن القائل على هذه الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه. ما جاء في التحذير من تفسير القرآن على غير مراد الله وعلى غير ما جاء عن أهل العلم الراسخين: o الخطر الذي يلحق بمن فسر القرآن برأيه دون الرجوع لدليل صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أو أحد العلماء الراسخين، أو دليل من اللغة. o ونستفيد من الحديث أيضا: أن هناك فرقا بين من آتاه الله أدوات الاجتهاد من أهل العلم فاجتهد في تفسير الآية مستندا على العلوم والمعارف التي يعرف بها التفسير، وبين من يتخرص برأيه تكهنا منه أن هذا هو المعنى الذي أراده الله! - وكان جلة من السلف كسعيد بن المسيب وعامر الشعبي وغيرهما يعظمون تفسير القرآن ويتوقفون عنه تورعا واحتياطا لأنفسهم مع إدراكهم وتقدمهم وكان جلة من السلف كثير عددهم يفسرونه وهم أبقوا على المسلمين في ذلك رضي الله عنهم. ما جاء في التحذير من تفسير القرآن على غير مراد الله وعلى غير ما جاء عن أهل العلم الراسخين: o كان السلف على ما هم عليه من العلم والقدر كأمثال سعيد بن المسيب والشعبي يتورعون عن القول في التفسير تورعا واحتياطا، فكيف بمن هو دونهم؟ • ذكر المؤلف في مراتب المفسرين ما يلي: أعلى المفسرين من الصدر إلى الخلف: مرتبة الصحابة: - بدأ ابن عطية ب: علي بن أبي طالب. فقال: أما صدر المفسرين والمؤيد فيهم فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه. - قال ابن عباس ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب. - وثنّى بعبد الله بن العباس رضي الله عنهما. o فقال عنه: وهو تجرد للأمر وكمله وتتبعه، وتبعه العلماء عليه كمجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. o وكان علي بن أبي طالب يثني على تفسير ابن عباس ويحث على الأخذ عنه. o وكان عبد الله بن مسعود يقول: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين)) وحسبك بهذه الدعوة. o قال عنه علي بن أبي طالب: ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق. - ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص. مرتبة التابعين: قال ابن عطية: وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن متقدم ومن المبرزين في التابعين: - الحسن بن أبي الحسن. - ومجاهد. o قال ابن عطية: قرأ مجاهد على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية. - وسعيد بن جبير. - وعلقمة. - ويتلوهم عكرمة. - والضحاك بن مزاحم. o قال عنه ابن عطية: وإن كان لم يلق ابن عباس وإنما أخذ عن ابن جبير. - السدي. o قال عنه ابن عطية: فكان عامر الشعبي يطعن عليه وعلى أبي صالح لأنه كان يراهما مقصرين في النظر. أئمة التفسير من أهل القرون المفضلة: - قال ابن عطية: ثم حمل تفسير كتاب الله تعالى عدول كل خلف وألف الناس فيه كعبد الرزاق والمفضل وعلي بن أبي طلحة والبخاري وغيرهم. - ثم إن محمد بن جرير الطبري رحمه الله جمع على الناس أشتات التفسير وقرب البعيد وشفى في الإسناد. أئمة التفسير من المتأخرين: - بدأ ابن عطية ب: أبو إسحاق الزجاج، ثم بأبي علي الفارسي. فقال: فإن كلامهما منخول. - وثنى ب: أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس. وقال عنهما: فكثيرا ما استدرك الناس عليهما. - وعلى سننهما مكي بن أبي طالب، وأبو العباس المهدوي. وقال عن المهدوي متقن التأليف. وكلهم مجتهد مأجور رحمهم الله ونضر وجوههم. خامسا: باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)) • ما جاء من آثار في الأحرف السبعة: - روى البخاري في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((أقرأني جبريل على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني حتى انتهى إلى سبعة أحرف)). • اختلاف العلماء في معنى الحديث إلى أربعة فرق، هي: الفريق الأول: أن تلك الحروف السبعة هي فيما يتفق أن يقال على سبعة أوجه فما دونها، كـ: (تعال وأقبل وإلي ونحوي وقصدي واقرب وجئ)، وكاللغات التي في: (أف)، وكالحروف التي في كتاب الله فيها قراءات كثيرة. وهذا قول ضعيف. وقد ذكر ابن عطية قول ابن شهاب في كتاب مسلم: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام، وقال عنه ابن عطية أنه كلام محتمل. الفريق الثاني: إن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال. وهذا أيضا ضعيف. وعزى ابن عطية سبب ضعفه إلى الأسباب التالية: 1) أن هذه لا تسمى أحرفا. 2) ولأن الإجماع هو في أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة. 3) ولأن معنى (أحرف) المذكورة في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)) هي بمعنى: الجهة والطريقة، ومنه قوله تعالى: "ومن الناس من يعبد الله على حرف" أي على وجه وطريقة هي ريب وشك فكذلك معنى هذا الحديث على سبع طرائق من تحليل وتحريم وغير ذلك فقال ابن عطية: فهذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للأحرف السبعة ولكن ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها. الفريق الثالث: أن المراد بالسبعة أحرف هي وجوه الاختلاف في القراءة. نقله ابن عطية لصاحب الدلائل عن بعض العلماء والذي حكى نحوه القاضي أبو بكر بن الطيب قوله: (تدبرت وجوه الاختلاف في القراءة فوجدتها سبعة). وضرب ابن عطية لذلك أمثلة: o منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: "هن أطهرُ" وأطهرَ. o ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: "ربنا باعِد" وباعَد. o ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل: (ننشرها) "ننشزها" o ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: "كالعهن المنفوش" و(كالصوف المنفوش). o ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل: "وطلح منضود" و(طلع منضود). o ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: "وجاءت سكرة الموت بالحق" و(سكرة الحق بالموت). o ومنها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى). الفريق الرابع: ما ذكره ابن عطية من حديث أبي رضي الله عنه الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)). ونقل ابن عطية كلاما للقاضي ابن الطيب تعليقا على هذا الحديث، بأن الأحرف السبعة فيه هي غير السبعة التي هي الوجوه والطرائق، وغير القراءات، ووسع فيها حين قال: o إنما هي سبعة أوجه من أسماء الله تعالى. وبرّر ابن عطية لهذا القول على فرض ثبوت هذه الرواية: أنه يحمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ فلا يجوز للناس أن يبدلوا اسما لله في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالفه. o وزعم قوم أن كل كلمة تختلف القراءة فيها فإنها على سبعة أوجه وإلا بطل معنى الحديث. ذكره ابن عطية نقلا عن القاضي ابن الطيب. o وتعرف بعض الوجوه بمجيء الخبر به ولا نعرف بعضها إذا لم يأت به خبر. ذكره ابن عطية نقلا عن القاضي ابن الطيب. o وقال قوم ظاهر الحديث يوجب أن يوجد في القرآن كلمة أو كلمتان تقرآن على سبعة أوجه فإذا حصل ذلك تم معنى الحديث. الفريق الخامس: وقد زعم قوم أن معنى الحديث أنه نزل على سبع لغات مختلفات. وأبطله القاضي ابن الطيب إلا أن يريد الوجوه المختلفة التي تستعمل في القصة الواحدة. واستدل على ذلك بأن لغة عمر بن الخطاب، وأبي بن كعب، وهشام بن حكيم، وابن مسعود، واحدة وقراءتهم مختلفة وخرجوا بها إلى المناكرة. • مناقشة ابن عطية لابن الطيب في قوله هذا: - وقد رد ابن عطية على ابن الطيب بقوله: وإطلاقه البطلان على القول الذي حكاه فيه نظر لأن المذهب الصحيح الذي قرره آخرا من قوله. ورد على استدلال ابن الطيب: بأن لغة عمر، وأبي، وهشام، وابن مسعود، واحدة فيه نظر، لأن ما استعملته قريش في عبارتها ومنهم عمر وهشام وما استعملته الأنصار ومنهم أبي وما استعملته هذيل ومنهم ابن مسعود قد يختلف، ومن ذلك النحو من الاختلاف هو الاختلاف في كتاب الله سبحانه، فليست لغتهم واحدة في كل شيء، وأيضا فلو كانت لغتهم واحدة بأن نفرضهم جميعا من قبيلة واحدة لما كان اختلافهم حجة على من قال: إن القرآن أنزل على سبع لغات لأن مناكرتهم لم تكن، لأن المنكر سمع ما ليس في لغته فأنكره. وإنما كانت لأنه سمع خلاف ما أقرأه النبي صلى الله عليه وسلم وعساه قد أقرأه ما ليس من لغته واستعمال قبيلته. وأكمل ابن عطية قوله: فكأن ابن الطيب إنما أبطل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قصد في قوله: ((على سبعة أحرف)) عد اللغات التي تختلف بجملتها وأن تكون سبعا متباينة لسبع قبائل، تقرأ كل قبيلة القرآن كله بحرفها، ولا تدخل عليها لغة غيرها. بل قصد النبي عليه السلام عنده عد الوجوه والطرائق المختلفة في كتاب الله مرة من جهة لغة ومرة من جهة إعراب وغير ذلك ولا مرية أن هذه الوجوه والطرائق إنما اختلفت لاختلاف في العبارات بين الجملة التي نزل القرآن بلسانها وذلك يقال فيه اختلاف لغات. فأما الأحرف السبعة التي صوب رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة بجميعها وهي التي راجع فيها، فزاده وسهل عليه، لعلمه تعالى بما هم عليه من اختلافهم في اللغات، فلها سبعة أوجه، وسبع قراءات مختلفات، وطرائق يقرأ بها، على اختلافها في جميع القرآن أو معظمه حسبما تقتضيه العبارة في قوله: ((أنزل القرآن)) فإنما يريد به الجميع أو المعظم فجائز أن يقرأ بهذه الوجوه على اختلافها. واستدل ابن عطية على ذلك بقول الناس: حرف أبي، وحرف ابن مسعود، ... وخلص ابن عطية إلى أن القرآن في الجملة: قد نزل القرآن على سبعة أحرف من اللغات والإعراب وتغيير الأسماء والصور وإن ذلك مفترق في كتاب الله ليس بموجود في حرف واحد وسورة واحدة يقطع على اجتماع ذلك فيها. وأنه إنما صح وترتب من جهة اختلاف لغات العرب الذين نزل القرآن بلسانهم وهو اختلاف ليس بشديد التباين حتى يجهل بعضهم ما عند بعض في الأكثر وإنما هو أن قريشا استعملت في عباراتها شيئا، واستعملت هذيل شيئا غيره في ذلك المعنى، وسعد بن بكر غيره، والجميع كلامهم في الجملة ولغتهم. كما صحح ابن عطية أن يكون: قصد النبي صلى الله عليه وسلم عد الأنحاء والوجوه التي اختلفت في القرآن بسبب اختلاف عبارات اللغات. قصد النبي صلى الله عليه وسلم عد الجماهير والرؤوس من الجملة التي نزل القرآن بلسانها وهي قبائل مضر فجعلها سبعة وهذا أكثر توسعة للنبي صلى الله عليه وسلم لأن الأنحاء تبقى غير محصورة، فعسى أن الملك أقرأه بأكثر من سبعة طرائق ووجوه. قال ابن عطية في كلامه المتقدم: فجائز أن يقرأ بهذه الوجوه على اختلافها. • شرط صحة القول السابق: هو أن تروى الأحرف السبع عن النبي عليه السلام. وقد قرر ابن عطية استنادا إلى قول ابن الطيب السابق: أن معنى الحديث المذكور أنه أنزل على سبع لغات لسبع قبائل انبث فيه من كل لغة منها. وقد مال كثير من أهل العلم: كأبي عبيد وغيره. • تعيين القبائل السبع التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم والتي أنزل القرآن بلغتها: نظروا في ذلك بحسب القطر ومن جاور منشأ النبي صلى الله عليه وسلم، فاختلفوا في التسمية وأكثروا، لكن ابن عطية لخصها بالتالي: o فأصل ذلك وقاعدته قريش. o ثم بنو سعد بن بكر. لأن النبي عليه السلام قرشي واسترضع في بني سعد ونشأ فيهم. o ثم ترعرع وعقت تمائمه وهو يخالط في اللسان كنانة وهذيلا وثقيفا وخزاعة وأسدا وضبة وألفافها. لقربهم من مكة وتكرارهم عليها. o ثم بعد هذه تميما وقيسا ومن انضاف إليهم وسط جزيرة العرب. فلما بعثه الله تعالى ويسر عليه أمر الأحرف أنزل عليه القرآن بلغة هذه الجملة المذكورة وهي التي قسمها على سبعة لها السبعة الأحرف وهي اختلافاتها في العبارات كما تقدم. ونقل ابن عطية كلاما لثابت بن قاسم: لو قلنا من هذه الأحرف لقريش ومنها لكنانة ومنها لأسد ومنها لهذيل ومنها لتميم ومنها لضبة وألفافها ومنها لقيس لكان قد أتى على قبائل مضر في مراتب سبعة تستوعي اللغات التي نزل بها القرآن. • سبب تخصيص لغات تلك القبائل دون غيرها: لأنها هي التي انتهت إليها الفصاحة وسلمت لغاتها من الدخيل ويسرها الله لذلك ليظهر آية نبيه بعجزها عن معارضة ما أنزل عليه وسبب سلامتها أنها في وسط جزيرة العرب في الحجاز ونجد وتهامة فلم تطرقها الأمم. • سبب عدم ورود لغة أهل اليمن ضمن لغات القبائل المذكورة أعلاه: لأن لغة اليمن أفسدت كلام عربه خلطة الحبشة والهنود. ولكن أبا عبيد القاسم بن سلام، وأبا العباس المبرد، قد ذكرا أن عرب اليمن من القبائل التي نزل القرآن بلسانها. ولكن ابن عطية قال: إنما هو فيما استعملته عرب الحجاز من لغة اليمن كالعرم والفتاح، أما ما انفردوا به كالزخيخ والقلوبي ونحوه فليس في كتاب الله منه شيء. • سبب عدم ورود لغة أهل العراق ضمن لغات القبائل المذكورة أعلاه: لأن لغتها أفسدتها مخالطة الفرس والنبط ونصارى الحيرة وغير ذلك. • سبب عدم ورود لغة أهل الشام ضمن لغات القبائل المذكورة أعلاه: لأن لغتها أفسدها مخالطة الروم وكثير من بني إسرائيل. • سبب عدم ورود لغة أهل غربي الجزيرة ضمن لغات القبائل المذكورة أعلاه: هي جبال تسكن بعضها هذيل وغيرهم وأكثرها غير معمور. وعليه: بقيت القبائل المذكورة – التي تعد من السبعة أحرف - سليمة اللغات لم تكدر صفو كلامها أمة من العجم. ويقوي هذا المنزع أنه لما اتسع نطاق الإسلام، وداخلت الأمم العرب، وتجرد أهل المصرين البصرة والكوفة لحفظ لسان العرب وكتب لغتها، لم يأخذوا إلا عن هذه القبائل الوسيطة المذكورة ومن كان معها، وتجنبوا اليمن والعراق والشام فلم يكتب عنهم حرف واحد، وكذلك تجنبوا حواضر الحجاز مكة والمدينة والطائف لأن السبي والتجار من الأمم كثروا فيها فأفسدوا اللغة، وكانت هذه الحواضر في مدة النبي صلى الله عليه وسلم سليمة لقلة المخالطة. والخلاصة: فمعنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((أنزل القرآن على سبعة أحرف)) أي فيه عبارات سبع قبائل، بلغة جملتها نزل القرآن، فيعبر عن المعنى فيه مرة بعبارة قريش ومرة بعبارة هذيل ومرة بغير ذلك بحسب الأفصح والأوجز في اللفظة. وضرب ابن عطية أمثلة على ذلك بقوله: o ألا ترى أن (فطر) معناها عند غير قريش ابتدأ خلق الشيء وعمله فجاءت في القرآن، فلم تتجه لابن عباس حتى اختصم إليه أعرابيان في بئر فقال أحدهما: أنا فطرتها، قال ابن عباس: ففهمت حينئذ موقع قول تعالى: "فاطر السماوات والأرض". o وقال أيضا: ما كنت أدري معنى قوله: "ربنا افتح بيننا وبين قومنا بالحق" حتى سمعت بنت ذي يزن تقول لزوجها: تعال أفاتحك أي: أحاكمك. o وكذلك قال عمر بن الخطاب وكان لا يفهم معنى قول تعالى: "أو يأخذهم على تخوف" فوقف به فتى فقال: إن أبي يتخوفني حقي فقال عمر: الله أكبر" أو يأخذهم على تخوف" أي: على تنقص لهم. o وكذلك اتفق لقطبة بن مالك إذ سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصلاة: " والنخل باسقات" ذكره مسلم في باب القراءة في صلاة الفجر. • الإباحة بالقراءة بالأحرف السبعة لثبوتها: أباح الله تعالى لنبيه هذه الحروف السبعة وعارضه بها جبريل في عرضاته على الوجه الذي فيه الإعجاز وجودة الوصف. • هل يفهم من قول النبي عليه السلام: ((فاقرؤوا ما تيسر منه)) أن يكون لكل واحد من الصحابة إبدال الألفاظ بين القراءات من تلقاء نفسه؟ لم تقع الإباحة في قوله تعالى: "فاقرؤوا ما تيسر منه" بأن يكون كل واحد من الصحابة إذا أراد أن يبدل اللفظة من بعض هذه اللغات جعلها من تلقاء نفسه. ولو كان هذا لذهب إعجاز القرآن وكان معرضا أن يبدل هذا وهذا حتى يكون غير الذي نزل من عند الله. وإنما وقعت الإباحة في الحروف السبعة للنبي عليه السلام ليوسع بها على أمته فقرأ مرة لأبي بما عارضه به جبريل صلوات الله عليهما ومرة لابن مسعود بما عارضه به أيضا. • الأدلة على أن إباحة القراءة بالأحرف السبعة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم لثبوتها. - عندما قرأ عمر بن الخطاب لآية من سورة الفرقان، وقرأ هشام بن حكيم لها، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم مع اختلاف قراءتهما: ((هكذا أقرأني جبريل))، ويعني أنه أقرأه مرة بهذه القراءة ومرة بتلك القراءة. - وعندما قرأ أنس بن مالك رضي الله عنه:" إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا" فقيل له: إنما تقر: "وأقوم" فقال أنس: أصوب وأقوم وأهيأ واحد. فإنما معنى هذا أنها مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم وإلا فلو كان هذا لأحد من الناس أن يضعه لبطل معنى قول الله تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون". o هل كانت القراءات السبع في مصحف عثمان؟ كتب الصحابة في القرآن من كل اللغات السبع مرة من هذه ومرة من هذه، وذلك مقيد بأن الجميع مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ عليه. o حكم الصلاة بالقراءات السبع. مضت الأعصار والأمصار على قراءة السبعة وبها يصلى لأنها ثبتت بالإجماع. لأن القراء في الأمصار تتبعوا ما روي لهم من اختلافات لاسيما فيما وافق خط المصحف، فقرؤوا بذلك حسب اجتهاداتهم، فلذلك ترتب أمر القراء السبعة وغيرهم رحمهم الله. • هل يصلى بالقراءات الشاذة؟ ولماذا؟ لا يصلى بشاذ القراءات، وذلك لأنه لم يجمع الناس عليه. أما أن المروي منه عن الصحابة رضي الله عنهم وعن علماء التابعين لا يعتقد فيه إلا أنهم رووه. وأما ما يؤثر عن أبي السمال ومن قاربه فلا يوثق به. سادسا: باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره • جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم. كان القرآن في مدة رسول الله صلى الله عليه وسلم متفرقا في صدور الرجال وقد كتب الناس منه في صحف وفي جريد وظهر في لخاف وفي خزف وغير ذلك. • جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه (الجمع الأول) o سبب الجمع. فلما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة، أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراءة كأبي وزيد وابن مسعود فيذهب. o الصحابي الذي ندب إليه بالجمع فندبا إلى ذلك زيد بن ثابت. o حال المصحف بعد أن جمعه زيد بن ثابت فجمعه غير مرتب السور بعد تعب شديد منه رضي الله عنه. o اختلاف الأقوال في الصحابي الذي كانت معه آخر آية جمعها زيد بن ثابت القول الأول: سقطت الآيتين من آخر براءة حتى وجدهما زيد عند خزيمة بن ثابت. في هذا الجمع الأول زمن أبي بكر. حكاه الطبري ولكنه قال: إنما سقطت لزيد في الجمع الأخير. القول الثاني: سقطت الآية من آخر براءة حتى وجدها عند أبي خزيمة الأنصاري. حكاه البخاري وحدده أنه إنما سقطت له في الجمع الأول. ورجحه ابن عطية. o اختلاف الأقوال في آخر ما جمع زيد بن ثابت من القرآن القول الأول: هي آية من سورة الأحزاب: "من المؤمنين رجال" فوجدها مع خزيمة بن ثابت. حكاه البخاري وقال أنه في الجمع الثاني زمن عثمان. القول الثاني: هي آخر آيتين من براءة: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم" وما تليها، فوجدها عند أبي خزيمة الأنصاري. حكاه البخاري، وقال أنه في الجمع الأول زمن أبي بكر. o مصير الصحف منذ عهد خلافة أبي بكر حتى خلافة عثمان وبقيت الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر بن الخطاب بعده ثم عند حفصة بنته في خلافة عثمان. وانتشرت في خلال ذلك صحف في الآفاق كتبت عن الصحابة كمصحف: ابن مسعود، وما كتب عن الصحابة بالشام، ومصحف أبي وغير ذلك، وكان في ذلك اختلاف حسب السبعة الأحرف التي أنزل القرآن عليها. • جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه (الجمع الثاني) o سبب الجمع الثاني للقرآن في عهد عثمان رضي الله عنه. لما كثرت الروايات وانتشرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وافترق الصحابة في البلدان، وجاء الخلف وقرأ القرآن كثير من غير العرب، وقع بين أهل الشام والعراق ما ذكر حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وذلك أنهم لما اجتمعوا في غزوة أرمينية فقرأت كل طائفة بما روي لها، فاختلفوا وتنازعوا حتى قال بعضهم لبعض: أنا كافر بما تقرأ به، فأشفق حذيفة مما رأى منهم فلما قدم حذيفة المدينة فيما ذكر البخاري وغيره دخل إلى عثمان بن عفان قبل أن يدخل بيته فقال: أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك قال: فبماذا؟ قال: في كتاب الله، إني حضرت هذه الغزوة وجمعت ناسا من العراق ومن الشام ومن الحجاز، فوصف له ما تقدم وقال: إني أخشى عليهم أن يختلفوا في كتابهم كما اختلفت اليهود والنصارى. قال عثمان رضي الله عنه: أفعل فتجرد للأمر واستناب الكفاة العلماء الفصحاء في أن يكتبوا القرآن ويجعلوا ما اختلفت القراءة فيه على أشهر الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفصح اللغات وقال لهم: (إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش). ما يدل عليه قول عثمان رضي الله عنه (إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش). المعنى: إذا اختلفتم فيما روي، وإلا فمحال أن يحيلهم على اختلاف من قبلهم، لأنه وضع قرآن، فكتبوا في القرآن من كل اللغات السبع مرة من هذه ومرة من هذه، وذلك مقيد بأن الجميع مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ عليه. فاختلفوا في (التابوه والتابوت)، حيث قرأه زيد بن ثابت: بالهاء، والقرشيون بالتاء، فأثبته بالتاء على لغة قريش. o اختلاف الأقوال فيمن قرن بزيد في ندبهم لجمع المصحف القول الأول: ثلاثة من قريش سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير. ذكره البخاري والترمذي. القول الثاني: أبان بن سعيد بن العاصي وحده. ضعفه الطبري. o طريقة جمع مصحف عثمان نقل ابن عطية كلام الطبري حين قال: إن الصحف التي كانت عند حفصة جعلت إماما في هذا الجمع الأخير. o مصير كل مصحف سوى مصحف عثمان أما مصحف عثمان فقد كتب على ما هو عليه غابر الدهر، ونسخ عثمان منه نسخا ووجه بها إلى الآفاق. وأمر بما سواها من المصاحف أن تحرق أو تخرق وتروى بالحاء غير منقوطة وتروى بالخاء على معنى ثم تدفن، ورواية الحاء غير منقوطة أحسن. o سبب التزام الناس بمصحف عثمان وعدم الخروج عنه. استمر الناس على هذا المصحف المتخير وترك ما خرج عنه مما كان كتب سدا للذريعة وتغليبا لمصلحة الألفة، وأمر عثمان بن عفان رضي الله عنه أن يحرق كل مصحف سواه أو أن يخرق. o رأي العلماء تجاه مصحف ابن مسعود رضي الله عنه وقراءته. أبى ابن مسعود أن يزال مصحفه فترك، ولكن أبى العلماء قراءته سدا للذريعة. o سبب ترك العلماء لمصحف ابن مسعود. لأنه روي أنه كتب فيه أشياء على جهة التفسير فظنها قوم من التلاوة فتخلط الأمر فيه، ولم يسقط فيما ترك معنى من معاني القرآن، لأن المعنى جزء من الشريعة وإنما تركت ألفاظ معانيها موجودة في الذي أثبت. o ترتيب سور المصحف العثماني الذي عليه الآن نقل ابن عطية كلاما لابن الطيب يظهر فيه اختلاف العلماء في ترتيب السور على أقوال، هي: القول الأول: أنه توقيفي. القول الثاني: أنه اجتهادي. القول الثالث: أنه اجتهادي، على أنه من تلقاء زيد ومن كان معه، بالإضافة لعثمان رضي الله عن الجميع، ولكن هناك سورا جاءت فيها الأدلة على أن ترتيبها توقيفي من قبل النبي صلى الله عليه وسلم. ذكره كذلك مكي رحمه الله في تفسير سورة براءة وذكر أن ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى الله عليه وسلم ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة هذا أحد ما قيل في براءة. ويظهر من كلام ابن عطية ترجيحه لهذا القول حين قال: وظاهر الآثار أن السبع الطول والحواميم والمفصل كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام، وكان في السور ما لم يرتب فذلك هو الذي رتب وقت الكتب. o شكل المصحف ونقطه o كيف كان شكل المصحف بادئ الأمر غير مشكول ولا منقوط. o المراحل التي مر بها المصحف من ناحية التشكيل والتنقيط والتحزيب حتى وصل إلى ما هو عليه الآن المرحلة الأولى: غير مشكول ولا منقوط. وهذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وعهد أبي بكر ثم عهد عثمان. المرحلة الثانية: أن عبد الملك بن مروان أمر بتشكيله وتنقيطه وعمله فتجرد لذلك الحجاج بواسط. المرحلة الثالثة: زاد الحجاج تحزيبه وأمر وهو والي العراق: الحسن، ويحيى بن يعمر، بذلك. وقد ألّف إثر ذلك بواسط كتابا في القراءات جمع فيه ما روي من اختلاف الناس فيما وافق الخط، ومشى الناس على ذلك زمانا طويلا إلى أن ألف ابن مجاهد كتابه في القراءات. o أول من نقط المصحف جاء في ذلك ثلاثة أقوال لأهل العلم، هي: القول الأول: هو أبو الأسود الدؤلي. أسنده الزبيدي في كتاب الطبقات إلى المبرد. وذكر أبو الفرج أن زياد بن أبي سفيان هو من أمر أبا الأسود بنقط المصاحف. القول الثاني: يحيى بن يعمر، حين نقط مصحف ابن سيرين. القول الثالث: هو نصر بن عاصم. وكان يقال له: نصر الحروف. ذكره الجاحظ في كتاب الأمصار. o أول من وضع الأعشار في المصحف. وأما وضع الأعشار فيه، فقال ابن عطية: القول الأول: أن المأمون العباسي أمر بذلك. القول الثاني: أن الحجاج فعل ذلك. وذكر أبو عمرو الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا وهذا كالإنكار. سابعا: باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق • الاختلاف في مسألة تعلق لغات العجم ببعض ألفاظ كتاب الله اختلف الناس في هذه المسألة إلى عدة أقوال، هي: القول الأول: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة. ذكره أبو عبيدة وغيره. القول الثاني: ليس في القرآن لفظة إلا وهي عربية صريحة، وأن الأمثلة والحروف التي تنسب إلى سائر اللغات إنما اتفق فيها أن تواردت اللغتان فتكلمت بها العرب والفرس أو الحبشة بلفظ واحد. ذكره الطبري وغيره. واعترض ابن عطية على قول الطبري قائلا: وما ذهب إليه الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة فذلك بعيد، بل إحداهما أصل والأخرى فرع في الأكثر، لأننا لا ندفع أيضا جواز الاتفاق قليلا شاذا. - وقد ضرب الطبري أمثلة على ذلك: o قوله تعالى: "إن ناشئة الليل". قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل. o قوله تعالى: "يؤتكم كفلين من رحمته". قال أبو موسى الأشعري: كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة. o وكذلك قال ابن عباس في القسورة: إنها الأسد بلغة الحبشة. القول الثالث: فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه. قاله ابن عطية. وفصّل فيها قائلا: إن القاعدة والعقيدة هي أن القرآن نزل بلسان عربي مبين، فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان آخر. فأما هذه الألفاظ وما جرى مجراها فإنه قد كان للعرب العاربة التي نزل القرآن بلسانها بعض مخالطة لسائر الألسنة بتجارات، وبرحلتي قريش، وكسفر مسافر بن أبي عمرو بن أمية بن عبد شمس إلى الشام، وسفر عمر بن الخطاب، وكسفر عمرو بن العاصي، وعمارة بن الوليد إلى أرض الحبشة، وكسفر الأعشى إلى الحيرة وصحبته لنصاراها مع كونه حجة في اللغة، فعلقت العرب بهذا كله ألفاظا أعجمية غيرت بعضها بالنقص من حروفها، وجرت إلى تخفيف ثقل العجمة واستعملتها في أشعارها ومحاوراتها حتى جرت مجرى العربي الصريح، ووقع بها البيان. وعلى هذا الحد نزل بها القرآن، فإن جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره. وضرب لهذا مثالا: كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر إلى غير ذلك. ثامنا: نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن • اختلاف الناس في إعجاز القرآن بم هو؟ اختلف الناس في ذلك على ثلاثة أقوال، هي: القول الأول: إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها القول الثاني: إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة. واعترض ابن عطية على حصر إعجاز القرآن في هذين القولين فقط، وأن هذا الرأي يتفق معه فيه كل من تقررت الشريعة ونبوة محمد صلى الله عليه وسلم في نفسه، وأما من هو في ظلمة كفره فإنما يتحدى فيما يبين له بينه وبين نفسه عجزه عنه، وأن البشر لا يأتي بمثله ويتحقق مجيئه من قبل المتحدي. القول الثالث: إن التحدي وقع في رصف القرآن ونظمه وتوالي فصاحة ألفاظه وصحة معانيه. فكفار العرب لم يمكنهم قط أن ينكروا أن متلقى من قبل محمد صلى الله عليه وسلم. فإذا تحديت إلى ذلك وعجزت فيه علم كل فصيح ضرورة أن هذا نبي يأتي بما ليس في قدرة البشر الإتيان به إلا أن يخص الله تعالى من يشاء من عباده. وهذا هو القول الذي عليه الجمهور والحذاق وهو الصحيح في نفسه. ووجه قوة هذا القول: أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما، وأحاط بالكلام كله علما، فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته، وعلم أي لفظة تصلح أن تلي الأولى، وتبين المعنى بعد المعنى. ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول ومعلوم ضرورة أن بشرا لم يكن قط محيطا، فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة. o خفاء وجه براعة القرآن على أغلبنا لقصورنا عن مرتبة العرب يومئذ: في سلامة الذوق، وجودة القريحة، وميز الكلام. أمثلة على قدرة العرب على تمييز إعجاز القرآن لفصاحة لسانها وسلامة ذوقها: - ميز الجارية نفس الأعشى. - وميز الفرزدق نفس جرير من نفس ذي الرمة. - ونظر الأعرابي في قوله عز فحكم فقطع. o صورة قيام الحجة بالقرآن على العرب أنه لما جاء محمد صلى الله عليه وسلم به وقال: "فأتوا بسورة من مثله" قال: كل فصيح في نفسه: وما بال هذا الكلام حتى لا آتي بمثله؟ فلما تأمله وتدبره، ميز منه ما ميز الوليد بن المغيرة حين قال: والله ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون. وعرف كل فصيح بينه وبين نفسه أنه لا يقدر بشر على مثله فصح عنده أنه من عند الله تعالى. وقامت الحجة على العالم بالعرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة، كما قامت الحجة في معجزة عيسى بالأطباء، وفي معجزة موسى بالسحرة، فإن الله تعالى إنما جعل معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما يكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره، فكأن السحر في مدة موسى قد انتهى إلى غايته، وكذلك الطب في زمن عيسى، والفصاحة في مدة محمد عليهم الصلاة والسلام. o بطلان قول القائل بأن العرب قدرت على الإتيان بمثل القرآن ولكن الله صرفهم عنه. باطل قول من قال بأن الله صرف العرب عن الإتيان بمثل القرآن بمجرد أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم، مع قدرتها على أن تأتي بمثله. وعلل ابن عطية سبب بطلان هذا القول بقوله: والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين حتى مع استفراغهم الوسع في ذلك. ويظهر لك قصور البشر في أن الفصيح منهم يصنع خطبة أو قصيدة يستفرغ فيها جهده ثم لا يزال ينقحها حولا كاملا ثم تعطى لآخر نظيره فيأخذها بقريحة جامة فيبدل فيها وينقح ثم لا تزال كذلك فيها مواضع للنظر. ولكن البدل في كتاب الله لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد. o موقف العرب من القرآن حينما جاءهم به النبي صلى الله عليه وسلم. انقسمت العرب حيال إيمانها بالقرآن إلى قسمين، هما: القسم الأول: منهم من آمن وأذعن. القسم الثاني: منهم من حسد. مثاله: أبو جهل وغيره، حين فرّ إلى القتال ورضي بسفك الدم عجزا عن المعارضة، حتى أظهر الله دينه ودخل جميعهم فيه ولم يمت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الأرض قبيل من العرب يعلن كفره. تاسعا: باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى • المقصود بإيجاز العبارة في التفسير يقصد به إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع. مثاله: - خاطب الله بهذه الآية المؤمنين. - وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون. - وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: "قصيه". - وقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: "ألست بربكم". • حكمها للعلماء فيها قولان، هما: القول الأول: أنها جائزة، وقد استعملها المفسرون والمحدثون والفقهاء، واستعملها أبو المعالي في الإرشاد. وقال ابن عطية: فإذا استعمل ذلك في سياق الكلام، والمراد منه: حكت الآية أو اللفظ، فذلك استعمال عربي شائع وعليه مشى الناس، ويكون هذا على وجه التقرير لهذه الصفة لله، وثبوتها له، فهي مستعملة كسائر أوصافه تبارك وتعالى. القول الثاني: لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه. ذكره بعض الأصوليين. ولم يرجح ابن عطية أيًّا من القولين بل وتحفظ منه. وبرّر أنه سيبذل جهده بتلافيه، وإنما ذكر هذا في مقدمة تفسيره، لما عسى أن يقع فيه نادرا واعتذارا عما وقع فيه المفسرون من ذلك. • ما شاع عند العرب استعماله من هذه الألفاظ وقد استعملت العرب أشياء في ذكر الله تعالى تنحمل على مجاز كلامها، فمن ذلك: - قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم: (فاغفر فداء لك ما اقتفينا). - وقول أم سلمة: فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة، وإبدال الله لها منه رسول الله. - وقولهم: الله يدري كذا وكذا. والدراية إنما هي التأتي للعلم بالشيء حتى يتيسر ذلك. قال أبو علي: واحتج بعض أهل النظر على جواز هذا الإطلاق بقول الشاعر الجوهري: لا همَّ لا أدري وأنت الداري قال أبو علي: وهذا لا ثبت فيه لأنه يجوز أن يكون من غلط الإعراب. وأيده عليه ابن عطية محتجا بأن الطريقة كلها عربية لا يثبت للنظر المنخول شيء منها. عاشرا: باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية • أسماء القرآن ومعانيها o القرآن جاء في معانيه قولان، هما: القول الأول: هو مصدر من قولك: قرأ الرجل أي تلا. يقرأ قرآنا وقراءة. وحكى أبو زيد الأنصاري وقرءا. وقواه ابن عطية، واستدل بقول حسان بن ثابت في رثائه لعثمان بن عفان: ضحوا بأشمط عنوان السجود به ..... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا أي: قراءة القول الثاني: القرآن معناه التأليف. قاله قتادة. أي: قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا، وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: "إن علينا جمعه وقرآنه" أي تأليفه. وهذا نحو قول الشاعر عمرو بن كلثوم: [الوافي] ذراعي بكرة أدماء بكر ..... هجان اللون لم تقرأ جنينا أي لم تجمع في بطنها ولدا فهو أفره لها. o الكتاب: هو مصدر من كتب إذا جمع، ومنه قيل: كتيبة، لاجتماعها. ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها. o الفرقان: هو مصدر، لأنه فرق بين الحق والباطل، والمؤمن والكافر. فرقا وفرقانا o الذكر: جاء في سبب تسميته بالذكر ثلاثة أقوال، هي: القول الأول: سمي به لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم. القول الثاني: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء. القول الثالث: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به. o معنى "السورة" جاء في معناها قولان، هما: القول الأول: من سؤر، وسؤرة، بالهمز، فهي كالبقية من الشيء والقطعة منه، التي هي سؤر، وسؤرة، من أسأر: إذا أبقى، ومنه: سؤر الشراب. وهي قراءة تميم كلها وغيرهم. الأدلة والشواهد: ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: [المتقارب] فبانت وقد أسأرت في الفؤاد ..... صدعا على نأيها مستطيرا أي: أبقت فيه. القول الثاني: سورة بغير همز. وهي قراءة قريش كلها ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل وسعد بن بكر وكنانة. فتأتي بمعنى: - بذات المعنى المتقدم إلا أنها سهلت همزتها. - مشبهة بسورة البناء: أي القطعة منه، لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة، وكل قطعة منها سورة. القول الثالث: الرتبة الرفيعة من المجد والملك. الأدلة والشواهد: قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: [الطويل] ألم تر أن الله أعطاك سورة ..... ترى كل ملك دونها يتذبذب فكأن الرتبة انبنت حتى كملت. o جمع سورة القرآن سور بفتح الواو، وجمع سورة البناء سور بسكونها قال أبو عبيدة: إنما اختلفا في هذا فكأن سور القرآن هي قطعة بعد قطعة حتى كمل منها القرآن. o معنى الآية هي العلامة في كلام العرب. ومنه قول الأسير الموصي إلى قومه باللغز: (بآية ما أكلت معكم حيسا). o سبب تسميتها بالآية ذكر ابن عطية ثلاثة أقوال لأهل العلم، هما: القول الأول: لما كانت الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها، وعلى عجز المتحدى بها، سميت آية. القول الثاني: لما كانت جملة وجماعة كلام، كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا. القول الثالث: لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية. o وزن آية ذكر ابن عطية أربعة أقوال فيها، هي: القول الأول: على وزن فعلة بفتح العين، وأصلها أيية، تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح فجاءت آية. ذكره سيبويه. القول الثاني: على وزن فاعلة، وأصلها آيية، حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام ما لزم في دابة. ذكره الكسائي. وقال مكي في تعليل هذا الوجه سكنت الأولى وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة. القول الثالث: على وزن فعلة بسكون العين، وأصلها أية، أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف قاله الفراء وحكاه أبو علي عن سيبويه في ترجمة: "وكأين من نبي". القول الرابع: على وزن فعلة بكسر العين، وأصلها أيية، أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها. |
السلام عليكم ورحمة الله.
خطبة تفسير ابن عطية • سبب تأليف الكتاب - بيان المنهجية في طلب العلم - تفضيل علم التفسير على سائر العلوم • منهج ابن عطبية في تفسيره - وجوب تقييد العلم بالكتابة - بم يكون تفسيره جامعا وجيزا ؟: · لا يذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به · نسبة الأقوال إلى قائليها من السلف الصالح · شرط سلامة الأقوال من عقائد بدعية. · شرط بناء الأقوال على العربية السليمة. · ترتيب التفسير حسب ترتيب الكلمات في الآية. · شمول التفسير على جميع الكلمات الواردة في الآية. · إيراد جميع القراءات مستعملها وشاذها. · تبيين المعاني وجميع محتملات الألفاظ. التلخيص بين ابن عطية رحمه الله تعالى في خطبة تفسيره مسائل مهمة. ووصى كل طالب بالأخذ من كل فن من أصوله، وصى ايضا بقيد العلم بالكتاب؛ لأن كثرة المعلومات قد تثقل وتكون سببا لنسياها. وبعد ذلك وصى بالأخذ بأشرف العلوم، ألا وهو علم التفسير، فإن شرف العلم بشرف المعلوم، وهو العلم المقصود لذاته، وجعلت سائر العلوم خادمة للقرآن "منه تأخذ مبادئها وبه تعتبر نواشئها فما وافقه منها نصع وما خالفه رفض ودفع فهو عنصرها النمير وسراجها الوهاج وقمرها المنير"، ولا يقرب إلى الله علم مثله؛ لأنه ليس من علوم الدنيا. ويمكن تقسيم ما سلك ابن عطية في تفسير إلى قسمين: الأول: منهجه العام. الثاني: منهجه الخاص. أما منهجه العام فهو قصده أن يكون تفسيره جامعا وجيزا محررا وبحذف فضول القول، ولهذا لم يستوعب كل ما وقف عليه علم التفسير. أما منهج الخاص، وهو الذي يتحقق به منهجه العام من كون التفسير جامعا وجيزا، فقد يترتب على ما يلي: - لا يذكر من القصص إلا ما لا تنفك الآية إلا به. - نسبة الأقوال إلى قائليها من السلف الصالح. - شرط سلامة الأقوال من عقائد بدعية. - شرط بناء الأقوال على العربية السليمة. - ترتيب التفسير حسب ترتيب الكلمات في الآية. - شمول التفسير على جميع الكلمات الواردة في الآية. - إيراد جميع القراءات مستعملها وشاذها. - تبيين المعاني وجميع محتملات الألفاظ. باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به أورد ابن عطية في هذا الباب الأحاديث والآثار حثا وتشويقا إلى تعلم القرآن والعمل به. ومنها:- ما أخرجه البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن الذي يتعاهد هذا القرآن ويشتد عليه له أجران والذي يقرأه وهو خفيف عليه مع السفرة الكرام البررة)). - ما أخرجه البخاري عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفضلكم من تعلم القرآن وعلمه)). - وما أخرجه الترمذي عن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)). - وما قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن. وغيرها مما فيه تنشيط لتعلم القرآن وتعليمه والعمل. باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه • أفضل علم القرآن. - الأصل في تعلم التفسير. - الشعر العربي من مصادر اللغة. • فهم القرآن فضل من الله تعالى. • عناية السلف بالتفسير. • ذم الاقتصار على تلاوة القرآن دون فهم معانيه. • سعة معاني كتاب الله تعالى. التلخيص أنزل الله تعالى القرآن بالعربي المبين وحث على تدبره وذم من ترك تدبر معانيه، فعربية القرآن من أفضل علومه، وقد استدل ابن عطية لذلك بدليلين: أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: "أي علم القرآن أفضل؟" فقال صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر)). فالشعر العربي مما يستشهد به على معاني القرآن. وبقوله صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)). والإعراب هو إظهار معاني القرآن، فاللغة من أوسع مصادر التفسير، وهي من أنفع الوسائل لفهم القرآن الذي هو فضل الله يؤتيه من يشاء، فقد قال عز وجل: {ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا}، وورد في بيان المراد بالحكمة عدة أقوال متقاربة المعنى أنه فهم القرآن والفقه فيه وتفسيره. وكان لسلفنا الصالح عناية وحرص على معرفة معاني القرآن، فقد رحلوا في طلب العلم فقطعوا مسافات من أجل تفسير آية، وقد رحل مسروق إلى البصرة في تفسير آية فقيل له: "إن الذي يفسرها رحل إلى الشام"، فتجهز ورحل إليه حتى علم تفسيرها. وهم أيضا لم يقتصروا على تلاوة القرآن دون فهمه، بل كانوا يذمون من فعل ذلك. وكثرة الأقوال الواردة من السلف في تفسير آية واحدة تدل على فقههم ودرجاتهم في التفسير، فكل معنى صحيح تحتملها آية قد قالوا به، وهذا من بركة القرآن، وبركة علمهم. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة)). وقال الحسن: "أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها"، فبين أن تعدد الأقوال لا يعد اختلافا، بل هو لسعة معاني القرآن وبركته. باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين • معنى قول عائشة رضي الله عنها في قلة تفسير النبي صلى الله عليه وسلم. • أنواع التفسير بالرأي. • مواقف بعض السلف في التفسير. • طبقات المفسرين. التلخيص أورد ابن عطية ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل". وقولها هذا لا يعني قلة ما فسره النبي صلى الله عليه وسلم، إنما قالها فيما لا سبيل إليه إلا بالوحي من المغيبات، وهي نوعان: الأول: ما لا يعلمه إلا الله تعالى، فلا يجوز الخوض فيه، كوقت قيام الساعة. الثاني: ما يمكن العلم به باستقراء ما نزل فيه من الآيات، كرتبة خلق السموات والأرض. ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)). والرأي نوعان: الأول: رأي مذموم، وهو الذي لا يبنى على فهم السلف ولا على أسس سليمة. الثاني: رأي ممدوح، وهو عكس الأول. ولما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ما ذكر آنفا كان للمفسرين مسلكان في التفسير: الأول: من توقف عنه تورعا واحتياطا. الثاني: من تكلم في التفسير اجتهادا مبنيا على أسس صحيحة سليمة. وهؤلاء على طبقات: • طبقات الصحابة، ومن أبرزها علي بن أبي طالب، ثم ابن عباس، ثم ابن مسعود رضي الله عنه أجمعين. • طبقات التابعين، ومن أبرزها مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، والسدي، وعلى أبو صالح مع ما طعن عامر الشعبي عليهما؛ لأنه كان يراهما مقصرين في النظر. • من جاء بعد الطبقتين المذكورين، كعبد الرزاق، والمفضل، وعلي بن أبي طلحة، والبخاري وغيرهم. وجاء بعدهم إمام المفسرين محمد بن جرير الطبري، ومن المتأخرين أبو إسحاق الزجاج، وأبو علي الفارسي، وأبو بكر النقاش، وأبو جعفر النحاس، ومكي بن أبي طالب، وأبو العباس المهدوي. باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)) • المراد بالأحرف السبعة. الأول: أنه يراد به الترادف، وقد ضعفه ابن عطية. الثاني: أنه يراد به اختلاف اللفظ، لا اختلاف المعاني. وهو قول ابن شهاب. قال ابن عطية: "وهذا كلام محتمل". الثالث: أنه يراد أنواع معاني كتاب الله. وضعفه ابن عطية لسببين: 1. لأن هذه لا تسمى أحرفا. 2. أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني. الرابع: أنه يراد بها تغاير القراءات، وهو قول السرقسطي والباقلاني. ومنها: - ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ. - ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد. - ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل: (ننشرها) و{ننشزها}. - ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} - ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} - بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت). - بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى). زذكر الباقلاني ما ورد في معنى الأحرف السبعة من الأحاديث، منها بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)). "...وإنما الحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة"، كما قال ابن عطية. وقوله صلى الله عليه وسلم لأبي: ((يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)). "...وإنما هي سبعة أوجه من أسماء الله تعالى"، كما قال الباقلاني ووجهه بقوله: "وإذا ثبتت هذه الرواية حمل على أن هذا كان مطلقا ثم نسخ..." وقول جمهور أهل العلم هو أن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات لسبع قبائل، وهي القبائل السليمة اللغات. باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره • مراحل جمع القرآن • ترتيب السور • أول من نقط المصحف • وضع الأعشار التلخيص لجمع القرآن ثلاثة مراحل: الأولى: جمعه في الصدور، وقد كتب الناس منه في صحف وفي جريد وظرر وفي لخاف وفي خزف وغير ذلك. الثانية: جمعه في عهد أبي بكر رضي الله عنه. وكان ذلك لما كثر موت القراء، فأمر أبو بكر زيد بن ثابت فجمعه غير مرتب السور. وبقيت الصحف عند أبي بكر ثم عند عمر بن الخطاب بعده ثم عند حفصة بنته في خلافة عثمان. الثالثة: جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه. وكان سبب هذا الجمع كثرة الاختلاف، فأمر عثمان زيد بن ثابت بجمعه وقرن بزيد سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير، فجعلت الصحف التي عند حفصة إماما في هذا الجمع الأخير. ونسخ عثمان منه نسخا ووجه بها إلى الآفاق وأمر بما سواها من المصاحف أن تحرق. وترتيب السور على نوعين: الأول: ما كان مرتبا في زمن النبي عليه السلام، كالسبع الطول والحواميم والمفصل. الثاني: ما كان مرتبا من تلقاء زيد ومن كان معه مع مشاركة من عثمان رضي الله عنه في ذلك. ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى الله عليه وسلم، ولما لم يأمر بذلك في أول براءة تركت بلا بسملة. وأما شكل المصحف ونقطه ففيه عدة أقوال: الأول: فروي أن عبد الملك بن مروان أمر به وعمله فتجرد لذلك الحجاج بواسط وجد فيه وزاد تحزيبه وأمر وهو والي العراق الحسن ويحيى بن يعمر بذلك وألف إثر ذلك بواسط كتاب في القراءات جمع فيه ما روي من اختلاف الناس فيما وافق الخط ومشى الناس على ذلك زمانا طويلا إلى أن ألف ابن مجاهد كتابه في القراءات. الثاني: وأسند الزبيدي في كتاب الطبقات إلى المبرد أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكر أبو الفرج أن زياد بن أبي سفيان أمر أبا الأسود بنقط المصاحف. الثالث: وذكر أيضا أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر. الرابع: وذكر الجاحظ في كتاب الأمصار أن نصر بن عاصم أول من نقط المصاحف وكان يقال له: نصر الحروف. وأما وضع الأعشار فيه ففي ذلك قولان: الأول: فمر بي في بعض التواريخ أن المأمون العباسي أمر بذلك الثاني: وقيل إن الحجاج فعل ذلك. وذكر أبو عمرو الداني عن قتادة أنه قال: بدؤوا فنقطوا ثم خمسوا ثم عشروا وهذا كالإنكار. باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق • أقوال العلماء في هذه المسألة. - قول أبي عبيدة - قول الطبري • القاعدة في هذا الباب. • رأي ابن عطية. - سبب دخول ألفاظ أعجمية في العربية. - سبب تغيير ألفاظ أعجمية عند إدخالها في العربية. • الجهل باللفظ ليس دليلا على أنه أعجمي. التلخيص اختلف أهل العلم هل في القرآن ألفاظ أعجمية أم لا على قولين: الأول: أن فيه من كل لغة. وهو قول أبي عبيدة. الثاني: أنه ليس فيه لفظة غير عربية، وأما ما جاء عن بعض المفسرين مما يوهم أن فيه ألفاظ أعجمية – كقول ابن عباس في قوله تعالى: {إن ناشئة الليل}: "نشأ بلغة الحبشة: قام من الليل"، فهو من تواطؤ اللغات. والقاعدة: هي أن القرآن نزل بلسان عربي مبين فليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب. وقد جمع ابن عطية بين القولين وبيّن سبب دخول ألفاظ أعجمية في العربية، وهي مخالطة العرب لسائر الألسنة برحلات. فهذه الألفاظ – وإن كانت في الأصل أعجمية - صارت بكثرة الاستعمال من العربي الصريح، مع ما وقع فيها من التغيير تخفيفا لثقل العجمة. وبهذا التعليل ضعف ابن عطية ما ذهب إليه الطبري ولو وقع التواطؤ قليلا. وجهل بعض العرب بلفظ ما لا يدل على أعجميته، بل هو كجهله بما في لغة غيره، كما لم يعرف ابن عباس معنى (فاطر). نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن • بم يكون إعجاز القرآن؟ - وجه إعجاز القرآن، وبطلان قول إن العرب كان من قدرتها أن تأتي بمثل القرآن. - تمييز العرب الكلام الفصيح عن غيره. - صورة قيام الحجة بإعجاز القرآن. - كانت معجزات الأنبياء بالوجه الشهير. التلخيص ورد في مسألة التحدي بإعجاز القرآن عدة أقوال: الأول: بالكلام القديم الذي هو صفة الذات، ولازم هذا القول أن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق ما يضعف هذا القول. الثاني: بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة. وهذان القولان مبنيان على أن التحدي متوجه إلى المؤمنين. الثالث: بنظم القرآن وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه، فالتحدي موجه إلى كفار العرب. وهو قول جمهور أهل العلم. ووجه إعجاز القرآن وضع كلماته في أماكينها، حيث لا يقدر أحد بنزع كلمة والإتيان بغيرها مكانها. وفي هذا رد على من قال: إن العرب كان من قدرتها أن تأتي بمثل القرآن، ولكن الله تعالى سلبها عنهم. فلما نزل القرآن لقيام الحجة فلم يستطع أحد من كفار العرب الإتيان بمثله مع تميزهم الكلام الفصيح عن غيره تبين أن هذا الإعجاز قد قامت به الحجة على العرب وغيرهم؛ لأن العرب كانت أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة. وقد جعل الله تعالى معجزات الأنبياء بالوجه الشهير أبرع ما يكون في زمن النبي الذي أراد إظهاره. والوليد بن المغيرة: "والله ما هو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون"، وهذا مع حرصه على معارضة القرآن. باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى • سبب إيجاز استعمال الألفاظ.• المراد بالإيجاز في هذا الباب. • موقع أهل العلم في هذا الإيجاز. • سبب تقديم هذا الباب. • موقع ابن عطية في ذلك. • ذكر الشواهد على جواز هذا الاستعمال. التلخيص قد يحمل قصد الإيجاز والاختصار بعض أهل العلم إلى نسبة أفعال إلى الله تعالى "لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع"، ما يوهم أنها من صفات الرب سبحانه وتعالى، ولهذا نهى بعض الأصوليين أن يقال: "حكى الله"، وما جرى مجراه. وهذا النهي صحيح إذا قصد منها أن الله سبحانه موصوف بها، أما إذا قصد نسبتها إلى الآية على أن فلا بأس في هذا؛ وقعد ابن عطية هذا الباب لسببين: أحدهما: أنه وقع فيه، ولو نادرا. بل هو يفر منه قدر الإمكان. الثاني: اعتذارا للمفسرون عما وقع فيه من ذلك. وأورد أبن عطية من كلام العرب ما يدل على أن هذا الاستعمال استعمال عربي شائع، لكنه نبه أن ما ورد من شعرهم "لا يثبت للنظر المنخول شيء منها"، فلا تصلح أن تكون دليلا قاطعا. وذكر أيضا أنه يمكن تخريج ذلك على حذف مضاف. ومن ذلك قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم: (فاغفر فداء لك ما اقتفينا). وقول أم سلمة: "فعزم الله لي..." في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله. ومن ذلك قولهم: :الله يدري كذا وكذا". وقول الشاعر الجوهري: لا همَّ لا أدري وأنت الداري وما أنشد بعض البغداديين: لا همَّ إن كنت الذي بعهدي .... ولم تغيرك الأمور بعدي باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية • ذكر اسماء القرآن. • معنى كل اسم. - معنى اسم (القرآن) - معنى اسم (الكتاب) - معنى اسم (الفرقان) - معنى اسم (الذكر) • اللغات في السورة. • معنى الآية. - وزنها التلخيص للقرآن أربعة أسماء، فهي القرآن، والكتاب، والفرقان، والذكر.فأما القرآن في اشتقاقه قولان: الأول: أنه مشتق من (قرأ)، أي: تلا. ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه: ضحوا بأشمط عنوان السجود به ..... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا أي: قراءة. وهذا الذي رجحه ابن عطية. الثاني: أنه مشتق من (ألّف)، وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] أي تأليفه. ومنه قول الشاعر عمرو بن كلثوم: ذراعي بكرة أدماء بكر ..... هجان اللون لم تقرأ جنينا أي لم تجمع في بطنها ولدا فهو أفره لها وعلى كلا القولين فـ (القرآن) مصدر بمعنى اسم المفعول. وأما اسمه (الكتاب) فهو بمعنى (جمع). ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها. فهو أيضا مصدر، ويمكن أن يكون بمعنى اسم الفاعل وبمعى اسم المفعول. أما اسمه (الفرقان) فهو بمعنى (فرق)، أي: فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر. فهو أيضا مصدر بمعنى اسم الفاعل. وأما اسمه (الذكر) فهو ايضا مصدر، وفي سبب تسميته بذلك عدة أقوال: الأول: لأن الناس ذكروا به آخرتهم وإلههم. وعلى هذا يكون بمعنى اسم المفعول. الثاني: لأن فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء. الثالث: لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به. وعلى هذين القولين يكون بمعنى اسم الفاعل. وأما السورة ففيها لغتان: أحدهما: لغة من لا يهمز. فهي لغة قريش ومن جاورها. وهذا على وجهين: 1. على أنها من (أسأر) إذا أبقى، فهي كالبقية من الشيء والقطعة منه، فكل سورة قطعة من القرآن. ووقع هنا تسهيل الهمزة. ويستشهد لهذا المعنى بقول الأعشى: فبانت وقد أسأرت في الفؤاد ..... صدعا على نأيها مستطيرا أي: أبقت فيه. 2. أنها من السور، بمعنى الارتفاع. ويستشهد لهذا المعنى بقول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: ألم تر أن الله أعطاك سورة ..... ترى كل ملك دونها يتذبذب الثاني: لغة من يهمز. وهذا على ما ذكر آنفا، أنه من (أسأر) إذا أبقى. والآية في اللغة العلامة. وفي تسميتها بذلك قولان: الأول: أنها بمعنى الجماعة. ومنه قول العرب: "جئنا بآيتنا"، أي: بجماعتنا. الثاني: لأنها علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها. أما وزن (الآية) فقد ورد فيه عدة أقوال: الأول: أنها على وزن (فعلة) بفتح العين، أصلها: أيية، تحركت الياء الأولى وما قبلها مفتوح. وهو قول سيبويه. الثاني: أنها على وزن (فاعلة)، وفي الإعلال الواقع هنا قولان: 1. أنه حذفت الياء الأولى مخافة أن يلتزم فيها من الإدغام، وهو قول الكسائي. 2. أنه سكنت الأولى وأدغمت فجاءت آية على وزن دابة ثم سهلت الياء المثقلة، وهو قول مكي. الثالث: أنها على وزن (فعلة) بسكون العين، أبدلت الياء الساكنة ألفا استثقالا للتضعيف. وهو قول الفراء، وحكاه أبو علي عن سيبويه. الرابع: أنها على وزن (فعلة) بكسر العين، أبدلت الياء الأولى ألفا لثقل الكسر عليها وانفتاح ما قبلها. وهو قول يعض الكوفيين. أنا أعتذر من تأخير الاشتراك في هذا المجلس. وقد أصبت بفيروس الكرونا مرة ثانية، وكتبت وأنا مريض. |
⚪ افتتح القاضي ابو محمد عبد الحق بن غالب بن عطية الأندلسي رحمه الله تفسيره بخطبة جاء فيها :
🔹عرّف فيها بنفسه ، اسماً ونسباً ، فانتسب إلى قيس بن غيلان من أهل غرناطة ببلاد الأندلس - 🔹حمد الله أولاً ، تمجيدا له بالخلق لكل نفس ، و فواضل النعم ، التى أعلاها وأسناها توحيده ، واصفاً له بكمال العزة والقدرة والإنعام والإحسان - 🔹ومضى متحمداً لله على نعمة اصطفاء أمتنا لتكون خير الأمم بعد نعمة الخلق بعد العدم - 🔹أنزل القرآن نورا مبينا وصراطاً مستقيما ، أكمل فيه الشرائع ، أمرا ونهياً ، وتبشيرا وتوعداً ، فهو خالد محفوظ ، أ عجز البلغاء ، قامت به الحجة وانقطعت به الخصومة ، فهو عصمة من كل الفتن - 🔹ثنى رحمه الله بالصلاة والسلام على صفيه ونبيّه محمد صلى الله عليه وسلم ، صاحب الشفاعة العظمى والحوض ، ناعتاً أياه بتمام التبليغ لما أرسل به ، فهو أعظم رسول وأكبر مصلح - 🔹وثلّث بقوله : وبعد. - على السنة الجارية - فأخبر أنه نظر في العلوم ،فإذا السلف الكرام ، في كل علم لهم سبق وإحسان ، وأيقن أن العلم لا ينُال إلا بصبر ومزيد دأب ، فلا يدرك العلم براحة الجسد ، فعزم وتوكل واجتهد وأفرغ الوسع ،حتى تحصّل على حظ منه كبير ،خوّله أن يختار بين العلوم ، علما يجتهد فيه ،ويضرب في أصله وفرعه حتى يكون اجتهاده فيه مرجعا وموئلاً لأهل العلم وطلابه ، وزاداً يلقى به ربه ، فوجد ، رحمه الله تعالى ، أن كتاب الله حوى كل العلوم واستدرج في ثناياه فروض الدين ونفله - 🔹يصف رحمه الله كتابه في التفسير بأنه تحرى أن يكون على وجازته يجمع من علوم القرآن وفهمومه وفوائده وما فتح الله عليه من كريم تدبره ودقيق استنباطاته ، التى لا تجمع إلا بكتابة وتسطير ، مستدلا بقوله تعالى : - : { إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا } ذاكرا أن العلماء قالوا ان المراد بثقيل ، علم معانيه والعمل بها ، وإنه رحمه الله تتبع خطة السلف الصالح ، متجافياً لمنهج من ألحد فيه بالقول بأن له علم باطن وظاهر ، وأهل الرموز وأشباههم - 🔹حرص رحمه الله كما أخبر على تتبع الألفاظ القرآنية ، حتى لا يفوته منها شيء البتة ، مستظهراً ، ما يرد في الآية من احكام و علوم اللغة والمعاني والقراءات . 🔹وختم رحمه الله خطبته ، داعياً راجياً رباً عظيم القدرة أن يخلص منه النية في كتابته ويبارك فيه ويُعظم النفع به ولا ينسى قارئه أن يدل على صوابه ويشكره ، وأن يعذرخطأه وتقصيره فيه ، فقد أعذر نفسه في بذل الوسع وأستفرغ جهده ، حتى تصرّم عمراً من عمره في جمع علومه وتقصي مسائله . ⚪ باب ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة حوى مسائل عدة منها : - ▪ نبه عليه الصلاة والسلام على ظهور فتن تتتابع كما يتتابع الليل ظلمة بعد ظلمة أشد وأحلك ، فلما سئل عليه الصلاة والسلام عن النجاة منها ،أشار قائلاً : : ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم) وهذا أنس بن مالك الصحابي الكريم خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يفسر قوله تعالى : { فقد استمسك بالعروة الوثقى } أنها القرآن . ▪فضل القرآن وأما فضل القرآن وأجره وجزيل مواهبه ، فنصّ عليها رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ، فهاهو يقول : ( ( من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن )). وقوله : ( ( القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)). ▫ومن أقوال الصحابة في فضله : وقول عبد الله بن مسعود : إن كل مؤدب يحب أن يؤتى أدبه وأن أدب الله القرآن وقال عبد الله بن عمرو بن العاصي: من قرأ القرآن فقد أدرجت النبوة بين جنبيه إلا أنه لا يوحى إليه. ومقالة قوم من الأنصار لرسول الله صلى الله عليه وسلم : : ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة. وقال الصحابي عقبة بن عامر رضي الله عنه في حجة الوداع : ( عليكم بالقرآن ) ▫ومن أقوال التابعين ،ما نُقل عن جعفر الصادق ، انه سئل : لا يُمل القرآن على كثرة ترداده ، وتمل. النفوس الخطب والشعر متى أعيد وتكرر ؟ فاجاب بقول بديع دقيق : إن لكل أهل زمان من القرآن حجة وعطاء ، فكل القرأة لهم منه نصيب وحظ كما لو أنه تنزل عليهم غضاً حديثاً ، ولكل قاري له في ذاته مزيد معان وتفكر ، تظهر له مع مزيد التلاوة والقراءة ،فيحصل بهذا العبرة والعظة . وقال بعض العلماء في قوله تعالى : { قل بفضل الله وبرحمته } هو الإسلام والقرآن ▪ وجاء التحذير من قصور وخلل في التعاطي مع كتاب الله ، من هذا قوله عليه الصلاة والسلام : (( اقرؤوا القرآن قبل أن يجيء قوم يقيمونه كما يقام القدح ويضيعون معانيه يتعجلون أجره ولا يتأجلونه )). وقد كان الصحابة خير الناس صحبة للقرآن ، وأكمل الناس انتفاعا بمواعظه ، فعمر الفاروق يمرض ويُعاد لأنه تلى قوله تعالى : { إن عذاب ربك لواقع } ▫وكان ابن مسعود رضي الله عنه يقول مبيناً ومحذراً : أنزل عليهم القرآن ليعملوا به فاتخذوا درسه عملا إن أحدهم ليتلو القرآن من فاتحته إلى خاتمته ما يسقط منه حرفا وقد أسقط العمل به. ▫وقرأ رجل القرآن على بعض العلماء ، فلما ختمه أراد أن يعيد قراءته عليه ، فزجره قائلاً : اتخذت القراءة علي عملا ! اذهب فاقرأه على الله تعالى في ليلك وانظر ماذا يفهمك منه فاعمل به * ▫وقال القاضي ابن عطية رحمه الله في معنى قوله تعالى : { ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر } وقوله : إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا } هو العلم بمعانيه والعمل به والقيام بما أوجب من حقوق ، فرغب الناس في الميسر من تلاوته وحفظه ، و تَرَكُوا ثقيل العمل به بعد فهم مراده وهو المقصود بتنزيله . ⚪ باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه ▪ مسألة: اي علم القرآن أفضل قال ابن عطية رحمه الله تعالى : إعراب القرآن أصل في الشريعة لأنها قائمة على معاني القرآن ، واستدل له بأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها : ( أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب ) ولم يسند ابن عطية هذا الحديث ▪ المراد بالحكمة في قوله تعالى { ومن يؤتى الحكمة فقدأوتي خيرا كثيرا } قال ابو العاليه: الحكمة الفهم في القرآن قال قتادة : الحكمة القرآن والفهم فيه قال بعضهم : الحكمة تفسير القرآن وساق وصف على بن أبي طالب لجابر بن عبد الله بالعلم لانه كان يعرف تفسير قوله تعالى : {إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد } رضي الله عنهما ▪ المزيد في فضل علم التفسير حديث ( لا يفقه الرجل كل الفقه. حتى يرى للقرآن وجوها ) ولم يسنده كان ابن عباس رضي الله عنهما يستفتح مجلس علمه بالقران ثم بالتفسير ثم بالحديث قال مجاهد : أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل ، وقال الحسن : والله ما أنزل الله من آية إلا أحب ان يُعلم فيما أنزلت . ▪العلوم كلها في القرآن قال على بن أبي طالب رضي الله عنه : مأمن شيء إلا وعلمه في في القرآن ولكن رأي الرجل يعجز عنه ⚪ باب ماقيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين ▪ مسألة : القول في القرآن بغير علم قال ابن عطية رحمه الله تعالى ، لا يتقول أمرىءٌفي القرآن برأيه ، وهو لا يدري قول العلماء من المفسرين ، وما تقتضيه علوم اللغة والنحو والأصول ونحوها من علوم الآلة إذا تكلم اللغوي والفقيه بما عنده من العلم الأصيل في معاني كلام الله ، فلا يكون قائلاً برأيه المحض . وفصّل في هذا المبحث فقال شارحاً مبيناً : إن مما روي عن عائشة رضي الله عنها قولها : ماكان قولها هذا المراد به ماهو لاسبيل لمعرفته إلا بتوقيف من الله ، كمثل العلم بالمغيبات كعلم الساعة ونحوها وقد كان عددٌ من السلف الكرام يتورعون عن التفسير على جلالة علمهم منهم سعيد بن المسيب. وعامر الشعبي ، في حين كان عدداً كبيراً يفسر كلام الله تعالى ▪ مسألة : العلماء بالتفسير من الصحابة - مقدمهم ورأسهم في هذا العلم الشريف الجليل على بن أبي طالب - وياتي بعده في الرتبة ابن عباس رضي الله عنهم جميعا وقد صرّح أن علمه بالتفسير كان بالأخذ عن على رضي الله ، وفي المقابل كان على يشيد بعلمه ويوصي بالأخذ عنه تزكية له وثقة في فهمه وحسن استنباطه وقد تمحض ابن عباس لعلم التفسير واستقصاه وإرثه من هذا العلم يفوق إرث على رضى الله عنه ، فقد تحصل على شهادة عدد من الصحابة على منزلته في التفسير وطول باعه فيه ، وكيف لا يكون كذلك وقد دعا له نبي الله صلى الله عليه وسلم بدعوة غالية عظيمة (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل ) فهاهو الصحابي القرآني. عبد الله بن مسعود يمدحه قائلاً : نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس ، وما أجلّ وأعذب عبارة على وهو يصف علم تلميذه ابن عباس قائلاً : كأنما ينظرألى الغيب من ستر رقيق - عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يتلوه في الدرجة والصحابة من أمثال أبي بن كعب وزيد بن ثابت وَعَبَد الله بن عمرو بن العاص ، والمأخوذ عن الصحابة في التفسير حسن كله - ▪علماء التفسير من التابعين - مجاهد ، فقد قرأ القرآن على ابن عباس يقف معه عند كل آية متفهما متعلما والحسن البصري وسعيد بن جبير وعلقمة - تتلو هذه الطبقة في الرتبة عكرمة والضحاك -في حين كان الشعبي يقدح في السدي و وعلى أبي صالح يراهما على تقصير في بذل الوسع والنظر - جاءت بعد هؤلاء عدول أخيار لسلف أطهار ، مثل عبد الرزاق والبخاري وعلى بن أبي طلحة - وجاء شيخ المفسرين ابن جرير الطبري فأصاب وأجاد وجمع التفاسير وقربها للناس وأسندها ، فلله دره من عالم نحرير - ومن علماء اللغة ممن كتبوا في التفسير وبروزا ، الزّجّاج وأبو على الفاسي ، وأما النقاش والنحاس ، فكثر استداراك العلماء عليهما ، وعلى درجتهما مكي بن طالب والمهدوي ،وكل مجتهد مأجور ، رحم الله الجميع وأجزل ثوابهم . ⚪ باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (( إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه )) ▪مسألة : المراد بالأحرف السبع التى أنزل بها القرآن 🔸القول الأول أنها فيما يقال من الألفاظ على سبعة أوجه فما دونها ، مثل قولنا - تعال وأقبل وإليّ ، وكالحروف التى في كتاب الله على قراءات عديدة ، وضعّف ابن عطية هذا القول 🔸القول الثاني أنها معاني كتاب الله تعالى، أمراً ونهياً وتوعداً ووعيدا وقصص وأمثال ، ويرى ابن عطية تضعيف هذا القول أيضاً لأنها لاتسمى أحرفاً ثم إن اليسر والتوسعة لا تكون في الحلال والحرام و أورد هنا قول ابوبكر الطيب القاضي : أن وجوه الاختلاف في القراءة سبعة بحسب استقرائه وقسمها على هذا النحو : ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولاصورته مثل { هنّ أطهرُ } وأطهرَ مالا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب كمثل : { ننشرها } {ننشزها } ما تتغير صورته ويبقى معناه كمثل : { كالعهن المنفوش } و ( كالصوف المنفوش ) ومنها في التقديم والتأخير ، نحو : { وجاءت سكرة الموت بالحق } ( سكرة الحق بالموت ) ، او بالزيادة والنقصان ( تسعة وتسعون نعجة أنثى ) أورد ابن عطية عن القاضي أبوبكر بن طيب في المعنى المراد آحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ، منها حديث : (( إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه )). وحديث (( يا أبي إني أقرئت القرآن على حرف أو حرفين ثم زادني الملك حتى بلغ سبعة أحرف ليس منها إلا شاف وكاف إن قلت: غفور رحيم سميع عليم أو عليم حكيم وكذلك ما لم تختم عذابا برحمة أو رحمة بعذاب)). قال القاضي أبو محمد عبد الحق: وقد أسند ثابت بن قاسم نحو هذا وعقب القاضي ابن الطيب بعد إيرادها قائلاً : ان هذه غير الأحرف السبعة التى هي قراءات ، فأما الحديث الأول فالمراد بالحرف فيها الجهة. والطريقة ، والمراد بالحديث الثاني ، سبعة أوجه من أسماء الله تعالى . ▪تعقيب ابن عطية على كلام القاضي ابن الطيب فيه كلامه نظر من حيث إطلاقه البطلان على ما أورده من الاقوال ، فقد قرر في آخر كلامه المذهب الصحيح وهو : - أن الاختلاف في لغات العرب ليس اختلافا شديدا ، حتى لا يدري بعضهم ما عند الأخر - - ▪شرط صحة قوله أن يكون مرويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ▪القول في معنى الحديث كما يرى أبو عبيدة وكثير من أهل العلم : أنزل على سبع لغات لسبع قبائل ، حوى في ألفاظه من كل لغة قبيلة منها ▪اجتهاد ابن عطية في تعداد القبائل التى أنزل القرآن بلغتها أصلّ رحمه الله بلغة قريش فهي الأم ثم بنو سعد بن بكر حيث استرضع صلى الله عليه وسلم ، وكنانة وهذيل وثقيف وخزاعة وأسد وضربة ، ثم تميم وقيس ▪سبب نزول القرآن بلغات هذه القبائل انتهت إليها الفصاحة ولم يعتري لسانها الدخيل من القول فلا شوب فيها وأخذ رحمه الله يُبين كيف أ دخلت الخلطة بغير العرب على القبائل العربية ما أفسد عليهم قُحّ عربيتهم وفصيحها واستدل على قوله ، أن علماء اللغة في البصرة والكوفة لما تجردوا لحفظ اللسان العربي وصيانته ، لم يستحقوا إلا من لغات هذه القبائل الأصيلة ▪دلالة العربية الصريحة على فهم كلام الله في كتابه الكريم عن عمر رضي الله عنه وكان لا يفهم معنى قوله تعالى { أو يأخذهم على تخوف } حتى وقف به فتى فقال : إن أبي يتخوفني حقي ، فكبَّر عمر ، فكان المعنى للآية : أي على تنقص لهم عن ابن عباس رضي الله عنه : اختصم إليه إعرابيان في بئر فقال أحدهما للأخر : أنا فطردتها ، قال ابن عباس : ففهمتا حينها موقع. قوله تعالى :{ فاطر السموات والأرض } ▪المراد من طلبه صلى الله عليه وسلم القراءة بعدة أحرف ▪ جاء في الحديث في صحيح مسلم : : ((يا أبي إن ربي أرسل إلي أن أقرأ القرآن على حرف فرددت إليه أن هون على أمتي، فرد إلي الثانية: اقرأه على حرفين، فرددت إليه يهون على أمتي فرد إلي في الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتكها مسألة تسألنيها، فقلت: اللهم اغفر لأمتي، اللهم اغفر لأمتي، وأخرت الثالثة ليوم يرغب إلي الخلق كلهم حتى إبراهيم -صلى الله عليه وسلم-)). إذاو كما قال ابن عطية ،كانت الإباحة في القراءة بالحروف السبعة توسعة على أمته ▪عظم موقف وإشارة الصحابي الجليل حُذيفة بن اليمان فزع وأشفق على الأمة من الاختلاف على كتابها وما يجره من فتنة وفرقة وتكفير لبعضها البعض ، عندما شهد غزوة أرمينية ورأى تلاحيهم وتخاصمهم على قراءة بعضهم بعضاً حتى تلفظوا بالكفر حكماً. ▪ موافقة واهتمام الخليفة الراشد عثمان بن عفان لمشورة حُذيفة وقف بنفسه رضي الله عنه لهذا الأمر العظيم وبذل وسعه ومحّض رأيه لإنجاحه ،فأشار على الكتبة للمصحف : : "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش" ▪القراءات السبعة صار المصحف العثماني هو المصحف الإمام ، وتتبع القرّاء في الأقطار ماوافق خطه ورسمه من الحروف فقرؤوا بها ،فكانت القراءات السبعة المشهورة التى تلقتها الأمة بالقبول وصلى بها المسلمون في أصقاع الأرض في حين لا يصلى بالشاذ من القراءات ، وذكر ابن عطية رحمه الله قراءة لبعضهم ، حذّر منها وبين ان ذكره لها من أمانة تبليغ العلم وحتى لا يغتر به . 🔶 باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره وفيه مسائل : 🔸 جمع الصدّيق أبو بكر للقرآن مخافة أن يموت أشياخ القرّاء وكبارهم لما استحر القتل في يوم اليمامة وكان للقراء نصيب كبير فيه ، نذب خليفة المسلمين زيد بن ثابت لجمعه بعد أن أشار الفاروق عمر بذلك ، فقام بالمهمة خير قيام 🔸 سقطت الآية من آخر براءة عند الجمع فوجدت عند خزيمة بن ثابت الذي كانت شهادته بشهادة رجلين 🔸ضلت الصحف المجموعة التى كانت حوت القرآن كله على أنها على غير ترتيب ، عند الخليفة أبي بكر رضي الله عنه ثم عند أمير المؤمنين عمر الفاروق ثم استقرت عند أم المؤمنين حفصة رضي الله عنها 🔸نزل القرآن على سبعة أحرف ، فعليه وجدت صحف مختلفة ، تناقلها الناس. وقرأوا بها ، مثل مصحف ابن مسعود وأبي بن كعب وما كتب عن الصحابة بالشام 🔸قدم الصحابي حذيفة بن اليمان صاحب سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. من غزوة أرمينية وقد أفزعه اختلاف الناس في القراءة وخشي من حصول الفتنة بذلك ، وأشار على أمير المؤمنين عثمان بن عفان بجمع المصحف ، فانتخب الخليفة زيد بن ثابت. وجعل معه من رجال قريش اعوان هم. سعيد بن العاص وَعَبَد الرحمن بن الحارث وَعَبَد الله بن الزبير 🔸 بدأ العمل في هذا الجمع وكانت الصحف التى بحوزة أم المؤمنين حفصة هي الإمام والمرجع ، وأحرق وأتلف ما سواها من المصاحف امتثالا لأمر خليفة المسلمين عثمان 🔸ترتيب السور المعهود في المصحف هو مما كان من عمل زيد بن ثابت ومن معه مع التشاور والمشاركة المباشرة لأمير المؤمنين عثمان 🔸 السبع الطوال والحواميم والمفصل ، بهذا الترتيب في المصحف منذ زمن النبوة ، هذا يبدوا من ظاهر الآثار 🔸شكل المصحف ونقطه وتحزيبه كان في زمن عبد الملك بن مروان ، نذب الله عامله على العراق الحجاج ، فنهض له وجدّ وكلف بذلك الحسن ويحيى بن يعمر ، وقد اشتهر أن أباً الأسود الدؤلي أول من نقط المصحف 🔸 أعقب هذا العمل المتميز في المصحف تأليف كتاب في القراءات 🔶 باب في ذكر الألفاظ التى في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق وفي هذه المسالة أقوال : 🔸القول الاول ابن جرير الطبري وغيره من العلماء ، يرى أن كل مافي كتاب الله تعالى لفظه عربي ، وأنا وجود ألفاظ يتكلم بها غير العرب مثل الفرس والحبشة ، فإنما حصل هذا لتوافق اللغات ، ليس إلا، نحو قوله تعالى { إن ناشئة الليل } قال ابن عباس : نشأ بلغة الحبشة قام من الليل . 🔸القول الثاني أن كتاب الله تعالى حوى من كل اللغات ، هذا قول أبو عبيدة من أهل اللغة وغيره 🔸القول الثالث وسط بين القولين السابقين وهو قول ابن عطية رحمه الله ومن يرى رأيه ، يعود هذا القول لعقيدة وأصل أن القرآن نزل بلسان عربي مبين ، ولكن العرب قديما خالطت أجناساً من الناس فأخذت من لسانهم بعض ألفاظهم ، كما حدث في رحلات قريش للتجارة و سفر عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد للحبشة وأسفار الأعشى لنصارى الحيرة علقت ألفاظ ، من هذه اللغات في اللسان العربي الفصيح ، على أن الكثير منها نابه نقص في حروف الكلمة ، أو تخفيف لثقل العجمة في لفظها ، حتى صارت من صميم العربية وهنا ، ضعّف ابن عطية قول الطبري واستبعده . 🔶 نبذة مما قال العلماء في أعجاز القرآن المسألة : فيما وقع التحدي بالقرأن ؟ على قولين اثنين : ▪ان التحدي وقع لأن العرب لا طاقة لها بهذا الكلام القديم ، الذي هو من صفات الذات تفسير ابن عطية رحمه الله على تقدمه ونفائس فوائده وما حواه من مسائل واحتفاء العلماء به. وثناءهم عليه قديما وحديثا ، ألا أنه في مسائل العقيدة ينتبه إلى قوله ، فهو يتأول في الصفات على معتقد الأشاعرة ، غفر الله لنا وله ، فالقول بأن القرآن كلام قديم ، قول محدث لم يعرفه السلف ، بل يقال عن القرآن : هو كلام الله تعالى تكلم به بحرف وصوت ، ، وهو من الله ، منه بدأ وإليه يعود ▪ أن العجز والتحدي وقع بما حوى كتاب الله تعالى من الغيوب المستورة ومافيه من صادق الاخبار والأنباء ثم يقرر أن العجز وقع حاصل ببديع نظمه وتتابع فصاحة لفظه مع صحة المعاني ، وذلك لأن الله عزوجل -سبحانه - قد أحاط بكل شيء علما وعلمه محيط بالكلام كله في حين أن الآدامي بين جهله ونسيانه وبين قلة حيلته وانعدام إحاطته ، وأنى لمخلوق ضعيف مفتقر إلى كمالات الإله القادر العليم ، أن يأتي بمثله أو بعض مثله ؟ ▪ بطلان القول بالصّرفة وهذا يبطل قول من يقول أن إعجاز القرآن كان بالصّرفة ، وأن العرب بعد مجيء محمد صلى الله عليه وسلم صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه ، والتقرير أنه ما كان لمخلوق ان يأتي بمثل القرآن ، فأنت ترى الشاعر المتمكن الفصيح ينظم قصيدة ولا يزال ينقحها ربما حولاً من الزمن ، وتعرض على مثله من الشعراء البلغاء ، فيجد النقص فيها في مواضع ويعيد ويزيد ، *أما كتاب الله لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد * ▪لماذا تفوتنا بعض مواطن الإبهار والإعجاز اللغوي وجمال النظم وقوته ؟ قال ابن عطية رحمه الله : على أننا لا نفطن لبعض مواطن البراعة والإبهار فيه لنزول درجتنا في العربية عن القوم الذين نزل عليهم القرآن ، ألا ترى الوليد بن المغيرة وهو ، هو في شدة عداوته للدين الجديد ، يقر ويدعن قائلاً : والله ماهو بالشعر ولا هو بالكهانة ولا بالجنون ، لذا من كان منهم الفصحاء الصادقين المنصفين ، آمن وأسلم ، ومن كان منهم شقي عنيد أبي واستكبر ، وأسفر عن العداوة كما فعل أبو جهل ، ▪الحجة قائمة على العالم كله بعجز العرب عن الإتيان بمثل القرآن فصار ت الحجة قائمة بالعرب على أهل الأرض لأنهم أصل العربية وأربابها كما قامت الحجة على أقوام الأنبياء عليهم السلام قديما، كلٌ وما تفوق فيه قومه، حكماً عدلا وقولا فصلا . 🔶 باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى ▪ في هذا الباب اعتذر ابن عطية ، عن بعض العبارات التى قد ترد في تفسيره ، (نادراً كما نصّ) وعن غيره من المفسرين ، نحو : حكى الله عن فلان ، أو خاطب الله بهذه الآية ، ونحوها من إسناد الفعل لله تعالى ولم يأتِ إسنادها بتوقيف شرعي وبين رحمه الله ، أن هذا يحدث على اللسان لقصد الاختصار والإيجاز ، وأن المقصود منها نسبتها لسياق الآيات وليس لله جلا وعلا وذكر أن هذا موجود في كلام العرب شائع وَمِمَّا درج عليه الناس واستدل لهذا بإدلة من كلام العرب وأشعارهم ▪قول بعض الأصوليين أن هذا لا يجوز أورد ابن عطية هذا الحكم بالمنع. وعدم الجواز ، وعقب عليه بقوله : هذا في حال تقرير هذه الصفة وإثباتها كسائر الصفات 🔶 باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية 🔸 معنى القرآن قولنا ( القرآن ) مصدر من قولنا : قرأ الرجل يقرأ قرآناً وقيل وقرءا فسر التابعي قتادة قوله تعالى { إن علينا جمعه وقرآنه } اي تأليفه ، فالقرآن عنده معناه التأليف 🔸معنى الكتاب مصدر من كتب إذا جمع ولذا قيل كتبية لتجمعها وانضمامها فيما بينها منه قول الشاعر : واكتبها بأستار - أي اجمعها 🔸معنى الذكر لأنه مشتمل على الذكر والتذكير بالإله المعبود والآخرة والمعاد ، وقيل لأنه يذكر الأمم الماضية ويحدث بأخبارهم ، وقيل لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء العاملين به . 🔹 الفرق بين السورة بلا همز وبالهمز فأما سورة بلا همز ، فهو تشبيه بسورة البناء وهي القطعة منه ، وهي لغة قريش كلها وهذيل و غيرها من قبائل العرب المجاورة لها وأما سؤرة بالهمز وهي البقية من الشيء ، مثل سؤر الشراب أي بقيته 🔹 معنى الآية هي العلامة في كلام العرب 🔹 لما كانت التسمية بالآية قيل سميت آية : لما جاءت الجملة القرآنية تامة المعنى مبهرة ، أعيت وأعجزت فصارت آية وعلامة على صدق الآتي بها ، وقيل لأنها جاءت بجملة من الكلام قد اجتمع بعضه لبعض ، كما تقول العرب في كلامها : جئتنا بآيتنا يعني ، بجماعتنا - وقول ثالث في سبب التسمية ، لأنها علامة فاصلة تفصل بين ماقبلها وما بعدها . |
تصحيح مجلس مذاكرة مقدمة تفسير ابن عطية ملحوظة عامة: - مما ينبغي أن يُعلم أن التلخيص لا يساوي مجرد اختصار الألفاظ، وإنما نتبع فيه نفس المهارات التي اتبعناها من قبل في تلخيص دروس التفسير، وأرجو أن يفيدكم هذا الرابط: http://www.afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=31438 - للتوضيح: * حديث عائشة في تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يقتصر على بعض الأمور الغيبية، لا يصح. رولا بدوي: أ+ أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ. أثني على استيعابك للمسائل وحسن تلخيصكِ، وأرجو أن تنتفعي بهذه الملحوظات، وهي غير متعلقة في عمومها بمنهجية التلخيص بقدر ما هي توضيح لبعض المسائل. 1. الملحوظات العامة: تمييز رؤوس المسائل بلون مميز، ييسر القراءة والمراجعة. 2. الباب الأول: أحسنت استخلاص المسائل الدالة عليها الأحاديث والآثار ويمكنكِ إعادة ترتيبها فتجعلين ما يتعلق بالتلاوة؛ فضلها وآدابها متتالية، وهكذا ... الفضائل المتشابهة في موضوعها تكون متتالية. 3. إعراب القرآن الوارد في الآثار ليس المقصود اقتصاره على الإعراب بتعريفه الاصطلاحي الحالي، بل هو أعم من ذلك فيشمل ترتيل القرآن بطريقة صحيحة، وبيان ما فيه من تفسيره وأوجه بلاغته. 4. للتوضيح: حديث عائشة في تفسير النبي صلى الله عليه وسلم وأنه يقتصر على بعض الأمور الغيبية، لا يصح. 5. الباب الرابع في معنى الأحرف السبعة: - " السبعة أحرف هي في الأمر الواحد، لا يختلف في حلال و لا حرام، نقله ابن شهاب في كتاب مسلم دون إسناد، عقب عليه ابن عطية: أنه قول محتمل" قول ابن شهاب: السبعة أحرف هي في الأمر الواحد، هذا ليس قولا مستقلا في معنى الأحرف السبعة وإنما فيه بيان أن اختلاف الأحرف السبعة لا يفضي إلى اختلاف في حلال وحرام، فلا يؤدي إلى اختلاف تضاد. وقال ابن عطية :" هذا كلام محتمل" وليس " هذا قول محتمل" وأما القول الذي ذكره قبل هذا الكلام فقد فاتكِ بيانه وهو القول بأن معنى الأحرف السبعة المعاني المتقاربة. - قول ابن عطية: " فأما ابن مسعود فأبى أن يزال مصحفه ". اهـ، لا يعني أن مصحف ابن مسعود موجود حاليًا !، وقد درستِ في دورة جمع القرآن مصاحف الصحابة فأرجو مراجعتها 6. الباب الخامس: - مسألة أن مصحف أبي بكر كان غير مرتب السور، هكذا قال ابن عطية، لكن أرجو مراجعة تحريرها في دورة جمع القرآن ويمكنكِ إضافة تعليق على تلخيصكِ بين قوسين معكوفين [ ..] بحيث تحتفظين بهذا التلخيص في أصلك العلمي للمراجعة الشخصية بعد ذلك بإذن الله. * تصحيح لخطأ متكرر في اسم " القاضي أبي بكر بن الطيب " وهو أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني رحمه الله. هنادي الفحماوي: ج بارك الله فيكِ، ونفع بكِ. - لعله سهو منكِ، لأنكِ كتبت العنوان: "تلخيص مقدمة تفسير ابن كثير"، والتلخيص لمقدمة تفسير ابن عطية. - التلخيص لا يساوي اختصار مخل بعدم استيعاب المسائل. والمطلوب هنا استيعاب المسائل وتحرير ما ورد تحت كل مسألة، ويتسامح في المسائل الاستطرادية عمومًا، لكنها قليلة في مقدمة تفسير ابن عطية. - راجعي التعليقات على الأخت رولا المتعلقة بباب معنى الأحرف السبعة، مع أهمية مراجعة تحريرها للمسألة. إيمان جلال: أ+ أحسنتِ، بارك الله فيكِ ونفع بكِ. أثني على استيعابك للمسائل وحسن تنظيمك للتلخيص، واجتهادكِ فيه. الباب الأول: اجتهادكِ طيب في استخلاص المسائل من الآثار، وبيان فضائل القرآن. ولغرض التلخيص والتنظيم يمكنكِ تصنيف هذه الفضائل تحت عناصر عامة مثل: " فضل تلاوة القرآن، فضل تعلّم القرآن وتعليمه، فضل القرآن يوم القيامة " ... وهكذا. ومن المهم هنا التأكيد على أنه لا يشترط صورة واحدة للتلخيص تكون لازمة لجميع الطلاب، لكن المطلوب هو مراعاة المعايير العامة للتلخيص من استيعاب المسائل وحسن التحرير والصياغة والإنشاء والعرض. - ومن المآخذ على تلخيصكِ، الإطالة في شرح بعض المسائل- وهي مواضع محدودة - ، فلا الاختصار المخل بإغفال المسائل مطلوب، ولا الإطالة بالشرح مطلوبة. - قولك في ترتيب سور القرآن: " أنه اجتهادي، على أنه من تلقاء زيد ومن كان معه، بالإضافة لعثمان رضي الله عن الجميع، ولكن هناك سورا جاءت فيها الأدلة على أن ترتيبها توقيفي من قبل النبي صلى الله عليه وسلم." كلام ابن عطية استدراك على كلام أبي بكر ابن الطيب، وقد جمعتِ بينهما في عبارة واحدة. فروخ الاكبروف: ب أحسنت، بارك الله فيك، ولا بأس، طهور إن شاء الله، شفاكم الله وعافاكم. أحسنت استخلاص المسائل، وتحريرك يدل على حسن فهمك لمسائل المقدمة، لكن مما ينبغي أن يُعلم أننا نضع تحرير كل مسألة تحته لا بأس أن تفصل مسائل كل فصل في قائمة قبل التلخيص، لكن عند التلخيص نضع عنوان المسألة وتحته التحرير. - فاتك بعض المسائل. = الفصل الأول: راجع تلخيص الأخت رولا والأخت إيمان جلال والتعليقات عليهم. - تحرير المراد بالأحرف السبعة: راجع التعليق على الأخت رولا بخصوص قول ابن شهاب. سعاد مختار: ب أحسنتِ، بارك الله فيكِ. - أحسنتِ التعليق على كلام ابن عطية في صفة الكلام. - صياغتكِ للعبارات تدل على حسن فهمك لكن المأخذ العام على التلخيص هو التقصير في تسمية رؤوس للمسائل واضحة ثم يوضع تحتها التحرير العلمي. - ينبغي التفطن إلى سبب إيراد بعض المسائل أثناء تحرير أو مناقشة الأقوال فذكر ابن عطية للجمع العثماني أثناء تحريره للمراد بالأحرف السبعة له سبب غير بيان هذا الجمع بذاته، خصوصًا وأنه خصص بابًا لبيان جمع القرآن وإيراده لهذه المسألة لتأكيد ترجيحه للقول بأن المراد بالأحرف السبعة سبع لغات من لغات العرب، وبيان سبب الخلاف بعد ذلك مع انتشار الإسلام ودخول غير العرب فيه، ثم بيان أثر هذا الجمع في نشأة القراءات المعروفة الآن. - "🔹 لما كانت التسمية بالآية " = لمَ، بدون ألف. |
تلخيص مقدمة الشيخ القاضي أبو محمد عبد الحق أبي بكر غالب بن عبد الرحمن بن عطية المحاربي رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله.. ابتدأ ابن عطيه بذكر سبب التأليف والكتابة في التفسير بقوله:(فلما أردت أن أختار لنفسي وأنظر في علم أعد أنواره لظلم رمسي سبرتها بالتنويع والتقسيم وعلمت أن شرف العلم على قدر شرف المعلوم فوجدت أمتنها حبالا وأرسخها جبالا وأجملها آثارا وأسطعها أنوارا علم كتاب الله جلت قدرته). فابن عطيه اراد لهذا التفسير ان يكون ذخرا له بين يدي ربه عملا صالحا يرجو نفعه وحسن عاقتبه عليه في الدنيا والآخرة. ثم شرع في ذكر الأبواب المتعلقة بهذا العلم وهي: 1-ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به . 2-فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه. 3-ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين. 4-معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)). 5- ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره. 6-ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق. 7-نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن. 8-في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى. 9-تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية. وهذا أوان الشروع في تلخيص هذه الأبواب: 1-ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة وعن نبهاء العلماء في فضل القرآن المجيد وصورة الاعتصام به . ذكر ابن عطيه طائفة من الاحاديث والاثار نورد طرفا منها على سبيل الاختصار لا الاستيعاب: 1-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنه ستكون فتن كقطع الليل المظلم)) قيل: فما النجاة منها يا رسول الله؟ قال: ((كتاب الله تعالى فيه نبأ من قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم وهو فصل ليس بالهزل من تركه تجبرا قصمه الله ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين ونوره المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تتشعب معه الآراء ولا يشبع منه العلماء ولا يمله الأتقياء من علم علمه سبق ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل ومن اعتصم به فقد هدي إلى صراط مستقيم)). 2-قال أنس بن مالك في تفسير قول تعالى: {فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256، لقمان: 22]. قال: هي القرآن. 3-وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أراد علم الأولين والآخرين فليثور القرآن)). 4-وقال صلى الله عليه وسلم: ((اتلوا هذا القرآن فإن الله يأجركم بالحرف منه عشر حسنات أما إني لا أقول الم حرف ولكن الألف حرف واللام حرف والميم حرف)). 5-وروى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((القرآن شافع مشفع وماحل مصدق من شفع له القرآن نجا ومن محل به القرآن يوم القيامة كبه الله لوجهه في النار وأحق من شفع له القرآن أهله وحملته وأولى من محل به من عدل عنه وضيعه)). 6-وقال قوم من الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم: ألم تر يا رسول الله ثابت بن قيس لم تزل داره البارحة يزهر فيها وحولها أمثال المصابيح فقال لهم: ((فلعله قرأ سورة البقرة)) فسئل ثابت بن قيس فقال: نعم قرأت سورة البقرة،وفي هذا المعنى حديث صحيح عن أسيد بن حضير في تنزل الملائكة في الظلة لصوته بقراءة سورة البقرة. 7-وذكر أبو عمرو الداني عن علي الأثرم قال: كنت أتكلم في الكسائي وأقع فيه فرأيته في النوم وعليه ثياب بيض ووجهه كالقمر فقلت يا أبا الحسن ما فعل الله بك فقال غفر لي بالقرآن. 8-وحدث أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((من قرأ مائة آية كتب من القانتين ومن قرأ مائتي آية لم يكتب من الغافلين ومن قرأ ثلاثمائة آية لم يحاجه القرآن)). 2-باب في فضل تفسير القرآن والكلام على لغته والنظر في إعرابه ودقائق معانيه. ذكر ابن عطيه ان إعراب القرآن أصل في الشريعة؛ لأن بذلك تقوم معانيه التي هي الشرع،واستهل هذا الباب بما روى ابن عباس أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي علم القرآن أفضل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عربيته فالتمسوها في الشعر))، وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: ((أعربوا القرآن والتمسوا غرائبه فإن الله يحب أن يعرب)). ثم ذكر اقوال الصحابة والتابعين في ذلك ومنها :قال ابن عباس: الذي يقرأ ولا يفسر كالأعرابي الذي يهذ الشعر. وقال الحسن: أهلكتهم العجمة يقرأ أحدهم الآية فيعيى بوجوهها حتى يفتري على الله فيها. وقال مجاهد: أحب الخلق إلى الله أعلمهم بما أنزل. 3-باب ما قيل في الكلام في تفسير القرآن والجرأة عليه ومراتب المفسرين ذكر رحمه الله ماروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر من كتاب الله إلا آيا بعدد علمه إياهن جبريل. وفسره انه في مغيبات القرآن وتفسير مجمله ونحو هذا مما لا سبيل إليه إلا بتوقيف من الله تعالى ومن جملة مغيباته ما لم يعلم الله به كوقت قيام الساعة ونحوه ثم فسر ماروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من تكلم في القرآن برأيه فأصاب فقد أخطأ)). فقال: أن يسأل الرجل عن معنى في كتاب الله فيتسور عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء أو اقتضته قوانين العلوم كالنحو والأصول . ثم ذكر المفسرين من الصحابة ومراتبهم : علي بن أبي طالب رضي الله عنه ويتلوه عبد الله بن العباس رضي الله عنهما ،وهو تجرد للأمر وكمله وتتبعه وتبعه العلماء عليه: كمجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما والمحفوظ عنه في ذلك أكثر من المحفوظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه. - وقال ابن عباس ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب. - وكان علي بن أبي طالب يثني على تفسير ابن عباس ويحث على الأخذ عنه. - وكان عبد الله بن مسعود يقول: نعم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس وهو الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((اللهم فقهه في الدين)) وحسبك بهذه الدعوة. - وقال عنه علي بن أبي طالب: ابن عباس كأنما ينظر إلى الغيب من ستر رقيق ويتلوه عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو بن العاص وكل ما أخذ عن الصحابة فحسن متقدم ومن المبرزين في التابعين الحسن بن أبي الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وعلقمة. ثم ذكر شيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري رحمه الله وفضله في جمع أشتات التفسير وقرب البعيد . ومن بعده أبو إسحاق الزجاج وأبو علي الفارسي وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس و مكي بن أبي طالب وأبو العباس المهدوي رحمهم الله. باب معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ما تيسر منه)) هذه المسألة ذكرها ابن عطية وذكر اختلاف الناس فيها، واستعرض بعض الأقوال وذكر رأيه فيها منها قول ابن شهاب في كتاب مسلم: بلغني أن تلك السبعة الأحرف إنما هي في الأمر الذي يكون واحدا لا يختلف في حلال ولا حرام، فقال::وهذا كلام محتمل. وضعف رحمه الله قول فريق من العلماء إن المراد بالسبعة الأحرف معاني كتاب الله تعالى وهي أمر ونهي ووعد ووعيد وقصص ومجادلة وأمثال، واستدل ان الاجماع على أن التوسعة لم تقع في تحريم حلال ولا في تحليل حرام ولا في تغيير شيء من المعاني المذكورة. ثم ذكر عن ابو الطيب وجوه الاختلاف في القراءة بانها سبعة : منها ما تتغير حركته ولا يزول معناه ولا صورته مثل: {هن أطهرُ} وأطهرَ. ومنها ما لا تتغير صورته ويتغير معناه بالإعراب مثل: {ربنا باعِد} وباعَد. ومنها ما تبقى صورته ويتغير معناه باختلاف الحروف مثل: (ننشرها) و{ننشزها}. ومنها ما تتغير صورته ويبقى معناه كقوله: {كالعهن المنفوش} [القارعة: 5] و(كالصوف المنفوش) ومنها ما تتغير صورته ومعناه مثل: {وطلح منضود} [الواقعة: 29] و(طلع منضود) ومنها بالتقديم والتأخير كقوله: {وجاءت سكرة الموت بالحق} [ق: 19] و(سكرة الحق بالموت). ومنها بالزيادة والنقصان كقوله: (تسع وتسعون نعجة أنثى). ثم اورد حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن هذا القرآن من سبعة أبواب على سبعة أحرف نهي وأمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وائتمروا وانتهوا واعتبروا بمحكمه وآمنوا بمتشابهه)). وذكر ابن عطيه ان هذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للأحرف السبعة ولكنها ليست هذه التي أجاز لهم القراءة بها على اختلافها، وإنما الحرف في هذه بمعنى الجهة والطريقة ومنه قول تعالى: {ومن الناس من يعبد الله على حرف} [الحج: 11] أي على وجه وطريقة هي ريب وشك فكذلك معنى هذا الحديث على سبع طرائق من تحليل وتحريم وغير ذلك. الرد على ان المراد سبع لغات مختلفات من القاضي ابو الطيب : واستدل اصحاب هذا القول أن لغة عمر بن الخطاب وأبي بن كعب وهشام بن حكيم وابن مسعود واحدة وقراءتهم مختلفة، فأما الأحرف السبعة التي صوب رسول الله صلى الله عليه وسلم القراءة بجميعها فلها سبعة أوجه وسبع قراءات مختلفات وطرائق يقرأ بها على اختلافها، وهذا كله محكي عن ابو الطيب،واجاب ابن عطيه :ان ماذهب اليه ابو الطيب فيه نظر لأن المذهب الصحيح الذي قرره آخرا إنما صح وترتب من جهة اختلاف لغات العرب الذين نزل القرآن بلسانهم وهو اختلاف ليس بشديد التباين حتى يجهل بعضهم ما عند بعض في الأكثر. قدم حذيفة المدينة فيما ذكر البخاري وغيره دخل إلى عثمان بن عفان قبل أن يدخل بيته فقال: أدرك هذه الأمة قبل أن تهلك قال: فيماذا؟ قال: في كتاب الله إني حضرت هذه الغزوة وجمعت ناسا من العراق ومن الشام ومن الحجاز فوصف له ما تقدم وقال: إني أخشى عليهم أن يختلفوا في كتابهم كما اختلفت اليهود والنصارى قال عثمان رضي الله عنه: أفعل فتجرد للأمر واستناب الكفاة العلماء الفصحاء في أن يكتبوا القرآن ويجعلوا ما اختلفت القراءة فيه على أشهر الروايات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفصح اللغات وقال لهم: "إذا اختلفتم في شيء فاكتبوه بلغة قريش". وعليه إذا اختلفتم فيما روي وإلا فمحال أن يحيلهم على اختلاف من قبلهم، لأنه وضع قرآن فكتبوا في القرآن من كل اللغات السبع مرة من هذه ومرة من هذه وذلك مقيد بأن الجميع مما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقرئ عليه واستمر الناس على هذا المصحف المتخير وترك ما خرج عنه مما كان كتب سدا للذريعة وتغليبا لمصلحة الألفة وهي المصاحف التي أمر عثمان بن عفان رضي الله عنه أن تحرق أو تخرق. باب ذكر جمع القرآن وشكله ونقطه وتحزيبه وتعشيره شرع رحمه الله في ذكر سبب جمع القرآن انه لما استحر القتل بالقراء يوم اليمامة أشار عمر بن الخطاب على أبي بكر الصديق رضي الله عنهما بجمع القرآن مخافة أن يموت أشياخ القراءة كأبي وزيد وابن مسعود ، فكان الجمع ومما روي أن في هذا الجمع سقطت الآية من آخر براءة حتى وجدها عند خزيمة بن ثابت . وحكى الطبري أنه إنما سقطت له في الجمع الأخير، وصحح ابن عطيه الأو، واستدل له بما حكى البخاري إلا أنه قال فيه مع أبي خزيمة الأنصاري وقال إن في الجمع الثاني فقد زيد آية من سورة الأحزاب: {من المؤمنين رجال} [الأحزاب: 33] فوجدها مع خزيمة بن ثابت . وما الجمع الثاني لما قدم حذيفة من غزوة أرمينية انتدب عثمان لجمع المصحف وأمر زيد بن ثابت بجمعه ،ومعه ثلاثة من قريش سعيد بن العاصي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام وعبد الله بن الزبير وهو المروي في البخاري وغيره. ثم انتقل الى مسألة ترتيب السور: ذكر عن أبو بكر بن الطيب أن ترتيب السور اليوم هو من تلقاء زيد ومن كان معه مع مشاركة من عثمان رضي الله عنه وذكر عن مكي رحمه الله: أن ترتيب الآيات في السور ووضع البسملة في الأوائل هو من النبي صلى الله عليه وسلم. ومن ثم الى نقط المصحف: وذكر عن الزبيدي انه اسند في كتاب الطبقات إلى المبرد أن أول من نقط المصحف أبو الأسود الدؤلي، وذكر أيضا أن ابن سيرين كان له مصحف نقطه له يحيى بن يعمر. وذكر أبو الفرج أن زياد بن أبي سفيان أمر أبا الأسود بنقط المصاحف. باب في ذكر الألفاظ التي في كتاب الله وللغات العجم بها تعلق اختار ابن عطيه في هذه المسألة أن القران نزل بلسان عربي ليس فيه لفظة تخرج عن كلام العرب فلا تفهمها إلا من لسان آخر، وان الالفاظ التي جهلها عربي ما فكجهله الصريح بما في لغة غيره كما لم يعرف ابن عباس معنى فاطر إلى غير ذلك فحقيقة العبارة عن هذه الألفاظ أنها في الأصل أعجمية لكن استعملتها العرب وعربتها فهي عربية بهذا الوجه. وذكر رحمه الله رأي ابو عبيدة وغيره: إن في كتاب الله تعالى من كل لغة، ومذهب الطبري وغيره إلى أن القرآن ليس فيه لفظة إلا وهي عربية صريحة واستبعد ابن عطيه ما ذهب إليه الطبري من أن اللغتين اتفقتا في لفظة ،وذهب الى ان إحداهما أصل والأخرى فرع في الأكثر، وجوز ان يقع الاتفاق ولكنه قليل وشاذ. وذكر رحمه الله مثالا لمذهب الطبري بقوله تعالى: {إن ناشئة الليل} [المزمل: 6]. قال ابن عباس: نشأ بلغة الحبشة قام من الليل ومنه قول تعالى: {يؤتكم كفلين من رحمته} [الحديد: 28]. قال أبو موسى الأشعري: كفلان ضعفان من الأجر بلسان الحبشة. وكذلك قال ابن عباس في القسورة: إنها الأسد بلغة الحبشة إلى غير هذا من الأمثلة. والله اعلم نبذة مما قال العلماء في إعجاز القرآن ذكر رحمه الله الخلاف في المسألة على قولين: 1- إن التحدي وقع بالكلام القديم الذي هو صفة الذات وإن العرب كلفت في ذلك ما لا يطاق وفيه وقع عجزها 2- إن التحدي وقع بما في كتاب الله تعالى من الأنباء الصادقة والغيوب المسرودة. وهذان القولان إنما يرى العجز فيهمامن آمن بالشريعة والنبوة. ثم ذكر القول الذي عليه الجمهور أن التحدي إنما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه، وصححه. ومن ثم بين وجه إعجازه : وهو أن الله تعالى قد أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى وتبين المعنى بعد المعنى ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره،فبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة. ثم ذكر العبارة المشهورة عنه أن: " كتاب الله لو نزعت منه لفظة ثم أدير لسان العرب في أن يوجد أحسن منها لم يوجد". وقد قامت الحجة على العرب إذ كانوا أرباب الفصاحة ومظنة المعارضة كما قامت الحجة في معجزة عيسى بالأطباء وفي معجزة موسى بالسحرة فإن الله تعالى جعل معجزات الأنبياء على مايبرع به اقوامهم في زمن النبي الذي أراد إظهاره فكأن السحر في مدة موسى قد انتهى إلى غايته، وكذلك الطب في زمن عيسى، والفصاحة في مدة محمد عليهم الصلاة والسلام. باب في الألفاظ التي يقتضي الإيجاز استعمالها في تفسير كتاب الله تعالى يذكر ابن عطيه مسألة إسناد أفعال إلى الله تعالى لم يأت إسنادها بتوقيف من الشرع، وذكر امثلة نحو: -خاطب الله بهذه الآية المؤمنين -وشرف الله بالذكر الرجل المؤمن من آل فرعون -وحكى الله تعالى عن أم موسى أنها قالت: {قصيه} - ووقف الله ذرية آدم على ربوبيته بقوله: {ألست بربكم} [الأعراف: 172] وذكر أن القصد إلى إيجاز العبارة قد يسوق المتكلم في التفسير إلى أن يقول مثل هذه العبارات، ونقل رحمه الله عن بعض الأصوليين أنه لا يجوز أن يقال حكى الله ولا ما جرى مجراه، لكن هذه الطريقة استعملها المفسرون والمحدثون والفقهاء واستعملها أبو المعالي في الإرشاد. ثم ذكر رحمه الله انه إذا استعمل ذلك في سياق الكلام والمراد منه حكت الآية أو اللفظ فذلك استعمال عربي شائع، وانه يتحفظ منه في تفسيره ، وانه اتى بهذه المسألة هنا اعتذرا مسبقا منه لما قد يقع فيه ،واعتذارا عما وقع فيه المفسرون من ذلك. ثم ذكر استعمال العرب أشياء في ذكر الله تعالى تنحمل على مجاز كلامها فمن ذلك: - قول أبي عامر يرتجز بالنبي صلى الله عليه وسلم (فاغفر فداء لك ما اقتفينا). -وقول أم سلمة فعزم الله لي في الحديث في موت أبي سلمة وإبدال الله لها منه رسول الله، وغيرها . باب في تفسير أسماء القرآن وذكر السورة والآية أسماء القران: هو القرآن وهو الكتاب وهو الفرقان وهو الذكر مصدريه الاسم: من قولك: قرأ الرجل إذا تلا يقرأ قرآنا وقراءة وحكى أبو زيد الأنصاري وقرءا وقال قتادة: القرآن معناه التأليف قرأ الرجل إذا جمع وألف قولا وبهذا فسر قتادة قول الله تعالى: {إن علينا جمعه وقرآنه} [القيامة: 17] أي تأليفه. وهذا نحو قول الشاعر عمرو بن كلثوم: [الوافي] ذراعي بكرة أدماء بكر ..... هجان اللون لم تقرأ جنينا أي لم تجمع في بطنها ولدا فهو أفره لها والقول الأول أقوى إن القرآن مصدر من قرأ إذا تلا ومنه قول حسان بن ثابت يرثي عثمان بن عفان رضي الله عنه: [البسيط] ضحوا بأشمط عنوان السجود به ..... يقطع الليل تسبيحا وقرآنا أي: قراءة مصدر الكتاب : هومصدر من كتب إذا جمع ومنه قيل كتيبة لاجتماعها ومنه قول الشاعر: (واكتبها بأسيار) أي: اجمعها. تسميته بالفرقان: هو مصدر لأنه فرق بين الحق والباطل والمؤمن والكافر فرقا وفرقانا. تسميته بالذكر : لأنه ذكر به الناس آخرتهم وإلههم وما كانوا في غفلة عنه فهو ذكر لهم، وقيل: سمي بذلك لأنه فيه ذكر الأمم الماضية والأنبياء، وقيل: سمي بذلك لأنه ذكر وشرف لمحمد صلى الله عليه وسلم وقومه وسائر العلماء به. تسمية السورة: بعض قبائل العرب يقولون سورة بغير همز،كقريش ومن جاورها من قبائل العرب كهذيل وسعد بن بكر وكنانة. والبعض يهمزون فيقولون سؤر وسؤرة كتميم وغيرهم . 1-أما من همز فهي عنده كالبقية من الشيء والقطعة منه التي هي سؤر وسؤرة من أسأر إذا أبقى ومنه سؤر الشراب. ومنه قول الأعشى وهو ميمون بن قيس: [المتقارب] فبانت وقد أسأرت في الفؤاد ..... صدعا على نأيها مستطيرا أي: أبقت فيه. 2- من لا يهمز فانفرقوا لى فريقين :فمنهم من يراها من على معنى من يهمز، إلا أنها سهلت همزتها ، ومنهم من يراها مشبهة بسورة البناء أي القطعة منه ،لأن كل بناء فإنما يبنى قطعة بعد قطعة. ويقال أيضا للرتبة الرفيعة من المجد والملك سورة ومنه قول النابغة الذبياني للنعمان بن المنذر: [الطويل] ألم تر أن الله أعطاك سورة ..... ترى كل ملك دونها يتذبذب تسميه الآية: هي العلامة في كلام العرب ، ومما قيل في تعليليها :انه لما كانت الجملة التامة من القرآن علامة على صدق الآتي بها وعلى عجز المتحدى بها. وقيل: سميت آية لما كانت جملة وجماعة كلام كما تقول العرب جئنا بآيتنا أي بجماعتنا. وقيل: لما كانت علامة للفصل بين ما قبلها وما بعدها سميت آية. والحمدلله رب العالمين |
اقتباس:
للتلخيص أنواع، ولكل نوع ضوابطه، فأرجو منك مراجعة دورة تلخيص الدروس العلمية خاصة هذا الدرس: http://www.afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=31438 - أرجو أن تراجعي الملحوظات على الأخت رولا والأخت إيمان. - عند عرض التلخيص، نضع رؤوس المسائل بعناوين واضحة ولون مميز ونفصلها عن الفقرات السابقة. - المسائل الخلافية التي يعرضها المفسر في مقدمته من مسائل علوم القرآن، يفضل عرضها بنفس طريقة تحرير المسائل الخلافية القول الأول ... القول الثاني ... ثم بيان ما رجحه المصنف ووجه ترجيحه. التقويم: ب بارك الله فيك وزادك علما وهدى ونفع بك. |
الساعة الآن 01:56 AM |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By
Almuhajir