معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد

معهد آفاق التيسير للتعليم عن بعد (http://afaqattaiseer.net/vb/index.php)
-   المنتدى العام (http://afaqattaiseer.net/vb/forumdisplay.php?f=97)
-   -   انبعاجة ضوء (http://afaqattaiseer.net/vb/showthread.php?t=10288)

ساجدة فاروق 18 محرم 1437هـ/31-10-2015م 08:07 PM

(121)

(صَلَّى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ عَلَى جِنَازَةِ أُمِّهِ، فَقُرِّبَتْ لَهُ بَغْلَتُهُ لِيَرْكَبَ فَأَخَذَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرِكَابِهِ.
فَقَالَ: خَلِّ عَنْهَا يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَكَذَا نَفْعَلُ بِالْعُلَمَاءِ [لِأَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُ عَنْهُ الْعِلْمَ]
فَقَبَّلَ زَيْدٌ يَدَهُ، وَقَالَ: هَكَذَا أُمِرْنَا أَنْ نَفْعَلَ بِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)
السفاريني عن ابن عبد البر عن الشعبي.

ساجدة فاروق 19 محرم 1437هـ/1-11-2015م 05:58 PM

(122)

(والشرائع هي غذاء القلوب وقوتها كما قال ابن مسعود رضي الله عنه -ويروى مرفوعا-: "إن كل آدب يحب أن تؤتى مأدبته وإن مأدبة الله هي القرآن"
ومن شأن الجسد إذا كان جائعا فأخذ من طعام حاجته؛ استغنى عن طعام آخر حتى لا يأكله إن أكل منه إلا بكراهة، وتجشم ، وربما ضره أكله ، أو لم ينتفع به ، ولم يكن هو المغذي له الذي يقيم بدنه,
فالعبد إذا أخذ من غير الأعمال المشروعة بعض حاجته ، قلّت رغبته في المشروع وانتفاعه به ، بقدر ما اعتاض من غيره ، بخلاف من صرف نهمته وهمته إلى المشروع ، فإنه تعظم محبته له ومنفعته به ، ويتم دينه ويكمل إسلامه.

ولذا تجد من أكثر من سماع القصائد لطلب صلاح قلبه ؛ تنقص رغبته في سماع القرآن ، حتى ربما كرهه ، ومن أكثر من السفر إلى زيارات المشاهد ونحوها ؛ لا يبقى لحج البيت الحرام في قلبه من المحبة والتعظيم ما يكون في قلب من وسعته السنة، ومن أدمن على أخذ الحكمة والآداب من كلام حكماء فارس والروم، لا يبقى لحكمة الإسلام وآدابه في قلبه ذاك الموقع، ومن أدمن قصص الملوك وسيرهم؛ لا يبقى لقصص الأنبياء وسيرهم في قلبه ذاك الاهتمام، ونظير هذا كثير).
[اقتضاء الصراط المستقيم لابن تيمية: 543]

ساجدة فاروق 22 محرم 1437هـ/4-11-2015م 04:18 PM

(123)

( وقوله في الحديث "وأمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت" الالتفات المنهي عنه في الصلاة قسمان:
أحدهما: التفات القلب عن الله عز وجل إلى غير الله تعالى. الثاني: التفات البصر. وكلاهما منهي عنه.
ولا يزال الله مقبلا على عبده ما دام العبد مقبلا على صلاته فإذا التفت بقلبه أو بصره أعرض الله تعالى عنه وقد سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن التفات الرجل في صلاته فقال "اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد" وفي أثر يقول الله تعالى: (إلى خير مني إلى خير مني ؟)
ومثل من يلتفت في صلاته ببصره أو بقلبه مثل رجل قد استدعاه السلطان فأوقفه بين يديه وأقبل يناديه ويخاطبه وهو في خلال ذلك يلتفت عن السلطان يمينا وشمالا وقد انصرف قلبه عن السلطان فلا يفهم ما يخاطبه به لأن قلبه ليس حاضرا معه فما ظن هذا الرجل أن يفعل به السلطان ؟ أفليس أقل المراتب في حقه أن ينصرف من بين يديه ممقوتا مبعدا قد سقط من عينيه؟
فهذا المصلي لايستوي والحاضر القلب المقبل على الله تعالى في صلاته الذي قد أشعر قلبه عظمة من هو واقف بين يديه فامتلأ قلبه من هيبته وذلت عنقه له واستحى من ربه تعالى أن يقبل على غيره أو يلتفت عنه وبين صلاتيهما كما قال حسان عطية: إن الرجلين ليكونان في الصلاة الواحدة وأن ما بينهما في الفضل كما بين السماء والأرض وذلك أن أحدهما مقبل على الله عز وجل والآخر ساه غافل
فإذا أقبل العبد على مخلوق مثله وبينه حجاب لم يكن إقبالا ولا تقريبا فما الظن بالخالق عز وجل ؟ وإذا أقبل على الخالق عز وجل وبينه وبينه حجاب الشهوات والوساوس والنفس مشغوفة بها ملأى منها فكيف يكون ذلك إقبالا وقد ألهته الوساوس والأفكار وذهبت به كل مذهب؟) يتبع إن شاء الله.
[الوابل الصيب لابن القيم: باب الالتفات في الصلاة]

ساجدة فاروق 2 صفر 1437هـ/14-11-2015م 06:57 PM

(124)

ما ثبت من السنة النبوية الشريفة، فيما يقول العبد إذ كان مكروبا أو مهموما:
1: عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أعلمك كلمات تقولينهن عند الكرب _أو في الكرب_؟ الله الله ربي لا أشرك به شيئا" وفي رواية أنها تقال سبع مرات.
2: عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول عند الكرب: "لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله رب السموات ورب الأرض ورب العرش الكريم".
3: عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه كان إذا حزبه أمر قال: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث"
4: عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت".
5: عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت: (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له"
6: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أصاب عبدا هم ولا حزن فقال: (اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك عدل في قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحدا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي) إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجا"

ساجدة فاروق 3 صفر 1437هـ/15-11-2015م 01:12 PM

(125)
ما يُسأل عنه 1/2

(كل مسألة لا ينبني عليها عمل ; فالخوض فيها خوض فيما لم يدل على استحسانه دليل شرعي ، وأعني بالعمل : عمل القلب وعمل الجوارح ، من حيث هو مطلوب شرعا.
والدليل على ذلك استقراء الشريعة; فإنا رأينا الشارع يعرض عما لا يفيد عملا مكلفا به ; ففي القرآن الكريم {يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} [ البقرة : 189]. فوقع الجواب بما يتعلق به العمل ; إعراضا عما قصده السائل من السؤال عن الهلال : لم يبدو في أول الشهر دقيقا كالخيط ، ثم يمتلئ حتى يصير بدرا ، ثم يعود إلى حالته الأولى؟ . ثم قال: {وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها} [ البقرة : 189 ] بناء على تأويل من تأول أن الآية كلها نزلت في هذا المعنى ; فكان من جملة الجواب أن هذا السؤال في التمثيل إتيان للبيوت من ظهورها ، والبر إنما هو التقوى، لا العلم بهذه الأمور التي لا تفيد نفعا في التكليف ، ولا تجر إليه .
وقال تعالى بعد سؤالهم عن الساعة أيان مرساها : فيم أنت من ذكراها أي : إن السؤال عن هذا سؤال عما لا يعني ; إذ يكفي من علمها أنه لا بد منها ، ولذلك لما سئل عليه الصلاة والسلام عن الساعة ; قال للسائل ما أعددت لها؟ ; إعراضا عن صريح سؤاله إلى ما يتعلق بها مما فيه فائدة ، ولم يجبه عما سأل .
وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة : 101] . نزلت في رجل سأل: من أبي ؟ روي أنه عليه السلام قام يوما يعرف الغضب في وجهه ; فقال : لا تسألوني عن شيء إلا أنبأتكم ، فقام رجل فقال : يا رسول الله من أبي؟ قال : أبوك حذافة . فنزلت . وفي الباب روايات أخر . وقال ابن عباس في سؤال بني إسرائيل عن صفات البقرة : " لو ذبحوا بقرة ما لأجزأتهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم " ، وهذا يبين أن سؤالهم لم يكن فيه فائدة .
وعلى هذا المعنى يجري الكلام في الآية قبلها عند من روى أن الآية نزلت فيمن سأل : أحجنا هذا لعامنا أم للأبد ؟ فقال عليه السلام : للأبد، ولو قلت : نعم ؛ لوجبت ، وفي بعض رواياته : فذروني ما تركتكم ; فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبياءهم الحديث ، وإنما سؤالهم هنا زيادة لا فائدة عمل فيها ; لأنهم لو سكتوا لم يقفوا عن عمل ، فصار السؤال لا فائدة فيه .
ومن هنا نهى عليه السلام عن قيل وقال وكثرة السؤال لأنه مظنة السؤال عما لا يفيد ، وقد سأله جبريل عن الساعة ; فقال ما المسئول عنها بأعلم من السائل ; فأخبره أن ليس عنده من ذلك علم ، وذلك يبين أن السؤال عنها لا يتعلق به تكليف ، ولما كان ينبني على ظهور أماراتها الحذر منها ومن الوقوع في الأفعال التي هي من أماراتها ، والرجوع إلى الله عندها ; أخبره بذلك ، ثم ختم عليه السلام ذلك الحديث بتعريفه عمر أن جبريل أتاهم ليعلمهم دينهم ; فصح إذا أن من جملة دينهم في فصل السؤال عن الساعة أنه مما لا يجب العلم به [ أعني علم زمان إتيانها ] ; فليتنبه لهذا المعنى في الحديث وفائدة سؤاله له عنها .
وقال : إن أعظم الناس جرما من سأل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته ، وهو مما نحن فيه ; فإنه إذا لم يحرم ; فما فائدة السؤال عنه بالنسبة إلى العمل؟ وقرأ عمر بن الخطاب : وفاكهة وأبا [ عبس : 31 ] وقال : هذه الفاكهة ; فما الأب ؟ ، ثم قال : نهينا عن التكلف.
وقد كان مالك بن أنس يكره الكلام فيما ليس تحته عمل، ويحكي كراهيته عمن تقدم) [الموافقات للشاطبي: المقدمة الخامسة]

ساجدة فاروق 3 صفر 1437هـ/15-11-2015م 06:10 PM

(126)

(فمن رحمة الأب بولده : أن يكرهه على التأدب بالعلم والعمل ويشق عليه في ذلك بالضرب وغيره ويمنعه شهواته التي تعود بضرره ومتى أهمل ذلك من ولده كان لقلة رحمته به وإن ظن أنه يرحمه ويرفهه ويريحه ...
ولهذا كان من تمام رحمة أرحم الراحمين : تسليط أنواع البلاء على العبد فإنه أعلم بمصلحته فابتلاؤه له وامتحانه ومنعه من كثير من أغراضه وشهواته : من رحمته به ولكن العبد لجهله وظلمه يتهم ربه بابتلائه ولا يعلم إحسانه إليه بابتلائه وامتحانه ...
- فمن رحمته سبحانه بعباده : ابتلاؤهم بالأوامر والنواهي رحمة وحمية لا حاجة منه إليهم بما أمرهم به فهو الغني الحميد ولا بخلا منه عليهم بما نهاهم عنه فهو الجواد الكريم
- ومن رحمته : أن نغص عليهم الدنيا وكدرها لئلا يسكنوا إليها ولا يطمئنوا إليها ويرغبوا في النعيم المقيم في داره وجواره فساقهم إلى ذلك بسياط الابتلاء والامتحان فمنعهم ليعطيهم وابتلاهم ليعافيهم وأماتهم ليحييهم
- ومن رحمته بهم : أن حذرهم نفسه لئلا يغتروا به فيعاملوه بما لا تحسن معاملته به كما قال تعالى : ويحذركم الله نفسه والله رؤف بالعباد, قال غير واحد من السلف : من رأفته بالعباد : حذرهم من نفسه لئلا يغتروا به)
[إغاثة اللهفان لابن القيم]


ساجدة فاروق 3 صفر 1437هـ/15-11-2015م 06:14 PM

(127)
ما يُسأل عنه 2/2 والأول هنا

(وقد كان مالك بن أنس يكره الكلام فيما ليس تحته عمل ، ويحكي كراهيته عمن تقدم .
وبيان عدم الاستحسان فيه من أوجه متعددة :
منها : أنه شغل عما يعني من أمر التكليف الذي طوقه المكلف بما لا يعني ; إذ لا ينبني على ذلك فائدة ; لا في الدنيا ، ولا في الآخرة ، أما في الآخرة ; فإنه يسأل عما أمر به أو نهي عنه ، وأما في الدنيا ; فإن علمه بما علم من ذلك لا يزيده في تدبير رزقه ولا ينقصه ، وأما اللذة الحاصلة عنه في الحال ; فلا تفي مشقة اكتسابها وتعب طلبها ، بلذة حصولها ، وإن فرض أن فيه فائدة في الدنيا ، فمن شرط كونها فائدة شهادة الشرع لها بذلك ، وكم من لذة وفائدة يعدها الإنسان كذلك ; وليست في أحكام الشرع إلا على الضد ، كالزنى ، وشرب الخمر ، وسائر وجوه الفسق والمعاصي التي يتعلق بها غرض عاجل ، فإذا قطع الزمان فيما لا يجني ثمرة في الدارين ، مع تعطيل ما يجني الثمرة من فعل مالا ينبغي .
ومنها : أن الشرع قد جاء ببيان ما تصلح به أحوال العبد في الدنيا والآخرة
على أتم الوجوه وأكملها ، فما خرج عن ذلك قد يظن أنه على خلاف ذلك ، وهو مشاهد في التجربة العادية ; فإن عامة المشتغلين بالعلوم التي لا تتعلق بها ثمرة تكليفية تدخل عليهم فيها الفتنة والخروج عن الصراط المستقيم ، ويثور بينهم الخلاف والنزاع المؤدي إلى التقاطع والتدابر والتعصب ، حتى تفرقوا شيعا ، وإذا فعلوا ذلك خرجوا عن السنة ، ولم يكن أصل التفرق إلا بهذا السبب ؛ حيث تركوا الاقتصار من العلم على ما يعني ، وخرجوا إلى ما لا يعني ، فذلك فتنة على المتعلم والعالم ، وإعراض الشارع - مع حصول السؤال - عن الجواب من أوضح الأدلة على أن اتباع مثله من العلم - فتنة أو تعطيل للزمان في غير تحصيل .
ومنها : أن تتبع النظر في كل شيء وتطلب علمه - من شأن الفلاسفة الذين يتبرأ المسلمون منهم ، ولم يكونوا كذلك إلا بتعلقهم بما يخالف السنة ، فاتباعهم في نحلة هذا شأنها خطأ عظيم ، وانحراف عن الجادة.
ووجوه عدم الاستحسان كثيرة )
[الموافقات للشاطبي: المقدمة الخامسة]

ساجدة فاروق 9 صفر 1437هـ/21-11-2015م 08:31 PM

(128)
تابع 123

(والعبد إذا قام في الصلاة غار الشيطان منه فإنه قد قام في أعظم مقام وأقربه وأغيظه للشيطان وأشده عليه فهو يحرص ويجتهد أن لا يقيمه فيه بل لا يزال به يعده ويمنيه وينسيه ويجلب عليه بخيله ورجله حتى يهون عليه شأن الصلاة فيتهاون بها فيتركها
فإن عجز عن ذلك منه وعصاه العبد وقام في ذلك المقام أقبل عدو الله تعالى حتى يخطر بينه وبين نفسه ويحول بينه وبين قلبه فيذكره في الصلاة ما لم يذكر قبل دخوله فيها حتى ربما كان قد نسي شئ والحاجة وأيس منها فيذكره إياها في الصلاة ليشغل قلبه بها ويأخذه عن الله عز و جل فيقوم فيها بلا قلب فلا ينال من إقبال الله تعالى وكرامته وقربه ما يناله المقبل على ربه عز وجل الحاضر بقلبه في صلاته فينصرف من صلاته مثل ما دخل فيها بخطاياه وذنوبه وأثقاله لم تخف عنه بالصلاة.
فإن الصلاة إنما تكفر سيئات من أدى حقها وأكمل خشوعها ووقف بين يدي الله تعالى بقلبه وقابله فهذا إذا انصرف منها وجد خفة من نفسه وأحس بأثقال قد وضعت عنه فوجد نشاطا وراحة وروحا حتى يتمنى أنه لم يكن خرج منها لأنها قرة عينيه ونعيم روحه وجنة قلبه ومستراحه في الدنيا فلا يزال كأنه في سجن وضيق حتى يدخل فيها فيستريح بها لا منها فالمحبون يقولون: نصلي فنستريح بصلاتنا كما قال إمامهم وقدوتهم ونبيهم صلى الله عليه و سلم يا بلال أرحنا بالصلاة ولم يقل أرحنا منها وقال صلى الله عليه و سلم [ جعلت قرة عيني في الصلاة ] فمن جعلت قرة عينه في الصلاة كيف تقر عينه بدونها وكيف يطيق الصبر عنها؟
فصلاة هذا الحاضر بقلبه الذي قرة عينه في الصلاة هي التي تصعد ولها نور وبرهان حتى يستقبل بها الرحمن عز وجل فتقول: حفظك الله تعالى كما حفظتني، وأما صلاة المفرط المضيع لحقوقها وحدودها وخشوعها فإنها تلف كما يلف الثوب الخلق ويضرب بها وجه صاحبها وتقول ضيعك الله كما ضيعتني) [الوابل الصيب لابن القيم: باب الالتفات في الصلاة]

ساجدة فاروق 17 صفر 1437هـ/29-11-2015م 04:52 PM

(129)
- حدثنا إسحاق الفروي، سمعت مالك بن أنس يقول:
(أدركت بهذه البلدة أقواما لم يكن لهم عيوب، فعابوا الناس فصارت لهم عيوب
وأدركت بهذه البلدة أقواما كانت لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس، فنُسِيَتْ عيوبهم) [الفوائد لابن منده: 166]

- سمعت زاذان المداينى يقول:
(رأيت أقواما من الناس لهم عيوب، فسكتوا عن عيوب الناس فستر الله عيوبهم وزالت عنهم تلك العيوب
ورأيت أقواما لم تكن لهم عيوب، اشتغلوا بعيوب الناس فصارت لهم عيوب) [عيوب النفس للسلمي: 13]



ساجدة فاروق 20 صفر 1437هـ/2-12-2015م 02:00 PM

(130)

قال ابن حزم رحمه الله: (كانت فيّ عيوب:
- فلم أزل بالرياضة
- واطلاعي على ما قالت الأنبياء صلوت الله عليهم والأفاضل من الحكماء المتأخرين والمتقدمين في الأخلاق وفي آداب النفس،
- أعاني مداواتها
حتى أعان الله عز وجل على أكثر ذلك بتوفيقه ومنه.
وتمام العدل ورياضة النفس والتصرف بأزمة الحقائق هو الإقرار بها )

ثم عدد رحمه الله بعض من تلك العيوب وكيف جاهدها، فانظرها إن شئت في كتابه الماتع الأخلاق والسير في مداواة النفوس من الصفحة 32 فما بعد بترقيم الشاملة.
والكتاب من أكثر الكتب التي طالعتها في بابه؛
دلالة على العمل وسبيل التطبيق، والله الموفق والمستعان ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ساجدة فاروق 25 صفر 1437هـ/7-12-2015م 08:14 PM

(131)

عجباً!
وما هذا إلا مثال، وعليه فقس كل عمل ظاهره الخير

قال صلى الله عليه وسلم: {الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ} صحيح مسلم 1889
وقال صلى الله عليه وسلم: {أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ : رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ ، وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ ، وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ : أَلَمْ أُعَلِّمُكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي ؟ قَالَ : بَلَى يَا رَبِّ . قَالَ : فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عَلِمْتَ ؟ قَالَ : كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ ، فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ : كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ : كَذَبْتَ ، وَيَقُولُ اللَّهُ : بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ : إِنَّ فُلاَنًا قَارِئٌ ، فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ .... أُولَئِكَ الثَّلاَثَةُ أَوَّلُ خَلَقِ اللهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ } رواه جمع وصححه الألباني في صحيح الجامع 1713 .
صنعهما واحد .. والفرق بيّن !
هي النية، فهذا رفع أيما رفعة، وذاك أسفل سافلين، أصلح الله مقاصدنا.

وفي حديث المنتحر.. في الصحيحين واللفظ لمسلم، قال صلى الله عليه وسلم:
«إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».

ساجدة فاروق 6 شوال 1437هـ/11-07-2016م 07:53 AM

(132)

¤ قال أبي بن كعب رضي الله عنه: «ما من عبد ترك شيئا لله إلا أبدله الله به ما هو خير منه من حيث لا يحتسب»
¤ قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: «ما تركت من الدنيا شيئا، إلا أعقبني الله عز وجل في قلبي ما هو أفضل منه»
¤ ‏قال أبو سليمان الداراني رحمه الله: «من صدق في ترك شهوة أذهبها الله من قلبه، والله أكرم من أن يُعذب قلبا بشهوة تُركت له»

¤ قال ابن القيم رحمه الله:
”إنما يجد المشقة في ترك المألوفات والعوائد من تركها لغير الله، فأما من تركها صادقا مخلصا من قلبه لله فانه لا يجد في تركها مشقة إلا في أول وهلة ليمتحن أصادق هو في تركها أم كاذب؟
فإن صبر على تلك المشقة قليلا استحالت لذة، قال ابن سيرين سمعت شريحا يحلف بالله ما ترك عبد لله شيئا فوجد فقده.
وقولهم من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه حق، والعوض أنواع مختلفة وأجل ما يعوض به الأنس بالله ومحبته وطمأنينة القلب به وقوته ونشاطه وفرحه ورضاه عن ربه تعالى

فيامن صبرت طوال شهر رمضان، اثبت وأبشر.

ساجدة فاروق 7 شوال 1437هـ/12-07-2016م 09:43 PM

(133)

وصية أبي بكر الصديق رضي الله عنه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه:
- إني موصيك بوصية إن لله حقا بالنهار لا يقبله بالليل وحقا بالليل لا يقبله بالنهار.
- وإنها لا تقبل نافلة حتى تؤدي الفريضة
- وإنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه يوم القيامة باتباعهم في الدنيا الحق وثقله عليهم، وحُقَ لميزان لا يوضع فيه إلا الحق أن يكون ثقيلا.
وإنما خفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة باتباعهم الباطل وخفته عليهم وحُقَ لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف.
- وإن الله عز وجل ذكر أهل الجنة وصالح ما عملوا وتجاوز عن سيئاتهم، فإذا ذكرتهم خفت ألا أكون منهم، وذكر أهل النار وأعمالهم فإذا ذكرتهم قلت أخشى أن أكون منهم!
- وذكر آية الرحمة وآية العذاب ليكون المؤمن راغبا راهبا، فلا يتمنى على الحق ولا يلقى بيده إلى التهلكة.
فإن حفظت قولي فلا يكونن غائب أحب إليك من الموت ولا بد لك منه، وإن ضيعت وصيتي فلا يكونن غائب أبغض إليك من الموت ولن تعجزه.
[تفسير ابن كثير رحمه الله]

ساجدة فاروق 8 شوال 1437هـ/13-07-2016م 10:00 PM

(134)

الهجرة إلى الله، وهي هجرة تتضمن (من) و (إلى):
- فيهاجر بقلبه من محبة غير الله إلى محبته.
- ومن عبودية غيره إلى عبوديته.
- ومن خوف غيره ورجائه والتوكل عليه إلى خوف الله ورجائه والتوكل عليه.
- ومن دعاء غيره وسؤاله والخضوع له والذل والاستكانة له إلى دعائه وسؤاله والخضوع له والذل له والاستكانة له، وهذا بعينه معنى الفرار إليه قال تعالى: {ففروا إلى الله} ، والتوحيد المطلوب من العبد هو الفرار من الله إليه.

وقال في موضع آخر:
فصدق اللجأ إلى الله وانقطاع إليه بكليته، وتحقيق الافتقار إليه بكل وجه، والضراعة إليه وصدق التوكل والإستعانة به والانطراح بين يديه انطراح المسلوم المكسور الفارغ الذي لا شيء عنده فهو يتطلع إلى قيمه ووليه أن يجده ويلم شعثه، ويمده من فضله ويستره.

[زاد المهاجر إلى ربه لابن القيم رحمه الله]


ساجدة فاروق 13 شوال 1437هـ/18-07-2016م 12:24 PM

(135)

(عن نعيم بن نَمحة قال: كان في خطبة أبي بكر الصديق رضي الله عنه:
"أما تعلمون أنكم تغدون وتروحون لأجل معلوم؟ فمن استطاع أن يقضي الأجل وهو في عمل الله عز وجل فليفعل ولن تنالوا ذلك إلا بالله عز وجل.
إن قومًا جعلوا آجالهم لغيرهم، فنهاكم الله تكونوا أمثالهم: { وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ } أين من تعرفون من إخوانكم؟ قدموا على ما قدموا في أيام سلفهم، وخلوا بالشقوة والسعادة، أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط؟ قد صاروا تحت الصخر والآبار.
هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه فاستضيئوا منه ليوم ظلمة، وائتضحوا بسنائه وبيانه.
إن الله أثنى على زكريا وأهل بيته فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ}.
لا خير في قول لا يراد به وجه الله، ولا خير في مال لا ينفق في سبيل الله، ولا خير فيمن يغلب جهله حلمه، ولا خير فيمن يخاف في الله لومة لائم") [تفسير ابن كثير رحمه الله]

ساجدة فاروق 13 شوال 1437هـ/18-07-2016م 08:46 PM

(136)

(صحة الفهم؛ نور يقذفه الله في قلب العبد يميز به بين:
الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد. ويمده:
- حسن القصد
- وتحري الحق
- وتقوى الرب في السر والعلانية.
ويقطع مادته:
- اتباع الهوى
- وإيثار الدنيا
- وطلب محمدة الخلق
- وترك التقوى)
[إعلام الموقعين عن رب العالمين لابن القيم رحمه الله]

ساجدة فاروق 15 شوال 1437هـ/20-07-2016م 02:30 PM

(137)

(.. ولو علم هؤلاء أن الملائكة تصعد بصلاتهم فتعرضها على الله جل جلاله بمنزلة الهدايا التي يتقرب بها الناس إلى ملوكهم وكبرائهم،
فليس من عمد إلى أفضل ما يقدر عليه فيزينه ويحسنه ما استطاع ثم يتقرب به إلى من يرجوه ويخافه
كمن يعمد إلى أسقط ما عنده وأهونه عليه فيستريح منه ويبعثه إلى من لا يقع عنده بموقع..
وليس من كانت الصلاة ربيعا لقلبه وحياة له وراحة وقرة لعينه وجلاء لحزنه وذهابا لهمه وغمه ومفزعا له إليه في نوائبه ونوازله،
كمن هي سحت لجوارحه وتكليف له وثقل عليه، فهي كبيرة على هذا وقرة عين وراحة لذلك)
[الصلاة وحكم تاركها لابن القيم رحمه الله]


ساجدة فاروق 16 شوال 1437هـ/21-07-2016م 09:20 PM

(138)

قال أبو الدَّرداء رضي الله عنه: "إنَّ الله إذا قضى قضاءً، أحبَّ أن يُرضَى به"
وقال ابن القيم: "إنَّ السخط يوجب تلوُّن العبد، وعدم ثباتِه مع الله؛ فإنَّه لا يرضى إلاَّ بما يلائم طبعَه ونفسه، والمقادير تجري دائمًا بما يلائمه وبما لا يلائمه، وكلَّما جرى عليه منها ما لا يلائِمُه أسخطه، فلا تثبُت له قدَم على العبودية، فإذا رَضِي عن ربِّه في جميع الحالات، استقرَّت قدمُه في مقام العبوديَّة، فلا يزيل التلوُّنَ عن العبد شيءٌ مثل الرضا"
وقد قيل: ارضى عن ربك في قضائه؛ يرضيك في تدبيره لشأنك.

ساجدة فاروق 21 شوال 1437هـ/26-07-2016م 04:21 PM

(139)
عن عبد الله بن حكيم، قال: خطبنا أبو بكر رضي الله تعالى عنه فقال:
أما بعد، فإني أوصيكم بتقوى الله، وأن تثنوا عليه بما هو له أهل، وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة، وتجمعوا الإلحاف بالمسألة، فإن الله تعالى أثنى على زكريا وعلى أهل بيته، فقال: {إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغباً ورهباً، وكانوا لنا خاشعين}
ثم اعلموا عباد الله! أن الله تعالى قد ارتهن بحقه أنفسكم، واخذ على ذلك مواثيقكم، واشترى منكم القليل الفاني، بالكثير الباقي، وهذا كتاب الله فيكم لا تفنى عجائبه، ولا يطفأ نوره، فصدقوا قوله، وانتصحوا بكتابه، واستبصروا فيه ليوم الظلمة، فإنما خلقكم للعبادة، ووكل بكم الكرام الكاتبين يعلمون ما تفعلون.
ثم اعلموا عباد الله أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه، فإن استطعتم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل الله فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا بالله، فسابقوا في مهل آجالكم قبل أن تنقضي آجالكم، فيردكم إلى أسوا أعمالكم، فإن أقواماً جعلوا آجالهم لغيرهم، ونسوا أنفسهم، فأنهاكم أن تكونوا أمثالهم، الوحا الوحا، النجا النجا، إن وراءكم طالباً حثيثاً، أمره سريع.
[حلية الأولياء:1/19]

ساجدة فاروق 21 شوال 1437هـ/26-07-2016م 04:27 PM

(140)
(إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم).
ذكر شراء أنفسهم وأموالهم منهم، وأنفسهم في الحقيقة لله أن يأخذ منهم أنفسهم وأموالهم، وأن يتلفهم بأي وجه ما شاء، لكنه عامل عباده معاملة من لا ملك له في ذلك ولا حق؛ كرما منه أوفضلا وجودا، ووعدهم على ذلك أجرا وبدلا، وكذلك ما ذكر من القرض له، ووعدهم على ذلك الأجر مضاعفا، وكذلك ما وعدهم من الثواب فيما يعملون لأنفسهم كالعاملين له؛ حيث قال: (جزاء بما كانوا يعملون)، وقال: (إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا)، ونحوه، وإن كانوا في الحقيقة عاملين لأنفسهم بقوله: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم) الآية، ذكر ما ذكر ففلا منه وإكراما؛ إذ هي له في الحقيقة، وهو كما قال: (لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)، فإنما طلب بذل حق أنفسهم وأموالهم، أو ذكر - والله أعلم - شرى ماله في الحقيقة؛ ليعلم الخلق أن كيف يعامل بعضهم بعضا، وكذلك قال الله: (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا)، عاملهم معاملة من لا حق له في أموالهم وأنفسهم؛ ليعامل الناس بعضهم بعضا في أموالهم وأنفسهم، كمن لا حق له في ذلك. [تفسير الماتريدي]

ساجدة فاروق 2 ذو القعدة 1437هـ/5-08-2016م 11:27 AM

(141)

(الفكرة في واجب الوقت ووظيفته، وجمع الهمّ كلّه عليه، فالعارف ابن وقته فإن أضاعه ضاعت عليه مصالحه كلُّها. فجميع المصالح إنما تنشأ من الوقت، وإن ضيّعه لم يستدركه أبدًا.
فوقت الإنسان هو عمره في الحقيقة وهو مادة حياته الأبدية في النعيم المقيم، ومادة معيشته الضّنْك في العذاب الأليم، وهو يمرّ أسرع من مر السحاب فما كان من وقته لله وبالله، فهو حياته وعمره. وغير ذلك ليس محسوبًا من حياته وإن عاش فيه عيش البهائم. فإذا قطع وقته في الغفلة والسهو والأماني الباطلة، وكان خير ما قطعه به النوم والبطالة، فموت هذا خير له من حياته. وإذا كان العبد، وهو في الصلاة، ليس له إلا ما عقل منها، فليس له من عمره إلا ما كان فيه بالله وله) [الداء والدواء لابن القيم رحمه الله]

ساجدة فاروق 9 ذو القعدة 1437هـ/12-08-2016م 04:53 PM

(142)
(رِضا العبد عن ربِّه سبحانه في جميع الحالات يُثمر رِضا ربِّه عنه؛
فإذا رَضِي عنه بالقليل من الرِّزق، رضي ربُّه عنه بالقليلِ من العمَل، وإذا رضِي عنه في جميعِ الحالات واستوَت عنده، وجَدَه أَسرع شيء إلى رِضاه إذا ترضَّاه وتملَّقه) ‏ابن القيم رحمه الله.
(وقد روينا عن بني إسرائيل أن داود عليه السلام سئل ربه أن يُرِيه الميزان فلما رآه أغمي عليه من هوله ثم أفاق فقال: إلهي من يقدر على ملء كفّة هذا الميزان حسنات؟!
فقال الله تعالى: يا داود إني إذا رضيت على عبدي ملأته بتمرة واحدة) إرشاد الساري
كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ زِدْنَا وَلَا تَنْقُصْنَا، وَأَكْرِمْنَا وَلَا تُهِنَّا، وَأَعْطِنَا وَلَا تَحْرِمْنَا، وَآثِرْنَا وَلَا تُؤْثِرْ عَلَيْنَا، وَأرْضِنَا وَارْضَ عَنَّا».

ساجدة فاروق 12 ذو القعدة 1437هـ/15-08-2016م 10:00 PM

(143)

(أهلا وسهلا بكل ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعينين
وهل ندندن إلا حول الاقتداء به ومتابعة هديه وسنته، ولا نضرب سنته بعضها ببعض ولا نأخذ منها ما سهل ونترك منها ما شق علينا لكسل وضعف عزيمة واشتغال بدنيا قد ملأت القلوب وملكت الجوارح وقرت بها العيون بدل قرتها بالصلاة) [الصلاة وحكم تاركها/ لابن القيم رحمه الله]


«إن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الأكبر، فعليه تُعرض الأشياء، على خلقه وسيرته وهديه، فما وافقها فهو الحق، وما خالفها فهو الباطل» سفيان بن عيينة رحمه الله

ساجدة فاروق 25 ذو القعدة 1437هـ/28-08-2016م 04:07 PM

(144)

لما نزل قول الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} في شأن رجلٍ أذنب ذنباً.
فقال الرجل: يا رسول الله، أهي في خاصة، أو في الناس عامة؟
فقال عمر رضي الله عنه: (لا، ولا نعمة عين لك، بل هي للناس عامة).
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال: «صدق عمر» مسند أحمد.

ساجدة فاروق 27 ذو القعدة 1437هـ/30-08-2016م 02:31 PM

(145)

(الشيطان يكثر تعرضه للعبد إذا أراد الإنابة إلى ربه، والتقرب إليه والاتصال به؛ فلهذا يعرض للمصلين ما لا يعرض لغيرهم ويعرض لخاصة أهل العلم والدين، أكثر مما يعرض للعامة؛ ولهذا يوجد عند طلاب العلم والعبادة من الوساوس والشبهات ما ليس عند غيرهم؛ لأنه لم يسلك شرع الله ومنهاجه؛ بل هو مقبل على هواه في غفلة عن ذكر ربه، وهذا مطلوب الشيطان بخلاف المتوجهين إلى ربهم بالعلم والعبادة؛ فإنه عدوهم يطلب صدهم عن الله، قال: قال الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً}
ولهذا أمر قارئ القرآن أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن قراءة القرآن على الوجه المأمور به، تورث القلب الإيمان العظيم، وتزيده يقينًا، وطمأنينة، وشفاء، وقال تعالى: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا}، وقال تعالى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ}") شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله

ساجدة فاروق 2 ذو الحجة 1437هـ/4-09-2016م 07:48 AM

(146)

(عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ
قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء) [رواه البخاري].
قال كعب رضي الله عنه: (اختار الله الزمان وأحب الزمان إلى الله الأشهر الحرم، وأحب الأشهر الحرم إلى الله ذو الحجة، وأحب ذي الحجة إلى الله العشر الأول) فهي أحب من أحب من أحب!.
في أحب الأيام إلى الله؛ تزود بأحب الأعمال إلى الله، تتبع محابه سبحانه وخذ نصيبا من كل باب، وتذكر أن العبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال.

ساجدة فاروق 3 ذو الحجة 1437هـ/5-09-2016م 06:04 PM

(147)

(ذكر الشّيخ الإمام عزّ الدّين بن عبد السّلام رحمه اللّه في أثناء كلامه له إنّ أسماء اللّه تبارك وتعالى كلّها مندرجةٌ في هذه الكلمات الأربع الباقيات الصّالحات ثمّ بيّن رحمه اللّه ذلك بأن قال:
سبحان اللّه؛ معناه التّنزيه والسّلب، أي نسلب كلّ نقصٍ وعيبٍ عن اللّه عزّ وجلّ فيندرج تحته ما كان من الأسماء سلبًا كالقدّوس وهو الطّاهر من كلّ عيبٍ والسّلام وهو السّلام من كلّ آفةٍ.
والحمد للّه؛ مشتملةٌ على ضروب الكمال لذاته وصفاته فيدخل تحتها كلّ اسم إثبات كالعليم والقدير والسميع البصير.
فنفينا بسبحان اللّه كلّ عيبٍ عقلناه وكلّ نقصٍ فهمناه، وأثبتنا بالحمد للّه كلّ كمالٍ عرفناه وكلّ جلالٍ أدركناه، ووراء ذلك كلّه تبيانٌ عظيمٌ غاب عنّا وجهلناه فنحقّقه إجمالا بقول:
اللّه أكبر لقول النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك) فيدخل فيه كلّ اسمٍ تضمّن ذلك كالأعلى والمتعالي فإذا كان في الوجود من هذا شأنه نفينا أن يكون في الوجود من يشاكله ويناظره فحقّقنا ذلك بقولنا:
لا إله إلا اللّه فيدخل فيه من أسمائه ما تضمّن ذلك كالواحد والأحد وذي الجلال والإكرام)
من مقرر الرسائل التفسيرية | رسالة "الباقيات الصالحات" للحافظ العلائي رحمه الله

ساجدة فاروق 4 ذو الحجة 1437هـ/6-09-2016م 08:01 AM

(148)

{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ * وَلَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ * إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الأرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمُورِ} .
قال السعدي رحمه الله :
( ذكر الله في هذه الآية مراتب العقوبات ، وأنها على ثلاث مراتب: عدل وفضل وظلم.
فمرتبة العدل: جزاء السيئة بسيئة مثلها ، لا زيادة ولا نقص ، فالنفس بالنفس، وكل جارحة بالجارحة المماثلة لها، والمال يضمن بمثله.
ومرتبة الفضل: العفو والإصلاح عن المسيء ، ولهذا قال: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } يجزيه أجرا عظيما، وثوابا كثيرا، وشرط الله في العفو الإصلاح فيه، ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق العفو عنه، وكانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في هذه الحال لا يكون مأمورا به.
وفي جعل أجر العافي على الله ما يهيج على العفو، وأن يعامل العبد الخلق بما يحب أن يعامله الله به، فكما يحب أن يعفو الله عنه، فَلْيَعْفُ عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله، فليسامحهم، فإن الجزاء من جنس العمل ..)

ساجدة فاروق 7 ذو الحجة 1437هـ/9-09-2016م 10:53 PM

(149)
{فهو كظيم} أي : مكظوم مملوء من الحزن ممسك عليه لا يبثه.
وقال قتادة: يردد حزنه في جوفه ولم يقل إلا خيرا.
قال الحسن: كان بين خروج يوسف من حجر أبيه إلى يوم التقى معه ثمانون عاما ، لا تجف عينا يعقوب، وما على وجه الأرض يومئذ أكرم على الله من يعقوب. [تفسير البغوي]

ساجدة فاروق 9 ذو الحجة 1437هـ/11-09-2016م 12:15 PM

(150)

عن عائشة رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «ما مِن يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول : ما أراد هؤلاء» رواه مسلم

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله:
(يوم عرفة هو يوم العتق من النار ، فيعتق الله فيه من النار من وقف بعرفة ومن لم يقف بها من أهل الأمصار من المسلمين فلذلك صار اليوم الذي يليه عيدا لجميع المسلمين في جميع أمصارهم من شهد الموسم منهم ومن لم يشهده لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة)

يا رعاك الله؛ في كل دقائقك اليوم كن أهلا ليباهي الله بك فالمتباهى بهم اليوم كثر، فجد لنفسك بينهم موقفا، وكل عمل طيب بنية حسنة عمل صالح بفضل الله تعالى ورحمته.

ساجدة فاروق 12 ذو الحجة 1437هـ/14-09-2016م 06:08 PM

(151)

عن البخاري قال: ما أدخلت في الصحيح حديثا إلا بعد أن استخرت الله تعالى، وتيقنت صحته.
عدد أحاديث صحيح البخاري: (7275)! أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى، ولعل مما بلغ به هذا المبلغ صنيعه هذا رحمه الله.
(كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلّم أصحابه الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمهم السورة من القرآن كما ثبت في الصحيح من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وهذا التعليم له فوائد فإن العبد لا يعلم عواقب الأمور، وقد يدخل في أمر يظنّه خيراً فيأتيه منه عناء وبلاء، ولذلك كان من سعادة ابن آدم استخارته لله ورضاه بما قسم الله؛ فالاستخارة تكون قبل القضاء، والرضا يكون بعده.
والرضا بعد القضاء له سببان:
السبب الأول: اليقين بأن الله مستحق للرضا في جميع الأحوال، وهذا رضا المحبة.
والسبب الثاني: الرضا لعلم العبد بأن ما أصابه من قضاء الله هو خير له، وهذا رضا حسن الظن بالله والتصديق بوعده.
ومن ثواب الرضا عن الله أن يرضي الله عبده، والله عليم بما يرضي عبده) [قناة عبد العزيز الداخل العلمية: تلجرام]
هل تصح الاستخارة بدون صلاة؟
الجواب: http://www.afaqattaiseer.net/vb/show...7&postcount=13

ساجدة فاروق 17 ذو الحجة 1437هـ/19-09-2016م 08:30 AM


(152)

(فالذي يتعيَّن على المسلم الاعتناءُ به والاهتمامُ أن:
- يبحثَ عمَّا جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
- ثم يجتهد في فهم ذلك، والوقوف على معانيه.
- ثم يشتغل بالتصديق بذلك إن كان من الأمور العِلْمية، وإن كان من الأمور العَمَلية، بذلَ وُسْعَه في الاجتهاد في فِعْل ما يستطيعه من الأوامر، واجتناب ما يُنهى عنه، وتكون همته مصروفة بالكُلِّية إلى ذلك، لا إلى غيره.
وهكذا كان حالُ أصحاب النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- والتابعين لهم بإحسان في طلبِ العلم النافع من الكتاب والسنة) [جامع العلوم والحكم_ابن رجب]

ساجدة فاروق 21 ذو الحجة 1437هـ/23-09-2016م 08:36 AM


(153)

(وحدثني أبو حفص الصيرفي، أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، كان إذا تلى: {وأقسموا بالله جهد أيمانهم لا يبعث الله من يموت}.
قال: ونحن نقسم بالله جهد أيماننا، ليبعثن الله من يموت، أتراك تجمع بين القسمين في دار واحدة؟! ثم بكى أبو حفص بكاء شديدا!) ابن أبي الدنيا رحمه الله.

وكان ابن الجوزي رحمه الله يقول:
إلهي لا تعذب لسانا يخبر عنك، ولا عينا تنظر إلى علوم تدل عليك ولا قدما تمشي إلى خدمتك، ولا يدا تكتب حديث رسولك. فبعزتك لا تدخلني النار؛ فقد علم أهلها أني كنت أذب عن دينك!.

ساجدة فاروق 22 ذو الحجة 1437هـ/24-09-2016م 08:21 AM


(154)

(إن الأخلاق المذمومة موجودة في كثير من النّاس غالبة عليهم مالكة لهم، بل قلّما يوجد فيهم من يخلو من خلق سيّىء أو مكروه، ويسلم من جميع العيوب، ولكنّهم يتفاضلون في ذلك، وكذلك في الأخلاق المحمودة قد يختلف الناس ويتفاضلون، إلّا أن المجبولين على الأخلاق الحسنة قليلون جدا، وأما المجبولون على الأخلاق السيئة فأكثر النّاس وما ذلك إلّا لأن الإنسان إذا استرسل مع طبعه، ولم يستعمل الفكر ولا التّمييز، ولا الحياء ولا التّحفّظ، كان الغالب عليه أخلاق البهائم، لأنّ الإنسان إنّما يتميّز على البهائم بالفكر والتّمييز؛ فإذا لم يستعملهما كان مشاركا للبهائم في عاداتها) [الجاحظ]

ساجدة فاروق 24 ذو الحجة 1437هـ/26-09-2016م 02:49 PM

(155)
(فلا يلزم من كثرة الثواب أن يكون العمل الأكثر ثوابا أحب إلى الله تعالى من العمل الذي هو أقل منه بل قد يكون العمل الأقل أحب إلى الله تعالى وإن كان الكثير أكثر ثوابا.. وكذلك ذبح الشاة الواحدة يوم النحر أحب إلى الله من الصدقة بأضعاف أضعاف ثمنها وإن كثر ثواب الصدقة.
وكذلك قراءة سورة بتدبر ومعرفة وتفهم وجمع القلب عليها أحب إلى الله تعالى من قراءة ختمة سردا هذا وإن كثر ثواب هذه القراءة، وكذلك صلاة ركعتين يقبل العبد فيهما على الله تعالى بقلبه وجوارحه ويفرغ قلبه كله لله فيهما أحب إلى الله تعالى من مئتي ركعة خالية من ذلك وإن كثر ثوابهما عددا.
ومن هذا سبق درهم مئة ألف درهم ولهذا قال الصحابة رضي الله عنهم: "إن اقتصادا في سبيل وسنة خير من اجتهاد في خلاف سبيل وبدعة".
فالعمل اليسير الموافق لمرضاة الرب وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أحب إلى الله تعالى من العمل الكثير إذا خلا عن ذلك أو عن بعضه، ولهذا قال الله تعالى: {الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا} وقال: {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا} وقال {وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء ليبلوكم أيكم أحسن عملا} فهو سبحانه وتعالى إنما خلق السموات والأرض والموت والحياة وزين الأرض بما عليها ليبلو عباده أيهم أحسن عملا لا أكثر عملا.
والعمل الأحسن هو الأخلص والأصوب وهو الموافق لمرضاته ومحبته دون الأكثر الخالي من ذلك فهو سبحانه وتعالى يحب أن يتعبد له بالأرضى له وإن كان قليلا دون:
- الأكثر الذي لا يرضيه.
- والأكثر الذي غيره أرضى له منه.
ولهذا يكون العملان في الصورة واحدا وبينهما في الفضل بل بين قليل أحدهما وكثير الآخر في الفضل أعظم مما بين السماء والأرض.
وهذا الفضل يكون بحسب رضا الرب سبحانه بالعمل وقبوله له ومحبته له وفرحه به سبحانه وتعالى… ولهذا كان القبول مختلفا ومتفاوتا بحسب رضا الرب سبحانه بالعمل، ولهذا كان القبول مختلفا ومتفاوتا بحسب رضا الرب سبحانه بالعمل،
- فقبول: يوجب رضا الله سبحانه وتعالى بالعمل، ومباهاة الملائكة به، وتقريب عبده منه.
- وقبول: يترتب عليه كثرة الثواب والعطاء فقط.
كمن يتصدق بألف دينار من جملة ماله -مثلا- بحيث لم يكترث بها، والألف لم تنقصه نقصا يتأثر به، بل هي في بيته بمنزلة حصى لقيه في داره أخرج منه هذا المقدار. إما ليتخلص من همه وحفظه، وإما ليجازى عليه بمثله أو غير ذلك. وآخر عنده رغيف واحد هو قوته، لا يملك غيره، فآثر به على نفسه من هو أحوج منه إليه محبة لله وتقربا إليه وتوددا ورغبة في مرضاته وإيثارا على نفسه.
فيا لله كم بعد ما بين الصدقتين في الفضل ومحبة الله وقبوله ورضاة؟ وقد قبل سبحانه هذه وهذه لكن قبول الرضا والمحبة والاعتداد والمباهاة شيء وقبول الثواب والجزاء شيء.
وأنت تجد هذا في الشاهد في ملك تهدى إليه هدية صغيرة المقدار لكنه يحبها ويرضاها فيظهرها لخواصه وحواشيه ويثني على مهديها في كلمات كهدية كثيرة العدد والقدر جدا لا تقع عنده موقعا ولكن يكون في جوده لا يضيع ثواب مهديها بل يعطيه عليها أضعافها وأضعاف أضعافها فليس قبوله لهذه الهدية مثل قبوله للأولى.
ولهذا قال ابن عمر أو غيره من الصحابة رضي الله عنهم: "لو أعلم أن الله يتقبل مني سجدة واحدة لم يكن غائب أحب إلي من الموت" إنما يريد به القبول الخاص وإلا فقبول العطاء والجزاء حاصل لأكثر الأعمال.
والقبول له أنواع:
  • قبول رضا ومحبة واعتداد ومباهاة وثناء على العامل به بين الملأ الأعلى.
  • وقبول جزاء وثواب وإن لم يقع موقع الأول.
  • وقبول إسقاط للعقاب فقط وإن لم يترتب عليه ثواب وجزاء..
والأعمال تتفاضل:
- بتفاضل ما في القلوب من الإيمان والمحبة والتعظيم والإجلال وقصد وجه المعبود وحده دون شيء من الحظوظ سواه حتى لتكون صورة العملين واحدة وبينهما في الفضل ما لا يحصيه إلا الله تعالى.
-
وتتفاضل أيضا بتجريد المتابعة.
فبين العملين من الفضل بحسب ما يتفاضلان به في المتابعة فتتفاضل الأعمال بحسب تجريد الإخلاص والمتابعة تفاضلا لا يحصيه إلا الله تعالى. وينضاف هذا إلى كون أحد العملين أحب إلى الله في نفسه مثاله الجهاد وبذل النفس لله تعالى هو من أحب الأعمال إلى الله تعالى ويقترن بتجريد الإخلاص والمتابعة وكذلك الصلاة والعلم وقراءة القرآن إذا فضل العلم في نفسه وفضل قصد صاحبه وإخلاصه وتجردت متابعته لم يمتنع أن يكون العمل الواحد أفضل من سبعين بل وسبع مئة من نوعه
فتأمل هذا فإنه يزيل عنك إشكالات كثيرة ويطلعك على سر العمل والفضل وأن الله سبحانه وتعالى أحكم الحاكمين يضع فضله مواضعه وهو أعلم بالشاكرين)
[المنار المنيف لابن قيم الجوزية رحمه الله]


ساجدة فاروق 26 ذو الحجة 1437هـ/28-09-2016م 07:49 AM

(156)

عن أبي هريرة قال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمًا ثُمَّ انْصَرَفَ فَقَالَ:
"يَا فُلَانُ أَلَا تُحْسِنُ صَلَاتَك؟
أَلَا يَنْظُرُ الْمُصَلِّي إذَا صَلَّى كَيْفَ يُصَلِّي؟
فَإِنَّمَا يُصَلِّي لِنَفْسِهِ"
رواه مسلم. وفي رواية:
"أي فلان ، ألا تتقي الله عز وجل في صلاتك، فلا تتم ركوعك وسجودك!
ألا ينظر المصلي منكم كيف يصلي؟
وإنما يصلي لنفسه
وإنما يناجي ربه عز وجل"

قال ابن رجب رحمه الله: (يشير إلى أن نفع صلاته يعود إلى نفسه، كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} فمن علم أنه يعمل لنفسه وأنه ملاق عمله، ثم قصر في عمله وأساء كان مسيئا في حق نفسه، غير ناظر لها ولا ناصح ... قوله "وإنما يناجي ربه" إشارة إلى أنه ينبغي له أن يستحي من نظر الله إليه، وإطلاعه عليه وقربه منه، وهو قائم بين يديه يناجيه، فلو استشعر هذا لأحسن صلاته غاية الإحسان، وأتقنها غاية الإتقان، كما قال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "اعبد الله كأنك تراه" )

ساجدة فاروق 1 محرم 1438هـ/2-10-2016م 03:30 PM

(157)

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم" رواه مسلم.
قال ابن رجب رحمه الله: (أخرج النسائي من حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: "سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي الليل خير وأي الأشهر أفضل؟
فقال: "خير الليل جوفه، وأفضل الأشهر شهر الله الذي تدعونه المحرم"
وإطلاق النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أفضل الأشهر، محمول على ما بعد رمضان، كما في رواية الحسن المرسلة)
قال: (وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم المحرم (شهر الله) وإضافته إلى الله تدل على شرفه وفضله، فإن الله تعالى لا يضيف إليه إلا خواص مخلوقاته، كما نسب محمداً وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم من الأنبياء إلى عبوديته، ونسب إليه بيته وناقته، ولما كان هذا الشهر مختصاً بإضافته إلى الله تعالى، وكان الصيام من بين الأعمال مضافاً إلى الله تعالى، فإنه له سبحانه من بين الأعمال، ناسب أن يختص هذا الشهر المضاف إلى الله ، بالعمل المضاف إليه المختص به وهو الصيام) ا.هـ

ساجدة فاروق 5 محرم 1438هـ/6-10-2016م 08:29 AM

(158)
(قال ابن مسعود رضي الله عنه: اليقين الإيمان كله [..] وكان يقول اللهم زدنا إيمانا ويقينا وفقها.
اليقين هو أصل الإيمان فإذا ايقن القلب انبعثت الجوارح كلها للقاء الله بالأعمال الصالحة، حتى قال سفيان الثوري: لو أن اليقين وقع في القلب كما ينبغي؛ لطار اشتياقا إلى الجنة وهربا من النار)
[فتح الباري بشرح صحيح البخاري لابن حجر رحمه الله]

ساجدة فاروق 5 محرم 1438هـ/6-10-2016م 08:33 AM

(159)

عن أبي موسى الطويل البصري، قال: اشتهى شبل المدري لحما فأخذه ليحمله فانحطت عليه الحدأة فاختلسته منه فنوى الصوم ورجع إلى المسجد.
قال : ونازعتها حدأة أخرى لتغلبها عليه بحذاء منزل شبل، فسقط منها ووقع في حجر امرأة شبل ، فقامت وطبخته، فلما رجع شبل إلى منزله ليفطر قدمت امرأته إليه اللحم، فقال : من أين لك هذا اللحم؟
فأخبرته بالحدأتين وتنازعهما، فبكى شبل فأقبلت الحدأة وقال : "الحمد لله الذي لم ينس شبلا وإن كان شبل ينساه" [حلية الأولياء]

ساجدة فاروق 8 محرم 1438هـ/9-10-2016م 01:13 PM

(160)

"إسباغ المكاره على القلب"
(إذا كنت تريد النجاح فثمنه الوحيد سنوات طويلة من الفكر والعرق والدموع . القصيبي)
من رحمة الله أن يرتطم قارب عمرك ببعض الصخور لتجدّ في التجديف
في الحج كنت مع أحد الأصدقاء الذين اقتسمت معه كل شيء من أيام المرحلة المتوسطة
وهو من البقية الباقية الذين ما اقتلعتهم رياح الإرتخاء
تناولنا العشاء وحدثني عن برنامجه الثقافي في شهر ذي الحجة ( ثمان ساعات ) يقضيها في القراءة والسماع والإطلاع ويعدّه كالدوام الوظيفي !
ثمان ساعات لا أظنها مستساغه ومستلذة ، لكنه إسباغ المكاره على القلب

الملاكم الراحل محمد علي كلاي يحكي عن تجربته في إسباغ المكاره على قلبه :
(كنت أكره كل دقيقة في التدريب ، لكن كنت أقول لنفسي : تحمّل الآن وعش بقية حياتك بطلاً ) .
أحتفظُ بورقة كتبتها مطلع العام 37هـ فيها قرابة (11) من الأهداف الشخصية
تعثرث في تحقيق 3 منها وبالتفتيش عن الأسباب أجد ضمور (الجدية) وعدم إسباغ المكاره على القلب

المشاهِد للمحاضن _وحياة الشباب عموما _ يجد أبرز آفة اجتاحتها (نقص الجدّية)
ولعل الواحد منا يشاهد أن الجلسات أصابها الترهل واجتاحتها قيم السوق والمادة فصار حديث المجالس الأفلام وأبرز المباريات والسفرات والمطاعم وفي أحسن الأحوال مناقشات في قشور السياسة !
ثم نتعذر وننوح بعبء الإلتزامات وضيق الوقت
الوقت_لو صارحنا أنفسنا_ ينساب من بين أصابعنا كالماء ويحتاج لقبضة حديدة توقف هدره !
فالوسادة مقوسة من كثرة النوم ، والجوال يُشحن مرتين في اليوم لفرط الإستهلاك
والأيام في عدٍّ تنازلي سريع .

من صدف العام الفائت أنّ آخر كتاب قرأته (عظماء منسيون في العصر الحديث)
القاسم المشتركب بينهم على اختلاف أنماطهم(التعب والجدية) ، سيَر يقف الواحد أمامها مشدوها فاغرا
برنامج مليء (بالمكاره) من مكافحة الإستعمار والتأليف والتعليم والتربية والمشاركة الإجتماعية والضرب في الأرض لمناصرة القضايا العربية والإسلامية .
تخْرج من هذا الكتاب بدرس بسيط نظرياً عسير عملياً :
"لن تتذوق النجاح مالم تكابد المشاق وتلعق الصبِر، فالنعيم لايدرك بالنعيم".
ولو سألنا كم يوم من 360 يوم في عامنا المنصرم يستحق أن نسميه يوم الإعياء والتعب و( إسباغ المكاره على القلب) لماخرجنا بالعدّ_ربما_عن أصابع اليد الواحدة !
هناك صورة بلاغية تغريني للأديب الراشد يقول :
(لن يذوق المسلم حلاوة (الحياة) مالم ترتجف يده انهاكا إذا رفع قدح الماء إلى فمه يريد أن يرتشف ، ولايحق له أن يظن أنه مشارك مالم ينم جالساً يغلبه الإعياء ) .
_الله يستعملنا في مراضيه _

من فترة ونظرية (غادر منطقة الراحة) تعبث برأسي
وهي تعني خوض تجارب جديدة وشاقة على النفس، ومثلها في التراث مقولة التابعي إبراهيم الخواص : ماهالني شيء إلا ركبته ! .

تعلمت السباحة في العام الماضي و مررت بالتعب النفسي الذي يسبق دخول الماء.. وكمية اللترات والجوالين التي تجرعتها كرها ،
وبعد تعلم المهارة استفدت أن:كل ماتستصعبه بالمجاسرة يغدوا من مُتَعِك.

إلى جانب أهداف العام ضع هدفا سامياً سمه ( مشروع العام) واسقه من يومك
فأفضل مؤشر على انتظام المسير نحو تحقيق أهداف العام هو (اليوم)
فالأشياء الصغيرة في(يومك) هي التي تصنع الفرق .

يحكي المفكر عبدالوهاب المسيري عن تجربته في إسباغ المكاره على قلبه كي يتعلم اللغة الإنجليزية :
"حبست نفسي في غرفة لمدة شهر كامل لا أسمع إلا الإذاعات المتحدثة بالإنجليزية ولا أقرأ سوى الجرائد والمجلات الإنجليزية وعُدت بعد الفصل الدراسي الأول وقد تَمَلّكْتُ ناصيةَ اللغة بشكل أدهش أساتذتي! ".

وفي المدهش لابن الجوزي نصٌ مدهش يقول :
( شجر" المكـاره" يثمر المكارم...، والجِدّ جناح النجاة ) !

معسكر الوقت_ياسادة_ الذي تسوده البطالة يقود لمزبلة( الفناء)
وبإسباغ المكاره على القلب_بحول الله_يكتب لنا (الخلود) !
وعلى الله فليتوكل الطالبون .

محمد أحمد بارحمة
محرم1438هـ


الساعة الآن 06:06 PM

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir